تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخروج على الحكام سبب لتأخر الجهاد وضعف الدولة الإسلامية وتقوية لأعداء الدين والملة


أبو عمار
2011-03-11, 10:49
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد:

فمن الجوانب التي تظهر عليها الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف:

الجانب السياسي، سواء ما يتعلق بالجوانب السياسيّة الداخليّة أو الخارجيّة، ولبيان ذلك، سيكون لي مع بعض تلك الآثار وقفات لأبيّن للقارئ الكريم، خطر مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام على الجانب السياسي، ومن تلك الآثار:

(عنوان 1- ضعف الدولة الإسلامية وقوّة شوكة أعداء المسلمين.)

إنّ من أعظم الآثار التي يخلّفها الخروج على الحكام وعدم السمع والطاعة لهم: ضعف الدولة الإسلامية، وانتهاك قواها، مع ما يقابله من قوّة العدو، وظهور شوكته.

فإنَّ في الخروج عليه إضعافاً لجيشه، وتقليلاً من عددهم، وذلك لأنّ الحاكم سيصد الخوارج وسيقاتلهم، وسيحاول استئصال شوكتهم، فيذهب كثير من جنده، وسيخسر كثيراً من عتاده، خاصّة إذا كان الخارجي له شوكة وشأفة وقوّة يصعب استئصالها.

وسينشغل المسلمون بقتال هؤلاء الخوارج وستتعطل الثغور، ويقلّ الجهاد في سبيل الله، فيقوى العدو، ويزداد في إعداد نفسه، إن لم يداهم الإسلام والمسلمين.

وقد سمع الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: (( لا تفعل -رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتم، وإنما تخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير )).

ومن أسباب ضعفه -أيضاً- تخلّف الناس عن القتال معه، كمن يرى عدم جواز الجهاد مع حكام الجور، مخالفاً بذلك قول أهل السنّة، فيترتب على ذلك قلةً في جيشه، وضعفاً في عزيمته.

قال عبدالملك بن حبيب-رحمه الله-: (( سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالجهاد مع الولاة، وإن لم يضعوا الخُمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، ولو عملوا ما عملوا، ولو جاز للنّاس ترك الغزو معهم لسوء حالهم؛ لاستذلّ الإسلام، وتخيفت أطرافه، واستبيح حريمه، ولعلى الشرك وأهله )) (1) .

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-: (( ثم هنا مسألة أخرى وداهية كبرى، دها بها الشيطان كثيراً من الناس، فصاروا يسعون فيما يفرق جماعة المسلمين، ويوجب الاختلاف في الدين، وما ذمه الكتاب المبين، ويقضي بالإخلاد إلى الأرض، وترك الجهاد، ونصرة رب العالمين، ويفضي إلى منع الزكاة، ويشب نار الفتنة والضلالات، فتلطف الشيطان في إدخال هذه المكيدة، ونصب لها حججاً ومقدمات، وأوهمهم أن طاعة بعض المتغلبين، فيما أمر الله به ورسوله، من واجبات الإيمان، وفيما فيه دفعٌ عن الإسلام وحماية لحوزته، لا تجب والحالة هذه، ولا تشرع )) (2) .

وفي المقابل فإنّ الخوارج مع قتلهم للمسلمين، وإضعافهم لهم، يَتركون أهل الأوثان والشرك والكفر، ويُديرون معاركهم ضد أهل الإسلام، كما جاء ذلك في قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان ))، وهذا الفعل من السمات البارزة كما جاء عن الشاطبي تقرير ذلك (3).

وقد أفتى علماء الأندلس لـمّا سئلوا عن طائفة خرجت على الإمام، فذكروا مفاسد الخروج وعواقبه الوخيمة، فقالوا: (( مع ما في ذلك من توهين المسلمين، وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم )) (4).

وقال العلامة المعلمي -رحمه الله-: (( ومن كان يكرهه (أي: الخروج على الولاة) يرى أنّه شق لعصا المسلمين، وتفريق لكلمتهم، وتشتيت لجماعتهم، وتمزيق لوحدتهم، وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوّتهم وتقوى شوكة عدوّهم، وتتعطّل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار، ويقتلون من فيها من المسلمين، ويذلّونهم، وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً، وقد جرّب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشرّ... )) (5).

ومما يسبب ضعف الدولة الإسلاميّة، ولعلّه ذهابها، كتم النصيحة عن الحاكم، وعدم إخباره بمن يكيد له وللمسلمين وللدولة الإسلامية بشرّ، وهذا من الواجبات التي تجب للحكام على رعيتهم.

ومما يروى في ذلك، أنّ علي بن عيسى بن الجراح قال: سألت أولاد بني أميّة ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: (( خصال أربع أوّلها: أن وزراءنا كتموا عنّا ما يجب إظهاره لنا، والثاني: أنّ جباة خراجنا ظلموا النّاس فارتحلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا، والثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند، فتركوا طاعتنا، والرابعة: يئسوا من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا؛ فلذلك زالت دولتنا )) (6).

وهذا الأثر الذي يخلفه اتباع غير سبيل المؤمنين في معاملتهم لحكامهم، ينتج عنه أثر آخر خطير على الإسلام والمسلمين، وهو ما سيأتي.

(عنوان 2- هزيمتهم وفشلهم أمام عدوّهم.)

ومن الآثار السيئة السياسية -كذلك- المترتبة على مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام، ما ينشأ عن هذه المخالفة من انهزام المسلمين أمام عدوّهم، وفشلهم في صد كيد الكفار والمشركين عن الدولة الإسلامية، فيحدث على الإسلام والمسلمين ما لا قِبَل لهم به من استيلاء الكفار على دولتهم، ومنعهم من إظهار دينهم.

فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

قال الطرطوشي -رحمه الله-: (( أيها الأجناد، أقلّوا الخلاف على الأمراء، فلا ظفر مع اختلاف، ولا جماعة لمن اختلف عليه، قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وأوّل الظفر الاجتماع، وأوّل الخذلان الافتراق، وعماد الجماعة السمع والطاعة... )) (7).

وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: (( ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل )) (8).

(عنوان 3- استغلال العدو وشن الغارات على المسلمين.)

ومن الآثار السيئة -أيضاً-، انتهاز العدوّ لهذه الفرصة، وهي اختلاف الرعيّة على إمامهم وتقاتلهم فيما بينهم، فينهض لغزو المسلمين، أو السطو على بعض بلدانهم وأموالهم، وشنّ الغارات عليهم، فإنّ الكفار يستغلون أي فرصة ضد المسلمين، كما قال تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}، هذا إذا انشغلوا عن أسلحتهم، فكيف إذا انشغلوا ببعضهم البعض، ووهت قوّتهم، وضعفت شكيمتهم.

قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: (( فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأنّ في منازعته والخروج عليه: استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي الدهماء، وتبييت الغارات على المسلمين، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر )) (9).

ومن الأمثلة على ذلك من تاريخنا الإسلامي: استغلال الخزر اختلاف المسلمين، وذلك بخروج إبراهيم بن عبدالله بن حسن أخو النفس الزكيّة على الدولة العباسية، فشنوا الغارة على المسلمين.

قال الذهبي -رحمه الله-: ((وعَرَفت الخزر باختلاف الأمة، فخرجوا من باب الأبواب، وقتلوا خلقاً بأرمينية، وسبوا الذرية، فلله الأمر)) (10).

(عنوان 4- تأخر الجهاد والانشغال عن أعداء الله.)

إن توقف حركة الجهاد، وانشغال المسلمين عن الفتوح والغزوات ضد الكفرة والمشركين، لمن أعظم الآثار التي يخلّفها مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام، فما يكاد إمام من أئمة المسلمين أن يغزو بلداً، أو يفتح حصناً، إلا ويأتيه ما يشغله من خروج الخوارج في أهله وبلده، فيضطر إلى الرجوع، فيرد كيدهم في نحرهم، ويصرف شرهم وخطرهم عن الإسلام والمسلمين.

قال الشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- عند حديثه عن الذين خرجوا على عثمان -رضي الله عنه-: (( وإنّ الشرّ الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم، وقصر أنظارهم، لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثماً وجناية )) (11).

وفي قصّة ابن الأشعث ما يؤكّد هذا المعنى، فإنّ جيش ابن الأشعث الذي ولاه الحجاج لقتال الترك، قد انتصر انتصارات كبيرة، وفتح عدداً من بلدان رتبيل الكافر، ولكن لما صمّموا على الخروج على الحجاج، وخلعه وخلع الخليفة، وبيعتهم لابن الأشعث، ترتب على ذلك، توقف جهاد الكفار من الترك، وخروجهم من بلاد الكفار، وقتالهم للمسلمين (12).

