malik_5f
2008-08-24, 15:42
هناك قصة مؤثرة جداً ، أن أحد خطباء دمشق ، والقصة من خمسين سنة تقريباً ، رأى في المنام رسول الله ، وتأثر تأثراً بالغاً بهذه الرؤيا ، وقد ورد عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي )) .
[ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح البخاري والترمذي ] .
هذا الخطيب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال له : قل : لجارك فلان ، وجاره بائع متواضع جداً ، إلى جانب المسجد ، قل لجارك فلان : إنه رفيقي في الجنة ، هذا الخطيب تألم ألماً شديداً ، البشارة لي أم له ؟ لجاره ، وهو إنسان متواضع ، من عامة الناس طرق بابه ، دخل إلى بيته ورحب به ، قال له : لك عندي بشارة من رسول الله ، ولن أعلمك إياها إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ امتنع ، فلما ألح عليه ، قال له : والله لن أنقلها إلى مسامعك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ، قال له : والله أنا خطبت امرأة وتزوجتها ، وفي الشهر الخامس ، كانت حاملاً في الشهر التاسع ، يعني أن الحمل ليس مني ، قال له : زلت قدمها ، قال له : بإمكاني أن أفضحها ، بإمكاني أن أطلقها ، بإمكاني أن أسحقها ، لكن أردت أن أجعلها تتوب على يدي ، جئت لها بولاّدة ، وولدت في الليل ، وحملت الطفل الصغير الذي ليس منه تحت عباءتي ، ودخلت جامع في السنجقدار ، دخل المسجد بعد أن نوى الإمام فريضة الفجر ، وضع الغلام وراء الباب ، والتحق بالمصلين ، ولم يره أحد ، فلما انتهت الصلاة تحلق الناس حول الغلام ، ودهشوا ، فجاء هو ، وكأنه لم يعلم ما الخبر ، قال : ما الخبر ؟! قالوا : تعال انظر ، قال : أنا أكفله ، أعطوني إياه ، فأخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط ، وهو تولى تربيته ، ورده إلى أمه ، وتابت على يديه ، الله عز وجل قال :(ان الله يأمر بالعدل والاحسان)( سورة النحل الآية : 90 ) .
العدل أن تطلقها ، وأن تسحقها ، وأن تركلها بقدمك ، لكن الله أمرك بالإحسان ، فأنت إذا فعلت هذا فقد أنقذتها من الفضيحة ، وأنقذتها من الضياع ، وما كل قضية تحل بالعدل ، بل تحل آلاف القضايا بالإحسان ، ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾ ، لا تكن فضّاحاً ، كن ستّيراً .
الله عز وجل ( ستّير ) ، يحب كل ستّير ، وتخلق بهذا الكمال الإلهي ، وتقرب إلى الله بهذا الكمال الإلهي ، ولا تكن فضّاحاً .
فلذلك في مجتمع الفضاح ما من قصة يرويها إنسان إلا وهي بعد أيام بين كل الناس .
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ، وأما التي تخرج من بيتها تشتكي على زوجها فهي فضاحة ، لا ينظر الله إلى امرأة تشتكي على زوجها ، يحب الله المرأة الستيرة ، المرأة الستيرة امرأة مؤمنة
وإذا تاب العبد توبة نصوحة ، هنا الشاهد ، هنا اسم الستير .
إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه .
هذا شأن الستير ، إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه .
التائب من الذنب كمن لا ذنب له :
لذلك : التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
(والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما)(سورة النساء)
وما أمرك أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك ، وما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك ، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك ، لكن الإنسان غير المؤمن شأنه العكس هو يظهر القبيح ويستر المليح ، لذلك ورد في بعض الأحاديث الشريفة :
((تعوذوا بالله من ثلاث فواقر : تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء ، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه...))[رواه البيهقي عن أبي هريرة]
هناك إنسان أنا أسميه قناص ، يتعامى عن كل الفضائل ، فإذا ضبط تقصيراً أو مخالفة أو عيباً فضحها ونشرها وبالغ في الحديث عنها ، هذه اسمه قناص ، وهناك نماذج بشرية في كل المجتمعات ، يتعامى عن كل الفضائل والخيرات ويظهر العيوب والنقائص .
لذلك :
(( تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء ، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه، وتعوذوا بالله من زوجة سوء ، إن دخلت عليها لسنتك ، وإن غبت عنها خانتك، وتعوذوا بالله من إمام سوء ، إن أحسنت لم يقبل ، وإن أسأت لم يغفر)) .[رواه البيهقي عن أبي هريرة]
هذه فواقر ثلاث .
