الأستـ كريم ــاذ
2011-05-29, 19:25
أرسلت هند بنت فهد إلى بشر العابد تقول:
أهواك يا بشر دون الناس كلهم
وغيرك يهواني فيمنعه قلبي
تمر ببابي لست تعرف ما الذي
أكابد من شوقي إليك ومن بعدي
فيا ليتني أرضٌ وأنت إمامها
تدوس بنعليك الكرام على خدي
ويا ليتني نعلا أقيك من الحفا
ويا ليتني ثوبا أقيك من البرد
تبات خُلْوَ البال من ألم الجوى
وقلبي كواه الحب من شدة الوجد
وإنك إن قصّرت عني ولم تزر
فلا بد بعد الصدِّ أُدفن في لحدي
*** *** ***
قرأ بشر رسالة هند بنت فهد فرد عليها:
عليكِ بتقوى الله ولا تقربي الزنا
ولا تطلبي الفحشا فذاك مفسد
استغفري مما هممت بفعله
نهى الله عنه والنبي محمد
أما تذكري يوم الحساب وهوله
وما للفتى مال ولا شيء يفتدى
وإن تطلبي قربي فبعدي أجود
فخافي عقاب الله والتمسي الهدى
*** *** ***
قالت له هند:
أما تخشى يا بشر الإله فإنني لفي
حسرة من لوعتي وتسهدي
فان زرتني يا بشر أحييت مهجتي
وربي غفور بالعطا باسط اليد
*** *** ***
حينذاك قال لها بشرٌ:
أيا هند هذا لا يليق بمسلم
مسلمة في عصمة الزوج فابعدي
أما تعلمي بأن السِفاحَ محرّمٌ
فحوِّلي عن الفحشا والعيبِ وارقدي
بهذا نهى دين النبي محمد
فتوبي إلى مولاك يا هند ترشدي
إن الذي منع الزيارة فاعلمي
خوفُ الفساد عليك ألا تعتدي
وأخاف أن بهواك قلبي في الهوى
فأكون قد خالفت دين محمد
فالصبر خير وسيلة لتشفي
وإلى الإله فسارعي وتعبدي
*** *** ***
ردت له هند، تقول:
أيا بشر ما أقسى فؤادك في الهوى
ما هكذا الحب في مذهب الإسلام
إني بليت وقد تجافاني الصفا
فارحم خضوعي ثم زد سلام
ضاقت قراطيس التراسل بيننا
جف المداد وحفيت الأقلام
*** *** ***
بشر:
لا والذي رفع السماء بأمره
ودحى باسط الأرض باستحكام
وهو الذي بعث النبي محمدا
بشريعة الإيمان والإسلام
لن أعص ربي هواك وإنني
لمطر من سائر الأيام
*** *** ***
هند:
أدعوك ربي كما صبرتني شجنا
أن بيتليك بهول من لا يوافيك
وتشتكي محنة في الحب نازلة
وتطلب الماء من ليس يسقيك
بلاك ربي بأمراض مسلسلة
وبامتناع طبيب لا يداويك
ولا سرورا ولا يوما ترى فرحا
وكل ضر من الرحمن بي إليك
*** *** ***
بشر:
يا خالق الخلق أني لست أعصيك
أبات أرعى نجوم الليل أدعوك
فارحم خضوع ذليل بات مبتهلا
ولا تخيب رجا من بات يدعوك
*** *** ***
هند:
يا بشر واصلني وكن لطيفا
إني رأيتك بالكمال ظريفا
وانظر إلى جسمي وما قد حل بي
فتراه صار من الغرام نحيفا
*** *** ***
بشر:
ليس المليح بكامل في حسنه
حتى يكون عن الحرام عفيفا
فإذا تجنب عن معاصي ربه
فهناك يدعى عاشقا وظريفا
*** *** ***
يئست هند من حبها لبشر
فأصابها الكمد والمرض
واحتار بها زوجها
فأخبرته أن سبب مرضها هو حبها لبشر العابد
فطلقها زوجها وأرسلها إلى أهلها، وقاطعت بشراً
