المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ايقاع خرف لموال منسي..


مواطن فقط
2011-05-15, 17:10
مدخل: وطني..ما أكثر الساقطين من حضنك ... بلا ذنب .
على رصيف حاف ..ينسلخ جلد النهاية ..صباح صيفي أغبر يطبع وجه البسيطة...جثة تتوسّد فراغ كوخ منسي وتعلو نصف متر عن الأرض..العنق منكّسة على صدر جفّ نبضه ، يزيّن محيطها شريط أبيض برّاق ...حول الكوخ استباح الصراخ الفوضوي ..الفضاء الصباحي ...زوجة دامعة وأم نائحة..وعيون فضولية جمعها الصراخ والنحيب ..تتعرى الألوان في الوجوه وتتقلب على دهشة وذهول مشكّلة ..لوحة مشوّهة بلا تفاصيل لمنظر بانورامي ..صباحي باهت.

كان هو.. يسكن علو الفراغ في امتداد الجثة بلا حراك ..يطرد وجهه الشاحب المنطفئ ..آخر قطرة من الرحمة على النفس ..يطوي تلابيب الحكاية التي نبتت قشعريرة ..وأينعت معها المأساة ..فجيعة الأوراق المنثورة من العقل المثقل بحرقة الهرب والوجع والنكران

مبعثر الأيام كان..تسكنه أشباح سريالية ..تعكر مجاري الصورة في الذهن .. تنام العين على طوى الأرق وتصحو ملء الجفن على صور مسننة..ثقل الفراغ والضيق .. والصبار المزهر في تفاصيل المعاني ..تتعكر الألوان ..تضيق حلقات العين تزداد زاوية التقلص في الجبهة المرتعشة محاولة طرد الصورة المثبتة بعناد في الذهن.. العقار أجبن من أن يسكّن النبض في الإدراك المنفلت ...تلبسه الدهشة فيتسمر متأملا نقاطا متأرجحة في الأفق بلا معنى .. ويفشل دفء الزوجة في طرد برد الفجيعة المتقد والكوابيس المندسة في ليل طويل متمهل .. وتحت جنح الغيم المتراكمة في صور مرعبة ..تنزلق به في شعور خانق ..يتلمس عنقه ..يتزايد شهيقه غير منتظر زفيره ..فيخر غائبا عن المعنى ..والدنيا..والعقل.

شيئا فشيئا..يبدأ التشرد بصمت في مدن ذهنية ..بين زقاقات من زمن أغبر لا يعرف عنها شيئا ..تماما كما تشرد مجهولا ذات حرب ..في الجبال ..زمن البندقية والفتوى المسممة .. والنخوة الآنية تتعلق بامتداد البندقية لأنامله التواقة للقنص..

آه... كان يدا تحمل بندقية وعلما غامض الألوان .. كان جسدا يلبس البذلة الزرقاء الداكنة .. يطارد الظلام ويقف بأنفة على الثغور المتمردة محررا ..كان ينسى ..أن خلف الشهور التي تضيع في النخوة والمطاردة ..أما وعائلة ..وحبيبة تكاد تغدو زوجة..كان يعود ليختفي بين الثلوج والأوحال التي طبعت تضاريس مهملة من التاريخ والبذلة الزرقاء الداكنة ... حتى كان ..أن استراحت التضاريس من غبار الفوضى.

أفاق من خدر النخوة والمطاردة ..على زوايا الخوف والضيق ..اليد نكّست بلا بندقية ولاعلم.. يلفحه الفراغ الطنان..يطارد قوتا هاربا بلا سبيل ..وأفواها تلتصق بجيوبه المهجورة .. والأبواب الهاربة من التقاء العين بالعين .. والتسويف بغد يستريح فيه الجبين من التقلص بحنق مكبوت ..وقلق لاهث .... ولا من يسمع الشكوى .. شكوى النخوة المصادرة والمطاردة المهدورة والبذلة المنسية ..وأنه كان هناك الثغر والمرابط. ... الوطن ضفةآخرى ..لبحيرة ممتدة من التناسي والدمع والنكران.

وبدأت الفوضى تتسلل بشغف إلى مجاري الإدراك في عقله.. أرخى الشرود جدائله على عوالم مبهمة من الهذيان الغيبي المتوهج ..رعب الصمت والنفي داخل النفس ..متاهات متصاعدة على درب التيه .. لوعه ..حرقة النكران..الصدر الرافض المتعالي..والوطن ..ظلمة قعر لاتستقيم فيها المعاني والكلمات ..رسم خرف لقصائد العزة المنسية في خرقة زرقاء داكنة .. وتلك البندقية.. مايزال يتحسس بردها بين الأنامل المترددة..

واستحالت الصور الماضية في ذهنه أفلاما بشعة الإخراج..المشاهد تتكرر دون توقف .. ودون ترتيب ..تقلبه على جنبات الصراخ والعرق المتصبب .. تتعثر النظرات في لحظات قليلة من الإدراك بعيون مواساة ..ومن بقي من أصدقاء..قبل أن تعود للسفر الهارب في مدارات الفجيعة والهذيان... تتمرغ الذكريات والفقد في الوحل .. لتنبت مسننة في الذهن ..تمتص صحراءه الجائعة للهدوء والسكينة .. تثير نيران أهواله .. الجرح والأثر.. والحسرة حامض منثور بلا رحمة ولا توقف..

كان... قد تعب من الهرب المذعور في القلب .. والقلق اللاهث في النفس .. تزداد جرعات العقار .. ويغدو في منحدر الهاوية ..بلا ممهل..

يتأمل كوخه المنسي ..أمامه الليل قد تجاوز نصفه.. ولج الباب .. وفي لحظة استقام .. لحظة فاصلة دون وصية ....

........

أخيرا استراح الفراغ منه ... لازوايا خوف وضيق .. بعد هذا الصباح الصيفي الأغبر.

سفيان الحسن
2011-05-15, 17:27
السلام عليكم اختصرت قصة هم ودم واخ وعم وجار ودار وكوخ وفوخ وكل شئ في كلمات رائعة ونثر من حروف دهبية مرصعة بواقع اليم اخي بقية القصة غير واضحة وانا حقا وبصدق اتعلم منك كيف انثر حروف الوجع بشجاعة وصدق بارك الله فيك اخي وتسحق اكثر من وسام اخي للانك حقا مكسب لنا وللمنتدى بارك الله فيك حقا

مواطن فقط
2011-05-15, 17:36
سفيان ياصديقي ..

والله كلماتك شرف لي ..ووسام تتوسده الصدر ..

بقية القصة ..هي بناء تصوري يبدأ من النهاية ليعود للبداية وينتهي في ماقبل النهاية ..أي أن وجود جثة المنتحر التي تكون- كفعل- في الأخير لكن كصورة ..تبدأ الحكاية منها ...ودخول المنتحر للكوخ التي كانت كصورة أخيرة هو فعل سابق..

كان رجلا بصدق ..لايستحق تلك الخاتمة.

تقديري لك يا أخي

أريج الغار
2011-05-15, 17:40
أعذرني مجددا و إلى أجل غير مسمى
أني فهمت البداية و بعض المتفرقات و فقط
أنا أحس حقا بجهلي !!

سلامي لك / أريج

سلمى عبدالله
2011-05-15, 17:58
السلام عليكم ورحمة الله
الأستاذ هارون
لا أدري إن كان صاحب القصّة تابعا للحرس
في لحظة ما

شكرا لك

تحياتي واحترامي

مواطن فقط
2011-05-17, 16:59
أعذرني مجددا و إلى أجل غير مسمى
أني فهمت البداية و بعض المتفرقات و فقط
أنا أحس حقا بجهلي !!

سلامي لك / أريج

أريج

أختي ..ماعاش من يصفك بالجهل ..


سلامي وتقديري

مواطن فقط
2011-05-18, 16:49
السلام عليكم ورحمة الله
الأستاذ هارون
لا أدري إن كان صاحب القصّة تابعا للحرس
في لحظة ما

شكرا لك

تحياتي واحترامي



أختي سلمى ..

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..

نعم شخصية القصة المحورية كانت في الحرس ثم طردت من السلك



تقديري لمرورك الراقي