من ستر مؤمناً رضي الله عنه و قربه منه :
صدق أيها الأخ الكريم ، أنت حين تستر مسلماً وتدفن قصته تحت الأرض ولا تبوح بها إطلاقاً تشعر بقرب من الله كبير ، وحدثتكم في اللقاء السابق عن هذه التي زلت قدمها فأصلحها زوجها وجعلها تتوب توبة نصوحاً حتى أن هناك بشارات تبشره برضوان الله عز وجل .
القاضي شريح لقيه صديقة الفضيل فقال له : يا شريح كيف حالك في بيتك ؟ قال: منذ عشرين عاماً لم أجد من يعكر صفائي .
أحياناً الإنسان يقول : ما نمت يوماً مرتاحاً معها ، يقول : والله من عشرين عاماً ما وجدت من زوجتي ما يعكر صفائي ، قال : وكيف ذلك يا شريح ؟ قال : خطبت امرأة من أسرة صالحة فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً ، يقصد صلاحاً في دينها وكمالاً في خلقها ، فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة ، فلما سلّمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر بشكري ، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوت منها ، فقالت لي : على رسلك يا أبا أمية ( أي انتظر) ، وقامت فخطبت ، قوية في دينها كاملة في خلقها ، قالت : أما بعد ، يا أبا أمية إني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ولا ما تكره ، فقل ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه ، ويا أبا أمية قد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك ، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي ، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ، فاتقِ الله فيّ وامتثل قوله تعالى :
(فامساك بمعروف او تسريح باحسان)(سورة البقرة)
ثم قعدت ، قال : فألجأتني إلى أن أخطب ، يعني اضطر أن يلقي خطبة أمامها ، وقف وقال : أما بعد ، فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك زخراً وأجراً ، وإن تدعيه يكن حجة عليك ، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا ، أعطاها قائمتين .
عندنا قاعدة : لا معصية قبل التكليف ، تكلف ، تبين ، توضح ثم تحاسب ، أزواج كثيرون لا ينطقون بكلمة فإذا أخطأت في ميزانه هو يقيم عليها الدنيا ولا يقعدها ، ما بلغت ، قال لها أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا ، شاهد القصة من اسم الستير : قال لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
صفة الستر أول صفة من صفات المرأة المؤمنة :
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ليست فضاحة لا تفضح زوجها ، الإنسان في البيت عليه ضغوط عمل ، أحياناً يقل المال بين يديه ، أحياناً يصبح سريع الاستثارة ، فالمرأة الصالحة تقدر هذا الظرف ، في متاعب في الحياة ، أحياناً في التجارة في مشكلات كبيرة جداً ، بالوظيفة في صعوبات بالغة ، قال لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
لذلك تكاد صفة الستر تكون صفة أولى في المرأة المؤمنة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام : إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها ، لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه .
شاهدنا في موضوع اسم الستير قوله لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
من أراد معاتبة من حوله عليه أن يبدأ بذكر إيجابياته لا سلبياته :
إخواننا الكرام ، الإنسان أحياناً يأخذ من كل جهة إيجابيتها ويبتعد عن سلبياتها ، هناك أشخاص بالعكس : يأخذون من كل جهة سلبياتها ويبتعدون عن إيجابيتها ، يعني أحياناً يكون لك صديق له إيجابيات كثيرة جداً وله سلبيات ، يقتبس من سلبياته ومن سلبيات هذا وهذا فإذا هو كتلة من العيوب والنقائص ، وفي إنسان آخر يأخذ من كل شيء إيجابياته ، يجمع محاسن كل شيء ، فعود نفسك أن ترى في الإنسان الجانب الإيجابي ، لا يوجد إنسان كله شر ولا يوجد إنسان كله خير ، أنت حينما توطن نفسك ، أن ترى في كل إنسان النواحي الإيجابية ، كيف ؟ النبي عليه الصلاة والسلام يؤم أصحابه في صلاة من صلوات الفرض ، صحابي تأخر عن إدراك الركعة الأولى فدخل إلى المسجد وأسرع ليلحق مع النبي الركعة الأولى ، أحدث جلبة وضجيجاً وشوش على الصحابة في صلاتهم ، لما انتهت الصلاة ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال : زادك الله حرصاً ولا تعد .
ابدأ بالإيجابيات ، أنت كمدير مؤسسة ، كمعلم ، مدير مستشفى ، مدير جامعة ، مدير مدرسة ، حولك موظفون لهم إيجابيات وسلبيات ، إياك ثم إياك أن تبدأ بسلبياتهم ، عندك موظف يتأخر ولكنه أمين إن أردت أن تعاتبه يجب أن تبدأ بالحديث عن أمانته ، أنا معجب بأمانتك ، وأنا ممتن من إخلاصك لكن هناك مأخذ طفيف لابد من تلافيه هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام .
لذلك هناك عالم نفس أمريكي ألّف كتاباً ، كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء ؟ الكتاب الطبعة الأولى كانت خمسة ملايين نسخة ، جاء عالم (محمد الغزالي رحمه الله) ، أخذ هذه القواعد وذكر ما يقابلها في القرآن والسنة ، فإذا كنت مدير مدرسة ، أو مدير مشروع ، أو مدير جامعة ، أو أب ، أو معلم ، وأردت أن تعاتب بعض من حولك ، ابدأ بإيجابياتهم ، فجاء بالحديث هذا :
زادك الله حرصا ولا تعد .
على كل إنسان أن يرسم لزوجته سياسته في كل شيء للابتعاد عما يعكر صفوهما :
إذاً الشاهد إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها .
و ما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها ، قالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟ قال : نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين حتى لا يملونا ، رسم سياسة ، وأنا أقول : دائماً فترة الخطبة فترة مهمة جداً ، يجب أن يرسم الزوج مستقبلاً لزوجته ، سياسته في كل شيء ، قالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟ قال : نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملونا.
زر غباً تزدد حباً .
قالت : فمن من الجيران تحب أن أسمح لهم بدخول بيتك ومن تكره ؟ قال : بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم غير ذلك ، ثم قال : ومضى عليّ عام عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا ، رحبت بها أجمل ترحيب ، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال ، قالت له أم زوجته : كيف وجدت زوجتك ؟ قلت : والله هي خير زوجة ، قالت : يا أبا أمية ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود ، فأدب ما شئت أن تؤدب ، وهذب ما شئت أن تهذب ، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة .
شاهدنا ، ما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها . والمرأة المؤمنة ستيرة والزوج المؤمن ستير لا يفضح ، لا يمدحها أمام الناس مدحاً يغري الناس أن يلتقوا بها ، كما أن هناك عادة سيئة جداً ، يثني على جمال زوجته وعلى حكمتها وعلى طبخها وعلى و على .. ليس هذا من الكمال ، لكن ليس من الكمال أيضاً أن تذم زوجتك ، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام أثنى على المرأة الستيرة ، وأنت أيها الزوج الكريم يجب أن تكون ستيراً ، قال : ومضى عليّ عشرون عاماً لم أجد ما يعكر صفائي إلا ليلة واحدة كنت فيها أنا الظالم .
طاعة الله عز وجل تنظم العلاقة بين الزوجين :
لذلك أنا أقول : مما ينظم علاقة الزوجين هذا الحديث الشريف :
(( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا )) .[رواه أحمد عن ابن عمر ، وإسناده حسن]
وأقول دائماً : إذا بني الزواج على طاعة الله ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أما إذا بني الزواج على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح يتول الشيطان التفريق بينهما .
من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلق بها :
1 ـ على المؤمن ألا يفتخر بالمعصية :
الآن من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلق بها ، المقولة الشهيرة إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا ، يعني إنسان غلبته نفسه لا ينبغي أن يفتخر بهذه المعصية ، السؤال الآن : ما الفرق بين العاصي والفاجر ؟ العاصي عاصي أما الفاجر يجاهر بمعصيته ولا يعبأ بها ، يفتخر بها أحياناً ، لذلك ذنب الفاجر كبير لأنه إنسان مستعل مستكبر ، لأنه يذكر ذنبه أمام الناس ولا يستحي منه فهو فاجر ، أما العاصي قد يكون مغلوباً ، ورب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ، لذلك فرق العلماء بين معصية غلبة الشهوة وبين معصية الاستكبار إبليس أبى واستكبر أن يكون مع الساجدين ، هناك معاصي استكبار ، وهناك معاصي غلبة شهوة :(ربنا غلبت علينا شقوتنا) (سورة المؤمنون)
لذلك الفرق كبير جداً بين أن تغلب وبين أن تستعلي ، لذلك إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا ، مقولة إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا والذي لا يستتر لا يصنف مع العصاة ، يصنف مع الفجار .
