yacine414
2011-04-16, 18:19
مقـدمـة:
إن جريمة النصب من الجرائم التي تمثل عدوانا على حق الملكية ،إذ أنها تهدف إلى سلب ثروة الغير أو بعضها ، و هي بهده الصفة تشترك مع الجرائم التي تشكل اعتداءا على حق الملكية مثل جرائم السرقات و خيانة الأمانة غير أن هذا الاشتراك لا ينفي استقلالها و في هذا الباب تختلف التعريفات التي وردت بشأنها، ففي القانون الجزائري تطرق لها في )المادة 372 (من ق ع ج كما عرفها مصطفى مجدي هوجة في كتابه جرائم النصب وخيانة الأمانة على أنها الإستلاء على شيء مملوك بطريقة احتيالية بقصد تملك ذلك الشيء ، أما إبراهيم طنطاوي فعرفها على أنها الإستلاء على مال الغير بطريقة الحيلة بنية تملكه ومن خلال هذه التعاريف سنتطرق إلى أركان هذه الجريمة في بحثنا هذا.
الشيـك هـو محـرر يقـوم مقـام النقـود فـي الوفـاء ، وبمعنـى آخـر هـو ورقـة تجاريـة تحـرر وفـق شـروط معينـة ، تتضمـن أمـرا مـن موقعهـا)الساحـب( موجهـا إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع إلـى المستفيـد أو لحاملـه مبلغـا معينـا مـن النقـود ، فالساحـب هـو الـذي يصـدر الشيـك و يوقـع عليـه، أمـا المسحـوب عليـه فهـو البنـك أو أيـة مؤسسـة ماليـة يـودع السـاحب رصيـده لديهـا .
والمستفيـد هـو صاحـب الحـق أو الدائـن الـذي يصـدر الشيـك باسمـه وأحيانـا يحـرر الشيـك لحاملـه أي دون تعييـن اسـم الساحـب وهـذا جائـز. وبالرجـوع إلـى قانـون العقوبـات ، لا يوجـد نـص يعـرف الشيـك لكـن باستقـراء نـص )المـادة 472(مـن ق ت ج نجدهـا قـد عرفـت الشيـك علـى أنـه أمـر مكتـوب مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع بمجـرد الإطـلاع عليـه مبلغـا مـن النقـود لمصلحـة مـن يحـدده الأمـر كمـا حـددت نفـس المـادة البيانـات التي يجـب أن يحتـوي عليهـا الشيـك.
ومن خلال هذا سنتطرق إلى أركان هذه الجريمة في بحثنا هذا.
إشكاليــة:
كان هناك اتجاه دائم إلى الربط بين مفهوم الجريمة ومفهوم المرض على أساس أن السلوك الإجرامي سلوك مريض ، ولاشك في أن هذا الربط يؤدي إلى نتائج غير دقيقة في تفسير الجريمة ووضع سياسة الوقاية والجزاء ويؤثـر في نظرية المسئولية، وفضلا عن ذلك فإنه قد يشجع على اتجاه خاطئ هـو محاولة البحث عن ميكروب الجريمة في المجتمع قياسا على البحث عن الميكروب المسبب للمـرض وهو أبعد الأشياء عن حقيقة الجريمة والمجرم إذ ليس هناك ميكروب مسئول عن المجرم فالمجرم في النهاية هو صناعة المجتمع الذي يعيش فيه.
ويترتب على ذلك أنـه ليـس هنـاك مصل معيـن للوقايـة مـن الجريمة
إن كل الآراء التي اتجهت إلى محاولة تفسير الجريمة بسبب واحد كالجهل أو الفقر أو اضطراب الغدد أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية أو غير ذلك كل هذه الجهود قد باءت بالفشل والاعتقاد العام بين الباحثين الآن أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في بيئة معينة وظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي في النهاية.
والواقع أن وباء الجريمة قد انتشر انتشارا ذريعا في العصر الحديث وتولدت ملامحه أكثر من أي وقت مضى وتضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا يزيدون أضعافا عن ضحايا أي وباء. والسلوك الإجرامي على أية حال متضمن في نسيج المجتمع. ولما كانت النظم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متغيرة أبدا فإن هذا المضمون من السلوك المضاد للمجتمع متغير هو الآخر وهناك تفاعل مستمر بين العناصر والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية يؤدي إلى اختفاء صور من الجريمة أو تغيرها كميا أو ظهور أنماط جديدة من الانحراف .
من صور الجريمة الحديثة التي سنتطرق إليها في موضوعنا هذا هي جريمتي النصب وإصدار شيك بدون رصيد
فما هو رأى القانون الجزائري فيهما و ما هي شروط التي تجعل الجريمة قائمة ؟
الفصـل الأول: جريمـــة النصـب
المبحث الأول: شروط توافر جريمـة النصب
في هذا الفصل سنتطرق للشروط التي إذا توفرت نسميها جريمة نصب و قد تطرق لها المشرع الجزائري في المادة 372 ق ع ج و سنتطرق لها في ضوء هذه الدراسة بالتفصيل مع التوضيح
الفـرع الأول : إستعمـال طـرق إحتياليـة
فيهـا يتمثـل فعـل النصب بشكـل واضح فهـي طـرق تتجـاوز الكـذب المجرد بأن يكـون الكذب مصحوبـا بوقائـع خارجيـة أو أفعـال ماديـة تسعى لتوليـد الاعتقـاد لدى المجنـي عليـه بصدق هذا الكذب ممـا يدفعـه لتسليـم ما يـراد منـه تسليمه طواعيـة أو إختيـارا.
- فأساس الطرق الاحتيالية هو الكذب الذي ترافقه أفعال خارجية لتأكيد صحته لدى المجني عليه ، فالكذب وحده لا يكفي لقيام الاحتيال مهما تكرر سواء كان شفويا أو مكتوبا ، إذ لا بد أن يرافقه أفعال ماديـة حددها القانون حسب المادة 372ق ع ج
- و لا يشترط في هذه الطرق الاحتياليـة أن يتم بأسلوب دون آخــر .
- و قد يتعمد الاستعانة بشخص آخر أو الظهور بمظهر ما لخداع الضحية.
- الكـذب: هو الإخبار عن أمر لا يطابق الواقع أو تصوير الجاني لأمور غير صحيحة و إلباسها ثوب الصدق، لا تتحقق طرق احتيالية إذا لم يتوافر مع الكذب دلائــل و مظاهر مؤيدة له ومنه لا تتوفر جريمة نصب.
- الكذب المجرد ، و إن اعتبر تدليسا إلا انه لا يرقى لرتبة التدليس الجنائي.
-كل احتيال يتضمن كذبا و العكس ليس صحيحا(1)
- قد يستعين الجاني بطرف أخر معززا أقواله فترقى مباشرة على مصاف الطرق الاحتيالية و لا يشترط شكل معين في تدخل الطرف الآخر.
(1)عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 8-9
- معيار التفرقة بين الكذب المجرد و الطرق الاحتيالية هو وجود تنميق و تعزيز للكذب و جعله من شانه أن يصدق و القاضي في تطبيقه لهذا المعيار يجعل نصب عينيه رجلا قريبا من الرجل المتوسط و يثبت فيما كان هذا الرجل لينخدع أم لا،و لا يضع القاضي نفسه معيارا يقيس عليه .
- استغلال الصفة:و يقصد بذلك أن يستغل الجاني صفة يتمتع بها حقيقة و الراجح في القضاء و الفقه الفرنسيين ان اساءة الجاني استعمال صفة الحقيفةو الثقة المفروضة فيه و استعمالها من قبيل الأعمال الخارجية التي يتحقق بها الحتيال و الخداع متى أدت على حمل المجني عليه لتسليم امواله
- و يجب تحقق استغلال الصفة لا الاستناد عليها .
- ولان إساءة استغلال الصفة باعتماد الجاني صفة منبعثة من شخص أو وظيفته ويلي بأكاذيبه فيصدقه المجني عليه استنادا لهذه الصفة ،و اذا كانت صفة المتهم و درجة الثقة فيه من شانها ان تحمل الناس على تصديقه و استغل المتهم ذلك ،توافرت طرق احتيالية .
-الإيهام بمشروع كاذب :وهـو الإيهام بوجود عمل يتطلب اشتراك عدد من الأشخاص لإنجازه أو هو كل تصميم بوضع موضع التنفيذ و المقصود بعبارة الإيهام هـو إيهام عادي الذكــاء
لان كل إنسان يفترض به الحذر أثناء تعامله مع الغير وكلمة مشروع ليست فقط كل نشاط تجاري أو صناعي أو مالي بل لكل نشاط مهما كانت طبيعته ،و المشروع الكاذب هو غير الحقيقي و لا يوجد تفكير جدي في تنفيذه على الإطلاق و لا يشترط ان يكون كل المشروع خياليا أي وجود جزء من الحقيقة.
-لا يشترط إيهام المجني عليه ببذل جهود بل يكفي أن يوهمه بمجرد العزم لبذل هذه الجهود عند توفر شرط او حلول اجل أو تحقيق شرط كما لو حمله على الاعتقاد بالعزم على تأسيس شركة في تاريخ معين أو عند جمع مبلغ من المال أو الحصول على تصريح من السلطات العامة (1) .
(1 ) مصطفى مجدي هوجة في جرائم النصب وخيانة الامانة الطبعة السابعة لعام 2002ص80
الإيهام بوجود واقعة مزورة:
الواقعة تخضع لجميع صور الطرق الاحتيالية و ينصرف معناها الضيق إلى ان ينصب الكذب على أمر واحد غير صحيح و لا تكون من بين الحالات الباقية كالزعم بالمقدرة على إشفاء الأمراض و هي تشمل كل الوقائع غير الصحيحة التي يحاول الجاني إلباسها الوجه الصحيح لكمي تنطلي على المجني عليه ،كان يبلغ شركة التامين عن الشيء المؤمن من اجله على خلاف الحقيقة لقبض قيمة التامين
- كأن يظهر الجاني على المجني عليه ان بإمكانه تعيينه بإحدى الوظائف و يدعي السلطة و اليسر المالي اذ ليس من الضروري ان يكون يسره المالي مزيف بل يكفي أن يكون مبالغا فيه .
-الإيهام بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور:
فصوره وجود سند دين غير صحيح أن يقدم الجاني سندا مزورا على المجني على أساس انه صادر منه ثم يطالبه بالوفاء بالالتزامات الناشئة عنه .
-و تطبيقا لذلك قضي بأنه متى قام المتهم بإيهام المجني عليه بوجود سند غير صحيح فقدمه له و هذا الأخير بتسديد المبلغ بناءا على ذلك بما يتحقق به الاحتيال في جريمة النصب .
- ويتحقق الصورة بإيهام المجني عليه بوجود سند مخالصة مزور في القرض الذي يوهم فيه الدائن مدينه بأنه قد حرر سند مخالصة لصالحه و يطالبه بقيمة الدين الذي له في ذمته فيثق المدين في الدائن و يسلمه النقود ثم يكتشف ان المخالصة ليست بكل المبلغ أو أنها ورقة عادية ليس لها أي معنى ، او ان يحدث العكس كان يوهم المدين دائنه بوجود سند مخالصة و يطلب منه سند الدين ،و يستولي عليه بعد ذلك يكتشف اللدائن أن المخالصة موزورة .
- و خلاصة ما تقدم أن استعمال الطرق الاحتيالية لا يعد من وسائل الاحتيال التي تقوم بها جريمة النصب إلا إذا اتجهت لإحدى الغايات السابقة.
.
إحداث الأمل بوجود ربح وهمي:
و يحدث الإيهام بواقعة مستقلة وهمية غير حقيقية مع تصوير الأمل بما فيه من تحقق ،و لا يقصد بكلمة الربح بمعناه الاقتصادي أي الفائدة المادية ،بل لايشمل الفائدتين المادية و المعنوية ،و على هذا تقوم هذه الغاية على أساس ما يخلفه الجاني في نفس المجني عليه من إمكانية ما يحققه له من فائدة مادية أو معنوية كربح في صفقة أو كسب في العاب القمار أو تقريبه من إحدى ذوي النفوذ أو تزويجه من سيدة معينة أو شفائه من مرض ، و يمكن ان تكون الفائدة أدبية كالتعيين في منصب،أو إشراكه في عضوية نادي اجتماعي أو حزب سياسي (1).
- إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذي أخذ بطريقة الاحتيال :
أي كل من يحدث أملا لدى المجني عليه أنه سوف يسترد مالا إقترضه منه ،بأن يحرر له كمبيالة ليطمئنه على الدين و يكون الجاني مفلسا و سبق ان قضى
بشهر إفلاسه (2) .
و مثال ذلك التوصل على قبض مبلغ مقابل رهن شيئ لا قيمة له او له قيمة و الفرق بين النصب و خيانة الأمانة هو أن تسلم المال في خيانة الأمانة دائما بناءا على عقد من عقود الأمانة و يستوي بعد ئذ ان يكون سليما أو يجيء نتيجة تدليس أو احتيال أما النصب هو الاستيلاء على مال و يسلم المال بناءا على احتيال و يستوي بعدئذ ان يكون التسليم ناقل للحيازة المؤقتة كوديعة او حيازة تامة كالقرض .
(1) عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 11
(2) عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 11-12
الفرع الثاني : اتخاذ اسم كاذب و التصرف في مال الغير :
- اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة :
- إن اتخاذ أسماء كاذبة أو غير صحيحة من طرق التدليس و لا يتم إلا بهاته الطرق ومحصورة في المادة 372 من قانون العقوبات .
- اتخاذ أسماء كاذبة : و هي أن يتسمى شخص باسم أو لقب ليس من حقه التسمي به بدون تمييز إذا كان هذا الاسم آو اللقب ينتهي إلى الغير ،آو أن يكون خياليا ، و على ذلك لو استعمل شخص اسم ليس باسمه الحقيقي ، ا ن استعمال اسمه آو لقبه الحقيقي و لم يكن معروفا به ،بل يعرف بغيره فلا يعتبر كاذب حتى و لو كان بنية الاحتيال .
- استعمال صفات كاذبة:
يتفق الفقه و القضاء على تعريفه انه كمؤسس لاستعمال صفات كاذبة اقترانها بواقعة أن يضفي الشخص على نفسه صفة كاذبة أو شهادات أو مهن كاذبة ، و هناك فرق بين الصفة والوصف فالصفة تنتج عن الجنسية ،و الحالة المدنية ،و المهنة و الأسرة و من العلاقات القانونية مع الغير و كل ما خرج عن هذا ليس بصفة.
إذ لا يعد مرتكبا للنصب إذا لم يكن مصحوب بوسائل احتيالية و مثاله:
- ان يعطي لشخص عنوان منزل خطـئ .
- من يدعي كاذبا ملك منزل يريد تأجيره .
- من يدعي ملكه لمبلغ مفقود من النقــود.
و على العكس من ذلك تكون بصدد نصب إذا قام شخص بالإدعاء بأنه طبيب ليتمكن للدخول إلى قاعة العمليات و تسلم أدوات اجراء العملية الجراحية او ان يسلم ادوية و في غالب الاحيان يكون استعمال الصفة الكاذبة مصحوبا باستخدام وسائل احتيالية ، ةو على ذلك فانه يعد مرتكبا لجنحة النصب من يستعمل صفة كاذبة
- بعون امن ، - بعون سري للشرطة
- محلف او ضابط – ضابط في الجيش او جندي ،او ضابط من قوة أجنبية .
- كما انه يرتكب نصبا من ادعى خطا بأنه بطال للحصول على منحة البطالة ناو استعمال امرأة صفة الزوجة الشرعية للحصول على أموال،أو أن يدعي انه مرسل من فلان للحصول على المال .
- التصرف في مال الغير :
و يشترط أن يجتمع عنصرين أولهما التصرف في عقار أو منقول و ثانيهما ألا يكون ملكا للجاني و ألا له حق التصرف فيه و ذلك على التفصيل التالي ثم سنتطرق لإثبات التسلط بالتسليم .
التصرف في عقار أو منقول :
و التصرف المقصود في النص في تحديده لقواعد القانون المدني الذي يعتبر تصرفا بالشيء ببيعه أو تقرير حقوق عينية أصلية عليه بالانتفاع و الارتفاق أو حقوق عينية كالرهن التأميني أو ترتيب حقوق شخصية إجارته أو إيداعه لدى الغير (إذا كان منقولا ) فلا يعد تصرفا .
أن يكون العقار أو المنقول غير مملوك للمتصرف و لا له حق التصرف فيه و يجب اجتماع الشرطين.
مالك العقار الذي يتصرف فيه أكثر من مرة و حكمه :
من المعروف حسب قانون تنظيم الشهر العقاري فان التصرف في حق عيني عقاري لا ينقل هذا الحق و إنما يتوقف ذلك على شهره عن طريق تسجيله ،و ليس للتسجيل اثر رجعي أي انه إذا سجل التصرف انتقل الحق العيني من تاريخ التسجيل لا من تاريخ التصرف و النتيجة إن مالك العقار الذي تصرف فيه بالبيع و لم يسجل تصرفه يبقى مالكا له فإذا تصرف فيه ثانية لايعتبر تصرفا في مال لا يملكه و من ثم لا يعد نصبا و نفس الحكم إذا سجل المتصرف إليه الأول عقده في تاريخ لاحق على التصرف الثاني لان التسجيل ليس له اثر رجعي و من ثم يعتبر المتصرف انه كان مالكا لعقاره وقت التصرف الثاني فقد ارتكب المتصرف بذلك نصبا اذ قد زالت ملكيته وقت تصرف ثاني و انتقض بزواله لحقه ذلك أما إذا سجل المتصرف الأول ثم صدر المتصرف الثاني و انتقضا بزوال ها حقه ذلك .
ثبوت التسليم :
لا يكفي استعمال ألقاب وأسماء كاذبة أو استخدام وسائل احتيالية ،و المنوه عنها لتكوين جنحة النصب ، يجب أن يتحصل الفاعل ، و أن يكون هدفه الحصول على قيم أو أموال غير شرعية إضرارا بالغير إذا فتسلم القيم أو المنقولات أو الأموال يعد فعلا لابد منه لتكوين الجنحة و يجب أن ينصب التسلم على الأشياء المنصوص عليها في المادة 372 من قانون العقوبات ( الأموال ،الالتزامات ، المنقولات ، الأوراق المالية، الوعود، المخالصات)
- و إذا لم يكن الهدف من استعمال أسماء أو صفات كاذبة أو استخدام وسائل احتيالية هو تسلم تلك القيم فلا نكون بصدد نصب .
- ولا يعد نصبا استخدام وسائل احتيالية للسفر بدون تذكرة .
- الدخول للمسرح بدون تذكرة أو بطاقة باستعمال صفة أو اسم كاذب.
ويشترط في الشيء محل التسليم
- ذا طبيعة مادية و منقولة.
- أن يكون ضمن الأشياء المذكورة في المادة 372 من قانون العقوبات .
- شيء مادي :أن يكون محل التسليم في جريمة النصب من قبيل المنقولات ومن ثم لا يتصور وجود جريمة نصب للحصول على عقارات .
- يمكن ان يقع النصب على عقار كان يقدم الجاني بتحرير عقد مع المجني عليه و يقع التسلم على العقد، لذا نستطيع أن نقول انه يكفي أن يكون الشيء ماديا فحسب.
- يجب أن يكون التسليم حالا بناءا على وسائل احتيالية للجاني .
- يجوز إثبات التسليم بكافة الطرق بما فيها البينة و القرائن و الكتابة فيما تجاوزت قيمة المال ألف قرض و أن كان القاضي الجنائي مقيد في الأصل بقيود الإثبات المدنية في إثبات المسائل غير الجنائية (1).
(1 ) مصطفى مجدي هوجة في جرائم النصب وخيانة الامانة الطبعة السابعة لعام 2002ص48
المبحث الثاني : أركــــان الجريمـــة
- الفرع الأول :الركــن الشرعي
لقد نص المشرع الجزائري على جريمة النصب من خلال تطرقه لهذه الجريمة في قانون العقوبات بنص المادة 372 منه والتي جاء فيها (( كل من توصل إلى استلام أو تلقي أموال أو منقولات أو سندات أو تصرفات أو أوراق مالية أو وعود أو مخالصات أو إبراء من التزامات أو إلى الحصول على أي منها أو شرع في ذلك وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها أو الشروع فيه إما باستعمال أسماء أو صفات كاذبة أو سلطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو بإحداث لأمل في الفوز بأي شيء أو في وقوع حادث أو أية واقعة أخرى وهمية أو الخشية من وقوع شيء منها يعاقب بالحبس من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر وغرامة من 500 د ج إلى 20.000 د ج ))
من خلال النص السابق للمادة 372 من قانون العقوبات نلاحظ أن المشرع استعمل عمدا عبارات عامة بغية حماية الغير من المناورات الهادفة إلى إقامة أو إزالــة روابــط قانونيــــة .
ولقد ذهب القضاء أيضا في اجتهاده إلى تأويل واسع لهذه العبارات لتشمل كل تسليم وكل تصرف يكون الهدف منه إيهام الدائن خطأ بأنه استلم حقه .
ويجب أن يتجسد التسليم في الواقع بالاستيلاء على شيء ملموس مادي سواء كان مالا أو سندا ، ولا يقع النصب شأنه شأن السرقة إلا على منقول فلا يعتبر نصب التوصل بالتدليس إلى الحصول على عقار ، ويشترط كذلك أن يكون للمنقول قيمة مالية (1).
(1) د حسن بوصقيعة/ الوجيز في القانون الجنائي الخاص (الجرائم ضد الأموال /والجرائم ضد الأشخاص) ص 303
- الفرع الثاني :الركــن المـــــادي
يلزم لقيام النصب بوصفها جريمة عمديه توافر ركن مادي يتمثل في الفعل غير المشروع و المتمثل في الاحتيال و توافر العلاقة السببية بين الفعل غير المشروع و تسليم المال .
- مثال الشروع في جريمة النصب و ليس في جريمة مستحيلة :
الشروع في الجريمة هو البدء في تنفيذها و عدم اتهام هذا التنفيذ لسبب خارج عن إرادة الفاعل و البدء هو كل فعل يؤدي مباشرة لارتكاب الجريمة كما جاء في نص المادة 30 ق.ع ج و جريمة النصب الشروع فيها يتوافر بكل فعل يحقق به الجاني النشاط الإجرامي و نتيجتها يمثل فعل الاحتيال الذي يشمل الكذب مدعما بوسائل احتيالية ،فكل فعل يدعم كذبة يعد شروع في جريمة نصب ضمن إحدى وسائل الاحتيال .
و يعد شروعا إذا قضى الاحتيال إلى الغلط و لم يكن هو الدافع للتسليم (1) . لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا إذا كانت استحالة مطلقة كأن تكون الوسيلة غير صالحة.
أما إذا كانت تلك الوسيلة بطبيعتها تصلح لما أعدت له و لكن الجريمة لم تتحقق بسبب طرف آخر خارج عن إرادة الجاني فلا يصح القول باستحالة الجريمة .
أما الأعمال التحضيرية هي السابقة للتنفيذ مثل تزوير أوراق أو مستندات لاستخدامها في الكذب و هذه الأعمال لا عقاب عليها أيضا إذا اتخذت صورة الجريمة المستحيلة استحالة قانونية أو مادية كما إذا كان المجني عليه يعلم بالكذب مسبقا أو أن الجاني يسعى للاستيلاء على مال مملوكا له و هو يجهل ذلك أو مالا مباحا (2) .
(1) فتوح عبد الله الشاذلي ق /ع طبعة2003 ص360
(2) فتوح عبد الله الشاذلي ق /ع طبعة2003 ص361
- يتحقق الشروع و لو اكتشف المجني عليه أساليب الاحتيال:
الأصل أن مباشرة وسيلة الاحتيال بالفعل تعد شروعا معاقبا عليه و لو فطن المجني عليه لاحتيال الجاني و سلمه المال فعلا لكن لسبب آخر في نفسه ، و مادام الجريمة توقفت عند حد الشروع و مادامت الطرق الاحتيالية ان تخدع الشخص العادي و الجريمة خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه عاقب المشرع على جريمة الشروع بالحبس سنة المادة 232/ق.ع .
العلاقة السببية:
لا يكفي لقيام جريمة النصب الاحتيال و الاستيلاء على المال بل يجب ان تتوفر صلة بين الاحتيال و تسليم المال يجب ان يكون تسليم المال او المنقول نتيجة طرق احتيالية أما إذا كان التسليم لأسباب أخرى فلا علاقة سببية و لا يقوم النصب .
شروط العلاقة السببية :
وقوع المجني عليه في غلط ناشئ عن وسيلة احتيالية التي استعملها الجاني في تدعيم كذبته و على ذلك فلا تقوم جريمة النصب إلا إذا كان ما صدر عن المتهم كذبا مجردا دون اتخاذ إحدى وسائل الاحتيال التي يحددها المشرع ورغم تسليم المجني عليه المال .
و قد يتوفر فعل الاحتيال و لكنه لا يؤدي إلى وقوع المجني عليه في غلط ، لعدم انطلاء حيلة الجاني عليه في هذه الحالة تنتفي رابطة السببية بين الاحتيال و تسليم المال ،فيشترط وقوع المجني عليه في الغلط و إن لم يكن نشاط الجاني هو السبب الوحيد .
أن يكون المجني عليه واقعا تحت تأثير الغلط أثناء تسليم المال فإذا ثبت انعدام تأثير الغلط وقت التسليم تنتفي الرابطة السببية .
أن يكون فعل الاحتيال سابقا على تسليم المال أولا يصدر الكذب من طرف الجاني معتمدا على وسائل احتيال يؤدي الكذب المجني عليه الوقوع في غلط و بدوره يؤدي إلى تسليم المال من طرف المجني عليه فيجب تسلسل هذه الأحداث بهذه الطريقة حتى يمكن القول بتوافر علاقة سببية .
قيام الركن المادي لجريمة النصب يتطلب فعل الاحتيال (كذب ،وسائل احتيالية ) و نتيجة إجرامية (استيلاء على مال ) و علاقة سببية بين ( الاحتيال و النتيجة) .
الفـــرع الثالث : الركــــن المعنـــوي
إن جريمة النصب بوصفها جريمة عمديه تتطلب إلى جانب الركن المادي توافر قصد جنائي و هذا ماسنتعرض له
القصد الجنائي : تتطلب جريمة النصب توافر القصد الجنائي العام و الخاص ،العام يتمثل في انصراف إرادة المتهم لتحقيق جريمة بأركانها الكاملة و يتكون من عنصرا العلم و الإرادة ،و إذا كان معتقدا في صحتها لم يتوفر القصد لدى الجاني و لو كانت باطلة في حقيقتها ،أما الخاص نية المتهم في الاستيلاء على مال الغير .
كما ينتفي القصد الجنائي إذا استخدم الجاني مظاهر خارجية لمشروع ما يعتقد هو في نجاحه بجمع أموال للمساهمة فيه و لكن المشروع فشل بسبب سوء تقدير أو عدم خبرة (1).
إضافة إلى اتجاه إرادة الفاعل باستعماله تلك الوسائل للتوصل لتحصيل على تسلم و تلقي أموالا و قيم مملوكة للغير أو محاولة ذلك وفي تسبب صررا له (2)
(1) فتوح عبد الله الشاذلي –قانون العقوبات .طبعة 2003 ص362
(2) ابن شيخ لحسن –مذكرات في القانون الجزائري الخاص الطبعة 2 عن دار هومة ص 200
- العقوبـــــــة :
العقوبات الأصليــــة : هـي الحبس مـن سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر و الغرامة من 500 إلى 20.000 د ج ، كما يمكن استبدال عقوبة الحبس بالغرامة طبقا للمادة 53 من قانون العقوبات .
العقوبات التكميليــــة : تتمثل في الحرمان من بعض أو كل الحقوق الوطنية المنصوص عليها في المادة 14 و بالمنع من الإقامة سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر و تطبق هاته العقوبة حتى و لو كنا بصدد الصروف المشددة .
نظرا لإمكانية وقوع الشروع في الجريمة فقد عاقب القانون على الشروع كما لو تمت الجريمة و لا يتحقق الشروع إلا ابتداء من الوقت الذي يظهر فيه المحتال نيته في استلام المال بعد استعمال وسيلة من وسائل التدليس – و قبل هذه اللحظة لا تعد الأعمال التي يقوم بها المحتال إلا مجرد أعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة و هي أعمال غير مجرمة .
الظروف المشددة: نص القانون على ظرفين مشددين لجريمة النصب و هما :
-ظرف يتعلق بالجاني:وهي الظروف المنصوص عليها في م372/التي جاءت على النحو التالي "إذا وقعت الجنحة من شخص لجا إلى الجمهور بقصد إصدار أسهم أو سندات أو اذونات أو حصص أو أي سندات مالية سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية فيجوزان تصل مدة الحبس إلى10 سنوات و الغرامة الى20.000د ج
بحيث اعتبر المشرع أن توجيه الطرق الاحتيالية لخداع الجمهور ظرفا مشددا لما قد ينجم عنه من نتائج خطيرة أو ضارة تهدد المجتمع و تصيب الاقتصاد الوطني .
ظرف يتعلق بالمجني عليه : و هو الظرف المنصوص عليه في المادة 382.
و يكون عندما تعتبر الضحية الدولة أو إحدى مؤسساتها ففي هاته الحالة تكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات حبس .
و قبل تعديل المادة 382/ مكرر بموجب القانون رقم 01/90 المؤرخ في 26 /06/2001 كانت العقوبة تصل إلى الإعدام عندما يترتب عن الجريمة إصرار بمصالح الأمة .
.
إن جريمة النصب من الجرائم التي تمثل عدوانا على حق الملكية ،إذ أنها تهدف إلى سلب ثروة الغير أو بعضها ، و هي بهده الصفة تشترك مع الجرائم التي تشكل اعتداءا على حق الملكية مثل جرائم السرقات و خيانة الأمانة غير أن هذا الاشتراك لا ينفي استقلالها و في هذا الباب تختلف التعريفات التي وردت بشأنها، ففي القانون الجزائري تطرق لها في )المادة 372 (من ق ع ج كما عرفها مصطفى مجدي هوجة في كتابه جرائم النصب وخيانة الأمانة على أنها الإستلاء على شيء مملوك بطريقة احتيالية بقصد تملك ذلك الشيء ، أما إبراهيم طنطاوي فعرفها على أنها الإستلاء على مال الغير بطريقة الحيلة بنية تملكه ومن خلال هذه التعاريف سنتطرق إلى أركان هذه الجريمة في بحثنا هذا.
الشيـك هـو محـرر يقـوم مقـام النقـود فـي الوفـاء ، وبمعنـى آخـر هـو ورقـة تجاريـة تحـرر وفـق شـروط معينـة ، تتضمـن أمـرا مـن موقعهـا)الساحـب( موجهـا إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع إلـى المستفيـد أو لحاملـه مبلغـا معينـا مـن النقـود ، فالساحـب هـو الـذي يصـدر الشيـك و يوقـع عليـه، أمـا المسحـوب عليـه فهـو البنـك أو أيـة مؤسسـة ماليـة يـودع السـاحب رصيـده لديهـا .
والمستفيـد هـو صاحـب الحـق أو الدائـن الـذي يصـدر الشيـك باسمـه وأحيانـا يحـرر الشيـك لحاملـه أي دون تعييـن اسـم الساحـب وهـذا جائـز. وبالرجـوع إلـى قانـون العقوبـات ، لا يوجـد نـص يعـرف الشيـك لكـن باستقـراء نـص )المـادة 472(مـن ق ت ج نجدهـا قـد عرفـت الشيـك علـى أنـه أمـر مكتـوب مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع بمجـرد الإطـلاع عليـه مبلغـا مـن النقـود لمصلحـة مـن يحـدده الأمـر كمـا حـددت نفـس المـادة البيانـات التي يجـب أن يحتـوي عليهـا الشيـك.
ومن خلال هذا سنتطرق إلى أركان هذه الجريمة في بحثنا هذا.
إشكاليــة:
كان هناك اتجاه دائم إلى الربط بين مفهوم الجريمة ومفهوم المرض على أساس أن السلوك الإجرامي سلوك مريض ، ولاشك في أن هذا الربط يؤدي إلى نتائج غير دقيقة في تفسير الجريمة ووضع سياسة الوقاية والجزاء ويؤثـر في نظرية المسئولية، وفضلا عن ذلك فإنه قد يشجع على اتجاه خاطئ هـو محاولة البحث عن ميكروب الجريمة في المجتمع قياسا على البحث عن الميكروب المسبب للمـرض وهو أبعد الأشياء عن حقيقة الجريمة والمجرم إذ ليس هناك ميكروب مسئول عن المجرم فالمجرم في النهاية هو صناعة المجتمع الذي يعيش فيه.
ويترتب على ذلك أنـه ليـس هنـاك مصل معيـن للوقايـة مـن الجريمة
إن كل الآراء التي اتجهت إلى محاولة تفسير الجريمة بسبب واحد كالجهل أو الفقر أو اضطراب الغدد أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية أو غير ذلك كل هذه الجهود قد باءت بالفشل والاعتقاد العام بين الباحثين الآن أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في بيئة معينة وظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي في النهاية.
والواقع أن وباء الجريمة قد انتشر انتشارا ذريعا في العصر الحديث وتولدت ملامحه أكثر من أي وقت مضى وتضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا يزيدون أضعافا عن ضحايا أي وباء. والسلوك الإجرامي على أية حال متضمن في نسيج المجتمع. ولما كانت النظم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متغيرة أبدا فإن هذا المضمون من السلوك المضاد للمجتمع متغير هو الآخر وهناك تفاعل مستمر بين العناصر والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية يؤدي إلى اختفاء صور من الجريمة أو تغيرها كميا أو ظهور أنماط جديدة من الانحراف .
من صور الجريمة الحديثة التي سنتطرق إليها في موضوعنا هذا هي جريمتي النصب وإصدار شيك بدون رصيد
فما هو رأى القانون الجزائري فيهما و ما هي شروط التي تجعل الجريمة قائمة ؟
الفصـل الأول: جريمـــة النصـب
المبحث الأول: شروط توافر جريمـة النصب
في هذا الفصل سنتطرق للشروط التي إذا توفرت نسميها جريمة نصب و قد تطرق لها المشرع الجزائري في المادة 372 ق ع ج و سنتطرق لها في ضوء هذه الدراسة بالتفصيل مع التوضيح
الفـرع الأول : إستعمـال طـرق إحتياليـة
فيهـا يتمثـل فعـل النصب بشكـل واضح فهـي طـرق تتجـاوز الكـذب المجرد بأن يكـون الكذب مصحوبـا بوقائـع خارجيـة أو أفعـال ماديـة تسعى لتوليـد الاعتقـاد لدى المجنـي عليـه بصدق هذا الكذب ممـا يدفعـه لتسليـم ما يـراد منـه تسليمه طواعيـة أو إختيـارا.
- فأساس الطرق الاحتيالية هو الكذب الذي ترافقه أفعال خارجية لتأكيد صحته لدى المجني عليه ، فالكذب وحده لا يكفي لقيام الاحتيال مهما تكرر سواء كان شفويا أو مكتوبا ، إذ لا بد أن يرافقه أفعال ماديـة حددها القانون حسب المادة 372ق ع ج
- و لا يشترط في هذه الطرق الاحتياليـة أن يتم بأسلوب دون آخــر .
- و قد يتعمد الاستعانة بشخص آخر أو الظهور بمظهر ما لخداع الضحية.
- الكـذب: هو الإخبار عن أمر لا يطابق الواقع أو تصوير الجاني لأمور غير صحيحة و إلباسها ثوب الصدق، لا تتحقق طرق احتيالية إذا لم يتوافر مع الكذب دلائــل و مظاهر مؤيدة له ومنه لا تتوفر جريمة نصب.
- الكذب المجرد ، و إن اعتبر تدليسا إلا انه لا يرقى لرتبة التدليس الجنائي.
-كل احتيال يتضمن كذبا و العكس ليس صحيحا(1)
- قد يستعين الجاني بطرف أخر معززا أقواله فترقى مباشرة على مصاف الطرق الاحتيالية و لا يشترط شكل معين في تدخل الطرف الآخر.
(1)عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 8-9
- معيار التفرقة بين الكذب المجرد و الطرق الاحتيالية هو وجود تنميق و تعزيز للكذب و جعله من شانه أن يصدق و القاضي في تطبيقه لهذا المعيار يجعل نصب عينيه رجلا قريبا من الرجل المتوسط و يثبت فيما كان هذا الرجل لينخدع أم لا،و لا يضع القاضي نفسه معيارا يقيس عليه .
- استغلال الصفة:و يقصد بذلك أن يستغل الجاني صفة يتمتع بها حقيقة و الراجح في القضاء و الفقه الفرنسيين ان اساءة الجاني استعمال صفة الحقيفةو الثقة المفروضة فيه و استعمالها من قبيل الأعمال الخارجية التي يتحقق بها الحتيال و الخداع متى أدت على حمل المجني عليه لتسليم امواله
- و يجب تحقق استغلال الصفة لا الاستناد عليها .
- ولان إساءة استغلال الصفة باعتماد الجاني صفة منبعثة من شخص أو وظيفته ويلي بأكاذيبه فيصدقه المجني عليه استنادا لهذه الصفة ،و اذا كانت صفة المتهم و درجة الثقة فيه من شانها ان تحمل الناس على تصديقه و استغل المتهم ذلك ،توافرت طرق احتيالية .
-الإيهام بمشروع كاذب :وهـو الإيهام بوجود عمل يتطلب اشتراك عدد من الأشخاص لإنجازه أو هو كل تصميم بوضع موضع التنفيذ و المقصود بعبارة الإيهام هـو إيهام عادي الذكــاء
لان كل إنسان يفترض به الحذر أثناء تعامله مع الغير وكلمة مشروع ليست فقط كل نشاط تجاري أو صناعي أو مالي بل لكل نشاط مهما كانت طبيعته ،و المشروع الكاذب هو غير الحقيقي و لا يوجد تفكير جدي في تنفيذه على الإطلاق و لا يشترط ان يكون كل المشروع خياليا أي وجود جزء من الحقيقة.
-لا يشترط إيهام المجني عليه ببذل جهود بل يكفي أن يوهمه بمجرد العزم لبذل هذه الجهود عند توفر شرط او حلول اجل أو تحقيق شرط كما لو حمله على الاعتقاد بالعزم على تأسيس شركة في تاريخ معين أو عند جمع مبلغ من المال أو الحصول على تصريح من السلطات العامة (1) .
(1 ) مصطفى مجدي هوجة في جرائم النصب وخيانة الامانة الطبعة السابعة لعام 2002ص80
الإيهام بوجود واقعة مزورة:
الواقعة تخضع لجميع صور الطرق الاحتيالية و ينصرف معناها الضيق إلى ان ينصب الكذب على أمر واحد غير صحيح و لا تكون من بين الحالات الباقية كالزعم بالمقدرة على إشفاء الأمراض و هي تشمل كل الوقائع غير الصحيحة التي يحاول الجاني إلباسها الوجه الصحيح لكمي تنطلي على المجني عليه ،كان يبلغ شركة التامين عن الشيء المؤمن من اجله على خلاف الحقيقة لقبض قيمة التامين
- كأن يظهر الجاني على المجني عليه ان بإمكانه تعيينه بإحدى الوظائف و يدعي السلطة و اليسر المالي اذ ليس من الضروري ان يكون يسره المالي مزيف بل يكفي أن يكون مبالغا فيه .
-الإيهام بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور:
فصوره وجود سند دين غير صحيح أن يقدم الجاني سندا مزورا على المجني على أساس انه صادر منه ثم يطالبه بالوفاء بالالتزامات الناشئة عنه .
-و تطبيقا لذلك قضي بأنه متى قام المتهم بإيهام المجني عليه بوجود سند غير صحيح فقدمه له و هذا الأخير بتسديد المبلغ بناءا على ذلك بما يتحقق به الاحتيال في جريمة النصب .
- ويتحقق الصورة بإيهام المجني عليه بوجود سند مخالصة مزور في القرض الذي يوهم فيه الدائن مدينه بأنه قد حرر سند مخالصة لصالحه و يطالبه بقيمة الدين الذي له في ذمته فيثق المدين في الدائن و يسلمه النقود ثم يكتشف ان المخالصة ليست بكل المبلغ أو أنها ورقة عادية ليس لها أي معنى ، او ان يحدث العكس كان يوهم المدين دائنه بوجود سند مخالصة و يطلب منه سند الدين ،و يستولي عليه بعد ذلك يكتشف اللدائن أن المخالصة موزورة .
- و خلاصة ما تقدم أن استعمال الطرق الاحتيالية لا يعد من وسائل الاحتيال التي تقوم بها جريمة النصب إلا إذا اتجهت لإحدى الغايات السابقة.
.
إحداث الأمل بوجود ربح وهمي:
و يحدث الإيهام بواقعة مستقلة وهمية غير حقيقية مع تصوير الأمل بما فيه من تحقق ،و لا يقصد بكلمة الربح بمعناه الاقتصادي أي الفائدة المادية ،بل لايشمل الفائدتين المادية و المعنوية ،و على هذا تقوم هذه الغاية على أساس ما يخلفه الجاني في نفس المجني عليه من إمكانية ما يحققه له من فائدة مادية أو معنوية كربح في صفقة أو كسب في العاب القمار أو تقريبه من إحدى ذوي النفوذ أو تزويجه من سيدة معينة أو شفائه من مرض ، و يمكن ان تكون الفائدة أدبية كالتعيين في منصب،أو إشراكه في عضوية نادي اجتماعي أو حزب سياسي (1).
- إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذي أخذ بطريقة الاحتيال :
أي كل من يحدث أملا لدى المجني عليه أنه سوف يسترد مالا إقترضه منه ،بأن يحرر له كمبيالة ليطمئنه على الدين و يكون الجاني مفلسا و سبق ان قضى
بشهر إفلاسه (2) .
و مثال ذلك التوصل على قبض مبلغ مقابل رهن شيئ لا قيمة له او له قيمة و الفرق بين النصب و خيانة الأمانة هو أن تسلم المال في خيانة الأمانة دائما بناءا على عقد من عقود الأمانة و يستوي بعد ئذ ان يكون سليما أو يجيء نتيجة تدليس أو احتيال أما النصب هو الاستيلاء على مال و يسلم المال بناءا على احتيال و يستوي بعدئذ ان يكون التسليم ناقل للحيازة المؤقتة كوديعة او حيازة تامة كالقرض .
(1) عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 11
(2) عبد الحكم فودة في جرائم النصب وخيانة الأمانة والشيك وألغاب الغمار في ضوء الفقه وقضاء النقض 2003 ص 11-12
الفرع الثاني : اتخاذ اسم كاذب و التصرف في مال الغير :
- اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة :
- إن اتخاذ أسماء كاذبة أو غير صحيحة من طرق التدليس و لا يتم إلا بهاته الطرق ومحصورة في المادة 372 من قانون العقوبات .
- اتخاذ أسماء كاذبة : و هي أن يتسمى شخص باسم أو لقب ليس من حقه التسمي به بدون تمييز إذا كان هذا الاسم آو اللقب ينتهي إلى الغير ،آو أن يكون خياليا ، و على ذلك لو استعمل شخص اسم ليس باسمه الحقيقي ، ا ن استعمال اسمه آو لقبه الحقيقي و لم يكن معروفا به ،بل يعرف بغيره فلا يعتبر كاذب حتى و لو كان بنية الاحتيال .
- استعمال صفات كاذبة:
يتفق الفقه و القضاء على تعريفه انه كمؤسس لاستعمال صفات كاذبة اقترانها بواقعة أن يضفي الشخص على نفسه صفة كاذبة أو شهادات أو مهن كاذبة ، و هناك فرق بين الصفة والوصف فالصفة تنتج عن الجنسية ،و الحالة المدنية ،و المهنة و الأسرة و من العلاقات القانونية مع الغير و كل ما خرج عن هذا ليس بصفة.
إذ لا يعد مرتكبا للنصب إذا لم يكن مصحوب بوسائل احتيالية و مثاله:
- ان يعطي لشخص عنوان منزل خطـئ .
- من يدعي كاذبا ملك منزل يريد تأجيره .
- من يدعي ملكه لمبلغ مفقود من النقــود.
و على العكس من ذلك تكون بصدد نصب إذا قام شخص بالإدعاء بأنه طبيب ليتمكن للدخول إلى قاعة العمليات و تسلم أدوات اجراء العملية الجراحية او ان يسلم ادوية و في غالب الاحيان يكون استعمال الصفة الكاذبة مصحوبا باستخدام وسائل احتيالية ، ةو على ذلك فانه يعد مرتكبا لجنحة النصب من يستعمل صفة كاذبة
- بعون امن ، - بعون سري للشرطة
- محلف او ضابط – ضابط في الجيش او جندي ،او ضابط من قوة أجنبية .
- كما انه يرتكب نصبا من ادعى خطا بأنه بطال للحصول على منحة البطالة ناو استعمال امرأة صفة الزوجة الشرعية للحصول على أموال،أو أن يدعي انه مرسل من فلان للحصول على المال .
- التصرف في مال الغير :
و يشترط أن يجتمع عنصرين أولهما التصرف في عقار أو منقول و ثانيهما ألا يكون ملكا للجاني و ألا له حق التصرف فيه و ذلك على التفصيل التالي ثم سنتطرق لإثبات التسلط بالتسليم .
التصرف في عقار أو منقول :
و التصرف المقصود في النص في تحديده لقواعد القانون المدني الذي يعتبر تصرفا بالشيء ببيعه أو تقرير حقوق عينية أصلية عليه بالانتفاع و الارتفاق أو حقوق عينية كالرهن التأميني أو ترتيب حقوق شخصية إجارته أو إيداعه لدى الغير (إذا كان منقولا ) فلا يعد تصرفا .
أن يكون العقار أو المنقول غير مملوك للمتصرف و لا له حق التصرف فيه و يجب اجتماع الشرطين.
مالك العقار الذي يتصرف فيه أكثر من مرة و حكمه :
من المعروف حسب قانون تنظيم الشهر العقاري فان التصرف في حق عيني عقاري لا ينقل هذا الحق و إنما يتوقف ذلك على شهره عن طريق تسجيله ،و ليس للتسجيل اثر رجعي أي انه إذا سجل التصرف انتقل الحق العيني من تاريخ التسجيل لا من تاريخ التصرف و النتيجة إن مالك العقار الذي تصرف فيه بالبيع و لم يسجل تصرفه يبقى مالكا له فإذا تصرف فيه ثانية لايعتبر تصرفا في مال لا يملكه و من ثم لا يعد نصبا و نفس الحكم إذا سجل المتصرف إليه الأول عقده في تاريخ لاحق على التصرف الثاني لان التسجيل ليس له اثر رجعي و من ثم يعتبر المتصرف انه كان مالكا لعقاره وقت التصرف الثاني فقد ارتكب المتصرف بذلك نصبا اذ قد زالت ملكيته وقت تصرف ثاني و انتقض بزواله لحقه ذلك أما إذا سجل المتصرف الأول ثم صدر المتصرف الثاني و انتقضا بزوال ها حقه ذلك .
ثبوت التسليم :
لا يكفي استعمال ألقاب وأسماء كاذبة أو استخدام وسائل احتيالية ،و المنوه عنها لتكوين جنحة النصب ، يجب أن يتحصل الفاعل ، و أن يكون هدفه الحصول على قيم أو أموال غير شرعية إضرارا بالغير إذا فتسلم القيم أو المنقولات أو الأموال يعد فعلا لابد منه لتكوين الجنحة و يجب أن ينصب التسلم على الأشياء المنصوص عليها في المادة 372 من قانون العقوبات ( الأموال ،الالتزامات ، المنقولات ، الأوراق المالية، الوعود، المخالصات)
- و إذا لم يكن الهدف من استعمال أسماء أو صفات كاذبة أو استخدام وسائل احتيالية هو تسلم تلك القيم فلا نكون بصدد نصب .
- ولا يعد نصبا استخدام وسائل احتيالية للسفر بدون تذكرة .
- الدخول للمسرح بدون تذكرة أو بطاقة باستعمال صفة أو اسم كاذب.
ويشترط في الشيء محل التسليم
- ذا طبيعة مادية و منقولة.
- أن يكون ضمن الأشياء المذكورة في المادة 372 من قانون العقوبات .
- شيء مادي :أن يكون محل التسليم في جريمة النصب من قبيل المنقولات ومن ثم لا يتصور وجود جريمة نصب للحصول على عقارات .
- يمكن ان يقع النصب على عقار كان يقدم الجاني بتحرير عقد مع المجني عليه و يقع التسلم على العقد، لذا نستطيع أن نقول انه يكفي أن يكون الشيء ماديا فحسب.
- يجب أن يكون التسليم حالا بناءا على وسائل احتيالية للجاني .
- يجوز إثبات التسليم بكافة الطرق بما فيها البينة و القرائن و الكتابة فيما تجاوزت قيمة المال ألف قرض و أن كان القاضي الجنائي مقيد في الأصل بقيود الإثبات المدنية في إثبات المسائل غير الجنائية (1).
(1 ) مصطفى مجدي هوجة في جرائم النصب وخيانة الامانة الطبعة السابعة لعام 2002ص48
المبحث الثاني : أركــــان الجريمـــة
- الفرع الأول :الركــن الشرعي
لقد نص المشرع الجزائري على جريمة النصب من خلال تطرقه لهذه الجريمة في قانون العقوبات بنص المادة 372 منه والتي جاء فيها (( كل من توصل إلى استلام أو تلقي أموال أو منقولات أو سندات أو تصرفات أو أوراق مالية أو وعود أو مخالصات أو إبراء من التزامات أو إلى الحصول على أي منها أو شرع في ذلك وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها أو الشروع فيه إما باستعمال أسماء أو صفات كاذبة أو سلطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو بإحداث لأمل في الفوز بأي شيء أو في وقوع حادث أو أية واقعة أخرى وهمية أو الخشية من وقوع شيء منها يعاقب بالحبس من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر وغرامة من 500 د ج إلى 20.000 د ج ))
من خلال النص السابق للمادة 372 من قانون العقوبات نلاحظ أن المشرع استعمل عمدا عبارات عامة بغية حماية الغير من المناورات الهادفة إلى إقامة أو إزالــة روابــط قانونيــــة .
ولقد ذهب القضاء أيضا في اجتهاده إلى تأويل واسع لهذه العبارات لتشمل كل تسليم وكل تصرف يكون الهدف منه إيهام الدائن خطأ بأنه استلم حقه .
ويجب أن يتجسد التسليم في الواقع بالاستيلاء على شيء ملموس مادي سواء كان مالا أو سندا ، ولا يقع النصب شأنه شأن السرقة إلا على منقول فلا يعتبر نصب التوصل بالتدليس إلى الحصول على عقار ، ويشترط كذلك أن يكون للمنقول قيمة مالية (1).
(1) د حسن بوصقيعة/ الوجيز في القانون الجنائي الخاص (الجرائم ضد الأموال /والجرائم ضد الأشخاص) ص 303
- الفرع الثاني :الركــن المـــــادي
يلزم لقيام النصب بوصفها جريمة عمديه توافر ركن مادي يتمثل في الفعل غير المشروع و المتمثل في الاحتيال و توافر العلاقة السببية بين الفعل غير المشروع و تسليم المال .
- مثال الشروع في جريمة النصب و ليس في جريمة مستحيلة :
الشروع في الجريمة هو البدء في تنفيذها و عدم اتهام هذا التنفيذ لسبب خارج عن إرادة الفاعل و البدء هو كل فعل يؤدي مباشرة لارتكاب الجريمة كما جاء في نص المادة 30 ق.ع ج و جريمة النصب الشروع فيها يتوافر بكل فعل يحقق به الجاني النشاط الإجرامي و نتيجتها يمثل فعل الاحتيال الذي يشمل الكذب مدعما بوسائل احتيالية ،فكل فعل يدعم كذبة يعد شروع في جريمة نصب ضمن إحدى وسائل الاحتيال .
و يعد شروعا إذا قضى الاحتيال إلى الغلط و لم يكن هو الدافع للتسليم (1) . لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا إذا كانت استحالة مطلقة كأن تكون الوسيلة غير صالحة.
أما إذا كانت تلك الوسيلة بطبيعتها تصلح لما أعدت له و لكن الجريمة لم تتحقق بسبب طرف آخر خارج عن إرادة الجاني فلا يصح القول باستحالة الجريمة .
أما الأعمال التحضيرية هي السابقة للتنفيذ مثل تزوير أوراق أو مستندات لاستخدامها في الكذب و هذه الأعمال لا عقاب عليها أيضا إذا اتخذت صورة الجريمة المستحيلة استحالة قانونية أو مادية كما إذا كان المجني عليه يعلم بالكذب مسبقا أو أن الجاني يسعى للاستيلاء على مال مملوكا له و هو يجهل ذلك أو مالا مباحا (2) .
(1) فتوح عبد الله الشاذلي ق /ع طبعة2003 ص360
(2) فتوح عبد الله الشاذلي ق /ع طبعة2003 ص361
- يتحقق الشروع و لو اكتشف المجني عليه أساليب الاحتيال:
الأصل أن مباشرة وسيلة الاحتيال بالفعل تعد شروعا معاقبا عليه و لو فطن المجني عليه لاحتيال الجاني و سلمه المال فعلا لكن لسبب آخر في نفسه ، و مادام الجريمة توقفت عند حد الشروع و مادامت الطرق الاحتيالية ان تخدع الشخص العادي و الجريمة خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه عاقب المشرع على جريمة الشروع بالحبس سنة المادة 232/ق.ع .
العلاقة السببية:
لا يكفي لقيام جريمة النصب الاحتيال و الاستيلاء على المال بل يجب ان تتوفر صلة بين الاحتيال و تسليم المال يجب ان يكون تسليم المال او المنقول نتيجة طرق احتيالية أما إذا كان التسليم لأسباب أخرى فلا علاقة سببية و لا يقوم النصب .
شروط العلاقة السببية :
وقوع المجني عليه في غلط ناشئ عن وسيلة احتيالية التي استعملها الجاني في تدعيم كذبته و على ذلك فلا تقوم جريمة النصب إلا إذا كان ما صدر عن المتهم كذبا مجردا دون اتخاذ إحدى وسائل الاحتيال التي يحددها المشرع ورغم تسليم المجني عليه المال .
و قد يتوفر فعل الاحتيال و لكنه لا يؤدي إلى وقوع المجني عليه في غلط ، لعدم انطلاء حيلة الجاني عليه في هذه الحالة تنتفي رابطة السببية بين الاحتيال و تسليم المال ،فيشترط وقوع المجني عليه في الغلط و إن لم يكن نشاط الجاني هو السبب الوحيد .
أن يكون المجني عليه واقعا تحت تأثير الغلط أثناء تسليم المال فإذا ثبت انعدام تأثير الغلط وقت التسليم تنتفي الرابطة السببية .
أن يكون فعل الاحتيال سابقا على تسليم المال أولا يصدر الكذب من طرف الجاني معتمدا على وسائل احتيال يؤدي الكذب المجني عليه الوقوع في غلط و بدوره يؤدي إلى تسليم المال من طرف المجني عليه فيجب تسلسل هذه الأحداث بهذه الطريقة حتى يمكن القول بتوافر علاقة سببية .
قيام الركن المادي لجريمة النصب يتطلب فعل الاحتيال (كذب ،وسائل احتيالية ) و نتيجة إجرامية (استيلاء على مال ) و علاقة سببية بين ( الاحتيال و النتيجة) .
الفـــرع الثالث : الركــــن المعنـــوي
إن جريمة النصب بوصفها جريمة عمديه تتطلب إلى جانب الركن المادي توافر قصد جنائي و هذا ماسنتعرض له
القصد الجنائي : تتطلب جريمة النصب توافر القصد الجنائي العام و الخاص ،العام يتمثل في انصراف إرادة المتهم لتحقيق جريمة بأركانها الكاملة و يتكون من عنصرا العلم و الإرادة ،و إذا كان معتقدا في صحتها لم يتوفر القصد لدى الجاني و لو كانت باطلة في حقيقتها ،أما الخاص نية المتهم في الاستيلاء على مال الغير .
كما ينتفي القصد الجنائي إذا استخدم الجاني مظاهر خارجية لمشروع ما يعتقد هو في نجاحه بجمع أموال للمساهمة فيه و لكن المشروع فشل بسبب سوء تقدير أو عدم خبرة (1).
إضافة إلى اتجاه إرادة الفاعل باستعماله تلك الوسائل للتوصل لتحصيل على تسلم و تلقي أموالا و قيم مملوكة للغير أو محاولة ذلك وفي تسبب صررا له (2)
(1) فتوح عبد الله الشاذلي –قانون العقوبات .طبعة 2003 ص362
(2) ابن شيخ لحسن –مذكرات في القانون الجزائري الخاص الطبعة 2 عن دار هومة ص 200
- العقوبـــــــة :
العقوبات الأصليــــة : هـي الحبس مـن سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر و الغرامة من 500 إلى 20.000 د ج ، كما يمكن استبدال عقوبة الحبس بالغرامة طبقا للمادة 53 من قانون العقوبات .
العقوبات التكميليــــة : تتمثل في الحرمان من بعض أو كل الحقوق الوطنية المنصوص عليها في المادة 14 و بالمنع من الإقامة سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر و تطبق هاته العقوبة حتى و لو كنا بصدد الصروف المشددة .
نظرا لإمكانية وقوع الشروع في الجريمة فقد عاقب القانون على الشروع كما لو تمت الجريمة و لا يتحقق الشروع إلا ابتداء من الوقت الذي يظهر فيه المحتال نيته في استلام المال بعد استعمال وسيلة من وسائل التدليس – و قبل هذه اللحظة لا تعد الأعمال التي يقوم بها المحتال إلا مجرد أعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة و هي أعمال غير مجرمة .
الظروف المشددة: نص القانون على ظرفين مشددين لجريمة النصب و هما :
-ظرف يتعلق بالجاني:وهي الظروف المنصوص عليها في م372/التي جاءت على النحو التالي "إذا وقعت الجنحة من شخص لجا إلى الجمهور بقصد إصدار أسهم أو سندات أو اذونات أو حصص أو أي سندات مالية سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية فيجوزان تصل مدة الحبس إلى10 سنوات و الغرامة الى20.000د ج
بحيث اعتبر المشرع أن توجيه الطرق الاحتيالية لخداع الجمهور ظرفا مشددا لما قد ينجم عنه من نتائج خطيرة أو ضارة تهدد المجتمع و تصيب الاقتصاد الوطني .
ظرف يتعلق بالمجني عليه : و هو الظرف المنصوص عليه في المادة 382.
و يكون عندما تعتبر الضحية الدولة أو إحدى مؤسساتها ففي هاته الحالة تكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات حبس .
و قبل تعديل المادة 382/ مكرر بموجب القانون رقم 01/90 المؤرخ في 26 /06/2001 كانت العقوبة تصل إلى الإعدام عندما يترتب عن الجريمة إصرار بمصالح الأمة .
.