المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجرة غير شرعية


yacine414
2011-04-19, 20:37
المقدمــة
الفصل الأول : مفـاهـيم عـامة حـول الهجــرة
المبحث الأول: الهجرة الشرعية
المطلب الأول : تعـريف الهجـرة الشرعية
المطلب الثاني: أنواع الهجرة الشرعية
‌أ. الهجرة الداخلية
‌ب. الهجرة الخارجية
المبحث الثاني: الهجرة غير الشرعية
المطلب الأول: تعريف الهجرة غير الشرعية
المطلـب الثاني: أنواع الهجرة الشرعية
‌أ. الهجرة السرية إلى داخل البلاد
‌ب. الهجرة السرية إلى خارج البلاد
المطلب الثالث : طرق و منافذ الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الجزائرية
أولا- الهجرة غير الشرعية عبر الحدود البرية
ثانيا- الهجرة غير الشرعية عبر الحدود البحرية
ثالثا- الهجرة غير الشرعية عن طريق الحدود الجوية
الفصل الثاني:دراسة تحليلية لظاهرة الهجرة غير الشرعية
المبحث الأول: أسباب و طرق الهجرة الغير الشرعية
المطلب الأول: أسباب الهجرة الخارجيــة
‌أ. أسباب الهجرة غير الشرعية من الداخل الي الخارج
أولا- أسباب سياسية
ثانيا- أسباب اجتماعية
ثالثا- أسباب اقتصادية
رابعا-أسباب فكرية و ثقافية
‌ب. أسباب الهجرة غير الشرعية من الخارج نحو الداخل
أولا- أسباب طبيعية
ثانيا-أسباب اقتصادية
ثالثا-أسباب سياسية
الفصل الثالث : الإستراتيجية العامة لمكافحة ظاهرة الهجرة الغير شرعية والواقع الأمني لها
المبحث الأول: نشاط مصالح الأمن لمواجهة و الحد من الهجرة الغير شرعية
المطلب الأول: الجوانب التنظيمية و القانونية التي تحكم الهجرة الغير شرعية
المطلب الثاني: الأجهزة الأمنية المختصة في مكافحة الهجرة الغير شرعية
‌أ. مجموعة حرس الحدود
‌ب. حراس السواحل
‌ج. شرطة الحدود
المطلب الثالث : الإجراءات الأمنية المتخذة لمواجهة الهجرة غير الشرعية
الإجراءات المتخذة حـاليـا
النظــرة المستقبلية للإجراءات الأمنية
المبحـث الثـانـي: التعـاون الــدولي في مجـال مكـافحـة الهجرة السرية
المطلب الأول: آليات دولية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية ( اتفاقيات )
النظرة المستقبلية لاتفاقيات الجزائر مع الدول
المطلـب الثـاني:دور المنظمـات الدولية في التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعيـة
‌أ. تعريف المنظمـات الدوليـة
‌ب. دور المنظمـات الدوليـة
المطلـب الثـالث: الانعكاسات النـاجمـة عن الهجرة غيـر الشرعيـة
‌أ. الانعكاسات في المجـال الاجتمـاعي
‌ب. الانعكاسات في المجال الاقتصادي
‌ج. الانعكاسات في المجال الصحي
‌د. الانعكاسات في المجال الأمني
الخاتمــــة





المقدمـــة






















إن الهجرة السرية هي حقيقة موجودة ولكل موجود معنى ، إذا ماذا نعني بالهجرة غير الشرعية ؟ وما هي ميكانيزمات تفاعلاتها ؟ ومتى يعد هذا الفعل غير مشروع و مخالف للتنظيمات المعمول بها ؟ وما هي الإستراتيجية الكفيلة لمحاربة هذه الظاهرة .

كما أن هذا الموضوع يبدو من الوهلة الأولى موضوعا عاديا ، بإمكان أي شخص الخوض فيه والتطرق إليه ولكن الخوض في حيثياته يجعلنا نقف موقف المستعجب من هذه الظاهرة ، حيث نجد أنفسنا ندور في حلقة مترابطة ومتسلسلة ، لا نعرف بدايتها من نهايتها ، ولهذا السبب فقد واجهنا عدة صعوبات في معالجة هذا الموضوع ، من بينها عدم وجود دراسة أكاديمية علمية في هذا الشأن ، بالإضافة إلى قلة المراجع التي تتناول هذا البحث ، كونه موضوع يقتصر فقط على مصالح الشرطة وكل ما وجد في هذا الشأن ماهو إلا عموميات ، تستلزم تحليلات معمقة ، ناهيك عن سرية المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع من حيث المسالك والمنافذ المستعملة من قبل المهاجرين السريين وكذا الإحصائيات المتعلقة بعدد الموقوفين .

الهجرة مصطلح عرفــه الإنسان قديما ، فكان تنقل الأشخاص و ممتلكاتهم مسـاير للتطور الإنساني منذ عدة قرون بغية الاسترزاق وتلبية الحاجات مـن خلال الانتقال من منطقة إلى أخرى و بمرور السنين أخذت الهجرة في البروز للعيان .

مع تطور النقل و هجرة العمال من بلد لآخر و انعكاسات ذلك على اقتصاديات الدول تـم ظهور شكل جديد من أشكال الاعتداء على أمــــــن الدول دفعها إلى تدعيم حراسة حدودها التي تعد خط الدفاع الأساسي ضد محاولة أي اعتداء أو تسلل .

إن مراقبة الحدود تعد من الاهتمامات التي تسعى كل دول العالم إلى السيطرة عليها ، لذا تعمد الدول و من أجل المحافظة على هذا الكيان إلى وضع قواعد و قوانين تحدد و تنظم هذا الإطار الواقي ، حيث تفرض القواعد الواجب إتباعهــا عند استعمال هذه الحــدود سواء مـــن طرف المواطنيــن أو الأجانب في الاتجاهين الداخلي و الخارجي ، هنا بالرغم من النظرة الجديدة للحدود في ظـــل العولمة و التقارب الدولي .

إن ما يميــز العولمـة هو تجاوزها لكل الحواجز أمام التبـــادلات المختـلفــة و الاستثمارات بين الدول ، كما إنها تسمح بحرية تنقل البضائع و السلع ، لكن بالمقابل فإن هناك انفتاح دولي لا يمس بشكل أو بآخر حرية تنقل اليد العاملة رغم الإختلالات المتبادلة من الجانب الديموغرافي بين الدول المتقدمة و الدول الفقيرة .

إن عدم الاهتمام باليد العاملة و حركة تنقلها من خلال أطروحات العولمة التي ضمنت أكثر حركة السلع و رؤوس الأموال يجعل العالم بطرفيه سواء المتقدم أم الفقير أمام تحديات كبيرة تثمتل في بروز ظاهرة الهجرة السرية العابرة للحدود بطريقة غير قانونية ؛ هذا الموضوع الذي يشكل رهانا صعبا أمام الدول سواء التي يتم مغادرتها أو المستقبلة و لهذا عمدت العديد من الدول إلى الحد من هذه الظاهرة بوضع قيود و عراقيل لوقف التدفق الهائل .

.إن الجزائر كغيرها من دول العالم الثالث عرفت هي الأخرى بروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية رغم الطاقات التي جندتها في سبيل حراسة محكمة لحدودها ومع ذلك فإن هذه الأخيرة لها عدة اختراقات من هذه الفئة ، نظرا لطبيعة الرقعة الجغرافية و المواقع الإستراتيجية التي تحتلها .

لذلك فإن موضوع بحثنا يتمحور حول هذه الظاهرة عبر الحدود الجزائرية وقد ارتأينا أن الدراسات الصحيحة والموضوعية لهذه المذكرة تستلزم معالجة هذا الموضوع في ثلاثة (03) فصول ، حيث تم التطرق أولا إلى مفاهيم عامة حول الهجرة ، أما في الفصل الثاني فقد قمنا بدراسة تحليلية لظاهرة الهجرة الغير شرعية ، حيث تم التطرق إلى أسبابها وانعكاساتها على المجتمع والفرد المهاجر وكذا طرق ومنافذ الهجرة عبر الحدود الجزائرية برا، جوا وبحرا . وحتى نتمكن من استيعاب حجم هذه الظاهرة ثمت الإشارة إلى بعض الأمثلة المتعلقة بمعدلات الموقوفين سواء المواطنين منهم أو الأجانب ، أما في الفصل الثالث والأخير فقد تطرقنا إلى الإستراتيجية العامة لمعالجة و مكافحة هذه الآفة من خلال الجوانب التشريعية ، الأجهزة الأمنية الموكل إليها مهمة مكافحة هذه الظاهرة و طالما أنها طالت معظم دول العالم فقد استوجب التنويه بالتعاون الدولي من أجل التصدي لها .






