-روميو-
2011-06-01, 23:36
منهج الموازنات
هاجم البعض منهج " الموازنات " فيي الحكم على الناس وعلى الجماعات الإسلامية بحجة أن هذا المنهج ليس من منهج السلف , بل تعدى بعضهم - هداه الله - حتى قال أن من يقول بمنهج الموازنات يريد أن يحمي أهل البدع من النقد , ولا ندري كيف عرف هؤلاء ما في قلوب الناس ! وبعضهم أساء أكثر من ذلك للمنهج السلفي القويم فقال أن منهج الموازنات لم يأتِ به لا اليهود ولا النصارى ولا أي أحد من أهل البدع !! .. واستدلوا لكلامهم بكلام لبعض العلماء لا يفهم منه ما يقوله هؤلاء !
ثم قرر هؤلاء أن منهج السلف هو أن يحكم على الناس بمنهج " الذباب " كما سماه شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال :
" إن بعض الناس لا تراه إلا منقداً داءً, ينسى حسنات الطوائف و الأجناس و يذكر مثالبهم, فهو كالذباب يترك مواضع البرء والسلامة , ويقع على الجرح والأذى, وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج "
والصحيح أن الناقد إن كان يريد أن يبين أخطاء المنتقد ، أو أن يرد على المخالف .. فإنه لا يلزمه أن يذكر حسناته ، ولكن يلزمه ذلك إن كان يحكم على الناس وعلى الجماعات حكما عاما ..
وقد ورد في القرآن مدح لصفة حسنة عند بعض أهل الكتاب : ** ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك , ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما } .. ولا يعني هذا أن الله يمدح اليهود فهم من الكفرة .. ولكن هذا يعني أنهم مع غلبة السوء عليهم وعلى أنهم من أهل النار إلا أن الله أثنى على ما عندهم من خير .
وورد كذلك كلام يفهم منه ذكر الخير والشر في الحكم على الأشياء في قوله تعالى : ** يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما }
وقال تعالى : ** ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى }
أما في السنة فحديث حاطب رضي الله عنه فيه دليل واضح على أن حسنات حاطب غلبت على سيئه العظيمة التي فعلها رضوان الله عليه ..
وكذلك حديث حذيفة الذي أخرجه البخاري .. والذي فيه : ( قلت – أي حذيفة - : وهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم وفيه دخن )
فحكم عليهم بالخيرية على الرغم من وجود " الدخن " !
وسنستعرض في هذا الموضوع كلام العلماء الثقات في القديم والحديث حول منهج الموازنات في الحكم على الناس ..
أولا : الإمام سعيد بن المسيب
" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله "
البداية والنهاية 9/106
ثانيا : الإمام ابن سيرين
" ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم ، وتكتم خيره "
الجامع لأخلاق الراوي 2/202
ثالثا : الإمام الشافعي
" إذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل ، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح "
الكفاية ص 102
رابعا : الإمام أحمد بن حنبل
يروي عبدالله الحميدي قصة حصلت له مع الإمام أحمد والإمام الشافعي .. حيث ذهب الحميدي وأحمد لمجلس الشافعي ، وبعد انتهاء الدرس سأل الإمام أحمد عبدالله الحميدي عن رأيه بالإمام الشافعي . فقال الحميدي :
" فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه .. فقال لي أحمد بن حنبل : أنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان .. تمر مائة مسألة يخطيء خمسا أو عشرا ، اترك ما أخطأ وخذ ما أصاب ! "
آداب الشافعي ومناقبه للرازي : ص 44
وقال أبو حاتم : " حادثت أحمد بن حنبل فيمن شرب النبيذ من محدثي أهل الكوفة وسميت له عددا منهم . فقال : هذه زلات لهم ، لا نسقط بزلاتهم عدالتهم "
المسودة ص 265
خامسا : الإمام سفيان الثوري
" عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد والهفوات والتعصب والشهوات دون أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق ودخل في الغيبة وحاد عن الطريق " .
جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر 2/162
سادسا : الإمام ابن حبان
يتكلم ابن حبان عن دور الحسد في تقييم الرجال فيقول :
" من الذي يتعرى عن موضع عقب من الناس ؟ أو من لا يدخل في جملة من لا يلزق فيه العيب بعد العيب ؟
والمحسود أبدا يـُقدح فيه ، لأن الحاسد لا غرض له إلا تتبع مثالب المحسود ، فإن لم يجد ألزق مثله به "
الثقات 8/26
سابعا : شيخ الإسلام ابن تيمية
يقول شيخ الإسلام في حكمه على الصوفية :
" والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين , وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب ، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه " .
المجلد الحادي عشر ص 18 من مجموع الفتاوى
وقال عن المتصوفة أيضا :
" والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات أو الخطأ في مواقع الاجتهاد ، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم .. "
الاستقامة 1/297
ويقول :
" ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه ، وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ويرحم الخلق .. ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات ، فيحمد وذم ، ويثاب ويعاقب ، ويحب من وجه ويبغض من وجه .
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم "
منهاج السنة 4/543
ويقول :
" كثيرا ما يجتمع في الشخص الواحد الأمران – أي الحسنات والسيئات - ، فالذم والنهي والعقاب قد يتوجه إلى ما تضمنه أحدهما ، فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر .
كما يتوجه المدح والأمر والثواب إلى ما تضمنه أحدهما ، فلا يغفل عما فيه من الأمر الآخر.
وقد يمدح الرجل بترك بعض السيئات البدعية والفجورية ، لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على فعل بعض الحسنات السنية البرية .
فهذا طريق الموازنة والمعادلة ، ومن سلكه كان قائما بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان "
مجموع الفتاوى 10/365-366
ثامنا : الإمام الذهبي
في ترجمة قتادة يقول الذهبي : ( لعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنـزيهه وبذل وسعه . والله حكم عدل لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل ، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه ، يغفر له زللـه ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه ، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك )
سير أعلام النبلاء 5/279
ويقول :
" إنما يمدح العام بكثرة ما له من الفضائل، فلا تُدفن المحاسن لورطة ، ولعله رجع عنها "
سير أعلام النبلاء 16/285
ويقول :
" غلاة المعتزلة وغلاة الشيعة وغلاة الحنابلة وغلاة الأشاعرة وغلاة المرجئة وغلاة الجهمية وغلاة الكرامية قد ماجت بهم الدنيا وكثروا ، وفيهم أذكياء وعباد وعلماء ..
نسأل الله العفو والمغفرة لأهل التوحيد ونبرأ إلى الله من الهوى والبدع ونحب السنة وأهلها .
ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحميدة ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ ، إنما العبرة بكثرة المحاسن "
سير أعلام النبلاء 20/45
ويقول في ترجمة المروزي :
" ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما ..
والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة "
سير أعلام النبلاء 14/40
ويقول في ترجمة ابن خزيمة :
" ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق - أهدرناه وبدعناه ، لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه .
سير أعلام النبلاء 14/374
تاسعا : الإمام ابن القيم
يقول الإمام ابن القيم مقررا منهج الموازنات في الحكم على الناس :
" من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره .. فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه يحمل ، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : ( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) .. وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً ، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ما له من المشهد العظيم ، فتلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات .
ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال : ( ما ضر عثمان ما عمل بعدها ) ..
وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة " أوجب طلحة " .
وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له ، ألقاها على الأرض حتى تكسرت .. ولطم عين ملك الموت ففقأها ، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلم وقال : شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي .. وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله .. وكل هذا لم ينقص من قدره شيئاً عند ربه ، وربه تعالى يكرمه ويحبه فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره ، الأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور ولا تغير في وجهة ولا تخفض منزلته ..
