بلال
2007-06-28, 16:49
فلا أريد أن يفهم أحد هذا البرنامج خطأ، فأنا أدعو للتعايش لكن التعايش ليس هو الذوبان، بل يعني أنه هناك طرفين يحترموا بعضهم البعض ويتعاملوا مع بعضهم البعض، هذه النقطة لابد وأن تكون واضحة جداً حتى لا يزايد أحد على الكلام الذي أقوله، فنعم نريد التعايش وديننا يأمرنا به وهو أول درس للبشرية.. ونريد أن نعلم شبابنا مهارات التعايش وهذا هو هدف البرنامج، وأيضاً كيف نتعامل ونعمل سوياً، كيف نقبل بعضنا البعض ونحترم بعضنا البعض، لكن ليس معنى هذا أن أفقد شخصيتي، وليس معناه أن يقول الغرب هي فرصة إنهم يتحدثوا عن التعايش، فيقولون هيا تعايشوا معنا لكن سنحتل أرضكم وتفقدوا شخصيتكم والأجيال التي ستخرج تكون مطموسة وليست لديهم هوية.. أقول لا، بل أنا سأتعايش وجذوري ثابتة في الأرض، سأتعايش ولن أذوب لأني معتز بإسلامي ومعتز بإيماني ومعتز بشخصيتي.
ولهذا سيكون البرنامج كله يحكي لنا قصص التعايش من تاريخنا، ولماذا من تاريخنا؟ لأقول للشباب انظر هويتك عظيمة، انظر إسلامك عظيم، تعايش وجذرك ثابت في الأرض، فلا أريد أن يزايد أحد على كلامي أو يقول أن دعوة للتعايش هي أن نفقد قيمنا، لا.. إن هذا عكس ما أريد قوله، وأنا أقول أني صاحب رسالة عالمية أنفتح على العالم كله وأنا معتز بشخصيتي، وهذا ليس كلامي.. النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا ويقول لنا: (( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه ))، ويخالط في معنى البرنامج هي التعايش، والذي لا يخالط الناس هو الذي أغلق على نفسه ثم يقول الحمد لله لم يقترب مني أحد.. ليس هذا الأحسن، بل الأحسن هو الذي يخالط ويصبر.
ويصبر على آذاهم تتضمن إنهم يريدون أن يفقدوه شخصيته، لا.. بل تمسَّك بشخصيتك لكن في نفس الوقت قل أنا قادر أن أتعايش معك وأتفاهم معك وأوجد مساحة مشتركة بيني وبينك رغم أني مختلف معك. إذا اتفقنا على هذا الكلام فهيا نتنقل للنقطة الثالثة وهي: قيمة التعايش في الإسلام، وماذا يقول في التعايش.
قيمة التعايش في الإسلام..
في الحقيقة هو كلام جميل جدا أحب أن تعرفوه وتفتخروا أن الإسلام هو الذي يقول ذلك، فما هو الذي يعلمه لنا الإسلام؟ أنه لا يجد عيباً في أن نكون مختلفين، وهذه النقطة على بساطتها فالكثير من المسلمين غير مُتخيليها، وهو أنه لا يمكن أن يكونوا مختلفين، وأنه بالتأكيد نفسه على صواب والأخر على خطأ وغير مقبول أن يكون هناك أخر، ودائماً هو مقبول والأخر مرفوض، وقبل ما يبدءوا الكلام تجد الفكرة التي في عقله أنه رافض الأخر وأنه على الصواب دائماً.
أريد أن أقول أن فكرة الإسلام في الأصل قائمة على أن نكون مختلفين عن بعضنا البعض وهي سنة كونية وطبيعة من طبيعة البشر.. لماذا؟ لأن أعظم ما خلق الله تعالى هو العقل، فلا يصلح أن تكون العقول كلها عقل واحد، لابد أن تكون مختلفة عن بعضها البعض، فلأن العقول مختلفة عن بعضها، ولهذا فالإسلام قَبَل أن نكون مختلفين، فكيف تقبل أنت أن تكون الناس مختلفة في أشكالها، ولا تقبل أن يكونوا مختلفين في طريقة تفكيرهم، أنا أقول هذا الكلام حتى للأب وابنه، فابنك لابد أن يكون مختلف عنك، وليس شرطاً أن يكون مثلك تماماً، هذا وكأنك تتخيل أن تنزل للشارع فتجد كل الناس شبيهة بك، فأنت تريد ابنك شبهك وابنتك شبهك وزوجتك شبهك وجارك شبهك، هل أنتم متخيلين!!
