المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفتيش


yacine414
2011-04-16, 14:31
إن الفرد يتمتع بحقوق سامية يطلق عليها الحقوق و الحريات الشخصية التي قالت بها كل دساتير العالم و قوانينها ، فللإنسان حق في الأمن و السكينة و يتفرع عنهما حقه في صيانة العرض و الاعتبار و حقه في صيانة سره و حرمة مسكنه و حرية تنقله’ فالحماية الجنائية لحقوق الإنسان من أصناف الاعتداء هي واجب كل المجتمعات.

إن حق الإنسان في الحياة مضمون من جميع الجوانب دستوريا و قانونيا أي خرق لهذا الحق يعاقب عليه القانون، فالمشرع الجزائري عمل كباقي المشرعين على الحفاظ على هذا الحق برصد عقوبات تختلف باختلاف أنواع التجاوزات لهذا الحق.

فمثلاالمكان الذي يأوي إليه الفرد ليلا و نهارحرمته محمية بقوة القانون و لا يمكن التعدي عليها على إمتداد إقامته بها.

فنجـد أن الإجـراء الوحيد الذي يمكن بممارسته المساس بهذا الحق هو التفتيش
فن د أن المحقق في عمله يسعى لضبط الأدلة الأجرامية لعلة كونها أدلة ثبوتية على وقع الجرم حيث تهدف هذه العملية إلى تحقيق الغايتين التاليتين :

01 اكساب الأشياء و الأدوات المضبوطة قوة الثبوتية و التي لا يمكن الطعن فيها.
02 الاعتـناء بها و حفظها بصورة لا تترك مجالا لاستبدالها أو إتلافها أو تشويهها.

و بهذا وجب على القائم بإجراء التفتيش أن يكون على دراية تامة بالخطوات الواجب إتباعها أثناء العملية مع علمه بكل ما هو محضور ويؤدي إلى إبطال إجراء التفتيش.










01 - في القانون الروماني :
أخذ القانون الروماني بمبدأ حرمة المسكن ، حيث كان يستند هذا المبدأ في بادئ الأمر إلى مفهوم ديني خاص فالرومان كانوا ينظرون إلى المسكن باعتباره مكانا مقدسا كالمعبد و كل مسكن كان يحوي له شعائر ، ثم اتخذت هذه الحماية لحرمة المسكن طابعا اجتماعيا في قانون (كورينليا) فقد نص هذا القانون على حرمة المسكن و نظم دعوة جنائية لمن يصبه ضرر من الاعتداء على مسكنه و منع دخول المساكن على نحو مطلق.

02 - في الشريعة الإسلامية :
إن الشريعة الإسلامية أرصت مجموعة من القواعد حققت الصالح العام و راعت في نفس الوقت حق الإنسان فثبطت سلطة الحاكم و جعلت له حدودا لا يتعداها، فأوجدت الأبواب أمام أولئك الذين يستضعفون الآخرين و يدوسون حقوقهم و على الأخص الحكام الذين يقصدون البيوت لتفتيشها دون وجهة حق.

فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى  يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها  ثم قوله تعالى  فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يأذن لكم  و لقد أجار الإسلام دخول المنازل في الحالة الضرورة نذكر على سبيل المثال إطفاء الحريق أو إغاثة وهذا في سبيل الإعانة و تقديم المعروف لاغير.

03 - في القانون الفرنسي :
في العهد الإقطاعي كان النظام الاجتماعي في هذا العهد يقوم على مبدأين الملكية و السيادة و تميز بسيطرة النبلاء على الطبقة الكادحة و لم يكن للحرية الفردية وجود بالنسبة للطبقة الأخيرة و ظهرت حرمة المسكن للوجود في مقاطعة أورليان (orleans ) استنادا إلى ميثاق تقاليد لوريس (lorris )الذي نص على حضر دخول مسكن أي شخص للاستلاء على ممتلكاته دون إذن من القضاء ثم تأكد بعد ذلك رسميا في جميع دساتير و قوانين فرنسا.

04 - في القانون الأنجلو أمريكي :
هذان القانونين كانا حريصين على تقرير مبدأ حرمة المسكن ، فاعتبر مسكن المواطن هو قلعته فنجد أن "اللورد شاتهام "CHATHAM عبر في صياغة فريدة عن هذا المبدأ إذ قال " إن أكثر الناس تواضعا يتمتع في كوخه بسلطات التاج قد يكون بناءا الكوخ متهالكا و سقفه آيلا للسقوط و قد تعصف به الريح و البرق من كل جانب و لكن ملك إنجلترا لا يملك دخوله لذا نجد أن هذه القوانين لا تجيز دخول المساكن إلا عند الضرورة أو بإذن من القضاء ".
المبحـث الأول :

تعريف التفتيش و عرض شروطه
مطلب الأول :

تعريف التفتيش :

يمكن القول أن التفتيش هو البحث الدقيق عن المحل الإجرامي سواء في مكان سري منزل أو شيء يملكه المتهم أو الضحية أو جسدهما لإدانة أحدهما.

فالتفتيش هو إجراء رخص المشرع فيه التعرض لحرمة ما ، بسبب جريمة وقعت أو ترجح وقوعها و هو من إجراءات التحقيق ، حيث يتم البحث في مستودع السر عن أدلة مادية وقعت فعلا ، بهدف إثبات نسبتها لمتهم ما ،وفقا الإجراءات وقعت فعلا ، لا تنصب على الجريمة مستقبلا و لذلك فإن التفتيش يعد من أهم الإجراءات التي يقتضيها التحقيق نظرا لأنه طريق من الطرق التي توصل إلى الحقيقة.

و إذا كان التفتيش إجراء يمس بحق السر من أجل مصلحة المجتمع في الدفاع ضد الجريمة فإنه لا يمكن المساس بهذا الحق إلا إذا وجدت المصلحة الاجتماعية التي تحرك وجوب المساس به ، و هي وقوع جريمة و وجود قرائن قوية على أن صاحب حق السر فاعل أو شريك فيها ، فالتفتيش إذن وسيلة للبحث عن الأدلة المادية للجريمة و ضبطها.

و تقرر معظم القوانين حماية لحق السر أثناء مباشرة التفتيش الواقع على مستودعه و تختلف تلك الحماية باختلاف مستودع السر كما لو كان المتهم بذاته أو مسكنه أو مراسلته و وسائل اتصاله بالغير.

وتتجلى تلك الحماية بصورة عامة في كون القانون يلزم قيام سبب مبرر للتفتيش في البحث عن الأدلة التي تفيد التحقيق.




مطلب الثاني :

شروط التفتيش :

نصت التشريعات الجزائية على ضرورة وجود شروط شكلية عند إجراء عمليات التفتيش كان الهدف من ورائها بث الإطمئنان في سلامة الإجراءات و المحافظة على الحرية الشخصية للفرد و يمكن إجمال هذه الشروط بما يلي:

أولا : إن حق التفتيش مخول أصلا للسلطة القضائية بحيث لا يتولاه مأمور الضبط القضائي إلا في حالات معينة جاءت على سبيل الحصر في القانون ( المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية ) أو بعد إذن مكتوب من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ( المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية )

ثانيا : أنه يكفي لتفتيش منزل المتهم أن يكون هناك إتهام قائم ، أما بالنسبة لمسكن الغير فلا يجوز إلا إذا كانت توجد فيه أشياء تساعد على كشف الحقيقة ( المادة 81 ق إ ج ) فتقدير الظروف الموجبة للتفتيش هو التفتيش و الفائدة المرجوة منه أمران متروكان للمحقق تحت مراقبة غرفة الإتهام و جهات الحكم .

ثالثا : أن يقع الدخول إلى المنازل طبقا لأحكام المادة 45 ق إ ج أي بحضور صاحب المسكن أو من يمثله أو شاهدين إذا رفض صاحب المنزل الحضور أو تعذر حضوره.

رابعا : أن لا يكون المحل المراد تفتيشه من الأماكن المحصنة ضد التفتيش طبقا لما جرى عليه العرف الدولي فبموجب المادة 22 من إتفاقية "فينا" فإن دار البعثة الديبلوماسية مصونة بحيث لا يمكن لموظفي الدولة المعتمدة لديها الدخول إليها إلا برضا رئيس البعثة و لكن إرتكاب جريمة داخل الدار من شخص لا يتمتع بالحصانة الديبلوماسية لا يمنع الأجهـزة القضائيـة من التحقيـق في هذه الجريمة من غير أن
تدخل إلى دار السفارة للمعاينة ما لم يأذن السفير أو من يقوم مقامه الدخول إليها و مباشرة الإجراءات الجزائية داخلها ، و يتمتع المنزل الخاص الذي يقطنه المبعوث الديبلوماسي بنفس الحرمة التي تتمتع بها السفارة ( المادة 20 ) من الاتفاقية المذكورة.

خامسا : أن يتم التفتيش الأنثى بمعرفة الأنثى و هذا الشرط تمليه الآداب العامة و مجال هذا الشرط يكون عندما يكون الموضوع المراد تفتيشه عورة من جسم الأنثى أو يخدش حيائها كتفتيش صدرها أو ملابسها الداخلية و لكن فتح يد الأنثى و أخذ ما بين أصابعها أو رجلها أو داخل شعرها لا يمس حيائها بمعرفة الرجل.

فإذا ما توفرت هذه الشروط جاز للمحقق مباشرة التفتيش في أي مكان على شرط أن تتخذ مقدما جميع الإجراءات اللازمة ضمان إحترام كتمان السر المهني و حقوق الدفاع وفقا للمادتين 45 و 83 من قانون الإجراءات الجزائية و القواعد النظامية و العرفية المقررة في هذا الشأن كإخبار نقيب المحامين و رئيس الغرفة الوطنية للموثقين أو المحضرين أو الأطباء أو من يمثلهم أو استئذان أحد مسؤولي المصلحة الإدارية التي يجري التفتيش فيها ، و مما لا شك فيه أن هذه الإجراءات تزيد القضاء شرفا ، وهيبة و تسهل مهمة المحقق بكثير فضلا عن أنها أشد صيانة الأسرار المهن و حقوق الدفاع و أنها لا تمس في شيء سلطة قاضي التحقيق كما أنها لا تحد من اختصاص.

و متى تم التفتيش تعين على المحقق تحرير محضر يذكر و يبين فيه صفة صاحب المسكن الذي يقع فيه التفتيش و يراعي فيه مقتضيات المادة 48 من ق إ ج المحددة للإجراءات التي يترتب على مخالفتها البطلان مع العلم أن الدفع ببطلان التفتيش هو من المسائل التي يجب عرضها على فضاء الموضوع.























المبحـث الثاني :

أنواع التفتيش و محله

مطلب الأول : أنـواع التفتيـش

فرع الأول : التفتيش القانوني

إن حق الإنسان في الحياة الخاصة هي من أهم الحقوق التي أولتها التشريعات القضائية أهمية خاصة و أحاطتها بنوع من الحماسة فلا يمس هذا القدر إلا ضمن حالات أوجدتها مصلحة المجتمع.

و مـن هنا نرى أن المادة 12 من إعلان حقوق الإنسان نصت على أن الحق في الحياة الخاصة هو حق من حقوق الإنسان و قد راعت كافة الدساتير العالمية هذا الحق إذ نصت على للإنسان أن يحيا حياة خاصة بعيدا عن تدخل الغير لأن حماية الحق في الحياة يوفر الأمن و الاستقرار فالإنسان له أسراره الشخصية ، ومشاعره الذاتية و صلاته الخاصة فهو يودع هذه الأسرار الخاصة في شخصه ومسكنه إلا أن كفالة أمن المجتمع و سلطة الدولة في العقاب تقضي تحويل أجهزتها المباشرة في بعض الإجراءات الخاصة بالحياة الخاصة و ذلك من أجل ضبط أدلة الجرائم و مكافحتها و معاقبة المجرم إلا أن هذا الحق يجب أن يكون محدودا بالقدر اللازم بين سلطة الدولة و بين احترام الحق الخاص من جهة أخرى.

01 - تعريف التفتيش القانوني : هو إجراء من إجراءات الدعوى الجزائية و يتم قصد البحث عن الأدلة فيها و لذلك نجد أن هذا النوع من التفتيش قد نضمته لقوانين الجنائية و وضعت قواعده و أحكامه فهو البحث عن الحقيقة في مستودع سرها حيثما تكون لدى شخص أو في منزل- حقيقة – التي تتمثل في ثبوت أو انتقاء ارتكاب شخص معين لجريمة معينة وقعت بالفعل و اتهم هذا الشخص بارتكابها على أساس من الجدية التي تؤديها إمارات و دلائل قوية لذلك فالتفتيش القانوني هو إجراء من إجراءات التحقيق و هو من أبرز الإجراءات التي يبرز فيها المساس بالحق في الحياة الخاصة.





02 - أهمية التفتيش القانوني :
إن التفتيش هو إجراء يؤدي إلى معرفة الأدلة المادية التي تساعد في كشف حقيقة الجرائم المرتكبة و على هذا الأساس فإن عدم قدرة السلطات المحققة في الوصول إلى الأدلة و ضبطها فإن المجتمع في النهاية لا يستطيع إقرار حق العقاب.

لهذا نجد أن معظم التشريعات القضائية تعني بتنظيف قواعد و أصول التفتيش و بيان أحكامه كل هذا من أجل صيانة حق الفرد و عدم التدخل في شؤون حياته الخاصة كذلك عدم الإعتداء على حرمة مسكنه إلا إذا كان ما يبرر ذلك و بناءا على ذلك فإن حرمات الإنسان كلها واجبة الصيانة حتى يظهر ما يقضي الإنقاص منها إذا توفرت الأسباب و المبررات لذلك.

أجاز المشرع في المادة 81 من ق إ ج مباشرة التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء تفيد إظهار الحقيقة و أهم هذه الأماكن بطبيعة الحال المنازل التي يضمن الدستور حرمتها بحيث لا يجوز دخولها إلا في الحالات التي يحددها القانون كما تنص على ذلك صراحة المادة 40 ق إ ج .


أ / تفتيش الأماكن المسكونة

أولا : الأماكن المسكونة :
هي الأماكن التي يأوي إليها الإنسان لحماية نفسه و توفير الطمأنينة له و التي يمنع الدخول إليها إلا بإذنه . و هي تشكل المنزل الذي يقيم فيه مهما كانت المادة المكونة له كالحجر أو الطوب أو الخشب أو القماش كالخيمة فهذه جميعها تتمتع بنفس الحماية و لا أهمية لمدة إقامة الإنسان فيها إذ قد تكون الإقامة مؤقتة أو دائمة فالإقامة في غرفة في فندق تأخذ حكم المكان المسكون و لو كانت الإقامة فيها محدودة بفترة زمنية معينة و يستمد المنزل حرمته من إرتباطه بحياة حائزه أي من طابع الخصوصية فإذا ما يسمح صاحب المنزل للجمهور التردد على هذا المنزل دون تمييز زالت هذه الحرمة.

ثانيا : الأماكن المعدة للسكن :
و هي الأماكن المهيأة للسكن و لكن لا يقيم ساكنوها فيها كالمنازل الخالية المعدة للإيجار و المنزل المعد لقضاء العطلة الصيفية فهذه المساكن تعتبر مستودع للسد و يمنع دخولها إلا بإذنه و لها نفس الحماية القانونية التي تتمتع بها المساكن المأهولة.

ثالثا : ملحقات المكان المسكون :
هي توابع لهذا المكان و هي جزء مكملا له و تمتد إليها حماية القانون طالما كانت متصلة بالمسكن أو مضمومة إليه كالغرف الغسيل و المآرب و الحديقة فهذه الملحقات أيضا تعتبر مستودع سري لا يسمح الدخول إليها إلا بإذن و هي تأخذ حكم الأماكن المسكونة أما فيما يتعلق بالحديقة فإذا لم تكن مصورة أو كانت هذه الملحقات منفصلة عن المنزل فإنه يجوز تفتيشها دون أي قيد.

ب / المكاتـب :
تتمتع المكاتب الخاصة بالحماية الجنائية كمكاتب المحامين و عيادات الأطباء و مكاتب رجال الأعمال و التي لا يباح للجمهور دخولها دون تمييز و إنما هذه المكاتب هي مفتوحة لاستقبال نوع معين من الناس و هم الذين يأذن لهم صاحب المكتب فهي لا تعتبر مكانا عاما و لذلك فهي محكومة بقواعد و قيود التفتيش و أحكامه.

ج / الأماكن العامة عندما تصبح خاصة :
إن الأماكن العامة لا تتمتع بالحماية التي تتمتع فيها الأماكن الخاصة أو المسكونة لأن المكان العام هو مكان يجوز دخوله في أي وقت دون التقيد بقيود التفتيش إلا عندما تغلق أبوابها فهنا تصبح أمكنة خاصة لا يجوز دخولها و التفتيش فيها إلا بقيود خاصة بتفتيش الأماكن الخاصة أو في حالة الجرم المشهود الذي يقع بهذه الأماكن فهنا يجوز التفتيش من قبل موظف الضبطية القضائية.

د / الأشخـاص :
إن التفتيش الأشخاص هو أيضا عمل من أعمال التحقيق و لا يجوز اللجوء إليه إلا في حالة وقوع جريمة و ذلك من أجل الحصول على ما يفيد في كشفها أقامة القرائن على نسبتها إلى شخص معين.

و تفتيش الأشخاص هو البحث عن أدلة الجريمة في جسد الإنسان و ملابسه و معداته و ما يحمله من أمتعة.
الملابس : تشمل الملابس الداخلية منها و الخارجية و يقوم المحقق بتحسس هذه الملابس لإخراج ما يكون الإنسان قد أخفاه فيها.

الجسد : قد يقع التفتيش على جسد الإنسان و فحص أجزاء جسمه لضبط أي مواد يكون الشخص قد أخفاها في الفم ، و تحت الإبط فانتزاع المحقق هذه المادة من أي مكان كانت مخفية فيه يعد أمرا جائزا و قد ذهب بعض الفقهاء إلى أن غسيل المعدة يعد من قبيل التفتيش و البعض اعتبره عملا من أعمال الخبرة.

الأمتعة : إذا كان الشخص بحوزته أمتعة فإنها أيضا تتمتع بنفس الحماية التي يتمتع بها حائزها و إذا لم يكن للأمتعة حائز فإن البحث فيها لا يعد تفتيشا.


الشروط الشكلية للتفتيش
نصت التشريعات على ضرورة وجود شروط شكلية عند إجراء عمليات التفتيش كان الهدف من ورائها بث الإطمئنان في سلامة الإجراءات و المحافظة على الحرية الشخصية للفرد و يمكن إجمال هذه الشروط بما يلي:

01 - الحضور : يجب أن يتم التفتيش بحضور المشتكي منه حتى يكون ضبط المواد الجرمية قد تم بحضوره مما يشكل حجة عليه أما إذا لم يكن بإمكان حضور المشتكي منه فيجب أن يتم التفتيش بحضور شاهدين من أقاربه وإذا تعذر ذلك فيحضر شاهدين يطلبهما المحقق و يترتب على عدم حضور أحد التفتيش بطلانه باستثناء حالات الدخول بلا مذكرة.

أما تفتيش الشخص فلا يشترط لصحته حضور شهود و لكن من حق الشخص المشتكي منه عند تفتيشه أن يطلب حضور شهود و هذا الطلب غير ملزم لعدم وجود نص عليه.

02 - تحرير المحضر: طالما أن التفتيش يعتبر عملا من أعمال التحقيق فيجب أن ينضم بموجب محضر شأنه في ذلك شأن سائر أعمال التحقيق الأخرى التي ينبغي إثباتها كتابة و تنظيم المحضر هو إجراء وجوبي لصحة أعمال التفتيش و يجب أن يدون في المحضر ما شاهده المحقق من وقائع و ما اتخذه من إجراءات و ما توصل إليه من نتائج و من ضمن البيانات الهامة التي يتوجب إدراجها بمحض التاريخ إجراء التفتيش و الإجراءات و توقيع الحضور.

03 - أن يتم تفتيش الأنثى بمعرفة الأنثى : أن يتم التفتيش الأنثى بمعرفة الأنثى و هذا الشرط تمليه الآداب العامة و مجال هذا الشرط يكون عندما يكون الموضوع المراد تفتيشه عورة من جسم الأنثى أو يخدش حيائها كتفتيش صدرها أو ملابسها الداخلية و لكن فتح يد الأنثى و أخذ ما بين أصابعها أو رجلها أو داخل شعرها لا يمس حيائها بمعرفة الرجل.

الفرع الثاني : التفتيش المادي
01 – تعريفه :
التفتيش المادي هو عمل مستقل عن دعوى جزائية و يتم وفقا لمجريات التي تتطلبها الأمور في الحياة و يقع موقع الفعل المباح إذا تحققت مشروعيته و علة إباحته. و قد يسفر عرضا و بدون قصد عن اكتشاف جريمة أو دليل في جريمة فهو ، إذن كل بحث أو استقصاء يكون مباحا لعله أو بمقتضى نص بالقانون يقع على شخص معين أو في مكان معين و لا يتقيد بأصول و شروط و القواعد المنصوص عليه في القوانين الجزائية و إذا ما أدى هذا التفتيش إلى اكتشاف جريمة أو الأدلة فيعتد هنا بالنتيجة.
02 - أنواعه :
استقرا الفقه و القضاء على أن هناك أربعة أنواع للتفتيش المادي و هي كالتالي:

أولا : التفتيش بالرضى
هو ذلك التفتيش الذي يرضى به صاحب الشأن فيه فيسمح للموظف المختص بإجرائه طوعا و اختيارا ويرضى بالنتيجة –وصاحب الشأن في هذه الحالة هو الشخص الذي يجري عليه التفتيش أو صاحب المسكن أو من ينوب عنه في حالة غيابه إذا كان التفتيش يقع في منزل معين.

*أساس مشروعية التفتيش بالرضى : يستمد هذا النوع من التفتيش أساس المشروعية من رضى صاحب الشأن فإذا تنازل صاحب الشأن عن حقه داخل الأمر في النظام المسموح به و يجري مجرى العمل المباح و من ثم إذا ما رضي صاحب الشأن بإجراء التفتيش على شخصه أو منزله و تفتيشه كان هذا التفتيش عملا مباحا إذا ما أدى إلى كشف جريمة أو عثوره على أدلة جريمة و عندئذ يعتد بالنتيجة والرضا بالتفتيش قد يكون صريحا و قد يكون ضمنا.

*فالرضى الصريح بالتفتيش : يكون بإذن صاحب الشأن فيه للقائم لتفتيش بإجرائه في عبارة صريحة تفيد ذلك نصا و قصدا و من أمثلة ذلك:

-أن تقع جريمة سرقة في مكان ما و تتوجه الشبهة إلى الأشخاص الموجودين فيه فيبادر أحدهم فيطلب من الحاضرين تفتيش شخصه سعيا إلى تبرئة نفسه فيسفر التفتيش عن العثور على المسروقات و لا فرق هنا أن يكون القائم بالتفتيش شخصا عاديا أو أحد مساعدي الضابطة العدلية.

*أما الرضى الضمني : فهو الرضى المستقل من الأحوال التي تدل عليه بحيث يبدو واضحا أن صاحب الشأن راضي و لو لم يفصح عن رضاه و لكن مجرد سكون صاحب
الشأن لا يكفي لاستنتاج رضاه بإجراء عملية التفتيش فقد يكون سكوته سبب خوف و إنما يتعين أن يصدر عن شخص في حريته و اختيار ما يدل على رضاه.
مثال : أن يلتحق عامل بالمصنع أو شركة و تقضي لوائح الداخلية بإجراء التفتيش على العمال أو الموظفين عند الخروج فهنا قبول العامل العمل في هذا المصنع هو قبول ضمني باللوائح و منها التفتيش.

أما نطاق التفتيش المبني على رضا بنوعيه فإنه يتوجب أن يتجاوز حدود ذلك الرضا و إلا اعتبر عملا غير مشروع و لا يعتد به.
مثال : الحق بالتفتيش الشخص فإن هذا لا يتسع لتفتيش منزله و إذا كانت لوائح الشركة أو المصنع تجيز تفتيش العمال عند الخروج فأن هذا لا يعني تفتيشهم بعد المغادرة و الابتعاد عن المصنع.

ثانيا : التفتيش الإداري
هذا الإجراء تقوم به السلطات الإدارية و تنص عليه اللوائح و القوانين و يعتبر من قبيل الأفعال المباحة و يعتد به و بما يسفر عنه و أساس مشروعيته أنه جزء من التنظيم الإداري الذي تفرضه المصلحة العامة و المصالح العليا للدولة و من أمثلته:
-التفتيش الذي يقضي به قوانين السجون.
-التفتيش الجمركي.
ثالث : التفتيش للضرورة
هو التفتيش الذي تدعو إليه الضرورة : و الضرورة هي ظرف طارئ ينشأ عنه ما يقتضي القيام بعمل معين فإذا استلزم هذا الظرف تفتيش شخص أو دخول منزل كان
ذلك عملا مجازا و ما يسفر عنه من نتائج كاكتشاف جريمة أو عثور على دليل يعتد به أساس المشروعية هنا مقررة من خلال قاعدة "الضروريات تتيح المحضورات "
و مثال ذلك : - وجود شخص مغمى عليه في الشارع العام فذلك يستلزم إسعافه
و تفتيشه و التعرف على شخصه فهذا تفتيش أملته الضرورة.
- أن يصدر أمر بالقبض على شخص معين و يكون هذا الشخص مختبئا
في منزل معين فإن وجوده في المنزل يشكل عقد مادية تحول دون
تنفيذ القبض عليه فهنا يجوز الدخول للمنزل للبحث عنه.

رابعا : التفتيش للبحث و التنقيب
هو ما يقوم به رجال الأمن العام أثناء البحث عن المجرمين و لا يوجب إجراءه التعدي على الحريات الأشخاص أو اختراق حرمة منازلهم و يصح الاستشهاد به في دعوى جزائية و من أمثلته:
- تفتيش المزارع من غير إذن من النيابة العامة ما دامت لا تتصل بالمساكن و لا بملحقاتها.
- تفتيش الأمتعة المتروكة التي تخلى عنها أصحابها.

و أخيرا فإن التفتيش المادي الذي يوافق اصطلاح اللغة و لا يعتبر عملا من أعمال التحقيق في الدعوى الجزائية هو التفتيش ( القانوني ) الذي يعتبر إجراء من إجراءات التحقيق في مجال الاستدلال الجنائي فهنا يتلفان في النتيجة التي ينتهي كل منهما و للمحكمة أن تستخلص منها الأدلة التي تقنع به و يستقر في وجدانها إما على ثبوت الجريمة حيال المتهم أو ثبوت براءته .


المطلب الثاني : مختلف أماكن التفتيش
إذا كان التفتيش في محله العام يشمل الأشخاص و المساكن أو محل آخر ألحقه القانون في الحكم بالمسكن فهل أن هذا القول ينطبق على التفتيش الذي نحن بصدد دراسته.

فرع الأول : تفتيش المباني
يتعين أن يكون تفتيش المباني شملا و فعلا يستهدف كشف و ضبط الأدلة و الأدوات و سائر الأشياء التي يمكن أن تدفع التحقيق و يفترض أن يتم التفتيش دون إلحاق الضرر بالممتلكات و يجب حفظ كل الأشياء التقنية التي يعثر عليها في المبنى و تقديم و صل بكل الأمتعة التي تنقل من موقع و ينبغي أخذ الصور الفوتوغرافية للمكان قبل و بعد إجراء التفتيش و بيان الأضرار التي الحقت بالممتلكات الشخصية أو المبني ذاته و ينبغي قبل تفتيش المبنى أن يقوم بعض أعضاء فريق التفتيش بفحص جهاته الخارجية و لا سيما الأمكنة القريبة مباشرة بحثا عن الأشياء أو الأدلة التي ربما يكون المشتبه فيهم قد رموا بها من النوافذ أو الأبواب.

و يجب كذلك تكليف أحد الموظفين بدور حافظ الأدلة و أن تكون مسؤوليته ذكر المكان الذي يعثر فيه على أي دليل و اسم الشخص الذي يعثر عليه و أن يرسم مخططا للمبنى مشيرا ضمنه إلى مكان الدليل و اسم الموظف الذي عثر عليه و عليه أن يحتفظ بالأدلة التي تضبط إلى أن تسلم إلى المخبر أو تودع في مخزن الأدلة و قد تتنوع طرق تفتيش المباني و لكن أيا كانت الطريقة المستخدمة يجب أن يكون التفتيش شاملا و أن يكون موظفـوا التفتيش متيقظين جدا للشراك الخداعية و الأجهزة الانفجارية و يتوجب
إمعان النظر في كل الترتيبات المثيرة للشبهات فإذا اكتشف أي من هذه الأجهزة توجب وفق كل عملية التفتيش إلى حين حضور أصحاب الخبرة.

إذا كان المطلوب تفتيش المباني أو المساكن بحثا عن المجرمين يتواجدون عنها فأن ذلك يتطلب من الشخص المنوط به مسؤولية إجراء التفتيش أخذ كافة الإحتياطات اللازمة و اختيار ممن يمكن الإعتماد عليهم من الأشخاص الموثوق بهم و التزويد بالمعلومات الكافية و العدة و الأدوات التي قد يحتاج إليها في فتح الأبواب أو إجراء التفتيش و فيما يلي بعض الخطوات الفنية المطلوب من القائم بالتفتيش عن مجرم داخل المسكن اللجوء إليها بما يضمن نسبة عالية من اليقضة و الأمان.

01 - عندما يريد الضابط دخول مسكن مغلق فيجب عليه أن يمسك بسلاحه في يده و بعد فتح الباب يركله بشدة بحيث يرتطم بالحائط خلفه ليتأكد من عدم إختباء أحد وراءه و يبادر إلى ستر نفسه بقدر الإمكان فلا يدخل فورا و إنما يتراجع قليلا ، و ينتظر برهة محاولا أن يستمع الصوات التي قد توجد بالداخل و يتعرف على مصدرها و على الموقف عموما.

02 - إذا كان التفتيش ليلا أو المكان مظلما فإلى جانب ذلك يلزم أن يمسك بطاريته بعيدا عن جسمه حتى لا تكون هدفا للتصويب، فإذا ما سمع صوتا بادر بإطفائها إلى أن يتحقق من الموقف.وطالما أن المجرم خطيرا فيجب أن يكون هناك رجل بوليس آخر يغطي ظهر الضابط و يكون بعيدا عنه بضع خطوات إلى الخلف حتى لا يكون إثنان هدفا للمجرم إذا ما هاجمهما.

03 - ثم يتقدم الضابط إلى الباب و في لمح البصر يلم بكل شيء بالداخل ، تفعل عيناه تماما مثلما تفعل عدسة الكاميرا و بذلك يدخل في اعتباره جميع الإحتمالات فلا يؤخذ على غرة.

04 - أثناء التقدم يجب أن يكون سلاحه في المقدمة ، و هذا الإجراء له نتائج جيدة من الناحية الوقائية و في إرهاب المجرم فإذا ما لمح المجرم وجب عليه أن يصدر إليه امرا حازما جهوري بإلقاء السلاح و رفع بالأيدي و عدم التحرك . و يضاء المكان إضاءة تامة لكي يتمكن الضابط من أداء المهمة.

05 - يبعد المجرم من الفتوحات حتى لا يتمكن من الهرب و عن قطع الأثاث حتى لا يستعملها في الإعتداء على الضابط أو إخفاء شيء بها و يؤمر بالوقوف على بعد متر من الحائط ثم الميل للأمام مع استمرار رفع يديه إلى الأعلى و استنادها على الحائط.

06 - يبدأ الضابط تفتيشه من الجانب الأيسر و هو في هذا الوضع وضعا قدميه أمام قدم المتهم و سلاحه في يده على أهبة الإستعداد و يستمر في تفتيش المتهم و ملابسه غير تارك أي مكان فيه بدون تفتيش دقيق.

07 - عند انتهاء من التفتيش في الوضع السابق ينتقل الضابط للناحية الأخرى متخذا نفس الإحتياط و يجرده من سلاحه أو الأشياء أخرى التي قد يستعملها من الأشياء الأخرى التي يستعملها في الإعتداء على البوليس أو على نفسه مع استمرار الإنتباه و اليقضة لكل حركة تبدر منه محذرا إياه من نتائجها.

08 - إذا حاول المتهم أن يرفع يده عن الحائط أو أن يتعدى على الضابط فيكفي أن يجذب الضابط قدمه للخلف فيسقط المتهم على الأرض و تشل حركته.

09 - يبقى مساعد الضابط أمام باب الغرفة شاهرا سلاحه لكي يكون واقيا للضابط أثناء تفتيشه المتهم.

10 - إذا كان المجرم مختبئا فتتبع نفس طريقة الدخول عند التفتيش كل غرفة مع التأكيد من إغلاقها عقب حتى لا ينتقل إليها المجرم.

* تفتيش المنازل و المحلات : تختلف إجراءات تفتيش منزل أو متجر في مدينة أو قرية عن تفتيش منطقة صحراوية أو تفتيش سيارة على الطريق فتفتيش المنزل يحتاج إلى ما يلــــي:

01 - تفهم الضابط العملية لطبيعتها: بالاستطلاع الجيد و تحديد المكان المراد تفتيشه تحديد دقيقا حتى يتوافر عنصر مفاجأة الأشخاص المراد تفتيشهم بتوجه القوات إليهم مباشرة دون الخطأ في المكان.

02 - تقديم احتياجات العملية بإعداد أجهزة القطع و الفتح الأبواب المغلقة إذا كان المنزل مغلق بسلاسل حديدية ، و اصطحاب مجموعة من الكلاب الشرطة المدربة على البحث عن المهربات و المخدرات و المتفجرات لتسهيل عملية البحث هذا بالإضافة إلى إعداد حقيبة بها مواد كاشفة للتعرف على العقاقير المخدرة كيميائيا و إذا كان التفتيش سيتم في المساء فيجب إعداد كاشفات بالإضافة لاحتمـال قطـع التيـار الكهربائـي.


* كيفية إجراء التفتيش : بعد أن يحدد الضابط العملية المخول له تنفيذ مهمة التفتيش دور كل واحد من المشتركين معه يقع حرسه حول المكان المطلوب تفتيشه تحت رئاسة ضابط الشرطة لتأمين العملية حتى نهايتها و ضمان الإحتكاك الأهالي بالقوة أو العكس و يتجه إلى المكان المراد تفتيشه سواء كان مسكن أو مجال من الباب المخصص له و إذا تعذر ذلك يتم الإقتحام من أي أخر يسهل للقوات السيطرة منه عن الموجودين بالمسكن و عند الدخول يتم التحفظ بسرعة على جميع المتواجدين و تفتيشهم تفتيشا دقيقا خشية أن يكون مع أي منهم أسلحة تستخدم ضد القوة أو الممنوعات يتخلصون منها و طريقـة تفتيـش الأشخـاص تكـون على النحو التالي:

01 - يمسك رجل الشرطة بسلاحه في وضع الإستعداد و يأمر المتهم برفع يديه للأعلى مع التأكد من خلوهما من أي سلاح.
02 - أمر المتهم الإستدارة للخلف و يديه للأعلى.
03 - أمر المتهم بأن يفتح قدميه لأقصى حد ممكن.
04 - أمر المتهم بالميل إلى الأمام و أن يقع يديه على الحائط.
05 - يجب على القائم بالأعمال تفتيش جميع أجزاء جسم و ملابس المتهم و أن يبدأ من الأعلى إلىالأسفل كما يجب تفتيش حذاء المتهم و غطاء رأسه إن وجد.
06 - لا يسمح للمتهم بمساعدة القائم بالتفتيش و ذلك خشية من أن يفاجئ المتهم القوة بسلاح يخرجه فجاة و يستخدمه ضدهم أو قيام بإلقاء أو إتلاف أي دليل من أدلة الجريمة
07 - كما يجب أن يتم تفتيش المتهم في مكان ضبطه و يجب على القائم بأعمال التفتيش أن يكون جادا و حادا في إصدار اوامره للمتهم حتى يتمكن من نزع الخوف في قلبه و ثـم مـن سهولـة السيطـرة عليـه.

بعد انتهاء من عملية التفتيش للأشخاص يتم وضع القيود الحديدية في أيديهم و يتحفظ على المضبوطات التي ضبطت معهم مع مراعاة عدم خلطها و تحديد مضبوطات كل شخص و عزل المتهمين عن بعضهم حتى لا يتفقوا في اختراق رواية غير حقيقية يضللوا بها العدالة.

يبدأ بعد ذلك العملية في تفتيش المسكن بدقة بأن يبدأ من مكان و ينتهي إليه حتى لا يرى شيء دون تفتيشه و هنا يجب التحفظ على المصوغات و النقود لحين الإنتهاء من التفتيش فإذا اسفر عن العثور على المخدرات تقدم سلطات التحقيق مع إثباتها في محضر الضبط و إلا ترد لأصحابها بإيصال اللازم كلما أمكن حتى لا يدعي بضياعها بعد انصراف القوة و عند العثور على مخدر يحدد المكان الذي ضبط به فإذا كان في مخبأ يجب التحفظ عليه لمعاينته و تصويره إن أمكن ذلك.

كما يجب أن لا يغيب عن ضابط العملية تفتيش الأماكن الملحقة بالمسكن مثل المآرب و السطح و الحديقة و هنا يمكن الإستعانة بالكلاب الشرطة لتحديد أماكن تخزين المهربات كالأسلحة و المخدرات.

و عند الانتهاء من التفتيش يجب التأكد من أفراد القوة و المتهمين و التأكد من عدم ترك أحد منهم في محل الحادث خشية الإعتداء عليه و تتجه القوة بعد ذلك إلى مقر العمل حيث يحرر الضابط محضر بالواقعة يضمنه كافة الإجراءات التي قام بها و مواجهة المتهم بما اسفر عنه التفتيش و يعرضه على سلطة التحقيق.

* تفتيش المناطق المفتوحة: باعتبار أنها طريق ممهدة و مطروقة فإنها تحتاج إلى أدلة و قصاص أثر و من لهم دراية في الطوبوغرافية و طبيعة الأرض و الجبال و الوديان.
- خطورتها في احتمال حصول فقد للقوات أو الوقوع في مناطق الرمال المتحركة.
- المفروض أن يتم الضبط بعد الاستعانة بخريطة يوضح عليها مخارج و مداخل
الممرات التي سوف تشكلها السلطات.
- باعتبارها أنها أماكن مكشوفة فيجب التحوط للمحافظة على سلامة القوات
و الإستعانة بالسواتر.
- يستحسن تصوير و مسح هذه الأماكن بالطائرة و قبل وضع خطة الضبط لتحديد
عدد المهربين و أماكن و تخزين المخدرات و اختفاء المهربين.
- ضرورات هذه العملية أن تكون وسائل الإنتقال و الحركة في هذه المناطق صالحة
بطبيعة الأرض التي غالبا ما تكون وعرة صخرية.
- التسلح و يكون على مستوى عال يفوق ما قد يمكن أن يكون عصابات التهريب
من عدد الأسلحة.
- كلاب الشرطة لها دور هام و فعال في مثل هذه المناطق بل أن أمثل استخدام
لكلاب الشرطة في مثل هذه المناطق.
- من الحيز العملية أن الحصول على خريطة لمثل هذه المناطق تحدد طبيعة
الأرض و هل تصلح لسير السيار من عدمه .
- شبكة لاسلكية متقدمة جدا ، شؤون إدارية منظمة و ذات إمكانيات راقية و إسعافات كاملة.


فرع الثاني : تفتيش الأشخاص

يقصد به تفتيش المشتبهم فيهم بحيث يشمل هذا الإجراء تحسس ملابسهم و فحصها بدقة لإخراج ما يمكن أن يكون مخفيا فيها و بعبارة أخرى ينصرف القائم بالتفتيش إلى فحص الجسم ظاهريا.

و تفتيش الأشخاص له مدلول و لكن قد يكون إجراء أمنيا بغرض توخي الاحتياط و قد يكون إجراء من إجراءات التحقيق .

و إذا كانت معظم التشريعات لم تنظم تفتيش الأشخاص و لم تحدد ضماناته ، فإن القانون المصري خلافا لغيره قد كان في مادته 46/1 منظما لهذا النوع من التفتيش في حين لم يتضمن القانون الجزائري و الفرنسي مثل هذه النصوص الخاصة بتفتيش الأشخاص ، حيث المشرع الجزائري لم يتضمن تفتيش الأشخاص أصلا و إن كان البعض قد قال بإمكانه إستشفافه من نص المادة 44 ق إ ج، إذ أن هذه المادة تخول الحق لمأمور الضبط القضائي بصفة معينة و ضمنية لقولها أنه يجوز له الإنتقال لمسكن الأشخاص الذين " يحوزون أوراق أو أشياء " تعني الحيازة في أشخاصهم و ليس في منازلهم و هذا جعل النص يحتمل التفتيش معا ( الأشخاص و المنازل ) .

لكن نحن نرى أن هذا النص يتعلق بحالات التلبس ، بالتالي سلطة مأمور الشرطة القضائية في تفتيش الأشخاص لا يكون إلا في حالات التلبس حتى إن كان لم ينص عليها المشرع صراحة ، أما في الحالات العادية لا تخول له السلطة ذلك.

و بمعنى أدق فإن تفتيش الأشخاص لغرض الوقاية و الحيطة، يجوز في كل حالة يقوم فيها مأمور الشرطة القضائية بالتوقيف تحت المراقبة لغرض تجريد الموقوف أو المقبوض عليه مما يحمل من أسلحة أو آلات يمكن أن يستخدمها لإيذاء نفسه أو الاعتداء على غيره أو تمكنه من الهروب .

أما التفتيش بغرض البحث عن أدلة الجريمة فلا يكون إلا في الجريمة المتلبس بها طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 51 ق إ ج حيث يجوز طبقا لهذا النص المقرر للقبض أن يقوم ضابط الشرطة القضائية بتفتيش الشخص المقبوض عليه في الجريمة المتلبس بها مادام التفتيش بغرض الوقاية أما عن التفتيش الإداري لا يعنينا ولا يدخل في إجراءات الضبط القضائي ، بل هو من إجراءات الضبطية الإدارية و هذا الأخير ليس هو مقصود و بالتالي لم ينص إلا هذا التفتيش اللازم للتحري و غير المنصوص عليه قانونا و الذي استطاع البعض استنباطه من النصوص الإجرائية المقررة لتفتيش المساكن و للقبض.

و لكنهم حصروا حالات التلبس فقط و بالتالي لا نقول أن لرجل الشرطة القضائية سلطة تفتيش الأشخاص تفتيشا قضائيا في الحالات العادية أما التفتيش الإداري فيجوز إتخاذه في الحالة السابقة ( حالة الحجز و القبض على شخص ).

لكن إذا قلنا بعدم جواز تفتيش الأشخاص من طرف مأمور الضبط القضائي فإن هناك وسيلة اجازته أو إباحته و هي رضى الشخص المراد تفتيشه كون الرضا يصحح ما يعيب الإجراء و يبيح ما كان يحذره القانون فالشخص في هذه الحالة راض، و تنازل لمأمور الضبط القضائي المساس بحريته و تقييـدها و هـذا الرضى، لابد أن يكون صريحا صادرا عن الشخص بمحض إرادته لا نتيجة إكراهه، أو تهديده أو أعمال و وسائل التعذيب ويشترط في هذا الرضى أن يكون صادرا قبل إجراء التفتيش لا بعده أما من حيث الكتابة و العد فالرضى تكتفي فيه الشفهية و عليه لا يتطلب أي شكل خاص لكن مجرد السكوت لا يعتبر رضى لأنه قد يكون نتيجة استسلام .

* تفتيش المتهم :
لقد أعطى القانون لضابط الشرطة القضائية سلطة تفتيش الأشخاص عند القبض عليهم للإحتياط و الوقاية لحماية من يتولى القبض عليه من أي إعتداء قد يقوم به المقبوض عليه في سبيل استرداد حريته فالتفتيش الذي يقوم به قاضي التحقيق يهدف من وراءه إلى كشف أدلة مادية عن الجريمة و يصح التفتيش بمجرد اتهام الشخص بالمساهمة في جناية أو جنحة .

وهو نفس المسلك الذي أخذ به المشرع المصري حيث نص في المادة 42 ق إ ج "في الأحوال التي يجوز القبض قانونا على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه".

و نصت المادة 49 ق إ ج " إذا قامت أثناء التفتيش لمنزل متهم قرائن ضد المتهم أو شخص موجود فيه على أنه يخفي معه أشياء يفيد في كشف الحقيقة جاز لمأمور الضبط أن يفتشه ".

و يترتب عن الارتباط بين القبض و التفتيش أنه إذا ما تبث بطلان القبض على المتهم يترتب على ذلك بالضرورة بطلان تفتيشه باعتباره آثار له.

* تفتيش شخص غير متهم :
لا يمتلك قاضي التحقيق سلطة تفتيش الشخص إذا لم يكن محتما ما لم تتوفر الشروط التالية :

01 - أن تقوم دلائل كافية و قوية على حيازته لأشياء دات علاقة بالجريمة.
02 - أن تكون هذه الدلائل جيدة و على قدر من الخطورة و من تم لا يجوز تفتيش شخص لمجرد شبهات قد تقوم ضده .

إذا كانت الاحتمالات منصة على مساهمة شخص معين في جريمة لا يعتبرها القانون جناية و لا جنحة أو منصة فقط على حيازة الأوراق أو أشياء لا تتعلق بالجريمة اصلا أو لإنه لا يوجد نص خاص يسمح لضابط الشرطة القضائية بإجراء عملية التفتيش ، فإن تفتيش الشخص المتهم يصبح بلا مبرر، و بالتالي لا يجوز مباشرته و الجدير بالبيان في هذا المجال أن تقدير مدى كفاية الدلائل لممارسة التفتيش أمر متروك لقاضي التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع و بالرجوع إلى قانون إجراءات الجزائية المصري نجد أن المشرع قد أجاز تفتيش شخص غير متهم و ذلك إذا كان قاضي التحقيق هو الذي يباشر إجراءات التحقيق حيث نصت المادة 44 منه " لقاضي التحقيق أن يفتش المتهم و له أن يفتش غير المتهم " .

* تفتيش الأنثى :
أهمل المشرع الجزائري لقضية تفتيش الأنثى حيث لم يعمد إلى سن نصوص قانونية تخضع لتفتيش الأنثى لشروط خاصة على غرار المشرع المصري، وهذا حماية للقائم بتفتيش .

تفرض القواعد العامة أن يتم تفتيش الأنثى من قبل أنثى إحتراما لحيائها و حفاظا على عورتها إذا كان التفتيش سيتعرض لأجزاء من جسمها باللمس أو المشاهدة و عليه فإن ضابط الشرطة القضائية يمنع عليه أن يفتش الأنثى في كل موضع يعد عورة ، و إلا ترتب البطلان على ذلك ، و يمكن مثلا أن تقوم المسؤولية الجنائية عن جريمة هتك العرض المنصوص عليها في المادة 335 ق ع ج أما المشرع المصري قد أخضع تفتيش الأنثى لشروط خاصة و نصت على ذلك المادة 42 ق إ ج المصري"إذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يشد بها مأمور الضبط القضائي".

* تفتيش وسائل النقل :
أ– تفتيش المركبات : تفتيشها صعب لإحتوائها على عدة أماكن تصلح لإخفاء أدلة الجريمة أو محصلاتها كالأسلحة و المواد المهربة ....إلخ،وعلى القائم بالتفتيش تحديد شكل ما يبحث عنه لتحديد إمكانية إخفائه في مركبة ،و يساعده في ذلك عاملان:
- الأسباب التي دعته للإيقاف السيارة و النتائج التي أسفرت عنها إستجواب من فيها لكن إذا كانت فارغة ليس بها أحد فيحدد نطاق البحث الأدلة التي يبحث عنها وهي إما :

- أسلحة بأنواعها....آلات ومعدات تستخدم في إرتكاب السرقات أو السطو .
- أمتعة مسروقة من مجوهرات ونقود...ومخدرات بكل أنواعها.
- أية مستندات خاصة بالسيارة فقد تكون بحد ذاتها موضوع الجريمة .

إذا كانت السيارة متوقفة يتم التفتيش فورا إذا كانت فارغة أما إذا كان بها شخص فيخرج منها ويباشر التفتيش وقد يستدعي ذلك حظور فنيين لرفع الأدلة و يشرع القائم في التفتيش بتفحص المركبة من الأمام إلى الخلف عدة مرات ليكون التفتيش إيجابي .

ب- التفتيش الخاص بوسائل النقل الجوي : عندما يشتبه في إستعمال الطائرات التجارية أو الخاصة...إلخ، لنقل المواد المهربة يستعان بالطاقم الجوي و الأرضي و الفنيين ممن لهم خبرة في المكونات الطائرة .

ج- التفتيش الخاص بوسائل النقل البحري : يعتمد على وسائل النقل البحري في تهريب المخدرات حيث تستغل الحاويات في ذلك إضافة إلى الزوارق السريعة و زوارق النزهة ويفضل الإستعانة في التفتيش بخبراء و غواصين مهرين لاسيما في الحالات إلقاء المهربات في البحر.

الحالات الإستثنائية الخاصة بالتفتيش :
* المشرع الجزائري لم يذكرها على سبيل الحصر ويمكن إدراجها في حالات الضرورة كطلب مساعدة، حريق أو أية كارثة أخرى، كما يمكن دخول المنازل لمعاينة وقوع الجرائم بطلب من أصحابها كما يكون أيضا في حالات الطوارئ كالحرب و الحصار ...إلخ.
* أجاز المشرع إجراء التفتيش أو الحجز في كل ساعة من ساعات النهار أو الليل في الحالات الخاصة وهي:
- جرائم المخدرات .
- جرائم تحريض القصر ذكورا وإناثا على الفسق وفساد الأخلاق .
* جرائم التي توصف بأنها افعال إرهابية أو تخريبية و هذا وفقا للمادة 7 من الأمر رقم 95/10 المؤرخ في 25 فبراير 1995 المدرجة في المادة 47 ق إ ج.

ملاحظة : من استقرائنا أيضا لهذه المادة نجد أن المشرع لم يذكر فقط ضابط الشرطة القضائية بل نص بصريح العبارة (يمكن لقاضي التحقيق أن يقوم بأية عملية تفتيش أو حجز ليلا أو نهارا ).


























المبحـث الثالث
بطلان إجراءات التفتيش و ضماناته

إن البطلان يترتب على مخالفة كل قاعدة إجرائية أتت بضمانات لتأكيد الشريعة الإجرائية ، و هذا غما لحماية الحريات الشخصية أو لضمان الإشراف النهائي على الإجراءات و البطلان نوعان :

أ / البطلان المطلق :
لقد تم تحديده في المادة 157- 159- 160 من قانون الإجراءات الجزائية بأن البطلان راجع إلى عدم مراعاة القانون المتعلق بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوة او باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام من القواعد الإجرائية و لو لم تتكن من قواعد المحاكمة الوارد ذكرها بتخصيص صريح تعتبر المخالفة سببا للبطلان المطلق مثل ذلك:قاعدة منع استجواب المتهم من جانب مأمور الضبط القضائي المنتدب للتحقيق في الحالات التي لا يخشى فيها من فوات الوقت ،و وجود اتهام موجه إلى الشخص المراد تفتيش منزله و قرائن دالة على حيازته أشياء تتعلق بالجريمة الاتهام.

* والبطلان المطلق لا يصححه الرضى بالإجراء المشوب به ، مع من يتعارض هذا الإجراء مع مصلحته ، و هو تراقبه المحكمة من تلقاء نفسها في أية حالة كانت عليها الدعوة.

* غير أنه إذا كانت الدعوة قد استنفذت كافة مراحلها و حاز الحكم فيها قوة الشيء المقضي فيه ، فلا يكون تمت سبيل لهدم الإجراءات بعد إذن.

ب / البطلان النسبي:
هو كل بطلان ينشأ عن مخالفة قاعدة غير متعلقة بالنظام العام و إذا كانت جوهرية في إظهار الحقيقة و الحرص على كفالة حق المتهم في الدفاع و هذا هو البطلان الذي نصت عليه المادة 331 ق إ ج على أنه " يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري و قد ذكرت المادة 333 ق إ ج ضمن أحوال ذلك البطلان ما يرجع إلى مخالفة الإجراءت الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الإبتدائي ، التحقيق بالجلسة في الجنح و المخالفات ".

و لقد أوضحت المواد 44 – 45 - 47 من ق إ ج الشروط الواجب توفرها لسلامة و صحة عمليات التفتيش التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية.

و قد نصت المادة 48 منه على أنه يجب مراعاة الإجراءات التي استوحتها المادتان 45و 47 و يترتب على مخالفتها البطلان ، و معنى ذلك أنه لا يجوزلضبط القضائي الإنتقال إلى مساكن الأشخاص الذين يشتبه فيهم أو يظهر انهم شاركوا في الجريمة أو أنهم يحوزون أوراقا أو أشياء متعلقة بالأفعال الجنائية المرتكبة يكون التفتيش إلا بإذن مكتوب و صادر عن وكيل الجمهورية المختص أو قاضي التحقيق مع وجوب استظهاره قبل الدخول إلى المنزل المراد تفتيشه.

بالإضافة إلى ذلك يجب أن يحصل التفتيش بحضور شخص الذي يظهر أنه شارك أو ساهم في الجناية أو له علاقة بها ، و إذا لم يتمكن من الحضور ، يتوجب أن يعيـن من يمثله فيها ، و إذا إمتنع أو كان هاربا ، استدعى مأمور الضبط لحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته و ذلك طبقا للفقرة 1 و2 من نص المادة 45 ق إ ج و إلا كان باطلا.

و على هذا الأساس سوف نقسم هذا المبحث الى مطلبين:

مطلب الأول : بطلان إجراءات التفتيش
فرع الأول : شروط الدفع ببطلان التفتيش
إن الدفع ببطلان التفتيش يخضع لشرط أساسي هو شرط المصلحة إذ أن المصلحة ليست شرط لقبول الدعوى فحسب بل هي شرط لقبول أي طلب و دفع أو طعن في الحكم .
و نجد أن القانون الجزائري كغيره من القوانين أجاز التنازل عن الإجراء الباطل من صاحب الشأن ، كما أنه أجاز الرضا الصريح بإجراء التفتيش و بالتالي فإنه يشترط لدفع ببطلانه بالإضافة إلى شرط المصلحة ألا يكون صاحب الشأن قد تنازل عن الدفع بالتفتيش الباطل أو رضي بمباشرته رغم علمه بعدم جواز إجراءه .

إن المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى إذ لا دعوى بغير مصلحة و قد أشار إليها قانون الإجراءات الجنائية صراحة في عدة مواد منها المادة 159/3 :

" يجوز دائما للخصم التنازل عن التمسك بالبطلان المقررلمصلحة وحده و يتعين أن يكون هذا التنازل صريحا".

كما يستفاد من نفس النص أن تكون مصلحة شخصية و مباشرة و هذا بالرجوع إلى نص المادة 157/2 : "يجوز للخصم الذي لم تراعي في حقه أحكام هذه المواد أن يتنازل..." فعبارة " لم تراعي في حقه إشارة إلى شرط المصلحة الشخصية المباشرة.

وفقا للقواعد العامة يجب أن تكون المصلحة قانونية شخصية و مباشرة و إن تكون قائمة و الحالة القانونية هي التي تستند إلى حق يحميه القانون أما مصلحة شخصية مباشرة أن المتمسك بالبطلان هو صاحب الحق المراد حمايته أما كونها قائمة و حالة هذا يعني أن الدفع بالبطلان قد تم بعد إعتداء على الحق و معناه إستبعاد المصلحة المحتملة.

كما يجب التنبيه بأن المصلحة المقصودة هنا ليست في الحكم ببطلان الإجراء و إنما المقصود به المصلحة لمراعاة القواعد التي خولفت و لا قبل الدفع ببطلان من الشخص الذي لم يجري تفتيشه شخصيا ، أو من غير حائزالمنزل أو المكان الذي جرى تفتيشه لأن ذلك يكون منه تطفلا غير مقبول.

* عدم الرضى الصريح بالتفتيش :
إذا ما رضي صاحب الشأن بتفتيش شخصه أو مسكنه ، فإن التفتيش يفقد حقيقته التي تقوم عليها و هي كشف الحقيقة في مستودع السر و يصبح في هذه الحالة مجرد إطلاع عادي لا يخضع للضمانات التي يحميها القانون في التفتيش.

و قد تناول القانون الجزائري صراحة الرضى حسب ما جاء في نص المادة 64 ق إ ج "لا يجوز تفتيش المساكن و معاينتها و ضبط الأشياء المثبتة للتهمة إلا برضا صريح من الشخص الذي ستتخذ عليه هذه الإجراءات و يجب أن يتكون هذا الرضى بتصريح مكتوب بخط يد صاحبه فإن كان لا يعرف الكتابة فإمكانه الاستعانة لشخص يختاره بنفسه ويذكر ذلك في محضر مع الاشارة الصراحة الى رضاه .

أما استغلال طيش أو مأوى يمكن تصور حدوثه نادرا في قانون الإجراءات الجزائية كتردد ضابط الشرطة القضائية لحائز السكن.

فرع الثاني : أثار بطلان التفتيش
إن البطلان لا تترتب عنه آثار إلا متى تقرر بحكم أو بأمر من القضاء ( التحقيق ) و هذه قاعدة مطلقة لا إستثناء عليها و لو تعلق الأمر بالنظام العام و عليه فالتقرير بالبطلان أمر لازم سواء تعلق الأمر ببطلان مطلق أو نسبي و كل ما هناك أن الأول يمكن التقرير به من تلقاء نفس المحكمة أما الثاني بناءا على دفع الخصوم به.

و التقرير بالبطلان تكون له طبيعة كاشفة إذا كان الأمر متعلقا بإجراء يتعلق بالنظام العام،و يكون منشأ إذا كان بصدد بطلان نسبي أو إجراء يتعلق بمصلحة الخصوم و القاعدة أنه متى تقرر بطلان إجراء معين وجب إستبعاد الدليل المعتمد منه، و إلا أصبحت الضمانات التي يقررها القانون لضمان و الحفاظ على الحريات عديمة الجدوى بل إن بطلان كل الإجراءات اللاحقة و المرتبطة معه ، و يمكن التطرق لأثار البطلان في :

- أثر البطلان على الإجراء ذاته.
- أثر البطلان على الإجراءات المرتبطة معه بعلاقة السببية.

* أثر البطلان على الإجراء ذاته :
إن أثر البطلان على الإجراء ذاته يتمثل في استبعاد الدليل الباطل و في إعادة الإجراء الذي تعدد بطلانه بشكل قانوني .

01 - استبعاد الدليل الباطل :
و قد أخذ بها القانون الجزائري في المادة 160/1 إذ تنص على :"تسحب من التحقيق أوراق الإجراءات التي أبطلت و تودع لدى قلم كتابة المجلس القضائي"

إضافة إلى ذلك فإنه قد وضع جزاء لعدم الأخذ به في المادة 160/2 :"يحضر الرجوع إليها لإستنباط عناصر أو إتهامات ضد الخصوم و المرافعات و إلا تعرضوا إلى جزاء تأديبي "،و بالتالي فلا يجوز للقضاة و المحامين الرجوع إلى الأوراق و الإجراءات الباطلة .


02 - إعادة الإجراء الباطل :
هناك من الإجراءات ما يمكن إعادتها في حالة بطلانها و لهذا فقد منح القانون الجزائري هذا الحق لغرفة الإتهام التقرير بعد إبطال الإجراء فيها إذا كانت سوف تتصـدى لموضـوع الإجراء أن تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره
لمواصلة الإجراءات و هذا ما نصت عليه المادة 159:"إذا كان الإجراء الباطل لازما وضروريا لمجرى التحقيق عندئذ لابد من إعادته بشكل قانوني إذا كان ذلك ممكنا" وهو المعمول به بالنسبة لعمليات التفتيش و الضبط من الإجراءات التي يمكن إعادتها التي تمت بصورة مخالفة للقانون و الحقيقة أن إجراء التفتيش و الضبط من الإجراءات التي لا يمكن إعادتها لأنها تفقد فائدتها من الناحية العملية ، إذ أن صاحب الشأن سيأخذ استنباطاته عن التفتيش المحتمل .

أما إذا جئنا إلى القانون الفرنسي فإن غرفة الإتهام أيضا إختار ثلاثة حلول إما تحيل الملف إلى قاضي التحقيق لإكمال الإجراءات التحقيقية أو لقاضي آخر ، و إما أن تتصدى للقضية نفسها عن طريق إنتداب أحد أعضائها .


* أثر البطلان على بقية الإجراءات :
إذا ما تقرر بطلان إجراءات التحقيق كالتفتيش و الضبط فبمقتضى لأمر معرفة أثاره على بقية الإجراءات المرتبطة معه بعلاقة سببية، فالقانون الجزائري تناول قاعدتين بخصوص آثار البطلان الأولى هي قاعدة بطلان الإجراء ذاته و ما يتبعه من الإجراءات و الثانية هي قاعدة إمتداده جزئيا أو كليا :"لإقتصار البطلان على الإجراء نفسه أو إمتداده جزئيا أو كليا "

الأول : قاعدة بطلان الإجراء نفسه و ما يتبعه من إجراء :
و هذا ما نصت عليه المادة 157 ف 1 ق إ ج و المادة 105 المتعلقة بسماع المدعي المدني و إلا ترتب على مخالفتها بطلان الإجراء ذاته و ما يتلوه من إجراءات. و غرفة الاتهام مقيدة بالنص و لا تملك سوى تقرير البطلان للإجراء نفسه و ما يلحقه من إجراءات ما لم يتنازل صاحب الشأن عن التمسك بالبطلان صراحة بحضور صاحبه أو بعد إستدعائه قانونا.

الثاني : إعادة إقتصار البطلان على الإجراء نفسه أو إمتداده جزئيا أو كليا :
و قد وردت هذه القاعدة من المادة 159 الفقرة2 من ق إ ج و التي تنص:" تقرر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها و إذا كشف لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان الإجراء المشوب به، و عند الإقتضاء ببطلان الإجراءات التالية له أو بعضها "،و بالتالي فالقانون الجزائري خول السلطة التقديرية لغرفة الاتهام لتطبيق حل من ثلاثة إما :
- إقتصار البطلان على الإجراء نفسه.
- إمتداد آثاره جزئيا على بعض الإجراءات أو كليا لتشمل جميع الإجراءات اللاحقة.
و نفس الأحكام المطبقة في القانون الفرنسي طبقا للمادتين 172 ف 1/206 ق إج.

مطلب الثاني : ضمانات التفتيش :
لقد كلفت دساتير الحياة الخاصة بالإنسان و ذلك بمنع الغير من الإطلاع عليها و ذلك قصد توفير نوع من الاستقرار و الأمن للمواطن حتى يتمكن من أداء دوره الاجتماعي المنوط به .

ولكن في بعض الأحيان قد يستوجب المحافظة على المصالح العامة دون المساس بحرمة الحياة الخاصة إذا ما أساء صاحبها إستعمالها و هذا بقدر ما يزال به الضرر الحاصل و لغرض واحد فقط و هو جمع الأدلة حول تحقيق جزائي مفتوح و مع هذا التحديد و ذلك الإستثناء فإننا نجد من خلال تقييد سلطة التحقيق بشروط و شكليات و التي تمثل كلها في حقيقة الأمر ضمانات المتهم ويمكننا تقسيم المطلب الى :


فرع الأول : المقصود بضمانات المتهم :
و أول ما ظهرت ضمانات التشريع ظهرت في التشريع الإسلامي و الذي نادى لحماية المسكن بقوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها و ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ، فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يأذن لكم....) اية 27 من سورة النور .

كما ظهرت في فرنسا لأول مرة في نص المرجع الجنائي الصادر في أوت 1670 كما ظهر في أعقاب ثورتها حيث ذكرت ضمانات التفتيش و إحترام حريات المواطن في دستورها 1789 المادة 9 في الباب الربع منه و قد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 في المادة 12 منه :"لكل شخص الحق في الحماية القانونية ضد أي تدخل تعسفي في حياته الشخصية و أسرته و مراسلاته"

و قد حددت معظم التشريعات و دساتير العالم طرق التفتيش و حدوده و القيود الواردة عليه التي تكون بمثابة ضمانات للمتهم.

01 - صدور أمر قضائي بالتفتيش :
لقد نصت المادة 38/2 من الدستور:" لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة " و من النظر إلى نص الدستور نجد أنه استلزم الأمر في جميع أنواع التفتيش و في أي مرحلة كان و لو في حالة التلبس وهو ما أكدته المادة 44 ق إ ج.
و بذلك تكون المادة 38/2 من الدستور منعت رجال الضبط القضائي من إجراء تفتيشا ، و لو كانوا في حالة ندب ( إنابة ) قضائي ما يكن بأيديهم أمر بالتفتيش صادر عن الجهة القضائية المختصة ، ذلك لأن وصف التفتيش بأنه إجراء من إجراءات التحقيق لابد من أن يحترم فيه الإختصاص و الجهة الموكل إليها و هذا كله لا يكون إلا بعد وقوع الجريمة و تحريـك الدعوى.

02 - أن ينفد الأمر بالتفتيش بحضور صاحب الشأن :
لقد منح المشرع للمتهم وصاحب المسكن حق حضور إجراء التفتيش كضمانة لهما حتى يكونا على دراية، لما ضبط أو اكتشف و من تم فإنه عدم إحضاره و يترتب عليه البطلان للتفتيش لأن مثل هذه الإجراءات يعد إنتهاك لحقوق الدفاع المصانة دستوريا و قانونا حيث كما جاء في المادة 83/3 ق إ ج : "و لكن على قاضي التحقيق أن يتخذ مقدما جميع الإجراءات اللازمة لضمان إحترام كتمان سر المهنة و حقوق الدفاع "،و من النظر إلى نصوص القانون المستلزمة لحضور ذوي الشأن عند التفتيش يجد أنها لم تفرق بين المتهم صاحب المسكن إلا في حال عدم وجود أو تعذر حضور أحدهما.

فالنسبة للمتهم : يجب استداءه و إعلامه بذلك الإجراء المتخذ ضده و بعد هذا الإعلام إن رغم في الحضور معهم فيها و إذا تعذر قاضي ملزم بتكليف المتهم بتعيين ممثل له سواء كان محاميه أو غيره.

و إذا امتنع عن الحضور أو تعيين غائب أو كان هاربا أصلا استدعى قاضي التحقيق شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته يحضران هذا الإجراء المادة 45/1 ق إ ج .

بالنسبة لصاحب المسكن غير المتهم : فإن دعوته تكون كالمتهم تماما أما تعذر عليه الحضور فإن من حق قاضي التحقيق أن يجري التفتيش بحضور إثنين من أقاربه أو أصهاره الحاضرين و الموجودين بمكان التفتيش أما إذا لم يكن أي واحد منهم يكون التفتيش بحضور شاهدين اثنين يشترط فيهما إنعدام التبعية و الخضوع إلى قاضي التحقيق المادة 83 ق إ ج

03 - تنفيد أمر التفتيش في أوقات محددة :إن المتهم ليس كمن متهم بجنحة هو متهم بمخالفة ، و من كان غير المتهم ليس كالمتهم الحقيقي ، فالبنسبة للمتهم بجنحة لا يجوز تفتيش مسكنه إلا في أوقات محدد و هذا حسب ما جاء في المادة 47/2.

1 - أن يجري التفتيش قاضي التحقيق بنفسه دون إنابة بذلك.
2 - أن يتم التفتيش بحضور وكيل الجمهورية.
أما غير المتهم فإن حكمه حكم المتهم بجنحة .

















فرع الثاني : دراسة الحالة المطبقة

- محضر سمــاع..............................(02)

- طلب إذن بالتفتيش............................(01)

- محضر التفتيش السلبــي....................(01)



















الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية


و ز ا ر ة الــــعـــدل مجلس قضاء سيدي بلعباس محكمة سيـدي بلعبــاس نيابـة وكيـل الجمهوريـة الرقم:.…./2007

ترخيص بإجراء عملية تفتيش


- نحــن وكيــل الجمهوريـة لـدى محكمــة سيــدي بلعبــاس .
- بعد إطلاع على طلب السيد/ ضابط الشرطة بأمن ولاية سيدي بلعبـاس .
- نلتمس من خلاله الترخيص بإجراء عملية التفتيش لمسكن المدعو/ طاهر شاوش المولود بتاريخ 10/10/1970 بسيدي بلعباس ، ابن خامس و فاطمـة خــداوي، جزائري الجنسية ، أعزب ، بدون مهنة ، مقيم بحي الأهرام رقم 15 عمـارة رقم 07 بسيـدي بلعبـاس و المشكـوك فيه بالمتاجرة غير الشرعية بالمخــدرات وترويجها .
- إجــراء عمليــة التفتيــش بالمسكــن المذكـــور أعــــلاه .
- إن تعذر ذلك إتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد أي شخص يعرقل سير العملية
طبقــا للقانــون .
- كما نأمــر بتحريــر محضــر عن ذلـك بعـد الإنتهــاء .


سيدي بلعباس في 15/12/2007


وكيل الجمهورية













خلاصة لما سبق يمكن القول أن المحقق أثناء قيامه بالتحري في جريمة معينة يعتمد بصورة دقيقة و شبه كلية على التفتيش و ذلك لما له من قوة إلزامية يصف فيها مكان الجرم الأشياء المضبوطة و الشخاص المشتبه فيهم فالضابط عند تحريره لمحضر التفتيش يعمل جاهدا على إظهار مسرح الجريمة بجميع جوانبه ذلك ان من يطلع على هذا المحضر يقوم بتصور الفعل الإجرامي كما لو كان هو حاضرا و بهذا فإن التفتيش يعتبر حسب رأي بعض المحللين أساس التحقيقات الجنائية إذا بالصورة الواجبة.



























 شرح قانون الإجراءات الجزائية – الدكتور : مولاي ملياني بغدادي

 شرح قانون الإجراءات الجزائية – الدكتور : محمود نجيب حسني


 ضمانات المتهم أثناء التحقيق الجنائي- الدكتور:عبد الحميد شواربي

 ضمانات الحرية الشخصية أثناء مرحلة البحث التمهيدي


 محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري للدكتور: عبد الله أوهايبية ( أستاذ بكلية الحقوق بن عكنون) للسنة الدراسية 2002-2003.

 دروس في مادة الإجراءات الشرطية (محافظ الشرطة : بودكارة مختار )

zoubour
2011-04-16, 15:09
بارك الله فيك أخي ياسين على هذا الموضوع.

yacine414
2011-04-16, 15:11
السلام عليكم،كيف هي الاحوال يا اخ zoubour هل أنت بخير،شكرا على مرورك الرائع على مواضيعي،هل انت من مدينة تلمسان.

zoubour
2011-04-16, 15:31
لا شكر على واجب يا أخ ياسين فوالله مواضيعك متميزة و أنا في انتظار المزيد من أعمالك الممتازة. ونعم أنا من مدينة تلمسان.

لقاء الجنة
2011-04-21, 22:34
http://qasralkhair.com/up/uploads/1aba5b3a12.gif

sahraoui20001
2011-05-01, 14:36
انت مشكور اخي المحترم على هذا المجهود