رضا الجزائري.
2011-05-11, 18:33
خرج مسلم في صحيحه:
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِىُّ أَنَّهُ كَانَ فِى الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِىٌّ -رضى الله عنه-:
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:
« يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِى يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَىْءٍ، وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَىْءٍ، وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَىْءٍ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ».
لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِىَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ -صلى الله عليه وسلم- لاَتَّكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ؛
وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ ،عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْىِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ؛
فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلاَءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِى ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛
وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ ؛فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِى سَرْحِ النَّاسِ ،فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ.
قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فَنَزَّلَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلاً حَتَّى قَالَ: مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِىُّ، فَقَالَ لَهُمْ:
أَلْقُوا الرِّمَاحَ، وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ.
فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَسَلُّوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ - قَالَ - وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ،وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ رَجُلاَنِ.
فَقَالَ عَلِىٌّ -رضى الله عنه-: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدجَ. فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ!
فَقَامَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ أَخِّرُوهُمْ؛ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِى الأَرْضَ، فَكَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ - قَالَ - فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِىُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَسَمِعْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟!
فَقَالَ: إِى وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ.
حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلاَثًا وَهُوَ يَحْلِفُ لَهُ.
وخرّج ابن أبي شيبة سنده قال:
حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس أنه ذكر عنده الخوارج، فذكر من عبادتهم واجتهادهم ؛
فقال : "ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يصلون".
وقال:
حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : ذكر الخوارج عند أبي هريرة فقال : (أولئك شر الخلق).
وبسنده عن ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل حدث عن علي في الخوارج:
...ذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله (ص) : (إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفين بالحق ، علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة) فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ، فقام علي فقال : أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فو الله ما عندي ما أجزيكم به ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم ، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم مكبون على وجوههم ، فقال علي ، اطلبوا الرجل فيهم ، قال : فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم ، فدمعت عين علي ، قال : فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض ، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه ،فقال علي : الله أكبر ، وفرح الناس ورجعوا ، وقال علي : لا أغزو العام ، ورجع إلى الكوفة وقتل ، واستخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى:
أخبرنا أبو بكر احمد بن الحسن القاضى أنبأ أبو جعفر بن دحيم ثنا أحمد بن حازم بن ابى غرزة أنبأ عبيدالله بن موسى عن سفيان الثوري عن محمد بن قيس عن رجل يقال له:
أبو موسى يعنى مالك بن الحارث قال:
كنت مع على فقال: اطلبوه يعنى المخدج ؛ فلم يجدوه ،فجعل يعرق جبينه ويقول:
والله ما كذبت ، ولا كذبت.
فاستخرجوه من ساقيه فسجد.
والله أعلم.
للشَّيخ أبي عمر أسامة بن عطايا العتيبي حفظه الله مقال بخصوص هذه المسألة تحت عنوان "الفرح بموت المبتدعة : كالزرقاوي من الإيمان، ومن علامات صدق الإيمان وحُسْنِهِ" جاء فيها ما يلي:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد:
فإن الفرح بموت أهل البدع والضلال والانحراف من علامات صدق الإيمان .. قال تعالى: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} فالمؤمن يفرح بنصر الله ولو قدره الله على يد عدوٍ كافرٍ أو مجرم فاجرٍ، أو وحشٍ كاسرٍ والواجب البراءة من أهل البدع والضلال ، مع وجود أصل المحبة لأجل ما عندهم من إسلام ونحن لما نفرح بموت طاغية أو مجرم ولو كان على يد كافر أو وحش كاسر لا يعني أننا نكفره، أو نتولى من يقتله!!
مثال: لما قتل كسرى وفرح المسلمون بقتله هل يعني ذلك أنهم يتولون من يقتله؟
كذلك لما فرحوا بنصر الروم على الفرس هل يدل الفرح على حب أحد الخصمين؟
الجواب : لا
فنحن لما نفرح بقتل مجرم لا يدل على حب وموالاة من قتله، ولا على البغض التام لمن مات إلا إن كان كافراً، أخرج البخاري ومسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُر عليه بجنازة ، فقال : " مستريح ومستراح منه " قالوا : يارسول الله ما المستريح والمستراح منه ؟ قال : " العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ".