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في نظرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئين ونحوها حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شكره على إحسانه فيغلب داعي الشكر لداعي العقوبة كما قيل :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ****** جاءت محاسنه بألف شفيع
وقــال آخر :
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً *** فأفعاله اللاتي سررن كثير
والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته فأيهما غلب كان التأثير له فيفعل بأهل الحسنات الكثيرة الذين آثروا محابه ومراضيه وغلبتهم دواعي طبعهم أحياناً من العفو والمسامحة مالا يفعله مع غيرهم " .
الفوائد
ويقول :
" ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وأثار حسنة وهو من الإسلام بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يتبع فيها ، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين "
إعلام الموقعين 3/283
ويقول :
" فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها " .
مدارج السالكين 2/39
ويقول :
" فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله – أي في يوم لقيامة – ، ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح ، ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته " .
عاشرا : الشيخ محمد بن عبدالوهاب
" ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطأه ، بل الواجب السكوت والتوقف ، فإذا تحققتم بينتموه ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن فإني لا أدعي العصمة "
تاريخ نجد 2/161
حادي عشر : الشيخ عبدالرحمن السعدي
" ثم لو فرض أن ما أخطؤوا أو عثروا ليس لهم فيه تأويل ولا عذر ، لم يكن من الحق والإنصاف أن تهدر المحاسن وتمحى حقوقهم الواجبة بهذا الشيء اليسير كما هو دأب أهل البغي والعدوان ، فإن هذا ضرره كبير وفساده مستطير ، أي عالم لم يخطيء ؟! واي حكيم لم يعثر ؟! "
الرياض الناظرة والحدائق النيرة الزاهرة
ثاني عشر : الشيخ ابن باز
" إذا أخطأ العالم أو الداعية في مسألة ، ينبه عليها ولا يسقط حقه فيما أصاب فيه ، بل يجب الإنصاف والعدل .
ولا ينبغي للعاقل أن يترك الحق إذا قاله الداعية أو العالم من أجل أنه أخطأ في مسألة .. الحق مقدم على الجميع .. فإذا كان عنده حق وباطل : يؤخذ الحق ويترك الباطل ..
لا يغمط حق الداعية بالكلية ، ولكن يشكر على ما أصاب فيه من الحق ، وينبه على خطئه في مسألة من المسائل "
مجلة الإصلاح 27/12/1413 هـ " بتصرف "
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالة للأخ / فالح الحربي بتاريخ : 12/8/1406 هـ ، ورقم : 889/خ :
" ونحن بحمد الله على بصيرة من ديننا ونوازن بين المصالح والمضار ونرجح ما تطمئن إليه قلوبنا ، وقد تأكدنا من أخبارهم ما يطمئننا إلى الوقوف بجانبهم مع مناصحتهم فيما يحصل من بعضهم من النقص الذي هو من لوازم البشر كلهم إلا من شاء الله " .
والخطاب على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=188 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=188)
وله رحمه الله كلام يوضح فيه أن منهج الموازنات هو المنهج الصحيح في الحكم على الناس ، وهو على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Download/sound...arat/baz/3.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/baz/3.ram)
وله أيضا نقاش عن جماعة التبليغ يوضح فيه أن هذه الجماعة لها حسنات وسيئات :
http://www.sahwah.net/Download/sound...arat/baz/1.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/baz/1.ram)
ثالث عشر : الشيخ محمد ابن عثيمين
سئل الشيخ رحمه الله : ( ما رأيكم فيمن إذا أراد أن يقوم شخصاً لا يذكر ما لديه من خير بل يذكر مساوئه فقط ؟ )
فقال رحمه الله جواباً على ذلك :
" هذا من الإجحاف والجور لأن الله عز وجل يقول في كتابه : ** يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاء بِالقِسْط وَلا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآن قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هَوَ أقْرَبُ لِلتّقْوَى } .. فنهانا الله سبحانه وتعالى أن يحملنا بغض قوم على عدم العدل ، بل أمرنا أن نقول العدل .
وقد أقر الله تعالى الحق الذي صدر من المشركين وأقر النبي صلى الله عليه وسلم الحق الذي صدر من اليهود قال تعالى : ** وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة قَالوُا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا وَالله أَمَرَنَا بِهَا } ، فكان الجواب : ** قُل الله لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ } فأبطل قولهم ** الله أَمَرَنَا بِها } لأنها باطل وسكت عن قولهم ** وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا } لأنها حق .
