المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اجراءات التحقيق


yacine414
2011-02-22, 12:12
إجراءات البحث و التحري عن الجريمة يقصد بها إجراءات التحقيق المنوط أصلا للنيابة العامة و الضبطية أو الشرطة القضائية وكذا أعمال التحقيق التي يباشرها قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام أو ضباط الشرطة القضائية المنوط لهم ، و تراعي التشريعات الحديثة عند سن القواعد الإجرائية للبحث و التحري عن الجريمة ثلاث مصالـح :
1. مصلحة المجتمع : و المتمثلة في الإسراع لمتابعة مرتكبي الجرائم وتوقيع الجزاء عليهم لإخلالهم بالنظام العام
2. مصلحة المتهم : وهي كفالة حقّه في الدفاع عن نفسه .
3. مصلحة المتضرر من الجريمة : وهي إمكانية تحريك الدعوى العمومية أو على الأقل في تدخله كطرف مدعي في الدعوى بعد إقامتها من طرف النيابة العامة .
 إن دراسة مبادئ إجراءات البحث و التحري عن الجريمة تتطلب أولا أن نعرف ماذا نقصد بالجريمة الجنائية و أن نعرف أيضا أركانها من الركن الشرعي و المادي و المعنوي وكذا الظروف التي تغـير من وصف الجريمة و الظروف التي تغيـّر من وصف العقوبـة وذلك لتكـون فكرة تمهيديـة قبل الدخـول في شـرح إجراءات البحث و التحري عن الجريمة .
أولاّ : الجريمـة الجنائيـة :
*- الجريمة الجنائية هي فعل غير مشروع صادر عن الإدارة الجنائية و يقرر القانون عقوبة أو تدابير الأمن وهذا التعريف بمعناه القانوني ، فهناك الجريمة الجنائية التي يحددها القانون الجنائي وهناك الجريمة المدنية التي يحددها القانون المدني و هناك الجريمة الإدارية التي يعاقب عليها القانون الإداري و اللّوائح الإدارية .
*- و الجريمة بمعنى عام هي كل فعل خطأ أو آثـم أو مخالف للآداب العامة أو العدالة وهي تشمل كلّ الأفعال التي يترتب عليها الإخلال بنظام المجتمع أو الإضرار بحقوق الأفراد أو المساس بالقيم التي اصطلح عليها النّاس من علاقاتهم المختلفة .



ثانيا : أركان الجريمـة :
01-الركن الشرعي : هو الصفة غير المشروعة للفعل التي نـصّ عليها قانون العقوبات .
يشترط ألاّ يكون هناك سبب من أسباب الإباحة وهذا ما يعرف بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات وهو مبدأ يضمن حقوق المواطنين وحريتهم حيث لا يسأل إلاّ مرتكب الجريمة و بين الأفعال المشروعة و الأفعال غير المشروعة .
و سبب الإباحة يعدم الركن الشرعي للجريمة ويصبح الفعل مشروعا و ينهي المسؤولية الجنائية أي لا يعاقب الفاعل ويشمل ذلك المساهم و الشريك
02- الركن المادي : وهو الفعل و النتيجة و العلاقة السببية بينهما :
فالفعل يشمل السلوك الإيجابي شرط أن يصدر هذا السلوك عن إرادة حرة غير مكرهة و الامتناع عن إتيان السلوك الإيجابي بشرط أن يكون المشرع قد أمر القيام به . ثم النتيجة وهي الأثر الذي ينتج عن الفعل .
أمّا العلاقة السببية وهي الصلة التي تربط الفعل و النتيجة أي أنّ ارتكاب الفعل هو الذي أدّى إلى حدوث النتيجة و العلاقة السببية هي شرط لقيام المسؤولية فلا يسأل شخص إلاّ إذا كانت النتيجة حدثت بسبب فعله 1
03- الركن المعنوي : وهو إتجاه إرادة الجاني إلى القيام بالفعل الإجرامي الذي يعاقب عليه ويتخذ صورتين :
 صورة القصد الجنائي في الجرائم العمدية .
 صورة الخطأ غير العمدي في الجرائم غير العمدية .
*- وهذا الركن هو ركن المسؤولية الجنائية أي أهلية الجاني في أن يكون مسؤولا جنائيا ، و أساس المسؤولية الجنائية هو مقدرة الإنسان على التمييز بين الفعل المخالف للقانون و الفعل الذي لا يخالف القانون .
- فشروط الإرادة هي التمييز وحرية الإختيار بمعنى عدم وجود أسباب إكراه2



ثالثا : ظروف الجريمـة :
كل فعل يعتبر الجريمة في نظر القانون الجنائي يمكن أن يكون مصطحبا بظروف من شأنها تجديد الفعل في ذاته أو إجرام مرتكبه وهذه الظروف تأثر على العقوبة و يجب على القاضي المكلف بتطبيقه مراعاتها برفع مقدار العقوبة القانونية في الحدود ، وعليه ألا يتجاوز تلك الحدود التي وضعها القانون و التي من شأنها تشديد الجريمة و رفع عقوبتها التي تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة مجردة من الظروف المشددة وقد تصبح العقوبة جناية بعدما كانت جنحة .
ومن ظروف الجريمة كذلك الظروف المخففة و التي هي أسباب متروكة لتقدير القاضي تخوله حق تخفيض العقوبة في الحدود التي عينها القانون ، وهي تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته و الشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة و كذلك ما أحاط ذلك العمل و مرتكبه و المجني عليه من ملابسات و ظروف .
لكن هذه الظروف المخففة و إن كانت تغير من نوع العقوبة إلا أنها لا تغير من طبيعة الجريمة و لا وصفها القانوني حتى في حالة الجنايات المجنحة التي تحال على القاضي لأن القانون قسم الجرائم إلى جنايات وجنح و مخالفات بحسب العقوبة التي نص عليها القانون و الحكم بعقوبة الجنحة في حال اقتران الفعل بظروف مخففة ناتج عن تقدير القاضي لا عن نص القانون .
فالقانون يعين العقوبة الخاصة بكل من الجرائم و في نفس الوقت يعطي القاضي الوسائل اللازمة لتنويع العقوبة و جعلها مناسبة لحالة المتهم فإذا ما ثبت للقاضي أن المتهم ارتكب جريمة ما وجب عليه أن يقضي بالعقوبة التي قررها القانون لهذه الجريمة و ليست له أن يقضي بعقوبة ينص عليها القانون أو نص عليها لغير تلك الجريمة و لكن للقاضي سلطة تقدير العقوبة في الحدود التي رسمها القانون و جعلها مناسبة للحالة الفردية المطروحة أمامه .
فيجب فيما تعلق بوصف الجريمة مراعاة النية و القصد ، فسبق الإصرار السابق وهو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يعتبر ظرفا مشددا قضائيا يترتب عليه توقيع الحد الأقصى للعقوبة المحددة قانونا ، فلا وجود لسبق الإصرار إذا كان الجاني لا يزال تحت عامل الغضب الذي يمنعه من التفكير وهو هادئ البال و للقاضي أن يستنتج توافره مهما يحصل لديه من ظروف الدعوى وقرائنها ، و الترصد كذلك كسبق الإصرار من الظروف المشددة القانونية و البحث في وجوده أو عدم وجوده داخل تحت سلطة قاضي الموضوع .
كما يعتبر مكان و زمان وقوع الجريمة من أهم الظروف المشددة ، فالقانون كفل حماية خاصة لحرمة المسكن ودعت لاعتبار ظروف ارتكاب الجريمة في محل مسكون أو معد للسكن من الظروف المشددة في كثير من الجرائم و لاسيما جرائم السرقة و الحريق وانتهاك ملك الغير و التسول .
أما بالنسبة للزمن فوقوع الجريمة ليلا يعتبر بمفرده ظرفا مشددا للعقوبة في جريمة السرقة وهو من شأنه أن يغير نوع الجريمة و تحويلها من جنحة إلى جناية في جرائم القتل .

























يقول المستشار أحمد عاشور :


" ليس التحقيق القضائي مجرد دراسة و إلمام بنصوص القانون ونظرياته الفقهية وليس كذلك مجرد أسئلة يلقيها المحقق و إجابات يدونها في محضره و لكنـّه فن ودراسة ، خبرة ودراية ، صراع بين الحقيقة والخيال والصدق و الضلال . فكم من قضايا حققت واندثر فيها دليل الثبوت وضاعت الحقيقة بين سطورها لأن المحقق فاته فيها اتخاذ إجراء ما أو لم يقم بما يقضيه التحقيق من إجراءات على الوجه الصحيح . وكم قضي ببراءة مجرم آثم أو بإدانة بريء نتيجة لتحقيق خاطئ "1



























إن دراسة الجريمة يعني التساؤل عن كيفية البحث والتحري عن الجريمة وذلك عن الإجراءات المتبعة إلا أنه يتعين قبل التطرق إلى هذه المسائل أن نعرف السلطات المختصة و المخول لها قانونا القيام بهذه الإجراءات لهذا سنتطرق في هذا الفصل إلى النيابة العامة ثم إلى الضبطية القضائية .
مع الإشارة إلى أننا سنتطرق لهذه الإجراءات وفقا لقانون الإجراءات الجزائية الجزائري وذلك في ثلاث مباحث كما يأتي :


المبحث الأول : النيــابــة العـامــــة
المبحث الثاني : الضبـــط القضــائـــي
المبحث الثالث : غرفة الإتهـام بالمجلس القضائـي












المبحث الأول : النيــابة العـامــة

تعرف النيابة العامة بأنها منظمة إجرائية قد يكون هذا التعريف جامعا وليس مانعا ، بمعنى النيابة العامة ليست وحدها التي تقوم بالإجراءات حتى نطلق عليها صفة الإجرائية ذلك لأن ضباط الشرطة القضائية وقضاة التحقيق و المحاكم على اختلاف أنواعها تقوم بإجراءات قضائية متعلقة بالدعوى العمومية و مرتبطة بها و لعل الصحيح أنها هيئة عامة تختص بممارسة حق الإتهام نيابة عن المجتمع ، لما كان المجتمع أصلا هو الذي يملك حق التجريم و العقاب ، ولما كان الإتهام هو السبيل إلى المسائلة الجنائية فإن النيابة العامة حين تباشر حق الإتهام تمثل المجتمع بسلطاته الثلاث في ممارسة سلطة الإتهام وتأسيسا على ذلك نرى أنه يمكن تعريفها بأنها " سلطة الإتهام ". وهذه التسمية أكثر تطبيقا على النيابة العامة في الدول التي إختصاصها على الإتهام دون التحقيق إذ أن عملها يرتكز في مباشرة سلطة المجتمع في الإدعاء الجنائي في كافة الدعاوى العمومية 1


ولكي نحلل النيابة العامة نتعرض أولا لدراسة اختصاصات النيابة العامة :






المطلب الأول : إختصاصات النيابة العامة :
للكلام عن اختصاصات النيابة العامة يجب أن يوضع في الإعتبار أن المشرع الجزائري قد اختار نظام الفصل بين سلطتي الإتهام و التحقيق فخص قضاة التحقيق بمباشرة التحقيق الإبتدائي وقصر الإتهام على قضاة النيابة العامة و لكن على سبيل الإستثناء و في نطاق ضيق ببعض إجراءات التحقيق الأمر الذي يستلزم أن نتعرض أولا لاختصاصات النيابة العامة كسلطة إتهام ثم نتعرض ثانيا لاختصاصاتها كسلطة تحقيق على سبيل الإستثناء .
الفرع الأول : إختصاصات النيابة العامة من حيث أنها سلطة إتهام

أولا : التّصرف في محاضر الإستدلالات بالحفظ :

يقوم ضباط الشرطة القضائية بإجراءات الضبط القضائي حسب اختصاصهم وعليه فهم يحرروا محاضر أعمالهم ويتعين عليهم عند إنجازها موافاة وكيل الجمهورية بأصول تلك المحاضر وينسخ مؤشرا عليها (1) بمطابقتها لأصولها و بجميع المستندات و الوثائق المتعلقة بها كما يوافونها بالأشياء المضبوطة ( المادة 18 إجراءات جزائية ) وذلك لكي يتصرف وكيل الجمهورية في المحاضر و المضبوطات بحسب ما يراه متطابقا مع القواعد القانونية أي أنه إذا وجد من ظروف الدعوى و ملابساتها أنها غير جائزة القبول أمام القضاء يتصرف فيها بالحفظ فلا يحيلها للجهات القضائية و بالتالي يكون له أن يتصرف إداريا في الأشياء المضبوطة . أمـّا إذا وجد من ظروف أنها صالحة بحالتها لرفع الدعوى العمومية فإنه يبادر إلى تحريكها ومباشرتها ، و تنص المادة 36 إجراءات جزائية جزائري من الفقرة الأولى :" يتلقى وكيل الجمهورية المحاضر و يقرر ما يتخذ بشأنها " كم تتضمن الفقرة الثالثة من المادة نفسها على جواز حفظ المحاضر بقرار يكون دائما قابلا للإلغاء و المشرع لم يعدد أسباب الحفظ لكن الفقه و القضاء مستقران على أن الحفظ ليس سلطة تقديرية مطلقة لرجال النيابة العامة ولكنه يبنى على أسباب قانونية و موضوعية .


I. الأسباب القانونية للحفظ :

1-الحفظ لعدم الجريمة : أي أن تحفظ النيابة العامة الدعوى لعدم توافر عنصر التجريم في موضوع هذه الدعوى
2- الحفظ لامتناع العقاب : يجوز للنيابة العامة حفظ الدعوى إذا كان هناك نص يجرم الفعل ونص آخر يعفي الفاعل من العقوبة حيث يكون تحريك الدعوى في هذه الحالة غير مجد ، وللنيابة العامة أن تصدر قرار بحفظ الدعوى لامتناع العقاب
3- الحفظ لامتناع المسؤولية : لا طائل من تحريك الدعوى و إحالتها للقضاء و لأن عنصر المسؤولية وهما الخطأ والأهلية غير متوفرين معا حق مع ثبوت إتيان الفعل المادي المجرم
4- الحفظ لعدم إمكان تحريك الدعوى العمومية : يحق لوكيل الجمهورية إصدار قرار بحفظ الدعوى لعم إمكانية تحريكها وذلك لاصطدامه بالقيود الواردة على صلاحيات النيابة العامة ( الشكوى ، الطلب ، الإذن ) 1
5- الحفظ لانقضاء الدعوى العمومية : حسب المادة 06 إجراءات جزائية تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفاة المتهم ، وبالتقادم ، و العفو الشامل ، و بإلغاء قانون العقوبات ، وبصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه .

Ii. الأسباب الموضوعية للحفظ :

1- الحفظ لعدم معرفة الفاعل : كأن يكون الفاعل مجهولا
2- الحفظ لعدم كفاية الأدلة : تختلف هذه الحالة عن سابقتها فالفاعل يكون معرفا ولكن الأدلة التي قامت ضده لا تنهض دليلا على إدانته .
3- الحفظ لعدم الصحة : و ذلك إذا كانت التهمة التي نسبت إلى المتهم غير صحيحة أصلا كما لو كانت الواقعة لم تحدث ولكن المبّلغ إختلقها للإساءة مركز المشكو في حقه مما يعتبر بلاغا كاذبا .
4- الحفظ لعدم الأهمية : للنيابة العامة أن تحفظ الدعوى إذا رأت تلك الدعوى بحالاتها ليست ذات أهمية ، حتى و إن كان الفاعل مجرم و التهمة ثابتة و المتهم مسؤول يمكن معاقبته .
وتصدر النيابة العامة قرار الحفظ لعدم الأهمية إذا كان الضرر الناشئ عن الجريمة بسيط أو تافها ، وكذا إذا تصالح الخصوم في الدعوى .
ومما هو جدير بالذكر أن قاضي الحكم لا يمكنه القضاء بالبراءة استنادا إلى توافر حالات عدم الأهمية فهما يملكان فقط إصدار الأمر بالأوجه للمتابعة للأسباب القانونية أو الموضوعية 1

iii. طبيعة قرار النيابة العامة بالحفظ ومدى حجيته :
يعتبر قرار الحفظ الذي تصدره النيابة العامة إجراء إداري بحت يدخل في تصرفات عضو النيابة العامة في أعماله الإدارية اليومية و ليست له صفة قضائية و بالتالي لا يجوز الطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن وهو قرار مؤقت يجوز الرجوع فيه و العدول عنه وتعديله و إلغاؤه 2 .
ثـانيـا : تحريك الدعوى :
عند عرض محاضر ضباط الشرطة القضائية على النيابة العامة يجوز لها أن تصدر قرارا بحفظها إما لأسباب قانونية أو موضوعية ، و لكن لم يتوفر سبب من أسباب الحفظ فإن تصرف النيابة العامة يكون بإحالة الدعوى للمحكمة المختصة ، و الإحالة على القضاء هي ما يعبر عنه بتحريك الدعوى أو رفع الدعوى العمومية
و القاعدة العامة هي أن النيابة العامة هي التي تملك حق رفع الدعوى العمومية بصفتها سلطة الإتهام التي تنوب عن المجتمع في استعمال حقه في المتابعة و المطالبة بتوقيع العقوبة المنصوص عليها في القانون لكن هذه القاعدة يدخل عليها إستثناءان همــا : 3
ـ حق المضرور في الإدعاء المباشر للمطالبة بتعويض أضرار الجريمة
ـ الإدعاء مدنيا بالتدخل في الدعوى العمومية
و في ما عدا هذين الإستثنائين فإن النيابة العامة وحدها هي التي تملك حق رفع الدعوى العمومية وهي بمباشرة هذا الحق لا يحد من سلطتها إلا تعليق المشرع تحريك الدعوى العمومية على شروط في بعض الجرائم وردت على سبيل الحصر و هي الشكوى و الطلب و الإذن ، وفيما عدا هذه القيود الثلاثة تنطلق به النيابة في تحريك الدعوى العمومية و يكون عن طريق تحديد تاريخ الجلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة و إرسال ملف الدعوى للمحكمة وتبليغ ذلك للمتهم و الخصوم و الشهود لتكليفهم بالحضور أمام المحكمة في الجلسة المحددة ويتم هذا التبليغ إما بتكليف بالحضور بالطريق الإداري بمعرفة أعوان الضبط القضائي أو بخطاب موصى عليه .

ثالثـا : مباشرة الدعوى العمومية :

لا يغيب عن النص أن النيابة تنفرد بهذا الحق حتى في الدعاوى التي يحركها رؤساء المحاكم القضائية في جرائم الجلسات أو المدعى المدني أو تلك الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكوى أو طلب و إذن ، ففي كل هذه الدعوى تكون حقوق محركيها قاصرة على تحريك الدعوى فقط ، أما مباشرة الدعوى العمومية و استعمالها فهي حق خالص للنيابة العامة وحدها لا يشاركها أو ينازعها فيه أحد ، وعند مباشرة الدعوى لا تملك النيابة الرجوع عن حقها في استعمال الدعوى ، وبتعبير آخر لا يملك ممثل النيابة التنازل عن الدعوى العمومية و لا يملك ترك الدعوى ذلك لأن النيابة العامة تنوبه في المجتمع في المطالبة بحق إنزال العقوبة و ليست نائبة في التنازل عن ذلك الحق فلا تتوقف الدعوى العمومية أمام القضاء إلا في حالات انقضاء الدعوى بسبب من الأسباب العامة أو تنازل صاحب الحق عن تقديم الشكوى عن شكواه بسحبها إذا كانت الشكوى شرطا للمتابعة أو إذا تم الصلح القانوني و كان القانون يجيزه بنص صريح كما في دعاوى الضرائب وما شابهها 1.
أ) – الطعن في القرارات و الأحكام :
للنيابة العامة كسلطة إتهام أن تطعن في القرارات القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام إذا كانت بالأوجه للمتابعة أو بالإفراج المِؤقت عن المتهم المحبوس احتياطيا تطبيقا لنصوص المواد 29 – 36 -170 -171 – 179 و 201 من قانون الإجراءات الجزائية 2 على أن ينظر استئناف قرارات قاضي التحقيق أمام غرفة الإتهام و أن ينظر الطعن ببطلان إجراءات غرفة الإتهام أمام المجلس الأعلى للقضاء .
أما الطعن في الأحكام القضائية فيقدن من النيابة العامة إما بطريق الإستئناف تلك الأحكام و إما بطريق الطعن فيها بالنقض وهذا ما سيأتي تفصيله في الفصل الثاني
ب)- تنفيذ القرارات و الأحكام القضائية :
يدخل في اختصاص النيابة العامة تطبيقا لنص المادة 36 فقرة أخيرة إجراءات جزائية على تنفيذ قرارات التحقيق وجهات الحكم و لذا نجد أن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق سواء كانت بالإحضار أو القبض أو بالإيداع في السجن ، و ينص القانون على أن يتولى وكيل الجمهورية تنفيذها وكذلك الحال فيما يصدر من قرارات عن غرفة الإتهام بشأن القبض على المتهم الطليق أو الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيا .

الفرع الثاني : إختصاصات النيابة العامة كسلطة تحقيق
إن الحكمة من الفصل بين سلطة الإتهام و التحقيق وهي كما قلنا أن يكون التحقيق في يد محايدة عن الهوى و الميل وذلك بأن تتولاه سلطة عادلة مستقلة . ولكن المشرع الجزائري قد خول للنيابة العامة وهي سلطة الإتهام بعض إجراءات التحقيق على سبيل الإستثناء ، و لذا يجب عدم التوسع في تفسير النصوص الخاصة بهذه السلطات ، كما لا يجوز القياس عليها وتلك الإختصاصات الإستثنائية يمكن أن نقول ابتداء أنها في نطاق ضيق و لعل المشرع قد قصد بها مصالحة الحالات التي تتطلب سرعة التصرف ، ومن استقراء النصوص الإجرائية قي القانون الجزائي يتبين أن تلك الإختصاصات تنحصر في حق النيابة في إصدار طلبات إفتتاحية لإجراء التحقيق 1 أي توجيه طلبات منها إلى قضاة التحقيق لكي يباشروا سلطتهم في ممارسة إجراءات التحقيق الإبتدائي و إصدارها طلبات لاتخاذ إجراءات معينة في التحقيق و في حق وكيل الجمهورية في تنحية قاضي التحقيق بناء على طلب الخصوم في الدعوى و في تخويل وكيل الجمهورية حق إصدار أمر بإحضار المتهم أو إصدار الأمر بإيداعه السجن2 و حبسه إحتياطيا و إحالته للمحكمة محبوسا و ستعرض كل الحقوق و الإختصاصات تبعا .



01- إصدار الطلبات لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق إفتتاحي :
الأصل أن التحقيق الإبتدائي قاصر على قضاة التحقيق ولكن وتطبيقا لنص المادة 67 قفرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيق إلا بموجب طلب إفتتاحي من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى و لو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها 1 وهذا الطلب الإفتتاحي يتضمن واقعة محددة و ليكن أن تحدد فيه أيضا أسماء الأشخاص الذين تجري ملاحظاتهم إن كانوا معروفين مسبقا ، كما
لا يجوز ألا تحدد فيه أسماء المشتبه فيهم و يكون معنى دلك أن يتنازل التحقيق بالمتابعة كل من تتكشف مساهمته في تلك الواقعة ، أما إذا تكشف لقاضي التحقيق أثناء التحقيق وقائع أخرى لم يشر إليها الطب الإفتتاحي سواء تم الكشف عنها عن طريق ما جاء على لسان الشهود أو المتهمين أو عن طريق تقديم شكوى مستقلة غليه في هذا الشأن يجب على قاضي التحقيق أن يبادر بعرض المحضر أو الشكوى على وكيل الجمهورية ليطلعه على تلك الوقائع الجديدة المثبتة و ذلك طبقا لنص المادة 67 فقرة 04 . و المادة 70 إجراءات جزائية ، ومما هو جدير بالذكر أن قاضي التحقيق متى طلب منه إجراء تحقيق إفتتاحي في واقعة معينة يكون قد اتصل بالدعوى العمومية قانونا وله أن يمارس سلطة في التحقيق كاملة في اتهام كل شخص ساهم بصفته فاعلا أو شريكا في الوقائع المحال تحقيقها إليه حسب المادة 67 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية ، ومع أن الفقرة الأولى من المادة 67 قد نصت على أن الطلب الإفتتاحي للتحقيق يصدر من وكيل الجمهورية ( مساعد النائب العام ) إلا أن هذا لا يعني أن توجيه الطلبات لقضاة التحقيق قاصر على وكيل الجمهورية وحده بمعنى أنه من باب أولى أن يصدر هذا الطلب من النائب العام لدى المجلس القضائي أو النائب العام المساعد أو أحد المساعدين الأولى ، لأن النيابة العامة وحدة لا تتجزأ كما سبق أن أوضحناه على ملاحظة أن تحديد النص لمساعد النائب العام إنما يقصد به ألا يكون عضو النيابة العامة أقل من تلك الدرجة فلا يجوز هذا الطلب لقاضي التحقيق إلا إذا كان المساعد قائما بعمل مساعد النائب العام ( وكيل الجمهورية )
02- إصدار طلبات إتخاذ إجراءات معينة في التحقيق :
يجوز لمساعد النائب العام ( وكيل الجمهورية ) سواء في طلبه الإفتتاحي أو في طلب إضافي لاحق و في أية مرحلة من مراحل التحقيق أن يطلب من القاضي المحقق أن يتخذ أي إجراء من إجراءات التحقيق يراه لازما لإظهار الحقيقة أو في سبيل دلك يجوز لوكيل الجمهورية أن يطالع على أوراق التحقيق في أي وقت يشاء على أن يعيدها في خلال 24 ساعة ، فإذا رأى قاضي التحقيق إنه لا موجب لاتخاذ الإجراءات التي طلبها من وكيل الجمهورية أن يلتفت عنها ولا يقوم بها ولكن يتعين عليه عندئذ أن يصدر قرارا مسببا خلال 05 أيام التالية لطلب وكيل الجمهورية و ذلك لم تنص عليه المادة 69 من قانون الإجراءات الجزائية .
03- تنحية قاضي التحقيق :
يجوز لوكيل الجمهورية تنحية قاضي التحقيق عن الدعوى بعد اتصاله بها و إسناد التحقيق إلى قاضي آخر من قضاة التحقيق لضمان حسن سير العدالة ، و يكون ذلك بناء على طلب المتهم أو المدعى المدني و هذا الحق جوازي لوكيل الجمهورية ، و تفسير ذلك أنه إذا قدم طلب لوكيل الجمهورية من المتهم أو المدعي المدني فيه حياد قاضي التحقيق فلوكيل الجمهورية فحص هذا الطلب و فحص مبرراته و سواء اقتنع بصحة ما ورد فيه أو لم يقتنع فإن عليه أن يبت هذا الطلب خلال 08 أيام .
ويتعين على وكيل الجمهورية أن يصدر قرار بشأن هذا الطلب في خلال تلك المدة ليحدد موقف قاضي التحقيق إن شاء نحاه و إن شاء أبقاه ، فهي سلطة تقديرية لوكيل الجمهورية وقراره يكون نهائيا في هذا الشأن أي غير قابل لأي طعن و ذلك تطبيقا عما نصت عليه المادة 71 إجراءات جزائية 1
04- إصدار الأمر بالإحضار :
إصدار الأمر بالإحضار أو القبض أو الإيداع بالسجن كلها من إختصاص قاضي التحقيق وذلك حسب نص المادة 109 قانون إجراءات جزائية ، إلا أن في الفقرة الرابعة من المادة 109 قانون إجراءات جزائية توجب أن يؤشر وكيل الجمهورية على هذه الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق و أن يرسلها إلى السلطات المختصة بتنفيذها عن طريق النيابة العامة و ما ذلك بنص المادة 36 فقرة 06 إجراءات جزائية .
إلا أن المادة 110 إجراءات جزائية بعد أن عرفت الأمر بإحضار نصت في الفقرة الثالثة على أنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بإحضار ، وكذلك المادة 58 من قانون الإجراءات الجزائية فقرة أولى تنص على أنه يجوز لوكيل الجمهورية في حالة الجناية المتلبس بها أن يصدر أمر بإحضار كل شخص مشتبه في مساهمته في الجريمة2 .
واشترطت الفقرة 01 من المادة 58 من نفس القانون ألا يكون قاضي التحقيق قد أبلغ هذه بهذه الجناية كما أن المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية تخول للنيابة العامة إصدار الأمر بالقبض في الجنح المتلبس بها التي لا يكون قاضي التحقيق قد أخطر بها مع استثناء جنح الأحداث و العائدين للإجرام وجنح الصحافة و السياسة فلا يجوز للنيابة إصدار أوامر بالقبض ضد المتهمين فيها بل يكون ذلك من إختصاص قاضي التحقيق فالأمر بإحضار هذا الأمر الذي يصدر قاضي التحقيق أصلا أو من وكيل الجمهورية على سبيل الاستثناء موجه الى القوة العمومية لاعتقال المتهم ومثوله أمام المحقق على الفور م 110ف1اجراءات جزائية
5- إصدار الأمر بالقبض :
الأمر بالقبض هو ذلك يصدر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها حيث يجري تسليمه وحبسه (م 119 إجراءات جزائية ).
6- استجواب المتهم:
هو اخطر إجراءات التحقيق الابتدائي وأهمها وهو أصلا يدخل في سلطة قاضي التحقيق ، لكن المشرع قد حول وكيل الجمهورية حق استجواب المتهم في حالتين :
1- في الجناية المتلبس بها ( م 50 ف3 إجراءات جزائية )
2- في الجنحة المتلبس بها ( م 59 ف1 إجراءات جزائية )
وستعرص للاستجواب في الفصل الثاني .
7- حبس المتهم احتياطيا :
نصت المادة 59 إ.ج.ج ف2 على حق وكيل الجمهورية في إصدار أمر بحبس المتهم في جنحة متلبس بها بعد ان يقوم باستجوابه .
كما ان وكيل الجمهورية اصدرا أمر بالقبض على المتهم وأمر بإيداعه في السجن وحبسه احتياطيا وتقديمه للجلسة محبوسا إلا ان النص المشار اليه قد اشترط ان تكون الجنحة معاقب عليها بالحبس وإلا يكون المتهم قدم ضمانات كافية للحضور فإذا توفرت هذه الشروط كان لوكيل الجمهورية الحق في ممارسة تلك الإجراءات التي تعتبر في واقع الأمر من إجراءات التحقيق الأساسية الهامة .
ومن الشروط التي وضعها المشرع تبنت انها صعوبات استثنائية في الإحضار والقبض والاستجواب والحبس وقاصرة على الحالات المتلبس بها والتي لم يحظر عنها قاضي التحقيق بعد وهي من الحالات التي تتطلب سرعة اتخاذ مثل هذه الإجراءات .
المطلب الثاني : دور النيابة العامة قبل وبعد تقديم الشكوى :
متى قدمت الشكوى إلى النيابة العامة فإنها تتحلل من القيم الذي يرد على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية .أما قبل تقديم الشكوى فان النيابة العامة ممنوعة من مباشرة بعض الإجراءات ويحسن بنا أن نبين موقف النيابة العامة قبل تقديم الشكوى وبعدها كل في فرع مستقل .
الفرع الأول : دور النيابة العامة قبل تقديم الشكوى .
 تمهيد وتقسيم :
تنص المادة 219 ا.ج.ج على أنه " وفي جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم الشكوى أو إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى .. على انه في الجريمة المنصوص عليها في المادة185 من قانون العقوبات وفي الجرائم عليها في المواد ( 302 ، 307 ، 308 ) من القانون المذكور إذا كان المجني عليه فيها موظفا عاما أو شخصا ذا صفة نيابية عامة أو مكلفا بخدمة عاملة و كان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها دون حاجة لتقديم شكوى أو ... "
وباستقراء هذا النص يتبين لنا أن ثمة أصلا عاما عليه إستثناءات في خصوص الإجراءات التي يجوز للنيابة العامة القيام بها قبل تقديم الشكوى ، ونبين فيما يلي الأصل العام وجزاء مخالفته و الإستثناءات الواردة عليه
أولا : الأصل العام وجزاء مخالفته :