البوح بالأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله :
هناك شيء آخر نحن في إسلامنا ممنوع أشد المنع أن تبوح بمعاصيك لرجل الدين ، هذا ليس وارداً في الإسلام ، إنسان زلت قدمه وارتكب معصية والله ستره ممنوع منعاً باتاً أن تذهب إلى شيخ وأن تبوح له بما فعلت ، الله سترك استر نفسك ، والإنسان لا يغفر ، وهناك أزواج كثر بعد الزواج يحدثها عن أخطائه قبل الزواج ، أو هي من حمقها تحدثه عن أخطائها قبل الزواج ، فالإنسان لا يغفر ، الله تعالى سترك وما فضحك تفضح نفسك ؟ هذا موقف فيه حمق كبير ، لذلك البوح بالأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله ، البوح بأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله عز وجل .
2 ـ أن يستر الإنسان عورته :
الآن يدخل في باب الاستتار أن يستر الإنسان عورته ، النبي عليه الصلاة والسلام استأجر أجيراً فاغتسل عريانا فقال له : خذ أجارتك لا حاجة لنا بك إني رأيتك لا تستحيي من الله .
سبحان الله عز وجل ، العالم الآن انقسم مؤمن وغير مؤمن ، أهل الإيمان يستترون وأهل الضلال يكشفون عوراتهم ، لذلك الآية الكريمة :(ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما) [سورة الأعراف الآية :27]
شأن الشيطان التعري ، أنا أقول لكم شيئاً مؤلماً هناك شباب يقومون في البيت بثيابهم الداخلية أمام أخواتهم ، وهناك شابات يرتدين ملابس شفافة أمام آبائهن وأخواتهن ، هذا لا يجوز إطلاقاً ، لذلك إذا كان في فواحش ضمن الأسرة الواحدة سببها التعري ، حتى الإنسان إذا دخل على ابنته ينبغي أن يستأذن منها ، النبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن نستأذن على أمهاتنا ففي صحابي تعجب كيف نستأذن على أمهاتنا ؟ قال : أتحب أن تراها عريانة ؟
المرأة لها خصوصيات ، فلذلك من شأن الشيطان أن ينزع عن الإنسان لباسه ، هذا الشيء في تفلت في البيوت ، تفلت في الطرقات ، المرأة تبدو كما خلقها الله كاسية عارية بينما المؤمن يرتدي ثياباً سابغة والمؤمنة كذلك ، الأبلغ من ذلك يجب أن تستر خصوصيات البيت ، كل إنسان له زوجة ، في خصوصيات ، نسمي العلاقة بالزوجة علاقة حميمة جداً ، هذه العلاقات الحميمة ينبغي ألا يبوح بها الزوج ، ولا تبوح بها الزوجة أبداً ، ينبغي ألا يبوح بها الزوج ولا تبوح بها الزوجة ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا المعنى إشارة واضحة جداً فكان الذي يلتقي مع زوجته ثم يُحدّث الناس بما كان البارحة و كأن الناس يرون الزوجين عريانين ، هذا أيضاً من نقائص المجتمع .
3 ـ سترة ما بين الزوجين من خصوصيات :
هناك شيء آخر سترة ما بين الزوجين من خصوصيات ، إنسانة بفرنسا تعمل بالتمثيل سئلت وقد لفتت نظري إجابتها ، سئلت ما شعورك وأنت على خشبة المسرح ؟ قالت شعور الخزي والعار ، وهذا شعور كل أنثى تعرض مفاتنها على الجمهور ، إن الحب يجب أن يبقى بين الزوجين وفي غرف مغلقة .
شخص كان لا يصلي الفجر في وقته فاشتكى للنبي أنه نؤوم قال له عمر: ويحك! فضحت نفسك ، قال له: دعه يا عمر، فضوح الدنيا أفضل من فضوح الآخرة ، ثم دعا له وقال : رب أذهب عنه النوم إذا شاء . معنى هذا أن الإنسان إذا شاء استيقظ ، أذهب عنة النوم إذا شاء .
(من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) :
إخواننا الكرام ، أهم ما في هذا الدرس من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة . اجعل ستر المسلمين عملاً صالحاً تلقاه يوم القيامة ، من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة لأن المؤمن عليه أن يتخلق بكمالات الله .
الآن قصة فيها فحش قصة تعطي فكرة سيئة عن المجتمع لا ترويها إذا رويتها إلى من لا يحتاجها استسهل المعصية ، هناك قصص تقع ليس من المستحسن أن تكثر من روايتها ، لذلك :(ان الدين يحبون ان تشيع الفاحشة في الدين آمنوا لهم عداب اليم في الدنيا والاخرة)( سورة النور الآية : 19 ) .
لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في عقر بيته .
كل إنسان يتتبع عورات الناس الله عز وجل توعده أن يفضحه في عقر داره ، وآخر شيء في هذا اللقاء الطيب :
( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))
[أخرجه الترمذي عن الحسين بن علي]
والحمد لله رب العالمين
(( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي )) .
[ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح البخاري والترمذي ] .
هذا الخطيب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال له : قل : لجارك فلان ، وجاره بائع متواضع جداً ، إلى جانب المسجد ، قل لجارك فلان : إنه رفيقي في الجنة ، هذا الخطيب تألم ألماً شديداً ، البشارة لي أم له ؟ لجاره ، وهو إنسان متواضع ، من عامة الناس طرق بابه ، دخل إلى بيته ورحب به ، قال له : لك عندي بشارة من رسول الله ، ولن أعلمك إياها إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ امتنع ، فلما ألح عليه ، قال له : والله لن أنقلها إلى مسامعك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ، قال له : والله أنا خطبت امرأة وتزوجتها ، وفي الشهر الخامس ، كانت حاملاً في الشهر التاسع ، يعني أن الحمل ليس مني ، قال له : زلت قدمها ، قال له : بإمكاني أن أفضحها ، بإمكاني أن أطلقها ، بإمكاني أن أسحقها ، لكن أردت أن أجعلها تتوب على يدي ، جئت لها بولاّدة ، وولدت في الليل ، وحملت الطفل الصغير الذي ليس منه تحت عباءتي ، ودخلت جامع في السنجقدار ، دخل المسجد بعد أن نوى الإمام فريضة الفجر ، وضع الغلام وراء الباب ، والتحق بالمصلين ، ولم يره أحد ، فلما انتهت الصلاة تحلق الناس حول الغلام ، ودهشوا ، فجاء هو ، وكأنه لم يعلم ما الخبر ، قال : ما الخبر ؟! قالوا : تعال انظر ، قال : أنا أكفله ، أعطوني إياه ، فأخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط ، وهو تولى تربيته ، ورده إلى أمه ، وتابت على يديه ، الله عز وجل قال :(ان الله يأمر بالعدل والاحسان)( سورة النحل الآية : 90 ) .
العدل أن تطلقها ، وأن تسحقها ، وأن تركلها بقدمك ، لكن الله أمرك بالإحسان ، فأنت إذا فعلت هذا فقد أنقذتها من الفضيحة ، وأنقذتها من الضياع ، وما كل قضية تحل بالعدل ، بل تحل آلاف القضايا بالإحسان ، ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾ ، لا تكن فضّاحاً ، كن ستّيراً .
الله عز وجل ( ستّير ) ، يحب كل ستّير ، وتخلق بهذا الكمال الإلهي ، وتقرب إلى الله بهذا الكمال الإلهي ، ولا تكن فضّاحاً .
فلذلك في مجتمع الفضاح ما من قصة يرويها إنسان إلا وهي بعد أيام بين كل الناس .
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ، وأما التي تخرج من بيتها تشتكي على زوجها فهي فضاحة ، لا ينظر الله إلى امرأة تشتكي على زوجها ، يحب الله المرأة الستيرة ، المرأة الستيرة امرأة مؤمنة
وإذا تاب العبد توبة نصوحة ، هنا الشاهد ، هنا اسم الستير .
إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه .
هذا شأن الستير ، إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه .
التائب من الذنب كمن لا ذنب له :
لذلك : التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
(والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما)(سورة النساء)
وما أمرك أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك ، وما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك ، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك ، لكن الإنسان غير المؤمن شأنه العكس هو يظهر القبيح ويستر المليح ، لذلك ورد في بعض الأحاديث الشريفة :
((تعوذوا بالله من ثلاث فواقر : تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء ، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه...))[رواه البيهقي عن أبي هريرة]
هناك إنسان أنا أسميه قناص ، يتعامى عن كل الفضائل ، فإذا ضبط تقصيراً أو مخالفة أو عيباً فضحها ونشرها وبالغ في الحديث عنها ، هذه اسمه قناص ، وهناك نماذج بشرية في كل المجتمعات ، يتعامى عن كل الفضائل والخيرات ويظهر العيوب والنقائص .
لذلك :
(( تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء ، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه، وتعوذوا بالله من زوجة سوء ، إن دخلت عليها لسنتك ، وإن غبت عنها خانتك، وتعوذوا بالله من إمام سوء ، إن أحسنت لم يقبل ، وإن أسأت لم يغفر)) .[رواه البيهقي عن أبي هريرة]
هذه فواقر ثلاث .
