yacine414
2011-02-21, 11:34
المقدمة:
شرع الله الزواج وسيلة للاستقرار والتناسل لذلك جعله أبديا، تستقر فيه النفس كل من زوجين .
وقد اشترطت الشريعة الإسلامية لهذا العقد الرضاية والاستمرار حيث بينت انه لا زواج بإكراه أحد الزوجين على من يختاره بمحض إرادته شريكا له في حياته وعدم صحة عقد الزواج إذا كانت الصيغة التي أتنشئ بها العقد تدل على ترقيته كما وضع له مقاصد وأهداف تتمثل في إنشاء علاقة زوجية قائمة على المودة وحسن المعاشرة فتكون هذه العلاقة أساسا لتكوين آسرة متماسكة ومتعاونة في الحياة.
والزواج يعرفه بعض الفقهاء بأنه عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع. وهذا تعريف بالغاية والمقصد. وهو ما يسمى عند المناطقة التعريف بالرسم. وإنه بلاشك من أجدى غايات الزواج حل الاستمتاع. وقد قال السرخسي في المبسوط:" ليس المقصود بهذا العقد قضاء الشهوة، وإنما المقصود ما بيناه من أسباب المصلحة ولكن الله تعالى علق به قضاء الشهوة أيضا ليرغب فيه المطيع والعاصي. المطيع للمعاني الدينية والعاصي لقضاء الشهوة بمنزلة الإمارة ففيها قضاء شهوة الجاه.بل المقصود بها إظهار الحق".
والمقصود من الزواج عند الشارع وعند الشارع وعند العقلاء: " انه عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة بما يحقق ما يتقاضاه الطبع الانساني وتعاونهما مدى الحياة ويحدد مالكاليهما من حقوق وما عليه من واجبات"( )
بخصوص الحكمة من الزواج فقد اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم سنة الإسلام فقال:"وإن من سنتنا النكاح ''.وبذلك فالزواج هو عماد الآسرة الثابتة التي تتلقى الحقوق والواجبات فيها بتقديس ديني.يشعر الشخص فيه بأن الزواج رابطة مقدسة تعلوا بها إنسانيته كما آن حفظ النوع الإنساني كاملا يسير في مدارج الرقي.إنما يكون بالزواج أيضا الزواج هو الراحة الحقيقية للمرأة على السواء.
إلا آن هذه العلاقة الزوجية قد تتعرض لما يحول دون تحقق أهدافها لذلك مثلما جعل الله الزواج جعل الطلاق كحل نهائي نتيجة الشريعة الإسلامية في حالة انسداد الطريق بين الزوج وزوجته فلا يستطيعا الاستمرار بالعيش معا و أول ما نجده من الأسئلة التي تفرض نفسها على الباحث هو لماذاكانت العصمة بيد الرجل لابيد المرآة آو بصفة أخرى ماالسبب في جعل الطلاق بيد الرجل ؟
وللإجابة على هذا الغموض نقول أن حل الرابطة الزوجية الصحيحة هو من جانب الزوج حفاظا على الزواج. وتقديرا لمخاطر إنهائه لان الرجل الذي دفع المهروأنفق على الزوجة والبيت يكون عادة اكثر تقديرا العواقب الأمور وابعد عن الطيش في تصرف يلحق به ضررا كبيرا، والمرآة غالبا اشد تأثرا بالعاطفة من الرجل فإذا ملكت التطليق فربما أوقعت الطلاق لأسباب بسيطة لا تستحق هدم الحياة الزوجية. يستتبع الطلاق أمورا مالية من دفع مؤجل المهر ونفقة العدة والمتعة وهذه التكاليف المالية من شأنها حمل الرجل على التروي في إيقاع الطلاق، فيكون من الخير والمصلحة جعله في يد من هو احرص على الزوجية وأما المرآة فلا تتضرر ماليا بالطلاق فلا تتروى في إيقاعه بسبب سرعة تأثرها وانفعالها.
ولكن بمقابل ذلك جعل الله للزوجة منفذا إذا ما أرادت توقيف استمرار الحياة الزوجية عن طريق طلب التطليق وهو التفريق بين الزوجين بناءا على حكم قضائي فما هي باتري الحكمة من تشريع التطليق؟
يظهر ذلك في آن الحاجة إلى الخلاص من تباين الأخلاق وطروء البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى فكان تشريعه رحمة منه سبحانه وتعالى.
فالتطليق علاج حاسم وحل نهائي أخير لما استعصى حله على الزوجين و آهل الخير والحكمين بسبب تباين الأخلاق وتنافر الطباع غالبا وتعقد مسيرة الحياة المشتركة بين الزوجين أو بسبب الإصابة بمرض لا يحتمل أو عقم العلاج له مما يؤدي إلى ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء فيكون التطليق منفذا للخلاص من المفاسد و الشرور الحادثة.
فالتطليق إذا ضرورة لحل مشكلة الآسرة ومشروع للحاجة ويكره عند عدم الحاجة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق" وقوله : " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ".
وما قد يترتب على التطليق من أضرار وبخاصة الأولاد يحتمل في سبيل دفع ضرر أشد واكبر عملا بالقاعدة " أخف الضررين''.
التطليق تشريع استثنائي للضرورة بعد أن تسلك الزوجة المراحل التي يعتقدها البعض واجبة قبل طلب التطليق وهي :المعاشرة بالمعروف وتحمل الأذى والصبر ثم الوعض والهجر.
وسوف نتعرض في بحثنا هذا إلى موضوع التطليق في فصلين:
ندرج ضمنه إنها الزواج بالإرادة المنفردة للزوجة
ندرج ضمنه انحلال الزواج بالإرادة المشتركة للزوجين مستعينين في ذلك بالتشريع والفقه الجزائريين كأساس ،ومدرجين ما تراه بعض الدول الأخرى.
منتهجين طريقة البحث الاستدلالي والتحليلي الذي يساعد في مثل هذه الموضوعات على استقصاء الحقائق والوقوف على ما يراه رجال الفقه ورجال القانون.
وبخصوص المصادر والمراجع المعتمد عليها.فيمكن القول أننا وفقنا في العثور على المادة الأولية التي كانت وقود لإنشاء هذه المذكرة .
أماعن الدراسات السابقة لهذه الدراسة، فالملاحظ أن أكثر من تطرق إلى موضوع التطليق، تناوله في فصل من الفصول فكان بذلك جزءا لموضوع الطلاق عموما عند أكثر الدارسين.
المقـدمة.
الفصل الأول : انحلال الزواج بالإرادة المنفردة للزوج:
المبحث الأول : التطليق لعدم الإنفاق.
المطلب الأول :مفهوم الإنـفاق .
المطلب الثاني : التطليـق والإنفــاق.
المبحث الثاني: التطلـيق للعــيوب .
المطلب الأول : مفهوم العـيوب .
المطلب الثاني : التطليق والعيوب.
المبحث الثالث: التطليق للهجر في المضجع .
المطلب الأول :مفهوم الهجر .
المطلب الثاني : التطليق والهجر.
المبحث الرابع : التطليق للحكم بعقوبة .
المطلب الأول :مفهوم العقوبة المسـببة للتطليق.
المطلب الثاني : التطليق للعقوبة .
المبحث الخامس: التطليق للغياب.
المطلب الأول : مفهوم الغياب الموجب للتطليق .
المطلب الثاني : التطليق بسبب الغياب .
المبحث السادس: التطليق للضرر .
المطلب الأول : مفهوم الضرر الموجب للتطليق .
المطلب الثاني : التطليق للضرر.
المبحث السابع : التطليق للفاحشة.
المطلب الأول :مفهوم الفاحشة الموجبة للتطليق .
المطلب الثاني : الفاحشة الموجبة للتطليق بين القانون والشرع .
المبحث الأول: الطلاق بالتراضي .
المطلب الأول : مفهوم التراضي المجيز للطلاق .
المطلب الثاني : رضا الزوجين في الطلاق .
المبحث الثاني : الطلاق بواسطة الخلع .
المطلب الأول: مفهوم الخلع .
المطلب الثاني : شروط الخلع .
المبحث الثالث: تكيف الخلع وتحديد طبيعته القانونية .
المطلب الأول : تكييف الخلع.
المطلب الثاني : طبيعة الخلع القانونية .
المبحث الرابع :مقابل الخلع وتحديد مقداره .
المطلب الأول : مقابل الخلع.
المطلب الثاني :تحديد مقدار مقابل الخلع .
المبحث الخامس:خلع الصغيرة المميزة وخلع المحجور عليها .
المطلب الأول :خلع الصغيرة .
المطلب الثاني: خلع المحجور عليها .
المبحث السادس :الخلع بين الطلاق والفسخ.
المطلب الأول :الخلع طلاق.
المطلب الثاني: الخلع فسخ.
المبحث الساابع : آثار الخلع .
الخاتمة.
مقدمة:
إضافة إلى طرق انحلال الزواج الوارد ذكرها في المادة 47 من قانون الآسرة الجزائري نجد المادة 48 من نفس القانون تنص بأن حل عقد الزواج يتم أيضا بإرادة الزوج آو بتراضي الزوجين آو بطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين 53 و54 من هذا القانون وبذلك فقد يكون سبب انحلال الرابطة الزوجية بإرادة الزوجة عن طريق طلب التطليق لسبب من الأسباب المنصوص عليه في المادة53 من قانون الآسرة وحل عقد الزواج بطريقة طلب الزوجة للتطليق يعتبر سببا من صنع الزوجة وتنفيذا لرغبتها.
حيث منح المشرع الجزائري للزوجة في نص المادة 53 من قانون الآسرة حق طلب التطليق من زوجها وإنهاء الرابطة الزوجية القائمة بينهما وهذا بناءا على إرادتها المنفردة واستنادا إلى القانون.غير أن الملاحظ أن المشرع إذا كان قد منح للزوج حق طلب الحكم له بحل الرابطة الزوجية القائمة بينه وبين زوجته دون آن يقيد طلبه بقيد معين ومن غير أن يشترط عليه أي شرط خاص، فإن حق المرآة في طلب حل الرابطة الزوجية بمقتضى إرادتها المنفردة قد قيده بحالات معينة ورد النص عليها على سبيل الحصر في المادة53 من قانون الآسرة وسوف ندرج هذه الحالات على شكل مباحث لدراستها دراسة معمقة.
يذكر عبد العزيز سعد بأنه عندما يكون انحلال عقد الزواج سيقع بناءا على رغبة الزوجة وردت عبارة " التطليق "أو " التفريق'' في مختلف البلدان العربية فيقول :" آما نحن فإننا نعتقد آن كلا من عبارة التطليق وعبارة التفريق ليس لأي منهما سوى مدلول اصطلاحي محلي ضيق لا يخدم قضية توحيد التشريعات العربية ،ويمكن أن نقول إضافة إلى ذلك آن جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن انحلال عقد الزواج لم تكن تستعمل سوى عبارة " الطلاق'' سواء كان طلب انحلال عقد الزواج صادر عن رغبة الزوج أو صادر عن رغبة الزوجة أو عن رغبتهما معا .
وحبذا لوان المشرع الجزائري قد اكتفى باستعمال عبارة '' الطلاق'' في جميع الحالات دون تفريق بين أن يكون انحلال العقد بناء على إرادة الزوج المنفردة أو بناءا على إرادة الزوجة استنادا إلى أحد الأسباب الوارد ذكرها في المادة53 من قانون الآسرة.أما ما يمكن أن نأسف له فهو أن يشتمل القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية على ثلاثة عبارات اصطلاحية مختلفة حيث عبر عن انحلال عقد الزواج بالفرقة وقال في المادة 83 : '' تقع الفرقة بين الزوجين بإرادة الزوج وتسمى طلاقا وبإرادة الزوجين وتسمى خلعا وبحكم من القاضي تسمى تطليقا أو فسخا * .وهكذا بدل أن يوحد هذا القانون شتات المصطلحات تشتت هو مع هذه العبارات والمصطلحات وبدل أن يختصر ويوحد مصطلحات المختلفين جمع اختلافاتهم وتبناها'' ( )
المبحث الأول : التطليق لعدم الإنفاق:
المطلب الأول :مفهوم الإنفاق :
لقد نصت المادة 53 في فقرتها الأولى بأنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لعدم الإنفاق وإنهاء الرابطة الزوجية استنادا إلى إرادتها المنفردة في حالة:'' عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه مالم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع مراعاة المواد 78 ،79، 80 من هذا القانون ''.
والإنفاق ينحصر في انه على الزوج تجاه زوجته جميع حاجتها من مأكل وكسوة ومسكن سواء أكان زوجها غنيا أم فقيرا لأنها إنما استحقتها في مقابل حق زوجها في احتباسها لمصلحته.
وقد أشار عبد العزيز سعد:'' أن قانون الأسرة الجزائري قد جارى معظم قوانين البلاد العربية الإسلامية وأخذ بما ذهب إليه الأئمة الثلاثة الإمام مالك والشافعي واحمد بن حنبل من جواز التطليق أو التفريق لعدم الإنفاق استنادا إلى الآية 231 من سورة البقرة:'' ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا''، وذلك خلافا لما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة من عدم جواز التطليق لعدم الإنفاق لأن الزوج في رأيه أو في نظره لا يخلوا من أن يكون معسرا أو موسرا ويقول انه إذا كان معسرا فلا ظلم لها ولا اعتداء منه وإن كان موسرا وامتنع عن الإنفاق وظلم زوجته فإن ظلمه لا يعاقب عليه بالتطليق أو التفريق بينه وبين أم بنيه بل يمكن معاقبته ببيع ماله ودفعه إلى الزوجة للانفاق منه على نفسها(1).