أ ) – الأصل العام :
الأصل العام أنه لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية إلى القضاء قبل تقديم الشكوى ، كما لا يجوز لها أن تباشر أي إجراء من إجراءات التحقيق الإبتدائي ، وساء في ذلك الماسة بشخص المتهم و غير الماسة بشخصه ، فلا يجوز سماع الشهود أو استجواب المتهم أو القبض عليه .. إلى غير ذلك من إجراءات التحقيق
و علة ذلك أن من شأن مباشرة إجراءات التحقيق أن تؤدي إلى إثارة أمر الجريمة التي أراد المجني عليه سترها وجعلها المشرع في طي الكتمان .
أما إجراءات الإستدلال فيجوز للنيابة العامة و لغيرها من مأموري الضبط القضائي مباشرتها وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقه المصري و عليه استقرت أحكام القضاء لأن إجراءات الإستدلال ليست من إجراءات الدعوى الجنائية بل هي أعمال سابقة على تحريك الدعوى و قيد الشكوى وارد على تحريك الدعوى دون الأعمال التي تسبقها وتسلسل لها .
ب) – جزاء مخالفته :
إذا رفعت الدعوى الجنائية دون تقديم شكوى وجب على المحكمة أن تقضي بعدم قبولها ، وعليها أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به لأول مرة أما النقض ، و إذا باشرت النيابة العامة إجراء من إجراءات التحقيق قبل تقديم الشكوى كان هذا الإجراء باطلا و البطلان هنا متعلق بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ، وبطلان هذا الإجراء يصمه وحده و إنما يصم كل إجراءات تترتب عليه واتخذت منه أساسا لها ، فما بني على باطل فهو باطل ولا يصحح هذا البطلان تقديم شكوى لاحقة من المجني عليه ، كما لا يصحح الإجراءات التي اتخذت الإدعاء المدني من جانب المجني عليه في التحقيق الذي تجريه النيابة العامة .
وعلى النيابة العامة أن تعيد الإجراءات من جديد بعد تقديم الشكوى .

ثانيا : الإستثناءات الواردة على الأصل العام :

أ)- جرائم القذف أو السب في حق موظف عام أو ذي صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة :
هذا الإستثناء ورد في نص المادة 09 من قانون الإجراءات الجزائية وفاده أنه إذا كانت الجريمة من جرائم القذف أو السب أو في حق موظف عام أو شخص عام أو شخص ذي صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة فإنه يجوز إتخاذ كافة إجراءات التحقيق فيها دون حاجة إلى تقديم الشكوى ، فهذه الإجراءات عادة ما تقع في غير حضور المجني عليهم ، وفي ظروف تجعل من المصلحة العامة ومن مصلحة التحقيق نفسه سرعة إجراء التحقيق وتكون قيمة الشكوى مقصورة فحسب على تمكين النيابة العامة من رفع الدعوى الجنائية

ب)- حكم الجرائم المتلبس بها إذا كانت معلقة على شكوى :

الأصل العام بالنسبة للجرائم التي يستلزم القانون فيها شكوى من المجني عليه ، هو عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق فيها ، كما أن حالات التلبس – كما هو معلوم – تخول مأموري الضبط القضائي سلطات إستثنائية واسعة يباشرون بمقتضاها إجراءات التحقيق ، وذلك حرصا على عدم ضياع أدلة الجريمة ، فضلا عن قوة دليل ثبوتها ، فهي بادية لم تندمل بعد .
فهل يسري حكم المادة 09 على الجرائم المتلبس بها ؟.. .

*- للإجابة عن هذا السؤال نقول أن المادة 09 / 02 قاطعة على عدم جواز إتخاذ إجراءات التحقيق إلا بعد تقديم الشكوى ، و سواء أكانت الجريمة متلبسا بها أم لا ، و سواء أكان الإجراء المتخذ ماسا بشخص المتهم أم لا . وما أوردته المادة 39 قانون إجراءات جزائية ما هو إلا تطبيق لهذا الحكم حيث تقرر أنه :
" إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على الشكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة " .
ونضيف على ذلك أن النص القانوني الذي يتعلق مباشرة الدعوى الجنائية على شكوى المجني عليه هو في الغالب نص أصلح للمتهم ، فيكون اتخاذ إجراءات ضده حتى و لو كانت غير ماسة بشخصه في غير صالحه ، فتصبح هذه الإجراءات مخالفة للنص المذكور أعلاه .
بيد أن إتجاها قويا في الفقه يخالف هذا الرأي على أساس أن نص المادة 39 من قانون الإجراءات الجزائية و إن كان قد حظر القبض فقط إلا أنه يقاس على القبض جميع الإجراءات الماسة بشخص المتهم و تتفق مع القبض في العلة ، وهي الحد من حرية المتهم الشخصية .
أما إجراءات التحقيق الأخرى غير الماسة بشخص المتهم فلا يشملها الحظر بمفهوم المخالفة لنص المادة 39 السالفة الذكر . ولقد استشعر هذا الجانب من الفقه خطورة ما يقرره من استثناء فقصره عن جريمة الزنا فاستدركها من الإستثناء وعاد بها لحظيرة الأصل العام ، والذي مفاده أنه لا يجوز قبل تقديم الشكوى اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق حتى ولو لم تكن ماسة بشخص المتهم ، لما لهذه الجريمة من طبيعة خاصة تقتضي التستر عليها وعد إثارة الفضيحة وينادي البعض منهم بضرورة تدخل المشرع بالنص صراحة على هذا الحكم ولا يخفى على ذي بصر أن هذا الإستدراك الفقهي لا خير دليل على صحة ما نقول به من رأي ، كما أننا لا نراه محلا لضرورة تدخل المشرع بالنص صراحة على هذا الحكم لأن جريمة الزنا المتلبس بها تدخل في إطار الأصل العام الوارد في المادة 09/02 من قانون الإجراءات الجزائية .
وبهذا نكون قد إنتهينا من دراسة دور النيابة العامة قبل تقديم الشكوى لننتقل الآن لدراسة دور النيابة العامة في تقديم الشكوى
الفرع الثاني : دور النيابة العامة في تقديم الشكوى :

عنى عن البيان أن الشكوى تمثل حجر عثرة في طريق حرية النيابة العامة في ملائمة تحريك الدعوى الجنائية ، فإذا قدمت الشكوى أزيحت هذه العقبة و عادة للنيابة العامة سلطتها في ملائمة تحريك الدعوى الجنائية و مفاد ذلك أن النيابة العامة ليست ملزمة بتحقيق الدعوى أو رفعها للقضاء ، فقد ترفع الدعوى للقضاء ، وقد تحقق الدعوى و تدخلها حوزة القضاء بإصدار أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى بل وقد تعزف عن تحقيق الدعوى وتصدر أمرا بالحفظ ، وليس أمام المجني عليه إلا تحريك الدعوى الجنائية بالإدعاء المباشر إذا توافرت لديه شروطه ، فالشكوى ذات طبيعة مانعة من مباشرة الدعوى إذا لم تقدم ، لكنها ليست موجبة لمباشرتها حين تقدم ، لأنها شرط ، و الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجوده
*- إن النيابة العامة لا تلتزم بالوصف القانوني الذي يذكره المجني عليه في شكواه ، و إنما هي التي تحرك وفقا للرأي الذي تراه سليما ، على أن أثر الشكوى ينحصر في الواقعة المبينة بها ، فإذا كشف التحقيق عن وقائع أخرى يلزم لرفع الدعوى عنها شكوى وجب على النيابة العامة أن تجتنب التحقيق فيها و أن تقتصر على الواقعة محل الشكوى ، ما لم تتحدد الوقائع المتشابهة لتكون جريمة واحدة ، فتعتبر الشكوى مقدمة بشأن مجموع الوقائع التي تقوم بها الجريمة .
و من هو الجدير بالذكر أنه يكفي تقدم المجني عليه بالشكوى لكي تحرك النيابة العامة الإدعاء ضد المتهم و لا يشترط أن يكون قد تلاها تحقيق مفتوح ، أو حتى جمع إستدلالات من مأموري الضبط القضائي . و إذا توفي المجني عليه بعد تقديمه الشكوى ، فإن الشكوى تنتج أثرها فتسترد النيابة العامة حريتها في تحريك الدعوى الجنائية ولا يكون لوفاة الشاكي أي أثر و لو وقعت الوفاة قبل رفع الدعوى ، وهذا ما نصت عليه المادة 7 / 2 إجراءات جزائية بقولها " إذا حدثت الوفاة بعد تقديم الشكوى ، فلا تؤثر على سير الدعوى " .
ولا يفوتنا في النهاية أن ننوه إلى أن الحكم الصادر في إحدى الدعاوى الجنائية المقيدة بشكوى يجب أن نشير إلى أن إجراءات الإقتضاء قد بوشرت بعد التقدم بالشكوى ممن يملك تقديمها قانونا وإلا كان الحكم معيبا .

المطلب الثالث : قاضي التحقيق

يتميز قاضي التحقيق بالعديد من الخصائص مستوحاة كلها من مبدأ الشرعية الإجرائية تهدف كلها إلى إقامة التوازن بين مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع وتبدو هذه الخصائص نتيجة لما أخص به المشرع قاضي التحقيق وعمليات التحقيق من ضمانات :
الفرع الأول : الجرائم التي يلزم فيها التحقيق القضائي و أهمية التحقيق
إن للتحقيق القضائي الإبتدائي أهمية من حيث أنه ضمانة أساسية لحقوق المتهم ، كما أن هناك جرائم معينة يعتبر التحقيق القضائي فيها وجوبيا وهناك جرائم أخرى يعتبر التحقيق فيها جوزيا و كل هذا بالنظر إلى طبيعة الجريمة .
1. الجرائم التي يلزم التحقيق القضائي فيها :
تنص المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية على أن التحقيق الإبتدائي وجوبي في مواد الجنايات ، أما في مواد الجنح فيكون اختياريا ما لم تكن ثمة نصوص خاصة كما يجوز إجراؤه في مواد المخالفات إذا طلب وكيل الجمهورية .
و الواقع أن اعتبار التحقيق الإبتدائي في مواد الجنح و المخالفات اختياريا لا يحقق توازن بين مصلحة المتهم ومصلحة جهة الإتهام لأن التحقيق في هذه الحالة يتم بواسطة جهة النيابة العامة أو ضباط الشرطة القضائية تراعي مصلحة المجتمع ولا تعني بدفاع المتهم ولا يقلل من هذا النقض وجود التحقيق القضائي النهائي أمام الحكم لأنه و إن كانت جهة الحكم لا تعتمد على محاضر جمع الإستدلالات إلا على سبيل الإستدلال إلا أن لهذه المحاضر أهمية في إثبات التهمة و إسنادها للمتهم
2. أهمية التحقيق القضائي الإبتدائي :
تبدو أهمية التحقيق الإبتدائي في أنه يتضمن كافة الإجراءات التي تتخذ في الدعوى العمومية من إثبات أقوال المبلغ و المجني عليه وشهود الإثبات و المعينة و استجواب المتهم بواسطة سلطة محايدة ومستقلة عن سلطة الإتهام الأمر الذي يكفل للمتهم حقوق الدفاع في مواجهة جهة الإتهام .

الفرع الثاني : اختصاصات قاضي التحقيق :
حدد قانون الإجراءات الجزائية اختصاصات قاضي التحقيق و كيفية اتصاله بالدعوى ، لقد حدد المشرع كلا من الإختصاصات المحلية و النوعية و امتداد الإختصاص بالنسبة لقاضي التحقيق
1. الإختصاص المحلي : يتحدد الإختصاص المحلي لقاضي التحقيق حسب نص المادة 40 إ.ج.ج كما يلي :
 مكان وقوع الجريمة
 محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في ارتكاب الجريمة
 محل القبض على أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم حتى ولو كان هذا القبض قد حصل بسبب آخر
2. إمتداد الإختصاص : يمكن أن يمتد إختصاص قاضي التحقيق في حالة الضرورة بقرار من وزير العدل إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى ويتم بتكليف من وكيل الجمهورية المختص محليا .
( المادة 40/2- 3 إجراءات جزائية )
3. الإختصاص النوعي : إن إختصاص قاضي التحقيق في حالة الضرورة بنظر القضية مرهون بإجرائين هما :
أ)- تكليف بالتحقيق من وكيل الجمهورية
ب)- شكوى مصحوبة بادعاء مدني
إن هذين الإجرائين المحددين لكيفية إختصاص قاضي التحقيق بالدعوى التي تعني اختصاص نوعي حيث لا يحق لقاضي التحقيق فتح التحقيق من قضية إلا في حالتين أشارت إليهما المادة 38 /02 من قانون الإجراءات الجزائية وهما :
01 – الطلب الإفتتاحي من وكيل الجمهورية :
لا تخفي خطورة النفوذ التي يتمتع به النيابة العامة باعتبارها خصما في الدعوى العمومية بحيث خول لها المشرع سلطة اختيار قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق ، وتظهر هذه السلطة بجلاء عند تواجد عدة اعتبارات قد تتعلق بمصالح العدالة منها التخصص في بعض المسائل و طول التجربة و الكفاءة حيث يوجد في هذا المجال تفاوت بين القضاة المحققين ( المادة 67- و 76 إ ج ج )
وتبدو كذلك سلطة النيابة العامة في حالة التلبس بالجريمة حيث أذا وجد قاضي التحقيق وكيل الجمهورية في مكان الحادث في وقت واحد فلا يحق لقاضي التحقيق و إنما ينتظر و ذلك حسبما يفهم من أحكام المادة60 إ ج ج .
و العلة التي يتوخاها المشرع من تقدير هذا النفوذ لوكيل الجمهورية هي تفادي انفراد قاضي التحقيق بالتحقيق في القضية بعيدا عن النيابة العامة صاحب الدعوى العمومية .

مضمون الطلب الإفتتاحي :

أ)- الوثائق التي يعتمد عليها و المتمثلة في محاضر جمع الإستدلالات ( التحقيق الأولي ) الذي قامت به جهات الضبط القضائي
ب)- تعين القاضي المحقق باسمـه
ج)- تحديد هوية المتهم إذا كانت معروفة ، غير أنه يجوز أن يوجه الطلب من شخص غير مسمى
د)- الوقائع المنسوبة للمتهم و المواد القانونية الطبقة عليها .
هـ)- طلبات وكيل الجمهورية مثل (إيداع المتهم الحبس وكل إجراء يراه لازما للتحقيق ) أو إذا لم يلبي قاضي التحقيق طلبات وكيل الجمهورية بخصوص إيداع المتهم الحبس يحق لوكيل الجمهورية رفع إسئناف إلى غرفة الإتهام في أجل لا يتعدى 10 أيام
و)- يجب أن يمضي وكيل الجمهورية الطلب ويضبط تاريخه ويسجل في سجل النيابة ويبلغ القاضي المحقق .

