مشاهدة النسخة كاملة : شعبة اداب وفلسفة
ام ايمان16
2011-04-08, 15:04
اقدم لكم مجموعة من المقالات اتمنى ان تستفيدو منها
وارجو منكم الدعاء لي بظهرالغيب بان تتحقق امنياتي
وارجو من ادارة المنتدى ان تثبت موضوعي ان كانت فيه الفائدة للجميع
وشكرا
ام ايمان16
2011-04-10, 08:36
•الذاكرة •
يقول ريبو( ان الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية وظاهرة بسيكولوجية بالعرض )
◘ مقدمة : تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التي تعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورة الذهنية المدركة ،بل ان الإنسان يتميز بقدرته اختزان تلك الصورة مما يجعله يعيش الحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى الذاكرة وهي القدرة على استعادة الماضي مع معرفتنا أنه ماضي وقد اختلف الفلاسفة في تفسير طبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات هل هي عضوية لها مكان معين في الدماغ أم هي قدرة عقلية نفسية ؟ هل يمكن تفسير الذاكرة بالإعتماد على النشاط العصبي ؟ هل تعتمد الذاكرة على الدماغ فقط أم تحتاج الى غير ذلك ؟
♠ ق1/ يحاول الماديون تفسير الذاكرة تفسيرا ماديا وربطها بخلايا الدماغ إن ملاحظات ريبو على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة [ الفتاة التي أوصيبت برصاصة في المنطقة اليسرى من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف عل المشط الذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقيت تستطيع الإحساس به فتأكد له أن اتلاف بعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة الى فقدان جزئي أوكلي للذاكرة وجعلته يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة لللجهاز العصبي أساسها الخاصية التي تمتلكها العناصر المادية في الإحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثني في الورقة لقد تأثرت النظرية المادية بالكرة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثر في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانات التسجيل ، وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ، لذا يرى ريبو أن الذكريات مسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخلايا و الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل لذا فلا عجب إذا أبدا تلاشيها من الذكريات الحديثة الى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات ، ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينة لكل نوع من الذكريات بل ويعد 600مليون خلية متخصصة لتسجيل كل الإنطباعات التي تأتينا من الخارج مستفيدا مما أثبتته بعض تجارب بروكامن أن نزيفا دمويا في قاعدة التلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة وأن فساد التلفيف الثاني من يسار الناحية الجدارية يولد العمى النفسي وغيرها ولكننا نجد ان هناك الكثير من حالات فقدان الذاكرة تسببه صدمة نفسية وليس له علاقة بإتلاف خلايا الدماغ وأن الذكريات التي فقدت سرعان ما تعود بعد التعافي من تلك الصدمة كما أنه لو كان الأمر كما يرى ريبو وأن الدماغ هو مكان تسجيل الذكريات لترتب على ذلك أت جميع المدركات والمؤثرات التي يستقبلها يجب ان تحتفظ في الدماغ ولوجب تذكر كل شيء .... لذا جاءت النظرية المادية الحديثة لتؤكد أن الذاكرة لا تحتفظ إلا بجزء من هذه المؤثرات وهذا يدل عل أن عملية الاحتفاظ بالذكريات تخضع لنوع من الانتقاء ولكن هذا يطرح مشكلة فهل هو وظيفة نفسية أم مادية عضوية في الدماغ ، وهل هذا الانتقاء إرادي أم لاإرادي ؟ ومن البداية فإن كل النظريات المادية الحديثة تعترف بتعقد وصعوبة سير أغوار الدماغ لدى الإنسان مما يجعلها فرضيات تحتاج الى الكثير من الأدلة ... ولا مانع هنا أن نستعرض بعضها حيث تقوم الأولى على مفهوم الترميز الغائي أو الو ضيفي للدماغ التي تعتقد أن التنظيم العالي للدماغ البشري يمكن أن يكون له دور في تثبيت الذكريات وذلك بتيسير ترابط بعض المعلومات الواردة ومنع ترابط بعضها الأخر أما الفرضية الثانية فتقوم على مفهوم الترميز الكهربائي حيث هناك نوعان من النشاط الكهربائي للجملة العصبية أحدهما ذو إيقاع سريع يحث النيترونات داخل الأعصاب وهو المسؤول التذكري واخر ذو إيقاع بطيء لاعلاقة له بالتذكر وثالثا مفهوم الترميز البيوكيميائي حيث انصب جهد علماء الوراثة على نوع من الجزئيات الموجودة في الدماغ الحامض الريبي النووي لإعتقادهم أنه له علاقة بالذاكرة حيث أجرو تجاربة على حيوان درب على أداء حركي معين ثم أخذت خلاصة دماغه وحقنت في حيوان أخر لم يتلقى أي تدريب فلوحظ أن أثار التعليم قد ظهرت في سلوكه .
♣ مناقشة : إن مجموع هذه الفرضيات لم تكشف بكيفية قاطعة عن نوعية العلاقة الموجودة بين الذاكرة والمعطيات المختلفة للدماغ نظرا للصعوبات الكبيرة التي تواجه التخريب
.♥ ق2/ تؤكد النظرية النفسية عند برغسون أن وظيفة الدماغ لاتتجوز المحافظة على الآليات الحركية أما الذكريات فتبقى أحوال نفسية محضة لذا فهو يرى أن الذاكرة نوعان ـ ذاكرة حركية تتمثل في صور عادات آلية مرتبطة بالجسم وهي تشكل مختلف الأعمال الحركية التي تكتسب بالتكرار . ـ وذاكرة نفسية محضة مستقلة عن الدماغ ولا تتأثر باضطراباته وهي الذاكرة الحقة التي غاب على المادين إدراك طبيعتها لأنها مرتبطة بالجسم وهي ليست موجودة فيه .... إنها ديمومة نفسية أي روح ويعرف لالاند الذاكرة بأنها وظيفة نفسية تتمثل في بناء حالة شعورية ماضية .♦ مناقشة : إن التميز بين نوعين للذاكرة يغرينا بارجاع الذاكرة الحية الى علة مفارقة ( روح) فالذاكرة مهما كانت تبقى دائما وظيفة شعورية مرتبطة بالحاضر وتوضف الماضي من أجل الحاضر والمستقبل أيضا ويرى ميرلوبانتي أن برغسون لايقدم لنا أي حل للمشكل عندما استبدل الأثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاشعور وهو لم يفسر لنا كيف تعود الذكريات الى سطح اللاشعور عن طريق إثارتها كمعطيات ماضية ، إذا كان ريبو أعاد الذاكرة الى الدماغ ، وإذا كان برغسون أرجعها الى النفس فإن هالفاكس في النظرية الاجتماعية يرجعها الى مجتمع يقول : ( ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من خارج....فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها) ويقول أيضا : ( انني عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني الى التذكر ونحن عندما نتذكر ننطلق من مفاهيم مشتركة بين الجماعة) إن ذكرياتنا ليست استعادة لحوادث الماضي بل هي تجديد لبنائها وفقا لتجربة الجماعة واعتبر بيار أن الذاكرة اجتماعية تتمثل في اللغة وأن العقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي ولايوجد ماضي محفوظ في الذاكرة الفردية كما هو .... إن الماضي يعاد بناؤه على ضوء المنطق الاجتماعي .لكن برادين يرد على أصحاب هذه النظرية يقول : ان المجتمع لايفكر في مكاننا ، ولهذا يجب أن نحذر من الخلط بين الذاكرة والقوالب المساعدة على التذكر ، ان الذكريات أفكار وهي بناء الماضي بفضل العقل .
♠ تركيب : إننا لن نستطيع أن نقف موقف إختيار بين النظريات المادية والنفسية والاجتماعية ولا يمكن قبولها على أنها صادقة ، فإذا كانت النظرية المادية قد قامت في بعض التجارب فقد رأينا الصعوبة التي تواجه التجريب وإن حاولت النظرية النفسية إقحام الحياة النفسية الواقعية في الحياة الروحية الغيبية فإن الإيمان يتجاوز العلم القائم على الإقناع ومهما ادعت النظرية الاجتماعية فلا يمكننا القول بأن الفرد حين يتذكر فإنه يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الجماعة
.☻ الخاتمة : هكذا رأينا كيف أن كل معارفنا عجزت على اعطاء أي تفسير للذاكرة مقبول للجميع ، فلا الجسم ولا النفس ولا المجتمع كان كافيا لذلك ولابد من استبعاد الفكرة التي تعتبر الذاكرة وعاء يستقبل آليا أي شيء إنها كما يقول دولاكروا (نشاط يقوم به الفكر ويمارسه الشخص فيبث فيه ماضيه تبعا لإهتماماته و أحواله ) .
واتمنى منكم الدعاء لي بان يتحقق الذي في بالي
السلام عليكم
يمكنكي زيارة مواضيعي أي سؤال أنا هنا
ام ايمان16
2011-04-21, 14:16
اللغة والفكرمقالة جدلية حول العلاقة بين الإنسان على التفكير وقدرته على التعبير
المقدمة :
طرح الإشكالية
يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل:
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة(الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لايوجد توازن بين لا يملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال << ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني >> ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسي بركسون الذي قال << الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية >>وبهذه المقارنة أن اللغة لايستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقد
هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الو احدي ) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ماتملكه من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال << الألفاظ حصون المعاني وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولايمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة>>
النقد
هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لاكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .
التركيب : الفصل في المشكلة
تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا << نحن لانفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة >>
الخاتمة: حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل .
ام ايمان16
2011-04-21, 14:17
مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية
الأسئلة : إذا كنت أمام موقفين متعارضين أحدهما يقول الرياضيات في أصلها البعيد مستخلصة من العقل والأخري تقول : الرياضيات مستمدة من العالم الحسي . وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع ؟
سؤال : هل المعاني الرياضية موجودة في النفس أو أوحت بها بعض مظاهر الطبيعة
المقدمة : طرح الإشكالية
تنقسم العلوم إلي قسمين علوم تجريبية مجالها المحسوسات ومنهجها الاستقراء كالفيزياء وعلوم نظرية مجالها المجردات العقلية ومنهجها الاستنتاج كالرياضيات هذه الأخيرة أثارة جدلا حول أصل مفاهيمها ومبادئها فإذا كنا أمام موقفين أحدهما أرجع الرياضيات إلى العقل والأخر ربطها بالتجربة فالمشكلة المطروحة : هل المعاني الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل أو التجربة ؟
التحليل: محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولي
يرى العقليون ( المثاليون ) أن المفاهيم الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل وهي فطرية قائمة في النفس وهكذا الرياضيات بناء استدلالي والاستدلال نشاط عقلي فينتج عن ذلك أن المفاهيم والمبادئ الرياضية من طبيعة عقلية , هذا ما ذهب إليه أفلاطون الذي قال في كتابه الجمهورية << عالم المثل مبدأ كل موجود ومعقول أن المعرفة تذكر >> وأكد أفلاطون في محاورة مينوت أن البعد قادر على أن يكشف بنفسه كيفية وإنشاء شكل مساوئ مربع معلوم ومن دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال في كتابه التأملات << المعاني الرياضية أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية>> وهم يبررون موقفهم بحجج متنوع من أهمها الرموز الجبرية اللانهائية مفاهيم رياضية لا صلة لها بالواقع الحسي كما أنها تتصف بثلاثة خصائص, مطلقة , ضرورية , كلية, فلا يعقل أن تنتج عن العالم الحسي وتعود هذه الأطروحة إلى كانط الذي ربط المعرفة بما فيها الرياضيات , بمقولتين فطريتين هما الزمان والمكان أي أن الرياضيات في أصلها معاني فطرية لأنها شيدت على أسس فطرية فالمفاهيم الرياضية في أصلها البعيد مستمدة من العقل .
النقد :
هذه الأطروحة نسبية لأنه لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية مغروسة في النفس لتساوى في العلم بها جميع الناس لكن الأطفال لايدركون المفاهيم الرياضية إلا من خلال المحسوسات
عرض الأطروحة الثانية
يرى التجريبيون ( الحسويون ) أن المعاني الرياضية مصدرها التجربة أي المفاهيم الرياضية إذا تم تحليلها فإنها ستعود إلى أصلها الحسي ومثال ذلك أن رؤية النجوم أوحت بالنقاط والقمر يرتبط بفكرة القرص لذلك قال الحسيون << العقل صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء >> وهم يبررون موقفهم بما توصل إليه العلماء الأنتروبولوجيا الذين أكدوا أن الشعوب البدائية إستعملت الحصى وأصابع اليدين والرجلين عند حساب عدد الأيام والحيوانات التي يمتلكونها ومواسم السقي المحاصيل الزراعية مما يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي ليس هذا فقط إن المفاهيم الهندسية كالطول والعرض إنما هي مكتسبة بفضل الخبرة الحسية لذلك قال ريبو[/[COLORCOLOR="blue"]]<< حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعرض والعمق >> ومن أدلتهم أيضا أن الهندسة تاريخيا هي أسبق في الظهور من الحساب والجبر والسر في ذلك أنها مرتبطة بالمحسوسات ولو كانت المفاهيم الرياضية في أصلها مجردات عقلية لظهور الجبر قبل الهندسة كل ذلك يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي
النقد:
صحيح أن بعض المفاهيم الهندسية أصلها حسي لكن أكثر المفاهيم الرياضية الجبر لا علاقة لها بالواقع الحسي.
التركيب: الفصل في المشكلة
لاشك أن المعرفة جهد إنساني ومحاولة جادة لفهم مايحيط بنا من أشياء وإجابتك على مايدور في عقولنا من جهد وبناء مستمر وهذا مايصدق على الرياضيات وكحل توفيقي لأصل المفاهيم الرياضية نقول الرياضيات بدأت حسية ثم أصبحت مجردة وهذا ما وضحه جورج سارتون بقوله << الرياضيات المشخصة هي أول العلوم نشوءا فقد كانت في الماضي تجريدية ثم تجردت وأصبحت علما عقليا >> وذات الحل التوفيقي ذهب إليه عالم الرياضيات غونزيت الذي أكد < تلازم ماهو حسي معا ماهو مجرد في الرياضيات >
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن الرياضيات علم يدرس المقدار القابل للقياس بنوعيه المتصل والمنفصل وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول أصل المفاهيم الرياضية فهو هناك من أرجعها إلى العقل وأعتبرها فطرية وهناك من أرجعها وربطها على أساس أنها حسية نستنتج أن مصدر المفاهيم الرياضية هو تفاعل وتكامل القول مع التجربة
ام ايمان16
2011-04-21, 14:22
الإحساس والإدراك
المقدمة ( طرح الإشكالية)
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع الأشياء في العالم الخارجي وكذلك مع الأفراد ويتلقي الكثير من المنبهات التي يستجيب لها من خلال الفهم والتفسير والتأويل وهذا هو الإدراك غير أن طبيعة ومصدر الإدراك عرف جدلا واسعا بين مذهبين (العقلي و الحسي) والسؤال الذي يعبر عن ذلك هل أساس الإدراك الحواس أم العقل؟
التحليل"
عرض الأطروحة الأولى :
تري هذه الأطروحة أن الإدراك يتوقف على نشاط الذهن أي كل معرفة ينطوي عليها الإدراك مصدرها العقل وليس الحواس هذا ما ذهب إليه الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي هاجم الإحساس بقوله << إني وجدت الحواس خداعة زمن الحكمة ألا نطمئن لمن خدعونا ولو مرة واحدة >> ومن الأمثلة التوضيحية أن التمثال في أعلى الجبل تراه من الأسفل صغيرا أما إذا صعدت فإنك تراه كبيرا وشيد ديكارت الإدراك على العقل ووظيفته اكتشاف أخطاء الحواس وتصحيحها ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف ألان الذي قال << الإدراك معرفة مسبقة فمن يدرك جيدا يعرف مسبقا ما يجب فعله >> إن الصياد يدرك الحل الصحيح وينجح في اصطياد فريسته بفضل التخطيط المسبق والطفل الصغير يفشل لأن عقله لم يصل بعد إلى القدرة التخطيط فالإدراك مصدره العقل
النقد :
هذه الأطروحة أرجعت الإدراك إلى العقل لكن العقل ليس معصوم من الخطأ.
عرض الأطروحة الثانية:
ترى هذه الأطروحة (المذهب الحسي ) أن مصدر الإدراك هو التجربة الحسية أي هو كل معرفة ينطوي عليها الإدراك , مصدره الإحساس وحجتهم في ذلك أنه من فقد حاسة فقد معرفة ومن الأمثلة التوضيحية أن الكفيف لا يدرك حقيقة الألوان وهذا يوضح أن الإدراك يستلزم وجود الحواس التي هي نوافذ المعرفة وبها نتعرف على العالم الخارجي ومن أنصار هذه الأطروحة دافيد هيوم الذي رأى أن مبادئ العقل مكتسبة وليست فطرية وفي هذا المثال << لو كانت مبادئ العقل فطرية لتساوى في العلم بها في كل زمان ومكان لكن مبدأ عدم التناقض أو الهوية لايعرفه إلا قلة من المثقفين ويجهله الأطفال >> وخلاصة ما ذهب إليه المذهب الحسي أن الإدراك هو تأليف وتركيب بين الإحساسات فالإحساس هو مصدر الإدراك
النقد:
هذه الأطروحة أرجعت الإدراك إلى الإحساس لكن الحواس تخطئ ومن الحكمة أن لا نأسس الإدراك على معيار خاطئ.
التركيب ( الفصل في المشكلة )تعتبر مشكلة الإحساس والإدراك من المشكلات الفلسفية المعقدة والتي طرحت علي طاولة الحث الفلسفي في صورته القديمة والحديثة ولاشك أن التحليل المنطقي يؤدي بنا إلى حل توفيقي تجمع فيه بين (الحواس والعقل) وهذا ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني كانط في قوله <<حدوس حسية بلا مفاهيم عقلية عمياء ومفاهيم عقلية بلا حدوس حسية جوفاء>>.
الخاتمة (حل الإشكالية)
في الأخير الإحساس والإدراك من القضايا البارزة في الفلسفة وقد تبين لنا أن العلاقة بينهما مشكلة أدت إلى تقارب في الآراء بين مذهبين العقليون الذين أرجعوا الإدراك إلى نشاط الذهني والحسيون الذين قالوا أن الإدراك مصدر الإحساس وكمخرج للمشكلة نستنتج أن الإدراك محصلة لتكامل الحواس والعقل معا.
ام ايمان16
2011-04-21, 14:23
الإحساس والإدراك
المقدمة ( طرح الإشكالية)
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع الأشياء في العالم الخارجي وكذلك مع الأفراد ويتلقي الكثير من المنبهات التي يستجيب لها من خلال الفهم والتفسير والتأويل وهذا هو الإدراك غير أن طبيعة ومصدر الإدراك عرف جدلا واسعا بين مذهبين (العقلي و الحسي) والسؤال الذي يعبر عن ذلك هل أساس الإدراك الحواس أم العقل؟
التحليل"
عرض الأطروحة الأولى :
تري هذه الأطروحة أن الإدراك يتوقف على نشاط الذهن أي كل معرفة ينطوي عليها الإدراك مصدرها العقل وليس الحواس هذا ما ذهب إليه الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي هاجم الإحساس بقوله << إني وجدت الحواس خداعة زمن الحكمة ألا نطمئن لمن خدعونا ولو مرة واحدة >> ومن الأمثلة التوضيحية أن التمثال في أعلى الجبل تراه من الأسفل صغيرا أما إذا صعدت فإنك تراه كبيرا وشيد ديكارت الإدراك على العقل ووظيفته اكتشاف أخطاء الحواس وتصحيحها ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف ألان الذي قال << الإدراك معرفة مسبقة فمن يدرك جيدا يعرف مسبقا ما يجب فعله >> إن الصياد يدرك الحل الصحيح وينجح في اصطياد فريسته بفضل التخطيط المسبق والطفل الصغير يفشل لأن عقله لم يصل بعد إلى القدرة التخطيط فالإدراك مصدره العقل
النقد :
هذه الأطروحة أرجعت الإدراك إلى العقل لكن العقل ليس معصوم من الخطأ.
عرض الأطروحة الثانية:
ترى هذه الأطروحة (المذهب الحسي ) أن مصدر الإدراك هو التجربة الحسية أي هو كل معرفة ينطوي عليها الإدراك , مصدره الإحساس وحجتهم في ذلك أنه من فقد حاسة فقد معرفة ومن الأمثلة التوضيحية أن الكفيف لا يدرك حقيقة الألوان وهذا يوضح أن الإدراك يستلزم وجود الحواس التي هي نوافذ المعرفة وبها نتعرف على العالم الخارجي ومن أنصار هذه الأطروحة دافيد هيوم الذي رأى أن مبادئ العقل مكتسبة وليست فطرية وفي هذا المثال << لو كانت مبادئ العقل فطرية لتساوى في العلم بها في كل زمان ومكان لكن مبدأ عدم التناقض أو الهوية لايعرفه إلا قلة من المثقفين ويجهله الأطفال >> وخلاصة ما ذهب إليه المذهب الحسي أن الإدراك هو تأليف وتركيب بين الإحساسات فالإحساس هو مصدر الإدراك
النقد:
هذه الأطروحة أرجعت الإدراك إلى الإحساس لكن الحواس تخطئ ومن الحكمة أن لا نأسس الإدراك على معيار خاطئ.
التركيب ( الفصل في المشكلة )تعتبر مشكلة الإحساس والإدراك من المشكلات الفلسفية المعقدة والتي طرحت علي طاولة الحث الفلسفي في صورته القديمة والحديثة ولاشك أن التحليل المنطقي يؤدي بنا إلى حل توفيقي تجمع فيه بين (الحواس والعقل) وهذا ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني كانط في قوله <<حدوس حسية بلا مفاهيم عقلية عمياء ومفاهيم عقلية بلا حدوس حسية جوفاء>>.
الخاتمة (حل الإشكالية)
في الأخير الإحساس والإدراك من القضايا البارزة في الفلسفة وقد تبين لنا أن العلاقة بينهما مشكلة أدت إلى تقارب في الآراء بين مذهبين العقليون الذين أرجعوا الإدراك إلى نشاط الذهني والحسيون الذين قالوا أن الإدراك مصدر الإحساس وكمخرج للمشكلة نستنتج أن الإدراك محصلة لتكامل الحواس والعقل معا.
ام ايمان16
2011-04-21, 14:26
مقالة استقصائية بالوضع حول اللاشعور
المقدمة
تصدر عن الإنسان سلوكات مختلفة لها ظاهر يراه أكثر الناس وباطن يشكل الحياة النفسية والتي يعتبر اللاشعور أحد أجزائها فإذا كان من الشائع إرجاع الحياة النفسية إلي الشعور فإن بعض الأخر يربطها باللاشعور
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نبرهن على أن اللاشعور حقيقة علمية ؟
التحليل :
عرض منطق الأطروحة
إن الأطروحة القائلة "اللاشعور حقيقة علمية أطروحة فلسفية وعلمية في آن واحد حيث أثار بعض الفلاسفة العصر الحديث إلى وجود حياة نفسية لاشعورية ومنهم شوزنهاور كما ارتبطت هذه الأطروحة بمدرسة التحليل النفسي والتي أسسها فرويد واللاشعور قيم خفية وعميقة وباطني من الحياة النفسية يشتمل العقد والمكبوتات التي تشكله بفعل الصراع بين مطالب الهو وأوامر ونواهي الأنا الأعلى وبفعل اشتداد الصراع يلجأ الإنسان إلى الكبت ويسجن رغباته في اللاشعور
الدفاع عن منطق الأطروحة
إن هذه الأطروحة تتأسس على أدلة وحجج قوية تثبت وجودها وصحتها ومن أهم هذه الأدلة التجارب العيادية التي قام بها علماء الأعصاب من أمثال شاركوا الذين كانوا بصدد معالجة مرض الهستيريا وبواسطة التنويم المغناطيسي ثم الكشف عن جوانب اللاشعورية تقف وراء هذا المرض ومن الأدلة والحجج التي تثبت اللاشعور الأدلة التي قدمها فرويد والمتمثلة في الأحلام وفلتات اللسان وزلات القلم والنسيان وحجته أنه لكل ظاهرة سبب بينما هذه الظواهر لانعرف أسبابها ولا نعيها فهي من طبيعة لاشعورية وهي تفريغ وتعبير عن العقد والمكبوتات ومن الأمثلة التوضيحية افتتاح المجلس النيابي الجلسة بقوله << أيها السادة أتشرف بأن أعلن رفع الجلسة >>
نقد منطق الخصوم
إن أطروحة اللاشعور تظهر في مقابلها أطروحة عكسية <<أنصار الشعور >> ومن أبرز دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال <<أنا أفكر أنا موجود>> والإنسان في نظره يعرف بواسطة الوعي عالمه الخارجي وعالمه الداخلي <<الحياة النفسية >> ونجد أيضا سارتر الذي قال << السلوك في مجري الشعور >>ولكن هذه الأطروحة مرفوضة لأن علم النفس أثبت أن أكثر الأمراض النفسية كالخوف مثلا ينتج دوافع لاشعورية ومن الناحية الواقية هناك ظواهر لانشعر بها ولا يفسرها الوعي ومن أهمها الأحلام.
الخاتمة :
حل الإشكالية
ومجمل القول أن الحياة النفسية تشمل المشاعر و الانفعالات والقدرات العقلية وقد تبين لنا أن الحياة النفسية أساسها اللاشعور وقد أثبتنا ذلك أما الذين ربطوا الحياة النفسية بالشعور فقد تمكنا الرد عليهم ونقد موقفهم ومنه نستنتج الأطروحة القائلة اللاشعور أساس الحياة النفسية أطروحة صحيحة ويمكن الدفاع عنها .
ام ايمان16
2011-04-21, 14:28
مقالات الإشكالية الثانية
الأخــلاق بين النسبي والمطلق
مقالة جدلية حول(الخير والشر ) بين ( الدين والعقل )
السؤال المشكل
إذا كنت بين موقفين متعارضين أحدهما يقول الأخلاق مصدرها الإرادة الإلهية وثانيهما يقول القول هو مشروع الأخلاقي .
وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع؟
الوضعية المشكلة
إليك هذا الرأيين , قال أفلاطون < الخير فوق الوجود شرفا وقوة > وقال الأشعري < الخير والشر بقضاء الله وقدره >
المقدمــة : طرح الإشكـاليـة
يتجلى سلوكات الإنسان في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال والتي ينظر إليها الفلاسفة من زاوية ما يجب أن يكون وذلك بربطها بقيمة <الحسن والقبح> وهذه هي الفلسفة الجمال ,أو بربطها بقيمة< الخير والشر> وهذه هي الفلسفة الأخلاق , فإذا كنا بين موقفين متعارضين أحدهما أرجع الأخلاق إلى سلطة مقدسة <إرادة الله> والأخر أرجع القيم الأخلاقية إلى سلطة العقل فالمشكلة المطروحة.
هل مصدر القيمة الخلقية الدين أم العقل ؟
التحليل : عرض الأطروحة الأولى
أرجعت هذه الأطروحة < أساس الدين للأخلاق,الشر والخير إلى إرادة الله >أي ماحسنه الشرع ومدح فاعله فهو خير, وما قبحه الشرع وتوعد فاعله بالعقاب فهو شر ,وهذه الأطروحة واضحة عند ابن حزم الأندلسي حيث قال << ليس في العالم شيء حسن لعينه ولاشيء قبيح لعينه لكن ما سماه الله تعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن>>ومن الأمثلة التوضيحية أن <القتل> إذا كان دفاع عن النفس فإن النصوص الشرعية اعتبرته خير أما إذا كان لهون في النفس أو لتحقيق مصلحة شخصية فإن الشرع يحكم على فاعله بالقبح ومن أنصار هذه الأطروحة الأشعري الذي قال<< الخير والشر بقضاء الله وقدره >> فالحكمة الإلهية هي التي تفصل في الأمور وإرسال الرسل عليهم السلام حجة تثبت ذلك , هذه الأوامر الأخلاقية نقلية وليست عقلية.
النقد:
لاشك أن الدين يرشدنا في حياتنا لاكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشتهادي فالعقل يساهم أيضا في بناء الأخلاق.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة < النظرية العقلية > إن القيم التي يؤمن بها الإنسان ويلتزم بها في حياته مصدرها العقل , وهذه القيم ثابت ومطلقة لاتتغير في الزمان والمكان ومن أبرز دعاة هذه الأطروحة أفلاطون الذي قال << الخير فوق الوجود شرفا وقوة >> , حيث قسم الوجود إلى قسمين (عالم المحسوسات وعالم المثل ) , إن القيم عند أفلاطون يتم تذكرها ولذلك قال <المعرفة تذكر> وقصد بذلك أن القيم الأخلاقية الكاملة مكانها عالم المثل , والعقل هو القادر على استعادتها , وفي أمثولة الكهف وضح أفلاطون أننا سجناء للجسد والعقل هو الذي يحرر وبه تمزق الروح حجاب الجسد , ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف الألماني كانط الذي استعمل المصطلح الواجب الأخلاقي أي طاعة القانون الأخلاقي احتراما له وليس للمنفعة أو خوفا من المجتمع , والأخلاق عند كانط تتأسس على ثلاث شروط : < شرط الشمولية > وهذا واضح في قوله << تصرف بحيث يكون عملك قانون كلية >> و< شرط احترام الإنسانية > أي معاملة الناس كغاية وليس كوسيلة , وأخيرا ضرورة أن يتصرف الإنسان وكأنه هو <مشروع الأخلاق>.
النقـد :
هذه الأطروحة نسبية لأن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين .
التركيب :
رغم ما يبدو من التعارض بين المذاهب الأخلاقية حول أساس القيمة الخلقية إلا أنها في نهاية متكاملة لأن القيمة الخلقية التي يطمح إليها هي التي يجب أن يتحقق فيها التكامل بين المطالب الطبيعية وصوت العقل وسلطة المجتمع وأوامر ونواهي الشرع, لذلك قال فيقِن << الأخلاق من غير دين عبث >> , ذلك الدين يرشد العقل ويهذب المصلحة ويحقق الإلزام الخلقي أمام الله والمجتمع ولذلك قال أبو حامد الغزالي <<حسن الخلق يرجع إلى اعتدال العقل وكمال الحكمة واعتدال الغضب والشهوات وكونها للعقل والشرع مطيعة >>.
الخاتمة : المخرج من المشكلة
وخلاصة القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقيمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لنا أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلفية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد < الأساس العقلي > وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلة المطروحة
ونستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا .
ام ايمان16
2011-04-21, 14:37
إن التطلع إلى السلطة والسيادة غريزة إنسانية فهل النظام السياسي الأصلح لقيادة الشعوب ؟
طرح المشكلة :
لقد كان الهدف من قيام التجمعات الشعبية التي ظهرت عبر التاريخ على شكل دول هو بلوغ حياة مدنية أفضل وأحسن من تلك التجمعات التي كانت على شكل قبائل وعشائر ولما كان هذا التجمع على شكل دول يفضي إلى قيام علاقات بين الأفراد فيما بينها وبين السلطة. ظهرت الحاجة إلى نظام سياسي يساهم في تأطير هذه العلاقات وتنظيمها فكانت أنظمة الحكم الفردية من أقدم النظم السياسية التي سعت إلى بلوغ هذه الغاية فهل صحيح أن النظام الفردي السياسي هو من أفضل النظم وأصلحها لقيادة الشعوب ؟ .
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة: النظام السياسي الفردي.
إن النظام السياسي الفردي هو نظام يمارس فيه السلطة شخص واحد يطلق عليه لقب الملك أو الأمير أو الحاكم المطلق بيده جميع السلطات والشعب تابع لهذا الشخص لا يخالف أوامره ويعتبر هوبز من أبرز الفلاسفة الذين برزوا على نحو فلسفي ضرورة الحكم الفردي المطلق و صلاحيته في تسيير شؤون الدولة وفرض الأمن والاستقرار وانطلق في تبريره هذا من ان البشرية عرفت حالتين من الحياة الجماعية الأولى طبيعية كانت خالية من السلطة وفيها لم يكن الأفراد يتحرجون من الاعتداء على بعضهم البعض وهو الوضع الذي أدى بهم إلى صيغة من الاتفاق يتنازلون فيها على جميع حقوقهم إلى شخص قادر على رد مظالمهم وهذا الشخص هو الحاكم ليس مطالباَ بشيء سوى توفير الأمن والاستقرار لجميع المواطنين وكل ما يصدر عنه لا يمكن إعتباره ظلم لان الظلم والعدل هما ما يقررهما الحاكم . كما إعتبر ميكيافيلي في كتابه الأمير سلطة الأمير القوية هي أحسن الأنظمة للحد من أنانية الإنسان وميله لنزاع وردعه . ولقد عرفة أنظمة الحكم الفردية عبر التاريخ أشكال متعددة من حكم الاستبدادي والملكي وثيوقراطي فالاستبدادي حكم فردي مطلق لايؤمن بأي قانون ولا بأي دستور ولا يعترف بحق الأغلبية ولا بحرياتهم في مناقشة الحاكم فالنظام الاستبدادي يقوده شخص واحد يعتقد في نفسه أنه يجسد في شخصه مقومات الشعب وطموحاته . أما الحكم الملكي فهو لايختلف من حيث المبدأ عن الحكم الدكتاتوري لأنه حكم مبني على السلطة المطلقة ويستمد وجوده وإستمراره من قانون الوراثة أما الثيوقراطي فكان يعتقد فيه أن الحاكم من طبقة مختلفة عن المحكومين فهو من طبيعة إلهية أما إرادته فهي سامية لأنها إرادة إلهية أيضا
إن المتأمل في التاريخ يلاحظ وبحق مدى الانجازات العظيمة التي حققها حكام الأنظمة الفردية من حضارات عظيمة كتب لها الخلود في ذاكرة التاريخ كحضارة بابل ومصر وما قام به الاسكندر وملوك دولة بني العباس .
نقد : لم تقم هذه الأنظمة ذات الطابع الفردي المطلق إلا أجل تلبية نزوات ورغبات أصحابها من جهة ومن أجل حماية الملوك والأمراء من جهة أخرى .
نقيضها : إن القضاء على النزعة الفردية في الحكم لا يكون ألا بالدعوة إلى نظام سياسي جماعي تتوفر فيه المشاركة والمشاورة والرقابة في التسيير والقوانين فإذا كان النظام الفردي لا يرمز إلا للأنانية والمصلحة الشخصية فأن النظام الجماعي لا يمكن أن يفهم من خلاله ألا السعي إلى تحقيق المصلحة العامة للجماعة ولقد عرفت المجتمعات القديمة على غرار أنظمة الحكم الفردية نظماَ سياسية جماعية فقد كان النظام الديمقراطي معمولا به قبل ميلاد عيسى عليه السلام في بلاد اليونان وحتى أن الكلمة يونانية الأصل ديموكراتوس تعني حكم الشعب وكانت تدعو إلى المساواة وإعطاء السلطة لشعب كما أن لجميع أفراد الشعب الحق في حضور المجالس والمشاركة في المداولة ويعتبر جون جاك روسو أبرز من أولى أهمية كبرى لديمقراطية يقول (ليس تأسيس الدولة عقداَ بل قانون والذين تدع لهم السلطة التنفيذية ليسو أسياداَ لشعب وإنما موظفوه وبوسع الشعب رفعهم أو خلعهم )ولما كان حضور جميع الشعب في المجلس أمر متعذراَ ظهر ما يسمى بالديمقراطية التمثلية التي يمارس فيها الشعب سلطته من خلال ممثليه الذين يختارهم عن طريق الانتخاب ومن صور الديمقراطية أيضاَ الديمقراطية الليبرالية تقوم على التوفيق بين مبدأين متعارضين حرية الإرادة وسلطة القانون ولقد تميزت هذه الديمقراطية بإعلان الحريات السياسية والاقتصادية والفكرية وحتى الحرية الشخصية وجاءت الديمقراطية الاشتراكية كردة فعل على ديمقراطية الرأس مالية فلكي يضمن المجتمع الاشتراكي سيادة الشعب على نحو سليم يقول كارل ماركس (عليه أن يتخلص من الطبقية فبالعمل المشترك والوحدة بين الأفراد تصان الحقوق والحريات ) كما عرف المسلمون نظام جماعياَ يحمل في معامله روح الديمقراطية أطلق عليه المؤرخون أسم النظام الشوري مستوحى من تعاليم الدين الإسلامي يقول عز وجل << وشاورهم في الأمر >> ويقول << وأمرهم شورى بينهم >> ويقول عليه الصلاة والسلام << يد الله على الجماعة >> وفي الأخير نقول أن الشعوب والمجتمعات لم تعرف العيش الهنيء ومعنى الحرية والمساواة إلى في ظل الأنظمة السياسية الجماعية.
نقد: إن الديمقراطية لا تخلو من العيوب والنقائص كما أن الأفراد ليسو أكفاء بلادلاء بأصواتهم في إختيار الحاكم كما أن أيضاَ الحرية التي تدافع عنها الديمقراطية قد تستغل في أغراض شخصية لاتخدم النظام العام وكم من نظام ديمقراطي في شكله ديكتاتوري في مضمونه .
التركيب : ليست العبرة في فردية النظام أو جماعيته بل العبرة بنتائج النظام فكم من نظام سياسي فردي شهدت له الإنسانية بالعدل والصلاح والاستقرار وكم من نظام سياسي جماعي تصدر وتزين بروح الديمقراطية شهد نجاح .
حل المشكلة : إن الأنظمة السياسية الجماعية هي من أحسن الأنظمة تسييراَ لشعوب نظراَ لما تتوفر عليه من شروط المشاركة السياسية وحرياتها ولما تفرضه من رقابة علي حكام الدولة .َ
ام ايمان16
2011-04-21, 14:41
طرق معالجة المقال الفلسفي
من أراد أن يكون فيلسوفا وجب عليه تفحص العلومالمقبولة حتى يتمكن من إعادة بنائها ، لذا فقدأختلف معك في وجهة النظر ولكنني مستعدلـلـتـضـحـيـة لـكـي تـبــدي رأيــــــكالأسـتـاذ : زاوش ســمـيـــر كيفية التعامل مع السؤال الفلسفي وطرق التحليل : كيف نتعامل مع السؤال الفلسفي ؟ يتم التعامل مع السؤال الفلسفي في مقال فلسفي إنشائي مؤلف من ثلاثِ مراحل يتألف منها المقال الفلسفي وهي مرحلة طرح المشكلة نبرز فيها الإشكال الفلسفي وتتم صياغته حسب نوع الطريقة المتبعة ، ثم تتبع بمرحلة محاولة حل المشكلة وفق مراحل تفرضها طبيعة السؤال المطروح ، لينتهي الطالب إلى المرحلة النهائية والتي يجسد فيها الحل المناسب لمشكلة . ويجب على الطالب أن يدرك أنه هناك فرق بين طرق التحليل من حيث البناء ، سواء كان بناء الشكل أو المضمون من الجدل إلى المقارنة وصولا إلى الاستقصاء ، وحتى بين طرق الاستقصاء ، وعليه فالطالب مطالب باحترام خطوات التحليل عند اختياره طريقة التحليل المناسبة للسؤال المطروح . أي أن العبارة التقليدية التي اعتدنا سماعها والتي مفادها أنه لا يهم احترام طريقة التحليل لم يعد لها معنى ، بل هو – الطالب – أكثر من أي وقت مضى مطالب باحترام خطوات التحليل . طرائق معالجة المقال الفلسفي :
أولا : طريقة الاستقصاء ( الوصف ) :
وتتألف من ثلاث طرائق وهي الاستقصاء بالوضع والاستقصاء بالرفع والاستقصاء الحر .
أ – الاستقصاء بالوضع : **
نجد مرحلة طرح المشكلة تتألف من خطوات يجب على الطالب أن يتبعها حتى يتمكن من البناء السليم لهذه المرحلة ، وهي تتجسد في " فكرة تمهيدية " فكرة شائعة "ثم نقيضها وهو المطلوب ، وفي الأخير طرح الإشكال " مع التلميح إلى الدفاع " الدفاع عن رأي يبدو غير سليم ، ويظهر ذلك من خلال صياغة المشكلة صياغة استفهامية . فإذا كانت صياغة السؤال مثلا على هذه الشاكلة : كيف لك أن تدافع عن صحة النظرة القائلة :" الإدراك وليد الذهن ." فإن الطالب أو المجيب عن التساؤل المطروح بإمكانه أن يشير إلى ما يلي : - الفكرة الشائعة : الاتصال بالأشياء يكون عن طريق الحواس- نقيضها وهو المطلوب : لكن الحكم على الأشياء يكون عن طريق الذهن لهذا فإدراك الأشياء يكون عن طريق هذا الأخير .وبالربط بين الفكرتين في قالب لغوي يجد الطالب نفسه مدفوعا إلى التساؤل ملمحا لطريقة الدفاع بحيث نجد أنّ صياغة السؤال تكون حسب طريقة الاستقصاء بالوضع أي : ما الذي يحملنا على الإقرار بذلك ؟ وكيف يمكن لنا إثبات صحة النظرة القائلة " الإدراك وليد الذهن ." ؟. ** بعد طرح الإشكال ينتقل الطالب إلى المرحلة الموالية المتمثلة في مرحلة محاولة حل المشكلة . و يستهلها الطالب بعرض منطق الأطروحة ، حيث يحدده كفكرة تحديدا موضوعيا يتجنب من خلاله الطالب الذاتية في عرضه للقضية ،وحتى يكون الأمر بسيط يطبق الطالب آلية استفهامية تمكنه من ذلك كأن يتساءل من خلال السؤال المطروح سابقا على الشاكلة التالية : ماذا ؟ ماذا تعني هذه القضية أو التصور " الإدراك العقلي "لماذا ؟ لماذا تولد هذا التصور ؟من ؟ من الذي تبنى هذا التصور؟ وبعد هذا يربط بين الإجابات التي تتمخض آليا عن هذه الأسئلة والتي تمكنه من تحديد المسلمات القابلة للبرهنة على تجسيد هذه القضية أو التصور. عندما كانت كل قضية تتطلب الدليل ينتقل الطالب إلى الخطوة الموالية المتمثلة في الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية مستهلا هذه الخطوة بقالب لغوي يوحي بذلك حتى يضمن الربط بين الخطوة السابقة وهذه الخطوة ، فيجتهد الطالب في توظيف الحجج الشخصية التي من شأنها أن تشعر الطالب بدفاعه هذا ،ويجب عليه أن يتبع تحديد الدليل بالشرح ،وهذه الحجج يجب أن تكون متطابقة مع مذاهب فلسفية تجسد له القضية أو التصور الذي يريد إثباته " المذهب العقلي بالنسبة للسؤال الذي طرح في مرحلة طرح المشكلة ." إثبات القضية يترتب عنه بطلان النقيض لهذا ينتقل الطالب مباشرة إلى الخطوة الثالثة في مرحلة التحليل ألا وهي مرحلة نقد منطق خصوم الأطروحة ، حيث يستهلها بتحديد منطقهم كفكرة لا عرضه كقضية أخرى حتى لا نقع في تناقض مع المطلوب . وبعد ذلك يصل الطالب إلى تحديد نقدٍ موجهٍ للخصوم من ناحية الشكل والمضمون واللذين يؤكدان على الدفاع . ** المرحلة الثالثة من بناء المقال الفلسفي هي مرحلة الفصل النهائي للمشكلة والتي يصل من خلالها الطالب إلى استنتاج منطقي يؤكد من خلاله على مشروعية الإثبات " القضية التي تؤكد بأن الإدراك مرتبط بالعقل صحيحة وقابلة للأخذ بها وتبنيها والدفاع عنها ."
الاستقصاء بالرفع :
01 - مرحلة طرح المشكلة يجسدها الطالب من خلال خطوات " فكرة تمهيدية " فكرة شائعة "ثم نقيضها وهو الموضوع أو المطلوب ،و طرح الإشكال " ، فعند صياغتنا للسؤال التالي : كيف لك أن تبطل صحة النظرة القائلة :" الإدراك مرتبط بنشاط الذهن ." تكون عملية بناء هذه المرحلة على الشكل الآتي :- الفكرة الشائعة : الحكم على الأشياء يكون عن طريق العقل وهو الذي يمكنه من إدراك حقيقة الشيء - نقيضها وهو المطلوب : لكن اتصال الإنسان بالأشياء لا يكون عن طريق العقل بل بوسيلة أخرى لهذا فلا يمكن أن يكون العقل مصدرا لمختلف إدراكاتنا .- صياغة الإشكال : ما الدافع لذالك ؟ وكيف يمكن لنا أن نتجاوز أو نفند صحة النظرة القائلة بأن الإدراك مرتبط بالذهن ؟* ملاحظة : تختلف مرحلة طرح الإشكال في طريقتي الاستقصاء بالوضع والرفع في موقع كلٍ من الفكرة الشائعة ونقيضها ، حيث نجد الفكرة الشائعة في الرفع هي مضمون القضية المعطاة في السؤال والعكس في الوضع حيث نجد مضمون السؤال يأتي في الخطوة الثانية أي نقيض القضية .02 - مرحلة محاولة حل المشكلة : يجسدها الطالب من خلال الخطوات التالي وتتم من حيث :
أ – عرض منطق الأطروحة : وهي الأطروحة أو النظرة التي يتناولها السؤال المطروح" الإدراك وليد الذهن " ، وتتم هذه العملية من خلال تحديدها كفكرة ثم تجسيد مختلف الأدلة والبراهين التي تبت وجود هذه الفكرة تجسيدا موضوعيا " ماذا ؟ لماذا؟ كيف ؟ ومن ؟ "
ب – إبطال الأطروحة : يستهل الطالب هذه الخطوة في قالب لغوي فلسفي يتضمن نقدا للقضية من الناحية الشكلية ، وهذا ما من شأنه أن يمكنه من تجاوز الوقوع في الجدل خاصة عندما يجد نفسه أمام قضية تعود على معالجتها بالطريقة الجدلية ومؤلفة من نقيضين" بالرغم من أن نقيض الشيء غير محدد في قضية معينة " وهذا ما سيساعده في إبطاله للقضية من حيث المضمون حيث يوجه إبطاله للأدلة التي تبناها أنصار القضية التي هي موضوع السؤال ،مستندا في ذلك على ما جسدته مختلف المذاهب الفلسفية .
ج – نقد منطق أنصار الأطروحة : بعد أن يبطل الطالب الأطروحة يجد نفسه مباشرة وبطريقة عفوية يوجه نقدا لمنطق أنصار الأطروحة محددا إياه كفكرة ": كقوله مثلا وعليه تصبح النظرة القائلة بأن الإدراك مرتبط بنشاط الذهن باعتبار أن ....كما أكد على ذلك ... ." ثم ينتقل إلى عملية النقد شكلا ومضمونا ." ما هي إلا ........ لأن {نقد المضمون } ... " ، وفي هذا تجسيد لعملية الإبطال .
03 – مرحلة حل المشكلة بعد ما تم ذكره سابقا يصل الطالب إلى تجسيد استنتاج يجسد من خلاله الإشارة إلى مشروعية الإبطال " وعليه نجد النظرة القائلة الإدراك وليد الذهن غير قابلة للأخذ بها والإقرار بصدقها "
الاستقصاء الحر : في هذه الطريقة لا يتجه الطالب لا إلى الدفاع ، ولا إلى الإبطال ، ولا المقارنة ولا الجدل ، بل هو مطالب بتحليل قضية أو مشكلة ما .
أ – بناء المشكلة: يكون بتحديد المشكلة انطلاقا من فكرة تمهيدية تمهد للموضوع وشرطها مدى وظيفيتها ، كأن نتساءل مثلا : إذا كان العقل أعدل الأشياء توزعا بين الناس وجوهر عملية المعرفة ، فلماذا نختلف في إدراكاتنا ؟
ب – تحليل المشكلة : ينطلق الطالب من عرض القضية المجسدة هنا في عملية الإدراك ، ثم يشرع في تحليل الأفكار والأدلة المجسدة في عوامل الإدراك تحليلا موضوعيا خاليًا من النقد معتمدا في ذلك على المنهج الإستناجي
ج – مرحلة حل المشكلة : تجسد استنتاج يحدد من خلاله الطالب موقفه من المشكلة المطروحة .
ثانيا طريقة المقارنة
نعتمد هذه الطريقة عندما يطلب من الطالب المقارنة بين موضوعين ، ونشير هنا إلى صياغة السؤال قد تكون مباشرة حيث تحدد للطالب القضيتين المتقابلتين " قارن بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي ." وقد تكون صياغة السؤال جزئية وغير مباشرة ،حيث يحدد السؤال للطالب قضية واحدة وتترك الثانية لاجتهاد الطالب . كقولنا مثلا : قارن الأطروحة التالية بأخرى قابلة للمقارنة " السؤال الفلسفي مجاله الأمور المحسوسة ." مرتبا مواطن الاختلاف والتشابه . مرحلة طرح المشكلة : ( الحذر من المظاهر ) يجسد فيها الطالب تمهيدا عاما للقضية يمكنه من الإشارة إلى القضيتين المتقابلتين دون الإشارة إلى أوجه الاختلاف والتشابه ، لأن هذه المرحلة ليست مخصصة لتحديد الإجابة .ثم يصيغ إشكالا فلسفيا حول ذلك يخدم طريقة المقارنة كقوله : ما طبيعة العلاقة بين (...) ؟ وفيما تكمن مواطن الاختلاف والتشابه بينهما ؟ مرحلة تحليل المشكلة : يستهلها الطالب بتحديد مواطن الاختلاف كل نقطة على شكل فكرة ، ثم تحلل وتدعم بمقولة فيلسوف ومثال ويتم شرحهما ، متجاوزا بذلك الطالب الصيغة اللفظية المجسدة في لفظة " كلاهما" وبعد تحديد نقاط الاختلاف ينتقل الطالب إلى تجسيد مواطن التشابه لأن وجود الاختلاف بين القضيتين المتقابلتين لا يمنع وجودَ مواطن للتشابه بينهما . حيث يتم التعامل معها بنفس الطريقة التي عولجت بها مواطن الاختلاف . نتيجة وجود مواطن للاختلاف والتشابه بين القضيتين يجد الطالب نفسه مجبرا على تحديد نسبة التداخل أو طبيعة العلاقة الموجودة بين القضيتين " تكامل ، تضاد ، ...." وإن كانت القضيتان المتقابلتان لا تتضمنان هذا النوع من العلاقات يلجأ الطالب إلى إيجاد نقطة أساسية مشتركة بينهما ج – مرحلة حل المشكلة : يحدد فيها استنتاج تجسد من خلاله طبيعة العلاقة أو نسبة الترابط .
ثالثا : الطريقة الجدلية : وتطبق عندما يستدعي السؤال عرض موقفين متعارضين ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التعارض قد يكون صريحاً كقولنا مثلا : هل إدراكاتنا مصدرها العقل أم الحواس ؟ أو : إذا كنت أمام موقفين متعارضين يقول أولهما :" الإدراك مرتبط بالعقل " ويقول ثانيهما " الإدراك مرتبط بالحواس " مع العلم أن كليهما صحيح ضمن سياقه ويدفعك القرار للفصل في الأمر فما عساك تفعلُ ؟ . فمن البين هنا أن التعارض صريح في كلمتي ( العقل أم الحواس ) أو في السؤال الثاني نجد ( الإدراك مرتبط بالعقل والإدراك مرتبط بالحواس ).أما إذا قلنا هل الإدراك مرتبط بالعقل ؟ نجد التعارض هنا ضمنيًا وغير صريح ولكنه موجود لأن المعرفة قد تكون غير مباشرة يعتمد فيها على نشاط الذهن أو بطريقة مباشرة يعتمد فيها على نشاط الحواس . لهذا نجد أن الطريقة الأنسب لمعالجة هذا النوع من الأسئلة تتمثل في طريقة الجدل ، التي يتبع فيها الطالب المراحل الثلاث لمعالجة مقال فلسفي
. أ – مرحلة طرح المشكلة : يجسد من خلالها الطالب فكرة تمهيدية تكون بمثابة الإطار العام للسؤال المروح بحيث يتمكن من خلالها الوصول إلى الإشارة للقضيتين المتناقضتين مبيننا إمكانية صدقهما ليصل من هذا التعارض إلى صياغة الإشكال على شاكلة تبين أن الطالب يعالج السؤال بطريقة الجدل
. ب – مرحلة تحليل المشكلة : يجسد من خلالها الطالب الخطوات التالية : - القضية الأولى + الأدلة + النقد . ( وكأن الطالب هنا يجيب الأسئلة التالية ماذا نعني بــــ ........؟ لماذا تولد هذا التصور وكيف ..... ؟ من الذي يتبنى هذا التصور ..... ؟ هل فعلا هذا التصور أثبت ذلك .... ؟ - القضية الثانية + الأدلة + النقد ( نفس الطريقة ) -
التركيب أو التجاوز . ( أي أن المرحلة الثالثة من تحليل الإشكال تكون إما تركيبًا أو تجاوزًا)
التركيب : ليس التركيب حلا للسؤال الذي تم طرحهُ كما قد يتصوره التلميذ ، بل هو فكرة جديدة نقوم من خلالها بتأليف صورة قضية من شأنها أن تجمع بين القضيتين المتعارضتين من دون أن تتضمن تناقضا ، ففي السؤال الذي طرح سابقًا حول هل الإدراك مرتبط بنشاط الذهن ؟ يجد التلميذ نفسه يركب بين تصورين بقوله الإدراك يكون نتيجة التكامل بين معطيات الحواس ودور العقل .
التجاوز : يصل الطالب أو المحلل للمقال الفلسفي إلى هذه الخطوة عندما يجد صعوبة في التركيب بين التصورين ، ومضمون هذه العملية هو تجاوز القضيتين المتعارضتين إلى قضية ثالثة قائمة بذاتها ومؤسسة ، فعندما نتساءل مثلا : هل القيم الأخلاقية مرتبطة بالعقل أم المنفعة ؟ يجد الطالب نفسه بعد عرضه للقضيتين مجبرًا على تجاوزهما إلى تصور ثالث قد يجمع فيه بين الدين المجتمع على اعتبار أن الدين معتقد يؤمن به أفراد المجتمع .
ج – مرحلة حل المشكلة : بعد عرض القضيتين والتركيب أو التجاوز يصل الطالب إلى استنتاج من شأنه أن يحدد له حلاً للإشكال المطروح ، ونشير هنا إلى أن الحل قد يكون نهائيًا خاصة إذا كانت القضية المطروحة فصل فيها من طرف العلم ، وقد يبقى الإشكال مطروحا للنقاش إلى أن يفصل فيه .
ام ايمان16
2011-04-21, 15:08
هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
الطريقة الجدلية
المقدمة : إدا كان الفكر هو عمل العقل الدي يحدث داخل النفس,وكانت اللغة عبارة عن أصوات ورموز خارجية يستعملها الإنسان ليتصل بغيره,فان الإنسان هو الكائن الوحيد الدي يملك القدرة على ترجمة ونقل أفكاره للآخرين,ولهدا اهتم الفلاسفة قديما وحديثا بمشكلة العلاقة بين اللغة الفكر وتناولوها وفق مداهبهم واتجاهاتهم المختلفة فهل اللغة و الفكر مفهومان متصلان وبعبارة أخرى هل يمكن الجزم باستقلالية الألفاظ عن معانيها ؟
القضية الأولى : عرض موقف الاتجاه الثنائي
يرى أنصار هده النظرية وفي مقدمتهم الفرنسي برغسون إن هناك انفصال تام بين اللغة والفكر.ويقرون بأسبقية الفكر على اللغة الآن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه,فكثيرا ما يشعر بسبيل من الخواطر والأفكار تتزاجم في نفسه.لكنه يعجز عن التعبير عنها.فاللغة عاجزة عن ابراز المعاني تامتولدة عن الفكرابرازا كاملا ويقول*برغوس(-اعتقد إننا نملك أفكاراأكثر مما نملك أصواتا) ومنه فان اللغة دوما تعيق تقدم الفكروتدور المعاني أسرع من تطور الألفاظ هي قبور المعاني ويقول فاليري (أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها)كما إن ابتكار الإنسان وسائل بديلة للتعبير عن مشاعره كالرسم والموسقىوغيرهما دليل قاطع على أن اللغة عاجزعن استيعاب فكر الإنسان
لكن الفصل المطلق بين الفكر واللغة أمر غير مقبول واقعيا لان الإنسان يشعر بأنه يفكر ويتكلم في أن واحد وعملية التفكير في الواقع لا تتم خارج إطار اللغة
القضية الثانية عرض موقف الاتجاه الأحادي
يرى أصحاب هده النظرية انه لا يوجد فرق بين اللغة والفكر.فاللغة عند جون لوك(هي علامات حسية معينة تدل على الأفكار الموجودة في الدهن)ومنه فإننا نفكر بلغتنا ونتكلم بفكرنا.وقد اثبت علماء النفس أن الطفل يتعلم اللغة والفكر في آن واحد.ويقول *دولا كروا*إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه.الألفاظ حصون المعاني.ويخلص أنصار الاتجاه الأحادي إلى نتيجة مفادها انه لا يوجد فكر بدون لغة كما لا توجد لغة بدون فكر.وان اللغة والفكر كل متكامل والعجز الدي توصف به اللغة هو عجز إيجاد الألفاظ المناسبة للفكر ويقول أرسطو(ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية).
لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر.فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التبليغ.
الخاتمة:
إن اللغة والفكر شيئان متداخلان ومتكاملان فهما وجهان لعملة واحدة ومن الصعب وضع فاصل بينهما ولهدا يقول زكي نجيب محمود:(إن الفكر هو التركيب اللفظي أو الرمزي لا أكثر ولا أقل).
لا تنسوننا بخالص دعائكم
يشعر المرء بالسعادة عندما يعيش لغيره
ام ايمان16
2011-04-21, 15:09
الإحساس الإدراك
مقالة جدلية حول الإحساس الإدراك بين الظواهرية والقشطالت
السؤال يقول : هل الإدراك تجربة ذاتية نابعة من الشعور أم محصلة نظام الأشياء ؟
المقدمة : طرح الإشكالية
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع عالمه الخارجي بما فيه من أشياء مادية وأفراد يشكلون محيطه الاجتماعي , يحاول فهم وتفسير وتأويل ما يحيط به وهذا هو الإدراك , فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحدهما يربط الإدراك بالشعور (الظواهرية ) والأخر بنظام الأشياء (القشتالت ) فالمشكلة المطروحة : هل الإدراك مصدره الشعور أم نظام الأشياء
التحليل : محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة الظواهرية أن الإدراك يتوقف على تفاعل وانسجام عاملين هما الشعور والشيء المدرك , وحجتهم في ذلك أنه إذا تغير الشعور يتغير بالضرورة الإدراك ومن دعاة هذه الأطروحة هوسرل وهو مؤسس مذهب الظواهرية حيث قال << أرى بلا انقطاع هذه الطاولة سوف أخرج وأغير مكاني عن إدراكي لها يتنوع >> وهكذا الإدراك يتغير رغم أن الأشياء ثابتة والإدراك عندهم يكون أوضح من خلال شرطين ( القصدية والمعايشة ) أي كلما اتجه الشعور إلى موضوع ما وإصل به يكون الإدراك أسهل وأسرع وخلاصة هذه الأطروحة عبر عنها ميرلوبونتي بقوله << الإدراك هو الإتصال الحيوي بالعالم الخارجي >>
النقد : من حيث المضمون الأطروحة بين أيدينا نسبية لأنها ركزت على العوامل الذاتية ولكن الإدراك يحتاج إلى العوامل الموضوعية بنية الشيء وشكله ولذلك نقول إنها نسبية أيضا من حيث الشكل
عرض الأطروحة الثانية ترى هذه الأطروحة أن الإدراك يتوقف على عامل موضوعي ألا وهو ( الشكل العام للأشياء ) أي صورته وبنيته التي يتميز بها وحجتهم في ذلك أن تغير الشكل يؤدي بالضرورة التي تغير إدراكنا له وهكذا تعطي هذه الأطروحة الأهمية إلى الصورة الكلية وهي هذا المعني قال بول غيوم* << الإدراك ليس تجميعا للإحساسات بل أنه يتم دفعة واحدة >> ومن الأمثلة التي توضح لنا أهمية الصورة والشكل أن المثلث ليس مجرد ثلاثة أضلاع بل حقيقية تكمن في الشكل والصورة التي تكمن عليها الأضلاع ضف إلى ذالك أننا ندرك شكل اٌلإنسان بطريقة أوضح عندما نركز على الوجه ككل بدل التركيز على وضعية العينين والشفتين والأنف وهذه الأطروحة ترى أن هناك قواعد تتحكم في الإدراك من أهمها التشابه ( الإنسان يدرك أرقام الهاتف إذا كانت متشابه ) وكذلك قاعدة المصير المشترك إن الجندي المختفي في الغابة الذي يرتدي اللون الخضر ندركه كجزء من الغابة , وكل ذلك أن الإدراك يعود إلى العوامل الموضوعية .
النقد: صحيح أن العوامل الموضوعية تساهم في الإدراك ولكن في غياب الرغبة والاهتمام والانتباه لا يحصل الإدراك , ومنه أطروحة الجاشطالت نسبية شكلا ومضمونا .
التركيب : إن الظواهرية لا تحل لنا إشكالية لأن تركيز على الشعور هو تركيز على جانب واحد من الشخصية والحديث على بنية الأشياء يجعلنا نهمل دور العوامل الذاتية وخاصة الحدس لذلك قال باسكال << إننا ندرك بالقلب أكثر مما ندرك بالعقل >> وكحل الإشكالية نقول الإدراك محصلة لتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية فمن جهة يتكامل العقل مع التجربة الحسية كما قال كانط ومن جهة أخرى يتكامل الشعور مع بنية الأشياء.
الخاتمة:
وخلاصة القول أن الإدراك عملية معقدة ينقل الإنسان من المحسوس إلى المجرد فالمحصلة فهم وتفسير وتأويل وقد تبين لنا أن مصدر الإدراك إشكالية اختلفت حولها أراء الفلاسفة وعلماء النفس ويعد استعراض الأطروحتين استخلاص النتائج نصل إلى حل الإشكالية
الإدراك محصلة للتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:10
أي نظام إقتصادي تراه ناجحاً ؟
طرح المشكلة :
إن العمل ضرورة إجتماعية فرضتها حاجيات الأسرة ومتطلباتها وبعدما كان ذو طبيعة بدائية في الحياة الفطرية أصبحت تنظيمية ضرورية من ضروريات الدولة ومن أشهر التنظيمات الإقتصادية التي عرفتها البشرية النظامين الرأس مالي والاشتراكي فكل واحد منهما يمثل طريقته الخاصة وهو الأمر الذي أثارأمامناً عن إشكاليات فأي النظامين أو بعبارة أخري أي من النظامين الإقتصاديين الأجدر للأعتماد عليه كنظام ناجح بما يحتويه من خصائص إيجابية قادرة على النهوض بإقتصاد كل دولة ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : الرأس مالي
إن خير نظام إقتصادي هو اللبرالي الذي قام إثر الثورة الصناعية الكبرى التي شهدتها أوربا الغربية , وأنتشر هذا النظام في أمريكا الشمالية ثم في مناطق أخرى ظهرت نتيجة المصانع والمنشأت التي بنيت أثناء الثورة الصناعية الكبرى . كونته مجموعة من الظروف التي كانت معايشة آنذاك حيث نجد مجموعة من الناس يمتلكون وسائل إنتاج ضخمة مما مكنهم من إمتلاك ثروة ضخمة سمحت لهم بأن يتحكمون بها على الأسواق بأنواعها المختلفة الداخلية والخارجية ولهذا يعتبر أن هذا النظام يقوم أساساً على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و رؤوس أموال ضخمة ومن مميزاته تطور الإنتاج كما وكيفاً وحرية الإستثمار نادى بيه كل من رواد الإقتصاد السياسي في أنجلترا أدم سميث " دعه يعمل أتركه يمر" وريكارد وبكنز حيث أقروا أن يرفعوا هذا النظام الإقتصادي على الإطلاق بما أنه النظام الإقتصادي الحر والأفضل . وقد أقروا موقفهم بعدة أدلة – أولها أن النظام الإقتصادي أذا كان نظاماً إنسانياً يتفاعل مع كل المجتمعات فلا بد أن يكون في خدمة طبيعة هذا الإنسان الذي يعتبر فرداً من ذلك المجتمع يسعى دائماً في البحث عن مصدر الحرية فالباحث عنها يجدها في هذا النظام بكونه يجد نفسه حراً في الإستثمار وحراً في نوعية إنتاج السلع كما وكيفاً . وهذا النظام ليس مفتوحاً للحرية فقط بقدر ما يعتبر خادماً حيث يجد نفسه أمام نظام إقتصادي له السيادة الكاملة لتعامل بأمواله فيه كما يشاء في الحدود التي رسمها القانون .وأيضاً هذا النظام بما يتميز به من تفتح وحرية الإستثمار مما يزيد في إزدهار ورقي إقتصاد الدولة إذ تسع مجال التصنيع ولا يبقى في أطار صنف . ومع هذا إتسع دائرة النشاط الإقتصاد الذي ينتج عنه تنوع في وسائل التصنيع ونوعية الإنتاج و أزدهار التجار وهذا ما يكون لا محال للقضاء على البطالة بإعتباره يحتاج إلى يد عاملة وتحقيق الرقي في المجتمع . وهذا النظام أيضاً يقوم بصقل المواهب وتطورها في مجال الإبداع والعلم والبحث مما يروج بالثقافة والعلم . كما يقوم أيضاً على المنافسة الشديدة من أجل زيادة رجال الأعمال لأرباحهم لإقامة مشاريع جديدة مما يؤدي إلى إغراق السوق بها .
نقد :
لقد أفرزت الحرية الواسعة لهذا النظام بعض العيوب والمشاكل أبرزها ما قال به كارل ماكس فائض القيمة كما أن الملكية الفردية جعلت الأموال تتركز في يد فئة قليلة والفئة الواسعة تعيش الحرمان كما تعرض هدا الإقتصاد إلى أزمات وإرتفاع الأسعار وتكديس البضائع وهيمنة الشركات .
نقيضها :
إن النظام الإشتراكي هو النظام الأمثل ظهر كرد فعل الرأس مالية تركت وراءها المجتمع يتخبط تحت ألام الفقر وهو نظام عدل ومساواة وإنسانية نادى بها العديد من الفلاسفة كسان سيمون ويعتبر رائده كال ماكس وهو قبل أن يكون نظاماً إقتصاديا فهو نظام إجتماعي يتبنى فكرة وشعار العيش للجميع ويهدف إلى القضاء على الإستغلال والطبقية . ويعتمد هذا النظام على التخطيط المركزي والملكية الجماعية للوسائل الإنتاج و فاعتنقه العديد من الدول لما رأت فيه من صلاح ودعاة الإشتراكية يتفقون جميعاً أن ما يدعون أليه هو الأفضل على الإطلاق من تكريسه للعدالة بين الناس ومن جهة الرقي الإجتماعي . فمن الناحية الخلقية نجده يرفض إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان حيث فيه ملكية جماعية لا إستغلال فيها ونرى أيضا ساعات العمل لا تجعل من الإنسان حيواناً كالنظام الرأس مالي بل العكس فهي تسهر على حماية العمال والدفاع على حقوقه والأجور تقدم حسب الكفاءة والجهد المبذول مما يعطي للعمال حقه ويحافظ على كرامته .وهذا النظام يسوي بين جميع الناس في الحقوق الإجتماعية ويسهر جاهداً على تكريس أكثرها أهمية وينشرها بعدالة أمام الجميع وهذا لا يقوم على المصلحة الفردية على حساب المصلحة العامة بل يسعى جاهداً على تحقيق المصلحة العامة ولو على حساب المصلحة الفردية . مما يستحيل عليه أن يربط مشاريعه بما تقود بالفائدة على الجميع.
نقد : إن هذا النظام روح المبادرة الفردية التي تتميز بالإبداع كما كرس عن غير قصد للروح الإتكال كما لم ينجو هذا النظام من ضئالة الإنتاج ورداءته .
تركيب :
إن كلا النظامين لا يخلو من المحاسن والعيوب لذلك قام جماعة من علماء الإقتصاد بنظام يجمع بين المزايا الحسنة للنظامين نراها يتوفر في الممارسة الإقتصادية الإسلامية .
حل المشكلة :
في حقيقة الأمر لا يمكن إنكار أن النظام الرأسمالي هو الذي أنتصر في الأخير كما أنه إستطاع الصمود في وجه النظام الإشتراكي زال والنظام الرأسمالي بقي يتطور ويحقق إنتصارات جديدة .
ام ايمان16
2011-04-21, 15:12
الدولة والأمة
المقدمة
لا تقوم الدولة و الأمة إلا إذا توفر عامل الإنسان ليس كفرد و إنما كجماعة من الأفراد، ولكن إذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الدولة قانونية، وإذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الأمة روحية، هل هذا يعني أن الدولة والأمة مفهومان مختلفان ؟
وهل هذا الاختلاف يفصل بينهما أم لا ؟ إذا كان لا يفصل فما هي العلاقة الموجودة بين الدولة و الأمة ؟
العرض
كون الإنسان عاجزا على العيش بمفرده جعله يتكتل بغيره من الناس ليؤلف أشكالا مختلفة من التجمعات، أهمها تجمعه على شكل دول و أمم، إذن الدولة مجموعة من الأفراد الذين يكونون الدولة و الأمة، كما ليس هناك حد أقصى، غير أننا يجب ألا نفهم من ذلك أنه كلما كان هناك أفراد كلما أنشأوا بالضرورة دولة أو أمة بل يجب أن تكون هناك علاقات تربط بين الأفراد و تقرب بعضهم بالبعض و إن كانت العلاقات التي تربط أفراد الأمة غير العلاقات التي تربط أفراد الدولة.
وان العلاقات التي تربط أفراد الأمة علاقات روحية معنوية يستمدونها من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الأمة، كاللغة والدين والتقاليد والتاريخ والمصيرالمشترك ولا يعني هذا أن غياب واحد من هذه المقومات يؤدي إلى غياب الأمة.
يمكن لأمة أن تقوم على مقوم دون آخر، مثل الأمة الإسلامية التي قامت على مقوم الدين، والأمتان العربية و الألمانية التين قامتا على مقوم اللغة و الأمة الأوربية التي تقوم اليوم على مقوم المصير المشترك.التحام أفراد الأمة حول مقوم واحد يولد عندهم الشعور بالمحبة و التعاطف فيميلون إلى الرغبة في العيش معا و مواجهة المستقبل جبهة واحدة، و إن اختلفت القوانين الأساسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
يقول رينان:" إن الرضا الحالي، و الرغبة في العيش معا هي الإرادة في الاستمرار، و إبراز قيمة الميراث الذي ورثناه." بينما تكون العلاقات التي تربط الأفراد في الدولة علاقات قانونية مادية، يستمدونها من القوانين الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الواحدة. لذلك فالأمة يمكن أن تضم دولا عديدة كالأمة الإسلامية، والدولة يمكن أن تضم أمم عديدة كسويسرا.
إن الدولة بخلاف الأمة تحتاج لكي تقوم، إلى وجود قانون و سلطة تسهل على تطبيقه، فهي بذلك لا تنشأ إلا إذا اخذ الأفراد القرار و عزموا على بنائها. هكذا أخذ قادة الثورة الجزائرية في 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة، قرار إنشاء الدولة الجزائرية المؤقتة، كذلك أعلن الفلسطينيون قيام الدولة الفلسطينية في 13 نوفمبر 1988 في الجزائر. بينما تتكون الأمة عفويا و تلقائيا عبر التاريخ و الأيام، وما يمر به الأفراد من محن و أحزان و انتصارات و أفراح ن وكما يقول رينان "الأمة نهاية ماضي طويل"
غير أننا إذا نظرنا في الاختلاف الذي يميز بين الدولة و الأمة، نجده اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما. فالأمة بالنسبة إلى الدولة هي الثوب الذي يقيها من العواصف و الرياح التي تهب عليها فتحميها من التمزق، خاصة حينما تكون القوانين ضعيفة و لا تؤدي دورها في لم شمل الأفراد و توحيدهم، أو حين لا يتفق الأفراد حول قانون واحد، فتكثر الخلافات.
فالكثير من الدول دخلت في حرب أهلية دامت مدة طويلة كلبنان مثلا، وذلك بسبب غياب هذا الشعور الروحي العاطفي الذي يربط بين أفراد الشعب، فانقسموا إلى مسلمين و مسيحيين. و في المقابل، ما أنقذ بلادنا الجزائر من حرب أهلية مدمرة، هو شعور الجزائريين أنهم شعب واحد، له تاريخ واحد، دين واحد، أصل واحد، مستقبل واحد بالرغم من اختلاف الرؤى السياسية.
كذلك فان للقوانين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تنتهجها الدول و السلطات دورا مهما في تقوية العلاقات الروحية بين أفراد الأمة الواحدة، إذا كان بينها اتفاق، و في إضعافها إذا كثر الخلاف بينها، الأمر الذي جعل فكرة توحيد قوانين الدول التي تكون أمة واحدة تظهر إلى الوجود للحفاظ على استمرار الأمة و بقائها.