الفصــل الأول:







مفاهيم عامة حول الهجرة
















المبحث الأول: الهجرة الشرعية


المطلب الأول :
تعـريف الهجـرة الشرعية

إن الهجرة كمصطلح لغـوي يقصد به خـروج و انتقال الأفراد من مكان إقامتهم إلـى أماكن أخرى كـذلك يعني بـها تغير المنطقة الجغرافية أو الابتعاد عن المكان المعتاد ويستعمل لفظ الهجرة في العلوم الاجتماعية كمصطلح قانوني يقصد به للدلالة على تحركات جغرافية لأفراد أو جماعات ، حيث يعرفها GONNARD "جونار" بأنها : " ترك البلد و الالتحاق بغيره سواء منذ الولادة أو منذ مدة طويلة بقصد الإقامة الدائمة وغالبا بقصد تحسين وضعيته بالعمل " .

كما أن الهجرة كمصطلح قانوني يقصد به عبور الحدود للوصول إلى ضفة أخرى خارج الحدود الوطنية و هي الحالات التي تتم فيها الهجرة بموافقة السلطات المختصة في كل من الدولتين مصدر الهجرة أو الجاذبة للهجرة و يتم ذلك عن طريق الدخول من الأماكن المحددة بذلك سواء جوا أو بحر ا أو برا لإقليم الدولة ، حيث تشترط معظم الدول لدخول أراضيها أو الخروج منها وجود جواز سفر ساري المفعول صادر عن السلطات المختصة أو وثيقة سفر تقوم مقام جوز السفر مع احترام مبدأ التعامل بالمثل .

و من المفيـد أن نفرق فـي هذا المجال بين المهاجر و اللاجئ ، فالمهاجر هو شخص ارتضى الانتقال إلى دولة جديدة و الاستقرار بها و عادة ما يكون له مركز قانوني في الدولة الجديدة ، أما اللاجئ فليس له مركز قانوني في الدولة التي لجأ إليها، بحيث يفقد الحماية الدبلوماسية لدولته الأصلية و يكون سبب لجوئه إما سياسيا ، عنصريا ، اقتصاديا أو بسب الحروب .
المطلب الثاني:
أنواع الهجرة الشرعية

إن الهجرة بأنواعها المختلفة ما هي إلا نوع من حركة السكان سواء كانت ضمن حدود الوطن أو تتجـاوز الوطن إلـى أوطـان أخرى و تـحاول الهيئة الدولية للهجرة وضـع تعار يف دقيقـة لأنواع الهجرة منها الداخلية أو الخارجية الاختيارية أو القهرية ،الأولية أو الثانوية .و أوصت هيئة العمل الدولية أن تشمل الهجرة الدائمة انتقال الفرد من دولة إلى أخرى ليقيم بـها مدة تزيد عن شهر و تقل عن عام للقيام بمهمة أو لشغل وظيفة.

و لقد اتخذت الهجرة على مدى التاريخ أشكال عدة منها الهجرة الأولية و التـي يقصد بـها التوطن فـي جهات غير مأهولة بالسكان أما الهجرة الثانوية فهي الإقامة بين المواطنين و الاندماج و التكيف معهم و هناك هجرة قهرية كالتي تحدث للفارين من وجه الغزاة أو على اثر اضطهاد ديني كنقل الملايين من سكان إفريقيا إجباريا للعمل في مزارع البيض في العالم الجديد.

أما الهجرة الاختيارية فتكون سعيا وراء فرض أحسن للعيش و قد أصبح هذا النوع من الهجرة يصطدم بعقبات كثيرة و ذلك لفرض الدول قيود تحد من عدد و جنسية النازحين إليها إن معظم الباحثين الذين تناولوا موضوع الهجرة عمدوا إلى التميز بين نوعين من الهجرة وهما:
‌أ. الهجرة الداخلية:
تكمن الهجرة الداخـلية فـي التحركات السكانية التي تحدث داخل حدود الدولة والتي غالبا ما تحدث بين الريف و المدينة لما تتوفر عليه هذه الأخيرة من فرص للعمل ، الخدمات المختلفة ، المعامل و الشركات الصناعية ... الخ، على عكس الريف الذي يتميز بظروف معيشية صعبة وتقل فيه عوامل جذب السكـان.
كمـا يعتبر البـاحثون - و اعتمـادا على معيار الوطن العربي الواحد - الهجرة التي تتم بين بلد عربي إلى بلد عربي أخر على أساس أنها هجرة داخلية ،حيث تكون هذه الهجرة بشكل عام من الأقطار العربية الفقيرة بمواردها الطبيعية إلى الأقطار العربية الغنية بمواردها الطبيعية و الفقيرة بمواردها البشرية كبلدان الخليج .

‌ب. الهجرة الخارجية:
يقصد بالهجـرة الخارجية تلك التحركات السكـانية الـتي تتم عبر الحدود الإقليمية للدولة كانتقال المواطنين العرب من الوطن العربي إلى خارجه ، مثل هجرة الجالية السورية و اللبنانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا و كذا انتقال الجالية المغاربية إلى الدول الأوروبية و انتقال العمال الأجانب إلى الوطن العربي كهجرة الباكستانيين و الإيرانيين إلى بلدان الخليج العربي و ذلك راجع إلى عوامل الجذب في الدول المستقبلة للهجرة و عوامل الطرد في الدول المصدرة لها .
المبحث الثاني :
الهجرة غير الشرعية
المطلب الأول :
تعريف الهجرة غير الشرعية
الهجرة غير الشرعية ( السرية ) كظاهرة عرفتها الحدود الدولية يقصد بها اجتياز الحدود ، وهي تتم دون موافقة سلطات الدول الجاذبـة و بدون أن تتوفـر في الشخص العابر الشروط القانونية للمرور عبر الحدود ، حيث في هذه الحالة يكون خروج الفرد من دولته الأصلية من أجل دخول الدولة الجديدة بطرق غير شرعية ، سواء من ناحية حيازة الوثائق اللازمة للسفر أو الأماكن المحددة لذلك برا ،جوا أو بحرا ، بغية التهرب من المراقبة الأمنية والجمركية.
ويعتبر مهاجر غـير شرعي كل من دخل بلادا أو غادرها من غير المنافذ الشرعية التي تحددها الدولة كالمطارات ، الموانئ و المنافذ البرية إما سيرا على الأقدام أو باستخدام وسائل النقل المختلفة أثناء الليل، النهار أو بحيازة وثائق سفر احتيالية :
• قلدت أو عدلت بطريقة جوهرية من طرف شخص غير شرعي مؤهل قانونيا ، أو سلطة مؤهلة شرعا لإصدار وثائق السفر أو الهوية باسم الدولة .
• أصدرت أو تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية سواء بالتصريح الكاذب ، الرشوة ، الإكراه أو بأية وسيلة أخرى غير شرعية .
• استعملت من طرف شخص آخر غير صاحبها الشرعي.
علما أن عملية الهجرة السرية تتم إما عبر الحدود البرية سواء سيرا على الأقدام أو باستعمال وسائل النقل المناسبة وذلك بالمناطق التي تصعب حراستها ، نظرا لشساعتها أو عدم تمكن القوات المكلفة بحراستها من احتواء هذه الظاهرة ، بسبب قلة العدد ، كما تتم هذه الهجرة عبر الحدود الساحلية باستخدام جميع وسائل النقل البحرية .
تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الهجرة غير الشرعية يعرف عند الشباب بمصطلح "الحرقة" و الذي يقصد به الركوب السري ، الهروب و المرور بآية وسيلة غير شرعية و غير قانونية ، للخروج من البلاد و ذلك لوضع حد للمتابعات القضائية أو الإدارية أو كحل وحيد للتخلص من المشاكل التي يتخبطون فيها ، كما تعني أيضا المعيشة في الخارج دون وثائق قانونية.

المطلـب الثاني :
أنواع الهجرة الشرعية :
هناك نوعان من الهجرة السرية، الأولى: إلى داخل البلاد و الثانية: إلى خارج البلاد.