آثار الطلب الإفتتاحي :

بمجرد حصول قاضي التحقيق على الطلب الإفتتاحي لإجراء التحقيق في واقعة ما يكون قد اتصل قانونا بالدعوى العمومية

ويترتب على ذلك النتائج التالية :
النتيجة الأولى : عينية الدعوى ( التقيد بالوقائع )
إن اتصال قاضي التحقيق بالقضية يحل اختصاصه عينيا و ليس شخصيا أو ذاتيا ، ومعنى ذلك أن قاضي التحقيق يتقيد بالوقائع التي حددتها جهة الإتهام التي كلته بالتحقيق دون غيرها من الوقائع وهذا تطبيقا لمبدأ عينية الدعوى في تحقيق أفعال معينة ارتكبها المتم ، فإذا وصلت إلى علم قاضي التحقيق وقائع لم يتضمنها الطلب الإفتتاحي فإنه جيب عليه إحالة الشكاوى و المحاضر المثبتة لتلك الوقائع فورا إلى وكيل الجمهورية ( المادة 67 /ف 04 إ ج ج ) حيث يمكن لوكيل الجمهورية في هذه الحالة تكليف قاضي التحقيق بالتحقيق في هذه الوقائع بطلب إضافي .
النتيجة الثانية : تنحية قاضي التحقيق :
يجوز لوكيل الجمهورية بعد اتصال قاضي التحقيق تنحيته لحسن سير العدالة بناء على طلب المتهم أو المدعي المدني و إسناد التحقيق إلى قاضي آخر ( المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
و لوكيل الجمهورية السلطة المطلقة في تنحية أو عدم تنحية ويبت في هذا الأمر خلال 8 أيام ويكون قراره غير قابل للطعن ( المادة 71/ف1 إ ج ج ) حيث إذا تراءى له وجود نقص في الإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق فعليه انتظار ما سيسفر عنه التحقيق و الطعن فيه أمام غرفة الإتهام .
النتيجة الثالثة : عدم تقييد قاضي التحقيق بالأشخاص :
يؤكد المبدأ الفقهي على عدم تقييد قاضي التحقيق في تحقيقه بالأشخاص المحددين في الطلب الإفتتاحي ، و إنما يحق له تناول القضية بالبحث لتحديد مرتكبها سواء كان محددا في الطلب أو لم يكن . ويستفاد هذا من نص المادة67/ف4 إ ج ج التي ألزمت قاضي التحقيق بالتقيد بالوقائع المحالة إليه فقط الأمر الذي يفهم منه أن قاضي التحقيق يمكن أن يوجه التهمة إلى أي شخص ساهم في الجريمة تم اكتشافه أثناء التحقيق ولم يتضمن الطلب الإفتتاحي في الإشارة إليه هذا فإن المادة 67 /ف 3 إ ج ج أعطت لقاضي التحقيق صلاحية توجيه الإتهام إلى كل شخص ساهم في الجريمة باعتباره فاعلا أصليا أو شريكا .
02- الشكوى من المضرور :
يتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية إذا ما حصل على شكوى من الشخص المضرور من الجريمة (المادة 72 إ ج ج ) وعليه إذا تقدم المضرور بشكواه أمام قاضي التحقيق فلا يجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق عدم إجراء التحقيق . مما لم تكن الوقائع لأسباب تمس الوقائع حتى يفرض ثبوتها لا تقبل أي وصف إجرائي حسب المادة 73 / 02 إ ج ج ومهما يكن فإذا لم يوافق قاضي التحقيق على طلبات وكيل الجمهورية فإنه يجب عليه إصدار أمر مسبب قابل للطعن من طرف وكيل الجمهورية أمام غرفة الإتهام ، وكذلك يجوز للطرف المضرور الطعن في أمر قاضي التحقيق أمام غرف الإتهام .









المبحث الثانـي : الضبط القضائي :
الأعمال الجنائية تمر بثلاث مراحل و أدوار مختلفة تمي كلها على غرض واحد وهو إعداد الحكم في القضية :
الأول : دور جمع الإستدلالات بواسطة الضبطية القضائية التي تنحصر مهمتها في البحث عن الجرائم ومرتكبيها و جمع عناصر التحقيق .
الثاني : دور التحقيق الإبتدائي الذي تباشره النيابة العامة أو قاضي التحقيق و الغرض منه مراقبة أعمال الضبطية القضائية و إتمامه وجمع القرائن و الأدلة وتقرير ما إذا كان هناك محل للمحاكمة .
الثالث : دور التحقيق النهائي في الجلسة و يجب أن يتوافر فيه ما يكفل حرية الإتهام و الدفاع عن شفهية و علنية و مواجهة في المرافعات .
و إجراء الضبط القضائي هي أولى المراحل التي تتضمن تلقي إخطارات وقوع الجرائم و التحري عــن صحة وقوعها و البحث عن الفاعلين و الانتقال على مكان الواقعة الجنائية بحثا عن أدلة مادية أو شهود لديهم معلومات توصل إلى معرفة الحقيقة وتعتبر إجراءات الضبط القضائي أساسا لإجراءات التحقيق الإبتدائي الذي تقوم به سلطات التحقيق و رجال الضبط القضائي الذين يقومون بالمرحلة الأولى ليسوا من أعضاء الهيئة القضائية بل هم أصلا موظفون عموميون إداريون ولكن القانون يسبغ عليهم صفة الضبط القضائي لكي يعاونوا رجال النيابة العامة و القضاء في الإجراءات الأولية لدعوى العمومية ، فهم يقومون بأعمال إدارية وقائية لمنع وقوع الجرائم .
وقد نصت المادة 14 ق إ ج ج على ما يشمل الضبط القضائي وهم :
1- ضباط الشرطة القضائية .
2- أعوان الضبط القضائي .
3- الموظفون ز الأعوان المنوط لهم قانونا مهام الضبط القضائي .

المطلب الأول : ضباط الشرطة القضائية :
حددت المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية ضباط الشرطة القضائية وهم :
" رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، ضباط الدرك الوطني ، محافظو الشرطة ، ضباط الشرطة ".
كما حددت المادة 16 من نفس القانون الإختصاص المكاني لضباط الشرطة القضائية بنصها :
" يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصهم في الحدود التي يباشرون ضمنها وظائفهم المعتادة ، و في حالة الإستعجال يجوز لهم ان يباشروا مهمتهم في كافة دائرة إختصاص المجلس القضائي الملحقين به .
وفي حالة الإستعجال يجوز لهم أن يباشروا مهمتهم على كافة تراب الجمهورية الجزائرية الشعبية إذا طلب منهم أداء ذلك من طرف أحد رجال القضاء المختصين قانونا .
و في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين يتعين عليهم أن يخبروا مسبقا وكيل الجمهورية الذي يعملون في دائرة اختصاصه ، في كل مجموعة سكينة عمرانية مقسمة إلى دوائر للشرطة ، فإن اختصاص محافظي و ضباط الشرطة الذين يمارسون وظائفهم في إحداها يشمل كافة المجموعة السكينة .
فما يتعلق بالبحث و معينة الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية يمتد اختصاص الشرطة إلى كافة التراب الوطني .
ويعملون تحت رقابة النائب العام لدى المجلس القضائي المختص إقليميا وبعلم وكيل الجمهورية في كافة الحالات .
الحكمة من تعدد حالات الإختصاص لضباط الشرطة القضائية بالنسبة لوقوع الجريمة فاعلها حتى ولو تم الضبط في مكان آخر أنه قد يتعذر أنه أحيانا تعيين المكان وقوع الجريمة فيرجع إلى مكان القبض على المشتبه فيه أو محل إقامته إذا كان معروفا و إذا كانت تلك العناصر مجهولة ينعقد الإختصاص المكاني محل اكتشاف وقوع الجريمة .
أما بالنسبة إلى حالة الإستعجال التي تبيح لضباط الشرطة القضائية أن يباشروا مهامهم في كافة دائرة اختصاص المحكمة الملحق بها ويدخل في حالة الضرورة الجرائم المتلبس بها ، إذا كان التحقيق يتطلب إجراءات على وجه السرعة كالبحث في مناطق خارج دائرة الإختصاص المكاني عن المتهمين الهاربين .
إذا ما تجاوز ضباط الشرطة القضائية الدائرة المكانية لغير سبب قانوني من الأسباب السابق ذكرها فإن الإجراءات التي يقوم بها كضابط شرطة قضائي تعتبر باطلة ولكن يصح الإجراء الذي يقوم به كفرد عادي مـن الجمهور إذا كان القانون يخول له إجراءاه ، وهو ما نصت عليه المادة 61 ق إ ج ج " يحق لكل شخص في حالات الجناية أو الجنحة المتلبس بها و المعاقب عليها بعقوبة الجبس ضبط الفاعل واقتياده إلى أقرب ضباط للشرطة القضائية " فإذا قام ضابط الشرطة القضائية خارج اختصاصه المكاني بالقبض على متهم و القبض يكون صحيحا قانونا ومنتجا لأثاره .
كما يلتزم ضابط الشرطة القضائية بمراعاة الزمن الذي يحدده القانون للقيام ببعض إجراءات ومن ذلك ما تضمنته المادة 47 ق إ ج ج بأن يكون تفتيش المساكن أو معينتها فيها بين الساعة الخامسة صباحا و الساعة الثامنة مساءا ما عدا في حالات النداء من الداخل أو حالات خاصة ينص عليها القانون ويترتب مخافة ذلك الإختصاص الزمني البطلان إجراءات التفتيش أو المعاينة حسب المادة 48 ق إ ج ج .

الفرع الأول : مهمة ضباط الشرطة القضائية :

1- الجوانب الشكلية :
أ- تنحصر مهمتهم في البحث و التحري عن كافة الجرائم المقررة في قانون العقوبات بلا استثناء سواء كانت الجريمة جنحة أو جناية أو مخالفة لأن اختصاصهم عام غير محدد من الناحية النوعية ، ويقصد بالبحث و التحري عن الجريمة هو اتخاذ موقف إيجابي للكشف عن الجرائم التي وقعت في الخفاء أي التي لا يقوم أحد بإبلاغ السلطات عنها لأنها لا يقتصر ضررها على شخص معين بذاته كجرائم تهريب المخدرات و ترويجها .
ب- التزامهم يتعلق بتلقي اخظارات وقوع الجرائم و يقدمها عادة كل من أصابه ضرر شخص فيقوم بفحصها حسب المادة 17 ق إ ج ج
ج – وجوب تحرير محضر بالإجراءات يثبت قيد صفته القضائية و طريقة كشفه عن الجريمة كما يلتزم بنسخ صوره من المحضر ويوقع عليها وترسل هذه المحاضر لوكيل الجمهورية فور انجازها مع ما ضبط من مستندات أو أشياء متعلقة بالجريمة ، أما محاضر المخالفات فترسا إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة ( المادة 18 ق إ ج ج ) .
د- ضرورة إخطار وكيل الجمهورية بالجرائم ( المادة 18 ق إ ج ج ) .
هـ- كيفية التصرف في محاضر الضبط القضائي ، لا يملك ضباط الشرطة القضائية التصرف في محضره الذي حرره بنفسه و إنما بعرضه على وكيل الجمهورية المختص للتصرف فيه ، وما تجدر الإشارة أليه أن ضباط الشرطة القضائية يخضعون لوكيل الجمهورية و النائب العام لدى المجلس القضائي ولغرفة الإتهام فيما تعلق بالرقابة على أعماله القضائية .
و- رد ضباط الشرطة القضائية ومخاصمتهم ، لا يجوز الاعتراض على قيام ضباط الشرطة بإجراءات الضبط القضائي في أية جريمة ويرجع ذلك إلى تلك الإجراءات هي من قبيل جمع الإستدلالات فقط .
2- الجوانب الموضوعية :
أ- كيفية تلقي إخطارات الجرائم : إن تلقي الإخطارات أو الإخبارات عن وقوع الجرائم عن طريق الشكاوى و البلاغات التي تقدم إليهم يتم شفاهة أو كتبة أو بمكالمات هاتفية أو برسالة أو أية وسيلة إعلام .
ب- كيفية جمع الإستدلالات : وذلك بجمع القرائن و أوجه الإثبات التي يترتب عليها إسناد الجريمة لمرتكبيها قانون .
وجمع الإستدلالات له عدة طرق تختلف حسب تنوع الجرائم اختلاف ظروف كل جريمة و يمكن تلخيص هذه الإجراءات فيما يلي :
1. الحصول على جميع الإيضاحات التي تفيد التحقيق : وذلك بأخذ أقوال المبلغ و المجني عليه أو الشهود الذين رأوا الحادث في محضر الضبط القضائي .
2. الإتنقال إلى مكان الجريمة و إجراءات المعاينة : و التحفظ على ما به أثار تفيد التحقيق وضبط ما يوجد به من أشياء استعملت في ارتكاب الجريمة وقد يوجد بصمات أصابع المتهمين فيكون ذلك دليلا ضدهم فمن المعاينة يتبين مدى صحة ما رواه شهود الحادث و لضباط الشرطة القضائية الحق في الاستعانة بالأطباء و أهل الخبرة في فحص و تمحيص الآثار دون أن يمتد اختصاصه إلى تكليفهم بفحص الأشخاص المصابين لأنه من اختصاص قاضي التحقيق.
3. ضبط الأشياء ووضعها في إحراز : حيث يجب على ضباط الشرطة القضائية ضبط المنقولات التي توجد بمكان الحادث و التي لها علاقة بالجريمة و التحفظ على تلك الآثار يكون بوضعها في حرز لا يمتد إليه يد العبث مع وضع جميع البيانات اللازمة على الحرز من تاريخ ومكان ضبطها واسم من ضبطها و رقم المحضر حسب المادة 45 ق إ ج ج مع إثبات محتويات الحرز و ترسل المضبوطات إلى وكيل الجمهورية وع المحضر الخاص .
4. تفتيش المساكن و معاينتها : لا يجوز لضباط الشرطة القضائية دخول المساكن لإجراء التفتيش أو ضبط المعينة إلا برضا صريح من الشخص الحائز على المسكن الذي تتخذ بداخله تلك الإجراءات و يجب أن يكون هذا الرضا بتصريح مكتوب بخط اليد صاحب الشأن ( المادة 64 إ ج ج ) مع مراعاة أوقات التفتيش ( المادة 47 من نفس القانون ) أي أن يتم فيها بين الخامسة صباحا و الثامنة مساءا .
5. حجز الأشخاص : يجوز لضباط الشرطة القضائية حجز المشتبه به لمدة لا تتجاوز 48 ساعة و إذا أستدعى الحال حجزه لمدة أكثر من ذلك لبد من الحصول على إذن كتابي من وكيل الجمهورية بعد حجزه لمدة لا تتجاوز 48 ساعة أخرى . المادة 65 إ ج ج و في حالة إستثنائية يجوز منع الإذن بقرار مسبب دون تقديم الشخص للنيابة العامة لاستجوابه .
6. الاستعانة بالقوى العسكرية : حسب ما جاء في المادة 17 ف3 إ ج ج .