وروى الخلال في كتابه السنة ( 5/121 ) : عن أبي بكر المروذي قيل لأبي عبدالله يعني الإمام أحمد : الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد، عليه اثم؟
قال: ومن لا يفرح بهذا؟
قيل له: إن ابن المبارك قال: الذي ينتقم من الحجاج؟ هو ينتقم للحجاج من الناس. قال أبو عبد الله: أي شيء يشبه هذا من الحجاج؟ هؤلاء أرادوا تبديل الدين .
ولما وجد علي رضي الله عنه المخدج الخارجي في القتلى سجد لله شكراً.
روى الخطيب في تاريخ بغداد عن بشر بن الحارث أنه قال: جاء موت هذا الذي يقال له المريسي وأنا في السوق. فلولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود. الحمد لله الذي أماته . هكذا قولوا.
وصح عن عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله أنه لما جاءه نعي عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وهو من كبار المرجئة قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه..
وكذلك لما مات وهب بن وهب القرشي الكذاب الدجال قال عبد الرحمن بن مهدي: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية ( 20 / 395) : [وقاتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه الخوارج ، وذكر فيهم سنة رسول الله المتضمنة لقتالهم ، وفرح بقتلهم ، وسجد لله شكراً لما رأى أباهم مقتولاً وهو ذو الثُّدَيَّة ].
وهناك آثار عديدة فيها فرح أهل السنة بموت رؤوس أهل البدع.
ونقل المناوي في فيض القدير(6/411) عند شرح الحديث الضعيف " لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" : [أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه وكفاية ضرره ] ولا شك أن الخوارج من أعداء أهل السنة وإن كانوا مسلمين على الراجح من قولي العلماء. فلما نفرح بقتل قطاع الطريق أو أحد مروجي المخدرات أو أهل العربدة والفجور فليس هذا من موالاة الأعداء ولا يلزم منه البراءة التامة من المسلم.
فالواجب على المسلم أن يكون متبعاً للكتاب والسنة ولا يتبع هواه.
فالمدعى بأن من فرح بقتل الزرقاوي لأنه قتل على يد كافر من الموالاة للكفار دعوى باطلة لا أساس لها من الصحة، ومبنية على تصور باطل.
والله أعلم، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد .
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِىُّ أَنَّهُ كَانَ فِى الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِىٌّ -رضى الله عنه-:
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:
« يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِى يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَىْءٍ، وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَىْءٍ، وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَىْءٍ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ».
لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِىَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ -صلى الله عليه وسلم- لاَتَّكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ؛
وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ ،عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْىِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ؛
فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلاَءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِى ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛
وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ ؛فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِى سَرْحِ النَّاسِ ،فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ.
قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فَنَزَّلَنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلاً حَتَّى قَالَ: مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِىُّ، فَقَالَ لَهُمْ:
أَلْقُوا الرِّمَاحَ، وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ.
فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَسَلُّوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ - قَالَ - وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ،وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ رَجُلاَنِ.
فَقَالَ عَلِىٌّ -رضى الله عنه-: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدجَ. فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ!
فَقَامَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه - بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ أَخِّرُوهُمْ؛ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِى الأَرْضَ، فَكَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ - قَالَ - فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِىُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَسَمِعْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟!
فَقَالَ: إِى وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ.
حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلاَثًا وَهُوَ يَحْلِفُ لَهُ.
وخرّج ابن أبي شيبة سنده قال:
حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس أنه ذكر عنده الخوارج، فذكر من عبادتهم واجتهادهم ؛
فقال : "ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يصلون".
وقال:
حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : ذكر الخوارج عند أبي هريرة فقال : (أولئك شر الخلق).
وبسنده عن ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل حدث عن علي في الخوارج:
...ذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله (ص) : (إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفين بالحق ، علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة) فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ، فقام علي فقال : أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فو الله ما عندي ما أجزيكم به ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم ، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم مكبون على وجوههم ، فقال علي ، اطلبوا الرجل فيهم ، قال : فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم ، فدمعت عين علي ، قال : فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض ، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه ،فقال علي : الله أكبر ، وفرح الناس ورجعوا ، وقال علي : لا أغزو العام ، ورجع إلى الكوفة وقتل ، واستخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى:
أخبرنا أبو بكر احمد بن الحسن القاضى أنبأ أبو جعفر بن دحيم ثنا أحمد بن حازم بن ابى غرزة أنبأ عبيدالله بن موسى عن سفيان الثوري عن محمد بن قيس عن رجل يقال له:
أبو موسى يعنى مالك بن الحارث قال:
كنت مع على فقال: اطلبوه يعنى المخدج ؛ فلم يجدوه ،فجعل يعرق جبينه ويقول:
والله ما كذبت ، ولا كذبت.
