بس يا بحر
2011-03-03, 12:24
http://www.baytalshifaa.com/admin/images/readtest/naseha.JPG
يُحكى أن أحدهم ضاقت به سُبل العيش ، فسئِم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه فى بلاد الله الواسعة ..
فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق
وسار طويلاً .. وقادته الخطى إلى بيت أحد الأجواد الذى رحّب به وأكرم وفادته.
وبعد إنقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته ؟
فأخبره بها ، فقال له المُضيف : ما رأيك أن تعمل عندى على أن أعطيك ما يرضيك ؟
ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوى إليـه ، وإلى عملٍ يعمل فيه
إتفق معه على ذلك.
وعمل الرجل عند مضيفه .. أحياناً يرعى الإبل وأحياناً أخرى يعمل فى بيته يعدّ القهوة ويقدمها للضيوف.
ودام على ذلك الحال عدة سنوات .. كان الشيخ يُكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية.
ومضت عدة سنوات إشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى رؤية أهله وأبنائه.
فأخبر صاحب البيت عن نيته فى العودة إلى بلده.
فعزّ عليه فراقه لصدقه وأمانته ، وأعطاه الكثير من المواشى وبعض الإبل وودّعه وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة ..
وسار الرجل ، وبعد أن قطع مسافة طويلة فى الصحراء القاحلة رأى شيخاً جالساً على قارعة الطريق ، ليس عنده شىء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق.
وعندما وصل إليه .. حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده فى هذا المكان الخالى وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء ؟
فقال له : أنا أعمل فى التجارة.
فتعجب الرجل وقال له : وما هى تجارتك يا هذا ، وأين بضاعتك ؟
فقال له الشيخ : أنا أبيع نصائح !!
فقال الرجل : تبيع نصائح ، وبكم النصيحة ؟!
فقال الشيخ : كلّ نصيحة ببعير !!
فأطرق الرجل مُفكراً فى النصيحة وفى ثمنها الباهظ الذى عمل طويلاً من أجل الحصول عليه.
ولكنه فى النهاية قرر أن يشترى نصيحة مهما كلفه الأمر ..
فقال له : هات لى نصيحة ، وسأعطيك بعيراً ..
فقال له الشيخ: (إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل).
ففكر الرجل فى هذه النصيحة وقال :
ما لى ولسهيل فى هذه الصحراء المُوحشة ، وماذا تنفعنى هذه النصيحة فى هذا الوقت بالذات ؟
وعندما وجد أنها لا تنفعه قال للشيخ : هات لى نصيحة أخرى .. وسأعطيك بعيراً آخر.
فقال له الشيخ : (أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له).
وتأمل صاحبنا هذه النصيحة أيضاً وأدارها فى فكره ولم يجد بها أى فائدة.
فقال للشيخ هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر.
فقال له : (نام على النَّدَم ولا تنام على الدم).
ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من سابقتيها !!
فترك الرجل ذلك الشيخ وساق ما معه من مواشٍ وسار فى طريقه.
وظل يسير لعدة أيام نسى خلالها النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر.
وفى أحد الأيام أدركه المساء فوصل إلى قوم قد نصبوا خيامهم ومضاربهم فى قاع وادٍ كبير ، فتعشّى عند أحدهم وباتَ عنده.
وفى الليل وبينما كان ساهراً يتأمل النجوم شاهد نجم سُهيل
وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التى قالها له الشيخ : (إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل).
ففرّ مذعوراً ، وأيقظَ صاحب البيت وأخبره بقصة النصيحة ، وطلب منه أن يُخبر قومه حتى يخرجوا من قاع ذلك الوادى.
ولكن المضيف سخر منه ومن قلّة عقله ولم يكترث له ولم يأبه لكلامه.
فقال والله لقد إشتريت النصيحة ببعير ولن أنام فى قاع هذا الوادى.
فقرر أن يبيت على مكان مرتفع ، فأخذ جاعِدَهُ ونام على مكان مرتفع
بجانب الوادى.
وفى أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد فأخذ البيوت والقوم ، ولم يُبقِ سوى بعض المواشى.
وساق الرجل ما تبقى من المواشى وأضافها إلى مواشيه.
وسار فى طريقه عدة أيام أخر حتى وصل فى أحد الأيام إلى بيت فى الصحراء ، فرحب به صاحب البيت وكان رجلاً نحيفاً خفيف الحركة.
وأخذ يزيد فى الترحيب به والتودد إليه حتى أوجس منه خيفة ، فنظر إليه وإذا به (ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق).