الفرع الثاني : الاختصاصات الاستثنائية لضباط الشرطة القضائية :

1- اختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالات الندب القضائي :
يقصد بحالات الندب أن يقوم وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق بتكليف أحد ضباط الشرطة القضائية بالقيام بإجراء من إجراءات التحقيق الإبتدائي أو ضبط المتهم أو إحضاره و يستوي أن يكون أن يكون الندب القضائي متعلق بجريمة متلبس بها أو في غير حالة التلبس ومن هذا يتبين أن الإجراء أصلا يدخل في اختصاص وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ويقوم به ضباط الشرطة القضائية بناء على التكليف أو الانتداب أو التفويض الصادر من الشخص . فالعنصر الشخصي في الإختصاص مؤداه أن يقوم الموظف العام بأعباء وظيفته بنفسه ولا يجوز له إنابة غيره في ممارسة إختصاصه إلا إذا كان القانون يبيح له صراحة تلك الإنابة .
لقد وردت أحكام الندب في قانون الإجراءات الجزائية في مواضع متفرقة نكتفي بالإشارة على بعضها فيما يلي :
- المادة 13 " إذا ما افتتح التحقيق فإن على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها "
- المادة 56 : " ترفع يد ضباط الشرطة القضائية عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية لمكان الحادث ويقوم وكيل الجمهورية بإتمام جميع أعمال الضبط القضائي "
- المادة 60 :" يخول لقاضي التحقيق انتداب ضباط الشرطة القضائية لمتابعة إجراءات الضبط القضائي "

أ - شروط صحة الإنتداب :
- أن يصدر الندب من صاحب الحق في اصداره أي صادر من شخص مختص قانونيا .
- أن يصدر الندب إلى أحد ضباط الشرطة القضائية المختصين الذين أجاز القانون انتدابهم لمباشرة إجراءات الضبط القضائي .
- يجب أن ينصب الندب على عمل أو أعمال معينة من أعمال التحقيق كالمعاينة و أن تكون الإجراءات محددة تحديدا كما في أمر الندب ولا يجوز بأي حال الندب بتحقيق جناية بأكملها .
- يجب أن يكون الندب صريحا بأمر واضح يدل على التكييف بالقيام بإجراء من إجراءات التحقيق .
- يلزم أن يكون أمر الندب بيانات معينة باسم من أصدره و وظيفته . اسم المندوب .وظيفته. إسم المتهم. وتحديد نوع افجراء المطلوب اتخاذه و الغرض منه كما يجب أن يثبت في الأمر تاريخ إصداره .
ب- آثار الندب :
- أن يكون للمندوب سلطة من ندبه أي سلطة قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية الذي انتدبه .
- يلتزم المندوب بمباشرة الإجراء مرة واحدة و في خلال الزمن المحدد له .
- يلتزم المندوب حدود أمر الندب و إلا كان إجراءه باطلا فلا يجوز ان يتجاوز المندوب هذا النطاق .
- لا يجوز للمندوب أن يندب غيره غلا إذا نص على ذلك أي أمر الندب إذا كان قد حدد أحد ضباط الشرطة القضائية بالإسم فإنه يلتزم شخصيا بتنفيذه لذلك كان في استطاعة المحافظ أي يقوم بالإجراء بنفسه أو يكلف أحد ضباط الشرطة بدائرته .



2- الاختصاصات الاستثنائية لضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس :
 حالات التلبس :
نصت عليها المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها : " توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتبطة في الحال أو عقب ارتكابها .
كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابها إياها في وقت قريب جدا من وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أوجدت في حيازته آثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة و تتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها " وهو ما سنتطرق له في الفصل الثاني .
و التلبس هو حالة عينية تتصف بها الجريمة ذاتها فهو ظرف يتعلق بالجريمة لا بالشخص الجاني و يتضح من نص المادة 41 إ ج ج : أنها نصت في الفقرة الأولى على حالتين للتلبس : تلبس فعلي حقيقي أما الفقرة الثانية تلبس حكمي أو اعتباري أما الفقرة الثالثة فهي لا تلبس فعلي ولا تلبس اعتباري . لكن أسبغ عليها في تلك الحالة سبغة التلبس لقربها من التلبس الاعتباري
المطلب الثاني : أعوان الضبط القضائي :

الفرع الأول : في أعوان الضبط القضائي :

حددت المادة 19 إ ج ج أعوان الضبط القضائي بـ :
- موظفو إدارات الشرطة العاملين الذين لم يكتسبوا صفة ضباط الشرطة القضائية سواء بعدم إتمام مدة 03 سنوات في الخدمة أو لم يرشحوا لذلك العمل .
- ذوو الرتب في الدرك الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية .
- مستخدمو الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية .

 اختصاصات أعوان الضبط القضائي :
الأصل في العون أن يكون موظفا عاما مؤهلا لممارسة سلطة معاونة ضباط الشرطة القضائية في اثبات الجرائم المقررة في قانون العقوبات بصفة عامة .
والأعوان يقومون بجمع كافة المعلومات الموصلة إلى الكشف على الجرائم و مرتكبها و معاونة ضباط الشرطة القضائية في ممارسة اختصاصهم على أن يكون الإجراء الذي يقوم به العون تحت إشراف ضباط الشرطة القضائية مع امتثاله لأوامر الضابط طبقا لنظام الهيئة الذي ينتميان إليها وهذا تطبيقا لنص المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية
و يلزم العون بقواعد الاختصاص فلا يجوز له تجاوز الاختصاص المكاني أو المحلي إلا في الحدود التي نصت عليها المادة 16 إ ج ج .
كما أنه لا يجوز لهم القيام بمفردهم بإجراء من الإجراءات التي تمس حرية الأشخاص أو حرية المساكن حيث أنه لا يجوز للعون أن يحجز شخصا أو يفتش مسكنه وهذا لا يتعارض إمكان الاستعانة بالأعوان بالقبض و الحجز و التفتيش مادام ضابط الشرطة القضائية موجودا بنفسه مستعينا بالأعوان تحت إشرافه وهذا ما قضت به المادة 20 من قانون الإجراءات الجزائية .
الفرع الثاني : الموظفين و الأعوان المكلفين ببعض مهام الضبط القضائي :
عبرت المادة 21 إ ج ج على فئة من معاوني الضبط القضائي ذو الإختصاص الخاص بقولها :
" يقوم رؤساء الأقسام و المهندسون و الأعوان الفنيون و التقنيون المختصون في الغابات و حماية الأراضي و استصلاحها بالبحث و التحري و معاينة جنح و مخالفات قانون الغابات و تشريع الصيد و نظام السير وجميع الأنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة وإثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة .
ويلتزم هؤلاء الأعوان بتسليم محاضر إلى ضباط الشرطة القضائية " .
كما أنهم لا يسوغ لهم دخول المنازل أو ما في حكمها إلا بحضور أحد ضباط الشرطة القضائية كما تضمنت المواد 25.24.23.22 . إ ج ج أن هؤلاء الأعوان أن يقتادوا إلى ضباط الشرطة القضائية كل شخص يضبطونه في حالة تلبس بارتكابه جنحة .
كما نص قانون الإجراءات الجزائية على تخويل سلطة الضبط القضائي إلى :
1. ولاة الولايات : ( المادة 28 إ ج ج ) : " يجوز لكل والي ولاية في حالة وقوع جناية أو جنحة ضد أمن الدولة وعند الإستعجال فحسب إذا لم يكن قد وصل إلى علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث بأن يقوم بنفسه باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات أو الجنح الموضحة آنفا أو يكلف بذلك كتابة ضباط الشرطة القضائية المختصين و إذا استعمل الوالي هذا الحق المخول له فإنه يتعين عليه أن يقون فورا بتبليغ وكيل الجمهورية خلال 48 ساعة التالية لبدء هذه الإجراءات و أن يتخلى عنها للسلطة القضائية و يرسل الأوراق لوكيل الجمهورية و يقدم له جميع الأشخاص المضبوطين ويتعين على كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية تلقي طلبات من الولي حال قيامه بالعمل بموجب الأحكام السابقة و على كل موظف بلغ بحصول الأخطار طبقا لهذه الأحكام ذاتها أن يرسل الأول هذه الطلبات و أنم يبلغ الثاني هذه الإخطارات بغير تأخير إلى وكيل الجمهورية " .
يتعين من نص المادة أن المشرع خول للوالي حق مباشرة سلطة ضباط الشرطة القضائية بصفة جوازية فهو ليس ملزم باتخاذ إجراءات الضبط القضائي كما أن المشرع حصر هذا الحق للولاة في جرائم أمن الدولة سواء أكانت الجريمة جناية أو جنحة .
كما اشترط ألا يباشر الوالي هذا الحق إلا في حالة الإستعجال فلا يجوز له القيام بأعمال الضبطية القضائية بنفسه .
2.وكيل الجمهورية و أعضاء النيابة : يعتبر أعضاء النيابة العامة من ضباط الشرطة القضائية بالاستناد إلى نص المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها : " يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي و يشرف النائب العام على الضبط القضائي دائرة اختصاص كل مجلس قضائي " .
وكذلك ما نصت عليه المادة 36 إ ج ج بقولها : " يقوم وكيل الجمهورية بتلقي المحاضر و الشكاوى و البلاغات و يقرر ما يتخذ بشأنها و يباشر بنفسه أو بأمر لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات " .
3. قضاة التحقيق : بالاستناد إلى نص المادة 38 إ ج ج التي تنص : " تناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث و التحري ولا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا أدارها بصفته قاضيا للتحقيق و إلا كان ذلك حكما باطلا " .
فقاضي التحقيق يتسم بصفة ضابط الشرطة القضائية وهو ما نصت عليه المادة 60 إ ج ج .
4. رؤساء المجالس الشعبية و البلدية : نصت على ذلك المادة 15 إ ج ج وقد أسبغ عليهم صفة ضباط الشرطة القضائية وهم يباشرون سلطات الضبط القضائي على وجه الإلتزام و باختصاص أصيل و تقليدي و عليه فهم يسألون عن الإهمال في ممارسة عملهم وعن نجرد التأخير أو التراخي في اتخاذ إجراءات الضبط القضائي كقاعدة عامة .





















المبحث الثالث : غرفة الإتهام بالمجلس القضائي :
خول قانون الإجراءات الجزائية صلاحية مراقبة التحقيق القضائي الابتدائي إلى غرفة الإتهام باعتبارها درجة عالية من درجات التحقيق وقد تضمنت المواد 176 إلى 211 قانون إجراءات جزائية الصلاحيات المخوّلة لغرفة الإتهام ونظّمت أسلوب طرح القضية أمامها .
- تشكّل في كل مجلس قضائي غرفة الإتهام يعيّن رئيسها ومستشارها بقرار من وزير العدل لمدة 03 سنوات المادة 177 قانون إجراءات جزائية وتنعقد غرفة الإتهام إما باستدعاء من رئيسها أو بناء على طلب النيابة العامة كلما دعت الضرورة إلى ذلك – المادة 187 قانون إجراءات جزائية .

المطلب الأول : السلطات الخاصة برئيس غرفة الإتهام :
خوّل قانون الإجراءات الجزائية لرئيس غرفة الإتهام سلطات تسمى بالسلطات الخاصة برئيس غرفة الإتهام وتتمثل في صلاحية في المراقبة والإشراف على مجرى التحقيقات في دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي ينتمي إليه (1) .
ولكي يباشر هذه المهام أوجبت المادة 203 / 02 قانون الإجراءات الجزائية على كل مكتب تحقيق إعداد قائمة كل ثلاثة أشهر تبين جميع القضايا المتداولة ود ذكر تاريخ آخر إجراء من إجراءات التحقيق ، كما أجازت له المادة 204 إ ج ج أن يطلب من قاضي التحقيق الملاحظة اللازمة .
المطلب الثاني : مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية :
أعطى قانون الإجراءات الجزائية لغرفة الإتهام صلاحية مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم بحيث إذا ما أخلّ أحدهم بالعمل الموكول إليه فإنها تنظر في الأمر إما من تلقاء نفسها أو بمناسبة نظر دعوى ويجوز لها أن توجه لهم ملاحظات و تقرر إيقافهم عن العمل مؤقتا أو تسقط عنهم صفة الضبطية القضائية و في مجال متابعة ضباط الشرطة القضائية عن الإخلالات المنسوبة إليهم أثناء مباشرة وظائفهم فإن الأمر يرفع إليهم من طرف النائب العام أو من رئيسها و لها أن تنظر في ذلك من تلقاء نفسها
– المادة 207/01 قانون الإجراءات الجزائية – (2)

الفرع الأول : الإجراءات أمام غرفة الإتهام :

تختص غرفة الإتهام بالمجلس القضائي التابع له ضباط الشرطة القضائية أصلا بالنظر في الإخلالات المنسوبة إليه غير أن المادة 207 من قانون الإجراءات الجزائية من الفقرة 02 أتت بحكم يقضي بمنح اختصاص إلى غرفة الإتهام بنظر الإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية التابعي إلى الأمن العسكري و تحال القضية إليها من طرف النائب العام بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجودة بالمحكمة العسكرية المختصة إقليميا .
• كيفية دراسة القضية : إذا ما عرضنا الأمر على غرفة الإتهام فإنها تأمر بإجراء التحقيق و تسمع طلبات النائب العام و أوجه دفاع ضباط الشرطة القضائية و يجب أن يكون هذا الأخير قد أعطيت له فرصة الإطلاع على ملفه ضمن ملفات ضباط الشرطة القضائية لدى النيابة العامة بالمجلس .. " و إذا تعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية للأمن العسكري يجب أن يمكن من الإطلاع على الملف الخاص المرسل من قبل وكيل الجمهورية المختصة إقليميا"
ويجوز لضبط الشرطة القضائية استحضار محام للدفاع عنه وذلك طبقا للمادة 208 ق إ ج ج

الفرع الثاني : قرارات غرفة الإتهام :

في مجال القرارات التي تصدرها غرفة الإتهام بعد نظرها بالإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية فإنه يجب التفرقة بين حالتين :
الحالة الأولى : أجازت المادة 209 قانون إجراءات جزائية لغرفة الإتهام أن توجه إلى ضباط الشرطة القضائية ملاحظات أو تقرر إيقافه عن العمل ك ضابط الشرطة القضائية أو تسقط عنه تلك الصفة النهائية .
الحالة الثانية : إذا تعلق الأمر بجريمة من جرائم قانون العقوبات فإنها بالإضافة إلى الإجراءات المحددة في المادة 209 قانون الإجراءات الجزائية فإنها تقوم بإرسال الملف إلى النائب العام إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة القضائية للأمن العسكري فإنها ترفع إلى وزير الدفاع لاتخاذ الأزمة في أمره . المادة 210 ق إ ج ج











المبحث الأول : إجراءات التحقيق العادية

عرضنا في الفصل الأول السلطات المختصة بإجراءات البحث و التحري عن الجريمة هذه السلطات تقوم بإجراءات التحقيقات ، أما في هذا الفصل سنعرض التحقيقات التي تتم في الجناية و الجنحة المتلبس بها .
وكل هذا طبعا حسب ما جاء به قانون الإجراءات الجزائية الجزائري .
المطلب الأول : التحقيق الإبتدائي :
يقصد بالتحقيق الإبتدائي مجموعة الإجراءات المتعلقة بالدعوى العمومية التي تقوم بها سلطة التحقيق وهو يختلف عن إجراءات التحقيق الأولي أي جمع الإستدلالات التي تسبقه و يقوم بها ضباط الشرطة القضائية في الوقت ذاته يختلف عن إجراءات التحقيق النهائي التي تلحقه وتجريها المحاكم و التي تحال إليها الدعوى الجنائية و يجري التحقيق الإبتدائي غالبا في المرحلة التي تكون وسطا بين جمع الأدلة و المحاكمة (1).
وسنتناول في التحقيق الإبتدائي عدة أمور هي : مدى أهميته ، شروطه ، وخصائصه ، و السلطة التي تختص بإجراءاته.