يضيف عبد العزيز سعد مشيرا:"إلى أن قانون الأسرة وإن نص على عدم الإنفاق كسبب من الأسباب التي تمنح الزوجة حق طلب الحكم لها بالتطليق من زوجها فإنه لم يفرق بين حالتين هما حالة عدم الإنفاق مع قدرة الزوج على ذلك وهو ما نسميه بالامتناع عمدا عن الإنفاق المقرر قانونا وشرعا.
وحالة عدم الإنفاق مع عجز الزوج عن ذلك وهو ما نسميه عدم القدرة المالية على الإنفاق بسبب البطالة .أو بسبب عجز الزوج عجزا جسديا يقعده عن العمل من اجل كسب رزقه ورزق زوجته وأولاده وهما حالتان نعتقد انه يجب التفريق أو التمييز بينهما، ويجب أن لا يكون حكمهم في القانون حكما واحدا .
1 * عبد العزيز سعد :الزواج والطلاق في قانون الآسرة الجزائري ص 257
ونشير أخيرا إلى أن قانون الأسرة وان نص على أن علم الزوجة بإعسار الزوج قبل أو وقت الزواج يسقط حقها في طلب التطليق بعد الزواج فإنه لم ينص على الحالة التي يكون فيها الزوج موسرا أو موسر جدا قبل وقت الزواج ثم تتغير الأمور بسبب الحروب أو الكوارث أو كساد سوق العمل أو غيرها ،ويصبح الزوج بعدها معسرا لا يجد ما ينفقه على نفسه ولا على زوجته ولا على أطفاله.
كما لم ينص على الحالة التي يكون فيها الزوج قد أعسر وعجز عن الإنفاق بعد الزواج وان الزوجة غنية ولها مال يكفيها للإنفاق على نفسها وعلى أطفالها، وأيضا على زوجها مما يحملنا على الاعتقاد بأنه ليس منطقيا ولا معقولا أن يمنح القانون للمرأة الغنية الموسرة حق طلب التطليق من زوجها المعسر إذا كان عسره عن الإنفاق ناتجا عن أسباب لا دخل له فيها أو أسباب لا طاقة له بها ولا قدرة له على تحاشيها آو ردها. وكانت الزوجة غنية وثرية أو لها دخل مالي معتبر ''(1).
وقد ذكر بلحاج العربي :'' نلاحظ حول المادة53 فقرة01 بأن المشرع الجزائري لم يفرق بين حالة امتناع الزوج عن الإنفاق مع قدرته على ذلك وحالة امتناعه عن الإنفاق مع عدم قدرته أو إعساره . وانه لم يحدد مقدار لنفقة التي أن أعسر الزوج بها أو امتنع عنها فرق القاضي بينهما. كما انه لم ينص على أي اجل يتعين مروره بين تاريخ الحكم بوجوب النفقة وتاريخ إقامة الدعوى أو طلب التطليق مما يستوجب الرجوع إلى أحكام الفقه المالكي لتكملة النص باعتبار المالكية هي مصدر التشريع في هذه المسألة، وليس كما ذهب بعض الشراح استنادا إلى المادة 222 قانون الأسرة، باعتبار أن بعض المذاهب لا تعترف أصلا بالتطليق لعدم الإنفاق او التفريق للإعسار كالمذهب الحنفي مثلا ''.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/عبد العزيز سعد :الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ص 257 .258.
2 بلحاج العربي :أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي الجزء الأول ص236
المطلب الثاني : التطليق و الإنفاق:
لقد اشترط المشرع الجزائري شروطا لابد من توافرها حتى يمكن للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها لعدم الإنفاق.
الشرط الأول: عدم إنفاق الزوج على زوجته بالرغم من استحقاقها للنفقة طبقا لنص المادة 74 من هذا القانون والتي تقضي:'' تجب نفقة الزوجة على زوجها بالدخول أو دعوتها إليه....''
وامتناعه قصدا وعمدا عن تقديم ما تحتاجه من غذاء ولباس وعلاج ومسكن إلى غير ذلك من الأشياء التي تعتبر من الضروريات في العرف والعادة وذلك طبقا لنص المادة 78 من هذا القانون التي تقضي بان النفقة تشتمل على الغذاء والكسوة والعلاج والسكن أو أجرته(1) وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة.
الشرط الثاني: أن يكون قد صدر حكم من المحكمة بوجوب نفقة الزوجة على زوجها وهذا يعني أن الزوج قد يمتنع عن الإنفاق على زوجته امتناعا حقيقيا لمدة من الزمن وان الزوجة قد أقامت دعوة أمام المحكمة ضد زوجها وأثبتت امتناعه من الأنفاق واستصدرت حكما على الزوج بأنه يجب أن ينفق عليها ويدفع لها مبلغا معينا يقدره القاضي ويذكره في حكمه مراعيا في تقديره حالة الطرفين وظروف المعاش.
الشرط الثالث :يجب أن لا تكون الزوجة عالمة بحالة بإعسار الزوج وقت إبرام العقد بحيث إذا استطاع الزوج أن يثبت بأنها كانت عالمة بإعساره وفقره المادي وقت إبرام العقد ورضيت بحاله
الذي هو عليه إلى أن دخل بها، فإن حقها في طلب التطليق يكون قد سقط برضاها بحاله ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بتطليقها من زوجها بسبب إعسار كانت تعلمه وقت إبرام العقد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قانون الأسرة الجزائري ص91
ملف رقم 197739 قرار بتاريخ 21 /07/1998
قضية ق ا ضد ب ن
سكن لممارسة الحضانة
أحوال شخصية:
إلغاء الحكم المستأنف في شقه المتعلق برفض تخصيص مسكن الحضانة والحكم من جديد بإلزام الأب بدفعه للحاضنة مبلغ 4000 دج بدل لأجرة السكن -طعن بالنقض - لان للحاضنة ولي يقبل إيواءها-رفض الطعن -
آن أجرة مسكن الحضانة تعتبر عنصرا من عناصر النفقة ومنها فإنها من التزامات الأب تجاه أولاده المحضونين إلا أن تقديرها يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع.
نشرة القضاء العدد 56/99 ص37
الشرط الرابع: يجب أن يكون الإنفاق الممتنع عن تقديمه هو إنفاق مثل زوجها على مثلها بمعنى أن يكون الإنفاق الممتنع عنه الزوج حسب مداخيله وموارد رزقه المالية لأنه لا يجوز للزوجة أن تزعم عدم الإنفاق عليها إذا طلبت طلبات تفوق دخل زوجها وتعجزه عنها، لذلك فإذا ما توافرت هذه الشروط مجتمعة فإن من حق الزوجة أن تلجي إلى القضاء وتطلب التطليق من زوجها حالا بعد أن تكون قد تضررت من عدم الإنفاق عليها.
وقد استند الأحناف في رأيهم المذكور سابقا إلى قوله تعالى : ''لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها.''
وأيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل لزوجة آبي سفيان حق طلب التطليق حين شكت إليه شح زوجها وإنما أمرها أن تأخذ من مال آبي سفيان ما يكفيها وولدها ولولم يأذن لها زوجها في الأخذ.
والصحابة كان فيهم الموسر والمعسر وكان المعسرون أضعاف الموسرين ولم يرد ما دل على التفريق بين المعسر وزوجه.
وعدم إنفاق الزوج على زوجته ان كان لفقره وعجزه فهو معذور فلا ظلم منه ويجب انتظار ميسرته لقوله تعالى :'' وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة'' وذلك خلافا لما ذهب إليه المالكية من جواز التفريق لعدم الإنفاق إلا إذا كانت الزوجة عالمة بإعساره.
ويرى الحنابلة (1) أن الزوج إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرآة مخيرة بين الصبر عليه وفراقه وحجتهم في ذلك قوله تعالى:'' فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ''.
وعند الشافعي واحمد لا يسقط حقها في طلب الطلاق إذا رضيت بإعسار زوجها لان رضاها بالإعسار في الماضي تنازل عن حق واجب (2)ولعله كان رجاء ميسرة ولا يصح أعماله في النفقة المستقبلة التي لم تجب وقد واجه بعض الفقهاء الإمام مالك بأنه لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى بالتفريق لعدم النفاق أو للإعسار فقال:"ليس الناس اليوم كذلك إنما تزوجته رجاء، فقد تغيرت أخلاقهم وتركوا أمور دينهم فما ذنب الزوجة إذا سلك زوجها طريق الفساد حتى بدد ماله ولم يترك لها ما يستر عورتها أو ما تسد به حاجتها" فرأي الإمام مالك يتميز بالوجاهة والواقعية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 احمد الغندور،الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص157
2-علي حسب الله :عيون المسائل الشرعية ص207
المبحث الثاني: التطليق للعيوب:
المطلب الأول: مفهوم العيوب :
جاء في نص المادة 53 الفقرة الثانية قانون الأسرة الجزائري انه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها بسبب وجود عيب به فيمكنها إنشاء الرابطة الزوجية في حالة:'' العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج ''، والعيوب كما حصرها الكثير من الفقهاء هي مثل الجب والعنة والخصاء بالنسبة للرجل والرتق والقرن بالنسبة للمرأة والجنون والجذام والبرص بالنسبة لكل منهما لأنها هي التي تعوق عما يقصد بالزواج من التمتع والتناسل وقد قال ابن القيم على أن الاقتصار على عيبين أو ستة أو أكثر لا وجه له. فالعمى والخرس والطرش أو كون الزوجة أو الزوجة مقطوع اليدين من أعظم المنفرات والقياس على أن كل عيب ينفر الزوج الأخر منه ولا يحصل به مقصود الزواج من المودة والرحمة يوجب الخيار. كما قال أبن القيم كذلك:: كيف يمكن أحد الزوجين من الفسخ بقدر العدسة من البرص ولا يمكن منه بالجرب المستحكم وهو اشد من البرص اليسير وكذلك غيره من أنواع الداء العضال "(1).
كما ذكر بلحاج العربي انه يجب أن يكون العيب المتصل بالزواج من العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج، أي تمنع من الدخول أو الاستمتاع الجنسي وكذا الأمراض الضارة أو المنفرة التي تعكر صفو الحياة الزوجية القائمة على الآلفة والمودة ولقد أحسن المشرع الجزائري صنعا عند ما لم يحدد العيب ولم يذكر الأمثلة وترك الأمر للسلطة التقديرية للقاضي على أساس معيار موضوعي، وهو هل العيب يحول أم لا دون تحقيق الهدف من الزواج ؟(2)
ــــــــــــــــــــــ
1-احمد الغندور: الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص127
2بالحاج العربي: أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي الجزء الأول ص237
المطلب الثاني : التطليق والعيوب :
القانون الجزائري في الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون الأسرة لهذا العيب الذي منحت الزوجة بموجبه حق طلب التطليق من زوجها إذا وجدته به " العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج " غير أن الملاحظ هنا أن المشرع لم يبين نوع هذا العيب الذي يحول دون تحقيق هدف الزوج والذي يمكن الزوجة حق طلب التطليق.
ها هو العيب الجنسي أم العيب غير الجنسي بل اعتمد عبارة عامة ومطلقة قد تشملها معا وعلى رأي بعض رجال القانون فان المشرع الجزائري حسنا فعل كما سبق وأن أشرنا بالمطلب السابق و ذلك لأن العيوب أو العلل أو الأمراض أو الأمراض التي تحول دون تحقيق أهداف الزواج كثيرة و متنوعة ومن الصعب جدا حصرها أو تحديدها فيبقى من حق الزوجة أن تطلب من القضاء أن يحكم بالتطليق بينها و بين زوجها لأي عيب من العيوب التي تحول دون تحقيقي الأهداف الشرعية التي من أجلها شرع الزواج مثل الاستمتاع الجنسي , إنجاب الأولاد , المحافظة على الأنساب ...
وعليه فإذا اكتشفت الزوجة عيبا بالزوج لم يكن معلوما قبل الزواج (1) أو اطلعت على مرض حدث له قبل الزواج أو بعده و من شأنه الحيلولة دون ممارسة العلاقات الجنسية مثل الخصاء أو أن يكون المرض كمن شأنه الحيلولة دون التناسل و إنجاب الولد مثل العقم أو أن يكون لمرض من شأنه دفع الزوجة إلى النفور من زوجها و الاشمئزاز من مرضه أو الخوف من اذائه و حضر تصرفاته مثل مرض السيدا و غيرها من الأمراض الخطيرة و المعدية مثل الجنون و المرض المتكرر المستمر فإن من حقها أن تدفع الضرر عن نفسها بتوجهات إلى القضاء لوضع حد لحياتها الزوجية بطلب الحكم لها بالتطليق من زوجها المعيب أو المريض أو العليل وللمحكمة أن تدرس هذه.
