المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفاعا عن شيخنا أبي اسحاق الحويني


ناشر الخير
2011-04-10, 19:51
سلسلة دفاعا عن شيخنا أبي اسحاق الحويني
بقام باعدادها الأخ الحبيب أبو حذيفة الجزائري

إنّ الحمد لله تعالى نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و سيّئات اعمالنا , من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له , و أشهد ألّا إله إلّا الله وحده لا شريك له , و أشــهد أنّ محمّدا عبده و رسوله .
أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و دل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار .
فأدعو الله تعالى أن يوفّقني في هذه الخطوة الأولى على هذا المنتدى الطيّب , و الذي أرشدني إليه إخوان مصريّون أحبّاء , رأوا حفظهم الله أن أتشرّف بالمشاركة فيه , و ذلك بنشر (الحلقة الأولى) من سلسة بدأتها في تجليـــة مواطن الغموض و بيان أركان الزّلل و منابع الخطل في فكر إخوان بغوا على إخوانهم و انتقصوا علمائهم فلم يوقّروا كبيرا و لم يرحموا صغيرا ...
و ذلك أنّه , و في مقابل انتشار فضل (أحد حماة السنّة) في هذا العصر , في مختلف بقاع الأرض و منها الجزائر , إستيقظ إخواننا هؤلاء وفّقهم الله ملبّسين على أهل العلم الكبار , مستعينين بطلبة العلم الصّغار , لكي ينالوا من عرض الشّيخ الفاضل محدّث الديار المصريّة بحق أبي إسحاق الحويني حفظه الله تعالى و نفع به , فكأنّ إخواننا هؤلاء قد (أزعجهم) القبول الذي وضعه الله للرجل في قلوب العالمين , فأنساهم ما يقرؤون في القرآن فضلا عن وصايا الأتقياء بأنّ الفضل بيد الله و حده (( قل اللهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممّن تشاء و تعزّ من تشاء و تذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير)) .
و قد كتبت ما كتبت بعد إلحاح و تشجيع كبير من أخي (أبو عبد الله سمير الجزائري) المشرف العام على (منتديات تبسّة الإسلاميّة) سلّمه الله و هو رجل فاضل محب للعلم و أهله , و قد دافع كثيرا عن عرض الشّيخ حتى في أعماق منتديات الغلوّ و التّجريح فلمّا رأى القوم لا يريدون غير الإصرار على انتقاص الأفاضل , ألحّ عليّ و شجّعني , فأجبته إلى ذلك داعيا الله تعالى بالتّوفيق , مع الإشارة إلى أنّي سآخذ وقتا طويلا في هذه الحلقات و ذلك لأمور :
أوّلا : أنّني سأحاول مناقشة الطّاعن في الشّيخ أبي إسحاق في (أغلب) أخطائه و جناياته
ثانيا : أنّني سأجعل هذه الحلقات بإذن الله تعالى مرجعا لكلّ الغيورين على الشّيخ ممّن أعيتهم شبهات الطّاعنين و قصر علمهم أو وقتهم على إدراك ما عند هؤلاء الإخوة الجرّاحين هداهم الله من (الكذب - البتر - التّقوّل بلا أدلّة - الظّلم )
ثالثا : أنّني أتريّث في المراجعة و التّأكّد مع الاستعانة بطلبة العلم الكبار في ذلك , و هنا أذكر و أشكر شيخين فاضلين استفدت منهما في هذا الموضوع :
الشيخ محمّد حاج عيسى الجزائري.
و الشّيخ سليمان بن صالح الخراشي من المملكة
و هذا الأخير جزاه الله خير الجزاء قرأ البحث كاملا و أفادني بملاحظتين أخذتهما بعين الاعتبار (ابتداء ممّا سينشر في هذا المنتدى إن شاء الله تعالى )
رابعا : أنّ الأصول الفاسدة التي سأناقشها , هي لسكّين واحد به جرح كثير من مشايخنا الأفاضل فليس الأمر مقتصرا على الشيخ أبي إسحاق و لا على مشايخ مصر كما قد يتوهّم متوهّم , بل هو امتداد للطّعن الذي نال كبار العلماء كالشيخ بكر أبو زيد و الشيخ ابن جبرين , فالرّد سيكون إن شاء الله مفيدا و شاملا و خاليا من التّعصّب و المين .
و أسأل الله تعالى التّوفيق , و أن يقيّض لي أخا معينا و ناصحا أمينا , و أن يكتب لهذا العمل القبول و النّفع إنّه ولي ذلك و القادر عليه و إلى المقطع الأوّل :

كشف التّعصّب و المَيــْـن و الكيل بمِكياليْــن
حوار مع صاحب
( الأصول التي خالف فيها الحويني أهل السّنّة )
أبو عبد الأعلى خالد المصري وفّقه الله
الحمد لله رب العالمين و الصّلاة و السّلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه و من اتّبعهم بإحسان إلى يوم الدّين أمّا بعد:
فكثيرا ما يوقفني بعض إخواني الغيورين على أعراض الدّعاة إلى الله جزاهم الله خيرا , على بعض الخرجات الفريدة التي لا زال غلاة الجرح و التّبديع من بعض شباب السنّة يخرجون علينا بها بين الفينة و الأخرى .
و لأنّني – بحمد الله – قد خبرت القوم و أدركت أغلب أساليبهم في تسويق بضاعتهم , فإنّني كنت أكتفي بالتّخفيف من هول الفجيعة على إخواني الغيورين هؤلاء , مع الإشارة إلى بعض دلائل التّلبيس و التّعصّب و التّطفيف في الميزان , و التي لا تخلو منها كتابات هؤلاء الإخوة هداهم الله , فكانت إشارتي إلى دلائل تلك الخصال الشّنيعة في تصرّفاتهم على سبيل دفع الشّبهة عن إخواني و تذكيرهم بنعمة الله عليهم إذ سلموا من رقّ تعظيم الخلق أكثر من الحقّ , كما هو حاصل لأولئك المساكين أصحاب التّعليقات الممجّدة للشّباب الجرّاحين و المشنّعة على الشّيوخ المجروحين بلا رحمة و لا شفقة , و الدّاعية للمضيّ في ذلك المسار الذي يزعمون فيه مقاومة أهل البدع و الحزبيّين , مع أنّهم في الحقيقة قد جسّدوا بدعة الحزبيّة المقيتة في أبشع صورها كما سيأتي في هذه العجالة .
و لقد كنت أدعو إخواني المنصفين ألّا ينشغلوا بتلك التّرهات التي تنبّه لها الحذّاق بما آتاهم الله من العلم و البصيرة , و سئم منها المبتدؤون بما منحهم الله من صفاء الفطرة و السّريرة فلم تعد تتجاوز القوم و شبكتهم مع حوالي ثلاث منتديات كاسدة أخرى يحسن إهمال ذكرها لتزيد على إبهامها إبهاما, فصار شأنهم و الحال هذه مجموعة تتبادل الخداع والمجاملة على حساب الحق , و إن استدرجوا بعض من يكتب تعليقات التّمجيد و التّعظيم فإنّهم كما قلت لك قوم أصابتهم فتنة فعموا و صمّوا و هم بحمد الله قليل يزداد قلّة , ويكفيك نظرة فاحصة لحال من جرحوه سابقا , تتأمّل فيها إلى أين صار و صاروا ؟ , فستجد أغلب بل كلّ من جرحوه من أهل السنّة و دعاتها في علوّ مقابل نزولهم , و في اجتماع في مقابل تفرّقهم و في ستر و عافية في مقابل فضائحهم .
ففي الجزائر التي يصوّرون للنّاس أنّ شبابها قد دخلوا في منهج الغلوّ أفواجا , يكذّبهم الواقع و الحمد لله , و يكفي أن تسأل عن ضحاياهم لترى كيف أنّ ما ألحقوه بالشّيخ العيد شريفي و الشّيخ أبي سعيد الجزائري و الشّيخ بن حنفيّة العابدين و غيرهما لم يكن إلّا ابتلاء لهم من الله تعالى , ثمّ جاءتهم العاقبة الحسنة , فها هي مجالس الشّيخ العيد شريفي تضيق بالشّباب السّلفيّين حيثما حلّ و ارتحل , و هاهي كتب الشّيخ أبي سعيد قد ملأت الآفاق , و ها هو شرح الرّسالة للشّيخ عابدين و غيره من كتبه يتخاطفه شباب السنّة , و هاهي مجالس إخوانهم في العاصمة تضيق بالشّباب و الطّلبة , و ها هم كبار تلاميذ الشّيخ فركوس كالشّيخ حاج عيسى و الشّيخ رابح مختاري ... يسيرون على الدّرب لا مبالين بصراخ الصّارخين و لا بتشويش بقايا المشوّشين .
و هم مع ذلك في ودّ و صفاء و تعاون على البرّ و التـقوى لا يعكّره اختلاف في اجتهاد و لا شيء ممّا يعتري أعمال العباد , نعم ليس أحد منهم معصوما و لكن ليس أحدٌ منهم مبتدعا كما يزعم إخواننا الغلاة.
و في المقابل : فقد دبّ الافتراق في صفوف المتعصّبين , فانشطر الحزب إلى أحزاب , وانقلب البناء إلى خراب و التّزكية إلى تبديع و سباب , فاعتبروا يا أولي الألباب .
ثمّ أمّا بعد :
فهذه وقفات مع خربشات بعض الإخوة المذكورين و نقولاتهم و حُججهم و أحكامهم و تجريحاتهم التي أرهقوا بها الغيورين عن السنّة ممّن لا يزال يلتفت إليهم و هم قلّة و الحمد لله قد كتبتها استجابة لإلحاح أخ فاضل رأى المصلحة في التّصدي لهذه الأساليب الظّالمة للعلم و أهله و المغامرة بمن وثق في أصحابها من حدثاء الأسنان من شباب السنّة حفظهم الله من كلّ ســوء فـأقول : أيّها الحبيب , هذا قليل يغني ذكره عن كثير, و من رأى من السّيف نصله فقد رآه كلّه, و إنّني إذ أجيبك عن صنيع هؤلاء فإنّما طمأنة لقلبك وجبرا لخاطرك و لأملك أن يهدي الله الضّال منّا , و من باب عدم اليأس من الأمر بالمعروف مهما أنكره النّاس و عدم اليأس من إنكار المنكر مهما تعارف عليه النّاس , و إلّا فليس مع إخواننا هؤلاء ما يستحقّ الالتفات و لا هم – و لله الحمد - أغرقوا الأمّة بتلك الشّبهات بل هم –كما قلت لك – من قلّة إلى أقل و شذوذهم هذا من انكسار إلى اندثار و لا ترعبنّك القلّة التي تحزّبت على هذا الأمر المشين فإنّه قد قيل و عُلم أنّ:
لكلّ ساقطة في الحيّ لاقــطة ° و كلّ كاسدة يوما لها ســوقُ
و ها أنا ذا أستعين الله تعالى في الوقوف مع بعض مواطن الخلل في ذلك الفكر المنحرف الذي تلبّس به بعض إخواننا , من خلال الصفحات التي سلّمتها لي و التي كتبها الأستاذ أبو عبد الأعلى خالد المصري طاعنا في الشّيخ أبي إسحاق و قد طار بها بعض إخواننا ظنّا منهم أنّها تساوي شيئا في ميزان العلم و أهله و هي – كما سترى- لا تساوي فلساً , فلا تحقيق و لا تدقيق و لا تأصيل و لا تنزيل , إلّا على طريقة الحائدين عن السّبيل .
و كيف توصف تلك الكلمات بأنّها (ردّ علميّ) و أركان الرّد العلمي مغيّبةٌ حاضر ما يهدمها فلا يبقي لها في قلوب الأتباع رسما و لا أثرا ؟
و إنّني و اللهِ لأتعجّب و أسترجع ذاهلا أمام ما نضحت به قريحة الأستاذ في هذا المقال من تصرّفات منسوبة للعلم و طريقة أهله , تجعل الواقف عليها بين أمرّين أحلاهما مرّ , أيتّهمُ أخاه هذا بسوء الفهم , أو يتّهمه بسوء القصد , أو يجمع له بينهما ؟ وهما جماع أسباب فساد العلم و الدّين كما هو معلوم , فمن اجتمعا فيه فقل عليه السّلام و اسأل الله العافية .
و إن كان سوء الفهم في الموقف و الموقفين يعذر به كلّ أحد إذ لا ينجو منه إلّا من عصمه الله تعالى , فكيف بسوء القصد , الذي بدا ظاهرا في أمور :
الأوّل : نسبة أقوال إلى أهل العلم ما قالوها أصلا باستغلال جهل المتلقّين بدلالات الألفاظ و طريقة فهم كلام العلماء من جهة , و تسليمهم له على طريقة (اعتقد و لا تنتقد) من جهة أخرى و الله المستعان .
الثّاني : نسبة عقائد باطلة إلى مخالفيه بمجرّد الظنّ و التّوهّم و فلتات اللّسان التي لو جعلناها مقياسَ عدلٍ لآلت بنا إلى تبديع جماهير الدّعاة إلى الله كما هو لازم فهمه و زعمه الذي ستراه .
الثّالث : الحيدة على الكلمات الصّريحة النّافية لتلك العقائد الباطلة , و التي عُرف بها من يطعن فيهم , على مدى مشوارهم الطويل في الدّعوة إلى الله تعالى , حتّى و الكلماتُ المصرّحة بعقيدة أهل السنّة في الموضع نفسه و في السّياق نفسه الذي أخذ منه الأستاذ معتمده في نسبة الباطل إلى (ضحاياه) و لا حول و لا قوّة إلا بالله.
الـــرّابع : بتــــرُه لكلام الشّيخ بحيث ينقلب المعنى تماما , بما ينتبه إليه كلّ ذي عينين في رأسه و يأنفه كلّ من خالط قلبُه نسيم الصّدق و الأمانة العلميّة .
و كفرع تابع لهذا الأصل الذي اتّكأ عليه الأستاذ عبد الأعلى المصري , فإنّه أيضا استشهد بكلام مبتور نقله كذّابون لبعض الشّيوخ الذين أمضى الأستاذُ تبديعَهم المبنيّ على ذلك البتر ناسيا أنّ ما بني على باطل فهو باطل .
و كفرع آخر لهذا الأصل الفاسد(البتر) : فإنّه تارة ينقل الكلام الذي يظنّه يخدمه كاملا و لو كان (عاميّا) , بزعم (الأمانة العلميّة!!!) و تارة أخرى يكتم كلاما لا يساعده على زعمه مكتفيا بالتعليق عليه بأنّه لا يفيد , و لا أدري ما هو ضابط التّقيّد بالأمانة العلميّة المجنيّ عليهـــــا عنده كمـــا سيأتي .
فهذه وقفات معه خصوصا و مع كلّ من أشبهه في طريقته أو نشر ثمارها أو انتصر لها و عظّمها عموما , يكون ذكر ما فيها مغنيا عمّا لم يذكر فإنّ الوقت نعمة مغبون فيها كثير من النّاس فلا يزيد المرء على ذلك بإنفاقها في هذه التّرهات .
و بين يدي هذه الوقفات أحبّ أن أقدّم بأمور لا بدّ من ذكرها و أرجو من كلّ فاضل نشطت نفسه لقراءة هذه الكلمات المتواضعة أن يستصحبها :
أوّلا :
أنّني لا أدّعي في هذه الورقات أنّني أفضل من إخواني الشّباب النّاقلين لتلك التّجريحات أو أكثر منهم علما , كما لا أدّعي أنّني قد بلغت من العلم مبلغ الطّلبة المبتدئين فضلا عن المتقنين و ( رحم الله امرء عرف قدر نفسه) , و لكنّني في المقابل أزعم أنّني قد أحطت من جوانب هذه المسألة بكثير ممّا لم يحط به إخواني , فوجب البيان و النّصيحة فيما علمت من هذه الأمور الخطيرة و المتشعّبة , و قد عَلم أهل الحقّ أنّ الاجتهاد يتجزّأ والعلم يتجزّأ فمن أتقن مسألة فهو بها عالم , و لا يُشترط أن ينتظر أن يصبح إماما لكي يتكلّم بما رآه من الحق كما هو ظاهر بيّن , و مثاله :
أنّ من رأى إخوانه يلحنون في الضّاد فينطقونها ظاء أو داء مفخّمة , فإنّه يجب عليه تقويم اعوجاجهم و إن لم يكن قد أحاط بباقي أبواب تجويد القرآن و أحكامه , لأنّه ( لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها ) و هذا أمر مطّرد في سائر الأبواب كمن قوّم أخا له في الوضوء أو الصّوم أو الزّكاة فلا يشترط فيه إذا أتقن تلك المسألة أن يكون فقيها كبيرا لكي يتكلّم فيها و هذا داخل في قوله عليه السّلام ( بلّغوا عنّي و لو آية ) .
ثانيا :
أنّني لا أزعم في هذه الوقفات أنّ إخواننا هؤلاء قد خرجوا من السنّة و السّلفيّة مع أنّني أوقن -كما عليه جمهور أهل السنّة - ببغيهم على طائفة من أهل السنّة بغير حقّ كما سيأتيك و أنّهم تعصّبوا تعصّبا مقيتا لطائفة أخرى في الوقت نفسه , فصاروا في هذا الجانب نموذجا حزبيّا يفرح به كلّ مفسد , و بما يكفي من عاملهم بقواعدهم أن يخرجهم من زمرة السّلفيّين , و لكنّ صراط الله أفضل و لا يردّ الباطل بباطل , و توضيح ذلك أن يقال :
معلوم أنّ الفضل يتبعّض كما أنّ الإيمان يتبعّض , فيتفاضل النّاس بحسب قيامهم بما أمروا به وجوبا و استحبابا و تحريما و كراهة , و معلوم أنّ السنّة أبواب و أصول , و أنّ الرّجل أو الجماعة قد يكونون قائمين بالسّنّة على وجه مرضيّ في الجملة و في أغلب الجوانب لكنّهم يكونون في الوقت نفسه مقصّرين أو متعدّين في جانب أو جانبين , فلا يقضي خطؤهم على صوابهم و لا يحول صوابهم عائقا في طريق بيان خطئهم , و هذا الذي أنا بصدده هو من ذلك الباب بالضّبط , فإنّ الرّدّ على هؤلاء الإخوة و تخطئتهم إنّما هو في باب لا في كلّ أبواب الدّين هذا و إن أمعنوا في تبديع كلّ مخالف على أساس و معيار ظالم سيأتيك خبره , فإنّ المنصف لا يزيد مقابل معصيتهم ربّهم فيه على أن يطيع ربّه فيهم و العاقبة للمتّقين.
ثالثا :
أنّ كلّ ذي بصيرة يدرك أنّ القوم ينطلقون من نقطة جوهريّة عندهم و إن أنكروها الا و هي : نصرة أقوال بعض المشايخ في الجماعات و الرّجال , و الدّفاع عن تلك الأقوال بأيّة وسيلة , و التّعلّق في إثباتها بأيّة قشّة , و هم في ذلك بين متعصّب معاند و بين مخدوع بالمتعصّب يسايره في ما يمليه عليه ظانّا أنّه الحقّ لأسباب يطول ذكرها و مدارها على الجهل و قلّة الاطّلاع و التّشبّع اللاإرادي بالقواعد الفاسدة حتّى أنّ أذهان القوم و قلوبهم أشربت منهجا عجيبا غريبا مبناه على أنّ المصيب لا يعتريه خطأ و المخطأ لا يقع في صواب , و مثله الفضل مع الذّم و مثله التّسنّن مع البدعة , فمن وافقهم نظروا في كلامه بعيون عمياء لا تفحص و لا تبحث , و من خالفهم أعرضوا عن كلامه إعراضا تامّا , أو نظروا فيه بالمجهر و جعلوا حسنه قبيحا فكيف بقبيحه , فدخلوا – من هذا الوجه - في قول شيخ الإسلام كما في بداية كتاب التّصوّف إهـ (جزء 11 ص 12):
( ... وكثير من الناس إذا علم من الرّجل ما يحبه , أحب الرّجل مطلقًا ، وأعرض عن سيئاته، وإذا علم منه ما يبغضه؛ أبغضه مطلقا، وأعرض عن حسناته،(...) وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة ، وأهل السنة والجماعة يقولون ما دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع و هو أنّ المؤمن يستحق وعد الله و فضله الثّواب على حسناته ويستحقّ العقاب على سيّئاته و إنّ الشّخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه و ما يعاقب عليه و ما يحمد عليـه و ما يذمّ عليه و ما يحبّ منه و ما يبغض منه فهذا هذا .)
و له رحمه الله كلام كثير نفيس يقرّر فيه هذا الأصل الأصيل الذي عليه أهل السنّة و الجماعة و الذي غيّبه إخواننا هؤلاء بحجّة دفع (منهج الموازنات في النّقد ) و ليس بشيء فإنّ الموازنة بين المحاسن و المساوئ في الحكم على الرّجال و تقرير منزلتهم في الدّين منهج صحيح قويم و يخشى على من ردّه أن يكون باغيا مبتدعا و تفصيله ليس هذا موضعه و الله المستعان.
رابعا :
فصل في التّنبيه على الخلط بين الاتّفاق على القدر الأدنى و بين الإجماع على القدر الأعلى و أنّ هذا من أبطل الباطل:
وذلك أنّ إخواننا هؤلاء يصوّرون للشّباب أنّ (كلّ!) علماء السنّة في هذا العصر بل وعلى مدار الزّمن متّفقون مع من يتعصّبون لهم في مسائل الاجتهاد المتعلّقة بباب التّبديع والحكم على الجماعات , و هذا باطل و توضيحه مهمّ جدّا يجفّ بسدّ ثغرته واد كبير من أودية الغلو , فتأمّله ترشد و تهتد :
و ذلك أنّ المعيّن محل النّزاع تكون له أخطاء أو بدع و ضلالات , فيتكلّم فيه لأجلها خلق كثير من الأفاضل و العلماء , فمنهم من يبدّعه و منهم من يشنّع عليه في بدعته و لا يحكم عليه بالبدعة , و منهم من يراه جاهلا و منهم من يبحث لفعله أو قوله عن محمل ما و منهم من قد يشدّد فيكفّره أو يكاد و منهم من يتساهل فيعدّه إماما و لا شيء عليه مع اعترافه بأنّه أخطأ في تلك المسألة و منهم من يقول تراجع و منهم من ينازع في كون مقالته دالّة على البدعة أو أنّها مجملة فيذمّه في إجماله و لا يحكم عليه بشيء .
فتصرّفُ هؤلاء المذكورين في هذا المثال , ليس على صورة واحدة كما ترى , فهم اختلفوا في أشياء و اتّفقوا في شيء و هو القدر الأدنى المشترك بينهم جميعا أو بين أكثرهم و هو مثلا :
- إثبات وقوع المحكوم عليه في البدعة أو الخطأ.
- أو إثبات ذمّه و إنزاله عن منزلة الإمامة في الدّين .
فيأتي متعصّب لمن كفّره , فيظنّ كلامهم إجماعا على قول متبوعه و يجعله ملزما لمن خالفه كإلزام الإجماع تماما , و يعامل من خالفه بمعاملة من خالف نصّا أو إجماعا متيقّنا , و الحقّ أنّ هؤلاء الأفاضل ما اتّفقوا في هذه الصّورة على الوجه الذي يفهمه المتعصّب وبيانه :
أنّهم إذا كانوا اتّفقوا على تخطئته فإنّ شيخك كفّره ( أو بدّعه ) و التّخطئة غير التّكفير والتّبديع .
و إذا كانوا اتّفقوا على ذمّه فإنّ الذّمّ درجات فمنه تكفير و منه تبديع و منه تفسيق و منه تجهيل, فإنْ كنت تتعصّب لمن كفّره مثلا فهل من الصّدق أن تقول : أجمع هؤلاء العلماء على ما قال به شيخي ؟ و كذلك التّفسيق و غيره .
و ما قيل في درجات الذّمّ يقال في درجات التّبديع و التّفسيق من جهة الاختلاف والتّفاوت .
و ما قيل في الفرد المعيّن يقال في الجماعات .
و ما قيل في هذه المسألة يقال في غيرها .
و هذا مرجعه إلى مباحث الإجماع و دلالات الألفاظ و المعاني , حيث يتوهّم بعض النّاس إطباق المشايخ على قول و هم في الحقيقة مشتركون في قدر و مختلفين في ما زاد عن ذلك القدر الذي ينصره المتوهّــم , و التّنبّه لهذا الأمر مهمّ في ما نحن بصدده جدّا , و هو أنّ ما دلّ على القدر المشترك بين هؤلاء المختلفين , ليس فيه دليلا على ما اختصّ به كلّ واحد منهم زائدا به على غيره فكيف بزعم الإجماع و الله المستعان .
و من هذا الباب دخل التّعصّب و أُدخل الباطل على كثير من الشّباب فإنّ العلماء قد يتّفقون على ذمّ شخص و لكنّهم يختلفون في وجه ذلك الذّمّ و درجته , فيأتي من يدّعي نسبته إلى الجهم بن صفوان بأقوال من ردّوا مقالة كفريّة جَهميّة للمحكوم عليه و يضمّها إلى صوت من حكم عليه بالجهميّة الصّريحة على أنّها موافقة مطلقة !!! فيلتبس الأمر على المتلقّي الغارق في العاطفة و حسن الظنّ فيرمي من خالف رأي شيخه بأنّه خالف إجماع العلماء افتراء على الحقّ و طلبته و أهله , و يضيع الحق و معه حقوق كثيرة أوّلها حقّ العلماء في عدم تحريف أقوالهم و عدم التّقوّل عليهم و حقّ طلبة العلم في أن يعانُوا و لا يُهانوا , و حقّ الأخوّة الإيمانيّة الثّابتة التي لا يحرّكها اختلاف في اجتهاد و غير ذلك ممّا تتفطّر له القلوب كثير و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله .
و في واقع إخواننا و تعاملاتهم يظهر هذا المعلم المظلم جليّا لا يحتاج إلى مزيد توضيح وقد ذكرته ها هنا لأنّي سأُحيلك عليه في ما بقي من المناقشة و الله الموفّق لا إله إلّا هو .
خامسا :
أنّ إخواننا هؤلاء و حيث تعصّبوا لكلام بعض الأفاضل فإنّه عسُرَ عليهم التّسليم لمن خالفهم , و زاد الأمر تعقيدا في نفوسهم أن جعلوا موضع النّزاع ليس هو تبرئة الحويني (كما هنا) و لكنّهم جعلوا موضع النّزاع هو انتقاص من بدّع الحويني أو غيره , و لذلك تراهم ينهالون بتعليقات الثّناء على المشايخ بمجرّد تنزيل موضوع في ذمّ هذا أو ذاك و كأنّ ثمّة خصومة دنيوية لا علميّة , و هذا من الجهل و التّعصّب و الحيدة عن مواطن الخلاف والقفز إلى اصطناع خلاف غير موجود أصلا , و ذلك أنّنا لا نخالفهم في فضل كثير ممّن يتعصّبون لهم و لكنّنا بحمد الله ننظر نظرة سلفيّة لا نظرة صوفيّة , فنقبل الحقّ ممّن جاء به و نرد الباطل ممّن صدر منه , و لا يلزم من قبول الحقّ تعظيم قائله و لا يلزم من ردّ الباطل انتقاص قائله , و هذا هو منهج أهل السنّة قاطبة و عليه نسير , و من زعم أنّ الأمر غير هذا فعليه البيّنة و أنّى له .
سادسا : أنّ الشّيخ أبا إسحاق الحويني سلّمه الله قد ثبتت له منزلة الفضل مستفيضةً في هذه الأمّة بما لا ينكره إلا مجحف , وقد ذُكِر ذلك قديما على لسان الشّيخ الألباني في أكثر من موضع , ثمّ جاءت فتنة الغلوّ في التّجريح , فأصابته سهام القوم الذين هم بين باغ ومجتهد مأجور و إنّما الوقفة هذه مع البغاة الذين جنوا على الرّجل و على كثير من أهل الفضل بقواعد هشّة لا يعرفها أهل الحقّ و لا يقرّونها . مع نقض عُرى الباطل التي يعتمدون عليها من مقالات الرّجال كائنا قائلها من كان فإنّه لا تنافي بين التّوقير و التّعقّب و الله تعالى أحقّ بالارضاء و التّعظيم .
و قد أثبتت السّنون لكلّ ذي عينين أنّ هذا الرّجل الذي نجادلهم فيه بحقّ -إن شاء الله تعالى- سلفيّ مصلح لا خلفيّ مفسد , و لو كان كما يقولون لما طال عمرُ فتنته و لما استمرّت فصول (كذبته) فإنّه كما قال بعض السّلف :
(لو همّ رجل أن يكذب على النّبي الكريم في البحر تحدّث النّاس في البر أنّ فلانا كذّاب ) و لم نسمع الشّيخ يوما يكفّر أهل المعاصي أو يطالب بالخروج على أولياء الأمور أو يعرّض بذلك , و لا رأينا منه تحريضا و لا رأى منه ذلك من يتابع دروسه من المنصفين والعقلاء .
ثمّ شاء الله تعالى أن يخرج الشّيخ بدعوته المباركة على شاشات بعض الفضائيّات , فعادت إليه ألسنة الشّباب الجرّاحين تطلب عرضه و تروم هدمه , آخذة في ذلك بالأقوال التي مرّت عليها سنين يتذكّر فيها المتذكّر , و يتّعظ فيها المتّعظ , و يظهر فيها المخبوء , و الرّجل ثابت لا يتزعزع كما أسلفت لك .
ثمّ سئل عنه الشّيخ الفاضل المحدّث أبو عبيدة مشهور حسن سلمان , فزكّاه و أشهَدَ اللهَ على ما يقول , و صرّح أنّه من الرّاسخين في الحديث الدّاعين إلى التّصفية و التّربية , مشيرا إلى آثار خروجه على بعض القنوات , و ظهور تلك الآثار الطيّبة على العوام فضلا على المتسنّنين , و طالب الشّيخ من يلمز في الحويني أن يأتي بالبرهان و الدّليل , و أن يتّق الله ربّه .
و هذا عليه عدّة من مشايخنا الأفاضل في الجزائر و في غيرها , و قد وضع الله تعالى له القبول في كثير من طبقات النّاس , حتّى واللهِ لقد صار كثير من العوام يحذّرون بعضهم بعضا من الأحاديث الضّعيفة و الموضوعة ويعرفون شرك الدّعاء و حرمة الاستغاثة بالصّالحين و الأولياء , و أنّ العبادة يجب أن تصرف خالصة لربّ السّماء , ولا عجب , فإنّ الشّيخ حفظه الله كاد الّا يترك بابا من أبواب الدّين إلا و نبّه عليه , فردّ على الصّوفيّة و ردّ على العقلانيّين و ردّ على أكثر المخالفين في مصر و غيرها , بطريقة يفرح بها كلّ محبّ للسنّة و يكفي أن يزحف بجحافل السنّة و حجج أهل الحديث على الرّوافض الذين يسبّون الصّحابة في مصر , فيفحمهم , و على النّصارى فيفضحهم و على المتصوّفة فلا يبقي لهم قشّة يتعلّقون بها , و يكفي أنّه حفظه الله قد أخرج الله به كثيرا ممّن يملكون صحونا لاقطة , أخرجهم من فتن قنوات الشّعوذة و الدّجل و الغناء و الأفلام السّاقطة إلى رياض السنّة الزّاهرة , و سحائبها الماطرة , فهل من معترف بالفضل لأهل الفضل يا أهل الفضل الذين بغوا على إخوانهم .
و هل من العدل أن تخرجوا علينا تصرخون أنّ الرّجل ليس معه إلا القصص و الكلام السّياسي! و أنّه لا يدعو لتوحيد و لا لسنّة و لا لتصفية و لا لتربية , بل و اتّهمتموه أنّه يجعل التّوحيد أربع أقسام , و أنّه يجعل الألوهيّة هي الحكم , و أنّه يجعل لا إله إلا الله بمعنى ( لا حاكم إلا الله) و أنّكم ما رأيتم منه خيرا قط , أفلا تتّقون ؟
و إذا كان أغلبكم أو كلكم لا يتابعون القنوات و لا لمن يتابع هذه القنوات (لأنّ هذا عندكم من الحزبيّة و الضّلال مطلقا !!) , فكيف تجعلون عدم العلم بجهود الشّيخ علما بعدم جهوده ؟ و عدم العلم ليس علما بالعدم كما هي القاعدة المعلومة ؟
و أمّا نحن : فلا ندّعي له و لا لغيره العصمة و لا السلامة من الخطأ و الزّلل , و لكنّنا نرى أنّكم بخستموه حقّه , بل و بخستم السنّة حقّها فإنّه قد علم أنّ النّظر إلى المصالح و المفاسد و الإنصاف في الحكم و اعتبار المآلات , هذا كلّه حاكم على الأمور الاجتهادية التي منها الحكم على الأعيان و خاصة الذين من هذا النّوع .
و لو أنّكم فصّلتم في الحكم لكان وقع ظلمكم أخفّ , و لو أنّكم لم توالوا و تعادوا على ذلك الحكم لكان أخفّ و أخفّ , لكنكم -والله المستعان- قد أجملتم في موضع التّفصيل وأطلقتم في موضع التّقييد , و قلتم ما ليس لكم عليه غير مشتبهات محتملات , و ممّن يقرأ هذه الورقات أناس يشاهدون الحويني على القنوات فنسألهم : بالله عليكم : هل سمعتم الرّجل يقول إنّ توحيد الألوهيّة هو توحيد الحكم , أو أنّ الخروج على ولاة الأمور جائز أو مختلف فيه , أو أنّ حكّام الأرض جميعا كفرة ؟؟ !!!
فأمّا الحجج التي يزعم إخواننا أنّها معهم فأبشر بانهيارها عمّا قريب , و أمّا أنّ رجلا له خمسين عاما يخطب و يتكلّم , و ينقّب المتربّصون له عن زلّة أو هفوة و يجدونها , فهذا ممكن بل أكيد , و أمّا زعمهم أنّها دليل على منهج يسلكه فهذا قول مضحك مبك سيأتيك خبره
فتعيّن أن أجيبك – أخي المستنصح – إلى الدّفاع عن الرّجل منطلقا من مناقشة بعض أصول من تعصّب على تبديعه من إخواننا وذلك من خلال ما كتبه الأستاذ خالد المصري وفّقه الله ثـــمّ احتجّ به بعض الشّباب ظانّين أنّهم جاؤوا بمليئ , لننصح و نستنصح , و نبحث عن الحقّ فيما اختلف فيه الخلق , و ها هنا تنبيه مهــم :
قد وددت - و الله - ألا أذكر اسما و لا رسما , و لكنّ ما لا يتحقّق المطلوب إلا بذكره فلا محيد عليه .
و هذه الشّبكة التي ينشر فيها القوم وددت أيضا ألا أذكرها و لكنّ الأمر لازم إلا ألّا أتكلّم أصلا فذكرتها, وأنا إذ أنتقد على إخواني الشّباب مسلكهم في الجرح و التّبديع و التّقليد الشّنيع إلا أنّني أقول :
قد رأيت بعض الطيّبين من الأعضاء ينقلون من تلك الشّبكة فلعلّه يحسن أن أقول لهم :
أولا : لا يضير أن تنقلوا بل و أن تسجّلوا هناك و تستفيدوا من هذه الشّبكة في ما يتعلّق بالعلم النّافع و الذي لا تخلو منه و المنع المطلق مذهبهم لا مذهب أهل السنّة و إن نسبوه هم إليهم.
ثانيا : أمّا بخصوص الغيبة و النّميمة و الطّعن في السّلفيّين الدّعاة إلى الله , فهذه هي البقعة السّوداء على تلك الشّبكة فاحذروها و خاصّة من هو جديد في الالتزام و لا يزال على الفطرة لم يدخل عليه داخل الغلو , و والله قد رأيت من اهتدى إلى السنة بسبب الحويني ومحمّد حسّان , و غيرهما , ثمّ وقع في أيدي هؤلاء الإخوة سامحهم الله , فصار اليوم يسمّي الحويني بالضّال المضل , بل و يحذّر أمّه من مشاهدته!! و هذا من فوائد الإطلاق عند القوم و إلّا فماذا يخشى على عجوز طاعنة أن تفعل بها قطبيّة! الحويني, أو حزبيّة! محمّد حسّان ! و يخلق الله ما يشاء و لا حول و لا قوّة إلا بالله .
هذه كلمات بين يدي المقال , و قد أزف الابتداء في مناقشة من تعصّب للرّجال , و هذه الوقفة الأولى في ذمّ استعماله و إخوانه هداهم الله , للتّبديع بالأوصاف الغامضة المجملة , وهي الحلقة الأولى و تأتي بعدها حلقات أسأل الله أن يعين على تمامها , و أن ينفع بها من كتبها و من قرأها وأن يهدينا جميعا سواء السّبيل , و قد سمّيت هذه الوقفات : كشف التّعصّب و المين والكيل بمكيالين حوار مع صاحب ورقات ( الأصول التي خالف فيها الحويني أهل السّنّة ) و الله الموفّق لا إله غيره .