فأُعلن بشر بذلك؛ فرق قلبه لصدق حبها
وأرسل إليها يقول:
أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيعا
وأبقيت مالي في هواك مضيعا
فلا تبخلي يا هند بالوصل وارحمي
أسير هوىً بالحب صار مضيعا
*** *** ***
هند:
أتطلب يا غدّار وصلي بعدما
أسأت، ووصلي منك أضحى مضيعا
ولما رجوت الوصل منك قطعته
أسقيتني كأسا من الحزن مترعا
وأخجلتني عند النبي محمد
فكادت عيوني أن تسيل وتقطعا
*** *** ***
بشر:
سلام الله من بعد البعاد
على الشمس المنيرة في البلاد
سلام الله يا هند عليك
ورحمته إلى يوم التنادي
وحق الله لا ينساك قلبي
إلى يوم القيامة يا مرادي
فرقي وارحمي مضنىً كئيبا
فبِشْرُ صار ملقى في الوساد
فداوي سقمه في القراب يوما
فقلبي ذاب من ألم البعاد
وصلى الله ربي كل يوم
على من جاءنا بالخير هادي
محمد المشفع في البرايا
فلولا حبه ما سار حادي
سلام الله من شمس البلاد
على الصب الموسد في المهاد
فإن ترج الوصال وتشتهيه
فأنت من الوصال على بعاد
فلست بنائل مني وصالا
ولا يدنو بياضك من سوادي
ولا تبلغ مرادك من وصالي
إلى يوم القيامة والتنادي
*** *** ***
وعاود مكاتبتها:
كتبت إليك لما ضاق صدري
وأسكتني التجلد والعياء
كتابا من فتى دف عليك
من سقيم الجسم ليس له شفاء
فرقي يا مليحة وارحمي
فقد كثر التندم والبكاء
وعذابي بحبك عنفواني
وربي فيك يفعل ما يشاء
وصلي الله ربي كل وقت
على طه خاتم الأنبياء
*** *** ***
هند:
كتبت إلي تشكو ما تلاقي
من الأسقام إذ نزل القضاء
فإنك لم تزل أبد سقيما
ووجدك لا يكون له انقضاء
فمن هند الصدود مع التجافي
ومن بشر التضرع والبكاء
فعش حبا ومت كمدا حزينا
فواحدة بواحدة جزاء
*** *** ***
بشر:
أتت وحياض الموت بيني وبينها
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل
ولما رأتني في المنايا تعطلت
علي وعندي من تعظها شغل
*** *** ***
هند:
أيا بشر حالك قد أفنى جسدي
وألهب النار في جسمي وفي كبدي
وفاض دمعي على الخدين منسبكا
وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي
ما كان قصدي بهذا الحال أنظركم
لا والذي خلق الإنسان من كبد
*** *** ***
بشر:
أيا هند إن مرت عليك جنازتي
فنوحي بحزن ثم في النوح رنمي
وقولي إذا مرت عليك جنازتي
وأشيري بعينيك على وسلّمي
وقولي رعاك الله يا ميت الهوى
وأسكنك الفردوس أن كنت مسلم
*** *** ***
ثم التقط أنفاسه الأخيرة، وفارق الحياة موسدا بحبه لهند
فأنشدت هند تقول:
أيا عين ابكي بشر بتغريد
هـلاّ ترويه من دمعي بتقدير
يا عين ابكي من بعد الدموع دمـــ
لأنه كان في الطاعات محبور
لفقد بشر بكيت اليوم من كمد
لا خير في عيشة تأتي بتكدير
ألقاك ربك في الجنات في غرف
تلقى النعيم بها بالخير موفور
*** *** ***
ثم ماتت من حالها على موته، ودفنا في قبر واحد .