(1): قرار المحكمة العليا1966 في قضية أخفى الزوج فيها عجزه الجنسي حين العقد
م ج 1968 , عدد 4 ص 1220
الحالات بالاستناد إلى كل الأدلة الممكنة مثل شهادات الشهود و الشهادات الطبية و التقارير المعتمدة من طرف ذوي الخبرة أو بأية وسيلة أخرى.(1)
تنص المادة 54/04 من القانون المغربي بأنه يستعان بأهل الخبرة من الأطباء في معرفة العيب و لقد قررت المحكمة العليا في حكمها الصادر في 8 فبراير 1982 بأن عيوب الفرج ليست كلها موجبة للطلاق بمجرد الادعاء بها بل لابد من معرفة مصيرها ومدى قابلية العيب للعلاج ،وفي هذه الحالة لابد من ضرب اجل للمصاب بها لمعالجتها فإن وقع الحكم عليه قبل معرفة ذلك وضرب أجل له للعلاج ففي ذلك مخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية (2).
و في قرار لمحكمة النقض السورية جاء ما يلي: ''إن تقاضي الزوجة النفقة لا يعتبر رضاء منها بعلة الزوج وإن انتظار الزوجة مدة طويلة غير كافية في الدلالة على رضاها بعلة الزوج.''(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مجلس تلمسان 28/ديسمبر 1967، م.ج 1968 عدد4، ص1213 وفي القضية طلب المجلس القضائي الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء.
2 المحكمة العليا 8 فبراير 1982 غ.ا.ش ، نشرة القضاء 1982 ، ص254 .
3محكمة النقض السورية . حكم رقم 49 . بتاريخ 29 افريل 1967
المبحث الثالث: التطليق للهجر في المضجع:
المطلب الأول : مفهوم الهجر :
الهجر أن يدير الزوج ظهره لزوجته في الفراش فلا يهتم بها الاهتمام المنوط بالزوج ولا يعاشرها جنسيا، حتى انه يعتبرها غير موجودة بجانبه مثل أن يترك فراش الزوجية أو غرفة نوم الزوجية لينام في فراش آخر أو في غرفة أخرى وهذا بدون سبب شرعي ولمدة تزيد عن أربعة اشهر كاملة ومتتالية قصد الإضرار بها.
ويرى بعض المفكرين أن هجر الزوج للزوجته من اشد ضروب الضرر.
المطب الثاني : التطليق والهجر:
جاء في قانون الآسرة الجزائري المادة 53 الفقرة الثالثة: ''الهجر في المضجع فوق أربعة اشهر ''، فعد بذلك المشرع الجزائري الهجر من الأسباب التي تجيز للزوجة أن تطلب التطليق وإنهاء الرابطة الزوجية إلا نه اشترط شروطا أساسية لتمكينها من ذلك.
الشرط الأول: أن يهجرها زوجها ويترك فراش الزوجية مديرا لها ظهره ولا يعاملها في الفراش معاملة الأزواج.
الشرط الثاني : أن يدوم هذا الهجر لمدة زمنية تفوق الأربعة اشهر متتالية دون انقطاع بحيث لا يقع بين الشهر والآخر أي اتصال جنسي بينهما .
الشرط الثالث: آن يكون الهجر عمديا وبقصد الإضرار بها وليس له ما يبرره شرع ولاقانونا، أما إذا كان الهجر قد وقع وكان له ما يبرره قانونا مثل:وجود الزوج في المستشفى للعلاج او وجوده بمكان آخر للقيام بعمل لكسب الرزق أو أثناء أداه لواجب الخدمة الوطنية. في مثل هذه الحالات وغيرها لا يقبل أن يمنحها القانون حق طلب التطليق من زوجها بسبب الهجر في المضجع.
والملاحظ أن قانون الآسرة الجزائري أهمل الايلاء لأنه حسب رأي بعض الشراح يمينا معلق على شرط فأبعده ليضيق من نسبة الطلاق في المجتمع (1)وهذا رأي صائب باعتبار أن الإيلاء من الطلاق المعلق على شرط أو المضاف إلى الزمن المستقبل وقد اعتبره بعض الفقهاء بأنه بدعة كالحلف بطلاق وطلاق الثلاث بلفظ واحد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1:الأستاذ فضيل سعد: شرح قانون الأسرة الجزائري الجزء 1 ص 279-280
ومن هنا حاول القانون الجزائري أن يبعد الايلاء من نصوص القانون تضيقا لدائرة الطلاق. وتخفيضا لنسبة تطوره عن طريق التقليل من أسبابه.
والمالكية يجعلون من الهجر أن يمتنع عن الكلام مع زوجته.أو يؤثر عليها غيرها في الكلام، أو يعرض عنها بوجهه ولذلك يكون من الضرر الذي يجوز التفريق بينهما إذا طال لمدة لا تحتملها ما لم يكن لسبب مشروع وقد لاحظ القضاء المصري هذه الناحية في بعض أحكامه.
فقد صدر حكم بتطليق في مثل هذه الحالة من محكمة شبين القناطر الشرعية في 8 أكتوبر 1932 ثم تأيد من محكمة الاستئناف في 11 ديسمبر 1932 وقد قرر الحكم الذي تأيد هذه القاعدة:
'' الهجر في المضجع مدة لا تحتملها الزوجة يبيح التطليق للضرر''.(1)
بذلك اتفق الفقهاء على عدم شرعية الهجر عن قصد وبدون سبب شرعي وكذا الهجر لمدة تزيد عن أربعة شهور كاملة فإذا أساء الزوج استعماله حق التأديب عن طريق الهجر في المضجع فلزوجته أن ترفع أمرها إلى القاضي، وطلب التطليق للضرر الذي يلحقها من الزوج من جراء هجره إياها.(2)
وعلى القاضي أن يتأكد من وجود واقعة الهجر الحقيقي بدون سبب شرعي مقبول، وان يتجاوز هذا الهجر أربعة اشهر متتالية وبدون انقطاع وبعد مراعاة العنصر المعنوي المتمثل في نية الإضرار بالزوجة مما يستوجب عليه البحث عن سبب الهجر ونية الزوج الحقيقية، وبذلك دون العنصر المادي اللاشرعي والعنصر المعنوي فإنه لا يجوز للقاضي أن يحكم للزوجة بالتطليق.(3)
و قد اشترطت المحكمة العليا في حكمها الصادر في 27 مارس 1968 بأنه يجب أن يكون الطلاق منجزا. غير معلق على شرط و لا مضافا إلى المستقبل و يكون ذلك باللفظ الصريح الذي يفهم منه أن الزوج طلق زوجته. (4)
كذلك لم يذكر المشرع الجزائري الظهار لندرة استعماله في الحياة الواقعية، و الظهار هو أن يقول الزوج لزوجته أنت علي كظهر أمي، أو هو تشبيه الزوج زوجته بامرأة محرمة عليه تحريما أبديا. و قد حرم الإسلام ذلك لما فيه من إضرار بالزوجة.
1- احمد الغندور:الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص141
2-محكمة تلمسان 18 ديسمبر 1970 .رقم 172 .و12 ماي 1972 رقم 53 .المحكمة العليا ،6 نوفمبر 1968 ،ن. ق.1968 .ص 128،127
3- الأستاذ عبد العزيز سعد : الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري ص233،232
4-. المحكمة العليا. غ.م.27 مارس 1968، م.أ.س وزارة العدل ، ج1 ، ص 24 مكرر.
و أما اللعان فهو شهادات أربع مؤكدات بحلف اليمين يؤديها الزوجان أمام القضاء اذا ما قذف الزوج زوجته بالزنى أو نفى نسب ولدها مقرونة من جانب الزوج باللعنة و من جانب الزوجة بالغضب. (1)
و تتم التفرقة بين الزوجين بمجرد تمام اللعان أمام القاضي و هي فرقة مؤكدة عند جمهور الفقهاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المحكمة العليا الجزائرية 12 ديسمبر 1973، المحاماة ، عدد 3.1975، ص 48.
المبحث الرابع : التطليق للحكم بعقوبة:
المطلب الأول : مفهوم العقوبة المسببة للتطليق:
نصت الفقرة الرابعة من المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة:" الحكم بعقوبة شائنة مقيدة لحرية الزوج لمدة أكثر من سنة فيها مساس بشرف الأسرة.و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية".
و العقوبة هي جزاء جنائي يتضمن إيلاما مقصودا يقرره القانون و يوقعه القاضي على من تثبت مسئوليته عن جريمة.(1)
وعن مفهوم العقوبة المسببة للتطليق ذكر الأستاذ المحاضر الشيخ دلول بالمركز الجامعي-سوق أهراس- متسائلا عن كيفية تقدير العقوبة الشائنة و هل العبرة بالفعل أم بالعقوبة. فقد يكون الفعل شائن و العقوبة أقل من سنة، أو تكون العقوبة أكثر من سنة و الفعل غير شائن.
كذلك لابد أن ترقى العقوبة إلى حد بحيث تصبح فيه قرينة على استحالة الحياة الزوجية و تعذر الاستمرار في الرابطة الزوجية بما وصلت إليه من البغض و الكراهية و الحقد بسبب ما ينشأ بين الزوجين من خلافات و خصومات و تباين وجهات النظر مما يسمح للزوجة أن ترفع دعوى أمام المحكمة لطلب التطليق بعد مضي سنة من الحبس أو السجن. و التطليق مأخوذ من المذهبين المالكي و الحنبلي خلافا للشافعية و الحنفية و قد نص ابن تيمية على أن الأسير و المحبوس كحكم الغائب.(2)
و لقد جاءت صياغة الفقرة 4 من المادة 53 رديئة جعلت وصف " شائنة" غامضا منصرفا إلى العقوبة و ليس إلى الفعل المعاقب عليه، و بذلك فالمشرع كما يرى الأستاذ فضيل سعد يكون قد وصف القاضي بالشينة و القبح و ترك العمل الشائن الذي ارتكبه المجرم. (3)
وهو ما جاء في التقرير التكميلي لمشروع قانون الأسرة الذي قدم للنواب من أن المشرع كان يقصد الأفعال التي تنعكس أثارها على الثقة الزوجية. (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الدكتور علي عبد القادر القهوجي: علم الإجرام و علم العقاب ص 228.
2- الإمام محمد أبو زهرة: الأحوال الشخصية.ص 430
3- الأستاذ فضيل سعد شرح قانون الأسرة الجزائري ج 1 ص 289، 290 واقترح الأستاذ الفاضل أن يكون الصواب في التعبير أن يقول المشرع:"الحكم بعقوبة لمدة أكثر من سنة عن أفعال شائنة.....
4- راجع التقرير التكميلي لمشروع قانون الأسرة، المجلس الشعبي الوطني.ص65
المطلب الثاني: التطليق للعقوبة:
أجاز قانون الأسرة الجزائري للزوجة حق طلب التطليق من زوجها في حالة تعرضه إلى الحكم بعقوبة شائنة، و قد اشترط في التطليق للحكم بعقوبة شائنة توافر الشروط التالية:
الشرط الأول: صدور حكم قضائي ضد الزوج حائز لقوة الشيء المقضي به ولم يعد قابلا للطعن فيه بالطرق القانونية للطعن العادية منها وغير العادية بجريمة أو أفعال شائنة ارتكبها.
الشرط الثاني:أن تكون العقوبة مقيدة للحرية، أي تتضمن عقوبة بدنية بالسجن والحبس فإن كانت بالحبس مع وقف التنفيذ أو الوضع تحت المراقبة أو الحكم بالغرامة فقط أو الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية أو كانت العقوبة متصلة بالحياة التجارية كعقوبة الإفلاس، فإنه لا يجوز للزوجة في مثل هذه الحالات أن تطلب التطليق.
الشرط الثالث: أن تكون هذه العقوبة المقيدة للحرية أكثر من سنة كما نصت الفقرة الرابعة من المادة 53 من قانون الأسرة مما يفيد انه لا يجوز للزوجة أن تطلب التطليق إلا إذا كان الحكم الذي صدر ضد زوجها يتضمن عقوبة بالسجن لمدة سنة فما فوق.
الشرط الرابع: أن تكون العقوبة على أفعال شائنة أي تعلق الفعل بأعمال شائنة منافية للأخلاق وان تكون متصلة بشرف الأسرة مثل جريمة الاعتداء على العرض والاغتصاب...
الشرط الخامس: أن تكون هذه الأفعال المعاقبة عليها بعقوبة تستحيل معها مواصلة العشرة والحياة الزوجية، أي تتوتر العلاقات بين الزوجين بسبب هذا الحكم وأثاره فتنتج عنه خلافات حادة و خصومات مستحكمة فتصبح الحياة الزوجية جحيم.
فإذا توفرت هذه الشروط مجتمعة فإنه يجوز للزوجة أن ترفع دعوى قضائية لتطلب الحكم لها بالتطليق من زوجها وفقا لأحكام الفقرة الرابعة ويكون من الجائز للمحكمة أن تقضي بتطليقها.
قد جاء عن عبد العزيز سعد: '' وبعبارة أكثر وضوحا يمكن أن نقول أن طلب التطليق إستنادا إلى حكم بعقوبة تستلزم توفر كل هذه الأوصاف مجتمعة هو تطليق يضع القاضي في دوامة لا حدود لها ويجعل من الصعب على الزوجة الحصول على حكم به.
أما ما نعيبه على البند 4 من المادة 53 فهو انه قد منح الزوجة حق طلب التطليق من الزوج المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة أكثر من سنة.
