أبوسيف الأثري
2011-03-02, 21:05
بسم الله الرحمن الرحيم.
يا ولاة أمور المسلمين لا تتركوا المشكل الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، وخذوا بنصائح أهل العلم إن أردت تجنيب الأوطان الفتن والثورات.
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد:
ذكر الإمام الحافظ أبو الفداء بن كثير في البداية والنهاية (10/48) في ترجمة أمير المؤمنين مروان الأموي، وهو آخر خلفاء بني أميّة، أنّه قال لبعض من معه من الخدم والوزراء لما أحاط به العباسيون وأوشكوا أن ينزلوه من الحكم: (ألا ترى ما نحن فيه؟ وا لهفاه على دولةٍ ما نُصرت وكفٍ ما ظفرت، وأيدٍ ما ذُكرت، ونعم ما شكرت.
فقال له الخادم، وكان واقفا على رأسه: من أغفل الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، والخفي حتى يظهر، وأخر فعل اليوم لغد، حلّ به أكثر من هذا).
إنه من ترك الزكام حتى يصير جذاما، والمشكلة حتى تصير معضلة، ولم يصغ لأهل العلم الفضلاء، وترك قضايا الأمة تتعفن، ولم ينشر العدل في صفوف أمته، فلا يأمن أن يبتلى بجيل ثائر يقلب جميع الموازين، وحينها إذا استنجد بأهل العلم يكون العقد قد انفلت، والآذان قد صمت، فلا تنفع موعظة، ولا يجدي تحذير، والأمر لله من قبل ومن بعد.
إن من أسباب سقوط الدولة الأمية أن أواخر حكامها لم يكونوا يصغون للعلماء حين حذروهم مما كان يدبر العباسيون.
لقد ناصح نصر بن يسار وهو نائب مروان الأموي على خراسان الخليفة مروان، حيث كاتبه في شأن ظهور أبي مسلم الخراساني، ودعوته إلى إمامة إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وطلب منه العون على محاربة أبي مسلم، وكان مما كتبه نصرٌ أبياتا من الشعر يقول فيها:
أرى خلل الرّماد وميض جمر ___ وأحسبُ أن سيتبعه ضرام
فإنّ النار بالعودين تذكى ___ وإن الحرب أولها كلام.
فقلت من التعجب ليت شعري ___ أأيقاظ أميّة أم نيام.
فلم يعنه أمير المؤمنين مروان بشيء، بل قيل: إنه قال: فوقع في نفسي أن هذا الرجل يريد الاستكثار من الأموال.
قلت: وهكذا الحال في عصرنا، إذا قام أهل الحديث بواجب النصيحة والتحذير من الأفكار الهدامة، وكاتبوا بعض المسئولين بخطورة الأفكار الوافدة على ديارنا قال بعض المسئولين: إن السلفيين يريدون منصبا ومالا، ثم يقابلون التحذيرات بالاستهزاء والسخرية.
وأعود إلى الناصح نصر بن يسار.
ولما رأى نصر بن يسار أن أمير المؤمنين لم يعبأ بتحذيره كتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة _نائب العراق_ يستمده على أبي مسلم، وكان مما كتب نصر بن يسار:
أبلغ يزيد وخيرُ القول أصدقه___وقد بيّنتُ أنْ لا خيرَ في الكذب.
أنّ خراسان أرضُ قد رأيت بها___ بيضا إذا أُفرِختْ حُدِّثت بالعجبِ
فراخُ عامين إلاّ أنّها كَبُرت ___ لمّا يطرن وقد سُربِلن بالزّغب.
فإن يطِرن ولم يُحْتَل لهنّ بها ___يُلهبن نيران حرب أيّما لهب.
فلم يعنه يزيد بشيء.
قال الذهبي في السير (5/464): (واستصرخ نصرٌ غير مرة، فبَعُد عن نجدته، واشتغل باختلال أمر أذربيجان والجزيرة، فتقهقر نصرٌ وجاءه الموت على حاجة، فتوفي بساوة سنة 131).
وقال الذهبي في العبر: (أقبلت سعادة بني العباس وولت الدنيا على بني أمية).
وأعود بالمناسبة إلى الشأن الليبي الذي اشتعل نارا، بعد ما كان في عافية ورحمة وأقول:
كان بإمكان سيف الإسلام القذافي أن يصلح الوضع الليبي بالعلم والحلم، وهو رجل احتك بأهل العلم وجالس الإمام الألباني رحمه الله، وكانت له دراية تامة بأحوال المسلمين المضطهدين في العالم، وكان يعلم أن الوضع الليبي من سيء إلى أسوء، فإن عدد السكان في ليبيا بمقابل وضعهم الاقتصادي يجعلهم في بحبوحة من العيش، فإذا أضيف إلى سعة المعيشة العدل والحرية والكرامة، صار حال المسلمين في ليبيا كحال المسلمين في عهد عمر بن عبد العزيز، بل كان يعلم أن الليبيين حفظهم الله من شر أنفسهم كانوا بحاجة إلى غذاء روحي مستمد من منهج السلف يعصمهم من الفتن والثورات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء(1/485ط الرشد) بعد ما بيّـن خطورة التشبه بالمجرمين في أحوالهم وأعيادهم:( ...و الشرائع هي غذاء القلوب وقوتها كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ويرويه مرفوعا (إنّ كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإنّ مأدبة الله هي القرآن) [والأثر فيه مقال] ومن شأن الجسد إذا كان جائعا فأخذ من الطعام حاجته استغنى عن طعام آخر، حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة وتجشم، وربما ضره أكله، أو لم ينتفع به، ولم يكن هو المغذي له الذي يقيم بدنه، فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته قلَّت رغبته في المشروع وانتفاعه به، بقدر ما اعتاض من غيره، بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع، فإنه تعظم محبته له، ومنفعته به، ويتم دينه، ويكمل إسلامه، ولذا تجد من أكثر سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه، ومن كثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن قصص الملوك وسيرهم لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه الاهتمام ونظير هذا كثير)اهـ
لما أتخم العقلُ الليبي بسفهات الكتاب الأخصر صار حاله إلى ما صر إليه من تمرد وتدابر.
ولكن للأسف الشديد خيب سيف الإسلام أمال المسلمين فيه، وترك الأمور حتى تعفنت، والمشكل الصغير حتى كبر، وهو يرى الظلم يسري على إخوانه من أهل السنة، والسجون متخمة بالمسلمين، فماذا يصنع الآن بعد أن سالت أودية من الدماء؟
إنه يذكرني وهو يعقد المؤتمرات الصحفية بالوزير العراقي الصحاف وهو يبث الأكاذيب على الشعب أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، ولكن ماذا كانت نهاية الصحاف يا سيف الإسلام؟
ليس له إلا العودة إلى الله، والصدق في القول والعمل، وترك تزوير الحقائق، عسى أن يختم الله له بالحسنى.
ما أهون الخلق على الله يا سيف الإسلام القذافي حين يضيعون أمره، ويستبدلونه بفكر أهوك أو أدلوجية خرقاء، وكتاب أخضر مليء بالضلال، وما يسعني في هذا المقام إلا أن أستشهد بفقه السلف في الملمات، فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد من طريق صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فتحت قبرص ففُرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير؛ ما أهون الخلق على الله عزوجل إذا أضاعوا أمره! بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).
وهكذا حال ليبيا، بينا هي دولة قائمة تهدد القريب والبعيد، فلما أضاعوا أمر الله ووضعوا كتابا أخضر أخرق بدل الشريعة الغراء صاروا إلى ما هم عليه، بؤر من فتن، وأشلاء متطايرة، ودمار وتشريد وفقر، والله المستعان والعاصم من نيران الفتن.
ثم اعلموا يا عباد الله أن الله تعالى لن يهلك الظالمين والمذنبين والعصاة الجائرين، أو يزيل ملكهم القائم حتى يعذرهم من نفسهم، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي البختري أنه قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يَهلِك الناسُ حتى يعذروا من أنفسهم) أخرجه أحمد بإسناد صحيح.
اللهم جنب وطني الجزائر وسائر ديار المسلمين الفتن والمحن، وارزق ولاة أمورنا البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، ووفقنا لنشر منهج السلف الذي فيه الأمن والآمان للأوطان، وجنب ديارنا كل عدو ماكر.
اللهم أحفظ علينا أمننا وإيماننا، وجعل الجزائر واحة سلم وسلام، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه : المشفق على أبناء أمته
أوب عبد الباري عبد الحميد العربي الجزائري حفظه الله تعالى
منتديات أهل الحديث السلفية
يا ولاة أمور المسلمين لا تتركوا المشكل الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، وخذوا بنصائح أهل العلم إن أردت تجنيب الأوطان الفتن والثورات.
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد:
ذكر الإمام الحافظ أبو الفداء بن كثير في البداية والنهاية (10/48) في ترجمة أمير المؤمنين مروان الأموي، وهو آخر خلفاء بني أميّة، أنّه قال لبعض من معه من الخدم والوزراء لما أحاط به العباسيون وأوشكوا أن ينزلوه من الحكم: (ألا ترى ما نحن فيه؟ وا لهفاه على دولةٍ ما نُصرت وكفٍ ما ظفرت، وأيدٍ ما ذُكرت، ونعم ما شكرت.
فقال له الخادم، وكان واقفا على رأسه: من أغفل الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، والخفي حتى يظهر، وأخر فعل اليوم لغد، حلّ به أكثر من هذا).
إنه من ترك الزكام حتى يصير جذاما، والمشكلة حتى تصير معضلة، ولم يصغ لأهل العلم الفضلاء، وترك قضايا الأمة تتعفن، ولم ينشر العدل في صفوف أمته، فلا يأمن أن يبتلى بجيل ثائر يقلب جميع الموازين، وحينها إذا استنجد بأهل العلم يكون العقد قد انفلت، والآذان قد صمت، فلا تنفع موعظة، ولا يجدي تحذير، والأمر لله من قبل ومن بعد.
إن من أسباب سقوط الدولة الأمية أن أواخر حكامها لم يكونوا يصغون للعلماء حين حذروهم مما كان يدبر العباسيون.
لقد ناصح نصر بن يسار وهو نائب مروان الأموي على خراسان الخليفة مروان، حيث كاتبه في شأن ظهور أبي مسلم الخراساني، ودعوته إلى إمامة إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وطلب منه العون على محاربة أبي مسلم، وكان مما كتبه نصرٌ أبياتا من الشعر يقول فيها:
أرى خلل الرّماد وميض جمر ___ وأحسبُ أن سيتبعه ضرام
فإنّ النار بالعودين تذكى ___ وإن الحرب أولها كلام.
فقلت من التعجب ليت شعري ___ أأيقاظ أميّة أم نيام.
فلم يعنه أمير المؤمنين مروان بشيء، بل قيل: إنه قال: فوقع في نفسي أن هذا الرجل يريد الاستكثار من الأموال.
قلت: وهكذا الحال في عصرنا، إذا قام أهل الحديث بواجب النصيحة والتحذير من الأفكار الهدامة، وكاتبوا بعض المسئولين بخطورة الأفكار الوافدة على ديارنا قال بعض المسئولين: إن السلفيين يريدون منصبا ومالا، ثم يقابلون التحذيرات بالاستهزاء والسخرية.
وأعود إلى الناصح نصر بن يسار.
ولما رأى نصر بن يسار أن أمير المؤمنين لم يعبأ بتحذيره كتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة _نائب العراق_ يستمده على أبي مسلم، وكان مما كتب نصر بن يسار:
أبلغ يزيد وخيرُ القول أصدقه___وقد بيّنتُ أنْ لا خيرَ في الكذب.
أنّ خراسان أرضُ قد رأيت بها___ بيضا إذا أُفرِختْ حُدِّثت بالعجبِ
فراخُ عامين إلاّ أنّها كَبُرت ___ لمّا يطرن وقد سُربِلن بالزّغب.
فإن يطِرن ولم يُحْتَل لهنّ بها ___يُلهبن نيران حرب أيّما لهب.
فلم يعنه يزيد بشيء.
قال الذهبي في السير (5/464): (واستصرخ نصرٌ غير مرة، فبَعُد عن نجدته، واشتغل باختلال أمر أذربيجان والجزيرة، فتقهقر نصرٌ وجاءه الموت على حاجة، فتوفي بساوة سنة 131).
وقال الذهبي في العبر: (أقبلت سعادة بني العباس وولت الدنيا على بني أمية).
وأعود بالمناسبة إلى الشأن الليبي الذي اشتعل نارا، بعد ما كان في عافية ورحمة وأقول:
كان بإمكان سيف الإسلام القذافي أن يصلح الوضع الليبي بالعلم والحلم، وهو رجل احتك بأهل العلم وجالس الإمام الألباني رحمه الله، وكانت له دراية تامة بأحوال المسلمين المضطهدين في العالم، وكان يعلم أن الوضع الليبي من سيء إلى أسوء، فإن عدد السكان في ليبيا بمقابل وضعهم الاقتصادي يجعلهم في بحبوحة من العيش، فإذا أضيف إلى سعة المعيشة العدل والحرية والكرامة، صار حال المسلمين في ليبيا كحال المسلمين في عهد عمر بن عبد العزيز، بل كان يعلم أن الليبيين حفظهم الله من شر أنفسهم كانوا بحاجة إلى غذاء روحي مستمد من منهج السلف يعصمهم من الفتن والثورات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء(1/485ط الرشد) بعد ما بيّـن خطورة التشبه بالمجرمين في أحوالهم وأعيادهم:( ...و الشرائع هي غذاء القلوب وقوتها كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ويرويه مرفوعا (إنّ كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإنّ مأدبة الله هي القرآن) [والأثر فيه مقال] ومن شأن الجسد إذا كان جائعا فأخذ من الطعام حاجته استغنى عن طعام آخر، حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة وتجشم، وربما ضره أكله، أو لم ينتفع به، ولم يكن هو المغذي له الذي يقيم بدنه، فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته قلَّت رغبته في المشروع وانتفاعه به، بقدر ما اعتاض من غيره، بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع، فإنه تعظم محبته له، ومنفعته به، ويتم دينه، ويكمل إسلامه، ولذا تجد من أكثر سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه، ومن كثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن قصص الملوك وسيرهم لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه الاهتمام ونظير هذا كثير)اهـ
لما أتخم العقلُ الليبي بسفهات الكتاب الأخصر صار حاله إلى ما صر إليه من تمرد وتدابر.
ولكن للأسف الشديد خيب سيف الإسلام أمال المسلمين فيه، وترك الأمور حتى تعفنت، والمشكل الصغير حتى كبر، وهو يرى الظلم يسري على إخوانه من أهل السنة، والسجون متخمة بالمسلمين، فماذا يصنع الآن بعد أن سالت أودية من الدماء؟
إنه يذكرني وهو يعقد المؤتمرات الصحفية بالوزير العراقي الصحاف وهو يبث الأكاذيب على الشعب أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، ولكن ماذا كانت نهاية الصحاف يا سيف الإسلام؟
ليس له إلا العودة إلى الله، والصدق في القول والعمل، وترك تزوير الحقائق، عسى أن يختم الله له بالحسنى.
ما أهون الخلق على الله يا سيف الإسلام القذافي حين يضيعون أمره، ويستبدلونه بفكر أهوك أو أدلوجية خرقاء، وكتاب أخضر مليء بالضلال، وما يسعني في هذا المقام إلا أن أستشهد بفقه السلف في الملمات، فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد من طريق صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فتحت قبرص ففُرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال: ويحك يا جبير؛ ما أهون الخلق على الله عزوجل إذا أضاعوا أمره! بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).
وهكذا حال ليبيا، بينا هي دولة قائمة تهدد القريب والبعيد، فلما أضاعوا أمر الله ووضعوا كتابا أخضر أخرق بدل الشريعة الغراء صاروا إلى ما هم عليه، بؤر من فتن، وأشلاء متطايرة، ودمار وتشريد وفقر، والله المستعان والعاصم من نيران الفتن.
ثم اعلموا يا عباد الله أن الله تعالى لن يهلك الظالمين والمذنبين والعصاة الجائرين، أو يزيل ملكهم القائم حتى يعذرهم من نفسهم، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي البختري أنه قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يَهلِك الناسُ حتى يعذروا من أنفسهم) أخرجه أحمد بإسناد صحيح.
اللهم جنب وطني الجزائر وسائر ديار المسلمين الفتن والمحن، وارزق ولاة أمورنا البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، ووفقنا لنشر منهج السلف الذي فيه الأمن والآمان للأوطان، وجنب ديارنا كل عدو ماكر.
اللهم أحفظ علينا أمننا وإيماننا، وجعل الجزائر واحة سلم وسلام، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه : المشفق على أبناء أمته
أوب عبد الباري عبد الحميد العربي الجزائري حفظه الله تعالى
منتديات أهل الحديث السلفية