الحلقة الأولى :
الأستاذ يستعمل ألفاظا مجملة غير محرّرة و يعلّق عليها ذمّا شرعيّا و اقعا على معيّن بلا دليل :
قال وفّقه الله إلى العدل :
...أما بعد؛ فإن المخالفات الكبرى عند الحويني والتي خالف بها أصول أهل السنة، ووافق فيها الخوارج من القطبيين السروريين تنحصر فيما يلي :...
قوله : ( المخالفات الكبرى... ) وصف مجمل يحتمل أحد معنيين أو كليهما , من جهة كبر هذه المخالفات : نسبيّ ( إلى صاحبها ) و حقيقي , فيقال هلّا بيّنت لنا مقصودك :
أهي كبرى بمعنى أنّها أكبر ما وجد عند الحويني من مخالفات , أم أنّها كبرى بالنّسبة لأصول أهل السنّة و عقيدتهم التي تميّزوا بها عن أهل البدعة و الضّلالة .
و الظّاهر أنّ كلّا من الأمرين مقصود :
فالمعنى الأوّل : دليله الحكم عليه بأنّه مبتدع , و لا يكون الرّجل مبتدعا إلا بمخالفته للسنّة في أصل عظيم , أو بما يرقى إلى درجته بمجموعه من الفروع و الجزئيّات كما هو معلوم .
و المعنى الثّاني : دليله ذكر انحصار ما أخذ على الرّجل في ما ساقه و لا شكّ أنّ متخصّصا حاذقا !! مثلك , لا يمكن أن يذكر الهنات عند تبديع صاحب (كبرى المخالفات) في مقام تفصيل و احتجاج على أمر عظيم و هو الطّعن في دين حامل دين داعية إلى الله كالحويني .
قوله ( .... ووافق فيها الخوارج من القطبيين السروريين...)
أقول : هذه بداية مبكّرة في الانحراف عن قواعد أهل السنّة و أصولهم التي يزعم الأستاذ المنافحة عنها , و هو بذلك قد وافق سمتا عامّا تتميّز به ألفاظ أهل البدع كما سترى :

طريقة أهل السنّة و موقفهم من استعمال الألفاظ المجملة و محلّ الأستاذ الجارح منها :
و ذلك أنّ أهل السنّة و الجماعة و حيث كانوا أعلم النّاس بالحق و أرحمهم بالخلق فإنّهم يتخيّرون من العبارات أبعدها عن الإجمال و أسلمها من الاحتمال , و أوضحها في المقال هذا دأبهم العام في كلّ شؤونهم و مواقفهم , فكيف بأمر متعلّق بأعراض المسلمين , فكيف بأسماءَ يعلّق عليها المتكلّم ذمّا شرعيّا منسوبا إلى الله و رسوله ؟ و يجعلها قسما مندرجا تحت بدعة كبرى و هي بدعة الخروج ؟
أهكذا يكون عَرض أهل السنّة للعلم , و حالهم في الكلام عن خصومهم ؟, التّصنيف بالظنّ و الجرح بالاحتمالات و القذف بالألفاظ المجملات ! و أين هذا التّصرّف الغامض من قول شيخ الإسلام رحمه الله في شرح حديث الافتراق :
(وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه (يعني أهل السنّة) إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف، فما كان من معانيها موافقًا للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفًا للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهل، و اتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم‏.‏ وجماع الشر الجهل والظلم ، قال الله تعالى‏:‏ ‏{وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا‏}‏ إلى آخر السورة ‏[‏الأحزاب‏:‏ 72، 73‏]‏‏.‏ وذكر التوبة لعلمه سبحانه وتعالى أنه لابد لكل إنسان من أن يكون فيه جهل وظلم، ثم يتوب الله على من يشاء، فلا يزال العبد المؤمن دائمًا يتبين له من الحق ما كان جاهلًا به، و يرجع عن عمل كان ظالمًا فيه‏) مجموع الفتاوى الجزء 3 ص213
فهل أجمع أهل السنّة أنّها توجد فرقة جديدة إسمها السّروريّة و أدرجوها تحت الأصل البدعي الأكبر الذي هو الخروج ؟ , لأنّهم إذا كانوا قد أجمعوا على ذلك , فلا شكّ أنّهم بيّنوا رحمهم الله أصول هذه الفرقة و مقالاتها و مميّزاتها , سواءً ما لحقت من أجله بالخوارج أو ما تميّزت به عن باقي فرقهم كالحروريّة و الأزارقة و غيرهم و هذا هو محلّ الخلل في كلام الطّاعن كما سيأتي .
فإن كان الأمر كذلك فإنّ على المتكلّم أن يبيّن للنّاس أين وقع هذا في فتاواهم رحمهم الله ثمّ بعد ذلك يأتي بدعواه أنّ فلانا من هؤلاء لكي يحسن له الاحتجاج إذا احتج , و يحسن للنّاس النّظر في أقواله المجرّدة التي يبقى أبناؤها أدعياء إلى حين إثبات البيّنات عليها , و هذا لكي لا يكون ممّن يتكلّم في الشّرع و في أعراض حملة الشّرع بالألفاظ المجملة فيلحق –من هذا الوجه - بمن ذمّهم شيخ الإسلام في النّقل السّابق .
و توضيحه :
أنّ الحكم على فلان بأنّه سروري مفتقر إلى مقدّمات أهمّها : معرفة من هم السّروريّة معرفة جليّة واضحة لا يعتريها وهم أو اضطراب , معرفة أصولهم , معرفة أصول المحكوم عليه , ثمّ النّظر في هذه الأصول هل هي فعلا أصول القوم أم لا , فإن ثبت ذلك أو بعضه نُظر في ما يسمّى بضوابط الحكم على المعيّن من قيام حجّة و انتفاء الموانع و توفّر الشّروط مع استصحاب القاعدة الكبرى التي غفل عنها الأستاذ و هي أنّه ( ليس كلّ من وقع في الكفر كافرا و لا كلّ من وقع في البدعة مبتدعا ) و لا كلّ من وقع في السّروريّة !سروريّا
فأين هذا كلّه في دعوى الأستاذ الجارح و في فقه من نقل عنه من المقلّدين ؟
و أعلم بارك الله فيك , أنّ هذا اللّعب بعقول النّاس و التّهاون في باب عظيم من أبواب الدّين , هذا كلّه منطلق من اطمئنان مغشوش إلى موافقة طبقة شاذّة من الشّباب الغافل كما هو حال النّاقل المنافح المقلّد , و عليه يقال لهذا الجارح : ليس النّاس سواء , و إذا كان هؤلاء قد وافقوك على النّقير و القطمير لجهل أو قصور أو تقليد و غفلة , فإنّ سواد أهل السنّة و الجماعة مازالوا بحمد الله مستمسكين بالدّليل و البرهان , متّبعين للنّصوص التي منها (( يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)) و منها ( لو أعطي النّاس بدعواهم لادّعى قوم دماء قوم و أموالهم, و لكن البيّنة على المدّعي ..) فهات على ما زعمت البرهان و الدّليل و أثبت العرش ثمّ انقش , و اعلم أنّ عهد تنزيل كلام بعض الكبار منزلة الوحي قد ولّى فكيف بكلام الصّغار ؟!
و قد بنيت أنت تبديعك للحويني على مخالفة أهل السنّة و علمائهم , فها أنا أسوق لك شيئا غير قليل ممّا تمتّعت به طليعة تقريرك فغدت غير ممتّعة , لأنّ أهل السنّة كما أنّ لهم أصولهم في معاملة فاعل الكبيرة و معاملة الحكّام , فكذلك لهم أصولهم في الرّد على المبتدعة و على سائر المخالفين , فإن كان يحرم مخالفتهم في الأولى كما تزعم أنّ الحويني قد فعل , فكذلك يحرم مخالفتهم في الثّانية كما سأبيّن وقوعه من فضيلتك ثمّ أسألك بعد ذلك عن حكمك إذ خالفت هذه الأصول و تلك الفتاوى , و أسأل الله تعالى أن يجنّبنا سبيل الذين يقولون ما لا يعلمون فأقول :
أمّا السّروريّة بوصفها حزبا مباينا لسبيل المؤمنين , فموجودة و هي ثلّة من المتحزّبين حسيّا و معنويّا مع المسمّى محمّد سرور الموجود في ديار الكفر , و لها أفكار منحرفة تلبسها ثوب ما يسمّى بالمعارضة السّياسيّة , و تنشرها في مجلّة إسمها (السنّة) و غيرها , و قد ردّ عليهم أهل العلم و بيّنوا حالهم منذ القديم بما لا يحتاج لإعادته هنا , و إنّما المقصود أنّه إذا كانت نسبتهم إلى الخوارج مستساغة بما شاع عنهم من التّحريض على الخروج على ولاة الأمر و ما شابه ذلك , فإنّ جعلهم فرقة جديدة من تلك الفرق نفسه فيه نظر , فكيف بتعليق الذّمّ الشّرعي عليها و إلصاقه بالدّعاة تبديعا و تشنيعا و المتلقّون أكثرهم لا يدرك لا حقيقة السّروريّة و لا ضابط نسبة النّاس إليها , وأنّى له أن يدرك ذلك و العلماء – كما قلت لك – لم يتكلّموا به و لا صنّفوا النّاس على أساسه , فمثل هذه الألفاظ المجملة لا يجوز أن يتعامل بها في مقام الحكم على الأعيان لأنّه إذا كان الحويني هذا يكفّر بالكبيرة ( أو بالإصرار عليها) و يقول بالخروج فإنّه – و العياذ بالله – يلحق بالخوارج لا بالسّروريّة , فلو صحّت دعوى الطّاعن فيه لكانت أدلّته محقّقة لشطر دعواه و بقي الشّطر الآخر كاذبا إذ كلامه متكوّن من شقّين :
الأول : أنّ الحويني من الخوارج .
الثّاني : أنّه من السّروريّة .
( هذا مع اضطرابه – كما ترى - فتارة يزيد عليها القطبيّة كما في أوّل التّقرير و تارة يزيد عليها نسبته إلى النّجدات , و الله أعلم منْ من الثّلاثة سيظفر بهذا المحدّث المصريّ الفحل , أهو محمّد سرور أو سيّد قطب رحمه الله أو نجدة ابن عامر ؟)
و أنا أناقشه في السّروريّة لأبيّن لك وجه الاضطراب في حكمه و ما قيل فيها يقال في صويحباتها من (حزبي) (قطبي ) (مميّع) ..و العاقل يكفيه المرويّ عن المطويّ كما هو معلوم .
أقول : فلو ثبت أن الحويني يكفّر بالكبيرة و يرى السّيف لكان خارجيّا و هذا إثبات الرّكن الأوّل و ستأتي مناقشته في حلقة مستقلّة بإذن الله تعالى .
فبقي الرّكن الثّاني : و هو السّروريّة و هو ما لم يقم عليه أيّ دليل ممّا يجعل النّاظر غير العارف بمنهج القوم يرميه بالكذب و البهتان و لكنّ الحق أنّ الخلل الذي دفعه إلى ذلك الإجمال مرجعه إلى أحد أمرين أو كليهما :
الأوّل : التّهاون في إطلاق الأوصاف الذّميمة المجملة على المخالفين مع الافتقار إلى التّقوى و الورع , و الرّغبة في ترك مساحة للتّخرّص و التّفلّت عند المحاققة كما حدث لأبي عمر العتيبي في مناظرته مع الأستاذ الفاضل عادل المرشدي على موقع الكاشف .
الثّاني : الجهل بحقيقة السّروريّة و أنّها بهذا التّعبير ليست بعقيدة قسيمة لعقائد الفرق الضالة و إن كانت قسما داخلا تحتها باعتبار الخروج و السّيف و الذي يعتبر القاسم المشترك بين فرق الخوارج و المعلم الرّئيس المرشد إليهم .
و الحق فيما يظهر و الله أعلم : أنّ تسميتهم بالسّروريّة نسبة إلى زعيمهم محمّد سرور -هداه الله - لا باعتبار عقدي و لكن باعتبار التّحزّب الحسّي و المعنوي على هذا الرّجل و الذي يظهر إمّا بالانتماء الصّريح إلى حزبه أو بتمجيد أهدافه و المنافحة عنها و المناظرة عليها أو ما يساوي ذلك من الأفعال التي لا يعتريها إجمال و لا احتمال ممّا يدلّ دلالة قاطعة أو غالبة على الأقل على انتماء (المجروح) إلى ذلك الرّجل , أي : انتماء سياسيّا ( إلى حزبه) وليس انتماءً (شرعيّا) إلى عقيدته كما يصوّره فرسان الجرح الجدد لأجل التّوسّع في الجناية و الله المستعان .
و الدّليل القاطع على ذلك – كما قلت لك – إعراضُ كبار أئمّة المسلمين عن التّعاطي بهذه الطّريقة حتّى مع من تأثّروا بأفكار الرّجل في فترة ما كالشيخين سلمان و سفر , و اقرأ فتوى اللجنة الدّائمة بتاريخ : ( 03-04- 1414هـ ) في إيقافهم , و اقرأ فتواها الثّانية بتاريخ ( 10-4-1414)و التي فيها تبرئتهم من منهج الخوارج , ترى عجبا من الفرق بين تصـرّف العلماء الرّبّانيّين و بين تصرّف ( الشّباب المتهوّرين المتسرّعين في التّبديع )
و قد ذكر الشّيخ مقبل في بعض أجوبته أنّ ممّن تأثّر بمحمد سرور ( الدكتور سفر الحوالي) مع إشارته أنّ فيه أملا كبيرا للتّخلّص من ذاك (التّأثّر) لو خالط بعض الصّالحين , و أشار الشّيخ ابن باز و إخوانه العلماء –كما مرّ ذكره- بإيقافه و أخيه عن التّدريس في زمن ما , و مع ذلك لم ينسبوهم لا لسرور و لا للخوارج بل نفوا عنهم ذلك عنه و برّؤوهم منه , فإن كان من تأثّر بهم عند هؤلاء الكبار لا ينسب إليهم فكيف بمن لا يستطيع الأستاذ سامحه الله , أن يأتي بقشّة من أدلّة الارتباط بينه و بينهم كما ترى في تقريره محلّ النّقد , و لاحظ –زادك الله بصيرة – أنّه لم يأت بدليل واحد على سّروريّة الحويني خلا ما لهج به من قوله أنّ الحويني يزورهم !!! وما يشبه ذلك من أدلّة الطّيش التي سيأتيك بيانها , و حسبك الآن أن تعلم بما يلي :

إطلاق الأوصاف المجملة ( الأدْخل في التّلبيس) علامة "مسجّلة" لغلاة التّــجريح :
إنّ هذه عادة و سمة يعرف بها هؤلاء الإخوة الجرّاحون أعني إطلاق أوصاف مجملة في التّبديع و التّشنيع مع جرأة عجيبة على منهج السّلف في تجنّب هذا المسلك كما نقلت لك كلام شيخ الإسلام قريبا , ثمّ جرأة أعجب منها على نسبة تصرّفهم هذا إلى السّلف وجعل كلمة ( حزبي ) تساوي ( مبتدع) تماما كجهمي أو مرجئي أو معتزلي , و هذا الذي يفعلونه في الحقيقة ما هو إلا مسلك من مسالك أهل البدع التي اتّخذوها مطيّة لتحريف الدّين و جحد آيات ربّ العالمين و لذلك فإنّ الأستاذ خالد بن عبد الرحمن نفسه لو طالبته بضابط محرّر مجمع عليه للحزبيّة أو للسّروريّة لما وجدت عنده إلا سرابا و هذا السّراب الذي يحسبه الأتباع ماء هو الذي تنفق به بضاعة التّبديع التي يروّجها الغلاة و لذلك تحدّى أذكاهم أن يأتيك بنقل عن الألباني أو ابن باز أو ابن عثيمين أو صالح آل الشّيخ أو صالح الفوزان أو سماحة المفتي أو الشّيخ العبيكان أو اللحيدان أو الرّاجحي, علّقوا فيه الذّمّ الشّرعي الواقع على معيّن بهذه الأوصاف .فإن أتاك بكلام عامّ فيه ذكر هذه الألفاظ فقل له :
أوّلا : لسنا ننفي ورود الكلمة في استعمالاتهم نفيا مطلقا و لا نحن ننفي أنّ لها معنى و استعمال غير ما تعنيه و ما تستعمله أنت , فلا وجه لأن تأتينا بهذا و إنّما ننفي استعمالهم لها على وجه مطّرد في التّبديع و الذّمّ الشّرعي للأعيان كاستعمالهم لجهمي أو معتزلي أو رافضي , فهل تأتينا بنقل واحد عن هؤلاء فيه : فلان سروري ؟
و مادام الشّيخ الألباني و الإمامين لم يستعملوها في حقّ سفر و سلمان مع ما وقع منهم , فكيف تأتي أنت و تستعملها في حقّ غيرهما بإطلاق مريب و إبهام عجيب و هل هذا إلّا من جنس فعل من قال عنهم شيخ الإسلام و غيره في كثير من المواضع أنّهم يميلون إلى الألفاظ المجملة المبتدعة بدل الألفاظ الشّرعيّة المنصوص عليها ( أو التي أجمعت عليها الأمّة ممّا لا يعتريه إجمال و لا غموض) كما في منهاج السنّة النّبويّة (الجزء الأوّل ص 279) حيث قال
رحمه الله :
( والمقصود هنا أنهم (يعني أهل البدع) أفسدوا الأدلة السمعية بما أدخلوه فيها من القرمطة وتحريف الكلم عن مواضعه كما أفسدوا الأدلة العقلية بما أدخلوه فيها من السفسطة وقلب الحقائق المعقولة عما هي عليه وتغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها ولهذا يستعملون الألفاظ المجملة والمتشابهة لأنها أدخل في التلبيس والتمويه مثل لفظ التأثير والاستناد ...) اهـ
فإن قال الأستاذ أو من معه : إنّ شيخ الإسلام هنا يتكلّم عن إجمال أهل البدع الذي يقصد منه إفساد الأدلّة السّمعية و العقليّة في باب العقائد و ليس الكلام متعلّقا بباب الكلام عن النّاس ( أو عن المبتدعة) فالجواب من وجوه :
أوّلا : هذا الحصر باطل بنصّ كلام الإمام نفسه فإنّه تكلّم في السّياق نفسه كما في النّقل السّابق عن موقف أهل السنّة: (... من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله ، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق و الاختلاف..)
أقول : فإن لم ينتف الحصر المزعوم بالإطلاق في قوله (الأسماء) انتفى بما عطف عليها من قوله ( ..و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر) إذ لا شكّ أن الرّدّ على المخالفين داخل تحت هذا الأصل فتأمّل .
ثانيا : شيخ الإسلام و مثله كلّ أهل العلم و الفضل يذمّون الإجمال ذمّا مطلقا و خاصّة في موضع التّفصيل , لأنّ المتلبّس به عن قصد لا يُعمله في باب من أبواب الدّين إلا أفسد و لم يصلح و ليس ذلك مقتصرا على موضع دون موضع .
ثالثا : أنّكم بلا شكّ تقرّون شيخ الإسلام و إخوانه العلماء على ذمّ الإجمال في الكلام عن الأسماء و الصّفات , و المباحث العقدية فيقال لكم : أليس الكلام في تلكم المسائل قول على الله تعالى , فإن قلتم نعم , قيل لكم : و الكلام عن عباد الله , أليس مرجعه إلى التّبليغ عنه عزّ و جلّ بأنّ فلانا مذموم شرعا ؟ , فكيف يكون الإجمال ممقوتا هناك و لا يكون ممقوتا هنا , و ما هو الدّليل الذي فرّقتم به بين الموضعين ؟
و لذلك أيضا قال الشّيخ الألباني الذي يزعم الأستاذ و من معه أنّهم على منهجه :
( سرور ) كشخص (....) تلك المجلة لم نطلع على منهجه وعقيدته بقدر ما اطلعنا على دعوته السياسية ولذلك فلا يـجوز أن ننسب إخواننا هؤلاء الذين يشتركون معنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة والتوحيد ومحاربة البدع ، هذا الجانب لا نعرفه من سرور ، فلو كان العكس لكان أقرب ، لو نُسِب سرور إلى هؤلاء كان مقبولاً ، لأن سرور ما نعرف عنه شيئاً من هذا العلم الذي نعرفه عن هؤلاء ، ولذلك فأنا أنصح إخواننا هؤلاء الذين يتسرعون في نسبة من هم معنا في الدعوة السلفية ... إلى شخص لا نعرف ما هي حقيقة دعوته ... هؤلاء إخواننا الذين يتهمون هؤلاء الإخوان السلفيين بأنهم ( سروريون ) نقول لهم : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، أولاً سوف لا يستطيعــون أن يقدموا دعــوة (سرور) ما هي ؟ فإذاً هم يتهمون هؤلاء الذين عُرِفوا بدعوتهم بدعوة إنسان لم يُعرف دعوته منه ما هي ، تشملهم تلك النصوص التي ذكرتُ آنفاً من القرآن ، ثم يأتي أخيراً قوله عليه الصلاة والسلام : (كفى المرء كذباً أن يـحدث بكل ما سمع) ، ولذلك فأنا أذكر كل إخواننا السلفيين في كل بلد الدنيا الذين هم معنا على أصول الدعوة السلفية وفروعها ومنها : ألا ننقل خبراً إلا بعد أن نتثبت منه ، اتهام هؤلاء بأنهم (سروريون ) هذا خطأ بيِّن وواضح ، وما هو مفرق للصف فلا يـجوز . (تسجيل صوتي متوفّر)
فأشار رحمه الله تعالى إلى أنّ السروريّة أكثر تميّزها هو تميّز سياسيّ لا عقدي و أشار إلى أنّها من ناحية العقيدة جماعة غامضة لا تعرف فصار هذا علّة في عدم جواز أن ينسب النّاس إليها لأنّ من فعل ذلك فهو معرّض للوقوع في الكذب كما قال رحمه الله تعالى وليست القضيّة كما قد يقول بعض المعترضين أنّ الشّيخ لم يكن أدرك أخطائهم بعدُ , فإنّ السّياق لا يساعد , هذا أوّلا و ثانيا , الشّيخ وجدنا له كلاما في هؤلاء حتّى بعد أن قال فيهم ما يسمّيه بعض إخواننا تراجعا أي (بعد أن أدرك أخطائهم), و مع ذلك لم ينسبهم لهذا الأصل البدعي (المبتدع ) من طرف الغلاة , و هذا من عدل أهل العلم و السنّة , نعم نردّ ظلم من ظلمنا و نردّ على من أخطأ كائنا من كان و ما كان , و لكنّنا نردّ بحقّ لا بباطل و بوضوح لا بغموض , و تخبّط الأستاذ أسامة العتيبي و تناقض جوابه مع حاله و حال غيره ممّا سبق ذكره هو أعظم دليل على أنّ مفهوم هذا الأمر لا يزال غامضا إلى اليوم فدلّ على استمرار ذمّ هذا المسلك المجحف و بُعده عن طريقة العلماء .
فهل فقه الأستاذ خالد بن عبد الرّحمن المصري وجه تلبيسه على الشّباب المساكين الذين تقودهم العاطفة إلى التّقليد الأعمى و التّهافت الأحمق على كلامٍ هذا حال أوّله من الحيدة عن سبيل أهل السنّة في الوضوح الإنصاف وهل من هذا حاله يتصدّر للكلام في علم هو لخاصّة الخاصّة ؟
و ها أنا أزيد الأستاذ من مشكاة العلماء الذين يزعم أنّه يتابعهم حذو القذّة بالقذّة :
قال الشّيخ العلّامة عبد الله بن قعود عضو هيئة كبار العلماء و عضو اللجنة الدّائمة للإفتاء رحمه الله تعالى:
( سروري ؟!.. من أين عملية السرورية من وين جاءتنا ؟ فتش في كتب اللغة ، فتش في كتب الملل والنـحل ، فتش أين تجد (سرورية) منه ؟!! صحيـح إذا كان هذا معناه أنه مسرور بواقِعِه ، وفرح بما أعطاه الله سبحانه وتعالى وأفـاض الله عليه من تعليم علم ، ومن معتقد سليـــم، و من و من .. فهذا صحيـح كلنا نرجوا أن نكون سروريين بهذا المعنى ... ) (شريط وصايا للدّعاة و انظر المصدر السّابق )
قلت :
فانظر يرحمك الله إلى سبيل العلماء الرّبّانيين من الورع و تجنّب المشتبهات في هذا الباب العظيم أعني باب الحكم على المعيّنين , و قارنه بتلك الجرأة النّادرة التي تميّز بها هؤلاء الإخوة و اجتمعوا عليها و لعلّ أقوى ما بين أيديهم كلمات لبعض العلماء أو طلبة العلم ممّن لا يقاوم قولُهم ما عليه جمهور علماء هذا العصر كما سيأتيك مزيد بيان لذلك .

جواب على بعض الإيرادات :
أوّلا : قد يقول قائلهم : إنّ الشّيخ فلان أو علّان وصف فلانا بالسّروري أو القطبي أو الحزبي و يسوقه في ما يشبه معارضة ما نقلته إليك من منطوق شيخ الإسلام و الشيخين الألباني و ابن قعود و من تصرّف الشّيخين ابن باز و العثيمين و اللجنة الدّائمة و يوجد غيرهم كثير .
فالجواب : هذا حتّى لو سلّم به فإنّه لا يحمي تصرّف الأستاذ و أضرابه بنسبة النّاس إلى هذه الفرقة إذ يكفي عدم قيام الإجماع على كونها فرقة لتجتنب تعليق الأوصاف الشّرعيّة عليها , فكيف و قد عورض قول مشايخك بأقوال و أفعال كبار العلماء الذين ذكرتهم لك آنفا فكيف تحدّث أهل السنّة بشيء لم ينضبط بمفهوم واضح عند علمائهم المعتبرين سواء من تستشهد بهم أو غيرهم ؟ و حتّى إن كنت أنت أخذت برأي من تحتجّ بقولهم فمن المعلوم أنّ مسائل الحكم على المعيّن أو على الجماعات الغامضة من المسائل الاجتهادية , فأقلّ ما يقال لك : ليس قول من تتّبعهم من الأفاضل بحجّة على أقوال و تصرّفات هؤلاء العظماء فتنبّه ؟
ثانيا : لإخواننا هؤلاء مسالك عجيبة كثيرا ما يهرعون إليها في مثل هذه المواطن و لعلّ من أبرزها أن يقولوا : من علم حجّة على من لم يعلم!! , و أنّ لأئمّة الثّلاثة و اللجنة الدائمة و الشيخ ابن قعود لم يظهر لهم الأمر بجلاء و نحن قد ظهر لنا و الأستاذ خالد المصري قد ظهر له !!
فجوابه : سبحان الله , قد علم كلّ ذي ذاكرة أنّ سرور أوّل ما ظهر خاصم صنفين هما أمراء بلاده و علماؤها , و في مقدّمة هؤلاء العلماء المشايخ الذين تعاملوا مع أخطاء سلمان و سفر , و قد ذكروا رحمهم الله أنّهم اتّخذوا قرار التّوقيف بعد مشاورة و دراسة للموضوع من كلّ جوانبه , فهل خفي كلّ ذلك عليهم ليكتشفه غيرهم ؟ خاصة إذا كان هذا الغير هو الأستاذ
و من على شاكلته؟
و هل تعلمون أنّه لو تتبّع أحدٌ احتجاجاتكم العجيبة بلفظة ( الشيخ لم يكن يدري !!, والشيخ تراجع!! و هذا كلام قديم!!!) لجَمَعَ في ذلك كراريس .
ثمّ لو تتبّع إلزامكم للنّاس بأن يتراجعوا على كلّ لفظة قالوها ممّا تبدّعونهم به , و نظر في التّراجع المفصّل القاطع الذي تشترطونه , لتعيّن دفع التّعارض بين المسلكين بأحد أمور لا أدري ما موقفكم منها :
فـإمّا أن (تتراجعوا) عن أحد القولين .
و إمّا أن يكون الأئمّة الذين تزعمون تراجعهم ( لم يتراجعـوا) حيث لم يقع منهم التّراجع على المنابر و بالتّفصيل الذي ترتضون .
و على ذلك لزم من تبديع المجروحين بهذا النّوع العجيب من الجرح , أن يبدّع الأئمّة
و لزم من " تبرئة " الأئمة و قبول تراجعهم أن يعدّل هؤلاء المظلومون.
و هذا من آثار الاضطراب عندكم في بيان حدّ التّراجع و جعله متأرجحا بحسب المقام , فمفهومه في مقام ردّ توبة التّائبين هو غير مفهومه في معرض التّملّص من أقوال العلماء الرّبّانيّين .
ثمّ : إذا كان من تقلّدونهم قد ضبطوا حدّ السّروريّة و الحزبيّة و القطبيّة و الحركيّة فهلّا أخبرتم إخوانكم أين وقع هذا في كتب مللكم و نحلكم !!!؟