ولكن دون أن يفرق بين أن تكون هذه العقوبة منفذة حالا. وبين أن تكون موقوفة التنفيذ، ودون أن يشترط بوضوح تعليق ممارسة هذا الحق على مضي أكثر من سنة على إقامة الزوج محبوسا في المؤسسة العقابية. لان من الممكن أن يحكم عليه بالحبس لمدة أكثر من سنة مع وقف التنفيذ ،ومن الممكن أن يحكم عليه بأكثر من سنة ثم يصدر عليه عفو عام أو خاص بعد مضي عدة أيام أو عدة شهور قليلة فقط وهو مالا يتوفر معه الغرض الشرعي والقانوني لمنح الزوجة حق طلب التطليق بسبب الحكم على زوجها بعقوبة مقيدة لحريته تفوق سنة (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1-د/عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ص268
المبحث الخامس: التطليق للغياب:
المطلب الأول : مفهوم الغياب الموجب للتطليق:
من الحالات التي أجاز فيها القانون صراحة للزوجة أن تطلب الحكم بتطليقها من زوجها ما تضمنته المادة 53 من قانون الأسرة في فقرتها الخامسة والتي تنص: " الغيبة بعد مضي سنة بدون عذر ولا نفقة ''.
وتجدر الإشارة إلى أن التطليق للغياب لا يقوم على أساس الضرر المتوقع فقط، ومن هنا يشترط قصد الزوج الإضرار بزوجته أو الإيذاء بتعنت، لأنه غاب ولم يعلمها فيجب معاقبته بإيقاع الطلاق عليه، فإن لم يقم به قام القاضي مقامه فيه.(1)
وعن الغياب الموجب للتطليق نذكر انه إذا تضررت الزوجة لغياب زوجها وطلبت التفريق بينها وبينه فقد اختلف الفقهاء في ذلك فمثلا لم يشترط المالكية أن يكون الغياب بغير عذر مقبول أما الحنابلة فقد اشترطوا ذلك.(2)
ويرى الحنفية والشافعية عدم التفريق لغيبة الزوج.لانعدام ما يصح أن يبنى على التفريق، لأنهم يرون انه لا فسخ بغيبة،وانه لا فسخ مادام الزوج موسرا وإن انقطع خبره.
وقد كان العمل في مصر والسودان ''يجري على هذا الرأي.حتى صدر القانون رقم 25سنة1929.والمنشور الشرعي السوداني رقم 17 سنة 1915فقد جرى العمل في هذا الموضوع على مذهب المالكية.
ويرى المالكية جواز التفريق لغيبة الزوج. فقد جاء في شرح الحطاب:''واعلم أن الغائبين عن أزواجهم خمسة. وذكر القسم الرابع. وهو غائب خلف نفقة، ولا شرط لإمرأته عليه.وهو مع ذلك معلوم المكان فهذا يكتب له السلطان، أما أن يقدم أو ترحل إليه امرأته أو يفارقها و إلا طلق عليه، والتفريق لغيبة الزوج جائز عند المالكية، سواء أكانت الغيبة بعذر أم بدون عذر(3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-بلحاج العربي: أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي . الجزء الأول .ص253
2– بلحاج العربي : الرجع السابق ص253 عن الدكتور عبد الرحمان الصابوني شرح القانون السوري ج2 ص 79.
3- محكمة تلمسان 18 ديسمبر 1970 رقم 172. حيث ضرب القاضي للزوج الهارب عن بيت الزوجية le mari deserteur بأربعة اشهر للعودة إلى مسكنه .
والغائب الذي يقصده المشرع الجزائري هنا هو الذي نص عليه في المادة 110 من قانون الأسرة بقوله:''الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة، وتسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود ''.
فبعد أن حددت المادة 110 مفهوم الغائب، فإن المادة 112 والمادة 53 من قانون الأسرة قد خولتا الحق للزجة في طلب التطليق للغياب من جراء الضرر الذي لحقها أما إذا كان الزوج الغائب يتواجد بمكان معلوم، بحيث يمكن الاتصال به فإن القاضي يضرب له آجلا ويعذر إليه بأن يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها.
فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولم يبد عذرا مقبولا تأكد القاضي من استمرارها على طلب الفراق.ثم يحكم بينهما بتطليقه بائنة(1)
المطلب الثاني: التطليق بسبب الغياب:
حتى تتمكن الزوجة من ممارسة حقها في التطليق بسبب الغياب وهذا ما جاء بنص المادة 53 الفقرة الخامسة، أوجب لها المشرع شروطا لابد من توافرها هي كالتالي:
الشرط الأول: آن يتغيب عنها زوجها غيبة طويلة تفوق مدة سنة من يوم غيابه، إلى يوم رفع الدعوى، لأنه لا يجوز لها رفع دعوى ضد زوجها مطالبة بتطليقها منه بسبب غيابه الذي لم يمض عليه سنة من الزمن.
الشرط الثاني: أن يكون غيابه بغير عذر مقبول ودون سبب شرعي.
فيكون بذلك متعمدا أضرارها وإيذاءها، بحيث لو غاب الزوج عن زوجته لمدة سنة أو أكثر وكان غيابه في إطار خدمة عامة، أو أداء واجب الخدمة الوطنية في مكان بعيد أو ما شابه ذلك فإنه لا يقبل من الزوجة في مثل هذه الحالات أن ترفع دعوى أمام القضاء وتطلب الحكم لها بالتطليق.
الشرط الثالث: يجب أن يكون هذا الزوج الغائب لمدة سنة كاملة، وبدون عذر شرعي أو قانوني،لم يترك لها مالا تستطيع الإنفاق منه على نفسها وعلى الأولاد،لأنه لو ترك لها ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بلحاج العربي : أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي ص254 .عن مدونة القانون المغربي للمادة 57
المال، فلا يجوز لها طلب التطليق، لان طلب التطليق للغياب يقوم على أساس الضرر الواقع بها، وليس الضرر المتوقع فقط.
ويمكن آن نضيف إلى آن المقصود بالغيبة الواردة في المادة 53 /5 قانون آسرة هي غيبة الزوج عن زوجته بإقامته في بلد آخر غير الذي تعيش فيه، وأما الغيبة عن بيت الزوجية وعيشه في بيت آخر في نفس البلد، فهو من الأمور التي تدخل في الضرر الذي نص عليه المشرع في الفقرة السادسة من نفس المادة (1) .
وعن مركز الأخبار آمان بأيلول 2002.23 البحرين: تفاصيل مشروع قانون الأحوال الشخصية كتبت هناء المحروس:"...أما التطليق للغياب والفقدان فللزوجة طلب التطليق بسبب غياب زوجها المعروف موطنه أو محل إقامته بلا عذر مدة سنة ولو كان له مال لاستيفاء النفقة منه ''.(2)
وبذلك فقد اتفق المشرع الجزائري والمشرع البحريني في اعتبار غياب الزوج سببا 'يجيز للزوجة طلب التطليق وفك الرابطة الزوجية بحكم من القاضي، وهذا الاتفاق لانجده إلا في الغياب فحسب بل في مواطن متعددة منها حق طلب الزوجة التطليق من زوجها لضررعدم الإنفاق، وكذلك في حالة هجر الزوج لزوجته في المضجع، أيضا إذا ما تعرض الزوج للحكم بعقوبة شائنة، وقد زاد المشرع الجزائري على المشرع البحريني اعتبار انه إذا ارتكب الزوج فاحشة مبينة، فإن للزوجة حق طلب التطليق لذلك. وما يلاحظ أن اغلب التشريعات تصب اجتهاداتها في وحدة قانونية تعدد الحالات التي يجوز فيها للزوجة أن تطلب فك الرابطة الزوجية على أساسها.
ـــــــــــــــــــــــــ
1-الأستاذ: فضيل سعد: شرح قانون الآسرة الجزائري الجزء 1ص295
2- www. Amanjordan.org/arabic-news/wmview.phppART/D=3151
المبحث السادس: التطليق للضرر:
المطلب الأول: مفهوم الضرر الموجب للتطليق:
تعتبر حسن المعاشرة بين الزوجين من الحقوق المشتركة بينهما، وعلى كل منهما أن يحاول دفع الضرر عن الأخر، لتحقيق الهناء في الحياة الزوجية، وذلك لقوله تعالى: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ''.
وقد روي عن النبي صلى الله عيه وسلم انه قال في حجة الوداع:''إن لكم من نسائكم حقا، وان لنسائكم عليكم حقا ''.
وبالتالي لا يجوز للزوج أن يلحق الضرر بزوجته سواء بضربها ضربا مبرحا أو ظلمها أو الإساءة إليها.
قد ورد قي الفقرة السادسة من المادة 53 من قانون الأسرة مبدأ يمنح من خلاله للزوجة حق التطليق من زوجها وتنص الفقرة على:"كل ضرر معتبر شرعا، ولاسيما إذا نجم عن مخالفة الأحكام الواردة في المادتين 8.و37 أعلاه.
إذن فللزوج حق تأديب زوجته بمقتضى ولايته ورئاسته في الآسرة (م39 /1 قانون الآسرة) مثلما وجبت عليه النفقة الشرعية حسب وسعه والعدل في حالة تعدد الزوجات. لكن قد يحدث وان يسئ الزوج استعمال حقه، وهنا يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة الضرر préjudice المعتبر شرعا.
إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي لايستطاع معه دوام العشرة بينهما وثبت الضرر وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه(1) ويكون الضرر معتبر شرعا إذا لم يوفر الزوج السكن اللائق الشرعي (2) أو أهمل النفقة الشرعية(3)
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ بلحاج العربي : أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي:الجزء الأول ص 255
2ـالمحكمة العليا :11 ديسمبر 1968 مجلس الأعلى للقضاء. وزارة العدل . ج1 ص 79 مكرر مجلس تلمسان 16 مارس 1967، م ج 1968 ، عدد 4 ، 1221
3المحكمة العليا 15 ديسمبر 1980 ،رقم 21823 ن ق 1981 2 مجلس تلمسان 18 جانفي 1967
م.ج 1968. عدد4 ص 217
أو أساء معاشرة الزوجة (1) عن طريق إهانات خطيرة أو جسيمة (2)injures graves أو قساوة المعاملة sévices (3) ،أو انه ترك البيت الزوجي (4) ،أو تهرب من الواجبات الزوجية بدون سبب شرعي (5).
وفي مثل هذه القضايا لم يقيد المشرع الجزائري سلطة القاضي التقديرية فيما يتعلق بالضرر، والقاضي في هذا التقدير الموضوعي لايكون بدوره خاضعا لرقابة المجلس والمحكمة العليا.
فإذا قامت الزوجة بادعاء الضرر وأثبتته، يقوم القاضي بتطليقها إذا عجز عن الإصلاح ويكون ذلك بطلقة بائنة.
أم إذا رفض طلب التطليق، وتكررت الشكوى، وعجزت الزوجة عن إثبات الضرر، اختارت المحكمة حكمين للتوفيق والإصلاح بينهما، ويشترط في الحكمين أن يكونا رجلين عدلين من آهل الزوجين إن أمكن، وعليهما التعرف على أسباب الشقاق وبذل الجهد في الإصلاح ثم تقديم تقرير للقاضي خلال شهرين وعلى القاضي أن ينظر في القضية على ضوء هذا التقرير (6).
وإنه في حالة عجز الحكمان، وثبوت الضرر حكم القاضي بتطليقها منه وألزمه بالتعويض عن الضرر سواء أكان ماديا أو معنويا إذا طلبت الزوجة ذلك(7).
وتستند هذه الأحكام المستمدة من الفقه الى قوله تعالى :" وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ، ان الله كان عليا خبيرا " سورة النساء الآية 35.
ـــــــــــــــــــــ
1محكمة إستاف تونس .14 جويلية 1966.م ت ق 1968 ،قضاء ص99
2- المحكمة العليا .11 ديسمبر 1968.ن.ش 1968، ص134 –137
3-المحكمة العليا .غ.ج 24 مارس 1970.م.ج 1971،جوان ،ص 555
4-محكمة تلمسان 12 ماي 1972
5 –C h.Rev.Mars 8Novembre 1952 N°7 8Avril 1931.RA1933.2.18
6-راجع المادة 56 ق مغربي، المواد 112 – 115 ق سوري، المواد 6 –11 –ق مصري لسنة 1929 المواد 127 –135 –ق كويتي
7- يحكم القاضي طبقا لسلطته التقديرية، المجلس الأعلى، 11 ديسمبر 1968
ومهمة الحكمين في رأي المالكية لا تقف عند الإصلاح بين الزوجين، بل تتجاوزها إلى طلب التفريق بينهما إذا لم يجدا سبيلا لهذا الإصلاح ( )، وأن التطبيق بسبب الشقاق والضرر يعتبر طلاقا بائنا ، لا يجوز للزوج أن يراجع زوجته مادامت في العدة ( ).
المطلب الثاني: التطليق للضرر:
المشرع الجزائري عالج مسألة حق الزوجة في طلب التطليق للضرر، وأورد عبارة عامة جدا وشاملة وهي عبارة " كل ضرر معتبر شرعا " فلم يتقيد بضرر معين مما يجعل سلطة القاضي، التقديرية للضرر في هذا المجال ستكون موضوعية ومطلقة ولا يقيدها أي قيد.
