yacine414
2011-04-13, 09:34
الأفعال الإرهابية الباب التمهيدي
النشأة و التطور التاريخي للأفعال الإرهابية
الغريب أن ترتبط أول جريمة في تاريخ البشرية ببداية شقاء الإنسان على الأرض و بداية حلمه للعودة إلى الجنة التي أزل منها إلى الأرض ، فأنجبت حواء قابيل و هابيل ... و لما اصطفى الله بمحبته هابيل ، شكلت الغيرة حافزا للقتل فتلاها التاريخ في التفنن في القتل و إيذاء الغير ، و ما قصة البشرية إلا قصة هذا الصراع بين الخير و الشر بين آدم و إغواء إبليس و بين الطيبين و الأشرار حتى و إن اختلفت الأسباب وتشبعت الدوافع.
فالجريمة تحتل ضمن تصنيف المخالفات مكانة خاصة نظرا للعقوبة التي تواجهها ، و إن الجريمة تتمثل في كل أشكال الإعتداء على الآخر و على شخصه و عرضه و ماله إذ تختلف الجريمة حسب طبيعتها و العوامل المؤثرة عليها إذ تعددت الجرائم و أسبابها ، منها جرائم إقتصادية و جرائم الآداب... و الجرائم السياسية التي تمس بأمن الدولة و الإخلال بنظامها .
تنقسم الجرائم التي ترتكب ضد الدولة الى قسمين فالجرائم التي ترتكب ضد الدولة بصفتها شخصا من أشخاص القانون الدولي و التي تنال أو تستهدف حقوقها المتعلقة بصفتها هذه ، مثل الاعتداء على استقلالها و الإنقاص من سيادتها و تهديد سلامة أراضيها و الاتصال بأعدائها و التعاون معهم و أعمال الخيانة و التجسس فأصبحت تمس الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي ، أما الجرائم التي ترتبط ضد الدولة بصفتها سلطة و حكم أو حكومة أو تستهدف السيطرة عليها أو تعديل علاقات السلطات بطرق غير مشروعة ن أو إثارة العصيان المسلح ضد السلطات القائمة و منعها من ممارسة وظائفها و اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية.
أصبحت الجرائم التي تمس أمن الدولة من جهة الداخل يطلق عليها اسم الجرائم المضرة بأمن الحكومة باعتبار أنها تقع على الدولة في شكل سلطة الحكم أو الحكومة ، و لكن في الآونة الأخيرة شاع مصطلح "إرهاب" و "الجريمة الإرهابية " ، و أصبحت حديث العصر أو بالأحرى موضوعه إذ لهذه الظاهرة الجديدة أسباب النشأة و دوافع و أثار .لذلك علينا معرفة الأساس التاريخي الذي كان له الدور الفعال في بروز الجريمة الإرهابية و أسباب نشأتها عبر العصور و المجتمعات .
فالتطور التاريخي لتجريم الاعتداء على أمن الدولة يتمحور في عصور منشئة للظاهرة الإجرامية و هي :
01-العهد الروماني.
02-عصر الإقطاع.
03- الثورة الفرنسية 01/ العهد الروماني:
يمكن أن نلمس الأصول التشريعية الأولى لتحريم الاعتداء على أمن الدولة في القانون الروماني فقد تضمن القانون المعروف باسم "قانون جوليا" و جرائم الإعتداء ضد روما أو ضد الملك و اعتبارها من الكبائر CAPITALES و عوقب عليها بالإعدام أو الحرمان من النار و الماء ، و نص قانون "كورنيليا " أيضا على هذه الجرائم و أطلق عليه القانون الروماني تسمية "جرائم المساس بالعظمة" LESE MAJESTE . 01
-د.محمد محمود سعيد –جرائم الإرهاب-دار الفكر العربي –القاهرة – الطبعة الأولى-1416ه-1995م
الأفعال الإرهابية الباب التمهيدي
أما في العهد الجمهوري اعتبر مرتكبي هذه الجرائم أعداء الجمهورية و أعداء الشعب ، أما في العهد الإمبراطوري فقد حدث تغيير في فلسفة المعاقبة على جرائم المساس بالعظمة ، فأصبحت المصلحة محمية بالعقاب في حماية الإمبراطور بصفته تجسيدا للدولة .
و أصبحت النصوص العقابية تحمي شخصه و سلطانه و بعدها حل مفهوم " عظمة السلطة " محل مفهوم "عظمة الشعب " 02 و أصبح العقاب على الجرائم وسيلة للقضاء على كل ما يهدد مركز الإمبراطور و سلطانه فلم تقتصر المعاقبة على الأفعال بل امتدت لتشمل الكتابات و الأقوال و الأفكار و أصبحت العقوبة بالإعدام حرقا أو بالإلقاء إلى الوحوش المفترسة. بعد انهيار الدولة كان من الطبيعي أن تختفي جرائم المساس بالعظمة لعدم ملاءمتها البنيان الاجتماعي الطبقي للمجتمع .
02/ عصر الإقطاع:
ساد في هذا العصر الصراع بين الملكية الناشئة و بين أمراء الإقطاع أين استعانت الملكية بالفقه الروماني للتغلب على أمراء الإقطاع فظهرت نظرية السيادة و نظرية جرائم المساس بالعظمة إذ أصبحت هذه النظرية في عهد الملكية المطلقة هي جرائم "المساس بولي العهد أو الأمر " ، و انقسمت هذه الجرائم إلى أفعال الاعتداء التي تقع على الشخص المالك أو أولاده أو ضد امتيازات عرشه و إلى أفعال الاعتداء على سلطاته بطرق غير مباشرة .
03/ الثورة الفرنسية:
بقيام الثورة الفرنسية و انتشار أفكارها التي حددت و نظمت العلاقات بين الأفراد و بين الدولة، إذ أصبحت بموجبها الدولة شخصا معنويا مستقلا عن أشخاص الحكام أيا كانت صفاتهم ... و لم يعد لهؤلاء في ظل هذه الأفكار سوى جهاز الحكم بتغييره و تبديله وفقا للظروف و الأحول في حين تبقى الدولة. و بذلك حل مفهوم الجرائم الماسة بأمن الدولة محل مفهوم جرائم "المساس بالعظمة "أو"بولي الأمر ".و كان من أثار فقه الثورة الفرنسية حدوث التمييز بين الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي و الداخلي. فاقتصرت الأولى على الجرائم التي تهدد الدولة نفسها و بوجودها ، في حين تعلقت الثانية بالجرائم التي تمس سوى أجهزة الدولة أو شكل الحكومة بما في ذلك المؤسسات المنوط بها القيام بأعباء السلطة و وظائفها.
04/ القرن التاسع عشر(19) و القرن العشرين(20):
من خلال انتشار الأفكار القومية في القرن التاسع عشر و مع تعدد الحروب من الطبيعي أن يكون لذلك أثر في الفقه و التشريع العقابيين ، فظهرت التفرقة بين الجرائم العادية و الجرائم السياسية ، وترتب على ذلك وضوح الاختلاف بين أحكام تجريم أفعال الاعتداء على أمن الدولة الخارجي و المعاقبة عليه.
كما هو الشأن بالنسبة لأمن الدولة الداخلي فاعتبر الأول مستحقا لشدة العقاب أما الثاني جدير بالشفقة في القرن العشرين نتيجة لذيوع و انتشار أفكار و مذاهب إجتماعية و دينية و إقتصادية استخدم معتنقوها العنف المدعم بالقوة وسيلة لتحقيق أغراضهم غير عابئين بما يصيب ضحايا أعمالهم من اضرار، تأكد في التشريع و القضاء
02المرجع السابق (جرائم الإرهاب)
الأفعال الإرهابية الباب التمهيدي
اتجاه كان قد صاحب التمييز في المعاملة بين المجرم السياسي و المجرم العادي تمثل في إخراج جرائم هؤلاء التي منها ما يسمى بجرائم الفوضويين ، و جرائم الشيوعيين ، و جرائم الإرهابيين من عداد الجرائم السياسية .
لقد اجتاحت الجريمة الإرهابية الكثير من دول العالم فبرغم من تاريخ وجودها القديم إلا أنها مصطلح حديث فالإرهاب أو الجريمة الإرهابية مصطلح دخيل على الساحة السياسية أكثر منها على الساحة القانونية و تطرح إشكاليات عديدة لتفسير هذه الظاهرة الجديدة و البحث على معنى الجريمة الإرهابية و لماذا وجدت أصلا؟ و كيفية حلها و علاجها .
و للإجابة على هذه التساؤلات نقوم بدراسة ثنائية الباب و هي كالتالي:
-الباب الأول: سندرس الجريمة الإرهابية الواقعة في القانون الداخلي أي قانون العقوبات الجزائري و مفاهيمها المتعددة ، و عناصرها و اختلافها مع الظواهر المشابهة لها إضافة إلى الإجراءات القانونية المتبعة لمواجهتها.
-الباب الثاني : سندرس الظاهرة الإجرامية أو الإرهابية بشكل واضح في القانون الدولي و موقف القانون الدولي العام منها و كيفية الحد منها و المعاقبة عليها.
الخاتمة : مدى فعالية القوانين التي اقترحت للحد من الظاهرة الإرهابية .
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الجريمة الإرهابية على ضوء قانون العقوبات الجزائية
مما هو جدير بالذكر أن موضوع الإرهاب يستمد خطورته ليس من كونه ظاهرة سياسية فقط بل كونها ظاهرة إجتماعية أيضا ، بقدر ما جريمة سياسية لها مبرراتها و تختلف النظرة اليها و التعريف بمفهوم الإرهاب يساعدنا على فهمه ، وإزالة الغموض ، و اللبس الذي يكتنفه الأمر الذي يمكننا من الوصول إلى نتائج صحيحة تعتبر واقع علمي يعبر عن المفهوم.
الفصل الأول : الرؤية القانونية للجريمة :
إن الجريمة الإرهابية هي جريمة سياسية أكثر منها قانونية ، و سنحاول قدر الإمكان أن نعرفها و نتطرق لها من الناحية القانونية حتى لا نكون بصدد دراسة موضوع سياسي ، فقد خصص لها المشرع الجزائري القسم الرابع مكرر من قانون العقوبات الجزائري تحت عنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ضمن المادة 87 مكرر03 حيث حددت الأعمال الإرهابية كل فعل يستهدف أمن الدولة و الوحدة الوطنية و السلامة الترابية و استقرار المؤسسات و سيرها العادي و ذلك عن طريق بث الرعب في أوساط السكان ، و الإعتداء المعنوي أو الجسدي على الأشخاص و تعريض حياتهم للخطر ، و عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق و التجمهر و الإعتداء على رموز الأمة و الجمهورية و نبش القبور ، إضافة إلى الإعتداء على وسائل المواصلات و النقل و الإستحواد عليها دون مصوغ قانوني و الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض... من شأنها تعريض سلامة الإنسان أو الحيوان للخطر . و عرقلة عمل السلطات العمومية و سير المؤسسات أو الإعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتهم أو عرقلة تطبيق القوانين و التنظيمات.
المبحث الأول :تعريف الجريمة الإرهابية و تحديد عناصرها:
مما لا شك فيه أن هناك مشاكل عديدة تنشأ بصدد تعريف مفهوم الإرهاب ، و تحديد أبعاده المتعددة ، حيث تختلف نظرة كل مجتمع من المجتمعات لعملية الإرهاب و الإرهابيين و بناءا عليه يكون هناك حكم نسبي في النظر لتلك الأعمال العنيفة و القائمين عليها.
المطلب الأول :التعريف اللفظي و النظري للجريمة الإرهابية:
01-التعريف اللفظي: يثير لفظ الإرهاب منذ الوهلة الأولى معاني الخوف أو التخويف و لفظ "إرهاب " مصدره "رهب" و الذي جاءت مشتقاته في أكثر من موضع في القرآن الكريم بإعتباره مصدر البلاغة و ينبوع البيان كقوله تعالى...أنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا صورة الأنبياء الآية۰ ۹
يتضح المعنى اللغوي لكلمة إرهاب من الفعل "رهب" أي خاف و"رهبة " أيضا بالفتح و "رهبا" بالضم و رجل "رهبوت" بفتح الهاء أي "مرهوب"و يقال "رهبوت" خير من "رحمون" أي لأن ترهب خير من أن ترحم و "أرهبه" و "إسترهبه" أخافه و "الراهب"المتعبد و مصدره الرهبة و الرهبانية بفتح الراء فيهما و "الترهب" أي التعبد04
أول من استعمل إرهاب TERRORISME هو المفكر الفرنسي BERCHORIUS ، خلال القرن الرابع عشر
04-محمد بن أبي بكر الرازي-مختار الصحاح –مكتبة لبنان-1988 ص 109
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
ميلادي أثناء ترجمته لكتاب "التاريخ الروماني" بخلاف PRADEL الذي يرى أن لفظ إرهاب إستعمل أول مرة في الملتقى الدولي لتوحيد القانون الجنائي ببروكسل 1930 ميلادي و يقصد بالإرهاب كعنف إختلف الفقه في تحديد فترة إنطلاق ظاهرة الإرهاب و ذلك لعدة أسباب أهما أن العنف قديم قدم الإنسان و لكن يرجع الفقه أول إستعمال للعنف من أجل التخويف و بث الرعب في فترة إستلاء "اليعقوبيين" على السلطة في فرنسا 05 .
02-التعريف النظري: بما أن الظاهرة الإجرامية تعتبر من بين الظواهر الإجتماعية ، و هي ظواهر مركبة و متعددة الأبعاد يختلط فيها العنصر النفسي ، كالعناصر الإجتماعية و المادية و الثقافية و التاريخية و هذه الظواهر تتميز خاصة في جوانبها البسيكولوجية بالغموض ، و إذا ما انتقلنا من التجريد و العمومية إلى التخصيص و التجديد ، أي إذا ما انتقلنا إلى مفهوم الإرهاب لوجدنا أنفسنا إزاء ملاحظات عدة أهمها:
-الملاحظة الأولى :ليس هناك اتفاق واضح و محدد فيما بين المتخصصين حول مفهوم الإرهاب شأنه في ذلك شأن سائر المفاهيم و العلوم الإجتماعية فما قد يعتبره البعض إرهاب و ينظر إليه البعض الآخر على أنه عمل مشروع06
-الملاحظة الثانية: قد أخل مفهوم الإرهاب مع عدد من المفاهيم الأخرى القريبة منه معنى ، و من ثم يختلط في أذهان البعض مفهوم الإرهاب مع مفاهيم أخرى ، كمفاهيم العنف السياسي ، أو الجريمة السياسية أو الجريمة المنظمة .
-الملاحظة الثالثة: أن مفهوم الإرهاب قد يثير من أول وهلة حكما فيما ينطوي على الرفض و إنكار الأعمال الإرهابية ، و لكن الأمر قد يتعلق بالبحث الأكاديمي لإحدى الظواهر المؤثرة و الفعالة في مجريات الأمور ، لا نعير إهتماما للأحكام القيمة التي تقع في نطاق إهتمام فروع أخرى من المعرفة الإنسانية .
-الملاحظة الربعة: إن مفهوم الإرهاب هو مفهوم ديناميكي متطور ، و تختلف صوره و أشكاله ، و أنماطه و دوافعه إختلافا زمنيا و مكانيا ، فزمانيا يتباين الإرهاب من فترة إلى أخرى في المكان الواحد ، و يتباين في الزمن الواحد من مكان لآخر ، أو حضارة دون الأخرى
المطلب الثاني: التعريف القاموسي و الموسوعي للجريمة الإرهابية:
في الموسوعة السياسية نجد أن الإرهاب يعني "إستخدام العنف "-غير قانوني –أو التهديد به بأشكاله المختلفة كالإغتيال ، و التشويه ، و التعذيب و التخريب و النسف بغية تحقيق هدف سياسي معين مثل (كسر روح المقاومة ، و الإلتزام عند الأفراد و هدم المعنويات عند الهيئات و المؤسسات ،أو كوسيلة من الوسائل للحصول على المعلومات أو المال و بشكل عام إستخدام الإكراه لإخضاع الطرف المناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية )07 .
في موسوعات "لاروس" نجد كلمة إرهاب تشير إلى مجموعات أعمال العنف التي ترتكبها المجموعات الثورية .
J.PRADEL-LES INFRACTIONS DU TERRORISME-D 1987 –P39.S /05
ERIC MOURRISETAL.TERRORISME.THREAT-AND-RESPONSE-HOUNDMILLS-1987-P27 /06
07د.صلاح قنصوة-فلسفة الأفعال الإرهابية البــاب الأول
اهتماما بمسألة أمن ضحاياهم و هو يوجه ضرباته-التي لا تأخذ نمط معين- إلى أهدافه المقصودة بهدف خلق جو من الفزع و الرعب، و شل فعالية و مقاومة الضحايا 08
- في قاموس " أو كسفورد" نجد أن كلمة " إرهاب" تعني سياسة ، و أسلوب و إفزاع المناوئين و المعارضين لحكومة ما .
-في المعجم العربي الحديث نجن كلمة " إرهاب " تعني الأخذ بالتعسف و بالتهديد ، و الحكم الإرهابي هم الحكم القائم من أعمال العنف 09
-أما في المعجم العربي الحديث تعبر عن التهديد أما في معجم الوسيط نجد أن "الإرهابيين " وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف ، و الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية .
-في معجم الرائد ، فقد جاء به الإرهاب هو " رعب تحدثه أعمال العنف مثل : القتل و إلقاء المتفجرات أو التخريب ، و ذلك بغرض إقامة سلطة أو تفويض سلطة أخرى10
- أما تعريف " إرهابي " كشخص نجد في الموسوعة العالمية أن " الإرهابي " هـو ذلـك الشخص الذي
يمارس العنف و هو لا يعمل بمفرده ، و لكنه ينخرط في إطار جماعة أو نظام معين و ذلك وفقا لإستراتيجية محددة.
-في قاموس السياسة الحديث نجد أن كلمة " إرهابي " تستخدم لوصف الجماعات السياسية التي تستخدم العنف كأسلوب للضغط على الحكومات لتأييد الاتجاهات المنادية ، و المطالبة بتغييرات الإجتماعية.
-و كلمة " إرهابي " تشير بوجه عام إلى شخص يحاول أن يدعم آرائه بالإكراه و التهديد أو الترويع.
المطلب الثالث: التعريف بالإرهاب عبر مساهمات المتخصصين في مجال أبحاث الظاهرة:
لا يوجد إجماع فيما بين الباحثين على تعريف واضح للإرهاب فالبعض يعرض تماما عن محاولة التعرض للتعريف بالإرهاب، استنادا إلى غموض التعبير و عدم وضوحه أما البعض الآخر يعرفه عن طريق مزج مجموعة من المفاهيم فقال أحد الباحثين " إني لن أحاول تعريف الإرهاب لأني أعتقد أن مناقشة التعريف لن تحقق تقدما في دراسة المشكلة و التعامل معها "11
تعود أول المحاولات العلمية للتعريف بالإرهاب إلى علم 1930 حين عرف " هاردمان " في مقال له بموسوعة العلوم الإجتماعية الإرهاب بأنه " المنهج أو النظرية الكاملة وراء المنهج الذي بمقتضاه تسعى مجموعة منظمة أو حزب ما للوصول إلى أهدافه المعلنة للعنف بصورة أساسية12
juluis gould .ed. A. DICTIONARY OF THE SOUAL SCIENCE/08
LONDON TAVISTOEH PUBLICATIONS LIMITED 1964-P719
09 /WILIYAM LITTLE ETAL THE SHORTRE OXFORD ENGLISH DICTIONARY LONDON 1967-P2155
10/ د.محمد محمود الساعي – الدلالات اللغوية و السيااسية لمفهوم الإرهاب- مجلة الأمن العام العدد 135
11/د. أحمد جلال عز الدين – الإرهاب و العنف السياسي – دار الفكر العربي- القاهرة 1986 ص 25
12/د. مطيع مختار – محاولة تحديد مفهوم الإرهاب و ممارسته من خلال النوذج الأمريكي –مجلة الوحدة ص 63
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
من الباحثين الذين حاولوا تعريف الظاهرة " أريك موريس " الإرهاب بأنه"إستخدام أو التهديد باستخدام عنف غير عادي أو غير مألوف لتحقيق غايات سياسية و أفعال الإرهاب عادة ما تكون رمزية لتحقيق تأثير نفسي أكثر منه مادي"
يضيف " ليوناردو" بأن الإرهاب " هو كل جريمة ذات دافع سياسي و تهدف إلى التأثير على سلوك المستهدفين بالعملية الإرهابية "13
إذ يعرفه الدكتور أحمد جلال عز الدين أنه عنف منظم و متصل بقصد خلق حالة من التهديد العام الموجه إلى الدولة أو جماعة سياسية و الذي ترتكبه جماعة منظمة بقصد تحقيق أهداف سياسية.
يعرفه الدكتور أحمد رفعت بأنه:"عمل من أعمال العنف موجه إلى الضحية بقصد إثارة حالة من الرعب و الفزع لمجموعة من الأفراد بعيدين عن مسرح العمل الإرهابي "14
-العوامل المؤثرة في إنشاء الجريمة الإرهابية : هناك عوامل يمكن أن تلعب دورا أساسيا في تكوين و بلورة الجريمة الإرهابية ، و الحث على وجودها و بقائها لذلك ندرس العناصر التالية :
أ/العنف :هو إستخدام الضغط أو القسوة ، استخداما غير مشروع ، أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة الفرد و يتميز بأنه غير نظامي فوضوي، كإنتشار العلاقات في القطاعات الغير المنتظمة في المجتمع.
ب/الإكراه: لقد ذهب " دوركايم " إلى أن المجتمع يمارس غكراها أو بالأحرى تنوع كبير من الإكراهات على الأفراد الذين يتكون منهم ، و بناءا عليه يمكن الحديث على الإكراه المستبطن فالفرد لا يمتثل للقاعدة خوفا من الشرطة فقط و إنما إحتراما للقانون فاستبطان الإكراه هو نفسه نتاج العلمية المجتمعية.
ج/الدين و التدين : يعد الدين في رأ ي العلماء مهما اتفقت أو اختلفت تعاريفهم أنه ظاهرة أنسانية و نظام اجتماعي خاص بالإنسان دون الحيوان ، فالدين في صلته بالمجتمع و الكيان الإجتماعي إذ ينظم علاقات الأفراد بعضهم ببعض من جهة و ينظم علاقة الأفراد و المجتمع بذوات العالم الروحي من جهة أخرى و بناءا عليه تساهم القيم الدينية في تماسك المجتمع خصوصا في الأزمات الاجتماعية و الحروب و الإحساس بالخطر على مستوى العام للمجتمع.
د/التطرف الفكري و الديني : يمتثل التطرف الفكري و الديني التعصب لرأي معين دون غيره من الآراء الأخرى ، و يبعد هذا الرأي و الإصرار عليه أو الأفكار أو المعتقدات الدينية حتى و لو كانت خاطئة أو نتيجة عدم فهم أو وعي حقيقي بالمضمون الروحي أو الاجتماعي لتلك المعتقدات الدينية كما حدث لتنظيم جماعة (التكفير و الهجرة ) و ( الجهاد )و(الناجون من النار ) و ( الفتح )15 ثم بعد ذلك بتوجيهات دولية و محلي خرج الفكر المتطرف الى حيز الفعل أو السلوك لإستخدام العنف ضد المجتمع ممثلا في رموز السلطة و الفكر ثم المواطنين في المرحلة التالية ، كما حدث مؤخرا من أجل زعزعة الأمن و الإستقرار و بث بذور الرعب الجماعي لدى المواطنين الآمنين
13/IDEM
14/السيد عبد المطلب غانم- ندوة العنف و السياسة في الوطن العربي- مجلةو السياسة الدوليةالعدد1987-ص249
15/د.يسري دعبس- الإرهاب بين التجريم و المرض- جامعة الإسكندرية-الطبعة 1996-ص13
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
و في الأخير إستنبطنا تعريفا شخصيا فمن وجهة نظرنا الإرهاب هو كل استخدام أو تحديد لاستخدام عنف غير مشروع لخلق حالة من الخوف أو الرعب بهدف التأثير أو السيطرة على فرد أو جماعة من الأفراد أو حتى المجتمع بأسره ، و عليه فالعمل الإرهابي يتكون من عناصر رئيسية لابد منها و هي كالآتي:
01-استخدام أو تهديد باستخدام عنف على وجه غير مشروع و مألوف
02-يقوم به فرد أو مجموعة من الأفراد
03-يوجه ضد فرد أو جماعة من الأفراد أو ضد المجتمع بأسره
04-يهدف إلى خلق حالة من الرعب و الفزع
05-بث رسالة ما و خلق تأثير نفسي معين يسمح بالتأثير على المستهدفين بالعمل الإرهابي.
المطلب الرابع: عناصر العمل الإرهابي
يرى "والتر"أن الإرهاب عملية رعب تتكون من ثلاثة عناصر : فعل العنف ، أو التهديد باستخدامه، ورد الفعل الناجم عن أقصى درجات الخوف الذي أصاب الضحايا المحتملة و أخيرا التأثيرات التي تصيب المجتمع بسبب العنف أو التهديد باستخدامه و نتائج الخوف ويمكن أن نستخلص بعد كل ما تقدم أهم عناصر العمل الإرهابي.
01/العنصر المفترض: يتمثل في وجود مشروع إجرامي بمعنى وجود عزم على ارتكاب جريمة أو جرائم معينة و يلاحظ أن هذا العزم في حد ذاته باعتباره من مراحل الجريمة لا تتجاوز تفكير الفاعل أي لا يزال أمرا غير مؤثم ، كما يجوز أن تكون من الجرائم التي تقع على المصلحة العامة ، أو الجرائم التي تقع على الأفراد فالقصد لهذه الجريمة الإرهابية أن تكون موضوع المشروع الإجرامي ، أو المصمم عليها من الفاعل من الجرائم الضارة بأمن الحكومة من جهة الداخل كما قد تكون الجريمة المصمم على إرتكابها مشروعا إجراميا من الأشخاص أيا كان عددهم قل أم كثر 16
02/العنصر المادي : هو كل استخدام أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجئ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي من هذه العبارة يتبين لنا أنه يشترط في العمل المادي الذي يجوز وصفه بأنه عمل إرهابي الشروط الآتية:
أ/أن يكون سلوكا ايجابيا: فالسلوك الإيجابي وحده دون السلبي هو الذي يمكن أن ينطوي على قدر من القوة أو العنف أو التهديد و القصد أن أعمال القوة هي إصابات مادية التي تقع على الجسم سواء تركت عليه أثر أم لا و إن العنف إنما يعني كل تأثير يقع على السلامة المجني عليه دون إصابة جسمه مثال إحداث إنفعال نفسي به يأثر على صحته أو يعطل وظائف جسمه.
ب/أن يصبح بذاته سببا منتجا آثار محددة: هو أن يكون الفعل في حد ذاته صالحا في الظروف الطبيعية العادية لإحداث نتيجة من نتائج العمل الإرهابي و لا يشترط أن تتحقق هذه النتيجة بالفعل ، إذ يكفي أن يتضمن الفعل أسباب حصول نتيجته و لو لم تحدث هذه النتيجة بالفعل لسبب خارجي مثلا كإلقاء الرعب بين الأشخاص
16/د.محمد محمود سعيد- جرائم الإرهاب- جامعة حلب سابقا- الطبعة 1995-ص18
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
و تعريض حياتهم للخطر ، أو حرياتهم و أمنهم و إلحاق الضرر بالبيئة كما لو أطلق الجاني ميكروبات في الفضاء قرب حدود الدولة فحملتها الرياح بعيدا عن إقليمها.
كذلك إلحاق الضرر بالمواصلات ، و إلحاق الضرر بالمباني و الأموال و الأملاك ، و احتلال الأماكن و الإستلاء عليها كذلك منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم، كذلك تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين و اللوائح.
ج/ أن يكون العمل فعلا تنفيذيا للجريمة مصمما عليها: معناها إنعقاد العزم لدى الفاعل على إرتكاب جريمة ما يعتبر بمثابة الركن المفترض المتطلب وجوده لإمكان وصف عمل بأنه عمل إرهابي ، و تنفيذ مشروع إجرامي يتطلب أن يكون من قبيل ما يعتبر بدءا في تنفيذ الجريمة التي كانت محل تصميم على إرتكابها في ذهن الفاعل و يشترط أن يكون مشروعا في الجريمة وفقا لتعريف الشروع في نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري و هو ما يعني إذا كان العمل من قبيل الأعمال التحضيرية و لم يخرج به الفاعل لدائرة التنفيذ.
03-الباعث على مفارقة العمل: إذ تطلب نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري أن العمل الذي يقام به يكون من أعمال بدء التنفيذ ، و أن العمل الذي يوصف بأنه إرهابي وفقا لميار الشروع أن يكون هناك باعث في مفارقة العمل لدى الفاعل LE MOBILE أو الغاية المبتغى تحقيقها عن طريق إرتكابه و هي واحدة من ثلاث إذا توفرت إحدى هذه العناصر كان العمل إرهابيا خاصة ، و إذا كان من صميم رغبة الجاني و إنسياق نيته نحو الفعل الإجرامي و نفصل هذه العناصر في الخطوات الآتية :
أ/الإخلال بالنظام العام : الأمر المؤكد أن فكرة " النظام العام " يكتنفها الغموض و الإبهام ، و أنها استعصت حتى الآن على فقهاء القانون أن يضعوا لها تعريفا جامعا و مانعا و عموما يمكن القول أنه يقصد بالنظام العام
ORDRE PUBLIC “ " كل ما يسمى كيان الدولة أو يتعلق بالمصلحة الأساسية لها سواء كانت مصالح سياسية أو مصالح اجتماعية أو مصالح اقتصادية أو مصالح أخلاقية 17
الإخلال بالنظام العام هو النيل من كيان الدولة أو المساس بمصالحها الأساسية و هو أمر قد يكون متمثلا في نتيجة مادية ملموسة تضر مصلحة هذه المصالح، كما قد يتمثل في أمر معنوي مثل إشاعة الإعتقاد بين مجموعات من الأفراد بعدم شرعية مصلحة من المصالح بما ينشأ خطورة تهددها مثل "بث الاعتقاد لدى فئات الشعب بعدم شرعية العمل في خدمة القوات المسلحة ، أو في دواوين الحكومة أو في مصانعها التي يؤدي إنتاجها إلى زيادة الإنتاج القومي ، و مثل هذه الإشاعات تهدد مصالح الدولة السياسية و الاقتصادية و إحجام البعض عن العمل أو أداء الخدمة العسكرية.
ب/تعريض سلامة المجتمع للخطر : سلامة المجتمع تتمثل في الصحة العامة SALUBRITE PUBLIQUE و السكينة العامة و يميل الإتجاه في القضاء الإداري إلى عدم قصر معنى سلامة المجتمع على الأشياء ذات المظهر
17/د.عبد الناصر حريز-الإرهاب السياسي- القاهرة-دار الفكر العربي الطبعة 96
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المادي المحسوس مثل إلقاء القاذورات و بث مكبرات الصوت بل أنه يمتد ليشمل أفعال من قبيل عرض المطبوعات التي تصف الجرائم ، و الفضائح في الطريق العام.
ج/تعريض أمن المجتمع للخطر : نقصد بالأمن هو الأمن العام و يتعرض المجتمع للخطر بوجود المظاهرات و التجمعات الخطيرة في الطرق العامة أما من الناحية القانونية فأن كل من سلامة المجتمع و أمن المجتمع يعتبر عنصر من عناصر " النظام العام " و حمايتها جميعا هو واجب البوليس الإداري.
نستخلص أن قول العمل الإرهابي يعد كل فعل يبدأ بتنفيذ الجريمة ، يقترفه الفاعل بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريضه للخطر متى كان من شأن هذا الفعل إثارة الرعب بين الأفراد أو المساس بحقوقهم العامة أو تعريضها للخطر ، أو كان من شأنه الإضرار بالبيئة أو بالأموال أو الإعتداء على الأملاك العامة 18 أو الإنتفاع بها ، أو إعاقة أداء السلطات العامة ، أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم ، أو تعطيل تطبيق القانون.
فمن خلال عناصر العمل الإرهابي و الجمع بين هذه الأمور جميعا يسهل تحديد الفاصل الذي يميز العمل الإرهابي عن غيره من الأعمال الأخرى.
المبحث الثاني :التمييز بين الإرهاب و الظواهر المقاربة له:
قد يختلط الإرهاب في أذهان البعض ببعض الظواهر المقاربة له ، فكل منهما يهدف إلى تحقيق غايات و كل منهما بمثابة إستخدام أو تهديد باستخدام وسائل عنيفة ، و بصورة منظمة و على وجه غير مشروع لتحقيق تلك الأهداف ، و الغايات فإذا كان الأمر كذلك فكيف نميز بين الإرهاب و الظواهر المشابهة له؟
المطلب الأول: الإرهاب و العنف السياسي:
يعرف "تيد هندرش " العنف السياسي بأنه اللجوء إلى القوة لجوءا كبيرا أو مدمرا ضد الأفراد أو الأشياء ، و لجوءا إلى القوة التي يحضرها القانون مواجها لإحذاث التغيير في السياسة و في نظام الحكم أو في أشخاصه ، و كذلك فإنه موجه لإحذاث تغييرات في وجود الأفراد في المجتمع ، و ربما في مجتمعات أخرى19 و منه نميز العنف السياسي و الإرهاب على النحو التالي :
الإرهاب هو صورة من صور العنف السياسي و لكنه يختلف من صورة لأخرى ، إذ لأن أهداف الإرهابي عادة ما تكون الدعاية لقضية ما 20 ، يرغب الإرهابيون في إثارتها ، و جذب إنتباه العالم نحو أبعادها و جوانبها ، و كذلك على النحو مغاير للأهداف التي تسعى إلى تحقيقها مرتكبوا أعمال العنف السياسي الأخرى.الإرهاب هو الصورة الوحيدة من صور العنف السياسي التي يحرص الفاعلون من خلال قيامهم بالعمل على تجاوز نطاق وحدود الهدف المباشر للعمل العنيف ليصل تأثيره إلى أفراد أو طوائف أخرى مستهدفة بالعمل الإرهابي ، و ذلك عبر رسالة أو أيجاد ما ينطوي عليه الفعل الإرهابي في حين أن صورة العنف السياسي الأخرى عادة ما تكون أهدافها مباشرة دون التركيز على المؤثرات النفسية و دون أن تأخد الطابع الرمزي الذي يتميز به الفعل الإرهابي.
18/إختصت الأملاك العامة بالنص عليها في خروجها عن معنى " المال" نتيجة خروجها من دائرة التعامل و إكتفى بذكر القانون لإشتمال معناه العام على الدستور"أبي القوانين" واللوائح إلى جانب القانون
19/د.يسري دعبس- الإرهاب بين المرض و التجريم – جامعة الإسكندرية الطبعة الأولى1996 الصفحة 13
20/LEONARD B.WEINBERG AND DAVID .OP CIT P 10
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الفعل الإرهابي عادة ما يركز على التأثير على عقل و قلب الجماهير أي التركيز على ما يفكر فيه الناس ، و ما يشعرون به. و هذا يؤثر بدوره على سلوكهم ، و هذا الأمر ليس قائما بصورة مطلقة فيما يتعلق بصورة العنف السياسي الأخرى.
القائم بالعمل الإرهابي عادة ما ينظر إليه على أنه مرتكب لجرم عادي دون أن يراعي في ذلك الهدف السياسي الذي يسعى الإرهابي إلى تحقيقه. و ذلك على النقيض من موقف مرتكبي الجرائم ، و صور العنف السياسي (يسعى الإرهابي إلى تحقيقه).حيث عادة ما يأخذ الباعث السياسي في الإعتبار عند محاكمته والتوقيع العقاب عليه.
العمل الإرهابي يعتمد و بصورة أساسية و جوهرية على استخدام و سائل الإتصال الجماهرية في تحقيق الأهداف و توصيل رسالته ، و نشر قضيته ، و هذا الإعتماد على وسائل الإعلام ، و الإتصال الجماهرية ليس محوريا في معظم صور العنف الأخرى.
في كثير من الأحيان يأخد العمل الإرهابي بعدا دوليا بصورة أو بأخرى. بينما صور العنف السياسي الأخرى قليلا ما تأخد ذلك الطابع ، و عادة ما تأخد طابعا داخليا أو طابعا إقليميا.
يعتبر المشرع الجزائري أن الجريمة الإرهابية هي جريمة سياسية تتصنف ضمن القائمة التي تصف الجرائم السياسية.
المطلب الثاني : الإرهاب و حرب العصاباتGUERILLA
قد يكون في الأذهان تداخل أو خلط بين الإرهاب و حرب العصابات نظرا للتشابه القائم بينهما في بعض الأساليب التي تتبعها الجماعات الإرهابية مع بعض الأساليب التي تعتمدها وحدات حرب العصابات فضلا على أن كليهما ينطوي على عنف منظم ، بالإضافة إلى أن لكل منهما أهدافا سياسية ، و لكي نميز الإرهاب عن حرب العصابات سنتناول أولا تعريف حرب العصابات و طبيعتها و خصائصها ، ومميزاتها لنقف بعد ذلك أمام أهم الإختلافات بينه و بين الإرهاب.
تعريف حرب العصابات: ليس إصطلاح GUERRILLA تعريفا محددا فقد إستعمله البعض للإشارة إلى المقاومة الشعبية المسلحة ، و يستخدمه البعض للإشارة إلى حرب العصابات و يذهب فريق آخر إلى استخدام المصطلح للتعبير عن المدلولين معا ، بينما يتجنب فريق آخر استخدام هذا المصطلح و يستخدمون مصطلح حرب التحريرPARTISAN و لغويا كلمة GUERRILLA و هي كلمة إسبانية تعني الحرب الصغيرة.
يمكن أن نلخص تعريفا على أنها طريقة أو أسلوب للقتال المحدود ، و يقوم به فئة من المقاتلين و ذلك في ظروف مختلفة عن الظروف المعتادة للحروب.
إن أهم المبادئ التي جاء بها القائد الصيني " ماوتسي تونج "، والذي بمقتضاها تتحدد الأطر النظرية العامة لحرب العصابات ، و من أهم مبادئها:
01-مبدأ:"أن نحاول بقدر الإمكان المحافظة على قوانا الذاتية و إبادة قوة العدو"
02-مبدأ:" إجمعوا قوة كبيرة لتضربوا فصيلة صغيرة للعدو"
03-مبدأ:"تجزءة الكل إلى أجزاء و جمع الأجزاء إلى كل واحد"
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
04-مبدأ:"الأرض المحروقة "
05-مبدأ:"إضرب وإهرب "
تلعب حرب العصابات دورا مكملا للحرب النظامية ضد المعتدي ، أو تلعب دورا كفاحيا مستقلا ضد القوات المعادية للإشارة فالجزائر كانت لها تجربة في ذلك بحيث نجحت في إنتزاع الحرية و الإستقلال من السيطرة الفرنسية عبر هذا النمط من المقاومة.
التمييز بين الإرهاب و حرب العصابات:
يتجلى ذلك الفرق في العناصر التالية:
أولا: أسلوب المستخدم: تمارس وحدات العصابات أنشطتها بقوات عسكرية تقليدية من خلال الهجمات الفجائية ، وفقا لمبدأ اضرب و أهرب حيث يتم التركيز على المباني الحكومية ، و وحدات الجيش و مراكز الشرطة الضعيفة من الناحية التسليحية ، و الإختفاء السريع بينما يمارس الإرهابيون أنشطتهم بأسلوب مختلف حيث عادة لا يفرقون بين المقاتلين و غير المقاتلين و لا يميزون بين الأهداف العسكرية و المدنية.
ثانيا:نطاق أنشطة و عمليات كل منهما: فيما يتعلق بأنشطة و عمليات حرب العصابات فهي تتركز بصورة أساسية في الأماكن الجبلية و الغابات و السفوح و مفارق الطرق و القرى و المستنقعات و بينما تتركز أنشطة الإرهابين في الأماكن و المناطق الحضرية كالحافلات المكتضة و المقاهي و المطاعم و الأندية الإجتماعية و الرياضية و الأسواق ودور السينما و المسرح ، إذ تغدو هذه الأماكن هدفا ملائما للأنشطة الإرهابية.
ثالثا: طبيعة الأشخاص المستهدفين بعمليات الفرقتين: عادة ما يكون أفراد القوات المسلحة الحكومية هم المستهدفون أساسا بعمليات رجال العصابات و قد يتجه نشاطهم أيضا إلى غيرهم من الأفراد الذين يلعبون دورا غير مباشر في القتال.
مثال: متعهدي التوريدات ، أو المدنيين الذين يؤدون خدمات ما إلى أفراد الجيش ، أما الأفراد المستهدفين في الأعمال الإرهابية فهم عادة ما يكونون من نوعية خاصة و معظمهم من غير العسكريين كوزير ما ، أو زعيم أو حتى المواطن العادي ، أو ركاب الطائرات ، حتى الأطفال في المدارس و الشيوخ و النساء و غيرهم
رابعا:أهداف كل من الإرهاب و مجموعات العصابات : و تتمثل في نوعية الهدف الستراتيجي و يتمثل هذا الأخير في السعي نحو التقليص التدريجي للمساحات المحتلة و العمل في طريق التحرر، و التخلص النهائي من الوجود العسكري الأجنبي ، و الأهداف التكتيكية التي تنحصر أساسا في إلحاق قدر كبير من الخسائر المادية و البشرية في صفوف العدو ، في حين تستهدف العمليات الإرهابية الدعاية ، و إثارة المشاعر اتجاه القضايا ، التي يعمل من أجلها الإرهابيون و عادة ما تنطوي الأنشطة الإرهابي على توجيه رسالة معينة ذات مضمون محدد مستهدفين بذلك التأثير على السلوك السياسي للدولة التي ينتمي إليها الضحايا21
21/د. جلال عبد الله –معرض مجلة المستقبل العربي سنة 1996
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المطلب الثالث: الإرهاب و الإجرام السياسي
قد نتساءل إذا كان الإرهاب ذا مدلول أو مغزى سياسي فما الذي يميزه إذن عن الإجرام السياسي؟ باعتبار كل منهما يعبر عن عنف منظم من جهة وله طابع ومغزى سياسي من جهة أخرى، و لنجيب على هذا التساؤل كان لابد من تعريف الإجرام السياسي ، فما هو إذن؟
الإجرام السياسي مسألة غير متيسرة إن لم تكن مستحيلة و لعل الصعوبة تكمن في وصف السياسي الذي يميز الجريمة السياسية عن الجريمة العادية .
فقد عرفت الجريمة السياسية في القاموس السياسي بأنها تلك الجرائم التي يكون الباعث على إرتكابها سياسيا و التي ترتكب لغرض سياسي أو لدافع سياسي و يعتبر البعض كل جريمة ترتكب ضد الدولة هي جريمة سياسية و في الأخير نستخلص أهم الإختلافات الموجودة بين الجريمة الإرهابية و الجريمة السياسية.
الفوارق الموجودة بين الإجرام السياسي و الإرهاب: يرتكز التمييز في الهدف من وراء القيام بأعمال الإرهاب، ارتكاب الجريمة ذات الطابع السياسي، فأعمال الإرهاب و الجرائم الإرهابية عادة ما تتجاوز نطاق الفعل العنيف و تنطوي على رسالة ما يتم توجيهها من خلال العمل الإرهابي بقصد التأثير على قرار و موقف معين للسلطة السياسية بين الأمر يختلف في الجريمة السياسية، و عليه فإنه و إن كان حائزا على القول فإن كل إرهاب ينطوي على فعل أو عمل من أعمال العنف له طابع سياسي فإنه لا يمكن القول أن كل جريمة سياسية تنطوي على الإرهاب.
تتضح التفرقة جلية في مقررات المؤتمرات و الإتفاقيات الدولية التي عالجت القضايا المتعلقة بالجرائم السياسية و أعمال الإرهاب فوفق الإتفاق الدولي الذي إنعقد في " جنيف" لمكافحة الإرهاب أن جرائم الإرهابيين لا تدخل في نطاق أو إطار الجرائم السياسية و لا تمد لها بأية صلة ، كذلك بالنسبة للعقوبة المقررة على الجرائم السياسية عادة ما تحكمها إعتبارات خاصة تميزها عن العقوبات التي توقع على الجرائم العادية.
المطلب الرابع : الإرهاب و النضال من أجل الحرية و الكفاح المسلح من أجل الإستقلال:
يمكن أن نعرف المقاومة الشعبية على أنها ذلك النضال المسلح الذي تقوم به عناصر شعبية في مواجهة سلطة تقوم بغزو أرض الوطن أو إحتلاله.
تتسم المقاومة الشعبية بعدد من السمات و الخصائص منها:
-النشاط الشعبي حيث يشترك المدنيون في تلك المقاومة.
-تستخدم المقاومة الشعبية السلاح في مواجهة العدو المشترك و عادة ما تنفد عملياتها وفقا لأسلوب حرب العصابات ، و من أهم الأسباب التي تدعو إلى المقاومة الشعبية:
-قيام حالة من الغزو المسلح لإقليم من الأقاليم و إنهيار المقاومة النضالية المسلحة.
-خروج المحتل على قواعد قانون الاحتلال الحربي.
-فشل الجهود السياسية العادلة التي تقوم بها الأطراف بما في ذلك جهود الأمم المتحدة في الحد من ذلك.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
نطرح تساؤلا و هو : ما الفرق بين الإرهاب و النضال من أجل الحرية و الكفاح من أجل الاستقلال؟
نجد أن هناك رغبة صارمة و متسعة النطاق لدى قطاع عريض من أبناء الشعب بمختلف طبقاته و اتجاهاته ، و فئاته في الإنضمام إلى صفوف المقاومة الشعبية لمواجهة المعتدي ، و في المقابل نجد المنخرطين في جماعات إرهابية هم عادة ناقمون على الأوضاع في المجتمع ، لا يمثلون بحال من الأحول قطاعا عريضا من الشعب بل هم فئة أو فئات خارجة متمردة على الواقع القائم.
كذلك فيما يتعلق بعنصر الدافع الوطني فعلى حين نجد أنه المحور أو المركز الذي تتبلور حوله و تعمل في سياقه و تدور في إطار حركات المقاومة في حين يتوافر في الجريمة الإرهابية التي يمارس فيها الإرهابيون نشاطهم ضد أنظمة الحكم الشرعية القائمة. كذلك فيما يتعلق بعنصر القوى التي تجري ضدها عمليات المقاومة الشعبية لوجدنا أن هذه العمليات تجري ضد عدو أجنبي فرض وجوده بالقوة العسكرية ، أما الأنشطة الإرهابية فإنها عادة توجه إلى أهداف محددة داخل المجتمع أو خارجه ليس كأهداف نهائية و لكن كسبيل للتأكد على مضمون ما تسعى الجماعات الإرهابية إلى تأكيده في أوساط حكومية ، أضف إلى ذلك طابع المشروعية الذي يميز الأعمال التحريرية و ذلك ما أكدته مبادئ القانون الدولي و دعمته الإتجاهات الفقهية و هذا ما تفتقد إليه الأنشطة الإرهابية سواء بالنظر إلى القوانين الوطنية أو بالنظر إلى المبادئ القانون الدولي حتى أن الإرهاب استثنى بصورة مطلقة أو خرج من عدد الجرائم السياسية التي تميزها القوانين عن غيرها من الجرائم22.
و مثال على ذلك فلسطين الشقيقة التي يعتبر العرب أن أعمالها تحررية تهدف للإستقلال و البحث عنه في حين تصفها الدول الغربية بالعمل الإرهابي.
فالكفاح من أجل الحرية و الإستقلال يقوم على أساس الشرعية أي شرعية هذه الأعمال و الإعتراف بها لتخرج عن نطاق العمل الإرهابي الغير مشروع.
المبحث الثالث: الإرهاب و الجريمة المنظمة
الجريمة المنظمة تتماثل مع الجريمة الإرهابية لأن كل منهما بمثابة تعبير عن عنف منظم تقوده جماعات ومنظمات ذات مقدرات و إمكانيات تنظيمية كبيرة تخطط لأعمالها بسرية تامة و تنفذ عملياتها في معظم الأحيان بدقة متناهية. كما تتماثل مع الإرهاب في بعض الأساليب التي تتبعها تلك المنظمات الإجرامية لتحقيق أهدافها حيث عادة ما تعتمد تلك المنظمات على إحداث حالة من الذعر و الخوف و الرهبة في أوساط المستهدفين لتسهيل تحقيق أهدافها، هذا فضلا عن إمكانية قيام تعاون بين المنظمات الإجرامية و المنظمات الإرهابية ، و قد يصل هذا التعاون إلى درجة كبيرة من التنسيق لتحقيق أهداف كل منهما 23
22/د.عبد الناصر حرير-المرجع السابق ص 120
23/د.أحمد جلال عز الدين ، المرجع السابق ص 74
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
لكن يثور التساؤل أنه: إذا كانت هناك قواسم مشتركة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة فما هي إذن الفواصل القائمة بين هاتين النمطين من العنف المنظم؟
نستطيع أن نلمس أوجه التباين و التمايز بين الجريمة الإرهابية و الجريمة المنظمة في العناصر الرئيسية التالية:
أولا: الأهداف المقصودة و الدوافع المحركة للنشاط: في حين يسعى الإرهابيون إلى تحقيق غايات و أهداف سياسية و الدعاية لقضيتهم ، و مبادئهم عن طريق الفعل العنيف 24.
تعمل العصابات الإجرامية على تحقيق غايات و أهداف مادية بحثة، و منافع و مكاسب ذاتية . كما أنه بينما يعمل الإرهابي مجردا من المصلحة الذاتية مدافعا عن مبادئ و مثُل و قضايا مقبولة في نظره و مقتنع بها ، فإن المجرم عادة ما يعمل لتحقيق منفعة و مصلحة ذاتية دون أن يكون مقتنعا بفكرة ما ، أو مبدئ معين و على ذلك فالإرهابي يعمل بدافع معنوي يتمثل في قناعته التامة بأنه يعمل من أجل مبدأ أو دعوى أو فكرة مشروعة من وجهة نظره بينما يسعى المجرم إلى إشباع رغباته التي تدفعه دائما إلى إرتكاب المزيد من الجرائم كالإستحواذ على المال، و الممتلكات و الكسب المادي و الميل إلى السطو و إرتكاب أعمال العنف و إراقة الدماء.
ثانيا: نطاق العمليات: أضف إلى ذلك الفرق بين الإرهاب و الإجرام المنظم يتمثل في مناطق تركز أنشطة كل منهما ، فحين تتركز الأنشطة الإرهابية عادة في الحضر ، فإن الأنشطة الإجرامية المنظمة تمتد لتشمل كل من الحضر و الريف على حد سواء ، و إن كانت المنظمات الإجرامية تكثر من أنشطتها في المناطق الحضرية أكثر منها المناطق الريفية25.
ثالثا: النتيجة المترتبة عن الفعل: بالنسبة للفعل الإجرامي فأنه عادة ما يترك تأثير نفسيا له نطاق محدود ، و عادة ما لا يتجاوز نطاق ضحايا عمليات المنظمات التي تمارس الإجرام المنظم بينما يترك الفعل الإرهابي تأثير نفسي ليس له نطاق محدد و عادة ما يتجاوز نطاق الضحايا العمليات الإرهابية ليؤثر في سلوك الضحايا المحتملين الآخرين بهدف تعديل سلوكهم ، أو لممارسة الضغوط عليهم للتخلي عن قرار أو موقف ما ، أو لإظهار الكيان السياسي القائم ، بمظهر العنف و العجز عن القيام بوظيفة الحماية للمجتمع و المواطنين مما يضاعف من مكانته و يقلل من هيبته داخليا و خارجيا
المطلب الأول : أنماط الجريمة الإرهابية
تتعدد أنماط الجريمة الإرهابية و يتباين مداها و نطاقها و الأطراف و الفاعلين و الطبيعة و الأهداف و مع هذا التعدد و التنوع تبرز صعوبة محاولة الإحاطة بكافة صور الإرهاب و أنماطه إلا أنه ثمة معايير رئيسية يمكن إبرازها و ذكرها ، و على أساسها يمكن التمييز بين الأنماط الرئيسية للإرهاب.
24/د.يسر أنور على ود –المرجع السابق ص 308
25/LEONARD B.WEINBERG.AND.PAUL.B.DAVID.OP.CIT.P7
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
01-المعيار التاريخي: نميز بين الإرهاب الماضي و الإرهاب المعاصر ، فالأول يقصد به ذلك الإرهاب الذي شاعت ممارسته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، حيث كان يقوم على حركات فوضوية أساسها هدم ركائز و دعائم الدولة ، أما الثاني فهو الإرهاب الذي نعيشه و نعايشه في الوقت الحالي و يشمل معظم الحركات الإرهابية الحديثة في القرن الحالي ، و هذا النمط يعود إلى حوالي عشرين أو ثلاثون سنة ، و يتميز بالطابع الجماعي أكثر منه الصفة الفردية.
02-معيار الفاعلين : نميز طبقا لهذا المعيار بين الإرهاب الفردي و إرهاب الدولة فالأول يقصد به الإرهاب الذي يرتكب بواسطة أشخاص معينين سواء عملوا بمفردهم أو في إطار مجموعات منظمة ، و يوجه هذا الإرهاب ضد نظام قائم أو ضد دولة معينة أو حتى ضد فكرة الدولة عموما26 ، البعض يطلق عليه الإرهاب من أسفل و البعض الآخر بالإرهاب الأبيض ، أما الثاني فيقصد به ذلك الإرهاب الذي تقوده الدولة من خلال مجموعة الأعمال و السياسات الحكومية التي تستهدف نشر الرعب بين المواطنين- في الداخل-وصولا إلى تأمين خضوعهم لرغبات الحكومة أو الخارج بهدف تحقيق الأهداف التي لا تستطيع الدولة و لا تتمكن من تحقيقها بالوسائل و الأساليب المشروعة فيطلق البعض على هذا النمط أنه إرهاب من أعلى في حين يفضل البعض الآخر تعبير الإرهاب الأحمر و يقوم على المستوى الداخلي و الخارجي.
03-معيار النطاق: على أساس معيار نطاق النشاط الإرهابي نميز بين الإرهاب المحلي و الإرهاب الدولي ، يقصد بالأول الإرهاب الذي تتم ممارسته داخل الدولة و ذلك بتوافر الشروط التالية:
- أن ينتمي المشاركون في الأعمال الإرهابية و ضحاياهم إلى جنسية نفس الدولة التي وقع فيها الفعل.
-أن تنحصر نتائج الفعل داخل حدود نفس الدولة.
-أن يتم الإعداد أو التخطيط للعمل الإرهابي في نطاق السيادة القانونية ، و الإقليمية لتلك الدولة .
-ألا يكون هناك دعم مادي أو معنوي لذلك النشاط الإرهابي من الخارج.
أما الإرهاب الدولي فهو ذلك الإرهاب الذي يأخذ بعدا أو طابعا دوليا و هذا البعد يتمثل في :
-إختلاف جنسيات المشاركين في الفعل الإرهابي.
-تباين جنسية الضحية عن جنسية مرتكب الفعل الإرهابي.
-ميدان حدوث الفعل الإرهابي يخضع لسيادة دولة ليست الدولة التي تنتمي إليها مرتكبوا الفعل.
-وقوع الفعل ضد وسائل النقل الدولية كالطائرات أو السفن أو مال يقع تحت الحماية الدولية.
-مكان التنفيذ كأن يتم التخطيط في دولة ما في حين يقع الفعل الإرهابي في إقليم دولة أخرى.
-وقوع الفعل الإرهابي بتحريض دولة ثالثة و يشن بواسطتها الهجوم، و تتلقى المجموعات الإرهابية مساعدة ودعم مادي أو معنوي خارجي.
26/د.خضر الدهراوي – انتشار الإرهاب الدولي- مجلة السياسية الدولية-جوسسة-1984 ص143
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
- فرا مرتكبي الفعل و لجوئهم إلى دولة أخرى بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
04- معيار الطبيعة: نميز بين الإرهاب الثوري و الإرهاب الرجعي و بين الإنفصالي و الإنتحاري ، فيقصد بالإرهاب الثوري ذلك الذي يسعى مرتكبوه إلى إحداث تغييرات أساسية و جذرية في توزيع السلطة و المكانة في المجتمع و يعملون على تغيير النظام الاجتماعي ، و السياسي القائم 27 و يقوم على النظام الرأسمالي.
أما الإرهاب الرجعي هو الذي يرمي إلى الحفاظ على الأوضاع السياسية ، و الإجتماعية القائمة في المجتمع مستهدفا بذلك تحقيق أحد هذه الغايات ، أو جميعها كالحفاظ على السيطرة و الهيمنة ، و إبقاء المجتمع متحررا من التأثير الشيوعي و الحفاظ على سيادة القيم الدينية.
أما الإرهاب الإنفصالي هو ذلك الإرهاب الذي يستهدف الاخلال بممارسة السيادة من جانب الدولة على إقليم معين بآخرين و تقود هذا الإرهاب عدة منظمات ذات طبيعة عرقية أو قومية تسعى إلى تحقيق الانفصال عن الدولة، و يمارس هذا الإرهاب على معظم دول العالم.
أما الإرهاب الإنتحاري هو ذلك الذي يضحي من خلاله الفاعل بنفسه و يتميز هذا النمط بالإعتماد الحيوي على المتفجرات و يكون ضد أهداف حيوية ، كمقر السفارات و المطارات و القواعد العسكرية.
و مؤخرا ظهر نوعان من الإرهاب هو الإرهاب الفكري و النفسي فالأول يستهدف محو الفكر القائم و غرس فكر جديد ، و هذا النمط من الإرهاب يطلق عليه اسم الإرهاب اللغوي إنطلاقا من أن تكون اللغة أداة من أدوات الرقابة ليس فقط من خلال نوعية القيم التي تنادي بها، و لكن أيضا في شكل الإتصالات المنقولة و نمط الإعلام و الآراء التي تبدعها و الدعية التي تفرضها 28 و يقدم هذا النوع من الإرهاب برامج دعائية ، ندوات التوعية ، المطبوعات و المنشورات ، و الوسائل المسموعة و المرئية.
أما الإرهاب النفسي يعني ممارسة الضغوط على شخص ما من خلال نشر ستارا واقعيا من الأكاذيب و الإتهامات بصورة مستمرة حتى تنهار معنوياته و يفقد توازنه و عادة ما يعتمد هذا النمط على حسابات مدروسة بدقة بالغة.
المطلب الثاني :أساليب الجريمة الإرهابية:
و تتعدد الأساليب و الوسائل التي تلجأ إليها المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها و غاياتها كما تتطور تلك الأساليب و تختلف باختلاف المكان و الزمان باختلاف الإمكانيات و القيادات ، و تتفاوت بتفاوت الأهداف و التنظيمات من حيث الحجم و التنظيم و التخطيط و الدقة التي قد تتوفر جميعا أو بعض منها ، على أنه يمكن القول بوجود نمط عام مشترك من الأساليب الإرهابية يتركز بصورة أساسية كالآتي:
27/د. محمد تاج الدين الحسيني ( مساهمة في فهم ظاهرة الإرهاب الدولي)مجلة الوحدة أبريل 1990
28/فليب برنو و آخرين – المجتمع و العنف- المؤسسة الجتمعية للدراسات و النشر- دمشق-الطبعة الثالثة-1985
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
1-إختطاف الطائرات.
2-إختطاف الأفراد و أخذ الرهائن.
3-زرع المتفجرات و إلقاء القنابل.
من خلال هذه العناصر الثلاثة يمكن أن نستخلص أن العنصر الثالث و هو إلقاء القنابل و زرع المتفجرات كان له دور فعال في انتشار الظاهرة الإجرامية في أوساط المجتمع الجزائري. وقد يلجأ إليها الإرهابيون بشكل واسع على المساحة الجزائرية لإعتبارات تتمثل في :
-سهولة استخدامها لأنها عادة ما لا تحتاج لمهارات خاصة.
-سهولة الحصول على المتفجرات عن طريق سرقتها من مصانع إنتاجها أو من المعسكرات أو صناعتها و إنتاجها بأيدي مدربين من الإرهابين الذين يتولون مهمة تركيب هذه المتفجرات.
كفاءة الإستخدام : نظرا أنها تحقق أكبر قدر من الخسائر في الوسط المستهدف و من ثم تتحقق للإرهابيين فرص أكبر لإنجاز الأهداف التي يعملون من أجلها.
ردود الفعل: إن الدوي الهائل و صوت الإنفجارات المرعب يحقق للإرهابيين فرصة عظيمة لإحداث التأثير النفسي و الشعور بالصدمة لدى قطاعات عريضة من المواطنين مما يجعلهم يعدلون عن مواقفهم أو يتراجعون عن قراراتهم لصالح المجموعات الإرهابية
المطلب الثالث: دوافع الجريمة الإرهابية:
تتعدد و تتنوع المواقف التي ينبثق منها الإرهاب و تعدد آراء الباحثين فيما يتعلق بدراسة و تحليل دوافع الإرهاب و مثيراته عبر المستويات الآتية:
01-دوافع الإرهاب على المستوى الفردي : تتعدد الدوافع التي تقود الفرد إلى الإرهاب و تختلف باختلاف الإرهابي ، و الظروف التي يعيش فيها و الضغوط التي يتعرض لها ، فيمكن حصرها في ثلاثة جوانب.
الجانب الأول: الإرهاب و الجوانب السيكولوجية: تلعب الجوانب السيكولوجية دورا هاما في هذا الخصوص و خاصة عندما تتعرض تلك الجوانب لبعض الإضطرابات التي تأخذ صورة أمراض نفسية أو تقلبات نفسية حادة ، و تكون هذه العوامل وراثية، كما قد تكون بسبب ضغوط عصبية مفاجئة نتيجة لمواقف معينة.
الجانب الثاني : الإرهاب و الجوانب المادية : تمثل الجوانب المادية نسبة لا بأس بها من الدوافع الكامنة وراء لجوء بعض الأفراد إلى الأنشطة الإرهابية فحين يثور النزاع بين الحاجة و الإشباع.
الجانب الثالث: الإرهاب و الجوانب الوجدانية : حيث تلعب وسائل الإعلام و الاتصالات الجماهرية دورا رئيسيا في الإعلان عن القضايا التي تعمل من أجلها المنظمات الإرهابية ، حيث تجد تلك الحوادث الإرهابية ردود فعل قد تكون متعاطفة و مؤيدة لقضايا الإرهابيين في أوساط البعض و من ثم يندفعون إلى الإنخراط في مجموعات إرهابية جديدة تدعم أنشطة المجموعات السابقة و تساندها عن طريق الإرهاب لتحقيق الأهداف المنشودة29.
29/NOEMI GAL. OR.OP.CIT P 16
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
02-دوافع الإرهاب على المستوى الوطني: أي مستوى الدولة الواحدة و يكون ذلك باختلاف الظروف التاريخية الجغرافية و يمكن إرجاع الإرهاب على هذا المستوى إلى عوامل محددة.
الحرمان الاجتماعي و الاقتصادي: فالفقر و الحرمان الاقتصادي و المشاق و المتاعب التي تعاني منها فئات الشعب و عدم المساواة في توزيع الموارد و الثروة و انتشار الوعي مع إدراك ما هو واقع بين فئات الشعب و كل هذا يمثل دافعا قويا نحو ممارسة الإرهاب و توسيع نطاق قائم منه بهدف التخلص من تلك الأوضاع.
إستبداد الفئات الحاكمة: مثل خروج الحكام من حدود الصلاحيات الدستورية المخولة لهم و استبدادهم و طغيانهم دافعا محوريا للعديد من الحركات الإرهابية عبر مختلف الفترات الزمنية و في مختلف دول العالم مثل ما حدث في روسيا و كان الإستبداد هو المحرك الأول لذلك الإرهاب في تلك الفترة.
الدوافع الثورية: إن الأفكار الثورية قد أوجدت الإتجاهات الثورية التي عبرت عن نفسها في صورة إرهاب حركات اليسار الجديد ، إلى جانب آخر أوجدت رد فعل معاكس تمثل في تبلور تيارات رجعية على أسس ايديولوجية تعتمد على الإرهاب لمقاومة التيارات الثورية الراديكالية و تعمل على الحفاظ على الأوضاع القائمة في المجتمع و تمارس نشاطها الإرهابي ضد الأحزاب و الشخصيات ذات الميول الثورية الراديكالية 30
03/الدوافع الدينية و الدعوى: يمكن أن يتكون الإرهابي عبر النزعة الدينية و محاولة فرض النظم الدينية على السلطة بواسطة الضغط و العنف.
المطلب الرابع: مجالات الجريمة المنظمة في الجزائر:
إنطلقت أول جريمة إرهابية في الجزائر بمقتل السيد"بوضياف محمد " الذي كان رئيس الجمهورية آنذاك في 29 جوان 1992 ، بعد أن كانت قد استهدفت العمليات الإرهابية في بادء الأمر رجال الأمن ، كما شملت عمليات الإغتيال عدة أجانب من يوغسلافيا ، فرنسا ، روسيا، و غالبيتهم من المتعاونين و بصورة عامة شملت العمليات الإرهابية تقريبا فئات المجتمع.
هل يمكن القول أن الجريمة المنظمة أصبحت حقيقة في بلادنا؟
لقد عاشت الجزائر في بداية التسعينات مشاكل اقتصادية أدت إلى تقليص كل الهياكل الإقتصادية بعد الإتفاقات التي أبرمتها مع الصندوق النقد الدولي وكانت نتائج هذا التقليص ثقيلة مثل حل الشركات ، الطرد و البطالة وظهور الجريمة المنظمة ، و ترتكز هذه الأخيرة على قاعدة الرشوة و تبييض الأموال الذي يعد أساس الجريمة أما هدفها فيبقى دائما خلق قوة موازية للإقتصاد.
تزوير الأوراق النقدية: تعتمد على وسائل جد متطورة ( سكانير ، صور طبق الأصل ) و اختصت بتزوير أوراق 200 دج و 1000 دج من طرف جامعيين بريطانيين و في هذا الإطار تم توقيف 106 شخص عبر التراب الوطني و
LEONARD B.WEINBERG.AND.PAUL.B.DARUIS.AP.CIT.P44 -/30
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
حسب إحصائيات الدرك الوطني فقد تم حجز أوراق نقدية بقيمة 65.000 دج من 1000 دج و 466.200 دج من نوع 200دج
المخدرات: عالجت مصالح الدرك الوطني خلال 1998 حوالي 1194 حالة مرتبطة بتناول المخدرات و المتاجرة بها و أوقفت 2983 متورط ، كما توصلت الى أن هناك محاولة لإنتاج المخدرات في الجزائر و بالتحديد في ولاية بشار ، البويرة ، بجاية، و قدرت كميات المخدرات المحجوزة بـ 14،1842 كلغ من الكيف المعالج و 525،1 من البنق و 721 من القنب CANABIS ، و كما تبث أن العنصر النسوي هو الذي قوم بتوزيعها بنسبة 2،6 % و من جنسيات مغربية و ليبية كما بينت الإحصائيات تورط أفراد من مصالح الأمن.
سرقة السيارات: يقد قطاع السيارات و تزوير أوراقها من النشاطات الكبيرة لدى الجماعات الإجرامية المنظمة.
تزوير الوثائق: و هو نشاط يضر بالإقتصاد الوطني و يتجسد في المخالفات التي تقع في المؤسسات العمومية و الخاصة بحيث تقدم وثائق مزورة للحصول علة كميات كبيرة من السلع لبيعها في السوق الموازية.
تزوير الذهب: هذا النشاط يمثل ربحا كبيرا بالنسبة للمحترف ، فحسب مصالح الدرك الوطني هناك شبكة تنشط بالعاصمة تقوم بذلك و هذا ما يعني وجود ملايين الدينارات خارج قنوات و حسابات البنوك و هي بالتالي غير قانونية.
تهريب السجائر: يجلب سوق التبغ و السجائر للخزينة العمومية عائدات هامة بعد البترول من خلال الضرائب الغير مباشرة على السلع ، لهذا فإن عدم إستقراره قد يسبب خسائر فادحة للاقتصاد الوطني.
و في هذا الإطار حددت قيمة السجائر المهربة ب20 مليون دولار عن طريق الحدود المغربية و الجهات الشرقية و هذا ما يسبب خسارة للخزينة ب 114 مليار سنتيم و هذا في سنة 1998
تهريب السلاح: عرفت عملية تهريب السلاح إرتفاعا في السنوات الأخيرة حيث عالجت مصالح الدرك الوطني 28 حالة و أوقفت 35 شخص ، و استرجعت 15 قطعة و هناك عدد كبير من الأسلحة ما تزال متداولة في بلادنا فنصت المادة 176 من القانون العقوبات الجزائري بقولها :"كل جمعية أو إتفاق مهما كانت مدته و عدد أعضائه تشكل وتألف بغرض الإعداد للجنايات أو إرتكابها ضد أشخاص أو أملاك.." و تعاقب المادة 177 من نفس القانون من 05 إلى 10 سنوات سجن كل شخص يشترك في الجمعية و تشدد من 10 إلى 20 سنة لمنظمي الجمعية أو الإتفاق.
تعد الجريمة المنظمة من أخطر الجرائم و أعقدها كونها مرتبطة إرتباطا جذريا و له علاقة مباشرة مع مؤسسات الدولة و في بعض الأحيان يمكن تضييق مصطلح الجريمة المنظمة في سياق المؤسسة الموازية بمؤسسة الدولة و هذا يرجع لتنظيمها المحكم و المنسجم الذي يأخذ شكل الهرم التي تعتمده كل مؤسسة سياسية مثل مؤسسات الدولة.
يمكن القول أن الجريمة المنظمة هي دولة داخل دولة ، بما أن نشاطها يبرز في المجالات الإقتصادية و المالية و حتى على صعيد المضاربة التي تساعد هذه التنظيمات على تبييض الأموال.
ربما التساؤل الذي بقي يطرح في العشرية الأخيرة و الذي أخذ قسطا وافر من المعالجة المتعلقة بالجريمة المنظمة عندنا بالجزائر و هو لماذا كلما تطرقنا للجريمة المنظمة إلا و اصطدم الإختصاصيون و المعنيون بهذا
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الملف بغياب كل أثر أو دليل يؤكد هذا النوع من " ايديولوجية الموت" رغم ما تؤكده الحقائق الجديدة على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي الذي أبرز للسطح شرائح جديدة التي كانت تعرف في الثمانينات بالنومو كلانورة NOMONKLANORA و التي تحولت اليوم إلى مافيا حقيقية.
عصابات تخصصت في كل العمليات الإجرامية التي تطفي عليها طابع الجريمة المنظمة مثل تبييض الأموال و التهريب و المتاجرة بالإطنان من المخدرات….إلخ
فالجريمة مرتبطة بشكل جلي مع طبيعة العلاقة الموجودة بين المؤسسات المكونة للدولة و سلوكاتها لبيروقراطية التي إستفحلت فيها الرشوة و الفساد مما أدى إلى خلق جماعات إجرامية.
الجريمة المنظمة و الخوصصة المبهمة : الجزائر لم تتطور حيث توجد هناك إختلافات و اهتزازات على مستوى السلطة و المؤسسات السياسية فمثلا التجربة الجديدة و هي إقتصاد السوق ساعدت كثيرا من المافيا و العصابات على أعمالها المذكورة أعلاه إذ أن هذه التجربة إلى جانب قانون الخوصصة التي بقي مبهما خاصة السوية التامة في مجال شراء السندات و الأسهم و كيفية إقتنائها .
فالفراغ القانوني هو الذي جعل من أسياد الجريمة المنظمة يتحكمون في آليات النسيج المادي و النقدي فهي عبارة عن نسق هرم محكم و منسجم له إمتدادات سياسية على مستوى السلطة أساسها الرشوة و تبييض الأموال. تطرق السيد"كبيل" الذي يشغل حاليا منصب مدير البحوث بالمركز الوطني الفرنسي للدراسات و البحوث الدولية و أستاذ بمعهد العلوم السياسية بباريس للقاسم المشترك في الحركات الإسلامية التي شهدتها البلدان"الجزائر ، مصر ، تركيا ، ايران…" .
الإنفجار السكاني و الهجرة الريفية و إنعكاسها على الأوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للسكان الذين يجدون في الخطاب الإسلامي الراديكالي صدى لمطالبهم .
إن الأزمة الجزائرية ترتبط بأبعادها الروحية و الأخلاقية بأزمة العالم العربي و هذا ينعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية كما طغى التأله الفرعوني و ساد الإستكبار و البغي و عطلت القاعدة الأخلاقية الذهنية.
يرى الأستاذ يوسف القرضاوي بقوله:" إن أزمتنا الكبرى في جوهرها أزمة روحية أخلاقية ، أزمة إيمان و أخلاق و ليس من الغفلة و السذاجة حيث تحدد أن أزمتنا في عدد من جوانبها و أبعادها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الإدارية و التكنولوجية ".
إن ابرز محطات الأزمة الجزائرية حسب الشيخ القرضاوي هما بين ( 1971-1998 ) هو ما آلت إليه خزينة الدولة من خسارة و قد عبر عنها الرئيس الراحل "هواري بومدين " في خطابه الشهير"كل من يخلط العسل لابد أن يلحس أصابعه " ثم تراجع الاقتصاد الجزائري و لاحت إثر ذلك الأزمة الاقتصادية و ظهور البطالة …إلخ.
و قد أكد مدير التحقيقات لمكافحة المافيا بإيطاليا " كارتو ألفريدو " عند إلقائه لمحاضرة في المدرسة العليا للشرطة عند زيارته الجزائر في 01/ مارس /2000 و ذلك تلبية للدعوة التي وجهها له المدير العام للأمن الوطني و قد كانت التجربة الإيطالية في محاربة الجريمة المنظمة محور هذه المحاضرة التي أكد من خلالها أن المـال يعـد
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المحرض الرئيسي لنشاط أي تنظيم إجرامي فهو لا يستبعد أن يكون الدافع إلى نشاط الجماعات الإرهابية بالجزائر هو المال الوفير الأمر الذي يجعل السلطات الجزائرية مجبرة على التحرك في هذا السياق و أضاف المحاضر أن الجزائر تتوفر حاليا على طرق أمنية محترفة و مدربة في المدن الكبرى و هي قادرة على مواجهة الأزمة مع مرور الوقت.
و عند حديثه عن المافيا بإيطاليا تطرق العميد أولا إلى أهم الإنجازات التي حققتها الإدارة التي يشرف عليها منذ سنة 1992 و المتمثلة أساسا في اعتقال 5836 عنصرا نشطا في هذا التنظيم الإجرامي و حجز 500 مليون دولار قيمة الصفقات و المشاريع التي أنجزتها المافيا داخل و خارج إيطاليا إلى جانب القبض على قاتل "فالكوني" و لقد لجأت إيطاليا إلى تعديلات في النظام التشريعي و القانوني يسهل من مهمة رجال الأمن في تتبع نشاط أعضاء الجريمة المنظمة و قد أكد في الأخير إلى الوصول إلى هذا المستوى من التقدم في محاربة الجريمة إلى دراسة الظاهرة و أسباب توغلها في المجتمع الإيطالي مشيرا إلى أنه تم إعداد حوالي 1600 دراسة تحليلية اعتمد عليها المكلفون بمحاربة الجريمة للتوصل إلى معرفة التنظيم الهيكلي الذي تتميز به كل عصابة عن الأخرى.
المبحث الرابع : موقف الشريعة الإسلامية من جرائم الإرهاب السياسي:
لم تحدثنا الخبرة الإسلامية في عهدها الذهبي الأول عن الظواهر الإرهابية التي نشهدها تنتشر في شتى أرجاء العالم الذي نعيش فيه اليوم و لم تأتي هذه الحقيقة مصادفة أو على نحو عشوائي فقد كفلت مبادئ الإسلام للممارسة السياسية و الإسلامية في عهدها الذهبي جميع الأقليات و أغلبيتهم عربا أو عجما ، بيضا أو سودا درجة عالية و مثالية للمساواة بكافة أبعادها و جوانبها ، و الإسلام حين أقام هذا التوازن للخلاف بين الحقوق و الواجبات في نفوس المسلمين قضى منذ البداية على اية بدور أو نزاعات عنيفة هدامة في نفس البشرية بذلك لم يقم الإرهاب و لم ينشأ عنف يذكر لأن الأسباب التي تؤدي إليه عالجتها المبادئ و القيم الإسلامية معالجة صادقة .
لنرى الآن كيف رسم لنا المشرع الإسلامي طريقة العلاج إيزاء الجرائم الموجهة ضد المجتمع .
المطلب الأول : جرائم الحرابة :
ورد فكر هذا النوع من الجرائم في كتاب الله القويم في الآية 33 من صورة المائدة : إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم صدق الله العظيم.
و قد نزلت هذه الآية الكريمة في حق قوم هلال بنو عويمر الذين كان بينهم و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد مر بهم قول يريدون الني عليه الصلاة و السلام فقطعوا عليه الطريق و قد ذكر "القصطلاني" أن هذه الآية نزلت في قوم من عكر و عرينة جاءوا إلى الرسول اله صلى الله عليه و سلم فآواهم و كان بهم سقم فأشار عليهم النبي صلى الله عليه و سلم بشرب اللبن الإبل الصدقة ففعلوا فلما صحوا مما ألم بهم إرتدوا و قتلوا رعاة إبل الصدقـة و مثلـوا بهم وأخذوا الإبل عدوانا و إغتصابا و قيل أن هذه الآية نزلت في حكم قطاع الطرق على وجه
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
العموم فالعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب31.
و صفة المحاربة مشتقة من قول الله تعالى : يحاربون الله و رسوله و المحاربة هنا تعني محاربة شرع الله و محاربة المجتمع الذي يقوم هذا الشرع على تنظيمه و ضمان أمنه و بتعبير آخر الحرابة تعني الخروج المسلح على المارة لأخذ المال على سبيل المطالبة و على وجه يؤدي إلى قطع الطريق و ترويع السالكين له و ذلك بواسطة فرد واحد أو مجموعة من الأفراد و قد تكون في داخل المصر أو خارجه32.
من جماع هذه التعريفات يمكن القول أن الحرابة لا تتحقق إلا بالشروط التالية :
01- أن يكون القائمون بأعمال المحاربة من رعايا الدولة الإسلامية لا من غيرهم و إلا تعلق الأمر بحرب بمفهومها المحدد.
02- أن تستخدم في أعمال المحاربة أسلحة كالسيوف أو بعض الأشياء الأخرى كالحبال أو الحجارة أو سبل الخداع.
03- أن تقع أعمال المحاربة ( سلعة كالسيوف مثلا أو بعض الأشياء الأخرى كالحبال) حيث تكون النجدة غيـر
متيسرة و حيث لا يمتد سلطان الدولة إلى ذلك المكان و عليه فإن أعمال المحاربة التي تحدث حيث تتيسر للنجدة و حيث يكون للدولة سلطان قوي تدخل في عداد الجرائم الإعتيادية الأخرى و لا ينطبق عليها وصف المحاربة.
04-أن تكون أعمال المحاربة مجاهرة دون خفية ، عنوة دون إحتيال و عليه فإن أخذ المال على غير هذا الوجه يعد سرقة أو انتهاك و لا يعد أعمال محاربة.
05-أن تكون أعمال المحاربة داخل المصر أو خارجه ليلا أو نهارا طالما توافرت الشروط و الظروف السابق ذكرها33.
المطلب الثاني: حد الحرابة و عقوبة المحاربين:
بعد التعرف على مضمون الحرابة و موضوعها نتعرف على الحد و العقوبات التي وضعها الشارع الإسلامي لمرتكبي أعمال المحاربة ( التي تعرف فقها بالحدود ) و عليه نتطرق أولا إلى تعريف الحدود : فالحدود هو جمع حد وهو الحاجز بين الشقين و يطلق على العقوبة المقدرة في الشرع لحجز الناس عن إرتكاب المعاصي و منهم من إقترفها حماية للفضيلة و تنظيما للمجتمع و هي عقوبة ثابتة بنص قرآني أو حيث نبوي و هي طهرة للذين زلت أقدامهم و غلبتهم شهواتهم و ابتعدوا بأهوائهم و هي في ذات الوقت حقوق خالصة لله تعالى.
و عقوبة المحاربين هي التبعات التي تلقى على كاهل المحارب و التي تتمثل في حقين أحدهما لله و آخر للعباد فأما حق الله تعالى هو ما ورد في الآية الكريمة المذكورة من القتل و صلب و قطع الأيدي و الأرجل فقتل المحارب أو صلبه ملزم إن كان قد إرتكب قتلا أو إعتدى على مال دون أن يزهق أرواحا أما إذا كان المحارب محدثا للفزع و الخوف و يمثل خطرا على السبيل فحسب الإمام أن يختار أي من تلك العقوبات أو النفي من المصر34 و النفي يعني الإبعاد من المدينة إلى أخرى في حين قال مالك أبو حنيفة أن النفي يعني الحبس.
31/لجنة القرآن الكريم المنتخب في السنة- القاهرة- المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1978 –المجلد 13 ص63
32/أي الإقليم الخاضع للسلطان
33/ابو زهرة محمد فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي – القاهرة- معهد الدراسات العربية 1963
34/محمد أبو زهرة المرجع سابق ذكره ص 175
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المطلب الثالث : جرائم البغي
يقصد بجريمة البغي هي الخروج عن طاعة الإمام مغالبة ، و الخروج بتأويل 35 و البغاة هم قوم يخرجون عن الإمام بتأويل و يقول "الماواردي": (إن البغاة هم طائفة من المسلمين خالفوا رأي الجماعة و إنفردوا بمذهب و ابتدعوه ) و من تم فإن العناصر المميزة لجريمة البغي يمكن تحديدها في :
01-وجود تأويل بسائغ فيما بين البغاة كقول مثلا أن ولاية الإمام غير شرعية أو أن شخص ما أحق بالولاية منه.
02-وجود أمير مطاع فيما بينهم .
03-الخروج عن طاعة الإمام بعقل لا بمجرد القول.
المطلب الرابع:
مستويات البغي و درجة البغاة و عقوبتهم قال الرسول عليه الصلاة و السلام : من أتاكم و أمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم و يفرق جماعتكم فقتلوه و قال أيضا : من بايع إماما فأعطاه صفقة يده و تمرة قلبه فيطعه و إن أطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر و قد يكون للبغاة عددا من الأفراد المتفرقين ليس لهم قوة و يمكن أن تنالهم اليد ففي هذه الحالة وجب على الإمام أن يعزر36.
و قد يكون للبغاة قوة و منعة و يتظاهرون بإعتقاداتهم ويبتعدون عن مخالطة الجماعة و يمتنعون عن الحق و يخرون على الطاعة و قد نصبوا لأنفسهم قائدا و إماما و في هذه الحالة يجب محاربتهم حتى يفيئوا إلى أمر الله و طاعته.
و جريمة البغي هذه كما سبق ذكر ذلك هي أقرب ما تكون إلى الإرهاب بمفهومه الحديث حيث يقارب البعض بين المغزى و الهدف السياسي للعمليات الإرهابية و بين تأويل الذي يقول به البغاة.
و خلاصة القول بعد هذا العرض أن الإسلام أوضح أسلوبين لتخليص المجتمع من أعمال العنف بصورة عامة التي تنطوي في بعض زواياها على أعمال الإرهاب و أخذت بها الممارسة السياسية و الإسلامية على وجه الخصوص إبان عهد النبي عليه الصلاة و السلام و عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم و هما أسلوب الوقاية و العلاج ، الوقاية قد تتمثل في مجموعة القيم و المبادئ الإسلامية السامية التي تستهدف تهيئة الروح و النفس البشرية تهيئة صالحة قويمة و التي أشرنا إليها في بداية الفصل و العلاج التي تتمثل في مجموعة الحدود الزاجرة الفاصلة التي تقضي على الداء و تحول دون انتشاره.
35/محمد أبو زهر المرجع السابق ص 180
36/التعزير هو مادون الحد و هو العقوبة ثم يرد به النص و يجوز فيه الصفو و ترك الحرية للإمام في تطبيق العقوبة
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الفصل الثانـــي
الطرق الإجرائية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية
عندما ترتكب جريمة إرهابية فهي تسبب أضرارا عامة للمجتمع كونه يمس المصالح المحلية قانونا منها مما يستوجب و يبيح للسلطات العامة في إمكانية تدخلها لتوقيع العقوبة و ردع مرتكب الجريمة حماية للمجتمع من هذه الجرائم ، ومرتكبها الذي سبب ضرر عام و خاص ، و لذلك تخول السلطة تحريك دعوة عمومية أو دعوة جنائية لذلك تمر الإجراءات الجزائية التي تتبع في سير الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم بثلاث مراحل التحقيق الأولي و يقوم به ضابط الشرطة القضائية ، و التحقيق الابتدائي يقوم به كل من وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق ، و التحقيق النهائي هو مرحلة المحاكمة.
المبحث الأول: المتابعة و الملاحقة :
عند القيام بجريمة إرهابية نكون أمام جريمة بمعناها كسائر الجرائم الأخرى فيقوم بمهمة البحث و التحري فيها ضابط الشرطة القضائية و الأعوان و الموظفون الذين أظهرهم قانون الإجراءات الجزائية في المواد 20.19.16.15.14.12 من ذات القانون و هم رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، ضباط الدرك الوطني ، الشرطة و محافظيها و مفتشيها و صف ضباط الأمن العسكري و يعهد هؤلاء بمساعدة أعوان كل جهاز و الذين ليس لهم صفة الضبط القضائي حسب المادة 10 كما يوجد ضبطية قضائية يختص بها موظفون في أماكنهم عينتهم المواد 22.21 من قانون الإجراءات الجزائية .
فكل الذين ذكروا سالفا لهم مهمة جمع المعلومات و التحري و البحث عن الإرهابيين كباقي المجرمين الآخرين دون فرق و يثبتون ذلك في محاضر و يكون هذا التحقيق سري للغاية و علني للأطراف ، كما جاء في المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية .
و في مجال الجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية يمتد إختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل التراب الوطني في حالة البحث و المعاينة .
و في بعض الأحيان أوامر القبض على زعماء حركات المؤامرة و التقتيل و التخريب و الأعمال التي توصف بأعمال إرهابية تستخدم الشرطة القضائية وسائل البحث عنهم و إحضارهم بصفة الحياة أو الموت، و هذا مخالف لحالات القبض في الطرق العادية.
كما يجوز لأي والي في حالة وقع جريمة إرهابية بإخطار السلطة القضائية بنفسه لإتخاذ جميع الإجراءات لإثبات الجناية ، أو يكلف ضباط الشرطة القضائية المختصين بذلك حسب المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية و على القاضي أن يقوم بالتبليغ خلال 48 ساعة التالية لبدء هذه الإجراءات و يتخلى عنها للسلطة القضائية بإرسال الأوراق إلى وكيل الجمهورية .
و يمكن إجمال مهام ضباط الشرطة القضائية في:
البحث و التحري: و يقصد به إتخاذ موقف إيجابي للكشف عن الجرائم التي إرتكبت حتى و لو لم تبلغ السلطات المختصة بها خاصة إذا كان الطرف ليس فردا واحدا بل كافة المجتمع.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
جمع الأدلة : إتخاذ الإجراءات الغرض منها التأكد من وقوع الجريمة و يكون جمع الأدلة بالبحث عن الأشخاص الذين شاهدوا الجريمة و التحري عن الجاني و الشركاء و ذلك بالإنتقال إلى مكان الجريمة و ضبط الأشياء المستعملة و تحرير محضر الإستدلالات و يسمى بمحضر التحقيق الأولي موقع عليه من طرف مأمور الضبط القضائي متضمنا الأعمال التي قام بها ، و تاريخها و مكانها و يرسل فورا إلى وكيل الجمهورية .تلقي التبليغات بشأن الجريمة التي وقعت و تحرير محضر لإعلام و إخطار وكيل الجمهورية فورا .
بالنسبة لآجال التحقيق لضابط الشرطة القضائية إحتجاز الشخص 48 ساعة و لكن في الضرورة الإستثنائية الخاصة للجنايات و الجنح المرتكبة ضد أمن الدولة يجوز تمديدها دون أن تتجاوز 12 يوما إذا تعلق الأمر بالجرائم الموصوفة بالأعمال الإرهابية أو التخريبية و تطبيق جميع الأحكام المنصوص عليها في المادتين 52.51 من قانون الإجراءات الجزائية
المبحث الثاني : التحقيــق
هو ثاني مرحلة قضائية يعتمد على كل الأوامر و القرارات و هي جمع الأدلة و ملاحقة مرتكب الفعل و الهيئات التي تقوم بهذه الإجراءات هم رجال القضاء منهم وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق ، و التحقيق الإبتدائي وجوبي حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية .
لا يقوم قاضي التحقيق بإجراء أي تحقيق إلا بطلب من وكيل الجمهورية حتى و لو تعلق الأمر بجناية أو جنحة المادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية.
يجوز له الإنتقال إلى عين المكان أي مكان الجريمة لإجراء المعاينة أو القيام بالتفتيش المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية إذ يجوز أن يخالف الأوقات المنصوص عليها في المواد من 45 إلى 47 الخاصة بالتفتيش و ذلك أثناء وقوع عمل إرهابي مثال يقوم بتفتيش مسكن المتهم في غير الساعة المحددة في المادة 47 شرط أن يباشر التفتيش بنفسه و أن يكون مصحوبا بوكيل الجمهورية المادة 82 و إتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان إحترام كتمان السر المهني و حقوق الدفاع .
-كما يقوم قاضي التحقيق بالإستجواب و المواجهة .
إذا كان المتهم هاربا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بالقبض عليه بعد إستطلاع رأي وكيل الجمهورية أن ينفد هذا الأمر وينفد بالأوضاع المنصوص عليها في الحالات الإستعجال.
كما لوكيل الجمهورية سلطة تحقيق إستثنائية، الحق في التحري و جمع المعلومات و القيام بالإدارة و مهمة الضبطية القضائية بصفته ممثلا للدولة و في حالة الجرائم الإرهابية ، الدولة هي المتضررة و لكن له إصدار أمر بالإخطار أو القبض و له حق الإستجواب و الحبس الإحتياطي كما لا ننسى دوره في الإبداء الطلبات و المباشرة القضائية و الطعن في أوامر قاضي التحقيق أما غرفة الإتهام حسب مصلحة الأمة لو أصدر مثلا قاضي التحقيق أمرا بالإفراج المؤقت كذلك يقوم في هذه الحالة وكيل الجمهورية بتكييف القضية و إبراز المتهمين فيها و إثبات التهمة عليهم كسلطة الإتهام و يرى تقديمها من عدمها لأن القضية غير المستوفاة يحكم عليها بالحفظ كإنعدام الباعث
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
على مقارفة العمل الإرهابي حتى تبنى أسباب الجريمة الإرهابية أو مشاركة مجنون في عملية إرهابية أو قتله لمسؤول حكومي فهنا تمنع المسؤولية و تحفظ الدعوى العمومية قانونا.
أما بالنسبة للأعمال الماسة بأمن الدولة كالتقتيل و التخريب تنعدم الزيارات و بعض الحقوق نظرا لجسامة العمل ، كما قد يكون هناك إفراج مؤقت نظرا للمساس بمصلحة الأمن الكل يتفق على الردع و عدم التناقض و كذلك قد توافق التحقيق لدى مصالح الأمن و النيابة العامة و وسائل مسخرة للقبض على الجناة كإلصاق صور الإرهابيين على الجدران و ذلك تأكيدا على الأمر بالقبض من طرف قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية.
المبحث الثالث: المحاكمــة
بعد إتمام إجراءات التحقيق و التحري و إثبات الوقائع على مستوى جهات التحقيق و تعهد الجرائم الإرهابية إلى جهات قضائية مختصة أو إنسانية لأنه لا يجب التغافل عن مضمون الجريمة المراد الفصل فيها كفعل شاذ وصل إلى أعلى درجات الخطورة مساسا بالنظام العام و القومي أكثر من أي جريمة قتل أو سرقة لأنها إستهدفت الدولة و هذه الأخيرة هي الشعب في حد ذاته.
لقد جاء المرسوم 92/03 في بادئ الأمر لمكافحة ظاهرة الإرهاب متضمن العديد من الأحكام الجزائية ثم جاء بعده المرسوم المتمم و المعدل و هو المرسوم رقم 93/05 المؤرخ في 27 شوال عام 1993 و جاء هذا المرسوم بطبيعته مزدوجة فهو من جهة قوانين نظرا للقوة التي تحوزها و الميادين التي تنظمها و من جهة أخرى هي أعمال ذات صبغة إدارية لأنها تصدر عن سلطة تنفيذية و التي هي مختصة أصلا بالنظر في هذا المجال حيث تأتي المراسيم التشريعية في المرتبة الثانية بعد القوانين .
مند بداية التسعينات تشكلت جماعات من الأشرار كانت تستهدف أمن و مصالح الدولة فكانت معظم أعمالها تقتصر على إغتيال كل فرد له صلة مع الدولة أو طرف أمن فيها ، كرجال الشرطة ، الدرك الوطني ، الصحافيين ، وضع القنابل في أماكن تستهدف السلك الأمني إلى أن وصلت اليد الإجرامية إلى الفئات المدنية كالأطفال والنساء و الشيوخ و يمكن حصر هذا في الشعب بكامله مهما كان جنسه أو مركزه و هذا ما أدى إلى تشكيل محاكم خاصة.
و لكن بعد تفاقم الظاهرة الإرهابية و أصبحت من الأفراد منظمات الإرهابية و كتائب و زعماء صدر أمر رقم 95/10 المؤرخ في 25 رمضان 1415 هجري الموافق 25 فبراير 1995 يعدل و يتمم الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 و المتضمن قانون العقوبات أوضيف فيه قسم رابع مكرر بعنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المواد المعاقب عليها.
الجهة المختصة للفصل في الفعال الإرهابية أو التخريبية محكمة الجنايات حسب المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية التي تعتبر محكمة الجنايات الجهة القضائية المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة بالجنايات و كذلك الجنح و المخالفات المرتبطة بها و الجرائم الموصوفة في الأفعال الإرهابية أو تخريبية المحالة إليها في بقرار نهائي من غرفة الإتهام .
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
في إختصاص محكمة الجنايات يكمن في حق الولاية في الحكم جزئيا على الأشخاص البالغين و الحكم على غير البالغين 16 سنة الذين إرتكبوا أعمالا إرهابية و تخريبية و المحالين إليها بقرار نهائي من غرفة الإتهام المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية .
بعد أن عرفت المادة 87 مكرر الأعمال الموصوفة بأنها إرهابية و التكييف القانوني لها فتعرض للعقاب و الجزاء الموقع على هذه الجرائم كل واحدة حسب درجة خطورتها.
الإعدام: و تكون العقوبة بالإعدام عندما تكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 90 في قانون العقوبات الجزائري و يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال التي تتعلق بالمواد المتفجرة و أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها كالأسلحة و القنابل.
كذلك يعاقب بالإعدام الأشخاص الذين يستعملون أسلح أو يؤسس أو ينظم أو يبدي رايه لجهة أو تنظيم أو جماعة أو منظمة تكون أغراضها و أنشطتها تقع تحت طائلة أحكام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات.
و تكون العقوبة السجن المؤبد عند إنخراط كل جزائري في منظمة إرهابية أو تخريبية أو أجنبية الغرض من ورائها الإضرار بمصالح الجزائر المادة 87 مكرر 06 الفقرة 02 .
و يعاقب بالسجن المؤبد كل من قام بجناية المساهمة في حركات التمرد و هي بإقامة عرقلة القوات العمومية أو الحيلولة دون مباشرة أعمالها أو المساعدة على إقامتها و منع ممارسة نشاطها بالعنف أو التهديد و تسهيل تجمع المتردين و المساعدة على الدعوة بأي وسائل كانت و إغتصاب المنشآت العمومية أو المنازل المسكونة بغرض مقاومة أو مهاجمة القوة العمومية المادة 88 من قانون العقوبات وكذلك السجن المؤبد للمالك أو المستأجر لتلك المساكن عند سماح للمتمردين بدخولها بغرض استعمال عنف أو مقاومة و هو على علم بأغراضهم .
و يكون الإعدام في العقوبات عندما ينص الحكم على السجن المؤبد و عندما تكون العقوبة من 10 إلى 20 سنة .
السجن المؤقت: تكون العقوبة من 10 إلى 20 سنة عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون من 05 إلى 10 سنوات .
-يعاقب بالسجن المؤقت كل من ينخرط أو يشارك في جمعيات أو تنظيمات مع معرفة غرضها أو نشاطها .
-فيعاقب كذلك كل جزائري ينخرط أو ينشط في جمعية أو منظمة إرهابية و تخريبية مهما كان شكلها أو تسميتها في الخارج حتى و إن كانت هذه الأفعال غير موجهة ضد الجزائر و غرامة مالية من 10 ألف دينار جزائري إلى500 ألف دينار جزائري المادة 87 مكرر06 و تطبق نفس العقوبة و الغرامة المالية على من يحوز أسلحة
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها و يتاجر فيها و يستوردها أو يصنعها أو يستعملها دون رخصة المادة 87 مكرر05.
-السجن من 05 إلى 10 سنوات :يعاقب بالسجن المؤقت و غرامة مالية من 5 آلاف إلى 100 ألف دينار جزائري كل من يشيد الأفعال المنصوص عليها في المادة 87 مكرر أو يشجعها أو يمولها بأية كانت المادة 87 مكرر 04.
-و تعين العقوبة و الغرامة المالية لكل من يشيد بالأفعال المذكورة في الأعمال الإرهابية و يعيد طبع أو نشر الوثائق أو التسجيلات الخاصة بها عمدا.
-و يعاقب بنفس العقوبة أو الغرامة المالية كل من يبيع أسلحة بيضاء أو يشتريها أو يوزعها أو يستوردها لأغراض مخالفة للقانون و هو على علم بذلك المادة 87 مكرر7.
عقوبة الشريك في الأعمال الإرهابية: يعاقب الشريك في الجرائم الإرهابية بالسجن المؤقت لا يقل عن 10 سنوات و لا يتجاوز 20 سنة و بغرامة مالية من 3 آلاف إلى 30 ألف دينار جزائري بإعتباره شريكا في الأعمال التالية :
-تزويد مرتكبي الجرائم الماسة بأمن الدولة بوسائل المعيشة و تهيئة مساكن لهم أو أماكن لإخفائهم و تجمعهم و ذلك لأنه على علم بنواياهم و أن لا يكون مكره و إنما برضاه.
-تسهيل الوصول إلى موضوع الجناية و الجنحة و حمل المراسلات إلى مرتكبي الجنايات و الجنح و إخفائهم و توصيلهم بأية طريقة كانت مع علمه بذلك المادة 91 من قانون العقوبات الجزائري.
-يعاقب كل من أخفى أشياء و أدوات أستعملت أو كانت تستعمل في إرتكاب الجناية أو الجنحة أو المواد و الأشياء المتحصلة من الجنايات و الجنح مع علمه بذلك.
- يعاقب كل من يقوم بتوزيع المنشورات و الأوراق من شانها الإضرار بالمصلحة الوطنية بالحبس من
06 أشهر إلى 03 سنوات و غرامة مالية قدرها 3600 دينار إلى 36000 دينار جزائري المادة 96 من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة التجمهر: يعاقب الأشخاص المنخرطين في التجمهر سواء كان مسلحا أو غير مسلح بعقوبات تختلف أنواعها قررتها المادة 97 ، 98 ، 99، 100 ، 101 من قانون العقوبات الجزائري.
و عقوبة التخريب و الأضرار التي تنتج عن تحويل إتجاه وسائل النقل كل فاعل حسب حجم الضرر الذي وقع و حددت العقوبة في المواد 395 ، 396،400،406 من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة الشروع في الجرائم الإرهابية : الشروع في جريمة ما يعد بمثابة الجريمة نفسها فالمشرع الجزائري لم يعرف الشروع صراحة و لكن بين حالاته و سماه بالمحاولة في المادة 30 بقوله "كل محاولة لإرتكاب جناية تبدأ بشروع في التنفيذ أو بافعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى إرتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو يخب أثرها إلا نتيجة ظروف مستقلة عن إرادة مرتكبيها حتى و لو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها" و قد نصت المادة على أن عقوبة الشروع في الجناية هي نفس عقوبة الشريعة أي الجريمة الموصوفة بعمل إرهابي.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الأحكام الخاصة بالقصر: إذا كان الأشخاص الذين إرتكبوا الجرائم الموصوفة بالجرائم الإرهابية أو التخريبية هم قصر تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة و ارتكبوا تلك الجرائم المشار إليها تكون العقوبة القصوى المستحقة السجن المؤقت لمدة 15 سنة .
المبحث الرابع : الفرق بين الإجراءات الجزائية في جرائم القانون العام و جرائم الإرهاب:
بعد الدراسة التحليلية للإجراءات الجزائية للجريمة الإرهابية لا نجد أن الإجراءات التي بينها و بين الجريمة العادية ترتكز على شساعة من الفروق إلا في بعض النقاط و هي كالآتي :
تمتاز الإجراءات العادية بالدستورية و اللين بينما تمتاز الإجراءات غير العادية بعدم الدستورية و الشدة و تجاوز إعطاء بعض الحقوق .
تختص كل طاقات البحث بالأجهزة القضائية المختلفة بالتحري عن المجرم الإرهابي و التحرك التلقائي للبحث يقضي عليها قبل الشروع فيها ، أما بالنسبة للمجرم العادي لا تبذل الطاقات الكبير للبحث عنه .
في بعض حالات أوامر الإحضار و القبض على الإرهابيين تستخدم الشرطة القضائية وسائل للبحث عنهم و إحضارهم أحياءا أو موتى ، و هذا ما لا نجده في الحالات العادية كإجراء القبض
كذلك يتجلى إختلاف في الحالات العادية لحجز شخص 48 ساعة أما في حالات الإستثنائية الخاصة بالجريمة الإرهابية يمكن أن تتجاوز مدة الحجز 12 يوما إذا إقتضى الأمر ذلك.
و يكون إجراء التفتيش خارجا عن الأوقات المحددة قانونا مثلا في الليل في الجرائم الإرهابية عكس ما هو عليه في الجرائم العادية .
أخيرا تختلف العقوبة حيث تكون العقوبة في الجرائم الإرهابية ضعف العقوبة المنصوص عليها في الجرائم العادية.
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي
الإرهاب الداخلي أو المحلي أي الموجه نحو الحكومة أو النظام السياسي القائم ورموزه ، سواء كانت تلك الرموز مؤسسات أو شخصيات بارزة في ذلك النظام أو حتى ضد الأفراد العاديين ، أو ضد الممتلكات الفردية الخاصة و الذي تقوم به و تنفذ تنظيمات أو مجموعات وطنية ، ذلك الإرهاب ترجمه القوانين الداخلية بسائر الدول و تعامله الحكومات بقسوة و الردع الملائمين بتحديده و تطبيق النطاق بل و القضاء عليه تماما 37على أن يثير المناقشة و الحوار حول الإرهاب الدولي ، أي ذلك الإرهاب الذي يأخذ طابعا دوليا لسبب أو آخر و الذي تنفذه مجموعة إرهابية أو أكثر لتحقيق أهداف سياسية و للثأتير على مواقف حكومات بعض الدول إتجاه قضايا عالمية أو إقليمية معينة .
و هذا الإرهاب يأخذ أشكال متعددة و متنوعة ، منها إختطاف الطائرات و تغيير مسارها بقوة و الذي يعبر البعض عنها بالقرصنة الجوية AIR PIRACY كما يأخذ شكل الإعتيداء على مطار البعثات الديبلوماسية و القنصلية و أشخاص ديبلوماسيين لدولة ما ، فما هو مفهوم الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي؟
الفصل الأول: تعريف الجريمة الإرهابية بالمفهوم الدولي:
القواعد القانونية الدولية و المبادئ العامة للقانون الدولي و العمليات الإرهابية و تدينها ، و يتجه الفقه الدولي إلى تضييق الخناق حول العمليات الإرهابية و الإتفاق على تدابير ملموسة و رادعة لكافة صور الإرهاب و أشكاله بل و الدعوة إلى إقامة محكمة جنائية دولية للنظر في الحوادث الإرهابية و توقيع العقوبات عليها.
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية عبر الإتفاقيات و الفقه الدولي
بذل المتخصصون في القانون الدولي العام جهود ملموسة في مجال التعريف بالإرهاب و تحديد طبيعته و توضيح جوانبه و إن كانت هذه المساهمة وحدها تعد غير كافية لتفهم الظاهرة ، و نلمس طبيعتها و أبعادها حيث غلب الطابع و النظرة القانونية على معظم ما قدم في هذا الصدد و فيما يلي أبرز و أوضح المساهمات التي يمكن مزجها للإحاطة بمفهومه أو بالأحرى بموضوع الإرهاب و طبيعته.
المطلب الأول: مساهمات الفقه الدولي في التعريف بالإرهاب:
يعرف الدكتور عبد العزيز سرحان "الإرهاب بأنه كل إعتداء على الأرواح و الممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لإحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة و هو بذلك يمكن النظر إليه على أساس انه جريمة دولية أساسها مخالفة القانون الدولي …و يعد الفعل إرهابيا و بالتالي جريمة دولية قام به الفرد أو الجماعة أو دولة كما يشمل أيضا أعمال التفرقة العنصرية التي تباشرها بعض الدول .
يرى الفقيه " ليمكن"LEMKIN: "أن الإرهاب يقوم على تخويف الناس بواسطة أعمال العنف"
ينظر الأستاذ "ألوازي ALOISI: "أن الإرهاب هو بمثابة كل فعل يرمي إلى قلب الأوضاع القانونية و الاقتصادية التي تقوم على أساسها الدولة"
37/د. أحمد جلال عز الدين – الإرهاب و العنف السياسي-المرجع السابق-ص110
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
يعرفه " جيفانوفيتش ": الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بتهديد أي كان و يتمخض عنها الإحساس بالخوف بأية صورة"
يرى "سالداني SALDANI : أن الإرهاب هو منهج لتطويع الجماهير و شل حركة زعمائها بواسطة الإكراه السيكولوجي و التهريب الإجرامي"
و ينظر إليه " نومي جالور"NOEMI GALOR: "أن الإرهاب هو طريقة عنيفة أو أسلوب عنيف للمعارضة السياسية و هو يتكون من العنف و التهديد و قد يتضمن التهديد أو العنف البدني الحقيقي و أيضا بالتهديد أو ممارسة العنف النفسي و قد يمارس الإرهاب ضد الأبرياء أو ضد أهداف لها إرتباط مباشر بالقضية التي يعمل الإرهابيون من أجلها"
المطلب الثاني : مساهمات المنظمات الدولية في التعريف بالإرهاب:
أخذت المساهمات في هذا الخصوص ما ورد في المادة الأولى و الثانية من إتفاقية (جونيف ) و التي أبرمت في إطار عصبة الأمم ، و كذا الإتفاقية الأوروبية لمنع و قمع الإرهاب ، التي أبرمت في إطار المجلس الأوربي.
01-إتفاقية جونيف الخاصة بمنع و قمع الإرهاب لعام 1937: وجاءت في أعقاب حادث إغتيال المالك "ألكسندر" ملك يوغوسلافيا ، و وزير خارجية فرنسا في مدينة مرسيليا عام 1934 و لكنها لم تدخل حيز تنفيذ بسبب عدم تصديق الدول عليها باستثناء الهند، و لكنها كانت الخطوة الأولى على الفريق التعاون الدولي من أجل قمع الإرهاب.
عرفت مادتها الأولى على أن الإرهاب هو الأعمال الإجرامية الموجهة ضد الدولة و التي يكون من شانها إثارة الفزع و الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى الجمهور و هذا التعريف وصفي .
أما المادة الثانية تحدد مجموع الأفعال التي تعتبر إرهابية:
1-الأفعال العمدية الموجهة ضد حياة أو ضد السلامة الجسدية أو لحرية الفئات التالية : (رؤساء الدول و خلفائهم بالوراثة أو التعيين أو أزواجهم و الأشخاص المكلفين بوظائف أو مهام عامة عند ممارستهم مهامهم )
2-التخريب و الأضرار العمدي للأموال العامة أو المخصصة للإستعمال العام و المملوكة لطرف آخر متعاقد أو تخضع لإشرافه.
3-وضع أو تملك أو الحيازة أو تقديم أسلحة للقيام بالجرائم المذكورة
4-الإحداث العمدي لخطر عام من شأنه تعريض الحياة الإنسانية للخطر.
2- الإتفاقية الأوربية لمنع وقمع الإرهاب عام 1977: جاءت نتيجة لتزايد الأنشطة الإرهابية في القارة الأوربية مما أدى بالدول المجلس الأوربي إلى ضرورة التحرك لوضع حد لها ، و ضمان عدم إفلات مرتكبيها و قد أقر المجلس في "ستراسبورغ" هذه الإتفاقية في 27 يناير 1977 التي عرفت الإرهاب بالمعنى الحضري فيما يلي:
أ/الجرائم المنصوص عليها في إتفاقية "لاهاي " 1970 و الخاصة بالاستلاء على الطائرات.
ب/نصوص إتفاقية "منتريال" 1971 و الخاصة بقمع الأعمال الموجهة ضد سلامة الطيران المدني
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
ج/جرائم إستعمال المفرقعات و القنابل و الأسلحة الآلية و الرسائل المفخخة.
د/الجرائم التي تتضمن الإعتداء على سلامة الجسم و الحياة الأشخاص الذين يتمتعون بحماية دولية و جرائم الخطف و أخذ الرهائن.
-إضافة إلى جهود الأمم المتحدة المتمثلة في اللجنة الخاصة بالإرهاب التي تضمنت مختلف وفود الدول
المبحث الثاني : موقف القانون الدولي من عمليات الإختطاف:
تتعدد الوسائل و الأساليب التي تلجأ بها المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها و غاياتها كما تتطور تلك الأساليب و تختلف بإختلاف مكان و الزمان بإختلاف الإمكانيات و القيادات ، و تتفاوت بتفاوت و تباين أهداف و تنظيمات ، و من بين أهم الأساليب ذيوعا في العالم هي عملية الإختطاف .
المطلب الأول : الديبلوماسيون ورموز المجتمع:
في الحالات التي ينتقي الإرهابيون أهدافهم يكون التركيز على أشخاص يحملون رمزا معينا و يتمتعون بثقل و وزن بارزين في مجتمعاتهم38 و من تم فاختيارهم كأهداف العمل الإرهابي يحقق للإرهابيين أكثر من هدف و يعيد عليهم بأكثر من فائدة فمن ناحية تحضى قضيتهم بدرجة ذات وزن كبير من الشعبية، و من ناحية أخرى قد يحصل الإرهابيون على فدية مالية كبيرة تساهم في دفع أنشطتهم الإرهابية قدما إلى الأمام، هؤلاء الرموز عادة لا يمثلهم ديبلوماسيون و كبار قيادات النظام القائم.
و قد يعمد الإرهابيون إلى اللجوء إلى رموز المجتمع و الشخصيات البارزة فيه، و ذلك لضرب الدولة ممثلة في هؤلاء الرموز و الأقطاب الفعالة ، كأن يوجه الإرهابيون هجماتهم ضد زعماء الأحزاب السياسية ، و الصحافيين و القضاة و رجال الأعمال و المسؤولين الرسميين و غيرهم.
المطلب الثاني: تطورات عمليات الإختطاف و أخذ الرهائن:
عندما تتم عملية الاختطاف و يتحول الفرد أو مجموعة أفراد إلى رهائن ، توضع الرهينة في موقف طويل على المخاطرة على أكثر من مستوى39 فعمليات الاختطاف تتميز بالقسوة و العنف ، و البعد عن القيم الإنسانية حيث عادة ما يأخذ الإرهابيون في حسبانهم ظروف ضحاياهم النفسية و الصحية .
و قد يبدأ الخطر عندما تصل المفاوضات إلى طريق محجوز و يصبح الوضع حرجا، و يشرف على المفاوضات فريق يسمى فريق التفاوضL.N.T الذي تشرف عليه لجنة إدارة الأزمات MANAGEMENT COMITY CRISIS و هي لجنة عادة ما تقوم معظم الدول بتأسيسها للتعامل مع الأزمات الطارئة التي تواجهها الدولة.
هذا و قد تطول فترات التفاوض و تستمر بالتالي عملية الإحتجاز و تبقى إحتمالات الخطر قائمة ، هذا و تتفاوت مواقف الدول إزاء مثل هذه الأزمات فبعض الدول تأخذ الإرهابيين على حين غرة عن طريق الهجوم المسلح المباغت في مكان تواجد الرهائن و البعض الآخر يوافق على بعض أو كل مطالبي المختطفين و إن كانت هذه الحالات قليلة و نادرة.
38/LEONARD B. WEINBERG AND PAUL B. DAVID OP IT P 12
39/IDEM
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
المطلب الثالث: إتفاقية "نيويورك" الخاصة بمنع الجرائم المرتكبة ضد الديبلوماسيين
تعدد حوادث الإختطاف و الإعتداء على حياة الممثلين الديبلوماسيين و غيرهم من الأشخاص الذين يتمتعون بالحماية في ضل القانون الدولي و قد عانت معظم الدول من أثار هذا الأسلوب الإرهابي40
إزاء تزايد محاولات الإرهابيون للإعتداء على حياة ممثلين دول العالم و مبعوثيهم القنصليين ، و أعضاء البعثة الخاصة ، كان الإهتمام الدولي بالعمل على توحيد الجهود فيما بين الدول و تنسيقها على المستوى الدولي لمواجهة هذه الحوادث البالغة الخطورة ، و لم يقف القانون الدولي عند حد الإقرار و الإتقاق على المكانة الدولية القانونية الخاصة التي يتمتع بها الديبلوماسيون من خلال الحصانات الديبلوماسية التي تنظمها إتفاقية "فينا" للعلاقات الديبلوماسية و إتفاقية" نيويورك" للبعثات الخاصة عام 1979 بل طورت الدول جهودها في هذا الشان وصولا إلى درجة أعلى من الحماية للأشخاص المبعوثين الديبلوماسيين ، و الممثلين، فصادقت الغالبية العظمى من الدول تحت مظلة هيأة الأمم المتحدة على إتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجرائم المرتكبة في ذلك ضد الديبلوماسيين و المعاقبة عام 1973
و لعل أهم سمات الإتفاقية:
ا/ جرمت الإتفاقية الأفعال التالية:
-قتل أو خطف شخص يتمتع بحماية دولية أي إعتداء آخر موجه ضد شخصه أو حريته
-أي إعتداء يتم بواسطة أعمال العنف على مقر العمل الرسمي لشخص يتمتع بحماية دولية
-التهديد بإقتراف هذه الأفعال أو محاولة إقترافها أو المشاركة فيها
ب/و قد حددت الإتفاقية في مادتها الأولى المقصود بالشخص المتمتع بالحماية الدولية و هو: رئيس الدولة أو أي عضو في هيئة جماعية يتولى دستوريا مهام رئيس الدولة و رئيس الحكومة و وزير الخارجية عندما يتواجد أي منهم في دولة أجنبية و كذلك أفراد أسرهم الذين يكونون معهم.
-كل ممثل أو موظف أو شخصية رسمية للدولة و أي شخص يمثل منظمة حكومية يتمتع بحماية القانون الدولي في مكان و زمان إرتكاب الجريمة الإرهابية
ج/التأكيد على إلتزام الدولة على إدخال الجرائم المنوه عنها في تشريعات الجنائية
د/التأكيد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير و الإجراءات الممكنة لمنع الإعداد للجرائم السابق ذكرها و التأكيد على ضرورة التعاون فيما بين الدول المتعاقدة لمكافحة تلك الجرائم.
المطلب الرابع : الإتفاقية الدولية لمناهضة أخد الرهائن عام 1979م:
إزاء تزايد الهجمات ضد الأبرياء بصفة عامة و تصاعد عمليات إختطاف الأفراد و أخذهم كرهائن على
وجه الخصوص، كان لابد من تحرك دولي فعال و تنسيق قوي لجهد الأسرة الدولية الموجه لهذا النمط أو الأسلوب
40/ IDEM
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
من أساليب الإرهاب و إزاء هذا الوضع جاء التحرك الدولي خاصة في إطار الأمم المتحدة ممثلا في الإتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن و التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1979.
و فيما يلي أهم سمات هذه الإتفاقية :
-إختطاف الأشخاص و إحتجازهم و التهديد بقتلهم وإيذائهم من أجل إكراه طرف ثالث سواء كان هذا الطرف دولة أو منظمة حكومية أو شخصا طبيعيا أو إعتباريا أو مجموعة من الأشخاص على القيام أو الإمتناع عن القيام بفعل معين كشرط صريح أو ضمني للإفراج عن الرهينة.
-أبرمت الإتفاقية عمليات أخد الرهائن و الشروع في إرتكابها أو المساهمة فيها إلى جانب آخرين يرتكبون أو يشرعون في إرتكاب مثل تلك العمليات.
-ألزمت الإتفاقية الدولة المتعاقدة بإدخال جريمة أخذ الرهائن في التشريعات الجنائية الداخلية.
-أوجبت الإتفاقية على الدول المتعاقدة ضرورة إتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع الإعداد لإرتكاب مثل تلك الجرائم داخل أو خارج إقليمها.
-ألزمت الإتفاقية الدول المتعاقدة معها تبادل المعلومات و تنسيق الجهود فيما بينها و هذه الإتفاقية لا تسري أحكامها على أخد الرهائن التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة و التي عالجتها إتفاقيات جنيف.
-أحكام هذه الإتفاقية لا تسري إلا على جرائم أخذ الرهائن ذات البعد الدولي أي التي تتضمن عنصرا خارجيا.
أما تلك التي تحدث بكافة عناصرها داخل إقليم الدولة ، فتخضع كاملا للتشريع الداخلي ، كما أن مشروع هذه الإتفاقية لم يحضى لموافقة بعض الدول كفرنسا خاصة فيما يتعلق بالمطالبة بتطبيق عقوبة مشددة على جرائم أخذ الرهائن مما يقيد مرونة السلطات في حالة التفاوض مع محتجزي الرهائن مقترحة تخفيف العقوبات على الإرهابيين الذين يقومون بإطلاق صراح رهائنهم طواعية و إختيارا41
المبحث الثالث: موقف القانون الدولي من اختطاف الطائرات:
تعود عمليات اختطاف الطائرات لعام 1931 عندما وقع حادث اختطاف طائرة على أيدي ثوريين من "البيرو" للهرب بها خارج البلاد و توالت بعد ذلك حوادث الإختطاف حتى وصل مجموع تلك الحوادث عام 1982 حوالي 30 عملية و مثل هذه الأعمال وإن كان البعض ينظر غليها نظرة تأييد ، عندما تقع كأسلوب تلجأ غليه المقاومة الشعبية المسلحة ، و كوسيلة لممارسة الضغط على الخصم لتحقيق أهداف سياسية تسمو على البواعث الشخصية إلا أن ذلك ينطوي-بلا شك- على مخالفات صريحة لمبادئ القانون الدولي العام
41/ د.عبد العزيز محمد عبد الهادي صفحة 181 النهضة العربية
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
أولا: تؤدي هذه العمال إلى تعريض المواطنين الأبرياء للخطر و هي عادة تأخذهم كرهائن ، المادة 3 من إتفاقية جنيف 1949 و المادتين 33-34
ثانيا : هذه الأعمال تخالف القواعد القانونية للإتفاقية التي تحرم تغيير مسار الطائرات مما يعرض سلامة الطيران المدني للخطر.
و هذا وقد وضعت منظمة الطيران المدني قواعد قانونية للأتفاقية، ما يهدف إلى تلبية الحاجة الملحة إلى حماية حركة الطيران المدني و تأمين سلامتها من خلال مجموع الإتفاقيات الدولية التي أبرمت في هذا الصدد و هي إتفاقية طوكيو..
المطلب الأول : خطورة حوادث إختطاف الطائرات
إختطاف الطائرات يرتب خطورة كبيرة متعددة الجوانب و الأبعاد ، إن وقوع حادث من هذا النوع يرتب آثار ا خطيرة في العديدة من الاتجاهات و الزوايا ، فتتعرض سلامة و حياة المسافرين على متن الطائرة و طاقمها لاخطار نتيجة مقاومة أحد المسافرين ، أو أحد أفراد طاقم الطائرة إلى استعمال السلاح أو أدوات العنف من طرف المختطفيين و خلق جو الرعب و الخوف مؤثرا بذلك على الصحة النفسية لهؤلاء المسافرين و يمكن للمختطفين قتل أحد الركاب كوسيلة للضغط لتحقيق رغباتهم ، كما يمكن تعريض طائرة ذاتها للخطر كالنسف مثلا إذا فشل الطرفان للتوصل لحل وسط و نفاد الوقود أثناء التحليق ، كما قد لا يكون لقائد الطائرة الخبرة على التحليق مسافة طويلة خاصة إذا قام الاختطاف في رحلة داخلية .كما يمكن أن يقع خلل بالطائرة نظرا لسوء الأحول الجوية …و بهذا نكون أمام كارثة كبرى و الأمر محقق و مؤكد ، إضافة إلى التأثير على حركة النقل الجوي و ذلك بتغيير مسار الطائرة و يؤدي إلى رفع قيمة التأمين على الطائرات العاملة في النقل الجوي التجاري و هذا بدوره عبئا إضافيا يدفع إلى إستخدام وسائل أخرى أقل تكلفة و أقل سعر و لإتخاذ تدابير للحيلولة دون وقوع حوادث الاختطاف يجب أن يكون عمل وقائي ضد هذه الإحتمالات كالإجراءات الوقائية في المطار قبل إقلاع الطائرة و المتمثل في أسلوب مراقبة سلوك المسافرين كما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق متخصصين في تحديد السمات الخارجية المنعكسة عن تلك الجوانب .
كما تستخدم السلطات في كثير من المطارات أجهزة أشعة و مؤشرات مغناطيسية لضبط الأسلحة …إلخ و استخدام أسلوب التفتيش قبل دخول الطائرة خاصة حقائب اليد و حتى علب السجائر و خير مثال على ذلك حادث اختطاف الطائرة الذي وقع مؤخر في 04 فبراير 2000 و هي طائرة أفغانية من نوع بوينغ 727 و التي كان على متنها 151 راكبا المختطفين من طرف ثمانية (08) مختطفين و الذين زعموا أنهم من حركة طالبان و كان هذا الاختطاف سببه حق اللجوء السياسي .
النشأة و التطور التاريخي للأفعال الإرهابية
الغريب أن ترتبط أول جريمة في تاريخ البشرية ببداية شقاء الإنسان على الأرض و بداية حلمه للعودة إلى الجنة التي أزل منها إلى الأرض ، فأنجبت حواء قابيل و هابيل ... و لما اصطفى الله بمحبته هابيل ، شكلت الغيرة حافزا للقتل فتلاها التاريخ في التفنن في القتل و إيذاء الغير ، و ما قصة البشرية إلا قصة هذا الصراع بين الخير و الشر بين آدم و إغواء إبليس و بين الطيبين و الأشرار حتى و إن اختلفت الأسباب وتشبعت الدوافع.
فالجريمة تحتل ضمن تصنيف المخالفات مكانة خاصة نظرا للعقوبة التي تواجهها ، و إن الجريمة تتمثل في كل أشكال الإعتداء على الآخر و على شخصه و عرضه و ماله إذ تختلف الجريمة حسب طبيعتها و العوامل المؤثرة عليها إذ تعددت الجرائم و أسبابها ، منها جرائم إقتصادية و جرائم الآداب... و الجرائم السياسية التي تمس بأمن الدولة و الإخلال بنظامها .
تنقسم الجرائم التي ترتكب ضد الدولة الى قسمين فالجرائم التي ترتكب ضد الدولة بصفتها شخصا من أشخاص القانون الدولي و التي تنال أو تستهدف حقوقها المتعلقة بصفتها هذه ، مثل الاعتداء على استقلالها و الإنقاص من سيادتها و تهديد سلامة أراضيها و الاتصال بأعدائها و التعاون معهم و أعمال الخيانة و التجسس فأصبحت تمس الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي ، أما الجرائم التي ترتبط ضد الدولة بصفتها سلطة و حكم أو حكومة أو تستهدف السيطرة عليها أو تعديل علاقات السلطات بطرق غير مشروعة ن أو إثارة العصيان المسلح ضد السلطات القائمة و منعها من ممارسة وظائفها و اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية.
أصبحت الجرائم التي تمس أمن الدولة من جهة الداخل يطلق عليها اسم الجرائم المضرة بأمن الحكومة باعتبار أنها تقع على الدولة في شكل سلطة الحكم أو الحكومة ، و لكن في الآونة الأخيرة شاع مصطلح "إرهاب" و "الجريمة الإرهابية " ، و أصبحت حديث العصر أو بالأحرى موضوعه إذ لهذه الظاهرة الجديدة أسباب النشأة و دوافع و أثار .لذلك علينا معرفة الأساس التاريخي الذي كان له الدور الفعال في بروز الجريمة الإرهابية و أسباب نشأتها عبر العصور و المجتمعات .
فالتطور التاريخي لتجريم الاعتداء على أمن الدولة يتمحور في عصور منشئة للظاهرة الإجرامية و هي :
01-العهد الروماني.
02-عصر الإقطاع.
03- الثورة الفرنسية 01/ العهد الروماني:
يمكن أن نلمس الأصول التشريعية الأولى لتحريم الاعتداء على أمن الدولة في القانون الروماني فقد تضمن القانون المعروف باسم "قانون جوليا" و جرائم الإعتداء ضد روما أو ضد الملك و اعتبارها من الكبائر CAPITALES و عوقب عليها بالإعدام أو الحرمان من النار و الماء ، و نص قانون "كورنيليا " أيضا على هذه الجرائم و أطلق عليه القانون الروماني تسمية "جرائم المساس بالعظمة" LESE MAJESTE . 01
-د.محمد محمود سعيد –جرائم الإرهاب-دار الفكر العربي –القاهرة – الطبعة الأولى-1416ه-1995م
الأفعال الإرهابية الباب التمهيدي
أما في العهد الجمهوري اعتبر مرتكبي هذه الجرائم أعداء الجمهورية و أعداء الشعب ، أما في العهد الإمبراطوري فقد حدث تغيير في فلسفة المعاقبة على جرائم المساس بالعظمة ، فأصبحت المصلحة محمية بالعقاب في حماية الإمبراطور بصفته تجسيدا للدولة .
و أصبحت النصوص العقابية تحمي شخصه و سلطانه و بعدها حل مفهوم " عظمة السلطة " محل مفهوم "عظمة الشعب " 02 و أصبح العقاب على الجرائم وسيلة للقضاء على كل ما يهدد مركز الإمبراطور و سلطانه فلم تقتصر المعاقبة على الأفعال بل امتدت لتشمل الكتابات و الأقوال و الأفكار و أصبحت العقوبة بالإعدام حرقا أو بالإلقاء إلى الوحوش المفترسة. بعد انهيار الدولة كان من الطبيعي أن تختفي جرائم المساس بالعظمة لعدم ملاءمتها البنيان الاجتماعي الطبقي للمجتمع .
02/ عصر الإقطاع:
ساد في هذا العصر الصراع بين الملكية الناشئة و بين أمراء الإقطاع أين استعانت الملكية بالفقه الروماني للتغلب على أمراء الإقطاع فظهرت نظرية السيادة و نظرية جرائم المساس بالعظمة إذ أصبحت هذه النظرية في عهد الملكية المطلقة هي جرائم "المساس بولي العهد أو الأمر " ، و انقسمت هذه الجرائم إلى أفعال الاعتداء التي تقع على الشخص المالك أو أولاده أو ضد امتيازات عرشه و إلى أفعال الاعتداء على سلطاته بطرق غير مباشرة .
03/ الثورة الفرنسية:
بقيام الثورة الفرنسية و انتشار أفكارها التي حددت و نظمت العلاقات بين الأفراد و بين الدولة، إذ أصبحت بموجبها الدولة شخصا معنويا مستقلا عن أشخاص الحكام أيا كانت صفاتهم ... و لم يعد لهؤلاء في ظل هذه الأفكار سوى جهاز الحكم بتغييره و تبديله وفقا للظروف و الأحول في حين تبقى الدولة. و بذلك حل مفهوم الجرائم الماسة بأمن الدولة محل مفهوم جرائم "المساس بالعظمة "أو"بولي الأمر ".و كان من أثار فقه الثورة الفرنسية حدوث التمييز بين الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي و الداخلي. فاقتصرت الأولى على الجرائم التي تهدد الدولة نفسها و بوجودها ، في حين تعلقت الثانية بالجرائم التي تمس سوى أجهزة الدولة أو شكل الحكومة بما في ذلك المؤسسات المنوط بها القيام بأعباء السلطة و وظائفها.
04/ القرن التاسع عشر(19) و القرن العشرين(20):
من خلال انتشار الأفكار القومية في القرن التاسع عشر و مع تعدد الحروب من الطبيعي أن يكون لذلك أثر في الفقه و التشريع العقابيين ، فظهرت التفرقة بين الجرائم العادية و الجرائم السياسية ، وترتب على ذلك وضوح الاختلاف بين أحكام تجريم أفعال الاعتداء على أمن الدولة الخارجي و المعاقبة عليه.
كما هو الشأن بالنسبة لأمن الدولة الداخلي فاعتبر الأول مستحقا لشدة العقاب أما الثاني جدير بالشفقة في القرن العشرين نتيجة لذيوع و انتشار أفكار و مذاهب إجتماعية و دينية و إقتصادية استخدم معتنقوها العنف المدعم بالقوة وسيلة لتحقيق أغراضهم غير عابئين بما يصيب ضحايا أعمالهم من اضرار، تأكد في التشريع و القضاء
02المرجع السابق (جرائم الإرهاب)
الأفعال الإرهابية الباب التمهيدي
اتجاه كان قد صاحب التمييز في المعاملة بين المجرم السياسي و المجرم العادي تمثل في إخراج جرائم هؤلاء التي منها ما يسمى بجرائم الفوضويين ، و جرائم الشيوعيين ، و جرائم الإرهابيين من عداد الجرائم السياسية .
لقد اجتاحت الجريمة الإرهابية الكثير من دول العالم فبرغم من تاريخ وجودها القديم إلا أنها مصطلح حديث فالإرهاب أو الجريمة الإرهابية مصطلح دخيل على الساحة السياسية أكثر منها على الساحة القانونية و تطرح إشكاليات عديدة لتفسير هذه الظاهرة الجديدة و البحث على معنى الجريمة الإرهابية و لماذا وجدت أصلا؟ و كيفية حلها و علاجها .
و للإجابة على هذه التساؤلات نقوم بدراسة ثنائية الباب و هي كالتالي:
-الباب الأول: سندرس الجريمة الإرهابية الواقعة في القانون الداخلي أي قانون العقوبات الجزائري و مفاهيمها المتعددة ، و عناصرها و اختلافها مع الظواهر المشابهة لها إضافة إلى الإجراءات القانونية المتبعة لمواجهتها.
-الباب الثاني : سندرس الظاهرة الإجرامية أو الإرهابية بشكل واضح في القانون الدولي و موقف القانون الدولي العام منها و كيفية الحد منها و المعاقبة عليها.
الخاتمة : مدى فعالية القوانين التي اقترحت للحد من الظاهرة الإرهابية .
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الجريمة الإرهابية على ضوء قانون العقوبات الجزائية
مما هو جدير بالذكر أن موضوع الإرهاب يستمد خطورته ليس من كونه ظاهرة سياسية فقط بل كونها ظاهرة إجتماعية أيضا ، بقدر ما جريمة سياسية لها مبرراتها و تختلف النظرة اليها و التعريف بمفهوم الإرهاب يساعدنا على فهمه ، وإزالة الغموض ، و اللبس الذي يكتنفه الأمر الذي يمكننا من الوصول إلى نتائج صحيحة تعتبر واقع علمي يعبر عن المفهوم.
الفصل الأول : الرؤية القانونية للجريمة :
إن الجريمة الإرهابية هي جريمة سياسية أكثر منها قانونية ، و سنحاول قدر الإمكان أن نعرفها و نتطرق لها من الناحية القانونية حتى لا نكون بصدد دراسة موضوع سياسي ، فقد خصص لها المشرع الجزائري القسم الرابع مكرر من قانون العقوبات الجزائري تحت عنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ضمن المادة 87 مكرر03 حيث حددت الأعمال الإرهابية كل فعل يستهدف أمن الدولة و الوحدة الوطنية و السلامة الترابية و استقرار المؤسسات و سيرها العادي و ذلك عن طريق بث الرعب في أوساط السكان ، و الإعتداء المعنوي أو الجسدي على الأشخاص و تعريض حياتهم للخطر ، و عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق و التجمهر و الإعتداء على رموز الأمة و الجمهورية و نبش القبور ، إضافة إلى الإعتداء على وسائل المواصلات و النقل و الإستحواد عليها دون مصوغ قانوني و الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض... من شأنها تعريض سلامة الإنسان أو الحيوان للخطر . و عرقلة عمل السلطات العمومية و سير المؤسسات أو الإعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتهم أو عرقلة تطبيق القوانين و التنظيمات.
المبحث الأول :تعريف الجريمة الإرهابية و تحديد عناصرها:
مما لا شك فيه أن هناك مشاكل عديدة تنشأ بصدد تعريف مفهوم الإرهاب ، و تحديد أبعاده المتعددة ، حيث تختلف نظرة كل مجتمع من المجتمعات لعملية الإرهاب و الإرهابيين و بناءا عليه يكون هناك حكم نسبي في النظر لتلك الأعمال العنيفة و القائمين عليها.
المطلب الأول :التعريف اللفظي و النظري للجريمة الإرهابية:
01-التعريف اللفظي: يثير لفظ الإرهاب منذ الوهلة الأولى معاني الخوف أو التخويف و لفظ "إرهاب " مصدره "رهب" و الذي جاءت مشتقاته في أكثر من موضع في القرآن الكريم بإعتباره مصدر البلاغة و ينبوع البيان كقوله تعالى...أنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا صورة الأنبياء الآية۰ ۹
يتضح المعنى اللغوي لكلمة إرهاب من الفعل "رهب" أي خاف و"رهبة " أيضا بالفتح و "رهبا" بالضم و رجل "رهبوت" بفتح الهاء أي "مرهوب"و يقال "رهبوت" خير من "رحمون" أي لأن ترهب خير من أن ترحم و "أرهبه" و "إسترهبه" أخافه و "الراهب"المتعبد و مصدره الرهبة و الرهبانية بفتح الراء فيهما و "الترهب" أي التعبد04
أول من استعمل إرهاب TERRORISME هو المفكر الفرنسي BERCHORIUS ، خلال القرن الرابع عشر
04-محمد بن أبي بكر الرازي-مختار الصحاح –مكتبة لبنان-1988 ص 109
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
ميلادي أثناء ترجمته لكتاب "التاريخ الروماني" بخلاف PRADEL الذي يرى أن لفظ إرهاب إستعمل أول مرة في الملتقى الدولي لتوحيد القانون الجنائي ببروكسل 1930 ميلادي و يقصد بالإرهاب كعنف إختلف الفقه في تحديد فترة إنطلاق ظاهرة الإرهاب و ذلك لعدة أسباب أهما أن العنف قديم قدم الإنسان و لكن يرجع الفقه أول إستعمال للعنف من أجل التخويف و بث الرعب في فترة إستلاء "اليعقوبيين" على السلطة في فرنسا 05 .
02-التعريف النظري: بما أن الظاهرة الإجرامية تعتبر من بين الظواهر الإجتماعية ، و هي ظواهر مركبة و متعددة الأبعاد يختلط فيها العنصر النفسي ، كالعناصر الإجتماعية و المادية و الثقافية و التاريخية و هذه الظواهر تتميز خاصة في جوانبها البسيكولوجية بالغموض ، و إذا ما انتقلنا من التجريد و العمومية إلى التخصيص و التجديد ، أي إذا ما انتقلنا إلى مفهوم الإرهاب لوجدنا أنفسنا إزاء ملاحظات عدة أهمها:
-الملاحظة الأولى :ليس هناك اتفاق واضح و محدد فيما بين المتخصصين حول مفهوم الإرهاب شأنه في ذلك شأن سائر المفاهيم و العلوم الإجتماعية فما قد يعتبره البعض إرهاب و ينظر إليه البعض الآخر على أنه عمل مشروع06
-الملاحظة الثانية: قد أخل مفهوم الإرهاب مع عدد من المفاهيم الأخرى القريبة منه معنى ، و من ثم يختلط في أذهان البعض مفهوم الإرهاب مع مفاهيم أخرى ، كمفاهيم العنف السياسي ، أو الجريمة السياسية أو الجريمة المنظمة .
-الملاحظة الثالثة: أن مفهوم الإرهاب قد يثير من أول وهلة حكما فيما ينطوي على الرفض و إنكار الأعمال الإرهابية ، و لكن الأمر قد يتعلق بالبحث الأكاديمي لإحدى الظواهر المؤثرة و الفعالة في مجريات الأمور ، لا نعير إهتماما للأحكام القيمة التي تقع في نطاق إهتمام فروع أخرى من المعرفة الإنسانية .
-الملاحظة الربعة: إن مفهوم الإرهاب هو مفهوم ديناميكي متطور ، و تختلف صوره و أشكاله ، و أنماطه و دوافعه إختلافا زمنيا و مكانيا ، فزمانيا يتباين الإرهاب من فترة إلى أخرى في المكان الواحد ، و يتباين في الزمن الواحد من مكان لآخر ، أو حضارة دون الأخرى
المطلب الثاني: التعريف القاموسي و الموسوعي للجريمة الإرهابية:
في الموسوعة السياسية نجد أن الإرهاب يعني "إستخدام العنف "-غير قانوني –أو التهديد به بأشكاله المختلفة كالإغتيال ، و التشويه ، و التعذيب و التخريب و النسف بغية تحقيق هدف سياسي معين مثل (كسر روح المقاومة ، و الإلتزام عند الأفراد و هدم المعنويات عند الهيئات و المؤسسات ،أو كوسيلة من الوسائل للحصول على المعلومات أو المال و بشكل عام إستخدام الإكراه لإخضاع الطرف المناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية )07 .
في موسوعات "لاروس" نجد كلمة إرهاب تشير إلى مجموعات أعمال العنف التي ترتكبها المجموعات الثورية .
J.PRADEL-LES INFRACTIONS DU TERRORISME-D 1987 –P39.S /05
ERIC MOURRISETAL.TERRORISME.THREAT-AND-RESPONSE-HOUNDMILLS-1987-P27 /06
07د.صلاح قنصوة-فلسفة الأفعال الإرهابية البــاب الأول
اهتماما بمسألة أمن ضحاياهم و هو يوجه ضرباته-التي لا تأخذ نمط معين- إلى أهدافه المقصودة بهدف خلق جو من الفزع و الرعب، و شل فعالية و مقاومة الضحايا 08
- في قاموس " أو كسفورد" نجد أن كلمة " إرهاب" تعني سياسة ، و أسلوب و إفزاع المناوئين و المعارضين لحكومة ما .
-في المعجم العربي الحديث نجن كلمة " إرهاب " تعني الأخذ بالتعسف و بالتهديد ، و الحكم الإرهابي هم الحكم القائم من أعمال العنف 09
-أما في المعجم العربي الحديث تعبر عن التهديد أما في معجم الوسيط نجد أن "الإرهابيين " وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف ، و الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية .
-في معجم الرائد ، فقد جاء به الإرهاب هو " رعب تحدثه أعمال العنف مثل : القتل و إلقاء المتفجرات أو التخريب ، و ذلك بغرض إقامة سلطة أو تفويض سلطة أخرى10
- أما تعريف " إرهابي " كشخص نجد في الموسوعة العالمية أن " الإرهابي " هـو ذلـك الشخص الذي
يمارس العنف و هو لا يعمل بمفرده ، و لكنه ينخرط في إطار جماعة أو نظام معين و ذلك وفقا لإستراتيجية محددة.
-في قاموس السياسة الحديث نجد أن كلمة " إرهابي " تستخدم لوصف الجماعات السياسية التي تستخدم العنف كأسلوب للضغط على الحكومات لتأييد الاتجاهات المنادية ، و المطالبة بتغييرات الإجتماعية.
-و كلمة " إرهابي " تشير بوجه عام إلى شخص يحاول أن يدعم آرائه بالإكراه و التهديد أو الترويع.
المطلب الثالث: التعريف بالإرهاب عبر مساهمات المتخصصين في مجال أبحاث الظاهرة:
لا يوجد إجماع فيما بين الباحثين على تعريف واضح للإرهاب فالبعض يعرض تماما عن محاولة التعرض للتعريف بالإرهاب، استنادا إلى غموض التعبير و عدم وضوحه أما البعض الآخر يعرفه عن طريق مزج مجموعة من المفاهيم فقال أحد الباحثين " إني لن أحاول تعريف الإرهاب لأني أعتقد أن مناقشة التعريف لن تحقق تقدما في دراسة المشكلة و التعامل معها "11
تعود أول المحاولات العلمية للتعريف بالإرهاب إلى علم 1930 حين عرف " هاردمان " في مقال له بموسوعة العلوم الإجتماعية الإرهاب بأنه " المنهج أو النظرية الكاملة وراء المنهج الذي بمقتضاه تسعى مجموعة منظمة أو حزب ما للوصول إلى أهدافه المعلنة للعنف بصورة أساسية12
juluis gould .ed. A. DICTIONARY OF THE SOUAL SCIENCE/08
LONDON TAVISTOEH PUBLICATIONS LIMITED 1964-P719
09 /WILIYAM LITTLE ETAL THE SHORTRE OXFORD ENGLISH DICTIONARY LONDON 1967-P2155
10/ د.محمد محمود الساعي – الدلالات اللغوية و السيااسية لمفهوم الإرهاب- مجلة الأمن العام العدد 135
11/د. أحمد جلال عز الدين – الإرهاب و العنف السياسي – دار الفكر العربي- القاهرة 1986 ص 25
12/د. مطيع مختار – محاولة تحديد مفهوم الإرهاب و ممارسته من خلال النوذج الأمريكي –مجلة الوحدة ص 63
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
من الباحثين الذين حاولوا تعريف الظاهرة " أريك موريس " الإرهاب بأنه"إستخدام أو التهديد باستخدام عنف غير عادي أو غير مألوف لتحقيق غايات سياسية و أفعال الإرهاب عادة ما تكون رمزية لتحقيق تأثير نفسي أكثر منه مادي"
يضيف " ليوناردو" بأن الإرهاب " هو كل جريمة ذات دافع سياسي و تهدف إلى التأثير على سلوك المستهدفين بالعملية الإرهابية "13
إذ يعرفه الدكتور أحمد جلال عز الدين أنه عنف منظم و متصل بقصد خلق حالة من التهديد العام الموجه إلى الدولة أو جماعة سياسية و الذي ترتكبه جماعة منظمة بقصد تحقيق أهداف سياسية.
يعرفه الدكتور أحمد رفعت بأنه:"عمل من أعمال العنف موجه إلى الضحية بقصد إثارة حالة من الرعب و الفزع لمجموعة من الأفراد بعيدين عن مسرح العمل الإرهابي "14
-العوامل المؤثرة في إنشاء الجريمة الإرهابية : هناك عوامل يمكن أن تلعب دورا أساسيا في تكوين و بلورة الجريمة الإرهابية ، و الحث على وجودها و بقائها لذلك ندرس العناصر التالية :
أ/العنف :هو إستخدام الضغط أو القسوة ، استخداما غير مشروع ، أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة الفرد و يتميز بأنه غير نظامي فوضوي، كإنتشار العلاقات في القطاعات الغير المنتظمة في المجتمع.
ب/الإكراه: لقد ذهب " دوركايم " إلى أن المجتمع يمارس غكراها أو بالأحرى تنوع كبير من الإكراهات على الأفراد الذين يتكون منهم ، و بناءا عليه يمكن الحديث على الإكراه المستبطن فالفرد لا يمتثل للقاعدة خوفا من الشرطة فقط و إنما إحتراما للقانون فاستبطان الإكراه هو نفسه نتاج العلمية المجتمعية.
ج/الدين و التدين : يعد الدين في رأ ي العلماء مهما اتفقت أو اختلفت تعاريفهم أنه ظاهرة أنسانية و نظام اجتماعي خاص بالإنسان دون الحيوان ، فالدين في صلته بالمجتمع و الكيان الإجتماعي إذ ينظم علاقات الأفراد بعضهم ببعض من جهة و ينظم علاقة الأفراد و المجتمع بذوات العالم الروحي من جهة أخرى و بناءا عليه تساهم القيم الدينية في تماسك المجتمع خصوصا في الأزمات الاجتماعية و الحروب و الإحساس بالخطر على مستوى العام للمجتمع.
د/التطرف الفكري و الديني : يمتثل التطرف الفكري و الديني التعصب لرأي معين دون غيره من الآراء الأخرى ، و يبعد هذا الرأي و الإصرار عليه أو الأفكار أو المعتقدات الدينية حتى و لو كانت خاطئة أو نتيجة عدم فهم أو وعي حقيقي بالمضمون الروحي أو الاجتماعي لتلك المعتقدات الدينية كما حدث لتنظيم جماعة (التكفير و الهجرة ) و ( الجهاد )و(الناجون من النار ) و ( الفتح )15 ثم بعد ذلك بتوجيهات دولية و محلي خرج الفكر المتطرف الى حيز الفعل أو السلوك لإستخدام العنف ضد المجتمع ممثلا في رموز السلطة و الفكر ثم المواطنين في المرحلة التالية ، كما حدث مؤخرا من أجل زعزعة الأمن و الإستقرار و بث بذور الرعب الجماعي لدى المواطنين الآمنين
13/IDEM
14/السيد عبد المطلب غانم- ندوة العنف و السياسة في الوطن العربي- مجلةو السياسة الدوليةالعدد1987-ص249
15/د.يسري دعبس- الإرهاب بين التجريم و المرض- جامعة الإسكندرية-الطبعة 1996-ص13
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
و في الأخير إستنبطنا تعريفا شخصيا فمن وجهة نظرنا الإرهاب هو كل استخدام أو تحديد لاستخدام عنف غير مشروع لخلق حالة من الخوف أو الرعب بهدف التأثير أو السيطرة على فرد أو جماعة من الأفراد أو حتى المجتمع بأسره ، و عليه فالعمل الإرهابي يتكون من عناصر رئيسية لابد منها و هي كالآتي:
01-استخدام أو تهديد باستخدام عنف على وجه غير مشروع و مألوف
02-يقوم به فرد أو مجموعة من الأفراد
03-يوجه ضد فرد أو جماعة من الأفراد أو ضد المجتمع بأسره
04-يهدف إلى خلق حالة من الرعب و الفزع
05-بث رسالة ما و خلق تأثير نفسي معين يسمح بالتأثير على المستهدفين بالعمل الإرهابي.
المطلب الرابع: عناصر العمل الإرهابي
يرى "والتر"أن الإرهاب عملية رعب تتكون من ثلاثة عناصر : فعل العنف ، أو التهديد باستخدامه، ورد الفعل الناجم عن أقصى درجات الخوف الذي أصاب الضحايا المحتملة و أخيرا التأثيرات التي تصيب المجتمع بسبب العنف أو التهديد باستخدامه و نتائج الخوف ويمكن أن نستخلص بعد كل ما تقدم أهم عناصر العمل الإرهابي.
01/العنصر المفترض: يتمثل في وجود مشروع إجرامي بمعنى وجود عزم على ارتكاب جريمة أو جرائم معينة و يلاحظ أن هذا العزم في حد ذاته باعتباره من مراحل الجريمة لا تتجاوز تفكير الفاعل أي لا يزال أمرا غير مؤثم ، كما يجوز أن تكون من الجرائم التي تقع على المصلحة العامة ، أو الجرائم التي تقع على الأفراد فالقصد لهذه الجريمة الإرهابية أن تكون موضوع المشروع الإجرامي ، أو المصمم عليها من الفاعل من الجرائم الضارة بأمن الحكومة من جهة الداخل كما قد تكون الجريمة المصمم على إرتكابها مشروعا إجراميا من الأشخاص أيا كان عددهم قل أم كثر 16
02/العنصر المادي : هو كل استخدام أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجئ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي من هذه العبارة يتبين لنا أنه يشترط في العمل المادي الذي يجوز وصفه بأنه عمل إرهابي الشروط الآتية:
أ/أن يكون سلوكا ايجابيا: فالسلوك الإيجابي وحده دون السلبي هو الذي يمكن أن ينطوي على قدر من القوة أو العنف أو التهديد و القصد أن أعمال القوة هي إصابات مادية التي تقع على الجسم سواء تركت عليه أثر أم لا و إن العنف إنما يعني كل تأثير يقع على السلامة المجني عليه دون إصابة جسمه مثال إحداث إنفعال نفسي به يأثر على صحته أو يعطل وظائف جسمه.
ب/أن يصبح بذاته سببا منتجا آثار محددة: هو أن يكون الفعل في حد ذاته صالحا في الظروف الطبيعية العادية لإحداث نتيجة من نتائج العمل الإرهابي و لا يشترط أن تتحقق هذه النتيجة بالفعل ، إذ يكفي أن يتضمن الفعل أسباب حصول نتيجته و لو لم تحدث هذه النتيجة بالفعل لسبب خارجي مثلا كإلقاء الرعب بين الأشخاص
16/د.محمد محمود سعيد- جرائم الإرهاب- جامعة حلب سابقا- الطبعة 1995-ص18
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
و تعريض حياتهم للخطر ، أو حرياتهم و أمنهم و إلحاق الضرر بالبيئة كما لو أطلق الجاني ميكروبات في الفضاء قرب حدود الدولة فحملتها الرياح بعيدا عن إقليمها.
كذلك إلحاق الضرر بالمواصلات ، و إلحاق الضرر بالمباني و الأموال و الأملاك ، و احتلال الأماكن و الإستلاء عليها كذلك منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم، كذلك تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين و اللوائح.
ج/ أن يكون العمل فعلا تنفيذيا للجريمة مصمما عليها: معناها إنعقاد العزم لدى الفاعل على إرتكاب جريمة ما يعتبر بمثابة الركن المفترض المتطلب وجوده لإمكان وصف عمل بأنه عمل إرهابي ، و تنفيذ مشروع إجرامي يتطلب أن يكون من قبيل ما يعتبر بدءا في تنفيذ الجريمة التي كانت محل تصميم على إرتكابها في ذهن الفاعل و يشترط أن يكون مشروعا في الجريمة وفقا لتعريف الشروع في نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري و هو ما يعني إذا كان العمل من قبيل الأعمال التحضيرية و لم يخرج به الفاعل لدائرة التنفيذ.
03-الباعث على مفارقة العمل: إذ تطلب نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري أن العمل الذي يقام به يكون من أعمال بدء التنفيذ ، و أن العمل الذي يوصف بأنه إرهابي وفقا لميار الشروع أن يكون هناك باعث في مفارقة العمل لدى الفاعل LE MOBILE أو الغاية المبتغى تحقيقها عن طريق إرتكابه و هي واحدة من ثلاث إذا توفرت إحدى هذه العناصر كان العمل إرهابيا خاصة ، و إذا كان من صميم رغبة الجاني و إنسياق نيته نحو الفعل الإجرامي و نفصل هذه العناصر في الخطوات الآتية :
أ/الإخلال بالنظام العام : الأمر المؤكد أن فكرة " النظام العام " يكتنفها الغموض و الإبهام ، و أنها استعصت حتى الآن على فقهاء القانون أن يضعوا لها تعريفا جامعا و مانعا و عموما يمكن القول أنه يقصد بالنظام العام
ORDRE PUBLIC “ " كل ما يسمى كيان الدولة أو يتعلق بالمصلحة الأساسية لها سواء كانت مصالح سياسية أو مصالح اجتماعية أو مصالح اقتصادية أو مصالح أخلاقية 17
الإخلال بالنظام العام هو النيل من كيان الدولة أو المساس بمصالحها الأساسية و هو أمر قد يكون متمثلا في نتيجة مادية ملموسة تضر مصلحة هذه المصالح، كما قد يتمثل في أمر معنوي مثل إشاعة الإعتقاد بين مجموعات من الأفراد بعدم شرعية مصلحة من المصالح بما ينشأ خطورة تهددها مثل "بث الاعتقاد لدى فئات الشعب بعدم شرعية العمل في خدمة القوات المسلحة ، أو في دواوين الحكومة أو في مصانعها التي يؤدي إنتاجها إلى زيادة الإنتاج القومي ، و مثل هذه الإشاعات تهدد مصالح الدولة السياسية و الاقتصادية و إحجام البعض عن العمل أو أداء الخدمة العسكرية.
ب/تعريض سلامة المجتمع للخطر : سلامة المجتمع تتمثل في الصحة العامة SALUBRITE PUBLIQUE و السكينة العامة و يميل الإتجاه في القضاء الإداري إلى عدم قصر معنى سلامة المجتمع على الأشياء ذات المظهر
17/د.عبد الناصر حريز-الإرهاب السياسي- القاهرة-دار الفكر العربي الطبعة 96
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المادي المحسوس مثل إلقاء القاذورات و بث مكبرات الصوت بل أنه يمتد ليشمل أفعال من قبيل عرض المطبوعات التي تصف الجرائم ، و الفضائح في الطريق العام.
ج/تعريض أمن المجتمع للخطر : نقصد بالأمن هو الأمن العام و يتعرض المجتمع للخطر بوجود المظاهرات و التجمعات الخطيرة في الطرق العامة أما من الناحية القانونية فأن كل من سلامة المجتمع و أمن المجتمع يعتبر عنصر من عناصر " النظام العام " و حمايتها جميعا هو واجب البوليس الإداري.
نستخلص أن قول العمل الإرهابي يعد كل فعل يبدأ بتنفيذ الجريمة ، يقترفه الفاعل بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريضه للخطر متى كان من شأن هذا الفعل إثارة الرعب بين الأفراد أو المساس بحقوقهم العامة أو تعريضها للخطر ، أو كان من شأنه الإضرار بالبيئة أو بالأموال أو الإعتداء على الأملاك العامة 18 أو الإنتفاع بها ، أو إعاقة أداء السلطات العامة ، أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم ، أو تعطيل تطبيق القانون.
فمن خلال عناصر العمل الإرهابي و الجمع بين هذه الأمور جميعا يسهل تحديد الفاصل الذي يميز العمل الإرهابي عن غيره من الأعمال الأخرى.
المبحث الثاني :التمييز بين الإرهاب و الظواهر المقاربة له:
قد يختلط الإرهاب في أذهان البعض ببعض الظواهر المقاربة له ، فكل منهما يهدف إلى تحقيق غايات و كل منهما بمثابة إستخدام أو تهديد باستخدام وسائل عنيفة ، و بصورة منظمة و على وجه غير مشروع لتحقيق تلك الأهداف ، و الغايات فإذا كان الأمر كذلك فكيف نميز بين الإرهاب و الظواهر المشابهة له؟
المطلب الأول: الإرهاب و العنف السياسي:
يعرف "تيد هندرش " العنف السياسي بأنه اللجوء إلى القوة لجوءا كبيرا أو مدمرا ضد الأفراد أو الأشياء ، و لجوءا إلى القوة التي يحضرها القانون مواجها لإحذاث التغيير في السياسة و في نظام الحكم أو في أشخاصه ، و كذلك فإنه موجه لإحذاث تغييرات في وجود الأفراد في المجتمع ، و ربما في مجتمعات أخرى19 و منه نميز العنف السياسي و الإرهاب على النحو التالي :
الإرهاب هو صورة من صور العنف السياسي و لكنه يختلف من صورة لأخرى ، إذ لأن أهداف الإرهابي عادة ما تكون الدعاية لقضية ما 20 ، يرغب الإرهابيون في إثارتها ، و جذب إنتباه العالم نحو أبعادها و جوانبها ، و كذلك على النحو مغاير للأهداف التي تسعى إلى تحقيقها مرتكبوا أعمال العنف السياسي الأخرى.الإرهاب هو الصورة الوحيدة من صور العنف السياسي التي يحرص الفاعلون من خلال قيامهم بالعمل على تجاوز نطاق وحدود الهدف المباشر للعمل العنيف ليصل تأثيره إلى أفراد أو طوائف أخرى مستهدفة بالعمل الإرهابي ، و ذلك عبر رسالة أو أيجاد ما ينطوي عليه الفعل الإرهابي في حين أن صورة العنف السياسي الأخرى عادة ما تكون أهدافها مباشرة دون التركيز على المؤثرات النفسية و دون أن تأخد الطابع الرمزي الذي يتميز به الفعل الإرهابي.
18/إختصت الأملاك العامة بالنص عليها في خروجها عن معنى " المال" نتيجة خروجها من دائرة التعامل و إكتفى بذكر القانون لإشتمال معناه العام على الدستور"أبي القوانين" واللوائح إلى جانب القانون
19/د.يسري دعبس- الإرهاب بين المرض و التجريم – جامعة الإسكندرية الطبعة الأولى1996 الصفحة 13
20/LEONARD B.WEINBERG AND DAVID .OP CIT P 10
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الفعل الإرهابي عادة ما يركز على التأثير على عقل و قلب الجماهير أي التركيز على ما يفكر فيه الناس ، و ما يشعرون به. و هذا يؤثر بدوره على سلوكهم ، و هذا الأمر ليس قائما بصورة مطلقة فيما يتعلق بصورة العنف السياسي الأخرى.
القائم بالعمل الإرهابي عادة ما ينظر إليه على أنه مرتكب لجرم عادي دون أن يراعي في ذلك الهدف السياسي الذي يسعى الإرهابي إلى تحقيقه. و ذلك على النقيض من موقف مرتكبي الجرائم ، و صور العنف السياسي (يسعى الإرهابي إلى تحقيقه).حيث عادة ما يأخذ الباعث السياسي في الإعتبار عند محاكمته والتوقيع العقاب عليه.
العمل الإرهابي يعتمد و بصورة أساسية و جوهرية على استخدام و سائل الإتصال الجماهرية في تحقيق الأهداف و توصيل رسالته ، و نشر قضيته ، و هذا الإعتماد على وسائل الإعلام ، و الإتصال الجماهرية ليس محوريا في معظم صور العنف الأخرى.
في كثير من الأحيان يأخد العمل الإرهابي بعدا دوليا بصورة أو بأخرى. بينما صور العنف السياسي الأخرى قليلا ما تأخد ذلك الطابع ، و عادة ما تأخد طابعا داخليا أو طابعا إقليميا.
يعتبر المشرع الجزائري أن الجريمة الإرهابية هي جريمة سياسية تتصنف ضمن القائمة التي تصف الجرائم السياسية.
المطلب الثاني : الإرهاب و حرب العصاباتGUERILLA
قد يكون في الأذهان تداخل أو خلط بين الإرهاب و حرب العصابات نظرا للتشابه القائم بينهما في بعض الأساليب التي تتبعها الجماعات الإرهابية مع بعض الأساليب التي تعتمدها وحدات حرب العصابات فضلا على أن كليهما ينطوي على عنف منظم ، بالإضافة إلى أن لكل منهما أهدافا سياسية ، و لكي نميز الإرهاب عن حرب العصابات سنتناول أولا تعريف حرب العصابات و طبيعتها و خصائصها ، ومميزاتها لنقف بعد ذلك أمام أهم الإختلافات بينه و بين الإرهاب.
تعريف حرب العصابات: ليس إصطلاح GUERRILLA تعريفا محددا فقد إستعمله البعض للإشارة إلى المقاومة الشعبية المسلحة ، و يستخدمه البعض للإشارة إلى حرب العصابات و يذهب فريق آخر إلى استخدام المصطلح للتعبير عن المدلولين معا ، بينما يتجنب فريق آخر استخدام هذا المصطلح و يستخدمون مصطلح حرب التحريرPARTISAN و لغويا كلمة GUERRILLA و هي كلمة إسبانية تعني الحرب الصغيرة.
يمكن أن نلخص تعريفا على أنها طريقة أو أسلوب للقتال المحدود ، و يقوم به فئة من المقاتلين و ذلك في ظروف مختلفة عن الظروف المعتادة للحروب.
إن أهم المبادئ التي جاء بها القائد الصيني " ماوتسي تونج "، والذي بمقتضاها تتحدد الأطر النظرية العامة لحرب العصابات ، و من أهم مبادئها:
01-مبدأ:"أن نحاول بقدر الإمكان المحافظة على قوانا الذاتية و إبادة قوة العدو"
02-مبدأ:" إجمعوا قوة كبيرة لتضربوا فصيلة صغيرة للعدو"
03-مبدأ:"تجزءة الكل إلى أجزاء و جمع الأجزاء إلى كل واحد"
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
04-مبدأ:"الأرض المحروقة "
05-مبدأ:"إضرب وإهرب "
تلعب حرب العصابات دورا مكملا للحرب النظامية ضد المعتدي ، أو تلعب دورا كفاحيا مستقلا ضد القوات المعادية للإشارة فالجزائر كانت لها تجربة في ذلك بحيث نجحت في إنتزاع الحرية و الإستقلال من السيطرة الفرنسية عبر هذا النمط من المقاومة.
التمييز بين الإرهاب و حرب العصابات:
يتجلى ذلك الفرق في العناصر التالية:
أولا: أسلوب المستخدم: تمارس وحدات العصابات أنشطتها بقوات عسكرية تقليدية من خلال الهجمات الفجائية ، وفقا لمبدأ اضرب و أهرب حيث يتم التركيز على المباني الحكومية ، و وحدات الجيش و مراكز الشرطة الضعيفة من الناحية التسليحية ، و الإختفاء السريع بينما يمارس الإرهابيون أنشطتهم بأسلوب مختلف حيث عادة لا يفرقون بين المقاتلين و غير المقاتلين و لا يميزون بين الأهداف العسكرية و المدنية.
ثانيا:نطاق أنشطة و عمليات كل منهما: فيما يتعلق بأنشطة و عمليات حرب العصابات فهي تتركز بصورة أساسية في الأماكن الجبلية و الغابات و السفوح و مفارق الطرق و القرى و المستنقعات و بينما تتركز أنشطة الإرهابين في الأماكن و المناطق الحضرية كالحافلات المكتضة و المقاهي و المطاعم و الأندية الإجتماعية و الرياضية و الأسواق ودور السينما و المسرح ، إذ تغدو هذه الأماكن هدفا ملائما للأنشطة الإرهابية.
ثالثا: طبيعة الأشخاص المستهدفين بعمليات الفرقتين: عادة ما يكون أفراد القوات المسلحة الحكومية هم المستهدفون أساسا بعمليات رجال العصابات و قد يتجه نشاطهم أيضا إلى غيرهم من الأفراد الذين يلعبون دورا غير مباشر في القتال.
مثال: متعهدي التوريدات ، أو المدنيين الذين يؤدون خدمات ما إلى أفراد الجيش ، أما الأفراد المستهدفين في الأعمال الإرهابية فهم عادة ما يكونون من نوعية خاصة و معظمهم من غير العسكريين كوزير ما ، أو زعيم أو حتى المواطن العادي ، أو ركاب الطائرات ، حتى الأطفال في المدارس و الشيوخ و النساء و غيرهم
رابعا:أهداف كل من الإرهاب و مجموعات العصابات : و تتمثل في نوعية الهدف الستراتيجي و يتمثل هذا الأخير في السعي نحو التقليص التدريجي للمساحات المحتلة و العمل في طريق التحرر، و التخلص النهائي من الوجود العسكري الأجنبي ، و الأهداف التكتيكية التي تنحصر أساسا في إلحاق قدر كبير من الخسائر المادية و البشرية في صفوف العدو ، في حين تستهدف العمليات الإرهابية الدعاية ، و إثارة المشاعر اتجاه القضايا ، التي يعمل من أجلها الإرهابيون و عادة ما تنطوي الأنشطة الإرهابي على توجيه رسالة معينة ذات مضمون محدد مستهدفين بذلك التأثير على السلوك السياسي للدولة التي ينتمي إليها الضحايا21
21/د. جلال عبد الله –معرض مجلة المستقبل العربي سنة 1996
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المطلب الثالث: الإرهاب و الإجرام السياسي
قد نتساءل إذا كان الإرهاب ذا مدلول أو مغزى سياسي فما الذي يميزه إذن عن الإجرام السياسي؟ باعتبار كل منهما يعبر عن عنف منظم من جهة وله طابع ومغزى سياسي من جهة أخرى، و لنجيب على هذا التساؤل كان لابد من تعريف الإجرام السياسي ، فما هو إذن؟
الإجرام السياسي مسألة غير متيسرة إن لم تكن مستحيلة و لعل الصعوبة تكمن في وصف السياسي الذي يميز الجريمة السياسية عن الجريمة العادية .
فقد عرفت الجريمة السياسية في القاموس السياسي بأنها تلك الجرائم التي يكون الباعث على إرتكابها سياسيا و التي ترتكب لغرض سياسي أو لدافع سياسي و يعتبر البعض كل جريمة ترتكب ضد الدولة هي جريمة سياسية و في الأخير نستخلص أهم الإختلافات الموجودة بين الجريمة الإرهابية و الجريمة السياسية.
الفوارق الموجودة بين الإجرام السياسي و الإرهاب: يرتكز التمييز في الهدف من وراء القيام بأعمال الإرهاب، ارتكاب الجريمة ذات الطابع السياسي، فأعمال الإرهاب و الجرائم الإرهابية عادة ما تتجاوز نطاق الفعل العنيف و تنطوي على رسالة ما يتم توجيهها من خلال العمل الإرهابي بقصد التأثير على قرار و موقف معين للسلطة السياسية بين الأمر يختلف في الجريمة السياسية، و عليه فإنه و إن كان حائزا على القول فإن كل إرهاب ينطوي على فعل أو عمل من أعمال العنف له طابع سياسي فإنه لا يمكن القول أن كل جريمة سياسية تنطوي على الإرهاب.
تتضح التفرقة جلية في مقررات المؤتمرات و الإتفاقيات الدولية التي عالجت القضايا المتعلقة بالجرائم السياسية و أعمال الإرهاب فوفق الإتفاق الدولي الذي إنعقد في " جنيف" لمكافحة الإرهاب أن جرائم الإرهابيين لا تدخل في نطاق أو إطار الجرائم السياسية و لا تمد لها بأية صلة ، كذلك بالنسبة للعقوبة المقررة على الجرائم السياسية عادة ما تحكمها إعتبارات خاصة تميزها عن العقوبات التي توقع على الجرائم العادية.
المطلب الرابع : الإرهاب و النضال من أجل الحرية و الكفاح المسلح من أجل الإستقلال:
يمكن أن نعرف المقاومة الشعبية على أنها ذلك النضال المسلح الذي تقوم به عناصر شعبية في مواجهة سلطة تقوم بغزو أرض الوطن أو إحتلاله.
تتسم المقاومة الشعبية بعدد من السمات و الخصائص منها:
-النشاط الشعبي حيث يشترك المدنيون في تلك المقاومة.
-تستخدم المقاومة الشعبية السلاح في مواجهة العدو المشترك و عادة ما تنفد عملياتها وفقا لأسلوب حرب العصابات ، و من أهم الأسباب التي تدعو إلى المقاومة الشعبية:
-قيام حالة من الغزو المسلح لإقليم من الأقاليم و إنهيار المقاومة النضالية المسلحة.
-خروج المحتل على قواعد قانون الاحتلال الحربي.
-فشل الجهود السياسية العادلة التي تقوم بها الأطراف بما في ذلك جهود الأمم المتحدة في الحد من ذلك.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
نطرح تساؤلا و هو : ما الفرق بين الإرهاب و النضال من أجل الحرية و الكفاح من أجل الاستقلال؟
نجد أن هناك رغبة صارمة و متسعة النطاق لدى قطاع عريض من أبناء الشعب بمختلف طبقاته و اتجاهاته ، و فئاته في الإنضمام إلى صفوف المقاومة الشعبية لمواجهة المعتدي ، و في المقابل نجد المنخرطين في جماعات إرهابية هم عادة ناقمون على الأوضاع في المجتمع ، لا يمثلون بحال من الأحول قطاعا عريضا من الشعب بل هم فئة أو فئات خارجة متمردة على الواقع القائم.
كذلك فيما يتعلق بعنصر الدافع الوطني فعلى حين نجد أنه المحور أو المركز الذي تتبلور حوله و تعمل في سياقه و تدور في إطار حركات المقاومة في حين يتوافر في الجريمة الإرهابية التي يمارس فيها الإرهابيون نشاطهم ضد أنظمة الحكم الشرعية القائمة. كذلك فيما يتعلق بعنصر القوى التي تجري ضدها عمليات المقاومة الشعبية لوجدنا أن هذه العمليات تجري ضد عدو أجنبي فرض وجوده بالقوة العسكرية ، أما الأنشطة الإرهابية فإنها عادة توجه إلى أهداف محددة داخل المجتمع أو خارجه ليس كأهداف نهائية و لكن كسبيل للتأكد على مضمون ما تسعى الجماعات الإرهابية إلى تأكيده في أوساط حكومية ، أضف إلى ذلك طابع المشروعية الذي يميز الأعمال التحريرية و ذلك ما أكدته مبادئ القانون الدولي و دعمته الإتجاهات الفقهية و هذا ما تفتقد إليه الأنشطة الإرهابية سواء بالنظر إلى القوانين الوطنية أو بالنظر إلى المبادئ القانون الدولي حتى أن الإرهاب استثنى بصورة مطلقة أو خرج من عدد الجرائم السياسية التي تميزها القوانين عن غيرها من الجرائم22.
و مثال على ذلك فلسطين الشقيقة التي يعتبر العرب أن أعمالها تحررية تهدف للإستقلال و البحث عنه في حين تصفها الدول الغربية بالعمل الإرهابي.
فالكفاح من أجل الحرية و الإستقلال يقوم على أساس الشرعية أي شرعية هذه الأعمال و الإعتراف بها لتخرج عن نطاق العمل الإرهابي الغير مشروع.
المبحث الثالث: الإرهاب و الجريمة المنظمة
الجريمة المنظمة تتماثل مع الجريمة الإرهابية لأن كل منهما بمثابة تعبير عن عنف منظم تقوده جماعات ومنظمات ذات مقدرات و إمكانيات تنظيمية كبيرة تخطط لأعمالها بسرية تامة و تنفذ عملياتها في معظم الأحيان بدقة متناهية. كما تتماثل مع الإرهاب في بعض الأساليب التي تتبعها تلك المنظمات الإجرامية لتحقيق أهدافها حيث عادة ما تعتمد تلك المنظمات على إحداث حالة من الذعر و الخوف و الرهبة في أوساط المستهدفين لتسهيل تحقيق أهدافها، هذا فضلا عن إمكانية قيام تعاون بين المنظمات الإجرامية و المنظمات الإرهابية ، و قد يصل هذا التعاون إلى درجة كبيرة من التنسيق لتحقيق أهداف كل منهما 23
22/د.عبد الناصر حرير-المرجع السابق ص 120
23/د.أحمد جلال عز الدين ، المرجع السابق ص 74
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
لكن يثور التساؤل أنه: إذا كانت هناك قواسم مشتركة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة فما هي إذن الفواصل القائمة بين هاتين النمطين من العنف المنظم؟
نستطيع أن نلمس أوجه التباين و التمايز بين الجريمة الإرهابية و الجريمة المنظمة في العناصر الرئيسية التالية:
أولا: الأهداف المقصودة و الدوافع المحركة للنشاط: في حين يسعى الإرهابيون إلى تحقيق غايات و أهداف سياسية و الدعاية لقضيتهم ، و مبادئهم عن طريق الفعل العنيف 24.
تعمل العصابات الإجرامية على تحقيق غايات و أهداف مادية بحثة، و منافع و مكاسب ذاتية . كما أنه بينما يعمل الإرهابي مجردا من المصلحة الذاتية مدافعا عن مبادئ و مثُل و قضايا مقبولة في نظره و مقتنع بها ، فإن المجرم عادة ما يعمل لتحقيق منفعة و مصلحة ذاتية دون أن يكون مقتنعا بفكرة ما ، أو مبدئ معين و على ذلك فالإرهابي يعمل بدافع معنوي يتمثل في قناعته التامة بأنه يعمل من أجل مبدأ أو دعوى أو فكرة مشروعة من وجهة نظره بينما يسعى المجرم إلى إشباع رغباته التي تدفعه دائما إلى إرتكاب المزيد من الجرائم كالإستحواذ على المال، و الممتلكات و الكسب المادي و الميل إلى السطو و إرتكاب أعمال العنف و إراقة الدماء.
ثانيا: نطاق العمليات: أضف إلى ذلك الفرق بين الإرهاب و الإجرام المنظم يتمثل في مناطق تركز أنشطة كل منهما ، فحين تتركز الأنشطة الإرهابية عادة في الحضر ، فإن الأنشطة الإجرامية المنظمة تمتد لتشمل كل من الحضر و الريف على حد سواء ، و إن كانت المنظمات الإجرامية تكثر من أنشطتها في المناطق الحضرية أكثر منها المناطق الريفية25.
ثالثا: النتيجة المترتبة عن الفعل: بالنسبة للفعل الإجرامي فأنه عادة ما يترك تأثير نفسيا له نطاق محدود ، و عادة ما لا يتجاوز نطاق ضحايا عمليات المنظمات التي تمارس الإجرام المنظم بينما يترك الفعل الإرهابي تأثير نفسي ليس له نطاق محدد و عادة ما يتجاوز نطاق الضحايا العمليات الإرهابية ليؤثر في سلوك الضحايا المحتملين الآخرين بهدف تعديل سلوكهم ، أو لممارسة الضغوط عليهم للتخلي عن قرار أو موقف ما ، أو لإظهار الكيان السياسي القائم ، بمظهر العنف و العجز عن القيام بوظيفة الحماية للمجتمع و المواطنين مما يضاعف من مكانته و يقلل من هيبته داخليا و خارجيا
المطلب الأول : أنماط الجريمة الإرهابية
تتعدد أنماط الجريمة الإرهابية و يتباين مداها و نطاقها و الأطراف و الفاعلين و الطبيعة و الأهداف و مع هذا التعدد و التنوع تبرز صعوبة محاولة الإحاطة بكافة صور الإرهاب و أنماطه إلا أنه ثمة معايير رئيسية يمكن إبرازها و ذكرها ، و على أساسها يمكن التمييز بين الأنماط الرئيسية للإرهاب.
24/د.يسر أنور على ود –المرجع السابق ص 308
25/LEONARD B.WEINBERG.AND.PAUL.B.DAVID.OP.CIT.P7
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
01-المعيار التاريخي: نميز بين الإرهاب الماضي و الإرهاب المعاصر ، فالأول يقصد به ذلك الإرهاب الذي شاعت ممارسته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، حيث كان يقوم على حركات فوضوية أساسها هدم ركائز و دعائم الدولة ، أما الثاني فهو الإرهاب الذي نعيشه و نعايشه في الوقت الحالي و يشمل معظم الحركات الإرهابية الحديثة في القرن الحالي ، و هذا النمط يعود إلى حوالي عشرين أو ثلاثون سنة ، و يتميز بالطابع الجماعي أكثر منه الصفة الفردية.
02-معيار الفاعلين : نميز طبقا لهذا المعيار بين الإرهاب الفردي و إرهاب الدولة فالأول يقصد به الإرهاب الذي يرتكب بواسطة أشخاص معينين سواء عملوا بمفردهم أو في إطار مجموعات منظمة ، و يوجه هذا الإرهاب ضد نظام قائم أو ضد دولة معينة أو حتى ضد فكرة الدولة عموما26 ، البعض يطلق عليه الإرهاب من أسفل و البعض الآخر بالإرهاب الأبيض ، أما الثاني فيقصد به ذلك الإرهاب الذي تقوده الدولة من خلال مجموعة الأعمال و السياسات الحكومية التي تستهدف نشر الرعب بين المواطنين- في الداخل-وصولا إلى تأمين خضوعهم لرغبات الحكومة أو الخارج بهدف تحقيق الأهداف التي لا تستطيع الدولة و لا تتمكن من تحقيقها بالوسائل و الأساليب المشروعة فيطلق البعض على هذا النمط أنه إرهاب من أعلى في حين يفضل البعض الآخر تعبير الإرهاب الأحمر و يقوم على المستوى الداخلي و الخارجي.
03-معيار النطاق: على أساس معيار نطاق النشاط الإرهابي نميز بين الإرهاب المحلي و الإرهاب الدولي ، يقصد بالأول الإرهاب الذي تتم ممارسته داخل الدولة و ذلك بتوافر الشروط التالية:
- أن ينتمي المشاركون في الأعمال الإرهابية و ضحاياهم إلى جنسية نفس الدولة التي وقع فيها الفعل.
-أن تنحصر نتائج الفعل داخل حدود نفس الدولة.
-أن يتم الإعداد أو التخطيط للعمل الإرهابي في نطاق السيادة القانونية ، و الإقليمية لتلك الدولة .
-ألا يكون هناك دعم مادي أو معنوي لذلك النشاط الإرهابي من الخارج.
أما الإرهاب الدولي فهو ذلك الإرهاب الذي يأخذ بعدا أو طابعا دوليا و هذا البعد يتمثل في :
-إختلاف جنسيات المشاركين في الفعل الإرهابي.
-تباين جنسية الضحية عن جنسية مرتكب الفعل الإرهابي.
-ميدان حدوث الفعل الإرهابي يخضع لسيادة دولة ليست الدولة التي تنتمي إليها مرتكبوا الفعل.
-وقوع الفعل ضد وسائل النقل الدولية كالطائرات أو السفن أو مال يقع تحت الحماية الدولية.
-مكان التنفيذ كأن يتم التخطيط في دولة ما في حين يقع الفعل الإرهابي في إقليم دولة أخرى.
-وقوع الفعل الإرهابي بتحريض دولة ثالثة و يشن بواسطتها الهجوم، و تتلقى المجموعات الإرهابية مساعدة ودعم مادي أو معنوي خارجي.
26/د.خضر الدهراوي – انتشار الإرهاب الدولي- مجلة السياسية الدولية-جوسسة-1984 ص143
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
- فرا مرتكبي الفعل و لجوئهم إلى دولة أخرى بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
04- معيار الطبيعة: نميز بين الإرهاب الثوري و الإرهاب الرجعي و بين الإنفصالي و الإنتحاري ، فيقصد بالإرهاب الثوري ذلك الذي يسعى مرتكبوه إلى إحداث تغييرات أساسية و جذرية في توزيع السلطة و المكانة في المجتمع و يعملون على تغيير النظام الاجتماعي ، و السياسي القائم 27 و يقوم على النظام الرأسمالي.
أما الإرهاب الرجعي هو الذي يرمي إلى الحفاظ على الأوضاع السياسية ، و الإجتماعية القائمة في المجتمع مستهدفا بذلك تحقيق أحد هذه الغايات ، أو جميعها كالحفاظ على السيطرة و الهيمنة ، و إبقاء المجتمع متحررا من التأثير الشيوعي و الحفاظ على سيادة القيم الدينية.
أما الإرهاب الإنفصالي هو ذلك الإرهاب الذي يستهدف الاخلال بممارسة السيادة من جانب الدولة على إقليم معين بآخرين و تقود هذا الإرهاب عدة منظمات ذات طبيعة عرقية أو قومية تسعى إلى تحقيق الانفصال عن الدولة، و يمارس هذا الإرهاب على معظم دول العالم.
أما الإرهاب الإنتحاري هو ذلك الذي يضحي من خلاله الفاعل بنفسه و يتميز هذا النمط بالإعتماد الحيوي على المتفجرات و يكون ضد أهداف حيوية ، كمقر السفارات و المطارات و القواعد العسكرية.
و مؤخرا ظهر نوعان من الإرهاب هو الإرهاب الفكري و النفسي فالأول يستهدف محو الفكر القائم و غرس فكر جديد ، و هذا النمط من الإرهاب يطلق عليه اسم الإرهاب اللغوي إنطلاقا من أن تكون اللغة أداة من أدوات الرقابة ليس فقط من خلال نوعية القيم التي تنادي بها، و لكن أيضا في شكل الإتصالات المنقولة و نمط الإعلام و الآراء التي تبدعها و الدعية التي تفرضها 28 و يقدم هذا النوع من الإرهاب برامج دعائية ، ندوات التوعية ، المطبوعات و المنشورات ، و الوسائل المسموعة و المرئية.
أما الإرهاب النفسي يعني ممارسة الضغوط على شخص ما من خلال نشر ستارا واقعيا من الأكاذيب و الإتهامات بصورة مستمرة حتى تنهار معنوياته و يفقد توازنه و عادة ما يعتمد هذا النمط على حسابات مدروسة بدقة بالغة.
المطلب الثاني :أساليب الجريمة الإرهابية:
و تتعدد الأساليب و الوسائل التي تلجأ إليها المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها و غاياتها كما تتطور تلك الأساليب و تختلف باختلاف المكان و الزمان باختلاف الإمكانيات و القيادات ، و تتفاوت بتفاوت الأهداف و التنظيمات من حيث الحجم و التنظيم و التخطيط و الدقة التي قد تتوفر جميعا أو بعض منها ، على أنه يمكن القول بوجود نمط عام مشترك من الأساليب الإرهابية يتركز بصورة أساسية كالآتي:
27/د. محمد تاج الدين الحسيني ( مساهمة في فهم ظاهرة الإرهاب الدولي)مجلة الوحدة أبريل 1990
28/فليب برنو و آخرين – المجتمع و العنف- المؤسسة الجتمعية للدراسات و النشر- دمشق-الطبعة الثالثة-1985
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
1-إختطاف الطائرات.
2-إختطاف الأفراد و أخذ الرهائن.
3-زرع المتفجرات و إلقاء القنابل.
من خلال هذه العناصر الثلاثة يمكن أن نستخلص أن العنصر الثالث و هو إلقاء القنابل و زرع المتفجرات كان له دور فعال في انتشار الظاهرة الإجرامية في أوساط المجتمع الجزائري. وقد يلجأ إليها الإرهابيون بشكل واسع على المساحة الجزائرية لإعتبارات تتمثل في :
-سهولة استخدامها لأنها عادة ما لا تحتاج لمهارات خاصة.
-سهولة الحصول على المتفجرات عن طريق سرقتها من مصانع إنتاجها أو من المعسكرات أو صناعتها و إنتاجها بأيدي مدربين من الإرهابين الذين يتولون مهمة تركيب هذه المتفجرات.
كفاءة الإستخدام : نظرا أنها تحقق أكبر قدر من الخسائر في الوسط المستهدف و من ثم تتحقق للإرهابيين فرص أكبر لإنجاز الأهداف التي يعملون من أجلها.
ردود الفعل: إن الدوي الهائل و صوت الإنفجارات المرعب يحقق للإرهابيين فرصة عظيمة لإحداث التأثير النفسي و الشعور بالصدمة لدى قطاعات عريضة من المواطنين مما يجعلهم يعدلون عن مواقفهم أو يتراجعون عن قراراتهم لصالح المجموعات الإرهابية
المطلب الثالث: دوافع الجريمة الإرهابية:
تتعدد و تتنوع المواقف التي ينبثق منها الإرهاب و تعدد آراء الباحثين فيما يتعلق بدراسة و تحليل دوافع الإرهاب و مثيراته عبر المستويات الآتية:
01-دوافع الإرهاب على المستوى الفردي : تتعدد الدوافع التي تقود الفرد إلى الإرهاب و تختلف باختلاف الإرهابي ، و الظروف التي يعيش فيها و الضغوط التي يتعرض لها ، فيمكن حصرها في ثلاثة جوانب.
الجانب الأول: الإرهاب و الجوانب السيكولوجية: تلعب الجوانب السيكولوجية دورا هاما في هذا الخصوص و خاصة عندما تتعرض تلك الجوانب لبعض الإضطرابات التي تأخذ صورة أمراض نفسية أو تقلبات نفسية حادة ، و تكون هذه العوامل وراثية، كما قد تكون بسبب ضغوط عصبية مفاجئة نتيجة لمواقف معينة.
الجانب الثاني : الإرهاب و الجوانب المادية : تمثل الجوانب المادية نسبة لا بأس بها من الدوافع الكامنة وراء لجوء بعض الأفراد إلى الأنشطة الإرهابية فحين يثور النزاع بين الحاجة و الإشباع.
الجانب الثالث: الإرهاب و الجوانب الوجدانية : حيث تلعب وسائل الإعلام و الاتصالات الجماهرية دورا رئيسيا في الإعلان عن القضايا التي تعمل من أجلها المنظمات الإرهابية ، حيث تجد تلك الحوادث الإرهابية ردود فعل قد تكون متعاطفة و مؤيدة لقضايا الإرهابيين في أوساط البعض و من ثم يندفعون إلى الإنخراط في مجموعات إرهابية جديدة تدعم أنشطة المجموعات السابقة و تساندها عن طريق الإرهاب لتحقيق الأهداف المنشودة29.
29/NOEMI GAL. OR.OP.CIT P 16
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
02-دوافع الإرهاب على المستوى الوطني: أي مستوى الدولة الواحدة و يكون ذلك باختلاف الظروف التاريخية الجغرافية و يمكن إرجاع الإرهاب على هذا المستوى إلى عوامل محددة.
الحرمان الاجتماعي و الاقتصادي: فالفقر و الحرمان الاقتصادي و المشاق و المتاعب التي تعاني منها فئات الشعب و عدم المساواة في توزيع الموارد و الثروة و انتشار الوعي مع إدراك ما هو واقع بين فئات الشعب و كل هذا يمثل دافعا قويا نحو ممارسة الإرهاب و توسيع نطاق قائم منه بهدف التخلص من تلك الأوضاع.
إستبداد الفئات الحاكمة: مثل خروج الحكام من حدود الصلاحيات الدستورية المخولة لهم و استبدادهم و طغيانهم دافعا محوريا للعديد من الحركات الإرهابية عبر مختلف الفترات الزمنية و في مختلف دول العالم مثل ما حدث في روسيا و كان الإستبداد هو المحرك الأول لذلك الإرهاب في تلك الفترة.
الدوافع الثورية: إن الأفكار الثورية قد أوجدت الإتجاهات الثورية التي عبرت عن نفسها في صورة إرهاب حركات اليسار الجديد ، إلى جانب آخر أوجدت رد فعل معاكس تمثل في تبلور تيارات رجعية على أسس ايديولوجية تعتمد على الإرهاب لمقاومة التيارات الثورية الراديكالية و تعمل على الحفاظ على الأوضاع القائمة في المجتمع و تمارس نشاطها الإرهابي ضد الأحزاب و الشخصيات ذات الميول الثورية الراديكالية 30
03/الدوافع الدينية و الدعوى: يمكن أن يتكون الإرهابي عبر النزعة الدينية و محاولة فرض النظم الدينية على السلطة بواسطة الضغط و العنف.
المطلب الرابع: مجالات الجريمة المنظمة في الجزائر:
إنطلقت أول جريمة إرهابية في الجزائر بمقتل السيد"بوضياف محمد " الذي كان رئيس الجمهورية آنذاك في 29 جوان 1992 ، بعد أن كانت قد استهدفت العمليات الإرهابية في بادء الأمر رجال الأمن ، كما شملت عمليات الإغتيال عدة أجانب من يوغسلافيا ، فرنسا ، روسيا، و غالبيتهم من المتعاونين و بصورة عامة شملت العمليات الإرهابية تقريبا فئات المجتمع.
هل يمكن القول أن الجريمة المنظمة أصبحت حقيقة في بلادنا؟
لقد عاشت الجزائر في بداية التسعينات مشاكل اقتصادية أدت إلى تقليص كل الهياكل الإقتصادية بعد الإتفاقات التي أبرمتها مع الصندوق النقد الدولي وكانت نتائج هذا التقليص ثقيلة مثل حل الشركات ، الطرد و البطالة وظهور الجريمة المنظمة ، و ترتكز هذه الأخيرة على قاعدة الرشوة و تبييض الأموال الذي يعد أساس الجريمة أما هدفها فيبقى دائما خلق قوة موازية للإقتصاد.
تزوير الأوراق النقدية: تعتمد على وسائل جد متطورة ( سكانير ، صور طبق الأصل ) و اختصت بتزوير أوراق 200 دج و 1000 دج من طرف جامعيين بريطانيين و في هذا الإطار تم توقيف 106 شخص عبر التراب الوطني و
LEONARD B.WEINBERG.AND.PAUL.B.DARUIS.AP.CIT.P44 -/30
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
حسب إحصائيات الدرك الوطني فقد تم حجز أوراق نقدية بقيمة 65.000 دج من 1000 دج و 466.200 دج من نوع 200دج
المخدرات: عالجت مصالح الدرك الوطني خلال 1998 حوالي 1194 حالة مرتبطة بتناول المخدرات و المتاجرة بها و أوقفت 2983 متورط ، كما توصلت الى أن هناك محاولة لإنتاج المخدرات في الجزائر و بالتحديد في ولاية بشار ، البويرة ، بجاية، و قدرت كميات المخدرات المحجوزة بـ 14،1842 كلغ من الكيف المعالج و 525،1 من البنق و 721 من القنب CANABIS ، و كما تبث أن العنصر النسوي هو الذي قوم بتوزيعها بنسبة 2،6 % و من جنسيات مغربية و ليبية كما بينت الإحصائيات تورط أفراد من مصالح الأمن.
سرقة السيارات: يقد قطاع السيارات و تزوير أوراقها من النشاطات الكبيرة لدى الجماعات الإجرامية المنظمة.
تزوير الوثائق: و هو نشاط يضر بالإقتصاد الوطني و يتجسد في المخالفات التي تقع في المؤسسات العمومية و الخاصة بحيث تقدم وثائق مزورة للحصول علة كميات كبيرة من السلع لبيعها في السوق الموازية.
تزوير الذهب: هذا النشاط يمثل ربحا كبيرا بالنسبة للمحترف ، فحسب مصالح الدرك الوطني هناك شبكة تنشط بالعاصمة تقوم بذلك و هذا ما يعني وجود ملايين الدينارات خارج قنوات و حسابات البنوك و هي بالتالي غير قانونية.
تهريب السجائر: يجلب سوق التبغ و السجائر للخزينة العمومية عائدات هامة بعد البترول من خلال الضرائب الغير مباشرة على السلع ، لهذا فإن عدم إستقراره قد يسبب خسائر فادحة للاقتصاد الوطني.
و في هذا الإطار حددت قيمة السجائر المهربة ب20 مليون دولار عن طريق الحدود المغربية و الجهات الشرقية و هذا ما يسبب خسارة للخزينة ب 114 مليار سنتيم و هذا في سنة 1998
تهريب السلاح: عرفت عملية تهريب السلاح إرتفاعا في السنوات الأخيرة حيث عالجت مصالح الدرك الوطني 28 حالة و أوقفت 35 شخص ، و استرجعت 15 قطعة و هناك عدد كبير من الأسلحة ما تزال متداولة في بلادنا فنصت المادة 176 من القانون العقوبات الجزائري بقولها :"كل جمعية أو إتفاق مهما كانت مدته و عدد أعضائه تشكل وتألف بغرض الإعداد للجنايات أو إرتكابها ضد أشخاص أو أملاك.." و تعاقب المادة 177 من نفس القانون من 05 إلى 10 سنوات سجن كل شخص يشترك في الجمعية و تشدد من 10 إلى 20 سنة لمنظمي الجمعية أو الإتفاق.
تعد الجريمة المنظمة من أخطر الجرائم و أعقدها كونها مرتبطة إرتباطا جذريا و له علاقة مباشرة مع مؤسسات الدولة و في بعض الأحيان يمكن تضييق مصطلح الجريمة المنظمة في سياق المؤسسة الموازية بمؤسسة الدولة و هذا يرجع لتنظيمها المحكم و المنسجم الذي يأخذ شكل الهرم التي تعتمده كل مؤسسة سياسية مثل مؤسسات الدولة.
يمكن القول أن الجريمة المنظمة هي دولة داخل دولة ، بما أن نشاطها يبرز في المجالات الإقتصادية و المالية و حتى على صعيد المضاربة التي تساعد هذه التنظيمات على تبييض الأموال.
ربما التساؤل الذي بقي يطرح في العشرية الأخيرة و الذي أخذ قسطا وافر من المعالجة المتعلقة بالجريمة المنظمة عندنا بالجزائر و هو لماذا كلما تطرقنا للجريمة المنظمة إلا و اصطدم الإختصاصيون و المعنيون بهذا
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الملف بغياب كل أثر أو دليل يؤكد هذا النوع من " ايديولوجية الموت" رغم ما تؤكده الحقائق الجديدة على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي الذي أبرز للسطح شرائح جديدة التي كانت تعرف في الثمانينات بالنومو كلانورة NOMONKLANORA و التي تحولت اليوم إلى مافيا حقيقية.
عصابات تخصصت في كل العمليات الإجرامية التي تطفي عليها طابع الجريمة المنظمة مثل تبييض الأموال و التهريب و المتاجرة بالإطنان من المخدرات….إلخ
فالجريمة مرتبطة بشكل جلي مع طبيعة العلاقة الموجودة بين المؤسسات المكونة للدولة و سلوكاتها لبيروقراطية التي إستفحلت فيها الرشوة و الفساد مما أدى إلى خلق جماعات إجرامية.
الجريمة المنظمة و الخوصصة المبهمة : الجزائر لم تتطور حيث توجد هناك إختلافات و اهتزازات على مستوى السلطة و المؤسسات السياسية فمثلا التجربة الجديدة و هي إقتصاد السوق ساعدت كثيرا من المافيا و العصابات على أعمالها المذكورة أعلاه إذ أن هذه التجربة إلى جانب قانون الخوصصة التي بقي مبهما خاصة السوية التامة في مجال شراء السندات و الأسهم و كيفية إقتنائها .
فالفراغ القانوني هو الذي جعل من أسياد الجريمة المنظمة يتحكمون في آليات النسيج المادي و النقدي فهي عبارة عن نسق هرم محكم و منسجم له إمتدادات سياسية على مستوى السلطة أساسها الرشوة و تبييض الأموال. تطرق السيد"كبيل" الذي يشغل حاليا منصب مدير البحوث بالمركز الوطني الفرنسي للدراسات و البحوث الدولية و أستاذ بمعهد العلوم السياسية بباريس للقاسم المشترك في الحركات الإسلامية التي شهدتها البلدان"الجزائر ، مصر ، تركيا ، ايران…" .
الإنفجار السكاني و الهجرة الريفية و إنعكاسها على الأوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للسكان الذين يجدون في الخطاب الإسلامي الراديكالي صدى لمطالبهم .
إن الأزمة الجزائرية ترتبط بأبعادها الروحية و الأخلاقية بأزمة العالم العربي و هذا ينعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية كما طغى التأله الفرعوني و ساد الإستكبار و البغي و عطلت القاعدة الأخلاقية الذهنية.
يرى الأستاذ يوسف القرضاوي بقوله:" إن أزمتنا الكبرى في جوهرها أزمة روحية أخلاقية ، أزمة إيمان و أخلاق و ليس من الغفلة و السذاجة حيث تحدد أن أزمتنا في عدد من جوانبها و أبعادها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الإدارية و التكنولوجية ".
إن ابرز محطات الأزمة الجزائرية حسب الشيخ القرضاوي هما بين ( 1971-1998 ) هو ما آلت إليه خزينة الدولة من خسارة و قد عبر عنها الرئيس الراحل "هواري بومدين " في خطابه الشهير"كل من يخلط العسل لابد أن يلحس أصابعه " ثم تراجع الاقتصاد الجزائري و لاحت إثر ذلك الأزمة الاقتصادية و ظهور البطالة …إلخ.
و قد أكد مدير التحقيقات لمكافحة المافيا بإيطاليا " كارتو ألفريدو " عند إلقائه لمحاضرة في المدرسة العليا للشرطة عند زيارته الجزائر في 01/ مارس /2000 و ذلك تلبية للدعوة التي وجهها له المدير العام للأمن الوطني و قد كانت التجربة الإيطالية في محاربة الجريمة المنظمة محور هذه المحاضرة التي أكد من خلالها أن المـال يعـد
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المحرض الرئيسي لنشاط أي تنظيم إجرامي فهو لا يستبعد أن يكون الدافع إلى نشاط الجماعات الإرهابية بالجزائر هو المال الوفير الأمر الذي يجعل السلطات الجزائرية مجبرة على التحرك في هذا السياق و أضاف المحاضر أن الجزائر تتوفر حاليا على طرق أمنية محترفة و مدربة في المدن الكبرى و هي قادرة على مواجهة الأزمة مع مرور الوقت.
و عند حديثه عن المافيا بإيطاليا تطرق العميد أولا إلى أهم الإنجازات التي حققتها الإدارة التي يشرف عليها منذ سنة 1992 و المتمثلة أساسا في اعتقال 5836 عنصرا نشطا في هذا التنظيم الإجرامي و حجز 500 مليون دولار قيمة الصفقات و المشاريع التي أنجزتها المافيا داخل و خارج إيطاليا إلى جانب القبض على قاتل "فالكوني" و لقد لجأت إيطاليا إلى تعديلات في النظام التشريعي و القانوني يسهل من مهمة رجال الأمن في تتبع نشاط أعضاء الجريمة المنظمة و قد أكد في الأخير إلى الوصول إلى هذا المستوى من التقدم في محاربة الجريمة إلى دراسة الظاهرة و أسباب توغلها في المجتمع الإيطالي مشيرا إلى أنه تم إعداد حوالي 1600 دراسة تحليلية اعتمد عليها المكلفون بمحاربة الجريمة للتوصل إلى معرفة التنظيم الهيكلي الذي تتميز به كل عصابة عن الأخرى.
المبحث الرابع : موقف الشريعة الإسلامية من جرائم الإرهاب السياسي:
لم تحدثنا الخبرة الإسلامية في عهدها الذهبي الأول عن الظواهر الإرهابية التي نشهدها تنتشر في شتى أرجاء العالم الذي نعيش فيه اليوم و لم تأتي هذه الحقيقة مصادفة أو على نحو عشوائي فقد كفلت مبادئ الإسلام للممارسة السياسية و الإسلامية في عهدها الذهبي جميع الأقليات و أغلبيتهم عربا أو عجما ، بيضا أو سودا درجة عالية و مثالية للمساواة بكافة أبعادها و جوانبها ، و الإسلام حين أقام هذا التوازن للخلاف بين الحقوق و الواجبات في نفوس المسلمين قضى منذ البداية على اية بدور أو نزاعات عنيفة هدامة في نفس البشرية بذلك لم يقم الإرهاب و لم ينشأ عنف يذكر لأن الأسباب التي تؤدي إليه عالجتها المبادئ و القيم الإسلامية معالجة صادقة .
لنرى الآن كيف رسم لنا المشرع الإسلامي طريقة العلاج إيزاء الجرائم الموجهة ضد المجتمع .
المطلب الأول : جرائم الحرابة :
ورد فكر هذا النوع من الجرائم في كتاب الله القويم في الآية 33 من صورة المائدة : إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم صدق الله العظيم.
و قد نزلت هذه الآية الكريمة في حق قوم هلال بنو عويمر الذين كان بينهم و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد مر بهم قول يريدون الني عليه الصلاة و السلام فقطعوا عليه الطريق و قد ذكر "القصطلاني" أن هذه الآية نزلت في قوم من عكر و عرينة جاءوا إلى الرسول اله صلى الله عليه و سلم فآواهم و كان بهم سقم فأشار عليهم النبي صلى الله عليه و سلم بشرب اللبن الإبل الصدقة ففعلوا فلما صحوا مما ألم بهم إرتدوا و قتلوا رعاة إبل الصدقـة و مثلـوا بهم وأخذوا الإبل عدوانا و إغتصابا و قيل أن هذه الآية نزلت في حكم قطاع الطرق على وجه
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
العموم فالعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب31.
و صفة المحاربة مشتقة من قول الله تعالى : يحاربون الله و رسوله و المحاربة هنا تعني محاربة شرع الله و محاربة المجتمع الذي يقوم هذا الشرع على تنظيمه و ضمان أمنه و بتعبير آخر الحرابة تعني الخروج المسلح على المارة لأخذ المال على سبيل المطالبة و على وجه يؤدي إلى قطع الطريق و ترويع السالكين له و ذلك بواسطة فرد واحد أو مجموعة من الأفراد و قد تكون في داخل المصر أو خارجه32.
من جماع هذه التعريفات يمكن القول أن الحرابة لا تتحقق إلا بالشروط التالية :
01- أن يكون القائمون بأعمال المحاربة من رعايا الدولة الإسلامية لا من غيرهم و إلا تعلق الأمر بحرب بمفهومها المحدد.
02- أن تستخدم في أعمال المحاربة أسلحة كالسيوف أو بعض الأشياء الأخرى كالحبال أو الحجارة أو سبل الخداع.
03- أن تقع أعمال المحاربة ( سلعة كالسيوف مثلا أو بعض الأشياء الأخرى كالحبال) حيث تكون النجدة غيـر
متيسرة و حيث لا يمتد سلطان الدولة إلى ذلك المكان و عليه فإن أعمال المحاربة التي تحدث حيث تتيسر للنجدة و حيث يكون للدولة سلطان قوي تدخل في عداد الجرائم الإعتيادية الأخرى و لا ينطبق عليها وصف المحاربة.
04-أن تكون أعمال المحاربة مجاهرة دون خفية ، عنوة دون إحتيال و عليه فإن أخذ المال على غير هذا الوجه يعد سرقة أو انتهاك و لا يعد أعمال محاربة.
05-أن تكون أعمال المحاربة داخل المصر أو خارجه ليلا أو نهارا طالما توافرت الشروط و الظروف السابق ذكرها33.
المطلب الثاني: حد الحرابة و عقوبة المحاربين:
بعد التعرف على مضمون الحرابة و موضوعها نتعرف على الحد و العقوبات التي وضعها الشارع الإسلامي لمرتكبي أعمال المحاربة ( التي تعرف فقها بالحدود ) و عليه نتطرق أولا إلى تعريف الحدود : فالحدود هو جمع حد وهو الحاجز بين الشقين و يطلق على العقوبة المقدرة في الشرع لحجز الناس عن إرتكاب المعاصي و منهم من إقترفها حماية للفضيلة و تنظيما للمجتمع و هي عقوبة ثابتة بنص قرآني أو حيث نبوي و هي طهرة للذين زلت أقدامهم و غلبتهم شهواتهم و ابتعدوا بأهوائهم و هي في ذات الوقت حقوق خالصة لله تعالى.
و عقوبة المحاربين هي التبعات التي تلقى على كاهل المحارب و التي تتمثل في حقين أحدهما لله و آخر للعباد فأما حق الله تعالى هو ما ورد في الآية الكريمة المذكورة من القتل و صلب و قطع الأيدي و الأرجل فقتل المحارب أو صلبه ملزم إن كان قد إرتكب قتلا أو إعتدى على مال دون أن يزهق أرواحا أما إذا كان المحارب محدثا للفزع و الخوف و يمثل خطرا على السبيل فحسب الإمام أن يختار أي من تلك العقوبات أو النفي من المصر34 و النفي يعني الإبعاد من المدينة إلى أخرى في حين قال مالك أبو حنيفة أن النفي يعني الحبس.
31/لجنة القرآن الكريم المنتخب في السنة- القاهرة- المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1978 –المجلد 13 ص63
32/أي الإقليم الخاضع للسلطان
33/ابو زهرة محمد فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي – القاهرة- معهد الدراسات العربية 1963
34/محمد أبو زهرة المرجع سابق ذكره ص 175
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
المطلب الثالث : جرائم البغي
يقصد بجريمة البغي هي الخروج عن طاعة الإمام مغالبة ، و الخروج بتأويل 35 و البغاة هم قوم يخرجون عن الإمام بتأويل و يقول "الماواردي": (إن البغاة هم طائفة من المسلمين خالفوا رأي الجماعة و إنفردوا بمذهب و ابتدعوه ) و من تم فإن العناصر المميزة لجريمة البغي يمكن تحديدها في :
01-وجود تأويل بسائغ فيما بين البغاة كقول مثلا أن ولاية الإمام غير شرعية أو أن شخص ما أحق بالولاية منه.
02-وجود أمير مطاع فيما بينهم .
03-الخروج عن طاعة الإمام بعقل لا بمجرد القول.
المطلب الرابع:
مستويات البغي و درجة البغاة و عقوبتهم قال الرسول عليه الصلاة و السلام : من أتاكم و أمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم و يفرق جماعتكم فقتلوه و قال أيضا : من بايع إماما فأعطاه صفقة يده و تمرة قلبه فيطعه و إن أطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر و قد يكون للبغاة عددا من الأفراد المتفرقين ليس لهم قوة و يمكن أن تنالهم اليد ففي هذه الحالة وجب على الإمام أن يعزر36.
و قد يكون للبغاة قوة و منعة و يتظاهرون بإعتقاداتهم ويبتعدون عن مخالطة الجماعة و يمتنعون عن الحق و يخرون على الطاعة و قد نصبوا لأنفسهم قائدا و إماما و في هذه الحالة يجب محاربتهم حتى يفيئوا إلى أمر الله و طاعته.
و جريمة البغي هذه كما سبق ذكر ذلك هي أقرب ما تكون إلى الإرهاب بمفهومه الحديث حيث يقارب البعض بين المغزى و الهدف السياسي للعمليات الإرهابية و بين تأويل الذي يقول به البغاة.
و خلاصة القول بعد هذا العرض أن الإسلام أوضح أسلوبين لتخليص المجتمع من أعمال العنف بصورة عامة التي تنطوي في بعض زواياها على أعمال الإرهاب و أخذت بها الممارسة السياسية و الإسلامية على وجه الخصوص إبان عهد النبي عليه الصلاة و السلام و عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم و هما أسلوب الوقاية و العلاج ، الوقاية قد تتمثل في مجموعة القيم و المبادئ الإسلامية السامية التي تستهدف تهيئة الروح و النفس البشرية تهيئة صالحة قويمة و التي أشرنا إليها في بداية الفصل و العلاج التي تتمثل في مجموعة الحدود الزاجرة الفاصلة التي تقضي على الداء و تحول دون انتشاره.
35/محمد أبو زهر المرجع السابق ص 180
36/التعزير هو مادون الحد و هو العقوبة ثم يرد به النص و يجوز فيه الصفو و ترك الحرية للإمام في تطبيق العقوبة
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الفصل الثانـــي
الطرق الإجرائية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية
عندما ترتكب جريمة إرهابية فهي تسبب أضرارا عامة للمجتمع كونه يمس المصالح المحلية قانونا منها مما يستوجب و يبيح للسلطات العامة في إمكانية تدخلها لتوقيع العقوبة و ردع مرتكب الجريمة حماية للمجتمع من هذه الجرائم ، ومرتكبها الذي سبب ضرر عام و خاص ، و لذلك تخول السلطة تحريك دعوة عمومية أو دعوة جنائية لذلك تمر الإجراءات الجزائية التي تتبع في سير الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم بثلاث مراحل التحقيق الأولي و يقوم به ضابط الشرطة القضائية ، و التحقيق الابتدائي يقوم به كل من وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق ، و التحقيق النهائي هو مرحلة المحاكمة.
المبحث الأول: المتابعة و الملاحقة :
عند القيام بجريمة إرهابية نكون أمام جريمة بمعناها كسائر الجرائم الأخرى فيقوم بمهمة البحث و التحري فيها ضابط الشرطة القضائية و الأعوان و الموظفون الذين أظهرهم قانون الإجراءات الجزائية في المواد 20.19.16.15.14.12 من ذات القانون و هم رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، ضباط الدرك الوطني ، الشرطة و محافظيها و مفتشيها و صف ضباط الأمن العسكري و يعهد هؤلاء بمساعدة أعوان كل جهاز و الذين ليس لهم صفة الضبط القضائي حسب المادة 10 كما يوجد ضبطية قضائية يختص بها موظفون في أماكنهم عينتهم المواد 22.21 من قانون الإجراءات الجزائية .
فكل الذين ذكروا سالفا لهم مهمة جمع المعلومات و التحري و البحث عن الإرهابيين كباقي المجرمين الآخرين دون فرق و يثبتون ذلك في محاضر و يكون هذا التحقيق سري للغاية و علني للأطراف ، كما جاء في المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية .
و في مجال الجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية يمتد إختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل التراب الوطني في حالة البحث و المعاينة .
و في بعض الأحيان أوامر القبض على زعماء حركات المؤامرة و التقتيل و التخريب و الأعمال التي توصف بأعمال إرهابية تستخدم الشرطة القضائية وسائل البحث عنهم و إحضارهم بصفة الحياة أو الموت، و هذا مخالف لحالات القبض في الطرق العادية.
كما يجوز لأي والي في حالة وقع جريمة إرهابية بإخطار السلطة القضائية بنفسه لإتخاذ جميع الإجراءات لإثبات الجناية ، أو يكلف ضباط الشرطة القضائية المختصين بذلك حسب المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية و على القاضي أن يقوم بالتبليغ خلال 48 ساعة التالية لبدء هذه الإجراءات و يتخلى عنها للسلطة القضائية بإرسال الأوراق إلى وكيل الجمهورية .
و يمكن إجمال مهام ضباط الشرطة القضائية في:
البحث و التحري: و يقصد به إتخاذ موقف إيجابي للكشف عن الجرائم التي إرتكبت حتى و لو لم تبلغ السلطات المختصة بها خاصة إذا كان الطرف ليس فردا واحدا بل كافة المجتمع.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
جمع الأدلة : إتخاذ الإجراءات الغرض منها التأكد من وقوع الجريمة و يكون جمع الأدلة بالبحث عن الأشخاص الذين شاهدوا الجريمة و التحري عن الجاني و الشركاء و ذلك بالإنتقال إلى مكان الجريمة و ضبط الأشياء المستعملة و تحرير محضر الإستدلالات و يسمى بمحضر التحقيق الأولي موقع عليه من طرف مأمور الضبط القضائي متضمنا الأعمال التي قام بها ، و تاريخها و مكانها و يرسل فورا إلى وكيل الجمهورية .تلقي التبليغات بشأن الجريمة التي وقعت و تحرير محضر لإعلام و إخطار وكيل الجمهورية فورا .
بالنسبة لآجال التحقيق لضابط الشرطة القضائية إحتجاز الشخص 48 ساعة و لكن في الضرورة الإستثنائية الخاصة للجنايات و الجنح المرتكبة ضد أمن الدولة يجوز تمديدها دون أن تتجاوز 12 يوما إذا تعلق الأمر بالجرائم الموصوفة بالأعمال الإرهابية أو التخريبية و تطبيق جميع الأحكام المنصوص عليها في المادتين 52.51 من قانون الإجراءات الجزائية
المبحث الثاني : التحقيــق
هو ثاني مرحلة قضائية يعتمد على كل الأوامر و القرارات و هي جمع الأدلة و ملاحقة مرتكب الفعل و الهيئات التي تقوم بهذه الإجراءات هم رجال القضاء منهم وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق ، و التحقيق الإبتدائي وجوبي حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية .
لا يقوم قاضي التحقيق بإجراء أي تحقيق إلا بطلب من وكيل الجمهورية حتى و لو تعلق الأمر بجناية أو جنحة المادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية.
يجوز له الإنتقال إلى عين المكان أي مكان الجريمة لإجراء المعاينة أو القيام بالتفتيش المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية إذ يجوز أن يخالف الأوقات المنصوص عليها في المواد من 45 إلى 47 الخاصة بالتفتيش و ذلك أثناء وقوع عمل إرهابي مثال يقوم بتفتيش مسكن المتهم في غير الساعة المحددة في المادة 47 شرط أن يباشر التفتيش بنفسه و أن يكون مصحوبا بوكيل الجمهورية المادة 82 و إتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان إحترام كتمان السر المهني و حقوق الدفاع .
-كما يقوم قاضي التحقيق بالإستجواب و المواجهة .
إذا كان المتهم هاربا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بالقبض عليه بعد إستطلاع رأي وكيل الجمهورية أن ينفد هذا الأمر وينفد بالأوضاع المنصوص عليها في الحالات الإستعجال.
كما لوكيل الجمهورية سلطة تحقيق إستثنائية، الحق في التحري و جمع المعلومات و القيام بالإدارة و مهمة الضبطية القضائية بصفته ممثلا للدولة و في حالة الجرائم الإرهابية ، الدولة هي المتضررة و لكن له إصدار أمر بالإخطار أو القبض و له حق الإستجواب و الحبس الإحتياطي كما لا ننسى دوره في الإبداء الطلبات و المباشرة القضائية و الطعن في أوامر قاضي التحقيق أما غرفة الإتهام حسب مصلحة الأمة لو أصدر مثلا قاضي التحقيق أمرا بالإفراج المؤقت كذلك يقوم في هذه الحالة وكيل الجمهورية بتكييف القضية و إبراز المتهمين فيها و إثبات التهمة عليهم كسلطة الإتهام و يرى تقديمها من عدمها لأن القضية غير المستوفاة يحكم عليها بالحفظ كإنعدام الباعث
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
على مقارفة العمل الإرهابي حتى تبنى أسباب الجريمة الإرهابية أو مشاركة مجنون في عملية إرهابية أو قتله لمسؤول حكومي فهنا تمنع المسؤولية و تحفظ الدعوى العمومية قانونا.
أما بالنسبة للأعمال الماسة بأمن الدولة كالتقتيل و التخريب تنعدم الزيارات و بعض الحقوق نظرا لجسامة العمل ، كما قد يكون هناك إفراج مؤقت نظرا للمساس بمصلحة الأمن الكل يتفق على الردع و عدم التناقض و كذلك قد توافق التحقيق لدى مصالح الأمن و النيابة العامة و وسائل مسخرة للقبض على الجناة كإلصاق صور الإرهابيين على الجدران و ذلك تأكيدا على الأمر بالقبض من طرف قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية.
المبحث الثالث: المحاكمــة
بعد إتمام إجراءات التحقيق و التحري و إثبات الوقائع على مستوى جهات التحقيق و تعهد الجرائم الإرهابية إلى جهات قضائية مختصة أو إنسانية لأنه لا يجب التغافل عن مضمون الجريمة المراد الفصل فيها كفعل شاذ وصل إلى أعلى درجات الخطورة مساسا بالنظام العام و القومي أكثر من أي جريمة قتل أو سرقة لأنها إستهدفت الدولة و هذه الأخيرة هي الشعب في حد ذاته.
