محب السنّة
2011-06-09, 10:16
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نصيحة ذهبية إلى كل من احترف تصنيف الناس , أو صنف من قبل غيره ؟!
قال العلامة بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه الماتع النافع : (تصنيف الناس بين الظن واليقين) :
"إلى كُل مسلم . إلى كُل من احترف التصنيف فتاب . إلى من رُمي بالتصنيف فصبر . إلى كُل عبد مسلم شحيح بدينه ، يخشى الله ، والدار الآخرة .
إلى هؤلاء جميعاً مسلمين ، قانتين ، باحثين عن الحق على منهاج النبوة ، وأنوار الرسالة - أسوق التذكير والنصيحة - علماً وعملاً - بالأصول الآتية :
1- الأصل الشرعي : تحريم النيل من عرض المسلم .
وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة في إطار الضروريات الخمس التي جاءت من أجلها الشرائع ، ومنها : " حفظُ العرض " .
فيجب على كل مسلم قدر الله حق قدره ، وعظم دينه وشرعه ، أن تعظم في نفسه حرمة المسلم : في دينه . ودمه . وماله . ونسبه . وعرضه .
2- والأصل : بناء حال المسلم على السلامة ، والستر ، لأن اليقين لا يزيله الشك ، وإنما يُزالُ بيقين مثله .
فاحذر - رحمك الله - ظاهرة التصنيف هذه ، واحذر
الاتهامات الباطلة ، واستسهال الرمي بها هنا وهناك ، وانفض يدك منها ، يخل لك وجه الحق ، وأنت به قرير العين ، رضي النفس .
3- لا يُخرجُ عن هذين الأصلين إلا بدليل مثل الشمس في رائعة النهار على مثلها فاشهد أو دع . فالتزام واجب "التبين " للأخبار ، والتثبت منها ،
إذ الأصل البراءة .
وكم من خبر لا يصح أصلاً .
وكم من خبر صحيح لكن حصل عليه من الإضافات مالا يصح أصلاً ، أو حرف ، وغير ، وبدل . وهكذا .
وبالجملة فلا تُقرر المؤاخذة إلا بعد أن تأذن لك الحُجة ، ويقوم عندك قائم البرهان كقائم الظهيرة .
وقد أمرنا الله تعالى بالتبيُن فقال سبحانه : ( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على مافعلتم نادمين ) [ الحجرات :6] .
وقال تعالى : ( وإذا جآءهُم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمهُ الذين يستنبطونه منهم ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتهُ لأتبعتُمُ الشيطان إلا قليلاً )[ النساء: 83 ] .
قال السيوطي - رحمه الله تعالى - : ( نزلت الآية في جماعة من المنافقين ، أو في ضعفاء المؤمنين كانوا يفعلون ذلك فتضعف قلوب المؤمنين ، ويتأذى النبيُ - - صلى الله عليه وسلم --) .
4- من تجاوزهما بغير حق مُتيقن فهو خارقٌ حُرمة الشرع بالنيل ظلماً من "عرض أخيه المسلم " وهذا " مفتون " .
5- يجب أن يكون المسلم على جانب كريم من سُمُو الخلق وعلو الهمة ، وأن لا يكون معبراً تمررُ عليه الواردات والمُختلقات .
6 - يوجد أفراد شُغلهم الشاغل : " تطيير الأخبار كُل مطار " يتلقى لسان عن لسان بلا تثبت ولا روية ، ثم ينشره بفمه ولسانه بلا وعي ولا تعقل ، فتراه يقذف بالكلام ، ويطير به هنا وهناك ، فاحذر طريقتهم ، وادفع في وجهها ، واعمل على استصلاح حالهم .
ومن وقع في حبالهم فعليه سل يده من رابطتهم هذه .
7 - التزم " الإنصاف الأدبي " بأن لا تجحد ما للإنسان من فضل ، وإذا أذنب فلا تفرح بذنبه ، ولا تتخذ الوقائع العارضة منهية لحال الشخص ، واتخاذها رصيداً يُنفق منه الجراح في الثلب ، والطعن . وأن تدعو له بالهداية ، أما التزيد عليه ، وأما البحث عن هفواته ، وتصيدها ، فذنوب مضافة أخرى .