وبهذا الخصوص يرى بعض رجال القانون أن المشرع الجزائري أحسن صنعا عندما لم يحدد أنواعا معينة من الضرر، لأن ما يعتبر فيه ضررا للزوجة، قد لا يكون كذلك بالنسبة لأخرى كما أن الضرر المعتبر شرعا في زمن ولدى جماعة معينة ، قد لا يكون كذلك بالنسبة لزمن آخرأو جماعة أخرى .
وعموما يجوز للزوجة التي تزعم أن زوجها قد قام بعمل تجاهها نتج عنه ضرر لها سواء في معاملته لها، أو في إهانتها أو في عدم القيام بواجباته نحوها، أن تقوم برفع دعوى أمام المحكمة لتطلب التطليق دفعا للضرر الذي يقع عليها عبئ إثباته بكل الطرق القانونية.
وعن مركز الأخبار أمان بأيلول 23. 2003 البحرين ، تفاصيل مشروع الأحوال الشخصية عن هناء المحروس :" أما التطليق للضرر والشقاق فلكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي منع دوام العشرة بينهما ، كما على القاضي بذل الجهد لإصلاح ذات البين، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح وأثبت الضرر حكم بالتطليق " (3).
جاء عن عبد العزيز سعد:" أما ما هو جدير بالذكر في هذا المقام، فهو أن القانون لم يذكر في نصوصه أي معيار أو ميزان للتمييز بين كون هذا الفعل صادر عن الزوج تجاه زوجته يشكل ضررا للزوجة أم لا. وهذا يعني تقييم الفعل الصادر ومعرفة كونه ضارا أو غير ضار ينبغي أن يقيم من وجهة نظر اجتماعية وثقافية محضة، لأن ما يعتبر ضار وجارح بالنسبة لزوجة ما قد لا يكون جارح وضار لزوجة غيرها. لهذا فان معيار الضرر هو معيار شخصي، وان مهمة القاضي في التفريق بين الفعل الضار وغير الضار مهمة شاقة وصعبة. خاصة ونحن في زمن قلت فيه الأمانة، وضعفت فيه النفوس، وسيطرت على الناس المنفعة والأنانية، وطغى عليهم الجحود والفجور(1).
جاء عن أحمد الغندور أن القضاء المصري الشرعي قد أقر هذه النظرة الطبيعية العادلة، وقد قرر هذه القاعدة: " تطلق الزوجة إذا أضر بها أو طعنها في عقلها، وأهليتها، أو جرح عواطفها، أو خدش بالقول كرامتها، وكرامة أسرتها مع وجود أجنبية في منزله، وزوجته بعيدة عنه، وتعريضه بتربيتها تربية غير طبية وتقديمه رسائل كتبتها إليه كان يجب أن تظل مكتومة بينهما ، وقد تأيد هذا الحكم استأنا فيا وجاء فيه :" أن ضرر الزوج بزوجته أمر تقديري يصوره القاضي بحسب مايرى من منزلة الزوجين . وما يكون بين أمثالهما، تطبيقا للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929. وأن الضرب وان كان خفيفا يعتبر ضررا من الزوج لزوجته متى كانا من طبقة محترمة لم يتعود أفرادها هذا النوع من التأديب..." (2).
1- الأستاذ عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري : ص 271
2- أحمد الغندور : الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون :ص 140
المبحث السابع: التطبيق للفاحشة:
المطلب الأول: مفهوم الفاحشة الموجبة للتطليق:
آخر فقرة من نص المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري، أجازت للزوجة أن تطلب التطليق في حالة ارتكاب الزوج فاحشة مبينة UNE FAUTE IMMORALE GROSSE والمقصود بالفاحشة هنا. هو الخطأ المخل بالآداب والأخلاق بصفة خطيرة وجسيمة في ضوء الشريعة الإسلامية السمحاء، وهي حالة. أو سبب من أسباب التطليق يكاد ينفرد بالنص عليها قانون الأسرة الجزائري دون سواه من قوانين البلاد العربية الإسلامية الأخرى. وقد وردت في القرآن الكريم آيات عديدة تصور الفاحشة في المسائل التي تخل بالسلوك وبالأنظمة إخلالا كبيرا، كقوله تعالى:" ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " وقوله عز وجل:" ولا تخرجوهن من بيوتهن. ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. وتلك حدود الله. ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " وقوله أيضا:" قل إنما حرم ربا الفواحش ما ظهر منها وما بطن..."
المطلب الثاني " الفاحشة الموجبة للتطليق بين القانون والشرع:
يعتقد بعض القانونيين، منهم عبد العزيز سعد أن حالة الطلاق للفاحشة المبينة يمكن أن يشملها البند 4 أو 6، وبذلك يكون المشرع قد نص عليها بطريقة ضمنية غير مباشرة ومع ذلك يمكن أن نقول استنادا إلى الآيات الشرعية رقم 14، 15، 18، 21، 24. من سورة النساء أن المقصود بالفاحشة في هذا البند هو فعل الزنا مما يمس بالأمانة الزوجية وبكرامة الزوجة (1)كما أوضحه عبد العزيز سعد.وعليه فانه في حالة ارتكاب الزوج فاحشة مبينة كالشرك بالله، أو الاعتداء على قاصرة والانحراف عن السلوك السليم والقيام بالسلوك الإجرامي الذي يتنافى مع المنطق العقلي السليم وإرادة المجتمع (2)الإيجابية النفعية. فانه في كل هذه الفرضيات أن ترفع الزوجة أمرها للقضاء طالبة التطليق.
وحينئذ يحكم لها القاضي بذلك متى ثبت ارتكاب الزوج للفاحشة، وللقاضي سلطة تقديرية وموضوعية مطلقة في هذا الشأن(3).
1 الأستاذ عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري : ص 275 .
2 الأستاذ فضيل سعد : شرح قانون الأسرة الجزائري الجزء 1 ص 298-299
3 المحكمة العليا . 10أكتوبر 1968 . ن.س . 1968 ، ص 121- 124 .
بهذا نكون قد تعرضنا لكل الحالات التي يجيز فيها المشرع الجزائري للزوجة حق طلب التطليق من زوجها. والتباين بين مختلف الدول العربية ليس كبيرا فعن المركز المصري لحقوق المرأة تحت عنوان قوانين المرأة بين الشريعة وقوانين الأحوال الشخصية:" يذكر بأن المجتمع المصري شهد في الآونة الأخيرة جدالا كبيرا حول مسائل الأحوال الشخصية وذلك أثناء مناقشة قانون ضنه البعض تعديل لقانون الأحوال الشخصية إلا أنه تعديل إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وقد ناقشت القوانين سالفة الذكر مسائل النفقة والطلاق والغياب والفقد والنسب وغيرها وذلك في المسائل التي تتعلق بالعلاقات الأسرية ..."
ففي حالة تأثر العلاقة الزوجية فقد شرع الطلاق للرجل والخلع للمرأة ، أما قوانين الأحوال الشخصية منذ 1925 فقد جعلت الطلاق حق للرجل دون شرط أو قيد ، وفيما يتعلق بالمرأة ذكر الطلاق على مال والمراد به الخلع ، دون ذكر أي إجراءات تتعلق به مما جعله غامضا وغير مفهوم لذا لم بلفت أنظار إلا القلة ، ولم يعط للقضاء فرصة لتطبيقه، وقد أورد ذلك القانون الحق للمرأة في طلب التطليق عن طريق القاضي . ولكنه حصره في خمس شروط بدل سبعة شروط في قانون الأسرة الجزائري بالمادة 53 منه والشروط التي ذكرها المشرع المصري هي:
1- التطليق لعدم الإنفاق.
2- التطليق للضرر.
3- التطليق لغيبة الزوج.
4- التطليق لحبس الزوج.
5- التطليق للعجز والمرض ( ).
وبالرجوع إلى المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري نلاحظ أن المشرع لم يهمل حق المرأة في فك الرابطة الزوجية بالطلاق، فان وجدت الزوجة نفسها ضمن الحالات المنصوص عليها قانونا ولم تجد السعادة في الحياة الزوجية واستحال دوام العشرة ، ترجع سلطة التفريق بينها وبين زوجها للقاضي ، بما له من ولاية رفع الظلم (2)
وقد توسع المشرع الجزائري في حالات التطليق. وهذا تبعا لسياسته التشريعية، في حماية حقوق المرأة ، وإعطائها الوسائل القانونية التي يمكنها بواسطتها دفع الضرر عن نفسها ، خاصة وقد كثرت الشكوى من بقاء الطلاق بيد الرجال . يتلاعب به شرارهم، ويستعملونه سلاحا للانتقام من المرأة بشتى الوسائل ( ).
مقدمة:
الخلع يجيء عل ألسنة فقهاء الشريعة الإسلامية، فيراد به أحيانا معنى عام وهو الطلاق على مال تفتدي به الزوجة نفسها وتقدمه لزوجها سواء أكان بلفظ الخلع أو المبارأة أو كان بلفظ الطلاق، وهذا هو الشائع عند الكثيرين الآن. وأحيانا يطلق ويراد به معنى خاص، وهو الطلاق على مال بلفظ الخلع، أو ما في معناه كالمبارأة، وهذا كان شائعا على ألسنة المتقدمين من الفقهاء، فكان الطلاق على مال بلفظ الطلاق قسيم الخلع، ولم يكن هذا شاملا له داخلا في عمومه. والأحكام المنصوص عليها بعضها يعم والآخر يخص الطلاق على مال بلفظ الخلع أو المباراة والإمام محمد أبو زهرة يختار إرادة المعنى العام.
وهذا النوع من الطلاق شرطه هو شرط الطلاق عامة، وإنما ميزه عن غيره أنه طلاق في نظير مال تقدمه الزوجة لزوجها.
يقول تعالى:" ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " .هذه الآية الكريمة أباحت للمرأة أن تقدم مالا تفتدي به نفسها وأباحت للرجل قبوله في نظير الطلاق عندما يخافان ألا يقوما بحق الزوجية (1)
أثناء تعرضنا إلى موضوع التطليق الذي ذكره المشرع الجزائري في نص المادة 53 من قانون الأسرة، ارتأينا أن نخوض في موضوع الخلع الذي يدرج ضمن فك الرابطة الزوجية بالإرادة المشتركة للزوج والزوجة معا.
والذي لفت انتباهنا ودفعنا إلى ذلك هو نقطة الانطلاقة في التطليق والخلع إذا كان من جانب الزوجة، حيث وجدنا أنه في كلتا الحالتين نقطة البدء هي إرادة المرأة، ومثلما نص المشرع الجزائري على إجازة طلب التطليق من الزوجة في نص المادة 53 من قانون الأسرة، فقد أجاز لهذه المرأة أيضا في نص المادة 54 من قانون الأسرة حقها في أن تخالع نفسها من زوجها ، وهذا ما جاء بنص المادة :" يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الإنفاق عليه ، فان لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم .
من ذلك يتضح أن الاشتراك ليس في قرار المخالفة، وإنما هو يتمثل في الاتفاق على المال الذي تقدمه الزوجة لزوجها ، وعند عدم الاتفاق فالكلمة للقاضي وفق الإجراءات التي نصت عليها المادة 54من قانون الأسرة .
فوجدنا أن التطليق والخلع اذا كانا من جانب الزوجة، هما دفع من الزوجة لفك الرابطة الزوجية ، لذلك أردنا التعريج على موضوع الخلع ، لاعتقادنا أنه في جانب منه يصب في محور موضوعنا ويخدمه.
كما أننا وجدنا أن المادة 53 قانون الأسرة الجزائري ، ذكرت في فقرتها السادسة كل ضرر معتبر شرعا ولا سيما اذا نجم عن مخالفة الأحكام الواردة في المادتين 8و 37 أعلاه ، دون تحديد مقاييس الضرر المعتبر شرعا .
وعن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلع، من سنن النسائي عن الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي . فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم – فأرسل إليه، فقال:" خذ الذي لها عليك وخل سبيلها " قال : نعم . فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه تتربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها ." ( )
وتساءلنا عما إذا كان الضرب الذي وقع عنه الخلع إذا ما كان يمكن نسبه إلى الضرر المعتبر شرعا في نص المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري .
من هنا كان بين التطليق والخلع باب مفتوح يسمح بالتسلل من التطليق الى الخلع والتسلل من الخلع إلى التطليق .
فكان هذا حافزنا لإدراج موضوع الخلع ونحن بصدد موضوع التطليق.
المبحث الأول : الطلاق بالتراضي : Le Divorce Par Consentement Mutuel
المطلب الأول: مفهوم التراضي المجبر للطلاق:
لقد خول قانون الأسرة أن يتفقا على إنهاء الرابطة الزوجية، بإرادتيهما المشتركة وهو ما ورد النص عليه في المادة 48:" الطلاق حل عقد الزواج ويتم بإرادة الزوج أو تراضي الزوجين..."
وهذا يعني أنه يمكن بناءا على رغبتيهما المشتركة ( )، أو بناءا على طلب أحدهما وقبول الآخر ( )، أن يتراضيهما بالإحسان ودون خصام أو نزاع والفقه الفرنسي يعبر عنه بالطلاق اللطيف أو الظريف. Le Divorce Gracieux مقابل الطلاق بالمنازعة أو النزاعDivorce *******ieux عند عدم التراضي بين الزوجين ( ).