وجاء حبرٌ من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنّا نجد في التوراة أن الله يجعل السماوات على إصبع والأراضين على إصبع .. الخ .. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقاً لقول الحبر وقرأ ** وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه الآية } .. فأقر اليهودي على قول الحق وهو يهودي .
والواجب على من أراد أن يقوم شخصاً تقويماً كاملاً إذا دعت الحاجة أن يذكر مساوئه ومحاسنه ، وإذا كان ممن عرف بالنصح للمسلمين أن يعتذر عما صدر من المساوئ . مثلاً نحن نرى العلماء كابن حجر والنووي وغيرهما ممن لهم أخطاء في العقيدة لكنها أخطاء نعلم علم اليقين فيما تعرف من أحوالهم أنها حدثت عن اجتهاد ."
جريدة المسلمون عدد 4730
ويقول رحمه الله مبينا الفرق بين الرد على المخالف وبين الترجمة والتقييم :
" إذا تكلم إنسان في شخص فإما أن يريد تقويمه : فهذا لا بد أن يذكر محاسنه ومساوئه ، ثم يحكم بما تقتضيه الحال : إن غلبت المحاسن أثنى عليه ، وإن غلبت المساوئ أثنى عليه شرا .
أما إن كان يريد أن يرد بدعته فلا وجه لكونه يذكر المحاسن ، لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يجعله ضعيفا وغير مقبول "
شريط مسجل في تاريخ 16/12/1416 هـ
ويقول وهو يقرر أن لجماعة التبليغ حسنات وسيئات :
http://www.sahwah.net/Download/sound...theemeen/3.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/otheemeen/3.ram)
لقاء الباب المفتوح رقم 224
رابع عشر : الشيخ عبدالله الجبرين
يقول الشيخ عن حسن البنا وسيد قطب رحمهما الله :
" إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين ، ومن أهل الدعوة .. وقد نفع الله بهما وهدى بدعوتهما خلق كثير ، ولهما جهود لا تنكر . لأجل ذلك شفع الشيخ عبدالعزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل ، فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال عبدالناصر – عليه من الله ما يستحق - ، ولما قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلما وشهد بذلك الخاص والعام ونشر ذلك في الصحف والكتب بدون إنكار . ثم تلقى العلماء كتبهما ونفع الله بها ولم يطعن أحد فيها منذ أكثر من عشرين عاما ، وإذا وقع منهما أخطاء يسيرة في التأويل ونحوه فلا يصل إلى حد التكفير ، فإن العلماء الأولين لهم مثل ذلك كالنووي والسيوطي وابن الجوزي وابن عطية والخطابي والقسطلاني وأمثالهم كثير .
وقد قرأت ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي في الرد على سيد قطب ورأيته جعل العناوين لما ليس بحقيقة ، فرد عليه الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ..
وكذلك تحامل على الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وجعل في كلامه أخطاء مضللة مع طول صحبته له من غير نكير :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ***** ولكن عين السخط تبدي المساويا
وهذا شريط للشيخ اسمه ( كلمة حق في الدعاة ) فيه دفاع عن مشايخ الصحوة : سلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر وعايض القرني .. وهو على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=169 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=169)
وأخيرا :
هذه هي أقوال بعض علماء أهل السنة ، وهناك غيرها مما لا يتسع المقام لذكره ..