من ستر مؤمناً رضي الله عنه و قربه منه :
صدق أيها الأخ الكريم ، أنت حين تستر مسلماً وتدفن قصته تحت الأرض ولا تبوح بها إطلاقاً تشعر بقرب من الله كبير ، وحدثتكم في اللقاء السابق عن هذه التي زلت قدمها فأصلحها زوجها وجعلها تتوب توبة نصوحاً حتى أن هناك بشارات تبشره برضوان الله عز وجل .
القاضي شريح لقيه صديقة الفضيل فقال له : يا شريح كيف حالك في بيتك ؟ قال: منذ عشرين عاماً لم أجد من يعكر صفائي .
أحياناً الإنسان يقول : ما نمت يوماً مرتاحاً معها ، يقول : والله من عشرين عاماً ما وجدت من زوجتي ما يعكر صفائي ، قال : وكيف ذلك يا شريح ؟ قال : خطبت امرأة من أسرة صالحة فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً ، يقصد صلاحاً في دينها وكمالاً في خلقها ، فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة ، فلما سلّمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر بشكري ، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوت منها ، فقالت لي : على رسلك يا أبا أمية ( أي انتظر) ، وقامت فخطبت ، قوية في دينها كاملة في خلقها ، قالت : أما بعد ، يا أبا أمية إني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ولا ما تكره ، فقل ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه ، ويا أبا أمية قد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك ، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي ، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ، فاتقِ الله فيّ وامتثل قوله تعالى :
(فامساك بمعروف او تسريح باحسان)(سورة البقرة)
ثم قعدت ، قال : فألجأتني إلى أن أخطب ، يعني اضطر أن يلقي خطبة أمامها ، وقف وقال : أما بعد ، فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك زخراً وأجراً ، وإن تدعيه يكن حجة عليك ، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا ، أعطاها قائمتين .
عندنا قاعدة : لا معصية قبل التكليف ، تكلف ، تبين ، توضح ثم تحاسب ، أزواج كثيرون لا ينطقون بكلمة فإذا أخطأت في ميزانه هو يقيم عليها الدنيا ولا يقعدها ، ما بلغت ، قال لها أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا ، شاهد القصة من اسم الستير : قال لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
صفة الستر أول صفة من صفات المرأة المؤمنة :
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ليست فضاحة لا تفضح زوجها ، الإنسان في البيت عليه ضغوط عمل ، أحياناً يقل المال بين يديه ، أحياناً يصبح سريع الاستثارة ، فالمرأة الصالحة تقدر هذا الظرف ، في متاعب في الحياة ، أحياناً في التجارة في مشكلات كبيرة جداً ، بالوظيفة في صعوبات بالغة ، قال لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
لذلك تكاد صفة الستر تكون صفة أولى في المرأة المؤمنة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام : إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها ، لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه .
شاهدنا في موضوع اسم الستير قوله لها : ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها .
من أراد معاتبة من حوله عليه أن يبدأ بذكر إيجابياته لا سلبياته :
إخواننا الكرام ، الإنسان أحياناً يأخذ من كل جهة إيجابيتها ويبتعد عن سلبياتها ، هناك أشخاص بالعكس : يأخذون من كل جهة سلبياتها ويبتعدون عن إيجابيتها ، يعني أحياناً يكون لك صديق له إيجابيات كثيرة جداً وله سلبيات ، يقتبس من سلبياته ومن سلبيات هذا وهذا فإذا هو كتلة من العيوب والنقائص ، وفي إنسان آخر يأخذ من كل شيء إيجابياته ، يجمع محاسن كل شيء ، فعود نفسك أن ترى في الإنسان الجانب الإيجابي ، لا يوجد إنسان كله شر ولا يوجد إنسان كله خير ، أنت حينما توطن نفسك ، أن ترى في كل إنسان النواحي الإيجابية ، كيف ؟ النبي عليه الصلاة والسلام يؤم أصحابه في صلاة من صلوات الفرض ، صحابي تأخر عن إدراك الركعة الأولى فدخل إلى المسجد وأسرع ليلحق مع النبي الركعة الأولى ، أحدث جلبة وضجيجاً وشوش على الصحابة في صلاتهم ، لما انتهت الصلاة ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال : زادك الله حرصاً ولا تعد .
ابدأ بالإيجابيات ، أنت كمدير مؤسسة ، كمعلم ، مدير مستشفى ، مدير جامعة ، مدير مدرسة ، حولك موظفون لهم إيجابيات وسلبيات ، إياك ثم إياك أن تبدأ بسلبياتهم ، عندك موظف يتأخر ولكنه أمين إن أردت أن تعاتبه يجب أن تبدأ بالحديث عن أمانته ، أنا معجب بأمانتك ، وأنا ممتن من إخلاصك لكن هناك مأخذ طفيف لابد من تلافيه هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام .
لذلك هناك عالم نفس أمريكي ألّف كتاباً ، كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء ؟ الكتاب الطبعة الأولى كانت خمسة ملايين نسخة ، جاء عالم (محمد الغزالي رحمه الله) ، أخذ هذه القواعد وذكر ما يقابلها في القرآن والسنة ، فإذا كنت مدير مدرسة ، أو مدير مشروع ، أو مدير جامعة ، أو أب ، أو معلم ، وأردت أن تعاتب بعض من حولك ، ابدأ بإيجابياتهم ، فجاء بالحديث هذا :
زادك الله حرصا ولا تعد .
على كل إنسان أن يرسم لزوجته سياسته في كل شيء للابتعاد عما يعكر صفوهما :
إذاً الشاهد إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها .
و ما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها ، قالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟ قال : نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين حتى لا يملونا ، رسم سياسة ، وأنا أقول : دائماً فترة الخطبة فترة مهمة جداً ، يجب أن يرسم الزوج مستقبلاً لزوجته ، سياسته في كل شيء ، قالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟ قال : نزورهم غباً مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملونا.
زر غباً تزدد حباً .
قالت : فمن من الجيران تحب أن أسمح لهم بدخول بيتك ومن تكره ؟ قال : بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم غير ذلك ، ثم قال : ومضى عليّ عام عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا ، رحبت بها أجمل ترحيب ، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال ، قالت له أم زوجته : كيف وجدت زوجتك ؟ قلت : والله هي خير زوجة ، قالت : يا أبا أمية ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود ، فأدب ما شئت أن تؤدب ، وهذب ما شئت أن تهذب ، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة .
شاهدنا ، ما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها . والمرأة المؤمنة ستيرة والزوج المؤمن ستير لا يفضح ، لا يمدحها أمام الناس مدحاً يغري الناس أن يلتقوا بها ، كما أن هناك عادة سيئة جداً ، يثني على جمال زوجته وعلى حكمتها وعلى طبخها وعلى و على .. ليس هذا من الكمال ، لكن ليس من الكمال أيضاً أن تذم زوجتك ، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام أثنى على المرأة الستيرة ، وأنت أيها الزوج الكريم يجب أن تكون ستيراً ، قال : ومضى عليّ عشرون عاماً لم أجد ما يعكر صفائي إلا ليلة واحدة كنت فيها أنا الظالم .
طاعة الله عز وجل تنظم العلاقة بين الزوجين :
لذلك أنا أقول : مما ينظم علاقة الزوجين هذا الحديث الشريف :
(( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا )) .[رواه أحمد عن ابن عمر ، وإسناده حسن]
وأقول دائماً : إذا بني الزواج على طاعة الله ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أما إذا بني الزواج على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح يتول الشيطان التفريق بينهما .
من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلق بها :
1 ـ على المؤمن ألا يفتخر بالمعصية :
الآن من معاني الاستتار التي ينبغي للمؤمن أن يتخلق بها ، المقولة الشهيرة إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا ، يعني إنسان غلبته نفسه لا ينبغي أن يفتخر بهذه المعصية ، السؤال الآن : ما الفرق بين العاصي والفاجر ؟ العاصي عاصي أما الفاجر يجاهر بمعصيته ولا يعبأ بها ، يفتخر بها أحياناً ، لذلك ذنب الفاجر كبير لأنه إنسان مستعل مستكبر ، لأنه يذكر ذنبه أمام الناس ولا يستحي منه فهو فاجر ، أما العاصي قد يكون مغلوباً ، ورب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ، لذلك فرق العلماء بين معصية غلبة الشهوة وبين معصية الاستكبار إبليس أبى واستكبر أن يكون مع الساجدين ، هناك معاصي استكبار ، وهناك معاصي غلبة شهوة :(ربنا غلبت علينا شقوتنا) (سورة المؤمنون)
لذلك الفرق كبير جداً بين أن تغلب وبين أن تستعلي ، لذلك إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا ، مقولة إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا والذي لا يستتر لا يصنف مع العصاة ، يصنف مع الفجار .
البوح بالأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله :
هناك شيء آخر نحن في إسلامنا ممنوع أشد المنع أن تبوح بمعاصيك لرجل الدين ، هذا ليس وارداً في الإسلام ، إنسان زلت قدمه وارتكب معصية والله ستره ممنوع منعاً باتاً أن تذهب إلى شيخ وأن تبوح له بما فعلت ، الله سترك استر نفسك ، والإنسان لا يغفر ، وهناك أزواج كثر بعد الزواج يحدثها عن أخطائه قبل الزواج ، أو هي من حمقها تحدثه عن أخطائها قبل الزواج ، فالإنسان لا يغفر ، الله تعالى سترك وما فضحك تفضح نفسك ؟ هذا موقف فيه حمق كبير ، لذلك البوح بالأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله ، البوح بأخطاء وقد سترها الله عز وجل استخفاف بستر الله عز وجل .