الفرع الأول : أهمية التحقيق الإبتدائي و لزومه

01- أهمية التحقيق الإبتدائي :
تبدو أهمية التحقيق الإبتدائي في أنه يتضمن كافة الإجراءات التي تتخذ قبله من إجراءات في الدعوى العمومية من إثبات أقوال المبلغ ، و المجني عليه وشهود الإثبات و المعاينة و التفتيش ، و استجواب المتهم وما يتخذ قبله من إجراءات الإحضار أو القبض أو الحبس الاحتياطي وسؤال شهود النفي إن وجدوا .
كما تظهر في استقلال السلطة القائمة به في حيادها أي عنايتها بفحص أدلة نفي الإتهام بنفس الفعالية التي تفحص بها أدلة إثبات التهمة في كفالة حق الدفاع للمتهمين و في إفساح المجال لأهل الخبرة لإبداء آرائهم الفنية بما يوجبه الشرف و الضمير و في إمكان الرجوع إلى ذلك التحقيق في أي وقت لضمان حسن سير العدالة (2) .
ويتميز التحقيق الإبتدائي عن جميع الإستدلالات في أن هذه الأخيرة لا تتوفر فيها الضمانات التي تتوافر في التحقيق خاصة إستجواب المتهم الذي يتم في محاضر جمع الإستدلالات .
كما يتميز عن التحقيق النهائي الذي تكون إجراءاته شفوي عاجلة لا يتم فيها أيضا استجواب المتهم إذ أن ذلك الإجراء قاصر على مرحلة التحقيق الإبتدائي في كثير من التشريعات ولكنه جائز في التشريع الجزائري (1).
ومما سبق ذكره يمكن القول أن التحقيق الإبتدائي يتميز بأنه الأساس المتين للوقائع القانونية و المادية في الدعوى العمومية حيث يرجع إليه في أي وقت و يكون ذلك التحقيق مانعا من تغيير أقوال الشهود .

02- لزوم التحقيق الإبتدائي :
نظرا للأهمية العملية و القانونية للتحقيق الإبتدائي ومزاياه التي تحقق مصالح الأفراد و مصلحة المجتمع في آن واحد ، و أثره البالغ في تحقيق العدالة .
- لذا تتجه غالبية التشريعات إلى وجوب الأخذ بنظام التحقيق الابتدائي و لزومه خاصة في الجرائم الخطيرة و الحوادث الجسيمة التي تتشعب فيها إجراءات التحقيق و التي تحتاج إلى وقت طويل نسبيا بين تاريخ وقوع تلك الجرائم من جهة و تاريخ نظرها أمام المحاكم المختصة من جهة أخرى و حتى لا يطرح على القضاء غير المتهم المرتكز على أسس من الوقائع و القانون معا (2)
ولكن ما هي الجرائم التي يكون التحقيق الابتدائي فيها لازم ؟
 الجرائم التي يلزم فيها التحقيق الابتدائي :
نجد بعض التشريعات تنص على لزوم التحقيق الإبتدائي في الجنايات و ينص على جوازه في الجنح التي تكون لها أهمية خاصة ومعنى ذلك أن سلطة الاتهام تكون بالخيار في الجنح فتحيل ما تراه هاما إلى التحقيق الإبتدائي قبل عرضه على المحكمة المختصة ، أما باقي الدعاوى في الجنح فتحيلها لإلى المحكمة مكتفية بمحاضر ضباط الشرطة القضائية حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية . التحقيق الإبتدائي وجوبي في مواد الجنايات ، أما في مواد الجنح فيكون إختياريا ما لم يكن ثمة نصوص خاصة .
كما يجوز إجراءه في مواد المخالفات إذا طلبه وكيل الجمهورية .





الفرع الثاني : خصائص التحقيق الإبتدائي :

1. تدوين التحقيق :

يقصد به أن يجري التحقيق كتابة فيه كافة الإجراءات التي اتخذت في الدعوى بمعرفة سلطة التحقيق ، وتدوين التحقيق أمر لازم حيث يجري محضر التحقيق بمعرفة كاتب مختص تحت إشراف المحقق و يوقع الكاتب مع المحقق على جميع أوراق التحقيق و يكون مسؤول على ترتيب تلك الأوراق فتدوين التحقيق أمر لازم حتى يكون محضر التحقيق حجة وتكون إجراءاته أساسا صالحا لما يبنى عليها من نتائج .(1)
2. التحقيق سري بالنسبة للجمهور :

تعتبر إجراءات التحقيق و كذلك النتائج التي تسفر عنها من الأسرار لا يسمح عادة لآحاد الناس بارتياد مكان التحقيق أو البقاء فيه بغير مقتضى .
كما يجب على قضاة التحقيق و أعضاء النيابة العامة و كتبة التحقيق و الخبراء يندبون لأعمال فنية في التحقيق و ضباط الشرطة القضائية يجب عليهم جميعا عدم إفشاء أي سر من أسرار تلك الإجراءات أو نتائجها لأن ذلك يكون جريمة معاقب عليها قانونا وعلى هذا نصت المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها : " تكون إجراءات التحري و التحقيق سرية ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك و دون إضرار بحقوق الدفاع و كل من أفشى سر المهنة على كتمانه يعاقب طبقا لقانون العقوبات " و على هذا نصت المادة 85 إجراءات جزائية و المادة 301 من قانون العقوبات (2) .
و يلاحظ أن إفشاء الأسرار المعقب عليها لا ينطبق على الشهود ولا على الخصوم في الدعوى لأنهم لا يحضرون إجراءات التحقيق بحكم مهمتهم أو وظيفتهم .
و من البديهي أن هذه السرية تنتهي بمجرد إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة ، لأن إجراءات المحكمة المختصة تكون علنية . نذكر أن سرية التحقيق مأخوذة من النظام التفتيشي في الاتهام ولهذا تنص على سرية التحقيق التشريعات التي تطبق حاليا نظام الاتهام المختلط (1).
3. التحقيق علني بالنسبة للخصوم :

يقصد بالخصوم في الدعوى العمومية أن المجني عليه و المتهم و المسؤول عن الحق المدني و النيابة العامة ، ولذا جرى العمل على إحضار الخصوم بمعرفة قاضي التحقيق عن الأوقات التي يحددها للقيام بإجراء على إحضار الخصوم بمعرفة قاضي التحقيق عن الأوقات التي يحددها للقيام بإجراء المعاينة أو استجواب المتهم وما إلى ذلك من إجراءات هامة ، و الأصل في التحقيق الإبتدائي أن يكون علنيا بالنسبة للخصوم فيحضر من يشاء منهم و له أن يستصحب محاميه في حضور كافة إجراءات التحقيق .




من له سلطة التحقيق ؟ ..

من أهم ضمانات التحقيق الابتدائي أن تكون سلطة التحقيق في يد عادلة مستقلة محايدة بمعنى أن المحقق يهتم بإثبات وقوع الجريمة و إسنادها لشخص معين بما يطابق القانون و الواقع في نفس الوقت يهتم المحقق ذاته بتحقيق دفاع المشتبه فيه لا يعاد التهمة أو درأ الشبهة عن نفسه .(2)
و غالبية التشريعات الجزائية توكل النيابة العامة سلطة التحقيق إلى جانب سلطتها الأصلية في الاتهام بينما تذهب بعض التشريعات إلى تطبيق نظام قاضي التحقيق فيجعل الاتهام وحده من اختصاص النيابة و يجعل التحقيق من اختصاص قضاء التحقيق وحده ، وذلك بقصد الفصل بين سلطتي الإدعاء الجزائي و التحقيق . و لأن النيابة تعتبر خصما في الدعوى فلا يحمل أن تندمج في يدها سلطة التحقيق و سلطة الاتهام ومن هذه التشريعات القانون الجزائري ، إلا أنه ومن الملاحظ في الدول التي تأخذ بمبدأ تخصيص قاضي التحقيق بنص تشريعها على منح بعض اختصاصات من إجراءات التحقيق لرجال النيابة العامة (3)

yacine414
2011-02-22, 12:13
المطلب الثاني: التفتيش والضبط.
أولا: التفتيش :
هو إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي يهدف إلى جمع الأدلة على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وذلك يضبط الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو استخدمت في ارتكابها أو نتجت عنها فإذا لم يكن هذا الهدف كان التفتيش باطلا ويتعين استبعاد ما أسفر عنه ويمس التفتيش حرمة الحياة الخاصة وعدم اطلاع الغير على مكنونها إلا برضا الشخص .
1- كما يمس حرمة المسكن الذي يجري فيه التفتيش إلا أنه كثيرا ما يكون ضروريا لكشف الحقيقة بشأن الجريمة وفاعلها ولذلك وضع المشرع ضمانات أو قيود لا يتم إلا بمراعاتها المادة (45-47 إجراءات جزائية) ويلاحظ على التفتيش ما يلي:
يخضع تفتيش الأشخاص كإجراء تحقيق لذات أحكام تفتيش الأماكن ولا يقتصر تفتيش الشخص على ملابسه أو ما يحمله من أمتعة وقد يمتد إلى أعضائه الخارجية والدم لمعرفة نسبة الكحول أو معدته لتحليل محتوياتها وذلك بغسلها .
2- يباشر التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يمكن أن تكون كشفتها مفيد لإظهار الحقيقة حسب المادة 81 إجراءات جزائرية وإذا جرى تفتيش مسكن فعلى قاضي التحقيق أن يلتزم بأحكام المواد 45-47 إجراءات جزائية.
غير أنه يجوز لقاضي التحقيق وحده في مواد الجنايات أن يقوم بتفتيش مسكن المتهم بعد الساعة الثامنة مساءا وقبل الأمس صباحا شرط أن يباشر التحقيق بنفسه وأن يكون ذلك بحضور وكيل الجمهورية المادة 82 إجراءات جزائية غير أنه إذا حصل التفتيش في مسكن غير مسكن المتهم وجب التقيد بأحكام المادة السالفة الذكر في جميع الأحوال المادة 83 إجراءات جزائية.
ويقصد بالمسكن كل مكان يرتبط بالحياة الخاصة لصاحبه ويقتصر الانتفاء به عليه وكذلك توابع المكان كالحقيقة والمخزن والسيارة والعيادة لأن الدخول إليها يقتصر على إذن صاحبها.

3- يهدف التفتيش إلى جمع الأدلة على الجريمة ونسبتها إلى المتهم وبذلك يختلف عن تفتيش الشخص الذي يتم تجريده مما قد يحمله فتفتيش المساكن يختلف عن تفتيش الشخص لأن الثاني قد يكون وقائي إلا إذا اكتشف القائم به وجريمة إثناء تقنيته فإنها تكون في حالة تلبس وقد يجري التفتيش للكشف عن الجرائم ويطبق عليه التفتيش الإداري .
4- يقوم قاضي التحقيق بنفسه أو بواسطة من يندبه لذلك من ضباط الشرطة القضائية أي قاضي من قضاة المحكمة التي يتبعها قاضي التحقيق طبقا للمواد 123 وما بعد .
إذا أخفى المتهم شيئا في موضع العورة لا يجوز لضباط الشرطة القضائية المساس به ويتعين عليه يستعين بشخص مصرح له قانونا بذلك كطبيب لإخراج هذا الشيء وتفتيش الأنثى يجب أن يتم بواسطة أنثى .
يستعين بها القائم بالتفتيش متى كان في المواضع الجسمانية التي لا يجوز الإطلاع عليها وذلك حماية للآداب العامة ومخالفة هذا المبدأ يبطل التفتيش بطلانا يتعلق بالنظام العام.
5- أصل التفتيش يكون للبحث عن الأشياء الخاصة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ومع ذلك إذا ظهر عرضا أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة جاز للقائم بالتفتيش أن يضبطها إذ يكون بصدد جريمة في حالة تلبس كالعثور على قطعة من المواد المخذرة في ملابس المتهم أثناء تفتيشه بحث عن نقود مسروقة شرط أن يكون ظهور هذه الأشياء عرضا أثناء التحقيق دون سعي يستهدف البحث عنها أو تعسف في تنفيذ التفتيش بالبحث عن أدلة جريمة أخرى غير التي يدور التحقيق بشأنها .
6- إذا أسفر التفتيش عن ضبط مستندات فإن قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة المنوب عند الحق في الاطلاع عليها قبل ضبطها ويجب على الفور إحصاء الأشياء والوثائق المضبوطة ووضعها في أحراز مختومة ولا يجوز فتح هذه الاحراز والوثائق إلا بحضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد استدعائها قانونا كما يستدعى كل من ضبطت لديه هذه الأشياء أو الوثائق لحضور هذا الإجراء ولا يجوز لقاضي التحقيق أن يضبط غير الأشياء والوثائق النافعة في إظهار الحقيقة أو التي قد يضر إفشائها بسير التحقيق حسب المادة 84 إجراءات جزائية.
ثانيا: رد الأشياء المضبوطة
قد تضبط بعض الأشياء أثناء مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الإبتدائي لاحتمال فائدتها في إثبات الجريمة وتظل هذه الأشياء على ذمة القضية حتى الفصل في الدعوى العمومية وقد تكون بعض هذه المضبوطات لازمة للفصل في الدعوى أو تكون حيازتها في ذاتها جريمة مما يوجب مصادرتها.
ويفترض الرد وجود هذه الأشياء فعلا تحديد لقضاء فلا يجوز مطالبة المجيز عليه بإلزام المتهم برد المسروقات الموجودة في حوزته والتي لم تضبط فعلا كما يفترض أن هذه الأشياء لا زالت قائمة بذاتها فلا يطبق الحلول العيني أمام القضاء الجزائي كقاعدة عامة فلا يجوز المطالبة بالأشياء التي اشتراها المتهم بالنقود المسروقة ولكن أجاز القضاء الفرنسي المطالبة بالأشياء التي اشتراها بالثمن الذي بيع به الشيء المسروق .
وقد تضمنت المادة 86 قانون إجراءات جزائية أحكام الرد، قدم طلب الرد من المدعي المدين أو المتهم أو أي شخص يدعي بأن له حقا على الشيء المضبوط ولو لم يكن طرفا في الدعوى العمومية ويجوز للنيابة العامة استنادا إلى حقها في تقديم الطلبات أن تطلب من تلقاء نفسها رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها خاصة إذا ترتب على حجزها تحت يد القضاء ضرر ما أو كانت عديمة الجدوى ويشترط أن يكون حق طالب الرد على الشيء ليس محلا المنازعة جدية من الغير وإلا فإن القضاء الجزائي لا يختص بالفصل في الطلب.
ويقدم مطلب الرد إلى وكيل الجمهورية إذا لم يطلب إفتتاح أو إصدار أمر يحفظ الأوراق أو صدر في الدعوى أمر بالأوجه للمتابعة من قاضي التحقيق دون أن يثبت في المضبوطات حسب المادة 87 ق إ ج إذا كانت الدعوى العمومية على تحقيق بواسطة قاضي التحقيق اختص بالفصل في طلب الرد وتختص غرفة الاتهام بذلك الطلب إذا كان ملف الدعوى معروضا عليها لإحالته إلى محكمة الجنايات أو للنظر في الطعن في قرار بالأوجه للمتابعة أصدره قاضي التحقيق أو كانت قد أصدرت هي ذلك الأمر حسب المادة 361 قانون إجراءات جزائية.
يبلغ طلب الرد المقدم إلى قاضي التحقيق من المتهم أو المدعي المدني للنيابة كما يبلغ لكل من الخصوم الآخرين ويبلغ الطلب من الغير للنيابة وللمتهم لكل خصم آخر حسب المادة 86 ق إ ج حتى يتيسر لمن يشاء منهم أن يقدم ملاحظاته بشأن الطلب في ظرف 3 أيام من تبليغه حسب المادة 86 ق إ ج .
يستقل قاضي التحقيق بالفصل في طلب الرد حسب تقديره لزوم الأشياء المطلوب ردها للسير في الدعوى موضوع التحقيق دون أي دعوى أخرى أو وجوب مصادرتها لتجريم حيازتها وتكون الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها أو من فقد حيازتها بالجريمة من ثبت حيازتها على نحو لا يقبل المنازعة الجدية ولذوي الشأن أن يرفعوا تظلما من قرار قاضي التحقيق إلى غرفة الاتهام بتقديم عريضة خلال 10 أيام من تبليغه إليهم دون أن يترتب على ذلك تأخير سير التحقيق فإذا قدم الطلب من الغير فيجوز أن يتقدم إلى غرفة الاتهام بملاحضاته الكتابية شأنه شأن الخصم ولكن ليس لهى المطالبة بتوجيه الإجراءات حسب المادة 86 قانون الإجراءات الجزائية.