والرسوخ في الإنصاف بحاجة إلى قدر كبير من خلق رفيع ، ودين متين .
وعليه فاحذر قلة الإنصاف :
ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم .
8 - احذر " الفتانين " دعاة " الفتنة " الذين يتصيدون العثرات وسيماهُم :
جعل الدعاة تحت مطارق النقد ، وقوارع التصنيف ، موظفين لذلك : الحرص على تصيد الخطأ ، وحمل المحتملات على المؤاخذات ، والفرح بالزلات والعثرات ، ليمسكوا بها بالحسد والثلب ، واتخاذها ديدناً .
وهذا من أعظم التجني على أعراض المسلمين عامة ، وعلى الدعاة منهم خاصة .
وسيماهم أيضاً : توظيف النصوص في غير مجالها ، وإخراجها في غير براقعها ، لتكثير الجمع ، والبحث عن الأنصار ، وتغرير الناس بذلك .
فإذا رأيت هذا القطيع فكبر عليهم ، وولهم ظهرك ، وإن استطعت صد هجومهم وصيالهم فهو من دفع الصائل .
9 - اعلم أن " تصنيف العالم الداعية " - وهو من أهل السنة - ورميهُ بالنقائص : ناقض من نواقض الدعوة وإسهام في تقويض الدعوة ، ونكث الثقة ، وصرف الناس عن الخير ، وبقدر هذا الصد ، ينفتح السبيل للزائغين .
فاحذر الوقوع في ذلك ... .
10- قد ترى الرجل العظيم يشار إليه بالعلم والدين، وققز القنطرة في أبواب التوحيد على أصول الإسلام والسنة وجادة سلف الأمة ، ثم يحصل منه هفوة ، أو هفوات، أو زلة، أو زلات.
فلتعلم هنا : أنه ما كل عالم ولا داعية كذلك يؤخذ بهفوته ، ولا يُتبع بزلته ، فلو عُمل ذلك لما بقي معنا داعية قط ، وكُلٌ رادٌ ومردُودٌ عليه ، والعصمة لأنبياء الله ورسله .
نعم : يُنبه على خطئه ، ولا يُجرم به ، فيُحرمُ الناسُ من علمه ودعوته ، وما يحصل على يديه من الخير .
ومن جرم المخطئ في خطئه الصادر عن اجتهاد له فيه مسرحٌ شرعاً ، فهو صاحب هوى يحمل التبعة مرتين :
تبعة التجريم ، وتبعة حرمان الناس من علمه ، بل عليه عدة تبعات معلومة لمن تأملها .
11 - قد ترى الرجل العظيم ، يشار إليه بالعلم والدين ، وقد ينضاف إلى ذلك نزاله في ساحات الجهاد ، وشُهود سنابك الجياد ، وبارقة السيوف ، ويكون له بجانب ذلك هنات وهنات في توحيد العبادة ، أو توحيد الأسماء والصفات ، ومع هذا فترى نظراءه من أهل العلم والإيمان ممن سلم من هذه الهنات ،
يشهدون بفضله ويقرون بعلمه، ويدينون لفقهه ، وعلو كعبه، فيعتمدون كتبه وأقواله، ولا يصرفهم هذا عن هذا : " وإذا بلغ الماء قُلتين لم يحمل الخبث" .
ولا تمنعه الاستفادة منه من البيان بلطف عما حصل له من عثرات ، بل يبينونها ويسألون الله أن يُقيل عثرته ، وأن يغفرها بجانب فضله وفضيلته .
وخذ شاهداً في حال المعاصرة :
إن شدة اعتقاد السلف - كثر الله جمعهم - يكُدُون ليلهم ، ونهارهم ، ويبذلون وُكدهم في تحضير الرسائل الجامعية لعدد من وجوه أهل العلم في دراسة حياتهم ، وسيرهم ، وجمع شمائلهم ، وتحقيق كتبهم ، ونشرها بين الناس، ويرون هذا قربة بعلمٍ يُنتفع به.
وتتسابق كلمة علماء العصر بالمدح والثناء .
