الفارس العربي
2008-09-07, 17:28
قصيدة البردة للبوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
01ــ أمِـنْ تذَكُّـرِ جيـرانٍ بـذي سلـمِ = مزجتَ دمعاً جرى من مقلـة ٍ بـدمِ
ــ أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقـاءِ كاظمـة = ٍوأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
ــ فما لعينيكَ إن قلـتَ اكففـا هَمَتـا = ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْـتَ اسْتَفِـقْ يَهِـمِ
ــ أَيَحْسَبُ الصَّـبُّ أنَّ الحُـبَّ مُنْكتِـمٌ = ما بَيْنَ مُنْسَجِـم منـهُ ومضطَـرِمِ
ــ لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَـلٍ = ولا أرقـتَ لذكـرِ البـانِ والــعَ ِ
ــ ولا أعارتك ثوبي عبرة وظنا = ذكرى الخيام وذكرى ساكني الخيم
ــ فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّـا بعـدَ مـا شَهِـدَتْ = بهِ عليـكَ عـدولُ الدَّمْـعِ والسَّقَـم
ــ وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْـرَة ٍ وضَنًـى = مِثْلَ البَهـارِ عَلَـى خَدَّيْـكَ والعَنَـمِ
ــ نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقنـي = والحُـبُّ يَعْتَـرِضُ اللَّـذاتِ بالأَلَـمِ
10ــ يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْـذِرَةً = منِّي إليكَ ولـو أنصفـتَ لـم تلُـمِ
ــ عَدَتْـكَ حالِـيَ لا سِـرِّي بمُسْتَتِـرٍ = عـن الوُشـاة ِ ولادائـي بمنحسـمِ
ــ مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُـهُ = إنَّ المُحِبَّ عَن العُـذَّالِ فـي صَمَـمِ
ــ إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ فـي عـذلٍ = والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَـنِ التُّهَـم
ــ فـإنَّ أمَّارَتـي بالسـوءِ مااتعظـتْ = من جهلها بنذيـرِ الشيـبِ والهـرمِ
ــ ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيـلِ قِـرَى = ضيفٍ المَّ برأسـي غيـر محتشـمِ
ــ لو كنـتُ أَعْلَـمُ أنِّـي مـا أوَقِّـرُهُ = كتمتُ سِراً بـدا لـي منـهُ بالكتـمِ
ــ من لي بِـرَدِّ جمـاٍ مـن غوايتهـا = كمـا يُـرَدُّ جمـاحُ الخيـلِ باللجـمِ
ــ فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْـرَ شَهْوَتِهـا = إنَّ الطعـامَ يُقَـوِّي شهـوة َ النهـمِ
ــ والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على = حُبِّ الرَّضـاعِ وإنْ تَفْطِمْـهُ يَنْفَطِـم
20ــ فاصرفْ هواها وحـاذرْ أنْ تُوَلِّيَـهُ = إنَّ الهوى ما تولَّى يُصـمِ أوْ يَصـمِ
ــ وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمـة = ٌوإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِـم
ــ كَمْ حَسَّنَـتْ لَـذَّة ٍ لِلْمَـرءِ قاتِلَـة = ًمن حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ
ــ وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع = فَرُبَّ مَخْمَصَـة ٍ شَـرٌّ مِـنَ التُّخَـمِ
ــ واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ = مِنَ المَحارِمِ وَالْـزَمْ حِمْيَـة َ النَّـدَمِ
ــ وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما = وإنْ هُما مَحَّضـاكَ النُّصـحَ فاتهـم
ــ وَلا تُطِعْ منهما خَصْمـاً وَلا حَكمَـاً = فأنْتَ تَعْرِفُ كيْـدَ الخَصْـمِ والحَكـمِ
ــ أسْتَغْفِرُ الله مِـنْ قَـوْلٍ بِـلاَ عَمَـلٍ = لقد نسبتُ بـه نسـلاً لـذي عقـمِ
ــ أمرتكَ الخيرَ لكـنْ ماائتمـرتُ بـهِ = وما استقمتُ فماقولي لـك استقـمِ
ــ ولا تَـزَوَّدْتُ قبـلَ المَـوْتِ نافِلـة ً = ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَـمْ أَصُـمِ
30ــ ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظـلامَ إلـى = أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّـرَّ مِـنْ وَرَم
ــ وشدَّ مِنْ سَغَـبٍ أحشـاءهُ وَطَـوَى = تحتَ الحجارة ِ كشحـاً متـرفَ الأدمِ
ــ وراودتهُ الجبالُ الُشُّـمُّ مـن ذهـبٍ = عـن نفسـهِ فأراهـا أيمـا شمـمِ
ــ وأكَّـدَتْ زُهْـدَهُ فيهـا ضـرورتـهُ = إنَّ الضرورة َ لاتعدو علـى العصـمِ
ــ وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ = لولاهُ لم تخرجِ الدنيـا مـن العـدمِ
ــ محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْــنِ وال = فريقينِ مـن عُـربٍ ومـن عجـمِ
ــ نبينَّـا الآمـرُ الناهـي فـلا أحـدٌ = أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْـهُ وَلا «نَعَـمِ»
ــ هُوَ الحَبيبُ الـذي تُرْجَـى شَفاعَتُـهُ = لكل هـول مـن الاهـوال مقتحـم
ــ دعا إلـى اللهِ فالمستمسكـونَ بـهِ = مستمسكونَ بحبـلٍ غيـرِ منفصـمِ
ــ فاقَ النبيينَ في خلْـقٍ وفـي خُلُـقٍ = ولـمْ يدانـوهُ فـي علـمٍ ولا كَـرَمِ
40ــ وكلهـمْ مـن رسـول اللهِ ملتمـسٌ = غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَـمِ
ــ وواقفـونَ لديـهِ عـنـدَ حَـدِّهـمِ = من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
ــ فهْوَ الـذي تَـمَّ معنـاهُ وصُورَتُـه = ثمَّ اصطفاهُ حبيبـاً بـارىء ُ النَّسـمِ
