yacine414
2011-02-23, 11:06
الحماية القانونية للعمال القصر في ظل التشريع الجزائري
المقدمـــــــــــة:
اهتمت منظمات العمل الدولية والعربية بحقوق الأطفال العاملين المحرومين من الحماية بسبب عملهم، وأصدرت العديد من الاتفاقيات الدولية و الإقليمية لحمايتهم، و صون حقوقهم، و كانت اتفاقية حقوق الطفل من أهم هذه الاتفاقيات، و التي استندت إلى وجوب شمول حمايتهم بشكل متكامل، و ألزمت الحكومات بأن توفر لضمان نموهم و ازدهارهم البيئة الآمنة، و المناخ الصحي الملائم للرعاية الصحية المتكاملة، كما عرف المجتمع الدولي مجموعة من الاتفاقيات حثت الدول على وضع إجراءات فورية، وأكثر فعالية لحماية الأطفال من مخاطر العمل المبكر، و ما ينجر عنه من تأثير على نموهم البدني و الذهني، وذلك من خلال تبني معايير و اتفاقيات تحمي الأطفال من أي استغلال اقتصادي،أو اجتماعي، وتحظر استخدامهم في الأعمال التي تفسد أخلاقهم، وتضر بصحتهم، أو تسبب خطرا على حياتهم، أو تؤدي إلى إعاقة نموهم الطبيعي، والجدير بالذكر أن اهتمام المنظمة الدولية للعمل بمكافحة ظاهرة عمل الأطفال كان منذ تأسيسها، فاعتمدت سنة 1919 أول اتفاقيتين حول عمل الأحداث، الأولى رقم(5) التي حظرت تشغيل الأحداث دون الرابعة عشرة من العمر في المنشآت الصناعية، و الثانية رقم(6) و التي حظرت تشغيل الأحداث دون سن الثامنة عشرة سنة ليلا، وتوالت بعد ذلك الاتفاقيات و التوصيات المرتبطة مباشرة أو بطريق غير مباشر بعمل الأحداث.
ويلاحظ في هذا المجال تعدد الاصطلاحات، و التسميات لهذه الفئة من المجتمع، فتارة يطلق عليها اسم الأطفال العمال و أحيانا العمال القصر، و أحيانا أخرى العمال الأحداث، على أن الألفاظ على اختلافها تصدق على فئة واحدة، وهي فئة العمال الذين لم يبلغوا سن الرشد القانوني، وقد استعمل المشرع الجزائري لفظ العمال القصر، و الشبان العمال في الأمر رقم 75/31 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص، و استعمل لفظ صغار العمال، والعمال القصر في القانون رقم 78/12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل، كما استعمل لفظ صغار العمال، والعمال القصر أيضا في القانون رقم 82/06 المتعلق بعلاقات العمل الفردية، أما في تشريع العمل الحالي المتمثل في القانون رقم 90/11 التعلق بعلاقات العمل فاستعمل لفظ العمال القصر.
وقد اهتم المشرع الجزائري كبقية التشريعات العمالية المقارنة، بفئة العمال القصر، و ذلك من خلال تجسيده لما ورد من أحكام قي الاتفاقيات الدولية ضمن المنظومة التشريعية الداخلية، سواء تعلق الأمر بترقية العمل و العمال، أو الخاصة بحماية فئة العمال القصر.
بناءا على ذلك جاء اختيارنا لموضوع ″ الحماية القانونية للعمال القصر في التشريع الجزائري″، و الذي سنحاول فيه الإلمام بمجمل الأحكام التشريعية، و القواعد القانونية الخاصة بتشغيل القصر ضمن الأطر القـانونية المسطرة لهذا الغرض، و كـذا الضمانات الكفيلة بحمايتهم، والحفـاظ على حقـوقهم، وإمكاناتهم الماديـة، و
الصحية، محاولين في ذلك إبـراز تطـور المنظومـة التشريعيـة لهذه الحماية ضمـن مختلف القـوانين العماليــة التـي شاهدتها الجزائر من جهة، ومن جهة أخرى محاولة مطابقتها مع الالتزامات الدولية للجزائر في هذا المجال من خلال ما ورد في الاتفاقيات الدولية، و العربية ذات الصلة بالموضوع، وكذا ببعض النصوص العمالية من القانون المقارن.
ولبيان ذلك اعتمدنا على خطة دراسة قسمنا فيها موضوعنا هذا إلى مبحثين، فجاء المبحث الأول بعنوان:″ العامل القاصر في علاقة العمل ″، أما المبحث الثاني فكان بعنوان:″ الحماية القانونية للعمال القصر″.
حاولنا في المبحث الأول:″ العامل القاصر في علاقة العمل″، تحديد المفهوم الدقيق للعامل القاصر المتمتع بالحماية القانونية الواردة في تشرع العمل، وذلك من خلال ضبط جملة من المفاهيم كتحديد معنى العامل في التشريع الجزائري طبقا للقواعد العامة الواردة في التشريع، ثم تحديد فئات العمال الخاضعة لأحكام القانون 90/11، و وصولا في الأخير إلى حصر المقصود بالعمال القصر في مفهوم التشريع العمالي.
أما المبحث الثاني:″الحماية القانونية للعمال القصر″، والذي يعد صميم موضوعنا حاولنا فيه إبراز مختلف الأحكام، و القواعد المتعلقة بحماية القصر في مجال تشريع العمل، من خلال إبراز أولا الحماية التشريعية التي يتمتعون بها وفقا للقواعد العامة الواردة في قانون العمل باعتبارهم من فئة العمال، بغض النظر عن سنهم، ثم إبراز الحماية التشريعية لهم وفقا للقواعد الخاصة بهم الواردة في قانون العمل، و كذا الواردة في أحكام قانون التمهين، و أخيرا التطرق إلى الحماية الجزائية التي خصهم بها المشرع في حالة مخالفة الهيئة المستخدمة لأحكام قانون العمل 90/11، أو أحكام القانون 81/07 المتعلق بالتمهين.
وأهم ما اعتمدنا عليه من مراجع في إعداد موضوعنا هذا هي جملة من الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع، و الصادرة عن المنظمتين الدولية، و العربية للعمل، و كذا مختلف قوانين العمل التي عرفتها المنظومة التشريعية الجزائرية، و المتمثلة خصوصا في قانون 75/31 المتعلق بالشروط العامة للعمل في القطاع الخاص، و القانون رقم 78/12 المتعلق بالقانون الأساسي العام للعامل، و القانون 82/06 المتعلق بعلاقات العمل، و أخيرا قانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل المعدل و المتمم.
ولعل أهم، و أبرز ما واجهنا من عقبات في إعداد موضوعنا هذا قلة أو انعدام المادة العلمية المرتبطة بالموضوع، لانعـدام المؤلفـات و الدراسات العلمية في هـذا الموضوع رغـم جديته، و أهميته مـن جهة، ومـن جهة
ثانية انعدام التطبيقات القضائية أساسا في هذا المجال، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى عدم معرفة العامة بالضمانات، و الحماية المقررة لهم، الناتجة عن جهلهم بأحكام القانون عامة، وأحكام قانون العمل خاصة.
المبحث الأول: العامل القاصر في علاقة العمل:
سنحاول في هذا المبحث تحديد أفق الدراسة المتعلقة بالحماية القانونية للعمال القصر، و ذلك من خلال ضبط مختصر ووافي إلى حد ما لمختلف المفاهيم القانونية ذات الصلة ، ذلك أن الحماية موضوع الدراسة ليست مكفولة إلا لفئة العمال التي تتراوح أعمارهم ما بين السادسة عشر، و الثامنة عشر من العمر، على أن يتفق العمل مع الأحكام الواردة في القانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل، و كذا القانون 81/07 المتعلق بالتمهين، و ذلك من خلال المطلبين التاليين:
المطلـب الأول: مفهـوم العامــل القاصــر فـي علاقــة العمــل:
بالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها العامـل القاصـر في المنظومة التشريعيـة من جهة، و مـن جهة أخـرى فـي البيئة الاجتماعية المحيطة به، نجد أن مختلف التشريعات العمالية الوطنيـة منها أو التشريعات العمـالية في القانـون المقارن تعطـي أولويـة لهذه الفئـة من العمـال خصوصا مع التزايد المستمر للوعي القـانوني الوطنـي و الدولي مـن ناحية، و من ناحية ثانية النتائج الإيجابية التي استطاعت فئة العمـال تحقيقها من خلال نضالها المتواصل مـن أجـل تحقيق أكبر قدر ممكن من الحقوق سواء منها على المستوى المهني أو على مستوى الحماية الاجتماعية.
لذلك فإن التطرق إلى مفهوم العامـل القاصـر لتحديد مجال الدراسة من خلال الحماية التي أولاها المشرع له لا يدع لنا بدا من تحديد أولي لمفهوم العامـل ثم تحديد المعنى الدقيق للقاصـر في نظـر التشريع العمالي، وذلك مـن أجل الحصر الجيد لمجال تطبيق التشريع العمالي على هذه الفئة، و تحديد آليات الحماية التشريعية المكرسة قانونا.
الفـرع الأول: مفهــوم العامـل فـي التشريـع العمالــي:
خلافـا للتشريعـات العماليـة السـابقـة التي لــم تعـط معـنًا دقيـقا لمفهــوم العامـل، حـددت المـادة الثـانيـة مـــن قانـون العمـل الجزائـري الحالـي مفهـوم العامــل علـى أسـاس أداء عمــل بأجــر فنصــت علـى أنـه: يعتبر عمالا أجــراء فـي مفهــوم هــذا القانـون، كـل الأشـخاص الـذيـن يـؤدون عمــلا يدويـا أو فكـريا، مقـابـل مـرتب فـي إطار التنظيـم، و لحسـاب شخـص آخـر، طبيعـي أو معنـوي، عمـومـي أو خـاص، يـدعـى المستخـدم .
وعـرف المشــرع المصــري العامــل فــي المــادة الأولـى فقـرة( أ) مــن قـانـون العمــل الموحـد بـأنه: كل شخـص طبيعـي يعمـل لقـاء أجـر لـدى صـاحب عمـل و تحـت إدارتـه أو إشرافـه ، كـما عرفـه المشرع المغربـي فــي المـادة السـادســة مــن مدونــة الشغـــل بـأنـه: يعـــد أجيــرا كــل شخـص التـزم ببـذل نشـاطـه المهنـي تحـت تبعيــة مشغـل واحــد أو عـدة مشغليــن لقـاء أجــر أيــا كـان نوعـه، و طريـق أدائـه .
و علـى هــذا الأسـاس فـإن مختلـف التشريعات العمالـية العالمـية قـد اتـفـقـت عــلى وجـوب توافـر عنصريـن جوهريـين لتحديــد المعنـى الدقيـق للعـامـل و همــا: عنصــر التبعـيــة و الأجــر.
أولا: عـنصــر التبعـيــة:
ويقصـــد بهــا سلطــة الإشــــراف، و الإدارة، و الـرقـابــة الـتـي يخضـــع لــها العــامل باعـتبـارهــا إحـــدى الحـقـوق الأسـاســية التـي يمنحـها عقـد العمـل لصاحب العمــل، و يلـزم العامـل بالامتثال لـها في الحـدود المسمـوح بـها قانونا، ذلك أن قيام العامل بأداء عملـه لا يخرج عن تحقيق الأهـداف المسطرة من قبل صاحب العمل، من خلال إتباع الأوامر و التعليمات، و الإجراءات المحددة، وفق برامـج العمـل المختارة من قبله .
و ذلـك مـا قضـت بـه المـادة السابــعة مـن قـانون العمـل الجـزائــري بنـصـها علــى أنــه: يخضــع العمــال فــي إطـار علاقــات العمــل للـواجــبات الأسـاســية التـالــية:
- أن يـؤدوا بـأقصــى مـا لـديــهم مـن قــدرات الـواجــبات المـرتبــطة بمنصـب عملــهم، و يعملـوا بعنايــــة و مـواظبــة فــي إطـار تنظيــم العمــل الــذي يضـعه المستخــدم.
- أن يسـاهمــوا فـي مـجــهودات الهيــئة المستخــدمـة لتحســين التنظــيم و الإنتــاجــية.
- أن ينفـــذوا التعـليمــات التــي تصــدرهـا السلطــة السـلمـــية التــي يعـينــها المستخــدم أثنــاء ممـارســته العـاديـة لسلــطاتـه فــي الإدارة.
- أن يـراعـوا تدابيـر الوقـاية الصحـية و الأمـن التـي يعـدها المستخـدم وفقــا للتشريع و التنظيم..... إلخ
و تتجسـد سلطـة الإدارة و الإشــراف النـاتـجة عـن عنصــر التبعيــة فــي علاقـة العمــل، فــي حـق صـاحب العمـل في تحديد أوقات العمل، و توزيع العمال على مناصب العمـل المتوفرة، و وضع النظام الداخلـي للمؤسسـة، و سلطـة التـأديب و فرض قـواعد الأمـن و الوقـاية، و التنظيم التقني للعمـل، و فرض الانضباط في أماكن العمـل، كما يتـرتب عليها أيضا طاعة و إتباع العـامل لأوامـر و تعليمـات وكلاء صاحب العمل و مندوبوه المعينين من قبله .
غـير أن هـذه السلطة القـانـونية غيـر مطلقـة التطبيـق، فهـي مقيـدة باحتـرام شـروط و بنـود العقـد المبـرم بين الجانبيـن من جهة و باحتـرام الـقـوانين و الأنظمـة السارية المفعول و المطبقة على قـواعد العمـل و الإنتاج من جهة ثـانيـة، و مـن جهـة ثالثـة فهـي مقـيـدة أيضـا بـالآداب العـامة التـي تقتضـي عـدم تعـريض العامـل للخطـر .
ثانيا: عنصـر الأجــر:
يحضا عنصر الأجـر في مختلف التشريعات العالمية سواء منـها العماليـة أو غيـرها، بأهميـة كبيرة، لذلك فقـد خصصت له جل القوانين أحكام خاصة بتنظيمه و بأشكاله، و مختلف وسائل و أدوات الحماية القانونية الخاصة به ، و يمكـن تعــريف الأجــر بعبارات بسيـطة علـى أنـه المقـابـل المالـي للعمـل الـذي يبذلـه العامـل، و يستشـف هــــذا التعـريف مـن نـص المادة 80 مـن قـانـون 90/11 المتعلـق بعـلاقـات العمـل ، والتي تقضي بأنه : للعامل الحق في أجـر مقابـل العمـل المـؤدى ، ويتقاضـى بموجبـه مرتبـا أو دخـلا يتناسب ونتائـج العمـل ، وهـي ذات القاعـدة التـي تضمنتها المادة 133 من قانون 78/12 الملغى المتضمن القانـون الأساسي العـام للعمـال بنصها على أنه: يتقاضى العامل أجـرا مقـابل العمل الـذي يؤديه و يـشارك في نتائج المـؤسسـة، و يستفيد مـن الخدمات الاجتماعية، و الحماية الاجتماعية، طبقا للمبادئ المحددة في الميثاق الوطنـي، و لأحـكام التشريـع المعمول به، و يتفق هذا التعريف أيضا مــع التعـريف الـذي جـاء بـه المشـرع المصـري للأجــر الـذي ينـص فـي مادتـه الأولـى الفقـرة ( ج ) علـى أنـه : الأجر: كل ما يحصـل عليـه العامـل لقاء عمله ثابتا كان أو متغيرا، نقدا أو عينا .
وقد نصـت المـادة 81 مـن قانـون 90/11 علـى أنـه:يفهـم مـن عبـارة مرتب، حسـب هـذا القانـون، مـا يلـي:
-الأجـر الأساســي الناجـم عـن التصنيـف المهنـي فـي الهيئـة المستخدمــة.
- التعويضات المدفـوعـة بحكـم أقدميـه العامـل أو مقـابــل الساعـات الإضافيـة بحكـم ظروف عمـل خاصـة ، لاسيما العمـل التناوبـي ، والعمـل المضـر و الإلـزامــي ، بمـا فيـه العمـل الليلـي ، وعـلاوة المنطقة.
- العـلاوات المرتبطـة بإنتاجيـة العمـل ونتائجــه.
و هـو النـص المقابـل لنـص المـادة 139مـن قانـون 78/12 والتـي كانـت تقضـي بأنـه: مـع مراعاة الأحكـام الانتقاليـة المنصوص عليها في المادتين 183 و 184 أدناه، يتكـون الأجـر باستثنـاء جميـع العناصـر الأخـرى ، مـن مبلغ العنصر الأول الذي يسمـى أجر المنصب ، والمحـدد فـي المـواد مـن 146إلـى 162 أدنـاه، وعنـد الاقتضـاء مـن العناصـر التكميليـة الداخلـة فـي العنصـرين التـالييـن:
- العنصـر المسمى تعـويض المنطقـة وهـو يمثـل المكافئات ذات الطابع الجغـرافي و/أو القطاعـي.
- العنصـر الـذي يمثـل الأجـر التكميلـي ، والمرتبـط بالكـم والكـيف و إنتاجيـة العمـل و نتائجــه.
أمـا المشـرع المصـري فقـد أعطـى تفصيـلا أكـثـر دقـة، حيـث نـص فـي الفقــرة (ج) مـن المـادة الأولـى مـن قـانــون 12 لسنــة 2003 علــى أنـه : يعتبــر أجـرا علـى الأخـص مـايلــي :
1-العمـولــة: التـي تدخــل فــي إطار عـلاقـة العمــل.