‌أ. الهجرة السرية إلى داخل البلاد:
يطلق هذا النوع على المهاجرين الوافدين إلى الدول المستقبلة للهجرة سواء بغيـة الإقامة الدائمة فيها أو باتخاذها كمركز عبور للذهاب إلى جهة أخرى و في هذا الإطار يمكن أن نأخذ على سبيل المثال الأفارقة الزاحفين نحو الجزائر و استقرارهم بالدرجة الأولى بمدينة تمنراست و بدرجة اقل بالجزائر العاصمة و مغنية ، حيث أن هناك فيهم من يتخذ الجزائر كبوابة عبور سواء إلى أوروبا أو إلى دولة المغرب ومنها إلى أوروبا و ما يلاحظ على هؤلاء أنه غالبا ما تكون وثائق سفرهم ، تأشيراتهم و أختام الدخول و الخروج مزورة .
‌ب. الهجرة السرية إلى خارج البلاد :
يطلق هذا النوع من الهجرة غير الشرعية على جملة المهاجرين السريين الذين يتركون بلدانهم الأصلية باتجاه دول أخرى تتوفر على فرص أرحب للعيش و يدخل في هذه الطائفة المواطنون الجزائريون ، الأفارقة ، العرب و المسلمون ، للإشارة انه ليس من تكون وجهته أوروبا يستقر نهائيا بها ، حيث انه يوجد من يأخذ وجهة أخرى أكثر رخاء مثل انجلترا ، كندا و الولايات المتحدة الأمريكية .
على العموم فيما يتعلق بالهجرة السرية فهناك دول مصدرة تمثل في إفريقيا و دول العالم الثالث و عموما توجد دول عبور مثل الجزائر و دول المغرب العربي وكذا دول أخرى مستهدفة مثل فرنسا ، ايطاليا ، اسبانيا أو دول العالم المتطور .
المطلب الثالث :
طرق و منافذ الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الجزائرية
إن المهاجرين الأجانب لـحدودنا الجزائرية بطريقة غير قـانونية يتخذون من الحدود البرية أفضل منفذ للوصول إلى الدول الأوروبية ، فـي حين نجد أن الشباب الجزائري يستعمل بالإضافة إلى المنفذ الأول الحدود البحرية أيضا كسبيل للوصول إلى مبتغاه ، أما على مستوى الحدود الجوية فإننا نصادف مـحاولات العبور باستعمال وثائق أو تأشيرات مزورة وعلية فسوف نتطرق في هذا المبحث إلى طرق الهجرة غير الشرعية.
أولا- الهجرة غير الشرعية عبر الحدود البرية:
إن طول حدودنا البرية و الموقـع الجغرافي للجزائر جعل منها محط أنظار مهاجري الدول المجاورة ، فبالنسبة لحدودنا الشمالية الشرقية و الغربية فتنحصر ظاهرة الهجرة غير الشرعية في الرعايا التونسيين و المغاربة، أما المناطق الجنوبية و التي تتصدرها ولايات تمنراست ، إليزي و أدرار من حيث عدد المهاجرين السريين القادمين من البلدان المجاورة (المالي، النيجر، غانا، موريطانيا ونيجريا ) ، الذين يعتبرونها محطات عبور للتوجه بعدها إلى ولايات الشمال ثم أوروبا بحثا عن العمل و تحسين ظروفهم المعيشية
و تعتبر الحدود البرية من أكثر الطرق استعمالا للتسلل بالنظر إما لشساعتها أو بقلة كثافة قوات الأمن أو انعدام الحراسة بها .
ثانيا- الهجرة غير الشرعية عبر الحدود البحرية :
إذا علمنا أن عملية الهجرة غير الشرعية عبر الحدود البرية تتم باتخاذ طرق ملتوية و باستعمال وسائل نقل مختلفة ، فإنها تتم أيضا عن طريق البحر بوسائل يلجأ إليها المتسللون منها :
• محاولة التمويه في الوسط المينائي .
• اللجوء إلى استعمال البحارة لمساعدتهم في الإبحار أو الاختفاء.
• الركوب عن طريق تسلق حبال البواخر الراسية على الأرصفة .
• الاختفاء داخل الحاويات الفارغة على الرصيف و التي يشرع في شحنها.
• لجوء المتسللين للاماكن التي يصعب الوصول إليها داخل الباخرة، عند التفتيش كالمحركات.
• استعمال الزوارق الصغيرة للعبور إلى البواخر سواء الراسية بالميناء ، أو المتواجدة بعرض مياه البحر .
• باستعمال دفاتر الملاحة البحرية المزورة.
• دفع مبالغ مالية سواء بالعملة الوطنية أو الصعبة للشريك ( المتواطئ ) .
• استعمال كل وسيلة أخرى تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم المنشودة و المرجوة ، دون التفطن إلى المخاطر التي تنتظرهم ، سواء في الميناء ، داخل الباخرة أو عند وصولها إلى أي ميناء في الخارج .
و تبقى ظاهرة الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر هي الطريقة المفضلة لدى شبابنا للجوء إلى البلدان الأوروبية خاصة فرنسا ، اسبانيا و ايطاليا ،و هذا راجع إلى قصر مدة السفر أثناء امتطاء البواخر ، سواء الوطنية أو الأجنبية ، حيث عادة لا تتجاوز مدة عبور البواخر المستهدفة أكثر من 36 ساعة و أن قلة منها لا تتجاوز 24 ساعة ، هذا من جهة و من جهة أخرى نجد أن معظم الشباب المغامرين يلجئون إلى هذه البلدان بسبب وجود عائلات لهم مغتربة مقيمة هناك أو زملاء سبق لهم و أن عبروا بطريقة غير شرعية و تمكنوا من إيجاد عمل سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية كما أن الفئات الاجتماعية الأكثر مستعملة لهذه الظاهرة تتمثل في شباب الأحياء الشعبية الفقيرة و القصديرية أو الشباب و المراهقين المقيمين على السواحل ، الذين يفتقرون لجوازات سفر، أغلبهم من جنسية جزائرية و لم تسجل من بينهم إلا فئة قليلة جدا من الأفارقة .
إن فرق شرطة الحدود البحرية تواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع هذه الفئة من المهاجرين و ذلك لكثرة الأشخاص الذين يحاولون الهروب بهذه الطريق ، هذا من جهة و من جهة أخرى إعادة الكرة في حالة الإخفاق و بالتالي تجد مصالح الأمن نفسها في حلقة مفرغة ، حيث تتعامل غالبا مع نفس الأشخاص ، بسبب عدم صرامة القوانين الجزائرية في هذا الشأن .
ثالثا- الهجرة غير الشرعية عن طريق الحدود الجوية:
إن المطارات باعتبارها مناطق عبور إستراتيجية و حساسة بدرجة بالغة ، مما جعل الدولة تفكر دائما في توفير جميع الوسائل المادية و التقنية لحمايتها و المتمثلة في أجهزة : السكانير و الآلات الكاشفة للمعادن تفاديا لأي حادث يطرأ سلبا على الحركة العادية للمطار ، مما يؤدي غالبا إلى عرقلة السير الحسن لعمل مصالح الأمن ، لدى فإن حركة المسافرين و الأشخاص داخل الحيز ألمطاري تكون في نطاق محكم و مصنف ابتداء من أول نقطة للذهاب و المرور بكل الإجراءات الخاصة بالسفر حتى آخر المطاف المتمثل في الركوب على متن الطائرة .
لذلك فان الإجراءات الأمنية مشددة في كافة المطارات ، نظرا لأهميتها البالغة وحفاظا على سلامة المواطنين في أرواحهم و أملاكهم ، لذا فان ظاهرة الهجرة غير الشرعية قليلة جدا إلى حد أنها تكاد أن تكون منعدمة ، لكون المطار منطقة مغلقة يصعب اختراقها لوصول المتسلل إلى الطائرة ، حيث تنحصر في دخول و خروج المواطنين و الأجانب باستعمال وثائق مزورة .
من خلال القضايا المتعلقة بالتزوير المسجلة من قبل مصالح شرطة الحدود يتضح أن تأشيرة شنقن ( visa shengen ) هي أكثر عرضة للتزوير من قبل المهاجرين غير الشرعيين ، تم تليها تزوير جوازات السفر عن طريق تغير المعلومات المتعلقة بهوية الشخص و كذا الصورة ثم بطاقة الإقامة ، و يسجل أن هذه الأخيرة الصادرة عن السلطات الايطالية هي أكثر سهولة لتزويرها في غياب بطاقة إقامة أوروبية موحدة محمية من هذا النوع من التزوير .

yacine414
2011-04-19, 20:39
الفصــل الثــاني


دراسة تحليلية لظاهرة الهجرة غير شرعية

























تمهيـد

إن الهجرة السرية او غير الشرعية اصبحت ظاهرة عالمية خرقت كل الحواجز الطبيعية و داست على كل القوانين مهما كانت صرامتها حيث شهد اوخر العصر الحديث زيادة في عدد المهاجرين السرين رغم كل الاجراءت الصارمة التي اتخدت للحد من تفاقم هذه الافة التي تواجهها معضم دول المعمورة لما ألحقت من مشاكل و صعوبات لدول المستقبلة.

