تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عش حياتك في يومك


ايمن جابر أحمد
2011-05-08, 21:06
من أخطاء الإنسان أن ينوء في حاضره بهموم مستقبله الطويل .

والشخص حين يؤمل ينطلق تفكيره في خط لا نهاية له , وما أسرع الوساوس و الأوهام إلى اعتراض هذا التفكير المرسل , ثم إلى تحويله هموماً جاثمة , وهواجس مقبضه .

لماذا تخامرك الريبة ويخالجك القلق ؟! عش في حدود يومك فذاك أجدر بك , وأصلح لك .

ولقد ساق (( ديل كارنيجي )) عدداً من التجارب التي خاضها رجال ناجحون , رجال لم يتعلقوا بالغد المرتقب , بل انغمسوا إلى الأذقان في حاضرهم وحده

يواجهون مطالبه ويعالجون مشكلاته , فأمنوا بهذا المسلك الراشد يومهم وغدهم جميعاً , ثم أهدوا لنا خلاصات تجاربهم في هذه الكلمات :

( ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتاً من بعد , وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بين ) .

وهي نصيحة للأديب الإنجليزي (( توماس كارليل )) .

ويزيد عليها دكتور (( أوسلر )) فيأمر طلبيه في الجامعة ((ييل))

أن يبدأوا يومهم بالدعاء المأثور عن السيد المسيح : (( خبرنا كفافنا أعطنا اليوم )) .

وذكرهم بأن هذا الدعاء كان من اجل خبز اليوم فحسب .

انه لم يحزن على الخبز الرديء الذي حصل عليه أمس ولم يصح : يا إلهي لقد عم الجفاف ونخشى الانجد القوت في الخريف القادم !!.

أو ترى كيف اطعم نفسي و أولادي لو فقدت وظيفتي .انه لم يرتبك مقدما لهذه الدواهي المتوقعة انه يطلب خبز اليوم وحدة لان خبز اليوم وحدة هو الذي يمكنك إن ثاكلة في ذلك اليوم …

والعيش في حدود اليوم وفق الوصيا يتسق مع قول الرسول صلى الله علية وسلم:

(( من أصبح أمنا في سربة , معافى في بدنه , عنده قوت يومه , فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))

انك تملك العالم كله يوم تجمع هذه العناصر كلها فاحذر أن تحقرها .

إن هذه النعم الميسرة ضمان كبير لصاحبها كي يقطع من الزمن فترة كاملة الإنتاج , مراحه من العوائق والمثبطات .

والحق أن استعجال الضوائق التي لم يحن موعدها حمق كبير , وغالباً ما يكون ذلك تجسيد لأوهام خلقها التشاؤم , ولو كان المرء مصيباً فيما يتوقع فإن

إفساد الحاضر بشؤون المستقبل خطأ في التصرف , والواجب أن يستفتح الإنسان يومه وكأنه عالم جديد .

وهناك من يستهين بما أولاه الله من سلامة وطمانينه في نفسه وأهله وقد يزدري هذه النعم العظيمة ويضخم أثار الحرمان من الثروة .وهذه الاستهانة غمط للواقع ومتلفة للدين والدنيا .

إن الاكتفاء الذاتي وحسن استعمال مافي اليد وترك الاتكال على المنى هي نوة العظمة النفسية وسر الانتصار على الظروف المتعنتة .

والذين لايشكون الحرمان لأنهم أوتوا الكثير قلما ينتفعون بما عندهم إذا هم فقدوا الطاقة النفسية على استغلال ما معهم والإفادة مما حولهم .

واسمع قول أبي حازم : (( إنما بيني وبين الملوك يوم واحد ,

أما أمس فلا يجدون لذته .

وأنا وهم من غداً على وجل .

وإنما هو اليوم فما عسى أن يكون اليوم )).

هذا الفقير الصالح يتحدى الملوك

إن لذائد الماضي تفنى مع أمس الذاهب وما يستطيع احد أمساك بعضها .

والغد في ضمير الغيب يستوي السادة والصعاليك في ترقبه .

فلم يبق إلا اليوم الذي يعيشه العقلاء في حدوده .

فما مكان التفاوت بين الملك والفقير المتصعلك .

والعيش في حدود اليوم لايعني تجاهل المستقبل فان اهتمام الشخص بالغد من علامة العقل السوي ولكن هناك فرق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به .

أتدري كيف يسرق عمر الشخص منه :

يذهل عن يوم في ترقب غده ولا يزال كذالك حتى ينقضي اجله و يديه صفر .

من أجمل ما عجبني ما كتبة (( ستيفن ليكوك )) يقول : ما أعجب الحياة !!

يقول الطفل : عندما أشب فأصبح غلاماً .

ويقول الغلام : عندما أترعرع فأصبح شاباً.

ويقول الشاب : عندما أتزوج . فإذا تزوج .

قال : عندما أصبح رجلاً متفرغاً .

فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمرة , فإذا هي تلوح وكان ريحاً باردة اكتسحتها اكتساحاً …

إننا نتعلم بعد فوات الأوان إن قيمة الحياة في الحياة نفسها , نحيا كل يوم منها وكل ساعة .>