2-النسبـة المئويـة : وهـي مـا قـد يدفـع للعامــل مقابـل مـا يقــوم بإنتاجــه أو بيعـه أو تحصيلـه طـوال قيامـه بالعمل المقـرر لـه هــذه النسبـة .
3-العـلاوات أيـا كـان سبـب استحقـاقــها أو نــوعهــا.
4-المــزايـا العينيــة التــي يلتـزم بــها صاحـب العمــل دون أن تستلـزمهـا مقتضيـات العمــل .
5-المنــح : وهـي مـا يعطـى للعامـل عـلاوة على أجـره، ومـا يصرف لـه جـزاء أمانته، أو كفاءته متى كانت هـذه المنـح مقـررة في عقـود العمـل الفرديـة،أو الجماعيـة، أو فـي الأنظمـة الأساسية للعمـل، وكذلك ما جرت العادة بمنحه متـى توافـرت لـه صفات العموميـة والـدوام و الثبـات.
6-البـدل: هـو مـا يعطـى للعامـل لقــاء ظروف أو مخاطـر معينـة يتعـرض لهـا فـي أداء عملـه.
7-نصيـب العامـل فـي الأربـاح.
8-الوهبة التي يحصل عليها العامل إذا جـرت العـادة بدفعهـا، وكانت لها قـواعد تسمـح بتحـديدها، وتعتبـرفي حكـم الوهبـة النسبـة المئويــة التــي يدفعهـا العمـلاء مـقابـل الخـدمة فــي المنشـآت السياحيـة...الخ.
وعليـه فـإن الأجــر يتكــون فـي محتـواه، مـن عنصـريـن أسـاسييــن همـا:
أ-العنصـر الثــابت: والـذي يعـرف فـي بعـض التشـريعــات، ومنهـا التشـريـع الجــزائـري بأجـر المنصـب أوالأجـر الأساســي، والــذي يحسب فـي أغـلـب الأحيــان علــى أسـاس الرقـم الاستـدلالــي لكـل منصب عمـل أو لكـل وظيفــة وفقـا للسلـم المعمـول بـه .
ب-العنصـر المتغيـر: ويتكـون مـن مجمـوع التعـويضات والحـوافز المالية المرتبطة إمـا بالإنتاج أو الأقدمية، أو بالأوضاع الاجتماعية...الخ.
وقـد اعتمدت المحكمة العليا على عنصري التبعية، و الأجـر في إثبات وجود علاقة العمـل، في أحـد قراراتها والــذي جــاء فيـه :
فـي الموضوع: عن الوجه المأخوذ من القصور و التناقض في الأسباب :
حيث أن الطاعن يعيب على القرار المطعون فيه بأن قضاة المجلس تبنوا الأسباب الواردة في الحكم المستأنف و اعتبروا أن المطعـون ضده كان يشتغل كحارس للمواقف في الفترة الممتدة من 01/05/1999 إلى 01/08/2000 نظرا للبطاقـة المهنية، ومستندات التسليم، مع أن البطاقة المهنية ما هي إلا مجـرد بطاقة تعريف يعلقها الحارس على صدره بغـرض احتـكار قبض المبالغ المالية من أصحاب السيارات المحـروسة، وأن مستندات التسليم تثبت أن تسليم التذاكـر مقابل مبلغ مالي ليتصرف فيها فيما بعـد كـما يشاء، وبالتالي فإن العلاقـة التي كانت تربط الطرفين تعـد شبه عقـد وكالـة وليست بعلاقـة عمــل حسب مفهـوم المادة 20 مـن القانــون 90/11 .
إن المطعون ضده لم يقـدم أية وثيقة أو سند يثبت به علاقة العمل حسب مفهوم المادة 02 المذكورة مثل شهادة العمـل، أو قسيمـة الأجـر،أو أي دليـل أخــر مـن هـذا النـوع بدليـل أنـه يطالب بأجـرة يجهـل قيمتـها مــع العلـم أنـها تحـدد ويتفـق عليـها مسبقا، كما أن المجلـس لـم يـرد علـى دفعـه المتعلق بتصريحات زملاء المطعون ضده التي تفند علاقة العمل المزعـومة، وكـذلك الـرد على الدفـع المتعلق بالطبيعة القانونية لعلاقة العمل التي تربط الطرفين و التي تمكن من تحديد القانون الواجب التطبيق، وبالتالي فإنهم لم يسببوا قرارهم بما فيه الكفاية، بل تناقضوا فيما قضوا فيه بدليـل رفضهـم الطلـب المتعلــق بالتسـويـة اتجــاه الضمـان الاجتماعــي.
حيث أن بالـرجوع إلى القـرار المطعون فيه يتبين أن قضاة المجلس استندوا فيما قضوا به على بطاقة مهنية و مستندات التسليم المحتـوية على ختـم الطاعـن وعلى هـذا الأساس اعتبروا أن عـلاقة العمل قائمـة وثابتة بالمـادة 10 من القانون 90/11، كما أنهم اعتبروا أن طلبات الأجـرة والعطلة السنوية، وكذا التعـويض مؤسسة عملا بالمواد 53 و 39 مـن القانـون 90/11، والمـادة124 مـن القانـون المدنـي، دون أن يجيبـوا أو يناقشوا الدفوع المقدمة من طرف الطاعـن مكتفيـن بالقـول أن طلـب المستأنـف المتعلـق بإلغــاء الحكــم يعـد طلبا غيـر مؤسـس، ويتعيـن رفضـه.
حيث أن قضـاة المجلس لم يبينوا في قـرارهم عنـد استجابتهم لدعـوى المطعـون ضده عناصر طبيعـة العلاقـة القانـونية التي تربــط الطرفيـن و التي يزعـم المطعـون ضـده أنهـا علاقـة عمــل.
حيث أنـه في حالة إنكار طبيعة علاقة العمل، والاحتجاج بعـقد المقاولة كـما هـو الحـال في قضيـة الحال،فإنـه لا يكفي لقضاة الموضوع الاعتماد على أحـكام المـادة 10مـن القـانون 90/11 التي تنص على أن علاقة العمل تثبت بكـل الوسائـل، بـل يتعين عليهم الوقـوف على العناصر المكـونة للطبيعـة القانونية لعلاقـة العمـل، وعلى الخصوص عنصـري التبعيـة والأجـــر، ومـن ثـم فـإن القـرار المطعـون فيـه جـاء مشـوبـا بالقصـور فـي الأسبـاب، وعليـه فـإن الوجـه المثـار مـؤسـس، ويتعيـن نقـض القـرار المـطعـون فيــه .
الفـرع الثـانـي: تعـريف القـاصـر فـي التشريع الجــزائـري:
يظهـر جليا أن تحـديد مفهـوم القـاصر أو الحـدث يعـد مطلبـا يتعـذر تحققـه من الناحية الفقهية وذلك لارتباط هـذا التحديد بأرضية علمية واسعة يشارك فيها رجال القانون إلى جانب غيرهم من علماء النفس و الاجتماع وأطباء الصحـة العقليـة والنفسيـة وغيـرهم مـن المهتميـن بشـؤون الأحداث ورعايتهم الأمر الذي يبرز وجهات نظر مختلفة حـول طبيعـة تصرفات القـاصر أو الالتزامات القانونية التي يقوم بها أو تحـديـد سـن الحداثــة و المراحـل المختلفـة التــي يمـر بهـا الحــدث.
واصطلاح القاصر أو الحـدث على العموم تعبير مـرادف للشخص صغير السن و هـو الوصف الدقيق لحالة الشخـص الـذي لـم يصـل بعـد إلى سـن البلـوغ و هـو لفـظ يطلـق على أشخاص يخضعون لأحكـام خاصة أو بعبارة أدق ينتمون لفئة معينة تنظم مرحلة بذاتها من مراحل العمر الإنساني وتخضع لأحـكام خاصـة في مجال الالتزام ،أو المسـؤولية سـواء المدنيـة منـها أو الجزائيـة، وبـذلك فهـذه القواعـد و الأحـكام تختلـف عـن تلك المقـررة للبالغيـن.
وعليه فقـد اهتمت أغلب التشريعات و النظـم القانونية بتحديد سـن الحـدث ، ثم عنيت هذه التشريعات بتحديد مراحـل الحـدث ، والتـي تقسم حسب درجة الإدراك و ما يترتب علـى ذلك مـن أثـار بالنسبة للقاصـر ، وكذا بالنسبة للغيــر.
فالمشرع الجـزائري ربط مفهـوم القاصر بالأهلية، وهذا من خلال المادتين 40 و 42 من القانون المدني حيث نصت المادة 40 منه على أنه: كل شخص بلغ سـن الرشد متمتعا بقواه العقلية، و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، و سـن الرشـد تسـع عشر (19) سنة كاملة ، ونصت المادة 86مـن قانون الأسرة الجزائري على أنـه :˝مـن بلـغ سـن الرشـد ولم يحجـر عليـه يعتبـر كامـل الأهليـة وفـقا لأحـكام المـادة 40 من القانون المدني˝.
وذلك مـا ذهبـت إليـه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 15 ماي 2001 و الذي قضت فيه: حيث طعنت بالنقـض (ق-خ) فـي القـرار الصـادر عـن المجلـس القضائـي للجـزائـر، فـي 24 جـويليـة 1999 القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلا ضد الأمر الاستعجالي الصادر من محكمة الحراش في 08 ماي 1999 القاضي بطردها مـن السكن المتنـازع حـوله تحـت غرامــة تهديديــة قدرهـا ثلاثـة آلاف دينـار جـزائـري عـن كـل يـوم تأخيــر.
حيث أن الطعــن استوفــى الأشكــال و الآجــال القـانونيــة.
حيث أن الطاعنـة تثيــر وجـها وحيــدا للطعـن.
عـن الوجـه الوحيـد المأخـوذ مــن الخـطأ فــي تطبيـق القانــون.
حيث أن الطاعـن يعيـب على القرار المطعـون فيـه مخالفـة المادة 459 مـن قانون الإجراءات المدنية ذلك أنه اعتبـرها عديمة الأهلية، لتسجيل الاستئناف بينما ينص القانون المدني في المادة 40 منه أن سـن الرشـد تسعـة عشـر سنة، و قـد أكملت هـذه السـن في 05 جوان 1999، و طعنت بالاستئناف في 08 جـوان 1999، مما يجعـل استئنافها مقبــولا شكـلا.
حيث يتبيـن فعـلا أن الطاعنـة التـي كانت قاصـرة أمـام قاضي أول درجـة و ممثلـة بأبيها اكتملت سـن الرشـد القانوني في 05 جوان 1999 ذلك أنها ولدت في 04 جوان 1980 و بالتالي فإنها اكتسبت أهلية التقاضي و الحق في ممارسة طرق الطعـن ضد الأحكـام و القـرارات التي تمــس بمصالحها، و عليــه فـإن الوجـه المثـار مؤسـس.
لهــذه الأسبـاب: قـررت المحكمـة العليــا:
قبـول الطعن بالنقض شكلا – نقض و إبطال القـرار المطعـون فيـه الصادر عن مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 24 جويلية 1999 و إحالة القضية و الأطراف على نفـس المجلـس مكـونا من هيئة أخـرى جـديدة للفـصل فيها طبقـا للقانــون.
أما المادة 42 من ذات القانون فقد نصت على أنه: لا يكـون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغـر السـن، أو عتـه، أو جنــون.
يعتبـر غيـر مميــز مـن لـم يبلـغ ثـلاث عشـرة سنـة.
كما نصت المـادة 43 مـن القانـون المدنـي أيضـا أن: كل مـن بلـغ سـن التمييز و لـم يبلغ سـن الرشـد، و كل مـن بلـغ سـن الرشـد و كـان سفيهـا أو ذا غفلـة، يكـون ناقـص الأهليـة وفقـا لمـا يقـرره القانـون.
أما القانون المدني الفرنسي فأعطـى تعـريفا أكثـر شمـولية حيث نـص فـي مادته 388 علـى أن: القاصر هو الشخـص من أحد الجنسين الذي لم يبلغ بعـد سـن 18 سنة كاملة ، وهو بذلك لا يعتد إلا بسـن البلوغ المقـدر بثمانية عشــر سنـة كاملــة.
أما المشـرع الجـزائـي فقـد نـص في المـادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: يكون بلـوغ ســن الرشـــد الجزائـي فــي تمــام الثـامنــة عشــر.
و نـص في مادته 443 على أنـه: تكــون العبـرة فـي تحديـد سـن الرشـد الجزائي بسـن المجرم يـوم ارتكاب الجريمة .
و عليـه فالملاحظ أن المشرع المدني اختلف مـع المشرع الجـزائـي في تحـديـد السـن باعتبار أن هـذا الأخيــر اعتبر سـن الرشـد الجزائـي الذي يصبح فيـه الشخـص أهـلا لتحمـل المسؤوليـة الجزائيـة، و بالتالـي يجعلـه عرضـة لتلقـي العقـاب هـو سـن الثامنـة عشـر(18) سنة كاملة، بينما المشرع المدني ميز بين القاصر الذي لم يبلغ سن الثالثة عشـر(13) سنـة، والقاصـر الذي بلـغ سـن الثالثـة عشـر(13) سنـة، ولـم يكمـل التاسعة عشـر(19) سنـة.
و بذلك يمكن ملاحظـة أن القاصـر يمـر بمرحلتين أساسيتين يعتـد بهما القانـون المدني و يعطـي فـروقا بينهما تـرتب آثـارا قانونيـة متمايـزة علـى تصرفات القاصـر، و همـا:
1- مرحلـة انعـدام التمييــز: و التمييز هو جوهر المسؤولية التقصيرية أو العقدية، بحيث تنعدم كل منهما إذا انعـدم التمييـز، و الشخـص المميـز هـو الشخـص الـذي تكـون لـه قـدرة فهـم فحـوى الأفعـال و ماهية التصرفات و نتائجهـا القانونيـة المترتبـة عليـها ســواء بالنفـع أو الضـرر لـه أو لغيـره و يتمتــع بالإدراك الكافــي الـذي يمكنــه مـن فـرز الأفعـال النافعـة عـن الأفعـال الضـارة بمصالحه أو مصالـح غيـره.
و عليـه يمكـن تعـريف التمييــز علـى أنـه:
لغــة: هـو قـوة نفسيــة تستنبــط بـها المعـانـي.
اصطـلاحـا: هـو صـلاحيـة الفـرد لممارسة بعـض حقوقـه و تحمـل نتائـج أفعالـه، كأن يسأل مدنيا أو جزائيا.
و خلاصة القول أن عديم التمييز وفقا للتشريـع الجـزائـري هـو الشخـص الـذي لـم يبلـغ بعـد سـن الثالثة عشر سنـة، و يسمـى قاصـرا غيـر مميـز.
2- مرحلـة التمييـز: و هـي حالـة الشخـص الـذي بلـغ سـن الثالثـة عشـرة (13) سنـة كاملـة و لـم يبلغ سن التاسـعة عشـر سنة، فهـو قاصـر مميـز.
و تحـديـد هـذا السـن مهـم لمعرفـة حكـم التصرفات القـانونيـة التي يقوم بها هذا الشخص من جهة، و من جهة ثانية، فإن القاصر خلال هاتين المرحلتين يكون منزوع الأهلية اللازمة لمباشـرة التصرفات القانونية، و بالتالي فإنـه يكـون موضـوع تحت نظـام التمثيـل القانونـي، و سلطـة الولي الـذي يجب عليه تأمين الحماية على شخصه و أمواله وفقا لأحكـام النيابة الشرعية الواردة ضمن أحكام قانـون الأسـرة، خصوصا المادة 81 منه التي تنص على أنـه:˝مـن كان فاقـد الأهلية أو ناقصها لصغـر السـنِِِِِ،أو جنـونٍِ، أو عتـهٍ، أو سفهٍ، ينـوب عنـه قانونـا ولـي، أو وصي أو مقـدم طبقـا لأحكـام هـذا القـانـون˝.
وقـد أكـدت المحكمة العليا على ذلك في قـرارها الصادر بتاريخ 17 ماي 2006عن غـرفة الأحوال الشخصية و المـواريث، والـذي جـاء فيـه :
حيث أن المدعـوة (ف- م) طعنت بطـريق النقـض بواسطـة مـحاميتــها الأستـاذة/ مدنـي شهـرزاد المـحاميـة المعتمدة لدى المحكمة العليا ، في القرار الصادر عـن مجلس قضاء وهـران-الغـرفة المـدنية-قسم الأحوال الشخصية بتاريخ 09/02/2004 تحت رقم 1824/03 القاضي في الشكـل : قبول الاستئناف شكلا،في الموضوع:إلغاء الحكـم المعاد الصادر عن محكمة وهران في 11/11/2002 فهرس رقم 4328/02 والتصـدي للدعـوى بإبطال عقد الكفالة الصـادر عـن محكمة وهـران في 27/11/2001 رقم 5207/01 وإلـزام المستـأنف عليـها بتسليـم البنت (ن- ط) إلى جـدهـا المستأنـف.
حيث أن الطاعنـة استنـدت فـي طعنـها الـرامي إلى نقــض القـرار المطعـون فيـه على أربعـة أوجـــه :
الوجه الأول : مخالفـة قاعدة جـوهـرية في الإجـراءات وفـقا للمادة 233/1 مـن قانون الإجـراءات المدنية.
بدعـوى أن القـرار المطعـون فيه خـرق إجـراء جـوهري نصت عليه المادة 144/4 و5 من قانون الإجراءات المدنية إذا أنه لم يطلع على القرار الصادر عـن مجلـس قضاء الجـزائر بتاريخ 06/02/2002 الذي يقـر فيه المدعى عليـه فـي الطعـن بأنـه ليست لـه أي صفـة فـي التقاضي مما يؤدي إلى نقـض القـرار المطعـون فيـه.