إن الجزائر كبقية دول العالم التي مكنتها ظاهرة الهجرة السرية تعيش هي الاخري تحت انعكاساتها ووقعها التدميري و ان تشخيص هذه الظاهرة ليس بالامر الهين بل يتطلب دراسة معمقة و شاملة لمعرفة اسباب، دوافع و انعكاسات و مخلفات هذا الداء سواء بالنسبة للمهاجرين الجزائرين نحو الخارج أو المهاجرين الاجانب نحو الجزائر و هذا ما سنتطرق اليه في هذا الفصل.

المبحث الأول:
أسباب و طرق الهجرة الغير الشرعية .
المطلب الأول:
أسباب الهجرة الخارجيــة

الجزائر كغيرها من الدول شاهدت ظاهرة غريبة في العشرية الاخيرة و هي الهجرة غير الشرعية فرغم قلت الدراسات التي تطرقت اليها الا انها تؤكد ان لهذه الظاهرة عوامل مساعدة على الانتشار والتفشي بين الشباب . اد جعلت فئة كبيرة من المجتمع الجزائري يجازفون و يغامرون و يقفزون نحو المجهول .كما كان لموقعها الاستراتيجي وكبر حدودها البرية عاملا مساعدا لبعض الدول الافريقية المجاورة التي جعلت منها منطقة عبور.
وبالتاي فإن تطرقنا لهذا الموضوع يمكننا من الإلمام و لو بشكل بسيط لآسباب الهجرة الخارجية.
‌أ. أسباب الهجرة غير الشرعية من الداخل الي الخارج:
أسباب متنوعة و كثيرة نلخصها علي النحو التالي :
أولا: أسباب سياسية

منذ الاستقلال وعبر السيرورة التاريخية و الجزائر تسير بنظام الحزب الواحد الي غاية التغيرات الجذرية التي عرفتها الساحة السياسية في دستور الذي 1989 اقر بالتعددية الحزبية والاعتراف بالحريات الفردية و ممارسة الديمقراطية قد أدى توقيف المسار الانتخابي في بداية التسعينات التي تأزم الوضع الأمني الذي مازلنا نعيش حيثياته و مخلفاته الى حد الساعة رغم الجهود الرامية الى استعادة الاستقرار و استتباب الأمن ،و طالما أن المجتمع هو متكامل فإن هذا الوضع أدى الى إحداث هزات إرتدادية على المستويات الاقتصادية ، الإجتماعية و السياسية وما كانت ردة فعل المواطنين خاصة الشباب منهم سوى الهروب الى المجهول اما بحثا عن الأمن و الإستقرار أو خوفا من التهديدات...الخ

ثانيا : أسباب اجتماعية:

إن التحولات العميقة التي عرفتها البلاد من جراء الأزمة المتعددة الجوانب ابتداء من نهاية عقد الثمانينات تركت اثار سلبية لم يعرف المجتمع الجزائري لها مثيل و لم يألفها من قبل، اذا ظهرت على الساحة الوطنية عدة مؤثرات و ظواهر إجتماعية يمكن حصرها فيمايلي:

• انتشار البطالة بين فئات الشباب و التي مست خرجي الجامعات و المعاهد العليا و هذا أدي بعض منهم الى الهجرة أو ممارسة أعمال لا علاقة بتخصصهم .
• أزمة السكن الحادة و هذا بسسبب سوء التسير الذي تتحكم فيها البيروقراطية .
• ارتفاع نسبة العزوبة بحيث أن 70 بالمئة شباب تقل أعمارهم عن30 سنة معظمهم لا عمل و لامسكن لهم.
• تنامي الشعوب بالاغتراب و الانعزال عن المشاركة في الحياة الإجتماعية أدى بالكثير ممن اسعـفهم الحظ من الإطارات الىهجرة الوطن بحثا عن المكان الذي يحقق لهم أمالــهم.
• كما أن تدهور القدرة الشرائية نتيجة تدني المداخيل أدي الي اتساع الفجوة بين الفقراء و الأغنياء يالإضافة الى انتشار ظواهر أخري لاتقل خطورة عن سابقاتها ألا وهي جنوح الاحداث لعنف أسري، التسرب المدرسي،الإدمان على المخدرات...الخ

كل هذه العوامل السالفة الذكـر كونت مناخا خصبا لتنامي ظاهرة الهجرة السرية لدى الشباب الساخط على مجتمعه و الذي وجد فيها وسيلة لتحقيق عيش أفضل و كريم.

ثالثا: أسباب اقتصادية

أما على الواجهة الاقتصادية وكون الجزائر معتمدة اساسا على عائدات النفط و الغاز في بناء افقتصادها الوطني الدي ادى الى انتهاج نظام إقتصادي جديد الا و هو إقتصاد السوق، الذي إنجرت عنه عدة تغيرات خاصة مع إرتفاع حجم المديونية الخارجية الى ما يفوق 33 مليار دولار و هذا ما جعل صندوق النقد الدولي يضع شروطه من بينها : خوصصة المؤمسسات ، غلق المؤسسات ، تسريح العمال ،تقليص قيمة العملة ،تصية المؤسسات ...اخ
رابعا:أسباب فكرية و ثقافية

ان التطور السريع للدول الغربية من أسباب تبني مركب نقص لدي فئات الشباب خاصة دول العالم الثالث و هذا من خلال الاعلام الغربي غير المنتظم و غير الموجه و الاتصالات المتطورة في مجال البحث عبر الاقمار، برامج التلفزيونات، الأنترنات ، الصحف و الآفلام المثيرة التى شكلت عقدة سيكولوجية لدي الشباب و اثارت لديهم الرغبة في التقليد و مواكبة المجتمع مما أدى به الى التفكير في تحقيق هذا الحلم و بدايت رحلة المجازفة.
من خلال الآسباب المذكورة أنفا نتطرق الى الفئة المتطورة التى مستها ظاهرة الهجرة السرية:
• شباب الأحياء الشعبية الراغبين في تحسين مستوي معيشتهم.
• الشباب الذين لهم أصدقاء هاجروا بهذه الطريقة.
• الشباب ذو شهادات عليا و لم يجدوا عملا.
• الشباب الذين جذبتهم صور وأحلام الدول الغربية من خلال الآعلام فأحبوا المغامرة و
حب الاستطلاع.
• شباب محل متابعة قضائية.

‌ب. أسباب الهجرة غير الشرعية من الخارج نحو الداخل:
إن الجزائر بحكم موقعها الجغرافي المتاخمة لدول إفريقية و عربية ، إضافة لشساعة حدودها البرية ، جعل منها نقطة عبور و مقصد لأفواج من الأجانب الأفارقة و المغاربة و أصبحت تحتضن عدد هائل من المهاجرين يتسللون عبر الحدود مستعملين طرق وسائل متعددة أوجدت مجالا لتحركاتها و مرورها في ولايات الجنوب الكبير كتمنراست، اليزي ، و كذا بعض ولايات الشمال الغربي كتلمسان ( مغنية ) ، حيث أصبحت تشكل خطرا محدقا على أمن الوطن . و عليه نلخص أسباب الهجرة السرية على النحو التالي:



أولا: أسباب طبيعية
في بداية السبعينات عرفت البلدان الإفريقية ، خاصة المالي و النيجر جفافا كبيرا أدى إلى إتلاف و موت كل ماشية السكان الرحل التي تشكل المورد الوحيد لهم ، مما خلف فقر أدى إلى انعدام مصادر الرزق ، دفع بأفواج هائلة من عائلات كثيرة للنزوح نحو مناطقنا الجنوبية للبحث عن شروط حياة أفضل .
ثانيا:أسباب اقتصادية
هي نتيجة طبيعية للجفاف الذي قضى على مصدر العيش الوحيد و المتمثل في تربية المواشي و الإبل ، مما خلف توجها جديدا لدى السكان المعنيين الذين لجأوا إلى اعتماد التجارة غير الشرعية كوسيلة رزق لهم ، هذه الظاهرة وجدت رواجا كبيرا بتشجيع من السكان الأصلي الذين استثمروها لصالحهم بغية الكسب السهل و السريع خاصة وأن المواد الغذائية كانت مدعمة من طرف الدولة .