ومن شاء أن يستزيد فعليه أن يرجع لهذه المراجع :
1- شريط ( وصايا للدعاة ) للشيخ عبدالله بن قعود ، على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=168 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=168)
2- كتاب ( تصنيف الناس بين الظن واليقين ) للشيخ بكر أبو زيد
3- كتاب ( منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم ) للشيخ أحمد الصويان
4- كتاب ( إنصاف أهل السنة والجماعة ) للشيخ محمد العلي
والله تعالى أعلم
منقول
هاجم البعض منهج " الموازنات " فيي الحكم على الناس وعلى الجماعات الإسلامية بحجة أن هذا المنهج ليس من منهج السلف , بل تعدى بعضهم - هداه الله - حتى قال أن من يقول بمنهج الموازنات يريد أن يحمي أهل البدع من النقد , ولا ندري كيف عرف هؤلاء ما في قلوب الناس ! وبعضهم أساء أكثر من ذلك للمنهج السلفي القويم فقال أن منهج الموازنات لم يأتِ به لا اليهود ولا النصارى ولا أي أحد من أهل البدع !! .. واستدلوا لكلامهم بكلام لبعض العلماء لا يفهم منه ما يقوله هؤلاء !
ثم قرر هؤلاء أن منهج السلف هو أن يحكم على الناس بمنهج " الذباب " كما سماه شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال :
" إن بعض الناس لا تراه إلا منقداً داءً, ينسى حسنات الطوائف و الأجناس و يذكر مثالبهم, فهو كالذباب يترك مواضع البرء والسلامة , ويقع على الجرح والأذى, وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج "
والصحيح أن الناقد إن كان يريد أن يبين أخطاء المنتقد ، أو أن يرد على المخالف .. فإنه لا يلزمه أن يذكر حسناته ، ولكن يلزمه ذلك إن كان يحكم على الناس وعلى الجماعات حكما عاما ..
وقد ورد في القرآن مدح لصفة حسنة عند بعض أهل الكتاب : ** ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك , ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما } .. ولا يعني هذا أن الله يمدح اليهود فهم من الكفرة .. ولكن هذا يعني أنهم مع غلبة السوء عليهم وعلى أنهم من أهل النار إلا أن الله أثنى على ما عندهم من خير .
وورد كذلك كلام يفهم منه ذكر الخير والشر في الحكم على الأشياء في قوله تعالى : ** يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما }
وقال تعالى : ** ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى }
أما في السنة فحديث حاطب رضي الله عنه فيه دليل واضح على أن حسنات حاطب غلبت على سيئه العظيمة التي فعلها رضوان الله عليه ..
وكذلك حديث حذيفة الذي أخرجه البخاري .. والذي فيه : ( قلت – أي حذيفة - : وهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم وفيه دخن )
فحكم عليهم بالخيرية على الرغم من وجود " الدخن " !
وسنستعرض في هذا الموضوع كلام العلماء الثقات في القديم والحديث حول منهج الموازنات في الحكم على الناس ..
أولا : الإمام سعيد بن المسيب
" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله "
البداية والنهاية 9/106
ثانيا : الإمام ابن سيرين
" ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم ، وتكتم خيره "
الجامع لأخلاق الراوي 2/202
ثالثا : الإمام الشافعي
" إذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل ، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح "
الكفاية ص 102
رابعا : الإمام أحمد بن حنبل
يروي عبدالله الحميدي قصة حصلت له مع الإمام أحمد والإمام الشافعي .. حيث ذهب الحميدي وأحمد لمجلس الشافعي ، وبعد انتهاء الدرس سأل الإمام أحمد عبدالله الحميدي عن رأيه بالإمام الشافعي . فقال الحميدي :
" فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه .. فقال لي أحمد بن حنبل : أنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان .. تمر مائة مسألة يخطيء خمسا أو عشرا ، اترك ما أخطأ وخذ ما أصاب ! "
آداب الشافعي ومناقبه للرازي : ص 44
وقال أبو حاتم : " حادثت أحمد بن حنبل فيمن شرب النبيذ من محدثي أهل الكوفة وسميت له عددا منهم . فقال : هذه زلات لهم ، لا نسقط بزلاتهم عدالتهم "
المسودة ص 265
خامسا : الإمام سفيان الثوري
" عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد والهفوات والتعصب والشهوات دون أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق ودخل في الغيبة وحاد عن الطريق " .
جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر 2/162
سادسا : الإمام ابن حبان
يتكلم ابن حبان عن دور الحسد في تقييم الرجال فيقول :
" من الذي يتعرى عن موضع عقب من الناس ؟ أو من لا يدخل في جملة من لا يلزق فيه العيب بعد العيب ؟
والمحسود أبدا يـُقدح فيه ، لأن الحاسد لا غرض له إلا تتبع مثالب المحسود ، فإن لم يجد ألزق مثله به "
الثقات 8/26
سابعا : شيخ الإسلام ابن تيمية
يقول شيخ الإسلام في حكمه على الصوفية :
" والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين , وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب ، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه " .
المجلد الحادي عشر ص 18 من مجموع الفتاوى
وقال عن المتصوفة أيضا :
" والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات أو الخطأ في مواقع الاجتهاد ، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم .. "
الاستقامة 1/297
ويقول :
" ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه ، وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ويرحم الخلق .. ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات ، فيحمد وذم ، ويثاب ويعاقب ، ويحب من وجه ويبغض من وجه .
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم "
منهاج السنة 4/543
ويقول :
" كثيرا ما يجتمع في الشخص الواحد الأمران – أي الحسنات والسيئات - ، فالذم والنهي والعقاب قد يتوجه إلى ما تضمنه أحدهما ، فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر .
كما يتوجه المدح والأمر والثواب إلى ما تضمنه أحدهما ، فلا يغفل عما فيه من الأمر الآخر.
وقد يمدح الرجل بترك بعض السيئات البدعية والفجورية ، لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على فعل بعض الحسنات السنية البرية .
فهذا طريق الموازنة والمعادلة ، ومن سلكه كان قائما بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان "
مجموع الفتاوى 10/365-366
ثامنا : الإمام الذهبي
في ترجمة قتادة يقول الذهبي : ( لعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنـزيهه وبذل وسعه . والله حكم عدل لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل ، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه ، يغفر له زللـه ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه ، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك )
سير أعلام النبلاء 5/279
ويقول :
" إنما يمدح العام بكثرة ما له من الفضائل، فلا تُدفن المحاسن لورطة ، ولعله رجع عنها "
سير أعلام النبلاء 16/285
ويقول :
" غلاة المعتزلة وغلاة الشيعة وغلاة الحنابلة وغلاة الأشاعرة وغلاة المرجئة وغلاة الجهمية وغلاة الكرامية قد ماجت بهم الدنيا وكثروا ، وفيهم أذكياء وعباد وعلماء ..
نسأل الله العفو والمغفرة لأهل التوحيد ونبرأ إلى الله من الهوى والبدع ونحب السنة وأهلها .
ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحميدة ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ ، إنما العبرة بكثرة المحاسن "
سير أعلام النبلاء 20/45
ويقول في ترجمة المروزي :
" ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما ..
والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة "
سير أعلام النبلاء 14/40
ويقول في ترجمة ابن خزيمة :
" ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق - أهدرناه وبدعناه ، لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه .
سير أعلام النبلاء 14/374
تاسعا : الإمام ابن القيم
يقول الإمام ابن القيم مقررا منهج الموازنات في الحكم على الناس :
" من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره .. فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه يحمل ، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : ( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) .. وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً ، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ما له من المشهد العظيم ، فتلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات .
ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال : ( ما ضر عثمان ما عمل بعدها ) ..
وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة " أوجب طلحة " .
وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له ، ألقاها على الأرض حتى تكسرت .. ولطم عين ملك الموت ففقأها ، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلم وقال : شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي .. وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله .. وكل هذا لم ينقص من قدره شيئاً عند ربه ، وربه تعالى يكرمه ويحبه فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره ، الأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور ولا تغير في وجهة ولا تخفض منزلته ..
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في نظرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئين ونحوها حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شكره على إحسانه فيغلب داعي الشكر لداعي العقوبة كما قيل :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ****** جاءت محاسنه بألف شفيع
وقــال آخر :
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً *** فأفعاله اللاتي سررن كثير
والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته فأيهما غلب كان التأثير له فيفعل بأهل الحسنات الكثيرة الذين آثروا محابه ومراضيه وغلبتهم دواعي طبعهم أحياناً من العفو والمسامحة مالا يفعله مع غيرهم " .
