الزمزوم
2011-05-15, 18:49
يقول الله - تعالى - في مُحكم التنزيل: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14].
ويقول الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96 - 97].
ويقول الله: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33].
تشرح هذه الآيات الكريمات حالَ المنتقدين والمحاربين للإسلام، من أمثال "بنديكت" السادس عشر بابا الفاتيكان، ومَن يدور في فَلَكه ممن يرون الإسلام دينًا دَمَويًّا انتشر بالسيف، ولا يتماشَى مع العقل، ولا بدَّ أن يكشفَ ما فيه من زَيف.
فلا يُمكن للعين السليمة أن ترى شيئًا في غاية الجمال والطُّهْر في صورة القُبْح والعَفن، إلا إذا كان هناك حقدٌ أو حسدٌ أو خوف من هذا الشيء.
يقول الشاعر والفيلسوف الألماني الشهير "جوته": "أنْ تجهلَ الحقيقة ثم تسعى لاكتشافها ومعرفتها، فأنت إنسان عاقلٌ، أمَّا أن تعرِفَ الحقيقة ثم تحاوِل إخفاءَها أو تُشوِّهَها، فأنت إنسان قاتلٌ".
وورد في سفر "إشعيا" كلمات يُمكن أن تنطبقَ أيضًا على حال الغرب، من قادة دينيين وسياسيين، وإعلاميين ومُفَكِّرين، ومستشرقين ومُبَشِّرين مع الإسلام والمسلمين، تقول: "خيوطهم لا تصير ثوبًا، ولا يكتسون بأعمالهم، أرجلُهم إلى الشرِّ تُسْرِع إلى سَفْك الدمِ الذكي، أفكارهم أفكارُ إثْمٍ، في طريقهم اغتصابٌ وسَحْق، طريق السلام لَم يعرفوه، وليس في مَسَالكهم عَدْلٌ، جعلوا لأنفسهم سُبلاً مُعوجَّة، كلُّ مَن فيها لا يعرف سلامًا".
ويقول "كيفين رايلي" مؤلف كتاب "الغرب والعالَم": "إن أوروبا هي مُجْرِم العالَم الأكبر، لقد اكتسبنا القُدرة على تسويغ أشدِّ أفعالنا هَمَجيَّةً باسم الله أو باسم الحضارة المسيحيَّة، أو باسم العالَم الْحُرِّ".
وقد أشارتْ كُتب السيرة النبويَّة إلى أنَّ الأخْنَس بن شَرِيق سأل أبا جهْل قبل أن تبدأ غزوة بدر: "أتظنُّ محمدًا - يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم - يَكْذِب، فردَّ أبو جهل: كيف يَكْذب على الله وقد كنَّا نُسَمِّيه الأمين؛ لأنه ما كَذَب قطُّ، ولكن إذا كان في عبدمناف السِّقَاية؛ أي: سُقْيا الحجيج في مكة أيام الحج، والرفادة؛ أي: القيام بما يحتاجه الحجيج في مكة، والمشورة؛ أي: الرجوع إليهم في الموقف الصعب، ثم بعد ذلك تكون فيهم النبوة ولا يكون لنا شيء، فقال الأخْنَس: إذًا سأرجِع بقومي، ولا أحارِبُ محمدًا بعد اليوم .
وموقف بابا الفاتيكان من الإسلام ونبيِّه هو نفسه موقف أبي جهل، فهو يعرف الحقيقة كاملةً غير أنَّه لا يملك شجاعة أبي جهل.
فأكاذيب البابا وأمثاله لا تتوقَّف، بل تزداد ضَرَاوة وشَرَاسة من يوم إلى آخرَ، وكأن العالَم قد فرغ من جميع مشكلاته، فلم يَبقَ أمامهم سوى الإسلام هدفًا يوجِّهون سهامَهم إلى وجْهِه الناصع.