فقال : آه هذا الذى أوصانى عنه الشيخ ، إن به نفس المواصفات لا ينقص منها شىء.
وفى الليل تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت قريباً من مواشيه وأغنامـه ، وأخذ فراشه وجَرَّه فى ناحية ، ولكنه وضع حجارة تحت اللحاف ، وإنتحى مكاناً غير بعيد يراقب منه حركات مضيفه.
وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام ، خاصة بعد أن لم يرَ حراكاً له.
أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله.
ولما لم يسمع منه أية حركة تأكد له أنه نائم بالفعل ، فعاد وأخذ سيفه وتقدم منه ببطء ثم هوى عليه بسيفه بضربه شديدة.
ولكن الضيف كان يقف وراءه فقال له :
لقد إشتريت والله النصيحة ببعير ثم ضربه بسيفه فقتلـه.
وساق ماشيته وغاب فى أعماق الصحراء.
وبعد مسيرة عدة أيام وصل فى ساعات الليل إلى منطقة أهله.
فوجد مضارب قومه على حالها ، فترك ماشيته خارج الحىَّ ، وسار ناحية بيته ورفع الرواق ودخل البيت.
فوجد زوجته نائمة وبجانبها شاب طويل الشعر ، فإغتاظ لذلك ووضع يده على سيفه وأراد أن يهوى به على رؤوس الإثنين.
وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التى تقول (نام على الندم ولا تنام على الدم).
فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم على حالهم.
وخرج من البيت وعاد إلى أغنامه ونام عندها حتى الصباح.
وبعد شروق الشمس ساق أغنامه وإقترب من البيت.
فعرفه الناس ورحبوا به ، وإستقبله أهل بيته وقالوا له :
لقد تركتنا منذ فترة طويلة ..
أنظر كيف كبر خلالها إبنك حتى أصبح رجلاً ؟
ونظر الرجل إلى إبنه وإذا به ذلك الشاب الذى كان ينام بالأمس بجانب زوجته !!
فحمد الله على سلامتهم ، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم.
وقال بينه وبين نفسه :
والله إن كل نصيحة أحسن من بعير !!!.
وهكذا فإن النصيحة لا تُقدّر بثمن ..
إذا فهمناها .. وعملنا بها .. فى الوقت المناسب !!!
يُحكى أن أحدهم ضاقت به سُبل العيش ، فسئِم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه فى بلاد الله الواسعة ..
فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق
وسار طويلاً .. وقادته الخطى إلى بيت أحد الأجواد الذى رحّب به وأكرم وفادته.
وبعد إنقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته ؟
فأخبره بها ، فقال له المُضيف : ما رأيك أن تعمل عندى على أن أعطيك ما يرضيك ؟
ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوى إليـه ، وإلى عملٍ يعمل فيه
إتفق معه على ذلك.
وعمل الرجل عند مضيفه .. أحياناً يرعى الإبل وأحياناً أخرى يعمل فى بيته يعدّ القهوة ويقدمها للضيوف.
ودام على ذلك الحال عدة سنوات .. كان الشيخ يُكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية.
ومضت عدة سنوات إشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى رؤية أهله وأبنائه.
فأخبر صاحب البيت عن نيته فى العودة إلى بلده.
فعزّ عليه فراقه لصدقه وأمانته ، وأعطاه الكثير من المواشى وبعض الإبل وودّعه وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة ..
وسار الرجل ، وبعد أن قطع مسافة طويلة فى الصحراء القاحلة رأى شيخاً جالساً على قارعة الطريق ، ليس عنده شىء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق.
وعندما وصل إليه .. حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده فى هذا المكان الخالى وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء ؟
فقال له : أنا أعمل فى التجارة.
فتعجب الرجل وقال له : وما هى تجارتك يا هذا ، وأين بضاعتك ؟
فقال له الشيخ : أنا أبيع نصائح !!
فقال الرجل : تبيع نصائح ، وبكم النصيحة ؟!
فقال الشيخ : كلّ نصيحة ببعير !!
فأطرق الرجل مُفكراً فى النصيحة وفى ثمنها الباهظ الذى عمل طويلاً من أجل الحصول عليه.
ولكنه فى النهاية قرر أن يشترى نصيحة مهما كلفه الأمر ..
فقال له : هات لى نصيحة ، وسأعطيك بعيراً ..
فقال له الشيخ: (إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل).
ففكر الرجل فى هذه النصيحة وقال :
ما لى ولسهيل فى هذه الصحراء المُوحشة ، وماذا تنفعنى هذه النصيحة فى هذا الوقت بالذات ؟
وعندما وجد أنها لا تنفعه قال للشيخ : هات لى نصيحة أخرى .. وسأعطيك بعيراً آخر.
فقال له الشيخ : (أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له).
وتأمل صاحبنا هذه النصيحة أيضاً وأدارها فى فكره ولم يجد بها أى فائدة.
فقال للشيخ هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر.
فقال له : (نام على النَّدَم ولا تنام على الدم).
ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من سابقتيها !!
فترك الرجل ذلك الشيخ وساق ما معه من مواشٍ وسار فى طريقه.
وظل يسير لعدة أيام نسى خلالها النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر.
وفى أحد الأيام أدركه المساء فوصل إلى قوم قد نصبوا خيامهم ومضاربهم فى قاع وادٍ كبير ، فتعشّى عند أحدهم وباتَ عنده.
وفى الليل وبينما كان ساهراً يتأمل النجوم شاهد نجم سُهيل
وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التى قالها له الشيخ : (إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل).
ففرّ مذعوراً ، وأيقظَ صاحب البيت وأخبره بقصة النصيحة ، وطلب منه أن يُخبر قومه حتى يخرجوا من قاع ذلك الوادى.
ولكن المضيف سخر منه ومن قلّة عقله ولم يكترث له ولم يأبه لكلامه.
فقال والله لقد إشتريت النصيحة ببعير ولن أنام فى قاع هذا الوادى.
فقرر أن يبيت على مكان مرتفع ، فأخذ جاعِدَهُ ونام على مكان مرتفع
بجانب الوادى.
وفى أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد فأخذ البيوت والقوم ، ولم يُبقِ سوى بعض المواشى.
وساق الرجل ما تبقى من المواشى وأضافها إلى مواشيه.
وسار فى طريقه عدة أيام أخر حتى وصل فى أحد الأيام إلى بيت فى الصحراء ، فرحب به صاحب البيت وكان رجلاً نحيفاً خفيف الحركة.
وأخذ يزيد فى الترحيب به والتودد إليه حتى أوجس منه خيفة ، فنظر إليه وإذا به (ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق).
فقال : آه هذا الذى أوصانى عنه الشيخ ، إن به نفس المواصفات لا ينقص منها شىء.
وفى الليل تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت قريباً من مواشيه وأغنامـه ، وأخذ فراشه وجَرَّه فى ناحية ، ولكنه وضع حجارة تحت اللحاف ، وإنتحى مكاناً غير بعيد يراقب منه حركات مضيفه.
وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام ، خاصة بعد أن لم يرَ حراكاً له.
أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله.
ولما لم يسمع منه أية حركة تأكد له أنه نائم بالفعل ، فعاد وأخذ سيفه وتقدم منه ببطء ثم هوى عليه بسيفه بضربه شديدة.
ولكن الضيف كان يقف وراءه فقال له :
لقد إشتريت والله النصيحة ببعير ثم ضربه بسيفه فقتلـه.
وساق ماشيته وغاب فى أعماق الصحراء.
وبعد مسيرة عدة أيام وصل فى ساعات الليل إلى منطقة أهله.
فوجد مضارب قومه على حالها ، فترك ماشيته خارج الحىَّ ، وسار ناحية بيته ورفع الرواق ودخل البيت.
فوجد زوجته نائمة وبجانبها شاب طويل الشعر ، فإغتاظ لذلك ووضع يده على سيفه وأراد أن يهوى به على رؤوس الإثنين.
وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التى تقول (نام على الندم ولا تنام على الدم).
فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم على حالهم.
وخرج من البيت وعاد إلى أغنامه ونام عندها حتى الصباح.
وبعد شروق الشمس ساق أغنامه وإقترب من البيت.
فعرفه الناس ورحبوا به ، وإستقبله أهل بيته وقالوا له :
لقد تركتنا منذ فترة طويلة ..
أنظر كيف كبر خلالها إبنك حتى أصبح رجلاً ؟
ونظر الرجل إلى إبنه وإذا به ذلك الشاب الذى كان ينام بالأمس بجانب زوجته !!
فحمد الله على سلامتهم ، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم.
وقال بينه وبين نفسه :
والله إن كل نصيحة أحسن من بعير !!!.
وهكذا فإن النصيحة لا تُقدّر بثمن ..
إذا فهمناها .. وعملنا بها .. فى الوقت المناسب !!!