ولمّا كان المعتصم يقاتل الروم، وفتح عدداً من بلدانهم، وأثخن فيهم قتلاً وسبياً، إلى أن وصل إلى قُسنطينيّة وصمّم على محاصرتها، أتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه (13).

والأمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً من هذه الأمثلة، والتي كانت بعد ولاية معاوية -رضي الله عنه- التي كان النّاس فيها متفقين يغزون العدو، ثم توقف الجهاد وانحسر بسبب ما حدث من الفتن (14).

وفي نهاية مطاف هذا الباب، أوصي نفسي وأخواني المسلمين، أن يتمسكوا بمنهج السلف الصالح، وأن يتركوا الآراء والأهواء المستوردة، والمنبثقة عن غير شريعتنا المطهرّة، فإنّ الخير كل الخير في اتباع سبيلهم، واقتفاء آثارهم، والشرّ كلّ الشر في مجانبتهم، واجتناب منهجهم، وما يدينون الله به (مميز كما اوصي الدعاة إلى الله أن يربوا الناس على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة
والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وبمناصحة ذوي العقول السديدة للحكام في أخطائهم العقدية والمنهجية والسياسية، فهذا هو المطلوب شرعاً وعقلاً منهم وبه يتحقق الخير كله أو جله ويزول الشر كله أو جله وذاك غاية ما يطمح إليه العقلاء المخلصون.)

كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:

(( أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) (15).

فأسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، إن ربي لسميع الدعاء.

(
كتبه

أخوكم

خالد بن ضحوي الظفيري)




========

الحواشي:
(1) رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص:289).
(2) الدرر السنيّة جمع ابن قاسم (8/377-380)، وعيون الرسائل والأجوبة على المسائل جمع الشيخ سليمان بن سحمان (2/875-879).
(3) انظر: الموافقات (5/150-151).
(4) المعيار المعرب للونشريسي (11/149).
(5) التنكيل (1/93-94)
(6) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/35) برقم [7422]، والتبريزي في النصيحة للراعي والرعيّة (ص:104).
(7) سراج الملوك (2/703).
(8) شرح الأصول الستة (ص:161).
(9) الاستذكار (14/41)، وللقرطبي كلام نحو هذا في تفسيره (2/108-109).
(10) سير أعلام النبلاء (6/224).
(11) حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص:57).
(12) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (12/307).
(13) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (10/297-298).
(14) انظر: منهاج السنّة النبوية (6/231-232).
(15) رواه أبو داود في السنن (5/19)، 34-كتاب السنة، 7-باب لزوم السنّة، حديث (4612)، وأبو نعيم في الحلية (5/338-339)، والآجري في الشريعة (2/930-932) برقم [529]، وابن بطة في الإبانة (2/335) برقم [560]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/873) برقم [3856].

منقول

لعربي عبدية
2011-03-11, 15:50
بارك الله فيك

أبو عمار
2011-03-11, 21:40
و فيكِ بارك الله

لقاء الجنة
2011-03-13, 12:59
http://images.lakii.com/images/Oct10/summer2010_33443_1210194875.gif

Muslim4ever
2011-03-13, 13:23
هههههههه عن اي دولة اسلامية تتحدث هل تتحدث عن الخلافة الراشدة ام الدولة الاموية او العباسية او دولة تحكم بشرع الله ههههههههههههههههه

انت تتحدث عن دول ظالمة مستبدة ذليلة سارقة تدعي انها اسلامية

والله مسخرة

العنبلي الأصيل
2011-03-21, 18:36
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير

هشام البرايجي
2011-03-21, 18:48
للرفع عاليا وبارك الله في صاحب الموضوع

أبو عمار
2011-03-22, 16:23
و فيكم بارك الله .

أبو عمار
2011-05-04, 23:02
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير

و فيك بارك الله أخي الحبيب .

أبو عمار
2011-10-06, 21:13
للرفع عاليا .

kamel76
2011-10-06, 21:29
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد:

فمن الجوانب التي تظهر عليها الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف:

الجانب السياسي، سواء ما يتعلق بالجوانب السياسيّة الداخليّة أو الخارجيّة، ولبيان ذلك، سيكون لي مع بعض تلك الآثار وقفات لأبيّن للقارئ الكريم، خطر مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام على الجانب السياسي، ومن تلك الآثار:

(عنوان 1- ضعف الدولة الإسلامية وقوّة شوكة أعداء المسلمين.)

إنّ من أعظم الآثار التي يخلّفها الخروج على الحكام وعدم السمع والطاعة لهم: ضعف الدولة الإسلامية، وانتهاك قواها، مع ما يقابله من قوّة العدو، وظهور شوكته.

فإنَّ في الخروج عليه إضعافاً لجيشه، وتقليلاً من عددهم، وذلك لأنّ الحاكم سيصد الخوارج وسيقاتلهم، وسيحاول استئصال شوكتهم، فيذهب كثير من جنده، وسيخسر كثيراً من عتاده، خاصّة إذا كان الخارجي له شوكة وشأفة وقوّة يصعب استئصالها.

وسينشغل المسلمون بقتال هؤلاء الخوارج وستتعطل الثغور، ويقلّ الجهاد في سبيل الله، فيقوى العدو، ويزداد في إعداد نفسه، إن لم يداهم الإسلام والمسلمين.

وقد سمع الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: (( لا تفعل -رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتم، وإنما تخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير )).

ومن أسباب ضعفه -أيضاً- تخلّف الناس عن القتال معه، كمن يرى عدم جواز الجهاد مع حكام الجور، مخالفاً بذلك قول أهل السنّة، فيترتب على ذلك قلةً في جيشه، وضعفاً في عزيمته.

قال عبدالملك بن حبيب-رحمه الله-: (( سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالجهاد مع الولاة، وإن لم يضعوا الخُمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، ولو عملوا ما عملوا، ولو جاز للنّاس ترك الغزو معهم لسوء حالهم؛ لاستذلّ الإسلام، وتخيفت أطرافه، واستبيح حريمه، ولعلى الشرك وأهله )) (1) .

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-: (( ثم هنا مسألة أخرى وداهية كبرى، دها بها الشيطان كثيراً من الناس، فصاروا يسعون فيما يفرق جماعة المسلمين، ويوجب الاختلاف في الدين، وما ذمه الكتاب المبين، ويقضي بالإخلاد إلى الأرض، وترك الجهاد، ونصرة رب العالمين، ويفضي إلى منع الزكاة، ويشب نار الفتنة والضلالات، فتلطف الشيطان في إدخال هذه المكيدة، ونصب لها حججاً ومقدمات، وأوهمهم أن طاعة بعض المتغلبين، فيما أمر الله به ورسوله، من واجبات الإيمان، وفيما فيه دفعٌ عن الإسلام وحماية لحوزته، لا تجب والحالة هذه، ولا تشرع )) (2) .

وفي المقابل فإنّ الخوارج مع قتلهم للمسلمين، وإضعافهم لهم، يَتركون أهل الأوثان والشرك والكفر، ويُديرون معاركهم ضد أهل الإسلام، كما جاء ذلك في قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان ))، وهذا الفعل من السمات البارزة كما جاء عن الشاطبي تقرير ذلك (3).

وقد أفتى علماء الأندلس لـمّا سئلوا عن طائفة خرجت على الإمام، فذكروا مفاسد الخروج وعواقبه الوخيمة، فقالوا: (( مع ما في ذلك من توهين المسلمين، وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم )) (4).

وقال العلامة المعلمي -رحمه الله-: (( ومن كان يكرهه (أي: الخروج على الولاة) يرى أنّه شق لعصا المسلمين، وتفريق لكلمتهم، وتشتيت لجماعتهم، وتمزيق لوحدتهم، وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوّتهم وتقوى شوكة عدوّهم، وتتعطّل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار، ويقتلون من فيها من المسلمين، ويذلّونهم، وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً، وقد جرّب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشرّ... )) (5).

ومما يسبب ضعف الدولة الإسلاميّة، ولعلّه ذهابها، كتم النصيحة عن الحاكم، وعدم إخباره بمن يكيد له وللمسلمين وللدولة الإسلامية بشرّ، وهذا من الواجبات التي تجب للحكام على رعيتهم.

ومما يروى في ذلك، أنّ علي بن عيسى بن الجراح قال: سألت أولاد بني أميّة ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: (( خصال أربع أوّلها: أن وزراءنا كتموا عنّا ما يجب إظهاره لنا، والثاني: أنّ جباة خراجنا ظلموا النّاس فارتحلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا، والثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند، فتركوا طاعتنا، والرابعة: يئسوا من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا؛ فلذلك زالت دولتنا )) (6).

وهذا الأثر الذي يخلفه اتباع غير سبيل المؤمنين في معاملتهم لحكامهم، ينتج عنه أثر آخر خطير على الإسلام والمسلمين، وهو ما سيأتي.

(عنوان 2- هزيمتهم وفشلهم أمام عدوّهم.)

ومن الآثار السيئة السياسية -كذلك- المترتبة على مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام، ما ينشأ عن هذه المخالفة من انهزام المسلمين أمام عدوّهم، وفشلهم في صد كيد الكفار والمشركين عن الدولة الإسلامية، فيحدث على الإسلام والمسلمين ما لا قِبَل لهم به من استيلاء الكفار على دولتهم، ومنعهم من إظهار دينهم.

فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

قال الطرطوشي -رحمه الله-: (( أيها الأجناد، أقلّوا الخلاف على الأمراء، فلا ظفر مع اختلاف، ولا جماعة لمن اختلف عليه، قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وأوّل الظفر الاجتماع، وأوّل الخذلان الافتراق، وعماد الجماعة السمع والطاعة... )) (7).

وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: (( ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل )) (8).

(عنوان 3- استغلال العدو وشن الغارات على المسلمين.)

ومن الآثار السيئة -أيضاً-، انتهاز العدوّ لهذه الفرصة، وهي اختلاف الرعيّة على إمامهم وتقاتلهم فيما بينهم، فينهض لغزو المسلمين، أو السطو على بعض بلدانهم وأموالهم، وشنّ الغارات عليهم، فإنّ الكفار يستغلون أي فرصة ضد المسلمين، كما قال تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}، هذا إذا انشغلوا عن أسلحتهم، فكيف إذا انشغلوا ببعضهم البعض، ووهت قوّتهم، وضعفت شكيمتهم.

قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: (( فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأنّ في منازعته والخروج عليه: استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي الدهماء، وتبييت الغارات على المسلمين، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر )) (9).

ومن الأمثلة على ذلك من تاريخنا الإسلامي: استغلال الخزر اختلاف المسلمين، وذلك بخروج إبراهيم بن عبدالله بن حسن أخو النفس الزكيّة على الدولة العباسية، فشنوا الغارة على المسلمين.

قال الذهبي -رحمه الله-: ((وعَرَفت الخزر باختلاف الأمة، فخرجوا من باب الأبواب، وقتلوا خلقاً بأرمينية، وسبوا الذرية، فلله الأمر)) (10).

(عنوان 4- تأخر الجهاد والانشغال عن أعداء الله.)

إن توقف حركة الجهاد، وانشغال المسلمين عن الفتوح والغزوات ضد الكفرة والمشركين، لمن أعظم الآثار التي يخلّفها مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام، فما يكاد إمام من أئمة المسلمين أن يغزو بلداً، أو يفتح حصناً، إلا ويأتيه ما يشغله من خروج الخوارج في أهله وبلده، فيضطر إلى الرجوع، فيرد كيدهم في نحرهم، ويصرف شرهم وخطرهم عن الإسلام والمسلمين.

قال الشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- عند حديثه عن الذين خرجوا على عثمان -رضي الله عنه-: (( وإنّ الشرّ الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم، وقصر أنظارهم، لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثماً وجناية )) (11).

وفي قصّة ابن الأشعث ما يؤكّد هذا المعنى، فإنّ جيش ابن الأشعث الذي ولاه الحجاج لقتال الترك، قد انتصر انتصارات كبيرة، وفتح عدداً من بلدان رتبيل الكافر، ولكن لما صمّموا على الخروج على الحجاج، وخلعه وخلع الخليفة، وبيعتهم لابن الأشعث، ترتب على ذلك، توقف جهاد الكفار من الترك، وخروجهم من بلاد الكفار، وقتالهم للمسلمين (12).

ولمّا كان المعتصم يقاتل الروم، وفتح عدداً من بلدانهم، وأثخن فيهم قتلاً وسبياً، إلى أن وصل إلى قُسنطينيّة وصمّم على محاصرتها، أتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه (13).

والأمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً من هذه الأمثلة، والتي كانت بعد ولاية معاوية -رضي الله عنه- التي كان النّاس فيها متفقين يغزون العدو، ثم توقف الجهاد وانحسر بسبب ما حدث من الفتن (14).

وفي نهاية مطاف هذا الباب، أوصي نفسي وأخواني المسلمين، أن يتمسكوا بمنهج السلف الصالح، وأن يتركوا الآراء والأهواء المستوردة، والمنبثقة عن غير شريعتنا المطهرّة، فإنّ الخير كل الخير في اتباع سبيلهم، واقتفاء آثارهم، والشرّ كلّ الشر في مجانبتهم، واجتناب منهجهم، وما يدينون الله به (مميز كما اوصي الدعاة إلى الله أن يربوا الناس على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة
والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وبمناصحة ذوي العقول السديدة للحكام في أخطائهم العقدية والمنهجية والسياسية، فهذا هو المطلوب شرعاً وعقلاً منهم وبه يتحقق الخير كله أو جله ويزول الشر كله أو جله وذاك غاية ما يطمح إليه العقلاء المخلصون.)

كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:

(( أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) (15).

فأسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، إن ربي لسميع الدعاء.

(
كتبه

أخوكم

خالد بن ضحوي الظفيري)




========

الحواشي:
(1) رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص:289).
(2) الدرر السنيّة جمع ابن قاسم (8/377-380)، وعيون الرسائل والأجوبة على المسائل جمع الشيخ سليمان بن سحمان (2/875-879).
(3) انظر: الموافقات (5/150-151).
(4) المعيار المعرب للونشريسي (11/149).
(5) التنكيل (1/93-94)
(6) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/35) برقم [7422]، والتبريزي في النصيحة للراعي والرعيّة (ص:104).
(7) سراج الملوك (2/703).
(8) شرح الأصول الستة (ص:161).
(9) الاستذكار (14/41)، وللقرطبي كلام نحو هذا في تفسيره (2/108-109).
(10) سير أعلام النبلاء (6/224).
(11) حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص:57).
(12) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (12/307).
(13) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (10/297-298).
(14) انظر: منهاج السنّة النبوية (6/231-232).
(15) رواه أبو داود في السنن (5/19)، 34-كتاب السنة، 7-باب لزوم السنّة، حديث (4612)، وأبو نعيم في الحلية (5/338-339)، والآجري في الشريعة (2/930-932) برقم [529]، وابن بطة في الإبانة (2/335) برقم [560]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/873) برقم [3856].

منقول
سبب تأخر الجهاد هو الحكام أنفسهم . لأنهم ملؤوا الدنيا فجورا و فسقا و سمحوا بالخمر و الزنا والغناء و الموبقات و الربا بل شجعوا عليها و غير ذلك من الشهوات فلا نكاد نرى حدا من حدود الله يطبق ولا إقامة العدل بين الناس . لقد فتنوا الناس في دينهم فتنة عظيمة .فلا تقل لي يجب أن تقم في نفسك الدين .نعم هذا الكلام صحيح مئة بالألف لكن يجب أن يكمل ذلك تطبيق الحدود و ردع كل مخالف ومتجاوز لحدود الله و لنا في محاولة الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه الشفاعة لدى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في المرأة المخزومية التي سرقت وكيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض ذلك و أرجع سبب هلاك الأمم إلى عدم تطبيق الحدود وعدم العدل , خير مثال على أن الحد و الجزر ركن أساسي من أركان صلاح العباد و البلاد .إذن بالرجوع إلى مسببات تأخر الجهاد نجدها في أن الإنسان لا يستطيع مجاهدة نفسه بسبب الفتنة التي فرضها عليه الحاكم. فالحاكم إذن هو سبب تأخر الجهاد كما أنه لدينا مثال آخر على فلسطين فك الله أسر الأرض الطيبة .كيف أن الحكام كلهم منعوا الجهاد ضد اليهود بالرغم من أن الشعوب تريد الذهاب إلى بيت المقدس و تحريره من دنس الصهاينة .فهذا دليل آخر أن الحكام هم الذين يمنعون الجهاد وليس الخروج عليهم هو الذي أخره.