تجد الرجل في المسجد على مذهب من المذاهب وهو مؤمن به فيريد كل الناس تسير على نفس الفكرة وتؤمن بنفس الفكرة وتقتنع بنفس الفكرة، وهذا غير ممكن. أنت وزوجتك مختلفين الطباع، وأنت لا تقبل ذلك وهذا هو الأصل أن تكونوا مختلفين، إذا آمنت بهذه النقطة وبمجرد قبولك للفكرة فذلك هو الحل لنصف المشكلة، فأنت وزميلك في الكلية مثلاً إذا قبلت اختلافه عنك وصادقته، بمجرد قبولك للفكرة فهذا نصف الطريق، أما الإسلام فيقول لك الأكبر من ذلك، يقول لك ليس كافي أن تكونوا مختلفين فقط بل إن هذا الاختلاف غِنى، وهو ثراء للحياة، أن تكونوا مختلفين عن بعضكم البعض هو مكسب للدنيا وللأرض، وإن عدم الاختلاف فقر، متخيل! هذه وجهة نظر الإسلام، تريد أن تعرف من أين أتيت بهذا الكلام؟
اسمع القرآن، القرآن يقول أن اختلافنا عن بعضنا البعض غنى وثراء، هل تعلمون ما أنا أحاول فعله في البرنامج الآن؟ أقنعك أنك إذا وجدت من هو مختلف عنك لابد من أن تفرح، لكي تستكمل منه ما ينقصك، ويستكمل منك ما ينقصه، انظر لما تقوله الآية: {... وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا... }( الحجرات:13)، وكان ممكن أن يجعلنا الله تعالى شعب واحد وقبيلة واحدة، وكأن الآية تعترف بتعدد الجنسيات وتعدد اللهجات وتعدد الأفكار وتعدد القوميات وتعدد العرقيات، كل هذا مقبول، وكأن الآية تقول وجعلناكم شعوباً وقبائل ونريد أن نوجه هذا الاختلاف في الاتجاه الإيجابي، فكأن وجعلناكم شعوبا وقبائل سنة كونية أن لابد من أن نكون مختلفين، لماذا ؟ لتعارفوا.. وكلمة لتعارفوا كلمة واسعة في اللغة العربية، فهي تعني: تتبادلوا المنافع، تتفاهموا، تستفيدوا من أفكار بعضكم البعض، تلاقح الأفكار مقبول، تبادل المنفعة الاقتصادية مقبول.
فهذه إذن حكمة الكون.. لماذا خلق الله الأرض؟ أنسيتم حكمة الخلق؟ إعمار الأرض وإصلاح الأرض. وكيف تُعمَّر ونحن غير مختلفين عن بعضنا البعض لنتبادل الثقافات والأفكار والمنافع؟ فأضحى الاختلاف هو الهدف من الخلق لتُعمَّر الأرض، فإذا كنا شكل واحد لأضحت الأرض فقيرة جداً، أرأيتم عظمة الآية؟! جعلناكم أجناس مختلفة لكي تتعرفوا على بعضكم البعض فتتبادلوا المنافع. وكلمات مثل لتعارفوا موجودة بكثرة في آيات القرآن مثل: {...وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ... }( المائدة:2)، والمقصود أن تتبادلوا الاستفادة والتعامل سوياً، وليست الآية على المسلمين فقط، بل تعاونوا كل العالم وكل الجنسيات وكل الأديان.
تعالوا نتعاون في حرب مقاومة المخدرات، ونستفيد من خبرات بعضنا البعض بأن نقاوم المخدرات، أو أنفلونزا الطيور.. أرأيتم حكمة الخلق! لكن في نفس الوقت بقية الآية: {...وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... } تحتل أرضي وتقول لي نتعاون ونتعايش؟! لا، لكن نتعاون على البر فهذه لكل البشر في العالم، أرأيتم المفهوم الإسلامي والفكرة؟ ولذلك انظروا.. متى ازدهرت حضارة الإسلام؟ عندما دخله جنسيات مختلفة، ففُتحت مصر والشام والعراق، وخرجت الدعوة من الجزيرة واختلطت بجنسيات وأراضي والجمهوريات السوفيتية، فدخلوا في الإسلام وحدث تلاقح فخرجت حضارة ضخمة، أرأيت كيف أن الآية معنا في التاريخ؟ لولا المسلمين في الأندلس لم تكن أوروبا أضحت أوروبا، أمريكة الحالية لولا إن فيها جنسيات مختلفة انصهرت لم تكن ستضحي أمريكا في الوضع التي هي فيه.