يقول المفكِّر الإسلامي المعروف محمد إقبال: "إنَّ الإسلام كالشمس إذا غربتْ في جِهة طلعتْ في جهة أخرى، فهي لا تزال طالعة، فالإسلام: هو رسالة الله الأخيرة، يتبدَّل العالَم ولا يتبدَّل كِيانُه".
والإسلام لم يَتنكَّبْ في ناحية من نواحي العالَم إلا وقامتْ له دولة في جانبٍ آخرَ، ولم تسقطْ له راية إلا وخفقتْ له راية أخرى، ولَم يغبْ له نجمٌ إلا وظَهَر له نجمٌ آخرُ.
وكل ما تشهده أوروبا حاليًّا يوحِي بأنَّ شمس الإسلام ستشرق هذه المرة من ناحية الغرب الأوروبي، وهذا هو السبب الرئيس وراء هذا الألَم والغَيظ والْحِقد البادي في كل الأقوال والأفعال والتحرُّكات الأوروبيَّة من قادة الغرب، على اختلاف مشاربهم تجاه الإسلام وأهْله.
والافتراءات والتخويف من الإسلام أمرٌ قديمٌ يبدو أنه كان يؤتِي ثمارَه فيما مَضَى، إلا أنَّ استمرار البابا في انتقاداته يَشي بأنَّ السحر بدأ ينقلب على الساحر، والزحْف الإسلامي على القارة الأوروبيَّة أنساه الحنكة والذكاء والتصرُّف مع الشدائد برَوِيَّة؛ حتى لا تتعاظَم الخسائر.
والبابا مثله مثل آلاف الكُتَّاب الذين يحاولون التخويف من خطر الإسلام، كما يصوِّر الكاتب الغربي "أنتوني بيرجس" في كتابه "المسلمون قادمون" الكنائس بعد أن خُلِعتْ منها الصُّلبان؛ ليوضعَ مكانها الهلال، والمذابح بعد أن تحوَّلتْ إلى قِبلة للصلاة، ويصوِّر الإبل وقد احتلَّتْ مكانها في رُكن الْخُطباء في حديقة "هايد بارك" الشهيرة وسط لندن.
وكما يقول أحد الكُتَّاب في صحيفة "الصن" البريطانية: "إنَّ الإسلامَ والإجرام اسمان لشيءٍ واحد، وإنه لو خُيِّرَ بين أن يكونَ مسلمًا أو أن يكون مُجرمًا، لاختار أن يكون مُجرمًا بدلاً من أن يكونَ مسلمًا".
فزعماء الغرب وكلُّ مُفَكِّريه وكلُّ ساسته يتكلَّمون جِهَارًا وعَلَنًا عن الإسلام الخطر، والإسلام الخوف، والإسلام الذي يتحفَّز للانقضاض على الحضارة وعلى أوروبا وعلى الولايات المتحدة، بل على العالَم كلِّه.
لكن هؤلاء ليس عندهم بديلٌ يقدمونه للإنسان الغربي، وكل التطورات التي تشهدُها الكرة الأرضية تُثبتُ يومًا بعد يوم أنَّ البديلَ ليس في اليهوديَّة ولا النصرانيَّة ولا غيرهما، وأنَّ كلَّ الطرق مُغْلَقة، ما عدا طريق الإسلام، ولو وَضَعوا على هذا الطريق كلَّ الإشارات الحمراء التي يُمسِك بمفاتيحها كلُّ شياطين الإنس والجن.
فالإنسان الغربي الذي صنَعَ الحضارة الماديَّة الضخمة التي يعيش فيها العالَم الآن - لا يستطيع عقلُه أن يقبلَ ما يأتي به القساوسة والرُّهْبان من أفعال تخالِف الفِطْرة السليمة، والعقل الذي صنَعَ تلك الحضارة المذْهِلة والفاتِنة .
ولذا خَاصَم الغربي الكنيسة ولَم يَعُدْ يذهب إليها، حتى إنَّ بعض المباني الكَنَسِيَّة بِيعتْ؛ لتتحولَ إلى بيوت للدعارة والشواذ جنسيًّا.
فالفطرة لها سلطان يَفرض إرادته على كلِّ كائن حيٍّ، حتى على الحيوانات؛ فالقطة حين تخطف شيئًا، فإنها تجري به وتَهرب؛ لأنها تعلم أنها سارقة، وحين تُطْعِمها بنفسك، فإنها تتمسَّح بك وتلعب؛ لأنها تعلم أنها لَم ترتكبْ جريمةً ما.
ولكن المشكلة أن صورة الإسلام مشوَّهة لدى الغربي؛ يقول المعلِّق السياسي الغربي "بيتر مانسفيلد" في كتابه "الإسلام والغرب": "في الأسبوع الأول لتدريسنا في مدرسة أرامكو، وجَّهْنا بعض الأسئلة إلى الدارسين في هذه المدرسة: ماذا تعرف عن النبي محمد؟ وماذا تعرف عن الإسلام؟ قال أحدُهم: إنَّ النبي محمد هو مؤلِّف "ألف ليلة وليلة"، وقال ثانٍ: إنَّ الإسلام لُعْبَة حظٍّ أشبه بلعبة "البريدج"، وقال ثالث: إنَّ الإسلام أنشأتْه عصابة "كوكلوكس كلان" - عصابة إجراميَّة تخصَّصتْ في اغتيال السود وغير المسيحيين - وقال رابع: إنَّ الإسلام أنشأتْه منظَّمة ماسونيَّة أمريكيَّة.
وهذه الأكاذيب والْخُرافات والافتراءات صناعة أوروبيَّة صاغتْها الكنيسة في صورة لاهوتيَّة؛ حتى يكتسبَ الكذب والتدليس والغِش صِفَة قَدَاسةٍ يُصبح الخروج عليها كُفْرًا وتجديفًا وهرطَقة.
والحق أنَّ ذلك كان مردودُه سلبيًّا على الإسلام في الماضي، ولكن بعد أنْ رأى العالَم كلَّه ما فعَلَه الغرب - باسم الحرب على الإرهاب - من مَجَازِر واحتلالٍ لدول، وقتْلٍ للملايين، وما ظَهَر من حجْم الكذبة الكبرى التي أسموها: "الحرب على الإرهاب"، وما عايَنَه الغربي مرارًا وتَكرارًا من كَذِب رجال الدِّين، وهو ما أدَّى إلى الانفضاض عنهم وعن كنائسهم، كلُّ ذلك جاء في صالح الدعوة إلى الإسلام.
فالبابا عندما يتَّهم الإسلام بالانتشار بالسيف، وأنه دينٌ مُزَيَّف، فهو دون أن يدري يزيد من إقبال أتْباعه على الإسلام.
فالإنسان بفِطْرته السليمة يَميل إلى عدم تصديق الكذوب في دعواه، وإلى تصديق المكذوب عليه، كما يَميل إلى حُسن الظنِّ بِمَن يتَّهمُ بالسرقة مِن قبلُ مَن عُرِف عنه أنه قاطعُ طريق .
وهكذا حال البابا والغرب هذه الأيام، إنهم يُحسنون مِن حيث أرادوا أن يُسيئوا، والسحر - الذي استخدموه طويلاً، وتخيَّلوا أنه أتى لهم بنتائجَ - قد انقلبَ عليهم، فذَمُّهم للإسلام بعد أن عرف الجميع كَذِبَهم وعايَنَه أكثر من مرَّة هو مدْحٌ له، كما أنَّ تنفيرَهم الناسَ من محمد - صلى الله عليه وسلم - ودينه يزيد من إقبالهم عليه .
فكل هؤلاء يخدمون الدعوة الإسلاميَّة في وقتٍ نامَ فيه أصحابُ الدعوة أو نُوِّمُوا، أليس الله بناصرٍ دينَه؟!
