المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلل في الثقافة المدرسية


محمد علي 12
2011-05-04, 17:07
الخلل في الثقافة المدرسية

يشتكي الآباء والأمهات والتربويون وغالبية فئات المجتمع من المستوى المتدني الذي وصل إليه التعليم العام لدينا، فالجميع يكاد يتفقون على أن المدرسة بوضعها الحالي ليست بيئة تعليمية وتربوية صحية يمكن أن تؤدي الدور المنوط بها، ولا يمكن لها أن تكون نواة لتأهيل أبنائنا وبناتنا تأهيلاً علمياً يجعلهم قادرين على المشاركة في العملية التنموية مشاركة إيجابية فاعلة.. وقد اختلف الناس في أسباب هذا الضعف، فبعضهم يلقي باللوم على المباني المدرسية وعدم ملاءمتها للعملية التعليمية وخلوها من المقومات الأساسية التي يمكن أن تدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام وترتقي بها، وهناك من يرى أن سبب تدهور التعليم يعود في المقام الأول إلى المعلم وسوء إعداده وتأهيله ووضعه المادي والمعنوي في المجتمع، وهناك فئة ثالثة تجزم بأن المناهج الدراسية هي السبب الرئيسي في كل ذلك وتدعو إلى سرعة تغيير المناهج وتطويرها.
ومع أن جميع العوامل السابقة لها إسهامات متباينة فيما وصلنا إليه من مستوى تعليمي هزيل، إلا أن العامل الرئيسي في نظري يكمن في الثقافة المدرسية السائدة في مجتمعنا، فرغم أهمية كل العوامل السابقة وتأثيرها المباشر في العملية التعليمية، فالتغيير المأمول الذي نطمح إليه لن يتحقق إلا بتغير الثقافة المدرسية المنتشرة بين جميع فئات المجتمع. وأقصد بالثقافة المدرسية نظرة المجتمع إلى المدرسة ووظيفتها الأساسية، وعلاقة المدرسة بالبيت، وأدوار المعلم والطالب داخل المدرسة، ونظرة الطالب وولي أمره نحو المعرفة وكيفية تحصيلها. إن الطالب ينظر للمدرسة على أنها سجن كُتب عليه أن يقضي فيه ست ساعات يومياً تمارس فيه جميع أنواع التهميش والتعنيف والإقصاء.. إن الحال لن ينصلح إلا إذا أصبح الطالب ينظر للمدرسة على أنها مكان لاكتشاف ذاته والتعرف على قدراته وتطويرها وتحقيق رغباته وسد حاجاته وممارسة هواياته وصقل مواهبه وتفهم مشكلاته والإسهام في علاجها. كما أن الوضع لن يتعدل إلا إذا كانت علاقة المعلم بالطلاب علاقة حميمة تبادلية قائمة على التكافؤ والمساواة والندية، ولن يتغير الحال إلا إذا تحول المعلم من دور الملقن الخبير الذي لا يناقش فيما يقول إلى دور المساعد والميسر وأن ينظر للطالب على أنه شريك في العملية التعليمية.

أما علاقة المدرسة بالبيت فهي علاقة متوترة يشوبها الشك والريبة وسوء الظن، وثقة الأسرة بالمعلم تكاد تكون معدومة ونظرة المعلم للأسرة غالباً ما تكون سلبية، وكلاهما يلقي باللائمة على الآخر في سبب ضعف التحصيل الدراسي عند الطلاب والطالبات.. إنني على ثقة كبيرة بأن العملية التعليمية برمتها لن تتطور إلا إذا تحسنت العلاقة بين البيت والمدرسة، وأصبحت علاقة صحية أساسها الثقة المتبادلة والتعاون والتكامل، وقيام كل فريق بوظيفته الأساسية على أكمل وجه.

والملاحظ أن وزارة التربية والتعليم قد بذلت في السنوات الأخيرة مجهودات متباينة لتحسين الأوضاع التعليمية في المسائل الثلاث التي أشرت إليها في بداية مقالي: المباني المدرسية والمعلم والمناهج، لكنها لم تعمل شيئاً حيال قضية الثقافة المدرسية، أو أن جهودها في هذا المجال ضعيفة لا تتناسب مع أهمية القضية.. إن صلاح المباني والمعلم والمناهج لن يحقق الفائدة والنتيجة المرجوة إذا بقيت الثقافة المدرسية لدينا على ما هي عليه.

إنني على وعي تام بأن تغيير هذه الثقافة المدرسية المتفشية لدينا ليس بالأمر الهين ولا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، بل ان تغيير هذه الثقافة المدرسية واستبدالها بثقافة جديدة تسهم في تطوير العملية التعليمية، وترسيخ مثل هذه الثقافة في الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات وأولياء الأمور يحتاج إلى خطط استراتيجية وطنية تشارك في وضعها عدة مؤسسات حكومية يأتي على رأسها وزارة التخطيط والاقتصاد ووزارة المالية ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ووزارة الإعلام والثقافة ووزارة الخدمة المدنية.. إن المجهودات الفردية والحلول المؤقتة أو المسكنات لن تحل المشكلة بل قد تتسبب في تعميقها، كما أن السياسات التعليمية قصيرة النفس التي تتوقف عند مواجهة أية عوائق والمعالجة الجزئية لن تفيد، بل نحن بحاجة إلى النظر إلى العملية نظرة شمولية، وأن ترصد الميزانيات والكوادر البشرية اللازمة التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق ما نصبو إليه

محمد علي 12
2011-05-07, 08:13
مادام هناك بن بوزيد فلن تنجح المنظومة