الوجـه الثانـي: تجـــاوز السلطــة.
بدعـوى أن قضـاة المـوضوع أثـاروا مـن تلقـاء أنفسهـم وأن المستأنـف عليـها (الطاعنة) استصدرت من تلقاء نفسـها عقـد كفالـة عـن طريـق أمـر ولائـي صادر عـن محكمـة وهـران رغـم هـذا لـم يثـر مـن أي طـرف ويكونون قـد تجـاوزوا سلطتهـم، ممــا يـؤدي إلـى نقـض القـرار المطعـون فيـه.
الوجـه الثـالث: مخـالفـة القـانـون.
بدعـوى أن قضاة الموضوع ذكـروا أن المستأنف الجـد أصبح وليا لها بقـوة القانون وهـذا بمفهـوم المادة 92 مـن قانون الأسرة، وبمفهوم المادة المذكورة يجـوز للأب أو الجـد تعيين وصي للولـد القاصر إذا لم تكـن له أم تتولى أموره أو تثبت عـدم أهليتها بالطرق القانونية، وإذا تعـدد الأوصياء فللقاضي اختيار الأصلح منهم مع مـراعاة أحكام المادة 86 من هذا القانـون.
والثابت أن الأب لم يحرر أي وصية في حياته، والوصاية تخضع في هـذه الحالة للمادتين 98 ، 92 من قانون الأسـرة، ويكـون قضـاة الموضوع خـرقـوا أحكـام المـادة 92 مـن قانـون الأسـرة، ممـا يعـرض قـرارهم للنقـض.
الوجـه الـرابع: انعـدام الأسبـاب.
بدعـوى أن قضـاة المـوضوع بتصريحهم أن المستـأنف عليهـا لا تتوفـر علـى أيـة صفـة قانـونية لأخـذ البنـت محـل النـزاع فهـذا التصريـح ليـس لـه أي تسبيب قـانـونـي، ممـا يعـرض قـرارهم للنقـض .
حيث أن المدعـى عليـه فـي الطعـن رد علـى عـريضة الطعـن وخلـص إلى رفـض الطعـن لعـدم التـأسيـس.
حيث أن النيابـة العامـة بلغـت بملف القضيـة وأودعـت مذكـرة طلبت فيـها نقـض القـرار المطعـون فيـه.
حيث أن الرسـم القضائـي سـدد.
وعليـه المحكـمـة العليــا :
فـي الشكــل :
حيث أن الطعـن بالنقـض استوفـى إجراءاتـه الشكليـة فهـو مقبـول.
فـي الموضــوع :
عـن الوجـه الأول : مخالفـة قاعـدة جـوهـرية فـي الإجـراءات وفقـا للمـادة 233/1 مـن قانـون الإجــراءات المدنيــة.
لكـن حيث خلافـا لمزاعـم الطاعنة فباستقـراء القـرار المطعـون فيـه يتبين منه أن قضاة الموضوع أشاروا في قـرارهـم المنتقد بالقـول بعـد الاستماع على مستندات الطرفيـن والوثائـق المـدلى بها الموجودة بالملـف، وعبارة بعـد الاستماع فـي الحقيقـة مـا هـي إلا تعبيـر خاطئ لا يـؤدي إلى نقـض القـرار المطعـون فيـه، مـادام يفهـم مـن العبـارة المذكـورة، إطلاعهـم على الوثائـق والمستنـدات المقـدمة، مما يجعـل الوجـه المثـار فـي غيـر محله ويتعيـن رفضـه.
عـن الوجـه الثـانـي : المأخـوذ مـن تجـاوز السلطــة.
لكـن حيث يتبين من القرار المطعـون فيه أن قضاة الموضوع وفي مناقشتهم لعقد الكفالة محل النـزاع باعتباره إحدى المستنـدات الأساسية وخاصة وأنها محل طلب الإلغاء لاحظوا وأن العقد المذكـور لم يرد فيه ما يفيـد أن البنت القاصرة لها أوصياء وفق ما تقتضيه المادة 92 مـن قانـون الأسـرة، ومثل هـذا التعليل يفيـد وأنهـم أثـاروا مسألـة لـم يطرحها الخصوم، فذلك يدخل في إطار عملهم، ولما طرح الوجه بهـذا الشكـل فيكـون بـدون أسـاس ويتعين رفضـه.
عـن الوجـه الثـالث: المأخـوذ مـن مخالفـة القـانـون.
لكـن حيث خلافـا لمزاعـم الطاعنة فباستقـراء القـرار المطعون فيه،يتبين منه أن قضاة الموضوع لاحظوا وأن النـزاع المعروض عليهم يتعلق بالوصاية بمفهوم المادة 92 من قانون الأسرة، على اعتبار أن الولد القاصر ليست له أم ولا أب وبحكـم القانـون يصبـح الجـد هـو الوصـي بحكـم المادة المذكـورة.
دون التطرق للوجـه الرابـع علـى اعتبار أن النعـي الـذي ورد فيـه تـم الـرد عليه فـي الوجـه الثـاني مما يتعين رفضـه لعـدم التأسيـس.
فلهــذه الأسبــاب :
- تقرر المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصيـة والمواريث : قبول الطعن بالنقض شكلا، ورفضه موضوعا، وتحميل الطاعنـة بالمصاريف القضائيـة .
المطلب الثاني : نطـاق تطبيـق قانون العمـل على العمـال القصــر:
يقصـد بنطـاق تطبيـق قانـون العمــل علـى العمـال القصـر، الفئـات العماليـة بمختلـف أصنافــها، و انتماءاتـها القطاعيـة، و التي يمكن تطبيق قانون 90/11 المتضمن علاقات العمـل عليهـا، و استفادتهـا من الأحكـام الواردة فيـه مـن جهـة ومـن جهـة أخـرى تحديـد السـن القانونية للقاصر المرخـص بهـا فـي تشريعـات العمـل والتـي تمكنـه مــن الاستفـادة مـن الأحكـام العامـة و الخاصـة الـواردة في التشريـع العمالـي .
ولـذلك سنتطـرق أولا إلـى نطـاق تطبيـق قانـون العمـل وإبـراز الفئـات العمالية المعنية بتطبيقه، ثم تحديد فئة العمـال القصـر المنطبقـة عليهـم أحكـام هـذا القانـون ثانــيا.
الفـرع الأول:نطـاق تطبيـق قانـون العمـل:
و عليـه فقــد قضــت المــادة الثانيــة مــن قانــون 90/11 علــى أنــه : يعتبــر عمــالا أجـراء فــي مفهـــوم هـذا القانـون، كــل الأشخـاص الـذين يـؤدون عمـلا يدويـا أو فكــريا مقـابـل مـرتب، فـي إطـار التنظيـم، و لحســاب شخـص آخـر، طبيعــي أو معنــوي، عمومـي أو خـاص، يدعــى مستخــدم.
و نصـت المـادة الثالثـة أيضـا علـى أنــه: يخضــع المستخدمـون المدنيـون و العسكريـون التابعــون للدفــاع الوطـني، و القضـاة، والموظفـون، و الأعـوان المتعاقــدون فـي الهيئـات الإداريـة العموميـة فـي الدولــة والولايــات و البلديـات و مستخدمـو المؤسسـات العموميـة ذات الطابـع الإداري، لأحكـام تشريعيـة و تنظيميـة خاصـة.
أمـا المـادة الرابعـة مـن ذات القـانـون فقـد ذكـرت أنـه: تحـدد، عنـد الاقتضــاء، أحكــام خاصـة، تتخـذ عـن طريـق التنظيـم، النظـام النوعـي لعلاقــات العمــل التـي تعنـي مسيـري المؤسسـات ومستخدمـي الملاحـة الجويـة و البحريـــة، ومستخـدمــي السفــن التجاريـة، و الصيــد البحـري و العمــال فــي المنــزل، الصحفييــن و الفنانيــن، و المسرحييـن و الممثليـن التجارييـن، و رياضيـي النخبـة، و مستخدمــي البيـوت، و ذلـك بغـض النظــر عــن أحكـام هــذا القانــون، فـــي إطـار التشـريـــع المعمــول بـه.
فمجـال تطبيـق هـذا القانـون قـد حـدد على أسـاس أنـه يشمل كـل العمـال باستثناء الفئـات التـي شملتـها المادة الثالثـة، و كـذلك المـادة الرابعـة، و بذلـك فقانـون 90/11 المتضمـن علاقـات العمــل قـد كـرس فكـرة التفـرقة بيــن عمـال المؤسسـات الاقتصاديـة، الصناعيـة منـها و التجاريـة، العامـة و الخاصـة، وموظفـي الإدارة العموميـة إلــى جـانب السمـاح بالخـروج عـن أحكامـه لبعـض المهـن، والمذكـورة علـى سبيـل الحصـر فـي المـادة الرابعـة.
ويتفق هـذا الـرأي مـع مـا ذهـبت إليه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 08/11/2006 والذي جاء فيه :
حيـث طعــن المدعـو (ن - إ- ب) بالنقــض فـي الحكـم الصادرعـن محكمـة مليـانة بتـاريـخ 31/12/2003 و القاضــي برفـض الدعـوى لعــدم الاختــصاص.
و أودع الطـاعـن فـي هـذا الشـأن بتـاريـخ 03/07/2004 عريضـة ضمنـها وجـها وحيـدا للنقـض، رد عليـها المطعـون ضـده الـديـوان الـوطنـي للمـواد المتفجـرة ملتمسـا فـي مـذكـرة جـوابـه رفـض الطعــن لعــدم التـأسيـــس.
و عليــه:
مـن حيـث الشكـل:
حيـث استـوفـى الطعــن أوضاعـه الشكليـة و آجالـه القـانـونيــة فهـو مقبــول.
مـن حيــث المـوضــوع:
عـن الوجـه المثـار المـأخــوذ مـن الخطـأ فـي تطبيــق القـانـون فــي فرعيــه معـا:
ينعـي الطاعـن علـى الحكـم المطعــون فيــه أنــه لمــا قضــى بعـدم الاختصاص النوعي مـع الديوان الـوطني للمـواد المتفجـرة مؤسسـة ذات طابـع صناعـي و تـجاري طبــقا للمــادة 02 مـن المـرسـوم الرئـاسـي رقـم 96-440 المـؤرخ فـي 09/12/1996 والمـرسـوم رقـم 82-56 المــؤرخ فـي 13/02/1982، فـإنـه خـالف أحــكام المادة 07 الفقـرة الأولـى مـن ق.ا.م. التـي ترجـع الاختصاص فـي هـذه الحـالة إلـى القضـاء العادي، كما أنه خالف المادة 268 مـن ق.ا.م. التـي تلزم المحكمـة بالتمسـك بمـا جـاء فـي قـرار الإحـالة بعـد النقـض الصـادر عـن المحكمـة العليا فـي 16/10/2002 بسبـب وجـه واحـد مأخـوذ مـن مخـالفـة و إغـفال قــاعـدة جــوهـريـة فــي الإجـراءات تتعلـق بخـطأ فـي تشكـيلـة المحكمــة.
حيث يبيـن بالفعــل مــن الحكـم المطعـون فيـه أنـــه قضـى بعـــدم الاختصـاص النـوعــي للقســم الاجتماعــي لمحكمــة مليانــة لمعرفــة النــزاع المطــروح أمـامــه مؤسسـا قضـاءه علــى أن اعتبـار المطعـون ضـده، الـديــوان الوطنـي للمـواد المتفجـرة، مـؤسسـة عسكـرية ذات طـابع صنـاعي وتجاري لا يفـرض معـه خضـوع علاقـة العمـل القائمـة بينـه وبيـن الطاعـن لأحكـام القانـون المتعلق بعلاقـات العمـل. حتى وإن فسـر النظام الداخلي للمطعون ضده ذلك فإنـه لا يحـدث أثـرا في تفسيـر القانون الذي فصـل في ذلك قطعا. كما أن محتـوى نـص المـادة 03 مـن القـانون 90/11 المتعلـق بعلاقات العمـل المقيـدة لنـص المـادة 07 مكرر/03 من قانون الإجراءات المدنية استثنت بوضـوح
المستخدميـن العسكرييـن والمدنييـن التابعيــن للـدفاع الوطنـي مــن خضوعهـم لأحكــام القــانـون الخـاص بعـلاقـات العمـل ، وإحالتهــم علــى أحــكام تشريعيـة و تنظيميــة خاصـة. وأضاف الحكـم المطعـون فيـه أن جميــع البـرامــج الصناعيـة و التجاريـة و الإداريـة و التنظيميـة المعـدة مـن المطعـون ضـده تصادق عليـها السلـطة الإدارية الوصية و يخضـع التوظيف و التعيين في المناصب بمختلف أنـواعها للتنظيم العسكري الجاري به العمـل فـي وزارة الدفـاع الـوطني. وتكـريسا للوصاية الإدارية المباشـرة مـن هـذه الأخيـرة علـى المطعـون ضده فـإن التنظيم الداخلي يضبط ويسيــر مــن وزيــر الدفــاع الوطنــي. وبذلـك خلـص الحكــم المطعــون فيــه إلـــى استثنـاء المطعــون ضـده مــن الخضوع إلـى القضاء العادي رغم قرار النقـض و الإحالـة للمحكمة العليـا متقيـدا فـي تنفيـذ هـذا القـرار إلا بالنقطـة الـقانونيـة الإجرائيـة المفصـول فيـها و المتعلقـة بعـدم احتـواء أسمـاء المساعـدين المشكـلين لجلسـات المحـاكمـة.
حيـث أن هـذا التسبيب لا يستنـد إلـى أي أســاس قانـونــي ذلـك أن قـرار النقــض للمحكـمة العلـيا يلــزم جهـة الإحــالة ســواء بـما فصـل فيـه صـراحـة كمسألــة قانـونيــة عمــلا بـأحــكام المــادة 268 مــن قـانــون الإجـراءات المدنيـة أو بالنـقاط أو المسائـل الـقانـونية أو الإجـرائية المفصـول فيـها ضمنـيا كـما هـو الشـأن في دعوى الحال . إذ يفهـم مـن هـذا الأخيـر بـأن القســم الاجتماعـي لمحكـمة مليانـة مختـص ، للأسبـاب التـي ستـلي أدنـاه ، للفصـل فــي النــزاع المطـروح أمامــه، وإلا كــان النقــض دون إحالــة لمخالــفة الحكــم المطعــون فـيه قـاعـدة جـوهـريـة فـــي الإجراءات لاعتباره بأن النزاع لا يدخـل في اختصـاص المحكـمة الفاصـلة في المسائـل الاجتماعية، هـذا مـن جهـة.
حيث ،من جهة أخرى ، و دون الخوض في الاعتبارات المتعلقة بالنظام العام و وصاية وزارة الدفاع الوطني و البرامـج المعـدة مـن طـرف المطعـون ضده ، فإن التحليل القانوني السليم والدقيق يفيـد بما يلي : إذا كان المرسوم الرئاسـي رقـم 96/440 المؤرخ فـي 09/12/1996 المتضمن إحـداث المؤسسـة العسكـرية للمـواد المتفجرة يصفها صراحة بأنها مؤسسة ّ ذات طابع صناعـي وتجاري تتمتع بالشخصية المعنـويـة والاستقـلال المـالي و يخضعها إلـى أحكام المرسوم رقم 82/56 المؤرخ في 13/02/1982 ، فإن قراءة متأنية لبعض أحكام هذا المرسوم تدل على أن :
أولا: يقـوم المدير العـام أو مدير المؤسسة ، عملا بأحكام المادة 12/3 بتوظيف وتسريح المستخدمين المدنيين غيـر الشبهاء . ومعنى ذلك أن هناك فـرق بيـن أصناف العمـال و الموظفيـن التابعيـن للمؤسسـة و الذيـن هـم ثلاثـة : العسكـريون ، المدنيون أشباه العسكـريين والمدنيين غيـر الشبهاء ، فإذا كان المديـر العـام يتولى فقـط متابعـة تسييـر العسكـريين و المدنيين أشباه العسكـريين، فإنه يوظف ويسـرح المستخدمين غيـر الشبهاء. فاستعمـال كلمة يسرح لم تـرد بالصدفة في المرسوم السالف الذكـر ولا تجـد تفسيرا لها إلا في القانـون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل. كما أن توظيف هذه الفئة من العمال وتسريحهم من طرف المديـر العام يحمل المسؤولية التعاقـدية إلى المؤسسة التي هي ذات طابع اقتصادي وتجاري ويخضعها بالتالي إلى القانون العام شأنها شـأن جميع المؤسسات الأخـرى الشبيهة لها.
ثانيـا: إن توظيف المستخدمين المدنيين غيـر الشبهاء يتـم من طـرف المؤسسة و يخضعون للقـوانين الأساسية الخاصة بها طبقا لأحكـام المادة 18 من المرسوم السالف الذكـر. إن خضوع فئـة المدنيين غيـر الشبهاء إلى القـوانين الأساسية الخاصة بالمؤسسة بصفتها ذات طابع تجـاري و اقتصادي يجعـل منهم عمالا عاديين يحكمهم قانون العمـل و لا يمسهم الاستثنـاء الـذي جـاءت بـه ، فيما بعـد, المـادة 03 مـن هــذا القانـون .