عبدالفتاح أنور البطة
ويقول الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96 - 97].
ويقول الله: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33].
تشرح هذه الآيات الكريمات حالَ المنتقدين والمحاربين للإسلام، من أمثال "بنديكت" السادس عشر بابا الفاتيكان، ومَن يدور في فَلَكه ممن يرون الإسلام دينًا دَمَويًّا انتشر بالسيف، ولا يتماشَى مع العقل، ولا بدَّ أن يكشفَ ما فيه من زَيف.
فلا يُمكن للعين السليمة أن ترى شيئًا في غاية الجمال والطُّهْر في صورة القُبْح والعَفن، إلا إذا كان هناك حقدٌ أو حسدٌ أو خوف من هذا الشيء.
يقول الشاعر والفيلسوف الألماني الشهير "جوته": "أنْ تجهلَ الحقيقة ثم تسعى لاكتشافها ومعرفتها، فأنت إنسان عاقلٌ، أمَّا أن تعرِفَ الحقيقة ثم تحاوِل إخفاءَها أو تُشوِّهَها، فأنت إنسان قاتلٌ".
وورد في سفر "إشعيا" كلمات يُمكن أن تنطبقَ أيضًا على حال الغرب، من قادة دينيين وسياسيين، وإعلاميين ومُفَكِّرين، ومستشرقين ومُبَشِّرين مع الإسلام والمسلمين، تقول: "خيوطهم لا تصير ثوبًا، ولا يكتسون بأعمالهم، أرجلُهم إلى الشرِّ تُسْرِع إلى سَفْك الدمِ الذكي، أفكارهم أفكارُ إثْمٍ، في طريقهم اغتصابٌ وسَحْق، طريق السلام لَم يعرفوه، وليس في مَسَالكهم عَدْلٌ، جعلوا لأنفسهم سُبلاً مُعوجَّة، كلُّ مَن فيها لا يعرف سلامًا".
ويقول "كيفين رايلي" مؤلف كتاب "الغرب والعالَم": "إن أوروبا هي مُجْرِم العالَم الأكبر، لقد اكتسبنا القُدرة على تسويغ أشدِّ أفعالنا هَمَجيَّةً باسم الله أو باسم الحضارة المسيحيَّة، أو باسم العالَم الْحُرِّ".
وقد أشارتْ كُتب السيرة النبويَّة إلى أنَّ الأخْنَس بن شَرِيق سأل أبا جهْل قبل أن تبدأ غزوة بدر: "أتظنُّ محمدًا - يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم - يَكْذِب، فردَّ أبو جهل: كيف يَكْذب على الله وقد كنَّا نُسَمِّيه الأمين؛ لأنه ما كَذَب قطُّ، ولكن إذا كان في عبدمناف السِّقَاية؛ أي: سُقْيا الحجيج في مكة أيام الحج، والرفادة؛ أي: القيام بما يحتاجه الحجيج في مكة، والمشورة؛ أي: الرجوع إليهم في الموقف الصعب، ثم بعد ذلك تكون فيهم النبوة ولا يكون لنا شيء، فقال الأخْنَس: إذًا سأرجِع بقومي، ولا أحارِبُ محمدًا بعد اليوم .
وموقف بابا الفاتيكان من الإسلام ونبيِّه هو نفسه موقف أبي جهل، فهو يعرف الحقيقة كاملةً غير أنَّه لا يملك شجاعة أبي جهل.
فأكاذيب البابا وأمثاله لا تتوقَّف، بل تزداد ضَرَاوة وشَرَاسة من يوم إلى آخرَ، وكأن العالَم قد فرغ من جميع مشكلاته، فلم يَبقَ أمامهم سوى الإسلام هدفًا يوجِّهون سهامَهم إلى وجْهِه الناصع.
يقول المفكِّر الإسلامي المعروف محمد إقبال: "إنَّ الإسلام كالشمس إذا غربتْ في جِهة طلعتْ في جهة أخرى، فهي لا تزال طالعة، فالإسلام: هو رسالة الله الأخيرة، يتبدَّل العالَم ولا يتبدَّل كِيانُه".
والإسلام لم يَتنكَّبْ في ناحية من نواحي العالَم إلا وقامتْ له دولة في جانبٍ آخرَ، ولم تسقطْ له راية إلا وخفقتْ له راية أخرى، ولَم يغبْ له نجمٌ إلا وظَهَر له نجمٌ آخرُ.
وكل ما تشهده أوروبا حاليًّا يوحِي بأنَّ شمس الإسلام ستشرق هذه المرة من ناحية الغرب الأوروبي، وهذا هو السبب الرئيس وراء هذا الألَم والغَيظ والْحِقد البادي في كل الأقوال والأفعال والتحرُّكات الأوروبيَّة من قادة الغرب، على اختلاف مشاربهم تجاه الإسلام وأهْله.
والافتراءات والتخويف من الإسلام أمرٌ قديمٌ يبدو أنه كان يؤتِي ثمارَه فيما مَضَى، إلا أنَّ استمرار البابا في انتقاداته يَشي بأنَّ السحر بدأ ينقلب على الساحر، والزحْف الإسلامي على القارة الأوروبيَّة أنساه الحنكة والذكاء والتصرُّف مع الشدائد برَوِيَّة؛ حتى لا تتعاظَم الخسائر.
والبابا مثله مثل آلاف الكُتَّاب الذين يحاولون التخويف من خطر الإسلام، كما يصوِّر الكاتب الغربي "أنتوني بيرجس" في كتابه "المسلمون قادمون" الكنائس بعد أن خُلِعتْ منها الصُّلبان؛ ليوضعَ مكانها الهلال، والمذابح بعد أن تحوَّلتْ إلى قِبلة للصلاة، ويصوِّر الإبل وقد احتلَّتْ مكانها في رُكن الْخُطباء في حديقة "هايد بارك" الشهيرة وسط لندن.
وكما يقول أحد الكُتَّاب في صحيفة "الصن" البريطانية: "إنَّ الإسلامَ والإجرام اسمان لشيءٍ واحد، وإنه لو خُيِّرَ بين أن يكونَ مسلمًا أو أن يكون مُجرمًا، لاختار أن يكون مُجرمًا بدلاً من أن يكونَ مسلمًا".
فزعماء الغرب وكلُّ مُفَكِّريه وكلُّ ساسته يتكلَّمون جِهَارًا وعَلَنًا عن الإسلام الخطر، والإسلام الخوف، والإسلام الذي يتحفَّز للانقضاض على الحضارة وعلى أوروبا وعلى الولايات المتحدة، بل على العالَم كلِّه.
لكن هؤلاء ليس عندهم بديلٌ يقدمونه للإنسان الغربي، وكل التطورات التي تشهدُها الكرة الأرضية تُثبتُ يومًا بعد يوم أنَّ البديلَ ليس في اليهوديَّة ولا النصرانيَّة ولا غيرهما، وأنَّ كلَّ الطرق مُغْلَقة، ما عدا طريق الإسلام، ولو وَضَعوا على هذا الطريق كلَّ الإشارات الحمراء التي يُمسِك بمفاتيحها كلُّ شياطين الإنس والجن.
فالإنسان الغربي الذي صنَعَ الحضارة الماديَّة الضخمة التي يعيش فيها العالَم الآن - لا يستطيع عقلُه أن يقبلَ ما يأتي به القساوسة والرُّهْبان من أفعال تخالِف الفِطْرة السليمة، والعقل الذي صنَعَ تلك الحضارة المذْهِلة والفاتِنة .
ولذا خَاصَم الغربي الكنيسة ولَم يَعُدْ يذهب إليها، حتى إنَّ بعض المباني الكَنَسِيَّة بِيعتْ؛ لتتحولَ إلى بيوت للدعارة والشواذ جنسيًّا.
فالفطرة لها سلطان يَفرض إرادته على كلِّ كائن حيٍّ، حتى على الحيوانات؛ فالقطة حين تخطف شيئًا، فإنها تجري به وتَهرب؛ لأنها تعلم أنها سارقة، وحين تُطْعِمها بنفسك، فإنها تتمسَّح بك وتلعب؛ لأنها تعلم أنها لَم ترتكبْ جريمةً ما.
ولكن المشكلة أن صورة الإسلام مشوَّهة لدى الغربي؛ يقول المعلِّق السياسي الغربي "بيتر مانسفيلد" في كتابه "الإسلام والغرب": "في الأسبوع الأول لتدريسنا في مدرسة أرامكو، وجَّهْنا بعض الأسئلة إلى الدارسين في هذه المدرسة: ماذا تعرف عن النبي محمد؟ وماذا تعرف عن الإسلام؟ قال أحدُهم: إنَّ النبي محمد هو مؤلِّف "ألف ليلة وليلة"، وقال ثانٍ: إنَّ الإسلام لُعْبَة حظٍّ أشبه بلعبة "البريدج"، وقال ثالث: إنَّ الإسلام أنشأتْه عصابة "كوكلوكس كلان" - عصابة إجراميَّة تخصَّصتْ في اغتيال السود وغير المسيحيين - وقال رابع: إنَّ الإسلام أنشأتْه منظَّمة ماسونيَّة أمريكيَّة.
وهذه الأكاذيب والْخُرافات والافتراءات صناعة أوروبيَّة صاغتْها الكنيسة في صورة لاهوتيَّة؛ حتى يكتسبَ الكذب والتدليس والغِش صِفَة قَدَاسةٍ يُصبح الخروج عليها كُفْرًا وتجديفًا وهرطَقة.
والحق أنَّ ذلك كان مردودُه سلبيًّا على الإسلام في الماضي، ولكن بعد أنْ رأى العالَم كلَّه ما فعَلَه الغرب - باسم الحرب على الإرهاب - من مَجَازِر واحتلالٍ لدول، وقتْلٍ للملايين، وما ظَهَر من حجْم الكذبة الكبرى التي أسموها: "الحرب على الإرهاب"، وما عايَنَه الغربي مرارًا وتَكرارًا من كَذِب رجال الدِّين، وهو ما أدَّى إلى الانفضاض عنهم وعن كنائسهم، كلُّ ذلك جاء في صالح الدعوة إلى الإسلام.
فالبابا عندما يتَّهم الإسلام بالانتشار بالسيف، وأنه دينٌ مُزَيَّف، فهو دون أن يدري يزيد من إقبال أتْباعه على الإسلام.
فالإنسان بفِطْرته السليمة يَميل إلى عدم تصديق الكذوب في دعواه، وإلى تصديق المكذوب عليه، كما يَميل إلى حُسن الظنِّ بِمَن يتَّهمُ بالسرقة مِن قبلُ مَن عُرِف عنه أنه قاطعُ طريق .
وهكذا حال البابا والغرب هذه الأيام، إنهم يُحسنون مِن حيث أرادوا أن يُسيئوا، والسحر - الذي استخدموه طويلاً، وتخيَّلوا أنه أتى لهم بنتائجَ - قد انقلبَ عليهم، فذَمُّهم للإسلام بعد أن عرف الجميع كَذِبَهم وعايَنَه أكثر من مرَّة هو مدْحٌ له، كما أنَّ تنفيرَهم الناسَ من محمد - صلى الله عليه وسلم - ودينه يزيد من إقبالهم عليه .
فكل هؤلاء يخدمون الدعوة الإسلاميَّة في وقتٍ نامَ فيه أصحابُ الدعوة أو نُوِّمُوا، أليس الله بناصرٍ دينَه؟!
عبدالفتاح أنور البطة