أنا أتحدى أن يُخرج لي أحدهم دستور من الدساتير لأي دولة أوروبية تقول يا أمة هناك شعوب أخرى اذهبي للتعرف عليها ليصبح وضعك أحسن، أنا أتحدى أن يكون هناك دستور غير القرآن قال وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.. فيا غرب لا تزايد علينا وتقول أنك مخترع التعايش، فالتعايش وقبول الاختلاف هو ألف باء قرآننا، وهو أول دستور تكلم في أن نتعارف ونتبادل المنافع في البر والتقوى وليس في الإثم والعدوان، وليس أن تفرض ثقافتك علي أو تأخذ أرضي. ولا أعلم لماذا هذه الآية ليست منتشرة بيننا ولا نسمعها كثيرا أو نتحدث فيها، وهي: { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ... } (هود:118) الآية واضحة، فلو شاء الله لم يجعلهم مختلفين، وبقيتها: {...وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } وكأن الله تعالى يقول لنا لابد أن يظلوا مختلفين وكأنها سُنة كونية وبقية الآية: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ...}( هود:119) فكيف رحمهم؟ رحمهم بأن جعل هذا الاختلاف يوجه في اتجاه إيجابي للتبادل والمنفعة.
كأن الآية بتقول أن التعايش أو اختلافنا عن بعضنا البعض ممكن يكون أمر صحي حين يتحول لتبادل وممكن تكون حالة مرضية عندما تصبح بلادنا في الحالة التي هي عليها الآن، انظر بقية الآية: {...وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ... } أي للاختلاف. انظر لقول الله تبارك وتعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } ( الروم:22) هذه آية من آيات الله تعالى.. أنكم مختلفين عن بعضكم في اللهجات والألسنة واللغات وبالتالي الثقافات، إنها آية خطيرة، كأن الإسلام يقول لنا أن الله تعالى هو الذي أراد الاختلاف، وكأن الذي يريد أن لا تكون الناس مختلفة عنه لم يفهم حكمة الله في الكون، فالاختلاف يزيد الأرض منفعة وتعاون وخير والاختلاف ثراء، أيمكنك أن تبدأ النظر إلى أن اختلافك عن جيل أولادك ثراء لك ولهم؟ أيمكنك أن تبدأ تنظر إلى اختلافكم في العراق واختلافكم في لبنان كثراء، وأن اختلافك عن جيرانك كيف تستفيد منه لصالح العمارة؟.
البرنامج يقول لك ابدأ فكر بهذه الطريقة، ولذلك يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر))، يضرب لك النبي المثل بجسدك حتى أصابع يدك مختلفين عن بعضهم فلا يوجد إصبع مثل الأخر، الجسد.. أعضاء مختلفة، مهام مختلفة
ولهذا سيكون البرنامج كله يحكي لنا قصص التعايش من تاريخنا، ولماذا من تاريخنا؟ لأقول للشباب انظر هويتك عظيمة، انظر إسلامك عظيم، تعايش وجذرك ثابت في الأرض، فلا أريد أن يزايد أحد على كلامي أو يقول أن دعوة للتعايش هي أن نفقد قيمنا، لا.. إن هذا عكس ما أريد قوله، وأنا أقول أني صاحب رسالة عالمية أنفتح على العالم كله وأنا معتز بشخصيتي، وهذا ليس كلامي.. النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا ويقول لنا: (( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه ))، ويخالط في معنى البرنامج هي التعايش، والذي لا يخالط الناس هو الذي أغلق على نفسه ثم يقول الحمد لله لم يقترب مني أحد.. ليس هذا الأحسن، بل الأحسن هو الذي يخالط ويصبر.
ويصبر على آذاهم تتضمن إنهم يريدون أن يفقدوه شخصيته، لا.. بل تمسَّك بشخصيتك لكن في نفس الوقت قل أنا قادر أن أتعايش معك وأتفاهم معك وأوجد مساحة مشتركة بيني وبينك رغم أني مختلف معك. إذا اتفقنا على هذا الكلام فهيا نتنقل للنقطة الثالثة وهي: قيمة التعايش في الإسلام، وماذا يقول في التعايش.
قيمة التعايش في الإسلام..