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد توسط طريقة فك الرابطة من قبل الزوج وفكها بطلب من الزوجة سواء عن طريق التطليق أو الخلع بطريقة ثالثة، فأباح الاتفاق على الطلاق مثلما تم الإتفاق على الزواج.فينهيان العقد الأول بعقد ثان لا ظلم فيه لأحد بالمعروف والإحسان ( ).
وبهذا المفهوم فالطلاق بالتراضي يسمح للزوجين. في مصلحة الأسرة والأولاد، بالوصول إلى إيقاع الطلاق في مدة معقولة وبدون مفاخرة ولا فضائح.
المطلب الثاني : رضا الزوجين في الطلاق :
يحكم بالطلاق بالتراضي بناء على عريضة تتقدم بها الزوجة ، أو حتى الزوج إلى كتابة الضبط بالمحكمة تشمل الهوية الكاملة ، والعنوان الكامل لكل منهما ، وتحتوي على عبارات صريحة تفيد اتفاقهما على حل عقد الزواج بتراضي منهما دون إكراه من طرف أو ضغط من الآخر ، ويطلبان من المحكمة أن تقضي بينهما بالطلاق الرضائي .
واذا كانت هناك شروط تتعلق بالطلاق، يستحسن ذكرها في العريضة ذاتها، كما يستحسن أن تكون العريضة موقعة من الزوجين معا، وبذلك لايبقى للمحكمة سوى الحكم بالطلاق وفقا لما اتفق عليه الزوجان ، بعد أن تكون قد قامت بمحاولة الصلح المنصوص عليها قانونا وفشلت ،أو بعد أن تكون قد نجحت في الوصول بالزوجين الى الطلاق الرضائي بناء على الإرادة المشتركة لهما ما لم يخالف اتفاق الزوجان على الطلاق النظام العام أو يمس بحقوق الآخرين ( ).
ونشير إلى أن الطلاق بالتراضي غير محرم شرعا، بل يجد جوهره وأصله في الآيات 127و129 من سورة النساء ( ).
ويكون السبب القانوني للطلاق الرضائي ، هو الإرادة المشتركة للزوجين ، ولايجوز للقاضي مراقبة سبب طلاقهما الحقيقي ، فهما يستطيعان الحفاظ عليه سريا ، وهذا لا يتنافى مع المبادىء التي تنظم حقوق وحريات الحياة الخاصة بالأفراد ، وبالرغم من هذا فان اتفاقهما يجب أن يعلن عنه بالمحكمة لأن الطلاق في الجزائر لايقع إلا لدى المحكمة ، وتحت إشراف القضاء ، وهذا ما نصت عليه المادة 49 من قانون الأسرة .
يعتبر هذا النوع من الطلاق أكثر انتشارا في المجتمعات القديمة والمعاصرة الغربية منها والعربية وذلك لأنه النوع الوحيد الذي يتم بدون مخاصمة ولا نزاع ولا يعرض الحياة الخاصة وأسرارها للتفشي ولأنه أكثر احتراما للحياة الفردية والاجتماعية.( ).
لقد دلت الإحصائيات الرسمية في الجزائر أهن نسبة عدد الطلاق المصرح به بتراضي الطرفين أعلى من نسبة عدد الطلاق المصرح به إثر المنازعات ( )
وهو ما أشارت إليه كذلك الدراسات الميدانية التي أجريت على المطلقين في الوسط الحضري الجزائري ( )كما أنه في تونس أشارت الإحصائيات لمعدلات الطلاق أنه في السنوات المتراوحة بين 1957-1966 تم إحصاء 4493 طلاقا بالتراضي في مقابل 1633 طلاقا بالإرادة المنفردة للزوج ( ).
المبحث الثاني: الطلاق بواسطة الخلع: Divorce Par Compensqtion " El Khoulou "
المطلب الأول: مفهوم الخلع:
الخلع: بفتح الخاء يفيد النزع والإزالة، وبضم الخاء يفيد طلاق المرأة مقابل عوض تلتزم به.
الخلع اصطلاحا: يراد به في الفقه الإسلامي أن يتفق الرجل والمرأة على الطلاق مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها. كأن تقول الزوجة لزوجها: خالعني على صداقي أو عشرة ألاف دينار جزائري فيقول قبلت. ويتحقق الخلع.
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 54 من قانون الأسرة على أنه:" يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الاتفاق عليه، فان لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم ".
والخلع في الفقه له تعار يف في اصطلاح كل مذهب، فعند الحنفية ( ): هو إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه فخرج بكلمة ملك النكاح: الخلع في النكاح الفاسد وبعد البينونة والردة فانه لغو وخرج بكلمة المتوقفة على قبولها – أي المرأة: ما إذا قال خلعتك ولم يذكر المال، ناويا به الطلاق، فإنه يقع بائنا غير مسقط للحق لعدم توقفه على قبول المرأة. فدل القبول على أن الخلع يكون ببدل، ومتى كان على بدل مالي لزم قبولها وخرج بلفظ – الخلع – الطلاق على مال فإنه غير مسقط للحقوق، وأما قوله – أوما في معناه – فيدخل فيه لفظ المباراة ولفظ البيع والشراء فانه مسقط للحقوق ومنها المهر، والخلاصة أن التعريف خاص بالخلع المسقط للحقوق.
ذكر بلحاج العربي:"... وقد شرع الخلع إذا تخاصم الزوجان بسبب ما ينشأ بينهما من خلافات وخصومات، ولم يتمكنا من إقامة حدود الله، وقد دل على شرعيته قوله تعالى:" فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ".
وروى المحدثون أن جميلة بنت سهل امرأة ثابت بن قيس، جاءت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم –فقالت: يا رسول الله، لا أنا ولا ثابت ولا ما أعطاني، وسألت أن يطلقها على حديقتها التي أصدقتها إياها، فقال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة.( )
وعن مشروعية الخلع، هو جائز لا بأس به عند أكثر العلماء، لحاجة الناس إليه بوقوع الشقاق والنزاع وعدم الوفاق بين الزوجين، فقد تبغض المرأة زوجها وتكره العيش معه لأسباب جسدية خلقية أو خلقية أو دينية أو صحية لكبر أو ضعف أو نحو ذلك، وتخشى ألا تؤدي حق الله في طاعته، فشرع لها الإسلام في موازاة الطلاق الخاص بالرجل طرقا للخلاص من الزوجية لدفع الحرج عنها، ودفع الضرر عنها ببذل شيء من المال تفتدي به نفسها وتتخلص من الزواج، ويتعرض الزوج ما أنفقه في سبيل الزواج بها.
المطلب الثاني: شروط الخلع:
لا يتطلب هذا النوع من الطلاق شكلا خاص ، ولا شكيلة معينة ، وإنما يشترط لصحة المخالعة أن يكون الزوج أهلا لإيقاع الطلاق والمرأة محلا له ، واتفاقهما على الطلاق الرضائي مقابل مال تقدمه الزوجة من أجل أن يطلقها دون نزاع ولا مخاصمة ( ).
لكن المشرع الجزائري قد أغفل النص على شروط الخلع، واكتفى فقط بالإشارة في المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري إلى جواز الطلاق بالخلع، مقابل مال يتفق عليه الزوجان ، أو يحدده القاضي عند خلافهما على مقدار بحيث لا يتجاوز مهر المثل وقت الحكم .
وعليه فانه وفقا للقواعد العامة، وبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي، فانه يشترط لصحة الخلع أن يكون من الزوج والزوجة راشدا وأهلا للتصرف في ماله، وأن يكون اتفاقهما على الخلع قد وقع بعد زواج شرعي وقانوني صحيح، سواء كان قد سجل في سجلات الحالة المدنية أم لم يسجل.
وان كان فان الخلع لا يمكن أن يكون قانونيا وقضائيا بل يقبل الحكم به من المحكمة إلا بعد تسجيل عقد الزواج.
بما أن الخلع طلاق على مال، وهو عقد معاوضة مثله مثل باقي العقود المالية المدنية الأخرى من حيث شروط المتعاقدين. فانه يشترط في إنشاء الطلاق بالنسبة للزوج، وما يشترط في عقود المعاوضة بالنسبة لكليهما ( ).
فلا يصح للزوج من الناحية المالية أن يصدر منه وهو لم يبلغ سن أهلية الزواج المنصوص عليه في المادة 7 من قانون الأسرة، حتى وان كان بالغا لسن الرشد المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني.
ويجب أن يكون متمتعا بقواه العقلية وغير محجور عليه لسفه أو غيره ( م 85 ق. أ ) غير أنه إذا غابت أهلية الزوج في التصرف في ماله ينوب عنه وليس (م 210/2 ق. أ) أما بالنسبة للزوجة، فان الفقه الإسلامي يشترط أن تكون في حالة الخلع متمتعة بأهلية التبرع.(م 203.ق.أ).
أوضحت المحكمة العليا، في حكمها المشهور الصادر بتاريخ 12 مارس 1969 أن الخلع لا يتم إلا بالإيجاب والقبول بين الزوجين. وأنه يشترط اتفاقهما على المبلغ المالي الذي تقدمه لزوجها لقاء طلاقها، وان عدم موافقة الزوج على المخالعة لا يؤثر على بقاء العلاقة الزوجية.
كما أنه في حكمه الصادر في 22 مارس 1968.قرر بأنه عندما يتفق الزوجان على مبدأ الطلاق بالمخالعة ويختلفان في بدل الخلع، فإنه يمكن للقاضي وبصفة مطلقة القيام بمهمة التحكيم ، وتحديد مقابل الخلع انطلاقا من مقدار الصداق المقدر للزوجة والأضرار الواقعة ( ).
وتجدر الإشارة إلى أن الخلع لا يتم دون إرادة الزوج ، فهو ليس حقا للزوجة تطلبه متى شاءت وتطلق به متى شاءت بإرادتها المنفردة(2).
المبحث الثالث : تكييف الخلع وتحديد طبيعته القانونية :
المطلب الأول : تكييف الخلع :
الخلع عبارة عن عقد اتفاقي رضائي، وثنائي الأطراف ينعقد عادة بعرض من الزوجة بمبلغ مالي أو مما هو مقوم شرعا، مقابل طلاقها وبقبول صريح من الزوج لهذا العرض وللطلاق.
كما يمكن أن يكون بعرض من الزوج وبقبول من الزوجة، وهو كما سلف الذكر عقد معاوضة شرع لمصلحة الزوجة غايته إنهاء الحياة الزوجية بحكم قضائي بناءا على عرض أحد الزوجين وقبول الآخر تلبيه لرغبة الزوجة. مقابل مال يتفقان على نوعه ومقداره في جلسة الحكم. أو يحدده القاضي بما لا يتجاوز مقدار صداق المثل وقت الحكم. ولا يجوز الرجوع عنه بعد الحكم به.
ذكر السيد سابق تحت عنوان " الخلع بين الزوج وأجنبي " يقول:"يجوز أن يتفقا أحد الأشخاص مع الزوج، على أن يخلع الزوج زوجته ويتعاهد هذا الشخص الأجنبي بدفع بدل الخلع للزوج، وتقع الفرقة، ويلتزم الأجنبي بدفع البدل للزوج ولا يتوقف الخلع في هذه الصورة على رضا الزوجة.لأن الزوج يملك إيقاع الطلاق من نفسه من غير رضا زوجته، والبدل يجب على من التزم به"( )
المطلب الثاني: طبيعة الخلع القانونية:
الخلع ليس إلا طلاقا رضائيا، مقابل مال تدفعه الزوجة إلى زوجها لقاء طلاقها أي أنه Divorce Par Compensation financière ، وهو طلاق بدون نزاع ولا فضاضة وعليه فانه من الخطأ الاعتقاد بأنه كالطلاق بالتراضي المنصوص عليه في المادة 48 من قانون الأسرة.
لأن الطلاق بالتراضي كما سبقت الإشارة إليه يتم بموافقة الزوجين كذلك على إنهاء الرابطة الزوجية، ولكن بدون مقابل، بعيد عن المشاكل القانونية.
أما الخلع فهو طلاق بمقابل وبعوض، أو هو طلاق كما يعبر عنه في الفقه الإسلامي على مال.
المبحث الرابع : مقابل الخلع وتحديد مقداره :
المطلب الأول : مقابل الخلع :
إن مقابل الخلع الذي تقدمه الزوجة لزوجها ليطلقها، لا يمكن أن يكونه إلا مبلغا من المال، والمال يمكن أن يكون حسب القوانين الجزائرية من النقود والأوراق المالية، أو الأشياء التي يمكن تقويمها بالمال.
أو كما يعبر عنه في الفقه الإسلامي، كل ما يصلح أن يكون صداقا شرعيا، يصح أن يكون مقابل الخلع، وذكر المشرع الجزائري أن الصداق يجوز بكل ما يصح التزامه شرعا " المادة 14 قانون الأسرة ".
وعليه فان ما يمكن أن تدفعه الزوجة لزوجها مقابل طلاقها طلاقا رضائيا يمكن أن يكون مبلغا من الدينارات، أو مبلغا من العملة الأجنبية أو وسيلة نقل أو غيرها من الأشياء التي تقوم بالمال.
فيمكن أن يكون ثمن الخلع الذي تدفعه الزوجة، هو مؤجل صداقها، أو نفقة المحضون لعدد من السنيين أو نفقة العدة.
إلا أنه لا يجوز أن تتنازل عن حضانة أولادها، مقابل الخلع لزوجها لأن الحضانة فيها حق للمحضون وليس من حق الزوجة أن تجعله ثمنا للخلع.