ــ مُنَّزَّهٌ عـن شريـكٍ فـي محاسنـهِ = فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيـهِ غيـرُ مُنْقَسِـمَ
ــ دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى فـي نَبيِّهِـمِ = وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِـمِ
ــ وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ = وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَـمِ
ــ فإن فضـلَ رسـولِ اللهِ ليـسَ لـهُ = حَـدٌّ فيُعْـرِبَ عنـه ناطِـقٌ بـفَـمِ
ــ لـو ناسبـتْ قـدرهُ آياتـهُ عظمـاً = أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّمـمِ
ــ لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمـل العُقـولُ بِـهِ = حِرْصاً علينا فلمْ نرتـب ولَـمْ نَهَـمِ
ــ أعيا الورى فهمُ معناهُ فليس يُـرى = في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غيـر منفحِـمِ
50ــ كالشمسِ تظهرُ للعينيـنِ مـن بُعُـدٍ = صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّـرْفَ مِـنْ أمـمٍ
ــ وكيفَ يُـدْرِكُ فـي الدُّنْيَـا حَقِيقَتَـهُ = قـومٌ نيـامٌ تسلَّـوا عنـهُ بالحُلُـمِ
ــ فمبلـغُ العلـمِ فيـهِ أنـهُ بـشـرٌ = وأنـهُ خيـرُ خـلـقِ اللهِ كلـهـمِ
ــ وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْـلُ الكِـرامُ بهـا = فإنمـا اتَّصلـتْ مـن نـورهِ بهـمِ
ــ فإنهُ شمـسٌ فضـلٍ هـمْ كواكبهـا = يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ فـي الظُلَـم
ــ حتى إذا طلعت في الأفق عم هدا = ها العالمين وأحيت سائر الأمم
ــ أكـرمْ بخلـقِ نبـيٍّ زانـهُ خُلُـقٌ = بالحُسْنِ مُشْتَمِـلٍ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ
ــ كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَـرَفٍ = والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ فـي هِمَـمِ
ــ كأنـهُ وهـو فـردٌ مـن جلالتـهِ = في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفـي حَشَـمِ
ــ كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنـونُ فـي صَـدَفِ = من معدني منطـقٍ منـهُ ومبتسـمِ
60ــ تعيا العقول كلالا عند رؤيته = كأنما نظرت للشمس من أمم
ــ لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْبـاً ضَـمَّ أَعْظُمَـهُ = طُوبَـى لِمُنْتَشِـقٍ منـهُ ومُلْتَـئِـم
ــ أبان مولـدهُ عـن طيـبِ عُنصـرهِ = يـا طِيـبَ مُبْتَـدَإٍ منـه ومُخْتَـتَـمِ
ــ يومٌ تفـرَّسَ فيـهِ الفـرسُ أنهـم = ُقد أنذروا بحلـولِ البـؤسِ والنقـمِ
ــ وباتَ إيوانُ كسرى وهـو منصـدعٌ = كشملِ أصحابِ كسرى غيـرَ ملتئـمِ
ــ والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِـنْ أَسَـفٍ = عليه والنَّهرُ ساهي العين من سـدمِ
ــ وساء سلوة َ أن غاضـتْ بحيرتهـا = ورُدَّ واردها بالغيـظِ حيـن ظمـى َ
ــ كأنَّ بالنارِ مابالماء من بلـلٍ حُزْنـاً = وبالمـاءِ مـا بالنَّـارِ مـن ضـرمِ
ــ والجنُّ تهتـفُ والأنـوار ساطعـة = ٌوالحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِـم
ــ عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائـرِ لـمْ = تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْـذارِ لَـمْ تُشَـم
70ــ مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَـرَ الأقْـوامَ كاهِنُهُـمْ = بـأَنَّ دينَهُـمُ المُعْـوَجَّ لَـمْ يَـقُـمِ
ــ وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُـبٍ = منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
ــ حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهـزمٌ = من الشياطينِ يقفـو إثـرَ منهـزمِ
ــ كأَنُهُـمْ هَرَبـاً أبـطـالُ أَبْـرَهَـة ٍ = أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
ــ نَبْـذاً بـهِ بَعْـدَ تَسْبِيـحِ بِبَطْنِهمـا = نَبْذَ المُسَبِّـحِ مِـنْ أحشـاءِ مُلْتَقِـمِ
ــ جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجـارُ ساجِـدَة = ًتَمْشِي إليهِ عَلَى سـاقٍ بِـلا قَـدَمِ
ــ كأنَّما سَطَـرَتْ سَطْـراً لِمَـا كَتَبَـتْ = فروعها من بديعِ الخطِّ فـي اللقـمِ
ــ مثلَ الغمامة ِ أنـى َسـارَ سائـرة = ٌتقيهِ حـرَّ وطيـسٍ للهجيـرِ حمـي
ــ أقسمـتُ بالقمـرِ المنشـقِّ إنَّ لـهُ = مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَـة ً مَبْـرُورَة َ القَسَـمِ
ــ ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَـرَم = وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنـه عمـي
80ــ فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما = وَهُمْ يقولونَ مـا بالغـارِ مِـنْ أَرمِ
ــ ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُـوتَ علـى = خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُـجْ ولـمْ تَحُـم
ــ وقاية ُ اللهِ أغنتْ عـن مضاعفـة ٍ = من الدروعِ وعن عالٍ مـن الأطـمِ
ــ ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ = إلاَّ ونلتُ جـواراً منـهُ لـم يضـمِ
ــ ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِـنْ يَـدِهِ = إلاَّ استلمتُ الندى من خيـرِ مُستلـمِ