ثالثا:أسباب سياسية
عدم الاستقرار السياسي الذي تعرفه مجمل الدول الإفريقية المبنية على الانتماء العرقي و العقائدي (المالي، النيجر) ، بالإضافة إلى التخلف و الركود التي تعيشه مجمل شعوب دول الجنوب والذي نجمت عنه صراعات سياسية أدت إلى ظهور معارضة مسلحة في الشمال أجبر العديد من السكان إلى النزوح بكثافة إلى الجنوب الجزائري بحثا عن الأمن و الاستقرار .






الفصـــل الثالــث





الاستراتيجية العامة لمكافحة الجريمة و الواقع الامني لها











الهجرة غير الشرعية ظاهرة دولية تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات على مختلف الأصعدة ، و لذا وجب دفع إستراتيجية محكمة للتصدي و المواجهة لإبطال مفعولها و استئصال جذورها و هذا لا يكون إلا بتضافر و تعاون مختلف الدول المعنية في إطار دولي فعال . و يكون الأول:انطلاق من الأسباب التي أوجدتها و ميكنـزمات تحركاتها و عوامل انتشارها ، خاصة و أن الجزائر دخلت مرحلة اقتصادية هامة كونها التحقت بمختلف الهيئات و المنظمات العالمية الشيء الذي يجعل منها قطبا مميزا لكل البلدان الإفريقية التي تعاني مشاكل اقتصادية ، اجتماعية و أمنية .