عـــدم اتّفاق من يتعصّب لهم الأستاذ على حدّ مضبوط لهذه الألفاظ :
و أنا أعطيك ما يدلّ على أنّ المشايخ أنفسهم غير متّفقين على ضابط لهذه الإطلاقات :
ـ فمنهم من عرف بإطلاقها على عباد الله من عقود و لم يعرف عنه التّفصيل و لا في موضع من حياته , إلّا أنّ شواهد تصرّفاته تدلّ على أنّه يبدّع بها مطلقا كالصّنف الثّاني :
ـ و منهم من يجعلها مرادفة للبدعة مطلقا و يصرح بذلك .
ـ و منهم من لا يدرِي أصلا : هل هي مرادفة للبدعة حقّا أم لا , و الله المستعان .
فمن آخر ما نزّلــــه الإخوة في سحاب جواب للشّيخ محمّد المدخلي وفّقه الله على سؤال نصّه : هل قول العالم عن شخص حزبي أو سروري ... جرح مفسّر أم لا ؟
فأجاب الشّيخ بأنّه جرح مفسّر بلا شكّ و أنّه مرادف للبدعة مطلقا !! بل و شنّع على من يستفصلون عنه و عدّه من عجائب الزّمن .
و أمّا الأستاذ أسامة عطايا العتيبي فقد صرّح بالعجائب و الله المستعان و ذلك في مناظرته مع الأستاذ عادل المرشدي في منتدى الكاشف حيث قال لمناظره : إن بعض الألفاظ التي عزوتها إلى تلك الفرقة لا أدري مدى مطابقتها للواقع، فهل لفظة : "حزبي" تعني أنه مبتدع مطلقاً، وكذلك "حركي" ، "خبيث" ، "متلون" ، "مضطرب" ؟ أرجو أن تعطيني أمثلة من كلامهم ، وأنها تعني البدعة مطلقاً ؟ !
و إذا علمت أنّ الأستاذ أسامة عطايا العتيبي المتخصّص في علم الجرح و المشرف –فيما بلغني - على موقع الإمام الألباني و المصنّف من علماء تلك الشبكة و مشايخها الذين يظاهرون الأستاذ خالد , هذا الرّجل لا يدري مدى مطابقة تلك الألفاظ للواقع في الوقت الذي تمتلأ صحائفه و صحائف إخوانه في الشّبكة بهذه الألفاظ إذا علمت ذلك أدركت أنّ القوم دخلوا فعلا في مخالفة سبيل المؤمنين من هذا الوجه , وأنّهم من أولئك الذين قال عنهم شيخ الإسلام في شرح حديث الافتراق: ( تأمّل ما تحته سطر)
( لكن الجزم بأن هذه الفرقة الموصوفة‏ ()هي إحدى الثنتين والسبعين لابد له من دليل، فإن الله حرم القول بلا علم عمومًا، وحرم القول عليه بلا علم خصوصًا، فقال تعالى‏:‏ ‏{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏33‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلًا طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏) وقال تعالى‏:‏ ‏(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا)
وأيضًا، فكثير من الناس يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى، فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له هم أهل السنة والجماعة، ويجعل من خالفها أهل البدع، وهذا ضلال مبين، فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ ..). مجموع الفتاوى الجزء الثّالث (ص212و ما بعدها )
فهل ترى هذا الذي لا يدري مدى مطابقة الأوصاف التي يطلقونها على عباد الله للبدعة وللواقع إلّا داخلا في هذا الصّنف الذي (يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى) و الله المستعان .
و إن كان قول الدّكتور محمّد بن هادي أرجح عندهم فإنّهم عندما يصفون الرّجل بالقطبي أو الحزبي فإنّهم يعاملونه معاملة المبتدعة بلا تفريق و لا تفصيل و أيضا لأنّ الشيخ محمّد لم يقل ما قاله في مضائق المناظرات كما حصل للأستاذ للعتيبي
و قد كانت صفحات هذه الشّبكة إلى زمن قريب تعرض مجموعة تافهة اسمها المطاردة تحت أصوات المدافع للمسمّى شكيب الأثري جمع فيها شتات أشرطة الجرح مبوّبا! و معنونا بعناوين ظلمات بعضها فوق بعض و يكفي المنصف أن يرى ما بوّب!! به للكلام في عَلََمين من أعلام المسلمين قائلا :
أقوال العلماء في القطـــبي بكر أبو زيد
أقوال العلمـاء في الإخوانـي ابن جبرين
و على جواب الشّيخ محمد المدخلي الذي فيه أنّ الحزبي مبتدع قولا واحدا فإنّ الشّيخ المتفنّن بكر أبو زيد رحمه الله و سماحة الشيخ الجبرين حفظه الله يكونان مبتدعين بلا ريب بناء على وصفهما بالحزبية و القطبية و الإخوانية و الذي هو متواتر عند إخواننا في سحاب تقليدا لفاضل غير معصوم .
و أمّا الصّفحات المذكورة ففي علمي أنّها قد حذفت لأحد سببين :
إمّا : حين انقلب شكيب الأثري هذا يمارس أساليبه نفسها في معسكر أخرى ضدّ الشبكة التي يكتب فيها الأستاذ خالد المصري .
و إمّا : حين واجه الأستاذ الفاضل عادل المرشدي أخاه أسامة العتيبي في المناظرة المذكورة بالرّوابط الظّالمة و أحرجه بها.
و على كلّ حال فالصّفحة معروفة محفوظة و يوجد في غيرِها غيرُها ممّا لم يحذف .
فليجيبوا الآن عن موقفهم من هذين العالمين الفاضلين , بصدق و شجاعة , و ليعلم أنّ من آثار منهجهم المضطرب أنّ الشّباب المخدوعين بهم في الجزائر لا يزال أكثرهم إلى اليوم يصف هذين العَلَمين بالبدعة , بل حين توفيّ الشّيخ الفاضل بكر أبو زيد كان منهم من ذكر في مجلسهم فلم يترحّموا عليه , و (( إن يهلكون إلّا أنفسهم )) أمّا الشّيخ فأهل الفضل يعرفون له فضله و الحمد لله .
و قد جمعتُ بفضل الله مادّة علميّة يفرح بها كلّ منصف و جعلتها رسالة مستقلّة في الذّبّ عن الشّيخ و قد انتهى الفصل الأوّل منها و بقيت فصول , أسأل الله تعالى العون على إتمامها .
و المقصود أنّ هذه الطّريقة و لوازمها هي بحقّ من المشانق التي نسجها القوم بأيديهم ولفّوها حولَ أعناقهم ثمّ وقفوا على غير مليء , فإنّ الحقّ أبلج و الباطل لجلج و من وهب محياه و مماته لنصرة قولِ غَيْرِ معصومٍ صار اللّجاج دينه والشّيطانُ قرينه و حُجز في مضيق الحقّ مهما طال غيّه في ساحات الباطل , و هذه سنّة الله تعالى في بيان الهدى لعباده , القاصرُ منهم و العالـمُ , و ذلك بأن يجري على لسان المبطل المتعدّي ما لا يحتاج صاحب الفطرة السّليمة إلى كثير علم حتّى يدرك أنّه من أهل التّردّي و الحقّ عليه نور , والباطل له ظلمة تنفّر النّفس الطّيّبة منه فلا تستكين له , و للكلام بسط سيأتي إن أمدّ الله في العمر و هيّأ الظّرف و هذه نهاية الحلقة الأولى و صلّى الله على نبيّنا محمّدا و على آله و صحبه و سلّم .

ناشر الخير
2011-04-10, 19:57
كشف التّعصّب و المَيــْـن و الكيل بمِكياليْــن



حوار مع صاحب



( الأصول التي خالف فيها الحويني أهل السّنّة )



أبو عبد الأعلى خالد بن عثمان المصري وفّقه الله



الحلقة الثّانيـــة : و فيها أربع وقفات :



الوقفة الأولى :



في بيان وجه الشّبه بين طريقة الأستاذ و بين طريقة المبتدعة في الإجمال.



الوقفة الثّانية :



في مواجهة المتعصّبين بهذه الحقائق و أنّها كفيلة بصدّهم و إلجامهم : (ما معنى حزبي , ما معنى قطبي , ما معنى مميّع..)



الوقفة الثّالثة :



استطراد : تعجيل ببيان مثال واضح و طريقة خطيرة للكذب و التّلبيس الذي وقع فيه الأستاذ :



( هل أساء الحويني الظّن بالعلماء الذين ردّوا على سيّد قطب؟)



- فائدة و تنبيه :



ليس البحث في إثبات أو نفي القول بالوحدة عن سيّد قطب , ولا في من هو المخطئ من المصيب , بل في كشف طريقة الأستاذ في الفهم و الزّعم .



الوقفة الرّابعة :



مثال تطبيقي من شيخ الإسلام للتّعامل مع الألفاظ المجملة التي يتعاطاها المخالفون , يتجلّى فيه صحّة ما سبق تقريره ها هنا والحمد لله على توفيقه .



بسم الله الرّحمن الرّحيم



الحمد لله ربّ العالمين , له الحمد الحسن و الثّناء الجميل , و أشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول الحقّ و هو يهدي السّبيل , و أشهد أنّ محمّدا عبد الله و رسوله صلّى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين أمّا بعد



فقد بينت في الحلقة الأولى من الحوار مع الأخ خالد المصري فسادَ شيء مما تحزّبَ عليه وعُرِف به مع عدّة من إخوانه فرسان الجرح الجدد , أعني التبديع بالمجملات و القذف بالمحتملات و الاستشهاد بالعمومات , وأنّ ذلك في الحقيقة إنّما هو سمة من سـمات أهل البدع , يَجدُر بمن انتسب إلى السنّة أن يتنزّه عن التعامل به حتى مع أعداء السنة فإنّ العدل مأمور به مع كلّ أحد , في كلّ موقف و زمان , و ما نال أهلُ السنّة مرتبة النصر و الظهور إلى قيام الساعة إلا لخصال أبرزُها التوسّط و العدل و الإنصاف , و من رام نصرة الحق بالظلم و التجني لم يعد على ذلك الحق إلّا بالإبطال ثمّ كان في ميزان الشّرع مذموما لأنّ الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيبا, فكيف بمن نصّب أصولا مبتدعة ليهاجم بها أهل السنّة و الصّلاح , كما هو حال الأستاذ و من معه فإنّهم بذلك قد جمعوا بين شرّين: الأوّل:إدخال أصول فاسدة على حدثاء الأسنان , و تلفيقها و دسّها في منهج السّلف.



والثاني : إخراج أقوام لا يحصون من السنّة بغير حقّ و لا سلطان مبين .



و قد صار مفروضا على كلّ من وقف على فضاعة هذا التجني على السنّة و أهلها أن لا يتردّد في صدهم عن غيّهم و بيان عوار مسلكهم , و براءة منهج السلف منه , بالدّليل القاطع و البرهان السّاطع , لا يخاف في ذلك صمت الجمهور و لا هيبة المجتهد المأجور فإنّ السّاكت عن الحقّ شيطان أخرس كما قال أبو عليّ الدقّاق رحمه الله تعالى.



و الحقّ أنّ متابعة هذه الأصول الفاسدة أصلاً أصلًا , و إن كان غير محال إلّا أنّه متعسّر ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه , و قد ذكرت في الحلقة الأولى أنّ (ما ذكر دليل على ما لم يذكر) و أنّ الكلام و إن كان ظاهره خاصّا بالدفاع عن الشيخ أبي إسحاق عافاه الله , فإنّه في الحقيقة عامّ في جلّ أو كلّ من رمي من أهل الصّلاح بهذه الافتراءات وعلى أساس تلك الأصول المتهافتات , فإنّ السّكّين الذي ذَبَحَ به الغلاةُ منهج السّلفِ وعلماءَ السّلفِ في قلوب المتحمّسين , هو سكّينٌ واحد , فصارت المصلحة متحقّقة إن شاء الله تعالى في عموم هذه المسائل و ليس في خصوص السّبب الظّاهر الذي هو الذّبّ عن الشّيخ حفظه الله تعالى , و سأذكر بعدُ نماذج من تصرّفات بعض المغفّلين في جرح العلماء الرّبّانيّين بطريقة عجيبة غريبة , أغرب ما فيها تبجّح أصحابها بحمل لواء السّلف وأقوى دليل لهم على ذلك قولهم (زكّاني فلان أو أنا تلميذ فلان) فكأنّ تزكية فلان هذه قد أسقطت عليه المتابعة بالاستفسار و المطالبة بالاستدلال , و هذا مسلك خرافيّ صوفيّ سيأتيك نبأه بعد حين و الله المعين .



و أما في هذا المقام و قبل أن أبدأ في نقض أسّ آخر من أسس الظّلم التي بنى عليها الأستاذ خالد المصري مقالته فإني أود أنْ أختصر و أوضّح المقصود من الحلقة الأولى تعجيلا للفائدة و استجابة لعددٍ من الإخوة الذين كلّموني في الأمر جزاهم الله خيرا و قد عبّر غالبهم عن تشجيعه و شكره , و طلب بعضهم زيادة توضيح واختصار و ربـط للكلام العام بالسبب الخاص , أي: بيان وجه الظلم و التجني في نسبة الشيخ أبي إسحاق و آخرين إلى السروريّة و القطبية و الحزبيّة .., كما فعل الأستاذ خالد المصري وأعانه على ذلك (شباب جاهلون) و طالبُ علم يزعم الانتساب لطريقة أهل الحديث والسنة , أعني الأستاذ أسامة عطايا العتيبي هدانا الله و إياه إلى التي هي أقوم .



فأقول مستعينا بالله : الذي أراه في رأيي القاصر أنّ حكاية التناقض و الاضطراب الذي أثبتّه لكَ في الحلقة الأولى بخصوص هذه الألفاظ المجملة , تجعل المنصف يعرض عن تعاطيها و يتبرّأ من صنيع مستعمليها على سبيل الإطلاق الموهم المضطرب سواءً مع الحويني أو مع غير الحويني , و هذا الإبطال يُغني عن العودة و التكرار بتكرّر الصنيع و الأحوال , ولذلك رأيت أن أكتفي بما سطرت حول (بدعة التبديع بالمجملات) إلى ختام هذه الحلقات , أما و قد حصل ما حصل فلا بأس بوقفة توضيح تدعّم الطرح السّابق وتزيد من توضيح الحقائق و تضع النّصال على النّصال مع استطراد أستدرك به التّأخّر في الانتقال إلى دحض فرية أخرى , و ذلك بتعجيل بيان شيء من (الكذب) و (التّلبيس) الذي وقع فيه الأستاذ والله المستعان :



الوقفة الأولى : في توضيح وجه الشبه بين طريقة الأستاذ و أضرابه و بين طريقة المبتدعة في استعمال ألفاظ ( الحشو و الحشوية والتجسيم و المجسّمة ) و من جهته (حزبي و حزبيّة , قطبي وقطبيّة ) و أنّهما سواء في الطّريقة المذمومة:



اعلم أخي الحبيب , أنّ طالب الحق يعبد الله تعالى بما يكتب من مسائل العلم على اختلاف صورها و ماهيّاتها و موضوعاتها , فصار على هذا الكاتب - ككل متّعبد- أن يلتزم بركني قبول العمل و فلاح صاحبه , و اللّذان هما :



الأوّل الإخلاص لله تعالى , فلا يكون انتهاضه حميّةً لشيخٍ ولا لمذهب و لا لمعلّم , و لا لمصلحة خاصة و لا لحطامٍ من حطام الدّنيا كالشّهرة و التّصدّر .



والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلّم , فلا يتبّع من دونه رجالا غير معصومين و لا يرضى بغير مسلكه بدلا من مسالك الأصحاب التي خالفوا فيها سبيل المؤمنين عن اجتهاد أو غير ذلك , بل عليه أن يتبّع منهج النبي الكريم في كل دقيق و جليل , داعيا الله تعالى أن يعيذه من أن يركب الهوى عن عمد , و أن يغفر له ما تسرّب إلى نفسه منه عن غير قصد , و هذا الذي ناقشت فيه الأخ و أضرابَه داخلٌ تحت هذا الرّكن الرّكين , والذي هو متابعة الرّسول الكريم في منهج الأمر بالمعروف و النهي عن المنكــر , والذي من مظاهره ما نقلت لك إجماع أهل السنّة على فهمٍ دقيق للنّصوص, خلاصته ذمّ الإجمال و البعد عنه و البراءة منه .



و قد رأيتَ محلَّ الأستاذ خالد و كثير من إخوانه المجتمعين على الطعن بالباطل من هذا الموقف السّلفيّ الذي اكتفيت في بيانه بنقل بعض النّصوص المجزئة من القرآن و السنّة , مع بيان فُهوم بعض الرّاسخين و مناهج العلماء الرّبانيّين في هذه المسألة و التي تعبر عن الموقف الحقّ الذي لا أعلم له مخالفا إلّا أن نعتبر بمخالفة كبار المبتدعة أو صغار طلبة العلم السنّيّين ممّن وقع في الخلط و الله المستعان .



فمنْ نصّب نفسه لمحاكمة غيره و الحكم عليهم و تصنيفهم بأسماءَ يطلقها ليعبّر بها على خلاصة ما توصّل إليه عقله , ناسبا ذلك إلى شريعة الرّحمن , فإنّ عليه أن يطلق أسماء معروفة المعنى صريحة في ما تدلّ عليه لا يعتريها غموض و لا إجمال .



فالسّلف رحمهم الله حين أطلقوا لفظة القدريّة على أهل القدر , و أطلقوا الخارجية على الخوارج , و أطلقوا صفة الإرجاء على المرجئة و أطلقوا الاعتزال على المعتزلة , لم يكن ثمّة التباس و لا تداخل في معناها , فكان مجرّد إطلاقها ينصرف معهُ الذّهن إلى نوع من عباد الله قد اجتمع أهله على أصل بدعيّ مشترك , تميّزوا به عن غيرهم بما يجعله علامة مميّزة لهم و سمة دالّة عليهم , لا يشركهم فيها فريق , و إن كان يشاركهم في غيرها ممّا لا يصلح لأجل ذلك الاشتراك أن يكون علامة على أحد الأطراف استقلالا .



و قد اعتنى علماء الإسلام بتوضيح الألفاظ الشّرعية و بيان معانيها في الشّرع معتمدين في ذلك على الكتاب و السنة و الإجماع , ليس فقط في باب التّبديع , و لكن في باب الأسماء و الأوصاف التي يتداولونها جميعا , و ما ذلك إلّا لورعهم و رغبتهم في الخير و حماية الدّين من تحريف الغالين و تأويل المبطلين , و عملا بقوله تعالى ((و إذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل)) و قوله تعالى (( و إذا قلتم فاعدلوا)) و غير ذلك من الكثير الطّيّب الذي ينتفع به كلّ من كان له قلب .



و في المقابل , اشتهر المبتدعة بالخلط و الخبط في باب الأسماء و الأوصاف , فابتدعوا ألفاظا مجملة ما أنزل الله بها من سلطان كالمجسّمة و الحشويّة , و أدخلوا من التّحريف على الألفاظ الشّرعيّة بما أدخل عليها الإجمال الطّارئ كما في لفظ التّوحيد و التنزيه , وقد أدّى ذلك إلى تلاعبهم بها في مقام ردّ الحقّ أو قول الباطل , تماما كما يتلاعب الغلاة اليوم بالألفاظ غير المضبوطة في الشّرع , في مقام التّنفير من الحقّ الذي لا يعجبهم , أو التّرغيب في الباطل الذي يزعمون أنّه حقّ !.



فكان المبتدعة يطلقون لفظ (المجسّمة , المحدّدة , الحشويّة , الممثّلة , التّجسيم , الحشو ) في مقام ردّ الصّفات الخبريّة الذّاتيّة التي جاءت بها النّصوص القرآنيّة و الحديثيّة , معتمدين على ما فيها من الإجمال الذي يجعلها محتملة لحق و محتملة لباطل , أو يجعلها محتملة لأكثر من وجه , ثم يطلقون على أهل السنّة (مجسّمة ) على سبيل ذمّهم و تنفير النّاس عنهم , بالخلط بين من يثبت ما جاء به النّصّ من الصّفات الثّابتة لله عزّ و جلّ كاليد و القدم والعين والوجه و بين طائفة منقرضة كانت تزعم أنّ الله تعالى جسمٌ أو أنّه يشبه أجمل مخلوق من بني آدم أو أنّه عزّ و جلّ له يدٌ كيدنا و وجه كوجوهنا و قدم كأقدامنا .



فاللّفــظ (تجسيم و مجسّمة) يحتمل معنى باطل و هو الغالب عليه , و يشتمل مع ذلك على معنى صحيح و هو الإثبات المفصّل المقيّد بقواعد أهل السنّة و الجماعة .



فيأتي المبتدع و يطلق بذمّ التّجسيم , و يطلق بذمّ المجسّمة , ثمّ كلّما رأى سنيّا أثبت صفات الباري على طريقة السّلف , رماه بهذه الفرية و قال أنت مجسّم و هذا تجسيم.



فصارت لفظة التّجسيم و الحشو , و صفات المجسّمة و الحشويّة و غيرها , صفات مجملة محتملة لأكثر من معنى , و ليس لها معنى واضحا معلوما بالكتاب و السنّة و الإجماع يتعلّق به حكم شرعيّ مجمع عليه أيضا سواء كان مدحا أو ذمّا , بل هي مشتملة لمعنى مذموم ومعنى محمود , فالمذموم منها ما تكلّم به غلاة الممثّلة و المشبّهة من وصف الله تعالى بمماثلة خلقه من كلّ وجه , و وصفه تعالى بما يتنزّه عنه كلّ مؤمن قدر الله حقّ قدره .



و المعنى المحمود : هو إثبات صفاته جلّ و علا التي أخبر بها في كتابه أو أخبر بها نبيّه الكريم, على وجه يليق بجلاله و عظيم سلطانه , و هو معتقد أهل السنّة و الجماعة .



فالمبتدعة يحرصون على إطلاق هذه الأوصاف في الرّدود و المناظرات و عند تقرير عقائدهم الباطلات , استغلالا منهم لما اشتملت عليه من الباطل في ردّ ما يشتمل عليه معناها من حقّ و الذي هو معتقد أهل السنّة و الجماعة و الذي يعتبر (قدرا مشتركا) من المعنى بين كلا الفريقين , و أمّا أهل السنّة فإنّهم لا يذمّون من الأسماء إلّا ما قام الدّليل الصّريح من الكتاب و السنّة و الإجماع على ذمّه شرعا , و لا يمدحون منها إلّا ما قام الدّليل الشّرعي على أنّه ممدوح شرعا , و ما لم يرد الشّرع بمدحه و لا ذمّه , لا بإثباته و لا نفيه فإنّهم يتوقّفون فيه فلا يصفونه بشيء من المدح و الإثبات أو الذّمّ و النّفي , فإذا أورده أهل التّلبيس عليهم استفصلوا منهم ليعرفوا قصدهم به , ثمّ ينظرون فما كان فيه من باطل تبرّؤوا منه , و ما كان فيه من حقّ نصروه , فكان مسلكهم خاليا من الالتباس محفوظا من الانتكاس , لا يتطرّق إليه خلل أو اضطراب .



و اليوم –و إلى الله المشتكى- أدخل إخواننا في تلك الأسماء الشّرعيّة الدّاخلة في باب التّبديع , ما لا يقلّ إجماله و التباسه عمّا فعله هؤلاء المبتدعة , بل إنّ الإجمال في كثير من الأسماء التي يذمّون بها (كحزبيّة و قطبيّة..) قد يفوق الإجمال الذي في لفظ ( التّجسيم و مجسّم) و (الحشو و حشويّة) و ذلك أنّه – كما بيّنت لك في الحلقة الأولى- لا يوجد عندهم اصطلاح معيّن واضح لهذه الألفاظ , بل تتغيّر من واحد لآخر , و من موقف لموقف , و ربّ سَورَة غضب من أحدهم ألحقت عالما فاضلا بالقطبيّة , و ربّ خصومة في أمر اجتهاديّ حشرت آخرَ في ضفّة السّروريّة , و آخر في الحزبيّة و رابع في المرجئة وخامس في الخوارج , و لفظ الخوارج و المرجئة لفظ منضبط بضوابط أهل العلم و السنّة ليس فيه خلل في الأصل لكنّه دخله الاشتراك و الإجمال هو أيضا فصار في حكم سابقاته من الإطلاقات و لله الأمر من قبل و من بعد



الوقفة الثّانية :



في مواجهة المتعصّبين بهذه الحقائق و أنّها كفيلة بصدّهم و إلجامهم :



(ما معنى حزبي , ما معنى قطبي , ما معنى مميّع..)



و الحاصل , أنّ فصل الخطاب أن تتّقي الله تعالى و تحرص على اجتناب أهل الإجمال والإبهام ما استطعت , فإنْ صادفك أحدهم في مضيق , و حاول أن يسدّ عليك الطّريق وقال لك : فلان سروري و علّان حزبيّ و الثّالث قطبيّ , فحسبك حماية منه و إلجاما له وإفحاما أن تقول له : إيش سروريّة و ما هو ضابط القطبيّة , و ماذا تعني بالحزبيّة ؟



فإنّه قد عَلمَ كلّ من كَـوَتهُ نيران الظّلم من قريب أو من بعيد أنّ اصطلاحكم فيها غير معلوم و تفسيركم لها غير مفهوم , فأنتم تطلقونها على مادح سيّد قطب ثمّ على مادح مادحه ثمّ على من أبى إطلاقها عليه , ثمّ على من دافع عن الثّالث أو وصفه بالعلم والفضل و كذلك الحزبيّة , تطلقونها على من حاضر عند جمعيّة أو منظّمة , ثمّ تتبعونه من قاد به سيّارته و من وضّب له جهاز الصّوت ثمّ على من مشى معه ثمّ على من مشى مع الذي مشى معه , و قد تطلقونها على من استشهد بكلام سليمٍ له في كتاب , ثمّ على من باع ذلك الكتاب في مكتبته ثمّ على صاحب المطبعة التي طبعت الكتاب (إن كان سلفيّا)... ,



و علماؤنا جمهورهم مُعرضٌ عن أغلب تلك العبارات , ثمّ ما أطلقوه منها فإنّهم يعنون به حزب الإخوان و من على شاكلتهم كحزب التّحرير و العدل و الإحسان و ما شابه ذلك.



فماذا تعني أنتَ بهذا الوصف الذي وصفتَ به العـالم الفلاني أنّه قطـبي ؟



- إن كنت تعني أنّه أثنى على سيّد قطب ثناء مقيّدا , فقد أثنى عليه الألباني و ابن باز بأكثر من ذلك.



- و إن كنت تعني أنّه استشهد بكلام حقّ قالهُ سيّد قطب فإنّ الشّيخ ابن باز أقرّ من استشهد بكلام كافر , بل إنّ الله تعالى في القرآن أقرّ الكافرين على بعض أقوالهم حال كفرهم لـمّا كانت حقّا , و كذلك قد نقل الشّيخ الألباني عن سيّد قطب واصفا إيّاه بالأستاذ الكبير (مختصر العلو) مع تصريحه في مواضع أخرى أنّه ليس من أهل العلم بالعقيدة و الفقه ومنهج السّلف و هذا عليه من تصفهم أنت بالقطبيّة.



- و إن كنت تعني أنّهم لم يتكلّموا فيه بمثل ما تكلّم به شيوخك حذو القذّة بالقذّة فليس بألفاظ شيوخك و أحكامهم يعْـبُد النّاس ربّهم , و قد خالف شيخك من هم أعظم منزلة منهُ و من المجروح عندك فهلّا تجرّأت على قول كلمة فيهم ؟!!



و هذا كلّه سيأتي مفصّلا في موضعه فاسألِ الله الصّبر على تقبّل الحق و العون على الرّجوع , و خلاصة الكلام , أنّ هذا الوصف الذي تصف به الحويني و غيره ممّن تجرّأت عليهم يشمل بمعناه و بلوازمه كثيرا من أئمّة هذا الزّمان , إمّا لأنّهم أثنوا هم أيضا على سيّد قطب , و إمّا لأنّهم عارضوا موقف شيوخك جملة أو تفصيلا , و إمّا لأنّهم استشهدوا بكلام سيّد قطب في بعض كتاباتهم , و إمّا لأنّهم دافعوا عليه و برّؤوه ممّا نسبه إليه شيوخك و من تتعصّب لهم من مقلّديه و مناصريه , فتحصّل أنّك إذ تجرّأت على ذمّ الحويني بالقطبيّة , فإنّك أبنت على حقيقة موقفك من الأفاضل الذين لم تتجرّأ عليهم حفاظا على طريقتك التي تعضدها بزعم اندراجك في مسالكهم و هم من مسلكك أبرياء لأنّك تعلم أنّك لو صرّحت بضلال أحدهم و قطبيّته , لا انكشف أمرك للطّلبة المخدوعين بك و انهار بنيانك من أسّه , و إلّا فأين هي العلّة في جعل الشّيخ أبي إسحاق قطبيّا ؟



إن قلت التّكفير بالإصرار على الكبيرة , فجوابه من وجوه : أولا هذا استدلال بأمر متنازع عليه وسيأتيك نسفه قريبا بإذن الله تعالى , و مع ذلك , فحتّى لو ثبتت فإنّ هذه عقيدة الخوارج و هو قول (نجدة بن عامر الحروري) كما زعم الأستاذ في تقريره, فكانَ عليك أنْ تنسبه للخوارج لأنّهم فرقة معروفة المعالم و للنسبة إليها ضابط شرعيّ يُـسهّل التّخلّص من الإجمال الذي أدخله فيها المفسدون , كما أنّك لو فعلت ذلك لدفعت عن نفسك تهمة (سلوك سبيل المبتدعة في اعتماد الألفاظ الأدخل في التّلبيس) , و لكنّ إصرارك على التّعامل بهذه الطّريقة المنحرفة يجعلك مخاطبا بهذا الكلام مستحقّا لهذا الوصف .



ثانيا : فإن كنت تجعل العلّة في وصفك إيّاه بالقطبيّة ثناؤه على سيّد قطب أو موافقته على (بعض) كلماته أو دفاعه عنه من (بعض) ما انتقد عليه , أو الاعتذار له من ذلك , أو التّشنيع على (بعض) من اتّهموه بالزّندقة أو الاتّحادية أو الحلول فيقال لك :



و ما الذي جعلك (تجبن) و (تتخاذل) عن نصرتك المزعومة للسنّة التي (خالفها) الحويني بموقفه من سيد قطب , حين رأيتَ سماحة المفتي و الشّيخ ابن قعود و الشّيخ ابن جبرين والشّيخ بكر أبو زيد و الشّيخ ابن باز و الشّيخ الألباني قد وقع من كلّ واحد منهم شيء من ذلك (الثّناء أو الإنصاف أو الدّفاع أو الاعتذار) ؟



و لو أنّك اكتفيت بذلك العمل لكنت مستحقّا للتّشنيع عليك من كلّ عاقل , فكيف وقد زدت عليه زعما آخر لا أجد له اسما غير (الكذب) حين زعمت أنّ الحويني يخالفهم وأنّهم أدانوا سيّد قطب بالقول بخلق القرآن و تقرير وحدة الوجود , و أنّ الحويني قد استخفّ بهم و أساء بهم الظنّ كما جاء في تقريرك المذكور و هذا نصّ كلامك :



قلت (القائل أبو عبد الأعلى خالد المصري): ومن هم العلماءالذين (يتلككون) –أي: يتربصون الدوائر- بسيد قطب، هم ابن باز والألباني وابن عثيمينوربيع بن هادي وعبيد الجابري والدويش وزيد المدخلي وصالح آل الشيخ..إلخ علماءالسنة الذين انتقدوا على سيد قوله بخلق القرآن وتقريره عقيدة وحدة الوجود.


فهو ( يقصد الحويني )يسيء الظن بالعلماء من أنهم يتعمدون تخطئة سيد وتضليلهبغير حق... (و ليلاحظ القارئ الكريم هذا الأسلوب العربيّ الرّفيع في التّعبير!!!)


و هذا الكلام مشتمل على زعمين لي معهما وقفة :



الوقفة الثّالثة : استطراد ببيان مثال واضح و طريقة خطيرة للكذب و التّلبيس الذي وقع فيه الأستاذ و ابتلعه إخوانه !



( هل أساء الحويني الظّن بالعلماء الذين ردّوا على سيّد قطب و هل لمزهم؟)



و ذلك أنّ كلام الأستاذ المنقول أعلاه فيه قولي زور أقف معهما و أعرض عن الثّالث إلى حين :



الأوّل: أنّ الحويني يسيء الظنّ في (ابن باز و الألباني و العثيمين و ربيع و عبيد و الدويش و زيد المدخلي إلى آخر هؤلاء من علماء السنّة)



و الثّاني : أنّ هؤلاء المذكورين (و غيرهم من علماء السنّة) انتقدوا على سيّد قطب (قوله بخلق القرآن و تقريره عقيدة وحدة الوجود ) .



و أمّا الثالث و هو زعمه أنّ الحويني يسيء بهم الظنّ ففرية ليس هذا موضع بيانها , غير أنّني أقول له :



كلامك ظاهرٌ أنّ (كل) من ذكرتهم بل (و غيرهم من علماء السنّة) قد انتقدوا على سيد (تقريره لوحدة الوجود و قوله بخلق القرآن) .



أقول : ألا تتقي الله يا أستاذ خالد المصري ؟ ألا تدري أنّك لو عجزت على إثبات نسبة هذا الانتقاد إلى واحد منهم كنت كاذبا أبشع أنواع الكذب ؟ كيف و أنت أعجز وأعجز , و أنا أسألك : أين قال الشّيخ صالح آل الشّيخ أنّ سيّد قطب ( قال بخلق القرآن و قال بوحدة الوجود) , و السّؤال الثّاني : (أين قال الشّيخ الدويش أنّ سيّد قطب قال بخلق القرآن و قرّر عقيدة وحدة الوجود)



مع تنبيه القارئ و الأستاذ إلى الفرق الشّاسع بين معنى قولهم (قال بخلق القرآن , و قرّر عقيدة وحدة الوجود) و بين قولهم ( قال كلاما يوهم أنّه يقول بخلق القرآن , و يوهم بالقول بوحدة الوجود) .



فإنّ من نصّب نفسه لهذه الأمور و هو لا يفرّق بين أظهر معاني كلمات أهل العلم فهو جاهلٌ أحمقٌ و لا تنفعه التّزكيات و لسنا صوفيّة ننبهر بالمشي على الماء و الطّيران في الهواء لكنّنا أهل سنّة نمشي على وفق القاعدة : إن كنت ناقلا فالصّحّة أو زاعما فالدّليل و العبرة بموافقة الحقّ و السنّة لا بغيرها .



فإن قال الأستاذ : لا أنا أفهم الكلام العربي , بقي محمل واحدٌ لتصرّفه ذلك و هو أن يكون الأستاذ واقعا في التّلبيس و الكذب على إخوانه الطيّبين المخدوعين به , و لكي أبيّن لك ذلك جليّا فسأسوق لك قول أربعة من علماء السنّة , ثلاثة ممّن ذكرهم الأستاذ في كلامه المنقول آنفا و هم ( الشّيخ ابن باز و الشّيخ الدويش و صالح آل الشّيخ) و الرّابع لم يسمّه الأستاذ ولكنّه حشره معهم بقوله ( ..الخ من علماء السنّة) و هو سماحة المفتي العام.



و بعد أن أنقل للقارئ هذا الكلام سأسألُ المنخدعين بالأستاذ و بالتّزكيات , و سأسأل أصحاب التّعليقات الممجّدة تحت ذاك الموضوع عن أشياء لا مناص لهم من الجواب عليها فأقول :



- أمّا الشّيخ ابن باز:



فقد عرض عليه هذا كلام سيّد قطب (الموهم للقول بالاتّحاد) ثمّ قال له السّائل : ما فيها دلالة على أحدية الوجود ؟



فأجاب الشّيــخ رحمه الله تعالى : (لا، مراده موجد الأشياء، ما قال: ما هنا وجود إلا هو, بل هو موجد الأشياء ، وهو الخالق لها، عبارات يعني قد توهم بعض الناس...كلامه موهم، يوهم وحدة الوجود، ما هو مراده، مراده: أن الله هو الوجود الحقيقي الذي به وجدت الأشياء، وبه خُلِقت الأشياء، لكن تنطعه يبي يمضي مراده ، هذا التنطع الكثير، حتى يلبس على الناس ) المصدر : براءة علماء الأمّة من تزكية أهل البدعة و المذمّة (حاشية صفحة 40) (بواسطة)



- الشّيخ صالح آل الشّيخ



قال حفظه الله : (... ومن أمثلته –يعني ما في كتاب الضّلال- أنه يشعر في سورة الإخلاص،بأنّ عنده ميلاً إلى بعض مذاهب المتصوفة، من القائلين بوحدة الوجود، أو نحو ذلك، يُفهم منه، ما نقول: إنه ظاهر بيِّن، لكن يُفهم منه ) شرح كتاب مسائل الجاهلية الشريط السابع .



- الشيخ عبدالله الدويش


قال رحمه الله تعالى (... ولعلّه لم يقصد ما يفهمه من قول الاتحادية، ونحن إنما قصدنا التنبيه على كلامه، لئلا يغتر به من لا يفهمه، وأما هو فله كلام صريح في الرد على الاتحادية، كما هو في "خصائص التصور الإسلامي ) .المورد العذب الزلال في بيان أخطاء الظلال (بواسطة).


الشّيخ عبد العزيز آل الشّيخ حفظه الله تعالى:



سئل الشّيخ بالسّؤال التّالي:



السائل : ما الفرقبين أحدية الوجود في تفسير الظلال وفكرة وحدة الوجود الضالة ؟



الشّيــخ : ياإخواني تفسير سيد قطب في ظلال القرآن هو كتاب ليس تفسير لكنه قال تـحت ظلال القرآنيعني كأنه يقول للمسلمين هذا القرآن نظام الأمة فعيشوا في ظلاله و استقوا من آدابه وانهلوا من معينه الصافي وأقبلوا بقلوبكم على القرآن لتجدوا فيه علاج مشاكلكم و حل قضاياكم وتفريـج همومكم إلى آخرهوالكتاب له أسلوب عالٍ في السياق ، أسلوب عال ... أسلوبا أدبيا راقيا عاليا لكن لا يفهم هذا الأسلوب إلا من تمرس في قراءة كتابه....) إلى آخر كلامه و هو مسجّل ضمن الدّرس السّادس من شرح الشّيخ على كتاب التّوحيد .



فالسّـــــؤال هو : هل هذا الذي نقلته لك آنفا عن هؤلاء العلماء الأربعة يتّفق مع زعم الأستاذ أنّهم (أدانوا سيّد قطب بالقول بخلق القرآن و تقرير وحدة الوجود) , و هل من ثبت عنده أقوال هؤلاء العلماء , سيسلّم بأنّ الأستاذ إمّا واقع في الجهل , فليس بأهل للخوض في هذه المسائل , أو واقع في الكذب الصّريح مع سبق الإصرار و التّرصّد حين قال (ابن باز والألباني وابن عثيمين وربيع بن هادي وعبيد الجابري والدويش وزيد المدخلي وصالح آل الشيخ..إلخ علماءالسنةالذين انتقدوا على سيد قوله بخلق القرآن وتقريرهعقيدة وحدة الوجود)



و هم كما ترى (الشّيخ ابن باز يقول :كلامه موهم –مع ذمه- و كذلك الشيخ صالح آل الشيخ يقول كلامه موهم , و كذلك الشّيخ عبد الله الدويش يقول كلامه موهم , و سماحة المفتي يقول : ليس يقول بوحدة الوجود) فهل يكون الأستاذ صادقا ؟



فــــائدة و تنبيه :



و المقصود هنا بيان جهل الأستاذ أو تحامله بالزّور و البهتان على أهل العلم و الفضل , وليس المقصود بيان (هل فعلا قال سيّد قطب رحمه الله تعالى بوحدة الوجود و بخلق القرآن أم لم يقل بذلك) فإنّ هذا ليس محلّ البحث و لا هو موضع النّزاع و إن كان سيأتي الكلام عليه في موضعه إن تطلّب الأمر ذلك .



و حيث أنّ هؤلاء العلماء لهم أقوال كالتي مضى سردها فإنّ الذي تقتضيه الدّقّة و الإنصاف في الرّدود العلميّة , أن يحرّر المتكلّم مواقف العلماء الذين نسب إليهم ذلك الزّعم تحريرا ما بعده من تردّد , ثمّ يصرّح بما يترتّب عليه من مواقف ممّن خالف ذلك القول , و الظّاهر لكلّ ذي بصيرة أنّ الأستاذ إنّما يحشد أسماء العلماء بهذه الطّريقة السّخيفة لكي يبهر القارئ , و لكي يوهم النّاس بنسبة مزاعمه إليهم بل و يوهم أنّهم أجمعوا , فكأنّ من سمّاهم آنفا قد وقفوا في صعيد واحد ثمّ قالوا للنّاس (شهدنا أنّ سيّد قطب قال بوحدة الوجود و قال بخلق القرآن) ثمّ جاء الحويني و تكلّم بما تكلّم به , مع تيقّن! الأستاذ أنّ الحويني كان حاضرا ! لتلك الواقعة و إلّا فإنّ الجاهل بالحكم غير مؤاخذ بمخالفته كما هو معلوم .



فهل يرجع الأستاذ عن هذا الزّعم و خاصّة في زعمه على الشّيخ عبد الله الدّويش و الشّيخ صالح آل الشّيخ (...الخ من علماء السنّة) و الذين منهم سماحة المفتي عبد العزيز آل الشّيخ ؟



و هذا استطرادٌ أردت به التّعجيل بفضح بعض طرق الأستاذ و أضرابه في التّلبيس على الشّباب , و سأعود إليه بالتّفصيل في مبحث خاص بإذن الله تعالى , و أعود الآن إلى خاتمة هذه الوقفة , و فيها نقل نفيس عن شيخ الإسلام ابن تيميّة يطبّق فيها منهج أهل السنّة و الجماعة في التّعامل مع الألفاظ المجملة , و يفضح فيها طريقة الإجمال في مقام التّفصيل و الحجاج , و يبيّن فيها مرامي أهل الباطل من ذلك , و سيتجلّى للقارئ إن شاء الله تعالى كيف أنّ إخواننا هؤلاء شابهوا أهل البدع في هذه الجزئيّة , و كيف أنّ كلمات (حزبي و قطبي و سروري و مميّع وغيرها ) هي كلمات لم يــرد في الشّرع ذمّها و لا مدحها , و ذلك لا بطريق الكتاب و لا السنّة و لا إجماع أهل العلم , و أنّها بذلك شقيقة ( تجسيم و حشو و تمثيل , و حشوية و مجسّمة و ممثّلة ) و ليتأمّل طالب الحقّ هذه الكلمات , ثمّ ينظر : هل سلك القوم منهج أهل السنّة في ما يطلقون عليه (الجرح و التّعديل) أم أنّهم قد سلكوا مسلكا آخر لا فائدة من تسميته و اللّبيب تكفيه الإشارة



الوقفة الرّابعة : مثال تطبيقي من شيخ الإسلام للتّعامل مع الألفاظ المجملة و الرّد على أهل البدع الذين يستعملونها , قال رحمه الله تعالى :



(فصل وأما قول من قال إن الحشوية على ضربين أحدهما : لا يتحاشى من الحشو والتشبيه والتجسيم . والآخر : تستر بمذهب السلف . ومذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه ؛ دون التشبيه والتجسيم... فهذا الكلام فيه حق وباطل . فمن الحق الذي فيه : ذم من يمثل الله بمخلوقاته ويجعل صفاته من جنس صفاتهم .... وفيه من الحق الإشارة إلى الرد على من انتحل مذهب السلف مع الجهل بمقالهم أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان . فتمثيل الله بخلقه والكذب على السلف من الأمور المنكرة سواء سمي ذلك حشوا أو لم يسم . وهذا يتناول كثيرا من غالية المثبتة .... والناس المشهورون قد يقول أحدهم من المسائل والدلائل ما هو حق أو فيه شبهة حق . فإذا أخذ الجهال ذلك فغيروه صار فيه من الضلال ما هو من أعظم الإفك والمحال . والمقصود : أن كلامه فيه حق وفيه من الباطل أمور : - ( أحدها قوله : " لا يتحاشى من الحشو والتجسيم " ذم للناس بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان . والذي مدحه زين وذمه شين : هو الله . والأسماء التي يتعلق بها المدح والذم من الدين : لا تكون إلا من الأسماء التي أنزل الله بها سلطانه ودل عليها الكتاب والسنة أو الإجماع كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل والمقتصد والملحد . فأما هذه " الألفاظ الثلاثة " فليست في كتاب الله ولا في حديث عن رسول الله ولا نطق بها أحد من سلف الأمة وأئمتها لا نفيا ولا إثباتا . وأول من ابتدع الذم بها " المعتزلة " الذين فارقوا جماعة المسلمين فاتباع سبيل المعتزلة دون سبيل سلف الأمة ترك للقول السديد الواجب في الدّين واتباع لسبيل المبتدعة الضالين .... فأما الأسماء التي لم يدل الشرع على ذم أهلها ولا مدحهم فيحتاج فيها إلى مقامين :



- أحدهما : بيان المراد بها .



- والثاني : بيان أن أولئك مذمومون في الشريعة . والمعترض عليه له أن يمنع المقامين فيقول : لا نسلم أن الذين عنيتهم داخلون في هذه الأسماء التي ذممتها ولم يقم دليل شرعي على ذمها وإن دخلوا فيها . فلا نسلم أن كل من دخل في هذه الأسماء فهو مذموم في الشرع... وأما قوله : " مذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه دون التجسيم والتشبيه " . فيقال له : لفظ " التوحيد والتنزيه والتشبيه والتجسيم " ألفاظ قد دخلها الاشتراك بسبب اختلاف اصطلاحات المتكلمين وغيرهم . وكل طائفة تعني بهذه الأسماء ما لا يعنيه غيرهم... الوجه الرّابع أن هذا الاسم ليس له ذكر في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين ولا من أئمة المسلمين ولا شيخ أو عالم مقبول عند عموم الأمة فإذا لم يكن ذلك لم يكن في الذم به لا نص ولا إجماع ولا ما يصح تقليده للعامة . فإذا كان الذّمُّ بلا مستندٍ للمجتهدِ و لا للمقلدينَ عموماً كان في غاية الفساد والظلم, إذ لو ذمَّ به بعضَ من يصلُحُ لبعض العامة تقليدُهُ لم يكن له أن يحتج به ؛ إذ المقلد الآخر لمن يصلح له تقليده لا يذم به...والنكتة : أن الذّام به إما مجتهد وإما مقلدأما المجتهد فلا بد له من نص أو إجماع أو دليل يستنبط من ذلك . فإن الذم والحمد من الأحكام الشرعية . وقد قدمنا بيان ذلك . وذكرنا أن الحمد والذم والحب والبغض والوعد والوعيد والموالاة والمعاداة ونحو ذلك من أحكام الدين لا يصلح إلا بالأسماء التي أنزل الله بها سلطانه . فأما تعليق ذلك بأسماء مبتدعة فلا يجوز بل ذلك من باب شرع دين لم يأذن به الله . وأنه لا بد من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله)



إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى , و كلامه هذا موجود في مجموع الفتاوى الجزء الرّابع صحيفة (144) و فيه فوائد جمّة لا يغني عنها ما نقلته هنا فقد تعذّر نقله جميعا طلبا للاختصار , فليراجعه طالب الحقّ هناك , مع التّنبيه إلى أنّ رقم الصّحيفة (144) وفقا لطبعة الشّيخ سليمان , و رقمها( 88) على طبعة (عامر الجرّار و أنور الباز) .



و من قرأ هذا الكلام و غيره , مستصحبا في ذهنه ما قرّرته له في هذه الوقفة , فسيرى فضاعة ما عليه القوم من الانحراف على سبيل المؤمنين (في ضوابط التّبديع و الحكم على المعيّنين) أو في ما يسمّونه بـ (الجرح و التّعديل) و العبرة بالحال لا بالاسم على كلّ حال و إذا احتجّ عليك المخالف بحصر الكلام في الصّورة التي سيق لأجلها فاستعن بالله تعالى وأعده إلى الحلقة الأولى ففيها بإذن الله تعالى كفاية في ردّ بعض الإيرادات , و في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى سأقف مع الأستاذ وقفة أخرى في دحض فرية أخرى على منهج السّلف و علماء السّلف و أتباعهم بإحسان , و يعلم الله أنّني لو اعتبرت بحالي من القصور و الجهل , و من الغبن في الصّحة و الفراغ , و من اعتراضات الشّانئين و معاتبة الأقربين و من شيء من التّزهيد المرّ على القلب الضّعيف و إن أتى من محبّ قريب , لو اعتبرت بذلك و غيره لاكتفيت بما كتبته في الحلقة الأولى , خاصّة و أنّه لقي بحمد الله قبولا بين الشّباب الذين منهم من كان يحسب (أصول الأستاذ خالد بن عثمان) لا يعتريها خلل وأنّ الأستاذ خالد –إذ حصل على تزكية- فلا يقع منه التّلبيس و لا الهوى الدّافع على البتر و الكذب , بل لعلّه يظنّه العالم الذي يحمل لواء السنّة في مصر الحبيبة , و قد وفّق الله تعالى إلى كشف حقيقة المتستّر وراء (الدّفاع عن السّلفيّة) في ركن من أركان طريقته فلزم أن أواصل كشف ما لا يقل على تلك الأركان بطلانا و خطرا , و هذا أراه واجبا شرعيّا لا يمنعني عنه سوء صنيع الشّباب المشتغلين بالسّب و الشّتم , و بالنّسخ و اللّصق , و بنظم أشعار الغلوّ و الجفاء , تعليقات المدح الزّائف و الثّناء , بل إنّ هذا الكلام يتوجّه إليهم استثمارا للخير الذي لا يخلو منه واحد منهم و إنما استغلّه أهل التّعصّب في ما لا ينبغي فحال أحد هؤلاء المبتدئين كحال المخاطب بقول الشّاعر :



عرفت هواها قبل أن تعــرف الهوى ° فصادف قلبا خاليا فتمكّنا



و قول مجنون ليلى : (انظر البيت الذي قبله)



صغيرين نرعى البـــهم يا ليتَ أنّنا ° صغيرين لم نكبر..ولم تكبر البـهمُ



و هذا و العياذ بالله تعالى من مصارع العشّاق و الأخلاق , و كلّ ما جاوز حدّه انقلب إلى ضدّه , و واجب التّبليغ قائم على كلّ قادر ,و كلٌّ بحسب ما فتح الله له , فقرّرت بعد نظر و استشارة أن أواصل في الوقوف مع هذه الأفكار الدّخيلة مطيلا للنّفَسِ محتسبا الأجر في الصّبر على المخطئ والمصيب , مستمدّا العون و التّوفيق من ربّ العزّة جلّ وعلا ملتزما بتطبيق معنى قوله عزّ و جلّ (( و العصر إنّ الإنسان لفي خسر. إلّا الذين آمنوا و عملوا الصّالحات و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر))

ناشر الخير
2011-04-16, 20:06
كشف التّعصّب و المين و الكيل بمكيالين



حوار مع صاحب مقالة



(الأصول التي خالف فيها الحويني أهل السنّة)



الحلقة الثّالثة:



بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله و الصّلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتّبع هداه أمّا بعد فهذه الحلقة الثّالثة من الحوار الذي بدأته بفضل الله تعالى , و الذي سأطيل فيه النّفس ما استطعت إلى ذلك سبيلا لكي أقف مع مواطن الخلل في فكر الأستاذ و أضرابه و في طريقة تفكيرهم الخطيرة التي ينسبونها لمنهج أهل السنّة و الجماعة و ذلك في معرض الدّفاع عن الشّيخ الفاضل أبي إسحاق الحويني حفظه الله تعالى , و في هذه الحلقة:


المحتويـــــــــــات :



و فيها تمهيد و وقفتان :

تمهيــــد متعلّق بما سبق : وجود الحزبيّين و السّروريّين حقيقة و لكن يجب التّعامل بميزان العدل لا الظّلم و بفهوم الكبار لا بطيش الصّغار:
الوقفة الأولى : بدعة التّبديع بمطلق الثّناء على المخالفين (هل يبدّع الشيخ أبو إسحاق بثنائه على بعض المخالفين )
و فيها :
توطئـــــــــــــــــــــة :
بعض فتاوى العلماء و تطبيقاتهم المتعلّقـــة بالثّنــــاء على المخالف :
شيــــــــخ الإســـــــلام ابن تيمية :
ثنــــــاء شيخ الإسلام علـــــــى ملك قبـــرص سرجوان النّصراني :
ثنـــــــــــاء شيخ الإسلام على (بعض) الصّوفيّة :
ســــــؤال محرج للأستــــــــــاذ له تعلّق بقضيّة الثّنــــاء
ثنــــــاء شيخ الإسلام على الخوارج و أهل البدع في مقابل بعضهم
ثنــــــــــــــــاؤه على أهل الكلام في ردودهم على من هو شرّ منهم و أكثر منهم ابتداعا كالمعتزلة :
ثنــــــــــاء الشّيخ ربيـــــع بن هادي المدخلي على بعض المخالفين :
ذكر ثناء الشّيخ ربيع على الخوارج و على سيّد قطـــــــــب
مثال عملي من الشّيخ الألباني يوضّح فيه جانبا من الانحراف الموجود عند الشّباب المتحمّسين و موقفهم من الثّناء على المخالفين :
كلام للشّيخ ابن عثيمين في الثّنــــــــــــاء و أنّه بحسب المصلحة (الفائدة)
الوقفــــــة الثّـــــــــــانية : هل يسوغ التّبديع بترك زيارة بعض الأفاضل :
(هل يبدّع الشّيخ أبو إسحاق لأنّه لم يزر بعض المشايخ في زعم الأستاذ خالد) أو هل (يجب شرعا) زيارة العلّامة ربيع و غيره من أجل إثبات السّلفيّــــة .
تمهيـــــــــــــد متعلّق بما سبق : وجود الحزبيّين و السّروريّين حقيقة و لكن بميزان الكبار لا الصّغار:
قد رأيت بحمد الله أثرا طيّبا للحلقتين الماضيتين في الدّفاع عن أهل العلم الأفاضل , و قد كان مدارهما على الإجمال الحاصل عند الطّاعنين في بعض الأوصاف التي يرمون بها خصومهم و منها (حزبيّة و سرورية و قطبيّة).
و قد رأيت بعض القرّاء استشكل ذلك حتّى عبّر عن فهمه أنّ كاتب هذه الكلمات ينكر وجود هذه الأصناف في الواقع , و غير ذلك فأقول موضّحا :
أوّلا : قد مضى عمل العلماء أنّ استشهاد المتكلّم بكلام غيره في مسألة ما لا يعني موافقته لصاحب الكلام في سائر أقواله و أحواله .
ثانيا : لا شكّ أنّه توجد أحزاب و توجد فرق , و لا شكّ أنّه يوجد قوم متحزّبون على الرّجال و المناهج و الأقوال الدّائرة بين كونها أقوالا مبتدعة مخالفة للشّرع كأنصار الإضطرابات و الفوضى و تكفير المسلمين , و بين كونها أقوالا اجتهاديّة كأهل الإلزام بأقوال الرّجال من متعصّبة المذاهب و أشباههم الذين عقدوا الولاء و البراء على اجتهادات الرّجال و أحكامهم على غيرهم من المخالفين .
فمن الحزبيّين : أصحاب البيعات المختلفة الموجودة في السّاحة كتنظيم الإخوان و جماعة التّبليغ و غيرهم .
و يدخل في التّحزّب المذموم : كلّ من والى و عادى على غير أصل شرعي مجمع عليه , أو على مسائل الاجتهاد التي هي محلّ أخذ و ردّ بين أهل العلم , و فرّق بين جماعة المسلمين تبعا لما يراه من تعظيم رجل أو جماعة أو قول أو مذهب لم يأتي تعظيمه أو الإلزام به في الشّرع الكريم .
و هذا يدخل فيه من تحزّبوا على سيّد قطب رحمه الله تعالى فعادوا كلّ من انتقده و والوا كلّ من عظّمه تعظيما مطلقا , و يدخل فيه من نصّب طريقة للتّغيير و إقامة دولة الإسلام في زعمه ثمّ بايع عليها و جعلها مضاهية لجماعة المسلمين , و يدخل فيه أيضا إخواننا الذين تحزّبوا على بعض اجتهادات (بعض) الأفاضل في باب الجرح و التّعديل و جعلوا كلّ من خالفهم قد خالف السنّة و السّلف الصّالح , و إن كان هؤلاء يرمون كلّ مخالف بالحزبيّة و القطبيّة و إليهم يتوجّه كلامي .
لأنّ المعروف عنهم عدم تحرير هذه الأوصاف , فصار كلّ من أغضبهم يلحقونه بالحزبيّين , و صارت هذه الألفاظ محتاجة منهم إلى أمرين لا بدّ منهما : أوّلا بيان قصدهم بها .
الثّاني : إثبات أنّ ما قصدوه بها مذموما عند الله تعالى .
لأنّنا رأيناهم يدخلون فيها كلّ مخالف , و أحيانا يختلقون الفرق بحسب المستجدّات و الخصومات مع أهل العلم و العدل , فصار إيقافهم بأيسر ما يمكن و هو أن ينـــــــــظر في ضابطهم الذي لم نره يوما .
و لذلك : عندما ذمّ شيخ الإسلام استعمال المبتدعة للألفاظ المجملة في قذف أهل السنّة و التي منها ( مجسّمة و تجسيم –حشوية و حشو) لــم يكن رحمه الله ينفي وجود مجسّمة و ممثّلة حقيقيّين و لكنّه كان يردّ على من استغلّ التباس المعاني في الظّلم و العدوان , تماما كما يفعل صاحبنا الأستاذ خالد المصري و الذي ناقشته على هذا الأساس , و قد سقت هذه الكلمات لأجل البيان سائلا الله التّوفيق و الله تعالى أعلم .
الوقفة الأولـــــــــــى : بدعة التّبديع بمطلق الثّنــــــــــــاء على المخالفين :

من الأصول التي خالف! فيها الحويني أهل السنّة و الجماعة على مذهب الأستاذ خالد المصري وفّقه الله تعالى: ما عنون له بقوله :
(ثانيـــا : ثناؤه على رؤوس القطبيين و الحزبيين أذناب الخوارج في مصر ).
ثمّ ساق الأستاذ في هذه الفقرة ما يراه حجّة في تبديع الرّجل , و ذلك دائر على أمرين:
الأوّل : ثّناء الحويني على بعض المخالفين الذين وصفهم الأستاذ بـ (القطبيّين و الحزبيّين أذناب الخوارج في مصر ) .
الثّاني : زيارته (للقطبيّين) إذا نزل بأرض الحرمين , و في المقابل –كما يزعم الأستاذ- امتناعه عن زيارة علماء السنة كالشيخ ربيع و الشّيخ الفوزان! و الشّيخ عبيد الجابري....
و سوف أناقشه إن شاء الله في هذه المزاعم بميزان العلم و العدل ما استطعت إلى ذلك سبيلا فأقول :
هذا الكلام محتاج إلى إثبات مفتقر إلى براهين و مقدّمات , و لا شيء أيسر على طالب العلم من نسْفه باعتراض واحد ملخّصه أن يقول للأستاذ هداه الله :
لا نسلّم لك أنّ هؤلاء الذين أثنى عليهم الحويني قطبيّين و حزبيّين و أذناب خوارج لأجل
أمرين :
الأوّل : أنّ ميزانك في الحكم دائر بين التّقليد العصبيّ المذموم , و بين الاعتداء و البتر و الإجمال , فأنا أنــازعك في حكمك على هؤلاء الذين سمّيتهم و إن كنتُ لا أعرفهم حاشا الشّيخ عبد الحميد كشك , ليس لأنّني أجهلُ حالهم و لا لأنّني أبرّئهم من تهمك , فهذا بحث آخر و بينك و بينهم اللهُ الحكمُ العدلُ فأوصيك بتقوى الله .
و لكنني أنازعك في زعمك: لأنّ وقوفي على سوء طريقتك يحرّم عليّ التّسليم بأحكامك فإنّ ما بني على باطل فهو بـــــــــــاطلٌ بلا شكّ .
ثانيا : ما زلنـــا ننشد الأستاذ أن يسعفنا بضابط علميّ صحيح صريح لهذه الأوصاف المجملة لكي نقدر على النّظر , مع تذكيرك مرّة أخرى أنّ أخاك الأستاذ ابن عطايا العتيبي اعترف أنّه يجهل حقيقة هذه الأوصاف , فكيف تريدنا أن نقبل منك .
و أقول استطرادا :
- قد اعترف الأستاذ أسامة العتيبي أنّه حَكَمَ على شخص معيّن من خلال مقابلة رآها له في قناة الجزيرة الفضائحيّة !!! بأنّه (فلاني و علّاني أو أنّه مؤيّد للخوارج) , ثمّ اعترف فيما بعد أنّه أخطأ في الحكم معتذرا بسوء فهمه للتّصريحات الصّحفيّة للمحكوم عليه!! , فلتضحك الثّكالى على طريقة أهل العلم (الجدد) في (نقد الرّجال و الفرق و الطوائف) .
- قد شاهد طلبة العلم المفجوعون من هذه المجزرة كيف أنّ زميلا آخر لك وهو الدّكتور علي رضا وفّقه الله , جرح (العلّامة عبد الكريم الخضير) واصفا إيّاه بأنّه (قطبي!ملّيباري!) لأسباب تافهة ساقطة ممّا جعل سياط طلبة العلم تنهال عليه بسيل جارف , أجبره على حذف الصّفحة في الظّلام ... و دون اعتبار لشروط التّوبة والتّراجع عن الأخطاء و التي هي ركن من أركانكم في مقام ظلمكم إخوانكم .
فكيــــــف تريدنا أن نسلّم لك أنّ هؤلاء القوم ( أذناب خوارج) و أنت تزعم (الاتّفاق) مع إخوانك هؤلاء على هذا (المنهج السّليم !!) و هذه هي ثماره ؟
و بهذا المسلك ينسف طالب الحقّ دعوى الأستاذ الأولى التي فيها أنّ هؤلاء الثّلاثة الذين ذكرهم (قطبيّون...) , و تنسف أيضا دعواه الأخرى : أنّ الذين يزورهم الشّيخ في بلاد الحرمين (قطبيّين سروريّين )
و إذا بطل الأصل بطل الفرع و الحمد لله على توفيقه .
و لكي لا يقول قائل إنّ هذه طريقة للهرب من النّقاش , و تأديةً لحقّ إخواننا الحانقين علينا أنْ رددنا على شيخهم و لحقّ إخواننا المطّالبين بمواصلة الرّدّ المفصّل , فإنّني أقول للأستاذ وفّقه الله تعالى : سلّمتُ لك جدلا أنّ هؤلاء الثّلاثة (أذناب خوارج) .
و أوافقك أنّ الشّيخ كشك رحمه الله تعالى و أسكنه الجنان , كان يكثر من سَوق الأحاديث الضّعيفة و الموضوعة , و كان على غير الجادّة في تربية الجماهير و دعوتها إلى الله تعالى .
فهنا سؤال :
هــل يكون الثّنـاء على هؤلاء من (المخالفات الكبرى) كما يزعم الأستاذ , و هل يكون من (الأصول التي خالف فيها الحويني أهل السنّة) و قــــد رتّبه الأستاذ في المرتبة الثّــــــانية بعد (التّكفير)! .
و ماذا يقول الأستاذ لو جئتُهُ بثنــــاء بعض (أهل العلم الكبار) على من يعدّهم الأستاذ (أهل بدع كبار) , هل سيحكم عليهم هم أيضا بالوقوع في (المخالفات الكبرى) لأهل السنّة ؟
هذا ما سأحاول الإجابة عليه في هذه الحلقة راجيا من الله تعالى التّوفيق و المدد :
توطئـــــــــــة :
إنّ المتأمّل في منهج أهل العلم و السنّة و طريقتهم في التّعامل مع النّاس من جهة المدح والذّم , يجـــدُ مجمل ما في الأمر أنّ الثّناء على المخالف فاسقا كان أو مبتدعا أو كافرا , ليس له ميزانٌ مطّرد و ضابط جامع مانع بحيث يكون فعله علامة على البدعة وتركه علامة على السنّة أو يكون فعله علامة على الموالاة و المحبّة والموافقة , و تركه علامة على المعاداة و البراءة و المفارقة , و لا يمكن أن يكون الثّناء و القدح ركنا في إثبات السنيّة و البدعيّة , و الموافقة و المفارقة إلّا إذا حصل على وجه مخصوص يجعله (في ذاك المقام أو على ذاك الوجه) دالّا على موقف الفاعل سلبا أو إيجابا و هذا قليل .
ففي باب الثّنـــــاء على المبتدعة : لا يكون الثّناء دالّا أو مشعرا بموالاتهم وموافقتهم على ضلالهم إلّا إذا توفّرت فيه شروط ملّخصها ما يلي :
ـ أن يكون دائما مستمرّا في غالب أحوال المتكلّم , فلا يكون قد حصل مرّة أو مرّات معدودة في عمرٍ مديد قضاه صاحبه في مقاومة البدعة و نشر السنّة .
ـ أن يكون مجملا مطلقا غير مقيّد و لا مخصوص , كأن يثني على عنترة أنّه فارس مغوار أو أنّه نبيل , فهذا لا يدخل في ذلك .
ـ أنْ يكون الثّناء في مقام ترويج لبدعتهم أو ما يشبهه بحيث تتجلّى مضرّة الثّناء بلا خلاف , و يترجّح اقتران ثناء المتكلّم عليهم في ذاك المقام مع إدراكه الجازم أو الرّاجح أنّ ذلك ناشرٌ لضلالهم ناصرٌ لبدعهم , و ليس كلّ من أثنى على مبتدع في مقام الرّدّ عليه أو مناقشته أو غير ذلك يقال له (تريد ترويج بدعته) , كما أنّه ليس كلّ من قدح في متسنّن في مقام مثله يقال له (تريد الطّعن في عقيدته) و سيأتي مزيد بيان .
و إذا كان كذلك , لم يعد ثناء و لا مدحا بل صار منافحة و دعوة إلى البدعة و أهلها و هو غير ما قد يقع المرّة و المرّات المعدودة تبعا لمقامات و مواقف سيأتي شرحها في موضعها .
ـ أن يكون الثّناء متوجّها إلى صاحب بدعة مكفّرة أو مغلّظة و واضحة هذا من جهة , و يكون تلبّسه بتلك البدعة أيضا لا نــزاع فيه , أو فيه نزاع مطّرح غير معتبر , بحيث لا يعذر المُثنــي بجهله لها أو لتلبّس من أثنى عليه بها و دعوته إليها , أمّا و نحن في عصر التّبديع تبعا للاختلاف في مسائل الاجتهاد أو تبعا للمسائل الخفيّة التي يصعب تحرير الخلاف فيها و حسمه لأحد الطّرفين , و أمّا ونحن في عصر تصدّر الجهلة لإسقاط كلّ من خالف طريقتهم... فلا عبرة بهذه الادّعاءات الفارغة .
و حتّى لا يبقى الكلام الذي سقته لك مجرّد دعوى بلا دليل و لا معضّد , فإنّني سأورد بعض أقوال علمائنا في هذه الجزئيّة , فإن وفّقت في ذلك انهارت مزاعم الأستاذ , و إن كانت الأخرى فلا بدّ أنّ عليها أدلّة و شواهد أخفاها الأستاذ لحاجة في نفسه , فليسعف بها إخوانه مشكورا فأقول :
الثّنـــاء على المخالف ليس بممنوع مطلقا و لا مباح مطلقا , و ليس يصلح جعله علامة على السنّة و البدعة وجودا و عدما , و ذلك لأنّه منـــوط بالمصلحة الشّرعيّة , و هو –تبعا لذلك- خاضع للظّرف و المقام الذي يتكلّم فيه المتكلّم , فإنّ العلماء قد أباحوا أن تدعو الكافر إلى طعام إذا كان ذلك مظنّة ترغيبه في الإسلام و دخوله فيه .
و اتّفقوا على أنّ الشّريعة الغرّاء أباحت بل حثّت على كثير من الأشياء التي يدرك ذو العقل أنّها داخلة تحت عموم قوله تعالى :
(( أدع إلى سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة))
و قوله تعالى بخصوص فرعون
(( فقـــولا له قولا ليّنــــا)) و قوله تعالى في عموم النّاس:(( و قولوا للنّـــــاس حسنـــــــــا))
و قوله عليه الصّلاة و السّلام :
((الكلمة الطيّبة صدقة))
و غير ذلك من الآيات و الأحاديث التي تأمر بالرّفق و محبّة الهداية للنّاس , و تأمر بتحقيق المصلحة الشّرعيّة التي أنزل الله لها الكتاب و الميزان , و التي إن لم يكن تحقّقها بهداية المبتدع كان بكفّ أذاه أو ترقيق قلبه طمعا في أوبته و لو بعد حين , أو عدم إثارته على أهل السنّة أو تصحيح نظرة قاتمة في ذهنه عن أهل السنّة كما حصل لكثير من أهل الكفر كانوا يكرهون الإسلام و نبيّ الإسلام بجهلهم و كذب ما وصلهم من الأخبار , فلمّا قابلوه عليه الصّلاة و السّلام أسلموا و صارَ أحبّ خلق الله إليهم .
و ربّما كان الثّناء على المبتدع في مقام معيّن تطلّب ذكر ما فيه من الخير تبعا للمصلحة الشّرعيّة دائما , و التي من مظاهرها بيان عدل أهل السنّة مع الخصوم و رحمتهم بهم و قيامهم بالقسط استجابة لأمر الله و رسوله , و الذي لا يشوّش عليه جهل بعض طلبة العلم اليوم لمنهج السّلف و وقوعهم في بعض أقوال الخوارج , في معرض دفعهم للعدل و الإنصاف بسوء فهمهم لما اصطلح على ذمّه من (منهج الموازنات في النّقد) .
و لذلك جاء في القرآن ثناء مقيّد على أهل الكتاب كالثّناء على النّصارى في مقابل سوء حال اليهود و الذين أشركوا , و كالثّناء على أمانة فريق منهم في مقابل خيانة سائرهم و لا نعلم أحدا استشكل ذلك , إلّا أن يكون حصل من المستشرقين و أضرابهم و أذنابهم فما على هلوسات هؤلاء المنحرفين تنبني الأحكام , و جاء في السنّة ما يشبه ذلك و من طلبه أوقفته عليه , و سيأتي بعض ذلك في ثنايا فتاوى أهل العلم الآتية :
بعض فتاوى العلماء و تطبيقاتهم المتعلّقـــة بالثّنــــاء على المخالف :
شيــــــــخ الإســـــــلام ابن تيمية : قال رحمه الله
‎ (‎ كثيرا ما يجتمع في الشخص‎ ‎الواحد الأمران ، فالذم والنهي والعقاب قد يتوجه ‏إلى ما‎ ‎تضمنه أحدهما فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر كما يتوجه المدح والأمر‎ ‎والثواب إلى ما تضمنه أحدهما ، فلا يغفل عما فيه من الأمر الآخر.‏‎
وقد يمدح‎ ‎الرجل بترك بعض السيئات البدعية و الفجورية ، لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على‎ ‎فعل ‏بعض الحسنات السنية البرية .‏‎
فهذا طريق الموازنة والمعادلة ، ومن سلكه كان‎ ‎قائما بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان )
مجموع الفتاوى جزء 10 ص 212
و كلامه هذا ظاهر الإطلاق في وصف الموقف ممّن فيه حسنات و سيّئات و لا يحتاج شرحا و لا تعليقا .
فكيف إذا كنّا في موقف نحسب الثّناء جالبا للخير نافعا للمخالف في ردّه للصّواب أو غير ذلك نفعا مطلوبا في الشّرع ؟ أنفوّت المصلحة العظمى خوفا من حكم الأستاذ خالد المصري و أضرابه علينا بالابتداع ؟!
ثنــــــاء شيخ الإسلام علـــــــى ملك قبـــرص سرجوان النّصراني :
و ذلك حين راسل ملك الرّوم في رسالته المشهورة باسم (الرّسالة القبرصيّة) أثنى عليه في أكثر من موضع , و أثنى على نفر من القساوسة الكافرين من أصحابه بأكثر و أشدّ من قول الشّيخ أبي إسحاق في هؤلاء القوم :
( هولاء نجوم ما يحتاجون لتقديم منّا أسأل الله أن ينفعكم بهم)
قال شيخ الإسلام مخاطبا سرجوان ملك قبرص :
(...فكيف يعاملون أسرى المسلمين بهذه المعاملات التي لا يرضى بها ذو مروءة ولا ذو دين لست أقول عن الملك وأهل بيته ولا إخوته، فإن أبا العباس شاكرٌ للملك ولأهل بيته كثيرا معترفا بما فعلوه معه من الخير وإنما أقول عن عموم الرّعية‏...)
و قال أيضا في الرّسالة نفسها :
وما زال في النّصارى من الملوك والقسّيسين والرّهبان والعامّة من له مزية على غيره في المعرفة والدّين، فيعرف بعض الحق وينقاد لكثير منه ويعرف من قدر الإسلام وأهله ما يجهله غيره فيعاملهم معاملة تكون نافعة له في الدنيا والآخرة‏.‏
و قال أيضا بعد ذلك :
وأبو العباس حامل هذا الكتاب قد بثّ محاسن الملك وإخوته عندنا واستعطف قلوبنا إليه، فلذلك كاتبت الملك لما بلغتني رغبته في الخير وميله إلى العلم والدّين وأنا من نواب المسيح وسائر الأنبياء في مناصحة الملك وأصحابه وطلب الخير لهم .
قلت : و أبو العبّاس هذا هو شيخٌ من مشايخ المسلمين يظهر من الرّسالة أنّه كان أسيرا عند الملك المخاطب بالرّسالة , و لاحظ كيف حكى شيخ الإسلام أنّ أبا العبّاس هذا (بثّ محاسن الملك و إخوته عندنا...) و قد نقل عنه الإمام ابن تيميّة ذلك من غير نكير , و قارن هذا بجهل الجاهلين اليوم (كلّ من أثنى على مخالف و لو كان مسلما ألحقوه بالمبتدعة فإلى الله المشتكى)
فيا لله العجب ! انظر كيف طبّق شيخ الإسلام هذه القاعدة و التي هي (مراعاة المصلحة الشّرعيّة) حتّى و هو يخاطب كافرا مشركا رأسا في قومه , و لكن لأنّه رحمه الله تعالى رأى أنّ في ذكر محاسن سرجوان و قساوسته مصلحة شرعيّة أثنى عليهم و ذكر بعض محاسنهم ترغيبا لهم في الإسلام أو على الأقل في فكّ أسرى المسلمين , و إيذانا لهم بعدل المسلمين و إنصافهم , و عدم إنكارهم الحقّ و لو مـع ألدّ أعدائهم , فماذا يقول الأستاذ في هذا الكلام ؟
هل سيزعم – كعادة القوم – حصر الكلام في الصّورة التي سيق لأجلها ؟
هل سيقول أنّ شيخ الإسلام يبتغي وجه الله و الحويني يبتغي غرضا سياسيّا كما قيل في الإمام الجزائري المصلح عبد الحميد بن باديس رحمه الله , حين ذمّه بعض الأغبياء لأجل ثنائه على أتاتورك فأخرج لهم طلبة العلم الأقوياء ثناء شيخ الإسلام على بعض الأشاعرة فاحتجّوا باختلاف قصد الرّجلين!! كما هو موجود على تلك الشّبكة و الله المستعان .
و قـــد يكون الثّنــــــاء و ذكر المحاسن لغرض التّفصيل في الحكم على الطّوائف و اجتناب الظّلم و البغي كما في قول شيخ الإسلام عن الصّوفيّة :
ثنـــــــــــاء شيخ الإسلام على (بعض) الصّوفيّة :
( ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه تنازع الناس في طريقهم ،فطائفة ذمّت الصوفية والتصوف وقالوا : إنهم مبتدعون ، خارجون عن السنة ، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف ، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلم ، وطائفة غلت فيهم ، وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم
والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله ، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين ، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب ،ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه ، عاص لربه ..) مجموع الفتاوى الجزء11 صحيفة 18
و هذا لم يفهم منه أحدٌ أنّ شيخ الإسلام ينتسب إليهم أو يزيّن بدعهم للمسلمين أو أنّه يهوّن منها إلّا أن يكون هذا (المدّعي) جاهلا بطريقة أهل السنّة في الإنصاف و العدل , و بأسلوبهم في العلم و عرض مسائله , و هذا عارٌ على من تصدّر للكلام عن الأفاضل أن يقع فيه و الله المستعان .
ســــــؤال محرج للأستــــــــــاذ له تعلّق بقضيّة الثّنــــاء نرجو الجواب عليه :
قـــد علم كلّ عاقل أنّ الأستاذ و أضرابه و أتباعه على طريقته , يحاولون ذمّ الأفاضل الذين خالفوهم بأيّة طريقة , و لو كان فيها تلبيس على الشّباب المساكين , و من تلك الطّرق أن يوهموا النّاس أنّ (الثّناء على المبتدعة و المخالفين حرام مطلقا و بـدعة مطلقا )
و لا شكّ أنّ كثيرا من الشّباب المخدوعين بأبي عبد الأعلى و إخوانه , لا يعلمون حقيقة هذه القاعدة , و لا يدرون أنّ علماء المسلمين لا يزال يصدر منهم الثّناء على المخالفين بل على الكافرين بحسب المصلحة الشّــــرعيّة التي يقدّرها المتكلّم تبعا للمقام , كما مرّ ثناء شيخ الإسلام على بعض النّصارى , و ثناؤه على بعض الصّوفيّة .
و معلوم أنّ النّصارى لا خير فيهم و دينهم محرّف مبدّل تبديلا كليّا .
و معلوم أنّ الصّوفيّة قد دخل فيهم من هو أشدّ كفرا من اليهود و النّصارى من غلاة الحلول و الاتّحاديّة .
و معلوم أنّ ذلك أشدّ شرّا من حال التّنظيمات الحزبيّة الموجودة اليوم بين المسلمين كتنظيم الإخوان و غيره .
و مع ذلك قال شيخ الإسلام متكلّما عن النّصارى :
(وما زال في النّصارى من الملوك والقسّيسين والرّهبان والعامّة من له مزية على غيره في المعرفة والدّين، فيعرف بعض الحق وينقاد لكثير منه ويعرف من قدر الإسلام وأهله ما يجهله غيره)
و قــــال متكلّما عن الصّوفيّــــة :
( والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله ، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين )
فالسّــــــــؤال الأوّل :
نقول للأستاذ و من يقلّدهم و من يتحزّب معم على هذا المنهج : مـــــــا حكم من قـــال في بعض المخالفين ( مازال منهم من له مزية على غيره في المعرفة والدّين، فيعرف بعض الحق وينقاد لكثير منه ويعرف من قدر السنّة وأهلها ما يجهله غيره) .
و ما حكم الأستاذ و أصحابه ممّن يقول في هؤلاء "الحزبيّين" ما نصّه : ( ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده ، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين... وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب ،ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه ، عاص لربه).
هـــــل سيحكم عليه الأستــــاذ بالابتــــداع و بالوقوع في (شبح الموازنات) أم لا .
و إذا كان الأمر كذلك فأقــول :
السّـــــؤال الثّانـــــي :
هل سيحكم الأستـــاذ على شيخ الإسلام أيضا بالوقوع في البدعة و في المخالفات الكبرى أم لا ؟ , و إشفاقا على هيبة الأستاذ العلميّة المزعومة , و تبرئة له من طريقة من يسمّونهم بالحدّاديّة , فأنا لا أطلب منه تبديع شيخ الإسلام كما بدّع الشّيخ (أبو إسحاق الحويني) لكنّني أتحدّاه أن يخطّئه فقـــــــــط مع الإشارة إلى أنّه و الحدّادية في أصل منهجهم سواء.
و أقـــول له :
أيّــــهما أكثر شرّا (الذين تسمّيهم أنت أذناب خوارج)
و ما أنت بالحكم الترضى حكومته ° و لا الأصيل و لا ذي الرّأي و الجدل
أم الذين حكم عليهم العلماء الموثوقون بأنّ منهم زنادقة و منهم ملحدون و منهم طواغيت يعبدون من دون الله كالحلوليّة و الاتّحاديّة ؟
إنّ أهل الحقّ ينتـــظرون جواب هذه الفئـــــة عن أصولها المبتدعة التي أدخلتها على منهج أهل السنّة و الجماعة , و لا شكّ أنّ كلّ منصف من المنبهرين بالأستاذ خالد يقرأ هذه الكلمات ستكون عنده رغبة في الفهــــم و العلم فأسأل الله تعالى أن يزيل الغشاوة على الأبصار .
و ما ذكــــــــر بخصوص هؤلاء يشمل الثّنـــــاء على الشّيخ عبد الحميد كشك رحمه الله تعالى خاصّة و الشّيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله تعالى قد بيّن في الكتاب نفسه و غيره أنّ الشّيخ عبد الحميد كشك رحمه الله تعالى كانت عليه ملاحظات منها ما ذكره الأستاذ بخصوص الأحاديث الواهية و الضّعيفة .
أمّــــا قول الأستاذ أنّ الشيخ كشك كان على غير الجادّة في طريقة الدّعوة فأقول :
الشّيخ أثنى عليه في مقام ناسب الثّناء و لا أعرف في الأسلوب العربي الجمع بين الثّناء و ذكر المثالب إلّا في أوهام طائفة الجرّاحين الجدد , و الشّيخ كشك و سيّد قطب و البنّا و غيرهم , لا شكّ في خطإ أسلوبهم الدّعوي , و لكن لا شكّ أيضا أنّهم رحمهم الله كانوا يدعون بصدق إلى الإسلام الذي يعرفونه هم و الذي يحسبونه المنهج الحقّ , فلا ضير من الثّناء عليهم ممّن علم نهجه و موقفه من طرق الدّعوة إلى الله , و لذلك أثنى الشّيخ الألباني على سيّد قطب رحمه الله بأنّه كان صادقا في دعوته للإسلام الذي يفهمه هو , و إن كان مخطئا في ظنّه و علمه و من ثمّ طريقته .
و لتحطيم صرح آخر من المزاعم و الإيرادات القويّة!! التي يُعرف بها الأستاذ و أصحاب طريقته فسأجيب على سؤال وارد بقوّة منهم :
سيقول لك الأستاذ و الذين معه أشياء كثيرة يحاولون بها ردّ هذه اللّوازم القويّة الظّاهرة لمنهجهم و موقفهم من المدح و الثّناء , و لعلّ من أهمّها قولهم :
إنّ في الثّنـــاء على هؤلاء المبتدعة و المخالفين تزيين لبدعتهم و تصوير لهم على أنّهم أهل حقّ و هذا كلام ظاهره المتانة و القوّة , و لكنّ إطلاقه على طريقة القوم , و جعل ذلك ذريعة لانتقاص الأفاضل , مسلك مردود مرذول , و نسبته إلى منهج السّلف في النّقد افتراءٌ عليهم من جنس عمل الوضّاعين و القصّاص في أحسن أحواله , و الرّدّ على ذلك من وجوه :
ـ أوّلا : قد مضى أنّ في القرآن ثناءً مقيّدا على النّصارى في مقابل اليهود , و على طائفة من النّصارى في مقابل سائرهم , و لم نعلم أنّ صحابيّا أو تابعيّا فهم من ذلك (تلميع النّصارى و تزيين ما هم عليه من الكفر و الإلحاد ) , و سيأتي ذكر بعض تلك الآيات من كلام الشّيخ الألباني لكي لا يبقى للمتعنّت من مجال , و إذا كان ذلك فهم القرون الأولى , لم يصحّ أن نقابله بفهم الخلوف و إلزاماتهم المتهافتة , لأنّها لو كانت صحيحة لما خفيت على أفصح الخلق و أقربهم من مشكاة الوحي و النّبوّة , و ما قيل في الكفّار يقال في المبتدعة , و يؤكّده :
ـ ثانيا : فإذا قال الأستاذ و إخوانه : إنّ الكافرين أمرهم ظاهر و كفرهم ظاهر فلا مجال لأن ينخدع بهم المسلمون , و أمّا المبتدعة فإنّهم يدسّون السمّ في العسل , و يظهرون بمظهر التّديّن و السنّة , فلزم إطلاق التّبديع بالثّناء عليهم خلافا للكافرين , فجوابــــه أن يقال :
زعم ظهور الضّلال في الكافر دون المبتدع لا حجّة فيه بل لا دليل عليه , و ذلك لأنّ التّوحيد و الإسلام و الإيمان مخاطب به كلّ الأمم و كلّ النّـــاس , فالكافر مطالب بأن يترك ما عليه الأحبار و الرّهبان من التّثليث و الشّرك , و المسلم المبتدع مطالب بترك ما عليه المبتدعة و شيوخ الطّرق المنحرفة من البدع و القبوريّة و الخرافات , و من تفلّت التّكفير و الخروج و غير ذلك .
فكما أنّ مـــــدح المبتـــدع قد يزيّن بدعته في نظــــــر المسلم المفتون به أو غيره
فكذلك : مدح القس النّصراني المشرك قد يزيّن شركه و كفره في نظر النّصراني المفتون به و غيره .
فكما أنّ الأوّل (المسلم) قد يقول عن المبتدع (و الله هذا إذن عنده محاسن و خصال) إذا سمع الشّيخ أبو إسحاق أو غيره يثني على واحد من المبتدعة .
فأيضا الثّاني (المشرك) قد يقول عن القس و الرّاهب (و الله إذن فيهم محاسن كثيرة و أمانة و عدل) إذا سمع آيات المائدة و آل عمران أو كلاما ككلام ابن تيمية الذي فيه ثناء عليهم ببعض ما هو فيهم من الخصال .
و دعوة الإسلام و السنّـــــة موجّهة لكلّ الخلق قال تعالى مخاطبا رسوله (( قل يا أيّها النّاس إنّي رسول الله إليكم جميعا ))
فتهدّم بذلك ما أسّس عليه الأستاذ بنيانه من أركانه , و بقي أن نزيده ثناء من بعض العلماء المعتبرين على بعض المخالفين بما أراه كافيا في هذا الباب فأقول :

ثنــــــاء شيخ الإسلام على الخوارج و أهل البدع في مقابل بعضهم : قال رحمه الله
والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد لكن ليسوا في ذلك مثل غيرهم من أهل الأهواء فالمعتزلة أعقل منهم وأعلم وأدين والكذب والفجور فيهم أقل منه في الرافضة والزيدية من الشيعة خير منهم أقرب إلى الصدق والعدل والعلم وليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعبد من الخوارج . منهاج السنّة النبويّة الجزء الخامس ص 157
فما تعليق الأستاذ على هذا الثّنــــــــاء , و هل يملك طاعن الجرأة ليقول إنّ شيخ الإسلام زيّن بدع الرّوافض و الخوارج في عيون العامّة و الأتباع ؟ و أنّه وقع في (المخالفات الكبرى) .
ثنــــــــــــــــاؤه على أهل الكلام في ردودهم على من هو شرّ منهم و أكثر منهم ابتداعا كالمعتزلة :
قال رحمه الله تعالى : ( ومما ينبغي أيضًا أن يعرف‏:‏ أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات، منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة‏.‏
ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه، فيكون محمودًا فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، ورد بالباطل باطلًا بباطل أخف منه، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة‏.‏
ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون، كان من نوع الخطأ‏.‏ والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك‏) ‏ مج الفتاوى جزء 03ص349
و أشير إلى أنّ هذا المقطع نقله الشّيخ العلّامة عبد المحسن العبّاد حفظه الله في رسالته الماتعة رفقا أهل السنّة بأهل السنّة , و لم يتعقّبه بشيء بل احتجّ به على أهل الغلو و الجفاء .
و ليس الثّناء مختصّا بكون المبتدع ردّ على غيره أو نفع المسلمين بشيء فحسب , بل إنّه لمّا كان من باب العدل و الإنصاف و الامتثال لأمر الله تعالى , فإنّه شمل جميع ما يتميّز به المخالف سواء ممّا نفع به غيره أو ممّا هو في خاصّة نفسه كالإخلاص أو الحماس للإسلام أو التّقوى و الورع و الصّدق و العلم كما مرّ في كلام شيخ الإسلام عن الخوارج و غيرهم , و ليس ذكر ذلك على سبيل الوجوب و على وجه مخصوص كما هو قول أنصار (الموازنات المبتدعة) و لكـــن تبعا للمقام و للمصلحة الشّرعيّة التي تترجّح لدى المتكلّم حيث قد يوافق أو لا يوافق عليها , فصار غاية أمره و الحال هذه أن يكون أخطأ التّقدير فأثنى حيث لا يحسن الثّناء أو أثنى على من لا يستحقّ الثّنــــــــــــاء , و هذا مهما فحش لا يرتقي أن يكون من أصول الخوارج و المبتدعة و لا أن يكون من (المخالفات الكبرى) كما يصفها الأستاذ و كأنّه لم يطّلع على أقوال أهل العلم و تصرّفاتهم حتّى من كان منهم معاصرا و معروفا و لنختم له بمثلين و شاهدين , و ننتقل بعدها إلى الوقفة الثّانية :
ثنــــــــــاء الشّيخ ربيـــــع على الخوارج في مقابل بعض المخالفين قال حفظه الله:
(ثم إن الفصل بين العقيدة والمنهج ,أنا أقول غير مرة: إن الخوارج الذين أمر رسول الله بقتلهم... كان عندهم عقائد سلفية, يعني يؤمنون بتوحيد العبادة, وبتوحيد الأسماء والصفات, ما عندهم شرك ,ما عندهم قبور,ما عندهم تجهم, كانوا عندهم فساد في الحاكمية ,مثل ماحصل لشبابنا الآن, اعتبرهم رسول الله شر الخلق والخلقية ,وأمر بقتلهم, والتشريد بهم, وفعلاً اتفق الصحابة على قتالهم ....لما برز هؤلاء الخوارج الذين تعتبر عقيدتهم السلفية أحسن من عقائد هؤلاء الذين يتبعون سيد قطب , والله عقائدهم أصفى من عقائد هؤلاء ) شريط التنظيمات والجماعات للشيخ سلّمه الله .
بل للشّيخ ربيع حفظه الله تعالى ثناء آخر على سيّـــــد قطب رحمه الله كما في كتابه (منهج الأنبياء في الدّعوة إلى الله)
فمـــاذا سيكون موقف الأستاذ من هـــذا الأمر , و هل سيطعن أيضا في الشّيخ ربيع حفظه الله و هو مــا عرفه الشّباب و اغتـــرّوا بتأصيلاته إلّا حين دخل عليهم من جهة (الدّفاع عن الشّيخ) و من جهة كون الشّيخ زكّاه تزكيــــة مجملة و تركه يكتب في تلك الشّبكة , فصار ذلك فتنة للشّباب الجاهلين لأنّهم يظنّون التّزكيــــة المجملة دليلا على الموافقة المفصّلة و هيهات يصحّ ذلك , فإنّ أهل العلم لو اطّلعوا على طريقتك لذمّوك و ذمّوها تعيينا , مع الإشارة إلى أنّهم حفظهم الله يذمّونها ذمّا شديدا , و يذمّون كلّ من تلبّس بها في أغلب نصائحهم و كلماتهم و لكنّ أكثر النّــــاس لا يفقهون .
مثال عملي من الشّيخ الألباني يوضّح فيه جانبا من الانحراف الموجود عند الشّباب المتحمّسين و موقفهم من الثّناء على المخالفين :
و من المعلوم أنّ الشّيخ الألباني أثنى على كثير من المخالفين , و لا أريد أن أذكرهم لأنّ الأصل عدم ذكر الأسماء إلا ما اضطررت إليه كما بيّنته لك في مقدّمة الحلقة الأولى , و لذلك سأذكر مثالا فيه مناقشة حول ثناء الشّيخ الألباني على سيّد قطب رحمه الله تعالى في بعض كتاباته و مواقفه فقد قال الشّيخ الألباني رحمه الله تعالى في شريط البدعة و المبتدعون :
(... و دعك و سيّد قطب , هذا الـــرّجل نجلّه على جهاده مع علمنا أنّه كان كاتبا إسلاميّا , كان أديبا ... فلا غرابة أن تصدر منه أشياء و أشياء تخالف المنهج الصّحيح)
و قال في موضع آخر كما هو مشهور عنه :
( فصل لا إله إلّا الله منهج حياة كأنّه كتب بقلـــــم سلفي )
فاعترض عليه أحد الشّباب بهذه الوساوس التي جعلها الأستاذ أبو عبد الأعلى من منهج أهل السنّة و الجماعة في النّـــــقد
فقال الشّاب ما ملخّصه أنّ الناس يغترّون بثناء الشّيخ على سيّد قطب!! و أمعن هذا المتكلّم عفا الله عنه في تهويل الأمر بأنّ الناس يدرّسون هذه الكتب و أنّهم يقولون الشّيخ الألباني أثنى عليه إلى غير ذلك ممّا سأحيلك إليه .
فأجاب الشّيخ : يا شيخ اتّق الله في نفسك , كلام الله ما نجا من مثل هذا الذي تحكيه عن النّاس , الله تعالى ماذا قال بالنسبة لليهود و النّصارى (( و لتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ...))
قال الشّيخ الألباني : هنا (شو فيه) فيه ثناء من الله على النّصارى , هل تستطيع أن تقول لا ؟!
فأجاب الشّاب أنّه (يظنّ أنّ هذه في الموحّدين )
فقال الشّيخ الألبــــــاني منبّها للشّاب : النّصارى الذين نزلت فيهم هذه الآية , هل كانوا موحّدين , و بينهم و بين عيسى عليه السّلام خمسمائة سنة و زيادة ؟!
فكــرّر الشّاب : الذي أعلمه أنّه أثنى على الذي أمنوا منهم! (قلت و هذا خطأ كما سيأتي )
فقال الشّيــــخ : طيّب و اليهود ؟! (يقصد إن كان هؤلاء النّصارى مؤمنون , فهل اليهود الذي ذكر الله تعالى في السياق نفسه أنّهم ((أشدّ النّاس عداوة للذين آمنوا)) هل هم أيضا موحّدون؟!)
فقال الشّيخ : هنا فيه ثناء على النّصارى بصفة عامّة ... نحن إلى الآن نعتقد أنّ الله تعالى علّمنا أنّ فيه فرق بين النّصارى كنصارى و بين اليهود كيهود بغض النّظر أنّ فيهم طائفة أسلموا أو ما فيهم , فلا ينبغي أن نتّخذ مثل هذه الآية فنقول هذا الله أثنى على النّصارى و ندع قول الله الصّريح (( لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة)) .
قلت : و عليه فإنّ فصل الخطاب في هذه القضيّة أن يقال : ليس الثّناء المجرّد المقيّد الذي يقع المرّة و المرّات المعدودة في خلال السّيرة الطّويلة المحمودة ليس بمعيار للتّبديع و لا سببا للتّشنيع إلّا عند رجل جاهل أو متجبّر متجنّ على منهج السّلف , فإنّ ما كان منوطا بالمصلحة الشّــــرعية كالثّناء , لا يحقّ لأحد أن يبدّع به أحدا و إلّا لزم عليه تبديع جمع غفير من أهل العلم الأفاضل كما هو حاصل من هؤلاء القوم , و أنا أزعم الآن أنّ الشّيخ ابن باز و الشّيخ الألباني و الشـيخ عبد العزيز آل الشّيخ و الشّيخ العبـــــاد و غيرهم من أعلام الهدى في هذا الزّمن قد أثنوا علــى كثير من النّاس الذين يعدّهم الأستاذ و أصحابه على نهجه مبتدعة على تفاوت , و من هؤلاء جماعة حماس سدّد الله أفرادها و جميع المسلمين إلى التي هي أقوم , و من هؤلاء الشّيخ أحمد ياسين رحمه الله رحمة واسعة حيث أثنى عليه الشّيخ اللحيدان ثناءً عطرا , و من هؤلاء الشّيخ حسن البنّــــــــــا و من هؤلاء المودودي و غيرهم كثير .
و هذا الثّنـــــــــــــاء إمّا من باب العدل و الإنصاف و بيان الحقّ , و قد مرّت أدلّته , وبعض أقوال الرّاسخين فيه .
و إمّا في مقام الدّعوة و الرّفـــق , و رجاء الأوبة للمخالف كما هو محفوظ عن كثير من علمائنا و أئمّتنــــــــــا .
و إمّــــا لمصلحة المستمع المتلقّي إن كان المخالف غائبا أو ميتــــا .
كلام للشّيخ ابن عثيمين في الثّنــــــــــــاء و أنّه بحسب المصلحة (الفائدة)
و لذلك قال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في آخر الشّريط 127 من لقاءات الباب المفتوح بعد أن تكلّم عن وجوب ذكر المحاسن حال الحكم , و عدم وجوبها حال الرّد قـــال :
(.... و لكن إذا تحدّثت عنه في مجلس من المجالس فإن رأيت في ذكر محاسنه فائدة فلا بأس أن تذكرها , و إن خفت من مضرّة فلا
تذكرها ..)
فمن زعم أنّ الثّناء بحق دليلا على تصويب الباطل أو التّزكية سواء كان هذا المعتقد سلفيّا منحرفا في باب التّبديع كما هو الأستاذ , أو كان مخالفا منحرفا عن الإسلام أو عن السنّة , يتخّذ الثّناء ذريعة لتزيين الباطل , فإنّ العيب في الزّاعم المدّعي و ليس في المثني و إلّا للزم التّشكيك في أسلوب كتاب الله لأنّه (على هذا المذهب الباطل) قد أثنى على الكفّار و فتح لهم بابا يتعلّقون به ولا أدري كيف غابت هذه اللّوازم الشّنيعة عن الأستاذ و من قال بقوله و الله المستعان .
ثــــم لو افترضنــــا أنّه لا فائدة و لا مصلحة في الثّنـــــــاء على هؤلاء القوم , فهنا نقول :
أوّلا : هؤلاء ليسوا شرّا من الخوارج الأوّليــــــــــــن على الرّاجح و قد أثنى عليهم الشّيخ ربيع لرأي رآه , ثمّ لا شكّ أنّ سيّـــــد قطب على الأقل عند الأستاذ ( قال بخلق القرآن و قرّر عقيدة وحدة الوجود)
فماذا أنت قائل في ثنـــــــــاء الشّيخ ربيع حفظه الله عليه و هو ثابت موثّق ؟
و ماذا تقــــول في ثناء الشّيـــــــــــخ الألباني عليه و هو ثابت موثّق ؟
ــ إن قلـــت : كلام الشّيخ ربيع قديم و تراجع عنه قلنا لك : و كذلك كلام الشّيخ الحويني قديم جدّا و لعلّ ابنته ميمونة تزوّجت , فما يدريك أنّ الشّيخ تــراجع هو أيضا .
و مع ذلك تبقى الشّوكة في حلق زعمك قائمة إذ يقال لك : و هل تراجع الشّيخ الألباني أيضا ؟ وأين حصل ذلك ؟ فلزم عليك التّسليم .
ــ و إن قلت : الشّيخ الرّبيع لم يكن يدري طوام سيّد قطب فالجواب :
أوّلا : لكنّني أزعم أنّ الشّيخ الألباني يدري مخالفات سيّد قطب بل قد ذكرها .
ثانيا : إن كان خفي على الشّيخ العلّمة ربيع حال المفكّر البارز سيّد قطب , فكيف لا يكون خفي على الشّيخ أبي إسحاق حال هؤلاء الذين ذكرتهم و هم أقلّ شهرة من سيّد قطب , و الشّيخ الحويني لا يعرف عنه الاهتمام بالجماعات المعاصرة كما هو معروف عن الشّيخ ربيع .
فهل هذا إنصاف في الكيل , و هل يقرأ الأستـــــــــاذ قول الله تعالى
(( ويل للمطفّفين الذين إذا اكتـــالوا على النّاس يستوفون , و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون..))
و إلى أن يجيب المتعلّقون ببدعة التّبديع بمطلق الثّناء على المخالفين على هذه السؤالات , فإنّني أدعوهم و نفسي لتقوى الله تعالى , و أطالبهم بسلفهم في جعل كلّ ثناء دليلا على الابتداع .
الوقفــــــة الثّـــــــــــانية : هل يسوغ التّبديع بترك زيارة بعض الأفاضل :
(هل يبدّع الشّيخ أبو إسحاق لأنّه لا يزور الشّيخ ربيع و باقي علماء السنّة كما زعم الأستاذ خالد رئيس استخبارات النّقد و الجرح)
مناقشة قول الأستاذ خالد عن الشّيخ أبي إسحاق الحويني : (...وقد صار معلومًا لدى الجميع أن بطانةالحوينيفي مصر وخارج مصر هم القطبيين والحزبيين والقصاص،نحو محمد حسان ومحمد حسين يعقوب، وعبد الرحمن عبد الخالق....إلخ وصار معلومًاأيضًا علاقته الوثيقة بجمعية إحياء التراث الحزبية.
وأنه إذا زار المملكة لايهتم أبدًا بزيارة العلماء السلفيين هناك، نحو العلامة ربيع بن هادي، والعلامة صالحالفوزان، والعلامة عبيد الجابري –حفظ الله الجميع-، بل لا يزور إلا القطبيين ومننحا نحوه ). قاله في سحاب .
قوله هـــداه الله :
( بطانةالحويني في مصر وخارج مصر هم القطبيين والحزبيين والقصاص،نحو محمد حسان ومحمد حسين يعقوب، وعبد الرحمن عبد الخالق..)
أقــول : هذا و ما بعده كثير , يوحي أنّ القوم رجال مباحث و ليسوا طلبة علم , و الجواب عليه مختصرا أن يقال له : لا نعتبر بقولك عن أحد (قطبي أو حزبي أو نحوه) لأنّه كما بيّنت آنفا لست أهلا لأخذ هذه الأحكام و لا ضابط محدّد عندك حتّى نحاكم أقوالك إليه , مع التّنبيه إلى شيء :
الشّيخ عبد الرّحمن عبد الخالق لا أعرفه , و إذا أردت معرفته فليس من أمثالك و لم يرفع الله العلم بعد .
أمّا الشّيخين الفاضلين محمّد حسّان و محمّد يعقوب فهما من أسيادك في العلم و الفضل و الأدب و إن قيل فيك و فيهم ما قيل , و لستَ أعرف بهم و بأصول البـــــدع و بمعنى الحزبي و السّروري و (البطانة) من الشّيخ علي الحلبي و الشّيخ مشهور حسن , و لو كنت أهلا للأخذ لدخلت في قول مالك (كلٌّ يؤخذ من قوله و يردّ) و لست كذلك , و قول هذين العالمين في محمّد حسّان و إخوانه مقدّم على قولك بل هما كالسّيف و العصا و رحم الله امرءا عرف قدر نفسه .
قول الأستـــــــــاذ : (وصار معلومًاأيضًا علاقته الوثيقة بجمعية إحياء التراث الحزبية. )
ينسفه طالب الحقّ بشيء واحد : أثبت حزبيّة هذه الجمعيّة , ثمّ أثبت حرمة التّعاون معها إطلاقا ثمّ أثبت نوع العلاقة التي صارت معلومة كما تزعم , و هذه الجمعيّة نراكم كلّ ما خاصمتم فاضلا أطلقتم عليه الأطفال يرمونه بأحجارها , و إذا كان طريقكم في كلام مخالفكم تحريفه و بتره و ليّه , فإنّ طريقتكم في الطّعن في منهجه أن تقولوا كلّما خالفكم مخالف : أخذ أموالا من هذه الجمعيّة , وطبع كتاب كذا عند هذه الجمعيّة , و هكذا تعلّم الشّباب هذا الأسلوب المبتدع و تشرّبوه , و إلّا فإنّ للفقهاء نفصيلا حتّى في مال الكافر و معونة الفاسق و التّعاون على خير راجح مع مخالف مبتدع , فأين هذا كلّه في ذهن الأستاذ , و هل هذه هي الأصول التي خالفها الحويني ؟ فإن كانت هي فأسأل الله تعالى أن يعافيني منها و أحمده على نعمة السنّة و الإسلام .
و قــــــــــال هداه الله :
(..وأنه إذا زار المملكة لايهتم أبدًا بزيارة العلماء السلفيين هناك، نحو العلامة ربيع بن هادي، والعلامة صالحالفوزان، والعلامة عبيد الجابري –حفظ الله الجميع-، بل لا يزور إلا القطبيين ومننحا نحوه ).
أكرّر هنا : ألا يشعر القارئ لهذا الكلام أنّ القوم كأنّهم رجال مخابرات , يراقبون حركات أهل العلم و سكناتهم , فهل أنت يا خالد المصري من تتبّع الشّيخ أبا إسحاق في كلّ رحلاته التي زار فيها المملكة ؟
ثانيـــــــــا : أنت ذكرت ثلاثة من المشايخ العلامة ربيع بن هادي، والعلامة صالحالفوزان، والعلامة عبيد الجابري
أقول : لا أظنّ أحدا من هؤلاء الأفاضل الذين ذكرتهم يوافقك على حشره في هذا السّياق الذي تحكي فيه كلاما كالهذيان , يا أيّها الأستــــــــاذ : هل من السّلفيّة أنّ الذي يزور المملكة يجب عليه زيارة هؤلاء و غيرهم ؟ .
هل تعلم أقــــــــــوال أهل العلم في ردّ الحديث المكذوب الذي نصّه (من حجّ و لم يزرني فقــد جفاني ) .
ــ و هل تريــــد أن تدخل التّصوّف على شباب أهل السنّة من حيث لا يشعرون .
ــ و هل تجزم أنّ الشّــــيخ الحويني في (كلّ) زياراته إلى المملكة (لم يزر و لا واحدا) من علماء السنّــــــــة .
ــ و إذا كنت تزعم تقدير الشّيخ الفوزان إلى درجة التّصوّف : هلّا التزمتَ بنصائحه التي تنصبّ على منهج الإلزام و الإقصاء و التّبديع و الذي تعتبر أنت و أصحابك ممّن يقوم بهم هذا المسلك الخطير , و سأنقل لك لاحقا بعض تلك النّصائح .
قال الأستـــــــــاذ : (بل لا يزور إلا القطبيين ومننحا نحوه ).
فأقــــــول : قد ثبت أنّ الشّيخ أبا إسحاق كان ينـــزل ضيفا على الشّيخ بكر أبو زيد رحمه الله فهل قولك السّابق يزيدنا يقينا من أنّك تعتبر الشّيخ بكر أبو زيد (قطبيّا) .
ثانيــــــــــا :
قد نـــــــــزل الشّيخ الحويني مؤخّــــــرا ضيفا على أهل الشّام و كان أن استقبله المشايخ هناك و هم يومها لا حزبيّين و لا مميّعين و لا مبتدعة , فكان استقبالهم إيّاه سببا من أسباب تقلّب القلوب و الأحكام , و أنتم اليوم تعتدون بشراسة على الشّيخ علي الحلبي و الشّيخ مشهور حسن بتهمة التّمييع و الإخوانيّة و مخالفة (منهج السّلف) و ممّا صرتم تنقمونه عليهم موقفهم من الحويني .
فبالله عليكم أعطونا تعريفا واضحا لقواعدكم (السّلفيّة) المزعومة حتّى نستطيع أن نتقيّد بها فإنّنا نراكم تسيرون مع قوم على منهج :
نعادي الذي عادى من النّاس كلّهم ° بـ(جرح) و لو كان الحبيب المواتيا
و تسيرون مع قوم آخرين على منهج :
خليليّ ما واف بعهدي أنتمـــا ° إذا لم تكونـــا لي على من أقاطع .
و هذا طريق لا يفرح به طالب حقّ و لا يطمئنّ ‘إليه صاحب صدق , و قد تبيّن إن شاء الله تعالى بدعيّة التّبديع بمطلق الثّناء على المبتـــــــدعة , و ظهر الحق , و افتضح ما يزعمه الأستاذ على الشّيخ أبي إسحاق , و أسأل الله تعالى العفو و العافية و المغفرة و الهدى و التّقى و أذكّر الأستاذ أنّ دولة الباطل ساعة و دولـــــــــــة الحقّ إلى قيام السّاعة و أنّ الله تعالى أمرنا بالعدل و القسط و أخبرنا أنّه غفور رحيم شديد العقاب , و أنّه لن يترك صاحب الباطل حرّا طليقا (( بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق . و لكم الويل ممّا تصفون ))

العنبلي الأصيل
2011-04-16, 21:22
لقد استسقيت أسكوبا .واستسعيت يعبوبا .
أأنا طعنت في الحويني؟ ،هات البينة .

العنبلي الأصيل
2011-04-17, 09:57
قد دافعت عن محمد حسان قبلا ،فانظر هذا :
http://www.youtube.com/watch?v=ZfiLWnEt3yM

يوسف ك
2011-04-17, 11:04
بسم الله الرحمن الرحمن
لو كنت صادقا أخي العنبلي وترى أنك أصيل الفيديوا هو عبارة عن الوقيعة بين الشيخيين ألا يخطر ببالك أنه مبتور أو أنه اجتهاد كل عالم أو ...
من وضع الفيديوا أخي منتديات وموقع شبكة تاج الأولياء الإسلامية تنقل لك مشاهد حية عن واقع الطائفة الوهابية التكفيرية .....
لماذا لا تنتبه إلى ذلك أما أنها الحمية حمية الجاهلية

يوسف ك
2011-04-17, 11:08
ثم أخي لو شاهدت المقطع كله الشيخ الحويني يقول لا يجوز للمرأة أن تخاطب الجماهير من منبر اعلامي و أما الشيخ محمد حسان لا يقصد ذلك و هو أن العلم فريضة على المسلم والمسلمة وهذا لا يختلف فيه اثنان
وأقول أن مثل هذه الأمور هي من سوء الظن بالعلماء .
حيث قال العلامة أبي أويس محمد بن الامين بوخبزة الحسني فى كتابه "صحيفة السوابق وجريدة البوائق":
إمام المحدثين في ربوع مصر أبا إسحاق الحُويني سَلّمه الله وأيده ، و قد أحيا الله به رسوم الحديث و الإسناد و ذكرى الحافظ ابن حجر و تلميذه السخاوي رغم أنف المعاندين ، فبعد وفاة أبي الأشبال الشيخ أحمد بن محمد شاكر لم يأت من يخلفه حتى أنجبت (حُوَّين) بالقرب من مدينة كفر الشيخ هذا العلامة الأحوذي الذي ثافن الشيخ الألباني و نفض كتبه، و سار على دربه ، حتى شهد الشيخ بقوته ، و اعترف بإمامته ، و أصغى إلى تعقباته ، و هذه كتبه وتحقيقاته بالعشرات تشهد بشفوفه ، و علو كعبه ، و لو اجتمع الغماريون و مريدوهم كأبي الفتوح و السقاف السخاف ، و المقبوح المصري ، و المسخوط المغربي ، لم يستطيعوا الإتيان بغوث المكدود، أو بذل الإحسان ، أو تنبيه الهاجد في ست مجلدات
في التعقب على الحفاظ ، و لو قارن زعنان وشيخه بإنصاف بين هذا الكتاب و رسالة (ليس كذلك) للمسا البون الشاسع بين الرجلين ، و فضل الله لا يحجر ،

ناشر الخير
2011-04-17, 11:28
لقد استسقيت أسكوبا .واستسعيت يعبوبا .
أأنا طعنت في الحويني؟ ،هات البينة .

كنت تغمز وتلمز فيه
أخبنري عن موقفك من الشيخ الحويني؟

بشير مراد
2011-04-17, 11:58
حبذا يا أخانا ناشر الخير لو قسمت موضوع الدفاع عن شيخنا الحويني -حفظه الله- لكان أروع ،خاصة والأخ أبا حذيفة- رحمه الله-
قد أجاد وأفاد ولم يترك شاردة ولا واردة .
نرجو من الإخوة الكرام ألا يرموا بعضهم بعضا بدون دليل ،والذين جاءوا بهذه الطعون معروفون لدى العام والخاص وهم ولله الحمد
ينقرضون يوما بعد يوم .

العنبلي الأصيل
2011-04-17, 15:08
كنت تغمز وتلمز فيه
أخبنري عن موقفك من الشيخ الحويني؟ أما أني أغمز وألمز ...أفلا شققت عن قلبي ؟
أنا والله لم أقرأ له كتابا ولا حتى رسالة ،ولم أسمع له شريطا ، ولم أذكره البتة في ردودي لا بسوء ولا بخير .ولأكون صريحا جدا ... أنا لم أحتجه يوما ففي شيوخي الألباني وبن عثيمين وبن باز -رحمهم الله جميعا-ما كفاني ووفاني .أما الفيديو التي وضعته سابقا فأنا لم أشاهده-والذي نفسي بيده-إلا اليوم .ووضعته لك لأنه ينسف مبادءك .فأنت استمت دفاعا عن محمد حسان وموضوعك هذا عن الحويني .وكنت دائما تنتقد مبدأ الرد على المخالف . وهذا الفيديو يبين أنه حتى (مشائخك) يردون على بعضهم فلماذا تنكر ذلك على السلفيين؟

من وضع الفيديوا أخي منتديات وموقع شبكة تاج الأولياء الإسلامية تنقل لك مشاهد حية عن واقع الطائفة الوهابية التكفيرية ..... إن كنت تقصد ان صاحب الفيديو ومنتجه هم أصحاب هذا الموقع فمعك حق إذ هم ليسوا ثقة حتى نستدل بهم .أما النصف الثاني "واقع الطائفة الوهابية التكفيرية " فهو خلط وعجن لأمور متناقضة .
و لي طلب عندك هلا شاركتني الحوار في موضوعي هذا

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=565077

ناشر الخير
2011-04-17, 19:44
حبذا يا أخانا ناشر الخير لو قسمت موضوع الدفاع عن شيخنا الحويني -حفظه الله- لكان أروع ،خاصة والأخ أبا حذيفة- رحمه الله-
قد أجاد وأفاد ولم يترك شاردة ولا واردة .
نرجو من الإخوة الكرام ألا يرموا بعضهم بعضا بدون دليل ،والذين جاءوا بهذه الطعون معروفون لدى العام والخاص وهم ولله الحمد
ينقرضون يوما بعد يوم .

جزاك الله خيرا أخي الكريم مراد
وهاؤلاء غلاة التجريح والتبديع كل يوم في انقسام وتشتت
ان شاء الله سأضع ردود اخرى في الدفاع عن مشايخنا وعلماءنا.
والله ولي التوفيق

ناشر الخير
2011-04-17, 19:47
أما أني أغمز وألمز ...أفلا شققت عن قلبي ؟
أنا والله لم أقرأ له كتابا ولا حتى رسالة ،ولم أسمع له شريطا ، ولم أذكره البتة في ردودي لا بسوء ولا بخير .ولأكون صريحا جدا ... أنا لم أحتجه يوما ففي شيوخي الألباني وبن عثيمين وبن باز -رحمهم الله جميعا-ما كفاني ووفاني .أما الفيديو التي وضعته سابقا فأنا لم أشاهده-والذي نفسي بيده-إلا اليوم .ووضعته لك لأنه ينسف مبادءك .فأنت استمت دفاعا عن محمد حسان وموضوعك هذا عن الحويني .وكنت دائما تنتقد مبدأ الرد على المخالف . وهذا الفيديو يبين أنه حتى (مشائخك) يردون على بعضهم فلماذا تنكر ذلك على السلفيين؟

إن كنت تقصد ان صاحب الفيديو ومنتجه هم أصحاب هذا الموقع فمعك حق إذ هم ليسوا ثقة حتى نستدل بهم .أما النصف الثاني "واقع الطائفة الوهابية التكفيرية " فهو خلط وعجن لأمور متناقضة .
و لي طلب عندك هلا شاركتني الحوار في موضوعي هذا

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=565077

بما أنك لم تقرأ له ولم تسمع له فلمادا لمزت وطعنت فيه ؟
والشيخ الالباني وابن عثيمين وابن باز لهم جهود ولا ينكرها أحد ولكن العلم ليس محصورا في هاؤلاء الثلاثة.
فالشيخ الحويني محدث وله علم بعلوم الحديث قد لا تجدها عند غيره.

يوسف ك
2011-04-17, 20:45
[b[/b]أنا أعني أن هذا الموقع الصوفي خذله الله مختص ي الرد على الطائفة الوهابية التكفيرية بزعمهم هم . لذلك نبهت لك على ذلك
أما أنك لم تسمع للحويني فقل خير أو اصمت و أخانا ناشر الخير أتى بموضوع لي أبو حذيفة رحمه الله يرد فيه على مقال على أستاذ يطعن في الشيخ الحويني .