لقد جاء المرسوم 92/03 في بادئ الأمر لمكافحة ظاهرة الإرهاب متضمن العديد من الأحكام الجزائية ثم جاء بعده المرسوم المتمم و المعدل و هو المرسوم رقم 93/05 المؤرخ في 27 شوال عام 1993 و جاء هذا المرسوم بطبيعته مزدوجة فهو من جهة قوانين نظرا للقوة التي تحوزها و الميادين التي تنظمها و من جهة أخرى هي أعمال ذات صبغة إدارية لأنها تصدر عن سلطة تنفيذية و التي هي مختصة أصلا بالنظر في هذا المجال حيث تأتي المراسيم التشريعية في المرتبة الثانية بعد القوانين .
مند بداية التسعينات تشكلت جماعات من الأشرار كانت تستهدف أمن و مصالح الدولة فكانت معظم أعمالها تقتصر على إغتيال كل فرد له صلة مع الدولة أو طرف أمن فيها ، كرجال الشرطة ، الدرك الوطني ، الصحافيين ، وضع القنابل في أماكن تستهدف السلك الأمني إلى أن وصلت اليد الإجرامية إلى الفئات المدنية كالأطفال والنساء و الشيوخ و يمكن حصر هذا في الشعب بكامله مهما كان جنسه أو مركزه و هذا ما أدى إلى تشكيل محاكم خاصة.
و لكن بعد تفاقم الظاهرة الإرهابية و أصبحت من الأفراد منظمات الإرهابية و كتائب و زعماء صدر أمر رقم 95/10 المؤرخ في 25 رمضان 1415 هجري الموافق 25 فبراير 1995 يعدل و يتمم الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 و المتضمن قانون العقوبات أوضيف فيه قسم رابع مكرر بعنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المواد المعاقب عليها.
الجهة المختصة للفصل في الفعال الإرهابية أو التخريبية محكمة الجنايات حسب المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية التي تعتبر محكمة الجنايات الجهة القضائية المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة بالجنايات و كذلك الجنح و المخالفات المرتبطة بها و الجرائم الموصوفة في الأفعال الإرهابية أو تخريبية المحالة إليها في بقرار نهائي من غرفة الإتهام .
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
في إختصاص محكمة الجنايات يكمن في حق الولاية في الحكم جزئيا على الأشخاص البالغين و الحكم على غير البالغين 16 سنة الذين إرتكبوا أعمالا إرهابية و تخريبية و المحالين إليها بقرار نهائي من غرفة الإتهام المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية .
بعد أن عرفت المادة 87 مكرر الأعمال الموصوفة بأنها إرهابية و التكييف القانوني لها فتعرض للعقاب و الجزاء الموقع على هذه الجرائم كل واحدة حسب درجة خطورتها.
الإعدام: و تكون العقوبة بالإعدام عندما تكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 90 في قانون العقوبات الجزائري و يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال التي تتعلق بالمواد المتفجرة و أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها كالأسلحة و القنابل.
كذلك يعاقب بالإعدام الأشخاص الذين يستعملون أسلح أو يؤسس أو ينظم أو يبدي رايه لجهة أو تنظيم أو جماعة أو منظمة تكون أغراضها و أنشطتها تقع تحت طائلة أحكام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات.
و تكون العقوبة السجن المؤبد عند إنخراط كل جزائري في منظمة إرهابية أو تخريبية أو أجنبية الغرض من ورائها الإضرار بمصالح الجزائر المادة 87 مكرر 06 الفقرة 02 .
و يعاقب بالسجن المؤبد كل من قام بجناية المساهمة في حركات التمرد و هي بإقامة عرقلة القوات العمومية أو الحيلولة دون مباشرة أعمالها أو المساعدة على إقامتها و منع ممارسة نشاطها بالعنف أو التهديد و تسهيل تجمع المتردين و المساعدة على الدعوة بأي وسائل كانت و إغتصاب المنشآت العمومية أو المنازل المسكونة بغرض مقاومة أو مهاجمة القوة العمومية المادة 88 من قانون العقوبات وكذلك السجن المؤبد للمالك أو المستأجر لتلك المساكن عند سماح للمتمردين بدخولها بغرض استعمال عنف أو مقاومة و هو على علم بأغراضهم .
و يكون الإعدام في العقوبات عندما ينص الحكم على السجن المؤبد و عندما تكون العقوبة من 10 إلى 20 سنة .
السجن المؤقت: تكون العقوبة من 10 إلى 20 سنة عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون من 05 إلى 10 سنوات .
-يعاقب بالسجن المؤقت كل من ينخرط أو يشارك في جمعيات أو تنظيمات مع معرفة غرضها أو نشاطها .
-فيعاقب كذلك كل جزائري ينخرط أو ينشط في جمعية أو منظمة إرهابية و تخريبية مهما كان شكلها أو تسميتها في الخارج حتى و إن كانت هذه الأفعال غير موجهة ضد الجزائر و غرامة مالية من 10 ألف دينار جزائري إلى500 ألف دينار جزائري المادة 87 مكرر06 و تطبق نفس العقوبة و الغرامة المالية على من يحوز أسلحة
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها و يتاجر فيها و يستوردها أو يصنعها أو يستعملها دون رخصة المادة 87 مكرر05.
-السجن من 05 إلى 10 سنوات :يعاقب بالسجن المؤقت و غرامة مالية من 5 آلاف إلى 100 ألف دينار جزائري كل من يشيد الأفعال المنصوص عليها في المادة 87 مكرر أو يشجعها أو يمولها بأية كانت المادة 87 مكرر 04.
-و تعين العقوبة و الغرامة المالية لكل من يشيد بالأفعال المذكورة في الأعمال الإرهابية و يعيد طبع أو نشر الوثائق أو التسجيلات الخاصة بها عمدا.
-و يعاقب بنفس العقوبة أو الغرامة المالية كل من يبيع أسلحة بيضاء أو يشتريها أو يوزعها أو يستوردها لأغراض مخالفة للقانون و هو على علم بذلك المادة 87 مكرر7.
عقوبة الشريك في الأعمال الإرهابية: يعاقب الشريك في الجرائم الإرهابية بالسجن المؤقت لا يقل عن 10 سنوات و لا يتجاوز 20 سنة و بغرامة مالية من 3 آلاف إلى 30 ألف دينار جزائري بإعتباره شريكا في الأعمال التالية :
-تزويد مرتكبي الجرائم الماسة بأمن الدولة بوسائل المعيشة و تهيئة مساكن لهم أو أماكن لإخفائهم و تجمعهم و ذلك لأنه على علم بنواياهم و أن لا يكون مكره و إنما برضاه.
-تسهيل الوصول إلى موضوع الجناية و الجنحة و حمل المراسلات إلى مرتكبي الجنايات و الجنح و إخفائهم و توصيلهم بأية طريقة كانت مع علمه بذلك المادة 91 من قانون العقوبات الجزائري.
-يعاقب كل من أخفى أشياء و أدوات أستعملت أو كانت تستعمل في إرتكاب الجناية أو الجنحة أو المواد و الأشياء المتحصلة من الجنايات و الجنح مع علمه بذلك.
- يعاقب كل من يقوم بتوزيع المنشورات و الأوراق من شانها الإضرار بالمصلحة الوطنية بالحبس من
06 أشهر إلى 03 سنوات و غرامة مالية قدرها 3600 دينار إلى 36000 دينار جزائري المادة 96 من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة التجمهر: يعاقب الأشخاص المنخرطين في التجمهر سواء كان مسلحا أو غير مسلح بعقوبات تختلف أنواعها قررتها المادة 97 ، 98 ، 99، 100 ، 101 من قانون العقوبات الجزائري.
و عقوبة التخريب و الأضرار التي تنتج عن تحويل إتجاه وسائل النقل كل فاعل حسب حجم الضرر الذي وقع و حددت العقوبة في المواد 395 ، 396،400،406 من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة الشروع في الجرائم الإرهابية : الشروع في جريمة ما يعد بمثابة الجريمة نفسها فالمشرع الجزائري لم يعرف الشروع صراحة و لكن بين حالاته و سماه بالمحاولة في المادة 30 بقوله "كل محاولة لإرتكاب جناية تبدأ بشروع في التنفيذ أو بافعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى إرتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو يخب أثرها إلا نتيجة ظروف مستقلة عن إرادة مرتكبيها حتى و لو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها" و قد نصت المادة على أن عقوبة الشروع في الجناية هي نفس عقوبة الشريعة أي الجريمة الموصوفة بعمل إرهابي.
الأفعال الإرهابية البــاب الأول
الأحكام الخاصة بالقصر: إذا كان الأشخاص الذين إرتكبوا الجرائم الموصوفة بالجرائم الإرهابية أو التخريبية هم قصر تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة و ارتكبوا تلك الجرائم المشار إليها تكون العقوبة القصوى المستحقة السجن المؤقت لمدة 15 سنة .
المبحث الرابع : الفرق بين الإجراءات الجزائية في جرائم القانون العام و جرائم الإرهاب:
بعد الدراسة التحليلية للإجراءات الجزائية للجريمة الإرهابية لا نجد أن الإجراءات التي بينها و بين الجريمة العادية ترتكز على شساعة من الفروق إلا في بعض النقاط و هي كالآتي :
تمتاز الإجراءات العادية بالدستورية و اللين بينما تمتاز الإجراءات غير العادية بعدم الدستورية و الشدة و تجاوز إعطاء بعض الحقوق .
تختص كل طاقات البحث بالأجهزة القضائية المختلفة بالتحري عن المجرم الإرهابي و التحرك التلقائي للبحث يقضي عليها قبل الشروع فيها ، أما بالنسبة للمجرم العادي لا تبذل الطاقات الكبير للبحث عنه .
في بعض حالات أوامر الإحضار و القبض على الإرهابيين تستخدم الشرطة القضائية وسائل للبحث عنهم و إحضارهم أحياءا أو موتى ، و هذا ما لا نجده في الحالات العادية كإجراء القبض
كذلك يتجلى إختلاف في الحالات العادية لحجز شخص 48 ساعة أما في حالات الإستثنائية الخاصة بالجريمة الإرهابية يمكن أن تتجاوز مدة الحجز 12 يوما إذا إقتضى الأمر ذلك.
و يكون إجراء التفتيش خارجا عن الأوقات المحددة قانونا مثلا في الليل في الجرائم الإرهابية عكس ما هو عليه في الجرائم العادية .
أخيرا تختلف العقوبة حيث تكون العقوبة في الجرائم الإرهابية ضعف العقوبة المنصوص عليها في الجرائم العادية.
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي
الإرهاب الداخلي أو المحلي أي الموجه نحو الحكومة أو النظام السياسي القائم ورموزه ، سواء كانت تلك الرموز مؤسسات أو شخصيات بارزة في ذلك النظام أو حتى ضد الأفراد العاديين ، أو ضد الممتلكات الفردية الخاصة و الذي تقوم به و تنفذ تنظيمات أو مجموعات وطنية ، ذلك الإرهاب ترجمه القوانين الداخلية بسائر الدول و تعامله الحكومات بقسوة و الردع الملائمين بتحديده و تطبيق النطاق بل و القضاء عليه تماما 37على أن يثير المناقشة و الحوار حول الإرهاب الدولي ، أي ذلك الإرهاب الذي يأخذ طابعا دوليا لسبب أو آخر و الذي تنفذه مجموعة إرهابية أو أكثر لتحقيق أهداف سياسية و للثأتير على مواقف حكومات بعض الدول إتجاه قضايا عالمية أو إقليمية معينة .
و هذا الإرهاب يأخذ أشكال متعددة و متنوعة ، منها إختطاف الطائرات و تغيير مسارها بقوة و الذي يعبر البعض عنها بالقرصنة الجوية AIR PIRACY كما يأخذ شكل الإعتيداء على مطار البعثات الديبلوماسية و القنصلية و أشخاص ديبلوماسيين لدولة ما ، فما هو مفهوم الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي؟
الفصل الأول: تعريف الجريمة الإرهابية بالمفهوم الدولي:
القواعد القانونية الدولية و المبادئ العامة للقانون الدولي و العمليات الإرهابية و تدينها ، و يتجه الفقه الدولي إلى تضييق الخناق حول العمليات الإرهابية و الإتفاق على تدابير ملموسة و رادعة لكافة صور الإرهاب و أشكاله بل و الدعوة إلى إقامة محكمة جنائية دولية للنظر في الحوادث الإرهابية و توقيع العقوبات عليها.
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية عبر الإتفاقيات و الفقه الدولي
بذل المتخصصون في القانون الدولي العام جهود ملموسة في مجال التعريف بالإرهاب و تحديد طبيعته و توضيح جوانبه و إن كانت هذه المساهمة وحدها تعد غير كافية لتفهم الظاهرة ، و نلمس طبيعتها و أبعادها حيث غلب الطابع و النظرة القانونية على معظم ما قدم في هذا الصدد و فيما يلي أبرز و أوضح المساهمات التي يمكن مزجها للإحاطة بمفهومه أو بالأحرى بموضوع الإرهاب و طبيعته.
المطلب الأول: مساهمات الفقه الدولي في التعريف بالإرهاب:
يعرف الدكتور عبد العزيز سرحان "الإرهاب بأنه كل إعتداء على الأرواح و الممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لإحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة و هو بذلك يمكن النظر إليه على أساس انه جريمة دولية أساسها مخالفة القانون الدولي …و يعد الفعل إرهابيا و بالتالي جريمة دولية قام به الفرد أو الجماعة أو دولة كما يشمل أيضا أعمال التفرقة العنصرية التي تباشرها بعض الدول .
يرى الفقيه " ليمكن"LEMKIN: "أن الإرهاب يقوم على تخويف الناس بواسطة أعمال العنف"
ينظر الأستاذ "ألوازي ALOISI: "أن الإرهاب هو بمثابة كل فعل يرمي إلى قلب الأوضاع القانونية و الاقتصادية التي تقوم على أساسها الدولة"
37/د. أحمد جلال عز الدين – الإرهاب و العنف السياسي-المرجع السابق-ص110
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
يعرفه " جيفانوفيتش ": الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بتهديد أي كان و يتمخض عنها الإحساس بالخوف بأية صورة"
يرى "سالداني SALDANI : أن الإرهاب هو منهج لتطويع الجماهير و شل حركة زعمائها بواسطة الإكراه السيكولوجي و التهريب الإجرامي"
و ينظر إليه " نومي جالور"NOEMI GALOR: "أن الإرهاب هو طريقة عنيفة أو أسلوب عنيف للمعارضة السياسية و هو يتكون من العنف و التهديد و قد يتضمن التهديد أو العنف البدني الحقيقي و أيضا بالتهديد أو ممارسة العنف النفسي و قد يمارس الإرهاب ضد الأبرياء أو ضد أهداف لها إرتباط مباشر بالقضية التي يعمل الإرهابيون من أجلها"
المطلب الثاني : مساهمات المنظمات الدولية في التعريف بالإرهاب:
أخذت المساهمات في هذا الخصوص ما ورد في المادة الأولى و الثانية من إتفاقية (جونيف ) و التي أبرمت في إطار عصبة الأمم ، و كذا الإتفاقية الأوروبية لمنع و قمع الإرهاب ، التي أبرمت في إطار المجلس الأوربي.
01-إتفاقية جونيف الخاصة بمنع و قمع الإرهاب لعام 1937: وجاءت في أعقاب حادث إغتيال المالك "ألكسندر" ملك يوغوسلافيا ، و وزير خارجية فرنسا في مدينة مرسيليا عام 1934 و لكنها لم تدخل حيز تنفيذ بسبب عدم تصديق الدول عليها باستثناء الهند، و لكنها كانت الخطوة الأولى على الفريق التعاون الدولي من أجل قمع الإرهاب.
عرفت مادتها الأولى على أن الإرهاب هو الأعمال الإجرامية الموجهة ضد الدولة و التي يكون من شانها إثارة الفزع و الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى الجمهور و هذا التعريف وصفي .
أما المادة الثانية تحدد مجموع الأفعال التي تعتبر إرهابية:
1-الأفعال العمدية الموجهة ضد حياة أو ضد السلامة الجسدية أو لحرية الفئات التالية : (رؤساء الدول و خلفائهم بالوراثة أو التعيين أو أزواجهم و الأشخاص المكلفين بوظائف أو مهام عامة عند ممارستهم مهامهم )
2-التخريب و الأضرار العمدي للأموال العامة أو المخصصة للإستعمال العام و المملوكة لطرف آخر متعاقد أو تخضع لإشرافه.
3-وضع أو تملك أو الحيازة أو تقديم أسلحة للقيام بالجرائم المذكورة
4-الإحداث العمدي لخطر عام من شأنه تعريض الحياة الإنسانية للخطر.
2- الإتفاقية الأوربية لمنع وقمع الإرهاب عام 1977: جاءت نتيجة لتزايد الأنشطة الإرهابية في القارة الأوربية مما أدى بالدول المجلس الأوربي إلى ضرورة التحرك لوضع حد لها ، و ضمان عدم إفلات مرتكبيها و قد أقر المجلس في "ستراسبورغ" هذه الإتفاقية في 27 يناير 1977 التي عرفت الإرهاب بالمعنى الحضري فيما يلي:
أ/الجرائم المنصوص عليها في إتفاقية "لاهاي " 1970 و الخاصة بالاستلاء على الطائرات.
ب/نصوص إتفاقية "منتريال" 1971 و الخاصة بقمع الأعمال الموجهة ضد سلامة الطيران المدني
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
ج/جرائم إستعمال المفرقعات و القنابل و الأسلحة الآلية و الرسائل المفخخة.
د/الجرائم التي تتضمن الإعتداء على سلامة الجسم و الحياة الأشخاص الذين يتمتعون بحماية دولية و جرائم الخطف و أخذ الرهائن.
-إضافة إلى جهود الأمم المتحدة المتمثلة في اللجنة الخاصة بالإرهاب التي تضمنت مختلف وفود الدول
المبحث الثاني : موقف القانون الدولي من عمليات الإختطاف:
تتعدد الوسائل و الأساليب التي تلجأ بها المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها و غاياتها كما تتطور تلك الأساليب و تختلف بإختلاف مكان و الزمان بإختلاف الإمكانيات و القيادات ، و تتفاوت بتفاوت و تباين أهداف و تنظيمات ، و من بين أهم الأساليب ذيوعا في العالم هي عملية الإختطاف .
المطلب الأول : الديبلوماسيون ورموز المجتمع:
في الحالات التي ينتقي الإرهابيون أهدافهم يكون التركيز على أشخاص يحملون رمزا معينا و يتمتعون بثقل و وزن بارزين في مجتمعاتهم38 و من تم فاختيارهم كأهداف العمل الإرهابي يحقق للإرهابيين أكثر من هدف و يعيد عليهم بأكثر من فائدة فمن ناحية تحضى قضيتهم بدرجة ذات وزن كبير من الشعبية، و من ناحية أخرى قد يحصل الإرهابيون على فدية مالية كبيرة تساهم في دفع أنشطتهم الإرهابية قدما إلى الأمام، هؤلاء الرموز عادة لا يمثلهم ديبلوماسيون و كبار قيادات النظام القائم.
و قد يعمد الإرهابيون إلى اللجوء إلى رموز المجتمع و الشخصيات البارزة فيه، و ذلك لضرب الدولة ممثلة في هؤلاء الرموز و الأقطاب الفعالة ، كأن يوجه الإرهابيون هجماتهم ضد زعماء الأحزاب السياسية ، و الصحافيين و القضاة و رجال الأعمال و المسؤولين الرسميين و غيرهم.
المطلب الثاني: تطورات عمليات الإختطاف و أخذ الرهائن:
عندما تتم عملية الاختطاف و يتحول الفرد أو مجموعة أفراد إلى رهائن ، توضع الرهينة في موقف طويل على المخاطرة على أكثر من مستوى39 فعمليات الاختطاف تتميز بالقسوة و العنف ، و البعد عن القيم الإنسانية حيث عادة ما يأخذ الإرهابيون في حسبانهم ظروف ضحاياهم النفسية و الصحية .
و قد يبدأ الخطر عندما تصل المفاوضات إلى طريق محجوز و يصبح الوضع حرجا، و يشرف على المفاوضات فريق يسمى فريق التفاوضL.N.T الذي تشرف عليه لجنة إدارة الأزمات MANAGEMENT COMITY CRISIS و هي لجنة عادة ما تقوم معظم الدول بتأسيسها للتعامل مع الأزمات الطارئة التي تواجهها الدولة.
هذا و قد تطول فترات التفاوض و تستمر بالتالي عملية الإحتجاز و تبقى إحتمالات الخطر قائمة ، هذا و تتفاوت مواقف الدول إزاء مثل هذه الأزمات فبعض الدول تأخذ الإرهابيين على حين غرة عن طريق الهجوم المسلح المباغت في مكان تواجد الرهائن و البعض الآخر يوافق على بعض أو كل مطالبي المختطفين و إن كانت هذه الحالات قليلة و نادرة.
38/LEONARD B. WEINBERG AND PAUL B. DAVID OP IT P 12
39/IDEM
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
المطلب الثالث: إتفاقية "نيويورك" الخاصة بمنع الجرائم المرتكبة ضد الديبلوماسيين
تعدد حوادث الإختطاف و الإعتداء على حياة الممثلين الديبلوماسيين و غيرهم من الأشخاص الذين يتمتعون بالحماية في ضل القانون الدولي و قد عانت معظم الدول من أثار هذا الأسلوب الإرهابي40
إزاء تزايد محاولات الإرهابيون للإعتداء على حياة ممثلين دول العالم و مبعوثيهم القنصليين ، و أعضاء البعثة الخاصة ، كان الإهتمام الدولي بالعمل على توحيد الجهود فيما بين الدول و تنسيقها على المستوى الدولي لمواجهة هذه الحوادث البالغة الخطورة ، و لم يقف القانون الدولي عند حد الإقرار و الإتقاق على المكانة الدولية القانونية الخاصة التي يتمتع بها الديبلوماسيون من خلال الحصانات الديبلوماسية التي تنظمها إتفاقية "فينا" للعلاقات الديبلوماسية و إتفاقية" نيويورك" للبعثات الخاصة عام 1979 بل طورت الدول جهودها في هذا الشان وصولا إلى درجة أعلى من الحماية للأشخاص المبعوثين الديبلوماسيين ، و الممثلين، فصادقت الغالبية العظمى من الدول تحت مظلة هيأة الأمم المتحدة على إتفاقية الأمم المتحدة لمنع الجرائم المرتكبة في ذلك ضد الديبلوماسيين و المعاقبة عام 1973
و لعل أهم سمات الإتفاقية:
ا/ جرمت الإتفاقية الأفعال التالية:
-قتل أو خطف شخص يتمتع بحماية دولية أي إعتداء آخر موجه ضد شخصه أو حريته
-أي إعتداء يتم بواسطة أعمال العنف على مقر العمل الرسمي لشخص يتمتع بحماية دولية
-التهديد بإقتراف هذه الأفعال أو محاولة إقترافها أو المشاركة فيها
ب/و قد حددت الإتفاقية في مادتها الأولى المقصود بالشخص المتمتع بالحماية الدولية و هو: رئيس الدولة أو أي عضو في هيئة جماعية يتولى دستوريا مهام رئيس الدولة و رئيس الحكومة و وزير الخارجية عندما يتواجد أي منهم في دولة أجنبية و كذلك أفراد أسرهم الذين يكونون معهم.
-كل ممثل أو موظف أو شخصية رسمية للدولة و أي شخص يمثل منظمة حكومية يتمتع بحماية القانون الدولي في مكان و زمان إرتكاب الجريمة الإرهابية
ج/التأكيد على إلتزام الدولة على إدخال الجرائم المنوه عنها في تشريعات الجنائية
د/التأكيد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير و الإجراءات الممكنة لمنع الإعداد للجرائم السابق ذكرها و التأكيد على ضرورة التعاون فيما بين الدول المتعاقدة لمكافحة تلك الجرائم.
المطلب الرابع : الإتفاقية الدولية لمناهضة أخد الرهائن عام 1979م:
إزاء تزايد الهجمات ضد الأبرياء بصفة عامة و تصاعد عمليات إختطاف الأفراد و أخذهم كرهائن على
وجه الخصوص، كان لابد من تحرك دولي فعال و تنسيق قوي لجهد الأسرة الدولية الموجه لهذا النمط أو الأسلوب
40/ IDEM
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
من أساليب الإرهاب و إزاء هذا الوضع جاء التحرك الدولي خاصة في إطار الأمم المتحدة ممثلا في الإتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن و التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1979.
و فيما يلي أهم سمات هذه الإتفاقية :
-إختطاف الأشخاص و إحتجازهم و التهديد بقتلهم وإيذائهم من أجل إكراه طرف ثالث سواء كان هذا الطرف دولة أو منظمة حكومية أو شخصا طبيعيا أو إعتباريا أو مجموعة من الأشخاص على القيام أو الإمتناع عن القيام بفعل معين كشرط صريح أو ضمني للإفراج عن الرهينة.
-أبرمت الإتفاقية عمليات أخد الرهائن و الشروع في إرتكابها أو المساهمة فيها إلى جانب آخرين يرتكبون أو يشرعون في إرتكاب مثل تلك العمليات.
-ألزمت الإتفاقية الدولة المتعاقدة بإدخال جريمة أخذ الرهائن في التشريعات الجنائية الداخلية.
-أوجبت الإتفاقية على الدول المتعاقدة ضرورة إتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع الإعداد لإرتكاب مثل تلك الجرائم داخل أو خارج إقليمها.
-ألزمت الإتفاقية الدول المتعاقدة معها تبادل المعلومات و تنسيق الجهود فيما بينها و هذه الإتفاقية لا تسري أحكامها على أخد الرهائن التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة و التي عالجتها إتفاقيات جنيف.
-أحكام هذه الإتفاقية لا تسري إلا على جرائم أخذ الرهائن ذات البعد الدولي أي التي تتضمن عنصرا خارجيا.
أما تلك التي تحدث بكافة عناصرها داخل إقليم الدولة ، فتخضع كاملا للتشريع الداخلي ، كما أن مشروع هذه الإتفاقية لم يحضى لموافقة بعض الدول كفرنسا خاصة فيما يتعلق بالمطالبة بتطبيق عقوبة مشددة على جرائم أخذ الرهائن مما يقيد مرونة السلطات في حالة التفاوض مع محتجزي الرهائن مقترحة تخفيف العقوبات على الإرهابيين الذين يقومون بإطلاق صراح رهائنهم طواعية و إختيارا41
المبحث الثالث: موقف القانون الدولي من اختطاف الطائرات:
تعود عمليات اختطاف الطائرات لعام 1931 عندما وقع حادث اختطاف طائرة على أيدي ثوريين من "البيرو" للهرب بها خارج البلاد و توالت بعد ذلك حوادث الإختطاف حتى وصل مجموع تلك الحوادث عام 1982 حوالي 30 عملية و مثل هذه الأعمال وإن كان البعض ينظر غليها نظرة تأييد ، عندما تقع كأسلوب تلجأ غليه المقاومة الشعبية المسلحة ، و كوسيلة لممارسة الضغط على الخصم لتحقيق أهداف سياسية تسمو على البواعث الشخصية إلا أن ذلك ينطوي-بلا شك- على مخالفات صريحة لمبادئ القانون الدولي العام
41/ د.عبد العزيز محمد عبد الهادي صفحة 181 النهضة العربية
الأفعال الإرهابية البــاب الثاني
أولا: تؤدي هذه العمال إلى تعريض المواطنين الأبرياء للخطر و هي عادة تأخذهم كرهائن ، المادة 3 من إتفاقية جنيف 1949 و المادتين 33-34
ثانيا : هذه الأعمال تخالف القواعد القانونية للإتفاقية التي تحرم تغيير مسار الطائرات مما يعرض سلامة الطيران المدني للخطر.
و هذا وقد وضعت منظمة الطيران المدني قواعد قانونية للأتفاقية، ما يهدف إلى تلبية الحاجة الملحة إلى حماية حركة الطيران المدني و تأمين سلامتها من خلال مجموع الإتفاقيات الدولية التي أبرمت في هذا الصدد و هي إتفاقية طوكيو..
المطلب الأول : خطورة حوادث إختطاف الطائرات
إختطاف الطائرات يرتب خطورة كبيرة متعددة الجوانب و الأبعاد ، إن وقوع حادث من هذا النوع يرتب آثار ا خطيرة في العديدة من الاتجاهات و الزوايا ، فتتعرض سلامة و حياة المسافرين على متن الطائرة و طاقمها لاخطار نتيجة مقاومة أحد المسافرين ، أو أحد أفراد طاقم الطائرة إلى استعمال السلاح أو أدوات العنف من طرف المختطفيين و خلق جو الرعب و الخوف مؤثرا بذلك على الصحة النفسية لهؤلاء المسافرين و يمكن للمختطفين قتل أحد الركاب كوسيلة للضغط لتحقيق رغباتهم ، كما يمكن تعريض طائرة ذاتها للخطر كالنسف مثلا إذا فشل الطرفان للتوصل لحل وسط و نفاد الوقود أثناء التحليق ، كما قد لا يكون لقائد الطائرة الخبرة على التحليق مسافة طويلة خاصة إذا قام الاختطاف في رحلة داخلية .كما يمكن أن يقع خلل بالطائرة نظرا لسوء الأحول الجوية …و بهذا نكون أمام كارثة كبرى و الأمر محقق و مؤكد ، إضافة إلى التأثير على حركة النقل الجوي و ذلك بتغيير مسار الطائرة و يؤدي إلى رفع قيمة التأمين على الطائرات العاملة في النقل الجوي التجاري و هذا بدوره عبئا إضافيا يدفع إلى إستخدام وسائل أخرى أقل تكلفة و أقل سعر و لإتخاذ تدابير للحيلولة دون وقوع حوادث الاختطاف يجب أن يكون عمل وقائي ضد هذه الإحتمالات كالإجراءات الوقائية في المطار قبل إقلاع الطائرة و المتمثل في أسلوب مراقبة سلوك المسافرين كما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق متخصصين في تحديد السمات الخارجية المنعكسة عن تلك الجوانب .
كما تستخدم السلطات في كثير من المطارات أجهزة أشعة و مؤشرات مغناطيسية لضبط الأسلحة …إلخ و استخدام أسلوب التفتيش قبل دخول الطائرة خاصة حقائب اليد و حتى علب السجائر و خير مثال على ذلك حادث اختطاف الطائرة الذي وقع مؤخر في 04 فبراير 2000 و هي طائرة أفغانية من نوع بوينغ 727 و التي كان على متنها 151 راكبا المختطفين من طرف ثمانية (08) مختطفين و الذين زعموا أنهم من حركة طالبان و كان هذا الاختطاف سببه حق اللجوء السياسي .