نزار قبّــاني
أهواك يا بشر دون الناس كلهم
وغيرك يهواني فيمنعه قلبي
تمر ببابي لست تعرف ما الذي
أكابد من شوقي إليك ومن بعدي
فيا ليتني أرضٌ وأنت إمامها
تدوس بنعليك الكرام على خدي
ويا ليتني نعلا أقيك من الحفا
ويا ليتني ثوبا أقيك من البرد
تبات خُلْوَ البال من ألم الجوى
وقلبي كواه الحب من شدة الوجد
وإنك إن قصّرت عني ولم تزر
فلا بد بعد الصدِّ أُدفن في لحدي
*** *** ***
قرأ بشر رسالة هند بنت فهد فرد عليها:
عليكِ بتقوى الله ولا تقربي الزنا
ولا تطلبي الفحشا فذاك مفسد
استغفري مما هممت بفعله
نهى الله عنه والنبي محمد
أما تذكري يوم الحساب وهوله
وما للفتى مال ولا شيء يفتدى
وإن تطلبي قربي فبعدي أجود
فخافي عقاب الله والتمسي الهدى
*** *** ***
قالت له هند:
أما تخشى يا بشر الإله فإنني لفي
حسرة من لوعتي وتسهدي
فان زرتني يا بشر أحييت مهجتي
وربي غفور بالعطا باسط اليد
*** *** ***
حينذاك قال لها بشرٌ:
أيا هند هذا لا يليق بمسلم
مسلمة في عصمة الزوج فابعدي
أما تعلمي بأن السِفاحَ محرّمٌ
فحوِّلي عن الفحشا والعيبِ وارقدي
بهذا نهى دين النبي محمد
فتوبي إلى مولاك يا هند ترشدي
إن الذي منع الزيارة فاعلمي
خوفُ الفساد عليك ألا تعتدي
وأخاف أن بهواك قلبي في الهوى
فأكون قد خالفت دين محمد
فالصبر خير وسيلة لتشفي
وإلى الإله فسارعي وتعبدي
*** *** ***
ردت له هند، تقول:
أيا بشر ما أقسى فؤادك في الهوى
ما هكذا الحب في مذهب الإسلام
إني بليت وقد تجافاني الصفا
فارحم خضوعي ثم زد سلام
ضاقت قراطيس التراسل بيننا
جف المداد وحفيت الأقلام
*** *** ***
بشر:
لا والذي رفع السماء بأمره
ودحى باسط الأرض باستحكام
وهو الذي بعث النبي محمدا
بشريعة الإيمان والإسلام
لن أعص ربي هواك وإنني
لمطر من سائر الأيام
*** *** ***
هند:
أدعوك ربي كما صبرتني شجنا
أن بيتليك بهول من لا يوافيك
وتشتكي محنة في الحب نازلة
وتطلب الماء من ليس يسقيك
بلاك ربي بأمراض مسلسلة
وبامتناع طبيب لا يداويك
ولا سرورا ولا يوما ترى فرحا
وكل ضر من الرحمن بي إليك
*** *** ***
بشر:
يا خالق الخلق أني لست أعصيك
أبات أرعى نجوم الليل أدعوك
فارحم خضوع ذليل بات مبتهلا
ولا تخيب رجا من بات يدعوك
*** *** ***
هند:
يا بشر واصلني وكن لطيفا
إني رأيتك بالكمال ظريفا
وانظر إلى جسمي وما قد حل بي
فتراه صار من الغرام نحيفا
*** *** ***
بشر:
ليس المليح بكامل في حسنه
حتى يكون عن الحرام عفيفا
فإذا تجنب عن معاصي ربه
فهناك يدعى عاشقا وظريفا
*** *** ***
يئست هند من حبها لبشر
فأصابها الكمد والمرض
واحتار بها زوجها
فأخبرته أن سبب مرضها هو حبها لبشر العابد
فطلقها زوجها وأرسلها إلى أهلها، وقاطعت بشراً
فأُعلن بشر بذلك؛ فرق قلبه لصدق حبها