في الحقيقة هو كلام جميل جدا أحب أن تعرفوه وتفتخروا أن الإسلام هو الذي يقول ذلك، فما هو الذي يعلمه لنا الإسلام؟ أنه لا يجد عيباً في أن نكون مختلفين، وهذه النقطة على بساطتها فالكثير من المسلمين غير مُتخيليها، وهو أنه لا يمكن أن يكونوا مختلفين، وأنه بالتأكيد نفسه على صواب والأخر على خطأ وغير مقبول أن يكون هناك أخر، ودائماً هو مقبول والأخر مرفوض، وقبل ما يبدءوا الكلام تجد الفكرة التي في عقله أنه رافض الأخر وأنه على الصواب دائماً.
أريد أن أقول أن فكرة الإسلام في الأصل قائمة على أن نكون مختلفين عن بعضنا البعض وهي سنة كونية وطبيعة من طبيعة البشر.. لماذا؟ لأن أعظم ما خلق الله تعالى هو العقل، فلا يصلح أن تكون العقول كلها عقل واحد، لابد أن تكون مختلفة عن بعضها البعض، فلأن العقول مختلفة عن بعضها، ولهذا فالإسلام قَبَل أن نكون مختلفين، فكيف تقبل أنت أن تكون الناس مختلفة في أشكالها، ولا تقبل أن يكونوا مختلفين في طريقة تفكيرهم، أنا أقول هذا الكلام حتى للأب وابنه، فابنك لابد أن يكون مختلف عنك، وليس شرطاً أن يكون مثلك تماماً، هذا وكأنك تتخيل أن تنزل للشارع فتجد كل الناس شبيهة بك، فأنت تريد ابنك شبهك وابنتك شبهك وزوجتك شبهك وجارك شبهك، هل أنتم متخيلين!!
تجد الرجل في المسجد على مذهب من المذاهب وهو مؤمن به فيريد كل الناس تسير على نفس الفكرة وتؤمن بنفس الفكرة وتقتنع بنفس الفكرة، وهذا غير ممكن. أنت وزوجتك مختلفين الطباع، وأنت لا تقبل ذلك وهذا هو الأصل أن تكونوا مختلفين، إذا آمنت بهذه النقطة وبمجرد قبولك للفكرة فذلك هو الحل لنصف المشكلة، فأنت وزميلك في الكلية مثلاً إذا قبلت اختلافه عنك وصادقته، بمجرد قبولك للفكرة فهذا نصف الطريق، أما الإسلام فيقول لك الأكبر من ذلك، يقول لك ليس كافي أن تكونوا مختلفين فقط بل إن هذا الاختلاف غِنى، وهو ثراء للحياة، أن تكونوا مختلفين عن بعضكم البعض هو مكسب للدنيا وللأرض، وإن عدم الاختلاف فقر، متخيل! هذه وجهة نظر الإسلام، تريد أن تعرف من أين أتيت بهذا الكلام؟
اسمع القرآن، القرآن يقول أن اختلافنا عن بعضنا البعض غنى وثراء، هل تعلمون ما أنا أحاول فعله في البرنامج الآن؟ أقنعك أنك إذا وجدت من هو مختلف عنك لابد من أن تفرح، لكي تستكمل منه ما ينقصك، ويستكمل منك ما ينقصه، انظر لما تقوله الآية: {... وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا... }( الحجرات:13)، وكان ممكن أن يجعلنا الله تعالى شعب واحد وقبيلة واحدة، وكأن الآية تعترف بتعدد الجنسيات وتعدد اللهجات وتعدد الأفكار وتعدد القوميات وتعدد العرقيات، كل هذا مقبول، وكأن الآية تقول وجعلناكم شعوباً وقبائل ونريد أن نوجه هذا الاختلاف في الاتجاه الإيجابي، فكأن وجعلناكم شعوبا وقبائل سنة كونية أن لابد من أن نكون مختلفين، لماذا ؟ لتعارفوا.. وكلمة لتعارفوا كلمة واسعة في اللغة العربية، فهي تعني: تتبادلوا المنافع، تتفاهموا، تستفيدوا من أفكار بعضكم البعض، تلاقح الأفكار مقبول، تبادل المنفعة الاقتصادية مقبول.
