المعزلدين الله
2011-04-17, 21:42
'الجزيرة' والثورات العربية: ارادة تغيير تراهن على الشعوب
عصام عبد الله
2011-04-15
ليس مهما بناء مؤسسة اعلامية بل المهم كيفية الحفاظ عليها والاندفاع بها الى الريادة. ليس مهما ان تنقل الخبر، على اهمية هذه القاعدة، بل المهم ان تصنع الخبر. ليس مهما ان تكون رقما اعلاميا، حتى لو كنت في الطليعة، بل المهم ان تكون المسافة بينك وبين الاخرين بعيدة وشاسعة. ليس مهما ان تكون منبرا للرأي والرأي الاخر عندما تدرك ان آمال الشعوب اكبر من أي رأي.ليس مهما ان تملك السلاح بكل تقنياته، بل المهم كيف تحقق النصر من دون استخدامه. ليس مهما ان توسع دائرة صداقاتك فتغض الطرف عنهم او تتسع دائرة الخصوم فتقع في دائرة الخشية والقلق من الافخاخ في كل مكان، بل المهم كيف تبني المصداقية والثقة وتحافظ على المرجعية في الاعلام وفي الريادة.
خمس عشرة سنة لم تكتمل على انطلاق قناة الجزيرة من'دوحة قطر، فإذا هي تبز قريناتها المحليات اقليميا وتنافس العالميات وتتجاوزها، في المعطى العربي على الاقل.
العاملون في الاعلام يدركون في قرارة انفسهم ان نجاح الجزيرة في الاستقطاب الجماهيري مرده الى عوامل عدة، منها التقنيات والادارات والعاملون والمتابعة وملاحقة الاخبار ومساحة الانتشار وتعدد القنوات من انكليزية الى وثائقية الى رياضية واخرى خاصة بالاطفال، وكل هذا صحيح، لكن النجاح كما اراه يكمن في القرار السياسي الذي يحكم ويحمي عمل هذه القنوات.
إن صاحب قرار اعطاء الحرية للعاملين في قناة الجزيرة هو شخص واحد لا غير مهما تعددت الاسماء والقيادات المهنية والوظيفية، ولا يمكن ان يكون اكثر من اي شخص، اما الباقون فينفذون الارادة العملية والوظيفية والتسويقية.
إن العاملين في الاعلام يدركون جيدا ان رسم الخطوط الحمراء ووضع السياسات هو اساس كل وسيلة اعلامية، فعندما يتم وضع هذه الخطوط والسياسات تصبح القناة والعاملون فيها اسرى هذه الخطوط، ويصبح الحراك مقيدا ومغلولا، كما نشاهد في محطات اخرى.
لقد سجلت قناة الجزيرة رسما بيانيا تصاعديا منذ انطلاقتها فراحت تقول وتتابع وتلاحق وتكشف وتحقق وتغطي وتناقش في القضايا المقموعة والممنوعة، فاستحقت عداوات عن جدارة، من اقرب الناس وابعدهم، وتحملت الكثير من الانتقادات والسباب والشتائم، واستمرت.
لم تسلم الجزيرة ومكاتبها ومراسلوها ومندوبوها ومحرروها من القتل والإقفال والملاحقة والمتابعة من معظم الدول العربية، حتى الاجنبية، خصوصا الغربية، والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه التحديد، لكنها لم تتراجع.
هذا الاستمرار مرده الى القرار الشجاع بحماية حرية هذه القناة وحرية افرادها في كل المستويات للاستمرار والمتابعة كأن شيئا لم يحصل.
*فكيف ينعكس مثل هذا الموقف على طاقم العمل؟
*لقد اثبتت الادارة والمذيعون والمحررون والمندوبون وكل العاملين في الجزيرة انهم اهل للثقة وانهم على مستوى الاحداث وانهم اصحاب مهنة وانهم على قدر عال من المسؤولية وانهم، كما تتطلب مهنة المتاعب، لم يتوانوا عن تلبية الواجب.
قد يكون هذا الكلام مبالغا فيه ما قبل الثورات العربية انطلاقا من تونس مرورا بمصر وصولا الى ليبيا، فاليمن والبحرين وعُمان والاردن وسورية وايران، لكن الكلام ما بعد الدور الذي لعبته قناة الجزيرة في مواكبة هذه الثورات صار مطلوبا للحقيقة والانصاف.
لقد سجلت قناة الجزيرة سبقا رائدا في الاعلام السياسي والتثقيفي والتوجيهي والتغييري عندما تبنت خيار الشعوب واسقطت من حسابها مصالح الانظمة، على الرغم من كل المخاطر التي كان يمكن ان تواجهها في حال فشل هذه الثورات في تحقيق اهدافها.