المبحث الأول :
نشاط مصالح الأمن لمواجهة و الحد من الهجرة غير الشرعية.
رغم كل التدابير و الإجراءات المتخذة إلى جانب القوانين التنظيمية التي سخرت من طرف السلطات المعنية للحد من ظاهرة الهجرة الغير شرعية لما تحمله من أخطار على الأمن العمومي تبقى محدودة بدون وجود جهاز أمني و هذا ما أخذت به الجزائر بتخصيصها لأجهزة أمنية توكل لها مهمة مكافحة الظاهرة كحراس الحدود ، حراس السواحل و أخيرا شرطة الحدود ، و لهذا يستوجب الإشارة أولا إلى القوانين التنظيمية التي تحرك هذه الظاهرة بعدها الأجهزة و الإجراءات الأمنية المتخذة للحد منها .
المطلب الأول:
الجوانب التنظيميةحاليا:نونية التي تحكم الهجرة غير الشرعية.
القوانين المطبقة حاليا :
إن المنظومة القانونية المتعلقة بسير الأجانب و شروط إقامتهم تتمثل خصوصا في الأمر 66-211 المؤرخ في 21-07-1966 و كذا القانون 81-10 المؤرخ في 11-07-1981 و المتعلق بشروط توظيف العمال الأجانب بالإضافة إلى مراسيم أخرى المتعلقة بشروط التدريس و التكفل بالطلبة و المتربصين الأجانب و كذا نشاطات التجارية و الصناعات التقليدية بالأجانب فوق التراب الوطني ، إن الملاحظة التي لابد من إدراجها حول النصوص المذكورة آنفا أثبتت محدوديتها و أصبحت لا تتماشى مع الوضعية الحالية خاصة مع تفاقم عدد المهاجرين غير الشرعيين إذ أن الأحكام الخاصة بشروط الإقامة الإيواء و التوظيف مصنفة كجنح و العقوبات لا تتعدى الحبس بستة أشهر و غرامة مالية زهيدة مما يشجع المواطنين على امتهان حرفة استقدام الأجانب و تشغيلهم دون مراعاة القانون ، و عليه فإن الهيآت المختصة في مكافحة هذه الظاهرة عرفت مشاكل عدة في ظل عدم وجود إطار قانوني يتضمن عقوبات ردعية ، مما أدى إلى تعقد مهام الأمن ، لكن تم استدراك الأمر في إصدار القانون البحري الجديد من المواد 544 إلى 549 و من 857 إلى 859 حيث سمحت و لو بالقدر القليل لمواجهة هذه الآفة بصرامة و فعالية حيث إذا تطرقت إلى مختلف أنواع الجريمة و العقوبات الردعية الخاضعة لها .
النظرة المستقبليـة :
و هـي عبارة عن جملـة من الاقتراحـات المستقبلية حيث لاحظنا أن النصوص القانونية السالفـة الذكر أثبتت محدوديتها و أصبحت لا تتماشى مع الوضعية الحالية خاصة مع تفاقم تدفق عـدد المهاجرين غير الشرعيين إذ أن الأحكام الـخاصة بشروط الإقـامة و التوظف مصنفة كجنح و العقوبات لا تتعد الحبس بستة أشهر و غرامة مالية زهيدة مما يشجع المواطنين على امتهان حرفة استـقدام الأجانب و تشغيلهم دون مراعاة القانون .
و من جملة الاقتراحات التي يمكن إدراجها من الناحية التشريعية و التي من شانها أن تساهم في مواجهة الهجرة غير الشرعية :
 تكييف القوانين التنظيمية تماشيا و تطور الظاهرة.
 إعادة النظر في الإجراءات القضائية حيث إن تجربة المتابعة القضائية لم تأتي بثمارها و يعود هذا إلى العقوبة التي أصبح المهاجر السري يتقبلها و ل يبالي بها و عليه ستوجب رفع العقوبة في حالة عودة المهاجرين السرين من مخالفة إلى جنحة .
 معاقبة كل شخص يساهم في مساعدة إيواء و استغلال هذه الفئة .
 متابعة أعوان المصالح المتواطـئة وفق الإجراءات التأديبية و الإدارية.
و في الأخير يمكن القول انه من الناحية الإدارية و القانونية لا بد من إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالأجانب في الجوانب الجزائية منها على الخصوص و بالتالي تدعيم الجهاز القضائي بدوره بنصوص ردعية .
المطلب الثاني:
الأجهزة الأمنية المختصة في مكافحة الهجرة غير الشرعية .
إن الأجهزة الأمنية المختصة في مكافحة الهجرة الغير شرعية لا يقتصر دورها فقط على قمع هذه الظاهرة باتخاذها لإجراءات أمنية ردعية ( الطرد، الإبعاد ، الاقتياد...) بل يتعدى الحدود:اتخاذها لإجراءات وقائية من شأنها أن تحد من تطور الهجرة الغير شرعية ، و فيما يلي مختلف المصالح التي أسندت لها هذه المهمة :
‌أ. مجموعة حرس الحدود : إن هذه المصلحة تخضع لسلطة قيادة الدرك الوطني و هي متواجدة على طول الشريط الحدودي توكل لها مهمة حراسة الحدود الجزائرية ضد أي مـحاولة للمساس بأمن الدولة ، محاربـة النشاطات غير مشروعة كالتهريب بكل أنواعه ، هجرة غير شرعية ...الخ . و هي مهيكلة على النحو التالي :
 القيادة الجهوية لحرس الحدود رقم 02 بوهران تضمن حراسة الحدود الغربية.
 القيادة الجهوية لحرس الحدود رقم 03 ببشار تضمن حراسة الحدود الجنوبية الغربية (المغرب، موريطانيا، الصحراء الغربية، مالي ) بها ثلاث مجموعات بمختلف الولايات .
 القيادة الجهوية لحرس الحدود رقم04 بورقلة توكل لها مهمة حراسة الحدود الجنوبية الشرقية ( تونس، ليبيا).
 القيادة الجهوية لحرس الحدود رقم05 بقسنطينة تضمن تأمين الحدود الشرقية مع تونس
 القيادة الجهوية لحرس الحدود رقم 06 بتمنراست تسند لها مهمة مراقبة الحدود الجنوبية و الجنوبية الشرقية مع كل من النيجر و المالي .
‌ب. حراس السواحل : هي مصلحة تابعة لوزارة الدفاع الوطني ، البحرية الوطنية تنحصر مهمتهم في المحافظة و مراقبة الحدود البحرية التي يبلغ طواها 1200 كيلومتر التي وضعت تحت حماية هذه الهيئة بمقتضى القانون رقم 98-05 المؤرخ في 25-06-1998 ، هذه الوحدات مدعمة بتواجد حراس لمراقبة المرور البحري على طول السواحل الوطنية و تعمل بالتنسيق مع فرق شرطة الحدود البحرية خاصة في مجال محاربة الهجرة الغير شرعية .
‌ج. شرطة الحدود : المهام الرئيسية الموكلة لفرق شرطة الحدود البرية ، الجـوية و البحرية هي التطبيق للتعليمات المنظمة لحركة عبور الأشخاص و البضائع عبر الحدود ، ضمان أمن المنشآت المتواجدة داخل الحيز ألمطاري و المينائي للاستعلام فـي الوسط الحدودي و قمع الجريمة و الآفات بكل أشكالها ، فإن مصالح شرطة الحدود تقع على عاتقها أيضا مهمة مكافحة الهجرة غير الشرعية باعتبارها فعل غير مشروع يتمثل في اجتياز الحدود بطرق غير قـانونية باختراقهم لقـوانين التنظيمات المعمول بها في مجال حركة عبور الأشخاص ، حيث تتخذ ضدهم الإجـراءات المناسبة سواء الطرد عن طريق قرار تصدره السلطات القضائية أو الإداريـة بالنسبة للأجانب أو المتـابعة القضائية بالنسبة للجزائريين .
كما أنها مكلفة أيضا بمراقبة مدى صحة وثائق السفر عند النقاط الحدودية حيث يعتبر تزوير وثائق السفر و التأشيرات ضمن الأساليب المستعملة من قبل المهاجرين السريين
مع الإشارة أن هذه الهيئة تخضع في تنظيمها الإداري إلى السلطة المباشرة لمديرية شرطة الحدود و التي هي مهيكلة على النحو التالي:
على المستوى المركزي : تتكون مديرية شرطة الحدود من خمسة نيابات مديرية و هي :
 نيابة مديرية شرطة الحدود الجوية .
 نيابة مديرية شرطة الحدود البرية.
 نيابة مديرية شرطة الحدود البحرية.
 نيابة مديرية المحفوظات و الإحصائيات
 نيابة مديرية أمن الموانئ و المطارات .
على المستوى الخارجي : نجد على هذا المستوى سبعة مصالح لشرطة الحدود و هي: قسنطينة ، وهران ، إليزي ، ورقلة ، تمنراست ، مغنية ، سوق اهراس ، و مؤخرا فتحت مصلحـة جديدة لشرطة الحدود ببشار لكنها لازالت غير عملية ( تأكد من هذه المعلومة )
بالإضافة إلى الفرقتين الأولى و الثانية لشرطة الحدود البحرية لميناء الجزائر و الفرقة الجوية لمطار هواري بومدين .
المطلب الثالث :
الإجراءات الأمنية المتخذة لمواجهة الهجرة غير الشرعية :
الإجراءات المتخذة حـاليـا
بعد التطرق إلى الأجهزة الأمنية الكفيلة بمحاربة الظاهرة ، يجدر بنا الآن تسليط الضوء على الإجراءات الأمنية التي تتخذها هذه الأجهزة انطلاقا من القانون المنصوص عليها ، و قبل التطرق إليها يجب أن نفرق بين :
- محاولة الهجرة الغير شرعية: تكون في حالة اكتشاف الشخص بالرصيف محاولا الركوب داخل الباخرة الراسية بالميناء.
- الركوب السري : تكون في حالة إكتشاف الشخص داخل الباخرة قبل إبحارها و هذا أثناء تفتيشها فيقدم إلى المحكمة مرفقا بتقرير ربان الباخرة و تتخذ ضده الإجراءات حسب ما ينص عليه القانون البحري .
- الهجرة الغير شرعية : تكون في حالة إكتشاف الشخص بعد مغادرة الباخرة ، فإذا كانت السفينة بالمياه الإقليمية فإن الشخص يسلم إلى حراس السواحل مقابل وصل استلام-أخذ بكفالة- الذين بدورهم سيسلمونه إلى مصالح الشرطة .
أما في حالة خروج من المياه الإقليمية فإن المهاجر السري لا يسمح له بمغادرة الباخرة و يبقى على متنها إلى غاية عودتها و يطبق عليه نفس الإجراء السابق .
و للإشارة ، إن معاملة الاجنبي المهاجر سريا تختلف على المواطن الجزائري و تكون الإجراءات كالتالي:
اولا : بالنسبة للجزائريين
إن القرارات التي تتخذها سلطات الدول الأجنبية ضد المواطنين الجزائريين تختلف بإختلاف الحالات :