وبهذا تعلم أن تلك البادرة " الملعونة " من تكفير الأئمة : النووي ، وابن دقيق العيد ، وابن حجر العسقلاني - رحمهم الله تعالى - أو الحط من أقدارهم ،
أو أنهم مبتدعة ضلال . كل هذا من عمل الشيطان ، وباب ضلالة وإضلال ، وفساد وإفساد ، وإذا جُرح شهود الشرع جُرح المشهود به ،
لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون ، فهل من مُنفذٍ في الواقعين نصيحة زياد فيما ساقه ابن عبد البر - رحمه الله تعالى - بسنده أن زياداً خطب على منبر الكوفة فقال :
" أيها الناس إني بُتُ ليلتي هذه مُهتماً بخلال ثلاث رأيت أن أتقدم إليكم فيهن بالنصيحة :
رأيت إعظام ذوي الشرف ، وإجلال ذوي العلم ، وتوقير ذوي الأسنان .
والله لا أوتى برجل رد على ذي علم ليضع بذلك منه إلا
عاقبته ....... إلى أن قال :
إنما الناس بأعلامهم ، وعلمائهم ، وذوي أسنانهم " .
12 - وإن سألت عن الموقف الشرعي من انشقاق هؤلاء بظاهرة التجريح ، فأقول :
أ - احذر هذا الانشقاق لا تقع في مثله مع " المنشقين الجراحين " المبذرين للوقت والجهد والنشاط في قيل وقال ، وكثرة السؤال عن " تصنيف العباد "، وذلك فيما انشقوا فيه، فهو ذنب تلبسوا به ، وبلوى وقعوا فيها ، وادع لهم بالعافية.
ب - إذا بُليت بالذين يأتون في مجالسهم هذا المنكر " تصنيف الناس بغير حق " واللهث وراءه ، فبادر بإنفاذ أمر الله في مثل من قال الله فيهم :
(( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين )) [ الأنعام : 68 ] .
وفي هذا القدر كفاية - إن شاء الله تعالى - وفيما كتبت في : " حلية طالب العلم " ، و "التعالم " ، و "هجر المبتدع" و "حكم الانتماء " ،
و "الرد على المخالف " أصول نافعة .
والله تعالى أعلم" .
ورحم الله الشيخ العلامة بكر أبو زيد وغفر له نحسبه والله حسيبه من الناصحين المخلصين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نصيحة ذهبية إلى كل من احترف تصنيف الناس , أو صنف من قبل غيره ؟!
قال العلامة بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه الماتع النافع : (تصنيف الناس بين الظن واليقين) :
"إلى كُل مسلم . إلى كُل من احترف التصنيف فتاب . إلى من رُمي بالتصنيف فصبر . إلى كُل عبد مسلم شحيح بدينه ، يخشى الله ، والدار الآخرة .
إلى هؤلاء جميعاً مسلمين ، قانتين ، باحثين عن الحق على منهاج النبوة ، وأنوار الرسالة - أسوق التذكير والنصيحة - علماً وعملاً - بالأصول الآتية :
1- الأصل الشرعي : تحريم النيل من عرض المسلم .
وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة في إطار الضروريات الخمس التي جاءت من أجلها الشرائع ، ومنها : " حفظُ العرض " .
فيجب على كل مسلم قدر الله حق قدره ، وعظم دينه وشرعه ، أن تعظم في نفسه حرمة المسلم : في دينه . ودمه . وماله . ونسبه . وعرضه .
2- والأصل : بناء حال المسلم على السلامة ، والستر ، لأن اليقين لا يزيله الشك ، وإنما يُزالُ بيقين مثله .
فاحذر - رحمك الله - ظاهرة التصنيف هذه ، واحذر
الاتهامات الباطلة ، واستسهال الرمي بها هنا وهناك ، وانفض يدك منها ، يخل لك وجه الحق ، وأنت به قرير العين ، رضي النفس .
3- لا يُخرجُ عن هذين الأصلين إلا بدليل مثل الشمس في رائعة النهار على مثلها فاشهد أو دع . فالتزام واجب "التبين " للأخبار ، والتثبت منها ،
إذ الأصل البراءة .
وكم من خبر لا يصح أصلاً .
وكم من خبر صحيح لكن حصل عليه من الإضافات مالا يصح أصلاً ، أو حرف ، وغير ، وبدل . وهكذا .
وبالجملة فلا تُقرر المؤاخذة إلا بعد أن تأذن لك الحُجة ، ويقوم عندك قائم البرهان كقائم الظهيرة .