وهـذا ما تؤكـده المادة 19 مـن نفـس المرسوم و التي نصت على انضمام هـذه الفئـة مـن العمال إلى صناديق الضمان الاجتماعي و التقاعـد المدنية التي تخضع النزاعات الخاصة بها إلى القسـم الاجتماعي للمحكمة طبـقا للمـادة 13 من القانون 83/15 كما أضافت نفس المادة 19 بأن المؤسسة تدفع أجورهم مباشرة. مما يجعلها مسؤولة عن كل قراراتهـا فـي مـا يتعلـق بالضمـان الاجتماعـي, أو الأجـور, كما هـو الشأن سابقـا بالنسبة للتوظيف والتسـريح , أمام القضاء المدني. وهو ما قامت به فعلا المؤسسة لما سرحت هذه الفئـة من العمال بإحالتهم على صندوق البطالة, هـذه العمليـة التي يحكمها المـرسوم التشريعـي رقـم 94/11 المؤرخ في 26/05/1994 والذي يدخل في اختصاص القسم الاجتماعـي للمحاكـم العاديـة .
حيث إذن وبنـاءا علـى مـا سبـق فـإن الاختصــاص بالنسبـة لمعـرفة النزاعـات الناشئـة بيـن الديـوان الوطنـي للمتفجـرات و المستخـدميـن المـدنييـن غيـر الشبهاء التابعيـن له يـؤول للقسـم الاجتماعي للمحكـمة, والقضاء بخلاف ذلك يعـد مخالفـة لقـاعـدة جـوهـريـة فـي الإجـراءات مما يجعـل الوجـه مؤسسـا يتـرتب عنه النقـض .
و قـد حـدد الأمـر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي العـام للوظيفة العامـة القـواعـد القـانـونية الأساسية المطبقـة علـى الموظفيـن و الضمانات الأساسيـة الممنوحـة لهـم فـي إطار تـأديـة مهامهـم فـي خـدمـة الـدولـة، حيـث عرفت المادة الرابعـة منه الموظف فنصت على أنه: يعتبـر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة و رسـم في رتبة في السلم الإداري ... و نصت المادة الثانيـة من نفـس القانـون علـى أنـه: يطبـق هـذا القـانـون الأسـاسـي علـى الموظفيـن الذيـن يمارسـون نشاطهـم فـي المؤسسـات و الإدارات العموميـة.
يقصـد بالمؤسسات و الإدارات العمومية، المؤسسات العمومية، و الإدارات المـركـزية فـي الـدولة و المصالح غير الممركـزة التابعة لها و الجماعات الإقليمية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، و المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمـي و الثقافـي و المهنـي، و المؤسسات العموميـة ذات الطابـع العلمي و التكنـولوجي و كـل مؤسسـة عموميـة يمكـن أن يخضـع مستخـدمـوهـا لأحكـام هـذا القـانـون الأسـاسـي .
و أوردت الفقـرة الأخيرة استثناءات مـن تطبيق هـذا القانون فنصت على أنـه: لا يخضـع لأحكام هـذا الأمر القضـاة و المستخـدمـون العسكـريـون و المدنيـون للدفـاع الوطنـي و مستخـدمـو البـرلمـان .
أما بالنسبة لعلاقـة العمـل الخاصـة بمسيري المؤسسات فإنـه يحكمها المرسـوم التنفيذي رقـم 90/290 ، حيث ينص في مادته الأولى على أنـه: يبين هـذا المرسوم وفقا للمادة 04 مـن قانـون 90/11 المؤرخ في 21 أبريل سنة 1990 المتعلق بعلاقـات العمـل، النظـام الخـاص بعـلاقات العمـل التـي تخـص مسيـري المؤسسـات.
و عرفت المادة الثانية منه مسير المؤسسة بنصها: يعتبر مسير المؤسسة قصد تطبيق هـذا المرسوم كل من:
- المسيـر الأجير الرئيسي ( المدير العام و الوكيل أو / أي مسير أجير رئيسي آخر ) لأي شـركة ذات رؤوس أمـوال تربطهـا علاقـة عمـل بجهاز الإدارة ( مجلـس إدارة أو مجلـس مراقبـة أو / أي جهاز إداري آخـر ) للشـركـة المذكـورة.
- إطارات المـديـريـة الـذيـن يسـاعـدون المسيـر الأجيـر الرئيسـي للشـركـة المـذكـورة.
و فيما يتعلـق بالحقـوق و الـواجبات المرتبطـة بالمنصب الـذي يشغلـه مسيـر المؤسسـة حـددت المـادة الثـالثـة ذلك بنصهـا: يرتبــط المسيـر الأجيــر الرئيســـي بجهـاز الإدارة التابــع للشـركة ذات رؤوس أمـوال بعقــد يحــدد حقـوقـه و التـزاماتـه و كـذلك السلطـات التــي يخـولـه إيــاهـا جهــاز الإدارة المـذكـورة.
الفـرع الثـانـي:فئـة العمـال القصـر المستفيـدة مـن الأحكـام الـواردة فـي تشريـع العمــل:
يعتـد القـانـون المدنـي فـي تصرفات الشخـص وترتيب آثـارهـا القـانونيـة بحالـة الشخـص الصادرة عنـه هـذه التصـرفـات، وهـي مـا يعبـر عنـها بلفـظ الأهليـة، وعليـه فالأهليـة القـانـونيـة يعرفها فقهاء القـانـون بأنها:˝صلاحيـة الشخـص لأن تكـون لـه حقـوق، وصلاحيتـه لاستعمـالــها˝، و كـون الفـرد يمـر بمـراحـل متمـايـزة فـي حياتـه، ومـا ينتـج عـن ذلـك مـن آثـار قـانـونية، فـإن الفقـه يقســم هـذه الأهليـة إلـى أهليـة وجــوب، وأهليـة أداء.
فأهليـة الوجـوب هـي صـلاحـية الإنسـان لوجـوب الحقـوق المشـروعـة لـه أو عليـه، أما أهليـة الأداء فتتمثــل فـي صلاحيـة الشخـص لصـدور العمـل القــانـونـي منـه علــى وجـه يعتــد بـه شـرعـا.
فإذا كانت أهلية الوجوب لا تطرح إشكالا، فإن أهلية الأداء تبرز بشكل جلي في التصرفات القانونية التي يقوم بها الشخص خصوصا إذا كانت هذه التصرفات ترتب آثارا تتراوح بين النفع والضرر، وعلى ذلك فكون عقـد العمل ينتمي إلى زمرة التصرفات القانـونية التي تتـراوح آثارها بين النفع والضرر بالنسبة للعامـل لما تتضمنه مـن حقـوق وواجبات، فإن الأهلية الواجب توافرها في العامل هي أهلية الأداء الكاملة، التي تمكنه من القيام بكافـة التصرفات، و تحمله كـافة الالتزامات القـانـونية، وتحـدد غالبـا أهليـة الأداء بسـن الرشـد القـانـوني، و المقـدرة في التشريـع المدني الجـزائري ـ كما سبق بيانه ـ بتسعة عشر(19) سنة كاملة طبقا لنص المادة (40) مـن القـانـون المدني، والتي تقضي بأن:˝ كل شخص بلغ سـن الـرشد متمتعا بقـواه العقلية، ولم يحجـر عليه، يكـون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
و سـن الـرشـد تسـع عشــرة (19) سنـة كاملــة˝.
غير أنه ولاعتبارات اقتصاديـة، و اجتماعيـة أملتها ظروف الحـال ونتـج عنها الطابـع المتميـز لقـواعد العمـل اكتفـى المشـرع بسـن التمييـز المقـدرة بسـن السادسـة عشـر سنة كاملـة للعامـل مـن أجـل صحـة تصـرفه فـي إبـرام عقــد العمـل و هـي بذلك تعتبـر أهليـة خاصـة.
و لبيان ذلك وجب التركيز على تحديد المشرع لحـد أدنى لسـن العمـل، ونتعـرض إليه مـن خـلال إبـراز الحـد الأدنى لسـن العمـل في تشـريع العمـل الجـزائـري، ثـم فـي الاتفاقيـات الدوليـة، والعربيـة المتعلقـة بتشـريـع العمـل.
أولا: الحـد الأدنـى لسـن العمــل فـي تشريـع العمــل الجـزائـري:
يتفق التشـريع الجـزائري في كثير من جوانبه مع المواثيق الدولية فيما يتعلق بقطاع الشغل، رغـم أن الجـزائر كانت حديثة العهد بالاستقلال وما نجم عـن الاستعمار من تدميـر للبنية الاقتصادية للشعب الجزائري، وتفشي ظاهرة الفقـر نتيجة السياسة المنتهجة مـن قبـل الاستعمار الفرنسي خصوصـا إبان حـرب التحـريـر (1954/1962).
ومـن الجـوانب الإيجـابيـة للتشـريـع العمالـي الجـزائـري تحديده للحد الأدنى للتشغيل بسن السادسة عشر(16) سنة، رغم أن جل الاتفاقيات الدولية منها، والعـربية لم تحدد هذه السن بشكـل دقيق، أو حـددت هـذه السـن بسـن أقـل مـن ذلك مـع تـرك المجال مفتـوحا أمـام الدول التـي لازالـت اقتصـادياتهـا ضعيفـة كالهنـد مثـلا.
وعلى ذلك فقـد نصت المادة 180 مـن القـانـون 75/31 المتعلق بالشـروط العامـة لعلاقات العمـل فـي القطـاع الخاص أنه: يحدد سن القبول في العمل بستة عشر عاما ، كما منع ذات القانـون تشغيل العمال أقل من ستة عشـر
(16) إلا بمـوجب إذن مـن وزيـر العمـل و الشـؤون الاجتماعيـة فـي الحالات الاستثنائية، وذلك بموجب المادة 182 مـن القـانـون السالـف الذكــر، والتـي نصت أنــه: يمنـع أي استخـدام لمـن كـان دون السادسـة عشـــر مـن سنـه إلا باستثناءات خاصة ممنوحة من وزير العمل و الشؤون الاجتماعية بالنسبة لبعض الاستخدامات المؤقتة و المحدودة المدة .
أما المادة 44 من قانون 78/12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل فقد تركت تحديد اسن الأدنى لقبةل العمال و توظيفهم للقانون الأساسي الخاص بالمؤسسة المستخدمة إلا أنها أكدت على ضرورة ألا يقل هذا السن عن سن السادسة عشر(16) من العمر، فنصت عليه بقولها: يحدد السن الأدنى للتوظيف بموجب القانون الأساسي الخاص للمؤسسة المستخدمة، ولا يمكن في أي حال أن يقل عن ستة عشر سنة ...إلخ .
كما نص القانون 82/06 المتعلق بعلاقات العمل الفردية على نفس القاعدة في تحديد السن الأدنى للعمل، فنصت المادة التاسعة منه على أنه: يمنع توظيف عمال يقل عمرهم عن ستة عشر سنة، محيلة في فقرتها الثانية على أحكام القانون رقم 78/12 السالف الذكر فيما يتعلق بالشروط التي تحكم توظيف هذه الفئة من العمال.
وأخيرا فإن القانون رقم 90/11 المتعلق بعلاقات العمل جاء أكثر وضوحا و صراحة مع إبقاءه لنفس القاعدة التي تحكم الحد الأدنى للتشغيل، وذلك بنصه في المادة الخامسة عشر منه على أنه: لا يمكن في أي حال من الأحوال، أن يقل العمر الأدنى للتوظيف عن ستة عشر(16) سنة إلا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين التي تعد وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما.
فالملاحظ على قانون 90/11 أنه حظر كل أشكال التوظيف للعمال الذين لم يتجاوز سنهم السادسة عشر(16) سنة دون استثناء إلا فيما يتعلق ـ حسب نص المادة ـ بعقود التمهين التي تتم وفق الأحكام التشريعية الساري العمل بها، وذلك عكس ما نصت عليه المادة 182 من القانون رقم 75/31 التي بالرغم من تحديدها للحد الأدنى للتشغيل إلا أنها أجازت النزول عن هذا الحد إستثناءا في بعض الحالات المؤقتة و المحدودة المدة بناءا على رخصة ممنوحة من قبل الوزير المختص.
ثانيا:الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية والعربية المتعلقة بالعمل:
نظرا لخطورة تشغيل القصر فقد عقدت العديد من الاتفاقيات الدولية و العربية لتحديد الحد الأدنى لعمل هذه الفئة،وعليه فسنتطرق لهذه النقاط من خلال أولا تحديد الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل، ثم نعرج على ذات المفهوم في الاتفاقيات العربية ثانيا.
أ ـ الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل:
قام المؤتمر الدولي بعقد سلسلة من الاتفاقيات و التوصيات التي تسعى إلى تحقيق تلك الغايات، ففي الفترة ما بين ) 1919 إلى 1965 ( تم اعتماد عشر اتفاقيات وضعت حدا أدنى لعمل القصر في القطاع الصناعي أولا ثم في غيره من القطاعات.
فقد كان الحد الأدنى في البداية أربعة عشر)14( سنة ثم عدل إلى خمسة عشر سنة.
و كذلك فإن هذه الاتفاقيات قد نصت على حد أدنى أكبر من الحد السابق للأعمال التي يتطلب العمل فيها جهدا شاقا.
ويلاحظ أن تحديد الحد الأدنى لسن تشغيل القصر على النحو المتقدم في هذه الاتفاقيات لم يستمر طويلا بعد أن أبرمت الاتفاقية رقم )138( لسنة 1973 م ، والتوصية رقم)146( المعدلة لهذه الاتفاقية ،حيث رأى مكتب العمل الدولي أن وضع حد أدنى لكل قطاع من الأعمال مستقلا عن باقي القطاعات أمر يؤدي إلى اختلاف الحد الأدنى من قطاع إلى أخر، لذا قام مؤتمر العمل الدولي بوضع اتفاقية عامة تطبق على جميع القطاعات الاقتصادية و خاصة بالحد الأدنى لاستخدام القصر.
وتعد اتفاقية الحد الأدنى للسن رقم )138( ، وتوصية الحد الأدنى للسن رقم )146( اللتين أقرهما المؤتمر الدولي سنة 1973م وثائق عامة.
والأصل أنه بمقتضى الاتفاقية المذكورة التزمت كل دولة عضو أن تقرر في إعلان ترفقه بصك تصديقها الحد الأدنى لتشغيل الأحداث على أن لا يقل عن خمسة عشر )15( سنة أو عن سن إنهاء الدراسة الإلزامية إذا كان هذا السن أعلى.
وكذا يحق لكل دولة رفع هذه السن بموجب إعلان لاحق، وإذا كان ذلك هو الأصل، فإنها أجازت لأي دولة عضو لم يصل اقتصادها ، و الإمكانيات التعليمية فيها إلى درجة كافية من التطور أن تضع حدا أدنى للسن أربعة عشر (14( سنة ، وذلك شريطة التشاور مع أصحاب العمل و العمال المعنيين .
أما بالنسبة للتوصية رقم)146( فقد قضت بوجوب اتخاذ إجراءات عاجلة لرفع الحد الأدنى لتشغيل القصر إلى سن الخامسة عشر )15( سنة في الحالات التي لازال فيها الحد الأدنى لسن تشغيل القصر أقل من ذلك، كما حثت جميع الدول الأعضاء على العمل بهدف رفع
الحد الأدنى للعمل تدريجيا إلى سن السادسة عشر)16( ، كما ألحت على ضرورة توحيد سن بدء تشغيل القصر .
ب/ الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات العربية المتعلقة بالعمل:
عقدت منظمة العمل العربية بعض اتفاقيات العمل غير أنها لم تعالج موضوع الحد الأدنى لتشغيل القصر بنصوص دقيقة وشاملة كما فعلت اتفاقيات العمل الدولية فقد اقتصرت هذه الاتفاقيات على نصين :
النص الأول: خاص بمستويات العمل :
فقد ورد في المادة 57من الاتفاقية رقم )1( لسنة 1966م، والتي تنص على مايلي: يحدد تشريع كل دولة الأعمال التي لا يجوز تشغيل الأحداث بها من الجنسين قبل بلوغهم سن الثانية عشر من العمر، ولا يجوز تشغيل الأحداث في الأعمال الصناعية، قبل سن الخامسة عشرة، وذلك، فيما عدا المتدرجين منهم .
والنص الثاني : خاص بالسلامة و الصحة المهنية:
فقد ورد في المادة )06( من الاتفاقية رقم )7( لسنة 1977م، والتي نصت على مايلي:
1ــ لا يجوز تشغيل الأحداث من الجنسين في الأعمال الصناعية، قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، وذلك فيما عدا المتدرجين منهم.
2ــ لايجوز تشغيل الأحداث من الجنسين قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة في الصناعات الخطرة أو الضارة بالصحة، والتي تحددها التشريعات و القرارات واللوائح الخاصة بكل دولة...الخ. ‘
وعليه فإننا نجد تباينا واضحا في تحديد هذه السن في مختلف أقطار الوطن العربي، فكل من مصر، سوريا، المغرب، والسودان حددتها بسن الثانية عشر، بينما حددتها كل من المملكة السعودية، والمملكة الأردنية، وسلطنة عمان، ولبنان بثلاثة عشرة سنة، أما الكويت، والبحرين، وموريتانيا فقد حددته بأربعة عشرة سنة .
أما كل من العراق، ليبيا، الإمارات، وقطر فقد ذهبت إلى تحديده بخمسة عشرة سنة، أما الجزائر، واليمن فقد رفعته إلى سن السادسة عشر، أما تونس فإنها ميزت بين نوعين من القطاعات هما القطاع الفلاحي و الأعمال الخفيفة في النشاط غير الصناعي حدد فيه الحد الأدنى بثلاثة عشر سنة، بينما في القطاع الصناعي رفع السن إلى خمسة عشر سنة .
المقدمـــــــــــة:
اهتمت منظمات العمل الدولية والعربية بحقوق الأطفال العاملين المحرومين من الحماية بسبب عملهم، وأصدرت العديد من الاتفاقيات الدولية و الإقليمية لحمايتهم، و صون حقوقهم، و كانت اتفاقية حقوق الطفل من أهم هذه الاتفاقيات، و التي استندت إلى وجوب شمول حمايتهم بشكل متكامل، و ألزمت الحكومات بأن توفر لضمان نموهم و ازدهارهم البيئة الآمنة، و المناخ الصحي الملائم للرعاية الصحية المتكاملة، كما عرف المجتمع الدولي مجموعة من الاتفاقيات حثت الدول على وضع إجراءات فورية، وأكثر فعالية لحماية الأطفال من مخاطر العمل المبكر، و ما ينجر عنه من تأثير على نموهم البدني و الذهني، وذلك من خلال تبني معايير و اتفاقيات تحمي الأطفال من أي استغلال اقتصادي،أو اجتماعي، وتحظر استخدامهم في الأعمال التي تفسد أخلاقهم، وتضر بصحتهم، أو تسبب خطرا على حياتهم، أو تؤدي إلى إعاقة نموهم الطبيعي، والجدير بالذكر أن اهتمام المنظمة الدولية للعمل بمكافحة ظاهرة عمل الأطفال كان منذ تأسيسها، فاعتمدت سنة 1919 أول اتفاقيتين حول عمل الأحداث، الأولى رقم(5) التي حظرت تشغيل الأحداث دون الرابعة عشرة من العمر في المنشآت الصناعية، و الثانية رقم(6) و التي حظرت تشغيل الأحداث دون سن الثامنة عشرة سنة ليلا، وتوالت بعد ذلك الاتفاقيات و التوصيات المرتبطة مباشرة أو بطريق غير مباشر بعمل الأحداث.
ويلاحظ في هذا المجال تعدد الاصطلاحات، و التسميات لهذه الفئة من المجتمع، فتارة يطلق عليها اسم الأطفال العمال و أحيانا العمال القصر، و أحيانا أخرى العمال الأحداث، على أن الألفاظ على اختلافها تصدق على فئة واحدة، وهي فئة العمال الذين لم يبلغوا سن الرشد القانوني، وقد استعمل المشرع الجزائري لفظ العمال القصر، و الشبان العمال في الأمر رقم 75/31 المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص، و استعمل لفظ صغار العمال، والعمال القصر في القانون رقم 78/12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل، كما استعمل لفظ صغار العمال، والعمال القصر أيضا في القانون رقم 82/06 المتعلق بعلاقات العمل الفردية، أما في تشريع العمل الحالي المتمثل في القانون رقم 90/11 التعلق بعلاقات العمل فاستعمل لفظ العمال القصر.
وقد اهتم المشرع الجزائري كبقية التشريعات العمالية المقارنة، بفئة العمال القصر، و ذلك من خلال تجسيده لما ورد من أحكام قي الاتفاقيات الدولية ضمن المنظومة التشريعية الداخلية، سواء تعلق الأمر بترقية العمل و العمال، أو الخاصة بحماية فئة العمال القصر.
بناءا على ذلك جاء اختيارنا لموضوع ″ الحماية القانونية للعمال القصر في التشريع الجزائري″، و الذي سنحاول فيه الإلمام بمجمل الأحكام التشريعية، و القواعد القانونية الخاصة بتشغيل القصر ضمن الأطر القـانونية المسطرة لهذا الغرض، و كـذا الضمانات الكفيلة بحمايتهم، والحفـاظ على حقـوقهم، وإمكاناتهم الماديـة، و
الصحية، محاولين في ذلك إبـراز تطـور المنظومـة التشريعيـة لهذه الحماية ضمـن مختلف القـوانين العماليــة التـي شاهدتها الجزائر من جهة، ومن جهة أخرى محاولة مطابقتها مع الالتزامات الدولية للجزائر في هذا المجال من خلال ما ورد في الاتفاقيات الدولية، و العربية ذات الصلة بالموضوع، وكذا ببعض النصوص العمالية من القانون المقارن.
ولبيان ذلك اعتمدنا على خطة دراسة قسمنا فيها موضوعنا هذا إلى مبحثين، فجاء المبحث الأول بعنوان:″ العامل القاصر في علاقة العمل ″، أما المبحث الثاني فكان بعنوان:″ الحماية القانونية للعمال القصر″.
حاولنا في المبحث الأول:″ العامل القاصر في علاقة العمل″، تحديد المفهوم الدقيق للعامل القاصر المتمتع بالحماية القانونية الواردة في تشرع العمل، وذلك من خلال ضبط جملة من المفاهيم كتحديد معنى العامل في التشريع الجزائري طبقا للقواعد العامة الواردة في التشريع، ثم تحديد فئات العمال الخاضعة لأحكام القانون 90/11، و وصولا في الأخير إلى حصر المقصود بالعمال القصر في مفهوم التشريع العمالي.
أما المبحث الثاني:″الحماية القانونية للعمال القصر″، والذي يعد صميم موضوعنا حاولنا فيه إبراز مختلف الأحكام، و القواعد المتعلقة بحماية القصر في مجال تشريع العمل، من خلال إبراز أولا الحماية التشريعية التي يتمتعون بها وفقا للقواعد العامة الواردة في قانون العمل باعتبارهم من فئة العمال، بغض النظر عن سنهم، ثم إبراز الحماية التشريعية لهم وفقا للقواعد الخاصة بهم الواردة في قانون العمل، و كذا الواردة في أحكام قانون التمهين، و أخيرا التطرق إلى الحماية الجزائية التي خصهم بها المشرع في حالة مخالفة الهيئة المستخدمة لأحكام قانون العمل 90/11، أو أحكام القانون 81/07 المتعلق بالتمهين.
وأهم ما اعتمدنا عليه من مراجع في إعداد موضوعنا هذا هي جملة من الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع، و الصادرة عن المنظمتين الدولية، و العربية للعمل، و كذا مختلف قوانين العمل التي عرفتها المنظومة التشريعية الجزائرية، و المتمثلة خصوصا في قانون 75/31 المتعلق بالشروط العامة للعمل في القطاع الخاص، و القانون رقم 78/12 المتعلق بالقانون الأساسي العام للعامل، و القانون 82/06 المتعلق بعلاقات العمل، و أخيرا قانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل المعدل و المتمم.
ولعل أهم، و أبرز ما واجهنا من عقبات في إعداد موضوعنا هذا قلة أو انعدام المادة العلمية المرتبطة بالموضوع، لانعـدام المؤلفـات و الدراسات العلمية في هـذا الموضوع رغـم جديته، و أهميته مـن جهة، ومـن جهة
ثانية انعدام التطبيقات القضائية أساسا في هذا المجال، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى عدم معرفة العامة بالضمانات، و الحماية المقررة لهم، الناتجة عن جهلهم بأحكام القانون عامة، وأحكام قانون العمل خاصة.
المبحث الأول: العامل القاصر في علاقة العمل:
سنحاول في هذا المبحث تحديد أفق الدراسة المتعلقة بالحماية القانونية للعمال القصر، و ذلك من خلال ضبط مختصر ووافي إلى حد ما لمختلف المفاهيم القانونية ذات الصلة ، ذلك أن الحماية موضوع الدراسة ليست مكفولة إلا لفئة العمال التي تتراوح أعمارهم ما بين السادسة عشر، و الثامنة عشر من العمر، على أن يتفق العمل مع الأحكام الواردة في القانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل، و كذا القانون 81/07 المتعلق بالتمهين، و ذلك من خلال المطلبين التاليين:
المطلـب الأول: مفهـوم العامــل القاصــر فـي علاقــة العمــل:
بالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها العامـل القاصـر في المنظومة التشريعيـة من جهة، و مـن جهة أخـرى فـي البيئة الاجتماعية المحيطة به، نجد أن مختلف التشريعات العمالية الوطنيـة منها أو التشريعات العمـالية في القانـون المقارن تعطـي أولويـة لهذه الفئـة من العمـال خصوصا مع التزايد المستمر للوعي القـانوني الوطنـي و الدولي مـن ناحية، و من ناحية ثانية النتائج الإيجابية التي استطاعت فئة العمـال تحقيقها من خلال نضالها المتواصل مـن أجـل تحقيق أكبر قدر ممكن من الحقوق سواء منها على المستوى المهني أو على مستوى الحماية الاجتماعية.
لذلك فإن التطرق إلى مفهوم العامـل القاصـر لتحديد مجال الدراسة من خلال الحماية التي أولاها المشرع له لا يدع لنا بدا من تحديد أولي لمفهوم العامـل ثم تحديد المعنى الدقيق للقاصـر في نظـر التشريع العمالي، وذلك مـن أجل الحصر الجيد لمجال تطبيق التشريع العمالي على هذه الفئة، و تحديد آليات الحماية التشريعية المكرسة قانونا.
الفـرع الأول: مفهــوم العامـل فـي التشريـع العمالــي:
خلافـا للتشريعـات العماليـة السـابقـة التي لــم تعـط معـنًا دقيـقا لمفهــوم العامـل، حـددت المـادة الثـانيـة مـــن قانـون العمـل الجزائـري الحالـي مفهـوم العامــل علـى أسـاس أداء عمــل بأجــر فنصــت علـى أنـه: يعتبر عمالا أجــراء فـي مفهــوم هــذا القانـون، كـل الأشـخاص الـذيـن يـؤدون عمــلا يدويـا أو فكـريا، مقـابـل مـرتب فـي إطار التنظيـم، و لحسـاب شخـص آخـر، طبيعـي أو معنـوي، عمـومـي أو خـاص، يـدعـى المستخـدم .
وعـرف المشــرع المصــري العامــل فــي المــادة الأولـى فقـرة( أ) مــن قـانـون العمــل الموحـد بـأنه: كل شخـص طبيعـي يعمـل لقـاء أجـر لـدى صـاحب عمـل و تحـت إدارتـه أو إشرافـه ، كـما عرفـه المشرع المغربـي فــي المـادة السـادســة مــن مدونــة الشغـــل بـأنـه: يعـــد أجيــرا كــل شخـص التـزم ببـذل نشـاطـه المهنـي تحـت تبعيــة مشغـل واحــد أو عـدة مشغليــن لقـاء أجــر أيــا كـان نوعـه، و طريـق أدائـه .
و علـى هــذا الأسـاس فـإن مختلـف التشريعات العمالـية العالمـية قـد اتـفـقـت عــلى وجـوب توافـر عنصريـن جوهريـين لتحديــد المعنـى الدقيـق للعـامـل و همــا: عنصــر التبعـيــة و الأجــر.
أولا: عـنصــر التبعـيــة:
ويقصـــد بهــا سلطــة الإشــــراف، و الإدارة، و الـرقـابــة الـتـي يخضـــع لــها العــامل باعـتبـارهــا إحـــدى الحـقـوق الأسـاســية التـي يمنحـها عقـد العمـل لصاحب العمــل، و يلـزم العامـل بالامتثال لـها في الحـدود المسمـوح بـها قانونا، ذلك أن قيام العامل بأداء عملـه لا يخرج عن تحقيق الأهـداف المسطرة من قبل صاحب العمل، من خلال إتباع الأوامر و التعليمات، و الإجراءات المحددة، وفق برامـج العمـل المختارة من قبله .
و ذلـك مـا قضـت بـه المـادة السابــعة مـن قـانون العمـل الجـزائــري بنـصـها علــى أنــه: يخضــع العمــال فــي إطـار علاقــات العمــل للـواجــبات الأسـاســية التـالــية:
- أن يـؤدوا بـأقصــى مـا لـديــهم مـن قــدرات الـواجــبات المـرتبــطة بمنصـب عملــهم، و يعملـوا بعنايــــة و مـواظبــة فــي إطـار تنظيــم العمــل الــذي يضـعه المستخــدم.
- أن يسـاهمــوا فـي مـجــهودات الهيــئة المستخــدمـة لتحســين التنظــيم و الإنتــاجــية.
- أن ينفـــذوا التعـليمــات التــي تصــدرهـا السلطــة السـلمـــية التــي يعـينــها المستخــدم أثنــاء ممـارســته العـاديـة لسلــطاتـه فــي الإدارة.
- أن يـراعـوا تدابيـر الوقـاية الصحـية و الأمـن التـي يعـدها المستخـدم وفقــا للتشريع و التنظيم..... إلخ
و تتجسـد سلطـة الإدارة و الإشــراف النـاتـجة عـن عنصــر التبعيــة فــي علاقـة العمــل، فــي حـق صـاحب العمـل في تحديد أوقات العمل، و توزيع العمال على مناصب العمـل المتوفرة، و وضع النظام الداخلـي للمؤسسـة، و سلطـة التـأديب و فرض قـواعد الأمـن و الوقـاية، و التنظيم التقني للعمـل، و فرض الانضباط في أماكن العمـل، كما يتـرتب عليها أيضا طاعة و إتباع العـامل لأوامـر و تعليمـات وكلاء صاحب العمل و مندوبوه المعينين من قبله .
غـير أن هـذه السلطة القـانـونية غيـر مطلقـة التطبيـق، فهـي مقيـدة باحتـرام شـروط و بنـود العقـد المبـرم بين الجانبيـن من جهة و باحتـرام الـقـوانين و الأنظمـة السارية المفعول و المطبقة على قـواعد العمـل و الإنتاج من جهة ثـانيـة، و مـن جهـة ثالثـة فهـي مقـيـدة أيضـا بـالآداب العـامة التـي تقتضـي عـدم تعـريض العامـل للخطـر .
ثانيا: عنصـر الأجــر:
يحضا عنصر الأجـر في مختلف التشريعات العالمية سواء منـها العماليـة أو غيـرها، بأهميـة كبيرة، لذلك فقـد خصصت له جل القوانين أحكام خاصة بتنظيمه و بأشكاله، و مختلف وسائل و أدوات الحماية القانونية الخاصة به ، و يمكـن تعــريف الأجــر بعبارات بسيـطة علـى أنـه المقـابـل المالـي للعمـل الـذي يبذلـه العامـل، و يستشـف هــــذا التعـريف مـن نـص المادة 80 مـن قـانـون 90/11 المتعلـق بعـلاقـات العمـل ، والتي تقضي بأنه : للعامل الحق في أجـر مقابـل العمـل المـؤدى ، ويتقاضـى بموجبـه مرتبـا أو دخـلا يتناسب ونتائـج العمـل ، وهـي ذات القاعـدة التـي تضمنتها المادة 133 من قانون 78/12 الملغى المتضمن القانـون الأساسي العـام للعمـال بنصها على أنه: يتقاضى العامل أجـرا مقـابل العمل الـذي يؤديه و يـشارك في نتائج المـؤسسـة، و يستفيد مـن الخدمات الاجتماعية، و الحماية الاجتماعية، طبقا للمبادئ المحددة في الميثاق الوطنـي، و لأحـكام التشريـع المعمول به، و يتفق هذا التعريف أيضا مــع التعـريف الـذي جـاء بـه المشـرع المصـري للأجــر الـذي ينـص فـي مادتـه الأولـى الفقـرة ( ج ) علـى أنـه : الأجر: كل ما يحصـل عليـه العامـل لقاء عمله ثابتا كان أو متغيرا، نقدا أو عينا .
وقد نصـت المـادة 81 مـن قانـون 90/11 علـى أنـه:يفهـم مـن عبـارة مرتب، حسـب هـذا القانـون، مـا يلـي:
-الأجـر الأساســي الناجـم عـن التصنيـف المهنـي فـي الهيئـة المستخدمــة.
- التعويضات المدفـوعـة بحكـم أقدميـه العامـل أو مقـابــل الساعـات الإضافيـة بحكـم ظروف عمـل خاصـة ، لاسيما العمـل التناوبـي ، والعمـل المضـر و الإلـزامــي ، بمـا فيـه العمـل الليلـي ، وعـلاوة المنطقة.
- العـلاوات المرتبطـة بإنتاجيـة العمـل ونتائجــه.
و هـو النـص المقابـل لنـص المـادة 139مـن قانـون 78/12 والتـي كانـت تقضـي بأنـه: مـع مراعاة الأحكـام الانتقاليـة المنصوص عليها في المادتين 183 و 184 أدناه، يتكـون الأجـر باستثنـاء جميـع العناصـر الأخـرى ، مـن مبلغ العنصر الأول الذي يسمـى أجر المنصب ، والمحـدد فـي المـواد مـن 146إلـى 162 أدنـاه، وعنـد الاقتضـاء مـن العناصـر التكميليـة الداخلـة فـي العنصـرين التـالييـن:
- العنصـر المسمى تعـويض المنطقـة وهـو يمثـل المكافئات ذات الطابع الجغـرافي و/أو القطاعـي.
- العنصـر الـذي يمثـل الأجـر التكميلـي ، والمرتبـط بالكـم والكـيف و إنتاجيـة العمـل و نتائجــه.
أمـا المشـرع المصـري فقـد أعطـى تفصيـلا أكـثـر دقـة، حيـث نـص فـي الفقــرة (ج) مـن المـادة الأولـى مـن قـانــون 12 لسنــة 2003 علــى أنـه : يعتبــر أجـرا علـى الأخـص مـايلــي :
1-العمـولــة: التـي تدخــل فــي إطار عـلاقـة العمــل.
2-النسبـة المئويـة : وهـي مـا قـد يدفـع للعامــل مقابـل مـا يقــوم بإنتاجــه أو بيعـه أو تحصيلـه طـوال قيامـه بالعمل المقـرر لـه هــذه النسبـة .
3-العـلاوات أيـا كـان سبـب استحقـاقــها أو نــوعهــا.
4-المــزايـا العينيــة التــي يلتـزم بــها صاحـب العمــل دون أن تستلـزمهـا مقتضيـات العمــل .
5-المنــح : وهـي مـا يعطـى للعامـل عـلاوة على أجـره، ومـا يصرف لـه جـزاء أمانته، أو كفاءته متى كانت هـذه المنـح مقـررة في عقـود العمـل الفرديـة،أو الجماعيـة، أو فـي الأنظمـة الأساسية للعمـل، وكذلك ما جرت العادة بمنحه متـى توافـرت لـه صفات العموميـة والـدوام و الثبـات.
6-البـدل: هـو مـا يعطـى للعامـل لقــاء ظروف أو مخاطـر معينـة يتعـرض لهـا فـي أداء عملـه.
7-نصيـب العامـل فـي الأربـاح.
8-الوهبة التي يحصل عليها العامل إذا جـرت العـادة بدفعهـا، وكانت لها قـواعد تسمـح بتحـديدها، وتعتبـرفي حكـم الوهبـة النسبـة المئويــة التــي يدفعهـا العمـلاء مـقابـل الخـدمة فــي المنشـآت السياحيـة...الخ.
وعليـه فـإن الأجــر يتكــون فـي محتـواه، مـن عنصـريـن أسـاسييــن همـا:
أ-العنصـر الثــابت: والـذي يعـرف فـي بعـض التشـريعــات، ومنهـا التشـريـع الجــزائـري بأجـر المنصـب أوالأجـر الأساســي، والــذي يحسب فـي أغـلـب الأحيــان علــى أسـاس الرقـم الاستـدلالــي لكـل منصب عمـل أو لكـل وظيفــة وفقـا للسلـم المعمـول بـه .
ب-العنصـر المتغيـر: ويتكـون مـن مجمـوع التعـويضات والحـوافز المالية المرتبطة إمـا بالإنتاج أو الأقدمية، أو بالأوضاع الاجتماعية...الخ.
وقـد اعتمدت المحكمة العليا على عنصري التبعية، و الأجـر في إثبات وجود علاقة العمـل، في أحـد قراراتها والــذي جــاء فيـه :
فـي الموضوع: عن الوجه المأخوذ من القصور و التناقض في الأسباب :
حيث أن الطاعن يعيب على القرار المطعون فيه بأن قضاة المجلس تبنوا الأسباب الواردة في الحكم المستأنف و اعتبروا أن المطعـون ضده كان يشتغل كحارس للمواقف في الفترة الممتدة من 01/05/1999 إلى 01/08/2000 نظرا للبطاقـة المهنية، ومستندات التسليم، مع أن البطاقة المهنية ما هي إلا مجـرد بطاقة تعريف يعلقها الحارس على صدره بغـرض احتـكار قبض المبالغ المالية من أصحاب السيارات المحـروسة، وأن مستندات التسليم تثبت أن تسليم التذاكـر مقابل مبلغ مالي ليتصرف فيها فيما بعـد كـما يشاء، وبالتالي فإن العلاقـة التي كانت تربط الطرفين تعـد شبه عقـد وكالـة وليست بعلاقـة عمــل حسب مفهـوم المادة 20 مـن القانــون 90/11 .
إن المطعون ضده لم يقـدم أية وثيقة أو سند يثبت به علاقة العمل حسب مفهوم المادة 02 المذكورة مثل شهادة العمـل، أو قسيمـة الأجـر،أو أي دليـل أخــر مـن هـذا النـوع بدليـل أنـه يطالب بأجـرة يجهـل قيمتـها مــع العلـم أنـها تحـدد ويتفـق عليـها مسبقا، كما أن المجلـس لـم يـرد علـى دفعـه المتعلق بتصريحات زملاء المطعون ضده التي تفند علاقة العمل المزعـومة، وكـذلك الـرد على الدفـع المتعلق بالطبيعة القانونية لعلاقة العمل التي تربط الطرفين و التي تمكن من تحديد القانون الواجب التطبيق، وبالتالي فإنهم لم يسببوا قرارهم بما فيه الكفاية، بل تناقضوا فيما قضوا فيه بدليـل رفضهـم الطلـب المتعلــق بالتسـويـة اتجــاه الضمـان الاجتماعــي.
حيث أن بالـرجوع إلى القـرار المطعون فيه يتبين أن قضاة المجلس استندوا فيما قضوا به على بطاقة مهنية و مستندات التسليم المحتـوية على ختـم الطاعـن وعلى هـذا الأساس اعتبروا أن عـلاقة العمل قائمـة وثابتة بالمـادة 10 من القانون 90/11، كما أنهم اعتبروا أن طلبات الأجـرة والعطلة السنوية، وكذا التعـويض مؤسسة عملا بالمواد 53 و 39 مـن القانـون 90/11، والمـادة124 مـن القانـون المدنـي، دون أن يجيبـوا أو يناقشوا الدفوع المقدمة من طرف الطاعـن مكتفيـن بالقـول أن طلـب المستأنـف المتعلـق بإلغــاء الحكــم يعـد طلبا غيـر مؤسـس، ويتعيـن رفضـه.
حيث أن قضـاة المجلس لم يبينوا في قـرارهم عنـد استجابتهم لدعـوى المطعـون ضده عناصر طبيعـة العلاقـة القانـونية التي تربــط الطرفيـن و التي يزعـم المطعـون ضـده أنهـا علاقـة عمــل.
حيث أنـه في حالة إنكار طبيعة علاقة العمل، والاحتجاج بعـقد المقاولة كـما هـو الحـال في قضيـة الحال،فإنـه لا يكفي لقضاة الموضوع الاعتماد على أحـكام المـادة 10مـن القـانون 90/11 التي تنص على أن علاقة العمل تثبت بكـل الوسائـل، بـل يتعين عليهم الوقـوف على العناصر المكـونة للطبيعـة القانونية لعلاقـة العمـل، وعلى الخصوص عنصـري التبعيـة والأجـــر، ومـن ثـم فـإن القـرار المطعـون فيـه جـاء مشـوبـا بالقصـور فـي الأسبـاب، وعليـه فـإن الوجـه المثـار مـؤسـس، ويتعيـن نقـض القـرار المـطعـون فيــه .
الفـرع الثـانـي: تعـريف القـاصـر فـي التشريع الجــزائـري:
يظهـر جليا أن تحـديد مفهـوم القـاصر أو الحـدث يعـد مطلبـا يتعـذر تحققـه من الناحية الفقهية وذلك لارتباط هـذا التحديد بأرضية علمية واسعة يشارك فيها رجال القانون إلى جانب غيرهم من علماء النفس و الاجتماع وأطباء الصحـة العقليـة والنفسيـة وغيـرهم مـن المهتميـن بشـؤون الأحداث ورعايتهم الأمر الذي يبرز وجهات نظر مختلفة حـول طبيعـة تصرفات القـاصر أو الالتزامات القانونية التي يقوم بها أو تحـديـد سـن الحداثــة و المراحـل المختلفـة التــي يمـر بهـا الحــدث.
واصطلاح القاصر أو الحـدث على العموم تعبير مـرادف للشخص صغير السن و هـو الوصف الدقيق لحالة الشخـص الـذي لـم يصـل بعـد إلى سـن البلـوغ و هـو لفـظ يطلـق على أشخاص يخضعون لأحكـام خاصة أو بعبارة أدق ينتمون لفئة معينة تنظم مرحلة بذاتها من مراحل العمر الإنساني وتخضع لأحـكام خاصـة في مجال الالتزام ،أو المسـؤولية سـواء المدنيـة منـها أو الجزائيـة، وبـذلك فهـذه القواعـد و الأحـكام تختلـف عـن تلك المقـررة للبالغيـن.
وعليه فقـد اهتمت أغلب التشريعات و النظـم القانونية بتحديد سـن الحـدث ، ثم عنيت هذه التشريعات بتحديد مراحـل الحـدث ، والتـي تقسم حسب درجة الإدراك و ما يترتب علـى ذلك مـن أثـار بالنسبة للقاصـر ، وكذا بالنسبة للغيــر.
فالمشرع الجـزائري ربط مفهـوم القاصر بالأهلية، وهذا من خلال المادتين 40 و 42 من القانون المدني حيث نصت المادة 40 منه على أنه: كل شخص بلغ سـن الرشد متمتعا بقواه العقلية، و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، و سـن الرشـد تسـع عشر (19) سنة كاملة ، ونصت المادة 86مـن قانون الأسرة الجزائري على أنـه :˝مـن بلـغ سـن الرشـد ولم يحجـر عليـه يعتبـر كامـل الأهليـة وفـقا لأحـكام المـادة 40 من القانون المدني˝.
وذلك مـا ذهبـت إليـه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 15 ماي 2001 و الذي قضت فيه: حيث طعنت بالنقـض (ق-خ) فـي القـرار الصـادر عـن المجلـس القضائـي للجـزائـر، فـي 24 جـويليـة 1999 القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلا ضد الأمر الاستعجالي الصادر من محكمة الحراش في 08 ماي 1999 القاضي بطردها مـن السكن المتنـازع حـوله تحـت غرامــة تهديديــة قدرهـا ثلاثـة آلاف دينـار جـزائـري عـن كـل يـوم تأخيــر.
حيث أن الطعــن استوفــى الأشكــال و الآجــال القـانونيــة.
حيث أن الطاعنـة تثيــر وجـها وحيــدا للطعـن.
عـن الوجـه الوحيـد المأخـوذ مــن الخـطأ فــي تطبيـق القانــون.
حيث أن الطاعـن يعيـب على القرار المطعـون فيـه مخالفـة المادة 459 مـن قانون الإجراءات المدنية ذلك أنه اعتبـرها عديمة الأهلية، لتسجيل الاستئناف بينما ينص القانون المدني في المادة 40 منه أن سـن الرشـد تسعـة عشـر سنة، و قـد أكملت هـذه السـن في 05 جوان 1999، و طعنت بالاستئناف في 08 جـوان 1999، مما يجعـل استئنافها مقبــولا شكـلا.
حيث يتبيـن فعـلا أن الطاعنـة التـي كانت قاصـرة أمـام قاضي أول درجـة و ممثلـة بأبيها اكتملت سـن الرشـد القانوني في 05 جوان 1999 ذلك أنها ولدت في 04 جوان 1980 و بالتالي فإنها اكتسبت أهلية التقاضي و الحق في ممارسة طرق الطعـن ضد الأحكـام و القـرارات التي تمــس بمصالحها، و عليــه فـإن الوجـه المثـار مؤسـس.
لهــذه الأسبـاب: قـررت المحكمـة العليــا:
قبـول الطعن بالنقض شكلا – نقض و إبطال القـرار المطعـون فيـه الصادر عن مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 24 جويلية 1999 و إحالة القضية و الأطراف على نفـس المجلـس مكـونا من هيئة أخـرى جـديدة للفـصل فيها طبقـا للقانــون.
أما المادة 42 من ذات القانون فقد نصت على أنه: لا يكـون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغـر السـن، أو عتـه، أو جنــون.
يعتبـر غيـر مميــز مـن لـم يبلـغ ثـلاث عشـرة سنـة.
كما نصت المـادة 43 مـن القانـون المدنـي أيضـا أن: كل مـن بلـغ سـن التمييز و لـم يبلغ سـن الرشـد، و كل مـن بلـغ سـن الرشـد و كـان سفيهـا أو ذا غفلـة، يكـون ناقـص الأهليـة وفقـا لمـا يقـرره القانـون.
أما القانون المدني الفرنسي فأعطـى تعـريفا أكثـر شمـولية حيث نـص فـي مادته 388 علـى أن: القاصر هو الشخـص من أحد الجنسين الذي لم يبلغ بعـد سـن 18 سنة كاملة ، وهو بذلك لا يعتد إلا بسـن البلوغ المقـدر بثمانية عشــر سنـة كاملــة.
أما المشـرع الجـزائـي فقـد نـص في المـادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: يكون بلـوغ ســن الرشـــد الجزائـي فــي تمــام الثـامنــة عشــر.
و نـص في مادته 443 على أنـه: تكــون العبـرة فـي تحديـد سـن الرشـد الجزائي بسـن المجرم يـوم ارتكاب الجريمة .
و عليـه فالملاحظ أن المشرع المدني اختلف مـع المشرع الجـزائـي في تحـديـد السـن باعتبار أن هـذا الأخيــر اعتبر سـن الرشـد الجزائـي الذي يصبح فيـه الشخـص أهـلا لتحمـل المسؤوليـة الجزائيـة، و بالتالـي يجعلـه عرضـة لتلقـي العقـاب هـو سـن الثامنـة عشـر(18) سنة كاملة، بينما المشرع المدني ميز بين القاصر الذي لم يبلغ سن الثالثة عشـر(13) سنـة، والقاصـر الذي بلـغ سـن الثالثـة عشـر(13) سنـة، ولـم يكمـل التاسعة عشـر(19) سنـة.
و بذلك يمكن ملاحظـة أن القاصـر يمـر بمرحلتين أساسيتين يعتـد بهما القانـون المدني و يعطـي فـروقا بينهما تـرتب آثـارا قانونيـة متمايـزة علـى تصرفات القاصـر، و همـا:
1- مرحلـة انعـدام التمييــز: و التمييز هو جوهر المسؤولية التقصيرية أو العقدية، بحيث تنعدم كل منهما إذا انعـدم التمييـز، و الشخـص المميـز هـو الشخـص الـذي تكـون لـه قـدرة فهـم فحـوى الأفعـال و ماهية التصرفات و نتائجهـا القانونيـة المترتبـة عليـها ســواء بالنفـع أو الضـرر لـه أو لغيـره و يتمتــع بالإدراك الكافــي الـذي يمكنــه مـن فـرز الأفعـال النافعـة عـن الأفعـال الضـارة بمصالحه أو مصالـح غيـره.
و عليـه يمكـن تعـريف التمييــز علـى أنـه:
لغــة: هـو قـوة نفسيــة تستنبــط بـها المعـانـي.
اصطـلاحـا: هـو صـلاحيـة الفـرد لممارسة بعـض حقوقـه و تحمـل نتائـج أفعالـه، كأن يسأل مدنيا أو جزائيا.
و خلاصة القول أن عديم التمييز وفقا للتشريـع الجـزائـري هـو الشخـص الـذي لـم يبلـغ بعـد سـن الثالثة عشر سنـة، و يسمـى قاصـرا غيـر مميـز.
2- مرحلـة التمييـز: و هـي حالـة الشخـص الـذي بلـغ سـن الثالثـة عشـرة (13) سنـة كاملـة و لـم يبلغ سن التاسـعة عشـر سنة، فهـو قاصـر مميـز.
و تحـديـد هـذا السـن مهـم لمعرفـة حكـم التصرفات القـانونيـة التي يقوم بها هذا الشخص من جهة، و من جهة ثانية، فإن القاصر خلال هاتين المرحلتين يكون منزوع الأهلية اللازمة لمباشـرة التصرفات القانونية، و بالتالي فإنـه يكـون موضـوع تحت نظـام التمثيـل القانونـي، و سلطـة الولي الـذي يجب عليه تأمين الحماية على شخصه و أمواله وفقا لأحكـام النيابة الشرعية الواردة ضمن أحكام قانـون الأسـرة، خصوصا المادة 81 منه التي تنص على أنـه:˝مـن كان فاقـد الأهلية أو ناقصها لصغـر السـنِِِِِ،أو جنـونٍِ، أو عتـهٍ، أو سفهٍ، ينـوب عنـه قانونـا ولـي، أو وصي أو مقـدم طبقـا لأحكـام هـذا القـانـون˝.
وقـد أكـدت المحكمة العليا على ذلك في قـرارها الصادر بتاريخ 17 ماي 2006عن غـرفة الأحوال الشخصية و المـواريث، والـذي جـاء فيـه :
حيث أن المدعـوة (ف- م) طعنت بطـريق النقـض بواسطـة مـحاميتــها الأستـاذة/ مدنـي شهـرزاد المـحاميـة المعتمدة لدى المحكمة العليا ، في القرار الصادر عـن مجلس قضاء وهـران-الغـرفة المـدنية-قسم الأحوال الشخصية بتاريخ 09/02/2004 تحت رقم 1824/03 القاضي في الشكـل : قبول الاستئناف شكلا،في الموضوع:إلغاء الحكـم المعاد الصادر عن محكمة وهران في 11/11/2002 فهرس رقم 4328/02 والتصـدي للدعـوى بإبطال عقد الكفالة الصـادر عـن محكمة وهـران في 27/11/2001 رقم 5207/01 وإلـزام المستـأنف عليـها بتسليـم البنت (ن- ط) إلى جـدهـا المستأنـف.
حيث أن الطاعنـة استنـدت فـي طعنـها الـرامي إلى نقــض القـرار المطعـون فيـه على أربعـة أوجـــه :
الوجه الأول : مخالفـة قاعدة جـوهـرية في الإجـراءات وفـقا للمادة 233/1 مـن قانون الإجـراءات المدنية.
بدعـوى أن القـرار المطعـون فيه خـرق إجـراء جـوهري نصت عليه المادة 144/4 و5 من قانون الإجراءات المدنية إذا أنه لم يطلع على القرار الصادر عـن مجلـس قضاء الجـزائر بتاريخ 06/02/2002 الذي يقـر فيه المدعى عليـه فـي الطعـن بأنـه ليست لـه أي صفـة فـي التقاضي مما يؤدي إلى نقـض القـرار المطعـون فيـه.
الوجـه الثانـي: تجـــاوز السلطــة.
بدعـوى أن قضـاة المـوضوع أثـاروا مـن تلقـاء أنفسهـم وأن المستأنـف عليـها (الطاعنة) استصدرت من تلقاء نفسـها عقـد كفالـة عـن طريـق أمـر ولائـي صادر عـن محكمـة وهـران رغـم هـذا لـم يثـر مـن أي طـرف ويكونون قـد تجـاوزوا سلطتهـم، ممــا يـؤدي إلـى نقـض القـرار المطعـون فيـه.
الوجـه الثـالث: مخـالفـة القـانـون.
بدعـوى أن قضاة الموضوع ذكـروا أن المستأنف الجـد أصبح وليا لها بقـوة القانون وهـذا بمفهـوم المادة 92 مـن قانون الأسرة، وبمفهوم المادة المذكورة يجـوز للأب أو الجـد تعيين وصي للولـد القاصر إذا لم تكـن له أم تتولى أموره أو تثبت عـدم أهليتها بالطرق القانونية، وإذا تعـدد الأوصياء فللقاضي اختيار الأصلح منهم مع مـراعاة أحكام المادة 86 من هذا القانـون.
والثابت أن الأب لم يحرر أي وصية في حياته، والوصاية تخضع في هـذه الحالة للمادتين 98 ، 92 من قانون الأسـرة، ويكـون قضـاة الموضوع خـرقـوا أحكـام المـادة 92 مـن قانـون الأسـرة، ممـا يعـرض قـرارهم للنقـض.
الوجـه الـرابع: انعـدام الأسبـاب.
بدعـوى أن قضـاة المـوضوع بتصريحهم أن المستـأنف عليهـا لا تتوفـر علـى أيـة صفـة قانـونية لأخـذ البنـت محـل النـزاع فهـذا التصريـح ليـس لـه أي تسبيب قـانـونـي، ممـا يعـرض قـرارهم للنقـض .
حيث أن المدعـى عليـه فـي الطعـن رد علـى عـريضة الطعـن وخلـص إلى رفـض الطعـن لعـدم التـأسيـس.
حيث أن النيابـة العامـة بلغـت بملف القضيـة وأودعـت مذكـرة طلبت فيـها نقـض القـرار المطعـون فيـه.
حيث أن الرسـم القضائـي سـدد.
وعليـه المحكـمـة العليــا :
فـي الشكــل :
حيث أن الطعـن بالنقـض استوفـى إجراءاتـه الشكليـة فهـو مقبـول.
فـي الموضــوع :
عـن الوجـه الأول : مخالفـة قاعـدة جـوهـرية فـي الإجـراءات وفقـا للمـادة 233/1 مـن قانـون الإجــراءات المدنيــة.
لكـن حيث خلافـا لمزاعـم الطاعنة فباستقـراء القـرار المطعـون فيـه يتبين منه أن قضاة الموضوع أشاروا في قـرارهـم المنتقد بالقـول بعـد الاستماع على مستندات الطرفيـن والوثائـق المـدلى بها الموجودة بالملـف، وعبارة بعـد الاستماع فـي الحقيقـة مـا هـي إلا تعبيـر خاطئ لا يـؤدي إلى نقـض القـرار المطعـون فيـه، مـادام يفهـم مـن العبـارة المذكـورة، إطلاعهـم على الوثائـق والمستنـدات المقـدمة، مما يجعـل الوجـه المثـار فـي غيـر محله ويتعيـن رفضـه.
عـن الوجـه الثـانـي : المأخـوذ مـن تجـاوز السلطــة.
لكـن حيث يتبين من القرار المطعـون فيه أن قضاة الموضوع وفي مناقشتهم لعقد الكفالة محل النـزاع باعتباره إحدى المستنـدات الأساسية وخاصة وأنها محل طلب الإلغاء لاحظوا وأن العقد المذكـور لم يرد فيه ما يفيـد أن البنت القاصرة لها أوصياء وفق ما تقتضيه المادة 92 مـن قانـون الأسـرة، ومثل هـذا التعليل يفيـد وأنهـم أثـاروا مسألـة لـم يطرحها الخصوم، فذلك يدخل في إطار عملهم، ولما طرح الوجه بهـذا الشكـل فيكـون بـدون أسـاس ويتعين رفضـه.
عـن الوجـه الثـالث: المأخـوذ مـن مخالفـة القـانـون.
لكـن حيث خلافـا لمزاعـم الطاعنة فباستقـراء القـرار المطعون فيه،يتبين منه أن قضاة الموضوع لاحظوا وأن النـزاع المعروض عليهم يتعلق بالوصاية بمفهوم المادة 92 من قانون الأسرة، على اعتبار أن الولد القاصر ليست له أم ولا أب وبحكـم القانـون يصبـح الجـد هـو الوصـي بحكـم المادة المذكـورة.
دون التطرق للوجـه الرابـع علـى اعتبار أن النعـي الـذي ورد فيـه تـم الـرد عليه فـي الوجـه الثـاني مما يتعين رفضـه لعـدم التأسيـس.
فلهــذه الأسبــاب :
- تقرر المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصيـة والمواريث : قبول الطعن بالنقض شكلا، ورفضه موضوعا، وتحميل الطاعنـة بالمصاريف القضائيـة .
المطلب الثاني : نطـاق تطبيـق قانون العمـل على العمـال القصــر:
يقصـد بنطـاق تطبيـق قانـون العمــل علـى العمـال القصـر، الفئـات العماليـة بمختلـف أصنافــها، و انتماءاتـها القطاعيـة، و التي يمكن تطبيق قانون 90/11 المتضمن علاقات العمـل عليهـا، و استفادتهـا من الأحكـام الواردة فيـه مـن جهـة ومـن جهـة أخـرى تحديـد السـن القانونية للقاصر المرخـص بهـا فـي تشريعـات العمـل والتـي تمكنـه مــن الاستفـادة مـن الأحكـام العامـة و الخاصـة الـواردة في التشريـع العمالـي .
ولـذلك سنتطـرق أولا إلـى نطـاق تطبيـق قانـون العمـل وإبـراز الفئـات العمالية المعنية بتطبيقه، ثم تحديد فئة العمـال القصـر المنطبقـة عليهـم أحكـام هـذا القانـون ثانــيا.
الفـرع الأول:نطـاق تطبيـق قانـون العمـل:
و عليـه فقــد قضــت المــادة الثانيــة مــن قانــون 90/11 علــى أنــه : يعتبــر عمــالا أجـراء فــي مفهـــوم هـذا القانـون، كــل الأشخـاص الـذين يـؤدون عمـلا يدويـا أو فكــريا مقـابـل مـرتب، فـي إطـار التنظيـم، و لحســاب شخـص آخـر، طبيعــي أو معنــوي، عمومـي أو خـاص، يدعــى مستخــدم.
و نصـت المـادة الثالثـة أيضـا علـى أنــه: يخضــع المستخدمـون المدنيـون و العسكريـون التابعــون للدفــاع الوطـني، و القضـاة، والموظفـون، و الأعـوان المتعاقــدون فـي الهيئـات الإداريـة العموميـة فـي الدولــة والولايــات و البلديـات و مستخدمـو المؤسسـات العموميـة ذات الطابـع الإداري، لأحكـام تشريعيـة و تنظيميـة خاصـة.
أمـا المـادة الرابعـة مـن ذات القـانـون فقـد ذكـرت أنـه: تحـدد، عنـد الاقتضــاء، أحكــام خاصـة، تتخـذ عـن طريـق التنظيـم، النظـام النوعـي لعلاقــات العمــل التـي تعنـي مسيـري المؤسسـات ومستخدمـي الملاحـة الجويـة و البحريـــة، ومستخـدمــي السفــن التجاريـة، و الصيــد البحـري و العمــال فــي المنــزل، الصحفييــن و الفنانيــن، و المسرحييـن و الممثليـن التجارييـن، و رياضيـي النخبـة، و مستخدمــي البيـوت، و ذلـك بغـض النظــر عــن أحكـام هــذا القانــون، فـــي إطـار التشـريـــع المعمــول بـه.
فمجـال تطبيـق هـذا القانـون قـد حـدد على أسـاس أنـه يشمل كـل العمـال باستثناء الفئـات التـي شملتـها المادة الثالثـة، و كـذلك المـادة الرابعـة، و بذلـك فقانـون 90/11 المتضمـن علاقـات العمــل قـد كـرس فكـرة التفـرقة بيــن عمـال المؤسسـات الاقتصاديـة، الصناعيـة منـها و التجاريـة، العامـة و الخاصـة، وموظفـي الإدارة العموميـة إلــى جـانب السمـاح بالخـروج عـن أحكامـه لبعـض المهـن، والمذكـورة علـى سبيـل الحصـر فـي المـادة الرابعـة.
ويتفق هـذا الـرأي مـع مـا ذهـبت إليه المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 08/11/2006 والذي جاء فيه :
حيـث طعــن المدعـو (ن - إ- ب) بالنقــض فـي الحكـم الصادرعـن محكمـة مليـانة بتـاريـخ 31/12/2003 و القاضــي برفـض الدعـوى لعــدم الاختــصاص.
و أودع الطـاعـن فـي هـذا الشـأن بتـاريـخ 03/07/2004 عريضـة ضمنـها وجـها وحيـدا للنقـض، رد عليـها المطعـون ضـده الـديـوان الـوطنـي للمـواد المتفجـرة ملتمسـا فـي مـذكـرة جـوابـه رفـض الطعــن لعــدم التـأسيـــس.
و عليــه:
مـن حيـث الشكـل:
حيـث استـوفـى الطعــن أوضاعـه الشكليـة و آجالـه القـانـونيــة فهـو مقبــول.
مـن حيــث المـوضــوع:
عـن الوجـه المثـار المـأخــوذ مـن الخطـأ فـي تطبيــق القـانـون فــي فرعيــه معـا:
ينعـي الطاعـن علـى الحكـم المطعــون فيــه أنــه لمــا قضــى بعـدم الاختصاص النوعي مـع الديوان الـوطني للمـواد المتفجـرة مؤسسـة ذات طابـع صناعـي و تـجاري طبــقا للمــادة 02 مـن المـرسـوم الرئـاسـي رقـم 96-440 المـؤرخ فـي 09/12/1996 والمـرسـوم رقـم 82-56 المــؤرخ فـي 13/02/1982، فـإنـه خـالف أحــكام المادة 07 الفقـرة الأولـى مـن ق.ا.م. التـي ترجـع الاختصاص فـي هـذه الحـالة إلـى القضـاء العادي، كما أنه خالف المادة 268 مـن ق.ا.م. التـي تلزم المحكمـة بالتمسـك بمـا جـاء فـي قـرار الإحـالة بعـد النقـض الصـادر عـن المحكمـة العليا فـي 16/10/2002 بسبـب وجـه واحـد مأخـوذ مـن مخـالفـة و إغـفال قــاعـدة جــوهـريـة فــي الإجـراءات تتعلـق بخـطأ فـي تشكـيلـة المحكمــة.
حيث يبيـن بالفعــل مــن الحكـم المطعـون فيـه أنـــه قضـى بعـــدم الاختصـاص النـوعــي للقســم الاجتماعــي لمحكمــة مليانــة لمعرفــة النــزاع المطــروح أمـامــه مؤسسـا قضـاءه علــى أن اعتبـار المطعـون ضـده، الـديــوان الوطنـي للمـواد المتفجـرة، مـؤسسـة عسكـرية ذات طـابع صنـاعي وتجاري لا يفـرض معـه خضـوع علاقـة العمـل القائمـة بينـه وبيـن الطاعـن لأحكـام القانـون المتعلق بعلاقـات العمـل. حتى وإن فسـر النظام الداخلي للمطعون ضده ذلك فإنـه لا يحـدث أثـرا في تفسيـر القانون الذي فصـل في ذلك قطعا. كما أن محتـوى نـص المـادة 03 مـن القـانون 90/11 المتعلـق بعلاقات العمـل المقيـدة لنـص المـادة 07 مكرر/03 من قانون الإجراءات المدنية استثنت بوضـوح
المستخدميـن العسكرييـن والمدنييـن التابعيــن للـدفاع الوطنـي مــن خضوعهـم لأحكــام القــانـون الخـاص بعـلاقـات العمـل ، وإحالتهــم علــى أحــكام تشريعيـة و تنظيميــة خاصـة. وأضاف الحكـم المطعـون فيـه أن جميــع البـرامــج الصناعيـة و التجاريـة و الإداريـة و التنظيميـة المعـدة مـن المطعـون ضـده تصادق عليـها السلـطة الإدارية الوصية و يخضـع التوظيف و التعيين في المناصب بمختلف أنـواعها للتنظيم العسكري الجاري به العمـل فـي وزارة الدفـاع الـوطني. وتكـريسا للوصاية الإدارية المباشـرة مـن هـذه الأخيـرة علـى المطعـون ضده فـإن التنظيم الداخلي يضبط ويسيــر مــن وزيــر الدفــاع الوطنــي. وبذلـك خلـص الحكــم المطعــون فيــه إلـــى استثنـاء المطعــون ضـده مــن الخضوع إلـى القضاء العادي رغم قرار النقـض و الإحالـة للمحكمة العليـا متقيـدا فـي تنفيـذ هـذا القـرار إلا بالنقطـة الـقانونيـة الإجرائيـة المفصـول فيـها و المتعلقـة بعـدم احتـواء أسمـاء المساعـدين المشكـلين لجلسـات المحـاكمـة.
حيـث أن هـذا التسبيب لا يستنـد إلـى أي أســاس قانـونــي ذلـك أن قـرار النقــض للمحكـمة العلـيا يلــزم جهـة الإحــالة ســواء بـما فصـل فيـه صـراحـة كمسألــة قانـونيــة عمــلا بـأحــكام المــادة 268 مــن قـانــون الإجـراءات المدنيـة أو بالنـقاط أو المسائـل الـقانـونية أو الإجـرائية المفصـول فيـها ضمنـيا كـما هـو الشـأن في دعوى الحال . إذ يفهـم مـن هـذا الأخيـر بـأن القســم الاجتماعـي لمحكـمة مليانـة مختـص ، للأسبـاب التـي ستـلي أدنـاه ، للفصـل فــي النــزاع المطـروح أمامــه، وإلا كــان النقــض دون إحالــة لمخالــفة الحكــم المطعــون فـيه قـاعـدة جـوهـريـة فـــي الإجراءات لاعتباره بأن النزاع لا يدخـل في اختصـاص المحكـمة الفاصـلة في المسائـل الاجتماعية، هـذا مـن جهـة.
حيث ،من جهة أخرى ، و دون الخوض في الاعتبارات المتعلقة بالنظام العام و وصاية وزارة الدفاع الوطني و البرامـج المعـدة مـن طـرف المطعـون ضده ، فإن التحليل القانوني السليم والدقيق يفيـد بما يلي : إذا كان المرسوم الرئاسـي رقـم 96/440 المؤرخ فـي 09/12/1996 المتضمن إحـداث المؤسسـة العسكـرية للمـواد المتفجرة يصفها صراحة بأنها مؤسسة ّ ذات طابع صناعـي وتجاري تتمتع بالشخصية المعنـويـة والاستقـلال المـالي و يخضعها إلـى أحكام المرسوم رقم 82/56 المؤرخ في 13/02/1982 ، فإن قراءة متأنية لبعض أحكام هذا المرسوم تدل على أن :
أولا: يقـوم المدير العـام أو مدير المؤسسة ، عملا بأحكام المادة 12/3 بتوظيف وتسريح المستخدمين المدنيين غيـر الشبهاء . ومعنى ذلك أن هناك فـرق بيـن أصناف العمـال و الموظفيـن التابعيـن للمؤسسـة و الذيـن هـم ثلاثـة : العسكـريون ، المدنيون أشباه العسكـريين والمدنيين غيـر الشبهاء ، فإذا كان المديـر العـام يتولى فقـط متابعـة تسييـر العسكـريين و المدنيين أشباه العسكـريين، فإنه يوظف ويسـرح المستخدمين غيـر الشبهاء. فاستعمـال كلمة يسرح لم تـرد بالصدفة في المرسوم السالف الذكـر ولا تجـد تفسيرا لها إلا في القانـون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل. كما أن توظيف هذه الفئة من العمال وتسريحهم من طرف المديـر العام يحمل المسؤولية التعاقـدية إلى المؤسسة التي هي ذات طابع اقتصادي وتجاري ويخضعها بالتالي إلى القانون العام شأنها شـأن جميع المؤسسات الأخـرى الشبيهة لها.
ثانيـا: إن توظيف المستخدمين المدنيين غيـر الشبهاء يتـم من طـرف المؤسسة و يخضعون للقـوانين الأساسية الخاصة بها طبقا لأحكـام المادة 18 من المرسوم السالف الذكـر. إن خضوع فئـة المدنيين غيـر الشبهاء إلى القـوانين الأساسية الخاصة بالمؤسسة بصفتها ذات طابع تجـاري و اقتصادي يجعـل منهم عمالا عاديين يحكمهم قانون العمـل و لا يمسهم الاستثنـاء الـذي جـاءت بـه ، فيما بعـد, المـادة 03 مـن هــذا القانـون .
وهـذا ما تؤكـده المادة 19 مـن نفـس المرسوم و التي نصت على انضمام هـذه الفئـة مـن العمال إلى صناديق الضمان الاجتماعي و التقاعـد المدنية التي تخضع النزاعات الخاصة بها إلى القسـم الاجتماعي للمحكمة طبـقا للمـادة 13 من القانون 83/15 كما أضافت نفس المادة 19 بأن المؤسسة تدفع أجورهم مباشرة. مما يجعلها مسؤولة عن كل قراراتهـا فـي مـا يتعلـق بالضمـان الاجتماعـي, أو الأجـور, كما هـو الشأن سابقـا بالنسبة للتوظيف والتسـريح , أمام القضاء المدني. وهو ما قامت به فعلا المؤسسة لما سرحت هذه الفئـة من العمال بإحالتهم على صندوق البطالة, هـذه العمليـة التي يحكمها المـرسوم التشريعـي رقـم 94/11 المؤرخ في 26/05/1994 والذي يدخل في اختصاص القسم الاجتماعـي للمحاكـم العاديـة .
حيث إذن وبنـاءا علـى مـا سبـق فـإن الاختصــاص بالنسبـة لمعـرفة النزاعـات الناشئـة بيـن الديـوان الوطنـي للمتفجـرات و المستخـدميـن المـدنييـن غيـر الشبهاء التابعيـن له يـؤول للقسـم الاجتماعي للمحكـمة, والقضاء بخلاف ذلك يعـد مخالفـة لقـاعـدة جـوهـريـة فـي الإجـراءات مما يجعـل الوجـه مؤسسـا يتـرتب عنه النقـض .
و قـد حـدد الأمـر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي العـام للوظيفة العامـة القـواعـد القـانـونية الأساسية المطبقـة علـى الموظفيـن و الضمانات الأساسيـة الممنوحـة لهـم فـي إطار تـأديـة مهامهـم فـي خـدمـة الـدولـة، حيـث عرفت المادة الرابعـة منه الموظف فنصت على أنه: يعتبـر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة و رسـم في رتبة في السلم الإداري ... و نصت المادة الثانيـة من نفـس القانـون علـى أنـه: يطبـق هـذا القـانـون الأسـاسـي علـى الموظفيـن الذيـن يمارسـون نشاطهـم فـي المؤسسـات و الإدارات العموميـة.
يقصـد بالمؤسسات و الإدارات العمومية، المؤسسات العمومية، و الإدارات المـركـزية فـي الـدولة و المصالح غير الممركـزة التابعة لها و الجماعات الإقليمية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، و المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمـي و الثقافـي و المهنـي، و المؤسسات العموميـة ذات الطابـع العلمي و التكنـولوجي و كـل مؤسسـة عموميـة يمكـن أن يخضـع مستخـدمـوهـا لأحكـام هـذا القـانـون الأسـاسـي .
و أوردت الفقـرة الأخيرة استثناءات مـن تطبيق هـذا القانون فنصت على أنـه: لا يخضـع لأحكام هـذا الأمر القضـاة و المستخـدمـون العسكـريـون و المدنيـون للدفـاع الوطنـي و مستخـدمـو البـرلمـان .
أما بالنسبة لعلاقـة العمـل الخاصـة بمسيري المؤسسات فإنـه يحكمها المرسـوم التنفيذي رقـم 90/290 ، حيث ينص في مادته الأولى على أنـه: يبين هـذا المرسوم وفقا للمادة 04 مـن قانـون 90/11 المؤرخ في 21 أبريل سنة 1990 المتعلق بعلاقـات العمـل، النظـام الخـاص بعـلاقات العمـل التـي تخـص مسيـري المؤسسـات.
و عرفت المادة الثانية منه مسير المؤسسة بنصها: يعتبر مسير المؤسسة قصد تطبيق هـذا المرسوم كل من:
- المسيـر الأجير الرئيسي ( المدير العام و الوكيل أو / أي مسير أجير رئيسي آخر ) لأي شـركة ذات رؤوس أمـوال تربطهـا علاقـة عمـل بجهاز الإدارة ( مجلـس إدارة أو مجلـس مراقبـة أو / أي جهاز إداري آخـر ) للشـركـة المذكـورة.
- إطارات المـديـريـة الـذيـن يسـاعـدون المسيـر الأجيـر الرئيسـي للشـركـة المـذكـورة.
و فيما يتعلـق بالحقـوق و الـواجبات المرتبطـة بالمنصب الـذي يشغلـه مسيـر المؤسسـة حـددت المـادة الثـالثـة ذلك بنصهـا: يرتبــط المسيـر الأجيــر الرئيســـي بجهـاز الإدارة التابــع للشـركة ذات رؤوس أمـوال بعقــد يحــدد حقـوقـه و التـزاماتـه و كـذلك السلطـات التــي يخـولـه إيــاهـا جهــاز الإدارة المـذكـورة.
الفـرع الثـانـي:فئـة العمـال القصـر المستفيـدة مـن الأحكـام الـواردة فـي تشريـع العمــل:
يعتـد القـانـون المدنـي فـي تصرفات الشخـص وترتيب آثـارهـا القـانونيـة بحالـة الشخـص الصادرة عنـه هـذه التصـرفـات، وهـي مـا يعبـر عنـها بلفـظ الأهليـة، وعليـه فالأهليـة القـانـونيـة يعرفها فقهاء القـانـون بأنها:˝صلاحيـة الشخـص لأن تكـون لـه حقـوق، وصلاحيتـه لاستعمـالــها˝، و كـون الفـرد يمـر بمـراحـل متمـايـزة فـي حياتـه، ومـا ينتـج عـن ذلـك مـن آثـار قـانـونية، فـإن الفقـه يقســم هـذه الأهليـة إلـى أهليـة وجــوب، وأهليـة أداء.
فأهليـة الوجـوب هـي صـلاحـية الإنسـان لوجـوب الحقـوق المشـروعـة لـه أو عليـه، أما أهليـة الأداء فتتمثــل فـي صلاحيـة الشخـص لصـدور العمـل القــانـونـي منـه علــى وجـه يعتــد بـه شـرعـا.
فإذا كانت أهلية الوجوب لا تطرح إشكالا، فإن أهلية الأداء تبرز بشكل جلي في التصرفات القانونية التي يقوم بها الشخص خصوصا إذا كانت هذه التصرفات ترتب آثارا تتراوح بين النفع والضرر، وعلى ذلك فكون عقـد العمل ينتمي إلى زمرة التصرفات القانـونية التي تتـراوح آثارها بين النفع والضرر بالنسبة للعامـل لما تتضمنه مـن حقـوق وواجبات، فإن الأهلية الواجب توافرها في العامل هي أهلية الأداء الكاملة، التي تمكنه من القيام بكافـة التصرفات، و تحمله كـافة الالتزامات القـانـونية، وتحـدد غالبـا أهليـة الأداء بسـن الرشـد القـانـوني، و المقـدرة في التشريـع المدني الجـزائري ـ كما سبق بيانه ـ بتسعة عشر(19) سنة كاملة طبقا لنص المادة (40) مـن القـانـون المدني، والتي تقضي بأن:˝ كل شخص بلغ سـن الـرشد متمتعا بقـواه العقلية، ولم يحجـر عليه، يكـون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
و سـن الـرشـد تسـع عشــرة (19) سنـة كاملــة˝.
غير أنه ولاعتبارات اقتصاديـة، و اجتماعيـة أملتها ظروف الحـال ونتـج عنها الطابـع المتميـز لقـواعد العمـل اكتفـى المشـرع بسـن التمييـز المقـدرة بسـن السادسـة عشـر سنة كاملـة للعامـل مـن أجـل صحـة تصـرفه فـي إبـرام عقــد العمـل و هـي بذلك تعتبـر أهليـة خاصـة.
و لبيان ذلك وجب التركيز على تحديد المشرع لحـد أدنى لسـن العمـل، ونتعـرض إليه مـن خـلال إبـراز الحـد الأدنى لسـن العمـل في تشـريع العمـل الجـزائـري، ثـم فـي الاتفاقيـات الدوليـة، والعربيـة المتعلقـة بتشـريـع العمـل.
أولا: الحـد الأدنـى لسـن العمــل فـي تشريـع العمــل الجـزائـري:
يتفق التشـريع الجـزائري في كثير من جوانبه مع المواثيق الدولية فيما يتعلق بقطاع الشغل، رغـم أن الجـزائر كانت حديثة العهد بالاستقلال وما نجم عـن الاستعمار من تدميـر للبنية الاقتصادية للشعب الجزائري، وتفشي ظاهرة الفقـر نتيجة السياسة المنتهجة مـن قبـل الاستعمار الفرنسي خصوصـا إبان حـرب التحـريـر (1954/1962).
ومـن الجـوانب الإيجـابيـة للتشـريـع العمالـي الجـزائـري تحديده للحد الأدنى للتشغيل بسن السادسة عشر(16) سنة، رغم أن جل الاتفاقيات الدولية منها، والعـربية لم تحدد هذه السن بشكـل دقيق، أو حـددت هـذه السـن بسـن أقـل مـن ذلك مـع تـرك المجال مفتـوحا أمـام الدول التـي لازالـت اقتصـادياتهـا ضعيفـة كالهنـد مثـلا.
وعلى ذلك فقـد نصت المادة 180 مـن القـانـون 75/31 المتعلق بالشـروط العامـة لعلاقات العمـل فـي القطـاع الخاص أنه: يحدد سن القبول في العمل بستة عشر عاما ، كما منع ذات القانـون تشغيل العمال أقل من ستة عشـر
(16) إلا بمـوجب إذن مـن وزيـر العمـل و الشـؤون الاجتماعيـة فـي الحالات الاستثنائية، وذلك بموجب المادة 182 مـن القـانـون السالـف الذكــر، والتـي نصت أنــه: يمنـع أي استخـدام لمـن كـان دون السادسـة عشـــر مـن سنـه إلا باستثناءات خاصة ممنوحة من وزير العمل و الشؤون الاجتماعية بالنسبة لبعض الاستخدامات المؤقتة و المحدودة المدة .
أما المادة 44 من قانون 78/12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل فقد تركت تحديد اسن الأدنى لقبةل العمال و توظيفهم للقانون الأساسي الخاص بالمؤسسة المستخدمة إلا أنها أكدت على ضرورة ألا يقل هذا السن عن سن السادسة عشر(16) من العمر، فنصت عليه بقولها: يحدد السن الأدنى للتوظيف بموجب القانون الأساسي الخاص للمؤسسة المستخدمة، ولا يمكن في أي حال أن يقل عن ستة عشر سنة ...إلخ .
كما نص القانون 82/06 المتعلق بعلاقات العمل الفردية على نفس القاعدة في تحديد السن الأدنى للعمل، فنصت المادة التاسعة منه على أنه: يمنع توظيف عمال يقل عمرهم عن ستة عشر سنة، محيلة في فقرتها الثانية على أحكام القانون رقم 78/12 السالف الذكر فيما يتعلق بالشروط التي تحكم توظيف هذه الفئة من العمال.
وأخيرا فإن القانون رقم 90/11 المتعلق بعلاقات العمل جاء أكثر وضوحا و صراحة مع إبقاءه لنفس القاعدة التي تحكم الحد الأدنى للتشغيل، وذلك بنصه في المادة الخامسة عشر منه على أنه: لا يمكن في أي حال من الأحوال، أن يقل العمر الأدنى للتوظيف عن ستة عشر(16) سنة إلا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين التي تعد وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما.
فالملاحظ على قانون 90/11 أنه حظر كل أشكال التوظيف للعمال الذين لم يتجاوز سنهم السادسة عشر(16) سنة دون استثناء إلا فيما يتعلق ـ حسب نص المادة ـ بعقود التمهين التي تتم وفق الأحكام التشريعية الساري العمل بها، وذلك عكس ما نصت عليه المادة 182 من القانون رقم 75/31 التي بالرغم من تحديدها للحد الأدنى للتشغيل إلا أنها أجازت النزول عن هذا الحد إستثناءا في بعض الحالات المؤقتة و المحدودة المدة بناءا على رخصة ممنوحة من قبل الوزير المختص.
ثانيا:الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية والعربية المتعلقة بالعمل:
نظرا لخطورة تشغيل القصر فقد عقدت العديد من الاتفاقيات الدولية و العربية لتحديد الحد الأدنى لعمل هذه الفئة،وعليه فسنتطرق لهذه النقاط من خلال أولا تحديد الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل، ثم نعرج على ذات المفهوم في الاتفاقيات العربية ثانيا.
أ ـ الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل:
قام المؤتمر الدولي بعقد سلسلة من الاتفاقيات و التوصيات التي تسعى إلى تحقيق تلك الغايات، ففي الفترة ما بين ) 1919 إلى 1965 ( تم اعتماد عشر اتفاقيات وضعت حدا أدنى لعمل القصر في القطاع الصناعي أولا ثم في غيره من القطاعات.
فقد كان الحد الأدنى في البداية أربعة عشر)14( سنة ثم عدل إلى خمسة عشر سنة.
و كذلك فإن هذه الاتفاقيات قد نصت على حد أدنى أكبر من الحد السابق للأعمال التي يتطلب العمل فيها جهدا شاقا.
ويلاحظ أن تحديد الحد الأدنى لسن تشغيل القصر على النحو المتقدم في هذه الاتفاقيات لم يستمر طويلا بعد أن أبرمت الاتفاقية رقم )138( لسنة 1973 م ، والتوصية رقم)146( المعدلة لهذه الاتفاقية ،حيث رأى مكتب العمل الدولي أن وضع حد أدنى لكل قطاع من الأعمال مستقلا عن باقي القطاعات أمر يؤدي إلى اختلاف الحد الأدنى من قطاع إلى أخر، لذا قام مؤتمر العمل الدولي بوضع اتفاقية عامة تطبق على جميع القطاعات الاقتصادية و خاصة بالحد الأدنى لاستخدام القصر.
وتعد اتفاقية الحد الأدنى للسن رقم )138( ، وتوصية الحد الأدنى للسن رقم )146( اللتين أقرهما المؤتمر الدولي سنة 1973م وثائق عامة.
والأصل أنه بمقتضى الاتفاقية المذكورة التزمت كل دولة عضو أن تقرر في إعلان ترفقه بصك تصديقها الحد الأدنى لتشغيل الأحداث على أن لا يقل عن خمسة عشر )15( سنة أو عن سن إنهاء الدراسة الإلزامية إذا كان هذا السن أعلى.
وكذا يحق لكل دولة رفع هذه السن بموجب إعلان لاحق، وإذا كان ذلك هو الأصل، فإنها أجازت لأي دولة عضو لم يصل اقتصادها ، و الإمكانيات التعليمية فيها إلى درجة كافية من التطور أن تضع حدا أدنى للسن أربعة عشر (14( سنة ، وذلك شريطة التشاور مع أصحاب العمل و العمال المعنيين .
أما بالنسبة للتوصية رقم)146( فقد قضت بوجوب اتخاذ إجراءات عاجلة لرفع الحد الأدنى لتشغيل القصر إلى سن الخامسة عشر )15( سنة في الحالات التي لازال فيها الحد الأدنى لسن تشغيل القصر أقل من ذلك، كما حثت جميع الدول الأعضاء على العمل بهدف رفع
الحد الأدنى للعمل تدريجيا إلى سن السادسة عشر)16( ، كما ألحت على ضرورة توحيد سن بدء تشغيل القصر .
ب/ الحد الأدنى لتشغيل القصر في الاتفاقيات العربية المتعلقة بالعمل:
عقدت منظمة العمل العربية بعض اتفاقيات العمل غير أنها لم تعالج موضوع الحد الأدنى لتشغيل القصر بنصوص دقيقة وشاملة كما فعلت اتفاقيات العمل الدولية فقد اقتصرت هذه الاتفاقيات على نصين :
النص الأول: خاص بمستويات العمل :
فقد ورد في المادة 57من الاتفاقية رقم )1( لسنة 1966م، والتي تنص على مايلي: يحدد تشريع كل دولة الأعمال التي لا يجوز تشغيل الأحداث بها من الجنسين قبل بلوغهم سن الثانية عشر من العمر، ولا يجوز تشغيل الأحداث في الأعمال الصناعية، قبل سن الخامسة عشرة، وذلك، فيما عدا المتدرجين منهم .
والنص الثاني : خاص بالسلامة و الصحة المهنية:
فقد ورد في المادة )06( من الاتفاقية رقم )7( لسنة 1977م، والتي نصت على مايلي:
1ــ لا يجوز تشغيل الأحداث من الجنسين في الأعمال الصناعية، قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، وذلك فيما عدا المتدرجين منهم.
2ــ لايجوز تشغيل الأحداث من الجنسين قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة في الصناعات الخطرة أو الضارة بالصحة، والتي تحددها التشريعات و القرارات واللوائح الخاصة بكل دولة...الخ. ‘
وعليه فإننا نجد تباينا واضحا في تحديد هذه السن في مختلف أقطار الوطن العربي، فكل من مصر، سوريا، المغرب، والسودان حددتها بسن الثانية عشر، بينما حددتها كل من المملكة السعودية، والمملكة الأردنية، وسلطنة عمان، ولبنان بثلاثة عشرة سنة، أما الكويت، والبحرين، وموريتانيا فقد حددته بأربعة عشرة سنة .
أما كل من العراق، ليبيا، الإمارات، وقطر فقد ذهبت إلى تحديده بخمسة عشرة سنة، أما الجزائر، واليمن فقد رفعته إلى سن السادسة عشر، أما تونس فإنها ميزت بين نوعين من القطاعات هما القطاع الفلاحي و الأعمال الخفيفة في النشاط غير الصناعي حدد فيه الحد الأدنى بثلاثة عشر سنة، بينما في القطاع الصناعي رفع السن إلى خمسة عشر سنة .