الفوائد
ويقول :
" ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وأثار حسنة وهو من الإسلام بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يتبع فيها ، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين "
إعلام الموقعين 3/283
ويقول :
" فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها " .
مدارج السالكين 2/39
ويقول :
" فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله – أي في يوم لقيامة – ، ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح ، ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته " .
عاشرا : الشيخ محمد بن عبدالوهاب
" ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطأه ، بل الواجب السكوت والتوقف ، فإذا تحققتم بينتموه ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن فإني لا أدعي العصمة "
تاريخ نجد 2/161
حادي عشر : الشيخ عبدالرحمن السعدي
" ثم لو فرض أن ما أخطؤوا أو عثروا ليس لهم فيه تأويل ولا عذر ، لم يكن من الحق والإنصاف أن تهدر المحاسن وتمحى حقوقهم الواجبة بهذا الشيء اليسير كما هو دأب أهل البغي والعدوان ، فإن هذا ضرره كبير وفساده مستطير ، أي عالم لم يخطيء ؟! واي حكيم لم يعثر ؟! "
الرياض الناظرة والحدائق النيرة الزاهرة
ثاني عشر : الشيخ ابن باز
" إذا أخطأ العالم أو الداعية في مسألة ، ينبه عليها ولا يسقط حقه فيما أصاب فيه ، بل يجب الإنصاف والعدل .
ولا ينبغي للعاقل أن يترك الحق إذا قاله الداعية أو العالم من أجل أنه أخطأ في مسألة .. الحق مقدم على الجميع .. فإذا كان عنده حق وباطل : يؤخذ الحق ويترك الباطل ..
لا يغمط حق الداعية بالكلية ، ولكن يشكر على ما أصاب فيه من الحق ، وينبه على خطئه في مسألة من المسائل "
مجلة الإصلاح 27/12/1413 هـ " بتصرف "
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالة للأخ / فالح الحربي بتاريخ : 12/8/1406 هـ ، ورقم : 889/خ :
" ونحن بحمد الله على بصيرة من ديننا ونوازن بين المصالح والمضار ونرجح ما تطمئن إليه قلوبنا ، وقد تأكدنا من أخبارهم ما يطمئننا إلى الوقوف بجانبهم مع مناصحتهم فيما يحصل من بعضهم من النقص الذي هو من لوازم البشر كلهم إلا من شاء الله " .
والخطاب على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=188 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=188)
وله رحمه الله كلام يوضح فيه أن منهج الموازنات هو المنهج الصحيح في الحكم على الناس ، وهو على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Download/sound...arat/baz/3.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/baz/3.ram)
وله أيضا نقاش عن جماعة التبليغ يوضح فيه أن هذه الجماعة لها حسنات وسيئات :
http://www.sahwah.net/Download/sound...arat/baz/1.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/baz/1.ram)
ثالث عشر : الشيخ محمد ابن عثيمين
سئل الشيخ رحمه الله : ( ما رأيكم فيمن إذا أراد أن يقوم شخصاً لا يذكر ما لديه من خير بل يذكر مساوئه فقط ؟ )
فقال رحمه الله جواباً على ذلك :
" هذا من الإجحاف والجور لأن الله عز وجل يقول في كتابه : ** يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاء بِالقِسْط وَلا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآن قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هَوَ أقْرَبُ لِلتّقْوَى } .. فنهانا الله سبحانه وتعالى أن يحملنا بغض قوم على عدم العدل ، بل أمرنا أن نقول العدل .
وقد أقر الله تعالى الحق الذي صدر من المشركين وأقر النبي صلى الله عليه وسلم الحق الذي صدر من اليهود قال تعالى : ** وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة قَالوُا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا وَالله أَمَرَنَا بِهَا } ، فكان الجواب : ** قُل الله لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ } فأبطل قولهم ** الله أَمَرَنَا بِها } لأنها باطل وسكت عن قولهم ** وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا } لأنها حق .
وجاء حبرٌ من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنّا نجد في التوراة أن الله يجعل السماوات على إصبع والأراضين على إصبع .. الخ .. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقاً لقول الحبر وقرأ ** وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه الآية } .. فأقر اليهودي على قول الحق وهو يهودي .
والواجب على من أراد أن يقوم شخصاً تقويماً كاملاً إذا دعت الحاجة أن يذكر مساوئه ومحاسنه ، وإذا كان ممن عرف بالنصح للمسلمين أن يعتذر عما صدر من المساوئ . مثلاً نحن نرى العلماء كابن حجر والنووي وغيرهما ممن لهم أخطاء في العقيدة لكنها أخطاء نعلم علم اليقين فيما تعرف من أحوالهم أنها حدثت عن اجتهاد ."
جريدة المسلمون عدد 4730
ويقول رحمه الله مبينا الفرق بين الرد على المخالف وبين الترجمة والتقييم :
" إذا تكلم إنسان في شخص فإما أن يريد تقويمه : فهذا لا بد أن يذكر محاسنه ومساوئه ، ثم يحكم بما تقتضيه الحال : إن غلبت المحاسن أثنى عليه ، وإن غلبت المساوئ أثنى عليه شرا .
أما إن كان يريد أن يرد بدعته فلا وجه لكونه يذكر المحاسن ، لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يجعله ضعيفا وغير مقبول "
شريط مسجل في تاريخ 16/12/1416 هـ
ويقول وهو يقرر أن لجماعة التبليغ حسنات وسيئات :
http://www.sahwah.net/Download/sound...theemeen/3.ram (http://www.sahwah.net/Download/sound/mohadarat/otheemeen/3.ram)
لقاء الباب المفتوح رقم 224
رابع عشر : الشيخ عبدالله الجبرين
يقول الشيخ عن حسن البنا وسيد قطب رحمهما الله :
" إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين ، ومن أهل الدعوة .. وقد نفع الله بهما وهدى بدعوتهما خلق كثير ، ولهما جهود لا تنكر . لأجل ذلك شفع الشيخ عبدالعزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل ، فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال عبدالناصر – عليه من الله ما يستحق - ، ولما قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلما وشهد بذلك الخاص والعام ونشر ذلك في الصحف والكتب بدون إنكار . ثم تلقى العلماء كتبهما ونفع الله بها ولم يطعن أحد فيها منذ أكثر من عشرين عاما ، وإذا وقع منهما أخطاء يسيرة في التأويل ونحوه فلا يصل إلى حد التكفير ، فإن العلماء الأولين لهم مثل ذلك كالنووي والسيوطي وابن الجوزي وابن عطية والخطابي والقسطلاني وأمثالهم كثير .
وقد قرأت ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي في الرد على سيد قطب ورأيته جعل العناوين لما ليس بحقيقة ، فرد عليه الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ..
وكذلك تحامل على الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وجعل في كلامه أخطاء مضللة مع طول صحبته له من غير نكير :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ***** ولكن عين السخط تبدي المساويا
وهذا شريط للشيخ اسمه ( كلمة حق في الدعاة ) فيه دفاع عن مشايخ الصحوة : سلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر وعايض القرني .. وهو على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=169 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=169)
وأخيرا :
هذه هي أقوال بعض علماء أهل السنة ، وهناك غيرها مما لا يتسع المقام لذكره ..
ومن شاء أن يستزيد فعليه أن يرجع لهذه المراجع :
1- شريط ( وصايا للدعاة ) للشيخ عبدالله بن قعود ، على هذا الرابط :
http://www.sahwah.net/Nuke/sections....icle&artid=168 (http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?op=viewarticle&artid=168)
2- كتاب ( تصنيف الناس بين الظن واليقين ) للشيخ بكر أبو زيد
3- كتاب ( منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم ) للشيخ أحمد الصويان
4- كتاب ( إنصاف أهل السنة والجماعة ) للشيخ محمد العلي
والله تعالى أعلم
منقول