المطلب الثالث: الادعاء المدني

القاعدة العامة في مجال التنظيم القضاء المدني مستقل ومنفصل على القضاء الجزائي، ولكل منهما ميدان اختصاصه وقواعده وإجراءاته الخاصة به إلا أن هذه القاعدة ورد عليها استثناء هام سمح بتوسيع دائرة اختصاص القضاء الجزائي ومنحه سلطة النظر والفصل في نوع واحد من الدعاوى المدنية وهي التي يكون سببها فعل إجرامي وموضوعها طلب التعويض عن ضرر مادي أو جسماني أو معنوي أصاب المدعي شخصيا .
وهو ما نصت عليه المادة 72 ق إ ج بقولها: " يجوز لكل شخص يزعم أنه مصادر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنيا عندما يتقدم بشكوى إلى قاضي التحقيق المختص"
وليس الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق هو موضوع حديثنا بل الذي يعنينا ويهمنا هو ما يصدره قاضي التحقيق من أوامر في مجال معالجة ظروف وإشكاليات الادعاء المدني الذي نشأ تبعا للشكوى المقدمة إليه .

1-الأمر بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية:
إذا تقدم شخص ما بشكوى أمام قاضي التحقيق ضد من اعتدى عليه مصحوبة بادعاء مدني المادة 72 إ ج فإن القانون يحتم على هذا القاضي أن يتلقى هذه الشكوى وأن يثبتها في محضر ثم يتعين عليه بعد ذلك أن يصدر أمرا بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية ليدرسها ويجوز أن تتضمن طلبات وكيل الجمهورية حول شخص معين وتوجيه الاتهام إليه كما يجوز أن تتضمن طلبات إصدار أمر بإيداع المتهم السجن أو القبض عليه ، وإذا كانت الشكوى غير مؤيدة بحجج وأدلة كافية فيجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق فتح تحقيق مؤقت ضد كل الأشخاص الذين وردت الإشارة إليهم في الشكاية وعليه فإذا اثبت لقاضي التحقيق تتوفر هذه العناصر فسيكون بإمكانه إصدار أمر بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية.

2-الأمر بصرف النظر عن طلب عدم إجراء التحقيق:
لقد نصت المادة 73 ف 03 إ ج على أنه لا يجوز لوكيل الجمهورية أن يتقدم إلى قاضي التحقيق بطلب عدم إجراء تحقيق ما في موضوع هذه الإشكالية بعد الأمر بعرضها عليه إذا كانت الوقائع لأسباب تتعلق بالدعوى العامة نفسها غير جائزة قانونا متابعة التحقيق فيها أو إذا كانت الوقائع على فرض ثبوتها لا تقبل قانونا أي وصف جزائي.
إذا تقدم وكيل الجمهورية إلى قاضي التحقيق بطلب لعدم إجراء التحقيق في الدعوى موضوع الشكوى ورأى السيد قاضي التحقيق أن طلب وكيل الجمهورية ليس له ما يبرره أو لم يكن مؤسسا على سند قانوني فإن له الحق أن يصدر أمر برفض مقتضاه طلب وكيل الجمهورية المادة 73 إ ج .

3-الأمر بقبول أو رفض الادعاء المدني:
جاءت في الفقرة 02 من المادة 74 إجراءات جزائية وأقرت مبدأ أساسيا يتمثل في منح كل واحد من ممثلي النيابة العامة والمتهم وأي مدع مدني آخر حق المنازعات في طلب الادعاء المدني المتقدم من الشاكي كما أشارت الفقرة الأخيرة من نفس المادة إلى إثبات مبدأ يتمثل في منح قاضي التحقيق سلطة تقدير عدم مثول الادعاء المدني المتقدم من الشاكي وفق لاحكام المادة 72 إجراءات جزائرية من تلقاء نفسه، ومهما يكن من أمر سواء فصل قاضي التحقيق في الادعاء المدني من تلقاء نفسه أو بناء على منازعة وسواء كان الفصل بالقبول أو بعدم القبول فإن الفصل في الادعاء المدني يجب في جميع الأحوال أن يكون بمقتضى أمر مسبب صادر عن قاضي التحقيق المعني ويتضمن كل الأسباب القانونية التي استند إليها في تكوين قناعته وبنى عليها أمره بالقبول أو بالرفض.
كما يجب على قاضي التحقيق عندما يعزم على إصدار أمر بقبول الادعاء المدني أو عدم قبوله أن يعرض الملف على ممثل النيابة لإبداء طلباته قبل الفصل في الإدعاء المدني وإصدار أمر بشأنه.















المطلب الرابع: الاستجواب والمواجهة

الفرع الأول: تعريفهما وطبيعتهما.

رغم ندرة إعتراف المتهم بما أسند إليه فإنه لا بد لي بهذا الاعتراف تلقائيا وإنما يغلب أن يكون أثناء استجوابه.

1- الاستجواب:
يقصد به مواجهة المتهم بالاتهام المسند إليه وبالأدلة القائمة قبله ومناقشته بشأنها تفصيلا كي يعترف بها فيؤديها أو ينفذها فيدفعها على نفسه فهو ذو طبيعة مزدوجة إذ لا يهدف فقط إلى جمع الأدلة شأن إجراءات التحقيق ولكنه كذلك وسيلة للدفاع .
ويترتب على هذه الطبيعة المزدوجة نتائج هامة هي:
باعتبار من إجراءات جمع الأدلة فإنه متروك لتقدير قاضي التحقيق ليقوم به في أي وقت إبان التحقيق الابتدائي بل ويجوز له أن يلجا إليه أكثر من مرة كلما رأى ذلك ضروريا.
يتم الاستجواب طبقا للضمانات والإجراءات القانونية حتى يمكن الإسناد إلى ما يسفر عنه من فهو واجب قبل الأمر بحبس المتهم احتياطيا حسب المادة 188 ق إ ج وإثر إحضاره تنفيذ لأمر الإحضار وتقديمه إلى قاضي التحقيق حسب المادة 121 ق إ ج.
لا يجوز توجيه اليمين إلى المتهم قبل استجوابه وإلا كان ذلك إكراها أدبيا بعينه وكل إجراء أو أثر نجم عنه . إذ يصبح المتهم بين مكروهين الوفاء باليمين والإقرار بالجريمة إن كان قد اقترفها أو الحنث في اليمين بإنكار الجريمة خلافا للحقيقة.
ينبه قاضي التحقيق المتهم عند مثوله أمامه لأول مرة بأنه حر في عدم الإدلاء بأي قرار حسب المادة 100ق إ ج ويعتبر الصمت حقا للمتهم لا يجوز اتخاذ قرينة ضده .

2- المواجهة:

هي وضع المتهم وجها لوجه إزاء متهم آخر أو إزاء شاهد أو أكثر كي يسمح بنفسه ما أدلوا به من أقوال تختلف عما يدعيه فيؤيدها أو ينفذها فيهن استجواب للمتهم قاصر على دليل واحد أو أكثر أو واقعة واحدة أو أكثر ولذلك أحاطها المشرع بضمانات الاستجواب .
ويختلف الاستجواب عن باقي إجراءات جمع الأدلة في أنه يصدر من المتهم نفسه سواء بالإعتراف بالجريمة وتقديم الأدلة على مقارفته إياها أو بالإقرار الأدلة القائمة قبله أو حتى بعدم استطاعته تنفيذها أن كان منكرا لها.
كما يعتبر الاستجواب ذو فائدة في مرحلة التحقيق الابتدائي في جمع عناصر الاتهام بل والمتهم ذاته فقد يتمكن من دحض الشبهات القائمة ضده ولذلك فقد حرصت التشريعات على إحالته بالضمانات التي يمكن المتهم من عدم الإدلاء بما يريد تدبر وتبصر ويوجه المشرع الجزائري استجواب المتهم في مرحلة المحاكمة أيضا حسب المادتين 224 والمتهم 30 قانون إجراءات جزائية.

الفرع الثاني: ضمانات الاستجواب والمواجهة:

1-الضمانات:

أهم ضمانات الاستجواب أن يجريه شخص محايد هدفه الكشف عن الحقيقة ولا مصلحة له في إثبات التهمة ضد المتهم ولا في إفلاته من العقاب لذلك أوجب قانون الإجراءات الجزائية أن يتم استجواب المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي بواسطة قاضي التحقيق وحظر على هذا الأخير إبانة ضابط الشرطة القضائية في إجرائه المادة 139 إ ج .
كذلك من أهم ضمانات حق المتهم الاستعانة بمحام التمكين هذا الأخير من الاطلاع على ملف التحقيق فيما عدا حالة الاستعجال .

2-كيفية إجراء الاستجواب:

نظرا لأهمية الاستجواب في جمع الأدلة والخطورة بالنسبة للمتهم فإن قاضي التحقيق يتعين عليه أن يراعي مجموعة من القواعد تحقق أهداف الاستجواب دون المساس بشخص المتهم أو حريته.
فعلى المحقق استجواب المتهم حتى توفر لديه أكبر قدر من الأدلة والقرائن على وقوع الجريمة ومسؤولية عنها فلا يقوم به استنادا إلى محضر جمع الاستدلالات وقبل أن يحقق بنفسه الشبهات الوارد به كسؤال الشهود أو معاينة مكان الحادث وذلك ما لم يعترف المتهم بارتكاب الجريمة إثر إحاطته علما بالوقائع المسندة إليه فحينئذ يبادر إلى مناقشة تفصيلا في هذا الاعتراف منفيا عن كل ما يعززه من عناصر .
على المحقق أن يحمي المتهم من أي تأثر خارجي عليه أثناء الاستجواب حتى يمكن الاستناد ألي ما قد يسفر عنه الاعتراف أو دفاع أيا كان
إن يخضع المتهم و هو مقيد بالقيد الحديدي خشية هروبه فالقنون لا يحضر مثل هذا القيد لا أمام محكة الجنايات المادة 293 من قانون الإجراءات الجزائية
تتجرد برادة المتهم من التمييز و الاختيار إذا استجوب تحت التنويم المغناطيسي
يعد تحليف المتهم اليمين من قبل الإكراه الأدبي وكذلك استجواب المتهم ساعات طويلة حتى فيها و يعترف بما لا يريد الاعتراف به



المبحث الثاني: إجراءات التحقيق في حالة الجناية والجنحة المتلبس بها:
إذا كانت سلطات الضابطة القضائية والنائب العام في غير حالة التلبس تتمثل سبق الإشارة إليه في أعمال التحري والاستدلال بصفة عامة فإن هذه السلطات تتسع في حالة وقوع التلبس اتخاذ بعض الإجراءات الماسة بالحرية مثل القبض والتفتيش وكذلك الاستجواب وكلها بحسب الفصل كانت تعتبر من قبيل إجراءات التحقيق الابتدائي والتلبس هو حالة واقعية تبرر مباشرة بعض الإجراءات التي كانت يتمتع أساسا مباشرتها في إطار مرحلة التحقيق الأولى( جمع الاستدلالات) وتتطلب دراسة هذه الإجراءات سواء فيما تحوله من سلطات أو ما يرد عليها من قيود وضمانات أن تتوقف في مطلب أول عند تحديد ماهية التلبس قبل تحديد الإجراءات.

المطلب الأول: تعريف الجرم المشهود(التلبس) وشروطه :

الفرع الأول : تعريف التلبس:

التلبس أو الجرم المشهود هو نظرية إجرائية تعني مباشرة بعض السلطات وإجراء بعض أعمال التحقيق التي لا يجوز بحسب الأصل وفي الظروف العادية مباشرتها بالنظر لكون الجريمة قد وقعت في الحال بما لا يحتمل التباطؤ في مباشرة إجراءات المصلحة والتحقيق كما هو الحال في الأحوال العادية.
فالجرم المشهود إذن نظرية إجرائية فكرة الضرورة الملحة اتخاذ إجراءات لا تحتمل التأخير إزاء جريمة وقعت في التو أو منذ وقت جد يسير وهي ليست بذلك نظرية موضوعية تتعلق بأركان الجريمة أو نظرية شخصية تتعلق بالمسؤولية الجنائية للشخص .
وهكذا يمكن القول أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها وليس شخص فاعلها ويتحقق هذا الجرم المشهود بوصفه حالة عينية لا شخصية إذا تم إدراك الجريمة حال وقوعها أو عقب وقوعها ببرهة يسيرة أو إذا تتبع العامة الجاني بالصياح أو الصراخ أو إذا تم اكتشافها فور الانتهاء من ارتكابها وما زالت آثار بادية أو إذا ضبط شخص حاملا معه أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها على كونه مرتكبها وذلك في خلال 24 ساعة .
حيث نصت م 41 إ ج ج بقولها << توصف الجناية أو جنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها.
كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو وجدت آثار أو دلائل تدعوا إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة لاثباتها>>
التلبس هو حالة عينية تتصف بها الجريمة فهو ظرف يتعلق بالجريمة لا بالشخص الجاني ويتضح نص المادة 41 إ ج ج أنها نصت في الفقرة 01 على حالتين في التلبس:
-تلبس فعلي أي حقيقي أما الفقرة الثانية فهو تلبس حكمي أو اعتباري
أما الفقرة 03 فهي لا تلبس فعلي ولا تلبس اعتباري لكن صبغ عليها في تلك الحالة صبغة التلبس لقربها من التلبس الاعتباري( ).

الفرع الثاني : شروط صفة التلبس

لكي يكون التلبس صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية يجب أن يتوافر في كل حالة من حالاته الشروط الثلاثة السابقة:
1-أن يكون التلبس سابقا على اجراءات التحقيق التي تتخذ:
أي لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يقوموا بأي إجراء إستثنائي كالتفتيش وضبط الأشياء إلا إكتشافه حالة التلبس وإلا كان عمله باطلا ويترتب على بطلانه الدليل المستمد منه.


2- إكتشاف التلبس بمعرفة ضباط الشرطة القضائية أو تحقق منه بنفسه:
ويوجب القانون أن يكتشف ضابط الشرطة القضائية حالة التلبس بنفسه أو على الأقل يتحقق بشخصه من قيام تلك الحالة حتى يمكن له أن يمارس إجراء من إجراءات التحقيق و بالتالي يكون ذلك الإجراء صحيحا فلا يكتفي ضابط الشرطة القضائية بان يتلقى بلاغا أو بناءا عن طريق رواية الغير من الأفراد الذين شاهدوها بل يجب في حالة إبلاغه أن يتوجه هو بنفسه إلى مكان الجريمة ، والتلبس هنا يخص جرائم الجنايات وجرائم الجنح المعاقب عليها بالحبس ولا تطبق على الجنح المعاقب عليها بالغرامة.
إن حالة التلبس لا تثبت بشهادة الشهود من العامة ويستثنى من ذلك جريمة واحدة وهي جريمة الزنا تطبيق بحكم المادة 341 من قانون العقوبات
3-اكتشاف التلبس بطريق مشروع:
ويقصد به أن تكون وسيلة اكتشافه غير مخالفا للقانون أو الأخلاق وإلا كان التلبس وما بني عليه من إجراءات وما استمد منها من أدلة كلها باطلة ويكون التلبس بطريق مشروع إذا اكتشف عرضا أو باستخدام حيلة مشروعة وذلك على النحو التالي:
- إكتشافه عرضا: أي دون سعي وإتيان عمل إيجابي من جانب ضابط الشرطة القضائية.
- اكتشافه عن طريق استخدام حيلة مشروعة: أي أن يكون بسعي من ضابط الشرطة القضائية لكن السعي لا يخالف القانون ولا الأخلاق كأن يتنكر ضابط الشرطة القضائية بملابس مدنية ليستبدل بها ملابسه الرسمية وهي حيلة لا تتعارض مع القانون والأخلاق في شيء.
- اكتشاف التلبس أثناء القيام بإجراء صحيح: كأن يتوجه ضابط الشرطة القضائية لتفتيش مسكن المتهم في سرقة مجوهرات ويعثر على ساعة مسروقة في واقعة أخرى فالإجراء صحيح أصلا وحالة التلبس التي عرضت له تكون صحيحة ومشروعة وتترتب عليها مسؤولية صاحب المنزل عن كل جريمة جديدة ملتبس بها.





المطلب الثالث : حالات الجرم المشهود:(التلبس)
نصت عليها م 41 ق إ ج جزائري بقولها" توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تتبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو ووجدت آثار أو دلائل تدعوا إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قرارا تكتب في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة لإثباتها"
- التلبس هو حالة عينية تتفق بها الجريمة ذاتها فهو ظرف يتعلق بالجريمة لا بالشخص الجاني ويتضح من نص 41 إ ج ج أنها نصت في الفقرة 1 على حالتين للتلبس هي حالة التلبس الفعلي أو الحقي أما الفقرة 2 فهو تلبس حكمي أو اعتباري أما الفقرة 3 فهي لا تلبس فعلي ولا حكمي لكن المشرع أصبغ عليها بصبغة التلبس لقر بها من التلبس الاعتباري .
هنا وتجدر الإشارة أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد اللبناني قد نص على حالات التلبس في المادة 29-30 منه وهو بذلك تقريبا مطابق لقانون إ ج جزائري رغم الاختلاف في الصياغة إلا أنها تعتبر نفس الحالات من خلال المضمون.
أما المشرع المصري من خلال قانون إ ج فهو لم يذكر حالة واحدة هي حالة وقوع الجريمة داخل منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وفي مادة 30 التي تعرف التلبس.
وإخطاره للسلطات المختصة بالتحقيق.

الحالة الأولى: ارتكاب الجريمة في الحال:
وهي حالة التلبس الفعلي المنصوص عليها في ق 1 م 41 إ ج جزائري بقولها : << إذا كانت الجريمة مرتكبة في الحال>> وبقصد بهذه العبارة أن تشاهد الجريمة أثناء وقوعها أي وقت ارتكابها أي أن يشاهد ضابط الشرطة القضائية الجريمة بمعنى تقع أمام عينيه أو بدرعها بأحد حواسه ويعتبر التلبس قانونا عند مشاهدة الجريمة دون مشاهدة فاعلها.

الحالة الثانية: مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها:
يقصد بمشاهدة آثار الجريمة التي ارتكبت منذ يسير أي أن الجريمة تكون عندها لم تخمد نارها بعد، حيث يرى بعض الشراح أن هذه الحالة لا تعتبر تلبس حقيقي بل هي من قبيل التلبس الحكمي ، لكن أغلب الفقه والتشريعات تنص على أنها حالة تلبس حقيقي حيث أن الرأي الراجح يقول أن هذا الخلاف ليس له أثر قانوني إذ أن حالات التلبس سواء كان التلبس حقيقيا أو إعتباريا فحكمها واحد وآثارها القانونية واحدة.

الحالة الثالثة: تتبع المجني بالصياح إثر وقوع الجريمة:
وهي حالة من حالات التلبس الاعتباري ويستوي أن يكون التتبع بالصياح صادر عن المجني عليه أو أحد أفراد أسرته أو غيره من شهود الحادث أو الجيران ، وقد تكون المتابعة بالجري خلف المجني واللحاق به وقد يكون بالمشي خلفه أو بالإشارة إليه بالأيدي كما تكون بمجرد الصياح والقول إذا لم تتوفر القدرة على المتابعة.
ومن المتصور أن يطول أمد ملاحقة الجاني ومطاردته بسيارة على سبيل المثال ويحول طول مدة المطاردة دون توافر هذه الحالة من حالات التلبس ما دامت المطاردة مستمرة لم تنقطع وعلى أي حال فإنه لابد لقيام هذه الحالة أن يكون ثمة صراخ من الناس خلف الجاني وهم بصدد متابعة ولو لم يتبعوه بالفعل وبالتالي لا يدخل ضمن هذه الحالة ما يتناقله الناس من شائعات وما يتردد على ألسنتهم من أن شخصا بعينه هو مرتكب الجريمة .

الحالة الرابعة: حيازة المجني لأشياء تدل على مساهمته في الجريمة في وقت قريب جدا من وقوعها:
وهي إحدى حالات التلبس الاعتباري تكون فيها الجريمة قد وقعت منذ فترة قصيرة وشهود الجاني في وقت قريب جدا من وقوعها حائز للشيء أو الأشياء تكون قد استعملت في الجريمة أو تحصلت من ارتكابها حيث تعتبر قرينة قوية على ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها ولا يشترط أن يضبط المشتبه فيه في مكان الحادث أو قريبا منه ولم يحدد المشرع الفترة الزمنية.
هنا وتجدر الإشارة إلى الاختلاف الحاصل بين ق إ ج ج وقانون أصول المحاكمات الجزائرية اللبناني الجديد حيث ق إ ج ج جزائري يشترط حيازة الأشياء الدالة على مساهمته في الجريمة في وقت قريب جدا من وقوع الجريمة على خلاف القانون اللبناني الذي يفترض هذه الحالة وقوع الجريمة منذ مدة ليست باليسيرة وحددت المدة ب 24 ساعة على عكس القانون الجزائري الذي لم يحدد المدة الزمنية.

الحالة الخامسة: وجود آثار بالمشتبه فيه تدل على مساهمته في الجريمة:
في هذه الحالة يفترض مساهمته في الجريمة جناية كانت أم جنحة وهي حالة مستحقة عن الحالات التلبس حيث نرى ما يوجد بجسم المشتبه فيه أو ملابسه أو متعلقاته من آثار تدل على مساهمته في الجريمة التي وقعت في وقت قريب جدا .

الحالة السادسة: المبادرة بالإبلاغ عن الجريمة عقب اكتشافها:
نص المشرع على هذه الحالة في فقرة مستقلة في م 41 ق إ ج ج قائلا:<< تتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال لاستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها>> ويقصد هنا في هذه الحالة أن تقع الجريمة في وقت غير معلوم ثم يكتشف المجني عليه وقوعها بعد مدة من الزمن ولكنه عقب اكتشافها يقوم بإبلاغ مناط الشرطة القضائية المختص لإثبات الواقعة واتخاذ إجراءات الضبط اللازمة بغض النظر عن الوقت الذي انقضي بين ارتكابها وبين الإبلاغ عنها.
- وأضاف المشرع هذه الحالة بهدف إضفاء أهمية خاصة على الجرائم التي تقع في المساكن في غيبة أصحابها لذا حدد لها شروط ضمنية لأعمال هذا النص وهي:
* أن تقع الجريمة في منزل مسكون وفي غيبة صاحبه أو بغير عمله.
* أن يقوم صاحب المنزل بانكشاف الجريمة ويبادر فورا باستدعاء ضباط الشرطة القضائية .
* أن يقوم ضباط الشرطة القضائية بإثباتها.
إن حالات التلبس الست وردت على سبيل الحصر ولم ترد على سبيل المثال فلا يجوز القياس عليها ويترتب على توافر إحدى هذه الحالات آثار قانونية طالما كانت حالات التلبس مستوفية شروط الصحة السابق ذكرها.

المطلب الثالث : إجراءات التلبس في حالة الجريمة الملتبس بها
1- وجوب إخطار النيابة العمة والانتقال والمعاينة فورا (م42 ق اج ج) يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بلغ جناية ملتبس بها أن يخطر بها وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل دون تمهل الى مكان الجناية ويتخذ جميع التحريات اللازمة وعليه أن يسهر على المحافظة على الآثار التي تخشى أن تختفي وأن يضبط كل ما يمكن أن يؤدي الى إظهار الحقيقة، وأن يعرض الأشياء المضبوطة على الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجناية التعرف عليها ، ويسأل ضابط الشرطة القضائية ‘داريا ‘ذ تأخر في الانتقال لضبط الواقعة أو في حالة عدم إخطار وكيل الجمهورية.

2- سلطتهم بالنسبة للشهود: تطبيقا للمادة 50 ا ج ج يكون لضابط الشرطة القضائية منع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة ريثما ينتهي، من اجراء تحرياته وعلى كل شخص يبدو له ضروريا في مجرى إستدلالاته وكل من خالف احكام الفقرة السابقة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 10 أيام وبغرامة مالية قدرها 500 دينار ، كذلك م 51 ا ج ج تجيز لضابط الشرطة القضائية أن يحتجز شخص أو أكثر من شهود الحادث إذ كانت مقتضيات التحقيق تتطلب لك على الا تتجاوز مدة الحجز 48 ساعة.

3-سلطتهم بالنسبة لندب الخبراء: هو ما تضمنته المادة 49 ا ج ج إذا اقتضى الأمر إجراء معاينات لا يمكن تأخيرها فالضابط الشرطة القضائية أن يستعين بأشخاص مؤهلين لذلك وعلى هؤلاء الأشخاص الذين يستدعيهم لهذا الاجراء أن يحلفوا اليمين كتابة على إبداء رأيهم بما يمليه عليه الشرف والضمير.

4- سلطتهم بالنسبة لاحتجاز المتهمين أو أوامر بإحضارهم أو القبض عليهم أو تفتيشهم
أ-احتجاز المتهم: لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس حق استدعاء المتهم على اعتبار أن القانون خول له هذا الحق المطلق في مواجهة كل شخص يبدو له ضروريا في إجراء استدلالاته القضائية التعرف على هويته أو التحقق من شخصه وأن يتمثل له الجميع في كل ما يطلبه من إجراءات.
أن يكون لضابط الشرطة احتجاز المتهم لمدة 48 ساعة حسب ف 1م51 إ ج ج كما يجوز له أن يحتجزه لفترة مماثلة بشرطين:

* أن يقوم دلائل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل على اتهامه.
* أن يحصل تصريح كتابي من وكيل الجمهورية بعد أن يقوم هذا الاخير بتدقيق الملف أي بعد الاطلاع

على أوراق محضر جمع الاستدلالات كأنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالحجز لمدة 48 ساعة بناءا على مذكرة متابية مسببة بدون الاطلاع على المحضر الخاص.
ب-الأمر بالإحضار : ( م110 إ ج ج) وهو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله أمامه فورا كما يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالإحضار على أن يبلغ الأمر في كلتا الحالتين وينقد بمعرفة أحد ضباط الشرطة القضائية.
كما تنص المادة 116إ ج ج على أنه إذا رفض المتهم الامتثال لأمر الإحضار أو حاول الهرب بعد إقراره أنه مستعد للامتثال إليه يجب إحضاره جبرا عن طريق القوة.

جـ - الأمر بالقبض: وهو الذي يصدر إلى القوات العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه أو حبسه فيها ويجب على رجال القوة العمومية تسليم صورة من الأمر بالقبض للشخص نفسه.

د- ضبط المتهم بمعرفة ضباط الشرطة القضائية: م 61 إ ج ج نصت على أنه لكل فرد من عامة الشعب الحق في ضبط مرتكب الجناية أو الجنحة لتسليمه إلى أقرب ضابط شرطة قضائية وذلك في حالات التلبس بالجناية أو الجنحة المعاقب عليها بالحبس.
هـ- تفتيش شخص المتهم: وهو إجراء جوهري من إجراءات التحقيق فلا يجوز لضابط الشرطة القضائية القيام به دون أن يكون الحق لا بذلك بمقتضى نص قانوني أو بدون أن يكون قد صدر له أمر باتخاذ هذا الإجراء من قبل سلطة التحقيق التي تملك هذا الحق .
5- سلطتهم في تفتيش مساكن المتهمين وغيرهم: يقصد بالتفتيش البحث في مستودع عن أدلة تفيد إثبات الجريمة أو نسبتها إلى متهم معين:
 المسكن: كل من سيكون فعلا أو معد للسكن سواء كان الشخص يقيم به بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة.
- وقد نصت المادة 44 إ ج ج على أنه في حالات التلبس يجوز لضباط الشرطة القضائية الانتقال إلى مساكن الاشخاص الذين يكونون ساهموا في الجناية أو يحرزون أوراق أو أشياء متعلقة بالأفعال الجنائية ويجري تفتيشها ويحرر عنه محضرا.

الخـــاتــمة




نادى الفقه بمبدأ شرعية القواعد الموضوعية ليضع حدا لتحكم السلطة و تعسفها تجاه الأفراد, إلا أن هذا المبدأ لا يكفي وحده للتخفيف من حدة الضغط على الحريات التي تتضمنه النصوص الموضوعية لأن هذه الأخيرة تهدف إلى حماية كيان المجتمع, و من ثم قد تكون هذه الحماية على حساب حريات الأفراد بحيث يمكن لجهات المتابعة ملاحقة الفرد تحت غطاء مخالفته للقاعدة الجنائية الموضوعية لتنزل به الجزاء المقرر لهذه المخالفة. الأمر الذي قد يترتب عليه طي حقوقه و انتهاك حريته و يختل عندئذ التوازن بين مصلحة الفرد و مصلحة المجتمع.
لذلك يأتي قانون الإجراءات الجزائية ليضع توازنا عادلا بين مصلحة مرتكب الجريمة في ضمان حريته و مصلحة المجتمع صاحب الحق في معاقبته للدفاع عن نفسه, غير أنه يمكن للسلطة أن تسن قانونا يحدد سلطتها ينظم أساليب ملاحقة المجرم في الحدود التي تمكنها من تقرير حقها في العقاب دون مراعاة حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه.
و من جهة ثانية فإن القواعد الإجرائية تنطوي على أحكام تمس حرية الفرد من خلال إجراءات الخصومة الجنائية التي تباشرها الدولة بواسطة ممثليها.
و عليه نلاحظ أن النظام الجنائي بشقيه يعرض الحريات الفردية للانتهاك نتيجة مباشرة الدولة سلطتها في التجريم و الجزاء و في مباشرة الخصومة الجنائية و التنفيذ العقابي لذلك نادى الفقهاء بمبدأ شرعية القواعد الإجرائية باعتبارها ركيزة أساسية من حيث أنه مكمل للشرعية الموضوعية.

zoubour
2011-02-22, 18:41
بارك الله فيك أخي ياسين على هذه المواضيع القيمة التي انت دائما تبهرنا بها و جعلها الله في ميزان حسناتك

sahraoui20001
2011-04-27, 16:16
انت مشكور على هذا العمل ولكن لو زودتنا ببعض المراجع

NEWFEL..
2011-04-29, 08:52
http://i45.tinypic.com/293il3n.gif