ــ لا تنكرُ الوحيَ مـن رؤيـاهُ إنَّ لـهُ = قَلْبـاً إذا نامَـتِ العَيْنـانِ لَـمْ يَنـمِ
ــ فذاكَ حيـنَ بُلـوغٍ مِـنْ نُبُـوَّتِـهِ = فليـسَ يُنْكَـرُ فيـهِ حـالُ مُحْتَلِـمِ
ــ تَبَـارَكَ الله مـا وحْـيٌ بمُكْتَسَـبٍ = وَلا نَبِـيٌّ عَلَـى غَـيْـبٍ بِمُتَّـهَـمِ
ــ كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبـا باللَّمْـسِ راحَتـهُ = وأَطْلَقَتْ أرِبـاً مِـنْ رِبْقَـة ِ اللَّمَـمِ
ــ وأحْيَتِ السنَـة َ الشَّهْبَـاءَ دَعْوَتُـهُ = حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُـمِ
90ــ بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطـاحَ بهـا = سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ مـن العـرمِ
ــ لما شكت وقعه البطحاء قال له = على الربى والهضاب انهل وانسجم
ــ فأدت الأرض من رزق أمانتها = بإذن خالقها للناس والنعم
ــ وألبست حللا من سندس ولوت = عمائما برؤوس الهصب والأكم
ــ فالنخل باسقة تجلو قلائدها = مثل البهار على الأبصار والعنم
ــ وفارق الناس داء القحط وانبعثت = إلى المكارم نفس النكس والبرم
ــ إذا تتبعت آيات النبي فقد = ألحقت منفحما منها بمنفحم
ــ قل للمحاول شأوا في مدائحه = هي المواهب لم أشدد لها زيم
ــ ولا تقل لي بماذا نلت جيدها = فما يقال لفضل الله ذا بكم؟؟
ــ لولا العناية كان الأمر فيه على = حد السواء فذي نطق كذي بكم
100ــ دعني ووصفي آيـاتٍ لـه ظهـرتْ = ظهورَ نارِ القرى ليـلاً علـى علـمِ
ــ فالدرُّ يـزدادُ حُسنـاً وهـو منتظـمٌ = وليسَ ينقصُ قـدراً غيـر منتظـمِ
ــ فمـا تَطـاوَلُ آمـالُ المَدِيـحِ إلـى = ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْـلاَقِ والشِّيَـمِ
ــ آياتُ حقٍّ مـن الرحمـنِ محدثـة = ٌقَدِيمَة ٌ صِفَـة ُ المَوْصـوفِ بالقِـدَم
ــ لم تقتـرنْ بزمـانٍ وهـي تخبرنـا = عَن المعادِ وعَـنْ عـادٍ وعَـنْ إرَمِ
ــ دامَتْ لَدَيْنـا فَفاقَـتْ كـلَّ مُعْجِـزَة = ٍمِنَ النَّبِيِّيـنَ إذْ جـاءتْ ولَـمْ تَـدُمِ
ــ مُحَكَّماتٌ فمـا تبقيـنَ مـن شبـهٍ = لذي شقاقٍ وما تبغيـنَ مـن حكـمِ
ــ ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَـرَبٍ أَ = عْدَى الأعادي إليهـا مُلقِـيَ السَّلَـمِ
ــ رَدَّتْ بلاغَتُهـا دَعْـوى مُعارِضِهـا = ردَّ الغيور يدَ الجانـي عـن الحُـرمِ
ــ لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْـر فـي مَـدَدٍ = وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْـنِ والقِيَـمِ
110ــ فمـا تُعَـدُّ وَلا تُحْصَـى عَجَائبُهـا = ولا تُسـامُ عَلَـى الإكثـارِ بالسَّـأَمِ
ــ قرَّتْ بها عينُ قاريهـا فقلـت لـه = لقـد ظفِـرتَ بِحَبْـلِ الله فاعْتَصِـمِ
ــ إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نـارِ لَظَـى = أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّجـمِ
ــ كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجـوه بـه = مِنَ العُصاة ِ وقد جـاءُوهُ كَالحُمَـمِ
ــ وَكالصِّـراطِ وكالمِيـزانِ مَعـدِلَـة = ًفالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
ــ لا تعْجَبَـنْ لِحَسُـودٍ راحَ يُنكِـرُهـا = تَجاهُلاً وهْوَ عَيـنُ الحـاذِقِ الفَهِـمِ
ــ قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ = ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ المـاء مـنْ سَقَـم
ــ يا خيرَ منَ يَمَّـمَ العافُـونَ ساحَتَـهُ = سَعْيـاً وفَـوْقَ الأَيْـنُـقِ الـرُّسُـمِ
ــ وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْـرَى لِمُعْتَبِـرٍ وَ = مَنْ هُوَ النِّعْمَـة ُ العُظْمَـى لِمُغْتَنِـمِ
ــ سريتَ من حـرمٍ ليـلاً إلـى حـرمِ = كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلـمِ
120ــ وَبِتَّ تَرْقَى إلَـى أنْ نِلْـتَ مَنْزِلَـة = ًمن قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم تـرمِ
ــ وقدَّمتـكَ جميـعُ الأنبيـاءِ بـهـا = والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْـدُومٍ عَلَـى خَـدَم
ــ وأنتَ تخترق السبـعَ الطِّبـاقَ بهـمْ = في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِـبَ العَلَـمِ
ــ حتى إذا لَمْ تَـدَعْ شَـأْواً لمُسْتَبِـقٍ = مـن الدنـوِّ ولا مرقـيً لمستـنـمِ
ــ خفضـتَ كـلَّ مقـامٍ بالإضافـة إذ = نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْـلَ المُفْـرَدِ العَلَـم
ــ كيمـا تفـوزَ بوصـلٍ أيِّ مستتـرٍ = عـن العيـونِ وسـرٍّ أيِ مُكتـتـمِ
ــ فَحُزْتَ كـلَّ فَخَـارٍ غيـرَ مُشْتَـرَكٍ = وجُزْتَ كـلَّ مَقـامٍ غيـرَ مُزْدَحَـمِ
ــ وَجَلَّ مِقْدارُ مـا وُلِّيـتَ مِـنْ رُتَـبٍ = وعزَّ إدْراكُ مـا أُولِيـتَ مِـنْ نِعَـمِ
ــ بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسـلامِ إنَّ لنـا = مـن العنايـة ِ رُكنـاً غيرَمنهـدمِ
ــ لمَّـادعـا الله داعيـنـا لطاعـتـهِ = بأكرمِ الرُّسـلِ كنَّـا أكـرمَ الأمـمِ
130ــ راعتْ قلـوبَ العـدا أنبـاءُ بعثتـهِ = كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَـتْ غَفْـلاً مِـنَ الغَنَـمِ
ــ ما زالَ يلقاهـمُ فـي كـلِّ معتـركٍ = حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً علـى وضَـم
ــ ودوا الفرار فكـادوا يغبطـونَ بـهِ = أشلاءَ شالتْ مع العقبـانِ والرَّخـمِ
ــ تمضي الليالي ولا يـدرونَ عدتهـا = ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُـرُمِ
ــ كأنَّما الدِّينُ ضَيْـفٌ حَـلَّ سَاحَتَهُـمْ = بِكلِّ قَـرْمٍ إلَـى لحْـمِ العِـدا قَـرِم
ــ يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيـسٍ فـوقَ سابِحَـة = ٍيرمي بموجٍ مـن الأبطـالِ ملتطـمِ
ــ مـن كـلِّ منتـدبٍ لله محتـسـبٍ = يَسْطو بِمُسْتَأْصِـلٍ لِلْكُفْـرِ مُصطَلِـم
ــ حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِـمْ = مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَـة َ الرَّحِـم
ــ مكفولـة ً أبـداً منهـم بخـيـرٍ أبٍ = وخير بعـلٍ فلـم تيتـم ولـم تئـمِ
ــ هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهـمْ مُصادِمَهُـمْ = ماذا رأى مِنْهُمُ فـي كـلِّ مُصطَـدَم
140ــ وسل حُنيناً وسل بدراً وسـلْ أُحُـداً = فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِـنَ الوَخَـم
ــ المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت = من العدا كـلَّ مُسْـوَّدٍ مـن اللمـمِ
ــ وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَـطِّ مَـا تَرَكَـتْ = أقلامهـمْ حرفَجسـمٍ غبـرَ منعجـمِ
ــ شاكي السِّلاحِ لهم سيمـى تميزهـمْ = والوردُ يمتازُ بالسيمى عـن السلـمِ
ــ تُهدى إليكَ ريـاحُ النصـرِ نشرهـمُ = فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمـي
ــ كأنهمْ في ظهورِ الخيـلِ نبـتُ رُبـاً = مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُـزُم
ــ طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقـاً = فما تُفَرِّقُ بيـن البهمـش والبُهـمِ
ــ ومن تكـنْ برسـول الله ونصرتُـه = إن تلقهُ الأُسدُ فـي آجامهـا تجـمِ
ــ ولن ترى من ولـيٍّ غيـر منتصـرِ = بهِ ولا مِـنْ عَـدُوّ غَيْـرَ مُنْعَجِـمِ
ــ أحـلَّ أمَّتَـهُ فـي حــرزِ ملَّـتـهِ = كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبـال فـي أجَـم
150ــ كمْ جدَّلَـتْ كلمـاتُ اللهِ مـن جـدلٍ = فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِـنْ خَصِـمِ
ــ كفاكَ بالعِلْمِ فـي الأُمِـيِّ مُعْجِـزَة = ًفي الجاهلية ِ والتأديـبِ فـي اليتـمِ
ــ خَدَمْتُـهُ بِمَديـحٍ أسْتَقِـيـلُ بِــهِ = ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
ــ إذ قلدانـي مـا تُخشـى عواقـبـهُ = كَأنَّنـي بهمـا هَـدْيٌ مِـنَ النَّعَـم
ــ أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَـا = حصلـتُ إلاَّ علـى الآثـامِ والنـدمِ
ــ فياخسـارة َ نفـسٍ فـي تجارتهـا = لم تشترِ الدِّينَ بالدنيـا ولـم تَسُـمِ
ــ وَمَـنْ يَبِـعْ آجِـلاً منـهُ بِعاجِلِـهِ = يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْـعِ وَفـي سَلَـمِ
ــ إنْ آتِ ذَنْباً فمـا عَهْـدِي بِمُنْتَقِـضٍ = مِـنَ النبـيِّ وَلا حَبْلِـي بِمُنْصَـرِمِ
ــ فـإنَّ لـي ذمـة ً منـهُ بتسميتـي = مُحمـداً وَهُـوَ الخَلْيـقِ بالـذِّمَـمِ
ــ إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِـذاً بِيَـدِي = فضـلاً وإلا فقـلْ يازَلَّـة َ الـقـدمِ
160ــ حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجـي مكارمـهُ = أو يرجعَ الجارُ منهُ غيـرَ محتـرمِ
ــ ومنـذُ ألزمـتُ أفكـاري مدائحـهُ = وَجَدْتُـهُ لِخَلاصِـي خيـرَ مُلْـتَـزِم
ــ وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْـهُ يـداً تَرِبَـتْ = إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهـارَ فـي الأكَـمِ
ــ وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَـتْ = يدا زُهيرٍ بمـا أثنـى علـى هـرمِ
ــ يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُـوذُ بـه = سِوَاكَ عندَ حلـولِ الحـادِثِ العَمِـمِ
ــ وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُـكَ بـي = إذا الكريـمُ تَحَلَّـى باسْـمِ مُنْتَـقِـمِ
ــ فإنَّ من جُـودِكَ الدنيـا وَ ضَرَّتهـا = ومن علومكَ علـمَ اللـوحِ والقلـمِ
ــ يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَـتْ = إنَّ الكَبائـرَ فـي الغُفـرانِ كاللَّمَـمِ
ــ لعلَّ رحمة َ ربـي حيـن يقسمهـا = تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ــ ياربِّ واجعل رجائي غيـر منعكـسٍ = لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيـرَ مُنْخَـزِمِ
170ــ والطفْ بعبدكَ في الداريـنِ إنَّ لـهُ = صبراً متى تدعـهُ الأهـوالُ ينهـزمِ
ــ وأذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منـكَ دائمـة = ٍعلـى النبـيِّ بمنهـلٍّ ومنسـجـمِ
ــ ما رنحَتْ عَتباتِ الباب ريـحُ صَبـاً = وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَـمِ
ــ ثم الرضى عن أبي بكر وعن عمر = وعن علي وعن عثمان ذا الكرم
ــ والآل والصحب ثم التابعين فهم = أهل التقى والنقا والحلم والكرم
01ــ أمِـنْ تذَكُّـرِ جيـرانٍ بـذي سلـمِ = مزجتَ دمعاً جرى من مقلـة ٍ بـدمِ
ــ أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقـاءِ كاظمـة = ٍوأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
ــ فما لعينيكَ إن قلـتَ اكففـا هَمَتـا = ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْـتَ اسْتَفِـقْ يَهِـمِ
ــ أَيَحْسَبُ الصَّـبُّ أنَّ الحُـبَّ مُنْكتِـمٌ = ما بَيْنَ مُنْسَجِـم منـهُ ومضطَـرِمِ
ــ لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَـلٍ = ولا أرقـتَ لذكـرِ البـانِ والــعَ ِ
ــ ولا أعارتك ثوبي عبرة وظنا = ذكرى الخيام وذكرى ساكني الخيم
ــ فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّـا بعـدَ مـا شَهِـدَتْ = بهِ عليـكَ عـدولُ الدَّمْـعِ والسَّقَـم
ــ وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْـرَة ٍ وضَنًـى = مِثْلَ البَهـارِ عَلَـى خَدَّيْـكَ والعَنَـمِ
ــ نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقنـي = والحُـبُّ يَعْتَـرِضُ اللَّـذاتِ بالأَلَـمِ
10ــ يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْـذِرَةً = منِّي إليكَ ولـو أنصفـتَ لـم تلُـمِ
ــ عَدَتْـكَ حالِـيَ لا سِـرِّي بمُسْتَتِـرٍ = عـن الوُشـاة ِ ولادائـي بمنحسـمِ
ــ مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُـهُ = إنَّ المُحِبَّ عَن العُـذَّالِ فـي صَمَـمِ
ــ إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ فـي عـذلٍ = والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَـنِ التُّهَـم
ــ فـإنَّ أمَّارَتـي بالسـوءِ مااتعظـتْ = من جهلها بنذيـرِ الشيـبِ والهـرمِ
ــ ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيـلِ قِـرَى = ضيفٍ المَّ برأسـي غيـر محتشـمِ
ــ لو كنـتُ أَعْلَـمُ أنِّـي مـا أوَقِّـرُهُ = كتمتُ سِراً بـدا لـي منـهُ بالكتـمِ
ــ من لي بِـرَدِّ جمـاٍ مـن غوايتهـا = كمـا يُـرَدُّ جمـاحُ الخيـلِ باللجـمِ
ــ فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْـرَ شَهْوَتِهـا = إنَّ الطعـامَ يُقَـوِّي شهـوة َ النهـمِ
ــ والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على = حُبِّ الرَّضـاعِ وإنْ تَفْطِمْـهُ يَنْفَطِـم
20ــ فاصرفْ هواها وحـاذرْ أنْ تُوَلِّيَـهُ = إنَّ الهوى ما تولَّى يُصـمِ أوْ يَصـمِ
ــ وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمـة = ٌوإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِـم
ــ كَمْ حَسَّنَـتْ لَـذَّة ٍ لِلْمَـرءِ قاتِلَـة = ًمن حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ
ــ وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع = فَرُبَّ مَخْمَصَـة ٍ شَـرٌّ مِـنَ التُّخَـمِ
ــ واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ = مِنَ المَحارِمِ وَالْـزَمْ حِمْيَـة َ النَّـدَمِ
ــ وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما = وإنْ هُما مَحَّضـاكَ النُّصـحَ فاتهـم
ــ وَلا تُطِعْ منهما خَصْمـاً وَلا حَكمَـاً = فأنْتَ تَعْرِفُ كيْـدَ الخَصْـمِ والحَكـمِ
ــ أسْتَغْفِرُ الله مِـنْ قَـوْلٍ بِـلاَ عَمَـلٍ = لقد نسبتُ بـه نسـلاً لـذي عقـمِ
ــ أمرتكَ الخيرَ لكـنْ ماائتمـرتُ بـهِ = وما استقمتُ فماقولي لـك استقـمِ
ــ ولا تَـزَوَّدْتُ قبـلَ المَـوْتِ نافِلـة ً = ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَـمْ أَصُـمِ
30ــ ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظـلامَ إلـى = أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّـرَّ مِـنْ وَرَم
ــ وشدَّ مِنْ سَغَـبٍ أحشـاءهُ وَطَـوَى = تحتَ الحجارة ِ كشحـاً متـرفَ الأدمِ
ــ وراودتهُ الجبالُ الُشُّـمُّ مـن ذهـبٍ = عـن نفسـهِ فأراهـا أيمـا شمـمِ
ــ وأكَّـدَتْ زُهْـدَهُ فيهـا ضـرورتـهُ = إنَّ الضرورة َ لاتعدو علـى العصـمِ
ــ وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ = لولاهُ لم تخرجِ الدنيـا مـن العـدمِ
ــ محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْــنِ وال = فريقينِ مـن عُـربٍ ومـن عجـمِ
ــ نبينَّـا الآمـرُ الناهـي فـلا أحـدٌ = أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْـهُ وَلا «نَعَـمِ»
ــ هُوَ الحَبيبُ الـذي تُرْجَـى شَفاعَتُـهُ = لكل هـول مـن الاهـوال مقتحـم
ــ دعا إلـى اللهِ فالمستمسكـونَ بـهِ = مستمسكونَ بحبـلٍ غيـرِ منفصـمِ
ــ فاقَ النبيينَ في خلْـقٍ وفـي خُلُـقٍ = ولـمْ يدانـوهُ فـي علـمٍ ولا كَـرَمِ
40ــ وكلهـمْ مـن رسـول اللهِ ملتمـسٌ = غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَـمِ
ــ وواقفـونَ لديـهِ عـنـدَ حَـدِّهـمِ = من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
ــ فهْوَ الـذي تَـمَّ معنـاهُ وصُورَتُـه = ثمَّ اصطفاهُ حبيبـاً بـارىء ُ النَّسـمِ
ــ مُنَّزَّهٌ عـن شريـكٍ فـي محاسنـهِ = فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيـهِ غيـرُ مُنْقَسِـمَ