2 ـ أن يستر الإنسان عورته :
الآن يدخل في باب الاستتار أن يستر الإنسان عورته ، النبي عليه الصلاة والسلام استأجر أجيراً فاغتسل عريانا فقال له : خذ أجارتك لا حاجة لنا بك إني رأيتك لا تستحيي من الله .
سبحان الله عز وجل ، العالم الآن انقسم مؤمن وغير مؤمن ، أهل الإيمان يستترون وأهل الضلال يكشفون عوراتهم ، لذلك الآية الكريمة :(ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما) [سورة الأعراف الآية :27]
شأن الشيطان التعري ، أنا أقول لكم شيئاً مؤلماً هناك شباب يقومون في البيت بثيابهم الداخلية أمام أخواتهم ، وهناك شابات يرتدين ملابس شفافة أمام آبائهن وأخواتهن ، هذا لا يجوز إطلاقاً ، لذلك إذا كان في فواحش ضمن الأسرة الواحدة سببها التعري ، حتى الإنسان إذا دخل على ابنته ينبغي أن يستأذن منها ، النبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن نستأذن على أمهاتنا ففي صحابي تعجب كيف نستأذن على أمهاتنا ؟ قال : أتحب أن تراها عريانة ؟
المرأة لها خصوصيات ، فلذلك من شأن الشيطان أن ينزع عن الإنسان لباسه ، هذا الشيء في تفلت في البيوت ، تفلت في الطرقات ، المرأة تبدو كما خلقها الله كاسية عارية بينما المؤمن يرتدي ثياباً سابغة والمؤمنة كذلك ، الأبلغ من ذلك يجب أن تستر خصوصيات البيت ، كل إنسان له زوجة ، في خصوصيات ، نسمي العلاقة بالزوجة علاقة حميمة جداً ، هذه العلاقات الحميمة ينبغي ألا يبوح بها الزوج ، ولا تبوح بها الزوجة أبداً ، ينبغي ألا يبوح بها الزوج ولا تبوح بها الزوجة ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا المعنى إشارة واضحة جداً فكان الذي يلتقي مع زوجته ثم يُحدّث الناس بما كان البارحة و كأن الناس يرون الزوجين عريانين ، هذا أيضاً من نقائص المجتمع .
3 ـ سترة ما بين الزوجين من خصوصيات :
هناك شيء آخر سترة ما بين الزوجين من خصوصيات ، إنسانة بفرنسا تعمل بالتمثيل سئلت وقد لفتت نظري إجابتها ، سئلت ما شعورك وأنت على خشبة المسرح ؟ قالت شعور الخزي والعار ، وهذا شعور كل أنثى تعرض مفاتنها على الجمهور ، إن الحب يجب أن يبقى بين الزوجين وفي غرف مغلقة .
شخص كان لا يصلي الفجر في وقته فاشتكى للنبي أنه نؤوم قال له عمر: ويحك! فضحت نفسك ، قال له: دعه يا عمر، فضوح الدنيا أفضل من فضوح الآخرة ، ثم دعا له وقال : رب أذهب عنه النوم إذا شاء . معنى هذا أن الإنسان إذا شاء استيقظ ، أذهب عنة النوم إذا شاء .
(من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) :
إخواننا الكرام ، أهم ما في هذا الدرس من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة . اجعل ستر المسلمين عملاً صالحاً تلقاه يوم القيامة ، من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة لأن المؤمن عليه أن يتخلق بكمالات الله .
الآن قصة فيها فحش قصة تعطي فكرة سيئة عن المجتمع لا ترويها إذا رويتها إلى من لا يحتاجها استسهل المعصية ، هناك قصص تقع ليس من المستحسن أن تكثر من روايتها ، لذلك :(ان الدين يحبون ان تشيع الفاحشة في الدين آمنوا لهم عداب اليم في الدنيا والاخرة)( سورة النور الآية : 19 ) .
لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في عقر بيته .
كل إنسان يتتبع عورات الناس الله عز وجل توعده أن يفضحه في عقر داره ، وآخر شيء في هذا اللقاء الطيب :
( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))
[أخرجه الترمذي عن الحسين بن علي]
والحمد لله رب العالمين