أ/ قرار الطرد : يتخذ هذا الإجراء ضد الأشخاص المتورطين في جريــمة ما – جناية ،المتاجرة بالمخدرات،سرقـة ... الخ – و اتمو مدة العقوبة، يكونون حاملين لرخص زرقاء اللون و عند وصولهم تقوم فرقة مراقبة المسافرين بسماع أقوالهم ثم تحويلهم إلى فرقة الشرطة القضائية للقيام بإجراءات اللازمة ؛ فحص الهوية الكاملة مع سماعهم على محضر رسمي لمعرفة ما إذا كان الشخص محل بحث من قبل السلطات المدنية أو العسكرية ثم يحول إلى امن الولاية لإجراء فحص معمق كرفع الباصمات و اخذ القياسات ثم طـلق سراحه .
ب/ قرار الاقـتياد : يتخذ ضد الشخص الذي قبض عليه من طرف الشرطة الأجنبية أثناء المراقبة و يضبط في حالة إقامة غير الشرعية أما بخصوص الإجراءات فتكون كسابقاتها.
ج/ قرار الإبعاد : يتخذ ضد أشخاص على مستوى شرطة الحدود لعدم استفاء الشروط القانونية للعبور مثل وثـائق مزورة ..... الخ .
د/ قرار الإرجاع و الإعادة : يتخذ ضد الأشخاص المجردين من وثائق سفرهم بسب ضياعها أو سرقتها حيث تقوم المصالح القنصلية بإصدار لهم رخص مرور زرقاء اللون عند رغبتهم العودة إلى ارض الوطن بمحض إرادتهم .
ثانيا : بالنسبة للأجانب
أما بخصوص الأجانب المتواجدين بأرض الوطن بطريقة غير شرعية فإنه يتخذ ضدهم :
أ/ قرار الإبعاد : يكون على مستوى مصالح شرطة الحدود في حالة عدم حيازتهم لتأشيرة الدخول إلى أرض الوطن .
ب/قرار الطرد : يتخذ ضدهم هذا الإجراء في حالـة اقـامتهم غير الشرعية حيث يتم تحويل الشخص المعنالى امن الولاية محل الاختصاص لسماع أقواله على محضر رسمي مع دراسة معمقة بعد ذلك يتم طرده إلى بلده الأصلي عن طريق تحويله إلى نقاط العبور، أما في حالة ارتكابه الجرائم فانه إلى جانب العقوبة الجنائية يتخذ أيضا ضده نفس القرار السابق .
في نفس السياق و في إطار مواجهة الهجرة غير الشرعية أبرمت السلطات الجزائرية اتفاقيات ثنائية مع كل من نيجريا و ألمانيا تحرص على تنفيذها مصالح شرطة الحدود حيث جاءت المبادرة الأولى كرد فعل على ادعاءات حكومة نيجريا مفادها أن الشرطة الجزائرية تعمد إلى ترك المهاجرين النيجريين في الصحراء لأجل التخلص منهم ، و ترجم الاتفاق بتنظيم عمليتي ترحيل جوا ، الأولى في شهر أوت 2001 رحل بموجبها 92 رعية نيجرية اثنين منهم مصابين بداء السيد و ذلك انطلاق من مطار هواري بومدين مرورا بتمنراست ثم ادرار و من تم إلى لاغوس بنيجريا و العملية الثانية تمت في شهر نوفمبر 2001 ، كما أبرمت كذلك اتفاقية بين الحكومة الجزائرية الحكومة الألمانية بتاريخ :24/02/1997 ألحقت باجتماعين للخبراء لوضع الاتفاق حيز التنفيذ الأول بتاريخ08-27/04/1998 ببرلين و الثاني في:17-18/02/1999 بالجزائر ، و مجمل ما جاء في الاتفاق إن مصاريف النقل المواطنين الجزائريين المعادين إلى ارض الوطن يقع على عاتق الحكومة الألمانية شريطة أن يرافق كل معاد شرطيين جزائريين على أن لا يتعدا عدد المعادين خمسة أشخاص ، حيث يتم إعلام الطرف الجزائري مسبقا 15 يوما قبل الموعد المحدد لتاريخ الاقتياد عن طريق فاكس يضم عدد و هوية المواطنين الجزائريين المعنيين بالترحيل .
نفس العملية تتم بين مصالح شرطة الحدود الجزائرية و الحكومة الأسبانية لجلب المقتادين الجزائريين انطلاق من مطار سيناء (وهران).
النظــرة المستقبلية للاجـراءات الامنية
في إطار مواجهة الهجرة الغير شرعية ، نشرع في تقديم جملة من الإقتراحات التي يمكن إدراجها كما يلي :
 ضرورة تدعيم الفرق المكلفة بحراسة البواخر بالكلاب المدربة القادرة على مطاردة كل دخيل يحاول التسلل إلى البواخر الراسية بالموانئ .
 ترتيب الحاويات من طرف مؤسسة الميناء بعد تفتيشها من قبل الجمارك و قفلها و ختمها و وضعها بشكل متقابل حتى يصعب فتحها و الإختفاء بها .
 إحاطة الميناء بسياج شائك يصعب إختراقه .
 منع الدخول المتزايد للأشخاص الذين لهم علاقة مع المستخدمين بالميناء .
 تزويد فرق شرطة الحدود البحرية بزوارق حتى يتسنى لها التغطية الأمنية لجهة البحر .
 إحصاء جميع المنافذ المعتاد التسلل منها مع ضرورة تعزيزها بتشكيلة أمنية مـناسبة.
 أما بخصوص العبور عن مستوى الحدود الجوية و هذا بإستعمال وثائق سفر و تأشيرات مزورة و لتفادي هذا النوع من الجرائم ، عمدت مديرية شرطة الحدود في تنظيم دورات و ملتـقيات لإطاراتها حول تزوير الوثائق مع حرصها على ضرورة تبليغ هذه المعلومات للمعنيين بالأمر ، و تبقى هذه المبادرات غير كافية ، لذلك يجب:
 تنظيم دورات تكوينية للرتباء و الأعوان التابعين لفصيلة المراقبة بفرق شرطة الحدود حول تزوير وثائق السفر مع إبراز الطرق الكفيلة للكشف عنها خاصة و أن الأعوان و الرتباء هم المعنيين بالدرجة الأولى بهذا التكوين .
 تزويد فرق شرطة الحدود الجوية ، البرية و البحرية ببنك المعلومات حول وثائق سفر الدول الأجنبية ، التأشيرات ، بطاقة الإقامة مع إرفاقها ببطاقة تقنية مفصلة .
 فتح قنوات إتصال و مساعدة مع مختلف المصالح المختصة في مكافحة التزوير و إستعمال المزور.
إضافة إلى ما ذكر سابقا ، هناك بعض الإقتراحات العامة التي ينبغي أخذها بعين الإعتبار على مستوى الحدود بأنواعها و هي :
 إقامة مدرسة شرطة الحدود قصد التخصص في التكوين .
 تبادل المعلومات بين المصالح المختصة في مكافحة الهجرة غير الشرعية .
 تنظيم ندوات و ملتقيات و دورات تكوينية في مجال الهجرة غير الشرعية .
 تقوية و توفير الوسائل البشرية و المادية بفرق شرطة الحدود .
 متابعة أعوان المصالح المتواطئة وفق الإجراءات التأديبية والإدارية ، التي تصل حتى الطرد و المتابعة القضائية .
 وضع سياسة أمنية محكمة و إجراءات احترازية لحماية حدود الدولة وفق دراسة ميدانية فاعلة.
المبحـث الثـانـي
التعـاون الــدولي في مجـال مكـافحـة الهجرة السرية :
إن التفكير في بناء إستراتيجية جديـدة بمساهمة كافة الدول المعنية للحد من هذه الظاهرة ، كمساعدة الدول مصدر الهجرة ، التعاون الدولي وتبادل التجارب وتوحيدها ، أضحى ضرورة حتمية . حيث لاحظنا في السنوات الأخيرة عقد لقاءات دولية عديدة لدارسة الظاهرة وطرح الحلول البديلة للحد منها وذلك بالتنسيـق مع جميع الـدول المعنية.
المطلب الأول
آليات دولية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية ( اتفاقيات )
إن امتـلاك رؤية واضحة الأهداف و إستراتيجية عامة في مكافحة الهجرة غير الشرعية غير كاف وحده لتحقيق هذه الإستراتجية الرامية للحد من هذه الظاهرة بل لابد من اعتماد آليات عملية من شأنها أن تترجم الأهداف إلى واقع ملموس . هذا ما نلمسه من خلال بروتوكول اتفاق دولي ضد الهجرة غير الشرعية عبر البحر ، الجو و البر المضاف إلى اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة ، الذي وقعت عليه 123 دولة و جاء في مجمله حث الدول الموقعة على الاتفـاق بـالتعاون على تبادل المعلومات في هذا المجال . تبني تشريع قضائي و إجراءات أخري ضرورية للتصدي للظاهرة .
في نفس الإطار فقد سبق هذا الاتفاق اجتماع مسؤولية نقاط الاتصال حول الهجرة غير الشرعية لبلديات حوض البحر الأبيض المتوسط بتاريخ 27-28 مـارس 2000 ، حيث أن أهم ما أسفر عنه : ضرورة معرفة الهجرة غير الشرعية - تبادل المعلومات التي تسمح بالتعرف على شبكات الهجرة غير الشرعية وتفكيكها - تبادل المعلومات من حيث التنظيـم - أسلوب عمل الأجهزة المستعملة و كذا التجارب التي تراها مهمة لتستفيد منها المصالح التي تعمل على مـراقبــة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية ، إضافة إلى التأكيد على ضرورة إشـراك بلدان الضفة الجنوبية في دورات التكوين المسطرة من طرف بلدان البحر الأبيض المتوسط ، مع برمجة الاجتماعات التي تنظمها في هذا الإطار .
تجـدر الإشارة إلى أن الجزائـر بحكـم تقـاليدها الإنسانية اتجـاه إفـريقيا لعبت دورا مهما حسب إمكانيـاتها التضامنية و استعدادهـا لتقديم كل المسـاعدات الممكنـة للأفارقة من أجل التقليل من الهجرة غيـر الشـرعية ، رغم تضاعف حركتهم وقد ترجمت هده المبـادرات بوضع لجنة مختصـة بيـن الجمهوريـة المالية والجـزائـر لدراسة بعض المـواضيع المشتــركـــة تتعلق بالنقاط التالية :
أ/ تنقل الأشخاص: حيث عرض الطرف المالي على الطرف الجزائري مشروع بروتوكول
اتفاق متعلق برخصة المرور الحدودي بين البلدين استنادا على الاجتماع الذي عقد بين الدولتين بأدرار في 11/11/1983 .
ب / محاربة التهريب وكل النشاطات غير المشروعة.
ج / محاربة الهجرة غير الشرعية ، مع ضرورة إعلام قنصليات كلا البلدين بصفة منتظمة
بكل عملية طرد أو اتخاذ أي إجراء ، كما اتفق الطرفان على إنشاء لجنة مشتركة للأمن على أن تعقد دورته الأولى قبل نهاية شهر جوان 1999 ببماكو .
أما في إطار التعاون الحدودي فقد اتفق الطرفان على هذه التوصيات:
 تنظيم تبادل الزيارات الدورية بين مصالح الأمن والجمارك إلى البلدين .
 تبادل المعلومات في ميدان محاربة كل النشاطات غير الشرعية.
 صيانة معالم الحدود والخرائط وفق اتفاقية وضع المعالم الحدودية المؤرخة في : 09 ماي 1983
د / عودة السكان النازحين: فيما يخص هذا الملف، أظهر الطرفان ارتياحهما على المجهودان المبذولة من طرف الجزائر و المالي المحافظة السامية اللاجئين لاسيما فيما يتعلق بتنظيم الإقامة والترحيل الإداري للسكان النازحين.
النظرة المستقبلية لاتفاقيات الجزائر مع الدول:
إن التجربة المكتسبة من قبل مختلف المصالح الجزائرية في ميدان مكافحة الهجرة غير الشرعية ومعالجة كل القضايا المرتبطة بها أثبتت إن المجهودان المبذولة في هدا الإطار تبقى غير كافية في ظل غياب تعاون دولي فعال لدلك يجب إن يتمحور هدا التعاون حول النقاط التالية:
 ضرورة التمييز بين الهجرة الشرعية وغير الشرعية.
 الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الخاصة بكل دولة في مجال محاربة هده الظاهرة.
 تبادل المعلومات حول كل ما يتعلق بالأجهزة المكلفة بمحاربة الهجرة غير الشرعية من حيث تنظيمها وأسلوب عملها.
 فتح وتطوير قنوات التعاون, التنسيق والاتصال بطريقة تسمح بتبادل التجارب بين دول المصدر, العبور و الدول المستهدفة.
 وضع سياسة اجتماعية رشيدة من طرف كل الدول المعنية .
 تبادل الخبرات وتطوير التعاون بـإعداد بـرنامج حول تكوين مـوظفين مختصين في مكافحة هـده الظاهـرة.
 تبادل الـزيـارات الاستعـلامية لإطارات الجهات المختصة في محاربة الهجرة غير الشرعية .
 حـث الدول الـتي تـربطها حدود مشتركة على تبـادل المعلومات حول نقاط الانطلاق والوصول وكدا المسالك المتبعة ،وسائل النقل أو طــرق غير شـرعية مستعملة من طرف المهـاجرين .
 تبادل معلـومات حول صحة وشرعيـة وخصائـص وثـائق السفر الصادرة من طرف كل دولة وكدا وثـائق الهـوية الفارغة والمسروقـة.
 تبـادل المعلومـات في ميـدان محاربة طرق التهريب وكل النشاطات غير الشرعيـة
 إقامة الربط اللاسلكي مابين السلطات الأمنية بيـن الـدول التـي تربطهـا حدود برية مشتركة وتعزيـز وسائـل العمل.
 ضرورة التنسيق فيما بين الممثليات الدبلوماسية للتحقيق من هوية هـؤلاء .
 على الصعيد الدبلوماسي لابد من إقناع السلطات المـالية والنيجرية للسمـاح للأفارقة محل الطرف لعبـور أراضيها باتجاه بلـدانـهـم الأصلية .
 إنشاء مـراكز الاستقبـال و العبور خاصة التكفـل بالمهـاجـرين السريين في انتظـار الترحيل.
 إن عملية الطرد لابد إن تكون باتفاق البلدين و لا بـترك المـطرود في الطبيعــة بل يسلـم إلى سلطة البلد الأصلي حيث أثبتت التجربة أن الطرد الإداري أصبح شكليا إذ غالبا ما يعود المطرود إلى المكان الذي قرر الطرد منه.
وفي الأخير يمكن القول إن هـده الآليـات لن تترجم في ارض الواقع إلا باشتراك المنظمات والهيئـات المختصة بـالهجرة.
المطلــب الثـــاني
دور المنظمـات الدولية في التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعيـة
- قبـل الخوض في التنويه بدور المنظمات الدولية ( الحكومية وغير الحكومية ) للتصدي للهجرة غير الشرعية يجدر بنا أولا التطرق إلى ماهية المنظمات الدولية.
‌أ. تعريف المنظمـات الدوليـة:
المنظمات الدولية هي عبارة عن هيئـات ناتجة عن اتفاق إرادات مجموعة من الدول على إنشاءها على نحو دائم لرعاية وتحقيق مجموعة من مصالحها المشتركة , وتتمتع بكيان مستقل وتملك التعبير عن إرادتها الذاتية في المجتمع الدولي و مواجهة الدول الأعضاء .
و وفقا للقواعد العامة فان هده المنظمات لا تتمتع بالشخصية القانونية حتى ولو كانت مختلطة العضوية أي تم تكوينها نتيجة اشتراك دول في عضويتها إلى جانب الأشخاص و الهيئـات الخاصة وعلى هدا فان إطلاق صفة الدولية على هدا النوع من المنظمات هو من قبيل التجاوز في التعبير حيث إنهم لا تتمتع إلا بسلطة ضئيلة ولا تملك إلزام الدول مباشرة بالحقوق والواجبات التي تقررها مواثيقها و مثال ذالك جمعية الصليب الأحمر الدولية ،منظمة العفو الدولية ، الاتحاد الدولي للنقابـة...الخ
‌ب. دور المنظمـات الدوليـة :
بعد هذه اللمحة الوجيزة عن تعريف المنظمات الدولية يبقى الحديث الآن عن دورها في التصدي ومعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
• دور المنظمة الدولية للهجرة ( oim ) : هي منظمة عالمية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة يتمثل دورها في : تقديم المساعدات في شتى المجالات ( الصحة , الغداء , الإيواء ....)
تؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين السريين في العام قد بلغ ما بين 20 – 40 مليون مهاجر من بين 130 مليون و تعتبر كل من الصين , الفلبين , اندونيسيا الدول المتصدرة لقائمة دول مصدر الهجرة.
وحسب نفس المصدر فان عدد المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين بأوروبا قد بلغ 03 ملايين موزعون على النحو التالي: 500.000 بفرنسا, 235.000 بايطاليا, 150.000 باسبانيا .
أما بخصوص تعامل المنظمة الدولية للهجرة مع الجزائر، فقد ترجم بتوقيع اتفاق يقضي بوضع كل طاقات هذه المنظمة وخبراتها لمساعدة الجزائر قصد التحكم في ملف الهجرة ، خاصة فيما يتعلق بتدفق الجنسيات الإفريقية في الجنوب بالإضافة إلى تنظيم برامج تحسيسية للشباب الجزائري المعرضين للهجرة ، بإنشاء مرصد لجمع المعطيات المحددة لميكانيزمات الهجرة في الجزائر يكون بمثابة بنك للمعلومات.
المطلـب الثـالث:
الانعكاسات النـاجمـة عن الهجرة غيـر الشرعيـة :
إن لهذه الظاهرة انعكاسات ،مخاطر و نتائج متنوعة سلبية وخطيـرة تمس بمختلف الجوانب وتؤثر على سيرورة المجتمع وديناميكية وفي هـذا المطلب سوف نتطـرق إلى الانعكاسات و الثأر السلبيـة النـاجمـة عن تـدفق المهاجرين غير الشرعيين على حركية المجتمع وتطـوره من جهـة و من جهة أخرى المخاطر التي يصادفهـا المهاجر السري أثنـاء رحلتـه إلى غـاية وصوله .
– لقد أثـرت الهجـرة غير الشرعية سلبـا على مختلف المجـالات التي تنشط حركة المجتمـع ودينـاميكية وتتمثـل أساسا في:
‌أ. الانعكاسات في المجـال الاجتمـاعي :
إن تمـركز الأعـداد الهائلة للنـازحين من مختلف الجنسيـات أكثر من 42 جنسية في مناطق معنية من القطر سيصور لامحالة نتائج اجتماعية نذكر على الخصوص :
• خلـق تعدديـة في المعتقـد الديني ومـا يتبعـه من خطـر على وحـدة الأمـة
• التأثيـر السلبي على القيم الأخلاقية للمجتمع نتيجة تفشي الدعارة والممارسات اللاأخلاقية .
• التأثير السلبي على تطبيق البرامج الاجتماعية المحلية المسطرة وحرمان السكان الأصليين من الاستفادة منها.
• الإخلال بالبنية الاجتماعية نتيجة الزواج المختلط .
• انتشار البيوت القصديرية و الخيم بمحاذاة المدينة والتي يتخذها هؤلاء المهاجرين السريين كمساكن لهم.
‌ب. الانعكاسات في المجال الاقتصادي:
إن الأعداد الهائلة من المهاجرين المتواجدين في الولايات الحدودية المستهدفة أحدثت ما يلي :
• اضطرابات في ميدان التنمية الاقتصادية أثرت في التحكم في برامج التموين بالنسبة للموارد الضرورية لتلك المناطق.
• الوجود المكثف لهؤلاء أدى إلى ارتفاع البطالة في أوساط السكان الأصليين نتيجة تقديم خدمات من قبل هذه الفئة بمقابل زهيد .
• تدهور القيمة النقدية الوطنية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني .
‌ج. الانعكاسات في المجال الصحي :
إن قدوم إعداد من المهاجرين السريين وما يحملونه من إمراض متعددة ومستعصية في أوساط البعض منهم كمرض السيدا و الأمراض الجنسية المختلفة أصبح يشكل خطرا على صحة أفراد المجتمع , وتجدر الإشارة أن أعلى نسبة من المصابين بهذا الداء القاتل على المستوى الوطني سجلت في ولاية تمنراست.
‌د. الانعكاسات في المجال الأمني:
إن الوجود غير الشرعي و غير المتحكم فيه للأجانب أصبح مصدر التهديدات التي تمس بالأمن بصفة عامة . فقد تم ضبط شبكات متخصصة في احتراف التزوير واستعماله , المتاجرة في المخدرات وامتهان الدعارة وتسلل الأجانب قصد التجسس , هدا الطابع يمكن ان يكون مستعملا من طرف قوات أجنبية خاصة فرنسا , إسرائيل لخلق توترات محلية تساعدها على التدخل في شؤونها الداخلية.

zoubour
2011-04-21, 11:10
بارك الله فيك أخ ياسين على هذا العمل الجبار الذي أنت في صدد القيام به.

لقاء الجنة
2011-04-21, 21:45
http://img183.imageshack.us/img183/2953/81094159.gif

koka322
2011-12-20, 09:08
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

mouradzeralda
2012-01-07, 12:31
هذا المنتدى في غاية الروعة و هو يلبي اغلب الاحتياجات العلمية