ــ دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى فـي نَبيِّهِـمِ = وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِـمِ
ــ وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ = وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَـمِ
ــ فإن فضـلَ رسـولِ اللهِ ليـسَ لـهُ = حَـدٌّ فيُعْـرِبَ عنـه ناطِـقٌ بـفَـمِ
ــ لـو ناسبـتْ قـدرهُ آياتـهُ عظمـاً = أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّمـمِ
ــ لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمـل العُقـولُ بِـهِ = حِرْصاً علينا فلمْ نرتـب ولَـمْ نَهَـمِ
ــ أعيا الورى فهمُ معناهُ فليس يُـرى = في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غيـر منفحِـمِ
50ــ كالشمسِ تظهرُ للعينيـنِ مـن بُعُـدٍ = صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّـرْفَ مِـنْ أمـمٍ
ــ وكيفَ يُـدْرِكُ فـي الدُّنْيَـا حَقِيقَتَـهُ = قـومٌ نيـامٌ تسلَّـوا عنـهُ بالحُلُـمِ
ــ فمبلـغُ العلـمِ فيـهِ أنـهُ بـشـرٌ = وأنـهُ خيـرُ خـلـقِ اللهِ كلـهـمِ
ــ وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْـلُ الكِـرامُ بهـا = فإنمـا اتَّصلـتْ مـن نـورهِ بهـمِ
ــ فإنهُ شمـسٌ فضـلٍ هـمْ كواكبهـا = يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ فـي الظُلَـم
ــ حتى إذا طلعت في الأفق عم هدا = ها العالمين وأحيت سائر الأمم
ــ أكـرمْ بخلـقِ نبـيٍّ زانـهُ خُلُـقٌ = بالحُسْنِ مُشْتَمِـلٍ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ
ــ كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَـرَفٍ = والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ فـي هِمَـمِ
ــ كأنـهُ وهـو فـردٌ مـن جلالتـهِ = في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفـي حَشَـمِ
ــ كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنـونُ فـي صَـدَفِ = من معدني منطـقٍ منـهُ ومبتسـمِ
60ــ تعيا العقول كلالا عند رؤيته = كأنما نظرت للشمس من أمم
ــ لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْبـاً ضَـمَّ أَعْظُمَـهُ = طُوبَـى لِمُنْتَشِـقٍ منـهُ ومُلْتَـئِـم
ــ أبان مولـدهُ عـن طيـبِ عُنصـرهِ = يـا طِيـبَ مُبْتَـدَإٍ منـه ومُخْتَـتَـمِ
ــ يومٌ تفـرَّسَ فيـهِ الفـرسُ أنهـم = ُقد أنذروا بحلـولِ البـؤسِ والنقـمِ
ــ وباتَ إيوانُ كسرى وهـو منصـدعٌ = كشملِ أصحابِ كسرى غيـرَ ملتئـمِ
ــ والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِـنْ أَسَـفٍ = عليه والنَّهرُ ساهي العين من سـدمِ
ــ وساء سلوة َ أن غاضـتْ بحيرتهـا = ورُدَّ واردها بالغيـظِ حيـن ظمـى َ
ــ كأنَّ بالنارِ مابالماء من بلـلٍ حُزْنـاً = وبالمـاءِ مـا بالنَّـارِ مـن ضـرمِ
ــ والجنُّ تهتـفُ والأنـوار ساطعـة = ٌوالحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِـم
ــ عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائـرِ لـمْ = تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْـذارِ لَـمْ تُشَـم
70ــ مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَـرَ الأقْـوامَ كاهِنُهُـمْ = بـأَنَّ دينَهُـمُ المُعْـوَجَّ لَـمْ يَـقُـمِ
ــ وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُـبٍ = منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
ــ حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهـزمٌ = من الشياطينِ يقفـو إثـرَ منهـزمِ
ــ كأَنُهُـمْ هَرَبـاً أبـطـالُ أَبْـرَهَـة ٍ = أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
ــ نَبْـذاً بـهِ بَعْـدَ تَسْبِيـحِ بِبَطْنِهمـا = نَبْذَ المُسَبِّـحِ مِـنْ أحشـاءِ مُلْتَقِـمِ
ــ جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجـارُ ساجِـدَة = ًتَمْشِي إليهِ عَلَى سـاقٍ بِـلا قَـدَمِ
ــ كأنَّما سَطَـرَتْ سَطْـراً لِمَـا كَتَبَـتْ = فروعها من بديعِ الخطِّ فـي اللقـمِ
ــ مثلَ الغمامة ِ أنـى َسـارَ سائـرة = ٌتقيهِ حـرَّ وطيـسٍ للهجيـرِ حمـي
ــ أقسمـتُ بالقمـرِ المنشـقِّ إنَّ لـهُ = مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَـة ً مَبْـرُورَة َ القَسَـمِ
ــ ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَـرَم = وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنـه عمـي
80ــ فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما = وَهُمْ يقولونَ مـا بالغـارِ مِـنْ أَرمِ
ــ ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُـوتَ علـى = خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُـجْ ولـمْ تَحُـم
ــ وقاية ُ اللهِ أغنتْ عـن مضاعفـة ٍ = من الدروعِ وعن عالٍ مـن الأطـمِ
ــ ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ = إلاَّ ونلتُ جـواراً منـهُ لـم يضـمِ
ــ ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِـنْ يَـدِهِ = إلاَّ استلمتُ الندى من خيـرِ مُستلـمِ