وقد أمرنا الله تعالى بالتبيُن فقال سبحانه : ( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على مافعلتم نادمين ) [ الحجرات :6] .
وقال تعالى : ( وإذا جآءهُم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمهُ الذين يستنبطونه منهم ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتهُ لأتبعتُمُ الشيطان إلا قليلاً )[ النساء: 83 ] .
قال السيوطي - رحمه الله تعالى - : ( نزلت الآية في جماعة من المنافقين ، أو في ضعفاء المؤمنين كانوا يفعلون ذلك فتضعف قلوب المؤمنين ، ويتأذى النبيُ - - صلى الله عليه وسلم --) .
4- من تجاوزهما بغير حق مُتيقن فهو خارقٌ حُرمة الشرع بالنيل ظلماً من "عرض أخيه المسلم " وهذا " مفتون " .
5- يجب أن يكون المسلم على جانب كريم من سُمُو الخلق وعلو الهمة ، وأن لا يكون معبراً تمررُ عليه الواردات والمُختلقات .
6 - يوجد أفراد شُغلهم الشاغل : " تطيير الأخبار كُل مطار " يتلقى لسان عن لسان بلا تثبت ولا روية ، ثم ينشره بفمه ولسانه بلا وعي ولا تعقل ، فتراه يقذف بالكلام ، ويطير به هنا وهناك ، فاحذر طريقتهم ، وادفع في وجهها ، واعمل على استصلاح حالهم .
ومن وقع في حبالهم فعليه سل يده من رابطتهم هذه .
7 - التزم " الإنصاف الأدبي " بأن لا تجحد ما للإنسان من فضل ، وإذا أذنب فلا تفرح بذنبه ، ولا تتخذ الوقائع العارضة منهية لحال الشخص ، واتخاذها رصيداً يُنفق منه الجراح في الثلب ، والطعن . وأن تدعو له بالهداية ، أما التزيد عليه ، وأما البحث عن هفواته ، وتصيدها ، فذنوب مضافة أخرى .
والرسوخ في الإنصاف بحاجة إلى قدر كبير من خلق رفيع ، ودين متين .
وعليه فاحذر قلة الإنصاف :
ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم .
8 - احذر " الفتانين " دعاة " الفتنة " الذين يتصيدون العثرات وسيماهُم :
جعل الدعاة تحت مطارق النقد ، وقوارع التصنيف ، موظفين لذلك : الحرص على تصيد الخطأ ، وحمل المحتملات على المؤاخذات ، والفرح بالزلات والعثرات ، ليمسكوا بها بالحسد والثلب ، واتخاذها ديدناً .
وهذا من أعظم التجني على أعراض المسلمين عامة ، وعلى الدعاة منهم خاصة .
وسيماهم أيضاً : توظيف النصوص في غير مجالها ، وإخراجها في غير براقعها ، لتكثير الجمع ، والبحث عن الأنصار ، وتغرير الناس بذلك .
فإذا رأيت هذا القطيع فكبر عليهم ، وولهم ظهرك ، وإن استطعت صد هجومهم وصيالهم فهو من دفع الصائل .
9 - اعلم أن " تصنيف العالم الداعية " - وهو من أهل السنة - ورميهُ بالنقائص : ناقض من نواقض الدعوة وإسهام في تقويض الدعوة ، ونكث الثقة ، وصرف الناس عن الخير ، وبقدر هذا الصد ، ينفتح السبيل للزائغين .
فاحذر الوقوع في ذلك ... .
10- قد ترى الرجل العظيم يشار إليه بالعلم والدين، وققز القنطرة في أبواب التوحيد على أصول الإسلام والسنة وجادة سلف الأمة ، ثم يحصل منه هفوة ، أو هفوات، أو زلة، أو زلات.
فلتعلم هنا : أنه ما كل عالم ولا داعية كذلك يؤخذ بهفوته ، ولا يُتبع بزلته ، فلو عُمل ذلك لما بقي معنا داعية قط ، وكُلٌ رادٌ ومردُودٌ عليه ، والعصمة لأنبياء الله ورسله .
نعم : يُنبه على خطئه ، ولا يُجرم به ، فيُحرمُ الناسُ من علمه ودعوته ، وما يحصل على يديه من الخير .
ومن جرم المخطئ في خطئه الصادر عن اجتهاد له فيه مسرحٌ شرعاً ، فهو صاحب هوى يحمل التبعة مرتين :
تبعة التجريم ، وتبعة حرمان الناس من علمه ، بل عليه عدة تبعات معلومة لمن تأملها .
11 - قد ترى الرجل العظيم ، يشار إليه بالعلم والدين ، وقد ينضاف إلى ذلك نزاله في ساحات الجهاد ، وشُهود سنابك الجياد ، وبارقة السيوف ، ويكون له بجانب ذلك هنات وهنات في توحيد العبادة ، أو توحيد الأسماء والصفات ، ومع هذا فترى نظراءه من أهل العلم والإيمان ممن سلم من هذه الهنات ،
يشهدون بفضله ويقرون بعلمه، ويدينون لفقهه ، وعلو كعبه، فيعتمدون كتبه وأقواله، ولا يصرفهم هذا عن هذا : " وإذا بلغ الماء قُلتين لم يحمل الخبث" .
ولا تمنعه الاستفادة منه من البيان بلطف عما حصل له من عثرات ، بل يبينونها ويسألون الله أن يُقيل عثرته ، وأن يغفرها بجانب فضله وفضيلته .
وخذ شاهداً في حال المعاصرة :
إن شدة اعتقاد السلف - كثر الله جمعهم - يكُدُون ليلهم ، ونهارهم ، ويبذلون وُكدهم في تحضير الرسائل الجامعية لعدد من وجوه أهل العلم في دراسة حياتهم ، وسيرهم ، وجمع شمائلهم ، وتحقيق كتبهم ، ونشرها بين الناس، ويرون هذا قربة بعلمٍ يُنتفع به.
وتتسابق كلمة علماء العصر بالمدح والثناء .
وبهذا تعلم أن تلك البادرة " الملعونة " من تكفير الأئمة : النووي ، وابن دقيق العيد ، وابن حجر العسقلاني - رحمهم الله تعالى - أو الحط من أقدارهم ،
أو أنهم مبتدعة ضلال . كل هذا من عمل الشيطان ، وباب ضلالة وإضلال ، وفساد وإفساد ، وإذا جُرح شهود الشرع جُرح المشهود به ،
لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون ، فهل من مُنفذٍ في الواقعين نصيحة زياد فيما ساقه ابن عبد البر - رحمه الله تعالى - بسنده أن زياداً خطب على منبر الكوفة فقال :
" أيها الناس إني بُتُ ليلتي هذه مُهتماً بخلال ثلاث رأيت أن أتقدم إليكم فيهن بالنصيحة :
رأيت إعظام ذوي الشرف ، وإجلال ذوي العلم ، وتوقير ذوي الأسنان .
والله لا أوتى برجل رد على ذي علم ليضع بذلك منه إلا
عاقبته ....... إلى أن قال :
إنما الناس بأعلامهم ، وعلمائهم ، وذوي أسنانهم " .
12 - وإن سألت عن الموقف الشرعي من انشقاق هؤلاء بظاهرة التجريح ، فأقول :
أ - احذر هذا الانشقاق لا تقع في مثله مع " المنشقين الجراحين " المبذرين للوقت والجهد والنشاط في قيل وقال ، وكثرة السؤال عن " تصنيف العباد "، وذلك فيما انشقوا فيه، فهو ذنب تلبسوا به ، وبلوى وقعوا فيها ، وادع لهم بالعافية.
ب - إذا بُليت بالذين يأتون في مجالسهم هذا المنكر " تصنيف الناس بغير حق " واللهث وراءه ، فبادر بإنفاذ أمر الله في مثل من قال الله فيهم :
(( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين )) [ الأنعام : 68 ] .
وفي هذا القدر كفاية - إن شاء الله تعالى - وفيما كتبت في : " حلية طالب العلم " ، و "التعالم " ، و "هجر المبتدع" و "حكم الانتماء " ،
و "الرد على المخالف " أصول نافعة .
والله تعالى أعلم" .
ورحم الله الشيخ العلامة بكر أبو زيد وغفر له نحسبه والله حسيبه من الناصحين المخلصين