فالمتابع لاحوال العالم العربي خلال الاربعين سنة الماضية يدرك ان تحرك الشعوب محكوم بالفشل. وتبعا لذلك فإن المراهنة على تحرك الشعوب العربية هذه المرة لم تكن افضل. ولو صح ذلك، فللمتابع ان يتصور كيف كانت ستكون صورة الجزيرة لو نجح الحكام وفشلت الشعوب، خصوصا في مصر وليبيا.
فعند الحديث عن الدور الاعلامي السياسي والتثقيفي والتوجيهي والتغييري، ينبغي التوقف امام عوامل عدة، اهمها:
يجب ان تملك الرؤية كي تتمكن من القراءة السياسية الصحيحة، وهذا ما حصل منذ اليوم الاول لانطلاق ثورة تونس وتبنيها والدفاع عنها واعطائها كل الدعم.
يجب ان تملك الرؤية الثقافية كي تتمكن من استيعاب الطروحات والعمل على تطويرها او كشف مخاطرها على الثورة.
يجب ان تملك الآلية التنفيذية كي تجعل رسالتك تصل الى عامة الشعب من دون ان تصدر اي بيان او تعلن اي موقف. وهذا ما حققته قناة الجزيرة بنجاح منقطع النظير.
يجب ان تملك ارادة التغيير كي تتمكن من فهم حقيقة معاناة الشعوب وكيف يمكن مساعدتها للوصول الى تحقيق اهدافها. وهذا ما شاهدناه وتابعناه بمستوى عال في قناة الجزيرة من خلال الضيوف والشخصيات والمواقف في الاستديو.
يجب ان تملك قوة الاعصاب والنفس الطويل وسياسة الصبر والمتابعة والملاحقة.ومن موقعي كأعلامي متمرس اراهن بان فريق عمل الجزيرة والمسؤولين، كل في مكانه وموقعه، لم ينم طوال فترة التغطيات، لاسيما اثناء ما جرى ويجري في مصر. كما اراهن انه لم يترك شاردة او واردة إلا كان لها مكان على الشاشة الفضية بعد قراءات سياسية مختلفة لمضامينها.
ليس سهلا على قناة تلفزيونية ان تأخذ قرار الوقوف الى جانب الشعب المصري، في ظل نظام امتدت جذوره في الارض وتشعبت وسائطه في المجتمع فنخرت في الاساسات وتغلغلت عميقا في نفوس المصريين، فتأتي قناة تلفزيونية، قال عنها يوما الرئيس المصري المخلوع عندما زارها: كل هذا الزعيق من هذا المكان الصغير؟ وتعمد هذه القناة الى اعطاء الشعب المصري المعنويات وفرصة التعبير والمنبر وتسليط الضوء على القمع وكشف المستور عن الممارسات الدموية التي مارسها النظام، لا سيما في المواجهة الدموية التي تتسم بجرائم الحرب عندما قامت السيارت المصفحة بدهس المواطنين كأنهم ذباب لا اهل لهم ولا حقوق.
*رهان الجزيرة لم يكن رهانا اعلاميا، بل كان رهانا سياسيا قياديا محفوفا بالمخاطر السياسية، ولنا ان نتصور كيف كان سيتعامل النظام المصري مع قطر، وليس مع قناة الجزيرة، لو قيض له ان ينجح في قمع الشعب المصري؟
*لم يكن الرهان في قناة الجزيرة سياسيا فقط على دعم ثورة الشعب المصري، بل كان ارادة تغيير تنتصر للمظلوم وتعمل على ارساء مفهوم جديد من العلاقة بين الشعب والنظام.
والحال سحبت نفسها على التعاطي مع النظام الليبي الذي رأى انه 'ما هكذا تكون الاخوة العربية'، ولم يجد غضاضة ان يحمل على قناة الجزيرة، كيف لا وهو يصف ابناء شعبه بالجرذان ولا يحدثهم الا بلغة الاحذية والعمالة والهلوسة.
ولم يكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأحسن حال في التعاطي مع قناة الجزيرة وقطر، وهي التي جهدت لحل مشاكله مع ابناء شعبه التي لا تنتهي نتيجة ضيق افقه وعدم قدرته على فهم احوال مجتمعه، بكل فئاته وطبقاته وقبائله.
لقد قدر لهذه الثورات ان تكون قناة الجزيرة موجودة لكشف ممارسات الحكام ومنع هذه الانظمة من الاعتداء الدموي على الشعوب، وبذلك جاءت النجاحات واحدا تلو الاخر وبدأت ملامح المنطقة بالتغير والانعتاق من الديكتاتوريات وصولا الى مجتمعات الحرية والديمقراطية والتقدم.