ومقابل الخلع إما أن يكون صريحا في المخالعة أو مسكوتا عنه، أو ينفي الزوجان أي مقابل في المخالعة، فالحالات إذا فيما يتعلق بالخلع ثلاث( ).
1- إذا سمى الزوجان بدلا للخلع بدل الصداق واتفقا عليه. كما لو قال لها " خالعتك على عشرة ألاف دينار فقبلت الزوجة "، حصلت الفرقة، ولزم المبلغ على الزوجة وتطالبه ببقية الحقوق كالصداق والنفقة الزوجية.
2- إذا لم يسم الزوجان بدلا للخلع، بأن قال لها: " خالعتك، فقالت قبلت "، برئ كل منهما من حقوق الآخر بصداق والنفقة الزوجية.
3- أما إذا كان مقابل الخلع منفيا صراحة، كما لو قال لها:" خالعتك دون عوض، فقالت قبلت "، كانت المخالعة في حكم الطلاق المحض، ووقع بها طلقة رجعية ولا يطالب الزوج زوجته بشيء ولا يسقط شيء من حقوق الزوجية التي في ذمة أحدهما للأخر.
أما في حالة عدم الاتفاق على قيمة بدل الخلع نصت المادة 54 بأن يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة مهر المثل وقت الحكم ( ).ولا يجوز الرجوع عنه ( ).
وذكر الإمام أبو زهرة بأنه لا يصح بدل الخلع في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان المسمى مالا غير متقوم، كأن تسمى النصرانية لزوجها المسلم خمرا أو خنزيرا فان البدل لا يصح إن خالعها على ذلك، وقع الطلاق ولم يثبت البدل، إذ ليس للمسلم أن يطالب بتسليم الخمر والخنزير.
الحالة الثانية: إذا كان بدل الخلع يشمل اعتداء على الطفل، ولذلك قال أنه إذا كان بدل الخلع أن يبقى الطفل، ولو تجاوز سن الحضانة، لا يثبت إذا كان الطفل ذكرا لأن الذكر بعد بلوغ سن الحضانة يحتاج من يعوده عادات الرجال، فيكون من حقه أن نزع من أيدي النساء ،فاشترط بقائه تحت يدها يخل بمصلحته ، أما الفتاة فمثل هذا الشرط لا يضرها ، لأنها تحتاج مع صيانتها إلى من يعلمها ما يختص بالنساء ، وأمها قادرة على ذلك في الغالب ( ).
ذكر السرخسي في المبسوط أنه لا يجوز الخلع على أن تتنازل الزوجة عن حضانة ولدها لأبيه، لأن هذا الحق للولد. وبقاؤه عند أمه أنفع له ( ).
وفي حكم لمحكمة القاهرة الابتدائية جاء فيه ما يلي:
إذا اختلعت المرأة عن زوجها على أن تنزل ولدها عند الزوج فالخلع جائز، والشرط باطل، إذ أن الأم تكون أحق بالولد لحق الولد، فان كون الولد عندها أنفع له ( )
المطلب الثاني: تحديد مقدار مقابل الخلع:
لقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية حول مقدار مقابل الخلع، من حيث أن هناك من قال بأنه لا يجوز للزوج أن يأخذ من الزوجة كمقابل للخلع أكثر مما أصدقها، وقت إبرام عقد الزواج، أو أكثر مما أعطاها، باعتبار أن الخلع هو الحالة الوحيدة التي يجوز فيها للزوج أن يأخذ مما أعطى كصداق لزوجته، ومنهم من قال انه يجوز له أن يأخذ أكثر مما أعطاها وقت إبرام العقد لان
الخلع عقد رضائي بين الزوجين إلا أن قانون الأسرة الجزائري قد نص في آخر المادة 54 منه على أنه عند اتفاق الزوجين على الخلع واختلافهما على مقداره يحكم القاضي للزوج بمقدار لا يجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم بالخلع والتفريق بين الزوجين، وهذا خلافا للبعض التشريعات العربية، التي أجازت أن يخالع الزوج لزوجته على عوض أقل أو أكثر من مهرها، وهذا ما يوافق ما ذهب إليه المالكية، من جواز أن يأخذ الزوج أكثر مما أعطى.
جاء بكتاب عبد العزيز سعد:" أقر المجلس القضائي الأعلى مبدأ تضمنه قرار صادر بتاريخ 23/02/1976 في القضية رقم 1267 أشار فيه إلى أنه.
ليس للقاضي أن يصرح بالخلع من تلقاء نفسه بل لا بد فيه من وجود التراضي بين الزوجين.وقرر مبدأ آخر تضمنه قرار صادر بتاريخ 1968.03.13 جاء فيه:"أن عدم قبول الزوج للعوض الذي تقدمت به الزوجة، يجعل الخلع غير صحيح.( )
المبحث الخامس:خلع الصغيرة المميزة وخلع المحجور عليها:
المطلب الأول :خلع الصغيرة:
الفرع الأول:خلع الصغيرة المميزة:
ذهب الأحناف أنه في الحالة التي تكون فيها الزوجة صغيرة ومميزة، فإذا خالعت زوجها يقع عليها ولا يتم إلزامها بمال.
أما وقوع الطلاق، فلأن عبارة الزوج معناها تعليق الطلاق على قبولها، وقد صح التعليق لصدوره من أهله، ووجد المعلق عليه، وهو القبول ممن هي أهل له لأن الأهلية للقول تكون بالتمييز، وهي هنا صغيرة مميزة، ومتى وجد المعلق عليه وقع الطلاق المعلق.
أما عدم لزوم المال فلأنها صغيرة، ليست أهلا للتبرع، إذ يشترط في الأهلية للتبرع العقل والبلوغ، وعدم الحجر لسفه أو مرض.
أما كون الطلاق رجعيا، فلأنه لما يصح التزام المال، كان طلاقا مجردا لا يقابله شيئا من المال فيقع رجعيا( ).
ويقول ابن رشد في كتابه. بداية المجتهد، أن الزوجة التي لا تملك حق التصرف في أموالها كما لو كانت صغيرة، لا تملك حق المخالعة شرعا ( ).
من الناحية القانونية، لا تملك حق المخالفة قبل سن الرشد المدني الوارد في المادة 40 من القانون المدني، إلا بموافقة ولي المال، طبقا لأحكام المادة 83 قانون أسرة جزائري.
وقد قررت محكمة النقض السورية، بأنه إذا طلق الزوج زوجته الصغيرة المميزة على مهرها وقبلت، تطلق ولا يسقط المهر ( ).
الفرع الثاني: خلع الصغيرة غير المميزة:
لايقع خلع الصغيرة غير المميزة طلاقا في الأصل، وذلك بعدم وجود المعلق عليه ، وهو القبول ممن هو أهل له .
المطلب الثاني: خلع المحجور عليها ( ):
قالوا: وإذا كانت الزوجة محجور عليها لسفه، وخالعها زوجها على مال وقبلت، لا يلزمها دفع المال، ويقع عليها طلاقا رجعيا مثلها مثل الصغيرة المميزة، لأنها ليست أهلا للتبرع ولكنها أهلا للقبول.
المبحث السادس:الخلع بين الطلاق والفسخ:
المطلب الأول: الخلع طلاق:
اعتبر جمهور العلماء الخلع طلاقا بائنا، وذلك لما ورد في الحديث الصحيح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خذ الحديقة، وطلقها تطليقة." البخاري 5273 والنسائي 6/169.
المطلب الثاني: الخلع فسخ:
ذهب البعض الآخر من أهل العلم مثل أحمد، ومن الفقهاء داود وابن عباس، ومن الصحابة عثمان وابن عمر إلى أنه فسخ، لأن الله تعالى ذكر الطلاق في القرآن فقال:" الطلاق مرتان ".
وذلك بعد الإقتداء ثم قال:" فان طلقها فلا تحل له منبعده حتى تنكح زوجا غيره " سورة البقرة الآية 23.
وللترجيح بينهما يقول ابن القيم:"أن الذي يدل على أنه ليس طلاق أن سبحانه وتعالى رتب الطلاق بعد الدخول الذي لا يستوفي عدة ثلاث أحكام كلها منتفية عن الخلع:
الأول: أن الزوجة أحق بالرجعة فيه.
الثاني: أنه مسحوب من الثلاث، فلا تحل بعد استفاء العدد الا بعد دخول زوج واصابته.
الثالث: أن العدة فيه ثلاثة قروء.
ومن الثابت من بالنص والإجماع أنه لا رجعة في الخلع." ومن الثابت أيضا من السنة وأقوال الصحابة أن عدة الخلع حيضة واحدة. وقد ثبت بالنص جواز الخلع بعد تطليقتين ووقوعه ثلاثا بعدها، ومن الظاهر جدا كونه ليس بطلاق ( ).
وثمرة هذا الخلاف تظهر في الاعتداد بالطلاق، فمن رأى أنه طلاق. احتسبه طلقة بائنة، ومن رأى أنه فسخ لم يحتسبه، فمن طلق امرأته تطليقتين ثم خالعها ثم أراد أن يتزوجها فله ذلك، وان لم تنكح زوجا غيره، لأن ليس له غير تطليقتين والخلع لغو.
ومن يجعل الخلع طلاقا قال: لم يجز له أن يرتجعها حتى تنكح زوجا غيره، لأنه بالخلع كملت الثلاث ( ).
المبحث السابع : آثار الخلع :
لم يتناول المشرع الجزائري آثار الخلع في نصوص قانون الأسرة، ولم يعرها الاهتمام اللازم وبالتالي يمكن استخلاصها من مضمون القواعد القانونية والفقهية العامة فيما يلي:
1- من آثار الطلاق بالخلع استنادا إلى اتفاق الزوجين بمقابل مال محدد هو أن الخلع يسقط كل ما نشأ قبله من حقوق مالية بين الزوجين مثل المهر المؤجل والنفقة الواجبة إلا حق نفقة العدة، لأنه حتى يكون قد نشأ بعده أي بعد نشوء الطلاق ما لم يرد النص عليه بعقد الخلع، وقد سبق القول أن مقابل الخلع قد يكون نفقة العدة.
2- من آثاره أيضا أنه لا يجوز |أن تكون الحضانة هي مقابل الخلع، فإذا وقع اتفاق الزوجين. على أن مخالعها مقابل أن تتنازل عن حقها في حضانة الأولاد فان الخلع يكون صحيحا وملزما، أما التنازل عن الحضانة فيكون باطلا.
3- إذا اتفق الزوجان المخالعان على أن يكون مقابل الخلع التزام الأم بنفقة الأولاد لمدة معينة وتم الطلاق ثم حصل أن وقعت الزوجة في إعسار يعجزها فإنه يجب على الزوج في هذه الحالة أن ينفق على أولاده ة، ويكون ذلك دينا في ذمة زوجته المخالعة. ومن حقه أن يعود به عليها عند اليسار، وإذا توفت الزوجة فان حقه يكون دينا تركتها. إن كانت قد تركت ما يورث.
أما في ما يخص الأحكام المترتبة على الاتفاق على الخلع فهو يقع طلاقا بائنا عند جمهور الفقهاء ( )، وما جرى عليه العمل في الغربي ( ) هو أن يكون أهلا لوقوع الطلاق.وان يكون خلع المرأة اختيار منها لفراق الزوج من غير إكراه ولا ضرر( ).
ومن أثار الخلع أيضا أنه يجب التفريق بين الزوجين المخالعين.والفرقة هنا تكون بائنة حسب المشهور من المذهب المالكي إلا أن المشرع الجزائري لم يصف الخلع. ولم ينص على أنه طلاق. كما هو الرأي لدى المالكية. ولا هو فسخ كما هو الحال بالنسبة للمذهب الحنبلي بعكس المشرع المغربي مثلا الذي نص على أنه طلاق بائن.
وعلى العموم يمكن القول بأن الخلع قد شرع أساسا لمصلحة الزوجة لتمكينها من مطلب التطبيق من زوج أصبحت غير قادرة على البقاء معه ولم تعد تركن إليه أو تحتمل عشرته، إلا انه لم يمنح في صورة حق من حقوق الزوجة مقابل حق الزوج في الطلاق، بالإرادة المنفردة للزوج.
الخاتمة:
بعد ما تعرضنا إليه من تحليل لموضوع التطليق, و ما جاء من حقوق للمرأة في قانون الأسرة الجزائري. و منها حقها في طلب التطليق من زوجها, و فكها للرابطة الزوجية, وهذا ما لاحظناه في الحالات السبع المنصوص عليها في المادة 53 من القانون سالف الذكر.
و بهذا الصدد وجدنا أن المشرع الجزائري لم يفترق في حالة التطليق لعدم الإنفاق بين الامتناع عمدا عن الإنفاق المقرر قانونا و شرعا, وعدم القدرة المالية على ذلك. و مثله مثل أغلب التشريعات العربية لم يفرق بين حالة الزوجة الغنية و الزوجة الفقيرة. و فيما يخص المهلة التي تمنح للزوج وجدنا أن المشرع الجزائري لم يعرها اهتماما خلافا لبعض القوانين الأخرى.
و كذا من خلال دراسة حق طلب التطليق للزوجة, لعيب في الزوج, وجدنا أنه كان من المستحسن أن ينص المشرع الجزائري على منح مدة للزوج الذي به عيب يرجى برؤه, مهلة لعلاج مرضه حتى, نتفادى أبغض الحلال إلى الله.