ــ لا تنكرُ الوحيَ مـن رؤيـاهُ إنَّ لـهُ = قَلْبـاً إذا نامَـتِ العَيْنـانِ لَـمْ يَنـمِ
ــ فذاكَ حيـنَ بُلـوغٍ مِـنْ نُبُـوَّتِـهِ = فليـسَ يُنْكَـرُ فيـهِ حـالُ مُحْتَلِـمِ
ــ تَبَـارَكَ الله مـا وحْـيٌ بمُكْتَسَـبٍ = وَلا نَبِـيٌّ عَلَـى غَـيْـبٍ بِمُتَّـهَـمِ
ــ كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبـا باللَّمْـسِ راحَتـهُ = وأَطْلَقَتْ أرِبـاً مِـنْ رِبْقَـة ِ اللَّمَـمِ
ــ وأحْيَتِ السنَـة َ الشَّهْبَـاءَ دَعْوَتُـهُ = حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُـمِ
90ــ بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطـاحَ بهـا = سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ مـن العـرمِ
ــ لما شكت وقعه البطحاء قال له = على الربى والهضاب انهل وانسجم
ــ فأدت الأرض من رزق أمانتها = بإذن خالقها للناس والنعم
ــ وألبست حللا من سندس ولوت = عمائما برؤوس الهصب والأكم
ــ فالنخل باسقة تجلو قلائدها = مثل البهار على الأبصار والعنم
ــ وفارق الناس داء القحط وانبعثت = إلى المكارم نفس النكس والبرم
ــ إذا تتبعت آيات النبي فقد = ألحقت منفحما منها بمنفحم
ــ قل للمحاول شأوا في مدائحه = هي المواهب لم أشدد لها زيم
ــ ولا تقل لي بماذا نلت جيدها = فما يقال لفضل الله ذا بكم؟؟
ــ لولا العناية كان الأمر فيه على = حد السواء فذي نطق كذي بكم
100ــ دعني ووصفي آيـاتٍ لـه ظهـرتْ = ظهورَ نارِ القرى ليـلاً علـى علـمِ
ــ فالدرُّ يـزدادُ حُسنـاً وهـو منتظـمٌ = وليسَ ينقصُ قـدراً غيـر منتظـمِ
ــ فمـا تَطـاوَلُ آمـالُ المَدِيـحِ إلـى = ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْـلاَقِ والشِّيَـمِ
ــ آياتُ حقٍّ مـن الرحمـنِ محدثـة = ٌقَدِيمَة ٌ صِفَـة ُ المَوْصـوفِ بالقِـدَم
ــ لم تقتـرنْ بزمـانٍ وهـي تخبرنـا = عَن المعادِ وعَـنْ عـادٍ وعَـنْ إرَمِ
ــ دامَتْ لَدَيْنـا فَفاقَـتْ كـلَّ مُعْجِـزَة = ٍمِنَ النَّبِيِّيـنَ إذْ جـاءتْ ولَـمْ تَـدُمِ
ــ مُحَكَّماتٌ فمـا تبقيـنَ مـن شبـهٍ = لذي شقاقٍ وما تبغيـنَ مـن حكـمِ
ــ ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَـرَبٍ أَ = عْدَى الأعادي إليهـا مُلقِـيَ السَّلَـمِ
ــ رَدَّتْ بلاغَتُهـا دَعْـوى مُعارِضِهـا = ردَّ الغيور يدَ الجانـي عـن الحُـرمِ
ــ لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْـر فـي مَـدَدٍ = وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْـنِ والقِيَـمِ
110ــ فمـا تُعَـدُّ وَلا تُحْصَـى عَجَائبُهـا = ولا تُسـامُ عَلَـى الإكثـارِ بالسَّـأَمِ
ــ قرَّتْ بها عينُ قاريهـا فقلـت لـه = لقـد ظفِـرتَ بِحَبْـلِ الله فاعْتَصِـمِ
ــ إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نـارِ لَظَـى = أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّجـمِ
ــ كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجـوه بـه = مِنَ العُصاة ِ وقد جـاءُوهُ كَالحُمَـمِ
ــ وَكالصِّـراطِ وكالمِيـزانِ مَعـدِلَـة = ًفالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
ــ لا تعْجَبَـنْ لِحَسُـودٍ راحَ يُنكِـرُهـا = تَجاهُلاً وهْوَ عَيـنُ الحـاذِقِ الفَهِـمِ
ــ قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ = ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ المـاء مـنْ سَقَـم
ــ يا خيرَ منَ يَمَّـمَ العافُـونَ ساحَتَـهُ = سَعْيـاً وفَـوْقَ الأَيْـنُـقِ الـرُّسُـمِ
ــ وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْـرَى لِمُعْتَبِـرٍ وَ = مَنْ هُوَ النِّعْمَـة ُ العُظْمَـى لِمُغْتَنِـمِ
ــ سريتَ من حـرمٍ ليـلاً إلـى حـرمِ = كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلـمِ
120ــ وَبِتَّ تَرْقَى إلَـى أنْ نِلْـتَ مَنْزِلَـة = ًمن قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم تـرمِ
ــ وقدَّمتـكَ جميـعُ الأنبيـاءِ بـهـا = والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْـدُومٍ عَلَـى خَـدَم
ــ وأنتَ تخترق السبـعَ الطِّبـاقَ بهـمْ = في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِـبَ العَلَـمِ
ــ حتى إذا لَمْ تَـدَعْ شَـأْواً لمُسْتَبِـقٍ = مـن الدنـوِّ ولا مرقـيً لمستـنـمِ
ــ خفضـتَ كـلَّ مقـامٍ بالإضافـة إذ = نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْـلَ المُفْـرَدِ العَلَـم
ــ كيمـا تفـوزَ بوصـلٍ أيِّ مستتـرٍ = عـن العيـونِ وسـرٍّ أيِ مُكتـتـمِ
ــ فَحُزْتَ كـلَّ فَخَـارٍ غيـرَ مُشْتَـرَكٍ = وجُزْتَ كـلَّ مَقـامٍ غيـرَ مُزْدَحَـمِ
ــ وَجَلَّ مِقْدارُ مـا وُلِّيـتَ مِـنْ رُتَـبٍ = وعزَّ إدْراكُ مـا أُولِيـتَ مِـنْ نِعَـمِ
ــ بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسـلامِ إنَّ لنـا = مـن العنايـة ِ رُكنـاً غيرَمنهـدمِ
ــ لمَّـادعـا الله داعيـنـا لطاعـتـهِ = بأكرمِ الرُّسـلِ كنَّـا أكـرمَ الأمـمِ
130ــ راعتْ قلـوبَ العـدا أنبـاءُ بعثتـهِ = كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَـتْ غَفْـلاً مِـنَ الغَنَـمِ