الحاج فاروق
2011-10-06, 21:31
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك

الوطن اغلى
2011-10-07, 06:18
الحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فإن من علامة أهل البدع والأهواء ( تضعيف الأحاديث التي تخالف مذهبهم مشربهم ؛ حتى ولو كانت في الصحيحين ) وهذا لا يخفى لمن تتبع أقوالهم ؛ من أمثال الكوثري والغزالي والقرضاوي ، وغيرهم من أهل البدع ؛ وها هو القرضاوي يضعف هذه الزيادة تبعا لهواه ؛ وليس تبعا للقواعد العلمية الحديثية ...
نعم هذه الزيادة في ( صحيح الإمام مسلم ) مرسلة ؛ كما قال الإمام أبوالحسن الدارقطني ...
ولكن وصلها الحاكم في ( المستدرك ) ( 4 / 547 ) :
حدثنا علي بن حمشاد العدل ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سويد أبو حاتم اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبيه عن جده : أن حذيفة بن اليمان لما احتضر ... ؛ وفيه :
( سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي و لا يستنون بسنتي و سيقوم رجال قلوبهم قلوب رجال في جثمان إنسان فقلت : كيف أصنع إن أدركني ذلك ؟ قال : تسمع للأمير الأعظم و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ) .
قال الحاكم : ( صحيح الإسناد و لم يخرجاه ) ؛ ووافقه الذهبي .
قلت : ليس كما قالا ؛ فإن سويد بن إبراهيم اليمامي قال الحافظ فيه : ( صدوق سىء الحفظ له أغلاط ، و قد أفحش ابن حبان فيه القول ) .
قلت : ولكن تابعه عمر بن راشد اليمامي عند الطبراني في ( الأوسط ) ( 3/190 ) : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبيه عن جده عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ستكون أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيكون رجال قلوبهم قلوب الشياطين في أجساد الإنس قلت كيف أصنع إن أدركني ذلك قال تسمع وتطيع للامير الأعظم وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ) .
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن يحيى إلا عمر تفرد به بن سلام .
قلت : رحمك الله ؛ لم يتفرد به عمر عن سلام بل تابعه سويد بن إبراهيم ؛ كما تقدم .
قلت : وعمر بن راشد اليمامي قال الحافظ فيه : ( ضعيف ) .
الزيادة بهذين الطريقين حسن لغيرها .
وللزيادة طريق آخر :
أخرجه عبدالرزاق في ( مصنفه ) ( 11/424 ) ومن طريقه أحمد في ( مسنده ) ( 5 / 403 ) ، وأبو داود ( 4247 ) ، والطيالسي في ( مسنده ) ( 1/354 ) والبزار ( 1/450 ) كلهم من طريق :
قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ زَمَانَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّى قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ صَدَعٌ مِنْ الرِّجَالِ حَسَنُ الثَّغْرِ يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ الرَّجُلُ فَقَالَ الْقَوْمُ أَوَ مَا تَعْرِفُهُ فَقُلْتُ لَا فَقَالُوا هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَقَعَدْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ جَاءَ الْإِسْلَامُ حِينَ جَاءَ فَجَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُنْتُ قَدْ أُعْطِيتُ فِي الْقُرْآنِ فَهْمًا فَكَانَ رِجَالٌ يَجِيئُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ الْخَيْرِ فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ السَّيْفُ قَالَ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ قَالَ نَعَمْ تَكُونَ إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالَةِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ ..... ) .
قلت : هذا إسناد حسن من أجل نصر بن عاصم فإنه ( صدوق ) ؛ وبقية رجاله ثقات .
قلت : وتابع نصر بن عاصم صخر بن بدر عند الإمام أحمد ؛ وصخر هذا قال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة .
وأما خالد بن سبيع ؛ قال العلامة المحدث الألباني - رحمه الله - في ( الصحيحة ) ( 2739 ) :
( ثقة ، وثقه ابن حبان و العجلي ، و روى عنه جمع من الثقات ، فقول الحافظ فيه : " مقبول " غير مقبول ، و لذلك لما قال الحاكم عقب الحديث : " صحيح الإسناد " ، وافقه الذهبي . ) .
قلت : والأمر كما قال العلامة الألباني - رحمه الله - فإن الحافظ ابن حجر - رحمه الله - كثيرا ما يوثق من كانت هذه حاله
أي : من كان تابعيا ، ووثقه ابن حبان أوالعجلي أو كلاهما ، وروى عنه جمع من الثقات .
وهذا الذي عليه عمل جمع من الأئمة كالذهبي والعسقلاني وابن تيمية وابن القيم وابن رجب - رحمهم الله - .
ولولا ضيق الوقت لذكرت أقوالهم ...
وهذا الطريق وحده كاف في صحةهذه الزيادة ..
وهذه الزيادة صححها جمع من الأئمة ؛ الإمام مسلم بإيراده في ( صحيحه ) وأبوعوانة ؛ والحاكم والذهبي وابن تيمية والحافظ ابن حجر والنووي والألباني وابن باز وابن عثيمين ؛ وغيرهم من الأئمة الفحول ...



وجدت متابعاً آخر لنصر بن عاصم ؛ وهو أبوالتياح يزيد بن حميد الضبعى وهو ثقة ثبت ؛ عند أبي نعيم المروزي في ( الفتن ) ( 357 ) :
حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن أبي التياح عن خالد ابن سبيع
عن حذيفة بن اليمان قال : قلت ك يا رسول الله فما العصمة من ذلك ؟ وذكر دعاة الضلالة ؛
فقال : ( إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه و إن ضرب ظهرك وأخذ مالك وإلا فاهرب في الأرض حتى ياتيك الموت وأنت عاظ على أصل شجرة ) .
قلت : أبونعيم فيه كلام في حفظه ؛ وباقي رجاله ثقات .
وقد تابع أبونعيم الحسن بن رافع وهو ثقة من رجال البخاري ، عند ابن عساكر في ( تاريخ دمشق )
( 16/435 ) :

محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي نا الحسن بن رافع نا ضمرة عن ابن شوذب عن أبي التياح عن صخر بن سبيع عن حذيفة قال إن أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كانوا يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن أدركه فأنكر القوم قولي قال قلت قد أرى الذي في وجوهكم أما القرآن فقد كان الله أتاني منه علما وإني بينما أنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذات يوم قلت يا رسول الله أرأيت هذا الخير الذي أعطاناه الله هل بعده من شر كما كان قبله شر قال نعم قلت فما العصمة منه قال السيف قلت وهل للسيف من بقية قال هدنة على دخن ، قلت يا رسول الله ما بعد الهدنة قال دعاة الضلالة فإن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه وإن أخذ مالك وضرب ظهرك فاهرب في الأرض جد هربك حتى يدركك الموت وأنت عاض على أصل شجرة قلت فما بعد دعاة الضلالة ؟ قال : الدجال ، قلت فما بعد الدجال قال عيسى ابن مريم قلت فما بعد عيسى ابن مريم عليه السلام قال ما لو أن رجلا أنتج فرسا لم يركب ظهرها حتى تقوم الساعة ) .

وقد وجدت طريقاً آخر للحديث :
في السنة لابن أبي عاصم - باب في ذكر السمع والطاعة
حديث:‏857‏ :
ثنا هشام بن عمار ، ثنا مدرك بن سعد ، قال : سمعت حيان أبا النضر ، قال : سمعت جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اسمع وأطع ، في عسرك ويسرك ، ومنشطك ومكرهك ، وأثرة عليك ، وإن أكلوا مالك ، وضربوا ظهرك " *
قلت : أخرجه أيضاً ؛ ابن ابن حبان في ( صحيحه ) ( 10/425 ) ، وابن زنجويه في ( الأموال ) ( 24 ) ، والشاشي في ( المسند ) ( 1161 ) ، .
كلهم من طريق هشام بن عمار ؛ قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير هشام بن عمار صدوق في حفظه شيء ؛ ولكن تابعه : الهيثم بن خارجة ، وهو صدوق حافظ ؛ عند ابن حبان في ( صحيحه ) ( 10/428 ) والشاشي في ( المسند ) ( 1165 ) .
فإذاً صار الحديث صحيحاً
بارك الله فيك اخى

أبو خالد سيف الدين
2011-10-07, 09:25
السلام عليكم

يا سلام ضعف الدولة ان تم الخروج عنها يعني الآن الدول قوية شوكتها عظمى نحن نرى مدى قوتها الا على الشعب والضعفاء والحمقى.وتسميهم الخوارج باي صفة ونحن نعرف عقيدة الخوارج تخذرون عقول الناس والله
بهذا التخاذل الاعمى .