فاستخرجوه من ساقيه فسجد.
والله أعلم.
للشَّيخ أبي عمر أسامة بن عطايا العتيبي حفظه الله مقال بخصوص هذه المسألة تحت عنوان "الفرح بموت المبتدعة : كالزرقاوي من الإيمان، ومن علامات صدق الإيمان وحُسْنِهِ" جاء فيها ما يلي:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد:
فإن الفرح بموت أهل البدع والضلال والانحراف من علامات صدق الإيمان .. قال تعالى: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} فالمؤمن يفرح بنصر الله ولو قدره الله على يد عدوٍ كافرٍ أو مجرم فاجرٍ، أو وحشٍ كاسرٍ والواجب البراءة من أهل البدع والضلال ، مع وجود أصل المحبة لأجل ما عندهم من إسلام ونحن لما نفرح بموت طاغية أو مجرم ولو كان على يد كافر أو وحش كاسر لا يعني أننا نكفره، أو نتولى من يقتله!!
مثال: لما قتل كسرى وفرح المسلمون بقتله هل يعني ذلك أنهم يتولون من يقتله؟
كذلك لما فرحوا بنصر الروم على الفرس هل يدل الفرح على حب أحد الخصمين؟
الجواب : لا
فنحن لما نفرح بقتل مجرم لا يدل على حب وموالاة من قتله، ولا على البغض التام لمن مات إلا إن كان كافراً، أخرج البخاري ومسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُر عليه بجنازة ، فقال : " مستريح ومستراح منه " قالوا : يارسول الله ما المستريح والمستراح منه ؟ قال : " العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ".
وروى الخلال في كتابه السنة ( 5/121 ) : عن أبي بكر المروذي قيل لأبي عبدالله يعني الإمام أحمد : الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد، عليه اثم؟
قال: ومن لا يفرح بهذا؟
قيل له: إن ابن المبارك قال: الذي ينتقم من الحجاج؟ هو ينتقم للحجاج من الناس. قال أبو عبد الله: أي شيء يشبه هذا من الحجاج؟ هؤلاء أرادوا تبديل الدين .
ولما وجد علي رضي الله عنه المخدج الخارجي في القتلى سجد لله شكراً.
روى الخطيب في تاريخ بغداد عن بشر بن الحارث أنه قال: جاء موت هذا الذي يقال له المريسي وأنا في السوق. فلولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود. الحمد لله الذي أماته . هكذا قولوا.
وصح عن عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله أنه لما جاءه نعي عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وهو من كبار المرجئة قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه..
وكذلك لما مات وهب بن وهب القرشي الكذاب الدجال قال عبد الرحمن بن مهدي: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية ( 20 / 395) : [وقاتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه الخوارج ، وذكر فيهم سنة رسول الله المتضمنة لقتالهم ، وفرح بقتلهم ، وسجد لله شكراً لما رأى أباهم مقتولاً وهو ذو الثُّدَيَّة ].
وهناك آثار عديدة فيها فرح أهل السنة بموت رؤوس أهل البدع.
ونقل المناوي في فيض القدير(6/411) عند شرح الحديث الضعيف " لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" : [أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه وكفاية ضرره ] ولا شك أن الخوارج من أعداء أهل السنة وإن كانوا مسلمين على الراجح من قولي العلماء. فلما نفرح بقتل قطاع الطريق أو أحد مروجي المخدرات أو أهل العربدة والفجور فليس هذا من موالاة الأعداء ولا يلزم منه البراءة التامة من المسلم.
فالواجب على المسلم أن يكون متبعاً للكتاب والسنة ولا يتبع هواه.
فالمدعى بأن من فرح بقتل الزرقاوي لأنه قتل على يد كافر من الموالاة للكفار دعوى باطلة لا أساس لها من الصحة، ومبنية على تصور باطل.
والله أعلم، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد .