المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الحقيقة والواقع


عوماري
2011-04-15, 15:03
#
#
لا* ‬تقرؤوا* ‬هذه* ‬الأرقام*! ‬
#
قفزت "سنغافورة" وهي جزر صغيرة في آسيا لا موارد طبيعية لها ، خلال 40 سنة؛ أي منذ العام 1960 -تاريخ قريب من تاريخ استقلال الجزائر- من حجم انتاج محلي قدره 0.7 مليار دولار الى 99 مليار دولار؛ أي بزيادة قدرها 140 مرة أخذا بعين الاعتبار القيمة المتغيرة للدولار في الزمن، وقفز متوسط الدخل الفردي فيها من 435 دولار الى 16475 دولار؛ أي بزيادة قدرها 37 مرة، وارتفع حجم تجارتها الخارجية وجلها من الصادرات من 2.5 مليار دولار الى 257.4 مليار دولار؛ أي بزيادة قدرها 100 مرة، وتراجع مستوى البطالة من 10 بالمائة الى 1.8 بالمائة. ونفس الكلام ينطبق على الصين منذ 1980، وعلى كوريا الجنوبية منذ 1970، وعلى ماليزيا منذ 1971، وعلى تايلاندا منذ 1987، وكلها دول بدأت صغيرة لا شأن لها وصارت خلال 30 سنة دولا توصف بالنمور، وغير دول آسيا هناك "تركيا" التي قفز فيها الناتج الداخلي الخام خلال عشر سنوات الى 663 مليار دولار والصادرات من السلع الانتاجية الى 107 مليار دولار، وبالنسب المئوية تبلغ الزيادة السنوية في الناتج في تركيا 187 بالمائة والزيادة في التجارة الخارجية 216 بالمائة، ولا تنتج تركيا الطاقة بل تستورد النفط والغاز ولا تستورد غير النفط* ‬والغاز*. ‬
#
ويعود تفوق هذه الدول -التي تشبهنا في البنية التاريخية، وبعضها مثل ماليزيا يشبهنا في الثقافة والدين، وبعضها يقل عنا في موارد الطبيعية مثل تركيا وسنغافورة- الى عاملين اثنين: حكومات قوية لها رؤية وتعي ما تفعل وتدرس ما تعي، تشبت بالثقافة الوطنية واللغة كمحتوى* ‬اقتصادي* ‬وتنموي*. ‬ولا* ‬يهم* ‬بعد* ‬ذلك* ‬من* ‬يحكم* ‬إسلاميا* ‬كان* ‬أم* ‬لائكيا،* ‬محافظا* ‬أم* ‬حداثيا،* ‬حيث* ‬تحقق* ‬اجماع* ‬شعبي* ‬واضح* ‬حول* ‬مفردات* ‬التنمية،* ‬مما* ‬جعل* ‬مسعى* ‬الأنظمة* ‬الحاكمة* ‬فيها* ‬مسعى* ‬اجتماعيا*.‬* ‬
#

#
وعن* ‬بلادنا* ‬الحبيبة* ‬
#
حبا الله الجزائريين أكثر مما أعطى النمور الآسيوية وتركيا من موارد طبيعية وفئة سكانية نشطة وتماسكا ثقافيا ووحدة فكرية وانسجاما مذهبيا، ولكن فقد الجزائريون منذ نصف قرن -أي منذ الاستقلال السياسي العام 1962 - التعليم الأصلي كحامل للغة، اللغة الوطنية كحامل للتنمية، الحكومات القوية كحامل للرؤى التنموية، الادارة الناجعة كحامل للفكرة والرسالة الواضحة كحامل للتقدم، واستسلم واضعو السياسات في الجزائر لبقايا الاستعمار الفرنسي في أروقة الادارة والاقتصاد والبنوك والتعليم، والنتيجة كما نرى: تراجع مؤشرات التنمية البشرية للمراتب الدنيا عالميا، تراجع نصيب الصناعة في الناتج الداخلي الخام من 25 بالمائة خلال السبعينيات الى 5 بالمائة اليوم، تراجع نسبة السلع في الصادرات من 30 بالمائة بعد الاستقلال الى 2 بالمائة اليوم، وخلال نصف قرن تحولت الجزائر من بلد مصدر للبرتقال الى أكبر مستورد للقمح في العالم، ومن مجتمع متقارب في الدخل الى شبه مملكة لا تعيش فيها سوى البورجوازية الصغيرة، وضاع العدل حيث حل النفوذ وتبخر الصلاح حيث حل الفاسدون، وتحول جنوبنا الشاسع الجميل الى حقل بترول كبير عجزنا حتى على تحويله الى قطب لصناعات بتروكيميائية متفوقة، وإذا بنا نصدر لفرنسا النفط الخام كي نستورد منها 500 مادة مشتقة من نفس النفط. أما على سلم الحريات والمشاركة السياسية والمظالم الاجتماعية والحكم الصالح، فالأفضل أن نصمت عن الكتابة، لأن معلومة واحدة عن ذلك تجعل الولدان شيبا وربما اشتعل الرأس من قراءتها* ‬شيبا*.
*‬
الدكتور .بشير مصيطفى
نقل عن الشروق