فقد كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يفتي بجواز بمثل ما نسميه في عصرنا بالمظاهرات أو الإعتصامات . فكان يفتي بأن يجتمع المسلمون لإنكار المنكر تهويلا وتشهيرا بالمنكر وأهله. روى الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن محمد بن أبي حرب قال : (سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع المنكر في دار بعض جيرانه ، قال : يأمره , قلت : فإن لم يقبل قال : تجمع عليه الجيران وتهول عليه) . ص50 .
وروي عن جعفر بن محمد النسائي قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يمر بالقوم يغنون قال : إذا ظهر له ، هــم داخل ، قلت : لكن يسمع الصوت يسمع في الطريق ، قال : هذا ظهر عليه أن ينهاهم ، ورأى أن ينكر الطبل يعني إذا سمع حسه ، قيل : مررنا بقوم وقد أشرفوا من علية لهم ، وهم يغنون فجئنا إلى صاحب الخبر فأخبرناه ، فقال : ( لم تكلموا في الموضع الذي سمعتم فقيل : لا ، قال : كان يعجبني أن تكلموا ، لعل الناس كانوا يجتمعون وكانوا يشهرون ) ص 50/51 .

وذكر ابن الجوزي في المنتظم ما يلي : ( واجتمع في يوم الخميس رابع عشر المحرم خلق كثير من الحربية ، والنصرية ، وشارع دار الرقيق ، وباب البصرة ، والقلائين ، ونهر طابق ، بعد أن أغلقوا دكاكينهم ، وقصـدوا دار الخلافة وبين أيديهم الدعاة والقراء وهم يلعنون أهل الكرخ – منكرين لبدعة إظهار شتم الصحابة التي وقعت من أهل الكرخ – واجتمعوا وازدحموا على باب الغربة ، وتكلموا من غير تحفظ في القول فراسلهم الخليفة ببعض الخدم أننا قد أنكرنا ما أنكرتم ، وتقدمنا بأن لا يقع معاودة , فانصرفوا ) 16/94 .



وذكر خادم الشيخ إبراهيم الغياني ما وقع من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله : ( فبلغ الشيخ أن جميع ما ذكر من البدع يتعمدها الناس عند العمود المخلق الذي داخل ( الباب الصغير ) الذي عند ( درب النافدانيين ) فشد عليه وقام واستخار الله في الخروج إلى كسره ، فحدثني أخوه الشيخ الإمام القدوة شرف الدين عبد الله بن تيمية قال : فخرجنا لكسره , فسمع الناس أن الشيخ يخرج لكسر العمود المخلق ، فاجتمع معنا خلق كثير ) رسالة بعنوان ناحية من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية تحقيق محب الدين الخطيب \10.

وذكر ابن الجوزي كذلك في المنتظم في حوادث سنة 464هـ ، حيث قال : ( وفي جمادى الآخرة لقي أبو سعد بن أبي عمامة مغنية قد خرجت من عند تركي بنهر طابق فقبض على عودها وقطع أوتاره ، فعادت إلى التركي فأخبرته ، فبعث التركي إليه من كبس داره وأفلت ، وعبر إلى الحريم إلى بن أبي موسى الهاشمي شاكياً ما لقي ، واجتمع الحنابلة في جامع القصر من الغد فأقاموا فيه مستغيثين ، وأدخلوا معهم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وأصحابه ، وطلبوا قلع المواخير وتتبع المفسدات ومن يبيع النبيذ وضرب دراهم المعاملة بها عوض القراضة ، فتقدم أمير المؤمنين بذلك ، فهرب المفسدات ، وكبست الدور ، وارتفعت الأنبذة ، ووعد بقلع المواخير ومكاتبة عضد الدولة برفعها ، والتقدم بضرب دراهم يتعامل بها ، فلم يقتنع أقوام منهم بالوعد ، وأظهر أبو إسحاق الخروج من البلد فروسل برسالة سكتته ) (16/139) .


هذا إذا كان الخليفة مسلم وجاز القيام بالمظاهرات في وقته, فكيف بحاكم متولي ومناصر للكفار محكم لغير شرع الله من القوانين اللعينة الوضعية. مغير لشرع الله مفرط لحدوده بل وملغيها. فأمثال هؤلاء يجب الخروج عليهم بإجماع العلماء. والمصلحة في الخروج عليهم لا البقاء.

قال النووي قال القاضي عياض : "أجمع العلماء على أنّ الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنّه لو طرأ عليه كفر ينعزل، قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها... قال القاضي: فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلاّ لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلاّ إذا ظنّوا القدرة عليه فإنّ تحقّقوا العجز لم يجب القيام فيها وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ويفرّ بدينه"). شرح النووي على مسلم 12/229.

وقال ابن حجر: (قال ابن التين: "وقد أجمعوا أنّه -أي الخليفة- إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنّه يُقام عليه").
وقال ابن حجر كذلك: (وملخّصه أنّه ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب على كلّ مسلم القيام في ذلك) فتح الباري 13/123.





فأقول لهؤلاء العلماء : لماذا لم نركم يوما تأمرون حاكما أن يتقي الله في دماء المسلمين ؟ لماذا نراكم صم بكم عمي حين يتم اعتقال الشباب لمجرد إطلاق لحاهم ؟ لماذا نراكم تسكتون وأنتم ترون أحكام الله تنتهك وتستبدل بقانون فرنسي ؟ لماذا لا تتكلمون إلا حين يقوم هؤلاء الشباب المسلم الصالح بالتضحية بأنفسهم في سبيل تغيير الظلم والنصرة لدين الله ؛ وليتكم تقومون نصرة لهم بل للأسف تقومون لنصرة عدوهم وتخذيلهم وتقولون لهم لا ترفعوا يدا من طاعة لمن يحاربكم في دينكم ويعتقلكم لمجرد أنه رأى آثار الإلتزام عليكم ؛ لا ترفعوا يدا من طاعة لمن غيب شريعة الله ؛ لا ترفعوا يدا من طاعة لمن والى أعدائكم من اليهود وغيرهم ؛ وتستدلون بالنصوص في غير موضعها ؛ فاتقوا الله ؛ إن لم تكونوا على الظالم فلا تكونون معه على المظلوم ؛ شيء عظيم والله ؛ حاكم يسرق مال الأمة حتى ذاقت الأمرين ؛ ثم هو يحارب أي مظهر من مظاهر التدين ويزج بالشباب المسلم في السجون لمجرد إطلاق اللحية ؛يرهب شعبه بالإعتقال دون أي جريمة ؛ يرفع شريعة الله ويستبدلها بقانون فرنسي ؛ والعلماء المخذلين لأمتنا يقولون : أطيعوهم هههههه والله أكاد أخرج عن شعوري ؛ هل هذا هو الإسلام ؟ هل الإسلام أن تعيش في قهر ويسلبك الحاكم كل حقوقك بما فيها دينك ؟ فلا تستطيع أن تمشي وأنت ملتح في أمان مثلا ؟ هل هذا هو الإسلام ؟ والله حاجة وا اسفاه واسلماه ؛ والله تستاهلوا القهر اللي إنتم فيه ؛ وليس هذا فحسب بل أصبح القهر مورث ؛ بمعنى أن الحاكم يريد أن يورث الحكم لابنه ليرث الشعب بالتالي القهر والذل ؛ والعلماء يقولون أطيعوهم ؛ ولاحول ولا قوة الا بالله الأمر لس كما يصوره لكم العلماء للأمة بقصد أو بدون قصد ؛ فهم يقتصرون على رأي واحد وليتهم يطبقونه كما هو ؛ فأولا : المسألة فيها أقوال ؛ وهي أقوال واضحة ؛ فمنهم من قال بالخروج على الفاسق ؛ ومنهم من قال بالخروج على المبتدع ؛ ومنهم من فسر الكفر البواح بالمعصية الظاهرة مثل بن حجر ؛ ومنهم من قال أن الأحاديث القائلة بعدم الخروج منسوخة ( قال بهذا الرأي بن حزم ) فأقول لهؤلاء العلماء : الواجب عليكم أن تعرضوا جميع الآراء ثم تقولون أنكم تميلون لهذا الرأي أو ذاك ؛ أما أن تُسألوا في هذه المسألة فتقصروا الجواب على رأي واحد وتصوروا للأمة أنه لا يوجد إلا هذا الرأي فهذا مالا يليق بكم .

الرأي فهذا مالا يليق بكم .
ثانيا : ماذا تقولون في خروج الحسين على يزيد ؟ هل مات الحسين ميتة جاهلية ؛ أم أن يزيد كافر ؟


فالحسين سيد شباب أهل الجنة بنص حديث رسول الله ؛ ويزيد لم يقل عالم واحد أنه كافر ؛ نعم قال بعضهم بفسقه ؛ ولكن لم يكفره أحد ؛ فمن أين لكم بمخرج من هذا ؟ ثالثا : قلتُ أنا أن العلماء الذين قالوا بعدم الخروج على العالم الفاسق قالوا بل يجب وعظه وتذكيره ؛ فهل قام العلماء للأمة بهذا الواجب ؟ هل رأيت واحدا منهم يأمر حاكما بمعروف فيقول الله اتق الله وطبق حدود الله ؛ هل سمعتهم يوما يقولون له اتق الله ولا تحكم بقانون فرنسي ؟ رابعا : هل تظن أن العلماء القدامى مثل النووي وابن حجر وابن تيمية وغيرهم لو كانوا في زماننا هذا هل كان سيكون موقفهم مثل هذا الموقف السلبي للعلماء المخذلين للأمة هذا ؟هل تظن أنهم كانوا سيأخذون نفس الموقف لو رفعت شريعة الله واستبدلت بقانون فرنسي وزج الشباب المسلم في السجون لمجرد ظهور آثار التدين والصلاح عليه ؟ أو هل سمعت أن واحدا منهم قال إذا رفعت شريعة الله وحُكم بغيرها فلا يجوز الخروج على الحاكم ؟ هل سمعت واحدا منهم قال لو حورب الشباب لمجرد إطلاق لحاهم ورُفعت شريعة الله فإنه لا يجوز الخروج على الحاكم ؟


حقيقة وبكل أسى أقول كلمة حق: إن هؤلاء العلماء المخذلين للأمة ليسيئون لهذا الدين العظيم ؛ فإنهم يقولون للناس أن ديننا يحتم علينا أنه لو تولى حاكم بالقوة ثم حاربنا حتى في ديننا بالتضييق على الشباب الملتزم بل وزجه في السجون دون تهمة ؛ بل ورفع الشريعة ذاتها التي هي حكم الله في أرضه ؛ أضف إلى ذلك تضييعه لمقدرات الأمة وثبات ذلك عليه بالثراء الفاحش الذي يظهر عليه ويزداد يوما بعد يوم هو ومن حوله ؛ وغيرها الكثير والكثير فإن ديننا يقول لنا يجب علينا طاعته وعدم الخروج عليه ؛ والله لو سمع بهذا إنسان غير مسلم لكان هذا تنفيرا له عن الإسلام ؛ والإسلام من كل هذا براء ؛ فإن العلماء أقروا أن مقاصد الشرع هي الحفاظ على الدين والمال والعرض والنفس ؛ وأنتم تصورونه بالعبودية لا لله بل للحاكم الظالم؛ فاتقوا الله ؛ أخيرا أقول اللهم اجعلني هاديا مهديا لا ضالا ولا مضلا ؛ وأركز على كلمة مضلا أسأل الله عز وجل أن يبصركم ويهديكم ؛ والله المستعان .
















يطل علينا البعض بين الفينةوالاخرى بامورغربية واكبرطامةمشاركته الذي تحدث فيهاعن تحريم الخروج على الحكام وطبقهاعلى الحكام الحاليين ولاادري اي قياس هذا,بل اخذيستميت في الدفاع عن هؤلاءالحكام ويحرم الخروج عليهم وكانهم الخلفاءالراشدين .


ما بال الأخت جواهر إنقلب تفكيرها 180 درجة ؟؟؟ فمنذ أيام قلائل كنت من الذين يعتقدون بحرمة الخروج على الحاكم !!! فما هذا التناقض الواضح ؟
هذا أحد ردودك :

لن ولم تنجح .. الثورات العربية والخروج المحرم . لأنها من أفعال الجاهلية الأولى...


ولأن الشرع حرمها.


لا,,لم تحقق الثورات اي انجازات للشعوب ..لمجرد تغيير حكومات وأشخاص لا اكثر وسترون ماذ يريد الله بمن يخذله ويخذل شرعه..


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بلال الرومانسي 1
2011-10-07, 11:29
لن ولم تنجح .. الثورات العربية والخروج المحرم . لأنها من أفعال الجاهلية الأولى...
ولأن الشرع حرمها.

ليبيا .. لو لم يدخلها الغرب لتطهير القاعدة ومن يسمون انفسهم جهاديون وهم خوارج زنادقة فلن اقول كلمة بعدها والزمن بيننا يامن تفرحون لثيران الناتو من الاخوان المسلمين
أحبك في الله أخي ... وأحب موضوعك .... وتابع على هدا المنوال وهدا السبيل لانه الحق ... ( ولو بقيت وحدك في العالم )

*ابن الاسلام*
2011-10-07, 18:38
اللي يسمعك يقول ان قوات حسني مبارك على حدود فرنسا !!

هاهي فتوحات ولاة أمرك :
http://www.mediafire.com/imgbnc.php/b539fdbf171151c2811d8e0e891353acdfc2fa6997ca75bf41 f35b6d2497dfd15g.jpg

عُبيد الله
2011-10-07, 21:26
شكرا لك أخي ابا عمار, بارك الله فيك.

أبو عمار
2011-10-07, 22:24
و فيك بارك الله أخي الفاضل .

الحسين بن فرج
2011-10-07, 22:32
سبب تاخر المسلمين هو الفكر الرجعي الانبطاحي الذي يعتنقه ادعياء السلفية من اتباع ربيع المدخلي ومن لف لفهم فهم أفيون الشعوب وسبب انتكاسة المسلمين لأنهم عطلوا الجهاد في سبيل الله كما دعوا لترك السياسية لأهلها (وما أهلها الا ولاة الفجور) وعدم الخوض فيها والاهتمام بشرح الشروح وكأنها فتح الفتوح؟

عُبيد الله
2011-10-07, 23:08
سبب تاخر المسلمين هو الفكر الرجعي الانبطاحي ...سبب انتكاسة المسلمين لأنهم عطلوا الجهاد في سبيل الله كما دعوا لترك السياسية لأهلها (وما أهلها الا ولاة الفجور) وعدم الخوض فيها والاهتمام بشرح الشروح وكأنها فتح الفتوح؟
وسبب تقدم المسلمين (حسبك) هو الفكر التقدمي الذي يعتنقه أدعياء استرجاع الخلافة الإسلامية من الخوارج التكفيريين أتباع.................,فهم بحق المفسدون المخربون أفسدوا على الناس دينهم ودنياهم ادعوا الجهاد بقتل الابرياء المسلمين والمعاهدين من غير المسلمين بغير حق, نصبوا رايات الجهاد من وقت الصحابة والتابعين وإلى اليوم لم نرى خلافة تحققت ولا دولة إسلامية قامت .
وشرح الشروح خير من الجروح يا حسين.

azam
2011-10-08, 00:16
صاحب الموضوع يبدو انه يخلط و لم يقتنى ما نقل جيد او ان فهمه و تعصبه الاعمى و حقده على كل من خالف ولاة اموره

الواجب كان عليك كتابة

لماذا أخر و ابطل ولاة الامور الجهاد و لماذا حذفوه من مناهج التعليم كما ان ولاة الامور هل تراهم يسعون الى تطبيق الشريعة و افعال الاحكام فى الخلق و العباد
و هل ولاة الامور السابقين الذين ذكرت تاريخهم كان حكمهم مثل حكم ولاة امورك اليوم شتان بين الحكم بالكتاب و السنة و الحكم بقوانين عفنة مستوردة من الكافر الدنيئ
كيف ترضى لنفسك حكما هو من اعداء الله و رسوله و تدافع عن من الزم العباد به و انزل احكامه الوسخة العفنة عليهم بأجباار و الزام

لو سألتك هل من شرع فى دين الله احكاما يكون كافرا ام لا فماذا ستجيب

كما انى اسألتك هل الحكام اليوم خرجوا عن الكتاب و السنة و طاعة الرحمن فى شرعه و أمره ام العكس

و هل من سمى خارجى كما تزعم يكون بمجرد الخروج على شخص الحاكم بغض النظر عن الحكم الذى يحكم به ام للحكم الذى يحكم به

كما ان ولاة الامور اليوم كثر فمن تجب طاعته على الاخرين و من يكون رافعا لراية الحق و الجهاد

لا تقارن الامس باليوم

و ما اوصلنا الى الهوان الذى نحن فيه الا هؤلاء الحكام الذين باعوا الدين و الارض و العرض و اصحاب الانبطاح الفكر الارجائى الذى التمس لكل عدو عذر الا من طالب ولاة امورهم بالعودة الى الكتاب و السنة شرعا و حكما

أبو خالد سيف الدين
2011-10-08, 09:44
أبعثت عليها رقيبا؟

إقرأ الرد هنا (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=7491839#post7491839)

الحسين بن فرج
2011-10-08, 18:40
وسبب تقدم المسلمين (حسبك) هو الفكر التقدمي الذي يعتنقه أدعياء استرجاع الخلافة الإسلامية من الخوارج التكفيريين أتباع.................,فهم بحق المفسدون المخربون أفسدوا على الناس دينهم ودنياهم ادعوا الجهاد بقتل الابرياء المسلمين والمعاهدين من غير المسلمين بغير حق, نصبوا رايات الجهاد من وقت الصحابة والتابعين وإلى اليوم لم نرى خلافة تحققت ولا دولة إسلامية قامت .
وشرح الشروح خير من الجروح يا حسين.



لست سلفيا ولا تقدميا ولا خارجيا ولا احب هذه التصنيفات والاسماء لأنها من البدع المنكرة

ورايي ان من اسباب تاخرنا هو فهمنا الخاطئ لنصوص الشرع والحرفية في تطبيقها والوقوف عند ظاهر معانيها فقط دون استجلاء روحها ومقاصدها

كما ان من اسباب التأخر هو وجود ولاة الجور والفساد وعلماء السوء الذين يدعون لطاعتهم وعدم الخروج عليهم

عُبيد الله
2011-10-08, 19:37
لست سلفيا ولا تقدميا ولا خارجيا ولا احب هذه التصنيفات والاسماء لأنها من البدع المنكرة

ورايي ان من اسباب تاخرنا هو فهمنا الخاطئ لنصوص الشرع والحرفية في تطبيقها والوقوف عند ظاهر معانيها فقط دون استجلاء روحها ومقاصدها

كما ان من اسباب التأخر هو وجود ولاة الجور والفساد وعلماء السوء الذين يدعون لطاعتهم وعدم الخروج عليهم
السلام عليكم
أولا التصنيفات التي ذكرت هي واقعة لا محالة لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث الإفتراق المشهور (الشاهد منه: وستفترق أمتي ......).
ثانيا ولاة الجور والفساد حقيقة من أسباب التأخر, لكن العلماء الذين نعتهم بالسوء يدعون لطاعتهم في المعروف لأنهم ليسوا بكفار وكذلك درأ للمفاسد التي تترتب على الخروج. وقد ذكر ذلك العلماء المتقدمين عبر العصور وقبلها أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

امينة الصفاء
2011-10-08, 19:47
http://www.djelfa.info/vb/picture.php?albumid=9943&pictureid=81876

لخضر بن مسعود
2011-10-10, 20:51
ياناس سبب تخلفنا لا تنسوا الحقبة الاستعمارية الطويلة لنا ولكل الدول الاسلامية

لخضر بن مسعود
2011-10-10, 20:59
ياناس سبب تخلفنا لا تنسوا الحقبة الاستعمارية الطويلة لنا ولكل الدول الاسلامية

أبو عمار
2011-11-07, 22:06
يرفع للأهمية .

رَكان
2011-11-07, 22:11
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.


أما بعد:

فمن الجوانب التي تظهر عليها الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف:

الجانب السياسي، سواء ما يتعلق بالجوانب السياسيّة الداخليّة أو الخارجيّة، ولبيان ذلك، سيكون لي مع بعض تلك الآثار وقفات لأبيّن للقارئ الكريم، خطر مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام على الجانب السياسي، ومن تلك الآثار:

(عنوان 1- ضعف الدولة الإسلامية وقوّة شوكة أعداء المسلمين.)

إنّ من أعظم الآثار التي يخلّفها الخروج على الحكام وعدم السمع والطاعة لهم: ضعف الدولة الإسلامية، وانتهاك قواها، مع ما يقابله من قوّة العدو، وظهور شوكته.

فإنَّ في الخروج عليه إضعافاً لجيشه، وتقليلاً من عددهم، وذلك لأنّ الحاكم سيصد الخوارج وسيقاتلهم، وسيحاول استئصال شوكتهم، فيذهب كثير من جنده، وسيخسر كثيراً من عتاده، خاصّة إذا كان الخارجي له شوكة وشأفة وقوّة يصعب استئصالها.

وسينشغل المسلمون بقتال هؤلاء الخوارج وستتعطل الثغور، ويقلّ الجهاد في سبيل الله، فيقوى العدو، ويزداد في إعداد نفسه، إن لم يداهم الإسلام والمسلمين.

وقد سمع الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: (( لا تفعل -رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتم، وإنما تخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير )).

ومن أسباب ضعفه -أيضاً- تخلّف الناس عن القتال معه، كمن يرى عدم جواز الجهاد مع حكام الجور، مخالفاً بذلك قول أهل السنّة، فيترتب على ذلك قلةً في جيشه، وضعفاً في عزيمته.

قال عبدالملك بن حبيب-رحمه الله-: (( سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالجهاد مع الولاة، وإن لم يضعوا الخُمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، ولو عملوا ما عملوا، ولو جاز للنّاس ترك الغزو معهم لسوء حالهم؛ لاستذلّ الإسلام، وتخيفت أطرافه، واستبيح حريمه، ولعلى الشرك وأهله )) (1) .

وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-: (( ثم هنا مسألة أخرى وداهية كبرى، دها بها الشيطان كثيراً من الناس، فصاروا يسعون فيما يفرق جماعة المسلمين، ويوجب الاختلاف في الدين، وما ذمه الكتاب المبين، ويقضي بالإخلاد إلى الأرض، وترك الجهاد، ونصرة رب العالمين، ويفضي إلى منع الزكاة، ويشب نار الفتنة والضلالات، فتلطف الشيطان في إدخال هذه المكيدة، ونصب لها حججاً ومقدمات، وأوهمهم أن طاعة بعض المتغلبين، فيما أمر الله به ورسوله، من واجبات الإيمان، وفيما فيه دفعٌ عن الإسلام وحماية لحوزته، لا تجب والحالة هذه، ولا تشرع )) (2) .

وفي المقابل فإنّ الخوارج مع قتلهم للمسلمين، وإضعافهم لهم، يَتركون أهل الأوثان والشرك والكفر، ويُديرون معاركهم ضد أهل الإسلام، كما جاء ذلك في قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان ))، وهذا الفعل من السمات البارزة كما جاء عن الشاطبي تقرير ذلك (3).

وقد أفتى علماء الأندلس لـمّا سئلوا عن طائفة خرجت على الإمام، فذكروا مفاسد الخروج وعواقبه الوخيمة، فقالوا: (( مع ما في ذلك من توهين المسلمين، وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم )) (4).

وقال العلامة المعلمي -رحمه الله-: (( ومن كان يكرهه (أي: الخروج على الولاة) يرى أنّه شق لعصا المسلمين، وتفريق لكلمتهم، وتشتيت لجماعتهم، وتمزيق لوحدتهم، وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوّتهم وتقوى شوكة عدوّهم، وتتعطّل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار، ويقتلون من فيها من المسلمين، ويذلّونهم، وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً، وقد جرّب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشرّ... )) (5).

ومما يسبب ضعف الدولة الإسلاميّة، ولعلّه ذهابها، كتم النصيحة عن الحاكم، وعدم إخباره بمن يكيد له وللمسلمين وللدولة الإسلامية بشرّ، وهذا من الواجبات التي تجب للحكام على رعيتهم.

ومما يروى في ذلك، أنّ علي بن عيسى بن الجراح قال: سألت أولاد بني أميّة ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: (( خصال أربع أوّلها: أن وزراءنا كتموا عنّا ما يجب إظهاره لنا، والثاني: أنّ جباة خراجنا ظلموا النّاس فارتحلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا، والثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند، فتركوا طاعتنا، والرابعة: يئسوا من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا؛ فلذلك زالت دولتنا )) (6).

وهذا الأثر الذي يخلفه اتباع غير سبيل المؤمنين في معاملتهم لحكامهم، ينتج عنه أثر آخر خطير على الإسلام والمسلمين، وهو ما سيأتي.

(عنوان 2- هزيمتهم وفشلهم أمام عدوّهم.)

ومن الآثار السيئة السياسية -كذلك- المترتبة على مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام، ما ينشأ عن هذه المخالفة من انهزام المسلمين أمام عدوّهم، وفشلهم في صد كيد الكفار والمشركين عن الدولة الإسلامية، فيحدث على الإسلام والمسلمين ما لا قِبَل لهم به من استيلاء الكفار على دولتهم، ومنعهم من إظهار دينهم.

فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

قال الطرطوشي -رحمه الله-: (( أيها الأجناد، أقلّوا الخلاف على الأمراء، فلا ظفر مع اختلاف، ولا جماعة لمن اختلف عليه، قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وأوّل الظفر الاجتماع، وأوّل الخذلان الافتراق، وعماد الجماعة السمع والطاعة... )) (7).

وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: (( ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل )) (8).

(عنوان 3- استغلال العدو وشن الغارات على المسلمين.)

ومن الآثار السيئة -أيضاً-، انتهاز العدوّ لهذه الفرصة، وهي اختلاف الرعيّة على إمامهم وتقاتلهم فيما بينهم، فينهض لغزو المسلمين، أو السطو على بعض بلدانهم وأموالهم، وشنّ الغارات عليهم، فإنّ الكفار يستغلون أي فرصة ضد المسلمين، كما قال تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}، هذا إذا انشغلوا عن أسلحتهم، فكيف إذا انشغلوا ببعضهم البعض، ووهت قوّتهم، وضعفت شكيمتهم.

قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: (( فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأنّ في منازعته والخروج عليه: استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي الدهماء، وتبييت الغارات على المسلمين، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر )) (9).

ومن الأمثلة على ذلك من تاريخنا الإسلامي: استغلال الخزر اختلاف المسلمين، وذلك بخروج إبراهيم بن عبدالله بن حسن أخو النفس الزكيّة على الدولة العباسية، فشنوا الغارة على المسلمين.

قال الذهبي -رحمه الله-: ((وعَرَفت الخزر باختلاف الأمة، فخرجوا من باب الأبواب، وقتلوا خلقاً بأرمينية، وسبوا الذرية، فلله الأمر)) (10).

(عنوان 4- تأخر الجهاد والانشغال عن أعداء الله.)

إن توقف حركة الجهاد، وانشغال المسلمين عن الفتوح والغزوات ضد الكفرة والمشركين، لمن أعظم الآثار التي يخلّفها مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام، فما يكاد إمام من أئمة المسلمين أن يغزو بلداً، أو يفتح حصناً، إلا ويأتيه ما يشغله من خروج الخوارج في أهله وبلده، فيضطر إلى الرجوع، فيرد كيدهم في نحرهم، ويصرف شرهم وخطرهم عن الإسلام والمسلمين.

قال الشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- عند حديثه عن الذين خرجوا على عثمان -رضي الله عنه-: (( وإنّ الشرّ الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم، وقصر أنظارهم، لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثماً وجناية )) (11).

وفي قصّة ابن الأشعث ما يؤكّد هذا المعنى، فإنّ جيش ابن الأشعث الذي ولاه الحجاج لقتال الترك، قد انتصر انتصارات كبيرة، وفتح عدداً من بلدان رتبيل الكافر، ولكن لما صمّموا على الخروج على الحجاج، وخلعه وخلع الخليفة، وبيعتهم لابن الأشعث، ترتب على ذلك، توقف جهاد الكفار من الترك، وخروجهم من بلاد الكفار، وقتالهم للمسلمين (12).

ولمّا كان المعتصم يقاتل الروم، وفتح عدداً من بلدانهم، وأثخن فيهم قتلاً وسبياً، إلى أن وصل إلى قُسنطينيّة وصمّم على محاصرتها، أتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه (13).

والأمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً من هذه الأمثلة، والتي كانت بعد ولاية معاوية -رضي الله عنه- التي كان النّاس فيها متفقين يغزون العدو، ثم توقف الجهاد وانحسر بسبب ما حدث من الفتن (14).

وفي نهاية مطاف هذا الباب، أوصي نفسي وأخواني المسلمين، أن يتمسكوا بمنهج السلف الصالح، وأن يتركوا الآراء والأهواء المستوردة، والمنبثقة عن غير شريعتنا المطهرّة، فإنّ الخير كل الخير في اتباع سبيلهم، واقتفاء آثارهم، والشرّ كلّ الشر في مجانبتهم، واجتناب منهجهم، وما يدينون الله به (مميز كما اوصي الدعاة إلى الله أن يربوا الناس على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة
والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وبمناصحة ذوي العقول السديدة للحكام في أخطائهم العقدية والمنهجية والسياسية، فهذا هو المطلوب شرعاً وعقلاً منهم وبه يتحقق الخير كله أو جله ويزول الشر كله أو جله وذاك غاية ما يطمح إليه العقلاء المخلصون.)

كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:

(( أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) (15).

فأسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، إن ربي لسميع الدعاء.

(
كتبه

أخوكم

خالد بن ضحوي الظفيري)




========

الحواشي:
(1) رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص:289).
(2) الدرر السنيّة جمع ابن قاسم (8/377-380)، وعيون الرسائل والأجوبة على المسائل جمع الشيخ سليمان بن سحمان (2/875-879).
(3) انظر: الموافقات (5/150-151).
(4) المعيار المعرب للونشريسي (11/149).
(5) التنكيل (1/93-94)
(6) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/35) برقم [7422]، والتبريزي في النصيحة للراعي والرعيّة (ص:104).
(7) سراج الملوك (2/703).
(8) شرح الأصول الستة (ص:161).
(9) الاستذكار (14/41)، وللقرطبي كلام نحو هذا في تفسيره (2/108-109).
(10) سير أعلام النبلاء (6/224).
(11) حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص:57).
(12) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (12/307).
(13) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (10/297-298).
(14) انظر: منهاج السنّة النبوية (6/231-232).
(15) رواه أبو داود في السنن (5/19)، 34-كتاب السنة، 7-باب لزوم السنّة، حديث (4612)، وأبو نعيم في الحلية (5/338-339)، والآجري في الشريعة (2/930-932) برقم [529]، وابن بطة في الإبانة (2/335) برقم [560]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/873) برقم [3856].

منقول
المنقول طيب وما فيه لايجانب الصواب..ولكن الدولة الإسلامية ..أين رقعتها الجغرافية على وجه الأرض في زمننا الحاضر ..؟؟؟؟؟

أبو عمار
2011-11-07, 22:17
المنقول طيب وما فيه لايجانب الصواب..ولكن الدولة الإسلامية ..أين رقعتها الجغرافية على وجه الأرض في زمننا الحاضر ..؟؟؟؟؟

ما هو تعريفك أنت للدولة الإسلامية ؟

وهل الدولة التي تعيش فيها إسلامية أم ......؟

محبة الحبيب
2011-11-07, 22:18
المنقول طيب وما فيه لايجانب الصواب..ولكن الدولة الإسلامية ..أين رقعتها الجغرافية على وجه الأرض في زمننا الحاضر ..؟؟؟؟؟

با أزيد واحدة إلى ما كتبت اخي عمر
هل الحاكم الموجود الان هو حاكما شرعيا أم جاء بالتزويرات و الانقلابات و الدسائس

أبو عمار
2011-11-07, 22:20
با أزيد واحدة إلى ما كتبت اخي عمر
هل الحاكم الموجود الان هو حاكما شرعيا أم جاء بالتزويرات و الانقلابات و الدسائس


فإذا كان هذا الحاكم ـ على فرض أنّه غير شرعي ـ

لماذا ترضين بحكمه و تخضعين له ؟

ahmedinfoo
2011-11-08, 10:06
يا أخواني طاعة الله و رسوله فيها النجاة و الرفعة و لكنا قوم مستعجلون

أبو عمار
2011-11-08, 12:58
المنقول طيب وما فيه لايجانب الصواب..ولكن الدولة الإسلامية ..أين رقعتها الجغرافية على وجه الأرض في زمننا الحاضر ..؟؟؟؟؟

أعيد السؤال بطريقة أخرى ...

أنت تقصد أنّ كل الدول العربية الحالية كافرة برمّتها ، و لا توجد أيّ دولة إسلامية في وقتنا الحاضر ؟

blacksol
2011-11-08, 20:03
ما بال الأخت جواهر إنقلب تفكيرها 180 درجة ؟؟؟ فمنذ أيام قلائل كنت من الذين يعتقدون بحرمة الخروج على الحاكم !!! فما هذا التناقض الواضح ؟
هذا أحد ردودك :

لن ولم تنجح .. الثورات العربية والخروج المحرم . لأنها من أفعال الجاهلية الأولى...


ولأن الشرع حرمها.


لا,,لم تحقق الثورات اي انجازات للشعوب ..لمجرد تغيير حكومات وأشخاص لا اكثر وسترون ماذ يريد الله بمن يخذله ويخذل شرعه..


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



بدأت افقد أعصابي من كلامك