وأرسل إليها يقول:
أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيعا
وأبقيت مالي في هواك مضيعا
فلا تبخلي يا هند بالوصل وارحمي
أسير هوىً بالحب صار مضيعا
*** *** ***
هند:
أتطلب يا غدّار وصلي بعدما
أسأت، ووصلي منك أضحى مضيعا
ولما رجوت الوصل منك قطعته
أسقيتني كأسا من الحزن مترعا
وأخجلتني عند النبي محمد
فكادت عيوني أن تسيل وتقطعا
*** *** ***
بشر:
سلام الله من بعد البعاد
على الشمس المنيرة في البلاد
سلام الله يا هند عليك
ورحمته إلى يوم التنادي
وحق الله لا ينساك قلبي
إلى يوم القيامة يا مرادي
فرقي وارحمي مضنىً كئيبا
فبِشْرُ صار ملقى في الوساد
فداوي سقمه في القراب يوما
فقلبي ذاب من ألم البعاد
وصلى الله ربي كل يوم
على من جاءنا بالخير هادي
محمد المشفع في البرايا
فلولا حبه ما سار حادي
سلام الله من شمس البلاد
على الصب الموسد في المهاد
فإن ترج الوصال وتشتهيه
فأنت من الوصال على بعاد
فلست بنائل مني وصالا
ولا يدنو بياضك من سوادي
ولا تبلغ مرادك من وصالي
إلى يوم القيامة والتنادي
*** *** ***
وعاود مكاتبتها:
كتبت إليك لما ضاق صدري
وأسكتني التجلد والعياء
كتابا من فتى دف عليك
من سقيم الجسم ليس له شفاء
فرقي يا مليحة وارحمي
فقد كثر التندم والبكاء
وعذابي بحبك عنفواني
وربي فيك يفعل ما يشاء
وصلي الله ربي كل وقت
على طه خاتم الأنبياء
*** *** ***
هند:
كتبت إلي تشكو ما تلاقي
من الأسقام إذ نزل القضاء
فإنك لم تزل أبد سقيما
ووجدك لا يكون له انقضاء
فمن هند الصدود مع التجافي
ومن بشر التضرع والبكاء
فعش حبا ومت كمدا حزينا
فواحدة بواحدة جزاء
*** *** ***
بشر:
أتت وحياض الموت بيني وبينها
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل
ولما رأتني في المنايا تعطلت
علي وعندي من تعظها شغل
*** *** ***
هند:
أيا بشر حالك قد أفنى جسدي
وألهب النار في جسمي وفي كبدي
وفاض دمعي على الخدين منسبكا
وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي
ما كان قصدي بهذا الحال أنظركم
لا والذي خلق الإنسان من كبد
*** *** ***
بشر:
أيا هند إن مرت عليك جنازتي
فنوحي بحزن ثم في النوح رنمي
وقولي إذا مرت عليك جنازتي
وأشيري بعينيك على وسلّمي
وقولي رعاك الله يا ميت الهوى
وأسكنك الفردوس أن كنت مسلم
*** *** ***
ثم التقط أنفاسه الأخيرة، وفارق الحياة موسدا بحبه لهند
فأنشدت هند تقول:
أيا عين ابكي بشر بتغريد
هـلاّ ترويه من دمعي بتقدير
يا عين ابكي من بعد الدموع دمـــ
لأنه كان في الطاعات محبور
لفقد بشر بكيت اليوم من كمد
لا خير في عيشة تأتي بتكدير
ألقاك ربك في الجنات في غرف
تلقى النعيم بها بالخير موفور
*** *** ***
ثم ماتت من حالها على موته، ودفنا في قبر واحد .
نزار قبّــاني