فهذه إذن حكمة الكون.. لماذا خلق الله الأرض؟ أنسيتم حكمة الخلق؟ إعمار الأرض وإصلاح الأرض. وكيف تُعمَّر ونحن غير مختلفين عن بعضنا البعض لنتبادل الثقافات والأفكار والمنافع؟ فأضحى الاختلاف هو الهدف من الخلق لتُعمَّر الأرض، فإذا كنا شكل واحد لأضحت الأرض فقيرة جداً، أرأيتم عظمة الآية؟! جعلناكم أجناس مختلفة لكي تتعرفوا على بعضكم البعض فتتبادلوا المنافع. وكلمات مثل لتعارفوا موجودة بكثرة في آيات القرآن مثل: {...وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ... }( المائدة:2)، والمقصود أن تتبادلوا الاستفادة والتعامل سوياً، وليست الآية على المسلمين فقط، بل تعاونوا كل العالم وكل الجنسيات وكل الأديان.
تعالوا نتعاون في حرب مقاومة المخدرات، ونستفيد من خبرات بعضنا البعض بأن نقاوم المخدرات، أو أنفلونزا الطيور.. أرأيتم حكمة الخلق! لكن في نفس الوقت بقية الآية: {...وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... } تحتل أرضي وتقول لي نتعاون ونتعايش؟! لا، لكن نتعاون على البر فهذه لكل البشر في العالم، أرأيتم المفهوم الإسلامي والفكرة؟ ولذلك انظروا.. متى ازدهرت حضارة الإسلام؟ عندما دخله جنسيات مختلفة، ففُتحت مصر والشام والعراق، وخرجت الدعوة من الجزيرة واختلطت بجنسيات وأراضي والجمهوريات السوفيتية، فدخلوا في الإسلام وحدث تلاقح فخرجت حضارة ضخمة، أرأيت كيف أن الآية معنا في التاريخ؟ لولا المسلمين في الأندلس لم تكن أوروبا أضحت أوروبا، أمريكة الحالية لولا إن فيها جنسيات مختلفة انصهرت لم تكن ستضحي أمريكا في الوضع التي هي فيه.
أنا أتحدى أن يُخرج لي أحدهم دستور من الدساتير لأي دولة أوروبية تقول يا أمة هناك شعوب أخرى اذهبي للتعرف عليها ليصبح وضعك أحسن، أنا أتحدى أن يكون هناك دستور غير القرآن قال وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.. فيا غرب لا تزايد علينا وتقول أنك مخترع التعايش، فالتعايش وقبول الاختلاف هو ألف باء قرآننا، وهو أول دستور تكلم في أن نتعارف ونتبادل المنافع في البر والتقوى وليس في الإثم والعدوان، وليس أن تفرض ثقافتك علي أو تأخذ أرضي. ولا أعلم لماذا هذه الآية ليست منتشرة بيننا ولا نسمعها كثيرا أو نتحدث فيها، وهي: { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ... } (هود:118) الآية واضحة، فلو شاء الله لم يجعلهم مختلفين، وبقيتها: {...وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } وكأن الله تعالى يقول لنا لابد أن يظلوا مختلفين وكأنها سُنة كونية وبقية الآية: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ...}( هود:119) فكيف رحمهم؟ رحمهم بأن جعل هذا الاختلاف يوجه في اتجاه إيجابي للتبادل والمنفعة.
كأن الآية بتقول أن التعايش أو اختلافنا عن بعضنا البعض ممكن يكون أمر صحي حين يتحول لتبادل وممكن تكون حالة مرضية عندما تصبح بلادنا في الحالة التي هي عليها الآن، انظر بقية الآية: {...وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ... } أي للاختلاف. انظر لقول الله تبارك وتعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } ( الروم:22) هذه آية من آيات الله تعالى.. أنكم مختلفين عن بعضكم في اللهجات والألسنة واللغات وبالتالي الثقافات، إنها آية خطيرة، كأن الإسلام يقول لنا أن الله تعالى هو الذي أراد الاختلاف، وكأن الذي يريد أن لا تكون الناس مختلفة عنه لم يفهم حكمة الله في الكون، فالاختلاف يزيد الأرض منفعة وتعاون وخير والاختلاف ثراء، أيمكنك أن تبدأ النظر إلى أن اختلافك عن جيل أولادك ثراء لك ولهم؟ أيمكنك أن تبدأ تنظر إلى اختلافكم في العراق واختلافكم في لبنان كثراء، وأن اختلافك عن جيرانك كيف تستفيد منه لصالح العمارة؟.
البرنامج يقول لك ابدأ فكر بهذه الطريقة، ولذلك يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر))، يضرب لك النبي المثل بجسدك حتى أصابع يدك مختلفين عن بعضهم فلا يوجد إصبع مثل الأخر، الجسد.. أعضاء مختلفة، مهام مختلفة