تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : علاقتك بزوجك........زواج الرجل من امرأة أخرى.


hilali_dj
2011-03-24, 12:31
المرأة المؤمنة تحرص على طاعة الرحمن،وتطلب حكم الشرع، فحكم الله جل وعلا في أمرٍ عظيم ليس بالهين على نفسك، إنه يتعلق بحياتك ويتعلق بعلاقتك بزوجك، ولا ريب أن هذا الأمر الذي ان عرض لك أنت وزوجك هو من الأمور العظيمة التي تؤثر في النفس، وقد يحصل بسبب ذلك شقاق وخلاف، وكثير من الناس يصير إلى أمور لا تُحمد، بل هي مخالفة للشرع في مثل هذه الأمور؛ ولذلك كان من علامة المؤمن أنه يرد جميع شؤونه إلى حكم الله جل وعلا وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال جل وعلا: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً). ومعنى الرد إلى الله جل وعلا الرجوع إلى كتابه العزيز، ومعنى الرد إلى رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه – الرجوع إلى السنة المطهرة على صاحبها الصلاة والسلام. وقال جل وعلا: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(وقال جل وعلا: )إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(. فأخبر جل وعلا أن من يعمل بحكم الله جل وعلا ويأخذ بالعروة الوثقى ويتق ربه فإنه مفلح فائز لا محالة، بل إن المخرج له قريب؛ كما قال تعالى: )وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)
وأما عن هذه المسألة التي أشرنا إليها فإننا نشير عليك بأن تتعاملي مع هذا الأمر بحكمة وروية؛ فلا بد أن نعلم أن زواج الرجل من امرأة أخرى هو أمرٌ مشروع قد شرعه الله جل وعلا؛ قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا).
ولا ريب أن المؤمن والمؤمنة يجب عليهما أن ينصاعا لحكم الملك العظيم جل جلاله الذي شرع هذه الشريعة الكاملة، وركب فيها الأحكام لما فيه مصالح الناس، ولا ريب أن كثيرًا من الزوجات يقعن في شيء من المشقة النفسية عند زواج زوجها عليها نظرًا لما تجده في نفسها من حبه، وأيضًا لشعورها أن هنالك امرأة أخرى قد صارت تشاركها في زوجها فيحصل لها من النغص ومن الغيرة شيء كثير، وإن كان هذا متفاوتًا من امرأة إلى أخرى، إلا أن هذه الشريعة العظيمة قائمة على قاعدة عظيمة فاحفظيها واعرفيها وهي: جلب أعظم المصالح وتكميلها، ودفع أعظم المفاسد وتقليلها؛ فهي ترتب الأحكام على هذه القاعدة الكريمة، فلا يوجد حكم في شريعة الرحمن إلا وفيه المصلحة الكاملة، وفيه دفع الضرر إما بأن يُدفع تمامًا، وإما بأن يقلل منه إلى الحد الأدنى، وهذا الحكم مبني على هذه القاعدة بل جميع أحكام الشرع مبنية عليها.
والواجب هو الإذعان لحكم الرحمن جل جلاله، ومعرفة أن هذا الأمر هو أمر شرعه الله جل وعلا فينبغي حينئذ أن يتعامل فيه بما أمر الله تبارك وتعالى، وهذا الذي ان قمت به يجازيك الله خير الجزاء ويشكر الله لك هذا السعي في حرصك على طاعة الرحمن والتزام أمره.

إذا علم هذا فإن خير ما تقومين به هو أن تحاولي التفاهم مع زوجك على هذا الأمر، فقد يبيَّن لك زوجك أنه مضطر للزواج؛ بمعنى أنه يريد أن يتزوج بالحلال، وهذا قد يقع لكثير من الناس فإن الرجال ليسوا بسواء؛ فمنهم من يكتفي بالمرأة الواحدة وتكون كافية له، بل إن بعضهم قد يجد صعوبة في وفاء حق زوجته في الفراش، ومن الرجال من أتاهم الله جل وعلا رغبة زائدة وقوة في هذا الشأن؛ فإن لم يحصل له اكتفاء نظر إلى الحرام، وشعر بهيجان الأمر في نفسه، فلربما صار يخشى على نفسه الحرام، فحينئذ يصير إلى الزواج بأخرى، هذا مع حبه لزوجته الأولى وحرصه عليها، وهذا هو الواقع ، فإنه لو كان زاهدًا فيك ولا يريدك أو كان فقط يسعى وراء الشهوات لما التفت إليك ولهان عليه فراقك وطلاقك ولقال بملء فيه: افعلي ما شئت وإنني سوف أتزوج وأنت طالق، ونحو هذه العبارات التي تقع ممن قست قلوبهم وغلظت طباعهم.
ولكن ينبغي أن تفرحي بمثل هذا الزوج، وأما سعيه في الحلال فهذا أمر ينبغي أن يزيدك أيضًا طمأنينة وسكينة له، فإنه بحمد الله لا يريد أن يقع في الحرام ولا يريد أن يلتفت إلى طرق الغواية، فبهذه الحال ينبغي أن تتفاهمي معه على أن يتزوج وعلى أن يتق الله فيكما بأن يعدل بينكما بما أمر الله جل وعلا وبما شرع رسوله - صلوات الله وسلامه عليه – وذلك بأن يتعلم أحكام الشرع في مثل هذه الحالة حتى يستطيع أن يسوس الأمر بعدل وبرحمة، فستجدين حينئذ أنك بحمد الله عز وجل قد ارتكبت أخف الضررين ودفعت أعظم المفسدتين، فهذا خير لك - يا أختي - من خراب بيتك وفراق زوجك، لا سيما إن كان بينكما أولاد، وفي جميع الأحوال وجدت الذرية أو لم توجد فحفاظك على بيتك خير لك من أن تظلي بدون زوج وأن تفارقي زوجًا حبيبًا يحبك وتحبينه، فاعرفي ذلك واحرصي عليه.
وأيضًا فإن طلبك الطلاق لأجل أن يتزوج عليك هو أمر فيه تفصيل، فالمرأة إذا أرادت أن تطلب الطلاق من زوجها في مثل هذه الحالة فلابد أن تنظر من أي الحالات هي؛ وإليك هذه الأحوال الثلاثة فاعرفيها:
الحالة الأولى: أن تكون الزوجة تخشى على نفسها إن تزوج زوجها عليها أن ترتكب الحرام سواء كان ذلك في نفسها أو بالتقصير في الحق الواجب تجاه زوجها، بحيث تخرج إلى ارتكاب بعض المحرمات في معاملة زوجها والتقصير في حقوقه الواجبة أو في الوقوع في الغيبة والنميمة والكيد وغير ذلك من الأمور التي قد تحمل الغيرة الشديدة عليها لدى بعض النساء، فبمثل هذه الحالة يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها.
والحالة الثانية: أن تكون الزوجة تضر ضررًا شديدًا من زواج زوجها، ولكن لا تخشى على نفسها الوقوع في الحرام في معاملة الزوج والتقصير في حقوقه الواجبة وغير ذلك من الأمور، ولكن تنضر ضررًا ظاهرًا بسبب الغيرة التي تنغص عليها حياتها، وربما شغلت بالها وتفكيرها شغلاً شديدًا، فبمثل هذه الحالة يجوز لها أن تطلب الطلاق. وهذا لأن الضرر الذي يصيبها من البأس الذي يشق عليها، وهو من البأس الذي يبيح للمرأة أن تطلب الطلاق في هذه الحالة، فإن الأمر من امرأة إلى أخرى يختلف، وبعضهنَّ تكاد أن تفقد طعم السعادة في حياتها لأجل هذا الأمر، فإذا كان الأمر كذلك جاز للمرأة أن تطلب الطلاق في هذه الحالة؛ كما أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي سوف نسوقه في الحالة الثالثة.

والحالة الثالثة: أن لا يكون للمرأة أي بأس في هذا الأمر وأن تتقبله تقبلاً عاديًّا وتستطيع أن تعيش حياتها مستقرة آمنة ولا ترى من ذلك بأسًا، فإن هذا الأمر يختلف في النساء، وقد وجد من النساء من تخطب لزوجها بل وتحثه على الزواج، وهذا موجود في طائفة من النساء.. نعم هذا قليل فيهنَّ ولكن هذا موجود أيضًا، فإن وجد الأمر كذلك فلا ينبغي للمرأة أن تطلب الطلاق في هذه الحالة، فقد خرَّج أبو داود في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه أبو داود والترمذي. وروى ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة).
فدل ذلك على تحريم الطلاق بدون عذر شرعي، وهذا قد وقع فيه الخلاف بين الأئمة؛ فمنهم كرهه كراهة ومنهم من حرَّمه، والأظهر هو التحريم للحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأن في ذلك فسادًا لذات البين بلا موجب شرعي وإذهابًا للمصالح المحققة.
فهذه الأحوال الثلاثة تبين لك الحكم المشروع في مثل هذه الحالة، ونوصيك بالصبر والتصبر، وأن تحافظي على بيتك، وأن تراعي حال زوجك، وأن تنظري إليه بعين العدل والإنصاف، ونتوجه إليه هو أيضًا بأن يتق الله جل وعلا فيك، وأن يحرص على أن يعدل بينكما إذا تم الزواج، وأن يكون محافظًا وفيًّا، وهذا الظن به - إن شاء الله - والظن بك كذلك.
ونسأل الله برحمته التي وسعت كل شيء أن يغفر ذنوبكم، وأن يشرح صدوركم، وأن ييسر أموركم، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه، وأن يقيكم الشرور ما ظهر منها وما بطن.
وبالله التوفيق.

نورة
2011-03-24, 13:29
شكرا جزيلا بارك الله فيك