فوحد الأوربيين قانون اقتصادي في 1957 الذي عززوه مؤخرا بتوحيد العملة، و يحاولون توحيد قانونهم السياسي ببرلمان أوربي يشمل كل أعضاء السوق الأوربية المشتركة، الأمر الذي لم تستطع الدول العربية الوصول إليه، بالرغم من جهود الجامعة العربية، و هذا يشكل طبعا خطرا على الروابط العاطفية و الأخوية التي تربط بين شعوب الأمة العربية. و ما حدث بين العراق و الكويت مثال حي على ذلك.
إن الدولة تحتاج إلى الروابط الروحية لتزيد روابطها القانونية متانة، مثلما تحتاج الأمة إلى الروابط القانونية ليستمر و جودها و يقوى. ومن الأفضل أن تكون الدولة امة واحدة لتزيد متانتها ن و الأمة دولة واحدة ليزيد تعاطف أفرادها، لان الأمة هي روح الشعب و الدولة هي جسده، و العوامل الروحية للحياة الاجتماعية لا يمكن أن تنفصل عن عواملها المادية.
الخاتمة
و أخيرا إذا كانت الأمة غير الدولة، والدولة غير الأمة فان هذا الاختلاف يبقى اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما، فكل واحد تكمل الأخرى و تكون بمثابة ركيزة لوجودها، فالدولة تقوي روابط الأمة، فتكون بمثابة جسدها، والأمة تعمل على استقرار الدولة، فتكون بمثابة روحها
ام ايمان16
2011-04-21, 15:12
مقالة ثانية
الدولة
مقدمة:
يتربع مفهوم الدولة عرش الفلسفة السياسية،لما يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا بشريا ذو خصائص تاريخية،جغرافية،لغوية،أو ثقافية مشتركة؛أو مجموعة من الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع.فان دل الاعتبار الثاني على شيء فإنما يدل على كون الدولة سيف على رقاب المواطنين وعلى هؤلاء الآخرين الامتثال والانصياع.
لكن من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟أتستمدها من الحقن أم من القوة؟ ثم كيف يكون وجود دولة ما مشروعا ؟
المحور الأول: مشروعية الدولة وغاياتها.
يعتبر ماكس فيبر أن السياسة هي مجال تدبير الشأن العام وتسييره. وما الدولة إلا تعبيرا عن علاقات الهيمنة القائمة في المجتمع،وهذه الهيمنة تقوم على المشروعية التي تتحدد في ثلاث أسس تشكل أساس الأشكال المختلفة للدولة.وهي سلطة الأمس الأزلي المتجذرة من سلطة العادات والتقاليد،ثم السلطة القائمة على المزايا الشخصية الفائقة لشخص ما،وأخيرا السلطة التي تفرض نفسها بواسطة الشرعية،بفضل الاعتقاد في صلاحية نظام مشروع وكفاءة ايجابية قائمة على قواعد حكم عقلانية.
يرى هوبز أن الدولة تنشأ ضمن تعاقد إرادي وميثاق حر بين سائر البشر ،حتى ينتقلوا من حالة الطبيعة –حرب الكل ضد الكل-إلى حالة المدنية.وبذلك ستكون غاية الدولة هي تحقيق الأمن والسلم في المجتمع.
أما سبينوزا فيرى أن الغاية من تأسيس الدولة هي تحقيق الحرية للأفراد والاعتراف بهم كذوات مسؤولة وعاقلة وقادرة على التفكير وبالتالي تمكين كل مواطن من الحفاظ على حقه الطبيعي في الوجود باعتباره وجودا حرا.
لكن هيجل فيرى أن مهمة الدولة هي أبعد من ذلك وأعمق وأسمى. فالفرد في رأيه يخضع للدولة وينصاع لقوانينها لأنها تجسد فعليا الإرادة العقلانية العامة، والوعي الجماعي القائم على الأخلاق الكونية، لأنها تدفع بالمرء للتخلص من أنانيته بحيث ينخرط ضمن الحياة الأخلاقية. فالدولة في نظره، هي أصدق تعبير عن سمو الفرد ورقيه إلى الكونية.فهي بذلك تشكل روح العالم.
المحور الثاني:طبيعة السلطة السياسية.
إن تباين المواقف الفلسفية حول مشروعية الدولة تتمخض منه إشكالات عدة حول طبيعة السلطة السياسية.فهل يمكن حصر السلطة السياسية في أجهزة الدولة أم أن السلطة قدرة مشتتة في كل المجتمع؟ وهل هي متعالية عن المجال الذي تمارس فيه،أم أنها محايثة له؟
في هذا الخضم نجد دو توكفيل الذي يرى أن الصفات الجديدة التي أصبحت تتحلى بها الدولة،في ممارستها السياسية،هي تلبية متع الأفراد ورغباتهم وتحقيق حاجياتهم اليومية.لكن هذه الامتيازات يرى أنها كانت على حساب إقصائهم من الحياة السياسية ،الأمر الذي أدى إلى تقليص الحريات وتدني الوعي السياسي لديهم ،وبالتالي تحول الأفراد إلى قطيع تابع وفاقد للإرادة.
أما مونتسكيو فقد عالج في كتابه "روح القوانين" طبيعة السلط في الدولة،إذ يصادر على ضرورة الفصل بين السلط داخل الدولة،حيث ينبغي في نظره استقلال السلطة التشريعية عن التنفيذية عن القضائية والفصل بينهما.والهدف من هذا الفصل والتقسيم هو ضمان الحرية في كنف الدولة.
وفي المقابل التصور الذي يحصر السلطة في مجموعة من المؤسسات والأجهزة،سيبلور ميشيل فوكو تصورا أصيلا للسلطة.إذ يرى أنها ليست متعالية عن المجال الذي تمارس فيه،بل هي محايثة له.إنها الاسم الذي يطلق على وضعية استراتيجية معقدة في مجتمع معين تجعل مفعول السلطة يمتد كعلاقات قوة في منحى من مناحي الجسم الاجتماعي.
المحور الثالث:الدولة بين الحق والعنف.
في هذا الصدد نجد هنري لوفيفر الذي يعتبر الوضع المفارق للدولة -وطبيعة الممارسة السياسية المتأرجحة بين الوضوح تارة وبين الغموض تارة أخرى- أصبح موضوعا للمعرفة والتفكير،خصوصا في قدرة هذه الأنظمة على قيادة الأفراد والجماعات إلى المجهول والى أوضاع غير محسوبة العواقب تصل إلى مستوى الهيمنة والدمار،وهذا ما يتبين من خلال الأنظمة الديكتاتورية وأنظمة الحزب الواحد التي صادرت الحريات ومارست كل أشكال العنف.
في حين يرتئي مكيافيللي أن الممارسة السياسية هي فن حطم البشر،إذ ستحول إلى تقنية ومهارة بل إلى خصال على الأمير أن يمتلكها إن هو أراد الحفاظ على قوة الدولة وضمان استمراريتها،ومن أجل التحكم في زمام السلطة وإخضاع الشعب بقوة السيف والإكراه.
لكن سبينوزا يقف موقفا معارضا
ام ايمان16
2011-04-21, 15:14
هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
الطريقة الجدلية
المقدمة : إدا كان الفكر هو عمل العقل الدي يحدث داخل النفس,وكانت اللغة عبارة عن أصوات ورموز خارجية يستعملها الإنسان ليتصل بغيره,فان الإنسان هو الكائن الوحيد الدي يملك القدرة على ترجمة ونقل أفكاره للآخرين,ولهدا اهتم الفلاسفة قديما وحديثا بمشكلة العلاقة بين اللغة الفكر وتناولوها وفق مداهبهم واتجاهاتهم المختلفة فهل اللغة و الفكر مفهومان متصلان وبعبارة أخرى هل يمكن الجزم باستقلالية الألفاظ عن معانيها ؟
القضية الأولى : عرض موقف الاتجاه الثنائي
يرى أنصار هده النظرية وفي مقدمتهم الفرنسي برغسون إن هناك انفصال تام بين اللغة والفكر.ويقرون بأسبقية الفكر على اللغة الآن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه,فكثيرا ما يشعر بسبيل من الخواطر والأفكار تتزاجم في نفسه.لكنه يعجز عن التعبير عنها.فاللغة عاجزة عن ابراز المعاني تامتولدة عن الفكرابرازا كاملا ويقول*برغوس(-اعتقد إننا نملك أفكاراأكثر مما نملك أصواتا) ومنه فان اللغة دوما تعيق تقدم الفكروتدور المعاني أسرع من تطور الألفاظ هي قبور المعاني ويقول فاليري (أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها)كما إن ابتكار الإنسان وسائل بديلة للتعبير عن مشاعره كالرسم والموسقىوغيرهما دليل قاطع على أن اللغة عاجزعن استيعاب فكر الإنسان
لكن الفصل المطلق بين الفكر واللغة أمر غير مقبول واقعيا لان الإنسان يشعر بأنه يفكر ويتكلم في أن واحد وعملية التفكير في الواقع لا تتم خارج إطار اللغة
القضية الثانية عرض موقف الاتجاه الأحادي
يرى أصحاب هده النظرية انه لا يوجد فرق بين اللغة والفكر.فاللغة عند جون لوك(هي علامات حسية معينة تدل على الأفكار الموجودة في الدهن)ومنه فإننا نفكر بلغتنا ونتكلم بفكرنا.وقد اثبت علماء النفس أن الطفل يتعلم اللغة والفكر في آن واحد.ويقول *دولا كروا*إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه.الألفاظ حصون المعاني.ويخلص أنصار الاتجاه الأحادي إلى نتيجة مفادها انه لا يوجد فكر بدون لغة كما لا توجد لغة بدون فكر.وان اللغة والفكر كل متكامل والعجز الدي توصف به اللغة هو عجز إيجاد الألفاظ المناسبة للفكر ويقول أرسطو(ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية).
لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر.فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التبليغ.
الخاتمة:
إن اللغة والفكر شيئان متداخلان ومتكاملان فهما وجهان لعملة واحدة ومن الصعب وضع فاصل بينهما ولهدا يقول زكي نجيب محمود:(إن الفكر هو التركيب اللفظي أو الرمزي لا أكثر ولا أقل).
لا تنسوننا بخالص دعائكم
يشعر المرء بالسعادة عندما يعيش لغيره
ام ايمان16
2011-04-21, 15:18
السؤال / فند الرأي القائل أن ( اللغة تعيق التفكير)
استقصاء بالرفع
المقدمة/ أبطال رأي يبدو سليما /يعتبر الإنسان كائن اجتماعي بالطبيعة ، يعيش وسط جماعة من الناس يتواصل معهم بواسطة أداة اكتسبها من المجتمع تسمى اللغة ،غير أن البعض يشكك في أهمية اللغة ويعتبرها عائق يعرقل حركة التفكير ، فكيف نبطل هذا الرأي ونزيل ذلك الشك ؟
عرض منطق الأطروحة/ ترى الأطروحة إن اللغة تعيق التفكير ، بمعنى إن الألفاظ التي نستعملها أثناء الكلام لا تعبر عن حقيقة ما لدينا من مشاعر ومعاني وخواطر ورغبات ، فاللغة حسب الأطروحة ليست في مستوى الفكر ،و لا تناسب بين قدرة الإنسان على الفهم وقدرته على التعبير ،لكن أرى أن منطق هذه الأطروحة غير سليم
إبطال الأطروحة / إن اللغة ليست عائق بل أداة تفكير ،والمحرك لعمليات الاستدلال ، ولا معنى للفكرة بدون الكلمة التي تعبر عنها
- لا يمكن أن نتصور شيئ ليس له اسم ، أو نفكر بلغة نجهلها
- إننا نحكم على سلامة الأفكار من خلال سلامة اللغة يقول زكي نجيب محمود" إن العبارة المستقيمة المؤسسة فكرة واضحة ذات معنى ، أما العبارة الملتوية فكرة غامضة لا معنى لها"
- دلت الأبحاث في علم النفس أن اكتساب اللغة في سن مبكرة يطور الوظائف العقلية
- الطفل يتعلم التفكير عندما يبدأ الكلام
- دلت الأبحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا Aphasie أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي
الاتجاه الواحدي يعتبر اللغة و الفكر مظهرين لعملية نفسية واحدة ، فهما متصلان كاتصال وجهي القطعة النقدية و من أنصار هذا الموقف لافيل Lavelleالذي يقول" ليست اللغة ثوب الفكر بل جسده" )
ويقول ميرلوبونتي( الفكر لا يوجد خارج العالم وبمعزل عن الكلمات)
-
نقد أنصار الأطروحة/
أنصار الأطروحة هم الحيويون أو أصحاب الاتجاه الثنائي مثل هنري برغسون الذين فصلوا الفكر عن اللغة ، واعتبروا اللغة عائق كما يتضح في قول برغسون (ان اللغة عاجزة عن وصف المعطيات المباشرة للحدس وصفا حيا ) بحجة أن القول مهما بدى جميلا لا يرقى الى مستوى الشعور لذلك يلجأ البعض إلى استعمال وسائل بديلة كالرسم و الموسيقى. و الكلمات تأتي غير متوافقة ومتأخرة ففي ذروة الألم كما يقولون لا نملكغير الصياح فقط، ولا نتكلم عن الألم لنصفه،. وهذا يعني أن الأحاسيس المرهفة والمشاعر الجياشة تتجاوز حدود اللغة لكن هذا الموقف غير سليم ولا يعكس الحقيقة
النقد/ فإذا كان التفكير ذاته هو حوار يجريه الإنسان مع نفسه ، فهذا دليل على أن حركته مرهونة بوجود اللغة ، و أن لا أسبقية بينهما ، ثم أن مشكلة العجز عن التعبير ليست مطروحة عند جميع الناس. فالبعض يحسن التعبير ، والبعض الآخر يعجز لافتقاره الرصيد اللغوي .فالمشكلة اذن لا تتعلق بطبيعة اللغة ، وإنما بطبيعة المتحدث.
الخاتمة/ التأكيد على مشروعية الإبطال /
يتضح مما سبق أن الإنسان لا يستطيع أن يفكر بدون لغة ، والكلمة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح وصدق من قال ( الألفاظ حصون المعاني ) ومنه نحكم على الأطروحة القائلة ( اللغة تعيق التفكير ) بأنها باطلة و لا يمكن تبنيهـــــــا
ام ايمان16
2011-04-21, 15:19
السؤال / فند الرأي القائل أن ( اللغة تعيق التفكير)
استقصاء بالرفع
المقدمة/ أبطال رأي يبدو سليما /يعتبر الإنسان كائن اجتماعي بالطبيعة ، يعيش وسط جماعة من الناس يتواصل معهم بواسطة أداة اكتسبها من المجتمع تسمى اللغة ،غير أن البعض يشكك في أهمية اللغة ويعتبرها عائق يعرقل حركة التفكير ، فكيف نبطل هذا الرأي ونزيل ذلك الشك ؟
عرض منطق الأطروحة/ ترى الأطروحة إن اللغة تعيق التفكير ، بمعنى إن الألفاظ التي نستعملها أثناء الكلام لا تعبر عن حقيقة ما لدينا من مشاعر ومعاني وخواطر ورغبات ، فاللغة حسب الأطروحة ليست في مستوى الفكر ،و لا تناسب بين قدرة الإنسان على الفهم وقدرته على التعبير ،لكن أرى أن منطق هذه الأطروحة غير سليم
إبطال الأطروحة / إن اللغة ليست عائق بل أداة تفكير ،والمحرك لعمليات الاستدلال ، ولا معنى للفكرة بدون الكلمة التي تعبر عنها
- لا يمكن أن نتصور شيئ ليس له اسم ، أو نفكر بلغة نجهلها
- إننا نحكم على سلامة الأفكار من خلال سلامة اللغة يقول زكي نجيب محمود" إن العبارة المستقيمة المؤسسة فكرة واضحة ذات معنى ، أما العبارة الملتوية فكرة غامضة لا معنى لها"
- دلت الأبحاث في علم النفس أن اكتساب اللغة في سن مبكرة يطور الوظائف العقلية
- الطفل يتعلم التفكير عندما يبدأ الكلام
- دلت الأبحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا Aphasie أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي
الاتجاه الواحدي يعتبر اللغة و الفكر مظهرين لعملية نفسية واحدة ، فهما متصلان كاتصال وجهي القطعة النقدية و من أنصار هذا الموقف لافيل Lavelleالذي يقول" ليست اللغة ثوب الفكر بل جسده" )
ويقول ميرلوبونتي( الفكر لا يوجد خارج العالم وبمعزل عن الكلمات)
-
نقد أنصار الأطروحة/
أنصار الأطروحة هم الحيويون أو أصحاب الاتجاه الثنائي مثل هنري برغسون الذين فصلوا الفكر عن اللغة ، واعتبروا اللغة عائق كما يتضح في قول برغسون (ان اللغة عاجزة عن وصف المعطيات المباشرة للحدس وصفا حيا ) بحجة أن القول مهما بدى جميلا لا يرقى الى مستوى الشعور لذلك يلجأ البعض إلى استعمال وسائل بديلة كالرسم و الموسيقى. و الكلمات تأتي غير متوافقة ومتأخرة ففي ذروة الألم كما يقولون لا نملكغير الصياح فقط، ولا نتكلم عن الألم لنصفه،. وهذا يعني أن الأحاسيس المرهفة والمشاعر الجياشة تتجاوز حدود اللغة لكن هذا الموقف غير سليم ولا يعكس الحقيقة
النقد/ فإذا كان التفكير ذاته هو حوار يجريه الإنسان مع نفسه ، فهذا دليل على أن حركته مرهونة بوجود اللغة ، و أن لا أسبقية بينهما ، ثم أن مشكلة العجز عن التعبير ليست مطروحة عند جميع الناس. فالبعض يحسن التعبير ، والبعض الآخر يعجز لافتقاره الرصيد اللغوي .فالمشكلة اذن لا تتعلق بطبيعة اللغة ، وإنما بطبيعة المتحدث.
الخاتمة/ التأكيد على مشروعية الإبطال /
يتضح مما سبق أن الإنسان لا يستطيع أن يفكر بدون لغة ، والكلمة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح وصدق من قال ( الألفاظ حصون المعاني ) ومنه نحكم على الأطروحة القائلة ( اللغة تعيق التفكير ) بأنها باطلة و لا يمكن تبنيهـــــــا
ام ايمان16
2011-04-21, 15:22
مقالة عن المشكلة و الاشكالية
بسم الله
يعتبر التفكيرالفلسفي من أقدم وأعرق أنماط التفكير الإنساني منذ أن ارتبط بوجوده حيث حاول منخلاله تفسير مختلف الظواهر الطبيعية المحيطة به وبشكل أدق حاول فهم الوجود الماديالدي يحيا فيه وفهم ذاته ومايجري فيها معتمدا في ذلك على طرح مجموعة من الأسئلة وهوما يعرف بالتفلسف وبهذا يعكس السؤال أهم خصوصية يتميز بها التفكير الفلسفي والذي فيكثير من الأحيان مايتحول لإلى مشكلة .وانطلاقا من هذا طرحت إشكلية العلافة بينالمشكلة والإشكالية والتي يمكن صياغتها على النحو التالي :ماوجه العلاقة بينالمشكلة والإشكالية ؟
-إن كل من المشكلة والإشكالية يكون مسبوقا بدافع قديكون هذا الدافع فضولا أوشعوراالمرء بالجهل كما أن كليهما يسعى للوصول إلى إجابةيحاول من خلالها فك الإبهام والكشف عن الغموض .بالإضافة الى أن كلاهما يرتبطبالإثارة والحيرة والقلق والدهشة لكي يخلقان إرتباكا في نفس السائل .فضلا عن ذاكفإن كلاهما يطرح قضايا فكرية تتجاوز الحسيات والتوجه أو التطلع نحو العقلاني فهمالا يهتمان فقط بالظواهر الجزئية الحسية بل أيضا بدراسة الكليات المجردة وخاصةالموضوعات الميتافيزيقية .
ولكن هذا لا يمنع وجود نقاط إختلاف بينهما .
من خلال الوقوف على حقيقة كل من المشكلة والإشكالية نلمس أن أهم وجه فرقبينهما يكمن في كون أن الإشكالية تترامى حدودها وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلاتالجزئية .أمّا المشكلة فمجال بحثها في الفلسفة أقل إتساعا من الإشكالية حتى أننانضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية ثم نفصلالسؤال الجوهري هذا الى عدد من الأسئلة الجزئية تقوم مقام المشكلات .وإذا كان مصدرإشتقاقهما واحد فإن الإستعمال المريح يفصل بينهما فصل الكل عن أجزائه وهذافضلا عنأن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا وتشوشا منطقيا والباحث فيهالايقتنع بحل أوبأطروحة أ, بجملة من الأطروحات ويبقى مجال حلها مفتوحا .إذن فالإشكالية أوسع منالمشكلة فهي تحتضن مجموعة من المشكلات وإذا حددنا موضوع الإشكالية عرفنا المشكلاتالتي تتبعها كما تتتبع الأجزاء الكل .وعلى هذا الأساس نستعمل الإشكالية باعتبارهاالمعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاج فهي بمثابة المصدر الذي لاينقضي وفيمقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الإقتراب منالإشكالية .
لكن وجود نقاط الإختلاف هذه لا تمنع وجود نقاط تداخل وتكاملبينهما
حيث أنّ الحديث عن الخلاف بين المشكلة والإشكالية كالحديث عن الخلاف بينالصبي والرجل أي رغم أنه ليس كل مشكلة إشكالية وليس كل إشكالية مشكلة إلاأن هذالايمنع من القول أن الإشكالية والمشكلة تشخّص كلتاهما على أساس ما تخلفه هاته أوتلك من آثارواضطراب في الإنسان فإذا كان هذا الإضطراب إحراجا كانت القضية المطروحةإشكالية وإذا كان هذا الإضطراب دهشة كانت القضية مشكلة وكان الفرق بينهما كالفرقبين الإحراج والدهشة .
إنطلاقا مما تقدم نستطيع القول أن المشكلة والإشكاليةيختلفان في بعض النقاط ولكن هذا لايمنع من تداخلهما وتكاملهما فالمشكلة قد تتحولإلى إشكالية إذا تفرعت منها مشكلات جزئية وتبقى المشكلة أقل إتساعا منالإشكالية
ام ايمان16
2011-04-21, 15:24
الشعور واللاشعور [ مقالة جدلية ] .
هل القول باللاشعور يحمل تناقضا متنكرا؟ - هل يعي الإنسان دوما أسباب سلوكه؟ - هل يمكن اعتبار الأحوال النفسية أحوالا لاشعورية فحسب؟ - هل كل ماهو نفسي شعوري؟
المقدمة: تتألف الذات الإنسانية من حيث هي مركب متفاعل مع مجموعة من الجوانب العضوية والنفسية والاجتماعية, والواقع أن هذه النفس بما تحتويه من أفعال وأحوال شغلت ولازالت تشغل حيزا كبيرا من التفكير الفلسفي وعلم النفس في محاولة لتحديد ماهيتها وكذا الأسباب والدوافع التي تقف وراء هذه الأفعال والأحوال. فإذا كانت التجربة اليومية تؤكد أننا على علم بجانب كبير من سلوكنا فالمشكلة المطروحة: هل يمكن أن نسلم بوجود حالات لا نعيها دون أن نقع في تناقض؟
//الرأي الأول(الأطروحة): يرى التقليديون أن علم النفس هو علم الشعور الذي يجب اعتماده كأساس لدراسة أي حالة نفسية, وإن ماهو نفسي مساوي لما هو شعوري, فالإنسان يعرف كل ما يجري في حياته النفسية ويعرف دواعي سلوكه وأسبابه. يمثل هذه النظرية الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت حيث قال " تستطيع الروح تأمل أشياء خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية " . وانطلاقا من هذا الطرح فإن الحياة النفسية مساوية للحياة الشعورية فنحن ندرك بهذا المعنى كل دواعي سلوكنا. إن أنصار هذه النظرية يذهبون إلى حد إنكار وجود حالات غير شعورية للتأكيد على فكرة أن الشعور أساس للأحوال النفسية وحجتهم في ذلك أن القول بوجود حالات غير شعورية قول يتناقض مع وجود النفس أو العقل القائم على إدراكه لذاته, ويرى برغسون أن الشعور يتسع باتساع الحياة النفسية. وذهب زعيم المدرسة الوجودية جون بول سارتر إلى أن " الوجود أسبق من الماهية " لأن الإنسان عبارة عن مشروع وهو يمتلك كامل الحرية في تجسيده ومن ثمة الشعور بما يريد, وهذا ما تجسده مقولته " إن السلوك يجري دائما في مجرى شعوري " . ومن الذين رفضوا وجود حياة لاشعورية ودافعوا بقوة عن فكرة الشعور الطبيب العقلي النمساوي ستكال حيث قال " لا أؤمن إلا بالشعور, لقد آمنت في مرحلتي الأولى ولكنني بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت أن كل الأفكار المكبوتة يشعر بها المريض لكن يتم تجاهلها لأن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقة " وألحّت الباحثة كارن هورني أنه من الضروري أن نعتبر الأنا أي الشعور هو مفتاح فهم الشخصية وليس الشعور.
النقد: إذا كان الشعور يفسر كثيرا من الظواهر النفسية والسلوكية إلا أن هناك بعض التصرفات غير الواعية التي يقوم بها الإنسان دون أن يشعر بها كالأحلام وفلتات اللسان.
//الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ذهب أنصار هذا الطرح إلى الدفاع عن فكرة اللاشعور بل واعتبارها مفتاح فهم الشخصية والأسلوب الأمثل لعلاج الكثير من الأمراض, حيث أشار بعض فلاسفة العصر الحديث إلى وجود حياة نفسية لا شعورية ومنهم لايبندز و شوبنهاور إلى أن براهينهم كانت عقلية يغلب عليها الطابع الفلسفي الميتافيزيقي،وازدهرت الدراسات التجريبية في اكتشاف اللاشعور النفسي واثبات وجوده في النصف الثاني من القرن الـ 18 على يد بعض الأطباء, ويعود الفضل في البرهنة تجريبيا على هذا الجانب إلى علماء الأعصاب الذين كانوا بصدد معالجة أعراض مرض الهستيريا من أمثال بروير وشاركو ففريق رأى أن هذه الأعراض نفسية تعود إلى خلل في المخ وفريق آخر رأى أن هذه الأعراض نفسية فلا بد إذا أن يكون سببها نفسي وهذا ما أشار إليه بيرنهايم ، وكانت طريقة العلاج المتبعة هي إعطاء المريض أدوية أو تنويمه مغناطيسيا, ومع ذلك كانت هذه الطريقة محدودة النتائج, واستمر الحال إلى أن ظهر سيغموند فرويد الطبيب النمساوي والذي ارتبط اسمه بفكرة اللاشعور والتحليل النفسي, رأى فرويد أن الأحلام وزلات اللسان وهذه الأفكار التي لا نعرف في بعض الأحيان مصدرها لا تتمتع بشهادة الشعور فلا بد من ربطها باللاشعور, وفي اعتقاده أن فرض اللاشعور لإدراك معنى فلتات اللسان وزلات القلم والنسيان المؤقت لأسماء بعض الأشخاص والمواعيد, قال فرويد " إن تجربتنا اليومية الشخصية تواجهنا بأفكار تأتينا دون أن نعي مصدرها ونتائج فكرية لا نعرف كيف تم إعدادها " , فالدوافع اللاشعورية المكبوتة والتي تعود على ماضي الشخص هي سبب هذه الهفوات ومن أمثلة ذلك ما رواه فرويد عن فلتات اللسان عند افتتاح مجلس نيابي الجلسة بقوله " أيها السادة أتشرف بأن أعلن عن رفع الجلسة " , ومنه تبين له أن أعراض العصاب كالهستيريا والخوف تعود لرغبات مكبوتة في اللاشعور ومن الذين دافعوا عن وجود حياة لاشعورية عالم النفس آدلر صاحب فكرة الشعور بالنقص ورأى كارل يونغ أن محتوى الشعور لا يشتمل على الجانب الجنسي أو الأزمات التي يعيشها الفرد أثناء الطفولة بل يمتد إلى جميع الأزمات التي عاشتها البشرية جمعاء.
النقد: إذا كانت الأعراض لا نجد لها تفسيرا في الحياة الشعورية فهذا لا يدل على سيطرة الحياة اللاشعورية على حياة الإنسان.
التركيب: إن التحليل النفسي لظاهرة الشعور اللاشعور يجب أن يرتكز على منطلقات تاريخية ومنطقية, فالنفس البشرية درسها الفلاسفة وركز عليها أنصار اللاشعور ويهتم بها في عصرنا أنصار المدرسة السلوكية, قال ودورت " علم النفس عند أول ظهوره زهقت روحه ثم خرج عقله ثم زال الشعور وبقي المظهر الخارجي وهو السلوك" ومن هذا المنطلق لا يمكن إهمال الشعور ولا يمكن التنكر للاشعور لأنه حقيقة علمية وواقعية دون المبالغة في تحديد دوره, فالسلوك الإنساني محصلة لعوامل شعورية ولاشعورية.
الخاتمة: ومجمل القول أن دراسة النفس الإنسانية قسم من أقسام الفلسفة القديمة حيث حاول الفلاسفة فهم حقيقة الروح وعلاقتها بالجسد, وفي العصر الحديث ظهرت إشكالات جديدة أهمها الشعور واللاشعور, وهي إشكالية حاولنا بحثها في هذه المقالة من خلال التطرق إلى نظرتين متناقضتين النظرية التقليدية التي اعتبرت الشعور أساس الأحوال الشخصية, ونظرية التحليل النفسي التي ركزت على اللاشعور, ومن كل ما سبق نستنتج: الحياة النفسية يمتزج فيها الشعور باللاشعور ولا يمكن التنكر لأحدهما .
ام ايمان16
2011-04-21, 15:26
الحتمية و اللاحتمية
الأسئلة: هل الحتمية مبدأ مطلق؟-هل يكفي أن نعرف الحتمية حتى نتحكم في الطبيعة؟-هل اليقين يسود جميع الظواهر الطبيعية؟-هل القوانين العلمية نسبية أم مطلقة؟-هل تتكرر حوادث المستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها في الحاضر؟-هل التنبؤ ممكن في العلم- المقدمة:تنطلق الدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيث تحرك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال ملاحظات وفرضيات والتي تنقلب بـالبرهنة إلى قوانين علمية برهانية فإذا علمنا أنّ الحتمية تدافع عن القوانين المطلقة وكذا التنبؤ, واللاحتمية تؤمن بالتفسير النسبي والاحتمالي فالمشكلة المطروحة:هل تخضع الظواهر الطبيعية لمبدأ الحتمية أم اللاحتمية؟/الرأي الأول(الأطروحة):ترى هذه الأطروحة أن شرط قيام المعرفة العلمية هو الإيمان بالحتمية أي الظواهر الكونية محكوكة بعلاقة النسبية بحيث {إذا تكررت نفس الأسباب تحدث دوما نفس النتائج} فلا مجال في الطبيعة للصدفة والتلقائية والاحتمال هذا ما عبّر عنه "غوبلو" قائلا{الكون متّسق تجري حوادثه وفق نظام ثابت, إنّ النظام الكوني كلي وعام} مما يستلزم أن القوانين العلمية صادقة صدقا مطلقا لأن اليقين يسود جميع الظواهر الطبيعية بحيث تتكرر حوادث المستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها في الحاضر مما يسمح بالتنبؤ. ترتبط هذه الأطروحة بفيزياء "نيوتن" الذي شبّه الكون بالساعة في الدقة والآلية وهو يعتقد أن تفسير الكون يخضع لمبادئ ذكر منها لكل فعل ردّ فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه والتنبؤ يستند إلى القاعدة القائلة {إذا علمنا موقع جسم وسرعته وطبيعة حركته أمكننا التنبؤ بمساره}, ومن الأمثلة التي تبرهن على وجود الحتمية أن التيار الكهربائي يسبب انحراف الإبرة المغناطيسية وارتفاع درجة الماء فوق 100o يحدث التبخّر. وسرعان ما انتقل مفهوم الحتمية من مجال الفيزياء إلى مجال علم الفلك ويظهر ذلك عند"لابلاس" الذي قال في كتابه [نظرية في الاحتمالات] {الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالاته السابقة وسببا لحالته اللاحقة} ولو استطاع العقل الإحاطة بمواقع الأجسام وطبيعة حركتها لأصبح علمه أكيدًا ويقينيا فالحتمية مبدأ مطلق.نقد(مناقشة):هذه الأطروحة تتجاهل أن العلم الحديث أثبت بالبرهان أن الظواهر المتناهية في الصغر لا تخضع لمبدأ الحتمية./الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ترى هذه النظرية (اللاحتمية) أنه لا وجود لنظرية علمية نهائية ومطلقة أي العلاقات بين الظواهر الطبيعية ليست دقيقة وصارمة مما يستلزم أن القوانين العلمية نسبية واحتمالية وهذا ا ذهب إليه"جون كميني" في كتابه [الفيلسوف والعلم] {إن كثيرًا مما نطلق عليه اسم القوانين العلمية هو أنه صحيح بشكل تقريبي أو خطأ في كثير من الأحيان} ترتبط هذه الأطروحة بالقرن الـ20 الذي شهد مولد النظرية النسبية لـ"آنشتاين" وكذا بحوث علماء الذرّة ومنهم "هاينبرج" الذي رأى من خلال مبدأ الارتياب أنه لا يمكن حساب موقع وسرعة الإلكترون بدقة وفي آن واحد, وهذه الحقيقة عبّر عنها "لويس دوبري" في كتابه [المتصل والمنفصل] قائلا {حين نريد في المجال الذري أن نحصر حالة الأشياء الراهنة حتى نتمكن من الإخبار عن الظواهر المستقبلية بدقّة أشدّ خسرنا بعض المعطيات الضرورية}. ومن الأمثلة التي تؤكد نسبية العلم أن انشطار ذرة الراديوم لا يخضع لقاعدة ثابتة كما أن الذرة تصدر طاقة في شكل صدمات غير منتظمة يصعب معها التنبؤ الدقيق. وكما قال "دبراك" {لا يمكن التنبؤ إلا على هيئة ما يسمى حساب الاحتمالات} وهو نظام إحصائي يعتمد علة قواعد رياضية. إن الظواهر الكونية تخضع لمبدأ اللاحتمية.نقد(مناقشة):إن هذه الأطروحة تجاهل أن عدم الوصول إلى قوانين دقيقة إنما يرتبط بضعف الوسائل المستعملة./التركيب: تشكل الحتمية التقليدية صورة ميتافيزيقية متطرفة تتعارض مع الروح العلمية وكما قال "آدنجتون" {الإيمان بوجود علاقات دقيقة صارمة في الطبيعة هو نتيجة للطابع الساذج الذي تتصف به معرفتنا للكون} والسبب في ذلك ما تنطوي عليه أدوات العلم من أشكال النقض وهذا واضح في بحوث الذرة التي حطمت التصوّر للكون. وعلى حدّ تعبير "لانجفان" {إن نظريات الذرة في الفيزياء الحديثة لا تهدم مبدأ الحتمية وإنما تهدم فكرة القوانين الصارمة} فالنسبية هي أساس العلم, هذه النظرية العقلانية الجديدة عبّر عنها "برتراند راسل" في كتابه [المعرفة حدودها ومداها] بمصطلح الحتمية المعتدلة وهو مبدأ ينسجم مع البحوث العلمية المعاصرة عبّر عنه أصدق تعبير "جيمس جونز" {إذا نظرت إلى النظرية النموذجية لماكسويل تلمس الحتمية بوضوح أما إذا نظرنا إلى بحوث الذرة فلا تجد الحتمية}- الخاتمة:ومجمل القول أن التفكير العلمي تفكير عقلاني وتجريبي في آن واحد يهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية من خلال ضبط القوانين والنظريات غير أن المعرفة العلمية وحدودها طرحت إشكالات كثيرة أهمها إشكالية الحتمية واللاحتمية وهي ترتبط بموقفين متناقضين أحدهما يدافع عن القوانين المطلقة وفكرة التنبؤ والآخر يدافع عن المفهوم النسبي والاحتمال في العلم, ومن خلال المقارنة الفلسفية التي قمنا بها نستنتج:تخضع الظواهر الطبيعية لمبدأ الحتمية واللاحتمية في آن واحد بحسب تقد وسائل البحث العلمي ومناهجه
بالتوفيق للجميع
ام ايمان16
2011-04-21, 15:27
هل أصل المفاهيم الرياضية تعود إلى العقل أم إلىالتجربة
السؤال إذا كنت أمام موقفين يقول متعارضين يقول احدهما أن المفاهيمالرياضية في أصلها الأول صادرة عن العقل ويقول ثانيهما أنها صادرة عن التجربة معالعلم أن كليهما صحيح في سياقه ونسقه وطلب منك الفصل في الأمر لتصل إلى المصدرالحقيقي للمفاهيم الرياضية فما عساك أن تفعل؟
طرح المشكل
منذ أن كتب أفلاطونعلى باب أكاديميته من لم يكن رياضيا لا يطرق بابنا. والرياضيات تحتل المكانة الأولىبين مختلف العلوم وقد ظهرت الرياضيات كعلم منذ القدم لدى اليونانيين.وهي تدرس الكمبنوعيه المتصل والمنفصل وتعتمد على مجموعة من المفاهيم .وإذا كان لكل شيء أصل .ولكلعلم مصدر فما أصل الرياضيات وما مصدر مفاهيمها ؟فهل ترتد كلها إلى العقل الصرفالخالص, أم إلى مدركاتنا الحسية والى ما ينطبع في أذهاننا من صور استخلصناها منالعالم الخارجي ؟ وبعبارة أخرى هل الرياضيات مستخلصة في أصلها البعيد من العقل أممن التجربة؟
عرض الأطروحة الأولى
أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى العقل
يرى العقليون أن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى المبادئ الفطرية التي ولدالإنسان مزودا بها وهي سابقة عن التجربة لان العقل بطبيعته ,يتوفر على مبادئ وأفكارفطرية .وكل ما يصدر عن هذا العقل من أحكام وقضايا ومفاهيم ,تعتبر كلية وضروريةومطلقة وتتميز بالبداهة والوضوح والثبات ومن ابرز دعاة هذا الرأي نجد اليونانيأفلاطون الذي يرى أن المفاهيم الرياضية كالخط المستقيم والدائرة .واللانهائيوالأكبر والأصغر ......هي مفاهيم أولية نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا لان العقلبحسبه كان يحيا في عالم المثل وكان على علم بسائر الحقائق .ومنها المعطيات الرياضيةالتي هي أزلية وثابتة , لكنه لما فارق هذا العالم نسي أفكاره ,وكان عليه أن يتذكرها .وان يدركها بالذهن وحده . ويرى الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن المعاني الرياضية منأشكال وأعداد هي أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية وما يلقيه الله فينا منأفكار لا يعتريه الخطأ ولما كان العقل هو اعدل قسمة بين الناس فإنهم يشتركون جميعافي العمليات العقلية حيث يقيمون عليه استنتاجاتهم ويرى الفيلسوف الألماني "كانط" إنالزمان والمكان مفهومان مجردان وليس مشتقين من الإحساسات أو مستمدين من التجربة ,بلهما الدعامة الأولى لكل معرفة حسية
نقد الأطروحة الأولى
لا يمكنناأن نتقبل أن جميع المفاهيم الرياضية هي مفاهيم عقلية لان الكثير من المفاهيمالرياضية لها ما يقابلها في عالم الحس.وتاريخ العلم يدل على أن الرياضيات وقبل أنتصبح علما عقليا ,قطعت مراحل كلها تجريبية .فالهندسة سبقت الحساب والجبر لأنها اقربللتجربة
عرض الأطروحة الثانية أصل المفاهيم الرياضية هي التجربة
يرى التجريبيون من أمثال هيوم ولوك وميل أن المفاهيم والمبادئ الرياضية مثلجميع معارفنا تنشا من التجربة ولا يمكن التسليم بأفكار فطرية عقلية لان النفسالبشرية تولد صفحة بيضاء .فالواقع الحسي أو التجريبي هو المصدر اليقيني للتجربة.وانكل معرفة عقلية هي صدى لادراكاتنا الحسية عن هذا الواقع .وفي هذا السياق يقولون (لايوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة )ويقولون ايضا (ان القضاياالرياضية التي هي من الأفكار المركبة ,ليست سوى مدركات بسيطة هي عبارة عن تعميماتمصدرها التجربة )ويقول دافيد هيوم ( كل ما اعرفه قد استمدته من التجربة) ففكرةالدائرة جاءت من رؤية الإنسان للشمس والقرص جاءت كنتيجة مشاهدة الإنسان للقمر. والاحتمالات جاءت كنتيجة لبعض الألعاب التي كان يمارسها الإنسان الأول .وقد استعانالإنسان عبر التاريخ عند العد بالحصى وبالعيدان وبأصابع اليدين والرجلين وغيرها ,والمفاهيم الرياضية بالنسبة إلى الأطفال والبدائيين .لا تفارق مجال الإدراك الحسيلديهم ,وان ما يوجد في أذهانهم وأذهان غيرهم من معان رياضية ما هي إلا مجرد نسخجزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية.
نقد الأطروحة الثانية
لا يمكننا أن نسلم أن المفاهيم الرياضية هي مفاهيم تجريبية فقط لأننا لا يمكنناأن ننكر الأفكار الفطرية التي يولد الإنسان مزود بها.وإذا كانت المفاهيم الرياضيةأصلها حسي محض لاشترك فيها الإنسان مع الحيوان
.
التركــــــــــــــــــيب
إن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى الترابط والتلازم الموجود بين التجربةوالعقل فلا وجود لعالم مثالي للمعاني الرياضية في غياب العالم الخارجي ولا وجودللأشياء المحسوسة في غياب الوعي الإنساني .والحقيقة أن المعاني الرياضية لم تنشأدفعة واحدة ,وان فعل التجريد أوجدته عوامل حسية وأخرى ذهنية
الخاتمة
إن تعارض القولين لا يؤدي بالضرورة إلى رفعهما لان كلامنهما صحيح في سياقه , ويبقى أصل المفاهيم الرياضية هو ذلك التداخل والتكاملالموجود بين العقل والتجربة .ولهذا يقول العالم الرياضي السويسري غونزيث (في كلبناء تجريدي ,يوجد راسب حدسي يستحيل محوه وإزالته .وليست هناك معرفة تجريبية خالصة ,ولا معرفة عقلية خالصة.بل كل ما هناك أن أحد الجانبين العقلي والتجريبي قد يطغىعلى الآخر ,دون أن يلغيه تماما ويقول" هيجل" "كل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعيعقلي"
التوقيع
ام ايمان16
2011-04-21, 15:29
مقالة جدلية حول الإبداع
المقدمة:طرح الإشكالية : يتميز الإنسان بقدرته على التفكير والذي يتجلى في سلسلة من العمليات العقلية ابتداء من التصورات ووصولا إلى بناء الاستدلالات ويعتبر التخيل من أرقى أنواع التفكير فإذا كنا أمام موقفين متعارضين يقول أولهما <إن الإبداع ظاهرة نفسية فردية > ويقول ثانيهما < إن الإبداع من طبيعة اجتماعية > مع العلم كليهما صحيح في سياقه فإنه يحق لنا أن نتساءل : هل الإبداع ظاهرة نفسية أم اجتماعية ؟
التحليل عرض الأطروحة الأولى : ترى هذه الأطروحة أن الإبداع يعود إلى تأثير العوامل الذاتية بصورة عامة والشروط النفسية بصورة خاصة فالإبداع ظاهرة سيكولوجية معقدة تساهم في بناء قدرات ذاتية عقلية مختلفة كالتخيل الخصب والحدس الإبداعي لذلك قال نيوتن < إنني اجعل موضوع بحثي نصب دائما وانتظر الومضة الأولى التي تظهر بهدوء ثم تتحول بالتدرج إلى شعاع شديد الوضوح ..إن البحث عن حقيقة ما غالبا ما يكشف لي عن حقائق أخرى غيرها دون أن أفكر فيها على الإطلاق > وفي نفس الإطار رأى الفيلسوف الفرنسي بركسون أن العلماء الذين يتخيلون الفروض العلمية لا يبدعون في حالة جمود الدم وإنما الانفعال في نظره هو مصدر الإبداع والفن وهذا واضح في قوله : < إن العمل العبقري ينشا عادة من انفعال نفسي فريد من نوعه وهو سعى جاهدا للتعبير عن نفسه > أما المدرسة اللاشعورية < أو مدرسة التحليل النفسي > فترى أن الفرد يلجا بطريقة لاشعورية إلى الحيل أو مكانيزمات دفاعية ليخفف من حدة التوتر والصراع النفسي الذي يعاني منه ومن بين هذه الحيل نجد الإعلاء أو التصعيد وهو عبارة عن ميكانيزم لاشعوري بموجبه يفرغ الفرد مكبوتا ته في أعمال سامية ونبيلة يرضي عنها المجتمع ومن ثمة يعتبر فرويد الإبداع مجرد إعلاء للمكبوت الجنسي وترى هذه الأطروحة أن الإبداع ظاهرة سيكولوجية وراثية تنتقل من جيل إلى أخر مستدلين في ذلك بعائلة الموسيقار باخ التي انجبت حوالي 57مويسقيا لايقلون شهرة عن بعضهم البعض
النقد:هذه الأطروحة ركزت على العوامل الذاتية لكن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وهذا يدل على تدخل العوامل الموضوعية .
عرض الأطروحة الثانية :ترى هذه الأطروحة أن الإبداع يعود إلى تأثير العوامل الموضوعية بصورة عامة والشروط الإجتماعية بصورة خاصة أي العمل الإبداعي عمل يرتبط ارتباطا عضويا بالمحيط الإحتماعي والثقافي, فالتنشئة الإجتماعية تعمل على تذهيب الذوق و جعل العمل الإبداعي ممكنا ,وحجتهم في ذلك اختلاف الإبداع ,بالاختلاف المجتمعات ,حيث أصر واطسون على أن التربية والبيئة الثقافية هما المؤثران الوحيدان في قدرة المرء على الإبداع , ويشرح ذلك بقوله (( أعطيتني أثنى عشر طفلا سالمي الجملة العصبية مع ظروف بيئة مناسبة لأؤكد لك أنهم قادرون بمحض إرادتهم على تحقيق طموحهم , وستجد فيهم الطبيب والمحامي والفنان والتاجر والقائد وحتى اللص والمتسول ,وذلك بغض النظر عن ميولهم واستعدادهم الفطرية أو مورثاتهم )) فالإبداع بجميع مجالاته ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تتميز بأنها تهيئ الفرصة والتربية المناسبة لأبنائها للتجريب دون خوف او تردد وتسمح بمزيد من الاحتكاك الثقافي والأخذ والعطاء بين الثقافات المختلفة وتقدم نماذج مبدعة من أبنائها من الأجيال السابقة كنماذج يقتدي بها .وفي ذلك يقول دوركايم ( إنما يعبر المخترع عن الاتجاهات الموجودة في مجتمعه )
النقد : لوكان المجتمع هو المسؤول عن الإبداع لكان كل أفراد المجتمع مبدعين لكن الواقع يثبت عكس ذلك
التركيب : يعتبر مفهوم الإبداع من أكثر مفاهيم علم النفس والتربية تعقيدا انه أشبه باللغز المحير ومع ذلك ظلت محاولة البحث عن عوامل الإبداع تراود الكثير من العلماء واستقر رأي الأغلبية منهم على حل توفيقي أي الإبداع مزيج من قدرات شخصية وبيئية مناسبة ومثل ذلك كمثل البذرة والتربية وهذا واضح فيما يسمى المعجزة اليابانية هذا التكامل والتفاعل عبر عنه احد العلماء ريبو بقوله (مهما كان الإبداع فرديا فانه يحتوي على نصيب اجتماعي)
الخاتمة : وملخص المقالة أن التخيل ملكة من إنشاء وتركيب صورة واقعية ولا موجودة وهذا هو الإبداع وقد تبين لنا أصل الإشكالية يتمحور حول عوامل الإبداع ولقد تضاربت أراء الفلاسفة والعلماء وتعددت بتعدد أفكارهم واختلاف حججهم فهناك من ارجع الإبداع إلي شخصية المبدع وهم أنصار العوامل الذاتية وهناك من حصر الإبداع في دائرة المجتمع وكمخرج للمشكلة نستنتج : الإبداع محصلة لعوامل نفسية وشروط اجتماعية متفاعلة
ام ايمان16
2011-04-21, 15:30
الموضوع : هل قيمنا الخلقية تقاس بما تحققه من منافع؟
طرح المشكلة : يعتبر علم الأخلاق من العلوم المعيارية لا تقتصر على دراسة ماهو كائن أو الأوضاع الراهنة ولكن بما ينبغي أن يكون عليه, ولذا فان مهمته هي وضع الشروط التي يجب توافرها في الإرادة الإنسانية و في الأفعال لكي تصبح موضوعا لأحكامنا الخلقية.غير أن هذه الأحكام اختلفت فيها وجهات النظر حول مصدرها فهناك من أرجعها الى العقل وهناك من رأى بخلاف ذلك .وبالتالي نطرح السؤال هل تقاس القيم الأخلاقية بما تحققه من نتائج؟ أي هل يمكن أن نربط الفعل الخلقي بما ينتج عنه من منفعة؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى:إن الفعل الخلقي يقاس بنتائجه وما يقدمه من منفعة و يمثل هذا الاتجاه النفعي أنصار اللذة و المنفعة ابيقور و جرمي بنتام.
البرهنة: فاللذة و المنفعة هي الخير الأقصى و إن الألم و المضرة هما الشر الأقصى و حجتهم في ذلك انه إذا عجز الإنسان عن تحقيق اللذة تألم وإذا تألم كان شقيا و العكس صحيح. فقد ذهب الفيلسوف اليوناني ارستيب إلى أن اللذة هي صوت الطبيعة و أن الغريزة هي المحرك الأول لأفعال الإنسان وجعل معيار اللذة و الألم هي معيار القياس لخيرية الأفعال و شريتها .وجاء بعده ابيقور و اتفق مع سلفه من حيث أشاد الناس للذة و لكنه حرص على أن يعدل منه بحذق فرأى أن اللذة هي الخير الأعظم إلا أنها لها أحيانا عواقب لا تكون خيرا فنادي بضرورة اجتناب اللذات التي تجر وراءها ألاما لأنها عائقة لتحقيق السعادة و عارض ارستيب الذي اعتبر أن اللذة مطلقة تحت قاعدة <<خذ اللذة التي لا يعقبها الألم و اجتنب الألم الذي لا يتبعه شيء من اللذات و تجنب اللذة التي تحرمك من لذة أعظم منها أو يترتب عنها الم و تقبل الألم الذي يخلصك من الم أعظم منه>> كما اعلي ابيقور من اللذات الروحية حتى أصبحت الأخلاق عنده بمثابة تهذيب للأخلاق كالصداقة و الحكمة.ويعد جرمي بنتام من بين رواد المذهب النفعي في العصر الحديث حيث يرى أن الناس بطبائعهم يسعون وراء اللذة و يجتنبون الألم كالحيوان مع امتيازهم عن الحيوان لاستخدامهم العقل لان العقل هو الذي يحكم على الفعل الخير إذ يعود بلذة مستمرة و الفعل الشر الذي يؤدي إلى زيادة الألم و هو يقيس اللذات من حيث صفاتها الذاتية كالشدة و المدة و الثبات و قرب المنال و القدرة على إنتاج لذات أخرى و خلوها من الألم كما تقاس بالنظر إلى آثارها الاجتماعية حيث ينبغي على الفرد مراعاتها لان منفعة المجموع شاملة للمنافع الفردية وهو ما يسميه بعامل الامتداد الذي يوليه أهمية كبيرة فاللذة يجب أن تشمل عدد ممكن من الأفراد, فالمنفعة الشخصية مرتبطة بالمنفعة العامة غير ان الفرد لا يفعل الخير للغير إلا إذا حصل من ورائه على نفع لنفسه, وهنا تظهر النزعة التجريبية في مذهب بنتام لان معيار الأخلاق عنده مرهون بنتائج الأفعال و أثارها .
نقد:يمكن ان تكون القيمة الخلقية للأفعال الإنسانية متوقفة على نتائجها و أثارها الايجابية ولكن جعل اللذة غاية للحياة ومعيارا للقيم الخلقية يتناقض مع التجربة التي أكدت لنا ان الإنسان كثيرا ما يعزف عن اللذة ويقبل على الألم .كما ان منافع الناس مختلفة فما هو نافع لهذا ضار لآخر أضف الى ذلك ان ربط الأخلاق بالمنفعة يحط من قيمتها لأنه ينزلها إلى مستوى الغرائز وتصبح من في مصاف الحيوان , وقد أهملت الجوهر الحقيقي الذي يتمتع به الإنسان ألا وهو العقل.
نقيض الأطروحة:ان الفعل الأخلاقي لا يقاس بنتائجه وإنما يقاس بما يميز الإنسان و هو العقل فبواسطته يميز بين الخير و الشر مما يبين ان العقل هو المصدر الوحيد للقيم الخلقية الملازمة للسلوك وقد دافع عن هذا الرأي أفلاطون و كانط
البرهنة:لقد استهدف أفلاطون جعل القانون الأخلاقي عاما للناس في كل زمان ومكان و لا يتيسر هذا إلا بإقامته على أسمى جانب مشترك في طبائع البشر و بعني به العقل , وقد اعتبر أن النفس أسمى من الجسد فهي الحاصلة على الوجود الحقيقي و ما وجود الجسد إلا وجودا ثانويا وهو الذي يحمل قواها النبيلة ويوجهها وجهة غير أخلاقية لأنه مصدر الشر يقول <<ان الخير فوق الوجود شرفا وقوة>> فهو إدراك عقلي لقيمة الخير فالحق و العدل و الحرية قيم مطلقة يجسدها الخير المطلق الموجود في عالم المثل لذلك قسم أفعال الناس الى القوة العاقلة و الغضبية و الشهوانية وان أكمل صورها العقل لأنه المدرك للعفة و الفضائل و الفضائل عنده أربعة : الحكمة فضيلة العقل و العفة فضيلة القوة الشهوانية والشجاعة فضيلة القوة الغضبية و اذا ما تحققت الفضائل الثلاثة تحقق التناسب الذي يعطينا الفضيلة الرابعة التي هي العدالة واذا ما تحققت هذه الأخيرة تحققت للنفس سعادتها وهي حالة باطنية عقلية أخلاقية يظهر فيها جمال النفس و سيطرة الجزء الإلهي . وفي سياق هذه الفلسفة الأخلاقية ذاتها نجد كانط الذي اعتبر ان الإرادة الخيرة الدعامة الأساسية لكل فعل أخلاقي بل هي الشيء الوحيد الذي يمكن ان نعده خيرا في ذاته دون قيد أو شرط وهذه الإرادة تستمد خيرتها من الواجب العقلي الذي هو مبدأ داخلي و بالتالي تكون الأخلاق منزهة من كل غرض ذاتي فعندما نقول قل الصدق ليثق فيك زملائي فهذا فعل مرتبط بغرض اما قولنا كن صادقا فهذا فعل أخلاقي لأنه أمر مطلق منزه من المنفعة ويقوم هذا الواجب على قواعد أساسية أولها افعل كما لو كان على مسلمة فعلك ان ترتفع الى قانون طبيعي عام وثانيها افعل الفعل بان تعامل الإنسانية في شخصك وشخص كل إنسان سواك, وثالثهما اعمل بان تكون إرادتك باعتبارك كائنا عاقلا هي بمثابة تشريع عام.يقول كانط << فليست الأخلاق هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون سعداء بل هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون جديرين بالسعادة>>
مناقشة:إن أخلاق أفلاطون غاية في الصورنة والتجريد لا يمكن تكريسها على ارض الواقع أما كانط فقد تجاهل البشر بمكوناتهم العاطفية الذين يسعون بتصرفاتهم و سلوكاتهم الى غايات تختلط فيها الأهداف بتحقيق المنافع أو بحث عن السعادة لذا قال بيار جانيه ان يدا كانط نقيتان لكنه لا يملك يدين لأنها منفصلة كليا عن التجربة الواقعية للإنسان. فالأخلاق بالمنظور العقلي تقصي العواطف التي تكون منبعا أنبل للقيمة الخلقية في كثير من الأحيان.
تركيب و تجاوز: مما سبق ذكره لا يمكن حصر أساس القيمة الخلقية في العقل وحده و لا المنفعة وحدها لان العقل يميز بين الخير و الشر ولكنه يستبعد الجانب الوجداني الذي كثيرا ما يدعو الى الخير اما المنفعة فهي تؤدي الى اصطدام الأفراد لان مصالحهم متعارضة و متباينة و بالتالي يمكن الاستناد اليهما كمعيار للقيم الخلقية باعتبار ان الإنسان يجري وراء منفعته و لا يكون ذلك إلا بتحكيم العقل غير ان هناك معيار آخر أسمى يمكن ان تقوم عليه الأخلاق هو المعيار الديني أي ما شرعه الله عن طريق رسله وكتبه التي تمتاز بالكمال و المطلقية.
حل المشكلة : لا يمكن أن تقاس القيم الأخلاقية بالمنفعة وحده إنما يمكن ان تتحدد وفق معايير أخرى كالعقل و المجتمع و المعيار الأسمى الذي يكمن الوثوق به هو التشريع الرباني.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:31
الامتحان التجريبي في مادة الفلسفة دورة ماي 2010
عالج موضوعا واحدا على الخيار.
الموضوع الأول:
هل الأخلاق واحدة لقيامها على أساس من الثوابت؟.
الموضوع الثاني:
<<كل معارفنا الإدراكية حول هذا العالم تنبع بالضرورة من الإحساس. >> دافع عن هذه الأطروحة.
الموضوع الثالث: النص الفلسفي.
للعلوم الإنسانية (...) مشروع مؤجل نسبيا, ولكنه قار ,يقضي (...) باستعمال صورية رياضية ما. (ثم) هي تعمل بحسب نماذج أو مفاهيم تستعيرها من البيولوجيا , ومن علم الاقتصاد ومن علوم اللغة. وأخيرا فهي تتجه إلى الإنسان في نمط وجوده الذي تسعى الفلسفة إلى التفكير فيه على مستوى التناهي الجذري, في حين تريد هي استطلاع تجلياته التجريبية. وقد يكون انتشار العلوم الإنسانية هذا الانتشار الضبابي داخل فضاء ثلاثي الأبعاد هو الذي يجعل تحديد موقعها على هذا القدر من الصعوبة, وهو الذي يضفي على تموقعها في الحقل الابستيمولوجي طابعا متزعزعا لا يستقر(...).
من السهل الظن أن الإنسان قد تحرر من ذاته منذ أن اكتشف انه ليس في مركز الخليقة, ولا في مركز الكون و ربما انه ليس حتى في قمة الحياة أو غايتها القصوى. ولكن, إذا لم يعد الإنسان سيدا في مملكة الكون, وإذا لم يعد الإنسان سلطان الوجود, فان "العلوم النفسية" تكون وسائط خطرة في فضاء المعرفة. و الحقيقة أن هذه الوضعية نفسها تحكم عليها بعدم استقرار جوهري. إن ما يفسر عسر وضع"العلوم الإنسانية", وهشاشتها و عدم يقينيتها كعلوم, والفتها الخطرة مع الفلسفة, و اعتمادها الغامض على مجالات معرفية أخرى, وطابعها كعلوم هي دوما علوم ثانية بالنظر إلى غيرها, وهي دوما مشتقة من غيرها, ولكن كذلك ادعائها الكلية,(إن ما يفسر كل ذلك) ليس هو- كما يقال غالبا- كثافة موضعها القصوى, ولا هو المنزلة الميتافيزيقية لهذا الإنسان الذي تتحدث عنه(...) وإنما هو بالتأكيد تعقد التشكيل الابستيمولوجي الذي تجد العلوم الإنسانية نفسها ضمنه, و ارتباطها الدائم بالأبعاد الثلاثة, وذلك الارتباط الذي يعطيها فضاءها.
ميشال فوكو: الكلمات و الأشياء.
المطلوب: اكتب مقالة فلسفية تعالج فيها مضمون النص.
التصحيح:
الموضوع الأول: هل الأخلاق واحدة لقيامها على أساس من الثوابت؟.
طرح المشكلة:يعد موضوع الاخلاق من المباحث الاساسية التي انشغلت بها الفلسفة ضمن مبحث الاكسيولوجيا, وقد سعى مبحث الاخلاق الى تحديد القيم الموجهة للفعل الانساني بهدف رسم غايات هذا الفعل .فاذا كان هذا الفعل الاخلاقي يستند الى ماهية ثابتة التي تميز الانسان وهي العقل , هل يمكن القول بانها واحدة ومطلقة؟, ولكن لو تأملنا واقع المجتمعات نجد ان كل مجتمع يتصور الخير و الشر من زاوية مختلفة, هل يعني ذلك انها متغيرة و نسبية؟ امام هذا الجدل الفلسفي نطرح الاشكال التالي : هل القيمة الخلقية مطلقة وثابتة ام انها نسبية متغيرة؟ بمعنى آخر: هل الاخلاق واحدة لمجرد قيامها على اساس من المبادئ و الثوابت, ام انها متعددة و متغيرة بتغير بيئاتها و عصورها؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى:القيمة الخلقية مطلقة وثابتة لا ذاتية متغيرة لان أساسها العقل و الدين وهذا ما أكده أنصار النزعة العقلية وعلماء الكلام في الفلسفة الإسلامية
الحجج:يرى أنصار النزعة العقلية بان الأخلاق ثابتة مطلقة بحكم أن العقل يتميز بالمطلقية فهو حقيقة بديهية موجودة في ماهية كل كائن وهذه الماهية ثابتة لا تتأثر بالزمان والمكان لانها مطلقة وقد دافع عن هذا الرأي افلاطون فقد جعل القانون الاخلاقي عاما للناس في كل زمان ومكان و لا يتيسر هذا إلا بإقامته على أسمى جانب مشترك في طبائع البشر و بعني به العقل , وقد اعتبر أن النفس أسمى من الجسد فهي الحاصلة على الوجود الحقيقي و ما وجود الجسد إلا وجودا ثانويا وهو الذي يحمل قواها النبيلة ويوجهها وجهة غير أخلاقية لأنه مصدر الشر يقول <<ان الخير فوق الوجود شرفا وقوة>> فهو إدراك عقلي لقيمة الخير فالحق و العدل و الحرية قيم مطلقة يجسدها الخير المطلق الموجود في عالم المثل لذلك قسم أفعال الناس الى القوة العاقلة و الغضبية و الشهوانية وان أكمل صورها العقل لأنه المدرك للعفة و الفضائل و الفضائل عنده أربعة : الحكمة فضيلة العقل و العفة فضيلة القوة الشهوانية والشجاعة فضيلة القوة الغضبية و اذا ما تحققت الفضائل الثلاثة تحقق التناسب الذي يعطينا الفضيلة الرابعة التي هي العدالة واذا ما تحققت هذه الأخيرة تحققت للنفس سعادتها وهي حالة باطنية عقلية أخلاقية يظهر فيها جمال النفس و سيطرة الجزء الإلهي .فافلاطون يعتقد ان ما نطلق عليه من احكام و قيم هو معبر عن عالم آخر نسميه عالم المثل الذي تعلمنا منه وعندما اتحدت الروح بالجسد نسي الإنسان ما تعلمه من قيم و عن طريق العقل قام الانسان باسترجاع تلك القيم وهذا ماجعل ن الاخلاق موضوعية والتسليم بالموضوعية يؤدي الى القول بمطلقية الاخلاق وهذا مايفسر وحدة الكثير من القيم بين كل الشعوب كالصدق و العدل و الامانة... وفي سياق هذه الفلسفة الأخلاقية ذاتها نجد كانط الذي اعتبر ان الإرادة الخيرة الدعامة الأساسية لكل فعل أخلاقي بل هي الشيء الوحيد الذي يمكن ان نعده خيرا في ذاته دون قيد أو شرط وهذه الإرادة تستمد خيرتها من الواجب العقلي الذي هو مبدأ داخلي ناتج عن سلطة باطنية و المتمثلة في العقل و بالتالي تكون الأخلاق منزهة من كل غرض ذاتي فعندما نقول قل الصدق ليثق فيك زملائك فهذا فعل مرتبط بغرض اما قولنا كن صادقا فهذا فعل أخلاقي لأنه أمر مطلق منزه من المنفعة و المستجيب لصوت الضمير يحمل الخير في ذاته هو الواجب من اجل الواجب و لا يتغير مع النتائج اذ لايعقل ان يصبح ذات يوم الصدق شرا و الكذب خيرا فالخلاق مبادئ ثابتة و مطلقة وعليه وضع كانط قواعد أساسية للسلوك الاخلاقي: أولها افعل كما لو كان على مسلمة فعلك ان ترتفع الى قانون طبيعي عام وثانيها افعل الفعل بان تعامل الإنسانية في شخصك وشخص كل إنسان سواك, وثالثهما اعمل بان تكون إرادتك باعتبارك كائنا عاقلا هي بمثابة تشريع عام.يقول كانط << فليست الأخلاق هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون سعداء بل هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون جديرين بالسعادة>>
اما اصحاب الاساس الشرعي فالقيمة الخلقية عندهم مرتبطة بالدين وبما ان الدين الزام متعال الهي و مقدس فهو تشريع سماوي للمبادئ و المعاملات الاخلاقية, فالدين هو بعد اخلاقي نستند اليه في تقويم افعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الفضيلة و الانتهاء عن الشر و الرذيلة وهذا ما يؤكده ابن حزم فالخير والحسن ما امر الله به والشر و القبح هو ما نهى الله عنه وكاضافة لذلك نجد كل من المعتزلة والاشاعرة ينطلقون من هذه الحقيقة و يدركون ان الشريعة الاسلامية هي مصدر القيمة الخلقية الا انهما يختلفان فالمعتزلة ترى ان العقل هو قوام الفعل الخلقي و الدين جاء مخبرا عما في العقل فالقيم الخلقية مرتبطة بطبيعة الانسان العاقلة اما الاشاعرة فيعتقدون بان العقل لا يملك هذه القدرة على التمييز بين الخير و الشر فالخير ما امر الله به و الشر ما نهى الله عنه وما دور العقل الا الخضوع لتعاليم الشرع ومن هذا المنطلق اذا كان الاسلامدين يصلح لكل زمان و مكان كانت القيمة الخلقية مطلقة و ثابتة و لا اختيار لإرادةالإنسان أمام الإرادة الإلهية
نقد: فعلا يجدر بالاخلاق ان تكون ثابتة مطلقة بحكم ان نسبيتها سيؤثر عليها, لكن التسليم بكون الاخلاق واحدة في جوهرها على نحو ما بينه انصار الدين و العقل لا يحل المشكلة لان ذلك لا يفسر تعددها و تنوعها وكل منظومة اخلاقية تزعم لنفسها الصواب كما ان العقل احكامه متناقضة و متفاوتة فأخلاق الواجب مثالية للغاية ، و صورية ،تخاطب الانسان المجرد لا الانسان الواقعي ، يرى الفيلسوفالالماني شوبنهاور و هو أحد تلامذة كانط" ان الواجب الكانطي ... يصلحلعالم الملائكة لا لعالم البشر"
كما ان الدين تختلف شرائعه السماوية فاي دين نعتمد, ضف الى ذلك ان كثير من المسائل تظهر معتطور الحياة الاجتماعية و العلمية.
الاطروحة الثانية:القيمة الخلقية نسبية ومتغيرة لان اساسها المنفعة والمجتمع وكلاهما متغير و نسبي وهو ما يؤكده علماء الاجتماع و انصار المنفعة
الحجج:يرى انصار النزعة الاجتماعية بان نسبية القيم من تنوع المجتمعات فأساس القيمالخلقية هو (المجتمع) ، فالخير ما يتماش مع العرف الاجتماعي ، و الشر ما يتنافى معه، هذا ما تراه المدرسة الوضعية مع اميل دوركايم ،وما يدعم هذا الموقف هو أن الفرد كائن اجتماعي بالطبيعة ، لا يستطيع العيش خارجالجماعة فهو بمثابة الجزأ من الكل ، انه مدين للمجتمع بكل مقوماته النفسية والعقلية و السلوكية ، يتأثر ببيئته ، و يتصرف حسب الجماعة التي ينتمي اليها فلولاالغير لما كان بحاجة الى أخلاق .
إنالطفل يكون فكرته عن الخير و الشربالتدريج اعتمادا على أوامر و نواهي أفراد مجتمعه ، سواء في الاسرة او المدرسة يقولدوركايم " عندما يتكلم ضميرنا فان المجتمع هو الذي يتكلم فينا " بمعنى أن الضميرالفردي ما هو الا صدى للضمير الجمعي . و على هذا الأساس لا يمكن للفرد ان يبتكرلنفسه قيما و أخلاقيات بل يأخذها جاهزة من المتجر الاجتماعي كما يأخذ ملابسه منالمحل التجاري ،"فليس هناك سوى قوة اخلاقية واحدة تستطيع ان تضع القوانين للناس هي المجتمع"
و يرىليفي برولأن الأخلاق ظاهرة اجتماعية ، تنضم العلاقة مع الغير و تمنحقوانينها للفرد بواسطة التربية ، و الخير و الشر يتحددان بمدى اندماج الفرد فيالجماعة أو عدم اندماجه فيها . فالاندماج هو مقياس الخير ، وعدم الاندماج هو مقياسالشر . و بما أن لكل مجتمع عادات و تقاليد و نظم خاصة كانت القيمة الخلقية أيضانسبية و متغيرةولهذا تختلف الاخلاق من مجتمع لاخر فلا توجد اخلاق وانما توجدعادات خلقية وبالتالي فهي ليست مبادئ ثابتة بل سلوكات متغيرة.
اما انصار المنفعة فيرون ان مصدرالقيمة الخلقية المنفعة بمعنى أن الخير هو اللذة و الشر هو الالم و العبرةبالنتائج و ليس بالمبادئ ، و الدليل على ذلك واقعي حيث أن الناس يميلون الى اللذة وينفرون من الألم بحكم طبيعتهم. فاللذة و المنفعة هي الخير الأقصى و إن الألم و المضرة هما الشر الأقصى و حجتهم في ذلك انه إذا عجز الإنسان عن تحقيق اللذة تألم وإذا تألم كان شقيا و العكس صحيح. فقد ذهب الفيلسوف اليوناني ارستيب إلى أن اللذة هي صوت الطبيعة و أن الغريزة هي المحرك الأول لأفعال الإنسان وجعل معيار اللذة و الألم هي معيار القياس لخيرية الأفعال و شريتها .وجاء بعده ابيقور و اتفق مع سلفه من حيث أشاد الناس للذة و لكنه حرص على أن يعدل منه بحذق فرأى أن اللذة هي الخير الأعظم إلا أنها لها أحيانا عواقب لا تكون خيرا فنادي بضرورة اجتناب اللذات التي تجر وراءها ألاما لأنها عائقة لتحقيق السعادة و عارض ارستيب الذي اعتبر أن اللذة مطلقة تحت قاعدة <<خذ اللذة التي لا يعقبها الألم و اجتنب الألم الذي لا يتبعه شيء من اللذات و تجنب اللذة التي تحرمك من لذة أعظم منها أو يترتب عنها الم و تقبل الألم الذي يخلصك من الم أعظم منه>> كما اعلي ابيقور من اللذات الروحية حتى أصبحت الأخلاق عنده بمثابة تهذيب للأخلاق كالصداقة و الحكمة.ويعد جرمي بنتام من بين رواد المذهب النفعي في العصر الحديث حيث يرى أن الناس بطبائعهم يسعون وراء اللذة و يجتنبون الألم كالحيوان مع امتيازهم عن الحيوان لاستخدامهم العقل لان العقل هو الذي يحكم على الفعل الخير إذ يعود بلذة مستمرة و الفعل الشر الذي يؤدي إلى زيادة الألم و هو يقيس اللذات من حيث صفاتها الذاتية كالشدة و المدة و الثبات و قرب المنال و القدرة على إنتاج لذات أخرى و خلوها من الألم كما تقاس بالنظر إلى آثارها الاجتماعية حيث ينبغي على الفرد مراعاتها لان منفعة المجموع شاملة للمنافع الفردية وهو ما يسميه بعامل الامتداد الذي يوليه أهمية كبيرة فاللذة يجب أن تشمل عدد ممكن من الأفراد, فالمنفعة الشخصية مرتبطة بالمنفعة العامة غير ان الفرد لا يفعل الخير للغير إلا إذا حصل من ورائه على نفع لنفسه, وهنا تظهر النزعة التجريبية في مذهب بنتام لان معيار الأخلاق عنده مرهون بنتائج الأفعال و أثارها .و ما دانت المنفعةمتغيرة و مختلفة من شخص لآخر ومن مكان لآخر كانت القيمة الخلقية نسبية.
النقد: فعلا الواقع يبين بان الاخلاق نسبية متغيرة الا ان هناك قيم اخلاقية مكا يدل تاريخها تحتفظ بقدر من التوافق العام والتصور المشترك كالعدالة و الفضيلة والكرم... مما يدل على ثباتها , رغم أن الناس تدفعهم طبيعتهم النفعية الى وضع المصلحةفوق كل اعتبار غير أن هذا ليس مبررا كافيا يجعل المنفعة مقياسا للسلوك الأخلاقي ،كونها خاصية ذاتية تختلف باختلاف الميول و الرغبات ، فاذا خضع الناس لها اصطدمتمصالحهم بعضها البعض ، و عمت الفوضى في المجتمع فما ينفع البعض قد يضر بالبعض الآخر، و ليس كل شيئ فيه لذة خير بالضرورةأضف الى ذلك ان ربط الأخلاق بالمنفعة يحط من قيمتها لأنه ينزلها إلى مستوى الغرائز وتصبح من في مصاف الحيوان , وقد أهملت الجوهر الحقيقي الذي يتمتع به الإنسان ألا وهو العقل. كما ان للمجتمع تأثير في الفرد ،لكن هذا لا يعني أن كل ما يقوله المجتمع أخلاقي بالضرورة ، و الا كيف نفسر لجوءالمصلحين إلى تغيير ما في مجتمعاتهم من عادات بالية و قوانين جائرة ، و كيف نفسراختلاف أفراد المجتمع الواحد فيأخلاقهـــــــــــــــــم.
التركيب: مما سبق ذكره يمكن القول ان الاخلاق ثابتة في مبادئها , متطورة في تطبيقاتها بمعنى ان الاخلاق غاية ووسيلة في نفس الوقت فهي غاية عندما يهدف الانسان ان تكون حياته في مستوى الاستقامة وفي نفس الوقت عبارة عن وسيلة ليصل الانسان الى هذه الغاية وعلى هذه الصورة تكون الاخلاق مبادئ من جهة انها قيم مطلقة وتكون سلوكا من جهة انها قيم نسبية.
حل المشكلة:إنطلاقا من هذا التكامل في الأسس التي تبنى عليها القيمة الخلقية يمكنالقول أن الأخلاق في مبادئها مطلقة و ثابتة ، و في المعاملات تكون نسبية و متغيرةحسب المقتضيات .و أن تبق ارادة الخير هي المسيطرة على جميع أفعالنا يقول شوبنهاور :" من السهل ان نبشر بالاخلاق ولكن من الصعب ان نضع اساس لها ".
الموضوع الثاني : "كل معارفنا الادراكية حول هذا العلم تنبع بالضرورة من الاحساس".دافع عن هذه الاطروحة.
طرح المشكلة:يعرف الانسان بانه حيوان عاقل ومن ثمة كان الكائن الوحيد الذي يعرف ويدرك , معنى هذا ان الادراك عقلي عنده. لكن الواقع و الممارسة يظهر لنا عكس ذلك اذ لولا العينين لما عرفنا الالوان ولولا السمع لما ادركنا الاصوات مما يؤكد ان جوهر الادراك حسي فكيف يمكن الدفاع عن هذه الاطروحة التي تعتقد ان معارفنا الادراكية حول هذا العالم مصدرها الاحساس؟ وكيف يمكن اثبات مشروعيتها و تبنيها؟
محاولة حل المشكلة:
عرض الاطروحة والبرهنة عليها :ترى النظرية الحسيـــة ان معارفنا الإدراكية تنبع كلهامن الإحساس وبه تتحدد علاقتنا بالعالم الخارجي . قد ذهبالرواقيون و على رأسهم زينون الى القول أن العقل لا يمكن له أن يؤسس معرفة انلم يستمدها من الحس ودليلهم في ذلك ان الحواس هي النافذة التينطلبها على العالم الخارجي ، ومن فقد حاسة ، فقد المعاني المتعلقةبها ، فالبرتقالة مثلا ، يصل إلينا لونها عن طريق البصر ، و رائحتها عن طريق الشم ، وطعمها عن طريق الذوق ، وملمسها عن طريق اللمس ، فلو تناول هذه البرتقالة كفيفالبصر يدرك كل صفاتها الالونها ، فالكفيف لا يدرك الألوان ، و الأصم لا يدركالأصوات ، فلولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجودا فيالعقل إذن فكرتنا عن العالم الخارجي ليست سوى مجموعة منالإحساسات تحولت بحكم التجربة الى تصورات ،فالمعرفة تكتسب بالتدريجعن طريق الاحتكاك بالعالم الخارجي و ما تحدثه الأشياء من آثار حسية و بالتالي لاوجود لأفكار فطرية أو مبادئ قبلية سابقة عن التجربة يقول جونلوك J.Loock (لنفرض أن النفس صفحة بيضاء فكيف تحصل على الأفكار ؟ إني أجيبمن التجربة ، و منها تستمد كل مواد التفكير و التجربة اكدت لنا ان مجموع الاحساسات التي اتلقاها عن الشيء تمثل في مجموعها صورة الشيء (ماهيته) فلون الصبورة وشكلها وصلابتها في مجموعها تمثل ماهية الصبورة و بالتالي احساسي بالصبورة هو ادراكي لها
عرض خصوم الاطروحة ونقدهم: غير ان هناك معارضون للاطروحة يعتقدون ان مصدر العمليات الادراكية لاتنبع من الإحساس بل من العقل كما جاء في رأيالعقلييـن لان الحواس لا تدرك الحقيقة ولا تحققمعرفة مجردة التي يحتاجها التفكير ، التفكير يقوم على الكليات و هي صورمجردة تدرك بالعقل لكن عندما نفكر لا نصيب دائما مما يعني أن الفكر غيرمعصوم من الخطأ فمثلما تخطا الحواس يخطا العقل اذ لم يعد كما كان سابقا الايمان بالحقائق التي تحمل الضدق في ذاتها واصبحت الحقائق في المنظور العلمي نسبية ، و الحواس رغم أنهالا تقدم لنا معرفة يقينية أحيانا ، الا أنها تبقى ضرورية من أجل الاتصال بالعالمالخارجي
دعم منطق الاطروحة بحجج شخصية: ان افكارنا و تصوراتنا وما نحمله من معاني و مفاهيم ما هي الا انعكاس لما رايناه و شاهدناه و اكتسبناه في الواقع لان العمليات العقلية تتخذ من الواقع الحسي سبيلا لها و الادراك بدون حواس عملية شبه مستحيلة و الادراك مرتبط بالموضوع فلا شيء يوجد في العقل الا و قد سبق وجوده في الحس , فالحواس هي النافذة التي ينفذ منها الضوء الى العقل الذي هو عبارة عن مرآة تعكس صور الخبرة الحسية يقول دافيد هيوم "ان الالوان و الاصوات و الحرارة و البرودة كما تبدوا لحواسنا لا تختلف في طبيعة وجودها كما تكون عليه حركة الاجسام و صلابتها."
حل المشكلة: نستنتج في الاخير ان المعرفة الادراكية مصدرها الاحساس أي ان الادراك جوهر حسي فكل فكرة نملكها انام تم تحصيلها بالتجارب الحسية وعليه نحكم بصحة الاطروحة القائلة : ان كل معارفنا الادراكية حول هذا العالم تنبع بالضرورة من الاحساس يقول دافيد هيوم:" انا لست الا حزمة من الادراكات الحسية , كل الافكار نسخ مباشرة او غير مباشرة من الانطباعات الحسية ", و بالتالي اثبات مشروعيتها و امكانية تبنيها.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:32
قصة جميلة تكسبك240 حسنة
--------------------------------------------------------------------------------
رجل إستيقظ مبكرا ليصلي صلاه الفجر في المسجد لبس وتوضأ وذهب إلى المسجد
وفي منتصف الطريق تعثر ووقع وتوسخت ملابسه قام ورجع إلى بيته وغير ملابسه وتوضأ
وذهب ليصلي
وفي نفس المكان تعثر ووقع وتوسخت ملابسه قام ورجع إلى بيته وغير ملابسه وتوضأ
وخرج من البيت
لقي شخص معه مصباح سأله : من أنت ؟
قال : انا رأيتك وقعت مرتين وقلت انور لك الطريق إلى المسجد ..
ونور له الطريق للمسجد وعند باب المسجد قال له : أدخل لنصلي .. رفض الدخول
وكرر طلبه لكنه رفض وبشده الدخول للصلاة
سأله : لماذا لاتحب أن تصلي ؟
قال له: انا الشيطان
انا أوقعتك المره الاولى لكي ترجع البيت ولاتصلي بالمسجد ولكنك رجعت
ولما رجعت إلى البيت غفر الله لك ذنوبك ،،
ولما أوقعتك المرة الثانية
ورجعت إلى البيت غفر الله لأهل بيتك ،،
وفي المرة الثالثة خفت أن أوقعك فيغفر الله لاهل قريتك.
فلا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا
الله لا إلَه إلا هُو الحَيُّ القَيّومُ
لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم
لا اله الا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم
اذا كان نشرها سيرهقك فلا تنشرها
فلن تستحق اخذ ثوابها لان ثوابها عظيم
تخيل أنك عندما قرأتها حصلت على 240 حسنة
وحصلت أنا كذلك على 240 حسنة
أليس من السهل الحصول على هذا الأجر العظيم
منقووووول للفائده.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:34
مقالة حول النسيان
الأسئلة: - هل النسيان ظاهرة إيجابية أم سلبية؟- هل النسيان مناقض للذاكرة أم مكمل لها؟- يقال{خير للذاكرة أن تكون ملكة نساءة}مارأيك؟- هل النسيان نعمة أم نقمة؟-المقدمة: تتألف الذات الإنسانية من بعدين أساسيين أحدهما اجتماعي دلالة على ميل الإنسان إلى المجتمع, والآخر فردي تحدده طبيعة ونوعية الاستجابة فالإنسان يعيش حاضره ويدركه, كما يتميز بقدرته على استخدام الماضي والاستفادة منه, وغني عن البيان أن الذاكرة هي الأداة التي تسترجع الحوادث الماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك, وأن النسيان هو عدم القدرة على التذكر فالمشكلة:هل مفهوم النسيان يتناقض مع مفهوم الذاكرة؟ وهل هو ظاهرة إيجابية أم سلبية؟1/الرأي الأول(الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن النسيان ظاهرة سلبية وحجتهم في ذلك أنه يشتت الذكريات ومن ثمة يؤدي إلى زوال بعضها مما دفع "دوغاس" إلى القول {النسيان متناقض مع الذاكرة}, ورأى "جميل صليبا" صاحب كتاب [علم النفس] أن النسيان يولد في الغالب خللا في الشخصية فهو يؤدي إلى انفصال مجموعة من الذكريات عن الشخصية الطبيعية فتتكون بذلك شخصية ثابتة مما يؤدي إلى استحالة التوافق مع المواقف الراهنة ومن الأمثلة التي تؤكد خطورة النسيان الإخفاق والفشل في الامتحانات حيث تؤدي ظاهرة النسيان إلى الوقوف موقفا سلبيا أمام المطروحة حتى قيل {نحن ننسى أكثر مما نتعلم}, وقد تنشأ عن النسيان إشكالات تتعلق بطبيعة العلاقات الاجتماعية خاصة عند نسيان اسم الشخص الذي نتعامل معه, وتفسير ظاهرة النسيان قد يرتبط بالعامل الزمني قال"بيرون" {كلما تقدمت الذكريات في الزمن كان ذلك أدعى إلى نسيانها}وقد يكون السبب عضوي أو نفسي, ومن أمثلة ذلك الأمينيزيا وهو مرض يلحق أضرارا جسيمة بشخصية الإنسان ويهدد وحدة الأنا, ومرض الأفازيا حي يفقد الإنسان القدرة على حفظ المعلومات وفيه تزول الروابط العصبية فهو بهذا المعنى مناقض للذاكرة وهو ظاهرة سلبية.نقد: من الناحية الواقعية قد يكون النسيان نعمة خاصة في الحالات المؤلمة والمحزنة./الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن النسيان ماهو إلا ظاهرة وحالة عادية لان الذاكرة في نظرهم لا تستطيع استعادة الماضي بأكمله بل الإنسان ينتقي ماهو ضروري وموافق لمتطلبات الواقع, هذا ما ذهب إليه "برغسون" الذي قال{إن النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد لأن الإنسان لا يلتفت إلى الماضي إلا لحاجته في إحداث التوافق مع بيئته}, وفسّر عالم النفس "فرويد" النسيان تفسيرا يدل على ارتباطه باللاشعور وقال{إننا لا ننسى إلا ما نرغب لا شعوريا في نسيانه}, وهكذا يرتبط النسيان بالصراع الدائم والمستمر بين متطلبات الهوّ وأوامر الأنا الأعلى وهو وسيلة للتخلص من الصراع النفسي وما يحمله من آلام فالنسيان له وظيفة إيجابية, وتحدّث بعض علماء النفس عن تأثير بعض العوامل التي تحدث هذه الظاهرة مثل عامل الترك والضمور, فاختفاء بعض الذكريات يكون نتيجة عدم استعمالها نظرا لعدم احتياجنا لها, وهنا تحدث بعض علماء التربية عن أهمية ذلك فالنسيان يفتح المجال لتعلم أفكار جديدة ولولا ذلك لما وجد الإنسان مكانا في الذاكرة لتخزين ما يتعلمه من خبرات, وملخص هذه الأطروحة أن ظاهرة النسيان نعمة تظهر قيمتها في مواقف الحزن والآلام.نقد:هذه الأطروحة تتجاهل أن النسيان قد يتحول إلى ظاهرة سلبية عندما ينسى الإنسان الحوادث التي هو في أمسّ الحاجة إليها./التركيب: يجب أن ننظر إلى النسيان من زاوية الشخصية ككلّ, فالنسيان هو الوسيلة النفسية التي يستخدمها الشخص للتوافق مع المواقف الراهنة التي تمس علاقاته بالغير وكما قيل {النسيان والذاكرة لهما وظيفة واحدة هي فقط توازن الفرد مع المحيط الخارجي} وكما قال "ريبو" {خير للذاكرة أن تكون ملكة نسّاءة} وفي نظر "دوغاس" ليس النسيان في كل الحالات نقيضا للذاكرة, فقد يكون شرطا لها في ضوء دلالته النفسية لأن له معان نفسية تنمّ عن ميول الشخص واهتماماته.-الخاتمة: ومن كل ما سبق نستنتج:النسيان له وظيفة إيجابية إذا كان عامل تكيّف وانسجام الذات مع المحيط الخارجي
ام ايمان16
2011-04-21, 15:36
التفكير العلمي :هل التجربة شرط في كل معرفة علمية ؟؟؟
*** هل التجربة شرط في كل معرفة علمية ؟؟؟ إذا كان تاريخ العلم مرتبطا بظهور المنهج التجريبي الذي مكن العلماء من التحقق من صدق فروضهم ، هل هذا يعني أن التجربة هي شرط المعرفة العلمية ؟ وفي هذه الحالة ماذا نقول عن المعرفة الرياضية التي تعتبر معرفة علمية ، ولا تقوم على التجربة ؟ والمشكل المطروح هل المعرفة العلمية بالضرورة معرفة تجريبية أم لا ؟ ** ليبدأ العالم بحثه بملاحظة ظاهرة غريبة فيتساءل عن سبب ظهورها ، عندها يحاول أن يجيب عن السؤال ، ويكون هذا الجواب مؤقتا يحتمل الصدق والكذب إلى أن ينزل به إلى المخبر ليجربه ، وتكون التجربة بذالك عملية التحقق من صحة أفكارنا أو عدم صحتهاعن طريق إعادة بناء الظاهرة من جديد في ظروف اصطناعية بواسطة الفرض فلما لاحظ * كلوديرتارد* إن بول الأرانب التي اشتراها من السوق صاف وحامض ، وهاتان الصفتان خاصتان بآكلة اللحوم في حين أن الأرانب آكلة عشب ، يجب أن يكون بولها عكرا قلويا ، افترض أن الأرانب كانت جائعة وأكلت من أحشائها الداخلية ، لكي يتأكد كلودبرنارد من فرضه هذا ، اطعم الأرانب العشب ، فكان بولها عكرا قلويا ، ثم تركها جائعة مرة أخرى وهذا هو الفرض الذي افترضه فأصبح بولها صافيا حامضا ، وهذه هي الظاهرة التي لاحظها وقد أعاد بناءها بواسطة الفرض الذي استنتجه من الظاهرة نفسها غير أن العالم لا يقوم بتجربة واحدة وإنما يكرر التجربة عدة مرات مع تغير شروطها للتحكم فيها أكثر ، كما يعمد إلى تحليل الظاهرة وعزل مختلف شروطها لتبسيطها ، فإذا كانت الظاهرة في الطبيعة قد تختلط بغيرها من الظواهر ، فان العلم في المخبر يعمل على حذف الشروط التي لا تهمه ، ليحتفظ فقط بالعناصر الأساسية للظاهرة التي يشير إليها الفرض ، والتي توجد في كل الحوادث التي لها نفس الخاصية ، مما يمكنه من استخلاص النتائج ثم تعميمها على الأجزاء وإذا توقف العالم عند مرحلة الفرض ، ولم يستطع أن يثبت صحته في الواقع ، فان عمله لا يدرج ضمن المعارف العلمية ، لأن العقل إذا كان يبني الأفكار ، فان الواقع هو الذي يحكم عليها إذا كانت صادقة أم لا ، أن صحة المعرفة العلمية متوقفة على عدم تناقض الفكر مع الواقع الأمر الذي لا يمكن التأكد منه إلا باستعمال التجربة المخبرية ، يقول كلودبرنارد$إن الملاحظة هي جواب الطبيعة الذي تجوب به دون سؤال ، لكن التجربة هي استنطاق الطبيعة $ ويرى جون ستوارتمل ان الملاحظة العلمية اذا كانت تثير فينا تساؤلات ، فان التجربة قادرة على تقديم الإجابة الحاسمة لها . ما يبدو واضحا لنا ان الانسان وكأنه جعل من بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة هدف وجوده وغايته ، وكان عليه ان يعرف معيار هذا الصدق ، فكان جوابه أن الصدق عكس التناقض وكان قانونه أن المعرفة لا تكون علمية إذا كانت خالية من التناقض غير أن التناقض نوعان : تناقض الفكر مع الواقع ، وتناقض الفكر مع نفسه ، وإذا كانت المعرفة في العلوم الطبيعية و الأنسانية تجعل من التجربة وسيلة لتحقيق شرط عدم التناقض أحكامها مع الواقع ، بل تجعلها تتطابق معها ، مادام الحكم يعود إلى الواقع ، فأن المعرفة العقلية التي تمثلها الرياضيات والمنطق لاتستعمل التجربة للتحقق من فروضها بصفتها علما مجردا ، وإنما تستعمل البرهان العقلي الذي يجعل الفكر لا يتناقض مع المبادئ والفرضيات التي وضعها ، فأذا قلنا في الرياضيات أن مجموع زوايا المربع 360 درجة فإننا لم ننقل هذا الحكم من الواقع كما يحدث في الفيزياء ، وإنما استنتجناه إستنتاجا منطقيا من المسلمة التي تقول أن مجموع زوايا المثلث 180 درجة وإذا كان المربع ضعف المثلث ، كانت مجموع زواياه تساوى 180*2 =360درجة غير الن الرياضي في بنائه للمعرفة الرياضية وان كان يستعمل منهجا يختلف عن المنهج الذي يستعمله الفزيائي فأنه يمر بنفس الخطوات التي يمر بها العلم الطبيعي ، فهو أولا يشعر بوجود مشكلة تستوجب الحل ، لم يحددها وعندها يستخلص الفروض الممكنة التي لا يتوقف عندها وإنما يحاول التحقق منها بالبرهان العقلي ، هذه المعرفة التي الرياضي لا تقل قيمة عن المعرفة التي يبينها الفيزيائي ، إذ كلاهما قبل أن يستخلص النتائج يتحقق من صحتها ، وان كانت عملية التحقيق في العلوم التجريبية مخبرية ، وفي الرياضيات برهانية فأن غايتهما واحدة وهي الوصول بالفكر إلى حكم خال من التناقض . النتيجة : هكذا نستنتج أن التجربة شرط اساسي في المعرفة العلمية لكنها ليست الشرط الكافي ، فالمعرفة العلمية العقلية تقوم على البرهان العقلي وليس على التجربة ، لنقل في النهاية ان المعرفة نوعان معرفة علمية تجريبية ومعرفة علمية عقلية.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:40
العلوم الإنسانية و العلوم المعيارية
الإشكالية :
هل يستطيع المؤرخ يتجاوز العقبات ودراسة التاريخ دراسة علمية ؟
إذكنت أمام أطروحتين أحدهما تقول <التاريخ ليس علما > والأخرى ترى عكس ذلك حدد المشكلة وأفصل فيها .
الملاحضة:
هذه المقالة تتعلق ب: هل يمكن تطبيق المنهج العلمي على الحوادث التارخية .
مقدمة : طرح الإشكالية
يتحرك الإنسان في محيطه الحيوي ويصطدم يوميا بالكثير من الظواهر الطبيعية يحاول فهمها وتفسيرها وأيظا يتفاعل مع الظواهر الإنسانية والتي من أصنافها الحوادث التاريخية , فإذا كنا أمام أطروحتين إحداهما ترى أنه من الممكن دراسة الحوادث التاريخية دراسة علمية والأخرى ترى عكس ذلك فالمشكلة المطروحة :
هل الحوادث التاريخية يمكن دراستها دراسة علمية أم أن العقبات التي تقف في وجه المؤرخ تعجل ذلك مستحيلا؟
التحليل : محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة أنه لايمكن دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية وحجتهم في ذلك وجود عقبات <عوائق> مصدرها خصائص الحادثة التاريخية وأول هذه العقبات < غياب الموضوعية > لأن المؤرخ يتحكم في الأكثر إلى عقيدته ويدخل أحكامه المسبقة ويتأثر بعاطفته حتى أن فولتير قال < التاريخ مجموعة من الأباطيل والخدع يديرها الأحياء والأموات حتى تناسب رغباتهم > ومن العقبات أيظا < غياب الملاظة والتجربة > ومن الأمثلة التي توضح ذلك أن المؤرخ لايمكنه أن يحدث لنا حرب حتى يبرهن لنا على صحة ما يقول إضافة إلى أن الحادثة التاريخية أنها فريدة من نوعها تحدث مرة واحدة ولا تتكرر وليس هذا فقط بل توجد عقبة ثالثة ألا وهي < غياب الحتمية والتنبؤ >وقد وصف جون كيميني ذلك بقوله< التنبؤ يستحيل مع البشر لأنهم يتمتعون بالإرادة والحرية > والنتيجة التي يمكن إستخلاصها أنه لايمكن دراسة التاريخ دراسة علمية .
النقد:
هذه الأطروحة نسبية شكلا ومضمونا لأن المؤرخ قادر على تجاوز هذه العقبات والبحوث التي قامو بها المؤرخون في عصرنا تثبت ذلك.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة أن الحوادث التاريخية تصلح أن تكون أن موضوع لدراسة علمية وحجتهم في ذلك تطبيق المؤرخين لمنهج علمي يعرف <بالمنهج التاريخي الإستقرائي >والذي يتصف بالموضوعية يظهر ذلك في مرحلة جمع الوثائق والمصادر التي بدونها لا يتحدث المؤرخ لذلك قال سنيويوس < تاريخ بدون وثائق وكل عصر ظاعت وثائقه يظل مجهولا إلى الأبد>والمؤرخ لايستعمل هذه الوثائق إلا -(بعد نقدها وتحليلها) وهذا يستعين بالملاحظة والوسائل العلمية للتأكد من سلامة مادة الوثيقة ويحتكم إلى المنطق العقل والعلم للتأكد من مضمونها وهو بذلك يحقق شرط الموضوعية وهذا ما أكدعليه إبن خلدون في كتابه المقدمة حيث قال << النفس إذا كانتعلى حال من الإعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر >> ويصل المؤرخ إلى ترتيب الأحداث التاريخية بمنهجية علمية فيظعها في إطارها الزماني والمكاني وكل ذلك يثبت أنه يمنك دراسة التاريخ دراسة علمية أن المؤرخ قد تمكن من وضع الحلول المناسبة فتمكن من ذلك تجاوز مختلف العقبات
النقد : هذه الأطروحة نسبية شكلا ومظمونا لأن الدراسات التاريخية لم تصل بعد إلى الموضوعية التي وصلت إليهاالعلوم الرياضية والفيزيائية
التركيب : الفصل في المشكلة
إهتمام الإنسان بالأخبار التاريخية قديم ونستطيع أن نميز بين نوعين من دراسة التاريخ < الدراسة الفلسفية > والتي ترتبط بالجانب الميتافيزيقي والدراسة العلمية كما هو واضح في عصرنا هذا وكحل للإشكالية نقول <يمكن دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية لاكن بشرط التقيد بالظوابط الأخلاقية وإحترام خصوصيات العصر الذي ندرسه > والدليل على ذلك أن التاريخ هو أحداث يرويها الأحياء عن الأموات وكما قال كانط << يجب أن يحاط الإنسان بالإحترام>>وفي كل الحالات يجب أن نؤكد أن التاريخ قد أصبح علما.
الخاتمة:
وخلاصة القول أن التاريخ له فائدة كبرى إنه يرسم لنا كيف كانت نهاية طريق الرذيلة ويخبرنا عن الذين دافعوا عن مبادئهم وسلكوا طريق الفضيلة وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول < تطبيق المنهج العلم على التاريخ> وبعد عرض المسلمات واستخلاص النتائج ومن خلال البرهنة ونقدها نصل إلى حل هذه الإشكالية
ام ايمان16
2011-04-21, 15:42
مقال في الحقيقة وانواعها ونسبيتها
الاشكالية الرابعة
فلسفة العلوم وفيها خمس مشكلات جزئية:
1. المشكلة الجزئية الاولى: في الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية المطلقة
2. المشكلة الجزئية الثانية: في الرياضيات والمطلقية
3. المشكلة الجزئية الثالثة: في العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية
4. المشكلة الجزئية الرابعة: في علوم الانسان والعلوم المعيارية
5. المشكلة الجزئية الخامسة: في الابستمولوجيا وقيمة العلم
اولا/ في الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية المطلقة والحقيقة الصوفية
المقدمة :
اذا كانت الحقيقة فتنت اهل العقل والايمان واذا كانت هي الهدف الذي يطلبه الانسان عبر الازمان ، فماهي هذه الحقيقة وما هي أصنافها، وهل هي ثابتة ومطلقة ام متغيرة ونسبية؟
التوسيع:
بيان طبيعة الشيء(( تعريف الحقيقة))
· الحقيقة عند اللغويين هي ماهية الشيء او ذاته، أي اذا اردنا معرفة حقيقة الانسان أي ماهيته فنقول هو حيوان عاقل ولانقول حيوان ضاحك لان صفة الضحك لاتعبر هنا عن ماهية الانسان بل عن صفة عرضية فيه.
· اصطلاحا الحقيقة هي مطابقة الحكم او التصور او المعنى للواقع، أي اذا حكمنا بان الجاذبية مثلا هي سبب سقوط الاجسام، وتكون التجربة العلمية قد اكدت صحة هذا الحكم، فان هذا الحكم هو الذي يمثل الحقيقة.
· والحقيقة كمفهوم يختلف معناها بحسب المجال الذي تنبثق منه فهي ثلاثة اصناف، فماهي هذه الاصناف؟
اثبات وجود الشيء (( أصناف الحقيقة))
1. الحقيقة الفلسفية (( الحقيقة المطلقة))
هي اقصى ما يطمح اليه الفيلسوف او الرجل الحكيم عن طريق العقل، تبحث عن الحقيقة القصوى التي لا حقيقة فوقها، وتهتم بما وراء الواقع المحسوس وليس بالمحسوس او الواقع الظاهر، لان الواقع متغير والمتغير نسبي وحقيقة الاشياء تعرف بصفاتها الثابتة والدائمة والمطلقة ولا تعرف بالمتغيراو بالنسبي منها.
قديما قسم افلاطون العالم الى عالمين، عالم الاشياء وعالم المثل، ووصف العالم الاول ببالفناء والتغيرووسيلة ادراكه الحواس، ووصف العالم الثاني بالخلود والديمومة وهو الذي يسميه بعالم الحقيقة المطلقة، ومثاله في ذلك حقيقة الخير وحقيقة الجمال وحقيقة المعاني الرياضية وهي حقائق مطلقة لاتدرك عن طريق الحواس لانها لاتقدر على ذلك ، بل عن طريق العقل او عن طريق ما تعلمته النفس عند ما كانت في عالم المثل قبل اتحادها بالجسد.
كما كان أرسطو يرى ان الله -كظاهرة ميتافيزيقية - هو الحقيقة المطلقة التي ليس كمثلها شيء في العالم المادي، ويسمي ارسطو الله بالمحرك الاول الذي يحرك ولا يتحرك وهو غير مرئي يغير ولا يتغيرفهو كائن تام وابدي، انه اصل هذا الكون ومبدأ الحياة فيه.
2. الحقيقة العلمية (( الحقيقة النسبية))
هي التي ترى ان الحقيقة تكمن في تطابق الفكر مع الواقع وفق منهج الاستقراء وخطواته العملية، وكانت الحقائق في العلم تعرف الاستقرار والثبات والمطلقية في العصر الحديث، وكانت هذه الحقائق تصدق فقط على القضايا الطبيعية ذات البنية البسيطة ، لكن سرعان ما اصبحت الحقيقة العلمية في بداية القرن 19 وال 20 عشرين نسبية، نسبة الى طبيعة ظواهر عالم الميكروفيزياء المعقدة (( عالم الذرة)) فهي موضوعات تتحرك ظواهرها وفق مبدأ الامكان والحرية والاحتمال والتقريب ووالارتياب وعدم التحديد فهي ظواهر حولت حقيقة العلم من المطلقية الى النسبية، من اليقين العلمي الى اللايقين العلمي، وهي الحقيقة التي اقرها علماء الذرة في القرنين 19 وال20 العشرين امثال هيزنبيرغ ولانجفان وادينجتون.
وفي هذا السياق يقول الفرنسي كلود بيرنارد(( يجب ان نكون حقيقة مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الاشياء الا بوجه تقريبي كثيرا او قليلا، وان النظريات التي نمتلكها هي ابعد من ان تمثل حقائقا ثابتة.)) ص136/ك.م.دروس ونصوص.
وقال غاستون باشلار(( ان العلم الحديث هو في الحقيقة معرفة تقريبية.)) ن المرجع ص 136.
3. الحقيقة الذوقية ((الحقيقة عند الصوفية))
هي حقيقة تخص فئة معينة من الناس وليست متاحة لكل الناس فهي حقيقة نخبوية تخص نخبة معينة من الناس هم رجال الزهد والتقوى يعرفون في التراث الاسلامي بأهل الذوق او بالمتصوفة.
تحصل لهؤلاء معرفة الحقيقة اليقينية والمطلقة بمجاهدة النفس وكثرة العبادات والاعراض عن شهوات الدنيا والزهد فيها، وتجيء هذه الحقيقة يقينا لاصحابها المتصوفة في شكل ذوق او كشف او نور ينبثق في نفوسهم فيرون الملائكة والانبياء والحقائق المطلقةراي العين، ولا تؤتى لهم عن طريق العقل كما يقول بذلك الفلاسفة فمصدر هذه الحقائق هوقوة الايمان بالله والله يهدي نفوس عباده المخلصين الى هذه الحقائق هداية حدسية مباشرة دون غيرهم، فيشعرون بالسعادة والامتلاء بالحقائق المطلقة، ونجم عن ذلك قولهم بالفناء والحلول في ذات الله واندماج الخالق بالمخلوق (( وحدة الوجود)) من خلال شطحات ابي يزيد البسطامي المتوفي سنة 261ه والحلاج المتوفي سنة 309ه، وفي هذا السياق قال احد المتصوفة وهو محي الدين بن عربي المتوفي سنة 638ه (( والسعادة تتحقق عند الفلاسفة لمجرد اتصال الحكيم بالله دون اندماجه في الذات الالهية.)) ص137.
بيان قيمة الشيء(( نقد الحقيقة المطلقة))
الحقيقة الفلسفية حقيقة مطلقة في ذاتها لكنها حقيقة متغيرة ونسبية عندما تتعلق بالانسان لانها متوقفة على الواقع النفسي والفكري والاجتماعي لصاحبها.
الحقيقة المطلقة من منظور فلسفي حقيقة مجردة وميتافيزيقية لانها تبحث في الحقائق الجوهرية الاولى والبعيدة للموضوعات والاشياء، وهي حقائق يصعب ادراكها بالعقل لعجزه عن بلوغها، واذا تجرأ على تناولها كانت نسبية ومتغيرة بتغير ظروف صاحبها النفسية والفكرية والاجتماعية.
وفي هذا السياق عبر الفيلسوف الفارابي عن صعوبة ادراك حقائق الاشياء بشريا فقال (( الوقوف على حقائق الاشياء ليس في قدرة البشر، ونحن لانعرف من الاشياء الا الخواص واللوازم والاعراض ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها.)).
وفي العصر الحديث راى الالماني كانط ان الحقيقة المطلقة يمكن ادراكها في الرياضيات فقط، ولكن لايمكن ادراكها عندما يتعلق الامر بالحقيقة الميتافيزيقية (( الجوهر او النومن)) لانها مستحيلة بالنظر الى الوسائل التي يملكها الانسان وهما العقل والحواس.
الحقيقة العلمية رغم اختلافها عن الحقيقة الفلسفية الا انها هي الاخرى تبقى نسبية نسبة الى طبيعة الوسائل العلمية ومدى قدرتها على تفحص ظواهرها، ونسبة الى طبيعة الموضوع المدروس من حيث البساطة والتعقيد وما يستوجبه البحث من الالمام بالظاهرة او عدمه، ونسبة الى الظروف والشروط التي انتجت هذه الحقيقة اثناء مرحلة التجريب، ونسبة ايضا الى الظروف العقلية والنفسية والصحية والاجتماعية للشخص الباحث.
الحقيقة من منظور الصوفية هي الاخرى متغيرة ونسبية نسبة الى ايمان الشخص ومدى عمقه قوته او ضعفه، لاننا كلنا نؤمن بالله ولكن مستوى الايمان وشدته وعمقه يجعل بلوغنا الحقيقة درجات متفاوتة تتناسب تناسبا طرديا مع قوة او ضعف ايماننا بالله فتنقلب الحقيقة حقائقا متغيرة بتغير مستوى ايمان اصحابها المؤمنين.
الخاتمة(( بيان حقيقة الحقيقة المطلقة))
من خلال ما سبق نلاحظ ان الحقيقة المطلقة تلاحقها النسبية في جميع مجالاتها الفلسفية او العلمية او الصوفية.
الحقيقة المطلقة حقيقة ميتافيزيقية مطلقة في ذاتها توجد مستقلة عنا وهي تختلف عن الحقيقة الموجودة في اذهاننا فهي حقيقة متغيرة ونسبية نسبة الى مذهبنا الفكري الذي ننزعه ونسبة الى المجال الذي نبحث فيه عنها. ولهذا السبب يمكننا الجزم بان الحقيقة واحدة وثابتة ومطلقة في ذاتها وكثرة وتغير وتنوع وتعدد بالنسبة الى ذواتنا.
الاشكالية الرابعة
فلسفة العلوم وفيها خمس مشكلات جزئية:
المشكلة الجزئية الاولى: في الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية المطلقة
المشكلة الجزئية الثانية: في الرياضيات والمطلقية
المشكلة الجزئية الثالثة: في العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية
المشكلة الجزئية الرابعة: في علوم الانسان والعلوم المعيارية
المشكلة الجزئية الخامسة: في الابستمولوجيا وقيمة العلم
اولا/ في الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية المطلقة والحقيقة الصوفية
المقدمة :
اذا كانت الحقيقة فتنت اهل العقل والايمان واذا كانت هي الهدف الذي يطلبه الانسان عبر الازمان ، فماهي هذه الحقيقة وما هي أصنافها، وهل هي ثابتة ومطلقة ام متغيرة ونسبية؟
التوسيع:
بيان طبيعة الشيء(( تعريف الحقيقة))
· الحقيقة عند اللغويين هي ماهية الشيء او ذاته، أي اذا اردنا معرفة حقيقة الانسان أي ماهيته فنقول هو حيوان عاقل ولانقول حيوان ضاحك لان صفة الضحك لاتعبر هنا عن ماهية الانسان بل عن صفة عرضية فيه.
· اصطلاحا الحقيقة هي مطابقة الحكم او التصور او المعنى للواقع، أي اذا حكمنا بان الجاذبية مثلا هي سبب سقوط الاجسام، وتكون التجربة العلمية قد اكدت صحة هذا الحكم، فان هذا الحكم هو الذي يمثل الحقيقة.
· والحقيقة كمفهوم يختلف معناها بحسب المجال الذي تنبثق منه فهي ثلاثة اصناف، فماهي هذه الاصناف؟
اثبات وجود الشيء (( أصناف الحقيقة))
الحقيقة الفلسفية (( الحقيقة المطلقة))
هي اقصى ما يطمح اليه الفيلسوف او الرجل الحكيم عن طريق العقل، تبحث عن الحقيقة القصوى التي لا حقيقة فوقها، وتهتم بما وراء الواقع المحسوس وليس بالمحسوس او الواقع الظاهر، لان الواقع متغير والمتغير نسبي وحقيقة الاشياء تعرف بصفاتها الثابتة والدائمة والمطلقة ولا تعرف بالمتغيراو بالنسبي منها.
قديما قسم افلاطون العالم الى عالمين، عالم الاشياء وعالم المثل، ووصف العالم الاول بالفناء والتغيرووسيلة ادراكه الحواس، ووصف العالم الثاني بالخلود والديمومة وهو الذي يسميه بعالم الحقيقة المطلقة، ومثاله في ذلك حقيقة الخير وحقيقة الجمال وحقيقة المعاني الرياضية وهي حقائق مطلقة لاتدرك عن طريق الحواس لانها لاتقدر على ذلك ، بل عن طريق العقل او عن طريق ما تعلمته النفس عند ما كانت في عالم المثل قبل اتحادها بالجسد.
كما كان أرسطو يرى ان الله -كظاهرة ميتافيزيقية - هو الحقيقة المطلقة التي ليس كمثلها شيء في العالم المادي، ويسمي ارسطو الله بالمحرك الاول الذي يحرك ولا يتحرك وهو غير مرئي يغير ولا يتغيرفهو كائن تام وابدي، انه اصل هذا الكون ومبدأ الحياة فيه.
الحقيقة العلمية (( الحقيقة النسبية))
هي التي ترى ان الحقيقة تكمن في تطابق الفكر مع الواقع وفق منهج الاستقراء وخطواته العملية، وكانت الحقائق في العلم تعرف الاستقرار والثبات والمطلقية في العصر الحديث، وكانت هذه الحقائق تصدق فقط على القضايا الطبيعية ذات البنية البسيطة ، لكن سرعان ما اصبحت الحقيقة العلمية في بداية القرن 19 وال 20 عشرين نسبية، نسبة الى طبيعة ظواهر عالم الميكروفيزياء المعقدة (( عالم الذرة)) فهي موضوعات تتحرك ظواهرها وفق مبدأ الامكان والحرية والاحتمال والتقريب ووالارتياب وعدم التحديد فهي ظواهر حولت حقيقة العلم من المطلقية الى النسبية، من اليقين العلمي الى اللايقين العلمي، وهي الحقيقة التي اقرها علماء الذرة في القرنين 19 وال20 العشرين امثال هيزنبيرغ ولانجفان وادينجتون.
وفي هذا السياق يقول الفرنسي كلود بيرنارد(( يجب ان نكون حقيقة مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الاشياء الا بوجه تقريبي كثيرا او قليلا، وان النظريات التي نمتلكها هي ابعد من ان تمثل حقائقا ثابتة.)) ص136/ك.م.دروس ونصوص.
وقال غاستون باشلار(( ان العلم الحديث هو في الحقيقة معرفة تقريبية.)) ن المرجع ص 136.
الحقيقة الذوقية ((الحقيقة عند الصوفية))
هي حقيقة تخص فئة معينة من الناس وليست متاحة لكل الناس فهي حقيقة نخبوية تخص نخبة معينة من الناس هم رجال الزهد والتقوى يعرفون في التراث الاسلامي بأهل الذوق او بالمتصوفة.
تحصل لهؤلاء معرفة الحقيقة اليقينية والمطلقة بمجاهدة النفس وكثرة العبادات والاعراض عن شهوات الدنيا والزهد فيها، وتجيء هذه الحقيقة يقينا لاصحابها المتصوفة في شكل ذوق او كشف او نور ينبثق في نفوسهم فيرون الملائكة والانبياء والحقائق المطلقةراي العين، ولا تؤتى لهم عن طريق العقل كما يقول بذلك الفلاسفة فمصدر هذه الحقائق هوقوة الايمان بالله والله يهدي نفوس عباده المخلصين الى هذه الحقائق هداية حدسية مباشرة دون غيرهم، فيشعرون بالسعادة والامتلاء بالحقائق المطلقة، ونجم عن ذلك قولهم بالفناء والحلول في ذات الله واندماج الخالق بالمخلوق (( وحدة الوجود)) من خلال شطحات ابي يزيد البسطامي المتوفي سنة 261ه والحلاج المتوفي سنة 309ه، وفي هذا السياق قال احد المتصوفة وهو محي الدين بن عربي المتوفي سنة 638ه (( والسعادة تتحقق عند الفلاسفة لمجرد اتصال الحكيم بالله دون اندماجه في الذات الالهية.)) ص137.
بيان قيمة الشيء(( نقد الحقيقة المطلقة))
· الحقيقة الفلسفية حقيقة مطلقة في ذاتها لكنها حقيقة متغيرة ونسبية عندما تتعلق بالانسان لانها متوقفة على الواقع النفسي والفكري والاجتماعي لصاحبها.
· الحقيقة المطلقة من منظور فلسفي حقيقة مجردة وميتافيزيقية لانها تبحث في الحقائق الجوهرية الاولى والبعيدة للموضوعات والاشياء، وهي حقائق يصعب ادراكها بالعقل لعجزه عن بلوغها، واذا تجرأ على تناولها كانت نسبية ومتغيرة بتغير ظروف صاحبها النفسية والفكرية والاجتماعية.
· وفي هذا السياق عبر الفيلسوف الفارابي عن صعوبة ادراك حقائق الاشياء بشريا فقال (( الوقوف على حقائق الاشياء ليس في قدرة البشر، ونحن لانعرف من الاشياء الا الخواص واللوازم والاعراض ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها.)).
· وفي العصر الحديث راى الالماني كانط ان الحقيقة المطلقة يمكن ادراكها في الرياضيات فقط، ولكن لايمكن ادراكها عندما يتعلق الامر بالحقيقة الميتافيزيقية (( الجوهر او النومن)) لانها مستحيلة بالنظر الى الوسائل التي يملكها الانسان وهما العقل والحواس.
· الحقيقة العلمية رغم اختلافها عن الحقيقة الفلسفية الا انها هي الاخرى تبقى نسبية نسبة الى طبيعة الوسائل العلمية ومدى قدرتها على تفحص ظواهرها، ونسبة الى طبيعة الموضوع المدروس من حيث البساطة والتعقيد وما يستوجبه البحث من الالمام بالظاهرة او عدمه، ونسبة الى الظروف والشروط التي انتجت هذه الحقيقة اثناء مرحلة التجريب، ونسبة ايضا الى الظروف العقلية والنفسية والصحية والاجتماعية للشخص الباحث.
· الحقيقة من منظور الصوفية هي الاخرى متغيرة ونسبية نسبة الى ايمان الشخص ومدى عمقه قوته او ضعفه، لاننا كلنا نؤمن بالله ولكن مستوى الايمان وشدته وعمقه يجعل بلوغنا الحقيقة درجات متفاوتة تتناسب تناسبا طرديا مع قوة او ضعف ايماننا بالله فتنقلب الحقيقة حقائقا متغيرة بتغير مستوى ايمان اصحابها المؤمنين.
الخاتمة(( بيان حقيقة الحقيقة المطلقة))
من خلال ما سبق نلاحظ ان الحقيقة المطلقة تلاحقها النسبية في جميع مجالاتها الفلسفية او العلمية او الصوفية.
الحقيقة المطلقة حقيقة ميتافيزيقية مطلقة في ذاتها توجد مستقلة عنا وهي تختلف عن الحقيقة الموجودة في اذهاننا فهي حقيقة متغيرة ونسبية نسبة الى مذهبنا الفكري الذي ننزعه ونسبة الى المجال الذي نبحث فيه عنها. ولهذا السبب يمكننا الجزم بان الحقيقة واحدة وثابتة ومطلقة في ذاتها وكثرة وتغير وتنوع وتعدد بالنسبة الى ذواتنا.
ام ايمان16
2011-04-21, 15:43
الحرية والمسؤولية
طرح المشكلة
القضية المطروحة للبحث تتعلقبالحرية والمسؤولية، وهي قضية مركبة لا يمكن تجزئتها، بمعنى انه لا يمكننا طرح قضيةالحرية بمفردها بمعزل عن المسؤولية، وكذلك العكس صحيح، فالمسؤولية مشروطة بالحريةولا معنى لها في غيابها،أي انها تثبت بثبوت شرطها وترفع برفعه، وكذلك الحرية تستوجبقيام المسؤولية.انهما اذن متلازمان في الوجود ولايمكن الفصل بينهما. أن المشكلة فيالحقيقة مزدوجة تدعونا تارة الى الانطلاق من الحرية كشرط لتأسيس المسؤولية وتارةاخرى الى اعتبار هذه المسؤولية شرطا يبرر ويستوجب وجود الحرية.
صياغةالمشكلة
ايهما يعتبر المبدأ الحرية أم المسؤولية؟ او بصيغة اخرى ايهما يعتبرشرطا للآخر أم مشروطا به؟
الجزء الاول(( الحرية مبدأ وشرط للمسؤولية))
طرحيقول بان الحرية هي المبدأ وهس الشرط، وان الحديث عن المسؤولية لا يستقيم الا بوجودالحرية، ويترتب عن هذا الطرح انه يجب البحث اولا في الحرية والنتائج التي يخلصاليها البحث هي التي تحدد ثبوت المسؤولية او عدم ثبوتها، يمثل هذا الطرح مناصروالحرية ونفاتها واصحاب الكسب والتوسط وكذلك دعاة التحرر.
1.أنصارالحرية
• اليوناني افلاطون: حرية الاختيار مبدأ مطلق لا يفارق الانسان وهو مبدأ أزلي يتخطىحدود الزمان والمكان، وقد عبر افلاطون عن هذا المبدأ في صورة اسطورة ملخصها انالاموات يطالبون بان يختاروا بمحض حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم القادم وبعد اختيارهميشربون من نهر النسيان ثم يعودون الى الارض وق نسوا بانهم هم الذين اختاروا مصيرهمويأخذون في اتهام القضاء والقدر في حين ان الله بريء.
• المعتزلة في الفكرالاسلامي: ما يدل عندهم على ان الانسان يمارس افعاله بارادته الحرة هو شعوره بهاانها تصدر منه ويتضح ذلك في قولهم(( الانسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسبالدواعي والصوارف، فأذا اراد الحركة تحرك واذا اراد السكون سكن.)).كما ان وجودالتكليف الشرعي والجزاء الذي يتبعه دليل آخر على حرية ارادة العبد ودليل على عدلالله.
• الفرنسي ديكارت: الحرية مثبتة بشهادة الشعور وحده من غير حاجة الى ادلةوذلك من خلال قوله(( ان حرية ارادتنا يمكن ان نتعرف اليها بدون ادلة وذلك بالتجربةوحدها التي لدينا عنها. لكن ديكارت يميز بين حرية الاختيار الحقيقي وحريةاللامبالات، فالاولى تتم بالاختيار بين عدة بدائل استنادا الى مبررات ذاتية، اماالثانية ففيها يستوي الضدان((الاثبات والنفي)) بلا رجحان.
• الفرنسي برغسون: يصفالحرية بقوله((انها معطى مباشر للشعور.))، كما ان شعورنا بالحرية متغير با ستمراربحيث لا يمكن ان تتكرر حالتان متشابهتان اطلاقا، وهذا يعني ان الحياة النفسية لاتخضع الى قانون الحتمية، كما ان الفعل الحر يصدر عن النفس بأجمعها، وليس عن قوةتضغط عليه او عن دافع يتغلب على غيره، وذلك من خلال قوله(( ان الفعل الحر ليس فعلاناتجا عن التروي والتبصر، انه ذلك الفعل الذي يتفجر من اعماق النفس.)).
• الفرنسي جون بول سارتر: لا فرق بين وجود الانسان وحريته، فهو محكوم عليه بالاختياروالمسؤولية وفي ذلك يقول(( ان الانسان لايوجد اولا ليكون بعد ذلك حرا، وانما ليسثمة فرق بينوجود الانسان ووجوده حرا.)) وقال ايضا(( انه كائن اولا ثم يصير بعد ذلكهذا او ذاك.)).
استنتاج: ينتج عن هذه المواقف الكلاسيكية جميعها ان الانسان حرحرية مطلقة ومن ثمة فهو مسؤول ويتحمل عواقب اختياراته.
مناقشة مواقف مناصريالحرية
• ان القول بوجود حرية مطلقة في غياب كل اكراه داخلي او خارجي هو موقفميتافيزيقي مجرد لا وجود له في حياتنا الواقعية، فأرادتنا لا يمكنها ان تقول للشيءكن فيكون، انها لا تستطيع ان تنفلت خارج الحتميات وتتحدى قوانين الطبيعةوالنفس.
• كما ان الشعور بالحرية قد يكون مصدر خداع ووهم كما يصفه الفيلسوفسبينوزا فهو شعور اشبه ما يكون بحجر رمي به من الفضاء وفي ذلك يقول((لو كان يتوفرعلى شيء من الشعور لظن في اثناء رميه وسقوطه نحو الارض انه يقرر مسار قذفته ويختارالمكان والوقت الذي يسقط به.)).
• كما نأخذ على الفيلسوف برغسون قوله بحريةالفرد المنعزل عن الآخرين.
• كما نسجل على الفرنسي سارتر حذفه لكل تمييز بينافعالنا الحرة منها وغير الحرة ما دامت الحرية تطابق وجود الانسان،كما انه ينفيالحرية من حيث اراد ان يثبتها لأنه يعتبر ان الانسان محكوم عليهبالاختيار.
2.نفاة الحرية
• الحتمية الفيزيائية: الانسان مثله مثل جميعالمخلوقات لا يعدو ان يكون جسما يخضع لقانون الجاذبية ويتأثر بالعوامل الطبيعية منحرارة وبرودة..الخ
• الحتمية الفيزيولوجية: وتتمثل في تأثير المعطيات الوراثيةوتأثير الغدد الصماء والجملة العصبية وهي التي تحدد الجنس والخصائص الجسمية.
• الحتمية النفسية: وتتمثل في تأثير الجانب اللاشعوري وتوجيهه للسلوك وهذا ما بينتهنتائج التحليل النفسي عن النمساوي سيغموند فرويد.
• الحتمية الاجتماعية: يؤكدعلماء الاجتماع ان التصورات والافكار والافعال الصادرة عن الفرد راجعة الى تأثيرالمكتسبات الاجتماعية من عادات وقيم واخلاق التي تشكل في مجموعها الظميرالجمعي.
• الحتمية الميتافيزيقية: وتتمثل في جبرية القضاء والقدر، قال بهاالجهمية حيث ذهبوا الى ان افعال الانسان ليست اختيارية انما يخلقها الله فينا علىحسب ما يخلق في سائر الجمادات، والافعال تنسب الينا مجازا كما تنسب الى الجمادات،فكما يقال اثمرت الشجرة وجرى الماء وتحرك الحجر وطلعت الشمس او غربت كذلك يقال سافرفلان او نجح فلان....الخ.
3.أنصار التوسط بين الجبر والاختيار
• موقفالاشاعرة: يرى الاشعري ان الافعال الصادرة عن الانسان مشاركة بين الانسان وخالقه،فالانسان يريد الفعل والله يخلقه.
4.أنصار التحرر
• الرواقيون: الانسان يعيشعالمين عالم داخلي قوامه الحرية أي انه حر امام ذاته وعالم خراجي قوامه الضرورة، أيليس حرا امام العالم الخارجي لأنه لا يستطيع ان يؤثر في الاشياء الخارجية. واذا كانالرواقيون قد حاولوا التوفيق بين الضرورة والحرية فأن الضرورة تبقى هي الاصل في كلالاشياء، اما الحرية فأنها تكتسب من خلال موافقة الانسان لقوانين الكون ومحاولةفهمها لا معارضتها.
• الالماني كارل مار ** وصديقه فريدريك انجلز: يتمثل التحررمن خلال معرفة الانسان لمختلف القوانين الحتمية واستغلال نتائجها من الناحيةالتطبيقية، وفي هذا السياق قال ماركس((الحرية وعي بالضرورة))وقال انجلز((فالانسانلم يكن يتميز عن الحيوان لان سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققتوبالتالي فان حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها، لكن المؤكد ان كل خطوةخطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره.)).
• الشخصانية:باعتبارها فلسفة عمل وتحرر بقول رائدها ايمانويل موني((ان الحرية لاتكتسب بمضادة الطبيعة انما تكتسب بالانتصار عليها وبها.)).
استنتاج:ينتج عن هذهالمواقف ان الانسان فاقد للحرية ومن ثمة فهو غير مسؤول عن افعاله أي لا يتحمل نتائجما يصدر عنه من تصرفات.
مناقشة آراء نفاة الحرية وأصحاب التوسط ودعاةالتحرر
• ان الاقرار بالحتمية لايعني تكبيل ارادة الانسان ورفع المسؤولية عنه،فهناك فرق بين عالم الاشياء وعالم الانسان، فالاول يستجيب آليا لنظام الطبيعةوالثاني يستجيب له وهو كله وعي واكثر من ذلك يستطيع ان يسخر لنفسه قوانين الطبيعةحسب ارادته بعد معرفتها والتحكم فيها، فالحتمية لاتتنافى مع الحرية ان هي اخذت فيهذا السياق على انها تحرر.
• كما ان القول مع الجهمية ان ادعاء الحرية يتعارضشرعا مع مسألة الايمان بالقضاء والقدر، قول يناقض التكليف الشرعي وما يتبعه منجزاء، كما انه قول يدعو الى التواكل والاستسلام والافلات من الواجبوالمسؤولية.
استنتاج: من خلال ما سبق بيانه حول استعراض الحتميات ومناقشتها لناان نتساءل كيف تقوم المسؤولية والشرط الذي يؤسسها لم يتأكد، اذ ليس من المعقولالحديث عن شيء يتوقف ثبوته او نفيه على امر مجهول، ومع ذلك تبقى المسؤولية-كماسنرى-في منطوق الطرح الثاني قائمة يتحملها الانسان بوصفه انسانا.
الجزءالثاني((المسؤولية مبدأ وشرط للحرية))
طرح يرى ان المسؤولية قضية سابقة لطرحقضية الحرية، بمعنى ان الانسان يجب ان يكون مسؤولا اولا ليكون بعد ذلك حران يمثلهذا الطرح رجال الدين وفلاسفة الاخلاق، ودليلهم في ذلك ان التكليف سواء كان شرعيااو اخلاقيا يسبق الحرية ويبررها بغض النظر عن العوامل التي تحيط بالمكلف.
• المعتزلة في الفكر الاسلامي: التكليف الشرعي الصادر من الله والذي يخاطب عقلالانسان بأفعل ولا تفعل انما هو تحميل الانسان للمسؤولية امام اوامر الله ونواهيهباعتباره حرا والا كان التكليف سفها وباطلا، اذ لا يصح عقلا ان تقول لمن ليس حراافعل ولا تفعل.والله سبحانه وتعالى يقول((لايكلف الله نفسا الا وسعها.))
• الالماني ايمانويل كانط: الواجب الاخلاقي يتضمن الحرية وذلك في قوله((اذا كان يجبعليك فأنت تستطيع)) والواجب الخلقي ألزام داخلي مصدره الظمير الخلقي الذي يعاقب علىالفعل السيء بالأسف والندم والحسرة، كما انه يثيب على الفعل الحسن بالرضىوالقبول.
• مالرانش: حيث يرى ان المسؤولية مرتبطة اشد الارتباط بالقانونالاخلاقي نفسه وهو على حد تعبيره الذي لا يجوز انتهاكه ونقضه لا من طرف العقول ولامن طرف الاله نفسه، وفي هذا المعنى يقول((ان الذي يريد من الله ان لا يعاقب الجوراوادمان الخمر لا يحب الله.))
استنتاج: ما يؤكد وجود الحرية المسؤولية وما يؤكدوجود المسؤولية هو العقوبة المرتبطة بالقانون الاخلاقي.
مناقشة منطوق الطرحالثاني
• ان المسؤولية البشرية لايمكن ان تكون كاملة، لان حرية الانسان نسبيةفقد يرتكب اخطاءا في حق الغير من غير قصد منه.
• كما ان دعاة المسؤولية جعلوا منالقصاص مرتبط بغايات اخلاقية فقط، فمعاقبة المجرم يحقق في نظرهم شعوره بالذنبوالندم عليه وفي ذلك تطهير وتأديب له وجعله عبرة لغيره، لكنها تجاهلت الاساسالاجتماعي الذي يجب ان تبنى عليه العقوبة والمتمثل في حماية المجتمع ووقايته منالخطر، والنظر في اسباب الجريمة وما يجب اتخاذه من اجراءات الدفاع الاجتماعي أمابمعاقبة المجرم او اصلاحه او معالجته حيث اخذ الدور التربوي يحتل الصدارة فيالعقوبات.
استنتاج: ليس من السهل تقرير مدى مسؤولية الانسان امام نتائج افعاله،لان ذلك مرتبط باقامة الدليل على مدى حرية الانسان ومدى قدرته على التمييز بينالخير والشر وما عقده من نية قبل اقدامه على الفعل.
الجزءالثالث((التغليب))
• يعرف الانسان بخاصية المسؤولية اكثر منه بخاصية الحرية،فالمسؤولية تنصب على الانسان اولا بدون التساؤل عن شروطها، فعندما يكلفك استاذكالقيام بواجب مدرسي لا يسألك هل انت حر أم لا، انه يفترض وجودها مسبقا، كماتظهرالمسؤولية عند اعتذارنا عن اخطاء ارتكبناها في حق الغير من دون ان نقصد الى فعلذلك.
• كما ان ما يهم القاضي بالدرجة الاولى هو معرفة من قام بالفعل وما الذيترتب عن الفعل من نتائج اكثر من اهتمامه بدوافع الفعل، رغم اخذ القاضي بها بعينالاعتبار كظروف مخففة.
• وما يؤكد مسؤولية الانسان ان الله جعله خليفته في الارضومنحه عقلا يميز به بين الخير والشر وارادة يوجهها كيفما يريد وذلك جلي في قولهتعالى في سورة الاحزاب72((أنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين انيحملنها وأشفقنا منها وحملها الانسان، انه كان ظلوما جهولا.)).
الخاتمة((حلالمشكلة)): ان موضوع المسؤولية والحرية يرتبط اشد الارتباط بجوهر الانسان، فكمااننا نقول في مجال الفلسفة ان الانسان حيوان عاقل مهما كانت حدوده الزمكانية، ومهماكانت ظروفه وسنه وجنسه، نقول ايضا انه كائن مسؤول بقطع النظر عن وضعه واحواله وسنهوجنسه.
اختكم في الله.................
ام ايمان16
2011-04-21, 15:46
الطريقة الاستقصائية بالرفع
السؤال المشكل
إذا افترضنا أن الأطروحة القائلة :( بمعرفتنا بقواعد المنطق الصوري نكون في مأمن من الأخطاء) أطروحة صحيحة في نظر أصاحبها ، وتقرر لديك تفنيدها وإبطالها ، فما عساك أن تفعل؟
المقدمة : إن الفكر السليم يسعى دائما لتجنب الوقوع في الخطأ . و في نظر البعض أنه لا يحقق ذلك ألا إذا تطابقت أحكامه مع الواقع أما أرسطو فيرى بأن معرفتنا بقواعد المنطق الصوري تقينا من الوقوع في الخطأ . لكن هذا لا يعبر عن حقيقة مطلقة و نهائية ، فكيف يمكن تفنيده وإبطاله ؟
التحليل :
(1) عرض منطق الأطروحة:
يؤكد أرسطو بان قواعد المنطق الصوري عند الالتزام بها تجنبنا الوقوع في الخطأ . حيث لا نضمن صحة أي استدلال إلا باحترام المبادئ المنطقية الأساسية : مبدأ الهوية و فرعيه مبدأ عدم التناقض و مبدأ الثالث المرفوع . و نلاحظ ذلك جليا في قواعد التعريف قواعد الاستدلال المباشر وغير المباشر (القياس) . إن عدم الالتزام بتلك المبادئ و الشروط يجعل الفكر يقع في تناقض مع نفسه .
(2) عرض منطق المناصرين ونقدهم :
* و تمثله النزعة المنطقية الكلاسيكية حيث ترى أن الفكر السليم لا يتححقق إلا إذا توفرت له شروط و هذه الشروط هي مبادئ المنطق الصوري . حيث جعله أبو حامد الغزالي معار العلم كما وجد صداه في الفكر الكنائسي .
* أن التمسك بالمنطق الصوري و تعميمه على كل مجالات المعرفة(العقلية والحسية) جعله يعطل الفكر العلمي لقرون كثيرة ، حيث لم يظهر العلم إلا بعدما تخلص من هيمنة المنطق الصوري .
(3) إبطال الأطروحة :
قد نعرف هذه القواعد لكننا قد نخطئ لتأثر الحكم المنطقي بــ :
ــ الحتمية النفسية : مثل الأحكام النابعة من اللاشعور.
ــ الحتمية الاجتماعية : المعتقدات الراسخة في المجتمع ،مثل الاعتقاد بأن المسيح عليه السلام ابن الله و هذا يتناقض مع فكرة الله (الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء)
ــ تأثير حتمية الفكر الفلسفي على الحكم المنطقي : مثل تأثير الفلسفة اليونانية على المنطق الأرسطي و الفلسفة الحديثة على المنطق الأرسطي و تحويله إلى منطق رياضي (رمزي)
*الاستئناس بمواقف مؤيدة :
لقد وجهت انتقادات للمنطق الأرسطي(من فبل ابن تيمية و جابر ابن حيان حيث رأى أنه لا يصلح في المجال الحسي و في نفس الاتجاه ذهب كل من فرنسيس بيكون نقد كارل ماركس.....الخ
الخاتمة : الاستنتاج
التأكيد على مشروعية الإبطال
إذن معرفتنا بقواعد المنطق لا تقينا الوقوع في الخطأ فلا بد لنا من نتسلح بأدوات و وسائل أخرى
تجنبنا ذلك (كالاستقراء العلمي مثلا) و أن نحسن استعمال كل منهما في مجاله .
بالتوفيق /// نطلب منكم الدعاء لنا و لإخواننا .
ام ايمان16
2011-04-21, 15:48
مقالة فلسفية:
"هل الذكاء فطري أم مكتسب ؟"
مقدمة :
يمتاز سلوك الإنسان بأنه يقوم على إدراك وتأويل ما يشاهده في ذهنه بفضل التجربة والتعميم ومعينة الماضي بفضل عملية التذكر، بينما يتصف سلوك الحيوان بأنه نوعي ثابت لا يتطور آلي رتيب ،والفعل الذكي هو سلوك جديد يعتمد على الخبرات السابقة ويتميز بفهم العلاقات بين ما هو معطى وما يمكن إبداعه ويمتاز بأنه : نظري ، تصوري ، قصدي ، إرادي ، جديد متحرر من الزمان والمكان ولم يختلف السيكولوجيون في موضوع كاختلافهم في تعريف الذكاء لأنه لسي وظيفة عقلية معينة إنما هو طريقة في العمل تتطلب تكامل عمل كل الوظائف العقلية معا (الإحساس والإدراك والتذكر والإنتباه والتصور ....) فإذا كان (سبنسر) عرف الذكاء بأنه قدرة عقلية على التنظيم والتركيب والتلازم ، فإن ( مكدوغال) يعرفه بأنه قدرة عقلية على القيام بعمليات التفكير العليا والتفكير المجرد خاصة ، ويعرفه (كوهلو) بأنه قدرة عقلية على إدراك الدراسات ، ويعرفه( كلنن) بأنه قدرة عقلية على التعلم وتحصيل المعلومات لم يقف تعريف الفلاسفة عند تعريف الذكاء بل تعداه إلى الاختلاف في أصل الذكاء فمنهم من يرى أنه فطري وراثي ومنهم من يرى أنه مكتسب من صنع البيئة والتربية والمجتمع ، فهل يا ترى الذكاء فطري غريزي بالوراثة من الآباء إلى الأبناء أم أن الفرد يولد بدون أي ذكاء ثم يتحصل عليه ويكتسبه من المجتمع ؟
ق1/
القائلين بأن الذكاء فطري يعود إلى عوامل وراثية ، يلح أرسطو على الفروق الطبيعية بين الأفراد ويقول : (يولد الذكي ذكيا والغبي غبيا) ويركز الفيزيولوجيون على ربط علامات الذكاء ببعض الصفات الجسدية الوراثية الداخلية (كمرونة الجملة العصبية أو شكل أو حجم الدماغ ..) والخارجية (كعرض الجبين واتساع العينين ..) ويرجع مورغان اختلاف القدرات العقلية الصبغيات، ويعتبر إن نسبة الذكاء تتوقف على عدد الجينات، ويعرف العبقرية بانها تشكيلة نادرة من الصبيغيات ويرى زازو إن الطفل الذي يولدمن أباء أذكياء وينتمي إلى أفراد متوقفين فانه ينشأ مزودا بنسبة عالية من الذكاء وفي مجال الإبداع أن أهمية توفر مجموعة من الشروط النفسية والفطرية للإبداع ، فالإبداع وقف على هؤلاء المبدعين الذين يتصفون بصفات فطرية مميزة ، وقدم هؤلاء من الأدلة تؤكد فطرية الذكاء ودور عامل الوراث في تكوين ومن هذه الحجج التفاوت الموجود في الذكاء بين أبناء البيئة الواحدة بين( الاخوة في الاسرة تجد فيهم الذكي ووالاقل ذكاء) بينما نجد ان هنلك تقارب بين ذكاء التوم الحقيق وان أبناء الأغنياء رغم توفر كل الامكانيات والشروطاالبيئة الجيدة لايكونو اجميعا اذكياء ، ولقد اثبت الإحصائيات أن معظم العباقرة في بيئات فقيرة أو معدومة كذلك ملاحظة بور" في تجاربه على مدرستين احداهما تظم ابناء المثقفين والاذكياء والاخرى ابناء العدين فلاحظ فان نسبة النجاح في الأولى أكثر من الثانية فأكد على ارتباط إذكاء الأطفال بذكاء آباءهم كما اهتمتهم التريبة الحديثة بالفروق الفردية الفطرية بين التلاميذ وصنفتهم ووزعتهم على الأقسام حسب ذكائهم وفي ملاحظة رجل تزوج من امرأتين أحداهما ذكية والا تخرى غبية فوجد إن أبناء الأولى أذكياء بعكس أخوتهم من الأم الثانية، ولقد لقن النبي صلى اله عليه وسلم نظرا لامية العامل الوراثي بقوله " تخيروا لنطفكم فان العرق دساس " و" خولو لأولادكم :
النقد :
لقد تبنت نظرية العرقية هذا الموقف وبررت به مقولة التفوق العرق وان الذكاء وقف على شعب دون آخر ولكن هذا هل يعني أن الوراثة وحدها هي التي تهب الذكاء ألا يمكن إن يكون البيئة الجيدة التي يوفرها الآباء المثقفون التي صنعت ذكاء أبناءهم ألا يمكن أن تكون البيئة العادية هي التي صنعت هؤلاء العباقرة؟أ و لم يقال الحاجة أم الاختراع
ق2:
ركز علماء التربية على الوسط الاجتماعي والثقافي ، ودور التربية في تكوين الأطفال بإلغاء النظر إلى أي من الموروثات الفطرية يقول الغزالي : " الطفل كالعجينة يستطيع المربي إن يشكله المربي كما يشاء" ويقول هربرت" الأطفال صفحات بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء" ويعتبر ألفا الشخصية عموما لا بما فيها الذكاء طبعا : هي محصلة الحياة الاجتماعية ويرد القدرات العقلية إلى الآخرين فعندما أتذكر فان الغير هم الذين يدفعون إلى التذكر "وألغى سندرسل مل المؤثرات الوراثية وقال: " أعطيني لحما وعصبا ودما – أي جينات- أعطيك ما تريد" ويستمد هؤلاء موقفهم من الأدلة التالية في مجال الإبداع يؤكد على أهمية العوامل الاجتماعية ففي البلدان المتقدمة علميا والتي توفر كل إمكانيات الإبداع لوحظ ارتفاع نسبة الذكاء عند الأطفال" أن الإدراك الذهني المتوفر عند الطفل يكون بفضل اللغة واللغة مكتسبة ولحظت العلاقة الكبيرة بين مستوى الذكاء والرصيد اللغوي و أي اضطراب في النطق يؤدي الاتارخ في النمو العقلي وفي تجارب على التوأم الحقيقة وجد انذكائهم يختلف باختلاف بيئتهم
النقد:
لكن هل البيئة هي صانعة الذكاء وهل كل الأطفال كالعجينة وكلهم صفحات بيضاء ؟ وإذا كان الذكاء يعود إلى الشروط البيئية فلماذا لا يشتري الأغنياء الذكاء إلى أبناءهم ؟
♦تركيب:
يقول فالون: إن الجماعة ليست حرة في إن تصنع من الفرد ما تشاء لان استجابة الفرد للمطيح تختلف باختلاف خصائصه الوراثية" إذن لا نستطيع أن نوقف الذكاء على عامل دون آخر يقول زازو إن المحيط يعمل على ازدهار الذكاء وكن في الحدود التي تتحملها خصائصه الوراثية " ويحل سيبرهان أن هذا الأشكال بالتميز بين نوعين من الذكاء : ذكاء عام فطري وثابت ولا يتأثر بالتعليم ويكتمنل في سن 18 عاما ، وذكاء خاص يتمثل في الملكات العقلية الخاصة – وان كمانلها أساس فطري – إلا أنها قابلة للاكتساب والنمو بواسطة ألتدربي وحسب الشروط المتوفرة
خاتمة :
هذا نستطيع تعريف الذكاء بأنه حدة الفهم الفطرية التي تهيأ الإنسان لاكتساب اكبر عدد من المعارف لاستخدامها في حل المشاكل الجديدة و بها يكون الذكاء محصلة إلى قوى النفس(الفطرية) ومحصلة إلى كل معرفنا ( المكتسبة)، وهو يتخطى كل ذلك ويجعل منها مواد أولية يستخدمها في إبداع أشياء جديدة إذن فالذكاء في أصله فطري وراثي يبقى كامنا ما لم يتدخل المحيط في إبرازه.
==================================
مقالة جدلية حول الديمقراطية:
الديمقراطية الاجتماعية:
هل يمكن تحقيق الاستقرار في ظل الديمقراطية الاجتماعية؟
مقدمة:
وصف الفلاسفة الإنسان منذ القديم بأنه كائن مدني بطبعه فحياته لا تقوم و لا تستمر إلا في ظل وجود سلطة تحكمه حتى أن أرسطو اعتبر الدولة من الأمور الطبيعية و الواقع أن استقرار التاريخ يجعلنا نميز بين نظامين: نظام حكم فردي يعتمد على الفصل بين السلطات و آخر جماعي يدافع عن الديمقراطية فإذا علمنا أم المذهب الليبرالي يتبنى الديمقراطية السياسية و أن الاشتراكية تؤمن بفكرة المساواة الاجتماعية فالمشكلة المطروحة *هل تستطيع الديمقراطية السياسية تحقيق الاستقرار السياسي؟ أم أنه لا يمكن تصور الديمقراطية إلا في ظل المساواة الاجتماعية؟
الأطروحة الأولى:
ربط أنصار المذهب الليبرالي بين الديمقراطية و فكرة الحريات الفردية و هذا المذهب هو نظرية في السياسة و الاقتصاد كما ذهب إلى ذلك ماكس فيبر و أصحابها ينظرون إلى العمل السياسي من زاوية المشاركة السياسية و حق المعارضة و هذا ما عبر عنه هانري مشال بقوله (الغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية) و من الناحية الفلسفية ترتبط الديمقراطية السياسية بفلسفة التنوير تلك الفلسفة التي رفعت شعار (لا سلطة على العقل إلا العقل) و تجسدت هذه الفكرة بوضوح في فلسفة هيقل الذي قال:(الدولة الحقيقية هي التي تصل فيها الحرية إلى أعلى مراتبها ) و القصد من ذلك أن جوهر الديمقراطية قائم على حرية إبداء الرأي و احترام الرأي المخالف وواجب السلطة هو حماية الحريات المختلفة ( السياسة و الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية) و في هذا السياق تظهر أفكار سبينواز الرافضة لفكرة التخويف التي تعتمد عليها الأنظمة الاستبدادية و هو يرى أن السلطة الحقيقية هي التي تحمي حرية الفكر و تضمن المشاركة السياسية للأفراد و من الناحية التاريخية تعتبر الثورة الفرنسية 1789 في نظر رجال الفكر و التاريخ أكثر الثورات التي حملت لواء الديمقراطية السياسية و خاصة دفاعها عن المساواة السياسية كما ذهب جفرسون في صياغته للدستور الأمريكي إلى المطالبة الحكومات الديمقراطية بحماية حق الأفراد في الحياة و التفكير و يمكن القول أن الديمقراطية السياسية تتميز بجملة من الخصائص أهمها :حرية الصحافة بجميع أشكالها و كذا تبني خيار التعددية الحزبية و الحق في المعارضة السياسية ،و ترقية و حماية الحريات الفردية المختلفة و الدفاع عن حقوق المرأة و الطفل باعتبار الإنجاب الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها كل هذه المبادئ، اختصرها كليسونفي مقولته: إن فكرة الحرية هي التي تحتل الصدارة في الإديولوجيا الديمقراطية و ليست المساواة.
نقد:
إن فكرة الحرية السياسية التي دافع عنها المذهب الليبرالي محدودة ما دامت السلطة السياسية في أيدي أصحاب النفوذ الماليو الإعلامي.
نقيض الأطروحة
: ذهب أنصار مذهب الاشتراكية إلى اعتبار المساواة الاجتماعية أساس الديمقراطية، و هذا المذهب ظهر كرد فعل ضد التطرف الإديولوجيا الليبرالية و في هذا المعنى قال فريدير أنجلر:( الاشتراكية ظهرت نتيجة صرخة الألم و معاناة الإنسان ) و ذلك أن الديمقراطية السياسية لم تنجح في خلق عدالة إجتماعية و بدل الدفاع عن المساواة بين الأفراد جسدت الطبقية في أوضح صورها بين من يملك و الذي لا يملك مما دفع أناتول فرانس إلى القول :(الذين ينتجون الأشياء الضرورية للحياة يفتقدنها و هي تكثر عند اللذين لا ينتجونها ) و من هذا المنطلق رفع كارل ماركس شعارا(يا عمال العالم اتحدوا) و ما يمكن قوله أن الديمقراطية الاجتماعية التي دافع عنها أنصار هذه الأطروحة ترمي إلى ربط بين العمل السياسي و العدالة الاجتماعية، يمكن القول أن الديمقراطية الاجتماعية التي دافع عنها أنصار الأطروحة ترمي إلى الربط بين العمل السياسي و العدالة الاجتماعية و من أجل تحقيق هذا الهدف اعتمدت على مجموعة من المبادئ أهمها الاعتماد على سياسة الحزب الواحد و هذا الحزب يلعب دور الموجه و المراقب و مهمته الأساسية خلق الوحدة الوطنية من خلال تركيز جميع الجهود في مسار واحد بدل تشتيت القوي كما هو حاصل في الديمقراطية السياسية و من المنطلق أن الاشتراكية خيارا لا رجعة فيه (يسمح بوجود معارضة سياسية ) بل كل ما يعارض فكرة الديمقراطية الاشتراكية يصنف في خانة أعداء الثورة. إن جوهر العمل السياسي هو خدمة الجماهير و إزالة الفوارق الطبقية من خلال إلغاء الملكية الفردية و تجسيد فكرة التملك الجماعي فالديمقراطية الاجتماعية تهدف إلى ضرورة الانتقال من المرحلة الاشتراكية إلى المرحلة الشيوعية التي تتجسد فيها المساواة الكاملة و في هذا المعنى قال لينين في بيان الحزب الشيوعي (الاشتراكية نظام لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج و المساواة الاجتماعية الكاملة بين الأفراد و ملخص الأطروحة أن الديمقراطية الاجتماعية ترى أن المساواة الاجتماعية هي التي يجب أن تحتل الصدارة في العمل السياسي و ليست فكرة الحرية.
نقد: ما يعاب على الديمقراطية الاشتراكية الفصل بين النظرية و التطبيق فبدل تحقيق المساواة و العدالة الاجتماعية تحول العمل السياسي إلى خدمة أفراد الحزب الواحد مما عجل سقوط الأنظمة الاشتراكية.
التركيب:
ذهب لاكومب في تحليله لمسألة الديمقراطية أنها تتضمن الحرية و المساواة لأن الحرية التي تطالب بها الديمقراطية هي حرية الجميع دون استثناء فالمسألة هنا يجب النظر إليها من زاوية الكيف و ليس الكم و هذا ما أكد عليه مبدأ الشورى في الإسلام و الذي جاء القرآن الكريم بصيغة الأمر قال تعالى: (وشاورهم في الأمر) فالشورى تشترط الحوار و الحوار يدل على الحرية (و أمرهم شورى بينهم) و من الناحية التاريخية تضمن مفهوم الديمقراطية منذ نشأته مفهوم المساواة و الحرية قال بريكليس (إن السلطة عندنا ليست مسيرة لصالح الأقلية بل هي لصالح الجماهير و منه أخذ نظامنا اسم الديمقراطية) .
الخاتمة:
و مجمل القول أن الديمقراطية من حيث الاشتقاق اللغوي تتضمن فكرة الإرادة الجماعية لأنها حكم الشعب نفسه بنفسه فهي تتضمن مفهوم الرضا و القبول لأن السلطة الحاكمة تمارس وظيفتها باسم الشعب غير أن هذا المفهوم يتضمن إشكالية فلسفية حول الأساس الذي يجب أن تبنى عليه الممارسة الديمقراطية هل هو الحرية أم المساواة و من ثمة كانت هذه الإشكالية جدلية في المقام الأول و هي تعبر عن التضارب الفكري بين الإديولوجيا الليبرالية و الاشتراكية غير أنه من خلال التحليل الفلسفي الذي قمنا به توصلنا إلى هذا الاستنتاج: الديمقراطية الحقيقية هي التي تأسس على منطق المساواة و الحرية معا .
===========================
إشكالية العدل بين المساواة والتفاوت:
إشكالية العدل
هل تؤسس العدالة على مبدأ المساواة أم التفاوت ؟
مقدمة:
من الحقائق الفلسفية نجد لها سندا في الواقع أن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إحاطة نفسه بمجموعة من القيم ومن هذا المنطق يختلف الناس في علم التقدم والتخلف تبعا لمضمون القيم التي يؤمنون بها ويدافعون عنها وعن البيان أن العدل هو أشرف وأرفع هذه القيم فإذا علمنا أن المساواة مطلب إنساني وتفاوت حقيقة واقعية.
- هل يؤسس العدل على مبدأ المساواة أم تفاوت ؟
الرأي الأول:
تجسيد العدالة الاجتماعية وتتجلى في مفهوم العدل في احترام التفاوت بين الناس وهذا ما ذهب إليه أنصار الطرح شاع هذا الطرح في الفلسفة اليونانية حيث رسم أفلاطون صورة المجتمع العادل وفي نظره أنه يتألف من طباق أن القوة العاقلة هي التي يجب أن تتحكم وتسيطر على قوى الغضبية والشهوانية وكذلك العدل أن نحترم تفاوت الطبقات فالفلاسفة أولا ثم الجنود والعمال وأخيرا طبقة العبيد وتحدث تلميذ أرسطو على أن العدل هو عبد مؤهلاته الطبيعية لا يمكن أن يرتقي إلى مرتبة السيد قال في كتابه السياسة الاسترقات ضرورة طبيعية ومن أشهر الأنظمة الاقتصادية التي دافعت عن التفاوت الليبرالية وهي نظام طبقي طبقة تملك وسائل الإنتاج ولا تستعملها بنفسها وطبقة تملك هذه الوسائل وتستعملها وطبقة تملك الجهد فقط هذا التفاوت الطبقي هو بمثابة الحافز فمن العدل أن يدافع عن التفاوت لأن الكل سيسعى حسب ظروفه الاقتصادية واجتماعية وأكد طبيب بيولوجي تاريل أن الطبيعة جعل الكائنات الحية طبقات بعضها أفضل من البعض وإنه إذا أردنا تحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن نشجع بقاء طبقات قال في كتابه الإنسان ذاك المجهول لا مفر من أن تصبح الطبقات الاجتماعية مرادفة للطباع البيولوجية يجب أن نساعد أولئك الذين يملكون أفضل الأعضاء والعقول على ارتفاع اجتماعي فكل فرد ينبغي أن يحصل على مكانه الطبيعي والحقيقة أن أنصار هذا الرأي اعتمدوا على حجج العقلية ومنه قوله تعالى:<<ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات>> هذا التفاوت هو قيمة العدل لأن الأفراد في حاجة إلى بعضهم البعض وملخص هذه الأطروحة أن تفاوت ظاهرة اجتماعية وطبيعية يجب الدفاع عنها.
النقد:
لكن التفاوت إذا كان باسم العرف أو الدين سيتحول إلى عنصرته وهذه الصفة تعاكس العادة الاجتماعية.
الرأي الثاني:
عند أنصار هذه الأطروحة حقيقة العدل تتجلى في احترام مبدأ المساواة بين الناس شاع هذا الطرح في الفكر الإسلامي قال محمود يعقوبي: الناس سواء أن ليس هناك شيء أشبه بالإنسان من الإنسان لنا جميعا عقل وحواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم ومن الذين دافعوا عن الفكرة المساواة أنصار الفلسفة الماركسية وفي هذا قال لينينا الشيوعية هي نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحد للملكية العامة لوسائل الإنتاج والمساواة الاجتماعية الكاملة بين جميع أفراد المجتمع والاشتراكية الإيديولوجية عرفت بدفاعها عن العدالة الاجتماعية من منطلق الروح تدل على النزعة الفردية ودرب يردون التفاوت في الحقوق باسم التركيبية العضوية والعقلية فقال هناك تفاوت جسمي وعقلي لا يمكن للمجتمع ولا للتعمير المذهب لكن لهذا التفاوت الحتمي أن يتحول إلى عنوان للنبل بالنسبة للبعض وذكاءه بالنسبة للبعض الآخر وطالب باكونين بالمساواة في حرية التعبير أي الحرية السياسية فقال لست في الحقيقة حرا إلا يوم تكون كل الكائنات حرة نساء ورجال...فأن لا أصير حرا إلا بحرية الآخرين والخلاصة أن المساواة شرط أساسي لقيام العدالة الاجتماعية.
نقد:
ما يعاب على هذا الرأي هو تركيزه على المساواة في الحقوق بينما الواقع يثبت وجودا التفاوت في العمال ومنه لا يمكنه الأخذ دائما بالمساواة .
التركيب:
إن المقاربة الفلسفية السليمة لإشكالية العدل ترفعنا للوقوف أمام أسباب الظلم لفهمه وتجاوزه قال أرسطو تنجم الخصومات والاعتراضات عندما لا يحصل أناس متساوون على حصص متساوية أو عندما يحصل أناس غير متساوين على حصص متساوية ومنه يؤسس العدل على ضرورة التناسب بين الحقوق والواجبات والمقصود هنا حسب العفوية هو إتاحة الفرصة أمام جميع المواطنين لكي ينفي كل أسباب المواطنة الطبيعية وعندئذ تكون الكفاءة هي معيار الاستحقاق الفعالية هي مقياس التكلف بالمسؤوليات أي للمساواة مجالها وللتفاوت المكانة الخاصة به.
الخاتمة:
الدارس لموضوع العدالة الاجتماعية يلمس حقيقة في غاية الوضوح هي أن العدالة من المواضيع الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي طرحت أكثر من سؤال وكانت لا تزال بحق فحسب التقييم الفلسفي سواء من حيث ضبط المفهوم الماهية أو البحث عن أساليب تطبيق العدالة الاجتماعية في أرض الواقع وفي مقالنا هذا تعممنا في فكرة التفاوت من خلال بعدها الفلسفي مع أفلاطون وأرسطو وبعدها الإيديولوجي مع نزعة الليبرالية حملة مصطلح المساواة في فكرة شيشرون ومرودون والمذهب الاشتراكي ومنه نستنتج أن العدل يرتكز على المساواة في الفرض وتفاوت في امتيازات النتائج.
===================================
مقالة جدلية حول المشكل الاخلاقي:
المشكل الأخلاقي أساس القيمة الخلقية:
الأسئلة :-هل استجابة الفرد لمصلحته يعدّ انحرافا عن الأخلاق؟-هل السلوك الأخلاقي إمتداد للسلوك الطبيعي؟-هل المنفعة أساس الأخلاق؟-هل اللذّة خير والالم شرّ؟-هل تستطيع عقولنا تصوّر ماينبغي أن يكون عليه السلوك؟
-المقدمة :
تحرّك الإنسان دوافع كثيرة ومتنوعة(عضوية, نفسية, اجتماعية) نحاول إشباعها من أجل تحقيق التوازن مع ذاته ومع الآخرين لكن حقيقة الإنسان لا تتجلى في إشباع الدوافع فقط. بل في قدرته على التمييز بين الخير والشرّ بحثًا عن السلوك الأفضل وهذا ما يعرف في الفلسفة بموضوع "الأخلاق", غير أن أساس القيمة الأخلاقية مسألة تحتاج إلى تحليل من أجل تحديد مصدر الإلزام الخلقي وهي مسألة تعددت فيها الآراء بتعدد أبعاد الشخصية والإشكالية التي تطرح نفسها:هل تُؤسّس الأخلاق على المنفعة أم العقل؟
/الرأي الأول (الأطروحة):
ترى النظرية النفعية أن مصدر الإلزام الخلقي يكمن في طبيعة الإنسان, التي تدفعه إلى طلب اللّذة والتمسّك بها والنفور من الألم (فاللذة هي الخير والألم هو الشر) والإنسان برأيهم أناني يبحث دائما عن مصلحته والقيم التي يؤمن بها هي التي تتوافق مع هذه المصلحة, تعود هذه الأطروحة إلى آراء الفيلسوف اليوناني "أرستيب القورينائي" الذي قال {اللذة هي الخير الأعظم هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل ولا حياء} وهو يرى أن اللذة الفردية هي أساس العمل الخلقي, غير أن "أبيقور" فضّل اللذات المعنوية عن اللذات الحسية مثل التأمل الفلسفي ومحور حياة الإنسان هو اللذة فهي شرط السعادة وهي مقياس الأفعال وهذا ما تؤكده العبارة الشهيرة {اللذة هي بداية الحياة السعيدة وغايتها هي ما ننطلق منه لنحدد ما ينبغي فعله وما ينبغي تجنبه}. وفي العصر الحديث ظهر ما يسمى مذهب "المنفعة العام" على يد الفلاسفة الإنجليز ومنهم "بنتام" الذي نقل موضوع الأخلاق من المجال الفلسفي التأملي إلى المجال التجريبي وهذا ما يتجلى في مقياس حساب الذات حيث وضع مجموعة من الشروط وقال {اللذة إذا اتحدت شروطها كانت واحدة لدى جميع الناس}ومنها شرط "الشدّة" أي شدة اللذة أو ضعفها هو الذي يحدد خيريتها أو شرها وشرط "الصفاء" أي وجوب كون اللذة خالية من الألم لكن أهم هذه الشروط على الإطلاق هو "المدى" أي امتداد اللذة إلى أكبر عدد ممكن من الناس وهكذا الإنسان عندما يطلب منفعته بطريقة عفوية هو يطلب منفعة غيره, غير أن تلميذه "جون ستيوارت ميل" نظر إلى موضوع المنفعة من زاوية الكيف وليس الكمّ وفي نظره أن شقاء الإنسان مع كرامته أفضل من حياة الخنزير المتلذذ وهذا المعنى أشار إليه في أحد نصوصه {أن يعيش الإنسان شقيّا أفضل من أن يعيش خنزيرا رضيا, وأن يكون سقراط شقيا أفضل من أن يكون سخيفًا سعيدًا}فالأخلاق تُؤسس على المنفعة .
نقد:
إن هذه الأطروحة نسبية لأن المنفعة متغيرة مما يعني عدم ثبات القيم الأخلاقية ومن ثمَّ إمكانية حدوث فوضى إجتماعية.
/الرأي الثاني (نقيض الأطروحة):
ترى النظرية العقلية أن الأخلاق الحقيقية يجب أن تُؤسّس على ما يميّز الإنسان عن الحيوان وقصدوا بذلك العقل الذي هو مصدر الإلزام الخلقي في نظرهم وهو القاسم المشترك بين جميع الناس والعقل يستطيع تصوّر مضمون الفعل ثم الحكم عليه, فعلامة الخير عند "سقراط" أنه فعل يتضمن فضائل وعلامة الشر أنه فعل يتضمن رذائل, ورأى "أفلاطون" أن محور الأخلاق هو الفعل فقال {يكفي أن يحكم الإنسان جيّدًا ليتصرف جيّدًا} وفي نظره الإنسان لا يفعل الشرّ وهو يعلم أنّه شرٌّ وإنما الجهل هو سبب ذلك, ورأى "أرسطو" أن الأخلاق تجلى في السلوك المعتدل وقال في كتابه "الأخلاق إلى نيقوماخوس" {الفضيلة وسط بين رذيلتين} ومن الأمثلة التي توضح هذه الفكرة أن الشجاعة خير لأنها وسط بين الجبن والتهوّر والعدل خير لأنه وسط بين الظلم والإنظلام. وفي العصر الحديث أرجع "كانط" الإلزام الخلقي إلى العقل وقسّم فلسفته إلى ثلاثة أقسام العقل النظري الذي يدرس المعرفة وطرق بنائها والعقل العملي الذي يشتمل على الدين والأخلاق والعقل الجمالي ورفض إرجاع الأخلاق إلى سلطة خارجية (الدين, المجتمع) لأن في ذلك سلب لحرية الإنسان ورفض المنفعة لأنها متغيّرة والأخلاق عنده تأتي استجابة لسلطة العقل أي أداء الفعل احتراما للقانون العقلي في ذاته فيظهر الفعل الأخلاقي عن حريّة ويصبح كلّياً, قال "كانط" {اعمل بحيث بحيث يكون عملك قانونا كلّياً} ويتميّز بالمثالية ويكون دائما مطلوبا لذاته قيل {عامل الناس كغاية لا كوسيلة} فالأخلاق مصدرها العقل.
نقد:
هذه الأطروحة نسبية لأنها اهتمت بدور العقل في بناء الأخلاق وتجاهلت دور الدين ثم أن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ.
/التركيب:
يطرح المشكل الأخلاقي في المقام الأول إشكالية المعيار والأساس وكما قال "جون ديوي" {لا تظهر المشكلة الأخلاقية إلا حين تعارض الغايات ويحتار المرء أيّها يختار} ومن هذا المنطلق نرى أن المذهب العقلي أخذ صورة مثالية متطرفة من خلال الاكتفاء بالعقل وحده وإهمال عنصر [الدين] وهنا تظهر مقولة "فيخته"{الأخلاق من غير دين عبث} وبيان ذلك أن جوهر الأخلاق هو الإلزام وحسن الخلق. وهذا ما أشار إليه "أبو حامد الغزالي" في كتابه [إحياء علوم الدين] {حسن الخلق يرجع إلى اعتدال قوة العقل وكمال الحكمة وإلى اعتدال قوة الغضب والشهوة وكونها للعقل والشرع مطيعة} فالأخلاق الحقيقية تُؤسس على الفطرة السليمة وتفاعل العقل مع النصوص الدينية والمُتغيّرات الاجتماعية وكما قيل {للشرع التنوير وللعقل الاجتهاد}.
- الخاتمة :
وفي الأخير الأخلاق بحث فلسفي قديم تبحث في ما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان وهي قسم من "فلسفة القيم" طرح الكثير من الإشكالات أهمها مصدر الإلزام الخلقي حيث تضاربت آراء الفلاسفة وتعددت تبعاً لأبعاد شخصية الإنسان وكل مذهب نظر إلى مصدر القيم نظرة أحادية هذا الذي جعلنا نتجاوز هذه المذاهب نحو رؤيا متكاملة تجمع بين العقل والنصوص الدينية والمتغيرات الاجتماعية ورغم أن حركة الجدل الفلسفي لا يمكن أن تتوقف عند حلٍّ نهائيٍ إلا أنه أمكننا الخروج بهذا الاستنتاج :"الأخلاق الحقيقية هي التي تتوافق مع شخصية الإنسان بكامل أبعادها"
=======================
مقالة جدلية حول الأخــلاق بين النسبي والمطلق بين الدين والعقل ؟
إذا كنت بين موقفين متعارضين أحدهما يقول الأخلاق مصدرها الإرادة الإلهية وثانيهما يقول القول هو مشروع الأخلاقي .
وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع؟
الوضعية المشكلة
إليك هذا الرأيين , قال أفلاطون < الخير فوق الوجود شرفا وقوة > وقال الأشعري < الخير والشر بقضاء الله وقدره >
المقدمــة : طرح الإشكـاليـة
تتجلى سلوكات الإنسان في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال والتي ينظر إليها الفلاسفة من زاوية ما يجب أن يكون وذلك بربطها بقيمة <الحسن والقبح> وهذه هي الفلسفة الجمال ,أو بربطها بقيمة< الخير والشر> وهذه هي الفلسفة الأخلاق , فإذا كنا بين موقفين متعارضين أحدهما أرجع الأخلاق إلى سلطة مقدسة <إرادة الله> والأخر أرجع القيم الأخلاقية إلى سلطة العقل فالمشكلة المطروحة.
هل مصدر القيمة الخلقية الدين أم العقل ؟
التحليل :
عرض الأطروحة الأولى
أرجعت هذه الأطروحة < أساس الدين للأخلاق,الشر والخير إلى إرادة الله >أي ماحسنه الشرع ومدح فاعله فهو خير, وما قبحه الشرع وتوعد فاعله بالعقاب فهو شر ,وهذه الأطروحة واضحة عند ابن حزم الأندلسي حيث قال << ليس في العالم شيء حسن لعينه ولاشيء قبيح لعينه لكن ما سماه الله تعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن>>ومن الأمثلة التوضيحية أن <القتل> إذا كان دفاع عن النفس فإن النصوص الشرعية اعتبرته خير أما إذا كان لهون في النفس أو لتحقيق مصلحة شخصية فإن الشرع يحكم على فاعله بالقبح ومن أنصار هذه الأطروحة الأشعري الذي قال<< الخير والشر بقضاء الله وقدره >> فالحكمة الإلهية هي التي تفصل في الأمور وإرسال الرسل عليهم السلام حجة تثبت ذلك , هذه الأوامر الأخلاقية نقلية وليست عقلية.
النقد:
لاشك أن الدين يرشدنا في حياتنا لاكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشتهادي فالعقل يساهم أيضا في بناء الأخلاق.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة < النظرية العقلية > إن القيم التي يؤمن بها الإنسان ويلتزم بها في حياته مصدرها العقل , وهذه القيم ثابت ومطلقة لاتتغير في الزمان والمكان ومن أبرز دعاة هذه الأطروحة أفلاطون الذي قال << الخير فوق الوجود شرفا وقوة >> , حيث قسم الوجود إلى قسمين (عالم المحسوسات وعالم المثل ) , إن القيم عند أفلاطون يتم تذكرها ولذلك قال <المعرفة تذكر> وقصد بذلك أن القيم الأخلاقية الكاملة مكانها عالم المثل , والعقل هو القادر على استعادتها , وفي أمثولة الكهف وضح أفلاطون أننا سجناء للجسد والعقل هو الذي يحرر وبه تمزق الروح حجاب الجسد , ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف الألماني كانط الذي استعمل المصطلح الواجب الأخلاقي أي طاعة القانون الأخلاقي احتراما له وليس للمنفعة أو خوفا من المجتمع , والأخلاق عند كانط تتأسس على ثلاث شروط : < شرط الشمولية > وهذا واضح في قوله << تصرف بحيث يكون عملك قانون كلية >> و< شرط احترام الإنسانية > أي معاملة الناس كغاية وليس كوسيلة , وأخيرا ضرورة أن يتصرف الإنسان وكأنه هو <مشروع الأخلاق>.
النقـد :
هذه الأطروحة نسبية لأن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين .
التركيب :
رغم ما يبدو من التعارض بين المذاهب الأخلاقية حول أساس القيمة الخلقية إلا أنها في نهاية متكاملة لأن القيمة الخلقية التي يطمح إليها هي التي يجب أن يتحقق فيها التكامل بين المطالب الطبيعية وصوت العقل وسلطة المجتمع وأوامر ونواهي الشرع, لذلك قال فيقِن << الأخلاق من غير دين عبث >> , ذلك الدين يرشد العقل ويهذب المصلحة ويحقق الإلزام الخلقي أمام الله والمجتمع ولذلك قال أبو حامد الغزالي <<حسن الخلق يرجع إلى اعتدال العقل وكمال الحكمة واعتدال الغضب والشهوات وكونها للعقل والشرع مطيعة >>.
الخاتمة : المخرج من المشكلة
وخلاصة القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقيمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لنا أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلفية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد < الأساس العقلي > وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلة المطروحة
ونستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا .
=========================
مقالة حول العادة
العادة وأثرها في السلوك
- هل العادة ميل أعمى ؟
- هل العادة تكيف أم انحراف ؟
- هل العادة سلبية أم إيجابية ؟
مقدمة:
يعتبر السلوك منوجهة نظر علم النفس استجابة تكييفية تهدف إلى تفاعل الكائن الحي مع المحيط الخارجيوالحقيقة أنه يمكن التمييز بين ما هو فطري غريزي وثابت وما هو مستحدث نتيجة تفاعلالفرد مع غيره ومع الطبيعة فإذا علمنا أن العادة سلوك مكتسب إلى تكرار الفعل وأنهاتؤثر في السلوك فالإشكالية المطروحة:
- ما طبيعة هذا التأثير؟
- وهل هو سلبيأم إيجابي ؟الرأي الأول:
إن السلطة التي تفرضها قوة العادة على الفرد تؤثرسلبا على سلوكه مما يجعلنا نحكم أن العادة كلها سلبيات وبيان ذلك أن الآلية المجسدةفي العادة تشكل حركة التفكير وتقضي على روح الإرادة والإبداع كما أنها تعطل فيالإنسان حركة البحث لهذا قيل[من شب على شيء شاب عليه] ولأن الطبيعة البشرية تميلإلى الفعل السهل وتتجنب الأفعال الصعبة خوفا من الجهد والخطر والإبداع والتقدموهكذا العادة تسد الطريق أمام الأفكار الجديدة قال(كار ل ياسبرسس) [العلماء يفيدونالعلم في النصف الأول من حياتهم ويضرون به في النصف الثاني منه] وعلى المستوىالأخلاقي تقضي العادة على بعض الصفات الإنسانية مثل أخلاق الشفقة والرحمة كما هوحال المجرم المحترف لهذا الفعل لا يكترث لعواقب إجرامه وما تلحقه الجريمة من أضرارنفسية ومادية بضحاياه وهذا لغياب الشعور والإحساس وغياب الإحساس إلى حتمية التكراركما يقول[سولي جرودوم] [إن الجميع الذين تستولي عليهم قوة العادة ويصبحون بوجودهمشرائر كاتهم آلات] وعلى المستوى الاجتماعي تظهر العادة كوعاء يحفظ العادات ما كانمنها صالحا وما كان غير ذلك ومن هنا يصعب تغيير العادة البالية حتى ولو ثبت بطلانهابالحجة والبطلان مثل محاربة الأساطير والخرافات نصح الفلاسفة يتحكم على اكتسابالعادات قال[جون جاك روسومي] في كتابه[أميل] [خير العادة للطفل ألا يألف أي عادةوأن لا يحمل على ذراع أكثر من أخرى وأن لا يعود مديدة أكثر من الثانية...بل لابد مناستعمال قواه] وتظهر سلبيات العادة في المجال الحيوي حيث يعود البعض على استعمالأعضاء دون أخرى أو تناول بعض المواد كالمخدرات وهذا التعود يتحول على حسبتعبير[أرسطو] إلى طبيعة ثابتة يصعب التخلص منها وملخص الأطروحة في منزلة[كانط] [كلما ازدادت العادات عند الإنسان كلما أصبح أقل حرية واستقلالية] .
نقد:
إنتصور الحياة للفرد بدون عادة يعد ضربا من الخيال وإذا كانت للعادات سلبيات فلهاإيجابيات .
الرأي الثاني:
ينظر أصحاب الأطروحة إلى غياب الوعي والإحساس الذيينتج عن فعل العادة على أنه يجلب مزايا لا يمكن إنكارها فالعادة من هذا المنظور فعلإيجابي اليوم للإنسان الجهد الفكري والعضلي فيؤدي إلى السرعة في الإنجاز مع إتقانالعمل مما ينعكس على الإنتاج والفرق واضح في قيمة وكمية العمل عند شخص أحدهما علىالعمل وآخر مبتدئ فيه كما أن العادة تمكن صاحبها من إنجاز أكثر من عمل فغي وقت واحدفالضارب على الآلة الراقنة يمكن أن يقوم بعمل فكري في الوقت الذي يكتب فيه لأن فعلالكتابة ويكاد يخلو من الانتباه الذهني وفي هذا المعنى قال موسليني (لو لم تكنالعادة لكان في قيامنا بوضع ملابسنا ونزعها يستغرق نهارا كاملا) ومن مزايا العادةأنها تكمن في التكيف مع المواقف الجديدة وتساعد على اكتساب عادات قريبة في طبيعتهامن العادات المكتسبة فلاعب كرة القدم بإمكانه ممارسة لعبة كرة السلة أو كرة اليدوالفنان الذي يعزف على آلة يمكنه تعلم العزف على آلة أخرى بسهولة قال ألان:[العادةتمنح الجسم الرشاقة والسيولة] وفي ميدان البحث العلمي اكتساب بعض العادات النفسيةالمختصة تساعد على تطور المعارف وتقدم حركة البحث العلمي فالمنهجية التي يتعلمهاالباحث توفر له الجهد والوقت في المجال النفسي والاجتماعي يمكن التعود على سلوكاتإيجابية مثل ضبط النفس وكظم الغيظ وترابط الأفكار وتعلم الأخلاق الفاضلة كخلقالتضامن وحب الخير والكرم وهذا ما ذهب إليه(ليفي يوبل ودوركايم) [من أن جميع القيمهي عادات أخلاقية] وملخص الأطروحة العادة تنعكس بشكل إيجابي على كامل أبعاد شخصيةالإنسانالنقد:
لكن طبيعة السيالة إلى التخلي عن كل ما يتطلب الانتباه والجهدإلى طلب كل ما هو عفوي يجعل اكتساب العادات الفاسدة أكثر من العادات الصالحة .
التركيب:
إن سلبيات العادة لا يمكن أن تطغى المزا والايجابيات وعلى الإنسانالمثقف أن يبادر بالتمسك بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادات السيئة ولكن وفقمنهجية مرسومة قال مارك نوبل(لا تستطيع التخلص من عادة ما أو منها هذا الناقل بلينبغي جعلها تنزل السلم درجة) وفي مقابل ذلك على الفرد أن يدرك أن نتائج العادةمرتبطة بطريقة استعمالها والمعرف منها قال دتوفالي(إن العادة هي أداة الحياة والموتحسب استخدام الفكر لها وبتعبير أحسن حسب أن يستخدمها الفكر من أجل غاياته أو بتركهالنفيها).
الخاتمة:
وملخص هذه المقالة أن العادة ترتبط بحياة الإنسان اختلفالفلاسفة وعلماء النفس في تحديد العوامل المكونة لها والنتائج المترتبة عنها وبعداستعراض مختلف المواقف والأفكار فإننا نستنتج أن العادة لها إيجابيات وسلبيات حسبدرجة ثقافة الشخص.
================
مقالة حول الأنظمة الاقتصادية
مقالة حول الأنظمة الاقتصادية (جدل بين الرأسمالية والاشتراكية)
الأسئلة:-هل التنافس الحرّ كفيل بتحقيق الازدهار الاقتصادي؟-هل الازدهار الاقتصاديمرهون بتحرير المبادرات الفردية؟-هل تُحلّ مشكلة العمل بتقييد الملكية؟-هل تُحلّمشكلة العمل بتحرير الملكية؟-هل تحقق الليبرالية العدالة الاجتماعية؟
مقدمة:
تعتبر الرغبة في الحياة المحرّك الأساسي عند جميع الكائنات الحية خاصة الإنسانوالحيوان تدفعهم إلى الحركة داخل الوسط الطبيعي بحثا عن عناصر البقاء وفي محاولةللاستفادة منه لكن حركة الإنسان [قصدية, واعية, هادفة] هذه الخصائص مجتمعة تعرف فيالفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يحيلنا إلى موضوع "الأنظمة الاقتصادية" فإذا علمنا أن الرأسمالية تعتمد على التنافس الحرّ والاشتراكية تتبنى توجيهالاقتصاد فالمشكلة المطروحة:هل يتحقق الازدهار في ظل الرأسمالية أمالاشتراكية؟
الرأي الأول (الأطروحة):
ترى هذه الأطروحة أن [شرط الازدهارالاقتصادي يتوقف على مدى تطبيق النظام الرأسمالي في أرض الواقع] وهو نظام يحققالرفاهية المادية والعدالة الاجتماعية, ويهدف إلى ضمان "أكبر قدر من الربح الماديمع أكبر قدر من الحرية" تعود الجذور الفلسفية للرأسمالية حسب عالم الاجتماع "ماكسفيبر" إلى عاملين فلسفة التنوير التي دافعت عن حرية الفكر والتصرف والبروتستانتيةالتي مجّدت العمل والحرية, هذه الأفكار تجلّت في المذهب الفردي والذي من أكبر دعاته "آدم سميث" و"ستيوارت ميل" والرأسمالية تقوم على مجموعة من الخصائص أهمها [الملكيةالفردية لوسائل الإنتاج وحقّ التملّك] التي هي في نظرهم تشبع غريزة حبّ التملّكواعتبرها "جون لوك" من الحقوق الطبيعية للإنسان وامتداد لغريزته وقال عنها "جونستيوارت ميل" {الملكية الخاصة تقليد قديم اتّبعه الناس وينبغي إتباعه لأنه يحقّقمنفعتهم}وترى الرأسمالية أن الاقتصاد ظاهرة طبيعية أساسه قانون العرض والطلب الذيينظّم حركة الأجور والأسعار ومنه ضرورة [عدم تدخّل الدولة في الشؤون الاقتصادية] لأن تدخلها يتعارض مع أهمّ مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهي حقّ مقدّس لكل إنسان لاينبغي النازل عنه وتدخّلها يضر بالاقتصاد لأنه يخلق عراقيل مختلف وهنا يظهر مبدأ [التنافس الحرّ] الذي هو في نظرهم ضروري لخلق حركية في الفكر والإبداع وإلغاءالتنافس يضعف الاقتصاد قال عنه "باستيا" {إلغاء التنافس الحرّ معناه إلغاء العقلوالفكر والإنسان} والتنافس يحقّق العدالة الاجتماعية وهذا ما أكّد عليه "آدم سميث" في كتابه [بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم] لأن المصلحة العامة متضمنة فيالمصلحة الخاصة فالرأسمالية قادرة على تحقيق الرفاهية المادية
.
نقد(مناقشة):
لاشك أن الرأسمالية قد قسّمت المجتمع الواحد إلى طبقتين طبقة ملك وأخرى لا تملكوتجسّد بذلك استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
الرأي الثاني (نقيض الأطروحة):
ترىهذه الأطروحة أن [الرفاهية المادية تتحقق في ظل النظام الاشتراكي] الذي بنظرهم يحققالعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد والاشتراكية{أيديولوجية اقتصادية ذاتأبعاد اجتماعية تمجّد الروح الجماعية} تعود هذه الأفكار إلى مجموعة من الفلاسفةمنهم"كارل ماركس" الذي رأى أن الرأسمالية تحمل بذور فنائها بداخلها حيث تزدادالفجوة باستمرار بين الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وطبقة البروليتاريا (الكادحة) ويفسّر ماركس هذا التناقض قائلاُ {الذين يعملون لا يغتنون والذين يغتنونلا يعملون} هذا التناقض يولد مشاعر الحقد والكراهية فتحدث ثورة الفقراء علىالأغنياء عندها تسقط الرأسمالية وتحل محلّها الاشتراكية التي تعتمد على مجموعة منالخصائص منها [الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج] التي ذكرها "فلاديمير لينين" فيبيان الحزب الاشتراكي السوفياتي فقال {الاشتراكية نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحدالملكية العامة لوسائل الإنتاج} وهنا تظهر الحاجة إلى تدخّل الدولة في الشؤونالاقتصادية أو ما يسمى "توجيه الاقتصاد" من خلال المخططات حيث يصبح العمال محورالعملية الاقتصادية ويتجسّد بذلك شعار |من كلٍّ حب مقدرته ولكلٍّ حب حاجته|وبذلكتتحقق العدالة الاجتماعية لأن الاشتراكية كما قال "انجلز" {نشأت من صرخة الألملمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان}.
نقد (مناقشة):
الاشتراكية كان مآلها السقوطفي عصرنا هذا بسبب التواكل وغياب روح المبادرة والإبداع وهذه أكبر سلبياتالنظام.
التركيب:
إن النظام الاقتصادي الفعال الذي يجمع بين المبادئ والغاياتوالوسائل فلا ينظر إلى الاقتصاد نظرة مادية فقط دون مراعاة الضوابط الأخلاقية كمافعلت الرأسمالية كما قال عنها "جوريس" {إنها ترمز إلى سياسة الثعلب الحرّ في الخمّالحرّ} بل لابدّ من السعي إلى تحقيق تكامل بين الروح والمادة وهذه هي فلسفةالاقتصاد في الإسلام فالبيع مقترن بالأخلاق لــ"قوله تعالى" {أَحَلَّ الله البَيعَوحَرَّمَ الرِبَا} والملكية ثلاثية الأبعاد [الله, الإنسان, المجتمع] والزكاة تطهيرللنفس ومواساة للفقراء لــ"قوله تعالى"{وفِي أَموَالِهِم حَقٌّ للسَائِلِوالمَحرُوم} هذه الاعتبارات الأخلاقية والروحية تدفعنا إلى تجاوز الرأسماليةوالاشتراكية والدفاع عن الممارسة الاقتصادية في الإسلام.
الخاتمة:
وفي الأخير يمكنالقول أن الشغل ظاهرة إنسانية قديمة كان عنوانا للشقاء والعبودية في الفلسفاتالقديمة وتحوّل تحت تأثير "فلاسفة العصر الحديث" إلى مصدر للتحرر وبناء شخصيةالإنسان, وظاهرة الشغل ترتبط بإشكالات كثيرة منها إشكالية الأنظمة الاقتصادية التيتطرقنا إليها في مقالنا هذا من خلال تتبع أفكار المذهب الرأسمالي الذي اعتبر الحريةجوهر العملية وكذا المذهب الاشتراكي الذي مجّد الروح الجماعية ومن منطلق أنالاقتصاد الفعال هو الذي يربط الممارسة الاقتصادية بالمبادئ الأخلاقية نستنتج:يتحققالازدهار الاقتصادي عندما تتكامل النظرة الأخلاقية مع الأبعاد المادية.
انتهى لكن عندي طلب ممكن تدعولي باش ننجح انشاء الله
ام ايمان16
2011-04-21, 15:49
مقالة فلسفية:
"هل الذكاء فطري أم مكتسب ؟"
مقدمة :
يمتاز سلوك الإنسان بأنه يقوم على إدراك وتأويل ما يشاهده في ذهنه بفضل التجربة والتعميم ومعينة الماضي بفضل عملية التذكر، بينما يتصف سلوك الحيوان بأنه نوعي ثابت لا يتطور آلي رتيب ،والفعل الذكي هو سلوك جديد يعتمد على الخبرات السابقة ويتميز بفهم العلاقات بين ما هو معطى وما يمكن إبداعه ويمتاز بأنه : نظري ، تصوري ، قصدي ، إرادي ، جديد متحرر من الزمان والمكان ولم يختلف السيكولوجيون في موضوع كاختلافهم في تعريف الذكاء لأنه لسي وظيفة عقلية معينة إنما هو طريقة في العمل تتطلب تكامل عمل كل الوظائف العقلية معا (الإحساس والإدراك والتذكر والإنتباه والتصور ....) فإذا كان (سبنسر) عرف الذكاء بأنه قدرة عقلية على التنظيم والتركيب والتلازم ، فإن ( مكدوغال) يعرفه بأنه قدرة عقلية على القيام بعمليات التفكير العليا والتفكير المجرد خاصة ، ويعرفه (كوهلو) بأنه قدرة عقلية على إدراك الدراسات ، ويعرفه( كلنن) بأنه قدرة عقلية على التعلم وتحصيل المعلومات لم يقف تعريف الفلاسفة عند تعريف الذكاء بل تعداه إلى الاختلاف في أصل الذكاء فمنهم من يرى أنه فطري وراثي ومنهم من يرى أنه مكتسب من صنع البيئة والتربية والمجتمع ، فهل يا ترى الذكاء فطري غريزي بالوراثة من الآباء إلى الأبناء أم أن الفرد يولد بدون أي ذكاء ثم يتحصل عليه ويكتسبه من المجتمع ؟
ق1/
القائلين بأن الذكاء فطري يعود إلى عوامل وراثية ، يلح أرسطو على الفروق الطبيعية بين الأفراد ويقول : (يولد الذكي ذكيا والغبي غبيا) ويركز الفيزيولوجيون على ربط علامات الذكاء ببعض الصفات الجسدية الوراثية الداخلية (كمرونة الجملة العصبية أو شكل أو حجم الدماغ ..) والخارجية (كعرض الجبين واتساع العينين ..) ويرجع مورغان اختلاف القدرات العقلية الصبغيات، ويعتبر إن نسبة الذكاء تتوقف على عدد الجينات، ويعرف العبقرية بانها تشكيلة نادرة من الصبيغيات ويرى زازو إن الطفل الذي يولدمن أباء أذكياء وينتمي إلى أفراد متوقفين فانه ينشأ مزودا بنسبة عالية من الذكاء وفي مجال الإبداع أن أهمية توفر مجموعة من الشروط النفسية والفطرية للإبداع ، فالإبداع وقف على هؤلاء المبدعين الذين يتصفون بصفات فطرية مميزة ، وقدم هؤلاء من الأدلة تؤكد فطرية الذكاء ودور عامل الوراث في تكوين ومن هذه الحجج التفاوت الموجود في الذكاء بين أبناء البيئة الواحدة بين( الاخوة في الاسرة تجد فيهم الذكي ووالاقل ذكاء) بينما نجد ان هنلك تقارب بين ذكاء التوم الحقيق وان أبناء الأغنياء رغم توفر كل الامكانيات والشروطاالبيئة الجيدة لايكونو اجميعا اذكياء ، ولقد اثبت الإحصائيات أن معظم العباقرة في بيئات فقيرة أو معدومة كذلك ملاحظة بور" في تجاربه على مدرستين احداهما تظم ابناء المثقفين والاذكياء والاخرى ابناء العدين فلاحظ فان نسبة النجاح في الأولى أكثر من الثانية فأكد على ارتباط إذكاء الأطفال بذكاء آباءهم كما اهتمتهم التريبة الحديثة بالفروق الفردية الفطرية بين التلاميذ وصنفتهم ووزعتهم على الأقسام حسب ذكائهم وفي ملاحظة رجل تزوج من امرأتين أحداهما ذكية والا تخرى غبية فوجد إن أبناء الأولى أذكياء بعكس أخوتهم من الأم الثانية، ولقد لقن النبي صلى اله عليه وسلم نظرا لامية العامل الوراثي بقوله " تخيروا لنطفكم فان العرق دساس " و" خولو لأولادكم :
النقد :
لقد تبنت نظرية العرقية هذا الموقف وبررت به مقولة التفوق العرق وان الذكاء وقف على شعب دون آخر ولكن هذا هل يعني أن الوراثة وحدها هي التي تهب الذكاء ألا يمكن إن يكون البيئة الجيدة التي يوفرها الآباء المثقفون التي صنعت ذكاء أبناءهم ألا يمكن أن تكون البيئة العادية هي التي صنعت هؤلاء العباقرة؟أ و لم يقال الحاجة أم الاختراع
ق2:
ركز علماء التربية على الوسط الاجتماعي والثقافي ، ودور التربية في تكوين الأطفال بإلغاء النظر إلى أي من الموروثات الفطرية يقول الغزالي : " الطفل كالعجينة يستطيع المربي إن يشكله المربي كما يشاء" ويقول هربرت" الأطفال صفحات بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء" ويعتبر ألفا الشخصية عموما لا بما فيها الذكاء طبعا : هي محصلة الحياة الاجتماعية ويرد القدرات العقلية إلى الآخرين فعندما أتذكر فان الغير هم الذين يدفعون إلى التذكر "وألغى سندرسل مل المؤثرات الوراثية وقال: " أعطيني لحما وعصبا ودما – أي جينات- أعطيك ما تريد" ويستمد هؤلاء موقفهم من الأدلة التالية في مجال الإبداع يؤكد على أهمية العوامل الاجتماعية ففي البلدان المتقدمة علميا والتي توفر كل إمكانيات الإبداع لوحظ ارتفاع نسبة الذكاء عند الأطفال" أن الإدراك الذهني المتوفر عند الطفل يكون بفضل اللغة واللغة مكتسبة ولحظت العلاقة الكبيرة بين مستوى الذكاء والرصيد اللغوي و أي اضطراب في النطق يؤدي الاتارخ في النمو العقلي وفي تجارب على التوأم الحقيقة وجد انذكائهم يختلف باختلاف بيئتهم
النقد:
لكن هل البيئة هي صانعة الذكاء وهل كل الأطفال كالعجينة وكلهم صفحات بيضاء ؟ وإذا كان الذكاء يعود إلى الشروط البيئية فلماذا لا يشتري الأغنياء الذكاء إلى أبناءهم ؟
♦تركيب:
يقول فالون: إن الجماعة ليست حرة في إن تصنع من الفرد ما تشاء لان استجابة الفرد للمطيح تختلف باختلاف خصائصه الوراثية" إذن لا نستطيع أن نوقف الذكاء على عامل دون آخر يقول زازو إن المحيط يعمل على ازدهار الذكاء وكن في الحدود التي تتحملها خصائصه الوراثية " ويحل سيبرهان أن هذا الأشكال بالتميز بين نوعين من الذكاء : ذكاء عام فطري وثابت ولا يتأثر بالتعليم ويكتمنل في سن 18 عاما ، وذكاء خاص يتمثل في الملكات العقلية الخاصة – وان كمانلها أساس فطري – إلا أنها قابلة للاكتساب والنمو بواسطة ألتدربي وحسب الشروط المتوفرة
خاتمة :
هذا نستطيع تعريف الذكاء بأنه حدة الفهم الفطرية التي تهيأ الإنسان لاكتساب اكبر عدد من المعارف لاستخدامها في حل المشاكل الجديدة و بها يكون الذكاء محصلة إلى قوى النفس(الفطرية) ومحصلة إلى كل معرفنا ( المكتسبة)، وهو يتخطى كل ذلك ويجعل منها مواد أولية يستخدمها في إبداع أشياء جديدة إذن فالذكاء في أصله فطري وراثي يبقى كامنا ما لم يتدخل المحيط في إبرازه.
==================================
مقالة جدلية حول الديمقراطية:
الديمقراطية الاجتماعية:
هل يمكن تحقيق الاستقرار في ظل الديمقراطية الاجتماعية؟
مقدمة:
وصف الفلاسفة الإنسان منذ القديم بأنه كائن مدني بطبعه فحياته لا تقوم و لا تستمر إلا في ظل وجود سلطة تحكمه حتى أن أرسطو اعتبر الدولة من الأمور الطبيعية و الواقع أن استقرار التاريخ يجعلنا نميز بين نظامين: نظام حكم فردي يعتمد على الفصل بين السلطات و آخر جماعي يدافع عن الديمقراطية فإذا علمنا أم المذهب الليبرالي يتبنى الديمقراطية السياسية و أن الاشتراكية تؤمن بفكرة المساواة الاجتماعية فالمشكلة المطروحة *هل تستطيع الديمقراطية السياسية تحقيق الاستقرار السياسي؟ أم أنه لا يمكن تصور الديمقراطية إلا في ظل المساواة الاجتماعية؟
الأطروحة الأولى:
ربط أنصار المذهب الليبرالي بين الديمقراطية و فكرة الحريات الفردية و هذا المذهب هو نظرية في السياسة و الاقتصاد كما ذهب إلى ذلك ماكس فيبر و أصحابها ينظرون إلى العمل السياسي من زاوية المشاركة السياسية و حق المعارضة و هذا ما عبر عنه هانري مشال بقوله (الغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية) و من الناحية الفلسفية ترتبط الديمقراطية السياسية بفلسفة التنوير تلك الفلسفة التي رفعت شعار (لا سلطة على العقل إلا العقل) و تجسدت هذه الفكرة بوضوح في فلسفة هيقل الذي قال:(الدولة الحقيقية هي التي تصل فيها الحرية إلى أعلى مراتبها ) و القصد من ذلك أن جوهر الديمقراطية قائم على حرية إبداء الرأي و احترام الرأي المخالف وواجب السلطة هو حماية الحريات المختلفة ( السياسة و الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية) و في هذا السياق تظهر أفكار سبينواز الرافضة لفكرة التخويف التي تعتمد عليها الأنظمة الاستبدادية و هو يرى أن السلطة الحقيقية هي التي تحمي حرية الفكر و تضمن المشاركة السياسية للأفراد و من الناحية التاريخية تعتبر الثورة الفرنسية 1789 في نظر رجال الفكر و التاريخ أكثر الثورات التي حملت لواء الديمقراطية السياسية و خاصة دفاعها عن المساواة السياسية كما ذهب جفرسون في صياغته للدستور الأمريكي إلى المطالبة الحكومات الديمقراطية بحماية حق الأفراد في الحياة و التفكير و يمكن القول أن الديمقراطية السياسية تتميز بجملة من الخصائص أهمها :حرية الصحافة بجميع أشكالها و كذا تبني خيار التعددية الحزبية و الحق في المعارضة السياسية ،و ترقية و حماية الحريات الفردية المختلفة و الدفاع عن حقوق المرأة و الطفل باعتبار الإنجاب الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها كل هذه المبادئ، اختصرها كليسونفي مقولته: إن فكرة الحرية هي التي تحتل الصدارة في الإديولوجيا الديمقراطية و ليست المساواة.
نقد:
إن فكرة الحرية السياسية التي دافع عنها المذهب الليبرالي محدودة ما دامت السلطة السياسية في أيدي أصحاب النفوذ الماليو الإعلامي.
نقيض الأطروحة
: ذهب أنصار مذهب الاشتراكية إلى اعتبار المساواة الاجتماعية أساس الديمقراطية، و هذا المذهب ظهر كرد فعل ضد التطرف الإديولوجيا الليبرالية و في هذا المعنى قال فريدير أنجلر:( الاشتراكية ظهرت نتيجة صرخة الألم و معاناة الإنسان ) و ذلك أن الديمقراطية السياسية لم تنجح في خلق عدالة إجتماعية و بدل الدفاع عن المساواة بين الأفراد جسدت الطبقية في أوضح صورها بين من يملك و الذي لا يملك مما دفع أناتول فرانس إلى القول :(الذين ينتجون الأشياء الضرورية للحياة يفتقدنها و هي تكثر عند اللذين لا ينتجونها ) و من هذا المنطلق رفع كارل ماركس شعارا(يا عمال العالم اتحدوا) و ما يمكن قوله أن الديمقراطية الاجتماعية التي دافع عنها أنصار هذه الأطروحة ترمي إلى ربط بين العمل السياسي و العدالة الاجتماعية، يمكن القول أن الديمقراطية الاجتماعية التي دافع عنها أنصار الأطروحة ترمي إلى الربط بين العمل السياسي و العدالة الاجتماعية و من أجل تحقيق هذا الهدف اعتمدت على مجموعة من المبادئ أهمها الاعتماد على سياسة الحزب الواحد و هذا الحزب يلعب دور الموجه و المراقب و مهمته الأساسية خلق الوحدة الوطنية من خلال تركيز جميع الجهود في مسار واحد بدل تشتيت القوي كما هو حاصل في الديمقراطية السياسية و من المنطلق أن الاشتراكية خيارا لا رجعة فيه (يسمح بوجود معارضة سياسية ) بل كل ما يعارض فكرة الديمقراطية الاشتراكية يصنف في خانة أعداء الثورة. إن جوهر العمل السياسي هو خدمة الجماهير و إزالة الفوارق الطبقية من خلال إلغاء الملكية الفردية و تجسيد فكرة التملك الجماعي فالديمقراطية الاجتماعية تهدف إلى ضرورة الانتقال من المرحلة الاشتراكية إلى المرحلة الشيوعية التي تتجسد فيها المساواة الكاملة و في هذا المعنى قال لينين في بيان الحزب الشيوعي (الاشتراكية نظام لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج و المساواة الاجتماعية الكاملة بين الأفراد و ملخص الأطروحة أن الديمقراطية الاجتماعية ترى أن المساواة الاجتماعية هي التي يجب أن تحتل الصدارة في العمل السياسي و ليست فكرة الحرية.
نقد: ما يعاب على الديمقراطية الاشتراكية الفصل بين النظرية و التطبيق فبدل تحقيق المساواة و العدالة الاجتماعية تحول العمل السياسي إلى خدمة أفراد الحزب الواحد مما عجل سقوط الأنظمة الاشتراكية.
التركيب:
ذهب لاكومب في تحليله لمسألة الديمقراطية أنها تتضمن الحرية و المساواة لأن الحرية التي تطالب بها الديمقراطية هي حرية الجميع دون استثناء فالمسألة هنا يجب النظر إليها من زاوية الكيف و ليس الكم و هذا ما أكد عليه مبدأ الشورى في الإسلام و الذي جاء القرآن الكريم بصيغة الأمر قال تعالى: (وشاورهم في الأمر) فالشورى تشترط الحوار و الحوار يدل على الحرية (و أمرهم شورى بينهم) و من الناحية التاريخية تضمن مفهوم الديمقراطية منذ نشأته مفهوم المساواة و الحرية قال بريكليس (إن السلطة عندنا ليست مسيرة لصالح الأقلية بل هي لصالح الجماهير و منه أخذ نظامنا اسم الديمقراطية) .
الخاتمة:
و مجمل القول أن الديمقراطية من حيث الاشتقاق اللغوي تتضمن فكرة الإرادة الجماعية لأنها حكم الشعب نفسه بنفسه فهي تتضمن مفهوم الرضا و القبول لأن السلطة الحاكمة تمارس وظيفتها باسم الشعب غير أن هذا المفهوم يتضمن إشكالية فلسفية حول الأساس الذي يجب أن تبنى عليه الممارسة الديمقراطية هل هو الحرية أم المساواة و من ثمة كانت هذه الإشكالية جدلية في المقام الأول و هي تعبر عن التضارب الفكري بين الإديولوجيا الليبرالية و الاشتراكية غير أنه من خلال التحليل الفلسفي الذي قمنا به توصلنا إلى هذا الاستنتاج: الديمقراطية الحقيقية هي التي تأسس على منطق المساواة و الحرية معا .
===========================
إشكالية العدل بين المساواة والتفاوت:
إشكالية العدل
هل تؤسس العدالة على مبدأ المساواة أم التفاوت ؟
مقدمة:
من الحقائق الفلسفية نجد لها سندا في الواقع أن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إحاطة نفسه بمجموعة من القيم ومن هذا المنطق يختلف الناس في علم التقدم والتخلف تبعا لمضمون القيم التي يؤمنون بها ويدافعون عنها وعن البيان أن العدل هو أشرف وأرفع هذه القيم فإذا علمنا أن المساواة مطلب إنساني وتفاوت حقيقة واقعية.
- هل يؤسس العدل على مبدأ المساواة أم تفاوت ؟
الرأي الأول:
تجسيد العدالة الاجتماعية وتتجلى في مفهوم العدل في احترام التفاوت بين الناس وهذا ما ذهب إليه أنصار الطرح شاع هذا الطرح في الفلسفة اليونانية حيث رسم أفلاطون صورة المجتمع العادل وفي نظره أنه يتألف من طباق أن القوة العاقلة هي التي يجب أن تتحكم وتسيطر على قوى الغضبية والشهوانية وكذلك العدل أن نحترم تفاوت الطبقات فالفلاسفة أولا ثم الجنود والعمال وأخيرا طبقة العبيد وتحدث تلميذ أرسطو على أن العدل هو عبد مؤهلاته الطبيعية لا يمكن أن يرتقي إلى مرتبة السيد قال في كتابه السياسة الاسترقات ضرورة طبيعية ومن أشهر الأنظمة الاقتصادية التي دافعت عن التفاوت الليبرالية وهي نظام طبقي طبقة تملك وسائل الإنتاج ولا تستعملها بنفسها وطبقة تملك هذه الوسائل وتستعملها وطبقة تملك الجهد فقط هذا التفاوت الطبقي هو بمثابة الحافز فمن العدل أن يدافع عن التفاوت لأن الكل سيسعى حسب ظروفه الاقتصادية واجتماعية وأكد طبيب بيولوجي تاريل أن الطبيعة جعل الكائنات الحية طبقات بعضها أفضل من البعض وإنه إذا أردنا تحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن نشجع بقاء طبقات قال في كتابه الإنسان ذاك المجهول لا مفر من أن تصبح الطبقات الاجتماعية مرادفة للطباع البيولوجية يجب أن نساعد أولئك الذين يملكون أفضل الأعضاء والعقول على ارتفاع اجتماعي فكل فرد ينبغي أن يحصل على مكانه الطبيعي والحقيقة أن أنصار هذا الرأي اعتمدوا على حجج العقلية ومنه قوله تعالى:<<ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات>> هذا التفاوت هو قيمة العدل لأن الأفراد في حاجة إلى بعضهم البعض وملخص هذه الأطروحة أن تفاوت ظاهرة اجتماعية وطبيعية يجب الدفاع عنها.
النقد:
لكن التفاوت إذا كان باسم العرف أو الدين سيتحول إلى عنصرته وهذه الصفة تعاكس العادة الاجتماعية.
الرأي الثاني:
عند أنصار هذه الأطروحة حقيقة العدل تتجلى في احترام مبدأ المساواة بين الناس شاع هذا الطرح في الفكر الإسلامي قال محمود يعقوبي: الناس سواء أن ليس هناك شيء أشبه بالإنسان من الإنسان لنا جميعا عقل وحواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم ومن الذين دافعوا عن الفكرة المساواة أنصار الفلسفة الماركسية وفي هذا قال لينينا الشيوعية هي نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحد للملكية العامة لوسائل الإنتاج والمساواة الاجتماعية الكاملة بين جميع أفراد المجتمع والاشتراكية الإيديولوجية عرفت بدفاعها عن العدالة الاجتماعية من منطلق الروح تدل على النزعة الفردية ودرب يردون التفاوت في الحقوق باسم التركيبية العضوية والعقلية فقال هناك تفاوت جسمي وعقلي لا يمكن للمجتمع ولا للتعمير المذهب لكن لهذا التفاوت الحتمي أن يتحول إلى عنوان للنبل بالنسبة للبعض وذكاءه بالنسبة للبعض الآخر وطالب باكونين بالمساواة في حرية التعبير أي الحرية السياسية فقال لست في الحقيقة حرا إلا يوم تكون كل الكائنات حرة نساء ورجال...فأن لا أصير حرا إلا بحرية الآخرين والخلاصة أن المساواة شرط أساسي لقيام العدالة الاجتماعية.
نقد:
ما يعاب على هذا الرأي هو تركيزه على المساواة في الحقوق بينما الواقع يثبت وجودا التفاوت في العمال ومنه لا يمكنه الأخذ دائما بالمساواة .
التركيب:
إن المقاربة الفلسفية السليمة لإشكالية العدل ترفعنا للوقوف أمام أسباب الظلم لفهمه وتجاوزه قال أرسطو تنجم الخصومات والاعتراضات عندما لا يحصل أناس متساوون على حصص متساوية أو عندما يحصل أناس غير متساوين على حصص متساوية ومنه يؤسس العدل على ضرورة التناسب بين الحقوق والواجبات والمقصود هنا حسب العفوية هو إتاحة الفرصة أمام جميع المواطنين لكي ينفي كل أسباب المواطنة الطبيعية وعندئذ تكون الكفاءة هي معيار الاستحقاق الفعالية هي مقياس التكلف بالمسؤوليات أي للمساواة مجالها وللتفاوت المكانة الخاصة به.
الخاتمة:
الدارس لموضوع العدالة الاجتماعية يلمس حقيقة في غاية الوضوح هي أن العدالة من المواضيع الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي طرحت أكثر من سؤال وكانت لا تزال بحق فحسب التقييم الفلسفي سواء من حيث ضبط المفهوم الماهية أو البحث عن أساليب تطبيق العدالة الاجتماعية في أرض الواقع وفي مقالنا هذا تعممنا في فكرة التفاوت من خلال بعدها الفلسفي مع أفلاطون وأرسطو وبعدها الإيديولوجي مع نزعة الليبرالية حملة مصطلح المساواة في فكرة شيشرون ومرودون والمذهب الاشتراكي ومنه نستنتج أن العدل يرتكز على المساواة في الفرض وتفاوت في امتيازات النتائج.
===================================
مقالة جدلية حول المشكل الاخلاقي:
المشكل الأخلاقي أساس القيمة الخلقية:
الأسئلة :-هل استجابة الفرد لمصلحته يعدّ انحرافا عن الأخلاق؟-هل السلوك الأخلاقي إمتداد للسلوك الطبيعي؟-هل المنفعة أساس الأخلاق؟-هل اللذّة خير والالم شرّ؟-هل تستطيع عقولنا تصوّر ماينبغي أن يكون عليه السلوك؟
-المقدمة :
تحرّك الإنسان دوافع كثيرة ومتنوعة(عضوية, نفسية, اجتماعية) نحاول إشباعها من أجل تحقيق التوازن مع ذاته ومع الآخرين لكن حقيقة الإنسان لا تتجلى في إشباع الدوافع فقط. بل في قدرته على التمييز بين الخير والشرّ بحثًا عن السلوك الأفضل وهذا ما يعرف في الفلسفة بموضوع "الأخلاق", غير أن أساس القيمة الأخلاقية مسألة تحتاج إلى تحليل من أجل تحديد مصدر الإلزام الخلقي وهي مسألة تعددت فيها الآراء بتعدد أبعاد الشخصية والإشكالية التي تطرح نفسها:هل تُؤسّس الأخلاق على المنفعة أم العقل؟
/الرأي الأول (الأطروحة):
ترى النظرية النفعية أن مصدر الإلزام الخلقي يكمن في طبيعة الإنسان, التي تدفعه إلى طلب اللّذة والتمسّك بها والنفور من الألم (فاللذة هي الخير والألم هو الشر) والإنسان برأيهم أناني يبحث دائما عن مصلحته والقيم التي يؤمن بها هي التي تتوافق مع هذه المصلحة, تعود هذه الأطروحة إلى آراء الفيلسوف اليوناني "أرستيب القورينائي" الذي قال {اللذة هي الخير الأعظم هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل ولا حياء} وهو يرى أن اللذة الفردية هي أساس العمل الخلقي, غير أن "أبيقور" فضّل اللذات المعنوية عن اللذات الحسية مثل التأمل الفلسفي ومحور حياة الإنسان هو اللذة فهي شرط السعادة وهي مقياس الأفعال وهذا ما تؤكده العبارة الشهيرة {اللذة هي بداية الحياة السعيدة وغايتها هي ما ننطلق منه لنحدد ما ينبغي فعله وما ينبغي تجنبه}. وفي العصر الحديث ظهر ما يسمى مذهب "المنفعة العام" على يد الفلاسفة الإنجليز ومنهم "بنتام" الذي نقل موضوع الأخلاق من المجال الفلسفي التأملي إلى المجال التجريبي وهذا ما يتجلى في مقياس حساب الذات حيث وضع مجموعة من الشروط وقال {اللذة إذا اتحدت شروطها كانت واحدة لدى جميع الناس}ومنها شرط "الشدّة" أي شدة اللذة أو ضعفها هو الذي يحدد خيريتها أو شرها وشرط "الصفاء" أي وجوب كون اللذة خالية من الألم لكن أهم هذه الشروط على الإطلاق هو "المدى" أي امتداد اللذة إلى أكبر عدد ممكن من الناس وهكذا الإنسان عندما يطلب منفعته بطريقة عفوية هو يطلب منفعة غيره, غير أن تلميذه "جون ستيوارت ميل" نظر إلى موضوع المنفعة من زاوية الكيف وليس الكمّ وفي نظره أن شقاء الإنسان مع كرامته أفضل من حياة الخنزير المتلذذ وهذا المعنى أشار إليه في أحد نصوصه {أن يعيش الإنسان شقيّا أفضل من أن يعيش خنزيرا رضيا, وأن يكون سقراط شقيا أفضل من أن يكون سخيفًا سعيدًا}فالأخلاق تُؤسس على المنفعة .
نقد:
إن هذه الأطروحة نسبية لأن المنفعة متغيرة مما يعني عدم ثبات القيم الأخلاقية ومن ثمَّ إمكانية حدوث فوضى إجتماعية.
/الرأي الثاني (نقيض الأطروحة):
ترى النظرية العقلية أن الأخلاق الحقيقية يجب أن تُؤسّس على ما يميّز الإنسان عن الحيوان وقصدوا بذلك العقل الذي هو مصدر الإلزام الخلقي في نظرهم وهو القاسم المشترك بين جميع الناس والعقل يستطيع تصوّر مضمون الفعل ثم الحكم عليه, فعلامة الخير عند "سقراط" أنه فعل يتضمن فضائل وعلامة الشر أنه فعل يتضمن رذائل, ورأى "أفلاطون" أن محور الأخلاق هو الفعل فقال {يكفي أن يحكم الإنسان جيّدًا ليتصرف جيّدًا} وفي نظره الإنسان لا يفعل الشرّ وهو يعلم أنّه شرٌّ وإنما الجهل هو سبب ذلك, ورأى "أرسطو" أن الأخلاق تجلى في السلوك المعتدل وقال في كتابه "الأخلاق إلى نيقوماخوس" {الفضيلة وسط بين رذيلتين} ومن الأمثلة التي توضح هذه الفكرة أن الشجاعة خير لأنها وسط بين الجبن والتهوّر والعدل خير لأنه وسط بين الظلم والإنظلام. وفي العصر الحديث أرجع "كانط" الإلزام الخلقي إلى العقل وقسّم فلسفته إلى ثلاثة أقسام العقل النظري الذي يدرس المعرفة وطرق بنائها والعقل العملي الذي يشتمل على الدين والأخلاق والعقل الجمالي ورفض إرجاع الأخلاق إلى سلطة خارجية (الدين, المجتمع) لأن في ذلك سلب لحرية الإنسان ورفض المنفعة لأنها متغيّرة والأخلاق عنده تأتي استجابة لسلطة العقل أي أداء الفعل احتراما للقانون العقلي في ذاته فيظهر الفعل الأخلاقي عن حريّة ويصبح كلّياً, قال "كانط" {اعمل بحيث بحيث يكون عملك قانونا كلّياً} ويتميّز بالمثالية ويكون دائما مطلوبا لذاته قيل {عامل الناس كغاية لا كوسيلة} فالأخلاق مصدرها العقل.
نقد:
هذه الأطروحة نسبية لأنها اهتمت بدور العقل في بناء الأخلاق وتجاهلت دور الدين ثم أن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ.
/التركيب:
يطرح المشكل الأخلاقي في المقام الأول إشكالية المعيار والأساس وكما قال "جون ديوي" {لا تظهر المشكلة الأخلاقية إلا حين تعارض الغايات ويحتار المرء أيّها يختار} ومن هذا المنطلق نرى أن المذهب العقلي أخذ صورة مثالية متطرفة من خلال الاكتفاء بالعقل وحده وإهمال عنصر [الدين] وهنا تظهر مقولة "فيخته"{الأخلاق من غير دين عبث} وبيان ذلك أن جوهر الأخلاق هو الإلزام وحسن الخلق. وهذا ما أشار إليه "أبو حامد الغزالي" في كتابه [إحياء علوم الدين] {حسن الخلق يرجع إلى اعتدال قوة العقل وكمال الحكمة وإلى اعتدال قوة الغضب والشهوة وكونها للعقل والشرع مطيعة} فالأخلاق الحقيقية تُؤسس على الفطرة السليمة وتفاعل العقل مع النصوص الدينية والمُتغيّرات الاجتماعية وكما قيل {للشرع التنوير وللعقل الاجتهاد}.
- الخاتمة :
وفي الأخير الأخلاق بحث فلسفي قديم تبحث في ما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان وهي قسم من "فلسفة القيم" طرح الكثير من الإشكالات أهمها مصدر الإلزام الخلقي حيث تضاربت آراء الفلاسفة وتعددت تبعاً لأبعاد شخصية الإنسان وكل مذهب نظر إلى مصدر القيم نظرة أحادية هذا الذي جعلنا نتجاوز هذه المذاهب نحو رؤيا متكاملة تجمع بين العقل والنصوص الدينية والمتغيرات الاجتماعية ورغم أن حركة الجدل الفلسفي لا يمكن أن تتوقف عند حلٍّ نهائيٍ إلا أنه أمكننا الخروج بهذا الاستنتاج :"الأخلاق الحقيقية هي التي تتوافق مع شخصية الإنسان بكامل أبعادها"
=======================
مقالة جدلية حول الأخــلاق بين النسبي والمطلق بين الدين والعقل ؟
إذا كنت بين موقفين متعارضين أحدهما يقول الأخلاق مصدرها الإرادة الإلهية وثانيهما يقول القول هو مشروع الأخلاقي .
وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع؟
الوضعية المشكلة
إليك هذا الرأيين , قال أفلاطون < الخير فوق الوجود شرفا وقوة > وقال الأشعري < الخير والشر بقضاء الله وقدره >
المقدمــة : طرح الإشكـاليـة
تتجلى سلوكات الإنسان في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال والتي ينظر إليها الفلاسفة من زاوية ما يجب أن يكون وذلك بربطها بقيمة <الحسن والقبح> وهذه هي الفلسفة الجمال ,أو بربطها بقيمة< الخير والشر> وهذه هي الفلسفة الأخلاق , فإذا كنا بين موقفين متعارضين أحدهما أرجع الأخلاق إلى سلطة مقدسة <إرادة الله> والأخر أرجع القيم الأخلاقية إلى سلطة العقل فالمشكلة المطروحة.
هل مصدر القيمة الخلقية الدين أم العقل ؟
التحليل :
عرض الأطروحة الأولى
أرجعت هذه الأطروحة < أساس الدين للأخلاق,الشر والخير إلى إرادة الله >أي ماحسنه الشرع ومدح فاعله فهو خير, وما قبحه الشرع وتوعد فاعله بالعقاب فهو شر ,وهذه الأطروحة واضحة عند ابن حزم الأندلسي حيث قال << ليس في العالم شيء حسن لعينه ولاشيء قبيح لعينه لكن ما سماه الله تعالى حسن فهو حسن وفاعله محسن>>ومن الأمثلة التوضيحية أن <القتل> إذا كان دفاع عن النفس فإن النصوص الشرعية اعتبرته خير أما إذا كان لهون في النفس أو لتحقيق مصلحة شخصية فإن الشرع يحكم على فاعله بالقبح ومن أنصار هذه الأطروحة الأشعري الذي قال<< الخير والشر بقضاء الله وقدره >> فالحكمة الإلهية هي التي تفصل في الأمور وإرسال الرسل عليهم السلام حجة تثبت ذلك , هذه الأوامر الأخلاقية نقلية وليست عقلية.
النقد:
لاشك أن الدين يرشدنا في حياتنا لاكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشتهادي فالعقل يساهم أيضا في بناء الأخلاق.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة < النظرية العقلية > إن القيم التي يؤمن بها الإنسان ويلتزم بها في حياته مصدرها العقل , وهذه القيم ثابت ومطلقة لاتتغير في الزمان والمكان ومن أبرز دعاة هذه الأطروحة أفلاطون الذي قال << الخير فوق الوجود شرفا وقوة >> , حيث قسم الوجود إلى قسمين (عالم المحسوسات وعالم المثل ) , إن القيم عند أفلاطون يتم تذكرها ولذلك قال <المعرفة تذكر> وقصد بذلك أن القيم الأخلاقية الكاملة مكانها عالم المثل , والعقل هو القادر على استعادتها , وفي أمثولة الكهف وضح أفلاطون أننا سجناء للجسد والعقل هو الذي يحرر وبه تمزق الروح حجاب الجسد , ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف الألماني كانط الذي استعمل المصطلح الواجب الأخلاقي أي طاعة القانون الأخلاقي احتراما له وليس للمنفعة أو خوفا من المجتمع , والأخلاق عند كانط تتأسس على ثلاث شروط : < شرط الشمولية > وهذا واضح في قوله << تصرف بحيث يكون عملك قانون كلية >> و< شرط احترام الإنسانية > أي معاملة الناس كغاية وليس كوسيلة , وأخيرا ضرورة أن يتصرف الإنسان وكأنه هو <مشروع الأخلاق>.
النقـد :
هذه الأطروحة نسبية لأن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين .
التركيب :
رغم ما يبدو من التعارض بين المذاهب الأخلاقية حول أساس القيمة الخلقية إلا أنها في نهاية متكاملة لأن القيمة الخلقية التي يطمح إليها هي التي يجب أن يتحقق فيها التكامل بين المطالب الطبيعية وصوت العقل وسلطة المجتمع وأوامر ونواهي الشرع, لذلك قال فيقِن << الأخلاق من غير دين عبث >> , ذلك الدين يرشد العقل ويهذب المصلحة ويحقق الإلزام الخلقي أمام الله والمجتمع ولذلك قال أبو حامد الغزالي <<حسن الخلق يرجع إلى اعتدال العقل وكمال الحكمة واعتدال الغضب والشهوات وكونها للعقل والشرع مطيعة >>.
الخاتمة : المخرج من المشكلة
وخلاصة القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقيمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لنا أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلفية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد < الأساس العقلي > وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلة المطروحة
ونستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا .
=========================
مقالة حول العادة
العادة وأثرها في السلوك
- هل العادة ميل أعمى ؟
- هل العادة تكيف أم انحراف ؟
- هل العادة سلبية أم إيجابية ؟
مقدمة:
يعتبر السلوك منوجهة نظر علم النفس استجابة تكييفية تهدف إلى تفاعل الكائن الحي مع المحيط الخارجيوالحقيقة أنه يمكن التمييز بين ما هو فطري غريزي وثابت وما هو مستحدث نتيجة تفاعلالفرد مع غيره ومع الطبيعة فإذا علمنا أن العادة سلوك مكتسب إلى تكرار الفعل وأنهاتؤثر في السلوك فالإشكالية المطروحة:
- ما طبيعة هذا التأثير؟
- وهل هو سلبيأم إيجابي ؟الرأي الأول:
إن السلطة التي تفرضها قوة العادة على الفرد تؤثرسلبا على سلوكه مما يجعلنا نحكم أن العادة كلها سلبيات وبيان ذلك أن الآلية المجسدةفي العادة تشكل حركة التفكير وتقضي على روح الإرادة والإبداع كما أنها تعطل فيالإنسان حركة البحث لهذا قيل[من شب على شيء شاب عليه] ولأن الطبيعة البشرية تميلإلى الفعل السهل وتتجنب الأفعال الصعبة خوفا من الجهد والخطر والإبداع والتقدموهكذا العادة تسد الطريق أمام الأفكار الجديدة قال(كار ل ياسبرسس) [العلماء يفيدونالعلم في النصف الأول من حياتهم ويضرون به في النصف الثاني منه] وعلى المستوىالأخلاقي تقضي العادة على بعض الصفات الإنسانية مثل أخلاق الشفقة والرحمة كما هوحال المجرم المحترف لهذا الفعل لا يكترث لعواقب إجرامه وما تلحقه الجريمة من أضرارنفسية ومادية بضحاياه وهذا لغياب الشعور والإحساس وغياب الإحساس إلى حتمية التكراركما يقول[سولي جرودوم] [إن الجميع الذين تستولي عليهم قوة العادة ويصبحون بوجودهمشرائر كاتهم آلات] وعلى المستوى الاجتماعي تظهر العادة كوعاء يحفظ العادات ما كانمنها صالحا وما كان غير ذلك ومن هنا يصعب تغيير العادة البالية حتى ولو ثبت بطلانهابالحجة والبطلان مثل محاربة الأساطير والخرافات نصح الفلاسفة يتحكم على اكتسابالعادات قال[جون جاك روسومي] في كتابه[أميل] [خير العادة للطفل ألا يألف أي عادةوأن لا يحمل على ذراع أكثر من أخرى وأن لا يعود مديدة أكثر من الثانية...بل لابد مناستعمال قواه] وتظهر سلبيات العادة في المجال الحيوي حيث يعود البعض على استعمالأعضاء دون أخرى أو تناول بعض المواد كالمخدرات وهذا التعود يتحول على حسبتعبير[أرسطو] إلى طبيعة ثابتة يصعب التخلص منها وملخص الأطروحة في منزلة[كانط] [كلما ازدادت العادات عند الإنسان كلما أصبح أقل حرية واستقلالية] .
نقد:
إنتصور الحياة للفرد بدون عادة يعد ضربا من الخيال وإذا كانت للعادات سلبيات فلهاإيجابيات .
الرأي الثاني:
ينظر أصحاب الأطروحة إلى غياب الوعي والإحساس الذيينتج عن فعل العادة على أنه يجلب مزايا لا يمكن إنكارها فالعادة من هذا المنظور فعلإيجابي اليوم للإنسان الجهد الفكري والعضلي فيؤدي إلى السرعة في الإنجاز مع إتقانالعمل مما ينعكس على الإنتاج والفرق واضح في قيمة وكمية العمل عند شخص أحدهما علىالعمل وآخر مبتدئ فيه كما أن العادة تمكن صاحبها من إنجاز أكثر من عمل فغي وقت واحدفالضارب على الآلة الراقنة يمكن أن يقوم بعمل فكري في الوقت الذي يكتب فيه لأن فعلالكتابة ويكاد يخلو من الانتباه الذهني وفي هذا المعنى قال موسليني (لو لم تكنالعادة لكان في قيامنا بوضع ملابسنا ونزعها يستغرق نهارا كاملا) ومن مزايا العادةأنها تكمن في التكيف مع المواقف الجديدة وتساعد على اكتساب عادات قريبة في طبيعتهامن العادات المكتسبة فلاعب كرة القدم بإمكانه ممارسة لعبة كرة السلة أو كرة اليدوالفنان الذي يعزف على آلة يمكنه تعلم العزف على آلة أخرى بسهولة قال ألان:[العادةتمنح الجسم الرشاقة والسيولة] وفي ميدان البحث العلمي اكتساب بعض العادات النفسيةالمختصة تساعد على تطور المعارف وتقدم حركة البحث العلمي فالمنهجية التي يتعلمهاالباحث توفر له الجهد والوقت في المجال النفسي والاجتماعي يمكن التعود على سلوكاتإيجابية مثل ضبط النفس وكظم الغيظ وترابط الأفكار وتعلم الأخلاق الفاضلة كخلقالتضامن وحب الخير والكرم وهذا ما ذهب إليه(ليفي يوبل ودوركايم) [من أن جميع القيمهي عادات أخلاقية] وملخص الأطروحة العادة تنعكس بشكل إيجابي على كامل أبعاد شخصيةالإنسانالنقد:
لكن طبيعة السيالة إلى التخلي عن كل ما يتطلب الانتباه والجهدإلى طلب كل ما هو عفوي يجعل اكتساب العادات الفاسدة أكثر من العادات الصالحة .
التركيب:
إن سلبيات العادة لا يمكن أن تطغى المزا والايجابيات وعلى الإنسانالمثقف أن يبادر بالتمسك بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادات السيئة ولكن وفقمنهجية مرسومة قال مارك نوبل(لا تستطيع التخلص من عادة ما أو منها هذا الناقل بلينبغي جعلها تنزل السلم درجة) وفي مقابل ذلك على الفرد أن يدرك أن نتائج العادةمرتبطة بطريقة استعمالها والمعرف منها قال دتوفالي(إن العادة هي أداة الحياة والموتحسب استخدام الفكر لها وبتعبير أحسن حسب أن يستخدمها الفكر من أجل غاياته أو بتركهالنفيها).
الخاتمة:
وملخص هذه المقالة أن العادة ترتبط بحياة الإنسان اختلفالفلاسفة وعلماء النفس في تحديد العوامل المكونة لها والنتائج المترتبة عنها وبعداستعراض مختلف المواقف والأفكار فإننا نستنتج أن العادة لها إيجابيات وسلبيات حسبدرجة ثقافة الشخص.
================
مقالة حول الأنظمة الاقتصادية
مقالة حول الأنظمة الاقتصادية (جدل بين الرأسمالية والاشتراكية)
الأسئلة:-هل التنافس الحرّ كفيل بتحقيق الازدهار الاقتصادي؟-هل الازدهار الاقتصاديمرهون بتحرير المبادرات الفردية؟-هل تُحلّ مشكلة العمل بتقييد الملكية؟-هل تُحلّمشكلة العمل بتحرير الملكية؟-هل تحقق الليبرالية العدالة الاجتماعية؟
مقدمة:
تعتبر الرغبة في الحياة المحرّك الأساسي عند جميع الكائنات الحية خاصة الإنسانوالحيوان تدفعهم إلى الحركة داخل الوسط الطبيعي بحثا عن عناصر البقاء وفي محاولةللاستفادة منه لكن حركة الإنسان [قصدية, واعية, هادفة] هذه الخصائص مجتمعة تعرف فيالفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يحيلنا إلى موضوع "الأنظمة الاقتصادية" فإذا علمنا أن الرأسمالية تعتمد على التنافس الحرّ والاشتراكية تتبنى توجيهالاقتصاد فالمشكلة المطروحة:هل يتحقق الازدهار في ظل الرأسمالية أمالاشتراكية؟
الرأي الأول (الأطروحة):
ترى هذه الأطروحة أن [شرط الازدهارالاقتصادي يتوقف على مدى تطبيق النظام الرأسمالي في أرض الواقع] وهو نظام يحققالرفاهية المادية والعدالة الاجتماعية, ويهدف إلى ضمان "أكبر قدر من الربح الماديمع أكبر قدر من الحرية" تعود الجذور الفلسفية للرأسمالية حسب عالم الاجتماع "ماكسفيبر" إلى عاملين فلسفة التنوير التي دافعت عن حرية الفكر والتصرف والبروتستانتيةالتي مجّدت العمل والحرية, هذه الأفكار تجلّت في المذهب الفردي والذي من أكبر دعاته "آدم سميث" و"ستيوارت ميل" والرأسمالية تقوم على مجموعة من الخصائص أهمها [الملكيةالفردية لوسائل الإنتاج وحقّ التملّك] التي هي في نظرهم تشبع غريزة حبّ التملّكواعتبرها "جون لوك" من الحقوق الطبيعية للإنسان وامتداد لغريزته وقال عنها "جونستيوارت ميل" {الملكية الخاصة تقليد قديم اتّبعه الناس وينبغي إتباعه لأنه يحقّقمنفعتهم}وترى الرأسمالية أن الاقتصاد ظاهرة طبيعية أساسه قانون العرض والطلب الذيينظّم حركة الأجور والأسعار ومنه ضرورة [عدم تدخّل الدولة في الشؤون الاقتصادية] لأن تدخلها يتعارض مع أهمّ مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهي حقّ مقدّس لكل إنسان لاينبغي النازل عنه وتدخّلها يضر بالاقتصاد لأنه يخلق عراقيل مختلف وهنا يظهر مبدأ [التنافس الحرّ] الذي هو في نظرهم ضروري لخلق حركية في الفكر والإبداع وإلغاءالتنافس يضعف الاقتصاد قال عنه "باستيا" {إلغاء التنافس الحرّ معناه إلغاء العقلوالفكر والإنسان} والتنافس يحقّق العدالة الاجتماعية وهذا ما أكّد عليه "آدم سميث" في كتابه [بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم] لأن المصلحة العامة متضمنة فيالمصلحة الخاصة فالرأسمالية قادرة على تحقيق الرفاهية المادية
.
نقد(مناقشة):
لاشك أن الرأسمالية قد قسّمت المجتمع الواحد إلى طبقتين طبقة ملك وأخرى لا تملكوتجسّد بذلك استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
الرأي الثاني (نقيض الأطروحة):
ترىهذه الأطروحة أن [الرفاهية المادية تتحقق في ظل النظام الاشتراكي] الذي بنظرهم يحققالعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد والاشتراكية{أيديولوجية اقتصادية ذاتأبعاد اجتماعية تمجّد الروح الجماعية} تعود هذه الأفكار إلى مجموعة من الفلاسفةمنهم"كارل ماركس" الذي رأى أن الرأسمالية تحمل بذور فنائها بداخلها حيث تزدادالفجوة باستمرار بين الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وطبقة البروليتاريا (الكادحة) ويفسّر ماركس هذا التناقض قائلاُ {الذين يعملون لا يغتنون والذين يغتنونلا يعملون} هذا التناقض يولد مشاعر الحقد والكراهية فتحدث ثورة الفقراء علىالأغنياء عندها تسقط الرأسمالية وتحل محلّها الاشتراكية التي تعتمد على مجموعة منالخصائص منها [الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج] التي ذكرها "فلاديمير لينين" فيبيان الحزب الاشتراكي السوفياتي فقال {الاشتراكية نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحدالملكية العامة لوسائل الإنتاج} وهنا تظهر الحاجة إلى تدخّل الدولة في الشؤونالاقتصادية أو ما يسمى "توجيه الاقتصاد" من خلال المخططات حيث يصبح العمال محورالعملية الاقتصادية ويتجسّد بذلك شعار |من كلٍّ حب مقدرته ولكلٍّ حب حاجته|وبذلكتتحقق العدالة الاجتماعية لأن الاشتراكية كما قال "انجلز" {نشأت من صرخة الألملمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان}.
نقد (مناقشة):
الاشتراكية كان مآلها السقوطفي عصرنا هذا بسبب التواكل وغياب روح المبادرة والإبداع وهذه أكبر سلبياتالنظام.
التركيب:
إن النظام الاقتصادي الفعال الذي يجمع بين المبادئ والغاياتوالوسائل فلا ينظر إلى الاقتصاد نظرة مادية فقط دون مراعاة الضوابط الأخلاقية كمافعلت الرأسمالية كما قال عنها "جوريس" {إنها ترمز إلى سياسة الثعلب الحرّ في الخمّالحرّ} بل لابدّ من السعي إلى تحقيق تكامل بين الروح والمادة وهذه هي فلسفةالاقتصاد في الإسلام فالبيع مقترن بالأخلاق لــ"قوله تعالى" {أَحَلَّ الله البَيعَوحَرَّمَ الرِبَا} والملكية ثلاثية الأبعاد [الله, الإنسان, المجتمع] والزكاة تطهيرللنفس ومواساة للفقراء لــ"قوله تعالى"{وفِي أَموَالِهِم حَقٌّ للسَائِلِوالمَحرُوم} هذه الاعتبارات الأخلاقية والروحية تدفعنا إلى تجاوز الرأسماليةوالاشتراكية والدفاع عن الممارسة الاقتصادية في الإسلام.
الخاتمة:
وفي الأخير يمكنالقول أن الشغل ظاهرة إنسانية قديمة كان عنوانا للشقاء والعبودية في الفلسفاتالقديمة وتحوّل تحت تأثير "فلاسفة العصر الحديث" إلى مصدر للتحرر وبناء شخصيةالإنسان, وظاهرة الشغل ترتبط بإشكالات كثيرة منها إشكالية الأنظمة الاقتصادية التيتطرقنا إليها في مقالنا هذا من خلال تتبع أفكار المذهب الرأسمالي الذي اعتبر الحريةجوهر العملية وكذا المذهب الاشتراكي الذي مجّد الروح الجماعية ومن منطلق أنالاقتصاد الفعال هو الذي يربط الممارسة الاقتصادية بالمبادئ الأخلاقية نستنتج:يتحققالازدهار الاقتصادي عندما تتكامل النظرة الأخلاقية مع الأبعاد المادية.
انتهى لكن عندي طلب ممكن تدعولي باش ننجح انشاء الله
ام ايمان16
2011-04-21, 15:53
نصوص فلسفية (الاخلاق)
الأخلاق
الأساس الاجتماعي للأخلاق
دوركايم
ليس الإنسان كائنا أخلاقيا إلا لأنه يعيش في صلب مجتمعات قائمة، وليس ثمة أخلاق بدون انضباط ولا نفوذ.والنفوذ العقلي الوحيد هو السلطة التي بتقلدها المجتمع في علاقته بأعضائه.إن الأخلاق لا تبدو لتا إلزاما أي أنها لا تبدو لنا أخلاقا، وبالتالي لا يمكننا الإحساس بالواجب، ‘لا ‘ذا وجدت حولنا و فوقنا سلطة تقوم بالجزاء. ولا يعني ذلك أن الجزاء المادي هو كل الواجب، ولكنه العلامة الخارجية الدالة عليه، ‘نه الدليل المحسوس على أنه ثمة شيئا ما،يعلو علينا ونكون تابعين له.. وللمؤمن،بدون شك، الحرية في تمثل هذه القوة في شكل كائن فوق بشري لا يطاله العقل و لا العلم. و لكن لهذا السبب ذاته، ليس لنا أن نجادل هذه الفرضية و لا أن ننظر في ما هو مؤسس أو غير مؤسس في الرمز. إن ما يبين جيدا إلى أي حد يكون التنظيم الاجتماعي ضروريا للأخلاقية هو أن كل انخرام في التنظيم أو كل ميل إلى الفوضى السياسية مقترن بتنام في اللاأخلاقية (...) و عندما نعلم أن الأخلاق هي نتاج المجتمع وأنها تنفذ إلى الفرد من الخارج و تمارس العنف، من بعض الوجوه، على طبيعته الفيزيائية و تكوينه الطبيعي، نفهم عندئذ، زيادة على ذلك ‘ن الأخلاق هي ما هو المجتمع، وأنها لا تكون قوية إلا بقدر ما يكون المجتمع منظَما.
دوركايم
‹دروس في علم الاجتماع›
***
أصل الواجب
كلما أجلنا الفكر لنعرف كيف يجب علينا أن نفعل كلمنا صوت من داخلنا وقال : هذا واجبك. وإذا ما أخللنا بهذا الواجب الذي قدم لنا على ذلك الشكل ، قام نفس الصوت فكلمنا واحتج على ما فعلنا. ولما كان ذلك الصوت يكلمنا بلهجة الأمر والنهي ، فإننا نشعر شعورا عميقا بأنه لابد صادر عن كائن أرفع منا شأنا، ولكننا لا نستطيع أن نتبين بوضوح من يكون هذا الكائن ولا ما هو. ولذلك نسبه خيال الشعوب إلى شخصيات متعالية، أرفع شأنا من الإنسان ، أضحت موضع عبادة، إذ العبادة ما هي آخر الأمر، إلا الشهادة الظاهرة على النفوذ الذي نقر به لهم ، وبذلك استطاعت تلك الشعوب أن تجد تفسيرا لهذا الصوت العجيب الذي لا تشبه نبرته النبرة التي بها ينطق صوت البشر. وقد أصبح واجبا علينا نحن أن ننزع عن هذا التصور غلالة الأشكال الأسطورية التي تلفع بها خلال عصور التاريخ وأن ندرك الحقيقة وراء الرمز . وهذه الحقيقة هي المجتمع . إذ المجتمع هو الذي وضع فينا عند تربيتنا تربية أخلاقية هذه المشاعر التي تملي علينا سلوكنا إملاء أو التي ترد الفعل بقوة إذا ما رفضنا الانصياع لأوامرها. فضميرنا الأخلاقي صنعتها والمعبر عنها، فإذا ما تحدث ضميرنا كان المجتمع هو المتحدث فينا. غير أن اللهجة التي بها يكلمنا هي أحسن دليل على النفوذ المتميز الذي يتمتع به . فالواجب هو الأخلاق من حيث هي تأمر وتنهى، وهو الأخلاق وقد تمثلت سلطة علينا أن نطيعها لأنها سلطة ولأنها كذلك فحسب . أما الخير، فهو الأخلاق وقد تمثلت شيئا حسنا، يجتذب الإرادة، ويثير ما في الرّغبة من التلقائية. ولئن كان من اليسير أن نتبين أن الواجب هو المجتمع من حيث يفرض علينا قواعده ، ويضبط الحدود لطبيعتنا، فان الخير هو المجتمع ولكن من حيث هو حقيقة أثرى من حقيقتنا، ولا نستطيع التمسك به دون أن ينتج عن ذلك إغناء لكيّاننا.
دوركايم
‹ التربية الأخلاقية ›
***
في القانون الأخلاقي
عندما أتصور أمرا شرطيا على وجه الإجمال فإنني لا أعرف مقدما ما سوف ينطوي عليه حتى أعطى الشرط الذي يقوم عليه . أما إذا تصورت أمرا قطعيا، فإنني أعرف على الفور ما ينطوي عليه . ذلك لأنه لما كان الأمر لا يحتوي ، بالإضافة إلى القانون ، إلا على الضرورة التي تقضي بأن يكون المبدأ الذاتي مطابقا لهذا القانون ، وكان القانون لا يتضمن أي شرط يحده ، فلن يبقى شيء على الإطلاق سوى الجانب الكلي العام من القانون بوجه عام ، الذي يجب على المبدأ الذاتي للفعل أن يكون مطابقا له ، وهذه المطابقة هي وحدها التي تصور لنا وجه الضرورة في هذا الأمر.
إذن فليس ثمة غير أمر قطعي واحد، يمكن التعبير عنه على النحو التالي : افعل فقط طبقا للمبدأ الذاتي الذي يجعلك تقدر على أن تريد له في الوقت نفسه أن يصير قانونا كلبّا.
فإذا أمكن إذن أن تشتق جميع أوامر الواجب من هذا الأمر الواحد كما تشتق من مبدئها، فإننا سنستطيع عندئذ، وإن تركنا بغير حل مشكلة معرفة ما إذا كان ما نسميه بالواجب ليس في مجموعه إلا مفهوما أجوف ، أقول إننا سنستطيع عندئذ على أقل تقدير أن نبين ما نفهمه من ذلك وما يعنيه هذا المفهوم
ولما كانت كليّة القانون الذي تحدث بمقتضاه الآثار والنتائج المترتبة عليه هي التي تؤلف ما نسميه بوجه خاص بالطبيعة حسب المعنى الأعم لهذه الكلمة ( من الناحية الصوريُة )، أو بتعبير آخر وجود الأشياء من حيث هو وجود تحده قوانين كلية، فان الأمر الكلي للواجب يمكن أيضا أن يعبر عنه في هذه الصيغة : " افعل كما لو كان يجب على المبدأ الذاتي لفعلك أن يُرفع عن طريق إرادتك إلى مرتبة قانون كلي للطبيعة ".
كانط
" أسس ميتافيزيقا الأخلاق "
***
الأخلاق والفطرة
وجودنا يعني إحساسنا فإحساسنا إذن سابق لفهمنا وعواطفنا سابقة لأفكارنا , مهما كانت علة وجودنا فقد منحتنا هذه العلة بغية حفظ كياننا عواطف معينة تلائم طبيعتنا ولا يمكن لأحد أن ينكر أن هذه العواطف ولدت معنا إنها بالنسبة للفرد حب النفس الشرعي والخوف من الألم والرغبة في الهناء و لكن إن كان الإنسان كائنا اجتماعيا من طبيعته أو على الأقل مؤهلا لأن يكونه فلا يمكنه ذلك إلا بواسطة عواطف أخرى أيضا غريزية بالنسبة للنوع البشري أما بالنسبة إلي الحاجة المادية فحسب فإنها جديرة بتفرقة الناس بدلا من جمعهم فالدافع الوجداني أو الضمير يتولد من الجهاز الأخلاقي الذي يتألف من هذه العلاقة المزدوجة علاقة الإنسان بنفسه و أبناء جنسه .
ليس للإنسان علم غريزي بالخير ولكن حالما يكشفه عقلهله يدفعه ضميره إلى محبته ...لقد تخلصنا من كل هذه الأداة الفلسفية الهائلة إننا نستطيع أن نكون بشرا من غير أن نكون علماء لقد أعفينا من هدر أيام حياتنا في درس الأخلاق لأن لنا دليل هادي يهدينا مجانا لكن لا يكفي أن يكون لنا دليلا بل علينا أن نعرفه ونتبعه
ج ـ ج روســــو
****
لنسر إلى الأمام في طريق الحكمة , بخطوة حازمة ,وبكامل الثقة في النفس. أيا تكن استغل منبع التجربة الذي تشكله أنت ذاتك ألق عنك عدم الرضا الذي يأتيك من كينونتك, اغفر لنفسك أناك , لأن فيك , في كل الحالات , سلما من مائة درجة يمكنك أن ترتقيه إلى المعرفة . القرن الذي تغتم فيه بشعورك أنك مرفوض يعلنك سعيدا أن يكون لك هذا الحظ ... أليس بالضبط على هذه التربة التي تغيظك كثيرا بعض الأحيان , على أرض الفكر المدنس هذه ,نمت أجمل ثمار حضارتنا القديمة...؟ إنك تملك سلطة أن تجعل كل لحظات حياتك : من محاولات , أخطاء , زلات , أوهام , حبك , أملك أن تجعلها تنسجم تماما مع الهدف الذي رسمته لحياتك . هذا الهدف هو أن تصير هو نفسك ... أتظن أن حياة ترمي إلى هدف كهذا ستكون شاقة جدا وعارية تماما من كل لذة ؟ إنك إذا لازلت لم تعلم أنه ليس هناك عسل أشهى من عسل المعرفة و أنه سيشرق اليوم الذي تكون فيه السحب التي تجر الكدر ثديا ترضع منه حليب تسليتك، ستتقدم في السن و ستدرك... أن نفس الحياة التي تنتهي بالشيخوخة تنتهي كذلك بالحكمة بالصفاء اللطيف لهذه الشمس التي هي فرحة العقل الدائمة. السن والحكمة ستلقاهما معا على ذروة واحدة من ذرى الحياة, كذلك شاءت الطبيعة. آنذاك سيكون الأوان قد حان كي يقترب ضباب الموت لكن ليس ليغيظك. قفزة واحدة إلى النور ستكون آخر حركاتك, هتاف حماسي بالمعرفة سيكون آخر أنفاسك.
نيــــــتشه : إنسان مفرط في إنسانيتهص 159
****
فقدان اليقين
تطرح فلسفة الأخلاق مسألة مشروعية المصالح الماثلة في عالم الفرد المسائل ، غير أن هذه المصالح ، التي هي في ذاتها تاريخية، لا تبدو كذلك بالنسبة إليه ، إذ هي تتبدى في نظره في شكل أهداف يسعى إليها " بشكل طبيعي " وهي " بداهة " أهداف صحيحة، طيبة، لها معناها وتضمن المعنى. لكن قد تكون هذه الأهداف متعارضة بعضها مع بعض أيضا، إما لأنه لا يمكن للفرد نفسه أن يبلغها جميعا، وإما لأن بعضها يناقض بعضا، وتجبر الفرد على أن يختار، فيصبح المشكل عندئذ، غير محصور في كيف ينبغي أن نفعل ، بل أيضا : لأي هدف نفعل ؟ (...)
وإذا قدرنا الأمر من وجهة نظر التفكير هذه ، تفكير الفلسفة في صيرورتها الخاصة- لأن الفلسفة عندنا حقيقة تاريخية ومعطى - فإن لكل إنسان أخلاقا. غير أن هذه الأخلاق لا تبدو له نسقا أخلاقيا من جملة أنساق أخرى من الأخلاق قد تساويها قيمة، يل إن هذه الأخلاق في صيغة الجمع لا تكتسب معناها إلا في فترة متأخرة، بعد طول اتصال بمجموعات أخرى لكل منها أخلاقها، وبعد صراعات مترددة أو هزائم . ففي البدء يكون اليقين الأخلاقي : نعرف ما يجب فعله وما يجب تجنبه ، ونعرف المرغوب فيه والمرغوب عنه ، والحسن و السيئ . ثم يفضي صراع أنساق الأخلاق ، واكتشاف تناقضات داخل نسق من الأخلاق ( وهي تناقضات لا تبدو إلا إثر تلك الصراعات ) إلى التفكير في الأخلاق ، أو لنقل ، بصفة أدق ، إن فقدان اليقين أو رفضه هو ما يؤدي إلى ذلك : لأن اليقين لا يدحضه مجرد النقد المنطقي ، ولأن ما قد يحمله في صلبه من التناقضات لا يسبب له البتة حرجا : فالتناقض الداخلي والتنافر لا يحرجان أحدا لأنه لا أحد يكتشفهما قبل أن يتحولا إلى تناقضات خارجية يعبر عنها أفراد آخرون أو تصبح محسوسة من جراء فشل مبادرات " كان ينبغي" أن تنجح .
فالتفكير الفلسفي بشأن الأخلاق ينشأ من الأخلاق المحسوسة، ولكنه لا يخضع لحكم تلك الأخلاق . وتتمثل القضية عنده في استرجاع اليقين المفقود ( أو ما يعادله ) ولا تطرح القضية إلا حيث تمت زعزعة تلك الأخلاق ، فتطرق إليها الشك ولم تعد من قبيل ما هو مسلم به ولا قادرة على توفير الأساس المتين الذي يبحث عنه التفكير. وبذلك تجعل وجهة نظرها، وهي مختلفة بالضرورة عن وجهة نظر الأخلاق المحسوسة، من الفيلسوف خائنا لأخلاق مجموعته في نظر الذين يسلمون بتلك الأخلاق دون أن يخامرهم سؤال .
إيريك فايل
" فلسفة الأخلاق "
***
مساءلة القيم الأخلاقية
ما هي الظروف التي ابتدع فيها الإنسان أحكام القيمة، قيمة ما هو طيّب وقيمة ما هو خبيث ؟ وما قيمة هذه الأحكام نفسها ؟ أتراها - إلى حد الآن - عرقلت تطوَر الإنسان أم ساعدت عليه ؟ أتراها علامة ضيق الحياة وافتقارها وتقهقرها ؟ أم هي - على العكس من ذلك - تعبر عن امتلاء الحياة وقوتها وإرادتها وشجاعتها وأملها ومستقبلها ؟
لا يبدو مشكل قيمة الشفقة ومشكل أخلاق الشفقة للوهلة الأولى ( وأنا من أعداء تأنيث العواطف المخجل الذي نراه اليوم )، سوى مسألة معزولة، أو نقطة استفهام على حدة. غير أنّه سيحدث بالنسبة إلى من توقف هنا، وبالنسبة إلى من سيتعلم السؤال هنا، ما حدث لي : سينفتح أمامه أفق جديد رحب ، يتملكه كالدوار، وتنبعث أمامه أصناف شتى من الحذر و الشك والخوف ، فيتزعزع إيمانه بالأخلاق ، بكل نسق من الأخلاق ، ويعلو - آخر الأمر - صوت مطلب جديد يفرض نفسه . ولنعين هذا المطلب الجديد :
إننا بحاجة إلى نقد القيم الأخلاقية، ويجب أن نبدأ بالتساؤل بشأن قيمة هذه القيم نفسها، ويفترض هذا معرفة ظروف نشأتها وملابساتها وظروف نموّها وملابساته ، وظروف تطوَرها وملابســـــــــــــــاته
( الأخلاق من حيث هي نتيجة، الأخلاق باعتبارها أعراضا ، وباعتبارها قناعا، وباعتبارها نفاقا، وباعتبارها مرضا وباعتبارها سوء تفاهم . ولكن أيضا : الأخلاق بما هي سبب . أو دواء، أو دوافع ، أو عراقيل أو باعتبارها سما )، و بإيجاز نقول : معرفة ليس لها نظير إلى الآن ، ومعرفة لم يخطر على البال أن نتمنّاها لأننا اعتبرنا قيمة هذه " القيم " معطى، واعتبرناها حقيقية، تتجاوز حدود كل ما يمكن التساؤل بشأنه . ولم يتردد الناس البتة - إلى الآن - في إعطاء الإنسان " الطيب " قيمة أرفع من القيمة التي يعطونها " الخبيث "، وهي قيمة أرفع في معنى رقي الإنسان و نفعيته وازدهاره بوجه عام ( بما في ذلك مستقبل الإنسان ) ولكن ما العمل لو كان العكس صحيحا ؟ وما العمل لو كان في الإنسان " الطيب " أيضا أعراض النكوص أو كان فيه أيضا خطر أو إغراء أو سم أو مخدر يمكن الحاضر من أن بعيش بشكل ما على حساب المستقبل ، ولربما كان له ذلك بأكثر رفاهة، و بأقل مخاطر ولكن أيضا بطريقة أكثر سخفا وأشد وضاعة، وبذلك ، فقد يكون الخطأ خطا الأخلاق إذا لم يدرك الجنس البشري أبدا أعلى درجات القوة والبهجة التي يطمح إليها، وبذلك ، قد تكون الأخلاق أخطر الأخطار .
نيتشة
" جينيالوجيا الأخلاق "
***
تحصيل الفضيلة
مسكويــــــــــه
إن الإنسان من بين جميع الحيوان، لا يكتفي بنفسه في تكميل ذاته، و لابد له من معاونة قوم كثيري العدد حتى يتمم به حياته طيبة، ويجري أمره على السداد، ولهذا قال الحكماء: إن "الإنسان مدني بالطبع" أي هو محتاج إلى "مدينة" فيها خلق كثير لتتم له السعادة الإنسانية، فكل إنسان بالطبع و بالضرورة يحتاج إلى غيره، فهو كذلك مضطر إلى مصافاة الناس و معاشرتهم العشرة الجميلة و محبتهم المحبة الصادقة، لأنهم يكملون ذاته و يتممون إنسانيته، و هو أيضا يفعل بهم مثل ذلك. فإذا كذلك بالضرورة فكيف يؤثر الإنسان العاقل العارف بنفسه التفرد والتخلي؟ (...).
فالقوم الذين رأوا الفضيلة في الزهد و ترك مخالطة الناس و تفردوا عنهم ــ إما بملازمة المغارات في الجبال، وإما ببناء الصوامع في المفاوز،(...) ــ لا يحصل شيء من الفضائل الإنسانية، (...) وذلك أن من لم يخالط الناس ولم يساكنهم(...) لا تظهر في العفة (...) ولا العدالة، بل تصير قواه و ملكاته التي ركبت فيه باطلة، لأنها لا تتوجه لا إلى الخير و لا إلى الشر. فإذا بطلت ولم تظهر أفعالها الخاصة بها صاروا بمنزلة الجمادات والموتى من الناس.
لذلك يظنون ويظن بهم أنهم أعفاء وليسوا بأعفاء، وأنهم عدول وليسوا بعدول، وكذلك في سائر الفضائل (...). والفضائل (...) هي أفعال وأعمال تظهر عند مشاركة الناس و مساكنتهم و في المعاملات وضروب المجتمعات. ونحن نعلم ونتعلم الفضائل الإنسانية التي نساكن بها الناس ونخالطهم ونصبر على أذاهم، لنصل منها وبها إلى حال أخرى.
مكسويــــــــــه
تهذيــــــــــب الأخـــــــــــــلاق
***
دراسة الأخلاق
إن طموح الفلاسفة كان يرمي غالبا إلى ابتكار أخلاق جديدة تختلف أكثر الأحيان في مواضع أساسية عن الأخلاق التي يسير على نهجها المعاصرون لهم أو للذين يسبقونهم فالفلاسفة خليقون بأن يكونوا ثوارا أو محطمي صور أما المشكلة التي أعرضها فهي تتطلب معرفة ما تتكون منه الأخلاق أو ما تكون قد تكونت منه لا الأخلاق على نحو ما يتصورها عليه التفكير الفردي الفلسفي ما هو قائم منه و ما سلف.
فالأمر يقتضي دراسة للأخلاق كما مارستها الجماعات الإنسانية بالفعل ومن ثمة ترى المذاهب الفلسفية تفقد بناء على هذا الاتجاه قدرا كبيرا من قيمتها...
و قد يلتبس الأمر إذا ظن بي أني أرفض هذه النظريات تعسفا. فأنا لا يهمني من أمرها غير ما يضفى عليها أحيانا وعلى نحو مبالغ فيه ـ من سمات الأولوية والامتياز. ولكن يبقى بعد أنها هي في حد ذاتها وقائع وأنها كذلك أمور مرشدة, تستطيع أن توقفنا على ما يمر بالشعور الأخلاقي في فترة ما فهي من هذه الجهة جديرة ولا شك بالعناية والاهتمام و لكني أرفض التسليم في ما يقال بعد ذلك من أن هذه النظريات تستطيع ـ وذلك هو شأنها ـ أن تفسر الحقيقة الأخلاقية تفسيرا دقيقا و ممتازا على نحو ما يفسر به علم الطبيعة أو علم الكيمياء حقيقة الوقائع التي تتعلق بالمجال الفيزيوـالكميائي.
إميل دركهايم: علم الاجتماع و الفلسفة ص 233 ترجمة حسن أنيس
ام ايمان16
2011-04-21, 15:54
المسؤولية و الجزاء
مقدمة: يوصف الإنسان بأنه كائن أخلاقي بحاكم أفعاله ومن دون شك أن هذا التقييم وهذه المحاكمة نابعة من كون الإنسان مكلفا يشعر بالإلزام مرة أمام نفسه ومرة أمام غيره وهذا الإلزام يجعلنا نصفه بأنه مسئولا فماذا نعني بالمسؤولية ؟ ومتى يكون الإنسان مسؤولا؟...الخ.
مفهوم المسؤولية: قد يفهم من المسؤولية في معناها العام الشائع السلطة وحينها يكون حب المسؤولية مساويا لحب السلطة أو كأن يقال جاء المسؤول الفلاني أي من يشغل منصبا معينا بيده الحل و الربط - لكن هذا المعنى يبدو سطحيا و ضيقا فهو لا يكشف عن طبيعة المسؤولية كما يجعلها من اختصاص أفراد دون آخرين.
أما لغة فالمسؤولية مشتقة من السؤال وهي تعني من كان في وضع السؤال والمساءلة.
وفي الاصطلاح: وهي الوضع الذي يجب فيه على التفاعل أن يسأل عن أفعاله - أي يعترف بأنها أفعاله و يتحمل نتائج هذه الأفعال وكما يقال باختصار:- هي "التبعية التي تلزم عن الفعل".
شرطا المسؤولية: إن قراءة التعريف السابق تكشف على أن الوضع الذي يكون فيه الفاعل مسؤولا عن أفعاله هو وضع مشروط و ليس مطلقا.
وهذا يعني أن المسؤولية لا تقوم إلا بشرطين هما:
العقل: ومعناه القدرة على التمييز في الأفعال بين حسنها وقبيحها وهذا الشرط يستثني بالضرورة الطفل الصغر الذي لم يبلغ سن الرشد و لم تسمح له مداركه معرفة الخير والشر, كما تستبعد الدواب والبهائم لأنها فاقدة أصلا لهذه الخاصية وهذا ما يجعل المسؤولية ظاهرة إنسانية.
الحرية: ونعني بذلك قدرة الفرد على القيام بالفعل وقد اتخذ المعتزلة من التكلف دليلا على الحرية الإرادة و هذا يكشف عن ارتباط الفعل بحرية صاحبه- وهذا الشرط يستثني الواقع تحت إكراه كالعبد.
أنواع المسؤولية: إن القراءة المتأنية دوما للتعريف السابق تدفعنا إلى سؤال ما هي السلطة التي يكون الإنسان مسئولا أمامها؟
هناك مواقف يكون الفرد مسؤولا أمام نفسه و لا يحاسبه القانون على ذلك كان لا يفي الفرد بوعد قطعة على نفسه ' وهناك مواقف يكون الفرد مسؤولا ليس أمام نفسه فقط: بل أمام الغير سواء من خلال العرف أو القانون. وتبعا لذلك فالمسؤولية نوعان :
-1 مسؤولية أخلاقية :
وهي التي يكون فيها الفاعل أمام سلطة الضمير الأخلاقي
ذاتية داخلية أساسها المطلق النية
أو الباعث فقد يبدو لنا أن الشخص مجرما سفاحا وهو يشعر في قرارة نفسه بأنه ليس كذلك
الجزاء فيها شعوري نفسي
الجزاء فيها ثنائي ثواب وعقاب
-2 مسؤولية اجتماعية
وهي التي يكون فيها الإنسان أمام سلطة المجتمع
موضوعية
خارجية
أساسها نتيجة الفعل بالدرجة الأولى وخاصة في المسؤولية المدنية التي لا تنظر إلا إلى الضرر
-الجزاء فيها مادي تعويض أو قصاصا أو هما معا
الجزاء فيها.....يغلب عليه طابع العقابد
رغم هذا التمايز إلا آن التداخل بينهما قوي فالمسؤولية الأخلاقية أساس للمسؤولية الاجتماعية في نظر الأخلاقيين على الأقل إذا لا يستطيع الإنسان أن يتحمل نتائج أفعاله أقام الآخرين , إذا لم يكن لديه شعورا بالمسؤولية . بينما ينظر الاجتماعيون إلى أن المسؤولية الاجتماعية هي الأساس بحكم أن الشعور الأخلاقي (الضمير) هو نتيجة حتمية للنشأة والتربية وهو انعكاس للواقع الاجتماعي .
مشكلة وظيفة الجزاء
ضبط المشكلة: لا يختلف اثنان على أن الجزاء هو النتيجة الطبيعية لكون الإنسان مسؤولا لا يتحمل تبعات فعله أو كما يقال هو ما يستحقه الفاعل من ثواب أو عقاب, على أن الجزاء في المسؤولية الاجتماعية يأخذ في الغالب طابع العقاب, بمعنى إذا تم خرق القانون و الاعتداء على حقيقة الغير وممتلكاتهم اعتبر الفاعل جانيا مجرما وجب عقابه جزاءا لجنايته أو جرمه.
لكن تقدم العلوم الإنسانية و الاهتمام بالسلوك الإجرامي و البحث في أسبابه حول الأنظار إلى وظيفة الجزاء أو العقاب و طرح السؤال التالي: لماذا نعاقب الجاني إذا جنى و المجرم إذا أجرم هل نعاقبه لاعتبارات أخلاقية أو الاعتبارات اجتماعية إصلاحية ؟ بمعنى هل الغاية من العقاب هي إحقاق وإنصاف العدالة أو الغاية من اجتماعية هي الإصلاح والعلاج والمداواة وكف الجريمة ؟
التحليل:
أولا: النظرية العقلية الأخلاقية والمثالية والكلاسيكية
داب الفلاسفة المثاليون منذ القيد على النظر الإنسان بوصفه كائنا متميزا عن غيره
من الكائنات وهو يتميز بخاصتين جوهريتين تشكلان إنسانية وكينونة أولهما العقل وثانيهما الحرية والقدرة على الاختيار ولما كان كذلك فهو مسؤول بشكل مطلق يتحمل نتائج أفعاله كاملة وبموجب هذه المقدمات يكون الجزاء ضروري في جميع الأصول و الغاية منه بالاساس: هي إحقاق الحق وإنصاف العادلة الأكثر و لا اقل ويقصد بإحقاق الحق, أن الجاني يأخذ جزاءه بوصفه إنسانا يستحق أن تلتحق به نتائج أفعاله وفي هذا السياق يؤكد العقلانيون منهم كانط أن الجزاء حق من حقوق الجاني لا ينبغي إسقاطه احتراما لإنسانيته أما إنصاف العدالة فتعني الحرص على المساواة أمام القانون إذ لا ينبغي النظر إلى الفاعل ومن يكون ؟ وما هي ظروفه؟ ثم المساواة بين الجرم و العقوبة إذ لا ينبغي أن يكون الجزاء أكثر أو اقل من الفعل, وفي جميع الأحوال لا محل للبواعث و الأسباب, لقد قال افلاطون قديما :"أن الله بريء و أن البشر هم المسؤولون عن اختيارهم الحر , والى شيء من هذا يذهب كانط غلى أن الشرير مختار الله بإرادة حرة ."
النقد: من الضروري أن يلحق الفعل بفاعله, وان يتحمل الفرد نتائج أفعاله و لكن الإصرار على وصف الإنسان بالكائن المتميز الحر و العاقل الذي لا يخضع فيه تجاهل للواقع وضغوطه وهو ما يدفع باستمرار إلى طرح السؤال هل من المنطقي والمعقول أن يختار الإنسان بعقله وحريته الشر مجانا؟
يعتقد الحتميون أن المجرم مجرم بالضرورة وطبقا لصرامة التفكير ولك بصفة عامة على ؟انه محصلة حتمية لأسباب سابقة و يصدق ذلك بشكل أو في على جريمة فهي ظاهرة طبيعية تربط بأسباب موضوعية يكفي كشفها و ضبطها وتحدد الوسائل التي نحد بها من تأـثيرها حتى تختص الجريمة بشكل تلقائي وحتمي و عليه فالجزاء كجزاء لا معنى له بل ينبغي الكف وطلاقا عن توظيف مفاهيم مثالية نظرية ميتافيزيقية في مجال العلم وإذا اقترضنا انه من الضروري أن نعاقب فلا يكون العقاب هدفا في حد ذاته بل يهدف كف الجريمة والقضاء عليها كحال المجرم بالعادة في نظر لومبروزو الذي ينبغي ا استئصاله ونفيه وعزله عن المجتمع أو حال المجرم بالضرورة الذي لا آمل و لا رجاء في علاجه أو إصلاح حاله إذ ينبغي القضاء عليه قبل ارتكاب الفعل وهو نفس الشيء الذي يسميه الاجتماعية وان وإجراءات الدفاع الاجتماعي والتي نذكر منها
الحيلولة بين المجرم و المجتمع حتى لا يكون خطرا على المجتمع (العزل)
التحقيق لمعرفة الأسباب
تحديد الإجراءات الملائمة
وفي جميع الأحوال يتجه مجهود الوضعيين إلى تامين الحياة الاجتماعية وكف الجريمة ومن ثمة يظل الهدف من الجزاء اجتماعيا فقط ولا نميز.
نقد: إن كان لا نعترض على صيغة الدراسة العلمية للسلوك وتحديد أسبابا الجريمة و لا نعترض كذلك على تامين الحياة الاجتماعية من الجريمة إلا أن منطق الحتميين قادر إلى عكس النتائج المتوقعة فالجريمة ازدادت انتشارا في المجتمعات التي استجاب تشريعها لنداءات الوضعيين الحتميين
ام ايمان16
2011-04-21, 15:55
>مقالة إستقصائية بالنفي حول اللغة والفكر
مقالة إستقصائية بالنفي
السؤال :اثبت بطلان الأطروحة الأتية <<الألفاظ حصون المعاني>>
المقدمة: (طرح الإشكالية )
الإنسان كائن إجتماعي بطبعة يتعامل مع غيره ووسيلته في ذلك اللغة, ولقد أصبح من الشائع لدى بعض الفلاسفة ان الألفاظ حصون المعاني لكن هناك من يعارض ذلك وهم أصحابالإتجاه الثنائي ولقد تقرر لدي رفض الأطروحة <الإتجاه الواحدي> والمشكلة المطروحة كيف نبطل ذلك؟
التحليل : محاولة حل الإشكالية
الجزء الأول
إن الأطروحة القائلة <الألفاظ حصون المعاني > أطروحة باطلة وذلك بوجود عدة مبررات تدفعنا إلى ذلك ومن الناحية الواقية كثيرا مايتراجع افنسان عن كتابة بعض الكلمات أو يتوقف عن الكلام والسبب في ذلك أن اللفاظ تخونه أي رغم وجود المعاني إلا أنه لايستطيع التعبير عنها وقد يعود السبب إلى عدم القدرة الألفاظ على إحتواء المعاني العميقة والمشاعر الدافئة والعواطف الجياشة لذلك قيل إذا كانت كلماتي من ثلج فكيف تتحتوي بداخلها النيران ومن الأمثلة التي توضح ذلك أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ولدها قد تلجأ إلى الدموع , وهذا يبرر عجز اللغة
الجزء الثاني
إن هذه الأطروحة لها مناصرين وعلى رأسهم جون لوك الذي قال << اللغة سلسلة من الكلمات تعبر عن كامل الفكر >> ولكن كلامه لايستقيم أمام النقد لأن الألفاظ محصلة ومحدودة بينما المعاني مبسوطة وممدودة وكما قال أبو حيان التحيدي << ليس في قوة اللفظ من أي لغة كان أن يملك ذلك المبسوط (المعاني ) ويحيط به >> وكذلك ترى الصوفيةيلجأون إلى حركات ورقصات لأن الألفاظ لم تستطع إخراج جميع مشاعرهم .
الجزء الثالث
إن الأطروحة القائلة الألفاظ حصون المعاني يمكن رفعها ( إبطالها) بطريقتين : شخصية وهذا ماحدث لي عندما إلتقيت بزميلي لم أره منذ مدة حيث تلعثم لساني ولم أستطع التعبير عن مشاعرالإشتياق نحوه , إن الألفاظ في هذه الحالة قتلت المعاني ونجد بركسون أبطل هذه الأطروحة وحجته أن اللغةمن طبيعة إجتماعية وموضوعية بينما الفكر ذاتي وفردي .
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة مجموعة من الإشارات والرموز تستعمل للإتصال والتواصل والفكر خاصية ينفرد بها الإنسان وقد تبين لنا أن هناك من يربط بين الفكر واللغة مما دفعنا إلى رفض هذه الأطروحة ونقدمسلماتها والرد على حججها وبالنظر ما سبق ذكره نصل إلى حل هذه الإشكالية
إن الطروحة القائلة < الألفاظ حصون المعاني >أطروحة باطلة ويجب رفضها .
ام ايمان16
2011-04-21, 15:56
مقالة فلسفية جدلية حول الأخلاق بين النزعة الاجتماعية والعقلية التساؤل ضمن الوضعية المشكلة
المقدمة ومحاولة طرح المشكلة
مما لاشك فيه أن الأخلاق من العلوم المعيارية التي ظلت محل بحث واهتمام الفلاسفة ولم تقف عند نهاية محددة فكان الخلاف واضحا في محاولة تأسيس المعايير الأخلاقية فكان أنصار الدين واللذة والمنفعة إلى جانب أصاب الضمير الجمعي والعقلي بحيث يرى الاجتماعيون أن الأخلاق اجتماعية حال من أحوال الوجدان الجمعي وهذا الأمر يرفضه أنصار العقل الذين يرون بالواجب الأخلاقي ومن هنا نقف عند الوضعية المشكلة التالية .. هل حقيقة الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي أم ي أنها تتعدى إلى العقل ؟
التحليل ومحاولة حل المشكلة
الجزء الأول.. الأطروحة.. الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي
يرى أنصار الأطروحة وهم أصحاب النظرية الاجتماعية أن الأخلاق نابعة من الوسط الذي يعيش فيه الفرد ويتفاعل معه ضمن مختلف الأنماط السلوكية التي يركز عليها الضمير الجمعي
البرهنة ياكد انصار الاطروحة ان الاخلاق ظاهرة اجتماعية لان الفرد ليس مؤهلا لصنع القيم الخلقية لانها ناشئة من الوجود الاجتماعي أي منبثقة من الضمير الجمعي وهو عبارة عن عادات وتقاليد يساهم الافراد في صنعها وهذا ما يؤكد عليه الفيلسوف الفرنسي دوركايم فالاخلاق تنظيم اجتماعي فما يصح في المجتمع لايصح في مجتمع اخر حينما يتكلم ضميرنا في المجتمع هو الذي يتكلم فينا أي مفهوم الخير و الشر يتلقاه الانسان من مجتمعه فبر الوالدين عند المسلمين يعني التفاني في خدمتهما اما سكان القطب الشمالي المتجمد المسرعون في تسليم ابائهم الى الدببة حتى تفترسهم ضانا انه يعجل بدخولهم الجنة هذا الامر ما يبين الاختلاف الاخلاقي في المعتقدات من مجتمع الى اخر .
هذا مايوافقه الفيلسوف ليفي برول قائلا النقطة الرئيسية هي ان الحقيقة الخلقية يجب ان تدرج منذ الان فصاعدا في الطبيعة الاجتماعية للافراد .معنى ذلك ان الاخلاق لاتدخل في مكونات الطبيعة انما هي ظاهرة ثقافية شكلها عبر سنين التجربة الاجتماعية .
نقد الاطروحة
ان هذا التصور يعكس مفهوما للضمير الجمعي الا ان الواقع يعكس حقيقة اخرى للاخلاق فليس كل فرد مندمج في المجتمع .
نقيض الاطروحة ترتبط الاخلاق بالعقل
يرى انصار الاطروحة ان العقل هو الملكة الخالدة لاتؤثر فيها احوال لاالزمان ولا المكان فبواسطته نميز بين الاحكام الفاسدة و الصحيحة أي بين الخير و الشر .
البرهنة
يؤكد أنصار الأطروحة على فكرتهم لان العقل هو قانون الأخلاق وخارجه لايوجد أي قانون هذا مايراه ايمانويل كانط الفيلسوف الألماني الذي يرى بالواجب الأخلاقي الذي له مميزات منها انه إلزامي و ليس إرغاما فهذا لاينفي الحرية لان العقل يمليه على الإرادة كذلك مطلق أي انه غاية بذاته وليس كوسيلة فهو بعيد عن الهدف كما ان كل بمعنى انه موجه إلى جميع الناس في الزمان والمكان و يطلق كانط اسم الأوامر الأخلاقية للتعبير عن الأخلاق حتى تكون الإرادة طيبة على شكل تعميم أي يكون في استطاعتنا أن نجعل من أفعالنا قاعدة تنطلق منها سلوكات الأفراد كالشفقة التي تفرضها علينا الأخلاق اتجاه غيرنا و مساعدتهم و لكننا لانستطيع ان نريد ذلك عندما نكون نحن أنفسنا نحتاج إلى المساعدة لهذا فالشفقة مبدأ أخلاقي يكون واجبا و عند تعميمه يصبح قاعدة فيها غاية لا وسيلة و الذي لايريد مساعدة الآخرين لايتعامل بشكل إنساني وصولا إلى قاعدة الحرية أي تأليف بين التعميم و الغائية و هكذا تكون الأخلاق صادرة من قانون كلي و إملاء للعقل وحده .
نقد نقيض الاطروحة
إن كانط قد حدد أن أخلاق العقل عاجزة عن تأسيس معاني الخير و الشر و قد تكون أخلاق العقل ميتافيزيقية و هي أخلاق غامضة
تركيب
بعد عرض الأطروحتين يتبين أن الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي نابعة من الوجدان الجمعي إلى جانب العقل و هو الملكة التي لا تؤثر فيها لا الزمان ولاالمكان و منه فالأخلاق ظاهرة اجتماعية و عقلية ففي ذلك تفاعل بين الاندماج في الوسط
الخاتمة
يمكن القول في الختام بعد عرض الاطروحتين و التوفيق بينهما ان الاخلاق لانتعامل معها بشكل بسيط بل بتدخل جميع الاسس الاخرى التي تقدم دورا مهما فيها
ام ايمان16
2011-04-21, 15:59
السلام عليكم
منهجية كتابة نص فلسفي
المقدمة :
من المسلمات التي صارت منازعتها لا تخطر على بال أن مفهوم (مثلا الغير) احتل مكانة مرموقة في تاريخ الفلسفة حيث انكب الفلاسفة و المفكرين على دراسة كل من زاويته الخاصة مما أدى إلى وجود تعارض و اختلاف بين مواقفهم و تصوراتهم و النص الماثل بين ناظرنا يندرج ضمن نفس المفهوم إذ يسلط الضوء مسألة (………..) و من هنا بإمكاننا بسط الإشكال التالي : هل................أم....................؟
و منه بمقدورنا إيراد الأسئلةالتالية: بأي معنى يمكن القول......................................والى أي حد يمكن اعتبار................................
العرض:
من خلال قراءتنا للنص يتضح انه ينبني على أطروحة أساسية مضمونها.................................(ثلاثأسطر على الأقل)
حيث يستهل صائغ النص نصه (بتأكيد أو نفي أو استخدام الأساليبالحجاجية و الروابط المنطقية )...............................
و قد استثمر منشئ النص جملة من المفاهيم الفلسفيةأهمها..................................... ........ .........
و في خضم الاشتغال على النص ثم الوقوف علىمجموعة من الأساليب الحجاجية
و الروابط المنطقية أبرزها ...................
تكمن قيمة و أهمية الأطروحة التي تبناها صاحب النص في..................
(و لتأييد أو تدعيم أو لتأكيد) موقف صاحب النص نستحضر تصور .................................................. ..........
(وعلى النقيض أو خلاف أو في مقابل) موقف صائغ النص يمكن استحضار تصور ...
(للتوفيق أوكموقف موفق) بين المواقف المتعارضة السالفة الذكر بمقدورنا إيراد تصور...
خاتمة :
يتبين مما سلف أنإشكالية الشخص بين الضرورة و الحرية أفرزت موقفين متعارضين فادا كان صاحب النص ومؤيده (فيلسوف أو عالم أو مفكر) قد أكد على أن.................... فإن معارضهما(فيلسوف أو عالم أو مفكر) قد خالفهم الرأي حيث أقر ......................................
أما فيما يتعلق بموقفي الشخصي فإنني أضم صوتي إلى ما ذهب إليه من ..............................
بعض الصيغ لاستخدامها للمنهجية
الإطار الإشكالي(المقدمة)
الاستهلال :
مما لا يختلف فيه البيان أن............................................
من المسلمات التي صارت منازعتها................................
لا تخطر على بال كون ............................................
مما لا شك فيه أن .................................................
مما يستحق الذكر أن ...............................................
من المعلوم أن .................................................. ..
السياق العام :
و النص الماثل بين ناظرينا ينضوي ضمن المفهوم .....................................
والنص قيد التحليل يندرج ضمن نفس المفهوم ..........................
و النص الذي بين أيدينا يتأطر ضم ننفس المفهوم ......................................
السياق الخاص:
اذ يسلط الضوء على مسألة ........................................
حيث يعالج مسألة ................................................
و يتطرق الموضوع ..............................................
اذ يتناول قضية .................................................
الإشكال العام :
و من هنا بمقدورنا بسط الإشكال التالي هل................... أم ...........................
لدى يجذر بنا طرح الإشكال التالي هل .....................أم ..............................
و في هذا الإطاربمقدورنا وضع الأشكال التالي هل ..........................أم ........................
الأسئلة الفرعية:
و أخيرا ...............................
و منه تنبثق الاستفهامات الجزئية الآتية ...................... ثم ................................
و أخيرا ....................................
و بالإضافة إلى هذا الإشكال تنتظم الأسئلةالفرعية التالية ........................ ثم ............................ وأخيرا ................................
كما باستطاعتنا بسط الأسئلة التالية ........................ ثم ................................
و أخيرا ...........................
الإطار( الإشكالي (
العرض
التحليل:
تحديد الأطروحة
ينبني النص على أطروحة مركزية مفادها أن.............................
من خلال قراءتنا للنص يتضح أنه ينبني على أطروحة أساسية مضمونها أن............................
يتضمن النص فكرة عامة مبناها.....................................
يتمحور النص حول أطروحة مركزيةمغزاها...........................
تحديد الأفكار و الأساليب الحجاجية والروابط المنطقية
حيث يستهل صائغ النص نصه ب...................................
يبدأ كاتب النص نصه ب.................................
إذ يفتتح صاحب النص نصه هذا ب................................
تحديد المفاهيم
- يتضح من خلال النص انه يحتوي على جملة من المفاهيم الفلسفية من قبيل.....................................
- لقد وظف صائغ النص لبناء نصه مجموعة مهمة من المفاهيم و المصطلحات الفلسفية يمكنناإيرادها كالتالي....................................
تحديدالأساليب الحجاجية
- في خضم الاشتغال على النص ثم الوقوف على مجموعة من الأساليب الحجاجية
و الروابط المنطقية أبرزها.......................................
- ولتدعيم موقفه هذا استخدم منشئ النص جملة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية وقد جاءت في النص كالتالي.............................
- وبغية إقناعنا بطرحها اعتمد صائغ النص ثلة من الأساليب الحجاجية و الروابط المنطقية من أهمها ..................................
تحديد قيمة أطروحة النص
- تتمظهر القيمةالفلسفية للأطروحة المركزية للنص من خلال .........
- تتجلى قيمة أطروحة النص في كونها............................
- تكمن قيمة و أهمية الأطروحة التي تبناها صاحب النصفي..................................
المناقشة
المناقشة بالتأكيد
- ولتأييد موقف صاحب النص نستحضر تصور...................................
- ولتدعيم موقف صاحب النص يمكننا إيراد.......................................
- ولتأكيد تصور صاحب النص بمقدورنا تقديم موقف، في نفس المنحنى تنتظم أطروحة...
- و في الاتجاه نفسه يرى........................................
المناقشة بالاعتراض
- و على خلاف تصور صاحب النص ومؤيدوه نجد طرح ..................
- و على النقيض من الطرح الوارد في النص ينتظم موقف ..................
- وعلى العكس من تصور منشئ النص يمكننا إيراد موقف .................
المناقشة بالتوفيق
- للتوفيق بين الطرح الذي تبناه صاحب النص ومؤيدوه من جهة وبين الطرح الذي تبناه معارضوه من جهة ثانية باستطاعتنا تقديم تصور........................................
- وكموقف موفق بين المواقف المتعارضة السالفة الذكر بمقدورنا إيراد تصور .............................
الاستنتاج والتركيب( الخاتمة )
صياغة خلاصة تركيبية موجزة
- يتضح مما تقدم أن إشكالية...............................
- يتبين مما سلف أن قضية..................................
- خلاصة القول أن موضوع..................................
- جملة الكلام أن مسالة....................................
- نستخلص مما سبق أن إشكالية.......................
إبداء الرأي الشخصي المبرر
- أما في ما يتعلق برأيي الخاص فأضم صوتي ...................
- أما في ما يتعلق بموقفي الشخصي.............................
- أما بصدد تصوري..............................
- أما فيما يرتبط بوجهة نظري الشخصية .......................................
حصلت عليه من استادي في الفلسفة سابقا ...لا تنسو بالدعاء له في ظهر الغيب
ام ايمان16
2011-04-21, 16:00
التصوف والفن من منظور فلسفة الدين
دراسة/ ممدوح الشيخ(*)
تمهيد :
"التصوف" و"الفن" كلاهما من مفردات عالم الوجدان بشكل أساسي، والبحث في العلاقة بينهما من المباحث التي تخوم العلم، ولما كان "الحكم على شيء فرعا عن تصوره" كما تعلمنا القاعدة الذهبية في علم أصول الفقه فإننا قد لا نبدو قادرين على إصدار "حكم"، إذ نحن بإزاء ما قد يستحيل "تصوره" ومن ثم تعريفه تعريفا جامعا مانعا, يعرف ذلك كل من خاض تجربة دراسة أي من الظاهرتين: "التصوف" و"الفن" طامحا إلى ضبط أي منهما بضوابط المنهج العلمي فكلاهما تجربة شخصية فردانية تقوم في المقام الأول على الذوق. غير أن استحالة "الحكم" لا تعني الإحجام عن السعي للاستكشاف والاقتراب أملا في أن تسفر المحاولة عن الاقتراب من الدور الذي يقوم به الفن في "النسق الصوفي" بالنظر إليه من منظور "فلسفة الدين" الذي يعد هو الآخر فرعا حديث الميلاد من فروع البحث الفلسفي. ويقدر ما تشكل الاعتبارات السالفة قيودا على حركة الباحث بقدر ما تفتح له آفاقا واسعة لارتياد أرض بكر وهو العلاقة بين ظاهرتين مركبتين أشد التركيب كلاهما له جذور راسخة في عالم الوجدان.
حول مفهوم التصوف :
أول مشكلة تثار بالنسبة للتصوف مشكلة "الاسم" ومن أين يشتق وهي مشكلة قديمة قدم الظاهرة نفسها(1)، ومشكلة تعريف التصوف التي لا يكاد يخلو مرجع متخصص من آثارها انعكاس لمشكلة "المسمى"، وفي "المعجم الوسيط": "الصوفي: العارف بالتصوف، وأشهر الآراء في تسميته أنه سمي بذلك لأنه يفضل لبس الصوف تقشفا"، وإذا تجاوزنا المعني اللغوي إلى إشكالية التعريف وجدنا على سبيل المثال مؤرخ الفلسفة المعروف الدكتور عبد الرحمن بدوي يورد في كتابه: "تاريخ التصوف الإسلامي: من البداية حتى نهاية القرن الثاني" خمسة وعشرين تعريفا للتصوف من أقوال الصوفية أنفسهم تحت عنوان "حد التصوف" ونكتفي هنا بإيراد ما يتصل بالتصوف كتجربة دينية كقول الجنيد: "أن تكون مع الله بلا علاقة"(2). وإثبات المعية مع نفي العلاقة تعبير صارخ عن رفض مفاهيم: الوساطة والاختلاف والمسافة والشعائرية في الاتصال بالإله وتلك سمات وثيقة بالأديان السماوية.
وينقل بدوي أيضا قول الجنيد: "التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع"، وقول الشبلي:"الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق" ويعلق الدكتور عبد الرحمن بدوي على هذه التعريفات مقررا أنها تغلب التعبير البلاغي ولا تشير للجانب المعرفي، وهي حسب المستشرق لويس ماسينيون "لا شأن لها بتاريخ معاني اللفظ"(3).
وقد أوردت هذه اللمحة من الجدل حول الاسم والمسمى لأهميتها لسياق البحث حيث تشير إلى سمة بنيوية نراها وثيقة الصلة بطبيعة التصوف كـ "تجربة دينية" في الاتصال بالإله تحيط بها غلالة من الغموض وتساق لها تعريفات عديدة وهي سمة في الأنساق العرفانية القائمة على الذوق والإشراق وانفكاك الجهة بين الأسباب والمقدمات كما يعرفها "عالم الشهادة" في الإسلام.
وفي سياق سعيه لتعريف التصوف يحدد بدوي "حقيقة التصوف" بوجود أساسين لجوهره هما:
أولا: التجربة الباطنة المباشرة للاتصال بين العبد والرب.
ثانيا: إمكان الاتحاد بين الصوفي وبين الله.(4)
والتجربة الصوفية تقتضي القول بملكة خاصة غير "العقل المنطقي" هي التي يتم بها الاتصال وفيها تتحد "الذات" بـ "الموضوع" وفيها أيضا تقوم اللمحات واللمع والإشراقات مقام التصورات والأحكام والقضايا في المنطق العقلي، والمعرفة فيها معاشة "وجدانيا" ويغمر صاحبها شعور عارم بقوى تضطرم فيه وتغمره كفيض من النور، ويصحب هذه الأحوال أحيانا ظواهر نفسية غير عادية مثل الشعور بوجود "هاتف" أو رؤى خارقة والإحساس بخبرات ومواجيد. وقد يستعان على استدعاء هذه الأحوال بوسائل صناعية مثل الموسيقى (السماع حسب التعبير الصوفي) أو الرقص أو تحريك البدن بطريقة منتظمة وبإيقاعات متفاوتة الشدة، ولذا كان للأحوال والمقامات – بالمعنى الاصطلاحي – دور أساسي جدا في كل تصوف(5).
أما الأساس الثاني فضروري جدا في مفهوم التصوف كتجربة دينية وإلا كان مجرد أخلاق دينية، ويقوم في توكيد المطلق أو الوجود الحق أو الموجود الواحد الأحد الذي يضم في حضنه كل الموجودات، وفي إمكان الاتصال به اتصالا متفاوتا في المراتب وصولا إلى مرتبة الاتحاد التام بحيث لا يكون إلا "هو"، ومن هنا كان التصوف سلما صاعدا نهايته الذات العلية وقمة معراجه وذروته "الاتحاد"، (6) ويعد التعريف الذي أورده أحمد النقشبندي الخالدي للتصوف في كتابه "معجم الكلمات الصوفية" الأقرب إلى رسم صورة حقيقية للتصوف كتجربة دينية ظاهرها التواضع والافتقار وباطنها النزوع إلى التأله، فهو يعرف التصوف بأنه: "التخلق بالأخلاق الإلهية"(7).
والطريق إلى استكناه البنية الحقيقية للتصوف لا تمر عبر تفسير ما ورد في تراث التصوف الإسلامي بغرض استجلاء المفهوم، ذلك أنه تجربة دينية سابقة على الإسلام نفسه. وأول ما يتبلور المفهوم الصوفي للاتصال بالخالق نجده في اليونان قديما إذ كانت الديانات اليونانية جزءا من البناء السياسي، فلكل مدينة آلهتها وآلهة كل مدينة هم بناتها وحماته وتكريمهم واجب وطني، وبين "العابد" و"المعبود" عواطف ثلاث:
عرفان الجميل.
والمصلحة الخاصة.
وخوف العقاب.
وكان الإلحاد في حقهم خيانة للوطن. وفي هذا المناخ ظهرت تيارات دينية كان هدفها تجاوز حدود المدينة إلى العالم عبر دعوة الناس جميعا وتجاوز البناء السياسي للمدينة عبر دعوة الأرقاء الذين كانوا خارج هذا البناء بشقيه السياسي والديني، والسعي لبناء ما اعتبروه حياة روحية أسمى وأقوى، وهو ما أفرز في النهاية تصور أن بالإمكان إيجاد علاقة بالآلهة غير علاقة العبد بالسيد(8).
وفي هذه البداية تتبلور السمات كافة التي اتسم بها التصوف في مدارسه كافة الدينية والإلحادية، فهو في حقيقته تمرد على "الواسطة" بين العابد والمعبود تسعى لتحطيم قيود المكان والزمان والاختلاف وصولا إلا الاتحاد التام بينهما.
وهذه الديانات اليونانية "المتمردة" على سلطان "الدين الوطني" واقتصاره على حدود المدينة سميت "ديانات الأسرار" وكان أشهرها "إلوسيس" و"الأورفية". أما إلوسيس فقامت على أسطورة غامضة وتعاليم ظلت سرا لألف عام، وكان المريدون يمثلون في احتفالها السنوي الديني قصة ميثولوجية لكي يبعثوا في نفوسهم العواطف التي انفعل بها الإله أو الآلهة ويتلون عبارات مبهمة ويرقصون على موسيقى صاخبة ليحققوا حالة الجذب والاتحاد بالآلهة. أما الأورفية فتأتي أهميتها الأساسية في البحث من أنها تمثل "نموذجا" للاستمرار التاريخي بين ديانات المصريين والتصوف اليوناني، فقد كان من بين صلواتهم تلاوة نصوص من "كتاب الموتى الفرعوني"(9).
وقد كان للموسيقى والرقص مبكرا جدا دور في الطقوس الدينية كعامل مساعد للوصول للنشوة الدينية، فعندما نرنو بأبصارنا بعيداً عبر الماضي قبل الميلاد بألف عام حيث كانت تسود وقتئذٍ عقائد وثنية متعددة ومتزامنة في وادي النيل وبلاد الرافدين، يبدو من نقوش قدماء المصريين، ونقوش الآشوريين على جدران معابدهم، أن نوعاً من الرقص كان يمارس ضمن الشعائر الدينية المعهودة وقتها يشبه إلى حدٍ بعيد الرقص الشرقي في عصرنا هذا. وربما مر على كثير ممن أطلع على تاريخ تلك الحقب، وصف مؤرخي الإغريق للرقص في منطقة وادي النيل، بأنه حركات اهتزازية تشبه حركات راقصات اليوم. فضلاً عن ممارسة نوعٍ من الرقص في المناسبات والأعياد والشعائر الخاصة كطقس من طقوس العبادة والتقرب(10).
حول مفهوم الفن :
وإذا كان "الفن" والتصوف قد ارتبطا عمليا من قرون فإن إخضاع هذه العلاقة الارتباطية لمحاولات التفسير يعد حديثا نسبيا، وتعتري تعريف الفن المشكلة نفسها التي تعتري تعريف التصوف فكلاهما قد استعصيا على التعريف بمعناه التقليدي "الجامع المانع". ولنبدأ بالمعني المعجمي، ففي "المعجم الوسيط": نجد عدة تعريفات للفن فهو: "التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها، ويكتسب بالمران والدراسة"، و"جملة الوسائل التي يستخدمها الإنسان لإثارة المشاعر والعواطف وبخاصة عاطفة الجمال، كالتصوير والموسيقى والشعر"، و"ومهارة يحكمها الذوق والمواهب"(11).
وقد تتسع دائرة الفن لتشمل كل ما ليس علما، أي كل ما استبعده العلم من دائرته، فإذا عرفنا أن باحثا أمريكيا معاصرا أحصى حوالي مائة فن من الفنون البصرية والسمعية أمكننا أن ندرك إلى أي حد اتسعت دائرة المفهوم حتى العصر الحديث. والكلمة في أصليها اليوناني واللاتيني لم تكن تعني سوى: "النشاط الصناعي النافع بصفة عامة"، غير أن أرسطو ميز بين "الفن" و"المعارف العملية"(12).
وإذا حاولنا تتبع رحلة العقل الفلسفي اليوناني مع الموسيقى بوصفها أحد أكثر الفنون ارتباطا بالتصوف كتجربة دينية وجدنا أن فيثاغورث منشئ "العلم الموسيقي" عند اليونان كان هو نفسه مؤلف فرقة دينية/ فلسفية ذات تعاليم سرية وكان تلاميذه أشد غلوا منه في التصوف. وهناك أدلة قوية تبعث على الاعتقاد بأنه سافر إلى مصر وعاد منها إلى اليونان ناقلا إليها بعض النظريات البسيطة في علم الصوت ومنها أن الموسيقى البشرية الفانية إن هي إلا أنموذج أرضي للانسجام العلوي بين الأفلاك، أما الفيثاغوريون المتأخرون فاعتقدوا أن السماوات تنبعث منها موسيقى بالفعل. ولم ينفرد الفيثاغوريون بمقولة الأصل السماوي للموسيقى، فقد روى أرسطو في الساعات الأخيرة من حياته حلما سجله أفلاطون في محاورة فيدون رأى فيه أرسطو أن الوحي أتاه ليأمره بتأليف الموسيقى ويعني هذا الحلم ضمنا أن للموسيقى قدرة تفوق العلم على تقريبنا من الحقيقة النهائية، وقد نقل عنه قوله: "بعض الناس يغيبون في حالة تشنج ديني فإذا استخدم هؤلاء من الألحان المقدسة ما يثير في النفوس حالة من الوجد الصوفي فإنهم يبرأون". وفي الأدب اليوناني إشارات إلى حالات كان الكهنة يجمعون فيها النساء ذوات العقول المضطربة في المعبد للعلاج بالموسيقى حيث يرقصن على موسيقى صاخبة حتى يسقطن في غيبوبة وعندما يفقن يكن قد شفين شفاء نهائيا أو مؤقتا. وحسب هيرودوت فإن المصريين كانوا يعتقدون أن لألحانهم الدينية أصلا مقدسا ولذا كانوا شديدي الحرص على حمايتها من أي تغيير أو مؤثر أجنبي، كما أنه امتدح قدرتهم على خلق ألحان يمكنها قهر الانفعالات الغريزية في الإنسان وتنقية الروح(13).
وفي العصور الوسطى المسيحية بقيت الكلمة تشير إلى الحرفة أو الصناعة وأصبحت تنطبق على طيف واسع من النشاطات الإنسانية ضمنها: النحو والمنطق والسحر والتنجيم. . . .وفي معجم لالاند الفلسفي نجد أن البعد الجمالي يصبح أكثر وضوحا حيث الفن "كل إنتاج للجمال يتحقق في أعمال يقوم بها موجود واع أو متصف بالشعور" وقد سار الكثير من الكتاب المحدثين على هذا النهج مؤكدين البعد الجمالي في الفن على حساب أي اعتبارات عملية، وعليه أيضا سارت "دائرة المعارف البريطانية" و"معجم أوكسفورد" وغيرهما. ويرى أصحاب هذه النزعة أنه لا يمكن أن يتولد الفن إلا حينما تدع هموم الحياة ومطالب المعيشة متسعا من الوقت لظهور "الحلم"(14)، وهذا البعد الوجداني للفن أحد أهم ملامح التشابه البنيوي مع التصوف إذ هو (الفن) تجربة "شبه دينية" شخصية وجدانية تتم خارج نطاق الحواس فلا تقيدها قيود الواقع ولا المنطق.
بل إن الدكتور زكريا إبراهيم يعتبر الفن "قوة روحية" خلاقة توجد من العدم مخلوقات لا مادية كالموسيقى والشعر وموجودات مرئية كالنقوش والرسوم، أما تلك المخلوقات التي يبدعونها فهي كائنات عجيبة يجمع بينها كلمة "الفن"(15).
وإذا كان الدكتور عبد الرحمن بدوي قد أشار – كما أسلفنا – إلى ملكة خاصة عند المتصوف تمكنه من ممارسة التجربة الصوفية في السعي للاتحاد بالإله، فإن بعض مدارس علم النفس الحديث ترى ذلك في الفنان، فحسب كارل يونج فإن الفنان ليس مخلوقا عاديا يبدع أعماله عن قصد وتفكير وروية بل هو مجرد أداة في يد "قوة عليا" لا شعورية(16)، ويتسم مفهوم يونج على مستوى البنية بروح قدرية تعد هي الأخرى ملمحا من ملامح التشابه بين الفن والتصوف، فالعمل الفني يصنع الفنان وليس العكس ومن العبث مطالبة الفنان بتفسير عمله وهو أقرب إلى الحلم لا بد أن يظل غامضا ملتبسا(17).
وعلى يد هنري برجسون وصل مفهوم الفن إلى قمة الصوفية فالفن في فلسفته "عين ميتافيزيقية" والفنان قادر عبر الإدراك المباشر على النفاذ إلى "باطن الحياة" وعين الفنان تملك مقدرة صوفية هائلة على الاتحاد مع موضوعها(18)، وفي النهاية فإن الفن عند برجسون حدس يستولي على الذات العارفة فيجعلها تتطابق مع موضوع معرفتها على نحو شبه صوفي. وفي فلسفة شوبنهور يصل الأمر إلى نوع من المطابقة بين المتصوف والفنان، فالفنان هو الذات العارفة الخالصة المتحررة من الإرادة وأسر الجسد وعبودية الأهواء، فهو لا يعود يعيش إلا بوصفه مرآة لموضوعه، بعد أن فقد ذاته واستحال ذاتا عارفة خالصة عارية من الإرادة. وفي نهاية معمار فكرته اعتبر شوبنهور أن الفن "أداة للمعرفة والعرفان"(19)، وتحتل الموسيقى مكانا خاصا في مفهوم شوبنهور للفن حد أنه يعتبر أن "السيمفونية السديدة قد تكون نسخة ميتافيزيقة كاملة للوجود"(20).
الطبيعة التأويلية للفن والتصوف :
وقد يكون البعد التأويلي في الفن والتصوف هو الرابطة أعمق بينهما، فمع تحول الفن بشكل واضح خلال العصور الحديثة إلى الغموض والذاتية والانفلات المتسارع من الأطر كافة: دينية واجتماعية وحضارية ليصبح تعبيرا فردانيا عن مكنون مبدعه تأتي أهمية استحضار مفهوم "الغنوصية" كنموذج تفسيري لهذه العلاقة.
و"الغنوصية" من الكلمة اليونانية "غنوصيص" ومعناها "علم" أو "معرفة" أو "حكمة" أو "عرفان"، وفي التراث العربي الإسلامي تستخدم كلمة "عرفان" عند المتصوفين لتدل على نوع من أسمى من المعرفة يلقى في القلب في صورة "كشف " أو "إلهام"، والعرفان "هو العلم بأسرار الحقائق الدينية والخصائص الإلهية"، وهو من وجهة نظر صاحب العرفان أرقى من العلم الذي يحصله عامة المؤمنين البسطاء أو لأهل الظاهر من العلم الديني الذين يعتمدون النظر العقلي، والعرفاني هو من لا يقنع بظاهر الحقيقة الدينية بل يغوص في باطنها لمعرفة أسرارها. وهي معرفة تقوم على تعميق الحياة الروحية وإحلال "الإرادة" محل "العقل"، فالمعرفة هنا لا تعني اكتساب معارف بل بذل مجهود متواصل بقصد التطهر والوصول للصيغة الغنوصية اللازمة للاندماج في العالم الإلهي الذي جاء منه الإنسان. وترى الغنوصية أن ثمة جوهرا واحدا يجمع كل الديانات، ولذا لا تقدم نفسها كديانة جديدة بل كباطن للشريعة القائمة، ومهمتها الكشف عن المغزى العميق للعقيدة التي ينتمي إليها الغنوصي بواسطة معرفة باطنية وكاملة لأمور الدين(21).
ومن ثم فهي شيعة دينية مبدؤها أن العرفان الحق ليس المعرفة بواسطة المعاني المجردة والاستدلال إنما هو العرفان الحدسي الحاصل من اتحاد العارف بالمعروف وغايتها الوصول إلى عرفان الله. وكانت الغنوصية تعدو على الأديان والمذاهب بالتأويل والتحوير مدعية تحويلها عبر التأويل والتحوير إلى معان أعمق(22)، ومن المصادر المهمة لفكرة التأويل في تاريخ التصوف على نحو خاص الرافد التأويلي لفلاسفة الإسكندرية اليهود الذين كانوا يشرحون التوراة شرحا رمزيا على غرار شرح الفيثاغوريين لقصص الميثولوجيا وعبادات الأسرار(23).
وأيا كان القول الفصل في من أثر ومن تأثر بين اليونان واليهود فإن التأويلية وازدواج المعنى وبخاصة بالنسبة لمعنى نصوص التوراة قد استقر على نحو راسخ في التراث اليهودي بحيث صار هناك تفسيران متمايزان كل التمايز أحدهما ظاهري والآخر باطني، وهي سمة انتقلت من اليهودية إلى الفكر الصوفي الإسلامي منذ زمن بعيد، فلا يكاد مفهوم الحلول والاتحاد عند بعض الصوفية الحلوليين في التاريخ الإسلامي يختلف ع المفوه المقابل في التصوف اليهودي "القبالاه"، فمفهوم "التوحد بالإله والالتصاق به" يعني: "الحب العميق للإله الذي يؤدي إلى التوحد معه. . . . والالتصاق بالإله لا يعني الخضوع له أو الفناء فيه بل التوحد به وهو توحد يؤدي إلى معرفة الإنسان سر الإله وطبيعته وكنهه"(24).
وحديثا يكتسب السؤال عن المفهوم حدّة بالغة فيما يخص النتاج الفني الراهن. فهذه المرتبة تدعو إلى أن يكون في العمل الفني شيء قابل للفهم موضوعيا، وإذا لم نرد أن نجعل من الفهم مسألة داخلية للجهة الفاعلة فنحن نحكم عليها بالنسبية. ولكن إذا كان علي العمل الفني أن يعبّر عن المغلق علي الفهم، فهو يشتت في داخله ما هو مفهوم، حينها تتعرض للانكسار كامل تراتبية الفهم التقليدية ومن ثم يأخذ مكانها التأمل المكرس لطبيعة الفن الغامضة(25).
العلاقة من منظور فلسفة الدين :
وعند تناول العلاقة بين التصوف والفن كظاهرتين يغلب عليهما الطابع الوجداني ينبغي الانتباه إلى ما يكتنف مفهوم "الدين" في أدبياتها التي تتنازعها تعريفات متباينة للدين تأثرت في نشأتها بالمذاهب الفلسفية الغربية، ذلك أن الراحج عند باحثيها أنها "ليست جزءا من التعاليم الدينية ولا ينبغي أن تعالج من وجهة نظر دينية"، وهناك العديد من المفاهيم المتباينة للدين منها ما هو ظاهراتي يحاول عرض ما هو مشترك بين كل الأشكال المعروفة للأديان مثل تعريف قاموس أوكسفورد: "الدين اعتراف بشري بوجود سلطة فوق بشرية مسيطرة هي الإله أو الآلهة المؤهلون لأن يطاعوا ويعبدوا"، وهناك تعريفات سيكولوجية مثل تعريف وليام جيمس: "الدين هو الأحاسيس والأعمال وتجارب البشر في العزلة حينما يعلمون أنهم مرتبطون بالشيء الذي يعتبرونه إلها"، وثالث اجتماعي كتعريف تالكوت بارسونز: "الدين هم مجموعة الاعتقادات والممارسات والمؤسسات الاجتماعية التي طورها البشر في مجتمعات مختلفة"(26).
وتأتي أهمية التعريف الدقيق في سياق هذه الدراسة مما أشار إليه الدكتور يوسف كرم من أن البذرة التاريخية للأديان السرية بطبيعتها الغنوصية (الصوفية) نشأت في اليونان طموحا إلى مفهوم للدين مغاير لما هو سائد وبحثا عن علاقة بين العابد والمعبود لا تقوم على علاقة السيد بالعبد.
وللأديان بشكل عام خصائص عامة هي :
أولا: التسليم الأولي أو "الاعتقاد" الذي لا يشترط البرهان.
ثانيا: وجود مجموعة من المبادئ العليا التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومع ذلك فهي غير قابلة للبرهنة.
ثالثا: الإيمان بموجود لا يمكن إدراكه بالحواس سواء كان هذا الإدراك مباشرا أو غير مباشر.
رابعا: الخضوع أو التعبد لقانون أو (و) إرادة ذلك الموجود(27).
وفي الأديان التوحيدية فإن العلاقة بين الإله والإنسان تقوم على الاتصال والانفصال بينهما حيث لا يحل الإله في الإنسان ولا في الطبيعة بينما النظم الدينية الحلولية تعبر عن رغبة غي التحاد وصولا للامتزاج ما يعني نفي الثنائية والمسافة(28). ويمثل مفهوم "المجاز" الحل الوسط المركب بين "الحرفية" و"الباطنية"، وهو وسيلتنا لإدراك الإله إذ يربط بين صفات الإله التي تتجاوز حدود الإدراك الإنساني: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" (الأنعام: 103)، وبين بعض الشواهد المادية التي تدركها الأبصار والأسماع، فالمجاز بهذا المعنى رابط بين الإنساني المحدود والإلهي اللامحدود. ورغم محاولة الإنسان إدراك الإله من خلال المجاز فإنه – في الإطار التوحيدي – يعرف أنه لن يدركه في كل جوانبه فهو "ليس كمثله شيء" (الشورى: 11)(29).
ومهما بلغ المجاز من العمق والتركيب والجمال فإن المسافة تظل واسعة إذ لا يستطيع المؤمن أن يشبه الله بشيء وهو لا يتواصل مع البشر من خلال التجسد أو الكمون أو الحلول أو اختزال المسافات، وهو رغم ذلك يرسل للإنسان رسالة مكتوبة. ولأن الرسالة صادرة عن الله فإن مضمونها أكثر تركيبا من قدرة الإنسان على الإحاطة. ولأن الإله يريد التواصل مع الإنسان فقد أرسل رسالته بلغة بشرية مفهومة "لسان عربي مبين" (النحل: 103). غير أنه سبحانه وتعالى يقول: "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" (الكهف: 109) والآية تؤكد عجز "المادي" عن احتواء "الإلهي"، وقد استخدمت التعبير المجازي كحل لمعضلة التواصل(30).
والمجاز في الآيات القرآنية التي تتحدث عن الله تعبر عن هذه العلاقة المركبة: الاتصال/ الانفصال، التواصل/ التجاوز: "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" (النور: 35). والبنية العامة للمجاز هنا هي تقريب الله من العبد من خلال استخدام عناصر من عالم الإنسان المحسوس يتم الربط بينها وبين الله (الله مثل النور) وتتم عملية الفصل وتأكيد التجاوز وغياب الحلول والكمون على نطاق مركب جدا. ويظهر ذلك في تكثيف المجاز حتى لا نرى مركزا واضحا ولا علاقة محددة بين الله والنور، إلى أن نصل إلى الصورة المجازية "نور على نور" وهي صورة بلا مركز خالية من الحلول والكمون والتجسد وتعبر عن المركز المتجاوز. وحين نفقد الإحساس بالمركز فإننا ندرك الإله من خلال تشبيهه بعناصر أرضية على سبيل التقريب للأذهان، إذ يظل إحساسنا به عميقا، فهو "ليس كمثله شئ"(31).
من ناحية أخرى فإن لفكرة "ختام النبوة" دورا مركزيا في مفهوم من حيث كونه ممارسة عملية، ولمحمد إقبال في ذلك رؤية تعبر عن بصيرة ثاقبة، فهو يرى في "ختام النبوة" ميلادا للاستدلال العقلي كقانون للعالم الحديث الذي افتتحته نبوة محمد (ص) ولهذا أبطل إقبال كل قول بامتداد الوحي عبر نظريات الاتصال المشائية الإسلامية والدوائر الصوفية التابعة لها وهو لا ينفي بقوله هذا "الرياضات الصوفية" بل يقطع الصلة بينها وبين المقولات الإشراقية(32).
وهكذا فإن الفن قد تبادل مع التصوف التأثير والتأثر ليس فقط على مستوى العلاقة التاريخية والاشتراك في البعد الوجداني الواضح فيهما، بل تجاوزت العلاقة ذلك لتصل إلى تشابه بنيوي ملفت من حيث السمات العامة والطموح إلى الإعادة تعريف الأشياء عبر قدرة يتصور المتصوف (والفنان) أنه يملكها وأنه قادر باستخدامها على الإحاطة (أو الخلق من عدم) بناء على "الإرادة
ام ايمان16
2011-04-21, 16:02
التصوف والفن من منظور فلسفة الدين
دراسة/ ممدوح الشيخ(*)
تمهيد :
"التصوف" و"الفن" كلاهما من مفردات عالم الوجدان بشكل أساسي، والبحث في العلاقة بينهما من المباحث التي تخوم العلم، ولما كان "الحكم على شيء فرعا عن تصوره" كما تعلمنا القاعدة الذهبية في علم أصول الفقه فإننا قد لا نبدو قادرين على إصدار "حكم"، إذ نحن بإزاء ما قد يستحيل "تصوره" ومن ثم تعريفه تعريفا جامعا مانعا, يعرف ذلك كل من خاض تجربة دراسة أي من الظاهرتين: "التصوف" و"الفن" طامحا إلى ضبط أي منهما بضوابط المنهج العلمي فكلاهما تجربة شخصية فردانية تقوم في المقام الأول على الذوق. غير أن استحالة "الحكم" لا تعني الإحجام عن السعي للاستكشاف والاقتراب أملا في أن تسفر المحاولة عن الاقتراب من الدور الذي يقوم به الفن في "النسق الصوفي" بالنظر إليه من منظور "فلسفة الدين" الذي يعد هو الآخر فرعا حديث الميلاد من فروع البحث الفلسفي. ويقدر ما تشكل الاعتبارات السالفة قيودا على حركة الباحث بقدر ما تفتح له آفاقا واسعة لارتياد أرض بكر وهو العلاقة بين ظاهرتين مركبتين أشد التركيب كلاهما له جذور راسخة في عالم الوجدان.
حول مفهوم التصوف :
أول مشكلة تثار بالنسبة للتصوف مشكلة "الاسم" ومن أين يشتق وهي مشكلة قديمة قدم الظاهرة نفسها(1)، ومشكلة تعريف التصوف التي لا يكاد يخلو مرجع متخصص من آثارها انعكاس لمشكلة "المسمى"، وفي "المعجم الوسيط": "الصوفي: العارف بالتصوف، وأشهر الآراء في تسميته أنه سمي بذلك لأنه يفضل لبس الصوف تقشفا"، وإذا تجاوزنا المعني اللغوي إلى إشكالية التعريف وجدنا على سبيل المثال مؤرخ الفلسفة المعروف الدكتور عبد الرحمن بدوي يورد في كتابه: "تاريخ التصوف الإسلامي: من البداية حتى نهاية القرن الثاني" خمسة وعشرين تعريفا للتصوف من أقوال الصوفية أنفسهم تحت عنوان "حد التصوف" ونكتفي هنا بإيراد ما يتصل بالتصوف كتجربة دينية كقول الجنيد: "أن تكون مع الله بلا علاقة"(2). وإثبات المعية مع نفي العلاقة تعبير صارخ عن رفض مفاهيم: الوساطة والاختلاف والمسافة والشعائرية في الاتصال بالإله وتلك سمات وثيقة بالأديان السماوية.
وينقل بدوي أيضا قول الجنيد: "التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع"، وقول الشبلي:"الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق" ويعلق الدكتور عبد الرحمن بدوي على هذه التعريفات مقررا أنها تغلب التعبير البلاغي ولا تشير للجانب المعرفي، وهي حسب المستشرق لويس ماسينيون "لا شأن لها بتاريخ معاني اللفظ"(3).
وقد أوردت هذه اللمحة من الجدل حول الاسم والمسمى لأهميتها لسياق البحث حيث تشير إلى سمة بنيوية نراها وثيقة الصلة بطبيعة التصوف كـ "تجربة دينية" في الاتصال بالإله تحيط بها غلالة من الغموض وتساق لها تعريفات عديدة وهي سمة في الأنساق العرفانية القائمة على الذوق والإشراق وانفكاك الجهة بين الأسباب والمقدمات كما يعرفها "عالم الشهادة" في الإسلام.
وفي سياق سعيه لتعريف التصوف يحدد بدوي "حقيقة التصوف" بوجود أساسين لجوهره هما:
أولا: التجربة الباطنة المباشرة للاتصال بين العبد والرب.
ثانيا: إمكان الاتحاد بين الصوفي وبين الله.(4)
والتجربة الصوفية تقتضي القول بملكة خاصة غير "العقل المنطقي" هي التي يتم بها الاتصال وفيها تتحد "الذات" بـ "الموضوع" وفيها أيضا تقوم اللمحات واللمع والإشراقات مقام التصورات والأحكام والقضايا في المنطق العقلي، والمعرفة فيها معاشة "وجدانيا" ويغمر صاحبها شعور عارم بقوى تضطرم فيه وتغمره كفيض من النور، ويصحب هذه الأحوال أحيانا ظواهر نفسية غير عادية مثل الشعور بوجود "هاتف" أو رؤى خارقة والإحساس بخبرات ومواجيد. وقد يستعان على استدعاء هذه الأحوال بوسائل صناعية مثل الموسيقى (السماع حسب التعبير الصوفي) أو الرقص أو تحريك البدن بطريقة منتظمة وبإيقاعات متفاوتة الشدة، ولذا كان للأحوال والمقامات – بالمعنى الاصطلاحي – دور أساسي جدا في كل تصوف(5).
أما الأساس الثاني فضروري جدا في مفهوم التصوف كتجربة دينية وإلا كان مجرد أخلاق دينية، ويقوم في توكيد المطلق أو الوجود الحق أو الموجود الواحد الأحد الذي يضم في حضنه كل الموجودات، وفي إمكان الاتصال به اتصالا متفاوتا في المراتب وصولا إلى مرتبة الاتحاد التام بحيث لا يكون إلا "هو"، ومن هنا كان التصوف سلما صاعدا نهايته الذات العلية وقمة معراجه وذروته "الاتحاد"، (6) ويعد التعريف الذي أورده أحمد النقشبندي الخالدي للتصوف في كتابه "معجم الكلمات الصوفية" الأقرب إلى رسم صورة حقيقية للتصوف كتجربة دينية ظاهرها التواضع والافتقار وباطنها النزوع إلى التأله، فهو يعرف التصوف بأنه: "التخلق بالأخلاق الإلهية"(7).
والطريق إلى استكناه البنية الحقيقية للتصوف لا تمر عبر تفسير ما ورد في تراث التصوف الإسلامي بغرض استجلاء المفهوم، ذلك أنه تجربة دينية سابقة على الإسلام نفسه. وأول ما يتبلور المفهوم الصوفي للاتصال بالخالق نجده في اليونان قديما إذ كانت الديانات اليونانية جزءا من البناء السياسي، فلكل مدينة آلهتها وآلهة كل مدينة هم بناتها وحماته وتكريمهم واجب وطني، وبين "العابد" و"المعبود" عواطف ثلاث:
عرفان الجميل.
والمصلحة الخاصة.
وخوف العقاب.
وكان الإلحاد في حقهم خيانة للوطن. وفي هذا المناخ ظهرت تيارات دينية كان هدفها تجاوز حدود المدينة إلى العالم عبر دعوة الناس جميعا وتجاوز البناء السياسي للمدينة عبر دعوة الأرقاء الذين كانوا خارج هذا البناء بشقيه السياسي والديني، والسعي لبناء ما اعتبروه حياة روحية أسمى وأقوى، وهو ما أفرز في النهاية تصور أن بالإمكان إيجاد علاقة بالآلهة غير علاقة العبد بالسيد(8).
وفي هذه البداية تتبلور السمات كافة التي اتسم بها التصوف في مدارسه كافة الدينية والإلحادية، فهو في حقيقته تمرد على "الواسطة" بين العابد والمعبود تسعى لتحطيم قيود المكان والزمان والاختلاف وصولا إلا الاتحاد التام بينهما.
وهذه الديانات اليونانية "المتمردة" على سلطان "الدين الوطني" واقتصاره على حدود المدينة سميت "ديانات الأسرار" وكان أشهرها "إلوسيس" و"الأورفية". أما إلوسيس فقامت على أسطورة غامضة وتعاليم ظلت سرا لألف عام، وكان المريدون يمثلون في احتفالها السنوي الديني قصة ميثولوجية لكي يبعثوا في نفوسهم العواطف التي انفعل بها الإله أو الآلهة ويتلون عبارات مبهمة ويرقصون على موسيقى صاخبة ليحققوا حالة الجذب والاتحاد بالآلهة. أما الأورفية فتأتي أهميتها الأساسية في البحث من أنها تمثل "نموذجا" للاستمرار التاريخي بين ديانات المصريين والتصوف اليوناني، فقد كان من بين صلواتهم تلاوة نصوص من "كتاب الموتى الفرعوني"(9).
وقد كان للموسيقى والرقص مبكرا جدا دور في الطقوس الدينية كعامل مساعد للوصول للنشوة الدينية، فعندما نرنو بأبصارنا بعيداً عبر الماضي قبل الميلاد بألف عام حيث كانت تسود وقتئذٍ عقائد وثنية متعددة ومتزامنة في وادي النيل وبلاد الرافدين، يبدو من نقوش قدماء المصريين، ونقوش الآشوريين على جدران معابدهم، أن نوعاً من الرقص كان يمارس ضمن الشعائر الدينية المعهودة وقتها يشبه إلى حدٍ بعيد الرقص الشرقي في عصرنا هذا. وربما مر على كثير ممن أطلع على تاريخ تلك الحقب، وصف مؤرخي الإغريق للرقص في منطقة وادي النيل، بأنه حركات اهتزازية تشبه حركات راقصات اليوم. فضلاً عن ممارسة نوعٍ من الرقص في المناسبات والأعياد والشعائر الخاصة كطقس من طقوس العبادة والتقرب(10).
حول مفهوم الفن :
وإذا كان "الفن" والتصوف قد ارتبطا عمليا من قرون فإن إخضاع هذه العلاقة الارتباطية لمحاولات التفسير يعد حديثا نسبيا، وتعتري تعريف الفن المشكلة نفسها التي تعتري تعريف التصوف فكلاهما قد استعصيا على التعريف بمعناه التقليدي "الجامع المانع". ولنبدأ بالمعني المعجمي، ففي "المعجم الوسيط": نجد عدة تعريفات للفن فهو: "التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها، ويكتسب بالمران والدراسة"، و"جملة الوسائل التي يستخدمها الإنسان لإثارة المشاعر والعواطف وبخاصة عاطفة الجمال، كالتصوير والموسيقى والشعر"، و"ومهارة يحكمها الذوق والمواهب"(11).
وقد تتسع دائرة الفن لتشمل كل ما ليس علما، أي كل ما استبعده العلم من دائرته، فإذا عرفنا أن باحثا أمريكيا معاصرا أحصى حوالي مائة فن من الفنون البصرية والسمعية أمكننا أن ندرك إلى أي حد اتسعت دائرة المفهوم حتى العصر الحديث. والكلمة في أصليها اليوناني واللاتيني لم تكن تعني سوى: "النشاط الصناعي النافع بصفة عامة"، غير أن أرسطو ميز بين "الفن" و"المعارف العملية"(12).
وإذا حاولنا تتبع رحلة العقل الفلسفي اليوناني مع الموسيقى بوصفها أحد أكثر الفنون ارتباطا بالتصوف كتجربة دينية وجدنا أن فيثاغورث منشئ "العلم الموسيقي" عند اليونان كان هو نفسه مؤلف فرقة دينية/ فلسفية ذات تعاليم سرية وكان تلاميذه أشد غلوا منه في التصوف. وهناك أدلة قوية تبعث على الاعتقاد بأنه سافر إلى مصر وعاد منها إلى اليونان ناقلا إليها بعض النظريات البسيطة في علم الصوت ومنها أن الموسيقى البشرية الفانية إن هي إلا أنموذج أرضي للانسجام العلوي بين الأفلاك، أما الفيثاغوريون المتأخرون فاعتقدوا أن السماوات تنبعث منها موسيقى بالفعل. ولم ينفرد الفيثاغوريون بمقولة الأصل السماوي للموسيقى، فقد روى أرسطو في الساعات الأخيرة من حياته حلما سجله أفلاطون في محاورة فيدون رأى فيه أرسطو أن الوحي أتاه ليأمره بتأليف الموسيقى ويعني هذا الحلم ضمنا أن للموسيقى قدرة تفوق العلم على تقريبنا من الحقيقة النهائية، وقد نقل عنه قوله: "بعض الناس يغيبون في حالة تشنج ديني فإذا استخدم هؤلاء من الألحان المقدسة ما يثير في النفوس حالة من الوجد الصوفي فإنهم يبرأون". وفي الأدب اليوناني إشارات إلى حالات كان الكهنة يجمعون فيها النساء ذوات العقول المضطربة في المعبد للعلاج بالموسيقى حيث يرقصن على موسيقى صاخبة حتى يسقطن في غيبوبة وعندما يفقن يكن قد شفين شفاء نهائيا أو مؤقتا. وحسب هيرودوت فإن المصريين كانوا يعتقدون أن لألحانهم الدينية أصلا مقدسا ولذا كانوا شديدي الحرص على حمايتها من أي تغيير أو مؤثر أجنبي، كما أنه امتدح قدرتهم على خلق ألحان يمكنها قهر الانفعالات الغريزية في الإنسان وتنقية الروح(13).
وفي العصور الوسطى المسيحية بقيت الكلمة تشير إلى الحرفة أو الصناعة وأصبحت تنطبق على طيف واسع من النشاطات الإنسانية ضمنها: النحو والمنطق والسحر والتنجيم. . . .وفي معجم لالاند الفلسفي نجد أن البعد الجمالي يصبح أكثر وضوحا حيث الفن "كل إنتاج للجمال يتحقق في أعمال يقوم بها موجود واع أو متصف بالشعور" وقد سار الكثير من الكتاب المحدثين على هذا النهج مؤكدين البعد الجمالي في الفن على حساب أي اعتبارات عملية، وعليه أيضا سارت "دائرة المعارف البريطانية" و"معجم أوكسفورد" وغيرهما. ويرى أصحاب هذه النزعة أنه لا يمكن أن يتولد الفن إلا حينما تدع هموم الحياة ومطالب المعيشة متسعا من الوقت لظهور "الحلم"(14)، وهذا البعد الوجداني للفن أحد أهم ملامح التشابه البنيوي مع التصوف إذ هو (الفن) تجربة "شبه دينية" شخصية وجدانية تتم خارج نطاق الحواس فلا تقيدها قيود الواقع ولا المنطق.
بل إن الدكتور زكريا إبراهيم يعتبر الفن "قوة روحية" خلاقة توجد من العدم مخلوقات لا مادية كالموسيقى والشعر وموجودات مرئية كالنقوش والرسوم، أما تلك المخلوقات التي يبدعونها فهي كائنات عجيبة يجمع بينها كلمة "الفن"(15).
وإذا كان الدكتور عبد الرحمن بدوي قد أشار – كما أسلفنا – إلى ملكة خاصة عند المتصوف تمكنه من ممارسة التجربة الصوفية في السعي للاتحاد بالإله، فإن بعض مدارس علم النفس الحديث ترى ذلك في الفنان، فحسب كارل يونج فإن الفنان ليس مخلوقا عاديا يبدع أعماله عن قصد وتفكير وروية بل هو مجرد أداة في يد "قوة عليا" لا شعورية(16)، ويتسم مفهوم يونج على مستوى البنية بروح قدرية تعد هي الأخرى ملمحا من ملامح التشابه بين الفن والتصوف، فالعمل الفني يصنع الفنان وليس العكس ومن العبث مطالبة الفنان بتفسير عمله وهو أقرب إلى الحلم لا بد أن يظل غامضا ملتبسا(17).
وعلى يد هنري برجسون وصل مفهوم الفن إلى قمة الصوفية فالفن في فلسفته "عين ميتافيزيقية" والفنان قادر عبر الإدراك المباشر على النفاذ إلى "باطن الحياة" وعين الفنان تملك مقدرة صوفية هائلة على الاتحاد مع موضوعها(18)، وفي النهاية فإن الفن عند برجسون حدس يستولي على الذات العارفة فيجعلها تتطابق مع موضوع معرفتها على نحو شبه صوفي. وفي فلسفة شوبنهور يصل الأمر إلى نوع من المطابقة بين المتصوف والفنان، فالفنان هو الذات العارفة الخالصة المتحررة من الإرادة وأسر الجسد وعبودية الأهواء، فهو لا يعود يعيش إلا بوصفه مرآة لموضوعه، بعد أن فقد ذاته واستحال ذاتا عارفة خالصة عارية من الإرادة. وفي نهاية معمار فكرته اعتبر شوبنهور أن الفن "أداة للمعرفة والعرفان"(19)، وتحتل الموسيقى مكانا خاصا في مفهوم شوبنهور للفن حد أنه يعتبر أن "السيمفونية السديدة قد تكون نسخة ميتافيزيقة كاملة للوجود"(20).
الطبيعة التأويلية للفن والتصوف :
وقد يكون البعد التأويلي في الفن والتصوف هو الرابطة أعمق بينهما، فمع تحول الفن بشكل واضح خلال العصور الحديثة إلى الغموض والذاتية والانفلات المتسارع من الأطر كافة: دينية واجتماعية وحضارية ليصبح تعبيرا فردانيا عن مكنون مبدعه تأتي أهمية استحضار مفهوم "الغنوصية" كنموذج تفسيري لهذه العلاقة.
و"الغنوصية" من الكلمة اليونانية "غنوصيص" ومعناها "علم" أو "معرفة" أو "حكمة" أو "عرفان"، وفي التراث العربي الإسلامي تستخدم كلمة "عرفان" عند المتصوفين لتدل على نوع من أسمى من المعرفة يلقى في القلب في صورة "كشف " أو "إلهام"، والعرفان "هو العلم بأسرار الحقائق الدينية والخصائص الإلهية"، وهو من وجهة نظر صاحب العرفان أرقى من العلم الذي يحصله عامة المؤمنين البسطاء أو لأهل الظاهر من العلم الديني الذين يعتمدون النظر العقلي، والعرفاني هو من لا يقنع بظاهر الحقيقة الدينية بل يغوص في باطنها لمعرفة أسرارها. وهي معرفة تقوم على تعميق الحياة الروحية وإحلال "الإرادة" محل "العقل"، فالمعرفة هنا لا تعني اكتساب معارف بل بذل مجهود متواصل بقصد التطهر والوصول للصيغة الغنوصية اللازمة للاندماج في العالم الإلهي الذي جاء منه الإنسان. وترى الغنوصية أن ثمة جوهرا واحدا يجمع كل الديانات، ولذا لا تقدم نفسها كديانة جديدة بل كباطن للشريعة القائمة، ومهمتها الكشف عن المغزى العميق للعقيدة التي ينتمي إليها الغنوصي بواسطة معرفة باطنية وكاملة لأمور الدين(21).
ومن ثم فهي شيعة دينية مبدؤها أن العرفان الحق ليس المعرفة بواسطة المعاني المجردة والاستدلال إنما هو العرفان الحدسي الحاصل من اتحاد العارف بالمعروف وغايتها الوصول إلى عرفان الله. وكانت الغنوصية تعدو على الأديان والمذاهب بالتأويل والتحوير مدعية تحويلها عبر التأويل والتحوير إلى معان أعمق(22)، ومن المصادر المهمة لفكرة التأويل في تاريخ التصوف على نحو خاص الرافد التأويلي لفلاسفة الإسكندرية اليهود الذين كانوا يشرحون التوراة شرحا رمزيا على غرار شرح الفيثاغوريين لقصص الميثولوجيا وعبادات الأسرار(23).
وأيا كان القول الفصل في من أثر ومن تأثر بين اليونان واليهود فإن التأويلية وازدواج المعنى وبخاصة بالنسبة لمعنى نصوص التوراة قد استقر على نحو راسخ في التراث اليهودي بحيث صار هناك تفسيران متمايزان كل التمايز أحدهما ظاهري والآخر باطني، وهي سمة انتقلت من اليهودية إلى الفكر الصوفي الإسلامي منذ زمن بعيد، فلا يكاد مفهوم الحلول والاتحاد عند بعض الصوفية الحلوليين في التاريخ الإسلامي يختلف ع المفوه المقابل في التصوف اليهودي "القبالاه"، فمفهوم "التوحد بالإله والالتصاق به" يعني: "الحب العميق للإله الذي يؤدي إلى التوحد معه. . . . والالتصاق بالإله لا يعني الخضوع له أو الفناء فيه بل التوحد به وهو توحد يؤدي إلى معرفة الإنسان سر الإله وطبيعته وكنهه"(24).
وحديثا يكتسب السؤال عن المفهوم حدّة بالغة فيما يخص النتاج الفني الراهن. فهذه المرتبة تدعو إلى أن يكون في العمل الفني شيء قابل للفهم موضوعيا، وإذا لم نرد أن نجعل من الفهم مسألة داخلية للجهة الفاعلة فنحن نحكم عليها بالنسبية. ولكن إذا كان علي العمل الفني أن يعبّر عن المغلق علي الفهم، فهو يشتت في داخله ما هو مفهوم، حينها تتعرض للانكسار كامل تراتبية الفهم التقليدية ومن ثم يأخذ مكانها التأمل المكرس لطبيعة الفن الغامضة(25).
العلاقة من منظور فلسفة الدين :
وعند تناول العلاقة بين التصوف والفن كظاهرتين يغلب عليهما الطابع الوجداني ينبغي الانتباه إلى ما يكتنف مفهوم "الدين" في أدبياتها التي تتنازعها تعريفات متباينة للدين تأثرت في نشأتها بالمذاهب الفلسفية الغربية، ذلك أن الراحج عند باحثيها أنها "ليست جزءا من التعاليم الدينية ولا ينبغي أن تعالج من وجهة نظر دينية"، وهناك العديد من المفاهيم المتباينة للدين منها ما هو ظاهراتي يحاول عرض ما هو مشترك بين كل الأشكال المعروفة للأديان مثل تعريف قاموس أوكسفورد: "الدين اعتراف بشري بوجود سلطة فوق بشرية مسيطرة هي الإله أو الآلهة المؤهلون لأن يطاعوا ويعبدوا"، وهناك تعريفات سيكولوجية مثل تعريف وليام جيمس: "الدين هو الأحاسيس والأعمال وتجارب البشر في العزلة حينما يعلمون أنهم مرتبطون بالشيء الذي يعتبرونه إلها"، وثالث اجتماعي كتعريف تالكوت بارسونز: "الدين هم مجموعة الاعتقادات والممارسات والمؤسسات الاجتماعية التي طورها البشر في مجتمعات مختلفة"(26).
وتأتي أهمية التعريف الدقيق في سياق هذه الدراسة مما أشار إليه الدكتور يوسف كرم من أن البذرة التاريخية للأديان السرية بطبيعتها الغنوصية (الصوفية) نشأت في اليونان طموحا إلى مفهوم للدين مغاير لما هو سائد وبحثا عن علاقة بين العابد والمعبود لا تقوم على علاقة السيد بالعبد.
وللأديان بشكل عام خصائص عامة هي :
أولا: التسليم الأولي أو "الاعتقاد" الذي لا يشترط البرهان.
ثانيا: وجود مجموعة من المبادئ العليا التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومع ذلك فهي غير قابلة للبرهنة.
ثالثا: الإيمان بموجود لا يمكن إدراكه بالحواس سواء كان هذا الإدراك مباشرا أو غير مباشر.
رابعا: الخضوع أو التعبد لقانون أو (و) إرادة ذلك الموجود(27).
وفي الأديان التوحيدية فإن العلاقة بين الإله والإنسان تقوم على الاتصال والانفصال بينهما حيث لا يحل الإله في الإنسان ولا في الطبيعة بينما النظم الدينية الحلولية تعبر عن رغبة غي التحاد وصولا للامتزاج ما يعني نفي الثنائية والمسافة(28). ويمثل مفهوم "المجاز" الحل الوسط المركب بين "الحرفية" و"الباطنية"، وهو وسيلتنا لإدراك الإله إذ يربط بين صفات الإله التي تتجاوز حدود الإدراك الإنساني: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" (الأنعام: 103)، وبين بعض الشواهد المادية التي تدركها الأبصار والأسماع، فالمجاز بهذا المعنى رابط بين الإنساني المحدود والإلهي اللامحدود. ورغم محاولة الإنسان إدراك الإله من خلال المجاز فإنه – في الإطار التوحيدي – يعرف أنه لن يدركه في كل جوانبه فهو "ليس كمثله شيء" (الشورى: 11)(29).
ومهما بلغ المجاز من العمق والتركيب والجمال فإن المسافة تظل واسعة إذ لا يستطيع المؤمن أن يشبه الله بشيء وهو لا يتواصل مع البشر من خلال التجسد أو الكمون أو الحلول أو اختزال المسافات، وهو رغم ذلك يرسل للإنسان رسالة مكتوبة. ولأن الرسالة صادرة عن الله فإن مضمونها أكثر تركيبا من قدرة الإنسان على الإحاطة. ولأن الإله يريد التواصل مع الإنسان فقد أرسل رسالته بلغة بشرية مفهومة "لسان عربي مبين" (النحل: 103). غير أنه سبحانه وتعالى يقول: "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" (الكهف: 109) والآية تؤكد عجز "المادي" عن احتواء "الإلهي"، وقد استخدمت التعبير المجازي كحل لمعضلة التواصل(30).
والمجاز في الآيات القرآنية التي تتحدث عن الله تعبر عن هذه العلاقة المركبة: الاتصال/ الانفصال، التواصل/ التجاوز: "الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" (النور: 35). والبنية العامة للمجاز هنا هي تقريب الله من العبد من خلال استخدام عناصر من عالم الإنسان المحسوس يتم الربط بينها وبين الله (الله مثل النور) وتتم عملية الفصل وتأكيد التجاوز وغياب الحلول والكمون على نطاق مركب جدا. ويظهر ذلك في تكثيف المجاز حتى لا نرى مركزا واضحا ولا علاقة محددة بين الله والنور، إلى أن نصل إلى الصورة المجازية "نور على نور" وهي صورة بلا مركز خالية من الحلول والكمون والتجسد وتعبر عن المركز المتجاوز. وحين نفقد الإحساس بالمركز فإننا ندرك الإله من خلال تشبيهه بعناصر أرضية على سبيل التقريب للأذهان، إذ يظل إحساسنا به عميقا، فهو "ليس كمثله شئ"(31).
من ناحية أخرى فإن لفكرة "ختام النبوة" دورا مركزيا في مفهوم من حيث كونه ممارسة عملية، ولمحمد إقبال في ذلك رؤية تعبر عن بصيرة ثاقبة، فهو يرى في "ختام النبوة" ميلادا للاستدلال العقلي كقانون للعالم الحديث الذي افتتحته نبوة محمد (ص) ولهذا أبطل إقبال كل قول بامتداد الوحي عبر نظريات الاتصال المشائية الإسلامية والدوائر الصوفية التابعة لها وهو لا ينفي بقوله هذا "الرياضات الصوفية" بل يقطع الصلة بينها وبين المقولات الإشراقية(32).
وهكذا فإن الفن قد تبادل مع التصوف التأثير والتأثر ليس فقط على مستوى العلاقة التاريخية والاشتراك في البعد الوجداني الواضح فيهما، بل تجاوزت العلاقة ذلك لتصل إلى تشابه بنيوي ملفت من حيث السمات العامة والطموح إلى الإعادة تعريف الأشياء عبر قدرة يتصور المتصوف (والفنان) أنه يملكها وأنه قادر باستخدامها على الإحاطة (أو الخلق من عدم) بناء على "الإرادة
ام ايمان16
2011-04-21, 16:03
مقالة بطريقة المقارنة (مصحح)
موضوع السؤال .
قارن بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي .
الطريقة المقارنة
-i طرح المشكلة.
مما لا شك فيه أن المعرفة لا تحصل حقيقة إلا بوجود عقل يفكر , و علامة التفكير أنه يتساءل حول ما يشغله كإنسان من قضايا كالحرية ، و كذلك حول ما يحيط به من ظواهر الطبيعة . و بذلك نكون أمام نمطين من الأسئلة : السؤال الفلسفي ذو الطبيعة العقلية و السؤال العلمي ذو الطبيعة الحسية . مما يدفعنا للتساؤل عن طبيعة العلاقة بينهما ؟رغم اختلاف طبيعتهما .
I I- التحليل
* أوجه الاختلاف.
ــ 1 من حيث طبيعة الموضوع , السؤال العلمي مجاله الحسي المادي (فيزيقا)
أما السؤال الفلسفي فمجاله المعقول الماورائي(الميتافزيقا)
2_من حيث التخصص... مثلا السؤال العلمي محدود وجزئي (التخصص) لأنه يتعلق بظاهرة معينة .(سقوط الأجسام)
السؤال الفلسفي كلي شامل لأنه يتعلق بقضية عامة (الحرية مثلا)
السؤال العلمي يستعمل التقدير الكمي (لغة الرياضيات) مثل ماهي قوة الجاذبية ؟
السؤال الفلسفي يستعمل لغة خاصة (الألفاظ الفلسفية كمفهوم الحد و مفهوم الاستقراء ..)
3_ المنهج....السؤال العلمي منهجه تجريبي استقرائي .
أما السؤال الفلسفي فمنهجه عقلي تأملي .
4_ الهدف....السؤال العلمي يهدف إلى الوصول إلى نتائج دقيقة تصاغ في شكل قوانين .
أما السؤال الفلسفي فيهدف الوصول إلى حقائق و تصورات غالبا ما تكون متباينة بتباين المواقف وتعدد المذاهب
5_المبادئ.....السؤال العلمي ينطلق من التسليم بالمبادئ قبل التجربة مثل مبدأ السببية و الحتمية
بينما السؤال الفلسفي ينطلق من التسليم بمبادئ و مسلمات بعد البحث مثل مسلمات الذهب العقلي و المذهب التجريبي .
*أوجه الاتفاق ..... كلاهما سبيل المعرفة و يساهم في المنتوج الثقافي و الحضاري . و أنهما ينبعان من الشخص الذي يتمتع بالحس الإشكالي .
و بذلك كلاهما يثير الفضول ويدفعا إلى البحث نتيجة الحرج والحيرة الناتجة عن الشعور بوجود مشكلة .
و بذلك تكون صيغته كلاهما استفهامية . مثل تساؤل نيوتن حول سقوط الأجسام و تساؤل ديكارت عن أساس المعرفة .
كلاهما ينفرد بموضوع ومنهج و هدف تفرضه طبيعة الموضوع .
كلاهما يعتمد على مهارات مكتسبة لتأسيس المعرفة .
* مواطن التداخل :
السؤال العلمي نشأ في رحم السؤال الفلسفي لأن هذا الأخير هو الذي عبر عن حيرة الإنسان تجاه الوجود و مصيره بعد الموت و بعدها انشغل بالظواهر الطبيعية و كيفية حدوثها .أي أن الحيرة الفلسفية تولدت عنها الحيرة العلمية . حيث يقول أوغست كونت أن الفكر البشري مر بثلاث مراحل الرحلة اللاهوتية ثم المرحلة الميتافيزيقية ثم المرحلة العلمية .
إذن السؤال الفلسفي يخدم السؤال العلمي
والسؤال العلمي بدوره ينتهي إلى قضايا قد تثير تساؤلات فلسفية مثل التساؤل عن تفسير النشاط الحيوي هل يكون على أساس الآلية(الحتمية) أو الغائية ؟ إذن السؤال العلمي يخدم السؤال الفلسفي .
فطبيعة العلاقة بينهما علاقة تداخل وتكامل وتلاحم .
Iii - لخاتمة : حل المشكل
رغم ما يوحي به مظهر الاختلاف من تباين قد يجعل البعض يتسرع في الحكم على العلاقة بينهما ، فقد تبين لنا بعد التحليل أن كل من السؤالين لهما علاقة وظيفية فعالة وخدمة متبادلة دوما لا تنقطع فهناك تواصل مفتوح لا نهائي بينهما.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:10
الحقيقة
1. مدخل (من الدلالات إلى الإشكالية)
إن الحقيقة مفهوم معياري، والإنسان حينما يفكر أو حينما يتكلم فإنه يروم الحقيقة. غير أن تحديد الدلالة الفلسفية للحقيقة تعتبر إشكالية فلسفية ليس من السهل ضبطها نظرا لتنوع المواقف حولها. هكذا نطرح السؤال التالي : ما هي الحقيقة؟
إن مفهوم الحقيقة في دلالته الشائعة غالبا ما يستند على معيار أساسي هو معيار الواقعية. هكذا يكون الحقيقي هو الوجود القابل للإدراك الحسي المباشر، أو القابل للتحقق الواقعي.
إن هذا التمثل ليس كليا خاطئا، ولا يبتعد كثيرا عن بعض التمثلات الفلسفية (المذهب التجريبي مثلا)، إلا أنه اصطلاح قاصر. فمن الملاحظات التي يمكن أن تسجل عليه، أن الحقيقة ليست دائما واقعية أو مطابقة بشكل مباشر للواقع. فالحقيقة الرياضية – مثلا – برهانية، والإبداعات الفنية والأدبية الخيالية حقيقة، ليس لأنها مستمدة من الواقع ولكن لضرورتها الوجدانية.
إن عدم الدقة الذي يشوب الدلالة الشائعة للحقيقة يستدعي منا أن نطلب مفهوم الحقيقة في دلالتيه اللغوية والفلسفية. فهذا الجرجاي يحدد مفهوم الحقيقة فيما هو ثابت ومستقر ويقيني. هكذا يكون للحقيقة معنى لغوي ومعنى فلسفي أنطولوجي. فالثابت لغة هو المعنى الحقيقي ويقابله المعنى المجازي ؛ والثابت أنطولوجيا هو الجوهر وتقابله الصورة. وذلك ما يزيد إشكالية تحديد مفهوم الحقيقة تعقيدا، الأمر الذي يدفع بنا إلى اللجوء إلى التحديد الفلسفي مباشرة مع الفيلسوف الفرنسي لالاند Lalande. يحدد هذا الفيلسوف المعنى الفلسفي لمفهوم الحقيقة في خمس دلالات هي :
· الحقيقة هي خاصية كل ما هو حق.
· الحقيقة هي القضية الصادقة.
· الحقيقة هي ما تمت البرهنة عليه.
· الحقيقة هي شهادة الشاهد الذي يتكلم عما رآه أو ما سمعه …
· الحقيقة هي الواقع.
من خلال ما قدمه لالاند يتبين أن مفهوم الحقيقة في دلالته الفلسفية العامة يتأرجح بين عدة مدلولات. وهذا ما يتيح لنا فرصة طرح الإشكالية الفلسفية لهذا الدرس، والتي يمكن التعبير عنها بواسطة التساؤلات التالية : ما هي علاقة الحقيقة بالواقع ؟ ما هي أنواع الحقيقة ؟ فيم تكمن قيمة الحقيقة؟
2.الحقيقة و الواقع
قبل استعراض بعض من النماذج الفلسفية التي تعالج هذه الإشكالية، نتوقف عند مفهوم الواقع لشرح دلالته الفلسفية. إن مفهوم الواقع يتحدد فلسفيا في عدة معان : فقد يقصد به كل ما هو تجريبي عيني وقابل للإدراك الحسي المباشر. وقد يفيد وجودا أنطولوجيا معقولا يفرض نفسه على الذهن… هكذا يتأرجح مفهوم الواقع في دلالته الفلسفية بين ما هو عقلي وما هو مادي حسي، ومن ثمة نستطيع القول بأن الواقع فلسفيا يفيد كل معطى موضوعي يوجد خارج الذات، ويتميز باستقلاله عنها.
إن هذا التحديد لمفهوم الواقع سيسهل علينا معالجة العلاقة بين الحقيقة والواقع. ومن أجل بلوغ هذا الهدف فإننا سنقارب هذه الإشكالية من خلال محورين : الحقيقة بما هي واقع، والحقيقة بما هي مطابقة الفكر للواقع.
1.2 الحقيقة بما هي واقع
لما كانت الحقيقة عند بعض الفلاسفة مرادفا لما هو ثابت ومستقر ؛ فإننا نصادف عدة طروحات حول الحقيقة بما هي واقع. فهذا أفلاطون يميز أنطولوجيا بين عالمين : عالم المحسوسات، وعالم المثل. أما الأول فهو عالم مادي محسوس متغير، زائف، وناقص. وموجوداته هي بمثابة ظلال وأشباح لموجودات عالم المثل. وهذا الأخير، عالم معقول، ثابت كامل، وفيه توجد النماذج العليا لكل الموجودات. والعلاقة بين العالمين هي علاقة حقيقة بخيال (أو شبح). فالحقيقة يجسدها عالم المثل، ومن هنا تكون المعرفة الحق –في نظر أفلاطون – هي إدراك عالم المثل في صورته المطلقة بواسطة الجدل الصاعد أي ذلك المجهود الفكري الذي ينتقل بنا من الأدنى إلى الأعلى، من الحسي إلى المجرد، ويخلصه من أوهام المعرفة الحسية.
أما أرسطو فيختلف مع أستاذه أفلاطون في الاعتقاد بوجود حقيقة ثابتة مفارقة لهذا العالم. فكل شيء – في نظر أرسطو – في هذا العالم عبارة عن جوهر (ماهية) وصورة. والجوهر هو الحقيقة الثابتة التي على المفكر أن يصل إليها وأن يدركها في شكلها المطلق. لكن ذلك لن يتم إلا من خلال التمثل الحسي للصور. فمعرفة الصورة تساعد على معرفة الجوهر، لأن الحسي هو الطريق إلى المجرد والمعقول، شرط أن نعرف أن الحقيقة لا تتاح كاملة إلا بتجاوز الحسي.
إن هذا الهاجس هو الذي جعل ديكارت لا يعترف بقيمة المعرفة الحسية؛ فجعل من الشك الطريق الأساسي لبلوغ الحقيقة. هكذا شك ديكارت في كل المعارف الموروثة، وفي المعرفة الحسية. واعتبر أن الحقيقة من إنشاء العقل نفسه. فالحقيقة هي ما ينتهي إليه الشك. وعلى هذا الأساس، لا يكون الحقيقي إلا ما هو واضح وبديهي ومتميز. أو بتعبير آخر، إن معايير الحقيقة تتلخص في البداهة والوضوح والتميز. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم الكوجتو الديكارتي : "أنا أفكر أنا إذن موجود ". فخاصية التفكير هي حقيقة الوجود البشري وإذا توقف الإنسان عن التفكير توقف عن الوجود.
من خلال المقارنة بين الأطروحات الثلاث نستطيع أن نخلص إلى ما يلي : هناك أطروحات تؤكد أن الحقيقة هي واقع أنطولوجي معقول يوجد خلف المدارك الحسية (أفلاطون وأرسطو)، إلا أن هذا الواقع في اعتقاد أفلاطون مفارق للعالم الحسي، وهو في اعتقاد أرسطو محايث له (= متصل به). أما ديكارت فيختلف عن الفيلسوفين، لأن الحقيقة، في نظره، غير موجودة في الواقع لأنها بناء عقلي يتم من خلال عملية الشك. هكذا يكون الفكر هو الذي يحتضن الحقيقة، ولا وجود لحقيقة خارج الفكر.
2.2 الحقيقة بما هي مطابقة الفكر للواقع
إذا اعتبرنا الحقيقة بناء عقليا مجردا وتمثلات ذهنية متجاوزة للإدراك الحسي ؛ فإننا نجد الأطروحتين، الأفلاطونية والأرسطية، تعتبران الحقيقة بناء فكريا يتجلى في تمثل واقع موضوعي مفارق للواقع المادي الحسي (أفلاطون) أم محايث له (أرسطو) … إلا أن الأمر مختلف مع ديكارت، فدعوة هذا الفيلسوف إلى تجاوز المعرفة الحسية لا تعني بالضرورة تجاوز العالم المادي إلى واقع غيبي ميتافزيقي. وهنا تتوالى عدة تساؤلات : كيف يمكن التحقق من مطابقة الفكر للواقع، رغم غياب الاعتماد على التجربة الحسية؟ ما الذي يضمن صدق البداهات العقلية ؟ للإجابة على هذه الأسئلة لجأ ديكارت إلى فكرة الضمان الإلهي، مؤكدا أن طيبوبة الله واتصافه بالكمال يحولان دون وقوع العقل في الخطأ. ومن ثمة ما يبدو للعقل أنه يقيني، فهو كذلك.
وقد أتت الأطروحة الكانطية كأطروحة نقدية لمثل هذه التصورات. فاعتبرت الحقيقة بناء عقليا يتم بتظافر العقل والحواس، فالحواس تمد العقل بمادة المعرفة، والعقل يوظف مقولاته القبلية لإعطاء هذه المادة صورا إبستيمية. وهكذا يبين كانط أن الحقيقة ليست على نحو جاهز لا في الواقع ولا في الفكر، وإنما الحقيقة تفاعل دياليكتيكي بين معطيات التجربة والمفاهيم العقلية. ومهما بلغت درجة معرفتنا، فإنها ستظل نسبية ما دمنا نجهل حقيقة النومين والأمور الميتافزيقية.
أما مارتن هيدجر M. Heidegger ، فقد حاول أن يتجاوز أطروحات الفلسفة التقليدية حول المطابقة بأن تساءل حول الكيفية التي يمكن أن تكون بها الحقيقة استنساخا للواقع وترجمة أمينة له!؟! فالتطابق لا يمكن أن يكون إلا بين شيئين متماثلين في الشكل والطبيعة، فكيف يمكن أن يكون الفكر مطابقا للواقع وهما مختلفان؟!! لذا يرى هيدجر أن المقر الفعلي للحقيقة ليس هو الفكر (أو المنطوق) لأن الحقيقة انكشاف وحرية. أو بتعبير آخر : الحقيقة هي انفتاح على الواقع واستعداد لاستقباله في الصورة التي ينكشف بها أمام الذات، وهي كذلك تعبير حر للذات في تعاملها مع الواقع، أو كما قال هيدغر : "الحقيقة هي الحرية".
من خلال المقارنة بين التمثلات الفلسفية المعروضة، يتضح أن الفلاسفة يؤسسون خطابات متعددة حول الحقيقة. وهذا ما يدعو إلى طرح التساؤل الآتي : ألا يمكن الحديث عن حقائق (بدل الحقيقة الواحدة)؟!!
3. أنواع الحقيقة
لعل الاختلاف حول تحديد مفهوم الحقيقة، والتنوع الحاصل في تمثلها بصورة واحدة، هو ما جعل الشكاك المذهبيين يشكون في إمكانية وجود حقيقة. وما غاب عن هؤلاء هو أن الحقيقة لا تنكشف من ذاتها لأنها خطاب يبنى ويتأسس حول منطلقات تختلف باختلاف الظرفية التاريخية والضرورة العقلية التي تفرضها …
فمنذ أرسطو ظهرت الحقيقة كضرورة لإقناع الخصم وإفحامه ؛ لهذا تأسست على البرهان. ومن ثمة يكون الحكم الذي يقدم نفسه كحكم صادق، يقدم نفسه في ذات الوقت على أنه حكم أقيم عليه البرهان باعتباره نتيجة استقراء [تام]. فالبرهان هو القوة التي تدعم الحقيقة من الداخل . أما الحقيقة التي تحمل برهانها في ذاتها فإنها تسمى بديهية … غير أن ابن رشد يرى أن الحقيقة الدينية واحدة إلا أنها تتمظهر في صور متعددة نظرا لاختلاف طبائع الناس وتباين فطرهم في التصديق : فهناك من يصدق بالقياس الخطابي، وهناك من يصدق بالقياس الجدلي، وأخيرا هناك من يصدق بالبرهان. ولما كانت الحقيقة الدينية استهدفت كافة الناس فإنها استعملت أشكالا ثلاثة من القياس. وهذا لا يفيد تعدد الحقائق، لأن ذلك يعني فقط تعدد أشكال الخطاب التي يمكن أن تعبر عن نفس الحقيقة. وهذا يفترض أن تتمظهر الحقيقة في صورة الخطاب الذي يؤسسها، ومن ثم يدافع كل واحد على خطابه باعتباره الحقيقة المطلقة.
ولعل تفسير ذلك يوجد عند ميشيل فوكو M. Foucault، الذي يرى، أن الحقيقة لا توجد خارج السلطة، بل إنها ذاتها هي السلطة لأنها نتيجة إكراهات متعددة. فالسياسة العامة للحقيقة تفرض أن يحدد المجتمع نوع (أو أنواع) الخطابات التي يعتبرها حقيقة. فالحقيقة في المجتمعات المعاصرة – مثلا – تنحصر في الخطاب العلمي .. ومن هذا المنطلق ينتج المجتمع ويحدد الأشخاص والآليات والهيئات التي تسند إليها مهمة الاهتمام بالحقيقة. وهذا ما يفيد أن الطابع المؤسساتي هو الذي أصبح يطغى اليوم على مفهوم الحقيقة: لأن الحقيقة نابعة من مؤسسات وتروجها وتحميها مؤسسات، تلك المؤسسات التي قسمها ألتوسير Althusser إلى نوعين : المؤسسات الأيديولوجية، والمؤسسات القمعية. إن الطابع المؤسساتي للحقيقة هو الذي يؤدي إلى وجود الصراع حول الحقيقة. مع العلم أن الصراع لا يكون من أجل الحد من سلطوية الحقيقة، وإنما يكون من أجل إبعاد الحقيقة عن أشكال الهيمنة التي يمكن أن تؤسسها خطابات حول الحقيقة.
إلا أن استقراء تاريخ الفكر البشري، يؤكد بأن الحقيقة لم تستطع أن تتواجد في معزل عن اللاحقيقة ؛ ونقصد بذلك أضداد الحقيقة التي يمكن تلخيصها في نوعين أساسين : الخطأ والوهم. فالحقيقة العلمية التي تعتبر النموذج الأعلى لليقين لم تستطع أن تعيش في معزل عن الأخطاء. فقد ظلت فكرة مركزية الأرض – مثلا – مهيمنة على العقول إلى أن تم اكتشاف خطإها. ولا تكتشف مثل هذه الأخطاء داخل العلم إلا حينما تصبح عوائق إبستيمولوجية. لذا قال غاستون باشلار Bachelard : "تاريخ العلم هو تاريخ أخطاء العلم". فالحقيقة العلمية، تتقدم بتجاوز العوائق الإبستيمولوجية التي تحملها في ذاتها.
أما الوهم فهو أخطر من الخطأ لأنه يصعب اكتشافه بسهولة نظرا لما يحققه من الرغبات الوجدانية والنفعية للإنسان. وقد أكد نيتشه، أن الوهم يتولد عن حاجة الإنسان في أن يوفر لنفسه حياة سلمية وأمينة، لأن أساس الوجود البشري يقوم على الصراع من أجل البقاء (أو كما قال هوبس "حرب الكل ضد الكل"). إلا أن حب البقاء يدفع بالإنسان إلى استخدام العقل من أجل إنتاج الوهم لأن الحقيقة قاتلة. وتعتبر اللغة الأداة الأساسية التي يعتمد عليها الإنسان في صناعة الوهم لأن من طبيعة استعارية ومجازية. هكذا يكون الوهم لصيقا بالحياة البشرية لأنه يضمن للإنسان الاستمرار والبقاء. وبناء عليه، يرى نيتشه أن ما يعتقده الناس حقائق (المساواة، التعاون ..إلخ) ويقدسونها، ما هي إلا أوهام تم نسيانها.
4. الحقيقة بما هي قيمة
إن المقارنة بين الحقيقة واللاحقيقة (=أضداد الحقيقة) تدعو إلى إقامة التفاضل بينهما، وبالتالي سنجد أن الفكر أميل منطقيا إلى القول بأهمية الحقيقة، ولا أحد يجادل في أن كل الفلاسفة يجمعون على أن السعي وراء الحقيقة فضيلة … وهذا ما يؤكد أن للحقيقة قيمة تجعل الناس يرومونها. ففيم تكمن ـ إذن ـ قيمة الحقيقة؟
إذا استقصينا تاريخ الفلسفة يتأكد أنه أعطيت للحقيقة قيم متعددة تتأرجح بين قيم فكرية ونظرية، وقيم نفعية وعملية، وقيم أكسيولوجية أخلاقية. وقد تميزت الفلسفة التقليدية في اعتبار الحقيقة غاية في ذاتها وكان الفيلسوف يطلب الحقيقة لذاتها.
وقد حاولت الفلسفة البرجمائية تجاوز هذا التصور التقليدي للحقيقة بتأكيدها أن قيمة الحقيقة تتجلى في كل ما هو نفعي، عملي، ومفيد في تغيير الفكر والواقع معا. يقول وليام جيمس W. James : "يقوم الصادق بكل بساطة في كل ما هو مفيد لفكرنا، والصائب في ما هو مفيد لسلوكنا".
إن الطرح البرجمائي لقيمة الحقيقة تقف أمامه عدة اعتراضات أهمها اعتراضات فلسفية أخلاقية، وأخرى إبستيمولوجية علمية:
(ا) يلاحظ، فلسفيا، أن الإقرار بالقيمة النفعية للحقيقة معناه فسح المجال لاعتبارات لا أخلاقية كالأنانية، والظلم، والتآمر ..إلخ
(ب) يلاحظ أن تاريخ العلم يقصي المنفعة العملية. فلو كان يضعها قيد الاعتبار لما ظهرت النظريات العلمية المعاصرة. ففي الرياضيات، مثلا، لا تظهر المنفعة العملية المباشرة التي تستفاد من النظرية الهندسية للوباشفسكي Lobatchevski ، لكن لا أحد يستطيع أن يشك في قيمتها العلمية.
كنتيجة لذلك، يلاحظ أن الفلسفة البرجمائية (رغم إيجابيتها)لا تستطيع أن تصمد أمام النقد (شأنها شأن أية فلسفة). فقد تأكد منذ سقراط أن الحقيقة غاية في ذاتها، وهذا ما جعل الفيلسوف الألماني كانط يعتبر الكذب رذيلة ولو كان لحماية صديق من مجرمين يودون قتله. فمن يكذب مرة واحدة لمصلحته أو لمصلحة غيره يعتبر مخلا بالواجب الأخلاقي الذي يمكن أن نعتبره واجبا من أجل الواجب. وهذا ما يؤكد أن الحقيقة غاية في ذاتها لذا لا يمكن أن نتعامل معها كملكية فردية…
أما الفيلسوف برغسون Bergson فإنه يرى أن القيمة الفعلية للحقيقة تتجلى في تجاوز التصور التقليدي لقيمة الحقيقة والذي يحددها في مطابقتها لما كان أو لما هو كائن … فالحقيقة ليست استنساخا لأي شيء، وإنما الحقيقة إعلان لما سوف يكون. فالحقيقة استعداد للمستقبل وتوجه نحوه، وقيمة الحقيقة تكمن في كونها تهيئ لمعرفتنا لاستباق ما سوف يكون.
وكتخريج عام لهذا الدرس، يتضح الاختلاف الحاصل في تحديد مفهوم الحقيقة ومدى مطابقتها للواقع، وبالتالي الاختلاف في حصر القيمة الأخلاقية والنظرية للحقيقة. وذلك فعلا ما يؤكد نسبية الحقيقة. ولكننا لا نقصد بذلك ما ذهب إليه كانط في وجود حدود ميتافزيقية للحقيقة؛ وإنمانطرح المسألة في منظورها عند ميشيل فوكو الذي يؤكد أن الحقيقة نتاج اجتماعي. أي أن المجتمع هو الذي ينتج الخطاب الذي يعتبره حقيقة. وبما أن الفلسفة وليدة عصرها، فإن ذلك ما يفسر تعدد الخطابات الفلسفية حول الحقيقة، وغالبا ما تضطر الفلسفة، من أجل تأسيس مفهوم جديد للحقيقة، أن تدخل في صراع مع السلطة المؤسسية للحقيقة.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:15
(( هل فكرة الحرية تنسجم مع مفهوم اللاشعور ؟ ))
☺ مقدمة : تعد مشكلة الحرية من اعقد المشاكل الفلسفية حاول الفلاسفة إيجادها حل لها وكذلك هو الحال مع اللاشعور الذي يعتبره البعض عاملا لتفسير الحياة النفسية للإنسان فهل هناك علاقة بينهما؟وبعبارة أخرى أوضح هل فكرة الحرية تنسجم مع مفهوم اللاشعور☻
ف1 : يوجد انسجام بين الحرية واللاشعور وهذا ما يؤكده فرويد الذي يرى انه إذا كان القيم الاجتماعية هو جملة الأفعال والرغبات والميول التي لتي لم تتحقق نظرا لخضوعها لأننا الأعلى و القيم الاجتماعية والأخلاقية فان ظهورها خارج ساحة الشعور هو تحققها وفق فكرة الحرية كما أن الشعور هو وعي السلوك ووعي للأسباب وهو شعوري بعدم الحرية في القيام بالأفعال وإذا كان الشعور لا ينسجم مع الحرية فهي تنسجم مع مفهوم اللاشعور وتعد الحرية مفهوم متناقضا للحتمية وهذه الأخيرة الحتمية مفهوم معقول أي تعيه وتشعر به و الحتمية تنسجم مع الشعور وإذا كان الأمر كذلك فان الحرية تنسجم مع اللاشعور☻
نقد عدم الشعور بدوافع السلوك ( اللاشعور) لا يعني أبدا أن السلوك يحدث بشكل عفوي ، ولا يعني عدم وجود لهذا السلوك
♣ق2 : لا يوجد انسجام بين الحرية واللاشعور على رأس هذا الرأي هو ديكارت الذي يقول : إننا جد متأكدون من الحرية فينا بحيث ليس هناك أي شيء نعرفه بوضوح أكثر نعرفها" إذ يعتقد ديكارت أن التجربة النفسية تبين لنا شعور بالحرية يمتلكه الإنسان يجعله قادرا على القيام بأي فعل يراه مطلوبا يمتنع عن أي فعل لا يرى فيه فائدة وهو في هذا لا يحس بأي إكراه خارجي بالإضافة إلى موقف المدرسة الكلاسيكية التي تعتقد أن القول بان الشعور هو وعي الذات بأحوالها وأفعالها يتناقض تماما للقول بان النفس لا نشعر بما يجري فيها كما أن اللاشعور غير قابل للملاحظة الداخلية بأنه لاشعور وبذالك لا وجود له ، ثم انه لا توجد حيا ة خارج الحياة النفسية إلا الحياة الفيزيولوجية وبالتالي إذا وجدت حرية يجب أن تكون مصاحبة للاشعور لان كل ما هو نفسي شعوري وما هو شعوري يرافق ما هو نفسي وبالتالي فالحرية غير مشعور بها لا قيمة لها أصلا
☻ نقد ركز ديكارت على العوامل الداخلية النفسية وأهمل العوامل الخارجية التي تتحكم في فعل الإنسان كما أن العلم يؤكد أن كل ما هو شعوري هو نفسي ولا يؤكد بان ما هو نفسي هو شعوري وليس كل ملا يمكن ملاحظته غير موجود
♦ تركيب: إذا كانت الحتمية تتناسب مع الشعور فانه يجب أن تتوافق الحرية مع اللاشعور.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:20
العوامل المتحكمة في بناء الشخصية
مقالة حول العوامل المتحكمة في بناء الشخصية.(الشخصية بين الوراثة والبيئة)الأسئلة:هل الشخصية فطرية أم مكتسبة؟-هل تتحكم الوراثة في بناء الشخصية؟-هل الشخصية معطى أولي؟-هل تتحدد الشخصية تبعا لعوامل ذاتية أو موضوعية؟-هل الفروق الفردية تعود إلى الوراثة أم البيئة؟-هل التمايز بين الناس يقتضي استبعاد البيئة؟-هل الشخصية منتوج اجتماعي؟
المقدمة :يعتبر الإنسان في نظر علماء الاجتماع |كائن مدني بطبعه|,يتعامل مع غيره, ويسعى إلى التكيّف مع مختلف المواقف ولكن واقعيا لكل فرد أسلوبه في التفكير ومزاجه وعواطفه ومواهبه, هذا التميز والاختلاف يعرف في الفلسفة وعلم النفس بالشخصية غير أن |العوامل المتحكمة في بناء الشخصية|مسألة جدلية معقدة ويمكن التعبير عن هذه الإشكالية من خلال التساؤل التالي :هل الشخصية تتحكم فيها عوامل الوراثة أم البيئة؟
/الرأي الأول (الأطروحة) ذهب أنصار هذه الأطروحة إلى اعتبار<الشخصية من طبيعة وراثية> فهي فطرية وليست مكتسبة, والتمايز بين الناس يعود إلى عوامل ذاتية والانا عندهم معطى أولي وقصدوا بذلك |تأثير الغدد والطبع وباقي الأجهزة العضوية|والوراثة عملية بيولوجية من خلالها تنتقل الاستعدادات والصفات من الأصل إلى النسل أي من الآباء إلى الأبناء, وهذه الاستعدادات عبارة عن مورثات (جينات) الموجودة بدورها في الكروموزومات (الصبغيات) وعددها عند الرجل أو المرأة 23 زوجا وإجمالي الطاقم الوراثي مابين 500 ألف إلى 800 ألف مورّث , وانتقال الاستعدادات يخضع لمبدأ الاحتمال والصدفة , وللتأكيد على دور الوراثة أجريت تجربة مقارنة تقتضي تتبع نسل امرأة جميلة وذكية وأخرى عادية وبيّنت أن النسل الأول أكثرهم تقلّد مناصب سامية وشهرة كبيرة على خلاف النسل الثاني, ومن العوامل الوراثية تأثير الغدد وخاصة الصماء حتى قيل {نحن تحت رحمة غددنا الصماء فهي التي تتحكم في عواطف المرأة الشابة وانفعالات الشيخ الكبير} ومثال ذلك الغدة الدرقية إذا زاد إفرازها عن الحدّ الطبيعي تصبح الشخصية متوترة يغلب عليها المزاج الانفعالي الحاد, أما الغدة النخامية فتتحكم في نمو العظام والمفاصل والعضلات, ويعتبر الطبع أبرز العوامل الوراثية عرفه "لوسين" في كتابه "علم الطباع" {مجموعة الاستعدادات النفسية الوراثية الثابتة التي تكوّن الهيكل الذهني لدى إنسان ما} فالطبع الفعال يجعل الشخصية طموحة وحركية تقبل التحدي من أجل الوصول إلى أهدافها, وهكذا الشخصية نجدها ولا نوجدها
.نقد (مناقشة)إن تأثير الوراثة نسبي لأن التوأم الحقيقي رغم التماثل في التركيبة الوراثية لا يتماثلان بالضرورة في الشخصية./الرأي الثاني(نقيض الأطروحة):ترى هذه الأطروحة أن الشخصية محصلة لعوامل موضوعية مكتسبة فهي ليست هدية من الطبيعة وإنما تكتسب من البيئة وقصدوا بذلك تأثير الثقافة والمجتمع والتضاريس والمناخ فهي منتوج اجتماعي. فالمجتمع يزوّد الإنسان بأسلوب المعاملات ويكيفها مع سلّم ارتباط القيم بالسلوك كما ذهب إلى ذلك "رالف لنتون" وهي حقيقة أقرها "جون بياجييه" قائلا:{الطفل يستمد عاداته الأخلاقية من الخارج(المجتمع)بواسطة والديه والتربية والمدرسة والحياة اليومية}, ورأى "فالون" صاحب كتاب"علم نفس الطفل" أن الشخصية تتطور وتنمو والشعور بالذات يحتاج إلى الآخرين(أفراد المجتمع){إن الشعور بالذات يتكون بواسطة الآخرين, إنهم أسباب للشعور بالشخصية}وهنا يظهر تأثير الأصدقاء وكما قال"الرسول صلى الله عليه وسلم"{المرء على دين أخيه}حيث تفسَّر هذه الظاهرة بالتقليد حتى قيل في كتب علماء التربية {قل لي من تصادق أقل لك من أنت} وترى هذه الأطروحة أن معالم الشخصية تصنعها البيئة المادية (المناخ والتضاريس) فالذي يسكن في الصحراء يكتسب شخصية مغايرة لأبناء الشمال, وهذا ما أثبتته بحوث الأنثروبولوجيا التي أجريت على "قبائل أرايش" والتي لوحظ فيها تماثل سلوك الإناث والذكور, وملخص هذه الأطروحة في مقولة "واطسون" زعيم المدرسة السلوكية {أعطني اثنا عشر طفلا سالمي الجملة العصبية أخرج لكم منهم الطبيب والمهندس وحتى اللص}.
نقد(مناقشة):إن تأثير البيئة نسبي لأن أبناء الأسرة الواحدة يختلفون رغم وجود نفس العوامل الاجتماعية والثقافية........إلخ./
التركيب:لا شك أن الوحدة والتغيّر هما أساس الشخصية, هذه الحقيقة الفلسفية والعلمية, تدفعنا إلى ضرورة عدم الفصل بين الوراثة والبيئة لوجود ترابط بين ماهو بيولوجي وماهو ثقافي وهذا ما أكّد عليه"فرانسوا جاكوب" قائلا {سلوك الكائن الحي يشكله التفاعل الدائم بين الوراثة والبيئة} فالتركيبة الوراثية للطفل تمنحه |القدرة على الكلام| لكن|مضمون الكلام|أي(الألفاظ والعبارات) تحدده الطبيعة ومنه يولد الإنسان بشخصية قاعدية ثم يطورها وكما قال "آلبرت" {لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين وإنما يبدأ بتكوينها منذ الولادة} وهي لا تقبل التغير إلا في حدود ما تسمح به الوراثة والبيئة معًا.- الخاتمة:ومجمل القول....{الشخصية} هي "ذلك الكل المركب المتفاعل الذي يشمل الجوانب الجسدية والعقلية والاجتماعية والتي تميّز الفرد عن غيره" أنها التفاعل الديناميكي بين مختلف الأجهزة العضوية والنفسية وهي تشمل المزاج والطبع وأسلوب المعاملات....والحقيقة أنه لا يكاد يخلو بحث فلسفي قديم من إشارة إلى النفس والانا لكونها إشكالية فلسفية على قدر كبير من الأهمية, واليوم تظهر إشكالية [العوامل المتحكمة في بناء الشخصية] وهي قضية جدلية بين أنصار الوراثة الذين اعتبروا "الأنا معطى أولي" وأنصار البيئة الذين رفعوا شعار "الإنسان ابن بيئته" ومن منطلق فلسفي وعلمي نستنتج:مصير الشخصية تتحكم فيه العوامل الداخلية(الوراثة) والعوامل الخارجية (البيئة).
ام ايمان16
2011-04-21, 16:31
الشخصية
دلالات: الشخص والشخصية
عند استعراضنا لدلالات مفهوم الشخصية نعثر على نمطين من التعاريف: نمط أول تتخد فيه الشخصية معنى مجردا و عاما يجعلها خاصية كائن يكون شخصا اخلاقيا وقانونيا مسؤولا (كقولنا: لكل شخص الحق في ...)؛ ونمط ثان يتخد فيه المفهوم معنى محسوسا يركز على خصوصية الفرد باعتبارها تنظيما فريدا لمجموعة من الوظائف يتجلى من خلال اسلوب الفرد في الحياة و يرتبط بسيرته و تاريخه ( كقولنا شخصية عمرو او شخصية زيد مثلا )
ينتمي النمط الاول من التعاريف الى المجال الفلسفي وينزاح مفهوم الشخصية نحو مفهوم الشخص دلالة على الطابع التجريدي الكوني فكانط يرى "ان الشخص هو الذات التى يمكن ان تنسب اليها مسؤولية افعالها وهي قدرة الشخص على الوعي بما هو ثابت خلف الحالات المتغيرة لوجوده "؛ أما هيجل فيعتبر ان الشخصية لا تبدأ إلا حين تعي الذات نفسها لا كمجرد أنا محسوسة محددة كيفما اتفق و إنما باعتبارها أنا مجردة تجريدا خالصا".
أما النمط الثاني من تعاريف الشخصية فينتمي الى مجال العلوم الانسانية كما عبر عنه "البورت" في قوله: " الشخصية هي التنظيم الدينامي للانظمة السيكوفيزيولوجية التي تحدد تكيف الفرد بشكل أصيل مع محيطه". هنا تصبح الشخصية بناءا أو نموذجا نظريا وعلميا يسمح بفهم كل ما يميز شخصا معينا من خصائص؛ و يستنتج من تعريف البورت أيضا بأن الفرد عبارة عن أنظمة او أجهزة نفسية و فيزيولوجية متداخلة تسعى الى التكيف و التفاعل مع محيطها الطبيعي و الإجتماعي، وعليه ينبغي البحث عن سر تمايز شخصيات الافراد في تمايز أشكال انتظام و تكيف أنظمتهم السيكوفيزيولوجية مع المحيطين الطبيعي و الاجتماعي.
هناك اذن مقاربتان للشخصية: مقاربة فلسفية إن صح القول ومقاربة العلوم الإنسانية. لذا سنتساءل في مرحلة أولى عما يجعل الكائن البشري شخصا أي أكثر من مجرد عضوية حية ؟ مالذي يجعله كائنا أخلاقيا أخلاقيا ؟ وبعبارة أخرى كيف تتحدد شخصية الفرد من خلال نظام الشخص؟ غير أننا بهذه الأسئلة نكتفي بالبحث عن العام والمشترك بين البشر، والحال أن الفرد أيضا كائن "فريد" بتركيبته النفسية وتفاعلاته الإجتماعية والتي تتمظهر في سلوكاته أو مواقفه أو اختياراته، لذا سنتساءل في مرحلة ثانية : كيف يتحدد البناء النفسي والإجتماعي للشخصية ؟ أو ماهي العوامل السيكولوجيو والسوسيوثقافية المساهمة في بناء وتكوين الشخصية؟ ولايخفى أن البحث عن هذه العوامل بالنسبة للعلوم الإنسانية إنما يعني البحث عن محددات موضوعية قابلة للدراسة والتحديد العلميين، وهنا يطرح السؤال: ألا يعني الحديث عن عوامل ومحددات مشكلة لنمط الشخصية نفيا لدور الشخص في بناء شخصيته واختفاؤه كوعي وإرادة وحرية؟
>
الشخص كجوهر للشخصية
قد نعثر في المتن الفلسفي عبر تاريخ الفلسفة على شذرات متناثرة هنا أو هناك حول الطباع والأمزجة والإنفعالات الإنسانية وعلاقة الفرد بالجماعة، بيد أن الذي استأثر بإهتمام الفلسفة كان هو البحث عما يجعل الكائن البشري أكثر من مجرد عضوية بيولوجية مستقلة: هكذا انصب الإهتمام على الماهية التي تخص الإنسان و الجوهر الذي يظل ثابتا رغم تغيرات الجسم وأحوال النفس وانفعالاتها. وفي هذا الإطار بندرج تمييز ابن سينا بين بين عنصر متغير ومتحلل هو الجسم وعنصر ثابت مستمر هو النفس وذلك في قوله: " تأمل أيها العاقل أنك اليوم في نفسك هو الذي كان موجودا جميع عمرك حتى إنك تتذكر كثيرا مما جرى من أحوالك، فأنت إذن ثابت مستمر لاشك في ذلك وبدنك وأجزاؤه ليس ثابتا مستمرا بل هو أبدا في التحلل والإنتقاص..." والواقع أن ابن سينا يشير هنا إلى ظاهرة "الوعي بالذات" التي تصاحب مختلف حالات الوجود البشري بحيث تمنح الفرد شعورا بهويته وأنه وبثباتها. وهو نفس الوعي الذي اعتمدعليه ديكارت في " الكوجيطو" وخصوصا وعي الذات بفعل التفكير الذي تنجزه في لحظة الشك أي الوعي بالطبيعة المفكرة للذات التي تقابل عند ديكارت خاصية الإمتداد المميزة للجسم.
ومن الجدير بالذكر أن الوعي بالذات على هذا النحو الأرقى ليس مقدرة غريزية او إشراقا فجائيا، بل هو مسلسل تدريجي بطيء يمر أولا عبر إدراك وحدة الجسم الذي ينفصل به الكائن عما عداه، وعبر العلاقة مع الغير.
والآن مالذي يمكن أن يستفاد من المقاربة الفلسفية للشخص ولجوهر الشخصية؟
يستفاد أولا أن الشخصية - قبل كل تحديد - هي ذات مفكرة واعية قوامها الأنا الذي يمثل جوهرها البسيط الثابت والمطلق، ويستفاد من جهة ثانية أن الإنسان كائن مسؤول أخلاقيا وقانونيا بسبب خاصية الوعي وماتستتبعه من إرادة، بحيث يقول هيغل: "الشخصية هي الذات التي يمكن أن تنسب إليها مسؤولية أفعالها". ويستفاد أخيرا مع كانط بأن الإنسان هو أكثر من مجرد معطى طبيعي، إنه ذات لعقل عملي أخلاقي يستمد منه كرامة أي قيمة داخلية مطلقة تتجاوز كل تقويم أو سعر. مادم هذا العقل ومقتضياته كونيا، فإن الأنسانية جمعاء تجثم بداخل كل فرد مما يستوجب معاملته كغاية لاكوسيلة والنظر إليه كما لو كان عينة تختزل الإنسانية جمعاء. ولعل هذه المعاني الأخيرة هي نفسها التي نجدها حاضرة بقوة في مختلف إعلانات ومواثيق حقوق الإنسان. كما أنها الأساس الفلسفس المعتمد عند وصف جرائم الحرب والإبادة بجرائم " ضد الإنسانية".
من الواضح أن المقاربة الفلسفية تركز على البعد العام المجرد والمشترك في الشخصية، بل في كل شخصية. وذلك لتأسيس نتاءج أنطلوجية وأخلاقية لاحقة. بيد أن هذه المقاربة لاتسمح لنا بأن نفهمسبب اختلاف وتنوع الشخصيات بتنوع الأفراد. لابد إذن من الإنفتاح على مقاربة العلوم الإنسانية.
العومل المساهمة في بناء وتكوين الشخصية
بقليل من الإختزال يمكن القول أن الشخصية أنظمة سيكوفيزيولوجية ذات وظائف وتمظهرات مختلفة تدخل في مجال دراسة علم النفس، وبما أن هذه الأنظمة تشكل كيانا اجتماعيا مدعوا للتفاعل مع المحيط الإجتماعي فإنها تغدو من جهة ثانية موضوعا للعلوم ا لإجتماعية
البناء والتكوين النفسي للشخصية:
لاشك أن للإنسان حياة نفسية داخلية تعبر عن نفسها في جملة من الظواهر الحسية-الحركية، الإنفعالية والمعرفية. لكن ماالسبيل لدراسة هذا البعد النفسي؟ أين يمكن العثور عليه؟
على هذا السؤال تجيب المدرسة الشعورية بأن الشعور هو الساحة التي تجري فيها وقائع الحياة النفسية، وعليه فكل الخبرات النفسية هي بالتعريف خبرات شعورية يطالها الوعي من خلال فعل الإستبطان. غير أن المدرسة السلوكية الحريصة على تحديد تحديد موضوع لعل النفس يكون قابلا للدراسة والوصف والقياس الدقيق استبعدت الشعور نظرا لطابعه الغامض غير الدقيق واستعاضت عنه بمفهوم السلوك باعتباره مجموعة ردود الأفعال المتسقة على المثيرات الخارجية، وما الشخصية سوى نتاجا نهائيا لأنظمة عادات الفرد التي يمكن اكتشافها عبر ملاحظات تمتد لفترات طويلة نسبيا. ولقد استلهم السلوكيون أعمال علماء اهتموا بدراسة الأنشطة العصبية والنفسية للحيوان مثل بافلوف، طورنديك وموران، ويفهم من ذلك أن السلوكية تميل إلى اعتبار الإنسان مجرد نظام طبيعي خاضع لقوانين يمكن اكتشافها مما يسمح بالتنبؤ بسلوك الإنسان وتوجيهه ومن ثم توجيه شخصيته مثلما أعلن ذلك واطسون. وبالفعل فقد حققت السلوكات بعض النجاح في مجال التعليم والتربية وفي مجال علاج بعض الأمراض عن طريق تقنيات مثل : فصل الإشراط، تقنية التنفير، الكبح المتكافئ وغيرها...
بيد أن مدرسة التحليل النفسي هي التي سلطت أضواءا كاشفة جديدة على البعد النفسي النفسي للشخصية وأثارت أكبر قدر من الجدل والإهتمام في أوساط علم النفس خاصة والفلسفة عامة، وذلك لأن مؤسسها سغموند فرويد ( - ) قد شدد على مفهوم اللاشعور عوض السلوك أو الشعور وربط التكوين النفسي للشخصية بمرحلة الطفولة ونظر إلى أنشطة الجهاز النفسي كتصريف لطاقة الليبيدو.
فإذا كان علم النفس قبل-ال فرويدي يطابق بين النفسي والشعوري فأن التحليل النفسي لايرى في الشعوري سوى حيز ضئيل من النفسي، في حين يحتل اللاشعور القسم الأعظم من الحياة النفسية بما يضمه من خبرات نفسية ورغبات وذكريات تؤثر في الأداء النفسي للشخصية دون وعي الشخص أو علمه. وقد استدل فرويد على وجود اللاشعورمن خلال ممارسته الإكلينيكية وخصوصا علاجه لبعض الأمراض العصابية كالهيستيريا والوسواس ومن خلال تحليل الأحلام التي وصفها بالطريق الملكي إلى اللاشعور ومن خلال دراسته لفلتات اللسان وزلات القلم والنكات... وفي علاقة مع اللاشعور أكد فرويد على وجود طاقة محركة للجهاز النفسي سماها بالليبيدو تضم الغرائز والدوافع الحيوية وعلى رأسها الدافع الجنسي . وما أنشطة الإنسان المختلفة وحضارته سوى تصريف مباشر أو غير مباشر لهذه الطاقة كما يحدث مثلا في عملية التسامي من خلال الإبداع الفني أو التنافس الرياضي...
من جهة ثالثة ربط فرويد بين شخصية الفرد وتاريخه، فاعتبر شخصية الراشد خلاصة ونتيجة لإسهامات مراحل النمو النفسي الجنسي التي يجتازها الفرد خلال طفولته، وهي المرحلة الفمية، الشرجية، الجنسية، مرحلة الكمون وأخيرا المرحلة التناسلية. وهكذا فالكيفية التي عاش بها الفرد هذه المراحل وخصوصا عقدة أوديب، والكيفية التي انتقل بها من مرحلة إلى أخرى وكذا طبيعة الإشباعات والإحباطات التي تلقى... كل ذلك ينعكس على البناء ا النفسي لشخصية الراشد ويفسر إلى حد كبير الإختلالات والإضطرابات النفسية التي قد تلحقها. وبذلك تصح قولة وود وورث: " الطفل أبو الرجل".
على ضوء هذه المعطيات والمقدمات، يمكن أن نفهم البنية الثلاثية للجهاز النفسي كما عرضها فرويد ضمن ما يعرف بالنظرية الثانية : الهو، الأنا والأنا الأعلى.
يمثل الهو الشكل الأصلي للجهاز النفسي، وأقدم مناطقه، يشير إلى كل ماهو فطري غريزي لآشخصي لاشعوري وطبيعي في الإنسان أي مجموع القوى الغريزية المرتبطة بالجسم وبالأخص الدوافع الجنسية والعدوانية مما يجعله مستودع الطاقة الليبيدية. ولاتخضع دوافع الهو إلا لمبدأ اللذة والألم دون مبدأ الواقع أو المنطق، مما يعرضه للإصطدام بالواقع . ومن هذا الإصطدام تنشق منطقة جديدة هي " الأنا" بفعل عمليات الإدراك والشعور والإحباط. معلى عكس الهو، فأغلب نشاط الأنا شعوري خاضع لمبدأ الواقع ويتمظهر ذلك في التفكير الموضوعي الكلامي وعمليات الإدراك الحسي الداخلي والخارجي. ولهذا السبب يعتبر الأنا وسيطا بين الهو والعالم الخارجي ومن وظائفه الدفاع عن الشخص وضمان سلامته وتوافقه مع البيئة وتنظيم العمليات العقلية، حل الصراعات بين الرغبات المتعارضة، التأجيل بإقامة مسافة زمنية فاصلة بين الدافع والفعل وبلورة التفكير أثناء ذلك... وتنضاف إلى هذه الللائحة الطويلة أنشطة لاشعورية كالكبت وترميز الأحلام. على أن الوظيفة الأساسية للأنا هي الوظيفة التنسيقية للشخصية التي تفسر ظهور الفرد بمظهر الشخصية الواحدة المنسجمة رغم تعدد وتعارض الدوافع والعناصر الداخلية.
ونظرا لطول فترة اعتماد الطفل أو صغير الإنسان على والديه، فإنه يخضع لمسلسل التربية والتهذيب المتمثل في لائحة طويلة من المحرمات الإجتماعية التي تعكس القيم الأخلاقية والتقاليد العائلية. وبذلك تظهر منطقة ثالثة هي الأنا الأعلى نتيجة إعتناق قوى القمع وتقمص الصورة المثالية لممارسيه. ويمكن القول بأن الأنا الأعلى قوة نفسية لاشعورية تستبطن صورة الأب وسلطته لتمارس دور الرقيب الداخلي أو سفير الأخلاق. ويلاحظ نشاطه عند بداية ظهور إنفعالات الشعور بالإثم وملاحظة الذات أو حتى المازوشية النفسية والسوداء كما في الحالات المرضية.
والخلاصة هي أن الشخصية وبناؤها النفسي ترجمة لعلاقات القوى السائدة بين هذه العناصر الثلاث وأنعكاس للكيفية التي تتوزع بها الطاقة الليبيدية بينها، ولدرجة الصراع والتناقض بين دوافع الهو الجامحة وضوبط الأنا الأعلى الصارمة ومتطلبات الواقع، بحيث يمكن تأويل الحالات المرضية والسوية بناءا على هذه العلاقات الدينامية.
وهكذا، ففتوحات التحليل النفسي وكشوفاته بالغة الأهمية. ولكن ذلك لايمنع من وجود انتقادات صادرة أحيانا من بعض الفرويديين أنفسهم أمثال إيريك فروم الذي لاحظ بأن فريد ينظر إلى الشخصية كنظام مغلق مزود بدوافع، يتشكل من إشباعاتها وإحباطاتها النمط النهائي للشخصية، وكأن الإنسان مكتف بذاته أولا ومحتاج إلى الآخرين ثانيا، في أنه حسب فروم كائن اجتماعي في المقام الأول. ولكن كيف تظهر إجتماعية الإنسان؟ أي ماهو دور العوامل الإجتماعية في بناء الشخصية؟
2- البناء الإجتماعي للشخصية:
لقد لوحظ مرارا بأن أفرادا مختلفين من حيث المكون النفسي ينتمون إلى نفس المجتمع أو الجماعة يبدون أحيانا يبدون إستجابات متماثلة ويتميزون بأنماط تفكير وإحساس وتصرف موحدة ومشتركة، مما جعل علماء الإجتماع والأنثربولوجيا أمثال رالف لينتون يعزونها إلى عوامل إجتماعية ثقافية. هناك إدن مكون إجتماعي ثقافي في الشخصية يتخد مظهرين:
• - الشخصية الأساسية: وهي تلك الإستجابات وأنماط التفكير والسلوك والإحساس المستمدة من ثقافة المجتمع ككل.وفي هذا الصدد يمكن الحديث مثلا عن شخصية أساسية مغربية أو هندية... وتتحدد هذه الإستجابات تبعا لعوامل ثقافية، دينية، تاريخية ولغوية ولعوامل طبيعية كالمناخ والجغرافيا.
• - الشخصية الوظيفية: من الممكن تقسيم المجتمع الواحد إلى جماعات تحتية: الرجال/النساء، البدو/الحضر، التجار/السائقون...وكل جماعة من هذه الجماعات تزود أفرادها بإستجابات إضافية نسميها الشخصية الوظيفية التي تعكس وظيفة الفرد أو دوره الإجتماعي أو إنتماءه الطبقي أو جنسه...
بيد أن هاتين الشخصيتين لاتشيران في الواقع إلى أنماط جامدة أو حاضرة بنفس القوة لدى جميع الأفراد وفي كل المجتمعات، إذ يبدو أنهما يحضران بقوة في المجتمعات التقليدية حيث قوة الضمير الجمعي، ويضعفان في المجتمعات الصناعية المفتوحة حيث تبرز الفردانية وحيث يخضع المجتمع والفرد لمثاقفة مستمرة ولتأثيرات متنوعة المصادر. ومن جهة أخرى فالفرد مطالب على الدوام بتغيير وتعديل إستجابات شخصيته الوظيفية لتلائم التغير الحاصل في دوره ووظيفته الإجتماعية.
ويطلق علماء الإجتماع إسم التنشئة الإجتماعية على السيرورة أو القناة التي يتم من خلالها اكتساب وتلقي الأنماط والنماذج الإجتماعية من أجل دمجها في بنية الشخصية، وهي سيرورة تطورية تستمر طوال حياة الفرد. كما لوحظ بأن التنشئة الإجتماعية تترافق بعمليتين: الإستدماج حيث تنصهر الأنماط الإجتماعية العامة وتمتزج بخصوصيات الفرد لتشكل وحدة مندمجة، ثم عملية التبطين أي تلاشي إحساس الفرد بغرابة الأنماط الملقنة له وتلاشي أو ضعف إحساسه بثقل الرقابة الإجتماعية والسلطة التي صاحبت عملية الإكتساب في البداية، فرغم أن الظواهر الإجتماعية كما يقول دوركايم تتميز بالخارجية والقسر فإن الفرد لا يشعر بأنه يذعن في كل آن لسلطة خارجية. وتتجلى الغاية النهائية لعملية التنشئة الإجتماعية في إنتاج أفراد متكيفين مع وسطهم الإجتماعي بحيث يتعرفون على "أناهم" في "النحن" المكون للجماعة.
ويكاد مفعول التنشئة الإجتماعية يطال جميع مكونات الشخصية: بدءا بالمكون الحسي الحركي أي الأذواق والهيئات الجسمية، مرورا بالمستوى الإنفعالي كالعواطف وأشكال وإمكانيات التعبير عنها، وإتنهاءا بالمستوى المعرفي أي المعارف وطرق التفكير...ويحق للمرء أن يتساءل في الأخيرعما تبقى للشخص من دور في بناء شخصيته؟
الشخصية بين الحتمية والحرية
لقد كشفت العلوم الإنسانبة عن وجود جملة من الإشراطات النفسية والإجتماعية والتاريخية... يخضع لها البناء والتكوين النفسي للشخصية بعيدا عن إرادة الشخص أو وعيه، مما يضع حرية الشخص ودوره في بناء شخصيته موضع تساؤل وتشكيك، بيد أن أطروحات فلسفية عديدة ترفض مثل هذه الخلاصات المعلنة لموت الإنسان واختفائه، بدعوى خصوصية الظاهرة الإنسانية وطابع الوعي المميز للوجود الإنساني.
1- خضوع الشخصية لإشراطات وحتميات تتجاوز إرادة الشخص ووعيه:
يعتقد كل إنسان أنه السيد في مملكة نفسه، وأنه من اختار بمحض إرادته بعض ملامح شخصيته، بيد أن العلوم الإنسانية تكشف خلاف ذلك: فالشخصية في علم النفس السلوكي لاتعدو أن تكون خلاصة ومحصلة لإستجابات ترسخت كردود فعل على مثيرات خارجية تعمل على تشجيع أو كبح بنيات نفسية معينة؛ أما التحليل النفسي، فيرى البناء النفسي للشخصية كنتيجة حتمية لخبرات مرحلة الطفولة، كما أن الكثير من الأنشطة الإنسانية تحركها دوافع الهو اللاشعورية ذات الطبيعة الجنسية أو العدوانية. هذا الهو الذي قال عنه "نيتشه": وراء أفكارك وشعورك يختفي سيد مجهول يريك السبيل، إسمه الهو. في جسمك يسكن، بل هو جسمك، وصوابه أصوب من صواب حكمتك"، بل إن بول هودار يذهب إلى حد القول بأن: " كلام الإنسان كلام مهموس له به من طرف الهو، الذي يعبر عن نفسه في الإنسان عندما يحاول الإنسان أن يعبر عن ذاته !!"
أما بالنسبة لعلماء الإجتماع والأنثربولوجيا، فإن طبقات مهمة في الشخصية لاتعدو أن تكون سوى انعكاس للشخصية الأساسية للمجتمع أو الشخصية الوظيفية لجماعة الإنتماء. وإذا كانت التنشئة الإجتماعية تزود الفرد بعناصر من ثقافة المجتمع، فأن هذه الثقافة حسب التحليل الماركسي تعكس البنية التحتية المستقلة عن وعي الذوات: لأن الوجود المادي هو الذي يحدد الوعي لاالعكس. ويلاحظ غي روشيه من جهة أخرى بأن " معظم رغبات الإنسان وحاجاته وآماله لاتتكون تلقائيا أو تبعا لنوع من الضرورة اليبولوجية، بل إنها تتحدد بحسب التشجيع الذي تلقاه والمكافآت التي تقدم لها ومن ثم تنقش في الشخصية " ، وعلى هذا الأساس : فكلما تكلم الفرد أو حكم ، فالمجتمع هو الذي يتكلم أو يحكم من خلاله حسب عبارة دوركايم.
حاصل الكلام هو اختفاء الإنسان أو موته كما أعلنت البنيوية، لأن البنيات النفسية الإجتماعية اللغوية... هي التي تفعل وليس الذات أو الفرد. هل يمكن بعد كل هذا الحديث عن الإنسان كما نتحدث عن ذات أي عن كائن قادر على القيام بعمل إرادي؟ هل للسؤال "من أنا " بعد من قيمة؟ !!
2- دور الشخص في بناء شخصيته:
رغم كل ماذكر فإن الإنسان لازال يقنع نفسه بأن له شيئا يفعله، شيئا يبقى عليه أن يفعله. وتحاول المقاربة الفلسفية للشخصية أن تعثر على مكامن هذه الحرية داخل الشخصية من خلال التركيز على نظام الشخص باعتباره ذاتا ووعيا. وفي هذا الإطار يمكن القول بأن وعي الإنسان بالحتميات الشارطة يمثل خطوة أولى على طريق التحرر من تأثيرها وإشراطها المطلق، بل إن مذاهبا فلسفية كثيرة وعلى رأسها الوجودية تؤسس على خاصية الوعي " أسبقية الوجود على الماهية "، لأن الإنسان ليس وجودا في ذاته كالأشياء، بل وجودا لذاته، مما يجعل وجوده مركبا لانهائيا من الإختيارات والإمكانيات، فعلى عكس الطاولة التي أو الشبل اللذان يتحدد نمط وجودهما بشكل خطي انطلاقا من ماهيتهما القبلية، فإن الإنسان مفتقر إلى مثل هذه الماهية التي قد تسمح بتعريفه أو الحديث عن شخصيته على نحو قبلي مسبق. صحيح أن الفرد يحيا على الدوام لا في المطلق، بل في وضعية محددة اجتماعيا وتاريخيا، لكن ردود أفعاله واختياراته لاتحددها هذه الشروط الموضوعية وحدها، بل وأيضا المعنى الذاتي الذي يفهم بموجبه هذه الشروط والأوضاع مما يفسح مجالا واسعا للإحتمال والحرية. من هنا نفهم تصريح سارتر بأن الإنسان مشروع في سماء الممكنات، محكوم عليه بأن يكون حرا، وبان الإنسان ليس شيئا آخر غير مايصنع بتفسه.
ونستطيع استثمار أطروحة سرتر التي أتينا على ذكرها للقول بأن الإنسان ليس آلة إلكترونية، وأن نفس الأسباب لاتفضي حتما إلى نفس النتائج على مستوى بناء الشخصية. ولنوضح ذلك بنموذج من العلوم الإنسانية ذاتها: فقد اعتقد فرويد سنة 1920 أن العدوانية معطى بشري حتمي نظرا لوجود دوافع غريزية أولية تتمثل في الرغبة في تدمير الذات والتي يتم تحويلها نحو العالم الخارجي والآخرين، لكن جماعة يال أثبتت في بحثها المنشور عام 1959 بأن هذه العدوانية غير متأصلة في معطياتنا الغريزية، بل هي رد فعل لاحق تجاه الحرمان بحيث أن قوة الحرمان أو ضعفه تنعكس على ضعف أو قوة العدوانية، ثم مالبث "كورت لوين " أن أظهر لاحقا بأن الحرمان لايفضي دوما إلى العدوانية، بل قد يولد الخضوع والإمتثال.
وهكذا، فنحن أبعد مانكون عن الخطاطة التبسيطية التي تجعل الشخصية والظاهرة الإنسانية عموما خاضعة على غرار الظواهر الطبيعية لمقولة الحتمية، وماذلك إلا لأن الشخصية كما يقول " برغسون" بناء مستمر وتعاقب لاينقطع لحالات نفسية فريدة لاتقبل التكرار، والحال أن الحتمية ومن ثم التنبؤ لايصدقان إلا في حالة الظواهر المتشابهة القابلة للتكرار. وماأشبه العلاقة الفريدة التي تجمع الشخصية بالفعل الصادر عنها بعلاقة المبدع بعمله الفني.
الشخصية الإنسانية حصيلة تفاعل بين عوامل باطنية وأخرى متعلقة بالمحيط الخارجي، إنها ذلك الشكل الخاص من التنظيم الذي تخضع له البنيات الجسمية، النفسية والإجتماعية. صحيح أن هذا التنظيم يخضع لعوامل ومحددات موضوعية كثيرة، لكن ذلك لايلغي دور الشخص في بناء شخصيته. وإذا ما بدا موضوع الشخصية إشكاليا متعدد الأبعاد، فماذلك إلا لأن دراسة الشخصية ليست إلا إسما آخر لدراسة الإنسان بكل تعقده وغموضه.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:32
الحق
الطرح الإشكالي
الحق مفهوم متعدد المعاني، تمتد دلالاته إلى الحقل المعرفي المنطقي، الأنطلوجي، الإجتماعي والأخلاقي...لكونه مفهوما ذا طبيعة أكسيولوجية معيارية يتعلق بالفاعلية البشرية في مختلف تجلياتها. وسنقتصر فيما يلي على دلالته العملية، حيث تُعرِّفه المعاجم بأنه: " ما لايحيد عن قاعدة أخلاقية، يعني ماهو مشروع وقانوني في مقابل ما هو فعلي وواقعي، إنه فعل فعل أو الإستمتاع بشيء أو إلزام الغير به تبعا لقواعد تحكم العلاقات بين أفراد ينتمون إلى نفس المجتمع"
وبسبب الطبيعة الجذرية للتفكير وللسؤال الفلسفي، يجد الفيلسوف نفسه على الدوام وجها لوجه أمام سؤال المرجعية والأصل والتأسيس: فما دام تعريف الحق يحيل على مفهوم القاعدة، فلامناص من التساؤل عن مصدر هذه القاعدة ومشروعيتها: علام تتأسس قواعد ومبادئ الحق وحقوق الإنسان تحديدا؟ مالذي يبرر ويشرعن إعلان حق ما باعتباره كذلك ؟ ماأصل هذه الحقوق؟ ومادام الإنسان كائنا مزدوجا، طبيعيا بيولوجيا وثقافيا عاقلا، فهل يتأسس الحق على الطبيعة أم على الثقافة؟ هل الحق قيمة طبيعية تشرعها طبيعة الإنسان الأصلية أم قيمة ثقافية تضيفها ثقافته المحدثة؟ ومادام مفهوم القاعدة يوحي بمعاني الحدود والضوابط، فهل ينتمي الحق إلى ما هو مؤسساتي قانوني وإلزامي، أم ينتمي إلى الحقل الأخلاقي فيخاطب الضمير والإلتزام؟
الحق بين الطبيعي والثقافي
قدمت نظرية الحق الإلاهي أقدم الأجوبة على سؤال المرجعية والتأسيس: فقد أُعتُقِدَ أن الحاكم إله أو نصف إلاه أو من سلالة الآلهة أو يتلقى الشرائع منها. وكل الحقوق ( حقوقه وحقوق المحكومين) نابعة من هذه الصفة أو التفويض الإلاهي. وسيتعين إنتظار عصر النهضة ثم الأنوار لنشهد انتعاش نظرية الحق الطبيعي مجددا. فقد لوحظ على الدوام صعوبة تأسيس الحق على الثقافي المتعارض والمختلف بإختلاف المجتمعات والحقب التاريخية، مما دفع باسكال أن يكتب ذات مرة: "يا لبؤس العدالة التي يحدها نهر ! أفكار صائبة هنا، خاطئة وراء جبال البرانس ! " ولتجاوز هذه المفارقات، اعتُبرت مبادئ الحق وحقوق الإنسان طبيعية أي متجذرة في الطبيعة الإنسانية ومحايثة لها، مستقلة عن الثقافة وإرادة المشرعين، لأنها سابقة منطقيا وزمنيا على المجتمع والثقافة.
نظريات الحق الطبيعي
قدم هوبز واحدة من أهم صياغات نظرية الحق الطبيعي في كتابه التنين، حيث عرَّفه بأنه الحرية التي لكل إنسان في أن يتصرف كما يشاء في إمكاناته الخاصة للمحافظة على طبيعته وحياته الخاصة، وأن يفعل كل مايرتئيه نظره وعقله ناجعا لذلك. وعليه فالحق الطبيعي أو حق الطبيعة هو الحق في الحياة والحق في المحافظة عليها والحرية المطلقة في حماية الوجود البيولوجي والدفاع عنه. وقد استخلص إسبينوزا نتائج ذلك حين لاحظ أن الحق الطبيعي للكائن يمتد منطقيا وفعليا بامتداد قدرته ورغبته: فحيث تتوقف قدرات الكائن تتوقف حقوقه. وبموجب هذا المبدأ، فلكل كائن أو موجود طبيعي حقا مطلقا في البقاء على وضعه وحقا مطلقا على كل مايقع تحت قدرته، وقواعد هذا الحق تمليها طبيعة الفرد الذي تحتم عليه أن يوجد ويسلك على نحو معين.
بيد أن روسو لايشاطر هوبز نظرته التشاؤمية إلى الطبيعة الإنسانية، كما لاينظر كـإسبينوزا إلى الإنسان ضمن نظام الطبيعة الشامل: إذ ليس الإنسان في الأصل ذئبا لأخيه الإنسان، بل العكس هو الصحيح: إنه طيب بالطبع شرير بالإجتماع. وإذا صح ذلك، فإن حالة الطبيعة هي الحالة المثلى لسيادة العدل والحرية والمساواة وهي بالضبط الحقوق الطبيعية، التي لم تلبث أن تلاشت بسبب ظهور الأشكال الأولى للإجتماع والملكية وما نجم عنها من التفاوت.
يمضي جون لوك في نفس المنحى الروسوي، موضحا في نفس الوقت الأساس المنهجي العام لنظريات الحق الطبيعي، يقول:" لكي نفهم السلطة السياسية فهما صحيحا ونستنتجها من أصلها يجب أن نتحرى الحالة الطبيعية التي وجد عليها جميع الأفراد، وهي حالة الحرية الكاملة في تنظيم أفعالهم والتصرف بأشخاصهم وممتلكاتهم بما يظنون أنه ملائم لذلك، ضمن قيود قانون الطبيعة، دون ان يستأذنوا إنسانا أو يعتمدوا على إرادته، وهي أيضا حالة المساواة حيث السلطة والتشريع متقابلان لايأخد الواحد أكثر من الآخر، إذ ليس هناك حقيقة أكثر بداهة من أن المخلوقات المنتمية إلى النوع والرتبة نفسها المتمتعة كلها بالمنافع نفسها التي تمنحها الطبيعة وباستخدام الملكات نفسها، يجب أيضا أن يتساوى بعضهم مع بعض. "حالة الطبيعة" إذن هي حالة الحرية والمساواة التي يكون عليها الناس ينظمها "قانون الطبيعة" نفسه، الذي يرمي إلى "حفظ الجنس البشري وضمان سلامته والذي يؤول أمر تنفيذه إلى كل إنسان، قبل أن تقوم فيهم سلطة تحد من حقهم في ممارستهما -أعني الحرية والمساواة-. وقد شدد لوك بشكل خاص على حق المِلكية النابع من امتلاك الإنسان لنفسه وجسمه ومن ثم ثمار عمله.
رغم مانلاحظه من إختلاف بين منظري الحق الطبيعي في فهم الطبيعة الإنسانية وكذا حالة الطبيعة،إلا أنهم يتبعون نفس الإجراء المنهجي المتمثل في تجريد الإنسان من كل المحددات الثقافية والتاريخية من أجل استنباط حقوق محايثة لطبيعته؛ ثم إن هذا الإختلاف يتلاشى، لأن نظريات الحق الطبيعي تتحول في النهاية إلى نظرية للعقد الإجتماعي. لماذا؟
فحتى لو افترضنا مع روسو و لوك ضد هوبز بأن حالة الطبيعة حالة سلم ومساواة، فإنها تنقلب لامحالة إلى حالة من الفوضى والنزاع مما يحتم حسب لوك تأويل وتطبيق "قانون الطبيعة" بالصورة التي تضمن حقوق كل فرد، وهذا لا يتأتى إلا بـ "إقامة ضرب من الاتحاد بينهم يحمي شخص كل واحد منهم ويمكنه من ممارسة حقوقه ويسمح لكل منهم، وهو متحد مع الكل، بأن لا يخضع إلا لنفسه، وبالتالي يبقى متمتعا بالحرية الني كانت له من قبل". بيد أن هذا النزاع يتخد عند هوبز صفة شاملة هي" حرب الكل ضد الكل" التي لا مخرج منها إلا بتنازل الأفراد عن كل حقوقهم لأمير قوى يجمع بيده كل أسباب القوة من أجل أن يكفي الناس شر بعضهم البعض؛ في حين يراهن العقلاني اسبينوزا على الطبيعة العاقلة للإنسان ليستنبط منها مبادئ العقد الإجتماعي الجديد: فإذا كان البشر يسعون إلى جلب الأمان والمنفعة ، فإن مبادئ العقل كفيلة بتحقيق نفع حقيقي لهم، لأنها تحث على التوحد والنظام عوض التشتت، وذلك بنقل حق الفرد في كل شيء إلى الجماعة ومعاملة الآخرين بمثل مانحب أن نعامل به والمحافظة على حقهم كما لو كنا نحافظ على حقنا الخاص.
نخلص إلى القول مع لوك وروسو - ممثلا التأويلات الأكثر ديموقراطية للعقد الإجتماعي - بأن تنازل الناس عن حقوقهم للإرادة الجماعية، التي تجسمها الدولة، بموجب هذا العقد الاجتماعي، هو تنازل شكلي، الغاية منه إقرار الحق في الحرية والمساواة على أساس اجتماعي. أما القوانين التي تضعها هذه الأخيرة فهي إنما تكتسي شرعيتها من كونها تعبر عن الإرادة العامة للناس، وهي الإرادة التي تلتمس المصلحة المشتركة وتسعى إلى الخير العام . وهكذا تجد "حقوق الإنسان الطبيعية" مجال تحققها من خلال تحولها إلى "حقوق مدنية". بمعنى أن الإنسان - حسب السياسي الأمريكي طوماس بين - لم يلج الحالة الإجتماعية لكي تسوء أحواله أو لكي يتمتع بحقوق أقل من تلك التي كان يتمتع بها وإنما ولجها لتضمن له هذه الحقوق بشكل أكبر. وواضح أن الإحالة على "الطبيعة" هنا معناها تأسيس الحق على مرجعية سابقة على كل مرجعية تاريخية: فالطبيعة سابقة على كل ثقافة وحضارة، على كل مجتمع ودولة، وبالتالي ، فهي مرجعية كلية مطلقة، ومن ثَمّ فالحقوق التي تتأسس عليها هي حقوق كلية مطلقة كذلك.
يتبين مما سبق أن الحق قيمة مركبة شأنها شأن باقي القيم الأساسية التي تحكم الفاعلية البشرية: فهو طبيعي وثقافي، كوني ونسبي في نفس الوقت. طبيعي كوني لأنه يمس الماهية الإنسانية، ويخاطب الإنسان بما هو إنسان؛ وثقافي نسبي لأن بتحوله من فكرة ومبدأ إلى واقع معيش يتجذر في القيموالمؤسسات والتاريخ الخاص بهذا المجتمع أو ذاك.
نسبية الحق بنسبية مبادئه
رغم القوة النظرية والعملية التي تتمتع بها نظرية الحق الطبيعي، إلا أن البعض لايرى في مرجعية الطبيعة سوى مفهوم إفتراضي يفتقد إلى الإجماع حول مضمونه: إذ يبدو أن البشر عرفوا على الدوام أشكالا من التنظيم مَهْما كانت بدائية بسيطة، مما يشكك في مفهوم حالة الطبيعة الفرضية أصلا؛ إضافة إلى صعوبة تحديد محتوى الطبيعة الإنسانية الذي تعرض في القرن العشرين للمراجعة سواء من طرف العلوم الإنسانية أو الفلسفة الوجودية. مما يجعل الإجماع حول مبادئ عقلانية كونية أمرا مستبعدا، لأن هذه المبادئ نفسها تتجاهل المحددات الثقافية النسبية. ألا ينبغي بالأحرى الحديث عن الحق في بعده النسبي الثقافي؟
تأسيسا على هذه الملاحظات، لاترى الوضعية القانونية في أطروحة الحق الطبيعي سوى إنشاءات ميتافيزيقية لاتحقق شروط العلمية كما تفهمها الإبستملوجيا الوضعية الملتزمة بأحكام الواقع (ماهو كائن) لابأحكام القيمة (ماينبغي أن يكون). وهكذا فالحق عند هانز كيلسن مثلا لايستمد قوته ومصدره إلا من القوانين التي تبلوره وتحتم العمل به، لأن القانون يقول الحق تبعا للإختيارات والأولويات بما يعكس خصوصية المجتمع وتطوره التاريخي وبما يترجم موازين القوى داخل البنية الإجتماعية وهي موازين ديناميكية متغيرة بتغير التشكيلات الإجتماعية. ومن وجهة نظر فقه القانون والدراسة العلمية، فلا وجود لحق أو عدالة خارج القانون الوضعي الذي يوفر قوة الإلزام الضرورية لتحويل الحق إلى واقع معيش مستعينا بالمؤسسات التنفيذية والقضائية.
تترتب عن هذه المقاربة نتيجتان: الأولى هي إستبعاد كل حديث عن الحق في بعده الأخلاقي المثالي المُعوِّل على الإلتزام الذاتي للفرد، والحرص على ألا يدعي النص القانوني صفة الإطلاقية بإشهاره للصفة الأخلاقية. فالقانون والأخلاق دائرتان منفصلتان. لأن القانون نسق تراتبي من القواعد التي تستمد قيمتها من هذا النسق لا من مرجعية متعالية مفارقة؛ تترتب عن ذلك عضويا نتيجة ثانية، وهي استحالة المفاضلة بين الأنظمة القانونية، لعدم وجود معيار أسمى يسمح بالمفاضلة: فقد يعتبر أحدهم النظام الليبرالي عادلا والشيوعي ظالما إعتمادا على معيار الحرية الفردية، في حين يغدو النظام الليبيرالي ظالما والشيوعي عادلا من منظور الأمان الإجتماعي ! ولكن مالسبيل للمفاضلة بين الحرية والأمان الإجتماعي؟ لاسبيل للمفاضلة حسب كيلسن إلا اعتمادا على معايير سيكلوجية ذاتية لاتحظى بأي إجماع، إذ يصعب الإجماع على معايير بديهية للعدل والكرامة والحق.
هكذا يصبح الحق وضعيا متجذرا في الثقافة بمحدداتها الإجتماعية والإقتصادية والتاريخية، غير مطلق بل نسبي بنسبية هذه المحددات. ولكن إلى أي حد يمكن المضي في المطابقة بين الحق والقانون الوضعي، أي بين المشروع والقانوني؟ يرى ليو ستراوس أن رفض فكرة الحق الطبيعي يعني أن كل حق فهو وضعي من صنع المشرعين ومحاكم مختلف البلدان، لكن وجود قوانين وقرارات جائرة كقوانين المستعمر والطغاة، يلزم عنه وجود معيار للعدل والظلم يستقل عن الحق الوضعي ويسمح بتقييمه. وقديما أعلن شيشرون أنه ما لم يقم الحق على الطبيعة فإن جميع الفضائل ستتلاشى، لأننا لانملك قاعدة غير الطبيعة لتمييز حَسَنِ القوانين عن قبيحها.
الحق بين الإلزام والإلتزام
الحق والقوة:علاقات ملتبسة
إذا كان الفرد لايملك في حالة الطبيعة غير قوته الخاصة للدفاع عن حقوقه، فإنه يملك في حالة الإجتماع قوة الجماعة. هناك إذن إستمرار لعنصر القوة في الحالتين معا. ولكن إذا كانت القوة ظاهرة فيزيائية خارجية يسهل التعرف عليها، فإن الحق مبدأ داخلي عقلي فما هي ياترى طبيعة العلاقة بين الحق والقوة؟ هل قيام الحق ممكن بدون قوة؟ وهل القوة وحدها كافية لتسويغ الحق وتبريره؟
إن تدبير الطبيعة العدوانية للإنسان يقتضي في نظر هوبز أن تستجمع الدولة ( التنين) كل أسباب القوة لتكفي الناس شر بعضهم البعض. فالإجتماع الإنساني سلوك إضطراري نفعي وليس ميلا طبيعيا. وبذلك تستمر القوة أساسا للحق في حالتي الطبيعة والإجتماع. بيد أن علينا أن نعود إلى كتاب الجمهورية لأفلاطون لنعثر على دفاع واضح وتنظير صريح لحق القوة على لسان السوفسطائي غلوكون، حيث يعلن أن سيطرة القادر على غير القادر وإستئثار القوي بنصيب أكبر من نصيب الضعيف هو العدالة الطبيعية النموذجية، خصوصا وأن النظرة المتفحصة للطبيعة الإنسانية تكشف نزوعها الدفين للعمل بمقتضى حق القوة كلما أمكن ذلك. فما الإنسان بعادل بإرادته وإنما مكرها عند العجز ! والظلم يُرتكب كلما توفرت القدرة على إرتكابه كما تظهر ذلك أسطورة خاتم الراعي جيجيس. وقد تردد صدى هذا الموقف في الفلسفة المعاصرة عند نيتشه صاحب فلسفة إرادة القوة الذي يرى الإستغلال من صميم الحياة، ليس فعل مجتمع منحط غير كامل بل من صميم الطبيعة والحياة ومخلفات إرادة القوة في معناها الحق الذي هو إرادة الحياة أيضا !. ولعل هذا التشخيص هو الذي دفع ميكيافيلي في كتابه الأمير إلى تناول قضايا السياسة والحكم بعيدا عن أية اعتبارات أخلاقية طوباوية ناصحا الأمير بإنتهاج كل الوسائل من قوة ومكر للمحافظة على سلطانه.
لكن إلى أي حد يمكن الإكتفاء بالقوة لتأسيس أو تبرير الحق؟ في نص شهير من كتابه " العقد الإجتماعي" إنتقد روسو بشدة مفهوم حق القوة مبينا تناقضه النظري وإفلاسه العملي، فإذا كان لحياة إجتماعية أن تراعي الطبيعة النوعية للإنسان فلا بد أن تقوم على قوة الحق لا حق القوة. فهذا الأخير عارض زائل بزوال القوة التي تؤسسه ولن يكون القوي قويا دائما ليحافظ على إمتيازاته، بل إنه يقدم الدعوة والمبرر للآخرين للتنافس من أجل إمتلاك أسباب القوة، ولا حق للقوي في الإحتجاج إذا استطاع من هو أقوى منه أن يسلبه حقوقه، لأن هذا الأخير إنما طبق نفس المبدأ الذي كان سلفه يرفعه على الدوام. لقد قيل بأن قوة الفرد دليل على العناية والمباركة الإلاهية، فأجاب روسو: "إني أعترف أن القوة من الله، لكن المرض منه أيضا ! فهل يعني ذلك الإستسلام والإحجام عن الإستعانة بالطبيب؟"
بيد أن إفلاس مفهوم حق القوة يكمن بالخصوص في إهماله للطبيعة الأخلاقية للإنسان التي تحثه على الإمتثال طواعية للقوى المشروعة إنصاتا لصوت الواجب ، بينما يظل الإنصياع للقوة فعل ضرورة لا فعل إرادة وإختيار، فإذا كنت مجبرا على الخضوع فلست ملزما به، وحالما أمكن العصيان دون عقاب أمكن العصيان بصفة مشروعة. بناءا على هذا التحليل يؤسس روسو مفهوم العقد الإجتماعي المدشن لحالة التمدن حيث تحل الإرادة العامة محل إرادة الفرد، وقوة الحق محل حق القوة، وصوت الواجب محل صوت الإندفاع والهوى... وتلك أهم مكاسب حالة التمدن.
الواقع أن التحليل النظري يثبت إستقلالية الحق بمضمونه الأخلاقي عن القوة بمعناها الفيزيائي بينما يظهر الإستقراء الميداني صلتهما الوثيقة سواء في العلاقات الإجتماعية أو الدولية. وقد عبر باسكال عن هذا التداخل بقوله: " العدالة واهية بدون قوة، والقوة طاغية بدون عدالة. العدالة بدون قوة متجاوَزة، والقوة بدون عدالة متَّهَمة، لذلك يتعين إما أن نجعل العادل قويا أو القوي عادلا"
الحق: مبادئ أخلاقية أم نصوص قانونية
إن الحق لايعني فقط إستمتاع الذات بشيء، بل يعني أيضا إلزام الغير به مادامت حقوقي هي واجبات الغير نحوي وحقوقه هي واجباتي تجاهه. وبما أن مفهوم الواجب يوحي بمعاني الإكراه والإلزام، فكيف يمكن والحالة هذه أن نفهم العلاقة بين مايفرضه هذا الإلزام من قيود وضوابط وبين الحرية التي تتصدر مجمل الحقوق؟ كيف يكون الفرد خاضعا دون أن يفقد حريته؟ هل ينبغي للحق أن يستمد قوته من سلطة الإكراه أم من نداء الواجب؟ هل الحق إلزام أم إلتزام؟
الحق وواجباته عند روسو إلتزام لايتعارض أبدا مع حرية الإنسان، بل هو شرط وجودها وممارستها، والحرية المقصودة هنا هي الحرية الأخلاقية التي تجعل الإنسان سيد نفسه أما دافع الشهوة فهو الإستعباد بعينه، وبعبارة أخرى فالحرية كامنة في الإمتثال للقوانين التي نشرعها لأنفسنا، وعندما أخضع للجميع فأنا في الواقع لاأخضع لأي أحد، لأني ببساطة جزء من هذه الإرادة العامة التي أمتثل لها. وبهذا الإمتثال تكتسب الأفعال الإنسانية طابعا أخلاقيا إفتقدته في حالة الطبيعة، أي أن ميلاد الكائن الأخلاقي داخل الإنسان متزامن مع لحظة التعاقد وظهور سلوكيات الواجب والإلتزام.
لقد أستوحى كانط هذه الفكرة الروسوية القائلة بقدرة الكائنات البشرية على التشريع لنفسها، فجعلها أساس مذهبه الأخلاقي المتضمن في كتابه نقد العقل العملي. يقول كانط: " تسلك الكائنات الطبيعة وفق قوانين، بينما للموجودات العاقلة إرادة او قوة الفعل بناءا على تصور قانون". وبناءاً عليه إختزل كانط أسئلة الحق والفاعلية البشرية عموماً إلى سؤال أخلاقي: " كيف نستنبط من العقل العملي قواعد عامة وكونية لتوجيه السلوك بحيث لاتتعارض وحرية الإنسان مادام عقله العملي مصدرها ومُشرِّعها؟ ولم يجد كانط سوى حق واحد فطري يتمثل في حرية القيام بفعل خيِّر ضمن الحدود التي تتعايش فيها هذه الحرية مع حرية أي إنسان آخر وفق قانون كوني. فما هو محتوى هذا القانون الكوني الذي يرفع التعارض بين الطابع الإلزامي للحق وواجباته من جهة والحرية من جهة أخرى؟ يتجلى هذا القانون في ثلاث واجبات مطلقة: ينص أولها على أن يتصرف الفرد كما لو كان فردا ومشرعا في مملكة الإرادة؛ بينما ينص الواجب الثاني على أن يتصرف الفرد كما لو كان مبدأ تصرفه سيُتخد كقاعدة كونية للسلوك؛ أما الواجب الأخير فيقضي بأن نعامل الإنسانية في شخصنا كما في شخص غيرنا كغاية لا كمجرد وسيلة.
هكذا يرتفع التعارض بين الواجب والحرية عندما تكف مبادئ السلوك عن أن تكون صادرة من سلطة خارجية لتغدو نابعة من إرادة الذات وهي تشرع لنفسها غير مستجيبة سوى لضرورات العقل العملي والإرادة الخيِّرة. هل يعني ذلك غيابا تاما للإلزام؟ الواقع أن كانط يحرص على التمييز بين واجبات فضيلة تحددها الغايات النابعة من الذات وواجبات حق تفرضها تشريعات قضائية خارج الذات، والنمط الأخير هو حال الغالبية من الناس التي لاتستطيع إنتشال نفسها من إشراطات الحساسية والميول لترقى إلى مستوى العقل الكوني المشرِّع، إلا تحت طائلة العقوبات وأنواع الردع التي تمارسها مؤسسات المراقبة والعقاب وكذا التنشئة الإجتماعية وما تحدثه من إستدماج وتبطين للقيم والمعايير حتى يبدو اللاقانوني وكأنه لا أخلاقي.
إذن فالمقاربة الأخلاقية على النمط الكانطي غير كافية لرفع التعارض بين الإلزام والإلتزام، بين الواجب والحرية. إذ لابد للفلسفة الأخلاقية من فلسفة سياسية تقارب الحق في بعده السياسي المؤسساتي كما فعلت جاكلين ريس في تصورها لدولة الحق كصيغة عملية تجمع بين مقتضيات الحق الطبيعي والحق الوضعي، بين المبادئ الأخلاقية والآليات المؤسساتية.
إنها أولا دولة قانون وحق معا: دولة قانون لأن عملها خاضع لقواعد صريحة يمكن للأفراد أن يفرضوا إحترامها؛ وهي دولة حق لأن القانون الوضعي تابع للقانون الأخلاقي الذي يتخد الفرد كقيمة مقدسة، ومقياس لجميع القيم، بحيث يُعامل كغاية لا كمجرد وسيلة. وبسبب هذا التمييز بين الحق – في معناه الأخلاقي والطبيعي- والقانون في معناه الوضعي، فإن دولة الحق ليست صيغة جامدة نهائية، بل هي صيرورة وإبداع دائم للحرية، ولايمكن صيانة هذه المبادئ النظرية دون ميكانيزمات عملية أهمها فصل السلط بما يضمن ممارسة معقلنة للسلطة تحمي المواطن من شطط الممارسة الإعتباطية التابعة للمزاج والهوى.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:36
الغير
دلالات: الغير ذلك الأنا الذي ليس أنا
الإنسان كائن اجتماعي، واجتماعيته هذه تعني وتقتضي التفاعل مع الآخرين أي مع الغير. وإذا كان تفاعلي مع الأشياء وتمييز نفسي عنها لايكاد يطرح مشكلة، فالأمر خلاف ذلك فيما يخص الغير، لأنه ببساطة ذلك الشبيه المختلف : إنه شبيهي مادام يشاطرني كثيرا من الصفات العامة (الفيزيولوجية ،النفسية، السلوكية...)، لكنه لايفتأ يؤكد – ضمن هذا التشابه – اختلافه عني في مؤهلاته واختياراته ورغباته ومشاريعه ...
تقع هذه الإزدواجية في صلب أغلب الإشكالات الفلسفية للغير، فلقد عرفه سارتر: بأنه "الأخر، الأنا الذي ليس أنا " أي ذلك الوعي وتلك الذات المباينة، المنفصلة عن ذاتي ووعيي؟ كيف يمكن لذاتي أن تذرك وجود الذوات الأخرى؟ هل يمكن والحالة هذه إثبات وجود مثل هذه الذات (المفكرة حتما) بواسطة الأسلوب الديكارتي الشهير مثلا؟ ماعلاقة وجوده بوجودي؟ هل يرتبط ويتوفق وعيي بوجودي على وعيي بوجود الغير أم ينفصل ويستغني عنه؟
لنطرح قضية الغير بتجريد أقل: كيف يتبدى الغير لذاتي؟ كيف أعرف الغير؟ وهل هذه المعرفة ممكنة أصلا؟ إذا انطلقت من افتراض معرفتي لذاتي ولحالاتي النفسية الشعورية بواسطة إدراك ووعي باطني مباشر، فكيف السبيل لمعرفة الغير؟ ألا تحيله عملية المعرفة إلى موضوع وتنفيه كذات؟
ولنطرح القضية بتجريد أقل مما سبق: كيف أقرأ علاقاتي المختلفة بالغير؟ ألا تدلني هذه العلاقات من جهة، على امكانية التواصل والتماهي معه، كما في حالة الصداقة والصديق ؟ وعلى حقيقة الإنفصال والإختلاف الجذري واللاتواصل واللاتفاهم كما في حالةالغريب من جهة ثانية؟ وعليه ألا يثير الغير بسبب تماثله ومغايرته مشاعر الإحترام والإعتراف وأيضا الإقصاء والنفي؟ وباختصار:كيف أتعرف على غيرية الغير وكيف اقرؤها؟ !
إشكالية وجود الغير
عرف سارتر الغير: بأنه "الأخر، الأنا الذي ليس أنا " أي ذلك الوعي وتلك الذات المباينة، المنفصلة عن ذاتي ووعيي؟ كيف يمكن لذاتي أن تذرك وجود الذوات الأخرى؟ هل يمكن والحالة هذه إثبات وجود مثل هذه الذات (المفكرة حتما) بواسطة الأسلوب الديكارتي الشهير مثلا؟ ماعلاقة وجوده بوجودي؟ هل يرتبط ويتوفق وعيي بوجودي على وعيي بوجود الغير أم ينفصل ويستغني عنه؟
تنبيه: يمكن استثمار معطيات هذاالمحور لمعالجة قضايا واشكاليات عديدة: الغير كأنا آخر- مفهوم الوعي أو الذات المفكرة- علاقة أوضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الأنا- الوجود والإعتراف بالوجود- مكانة الغير في عالم الذات ...
يلاحظ أن وجود الغير يمثل بالنسبة للحس المشترك قضية بديهية مسلما بها. وكلما تماهينا مع الحس المشترك بداخلنا وافتقدنا الخاصية النقدية الإستفزازية للتفكير الفلسفي ،إلا وصعب علينا إدراك جوهر اشكالية وجود الغير ومكامن الصعوبة والتعقيد بداخلها. وفي الواقع فهذه اشكالية حديثة في تاريخ الفلسفة نفسه. وقد طرحت نفسها بحدة انطلاقا من الفلسفة الديكارتية: ذلك أن اكتشاف الذات كمصدر للحقيقة ومرجع للحكم قد فجر – ليس فقط اشكالية وجود العالم والأشياء – بل وإشكالية وجود الذوات الأخرى (الغير) أيضا: من المعروف أن إثبات وجود الذات أو مايعرف بالكوجيطو يأتي تتويجا لمغامرة الشك الشامل. إن الشك هو الحقيقة الأولى التي لانستطيع الشك فيها دون أن نؤكدها،والشك يكشف اذن عن وجود الذات وطبيعتها المفكرة. ولكن بما ان الكوجيطو ترجمة لوعي الذات بنشاطها المفكر وعيا مباشرا بواسطة حدس باطني، فهل يمكن استعمال الكوجيطو في غير ضمير المتكلم واستغلال قوته الإثباتية في إثبات وجود الغير كذات وأنا واعية؟ إن ديكارت وهو ملتزم بالحذر المنهجي وبأن لا يعلن قضية على أنها حق قبل اجتيازها اختبار الشك الصارم، يعلن أنه عندما ينظر من النافذة إلى الأسفل يحكم بأنه يرى أناسا يسيرون في الشارع رغم أنه لايدرك في الحقيقة غير قبعات ومعاطف قد تكون غطاءا لآلات تحركها لوالب !!وبالمثل فإن الإعلان عن وجود الغير كذات لايمكن النظر إليه إلا كاستدلال عقلي قائم على ملاحظة التماثل في الصفات بين الأنا والغير كالكلام والسلوك التلقائي الذكي..، ثم الإستنتاج بأنها تمظهرات دالة على وجود ذات مفكرة واعية يستحيل إدراكها مباشرة لأن ذلك مناقض لمعنى الوعي باعتباره حضور الذات إزاء نفسها. ولكن مالمشكلة في مثل هذا الإستدلال؟ على عكس حكم الحدس يظل حكم الإستدلال -ومن ثم وجود الغير- احتماليا مفترضا وجائزا لايبلغ درجة يقين وجود الأنا أفكر. نحن أمام مذهب فلسفي تنتهي نتائجه إلى "وحدانية الذات " التي لاتستطيع أن تجزم يقينا سوى بوجودها الخاص، وذلك بسبب تبنيها لمفهوم الوعي باعتباره تطابق الأنا مع ذاته.
<
لكن هل يمكن حقا لفعل الوعي أن يستغني عن حضور الغير والعلاقة به بشكل من الأشكال؟ هل يمكن لكائن ولموجود وحيد في عزلة انطلوجية مطلقة أن يعي ذاته ويشير إليها بضمير"أنا"؟
يتناول هيغل التركة الديكارتية من زاوية مغايرة: فالوعي ليس كيانا ميتافيزيقيا مجردا ثابتا أو معطى أوليا إنه بالأحرى كيان ينمو ويتطور في علاقته بما عداه من الأشياء (الطبيعية) أولآ ثم الغير(وعي الذات الأخرى) ثانيا. كيف ذلك؟ من المعروف أن المنطق الجدلي عند هيغل يؤكد على مبدأي التناقض والصيرورة التي تتجلّى بوضوح في العملية الثلاثية المستمرة : الأطروحة – النقيض – التركيب؛ وبعبارة أخرى فكل كائن يحمل بالضروة نقيضه كشرط لوجوده ومن ثم فالوعي يحمل بالضرورة نقيضه كعنصر سلب ونفي متمثل في ماسواه. يتخد هذا الأخير شكل الطبيعة أولا: فمن خلال تغييرها وترك آثار عليها واشباع الحاجات البيولوجية، يبدأ الوعي في اكتشاف نفسه
و"وعيها" ، لكن هذا الإكتشاف لايتجاوز درجة الإحساس المباشر بالذات التي تظل مع ذلك غارقة ومنغمسة في الطبيعة لكون رغباتها لاتتجاوز الرغبات الطبيعية، لكن هذا يدلنا على كل حال على أهمية"التوسط"في وعي الذات، وبعبارة أخرى لايمكن للوعي أن ينبثق من خلال العلاقة المباشرة للأنا بذاته بل عبر آخر يتوسط بينه وبين ذاته ولن يكون هذا الآخر في المرحلة التالية سوى الغير أو الذات الأخرى التي يتعين أن يكتشف الأنا نفسه فيها من خلال إعترافها به. هكذا ينتقل الأنا من الرغبة في شيء طبيعي إلى الرغبة في رغبة أخرى هي هذا الإعتراف الذي لايمنح بشكل سلمي لأنه إعتراف منشود من الطرفين معا. على ضوء هذا التحليل يقرأ هيغل علاقة أو "جدلية السيد والعبد" باعتبارها أول علاقة إنسانية مدشنة للتاريخ البشري: إنها علاقة فردين يغامران بحياتهما ويسموان فوق الطبيعة بدخولهما في صراع ينشد فيه كل طرف موت الآخر، بيد أن المنتصر في نهاية المطاف يبقي على حياة المنهزم لأن موته لايحقق الإعتراف المنشود. إن السيد والعبد وجهان لعملة واحدة هي وعي الذات: الأول وعي لذاته خالص، والثاني وعي تابع أو " وجود – من – أجل – الغير". صحيح أن علاقة الأنا بالغير لاتتخد دوما هذا الطابع الدراماتيكي، لكن الصراع الضمني أو المعلن يظل خاصيتها المؤسسة. لأن كل علاقة من هذا القبيل هي نشدان للإعتراف أو بالأحرى إنتزاع له.
تدفعنا المقاربة الهيغيلية إلى القول بأن وعي الذات يقتضي وعي الغير، وأن الأنا والغير ينبثقان من خلال علاقتهما وليس قبلها. ونضيف تأكيدا لضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الأنا حالة " الأطفال المتوحشين" الذين لاحظ إتيان مالصون أن بعضهم يشكو من ضعف أو غياب سيرورات الوعي بالذات كعدم التعرف على النفس في المرآة وعدم القدرة على الإحساس بالفخر والخجل... بسبب إفتقادهم طيلة طفولتهم إلى العلاقة مع الغير. إنها إذن علاقة ضرورية في سيرورة نمو الوعي وظهوره. ولنسأل أنفسنا أخيرا: هل يستطيع الواحد منا أن يعتبر نفسه ذكيا أو بليدا، ودودا أو حقودا، جميلا أو ذميما، بطلا أوجبانا... من غير أن نكون قد إستخلصنا ذلك من نظرة الغير أو شهادته؟
إشكالية معرفة الغير
تنبيه: يمكن استثمار المعطيات اللاحقة لمعالجة إشكالات موازية مثل: التواصل مع الغير، الإعتراف بالغير وإحترامه أو إقصاؤه، الغير والمشاركة الوجدانية، الغير كذات أو كموضوع، الإتصال والإنفصال بين الذوات...
لنطرح قضية الغير بتجريد أقل: كيف يتبدى الغير لذاتي؟ كيف أعرف الغير؟ وهل هذه المعرفة ممكنة أصلا؟ إذا انطلقت من افتراض معرفتي لذاتي ولحالاتي النفسية الشعورية بواسطة إدراك ووعي باطني مباشر، فكيف السبيل لمعرفة الغير؟ ألا تحيله عملية المعرفة إلى موضوع وتنفيه كذات؟
يبدو أن إثبات التلازم الجدلي بين الأنا والغير عند هيغل لايتم إلا من خلال الطابع الصراعي لعلاقتهما، أفلا يحضر هذا الطابع الصراعي أيضا على مستوى العلاقة المعرفية؟ إذا كنت في معرفتي لذاتي أؤكدها من خلال وعيي المباشر بحالاتي النفسية الداخلية، أفلا تعني معرفة الغير تحويله إلى موضوع ومن ثم نفيه كذات؟
تحيل العلاقة المعرفية على ذات وموضوع: ذات تمارس فعل المعرفة مكرسة بذلك حريتها وتلقائيتها وفعاليتها، وموضوع خاضع لشتى العمليات المعرفية كالإدراك والحكم والتصنيف أو حتى الشك والنفي. إنه إذن تحت رحمة الذات أو "الأنا أفكر"مجردا من صفات الذات كالتلقائية والحرية غارقا في العطالة كالأشياء. وهذا ماتؤكه على نحو ملموس تحليلات سارتر لتجربة الخجل الناجمة عن نظرة الغير: فقبل الخجل يتصرف الأنا في تطابق مع ذاته بحرية وتلقائية ،إنه مركز عالمه الداخلي، وما إن يحس الأنا حضور الغير من خلال نظرته،حتى تتجمد حريته وعفويته(التوتر-الإرتباك-الإحساس بالتفاهة ...) وينسحب من مركز عالمه إلى هامشه، وقد تحول إلى موضوع أو شيئ . يقول سارتر:"عندما ينظر إلى الغير فهو يفرض نفسه خارجا عني ليحولني إلى شيء : قادرا على تأويل سلوكي وإعطائه معنى قد لا يكون هو المعنى نفسه الذي أقصده، وبذلك أسقط تحت رحمته وسلطته ... "وذلك لأني أحس أن صورتي كما يراها الأخر مستقلة عني في وجودها كصورتي الفوتوغرافية، ويرجع سارتر الطبيعة التشييئية لعلاقة الأنا بالغير إلى أن هذا الأخير هو "لا- أنا" مما يعني السلب والنفي والإنفصال، هذاالإنفصال الذي تؤكده واقعة الإنفصال الأمبريقي بين جسمينا. وهكذا لايمكن للغير أن يتبدى لي(والعكس صحيح ) سوى كـــ"شيئ في ذاته" ولعل خير ما يلخص التصور السارتري السابق هو عبارته الشهيرة "الجحيم هم الأخرون ".
في نفس السياق القائل باستحالة أو على الأقل صعوبة معرفة الغير يندرج تصور غاستون بيرجي حول عزلة كل ذات داخل عالمها الخاص بسبب إستحالة التعبير عن العالم الحميمي للذات، عندما يقول: " إن ما هو خاص به، ما هو حميمي وما يميزني عن الأخرين يشكل أكبر عائق أمام كل محاولة للتواصل مع الغير: فأنا الوحيد الذي أملك روحي، لكني سجينها في نفس الوقت، وحتى عندما أرغب في الخروج منها للتواصل أفشل، لأن حركاتي وكلماتي ليست سوى تلميحات وإشارات إلى ما أحسه لكن الأخر المستمع لا يعيش هذا الإحساس ! إن ألم ومعاناة الأخرين هي التي تكشف عزلة الذوات على بعضها " .
هل يمكن و الحالة هذه أن نعلن إستحالة معرفة الغير وأن نجعل من الذوات جزرا وقلاعا حصينة مغلقة أو" مونادات " بتعبير لايبنز ؟ الواقع أن تحليلات فلسفية عديدة ترى غير ذلك: فهذا ميرلوبونتي يقوم بوصف فينومينولوجي لعملية التواصل ليستدل بها على إمكانية معرفة الغير معتبرا أن العلاقة مع الغير لا تحوله إلى موضوع وتنفيه. وأن النظرة لا تشيؤه إلا إذا كانت نظرة نافية لإنسانيته بإصرار مسبق: أي نظرة تفحص ومراقبة لا نظرة تفهم وتقبل (كنظرة الأم وهي تتابع مشجعة خطوات إبنها الأولى )، وإلا إذا آنسحبت كل ذات إلى طبيعتها المفكرة وتموقعت داخل تعالي الكوجيطو متخدة ما عداها مجرد موضوعات لعملياتها المعرفية. وبالمقابل فإن أبسط تجارب التواصل بعد صمت لا تنقل إلي بعض أفكار الغير وأصواته فحسب، بل وعالمه الذي كان يتبدى لي من قبل متعاليا غريبا منفصلا عن عالمي. إن التواصل يثبت أن الإختلاف والمغايرة بين الذوات ليست من نمط الإختلاف الطبيعي ( كذاك القائم بين شيئين: طاولة وكرسي حيث الهوة و الإنفصال) بل إختلاف إنساني لا يلغي التقاطع ضمن المجال "البينذاتي " المشترك . لهذا السبب لا يتحدث ميرلوبونتي عن المعرفة (connaissance) بل عن الإنبثاق المشترك (co-naissance ).
لكن الإقرار بإمكانية معرفة الغير لا يمنعني من البحث عن أنماط وطرائق هذه المعرفة، لأن التواصل يفترض وجود علامات، سنن وقنوات. وفي هذا الإطار يبدو كما لو أن معرفتنا بالغير قائمة على نوع من الإستدلال الضمني هو "الإستدلال بالمماثلة"، فإذا كانت حالة الخجل تترافق عندي مع احمرار الوجه، والألم مع البكاء وبعض الكلمات مع بعض المعاني أو المشاعر، فإني أسارع إلى تأويل احمرار الوجه كعلامة على خجل الغير،كما أنسب إلى كلماته المعاني والمشاعر المعهودة لدي ... وهكذا. إن معرفة الغير على هذا النحو قائم على افتراض أن الغير شبيه ومماثل للأنا، وأن العلامات الخارجية الصادرة عنه ( كلمات ،حركات، تعابير الوجه ... ) تترافق مع حالات نفسية داخلية معينة كما هو الحال لدى الذات ،إننا ببساطة لا نعرف الغير مباشرة، بل عبر وساطة ما يصدر عنه من علامات . غير أن تناول معرفة الغير على هذا النحو يطرح صعوبات واستحالات : فقد يظهر الغير خلاف ما يبطن قاطعا الصلة بين الحالة النفسية وعلاماتها المعهودة ، وقد تفشل التعابيرالخارجية (الكلمات مثلا ) في التصوير الدقيق لتلوينات المعاني والأحاسيس والمشاعر، بل هناك ماهو أكبر من ذلك: عندما أدرك وراء إحمرار وجه الغير خجله، فأي خجل أدرك بالضبط؟ ألا أستحضر هنا تجربة خجلي الخاصة لفهم خجل الغير؟ ألا أدرك إذن خجلي الخاص فحسب؟ إنني ألتقي هنا مجددا بذاتي أنا وليس بذات الغير مادمت أختزل خجل الغير إلى خجلي الذي سبق أن خبرته وعشته؟
إن معرفة الغير من خلال إستدلال المماثلة تنتهي إلى تناقضات كثيرة نعيها بدرجات مختلفة في حياتنا اليومية، لذلك يرى ماكس شيلر أنه لتجاوز هذه الصعوبات ،ينبغي تجاوز الخلفيات الميتافيزيقية للتحليل السابق الذي يتناول الغير من خلال ثنائيات النفس/ الجسم أو الظاهر / الباطن وإعتبار الغير كلية أو كلاّ موحدا لايقبل التجزئة والإنقسام ولا يحيل فيه ظاهر مادي (جسدي) على باطن أو عمق مستحيل المنال ، بل إن حقيقته وهويته مجسدتان فيه كما يظهر ويتجلى للأنا : إن حركات التعبير الجسدية لديه حاملة لمعناها ودلالاتها مباشرة كما تظهر. وينبغي التشديدعلى هذه الكلمة الأخيرة لأنها تدل على أن التحليل الظاهراتي أو الفينومينولوجي (أي وصف التجربة المعيشية مباشرة قبل خضوعها للمعالجة العقلية المجزئة ) يظهر أن معرفتنا للغير هي معرفة كلية مباشرة لا يمكن تجزيئها إلى عناصر ومراحل دون الإخلال بحقيقتها : فعندما أدرك فرح الغير ،فإني لا أدرك إبتسامته أولا منفصلة عن فرحه الداخلي الذي أستنتجه لاحقا، بل أدرك الأمرين معا ككلية متزامنة . ومما يدل على الطابع المباشر لعلاقتنا المعرفية بالغير ،قدرة الرضيع على التجاوب مع أمه والرد على إبتسامتها بابتسامة مماثلة مدركا مشاعر الأمان والحنان والتشجيع الكامنة خلفها وهو غير قادر بعد على القيام بأي نشاط أستدلالي معقد . ألا يشهد ذلك أن معرفتنا للغير تفترض نوعا من التعاطف والمشاركة الوجدانية بين الذوات . وهي مشاركة تبدو كمعطى شبه غريزي وكشرط لإندماج الكائن البشري ضمن جماعة الذوات الأخرى . وإذا استعملنا مصطلحات دلتاي سنقول بأن معرفة الغير تنتمي إلى مجال الفهم لا إلى مجال التفسير.
هكذا تبدو معرفة الغير أكثر تعقيدا مما يتصور الحس المشترك، بحيث تصدق هنا مقولة التوحيدي: " لقد أشكل الإنسان على الإنسان" وهو تعقيد يتزايد عندما نتأمل تعدد وجوه الغير.
وجوه الغير: الصداقة والغرابة
ولنطرح القضية بتجريد أقل مما سبق: كيف أقرأ علاقاتي المختلفة بالغير؟ ألا تدلني هذه العلاقات من جهة، على امكانية التواصل والتماهي معه، كما في حالة الصداقة والصديق ؟ وعلى حقيقة الإنفصال والإختلاف الجذري واللاتواصل واللاتفاهم كما في حالةالغريب من جهة ثانية؟ وعليه ألا يثير الغير بسبب تماثله ومغايرته مشاعر الإحترام والإعتراف وأيضا الإقصاء والنفي؟ وباختصار:كيف أتعرف على غيرية الغير وكيف اقرؤها؟ !
تنبيه: يمكن إستثمار المعطيات اللاحقة كنماذج تطبيقية وأمثلة ملموسة أثناء الإشتغال على إشكاليات متعلقة بوجود الغير أو معرفته.
ليست علاقتنا بالغير مجرد علاقة معرفية، بل هي علاقة مركبة: عاطفية، وجدانية، إقتصادية، سياسية... ولذلك لايمكن فهمها في المجرد والمطلق بل بالتخصيص والتمييز: إذ يختلف تناول إشكالية وجود الغير وعلاقته بالأنا أو معرفته أو أشكال التواصل معه أو إمكانية إحترامه أو نبذه... حسبما إذا كان هذا الغير صديقا أو غريبا مثلا.
من بين كل الأغيار، يمثل الصديق نموذجا لكل القيم الإيجابية، فلا عجب أن تكون لفظة الصداقة - في اللغة العربية- مشتقة من الصدق الذي يعني الحقيقة والقوة والكمال. بل لقد ذهب القديس أوغسطين إلى "أننا لانعرف أحدا إلا بواسطة الصداقة"، ذلك أنه مادام التواصل سبيلا للمعرفة بما يخلقه من مجال بينذاتي مشترك، فإن هذا المجال يبلغ أقصى درجات إتساعه في علاقة الصداقة. وإذا كانت كل علاقة للأنا بالغير هي – بطريقة ما- نشدان الإعتراف، فلربما كانت الصداقة من الأنماط العلائقية القليلة التي يمنح فيها هذا الإعتراف بشكل سلمي بإعتبارها علاقة ود وحب خالصين بعيدا عن كل نزوع نحو امتلاك المحبوب والإستحواذ عليه كملكية خاصة. ولعل مايميز الصداقة حسب كانط هو جمعها بين مطلبين يصعب الجمع بينهما: الحب بما يعنيه من إقتراب وتماه والإحترام بما يعنيه من إبتعاد وتقدير.
ولكن أي نوع من الصداقة هذا الذي يحقق هذه الشروط؟ فالصداقة ثلاث أنواع حسب أرسطو: صداقة المتعة حيث الجامع شيء أو موضوع للمتعة المشتركة؛ صداقة المنفعة حيث الرابط هو المنفعة المتبادلة ثم الصداقة الحقيقية: صداقة الفضيلة التي تقوم على حب الخير لذاته وللأصدقاء، دون أن تلغي إمكانية حضور المتعة والفائدة كنتيجتين لاكغايتين. وقد ذهب أرسطو إلى حد القول بأن الصديق الجدير بهذا الإسم هو ذاك الذي إن خاطبته كدت تقول : " ياأنا " من حيث أنه " إنسان هو أنت، لكنه بالشخص غيرك". وبعبارة أخرى، فإننا نعثر في الصديق على ذاتنا لما بيننا من تشابه وتطابق. لكن هل نحن فعلا نصادق الصديق لأنه شبيهنا كما ذهب إلى ذلك ايضا أنبادوقليد؟ اما لأنه ضدنا ونقيضنا كما ذهب إلى ذلك هرقليط؟.
لقد فحص أفلاطون في محاورة ليزيس كلا الإحتمالين واستبعدهما و انتهى إلى أن الصداقة علاقة محبة و ميل ورغبة متبادلة بين الغير و الأنا أساسها حالة وجودية وسط بين الكمال المطلق (الخير الأقصى)و النقص المطلق (الشر الأقصى)، لأن الخير مكتف بذاته مستغن بكماله عن غيره، و من يتصف بالشر و النقص المطلقين لايجد في نفسه الرغبة ولا الحاجة بل و لا يجد القدرة على إدراك الخير والكمال وطلبهما. إذن فأساس الصداقة هو إنطواء كل كائن على مبدإ نقص و عدم كفاية. لكن علينا بالمقابل أن نستحضر على الدوام أن الصديق يظل غيرا مهما بلغة درجة التطابق و التماهي أي يظل دوما غير قابل جزئيا إلى أن يرد أو يختزل إلى الأنا وكل محاولة لفهمه تترك دوما بقية من عدم الفهم مما يجعل الصداقة تفاهما و وفاقا مستمرين غير محدودين. إنها "الغيرية الجذرية" بتعبير "غيوم و بودريار" . ذلك إذن هو الغير عندما يتخذ وجه الصديق. فلنر الآن وجها آخر على الطرف النقيض وهو
الغريب. إذا كان الصديق عنوانا للثقة و المعرفة و الإقتراب و الإحترام فإن الغير يبدو للوهلة الأولى عنوانا للحذر، للمجهول، للنكرة، للإبتعاد والإقصاء. لكن من هو الغريب تحديدا؟ إنه مفهوم زئبقي لأنه يتحدد دوما كغريب بالنسبة لجماعة مرجعية ما؛ إنه ذلك الذي لا يشاطر أعضاء الجماعة مرجعيتهم المشتركة، ذلك الذي يجر خلفه ثقافة مغايرة مجهولة، إنه الدخيل بكل بساطة، وباعتباره كذلك فقد نظر إليه عبر التاريخ كمسؤول عن كل شرور المدينة أو الجماعة والذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة. إن هذا الموقف الإقصائي حاضر بقوة في كل مكان بدءا من ساكن المدينة الذي يعتبر نفسه "مدينيا" أصيلا محملا جميع مشاكل المدينة إلى هؤلاء الغرباء "البدو" القادمين من البعيد، وصولا إلى الخطابات السياسية القائمة على كراهية الأجنبي المهاجر و ضرورة طرده كحل للأزمات ... . لماذا و هل ينبغي أن يكون الغريب دائما إسما مستعارا للحقد و الإقصاء؟
تقوم سيكولوجية الجماعة على تطابق الأنا أو الذوات الفردية مع النحن/الجماعة انطلاقا من آليات معقدة للتنشئة الإجتماعية، مع اعتقاد راسخ في الطابع الخالص لهوية الجماعة و ثقافتها. مما يسهل على أفراد الجماعة التعرف على بعضهم و استبعاد كل غريب و آخر، وهنا تتساءل الفرنسية ذات الأصل البلغاري "جوليا كريستيفا": ألا تحمل كل جماعة غريبها في ذاتها قبل قدوم الغريب الأجنبي؟ و ذلك عندما يشعر أفرادها بالرغبة في التمرد على روابط و قيم جماعتهم ووضعها موضع تساؤل و تشكك أو عندما لايستطيعون العثور على "أناهم" من خلال "نحن" الجماعة. وهل هناك جماعة ذات هوية خالصة تبرر استبعاد العناصر الأجنبية عنها؟ ما الهوية المغربية مثلا؟ أليست مزيجا من هويات أمازيغية ،افريقية، عربية، إسلامية، اندلسية، غربية...واللائحة طويلة. إذا فالغريب أو الآخر ليس سوى ذلك الجزء أو القوة الخفية لهويتنا التى نحاول انكارها باستمرار بحثا عن نقاء خالص موهوم. ثم ألا تحمل الذات الفردية بدورها غريبها في ذاتها متمثلا في ذلك الجزء المجهول – اللاشعور – الذي لايكاد الأنا يعلمه أو يعيه.
كخلاصة، ماذا ينبغي أن يعني الغريب بالنسبة إلى الأنا؟ إنه يحيل كل هوية فردية أو جماعية إلى هوية إشكالية وربما مستحيلة. والأهم من ذلك – كما تقول كريستيفا – فإننا عندما نتعرف على الغريب في ذاتنا، نوفر على أنفسنا أن نبغضه في ذاته فنتخد حياله موقف الحوار والتسامح عوض العداء والإقصاء.
أطروحة الأنا/ الذات في مقابل الآخر/ المختلف تفرض ثباتًا حيث لا ثبات، وتستدعي ترسانة من المفاهيم والتوابع ظلت تنسب الشر إلى جهة متحيزة، ورسمت له – وللخير بالتالي - صورة بدائية بسيطة، وفي الحقيقة أن مفهوم الخير والشر أعمق من هذا وأكثر تركيبًا. وعليه فإننا نعتقد أن الفصل المتوهم بين "أنا" ثابتة محددة متبلورة، و"آخر" له نفس الثبات والتحديد والتبلور، نحسبه فصلاً متعسفًا، لايمكن تجاوزه إلا بشك مستمر في الذات/ الهوية. ليس بهدف السقوط في نوع من الوسواس أو الفصام، ولكن لنرى الذات منزلة من منازل الآخر، ونرى الآخر منزلة من منازل الذات في دورة واحدة دائمة ودائبة لا تتوقف، ولا تنفصل فيها منزلة عن منزلة إلا إلى حين،. وفي إطار نفس التصور يمكن أن نرى "الهوية" كحالة متحركة دينامية لا تكف عن التشكل والتبلور، والتداخل والتشابك، والانكماش والتمدد الداخلي، وهذا مخالف للهوية كمادة صلبة تتراكم طبقاتها أو تنكسر تحت الضغوط.
الهوية كائن حي ينمو ويتنفس، ويكتسب خبرة وثراء بالتفاعل والتنوع، ويختنق بالعتمة والقيود، والانغلاق والتضييق، ولو كانت كلها مبررات حسنة النية، وتدابير حماية. وإذا كان التقدم التاريخي للبشرية قد تم بفضل تفاعل ثقافات مختلفة في الهجرات والمبادلات والحروب... حيث تلاقي الذات الغير والمختلف، فإن السلوك المطلوب – حسب ليفي شتروس- تجاه ثقافة الآخر والتي هي مصدر غرابته هو الشعور بالعرفان والتواضع ومحاولة المعرفة والفهم بدل النبذ والتجاهل والإقصاء.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:37
الغير
دلالات: الغير ذلك الأنا الذي ليس أنا
الإنسان كائن اجتماعي، واجتماعيته هذه تعني وتقتضي التفاعل مع الآخرين أي مع الغير. وإذا كان تفاعلي مع الأشياء وتمييز نفسي عنها لايكاد يطرح مشكلة، فالأمر خلاف ذلك فيما يخص الغير، لأنه ببساطة ذلك الشبيه المختلف : إنه شبيهي مادام يشاطرني كثيرا من الصفات العامة (الفيزيولوجية ،النفسية، السلوكية...)، لكنه لايفتأ يؤكد – ضمن هذا التشابه – اختلافه عني في مؤهلاته واختياراته ورغباته ومشاريعه ...
تقع هذه الإزدواجية في صلب أغلب الإشكالات الفلسفية للغير، فلقد عرفه سارتر: بأنه "الأخر، الأنا الذي ليس أنا " أي ذلك الوعي وتلك الذات المباينة، المنفصلة عن ذاتي ووعيي؟ كيف يمكن لذاتي أن تذرك وجود الذوات الأخرى؟ هل يمكن والحالة هذه إثبات وجود مثل هذه الذات (المفكرة حتما) بواسطة الأسلوب الديكارتي الشهير مثلا؟ ماعلاقة وجوده بوجودي؟ هل يرتبط ويتوفق وعيي بوجودي على وعيي بوجود الغير أم ينفصل ويستغني عنه؟
لنطرح قضية الغير بتجريد أقل: كيف يتبدى الغير لذاتي؟ كيف أعرف الغير؟ وهل هذه المعرفة ممكنة أصلا؟ إذا انطلقت من افتراض معرفتي لذاتي ولحالاتي النفسية الشعورية بواسطة إدراك ووعي باطني مباشر، فكيف السبيل لمعرفة الغير؟ ألا تحيله عملية المعرفة إلى موضوع وتنفيه كذات؟
ولنطرح القضية بتجريد أقل مما سبق: كيف أقرأ علاقاتي المختلفة بالغير؟ ألا تدلني هذه العلاقات من جهة، على امكانية التواصل والتماهي معه، كما في حالة الصداقة والصديق ؟ وعلى حقيقة الإنفصال والإختلاف الجذري واللاتواصل واللاتفاهم كما في حالةالغريب من جهة ثانية؟ وعليه ألا يثير الغير بسبب تماثله ومغايرته مشاعر الإحترام والإعتراف وأيضا الإقصاء والنفي؟ وباختصار:كيف أتعرف على غيرية الغير وكيف اقرؤها؟ !
إشكالية وجود الغير
عرف سارتر الغير: بأنه "الأخر، الأنا الذي ليس أنا " أي ذلك الوعي وتلك الذات المباينة، المنفصلة عن ذاتي ووعيي؟ كيف يمكن لذاتي أن تذرك وجود الذوات الأخرى؟ هل يمكن والحالة هذه إثبات وجود مثل هذه الذات (المفكرة حتما) بواسطة الأسلوب الديكارتي الشهير مثلا؟ ماعلاقة وجوده بوجودي؟ هل يرتبط ويتوفق وعيي بوجودي على وعيي بوجود الغير أم ينفصل ويستغني عنه؟
تنبيه: يمكن استثمار معطيات هذاالمحور لمعالجة قضايا واشكاليات عديدة: الغير كأنا آخر- مفهوم الوعي أو الذات المفكرة- علاقة أوضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الأنا- الوجود والإعتراف بالوجود- مكانة الغير في عالم الذات ...
يلاحظ أن وجود الغير يمثل بالنسبة للحس المشترك قضية بديهية مسلما بها. وكلما تماهينا مع الحس المشترك بداخلنا وافتقدنا الخاصية النقدية الإستفزازية للتفكير الفلسفي ،إلا وصعب علينا إدراك جوهر اشكالية وجود الغير ومكامن الصعوبة والتعقيد بداخلها. وفي الواقع فهذه اشكالية حديثة في تاريخ الفلسفة نفسه. وقد طرحت نفسها بحدة انطلاقا من الفلسفة الديكارتية: ذلك أن اكتشاف الذات كمصدر للحقيقة ومرجع للحكم قد فجر – ليس فقط اشكالية وجود العالم والأشياء – بل وإشكالية وجود الذوات الأخرى (الغير) أيضا: من المعروف أن إثبات وجود الذات أو مايعرف بالكوجيطو يأتي تتويجا لمغامرة الشك الشامل. إن الشك هو الحقيقة الأولى التي لانستطيع الشك فيها دون أن نؤكدها،والشك يكشف اذن عن وجود الذات وطبيعتها المفكرة. ولكن بما ان الكوجيطو ترجمة لوعي الذات بنشاطها المفكر وعيا مباشرا بواسطة حدس باطني، فهل يمكن استعمال الكوجيطو في غير ضمير المتكلم واستغلال قوته الإثباتية في إثبات وجود الغير كذات وأنا واعية؟ إن ديكارت وهو ملتزم بالحذر المنهجي وبأن لا يعلن قضية على أنها حق قبل اجتيازها اختبار الشك الصارم، يعلن أنه عندما ينظر من النافذة إلى الأسفل يحكم بأنه يرى أناسا يسيرون في الشارع رغم أنه لايدرك في الحقيقة غير قبعات ومعاطف قد تكون غطاءا لآلات تحركها لوالب !!وبالمثل فإن الإعلان عن وجود الغير كذات لايمكن النظر إليه إلا كاستدلال عقلي قائم على ملاحظة التماثل في الصفات بين الأنا والغير كالكلام والسلوك التلقائي الذكي..، ثم الإستنتاج بأنها تمظهرات دالة على وجود ذات مفكرة واعية يستحيل إدراكها مباشرة لأن ذلك مناقض لمعنى الوعي باعتباره حضور الذات إزاء نفسها. ولكن مالمشكلة في مثل هذا الإستدلال؟ على عكس حكم الحدس يظل حكم الإستدلال -ومن ثم وجود الغير- احتماليا مفترضا وجائزا لايبلغ درجة يقين وجود الأنا أفكر. نحن أمام مذهب فلسفي تنتهي نتائجه إلى "وحدانية الذات " التي لاتستطيع أن تجزم يقينا سوى بوجودها الخاص، وذلك بسبب تبنيها لمفهوم الوعي باعتباره تطابق الأنا مع ذاته.
<
لكن هل يمكن حقا لفعل الوعي أن يستغني عن حضور الغير والعلاقة به بشكل من الأشكال؟ هل يمكن لكائن ولموجود وحيد في عزلة انطلوجية مطلقة أن يعي ذاته ويشير إليها بضمير"أنا"؟
يتناول هيغل التركة الديكارتية من زاوية مغايرة: فالوعي ليس كيانا ميتافيزيقيا مجردا ثابتا أو معطى أوليا إنه بالأحرى كيان ينمو ويتطور في علاقته بما عداه من الأشياء (الطبيعية) أولآ ثم الغير(وعي الذات الأخرى) ثانيا. كيف ذلك؟ من المعروف أن المنطق الجدلي عند هيغل يؤكد على مبدأي التناقض والصيرورة التي تتجلّى بوضوح في العملية الثلاثية المستمرة : الأطروحة – النقيض – التركيب؛ وبعبارة أخرى فكل كائن يحمل بالضروة نقيضه كشرط لوجوده ومن ثم فالوعي يحمل بالضرورة نقيضه كعنصر سلب ونفي متمثل في ماسواه. يتخد هذا الأخير شكل الطبيعة أولا: فمن خلال تغييرها وترك آثار عليها واشباع الحاجات البيولوجية، يبدأ الوعي في اكتشاف نفسه
و"وعيها" ، لكن هذا الإكتشاف لايتجاوز درجة الإحساس المباشر بالذات التي تظل مع ذلك غارقة ومنغمسة في الطبيعة لكون رغباتها لاتتجاوز الرغبات الطبيعية، لكن هذا يدلنا على كل حال على أهمية"التوسط"في وعي الذات، وبعبارة أخرى لايمكن للوعي أن ينبثق من خلال العلاقة المباشرة للأنا بذاته بل عبر آخر يتوسط بينه وبين ذاته ولن يكون هذا الآخر في المرحلة التالية سوى الغير أو الذات الأخرى التي يتعين أن يكتشف الأنا نفسه فيها من خلال إعترافها به. هكذا ينتقل الأنا من الرغبة في شيء طبيعي إلى الرغبة في رغبة أخرى هي هذا الإعتراف الذي لايمنح بشكل سلمي لأنه إعتراف منشود من الطرفين معا. على ضوء هذا التحليل يقرأ هيغل علاقة أو "جدلية السيد والعبد" باعتبارها أول علاقة إنسانية مدشنة للتاريخ البشري: إنها علاقة فردين يغامران بحياتهما ويسموان فوق الطبيعة بدخولهما في صراع ينشد فيه كل طرف موت الآخر، بيد أن المنتصر في نهاية المطاف يبقي على حياة المنهزم لأن موته لايحقق الإعتراف المنشود. إن السيد والعبد وجهان لعملة واحدة هي وعي الذات: الأول وعي لذاته خالص، والثاني وعي تابع أو " وجود – من – أجل – الغير". صحيح أن علاقة الأنا بالغير لاتتخد دوما هذا الطابع الدراماتيكي، لكن الصراع الضمني أو المعلن يظل خاصيتها المؤسسة. لأن كل علاقة من هذا القبيل هي نشدان للإعتراف أو بالأحرى إنتزاع له.
تدفعنا المقاربة الهيغيلية إلى القول بأن وعي الذات يقتضي وعي الغير، وأن الأنا والغير ينبثقان من خلال علاقتهما وليس قبلها. ونضيف تأكيدا لضرورة وجود الغير بالنسبة لوجود الأنا حالة " الأطفال المتوحشين" الذين لاحظ إتيان مالصون أن بعضهم يشكو من ضعف أو غياب سيرورات الوعي بالذات كعدم التعرف على النفس في المرآة وعدم القدرة على الإحساس بالفخر والخجل... بسبب إفتقادهم طيلة طفولتهم إلى العلاقة مع الغير. إنها إذن علاقة ضرورية في سيرورة نمو الوعي وظهوره. ولنسأل أنفسنا أخيرا: هل يستطيع الواحد منا أن يعتبر نفسه ذكيا أو بليدا، ودودا أو حقودا، جميلا أو ذميما، بطلا أوجبانا... من غير أن نكون قد إستخلصنا ذلك من نظرة الغير أو شهادته؟
إشكالية معرفة الغير
تنبيه: يمكن استثمار المعطيات اللاحقة لمعالجة إشكالات موازية مثل: التواصل مع الغير، الإعتراف بالغير وإحترامه أو إقصاؤه، الغير والمشاركة الوجدانية، الغير كذات أو كموضوع، الإتصال والإنفصال بين الذوات...
لنطرح قضية الغير بتجريد أقل: كيف يتبدى الغير لذاتي؟ كيف أعرف الغير؟ وهل هذه المعرفة ممكنة أصلا؟ إذا انطلقت من افتراض معرفتي لذاتي ولحالاتي النفسية الشعورية بواسطة إدراك ووعي باطني مباشر، فكيف السبيل لمعرفة الغير؟ ألا تحيله عملية المعرفة إلى موضوع وتنفيه كذات؟
يبدو أن إثبات التلازم الجدلي بين الأنا والغير عند هيغل لايتم إلا من خلال الطابع الصراعي لعلاقتهما، أفلا يحضر هذا الطابع الصراعي أيضا على مستوى العلاقة المعرفية؟ إذا كنت في معرفتي لذاتي أؤكدها من خلال وعيي المباشر بحالاتي النفسية الداخلية، أفلا تعني معرفة الغير تحويله إلى موضوع ومن ثم نفيه كذات؟
تحيل العلاقة المعرفية على ذات وموضوع: ذات تمارس فعل المعرفة مكرسة بذلك حريتها وتلقائيتها وفعاليتها، وموضوع خاضع لشتى العمليات المعرفية كالإدراك والحكم والتصنيف أو حتى الشك والنفي. إنه إذن تحت رحمة الذات أو "الأنا أفكر"مجردا من صفات الذات كالتلقائية والحرية غارقا في العطالة كالأشياء. وهذا ماتؤكه على نحو ملموس تحليلات سارتر لتجربة الخجل الناجمة عن نظرة الغير: فقبل الخجل يتصرف الأنا في تطابق مع ذاته بحرية وتلقائية ،إنه مركز عالمه الداخلي، وما إن يحس الأنا حضور الغير من خلال نظرته،حتى تتجمد حريته وعفويته(التوتر-الإرتباك-الإحساس بالتفاهة ...) وينسحب من مركز عالمه إلى هامشه، وقد تحول إلى موضوع أو شيئ . يقول سارتر:"عندما ينظر إلى الغير فهو يفرض نفسه خارجا عني ليحولني إلى شيء : قادرا على تأويل سلوكي وإعطائه معنى قد لا يكون هو المعنى نفسه الذي أقصده، وبذلك أسقط تحت رحمته وسلطته ... "وذلك لأني أحس أن صورتي كما يراها الأخر مستقلة عني في وجودها كصورتي الفوتوغرافية، ويرجع سارتر الطبيعة التشييئية لعلاقة الأنا بالغير إلى أن هذا الأخير هو "لا- أنا" مما يعني السلب والنفي والإنفصال، هذاالإنفصال الذي تؤكده واقعة الإنفصال الأمبريقي بين جسمينا. وهكذا لايمكن للغير أن يتبدى لي(والعكس صحيح ) سوى كـــ"شيئ في ذاته" ولعل خير ما يلخص التصور السارتري السابق هو عبارته الشهيرة "الجحيم هم الأخرون ".
في نفس السياق القائل باستحالة أو على الأقل صعوبة معرفة الغير يندرج تصور غاستون بيرجي حول عزلة كل ذات داخل عالمها الخاص بسبب إستحالة التعبير عن العالم الحميمي للذات، عندما يقول: " إن ما هو خاص به، ما هو حميمي وما يميزني عن الأخرين يشكل أكبر عائق أمام كل محاولة للتواصل مع الغير: فأنا الوحيد الذي أملك روحي، لكني سجينها في نفس الوقت، وحتى عندما أرغب في الخروج منها للتواصل أفشل، لأن حركاتي وكلماتي ليست سوى تلميحات وإشارات إلى ما أحسه لكن الأخر المستمع لا يعيش هذا الإحساس ! إن ألم ومعاناة الأخرين هي التي تكشف عزلة الذوات على بعضها " .
هل يمكن و الحالة هذه أن نعلن إستحالة معرفة الغير وأن نجعل من الذوات جزرا وقلاعا حصينة مغلقة أو" مونادات " بتعبير لايبنز ؟ الواقع أن تحليلات فلسفية عديدة ترى غير ذلك: فهذا ميرلوبونتي يقوم بوصف فينومينولوجي لعملية التواصل ليستدل بها على إمكانية معرفة الغير معتبرا أن العلاقة مع الغير لا تحوله إلى موضوع وتنفيه. وأن النظرة لا تشيؤه إلا إذا كانت نظرة نافية لإنسانيته بإصرار مسبق: أي نظرة تفحص ومراقبة لا نظرة تفهم وتقبل (كنظرة الأم وهي تتابع مشجعة خطوات إبنها الأولى )، وإلا إذا آنسحبت كل ذات إلى طبيعتها المفكرة وتموقعت داخل تعالي الكوجيطو متخدة ما عداها مجرد موضوعات لعملياتها المعرفية. وبالمقابل فإن أبسط تجارب التواصل بعد صمت لا تنقل إلي بعض أفكار الغير وأصواته فحسب، بل وعالمه الذي كان يتبدى لي من قبل متعاليا غريبا منفصلا عن عالمي. إن التواصل يثبت أن الإختلاف والمغايرة بين الذوات ليست من نمط الإختلاف الطبيعي ( كذاك القائم بين شيئين: طاولة وكرسي حيث الهوة و الإنفصال) بل إختلاف إنساني لا يلغي التقاطع ضمن المجال "البينذاتي " المشترك . لهذا السبب لا يتحدث ميرلوبونتي عن المعرفة (connaissance) بل عن الإنبثاق المشترك (co-naissance ).
لكن الإقرار بإمكانية معرفة الغير لا يمنعني من البحث عن أنماط وطرائق هذه المعرفة، لأن التواصل يفترض وجود علامات، سنن وقنوات. وفي هذا الإطار يبدو كما لو أن معرفتنا بالغير قائمة على نوع من الإستدلال الضمني هو "الإستدلال بالمماثلة"، فإذا كانت حالة الخجل تترافق عندي مع احمرار الوجه، والألم مع البكاء وبعض الكلمات مع بعض المعاني أو المشاعر، فإني أسارع إلى تأويل احمرار الوجه كعلامة على خجل الغير،كما أنسب إلى كلماته المعاني والمشاعر المعهودة لدي ... وهكذا. إن معرفة الغير على هذا النحو قائم على افتراض أن الغير شبيه ومماثل للأنا، وأن العلامات الخارجية الصادرة عنه ( كلمات ،حركات، تعابير الوجه ... ) تترافق مع حالات نفسية داخلية معينة كما هو الحال لدى الذات ،إننا ببساطة لا نعرف الغير مباشرة، بل عبر وساطة ما يصدر عنه من علامات . غير أن تناول معرفة الغير على هذا النحو يطرح صعوبات واستحالات : فقد يظهر الغير خلاف ما يبطن قاطعا الصلة بين الحالة النفسية وعلاماتها المعهودة ، وقد تفشل التعابيرالخارجية (الكلمات مثلا ) في التصوير الدقيق لتلوينات المعاني والأحاسيس والمشاعر، بل هناك ماهو أكبر من ذلك: عندما أدرك وراء إحمرار وجه الغير خجله، فأي خجل أدرك بالضبط؟ ألا أستحضر هنا تجربة خجلي الخاصة لفهم خجل الغير؟ ألا أدرك إذن خجلي الخاص فحسب؟ إنني ألتقي هنا مجددا بذاتي أنا وليس بذات الغير مادمت أختزل خجل الغير إلى خجلي الذي سبق أن خبرته وعشته؟
إن معرفة الغير من خلال إستدلال المماثلة تنتهي إلى تناقضات كثيرة نعيها بدرجات مختلفة في حياتنا اليومية، لذلك يرى ماكس شيلر أنه لتجاوز هذه الصعوبات ،ينبغي تجاوز الخلفيات الميتافيزيقية للتحليل السابق الذي يتناول الغير من خلال ثنائيات النفس/ الجسم أو الظاهر / الباطن وإعتبار الغير كلية أو كلاّ موحدا لايقبل التجزئة والإنقسام ولا يحيل فيه ظاهر مادي (جسدي) على باطن أو عمق مستحيل المنال ، بل إن حقيقته وهويته مجسدتان فيه كما يظهر ويتجلى للأنا : إن حركات التعبير الجسدية لديه حاملة لمعناها ودلالاتها مباشرة كما تظهر. وينبغي التشديدعلى هذه الكلمة الأخيرة لأنها تدل على أن التحليل الظاهراتي أو الفينومينولوجي (أي وصف التجربة المعيشية مباشرة قبل خضوعها للمعالجة العقلية المجزئة ) يظهر أن معرفتنا للغير هي معرفة كلية مباشرة لا يمكن تجزيئها إلى عناصر ومراحل دون الإخلال بحقيقتها : فعندما أدرك فرح الغير ،فإني لا أدرك إبتسامته أولا منفصلة عن فرحه الداخلي الذي أستنتجه لاحقا، بل أدرك الأمرين معا ككلية متزامنة . ومما يدل على الطابع المباشر لعلاقتنا المعرفية بالغير ،قدرة الرضيع على التجاوب مع أمه والرد على إبتسامتها بابتسامة مماثلة مدركا مشاعر الأمان والحنان والتشجيع الكامنة خلفها وهو غير قادر بعد على القيام بأي نشاط أستدلالي معقد . ألا يشهد ذلك أن معرفتنا للغير تفترض نوعا من التعاطف والمشاركة الوجدانية بين الذوات . وهي مشاركة تبدو كمعطى شبه غريزي وكشرط لإندماج الكائن البشري ضمن جماعة الذوات الأخرى . وإذا استعملنا مصطلحات دلتاي سنقول بأن معرفة الغير تنتمي إلى مجال الفهم لا إلى مجال التفسير.
هكذا تبدو معرفة الغير أكثر تعقيدا مما يتصور الحس المشترك، بحيث تصدق هنا مقولة التوحيدي: " لقد أشكل الإنسان على الإنسان" وهو تعقيد يتزايد عندما نتأمل تعدد وجوه الغير.
وجوه الغير: الصداقة والغرابة
ولنطرح القضية بتجريد أقل مما سبق: كيف أقرأ علاقاتي المختلفة بالغير؟ ألا تدلني هذه العلاقات من جهة، على امكانية التواصل والتماهي معه، كما في حالة الصداقة والصديق ؟ وعلى حقيقة الإنفصال والإختلاف الجذري واللاتواصل واللاتفاهم كما في حالةالغريب من جهة ثانية؟ وعليه ألا يثير الغير بسبب تماثله ومغايرته مشاعر الإحترام والإعتراف وأيضا الإقصاء والنفي؟ وباختصار:كيف أتعرف على غيرية الغير وكيف اقرؤها؟ !
تنبيه: يمكن إستثمار المعطيات اللاحقة كنماذج تطبيقية وأمثلة ملموسة أثناء الإشتغال على إشكاليات متعلقة بوجود الغير أو معرفته.
ليست علاقتنا بالغير مجرد علاقة معرفية، بل هي علاقة مركبة: عاطفية، وجدانية، إقتصادية، سياسية... ولذلك لايمكن فهمها في المجرد والمطلق بل بالتخصيص والتمييز: إذ يختلف تناول إشكالية وجود الغير وعلاقته بالأنا أو معرفته أو أشكال التواصل معه أو إمكانية إحترامه أو نبذه... حسبما إذا كان هذا الغير صديقا أو غريبا مثلا.
من بين كل الأغيار، يمثل الصديق نموذجا لكل القيم الإيجابية، فلا عجب أن تكون لفظة الصداقة - في اللغة العربية- مشتقة من الصدق الذي يعني الحقيقة والقوة والكمال. بل لقد ذهب القديس أوغسطين إلى "أننا لانعرف أحدا إلا بواسطة الصداقة"، ذلك أنه مادام التواصل سبيلا للمعرفة بما يخلقه من مجال بينذاتي مشترك، فإن هذا المجال يبلغ أقصى درجات إتساعه في علاقة الصداقة. وإذا كانت كل علاقة للأنا بالغير هي – بطريقة ما- نشدان الإعتراف، فلربما كانت الصداقة من الأنماط العلائقية القليلة التي يمنح فيها هذا الإعتراف بشكل سلمي بإعتبارها علاقة ود وحب خالصين بعيدا عن كل نزوع نحو امتلاك المحبوب والإستحواذ عليه كملكية خاصة. ولعل مايميز الصداقة حسب كانط هو جمعها بين مطلبين يصعب الجمع بينهما: الحب بما يعنيه من إقتراب وتماه والإحترام بما يعنيه من إبتعاد وتقدير.
ولكن أي نوع من الصداقة هذا الذي يحقق هذه الشروط؟ فالصداقة ثلاث أنواع حسب أرسطو: صداقة المتعة حيث الجامع شيء أو موضوع للمتعة المشتركة؛ صداقة المنفعة حيث الرابط هو المنفعة المتبادلة ثم الصداقة الحقيقية: صداقة الفضيلة التي تقوم على حب الخير لذاته وللأصدقاء، دون أن تلغي إمكانية حضور المتعة والفائدة كنتيجتين لاكغايتين. وقد ذهب أرسطو إلى حد القول بأن الصديق الجدير بهذا الإسم هو ذاك الذي إن خاطبته كدت تقول : " ياأنا " من حيث أنه " إنسان هو أنت، لكنه بالشخص غيرك". وبعبارة أخرى، فإننا نعثر في الصديق على ذاتنا لما بيننا من تشابه وتطابق. لكن هل نحن فعلا نصادق الصديق لأنه شبيهنا كما ذهب إلى ذلك ايضا أنبادوقليد؟ اما لأنه ضدنا ونقيضنا كما ذهب إلى ذلك هرقليط؟.
لقد فحص أفلاطون في محاورة ليزيس كلا الإحتمالين واستبعدهما و انتهى إلى أن الصداقة علاقة محبة و ميل ورغبة متبادلة بين الغير و الأنا أساسها حالة وجودية وسط بين الكمال المطلق (الخير الأقصى)و النقص المطلق (الشر الأقصى)، لأن الخير مكتف بذاته مستغن بكماله عن غيره، و من يتصف بالشر و النقص المطلقين لايجد في نفسه الرغبة ولا الحاجة بل و لا يجد القدرة على إدراك الخير والكمال وطلبهما. إذن فأساس الصداقة هو إنطواء كل كائن على مبدإ نقص و عدم كفاية. لكن علينا بالمقابل أن نستحضر على الدوام أن الصديق يظل غيرا مهما بلغة درجة التطابق و التماهي أي يظل دوما غير قابل جزئيا إلى أن يرد أو يختزل إلى الأنا وكل محاولة لفهمه تترك دوما بقية من عدم الفهم مما يجعل الصداقة تفاهما و وفاقا مستمرين غير محدودين. إنها "الغيرية الجذرية" بتعبير "غيوم و بودريار" . ذلك إذن هو الغير عندما يتخذ وجه الصديق. فلنر الآن وجها آخر على الطرف النقيض وهو
الغريب. إذا كان الصديق عنوانا للثقة و المعرفة و الإقتراب و الإحترام فإن الغير يبدو للوهلة الأولى عنوانا للحذر، للمجهول، للنكرة، للإبتعاد والإقصاء. لكن من هو الغريب تحديدا؟ إنه مفهوم زئبقي لأنه يتحدد دوما كغريب بالنسبة لجماعة مرجعية ما؛ إنه ذلك الذي لا يشاطر أعضاء الجماعة مرجعيتهم المشتركة، ذلك الذي يجر خلفه ثقافة مغايرة مجهولة، إنه الدخيل بكل بساطة، وباعتباره كذلك فقد نظر إليه عبر التاريخ كمسؤول عن كل شرور المدينة أو الجماعة والذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة. إن هذا الموقف الإقصائي حاضر بقوة في كل مكان بدءا من ساكن المدينة الذي يعتبر نفسه "مدينيا" أصيلا محملا جميع مشاكل المدينة إلى هؤلاء الغرباء "البدو" القادمين من البعيد، وصولا إلى الخطابات السياسية القائمة على كراهية الأجنبي المهاجر و ضرورة طرده كحل للأزمات ... . لماذا و هل ينبغي أن يكون الغريب دائما إسما مستعارا للحقد و الإقصاء؟
تقوم سيكولوجية الجماعة على تطابق الأنا أو الذوات الفردية مع النحن/الجماعة انطلاقا من آليات معقدة للتنشئة الإجتماعية، مع اعتقاد راسخ في الطابع الخالص لهوية الجماعة و ثقافتها. مما يسهل على أفراد الجماعة التعرف على بعضهم و استبعاد كل غريب و آخر، وهنا تتساءل الفرنسية ذات الأصل البلغاري "جوليا كريستيفا": ألا تحمل كل جماعة غريبها في ذاتها قبل قدوم الغريب الأجنبي؟ و ذلك عندما يشعر أفرادها بالرغبة في التمرد على روابط و قيم جماعتهم ووضعها موضع تساؤل و تشكك أو عندما لايستطيعون العثور على "أناهم" من خلال "نحن" الجماعة. وهل هناك جماعة ذات هوية خالصة تبرر استبعاد العناصر الأجنبية عنها؟ ما الهوية المغربية مثلا؟ أليست مزيجا من هويات أمازيغية ،افريقية، عربية، إسلامية، اندلسية، غربية...واللائحة طويلة. إذا فالغريب أو الآخر ليس سوى ذلك الجزء أو القوة الخفية لهويتنا التى نحاول انكارها باستمرار بحثا عن نقاء خالص موهوم. ثم ألا تحمل الذات الفردية بدورها غريبها في ذاتها متمثلا في ذلك الجزء المجهول – اللاشعور – الذي لايكاد الأنا يعلمه أو يعيه.
كخلاصة، ماذا ينبغي أن يعني الغريب بالنسبة إلى الأنا؟ إنه يحيل كل هوية فردية أو جماعية إلى هوية إشكالية وربما مستحيلة. والأهم من ذلك – كما تقول كريستيفا – فإننا عندما نتعرف على الغريب في ذاتنا، نوفر على أنفسنا أن نبغضه في ذاته فنتخد حياله موقف الحوار والتسامح عوض العداء والإقصاء.
أطروحة الأنا/ الذات في مقابل الآخر/ المختلف تفرض ثباتًا حيث لا ثبات، وتستدعي ترسانة من المفاهيم والتوابع ظلت تنسب الشر إلى جهة متحيزة، ورسمت له – وللخير بالتالي - صورة بدائية بسيطة، وفي الحقيقة أن مفهوم الخير والشر أعمق من هذا وأكثر تركيبًا. وعليه فإننا نعتقد أن الفصل المتوهم بين "أنا" ثابتة محددة متبلورة، و"آخر" له نفس الثبات والتحديد والتبلور، نحسبه فصلاً متعسفًا، لايمكن تجاوزه إلا بشك مستمر في الذات/ الهوية. ليس بهدف السقوط في نوع من الوسواس أو الفصام، ولكن لنرى الذات منزلة من منازل الآخر، ونرى الآخر منزلة من منازل الذات في دورة واحدة دائمة ودائبة لا تتوقف، ولا تنفصل فيها منزلة عن منزلة إلا إلى حين،. وفي إطار نفس التصور يمكن أن نرى "الهوية" كحالة متحركة دينامية لا تكف عن التشكل والتبلور، والتداخل والتشابك، والانكماش والتمدد الداخلي، وهذا مخالف للهوية كمادة صلبة تتراكم طبقاتها أو تنكسر تحت الضغوط.
الهوية كائن حي ينمو ويتنفس، ويكتسب خبرة وثراء بالتفاعل والتنوع، ويختنق بالعتمة والقيود، والانغلاق والتضييق، ولو كانت كلها مبررات حسنة النية، وتدابير حماية. وإذا كان التقدم التاريخي للبشرية قد تم بفضل تفاعل ثقافات مختلفة في الهجرات والمبادلات والحروب... حيث تلاقي الذات الغير والمختلف، فإن السلوك المطلوب – حسب ليفي شتروس- تجاه ثقافة الآخر والتي هي مصدر غرابته هو الشعور بالعرفان والتواضع ومحاولة المعرفة والفهم بدل النبذ والتجاهل والإقصاء.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:39
الذاكـــــــــــــــرة و التخيل
مقدمة :
يتجه الانسان وينزع الى معرفة ما يدور حوله أي الى العالم الخارجي و بما ان شخصيته متطورة عبر الزمن اذ يعيش الانسان حاضره انطلاقا من ماضيه و متجها نحو يمكنه اذا في معرفته للعالم الحارجي ان يستغني عن خبراته و تجاربه السابقة كما لا يمكنه صد نفسه عن التفكير و التنبؤ بما قد يحصل له غدا .
اذا فالانسان يستعمل لتحصيل معارفه و خبراته ملكتان و وظيفتان عقليتان هما الذاكرة و التخيل .
تعريف الذاكرة :
يعرفها "لالاند" :( انها وظيفة نفسية تقوم على استعادة حالة شعورية ماضية من حيث هي كذلك)
و بالتالي فالذاكرة هي وظيفة و قدرة عقلية تسترجع صور الماضي في الحاضر أي بما يمكن من الاستفادة من خبراتنا الماضيةالسابقة
من تعريفات الذاكرة منها ما يركز على الطبيعة العامة للذاكرة و على بعض مراحل عملها كما في تعريف " سوكولوف" للذاكرة من وجهة نظر المعلومات "هي الاحتفاظ بمعلومات عن اشارة بعد ان يكون تاثير هذه الاشارة قد توقف "
و منها ما يهتم بخصوصية الذاكرة البشرية في مستوياتها الراقية كما جاء في تعريف "بتقليد": "هي ذاكرة المفاهيم و التعميمات و الكلمات "
تثبيث الذكريات :
تتبث وفق عوامل متعددة موضوعية و ذاتية
*عوامل موضوعية : الشدة ، التكرار، البروز، الفهم
*عوامل ذاتية : فيزيولوجية ، نفسية ،شخصية
انواع التذكر :
*تذكر عقلي ( ايرادي ):و يكون هذا التذكر من بعد التفكير أي انه يتجه نحو المخزون بالمدى الطويل أي انه لايتم استرجاع الذكريات الا من بعد القيام بعمليات فكرية كالاستدلال و المقارنة و ربط العلاقات كربط الاسباب بمسبباتها فهذا النوع من التذكر يمكن القول بان له خطوتان هما التعرف على الموضوع من بعد تفكير ثم استدعاء مخزون الذاكرة و هذا النوع من التذكر الذي تستعمل فيه القوى العقلية يبرع فيه العلماء و المفكرون .
*تذكر عفوي ( لا ايرادي):و هو خطور الذكريات الى ساحة الشعور من دون التفكير اوبدل جهد لان هناك عوامل تساعد على هذا الخطور :1-عامل التشابه
2-الاقتران /3-التضاد
طبيعة الذكريات
اختلف الفلاسفة في تحديد طبيعة الذاكرة فردها بعضهم الى:
المادة يعني انها عضوية :
قامت هذه النظرية في تفسير الذاكرة على انها من طبيعة مادية على اساس النتائج التي توصل اليها العالم في القرن 19 خاصة نتائج الفيزياء و الى انالبيولوجيا و الكيمياء و البيولوجيا . فسر المفكرون الذاكرة انها من طبيعة عضوية مركزها الدماغ معتمدين في ذلك على اعمال بعض العلماء امثال "بروك " الذي اكتشف ان بعض الامراض التي تصيب الذاكرة حدثث بسبب تلف ذماغي مثل مرض الحبسة لذلك توصل الفرنسي "ريبو " الى ان الذكريات هي انطباعات تترك لها اثرا على قشور الذماغ و متى زال ذلك الاثر زالت الذكريات يقول " ريبو ": ( الذاكرة فيزيولوجية ماهية بالعرض)
نقد: لم يفرق انصار هذه النظرية بين الذاكرة و العادة كما انها لا يمكن انهم لا يمكن ان يفسرواوفق ما توصلو اليه عودة الذكريات و عدم تلاشيها بالرغم من فقدان الذاكرة
*نفسية : هذا ما ذهب اليه "برغسون" الذي ينظر الى الذاكرة نظرة ثنائية و يرى انها نوعان ذاكرة بيولوجية حركية و ذاكرة نفسية روحية الاولى مرتبطة بالبدن و هي تظهر في شكل عادتالية ومحتواه يشمل الانشطة الحركية المكتسبة و قوامها الاعادة و التكرار و هي تتلخص في العادات المكتسبة اما الذاكرة الثانية فهي ذاكرة الصور النفسية الانها تمثل الماضي و تستحضره في الوقت نفسه
نقد: بالغ " برغسون" في فصله بين ما هو نفسي و ما هو حركي كما انه لم يبين اين توجد الذاكرة كيفية حفظ الذكريات او استرجاعها.
*اجتـماعية : لقد تناول بعض الفلاسفة الذاكرة و درسوها من زاوية اجتماعية لان الفرد في نظرهم ليس حقيقة اجتماعية لان الفرد في نظرهم ليس حقيقة مستقلة عن المجتمع بل ان كل فرد هو عضو في الجماعة التي ينتمي اليها و معنى ان الذاكرة اجتماعية ذلك ان الانسان فرد من المجتمع و الحوادث التي يمر بها و الاطر الاجتماعية من عادات و تقاليد.......الخ يشترك فيها الفرد مع غيره من افراد من نفس المجتمع فالعقل الجمعي حسب "دوركايم" هو الذي يسير و وظائفه النفسية بما فيها الذاكرة و احسن من بين هذه الاطر الاجتماعية للذاكرة في كتابه "الاطر الاجتماعية للذاكرة اذ يقول : "عندما اتذكر فان الغير هوالذي يدفعني الى ذلك فذاكرتي تعتمد على ذاكرته و ذاكرته تعتمد على ذاكرتي "
*نقد: صحيح ان المجتمع هو من يدفع الافراد الى التذكر و بدون المجتمع لسنا بحاجة الى الذاكرة و لكن ليس معناه ان جميع ذكرياتنا مع الغير فالفرد رغم كونه جزءا من المجتمع الا ان له خصوصياته
الاستنتاج:
الذاكرة من طبيعة نفسية فهي ملكة سيكولوجية ( نفسية)تتاثر بعوامل اجتماعية و عضوية
.................................................. .......
التخيل :
بختلف الانسان عن سائر المخلوقات كونه يعيش ثلاثة ابعاد فهو يعيش حاضره و يتذكر ماضيه و هذا الماضي او الحاضر اذ لم يعجبه يقوم بتحريك خياله و يبني و يبدع في هذا الماضي او الجاضر و من هذا نقول ان التخيل هو قدرة الفكر على استحضار الاشياء و الصور و تركيبها تركيبا حرا في الذهن ابن سينا يعرف التخيل انه" القدرة على التصرف في الصور بالتحليل و التركيب " اما" لالاند" فقد عرف التخيل انه :" التخيل ملكة تركيب ما ليس واقعيا " و نستنتج من التعريف ان التخيل يختلف عن الذاكرة لانه لايدل على استرجاع الماضي بتفاصيله و هو قد يتعلق بالمستقبل كما يختلف عن الادراك لان مدار الادراك محصور في الواقع بينما التخيل يتجاوز الواقع .
*انواع التخيل :** التمثيلي: وهو التخيل الذي يتم فيه استرجاع الصور و تمثيلهاذلك انه استرجاع شبيه بالذاكرة الحسية و هذا النوع من التخيل هو استرجاع الصور دون ملابساتهاالزمانية و المكانية و هذا التخيل نستعمله في الصور المتشكلة من الانطباعات الحسية .
** الابداعي: و فيه يتم تركيب صور بشكل لا واقعي و بدلالات مبتكرة و يصاحب هذا النوع من التخيل التيقظ الذهني و الفاعلية الشديدة للفكر.
**شوط الابداع: ** شروط اجتماعية( موضوعية): ان المجتمع هو من يصنع المبدعين لذلك يرى "دوركايم" ان الافراد هم صنيعة المجتمع فحاجة الانسان الى الماكلو الملبس هي التي دفعت الانسان الى الابداع اذ لا يمكن تصور بحوث و من تمت ابداعات في غياب المشكلات فالحاجة ام الاختراع.
**نقد: لو سلمنا بهذا الموقف لكان كل افراد المجتمع مبدعين بينما يتبث ان القلة القليلة لا لا يستحسن ابداعات المبدعين اذ لا تعرف قيمتها الا بمرور الزمن .
** الشروط النفسية ( الذاتية ): فالانسان المبدع موهوب بالفطرة ملهم تتداعى عليه الافكار بشكل تلقائي كما انه على حد التعبير"ريبو": بانه من اهم شروط الابداع الطابع النفسي أي ان كل عمل ابداعي يتضمن عناصر وحدانية فدات المبدعين ونفسيتهم كلها تلعب دورا في ظهور الابداعات .
**نقد: لماذا بعض الموهوبين و حتى العباقرة لا يستطيعون الابداع في غيرها فهدا دليل على اهمية البيئة الاجتماعية .
** الاستنتاج**:
لحصول الابداع في شتى الميادينيجب ان تتوفر الموهبة و القدرة الذاتية و التي يشجعها وينميها المجتمع.
*** الخلاصة***: لا يعيش الانسان مطلق الحاضر ذلك انه لايحتاج في فهمه و التكيف معه في خبراته الماضية "الذاكرة" كما يحتاج الى قدرة تمكنه من التعامل مع الواقع ضمن طابع وجداني أي اما بتجميل هذا الواقع او بتشنيعه و هذا لايتاتىالا بالتخيل فالانسان حتى يدرك العالم الخارجي الاكلا الوظيفتين رغم ما يظهرمن اختلاف بينهماذلك ان الذاكرة تاخد طابع الماضي في الوقت الذي لا يعترف فيه التخيل او الزمان او المكان فالعلاقة بينهما جدلية تجعلهما في تفاعل دائم من اجل تحقيق تكيف الانسان مع واقعه.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:40
هل العادة تدل على التكيف والإنسجام أم أنها تؤدي إلى إنحراف في السلوك
المقدمة:
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع العالم الخارجي بما فيه من أشياء مادية ترمز إلى الوسط الطبيعي وأفراد يشكلون المحيط الإجتماعي . يتجلى ذلك في سلوكات منها المكتسبة بالتكرار وهذا ما يعرف بالعادة , فإذا كنا أمام موقفين متعارضينأحدهما يربط العادة بالسلوك الإيجابي والأخر يصفها بالإنحراف فالمشكلة المطروحة :
هل العادة تدل على التكيف والإنسجام أم أنها تؤدي إلى إنحراف في السلوك ؟
التحليل :
عرض الاطروحة الاولى:
يرى أصحاب هذه الأطروحة أن تعريف العادة يدل على أنها ظاهرة إيجابية أنها توفر لصاحبها الجهد والوقت والمقارنة بين شخصين أحدهما مبتدئ والآخر متعود على عمل ما يثبت ذلك,( كالمتعود على استخدام جهاز الإعلام الآلي ) تراه ينجز عمله في أسرع وقت مع إتقان عمله كما وكيفا .
وتظهر إيجابيات العادة على المستوى العضوي فالعادة الحركية تسهل حركة الجسم وهذا واضح في قول آلان " العادة تمنح الجسم الرشاقة والمرونة " . ومن الأمثلةالتي توضح إيجابيات العادة أن مكارم الأخلاق وكظم الغيظ إنما تنتج عن التكرار .
لذلك أطلق عليها علماء الإجتماع مصطلح العادات الأخلاقية . ليس هذا فقط بل هناك عادات فكرية مثل التعود على منهجية معالجة مقالة فلسفية أو تمرين في الرياضيات, وملخص هذه الأطروحة أن التكيف مع العالم الخارجي يرتبط بالعادة ولولاها لكان الشيء الواحد يستغرق الوقت بأكمله لذلك قال مودسلي :" لولا العادة لكان في قيامنا بوضع ملابسناوخلعها ، يستغرق نهاراكاملا "
النقد:
إن طبيعة الإنسان ميالة إلى الأفعال السهلة التي لا جهد فيها لذلك ترى كفة الأفعال السيئة أرجح من كفة الأفعال الإيجابية.
عرض الأطروحة الثانية :
ترى هذه الأطروحة أن العادة وظيفتها سلبية على جميعالمستويات فهي تنزع من الإنسان إنسانيته وتفرغه من المشاعر وكما قال برودوم " جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههم بشرا وبحركاتهم آلات"[/COLOR] . ومن الأمثلة التوضيحية أن المجرم المتعود على الإجرام لا يشعر بالألم الذي يلحق ضحاياه . وعلى المستوى النفسي ,العادة تقيد حركة الإنسان وتقتل فيه روح المبادرة, وكلما تحكمت العادة في الإنسان نقصت وتقلصت حريته واستقلاله في القرار . وخلاصة هذه الأطروحة أن العادة تعيق التكيف حيث يخسر الإنسان الكثير من قواه الجسدية والعقلية وكماقال روسو " خير عادة للإنسان ألا يألف عادة"
النقد:
إذا كان للعادة سلبيات فإن لها أيضا إيجابيات.
التركيب :
لا شك أن هناك في الحياة عادات يجب أن نأخذها ونتمسك بها ، وأن هناك عادات يجب تركها . فالذي يحدد إيجابية أو سلبية العادة هو الإنسان . وكما قال شوفاليي " العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها " . ومن الحكمة التحلي بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادت الفاسدة وفق قانون التحلية والتخلية وهذا واضح في قول توين "[COLOR="Red"] لا يمكن التخلص من العادة برميهامن النافذة وإنما يجعلها تنزل السلم درجة درجة". [/COLORوصاحب الإرادة هو من يفعل ذلك .
الخاتمة :
ومجمل القول أن العادة أحد أنواع السلوك الناتجة عن تكرار الفعل،وقد تبين لنافي مقالنا أن هناك من أرجع التكيف مع العالم الخارجي إلى العادات الفاضلة , وهناك من نظر إلى العادة نظرة سلبية بإعتبار المساوئ التي جلبتها إلى الإنسان وكمخرج منالمشكلة المطروحة نستنتج:
العادة قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية حسب توظيف الإنسان لها.
ام ايمان16
2011-04-21, 16:47
أدعية للمداكرين فقط
اللهم إني أسالك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بدكرك وقلوبنا بخشيتك وأسرارنا بطاعتك إنك على كل شيئ قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل ....
اللهم إفتح لي أبواب حكمتك وانشر علي رحمتك وامنن علي بالحفظ والفهم سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
ربي إشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
الإستحضار الأول الدرس.
اللهم استودعك ما اتعلمه فارده إلي عند حاجتي إليه ولا تنسينه يارب العالمين .
بعد المداكرة .
اللهم إني أستودعك ماقرأت وما حفظت وما تعلمت فرده إلي عند حاجتي إليه انك على كل شئ قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عند التوجه إلى الإمتحان.
اللهم إني توكلت عليك وسلمت أمري إليك ولامنجى ولا ملجأ إلا إليك.
عند دخول اللجنة.
ربي أدخلني مدخل الصدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
اللهم يا سامع الصوت و يا كاسي اللحم عضاما بعد الموت اعتق رقابنا من النار اللهم وفقنا و ارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم لا سهلا الا ما جعلته سهلاو انت تجعل الحزن اذا شئت سهلا اتمني من صميم قلبي النجاح لي و للجميع امين ادعو معي اخوتي في الله اختكم في الله
ام ايمان16
2011-04-21, 20:49
هل تتحقق العادلة الإجتماعية في ضل التفاوت أم المساواة؟؟؟
مقدمة: (طرح المشكلة):الإنسان بحكم طبيعته الإجتماعية والإنسانية لا يكتفي بذاته بل يحتاج إلى غيره أنه يتبادل معهم المشاعر والأفكار والأشياء من منطلق أنه كائن أخطائي وجدير بالبيان أن العدل هو أشرف القيم الأخلاقية غير أن تطبيقه في أرض الواقع إلى تناقض غير الآراء بين أطروحة التفاوت والمساواة وهنا يحق لنا طرح المشكلة من خلال التساؤل التالي: هل يا ترى العدالة الإجتماعية الحقة تبنى على مبدأ التفاوت أم المساواة؟؟
التحليل: (محاولة حل المشكلة):
عرض الأطروحة الأولى: يرى أنصار التفاوت بزعامة أفلاطون والكسيس كاربل أن العدالة الإجتماعية يكمن شرطها في إحترام التفاوت بين الناس وقصدوا ذلك التفاوت في التركيبة العضوية والقدرات العقلية والأدوار الإجتماعية وبيان ذلك أن الناس يختلفون بالولادة في قدراتهم ومواهبهم الجسمية والعقلية فمنهم الضعيف ومنهم القوي ومنهم الذكي ومنهم الغبي. فمن الظلم أن نبوئ الغبي أو الغير الكفء منصبا إداريا ممتازا يتوقف عليه نظام بعض الشؤون الإجتماعية أو غيرها وبالتالي منحه مقابل ذلك جراءات وإمتيازات عالية. تعود هذه الأطروحة إلى أفلاطون الذي رأى أن العدالة تتحدد بإعتبارها فضيلة تنضاف إلى فضائل ثلاث هي: العفة والشجاعة والحكمة. فالعدالة حسب هذا الأخير هي أن يؤدي كل فرد الوظيفة المناسبة لقواه العقلية والجسدية والنفسية وهي تتحقق على مستوى النفوس حيث يحدث إنسجام بين القوى الشهوائية والعقلية لدى الإنسان فالضامن الوحيد لتحقيق العدالة هو الدولة التي تملك سلطة القانون ولذلك قال في كتابه الجمهورية: "يتحقق العدل في المجتمع عندما تقوم كل طبقة بالأدوار المنوطة بها والمتناسبة مع مواهبها" وفي العصر الحديث نظر الجراح الفرنسي (ألكسيس كاريل) إلى العدالة الإجتماعية من منظور علمي حيث رأى أن النظام الطبيعي مبني على فكرة الطبقات البيولوجية وهي ضرورية لخلق توازن غذائي وتوازن بيئي والنظام الإجتماعي العادل هو الذي يحترم التفاوت قال في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): "في الأصل ولد الرقيق رقيقا والسادة سادة حقا واليوم يجب ألا يبقى الضعفاء صناعيا في مراكز الثروة والقوة... لا مفر من أن تصبح الطبقات الإجتماعية مرادفة للطبقات البيولوجية" وحجته في ذلك أن هذا النظام يسمح لأصحاب المواهب من الإرتقاء في السلم الإجتماعي سواء الذين يمتلكون القدرات البدنية أو العقلية ومن الأنظمة الإقتصادية الحديثة التي جعلت من التفاوت أساسا لتحقيق العدالة الظام الرأسمالي لأن التفاوت يكرس الحرية ويشجع المنافسة ويسمح بفتح المبادرات الفردية ويوسع مجال الإبداع يقول آدم سميث "دع الطبيعة تعمل ما تشاء" وفي تفسير ذلك قال في كتابه(بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم): "المصلحة العامة متضمنة في المصلحة الخاصة والتنافس شرط العدالة الإجتماعية" إذ لا يجب مساواة الفرد العبقري المبدع بالفرد العادي الساذج. ولا العامل المجد البارع بالعامل الكسول الخامل, بل لا بد من الإعتراف بهذا التفاوت وتشجيعه لأن ذلك يبعث على الجهد والعمل.
النقد: من حيث الشكل نلاحظ أن هذه الأطروحة ركزت على مبدأ التفاوت وتجاهلت مبدأ المساواة ومن حيث المضمون نرد عليهم بأن الواقع يثبت أن الناس يختلفون في قدراتهم العقلية والجسمية لكن هذا ليس مبررا يجعل التفاوت مبدأ ضروريا لتحقيق العدالة لأنه يول الطبقية والإستغلال والتمييز العنصري وكل ذلك يتنافى مع روح العدالة ومع القيم الإنسانية والأخلاقية.
عرض الأطروحة الثانية: على النقيض من الأطروحة الأولى يرى بعض الفلاسفة والعلماء أن العدالة الإجتماعية الحقة يجب أن تتأسس على المساواة, على إعتبار أن العدالة الإجتماعية تعني المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات وأمام القانون يدافع عن هذه الأطروحة فلاسفة القانون الطبيعي وفلاسفة العقد الإجتماعي وكذا أنصارالمذهب الإشتراكي وما يؤكد ذلك أن الأفراد حسب فلاسفة القانون الطبيعي كانوا يعيشون في حالة الفطرة وكانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة فيما بينهم, ومارسوا حقوقهم الطبيعية على قدم المساواة لذلك فالأفراد سواسية وعليه فالعدالة يقتضي المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات بحكم طبيعتها المشتركة ومادام الناس متساوون في كل شيئ فما على العدالة إلا أن تحترم هذه المساواة لذلك قال الخطيب الروماني شيشرون: "الناس سواسية لا يوجد شيئ أشبه بشيئ من الإنسان بالإنسان لنا جميعا عقل ولنا حواس وإن إختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم" أما فلاسفة العقد الإجتماعي فيؤكدون ان إنتقال الإنسان من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع السياسي تم بناء على تعاقد وبما أن الأفراد في المجتمع الطبيعي كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة. لم يكونوا ليقبلوا التعاقد ما لم يعتبرهم المتعاقدون معهم مساوين لهم. فالمساواة شرط قيام العقد وبالتالي فالعقد قائم على عدالة أساسها المساواة بين الجميع في الحقوق والوجبات. وهذه الأفكار تجسدت عند أصحاب المذهب الإشتراكي من خلال التركيز على فكرة (المساواة الإجتماعية) التي هي أساس العدالة الإجتماعية وهذا ما أكد عليه (فلاديمير لينين) بقوله: "الشيوعية نظام إجتماعي لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج والمساواة الإجتماعية الكاملة بين أفراد المجتمع" ومن الذين رفضوا التفاوت ودافعوا عن المساواة الفيلسوف (برودون) الذي رأى أن مصدر الحقوق هو الجهد وليس التفاوت الوراثي فقال: "هناك علة ضرورية لا مفر منها في التفاوت الجسمي والعقلي بين الناس فلا يمكن للمجتمع ولا للضمير الحد منها لكن من اين لهذا التفاوت المحتوم أن يتحول إلى عنوان النبل بالنسبة للبعض والدناءة للبعض الآخر".
النقد:إن كانت هذه الأطروحة تبدو للوهلة الأولى وكأنها مستساغة ومقبولة إلا أنها لا تصمد أمام النقد وتعارض نفسها لتنهار بسرعة وهي غير قادرة على الوقوف والمحاجة فمن حيث الشكل نرد عليهم بأن المساواة المطلقة وهم ولا وجود لها في أرض الواقع ومن حيث المضمون نرد عليهم بالقول صحيح إن المساواة تقضي على الطبقية والاستغلال. إلا أنها في نفس الوقت تقتل المبادرات الفردية وتقضي على روح الإبداع وتشجع الناس على الخمول والكسل حيث تبث فيهم روح الإنكال ولعل هذا هو السبب الذي سارع في إنهيار الأنظمة الإشتراكية.
التركيب: (الفصل في المشكلة):يتحدد مفهوم العدل لغة على أنه الإنصاف وعدم الظلم أما في الاصطلاح الفلسفي فالعدل له مفهوم عميق أنه "مجموهة من القواعد التي تحدد الحقوق والواجبات" وإذا كان من السهل تعرف العدل والتبشيرية والمطالبة بتطبيقه فإنه من الصعب تحديد الكيفية والشروط اللازمة لتحقيقه وهذه مشكلة للفصل فيها نقول العدالة الإجتماعية الحقة معادلة طرفها الأول التفاوت وطرفها الثاني المساواة حسب مجالات الحياة وفي مجال الحقوق أمام المحاتم لا بد من المساواة وفي مجال القدرات والحاجات الإجتماعية لا بد من التفاوت ولن يتحقق هذا وذاك إلا في ظل إرتباط العدل بالأخلاق وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس" هذا الحل التوفيقي تأخذ به أغلب المجتمعات الراقية في سلم الثقافة والحضارة.
الخاتمة: (حل المشكلة):صفوت القول وكتلخيص عام نقول أن مشكلة العدل بين التفاوت والمساواة تدرج ضمن محور الحقوق والواجبات والعدل ولها علاقة بمجال أوسع ألا وهو الأخلاق النسبية والأخلاق الموضوعية وقد إتضح لنا أن أطروحة التفاوت شرطت إحترام الفرقات الفردية بين الناس على المستوى العضوي والعقلي والإجتماعي كما أقر ذلك أفلاطون ونيتشه والإتجاه المعاكس قضت أطروحة المساواة هذا الشرط ودافعت عن المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات أمام القانون و
ام ايمان16
2011-04-23, 16:01
استغفر الله واتوب اليه
marciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
souad_02
2011-05-17, 22:46
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
ام ايمان16
2011-05-30, 20:50
marciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
شكرالكم :dj_17::dj_17:
nadjet45
2011-05-31, 11:17
بارك الله فيك
برايجي34
2011-05-31, 11:46
باركـ الله فيكـ
ام ايمان16
2011-06-01, 10:35
باركـ الله فيكـ
وفيك بركة اخي
شكرا لمشاركتك
ام ايمان16
2011-06-07, 15:22
اللهم نجح جميع طلاب البكلوريا
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااا
دكتورة بإذن الله
2012-04-23, 08:07
أصدق الدعوات القلبية لك بان تحققين امنيتك يارب
فكوني قوية يا اختي العزيزة احلام و انظري لحلمك و حققيه
اللهم يارب أتيها سؤلها الساعه بما يرضي الله ووفقها لما تحبه و ترضاه
امين يارب العالمين
* عبد الجليل *
2012-04-23, 08:35
changolek alllah yhafdek w ynejhek
اختي تفاحة 12 ممكن تقولينا المقالات المتوقعة
نبأ حياتي
2012-04-23, 14:25
مشاء لله لا الله ال لله لا حول و لا قوة الا با لله مقالات في القمة روعة جزاك لله خيرااااا
salimsalm
2012-05-07, 17:56
اللهم نجح جميع طلاب البكلوريا
ام ايمان16
2012-05-08, 19:18
أصدق الدعوات القلبية لك بان تحققين امنيتك يارب
فكوني قوية يا اختي العزيزة احلام و انظري لحلمك و حققيه
اللهم يارب أتيها سؤلها الساعه بما يرضي الله ووفقها لما تحبه و ترضاه
امين يارب العالمين
بارك الله فيك اختي عائشة ومشكورة على دعائك وربي يحققلك ماتتمنينه في حياتك ويرضى عنك ويرزقك من فضله الواسع
..:)
ومبارك عودة الاسم السابق (اشراق الفكر):19:
دكتورة بإذن الله
2012-05-08, 19:27
بارك الله فيك اختي عائشة ومشكورة على دعائك وربي يحققلك ماتتمنينه في حياتك ويرضى عنك ويرزقك من فضله الواسع
واريد ان اقول لك ان حلمي في الباك قد تركته ....وان شاء الله ربي يعوضني خيرا ...:)
ومبارك عودة الاسم السابق (اشراق الفكر):19:
ربي يبارك فيك
لكن لماذا تخليتي عن حلمك ؟لقد احبطتني مالذي حدث و لماذا بهذه السهولة فما المانع ياترى ؟
ربي يبارك فيك رجعت اسمي الاول لانني توحشت اشراق و الشمس هههه http://www.djelfa.info/vb/images/smilies/biggrin.gif
ام ايمان16
2012-05-08, 20:00
ربي يبارك فيك
لكن لماذا تخليتي عن حلمك ؟لقد احبطتني مالذي حدث و لماذا بهذه السهولة فما المانع ياترى ؟
ربي يبارك فيك رجعت اسمي الاول لانني توحشت اشراق و الشمس هههه http://www.djelfa.info/vb/images/smilies/biggrin.gif
[
مشكورة اختي على اهتمامك ووفقك الله لكل خير[/size]
دكتورة بإذن الله
2012-05-08, 21:28
مشكورة اختي على اهتمامك ووفقك الله لكل خير
اذا كنتي مسجلة اتكلي على ربي و خليك من هاته الافكار لانني اراك تستطيعين النجاح و بقوة
فكثرة المحاولات الفاشلة هي درج لسلم النجاح و في الاخير تتوجين بالنجاح باذن الله
ربي يكتبلك كل خير ان شاء الله و يعطيك ما تتمناي يارب
لالة مريومة
2012-05-08, 21:33
الله يفظك يا اختي وربي يبارك فيك انا مانيش فاهمة هاذيك تاع الحق والواجب والدولة كاااملة والشغل والعادة والارادة
abderaouf1992
2012-05-08, 22:25
الحقوق والواجبات موضوع مهم جــدا
Real man
2012-05-08, 22:32
مشكورة مشكورة مشكورة مشكورة جد مشكورة و جهد عظيم
ام ايمان16
2012-05-09, 12:47
اذا كنتي مسجلة اتكلي على ربي و خليك من هاته الافكار لانني اراك تستطيعين النجاح و بقوة
فكثرة المحاولات الفاشلة هي درج لسلم النجاح و في الاخير تتوجين بالنجاح باذن الله
ربي يكتبلك كل خير ان شاء الله و يعطيك ما تتمناي يارب
اختي مشكورة كثيرا على تشجيعك لي وادعيلي فقط ان يوفقني الله في حياتي القادمة ......:mh31:[/SIZE]
بالتوفيق اختي عائشة
سلااااااام
يوسف برياني
2014-01-10, 15:14
بــــــــــــــــارك الله فيك
شكرااااااااا
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir