Teacher12400
2011-03-24, 11:34
رن الهاتف...
- صباح الخير.
- صباح الخير.
- انتظرت اتصالك البارحة حتى نمت و الهاتف بين يدي.
- حقا...أنا آسف...كنت مشغولا.
- مشغولا! لطالما عودتني أن أنام على صوتك.
- اسمعي
- اجل تكلم.
- حدث طارئ و لا استطيع المواصلة.
- كما تشاء عزيزي يمكنك الاتصال بي لاحقا.
- أنت لا تفهمين!
- ماذا؟
- اعني أن علاقتنا انتهت...وداعا.
انقطعت المكالمة.
مرت أيام و هي حبيسة غرفتها. انقطعت عن عملها في صيدلية الحي, و ترفض أن تكلم أحدا, حتى أمها. مكالمة هاتفية دمرت كل أحلامها, و لم يبق لها من الماضي السعيد إلا ذكريات ترفض الرحيل. كيف ستواصل حياتها مع كل هذا الإحباط الرهيب؟ ماذا ستقول لعائلتها و صديقاتها عن سبب فسخ الخطوبة, وهي شخصيا لا تعلم السبب؟ هي جميلة و مثقفة و عاملة ناجحة, فلماذا تركها إذن؟ لماذا؟ ليس ثمة سبب وجيه, غير أنها أحبته بصدق, و الرجال لا يحبون هذا! ربما يكون قد مل كلمة نعم, واحبك, وخذ ما تريد! اكتشفت أنها كانت ساذجة و مغفلة, و آلمها هذا كثيرا. يجب على المرأة أن تكون كالبحر الذي لا تنتهي أسراره و يخبىء دائما إلى جانب سحره و جماله الموت و الفزع, و إلى جانب الرحب و السعة الضيق في أعماقه و الاختناق حتى النهاية و إلى جانب أسماكه المزركشة البهية قروشا فتاكة. هذا ما يستحقه الرجال حقا!
- لابد أن أكون قوية...نعم...إنها نهاية مغامرة صبيانية و ليست نهاية العالم...لكنه سيندم مهما كان السبب...اعد بهذا.
عادت إلى حياتها الطبيعية إلا أنها لا تسمح لأحد بالخوض في أمورها الشخصية بعد الآن. تتكلم في العمل و السياسة و الاقتصاد, و في كل شيء إلا الحب و الزواج. لا تسمح بهذا أبدا و لو مع صديقاتها المقربات اللواتي ككل من في سنهن يجدن متعة في التسلل إلى عالم الحب و الرومانسية. لقد أصبحت تواجه هذا بحساسية حادة, إنها فوبيا الحب.
احتل عملها جزءا مهما من حياتها, حتى أنها أصبحت تنظف رفوف الدواء و تمسح الغبار و تبدل ديكور صيدليتها بنفسها, فضلا عن مساعدة باعتها في تقديم الدواء للزبائن و تصريف أمورهم. و لم تمض خمس سنوات كاملة حتى أصبحت تملك بدل الصيدلية مجمعا كبيرا لبيع الدواء بالجملة, فاكتظت الصفقات على مكتبها, إلى جانب رزمة طلبات عمل لصيدليين شباب و عمال بسطاء. و لحرصها في العمل و تفانيها فيه, قابلت مريدي العمل في مجمعها بنفسها بدل رئيس قسم الموظفين. و استغرق هذا أسبوعا كاملا لكثرة الطلبات, و في اليوم الأخير من عملية اختيار موظفين و عمال جدد على أساس الكفاءة و المهنية, كان ضمن قائمة المترشحين اسم تعرفه جيدا! نعم انه نفسه الشخص الذي رفضها يوما و كان سببا في أزمة نفسية كبيرة! هو عينه من أفقدها لذة العالم من حولها! ألم تحن بداية الانتقام؟ هل تطرده من مكتبها أمام كل الحاضرين, و ترسل وراءه أعوان امن مجمعها يوسعونه ضربا و تعنيفا؟ هل يكفي هذا لتنس ألمها و تغلق دفتر حساباتها القديم؟ لقد جاءها بنفسه بعد كل ما فعله! كيف يتجرأ على هذا بكل وقاحة و كأن شيئا لم يكن؟ هل يتحداها و يسخر منها؟ غريب جدا أمر هذا الرجل!
حان دوره في مقابلة العمل و هي لم تقرر بعد. هل ترفض دخوله إلى مكتبها و تلغي مقابلته؟ هل هو نفسه من تظن أم هو مجرد تشابه في الصورة؟ لكن هل يتشابهان حتى في بقية المعلومات من اسم و عائلة و تاريخ ميلاد و حتى عنوان! ربما. ملفه ثقيل بالأوراق, و رغم هذا لم يذكر أنه متزوج من عدمه! كيف أسقط هذا و هو ضروري في مثل هذه الوضعيات؟ هل خاف من أن يثير تصريحه بالزواج من أخرى زوبعة في نفسها تقضي على حلم توظيفه في المجمع المعروف بامتيازاته المغرية من اجر معتبر و سيارة و ترقية و تكوين مستمر داخل و خارج الحدود؟ ألا يعلم أنه لا يهمها شأنه أبدا, و انه مجرد واحد من بين طوابير المئات من طالبي العمل عندها؟ لم يزل مغرورا كما كان يوما من الأمس السحيق.
- دكتورة...هل أنت بخير؟
أعادها صوت مساعدتها إلى المكتب و قد ذهبت بأفكارها بعيدا جدا.
- نعم شكرا...أنا مرهقة فقط.
- هل يدخل المترشح التالي آنستي؟
- التالي!
تاليف روابحية رضا
- صباح الخير.
- صباح الخير.
- انتظرت اتصالك البارحة حتى نمت و الهاتف بين يدي.
- حقا...أنا آسف...كنت مشغولا.
- مشغولا! لطالما عودتني أن أنام على صوتك.
- اسمعي
- اجل تكلم.
- حدث طارئ و لا استطيع المواصلة.
- كما تشاء عزيزي يمكنك الاتصال بي لاحقا.
- أنت لا تفهمين!
- ماذا؟
- اعني أن علاقتنا انتهت...وداعا.
انقطعت المكالمة.
مرت أيام و هي حبيسة غرفتها. انقطعت عن عملها في صيدلية الحي, و ترفض أن تكلم أحدا, حتى أمها. مكالمة هاتفية دمرت كل أحلامها, و لم يبق لها من الماضي السعيد إلا ذكريات ترفض الرحيل. كيف ستواصل حياتها مع كل هذا الإحباط الرهيب؟ ماذا ستقول لعائلتها و صديقاتها عن سبب فسخ الخطوبة, وهي شخصيا لا تعلم السبب؟ هي جميلة و مثقفة و عاملة ناجحة, فلماذا تركها إذن؟ لماذا؟ ليس ثمة سبب وجيه, غير أنها أحبته بصدق, و الرجال لا يحبون هذا! ربما يكون قد مل كلمة نعم, واحبك, وخذ ما تريد! اكتشفت أنها كانت ساذجة و مغفلة, و آلمها هذا كثيرا. يجب على المرأة أن تكون كالبحر الذي لا تنتهي أسراره و يخبىء دائما إلى جانب سحره و جماله الموت و الفزع, و إلى جانب الرحب و السعة الضيق في أعماقه و الاختناق حتى النهاية و إلى جانب أسماكه المزركشة البهية قروشا فتاكة. هذا ما يستحقه الرجال حقا!
- لابد أن أكون قوية...نعم...إنها نهاية مغامرة صبيانية و ليست نهاية العالم...لكنه سيندم مهما كان السبب...اعد بهذا.
عادت إلى حياتها الطبيعية إلا أنها لا تسمح لأحد بالخوض في أمورها الشخصية بعد الآن. تتكلم في العمل و السياسة و الاقتصاد, و في كل شيء إلا الحب و الزواج. لا تسمح بهذا أبدا و لو مع صديقاتها المقربات اللواتي ككل من في سنهن يجدن متعة في التسلل إلى عالم الحب و الرومانسية. لقد أصبحت تواجه هذا بحساسية حادة, إنها فوبيا الحب.
احتل عملها جزءا مهما من حياتها, حتى أنها أصبحت تنظف رفوف الدواء و تمسح الغبار و تبدل ديكور صيدليتها بنفسها, فضلا عن مساعدة باعتها في تقديم الدواء للزبائن و تصريف أمورهم. و لم تمض خمس سنوات كاملة حتى أصبحت تملك بدل الصيدلية مجمعا كبيرا لبيع الدواء بالجملة, فاكتظت الصفقات على مكتبها, إلى جانب رزمة طلبات عمل لصيدليين شباب و عمال بسطاء. و لحرصها في العمل و تفانيها فيه, قابلت مريدي العمل في مجمعها بنفسها بدل رئيس قسم الموظفين. و استغرق هذا أسبوعا كاملا لكثرة الطلبات, و في اليوم الأخير من عملية اختيار موظفين و عمال جدد على أساس الكفاءة و المهنية, كان ضمن قائمة المترشحين اسم تعرفه جيدا! نعم انه نفسه الشخص الذي رفضها يوما و كان سببا في أزمة نفسية كبيرة! هو عينه من أفقدها لذة العالم من حولها! ألم تحن بداية الانتقام؟ هل تطرده من مكتبها أمام كل الحاضرين, و ترسل وراءه أعوان امن مجمعها يوسعونه ضربا و تعنيفا؟ هل يكفي هذا لتنس ألمها و تغلق دفتر حساباتها القديم؟ لقد جاءها بنفسه بعد كل ما فعله! كيف يتجرأ على هذا بكل وقاحة و كأن شيئا لم يكن؟ هل يتحداها و يسخر منها؟ غريب جدا أمر هذا الرجل!
حان دوره في مقابلة العمل و هي لم تقرر بعد. هل ترفض دخوله إلى مكتبها و تلغي مقابلته؟ هل هو نفسه من تظن أم هو مجرد تشابه في الصورة؟ لكن هل يتشابهان حتى في بقية المعلومات من اسم و عائلة و تاريخ ميلاد و حتى عنوان! ربما. ملفه ثقيل بالأوراق, و رغم هذا لم يذكر أنه متزوج من عدمه! كيف أسقط هذا و هو ضروري في مثل هذه الوضعيات؟ هل خاف من أن يثير تصريحه بالزواج من أخرى زوبعة في نفسها تقضي على حلم توظيفه في المجمع المعروف بامتيازاته المغرية من اجر معتبر و سيارة و ترقية و تكوين مستمر داخل و خارج الحدود؟ ألا يعلم أنه لا يهمها شأنه أبدا, و انه مجرد واحد من بين طوابير المئات من طالبي العمل عندها؟ لم يزل مغرورا كما كان يوما من الأمس السحيق.
- دكتورة...هل أنت بخير؟
أعادها صوت مساعدتها إلى المكتب و قد ذهبت بأفكارها بعيدا جدا.
- نعم شكرا...أنا مرهقة فقط.
- هل يدخل المترشح التالي آنستي؟
- التالي!
تاليف روابحية رضا