ان ما حققته الجزيرة لا يمكن ان يقف عند هذا الحد، فهو كثير وغني وستتكشف آفاقه اكثر في قابل الايام والسنين. فلم يتم التطرق الى الادوار السياسية الخارجية والمخاطر الدينية والمفاعيل الاقتصادية والحاجات الجماهيرية والازمات الاقتصادية الدولية واثرها على هذه المجتمعات. لكن كلمة حق وتهنئة لكل ما جرى وما تم تنفيذه يساهم في رفع المعنويات ويؤسس لمزيد من العطاء.
*ولا بد من سائل، ماذا تستفيد الجزيرة وقطر من هذه التغييرات؟
*من الطبيعي ان المتابعين يدركون ان هذه التغييرات المتسارعة سيكون لها نتائج، واهم هذه النتائج هو نقل هذه المنطقة من الكسل والخمول الى النهضة والبناء، فمصر بعد خمس سنوات لن تكون كما كانت قبل الثورة، تماما كما نرى اوروبا اليوم حيث لا نستطيع ان نتذكر كيف كانت قبل الاتحاد. وبهذا فقط يمكن فهم ان التغيير ستستفيد منه المنطقة جمعاء ومنها قطر، وليس قطر وحدها.
*وماذا بعد؟
*ليس مهما ان تتمكن قناة الجزيرة من النجاح بهذا القدر وبهذا المستوى، بل المهم ان تعرف قطر انها باتت اليوم تتحمل اعباء مسؤولية ضخمة تقع قبل كل شيء على صاحب القرار فيها، وهي متابعة هذه الثورات وتشكيل اطار اعلامي للمراقبة والمتابعة كي لا يتسلل المتضررون من نجاح هذه الثورات ويعملوا على الانقلاب عليها وافشال مقاصدها.
ليس مهما ان تكون قطر جزيرة صغيرة او قطرا خليجيا ضيق المساحة، بل المهم ان تبقى على مستوى القضايا الكبيرة للامة وعلى حجم مساحة العالم العربي، ولعل مسيرة الجزيرة تؤكد انها اهل للمراهنة على دورها وعلى ريادتها في الحقل الاعلامي والسياسي والتغييري وانها قادرة على التحمل وعلى القيادة وعلى الارشاد والاصلاح
عصام عبد الله
2011-04-15
ليس مهما بناء مؤسسة اعلامية بل المهم كيفية الحفاظ عليها والاندفاع بها الى الريادة. ليس مهما ان تنقل الخبر، على اهمية هذه القاعدة، بل المهم ان تصنع الخبر. ليس مهما ان تكون رقما اعلاميا، حتى لو كنت في الطليعة، بل المهم ان تكون المسافة بينك وبين الاخرين بعيدة وشاسعة. ليس مهما ان تكون منبرا للرأي والرأي الاخر عندما تدرك ان آمال الشعوب اكبر من أي رأي.ليس مهما ان تملك السلاح بكل تقنياته، بل المهم كيف تحقق النصر من دون استخدامه. ليس مهما ان توسع دائرة صداقاتك فتغض الطرف عنهم او تتسع دائرة الخصوم فتقع في دائرة الخشية والقلق من الافخاخ في كل مكان، بل المهم كيف تبني المصداقية والثقة وتحافظ على المرجعية في الاعلام وفي الريادة.
خمس عشرة سنة لم تكتمل على انطلاق قناة الجزيرة من'دوحة قطر، فإذا هي تبز قريناتها المحليات اقليميا وتنافس العالميات وتتجاوزها، في المعطى العربي على الاقل.
العاملون في الاعلام يدركون في قرارة انفسهم ان نجاح الجزيرة في الاستقطاب الجماهيري مرده الى عوامل عدة، منها التقنيات والادارات والعاملون والمتابعة وملاحقة الاخبار ومساحة الانتشار وتعدد القنوات من انكليزية الى وثائقية الى رياضية واخرى خاصة بالاطفال، وكل هذا صحيح، لكن النجاح كما اراه يكمن في القرار السياسي الذي يحكم ويحمي عمل هذه القنوات.
إن صاحب قرار اعطاء الحرية للعاملين في قناة الجزيرة هو شخص واحد لا غير مهما تعددت الاسماء والقيادات المهنية والوظيفية، ولا يمكن ان يكون اكثر من اي شخص، اما الباقون فينفذون الارادة العملية والوظيفية والتسويقية.
إن العاملين في الاعلام يدركون جيدا ان رسم الخطوط الحمراء ووضع السياسات هو اساس كل وسيلة اعلامية، فعندما يتم وضع هذه الخطوط والسياسات تصبح القناة والعاملون فيها اسرى هذه الخطوط، ويصبح الحراك مقيدا ومغلولا، كما نشاهد في محطات اخرى.
لقد سجلت قناة الجزيرة رسما بيانيا تصاعديا منذ انطلاقتها فراحت تقول وتتابع وتلاحق وتكشف وتحقق وتغطي وتناقش في القضايا المقموعة والممنوعة، فاستحقت عداوات عن جدارة، من اقرب الناس وابعدهم، وتحملت الكثير من الانتقادات والسباب والشتائم، واستمرت.
لم تسلم الجزيرة ومكاتبها ومراسلوها ومندوبوها ومحرروها من القتل والإقفال والملاحقة والمتابعة من معظم الدول العربية، حتى الاجنبية، خصوصا الغربية، والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه التحديد، لكنها لم تتراجع.
هذا الاستمرار مرده الى القرار الشجاع بحماية حرية هذه القناة وحرية افرادها في كل المستويات للاستمرار والمتابعة كأن شيئا لم يحصل.
*فكيف ينعكس مثل هذا الموقف على طاقم العمل؟
*لقد اثبتت الادارة والمذيعون والمحررون والمندوبون وكل العاملين في الجزيرة انهم اهل للثقة وانهم على مستوى الاحداث وانهم اصحاب مهنة وانهم على قدر عال من المسؤولية وانهم، كما تتطلب مهنة المتاعب، لم يتوانوا عن تلبية الواجب.
قد يكون هذا الكلام مبالغا فيه ما قبل الثورات العربية انطلاقا من تونس مرورا بمصر وصولا الى ليبيا، فاليمن والبحرين وعُمان والاردن وسورية وايران، لكن الكلام ما بعد الدور الذي لعبته قناة الجزيرة في مواكبة هذه الثورات صار مطلوبا للحقيقة والانصاف.
لقد سجلت قناة الجزيرة سبقا رائدا في الاعلام السياسي والتثقيفي والتوجيهي والتغييري عندما تبنت خيار الشعوب واسقطت من حسابها مصالح الانظمة، على الرغم من كل المخاطر التي كان يمكن ان تواجهها في حال فشل هذه الثورات في تحقيق اهدافها.
فالمتابع لاحوال العالم العربي خلال الاربعين سنة الماضية يدرك ان تحرك الشعوب محكوم بالفشل. وتبعا لذلك فإن المراهنة على تحرك الشعوب العربية هذه المرة لم تكن افضل. ولو صح ذلك، فللمتابع ان يتصور كيف كانت ستكون صورة الجزيرة لو نجح الحكام وفشلت الشعوب، خصوصا في مصر وليبيا.
فعند الحديث عن الدور الاعلامي السياسي والتثقيفي والتوجيهي والتغييري، ينبغي التوقف امام عوامل عدة، اهمها:
يجب ان تملك الرؤية كي تتمكن من القراءة السياسية الصحيحة، وهذا ما حصل منذ اليوم الاول لانطلاق ثورة تونس وتبنيها والدفاع عنها واعطائها كل الدعم.
يجب ان تملك الرؤية الثقافية كي تتمكن من استيعاب الطروحات والعمل على تطويرها او كشف مخاطرها على الثورة.
يجب ان تملك الآلية التنفيذية كي تجعل رسالتك تصل الى عامة الشعب من دون ان تصدر اي بيان او تعلن اي موقف. وهذا ما حققته قناة الجزيرة بنجاح منقطع النظير.
يجب ان تملك ارادة التغيير كي تتمكن من فهم حقيقة معاناة الشعوب وكيف يمكن مساعدتها للوصول الى تحقيق اهدافها. وهذا ما شاهدناه وتابعناه بمستوى عال في قناة الجزيرة من خلال الضيوف والشخصيات والمواقف في الاستديو.
يجب ان تملك قوة الاعصاب والنفس الطويل وسياسة الصبر والمتابعة والملاحقة.ومن موقعي كأعلامي متمرس اراهن بان فريق عمل الجزيرة والمسؤولين، كل في مكانه وموقعه، لم ينم طوال فترة التغطيات، لاسيما اثناء ما جرى ويجري في مصر. كما اراهن انه لم يترك شاردة او واردة إلا كان لها مكان على الشاشة الفضية بعد قراءات سياسية مختلفة لمضامينها.
ليس سهلا على قناة تلفزيونية ان تأخذ قرار الوقوف الى جانب الشعب المصري، في ظل نظام امتدت جذوره في الارض وتشعبت وسائطه في المجتمع فنخرت في الاساسات وتغلغلت عميقا في نفوس المصريين، فتأتي قناة تلفزيونية، قال عنها يوما الرئيس المصري المخلوع عندما زارها: كل هذا الزعيق من هذا المكان الصغير؟ وتعمد هذه القناة الى اعطاء الشعب المصري المعنويات وفرصة التعبير والمنبر وتسليط الضوء على القمع وكشف المستور عن الممارسات الدموية التي مارسها النظام، لا سيما في المواجهة الدموية التي تتسم بجرائم الحرب عندما قامت السيارت المصفحة بدهس المواطنين كأنهم ذباب لا اهل لهم ولا حقوق.
*رهان الجزيرة لم يكن رهانا اعلاميا، بل كان رهانا سياسيا قياديا محفوفا بالمخاطر السياسية، ولنا ان نتصور كيف كان سيتعامل النظام المصري مع قطر، وليس مع قناة الجزيرة، لو قيض له ان ينجح في قمع الشعب المصري؟
*لم يكن الرهان في قناة الجزيرة سياسيا فقط على دعم ثورة الشعب المصري، بل كان ارادة تغيير تنتصر للمظلوم وتعمل على ارساء مفهوم جديد من العلاقة بين الشعب والنظام.
والحال سحبت نفسها على التعاطي مع النظام الليبي الذي رأى انه 'ما هكذا تكون الاخوة العربية'، ولم يجد غضاضة ان يحمل على قناة الجزيرة، كيف لا وهو يصف ابناء شعبه بالجرذان ولا يحدثهم الا بلغة الاحذية والعمالة والهلوسة.
ولم يكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأحسن حال في التعاطي مع قناة الجزيرة وقطر، وهي التي جهدت لحل مشاكله مع ابناء شعبه التي لا تنتهي نتيجة ضيق افقه وعدم قدرته على فهم احوال مجتمعه، بكل فئاته وطبقاته وقبائله.
لقد قدر لهذه الثورات ان تكون قناة الجزيرة موجودة لكشف ممارسات الحكام ومنع هذه الانظمة من الاعتداء الدموي على الشعوب، وبذلك جاءت النجاحات واحدا تلو الاخر وبدأت ملامح المنطقة بالتغير والانعتاق من الديكتاتوريات وصولا الى مجتمعات الحرية والديمقراطية والتقدم.
ان ما حققته الجزيرة لا يمكن ان يقف عند هذا الحد، فهو كثير وغني وستتكشف آفاقه اكثر في قابل الايام والسنين. فلم يتم التطرق الى الادوار السياسية الخارجية والمخاطر الدينية والمفاعيل الاقتصادية والحاجات الجماهيرية والازمات الاقتصادية الدولية واثرها على هذه المجتمعات. لكن كلمة حق وتهنئة لكل ما جرى وما تم تنفيذه يساهم في رفع المعنويات ويؤسس لمزيد من العطاء.
*ولا بد من سائل، ماذا تستفيد الجزيرة وقطر من هذه التغييرات؟
*من الطبيعي ان المتابعين يدركون ان هذه التغييرات المتسارعة سيكون لها نتائج، واهم هذه النتائج هو نقل هذه المنطقة من الكسل والخمول الى النهضة والبناء، فمصر بعد خمس سنوات لن تكون كما كانت قبل الثورة، تماما كما نرى اوروبا اليوم حيث لا نستطيع ان نتذكر كيف كانت قبل الاتحاد. وبهذا فقط يمكن فهم ان التغيير ستستفيد منه المنطقة جمعاء ومنها قطر، وليس قطر وحدها.
*وماذا بعد؟
*ليس مهما ان تتمكن قناة الجزيرة من النجاح بهذا القدر وبهذا المستوى، بل المهم ان تعرف قطر انها باتت اليوم تتحمل اعباء مسؤولية ضخمة تقع قبل كل شيء على صاحب القرار فيها، وهي متابعة هذه الثورات وتشكيل اطار اعلامي للمراقبة والمتابعة كي لا يتسلل المتضررون من نجاح هذه الثورات ويعملوا على الانقلاب عليها وافشال مقاصدها.
ليس مهما ان تكون قطر جزيرة صغيرة او قطرا خليجيا ضيق المساحة، بل المهم ان تبقى على مستوى القضايا الكبيرة للامة وعلى حجم مساحة العالم العربي، ولعل مسيرة الجزيرة تؤكد انها اهل للمراهنة على دورها وعلى ريادتها في الحقل الاعلامي والسياسي والتغييري وانها قادرة على التحمل وعلى القيادة وعلى الارشاد والاصلاح