اياد27
2011-03-21, 12:15
قال الأعشى : خرجت أريد قيس بن معدي كرب بحضرموت ، فضللت في أوائل أرض اليمن لأني لم أكن سلكت ذلك الطريق قبل ، فأصابني مطر ، فرميت ببصري أطلب مكاناً ألجأ إليه ، فوقعت عيني على خباء(1) من شعر ، فقصدت نحوه ، و إذا أنا بشيخ على باب الخباء ، فسلمت عليه فردَّ عليّ بالسلام ، و أدخل ناقتي خباءً آخر كان بجانب البيت ، فحططت رحلي و جلست ، فقال : من أنت ؟ و إلى أين تقصد ؟
قلت : أنا الأعشى ، أقصد قيس بن معدي كرب .
فقال : حياك الله ! أظنك امتدحته بشعر ؟
قلت : نعم !
قال : فانشدنيه .
فابتدأت مطلع القصيدة :
رحلت سمية غدوة أجمالها
غضباً عليك فما تقول بدالها
فلما أنشدته هذا المطلع قال : حسبك أهذه القصيدة لك ؟
قلت : نعم !
قال : من سمية التي تَــنْـسُــبُ بها ؟
قلت : لا أعرفها ، و إنما هو اسم أُلقي في رُوعي(2) .
فنادى : يا سمية ، اخرجي .
و إذا جارية خماسية(3)قد خرجت ، فوقفت و قالت : ما تريد مني يا أبتي ؟
قال : انشدي عمك قصيدتي التي مدحت بها قيس بن معد يكرب ، و نسبت بك في أولها .
فاندفعت تنشد القصيدة ، حتى أتت على آخرها ، ولم تخرم منها حرفاً .
فلما أتمتها قال : انصرفي ، ثم قال : هل قلت شيئاً غير ذلك ؟
قلت : نعم ! كان بيني و بين ابن عم لي ، يقال له يزيد بن مُـسْهِـرٍ، ما يكون بين بني العم ، فهجاني و هجوته فافحمته .
قال : ماذا قلت فيه ؟
قال : قلت :
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟!
فلما انشدته البيت الأول قال : حسبك ! من هريرة هذه التي نسبت بها ؟
قلت : لا أعرفها و سبيلها سبيل التي قبلها .
فنادى : يا هريرة .
فإذا جارية قريبة السن من الأولى خرجت .
فقال : انشدي عمك قصيدتي التي هجوت بها يزيد بن مسهر ، فأنشدتها من أولها إلى آخرها ، لم تخرم منها حرفاً ، فَـسُـقِـط في يدي و تحيرت و تغشتني رعدة(4) .
فلما رأى ما نزل بي : لِـيُـفرِخ رُوْعـك(5) يا أبا بصير ، أنا هاجسك مِــسْــحَــل بن أُثاثة الذي ألقى على لسانك الشعر .
قال الأعشى : فسكنت نفسي ، و رجعت إليّ ، و سكن المطر ، فدلَّـني على الطريق ، و أراني سمت قصدي ، و قال : لا تَـعُـجْ يميناً و لا شمالاً حتى تقع ببلاد قيس .
[/center]
-----------------------------------------------------------
* - البغدادي - خزانة الأدب ج3ص549(طبعة بولاق) .
1- الخِـباء ج أخبية : ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن .
2- الرُوع : سواد القلب ، و قيل موضع الفزع منه .
3- الخماسية : يقال " جارية خماسية " أي بنت خمس سنوات .
4- الرِعدة : الإضطراب ، يكون من الفزع و غيره .
5- أَفرخ رُوعك : أي اسْـكُـن و استأمن .
قلت : أنا الأعشى ، أقصد قيس بن معدي كرب .
فقال : حياك الله ! أظنك امتدحته بشعر ؟
قلت : نعم !
قال : فانشدنيه .
فابتدأت مطلع القصيدة :
رحلت سمية غدوة أجمالها
غضباً عليك فما تقول بدالها
فلما أنشدته هذا المطلع قال : حسبك أهذه القصيدة لك ؟
قلت : نعم !
قال : من سمية التي تَــنْـسُــبُ بها ؟
قلت : لا أعرفها ، و إنما هو اسم أُلقي في رُوعي(2) .
فنادى : يا سمية ، اخرجي .
و إذا جارية خماسية(3)قد خرجت ، فوقفت و قالت : ما تريد مني يا أبتي ؟
قال : انشدي عمك قصيدتي التي مدحت بها قيس بن معد يكرب ، و نسبت بك في أولها .
فاندفعت تنشد القصيدة ، حتى أتت على آخرها ، ولم تخرم منها حرفاً .
فلما أتمتها قال : انصرفي ، ثم قال : هل قلت شيئاً غير ذلك ؟
قلت : نعم ! كان بيني و بين ابن عم لي ، يقال له يزيد بن مُـسْهِـرٍ، ما يكون بين بني العم ، فهجاني و هجوته فافحمته .
قال : ماذا قلت فيه ؟
قال : قلت :
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟!
فلما انشدته البيت الأول قال : حسبك ! من هريرة هذه التي نسبت بها ؟
قلت : لا أعرفها و سبيلها سبيل التي قبلها .
فنادى : يا هريرة .
فإذا جارية قريبة السن من الأولى خرجت .
فقال : انشدي عمك قصيدتي التي هجوت بها يزيد بن مسهر ، فأنشدتها من أولها إلى آخرها ، لم تخرم منها حرفاً ، فَـسُـقِـط في يدي و تحيرت و تغشتني رعدة(4) .
فلما رأى ما نزل بي : لِـيُـفرِخ رُوْعـك(5) يا أبا بصير ، أنا هاجسك مِــسْــحَــل بن أُثاثة الذي ألقى على لسانك الشعر .
قال الأعشى : فسكنت نفسي ، و رجعت إليّ ، و سكن المطر ، فدلَّـني على الطريق ، و أراني سمت قصدي ، و قال : لا تَـعُـجْ يميناً و لا شمالاً حتى تقع ببلاد قيس .
[/center]
-----------------------------------------------------------
* - البغدادي - خزانة الأدب ج3ص549(طبعة بولاق) .
1- الخِـباء ج أخبية : ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن .
2- الرُوع : سواد القلب ، و قيل موضع الفزع منه .
3- الخماسية : يقال " جارية خماسية " أي بنت خمس سنوات .
4- الرِعدة : الإضطراب ، يكون من الفزع و غيره .
5- أَفرخ رُوعك : أي اسْـكُـن و استأمن .