ــ ما زالَ يلقاهـمُ فـي كـلِّ معتـركٍ = حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً علـى وضَـم
ــ ودوا الفرار فكـادوا يغبطـونَ بـهِ = أشلاءَ شالتْ مع العقبـانِ والرَّخـمِ
ــ تمضي الليالي ولا يـدرونَ عدتهـا = ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُـرُمِ
ــ كأنَّما الدِّينُ ضَيْـفٌ حَـلَّ سَاحَتَهُـمْ = بِكلِّ قَـرْمٍ إلَـى لحْـمِ العِـدا قَـرِم
ــ يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيـسٍ فـوقَ سابِحَـة = ٍيرمي بموجٍ مـن الأبطـالِ ملتطـمِ
ــ مـن كـلِّ منتـدبٍ لله محتـسـبٍ = يَسْطو بِمُسْتَأْصِـلٍ لِلْكُفْـرِ مُصطَلِـم
ــ حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِـمْ = مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَـة َ الرَّحِـم
ــ مكفولـة ً أبـداً منهـم بخـيـرٍ أبٍ = وخير بعـلٍ فلـم تيتـم ولـم تئـمِ
ــ هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهـمْ مُصادِمَهُـمْ = ماذا رأى مِنْهُمُ فـي كـلِّ مُصطَـدَم
140ــ وسل حُنيناً وسل بدراً وسـلْ أُحُـداً = فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِـنَ الوَخَـم
ــ المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت = من العدا كـلَّ مُسْـوَّدٍ مـن اللمـمِ
ــ وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَـطِّ مَـا تَرَكَـتْ = أقلامهـمْ حرفَجسـمٍ غبـرَ منعجـمِ
ــ شاكي السِّلاحِ لهم سيمـى تميزهـمْ = والوردُ يمتازُ بالسيمى عـن السلـمِ
ــ تُهدى إليكَ ريـاحُ النصـرِ نشرهـمُ = فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمـي
ــ كأنهمْ في ظهورِ الخيـلِ نبـتُ رُبـاً = مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُـزُم
ــ طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقـاً = فما تُفَرِّقُ بيـن البهمـش والبُهـمِ
ــ ومن تكـنْ برسـول الله ونصرتُـه = إن تلقهُ الأُسدُ فـي آجامهـا تجـمِ
ــ ولن ترى من ولـيٍّ غيـر منتصـرِ = بهِ ولا مِـنْ عَـدُوّ غَيْـرَ مُنْعَجِـمِ
ــ أحـلَّ أمَّتَـهُ فـي حــرزِ ملَّـتـهِ = كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبـال فـي أجَـم
150ــ كمْ جدَّلَـتْ كلمـاتُ اللهِ مـن جـدلٍ = فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِـنْ خَصِـمِ
ــ كفاكَ بالعِلْمِ فـي الأُمِـيِّ مُعْجِـزَة = ًفي الجاهلية ِ والتأديـبِ فـي اليتـمِ
ــ خَدَمْتُـهُ بِمَديـحٍ أسْتَقِـيـلُ بِــهِ = ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
ــ إذ قلدانـي مـا تُخشـى عواقـبـهُ = كَأنَّنـي بهمـا هَـدْيٌ مِـنَ النَّعَـم
ــ أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَـا = حصلـتُ إلاَّ علـى الآثـامِ والنـدمِ
ــ فياخسـارة َ نفـسٍ فـي تجارتهـا = لم تشترِ الدِّينَ بالدنيـا ولـم تَسُـمِ
ــ وَمَـنْ يَبِـعْ آجِـلاً منـهُ بِعاجِلِـهِ = يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْـعِ وَفـي سَلَـمِ
ــ إنْ آتِ ذَنْباً فمـا عَهْـدِي بِمُنْتَقِـضٍ = مِـنَ النبـيِّ وَلا حَبْلِـي بِمُنْصَـرِمِ
ــ فـإنَّ لـي ذمـة ً منـهُ بتسميتـي = مُحمـداً وَهُـوَ الخَلْيـقِ بالـذِّمَـمِ
ــ إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِـذاً بِيَـدِي = فضـلاً وإلا فقـلْ يازَلَّـة َ الـقـدمِ
160ــ حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجـي مكارمـهُ = أو يرجعَ الجارُ منهُ غيـرَ محتـرمِ
ــ ومنـذُ ألزمـتُ أفكـاري مدائحـهُ = وَجَدْتُـهُ لِخَلاصِـي خيـرَ مُلْـتَـزِم
ــ وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْـهُ يـداً تَرِبَـتْ = إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهـارَ فـي الأكَـمِ
ــ وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَـتْ = يدا زُهيرٍ بمـا أثنـى علـى هـرمِ
ــ يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُـوذُ بـه = سِوَاكَ عندَ حلـولِ الحـادِثِ العَمِـمِ
ــ وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُـكَ بـي = إذا الكريـمُ تَحَلَّـى باسْـمِ مُنْتَـقِـمِ
ــ فإنَّ من جُـودِكَ الدنيـا وَ ضَرَّتهـا = ومن علومكَ علـمَ اللـوحِ والقلـمِ
ــ يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَـتْ = إنَّ الكَبائـرَ فـي الغُفـرانِ كاللَّمَـمِ
ــ لعلَّ رحمة َ ربـي حيـن يقسمهـا = تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ــ ياربِّ واجعل رجائي غيـر منعكـسٍ = لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيـرَ مُنْخَـزِمِ
170ــ والطفْ بعبدكَ في الداريـنِ إنَّ لـهُ = صبراً متى تدعـهُ الأهـوالُ ينهـزمِ
ــ وأذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منـكَ دائمـة = ٍعلـى النبـيِّ بمنهـلٍّ ومنسـجـمِ
ــ ما رنحَتْ عَتباتِ الباب ريـحُ صَبـاً = وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَـمِ
ــ ثم الرضى عن أبي بكر وعن عمر = وعن علي وعن عثمان ذا الكرم
ــ والآل والصحب ثم التابعين فهم = أهل التقى والنقا والحلم والكرم