وحبذا لو فرق المشرع الجزائري بخصوص التطليق بحكم لعقوبة بين العقوبة النافذة والعقوبة الموقوفة التنفيذ وكذلك اشتراط مضي سنة على اقامة الزوج في المؤسسة العقابية .
ويجدر كذلك بالتشريع اعادة النظر في حالة التطليق للغياب وتعليقه على ضرورة مرور سنة دون عذر ولا نفقة ، وحالة توفر أحدهما دون الآخر ، مع العلم أن القانون الجزائري انفرد بوضع هذه الشروط .
ومن المسائل الحساسة التي لابد من احاطتها بدراسة جدية مسألة منح الزوجة الحق في طلب التطليق من زوجها في الحالة التي لا يخبرها فيها بعزمه على الزواج من ثانية وفي هذه الحالة يكون قانونا قد افترض حتما وجود الضرر لتعدد الزوجات في حين أنه لم يقع ونحن نعلم أن الله قد يجعل في ذلك خيرا للزوجتين .
وقد تعرضنا في بحثنا لدراسة موضوع الخلع الذي يخدم موضوع التطليق وهو حق المرأة في حل الرابطة الزوجية اتفاقا مع زوجها وبناءا على ما خوله لها قانون الأسرة الجزائري بنص المادة 54 منه والمتمثل في حق مخالعة الزوجة لزوجها على مال تهبه إياه .
غير أن كل ذلك لا يجعل المرأة تتمتع بما أراده الله لها بين امساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، فنحن لا نجد للمرأة حقا في حالة الزواج العرفي !
وبذلك فالتشريع الجزائري يسجل تأخرا عن بعض الدول العربية ،ففي مصرا مثلا ،لأول مرة في قانون الأحوال الشخصية يعترف القانون بحق المرأة المتزوجة عرفيا في اللجوء الى القضاء، ولأول مرة ينص القانون المصري على قبول دعوى الزوجة التي تزوجت زواجا لم يوثقه المأذون الشرعي في وثيقة زواج رسمية في رفع دعواها بطلب الحكم بتطليقها من زوجها وفقا للقانون رقم 01 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية حيث أجازت المادة 17 قبول دعوى الزوجة التي تزوجت زواجا عرفيا بطلب الطلاق .
فالمشرع الجزائري لم ينتبه إلى الانحلال الاجتماعي من فساد للذمم بانعدام الضمائر وخراب النفوس حيث أصبح من السهل جدا على البعض إنكار وجود العلاقة الزوجية أو الادعاء بقيامها زورا وبهتانا أو نكاية وتشهيرا أو لجني منفعة رخيصة أو عرض زائل، أولم يحن للمشرع الجزائري أن يضع تشريعا حاسما يواجه به كل هذه الألاعيب ؟
و نحن بدورنا نتساءل, أين نحن مما جاء على لسان خاتم النبيين في حجة الوداع حين قال – صلى الله عليه و سلم -: " استوصوا بالنساء خيرا ".
و أين نحن من الزواج الذي هو عقد خطير, فهل كنا سنصل إلى مثل هذه التعقيدات بين الزوج و زوجته لو أننا أخذنا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
قائمة المصادر و المراجع:
1- الإمام أبو زهرة: الأحوال الشخصية - الطبع و النشر: دار الفكر العربي.
2- الإمام أبو زهرة: من محاضرات في عقد الزواج و آثاره – الطبع و النشر: دار الفكر العربي
3- أحمد الغندور: الطلاق في الشريعة الإسلامية و القانون.
4- عبد العزيز سعد: الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري – دار البعث للطباعة و النشر – قسنطينة – الجزائر.
5- بلحاج العربي: أبحاث و مذكرات في القانون و الفقه الإسلامي: الجزء الأول – سلسلة المعرفة – ديوان المطبوعات الجامعية.
6- السيد سابق: فقه السنة: المجلد الثاني. دار الجيل بيروت
7- وهبة الزحبلي: الفقه الإسلامي و أدلته – دار الفكر –طبعة خاصة بالجزائر. 1413ه -1992م ج:7
8- السيدة مسعودة كمال: مشكلة الطلاق في المجتمع الجزائري ( دراسة ميدانية حول عينة منم المطلقات في الوسط الحضري الجزائري ) – ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر –
9- ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدى خير العباد – مؤسسة الرسالة – مكتبة الرسالة الإسلامية الجزء الخامس
10- الدكتور علي عبد القادر القهوجي: علم الإجرام وعلم العقاب: كلية الحقوق بجامعتي الإسكندرية و بيروت العربية – الدار الجامعية -1995.
11- علي حسب الله : عيون المسائل الشرعية .
12- عبد العزيز سعد : لجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري . الجزائر. 1982
13- فضيل سعد : شرح قانون الأسرة الجزائري – الجزء الأول – الجزائر .
14- Internet
النصوص الرسمية :
- قانون الأسرة الجزائري
المجموعات القضائية :
1- نشرة القضاء العدد 56/99
2- التقرير التكميلي لمشرع قانون الأسرة. المجلس الشعبي الوطني.
3- المجلة القضائية – عدد 3 سنة 1989
4- المجلة القضائية – عدد 4 سنة 1989
5- المجلة القضائية – عدد 2 سنة 1991
6- المجلة القضائية – عدد 2 سنة 1996
7- الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص – قسم الوثائق للمحكمة العليا. 2001.
شرع الله الزواج وسيلة للاستقرار والتناسل لذلك جعله أبديا، تستقر فيه النفس كل من زوجين .
وقد اشترطت الشريعة الإسلامية لهذا العقد الرضاية والاستمرار حيث بينت انه لا زواج بإكراه أحد الزوجين على من يختاره بمحض إرادته شريكا له في حياته وعدم صحة عقد الزواج إذا كانت الصيغة التي أتنشئ بها العقد تدل على ترقيته كما وضع له مقاصد وأهداف تتمثل في إنشاء علاقة زوجية قائمة على المودة وحسن المعاشرة فتكون هذه العلاقة أساسا لتكوين آسرة متماسكة ومتعاونة في الحياة.
والزواج يعرفه بعض الفقهاء بأنه عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين بالآخر على الوجه المشروع. وهذا تعريف بالغاية والمقصد. وهو ما يسمى عند المناطقة التعريف بالرسم. وإنه بلاشك من أجدى غايات الزواج حل الاستمتاع. وقد قال السرخسي في المبسوط:" ليس المقصود بهذا العقد قضاء الشهوة، وإنما المقصود ما بيناه من أسباب المصلحة ولكن الله تعالى علق به قضاء الشهوة أيضا ليرغب فيه المطيع والعاصي. المطيع للمعاني الدينية والعاصي لقضاء الشهوة بمنزلة الإمارة ففيها قضاء شهوة الجاه.بل المقصود بها إظهار الحق".
والمقصود من الزواج عند الشارع وعند الشارع وعند العقلاء: " انه عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة بما يحقق ما يتقاضاه الطبع الانساني وتعاونهما مدى الحياة ويحدد مالكاليهما من حقوق وما عليه من واجبات"( )
بخصوص الحكمة من الزواج فقد اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم سنة الإسلام فقال:"وإن من سنتنا النكاح ''.وبذلك فالزواج هو عماد الآسرة الثابتة التي تتلقى الحقوق والواجبات فيها بتقديس ديني.يشعر الشخص فيه بأن الزواج رابطة مقدسة تعلوا بها إنسانيته كما آن حفظ النوع الإنساني كاملا يسير في مدارج الرقي.إنما يكون بالزواج أيضا الزواج هو الراحة الحقيقية للمرأة على السواء.
إلا آن هذه العلاقة الزوجية قد تتعرض لما يحول دون تحقق أهدافها لذلك مثلما جعل الله الزواج جعل الطلاق كحل نهائي نتيجة الشريعة الإسلامية في حالة انسداد الطريق بين الزوج وزوجته فلا يستطيعا الاستمرار بالعيش معا و أول ما نجده من الأسئلة التي تفرض نفسها على الباحث هو لماذاكانت العصمة بيد الرجل لابيد المرآة آو بصفة أخرى ماالسبب في جعل الطلاق بيد الرجل ؟
وللإجابة على هذا الغموض نقول أن حل الرابطة الزوجية الصحيحة هو من جانب الزوج حفاظا على الزواج. وتقديرا لمخاطر إنهائه لان الرجل الذي دفع المهروأنفق على الزوجة والبيت يكون عادة اكثر تقديرا العواقب الأمور وابعد عن الطيش في تصرف يلحق به ضررا كبيرا، والمرآة غالبا اشد تأثرا بالعاطفة من الرجل فإذا ملكت التطليق فربما أوقعت الطلاق لأسباب بسيطة لا تستحق هدم الحياة الزوجية. يستتبع الطلاق أمورا مالية من دفع مؤجل المهر ونفقة العدة والمتعة وهذه التكاليف المالية من شأنها حمل الرجل على التروي في إيقاع الطلاق، فيكون من الخير والمصلحة جعله في يد من هو احرص على الزوجية وأما المرآة فلا تتضرر ماليا بالطلاق فلا تتروى في إيقاعه بسبب سرعة تأثرها وانفعالها.
ولكن بمقابل ذلك جعل الله للزوجة منفذا إذا ما أرادت توقيف استمرار الحياة الزوجية عن طريق طلب التطليق وهو التفريق بين الزوجين بناءا على حكم قضائي فما هي باتري الحكمة من تشريع التطليق؟
يظهر ذلك في آن الحاجة إلى الخلاص من تباين الأخلاق وطروء البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى فكان تشريعه رحمة منه سبحانه وتعالى.
فالتطليق علاج حاسم وحل نهائي أخير لما استعصى حله على الزوجين و آهل الخير والحكمين بسبب تباين الأخلاق وتنافر الطباع غالبا وتعقد مسيرة الحياة المشتركة بين الزوجين أو بسبب الإصابة بمرض لا يحتمل أو عقم العلاج له مما يؤدي إلى ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء فيكون التطليق منفذا للخلاص من المفاسد و الشرور الحادثة.
فالتطليق إذا ضرورة لحل مشكلة الآسرة ومشروع للحاجة ويكره عند عدم الحاجة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق" وقوله : " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ".
وما قد يترتب على التطليق من أضرار وبخاصة الأولاد يحتمل في سبيل دفع ضرر أشد واكبر عملا بالقاعدة " أخف الضررين''.
التطليق تشريع استثنائي للضرورة بعد أن تسلك الزوجة المراحل التي يعتقدها البعض واجبة قبل طلب التطليق وهي :المعاشرة بالمعروف وتحمل الأذى والصبر ثم الوعض والهجر.
وسوف نتعرض في بحثنا هذا إلى موضوع التطليق في فصلين:
ندرج ضمنه إنها الزواج بالإرادة المنفردة للزوجة
ندرج ضمنه انحلال الزواج بالإرادة المشتركة للزوجين مستعينين في ذلك بالتشريع والفقه الجزائريين كأساس ،ومدرجين ما تراه بعض الدول الأخرى.
منتهجين طريقة البحث الاستدلالي والتحليلي الذي يساعد في مثل هذه الموضوعات على استقصاء الحقائق والوقوف على ما يراه رجال الفقه ورجال القانون.
وبخصوص المصادر والمراجع المعتمد عليها.فيمكن القول أننا وفقنا في العثور على المادة الأولية التي كانت وقود لإنشاء هذه المذكرة .
أماعن الدراسات السابقة لهذه الدراسة، فالملاحظ أن أكثر من تطرق إلى موضوع التطليق، تناوله في فصل من الفصول فكان بذلك جزءا لموضوع الطلاق عموما عند أكثر الدارسين.
المقـدمة.
الفصل الأول : انحلال الزواج بالإرادة المنفردة للزوج:
المبحث الأول : التطليق لعدم الإنفاق.
المطلب الأول :مفهوم الإنـفاق .
المطلب الثاني : التطليـق والإنفــاق.
المبحث الثاني: التطلـيق للعــيوب .
المطلب الأول : مفهوم العـيوب .
المطلب الثاني : التطليق والعيوب.
المبحث الثالث: التطليق للهجر في المضجع .
المطلب الأول :مفهوم الهجر .
المطلب الثاني : التطليق والهجر.
المبحث الرابع : التطليق للحكم بعقوبة .
المطلب الأول :مفهوم العقوبة المسـببة للتطليق.
المطلب الثاني : التطليق للعقوبة .
المبحث الخامس: التطليق للغياب.
المطلب الأول : مفهوم الغياب الموجب للتطليق .
المطلب الثاني : التطليق بسبب الغياب .
المبحث السادس: التطليق للضرر .
المطلب الأول : مفهوم الضرر الموجب للتطليق .
المطلب الثاني : التطليق للضرر.
المبحث السابع : التطليق للفاحشة.
المطلب الأول :مفهوم الفاحشة الموجبة للتطليق .
المطلب الثاني : الفاحشة الموجبة للتطليق بين القانون والشرع .
المبحث الأول: الطلاق بالتراضي .
المطلب الأول : مفهوم التراضي المجيز للطلاق .
المطلب الثاني : رضا الزوجين في الطلاق .
المبحث الثاني : الطلاق بواسطة الخلع .
المطلب الأول: مفهوم الخلع .
المطلب الثاني : شروط الخلع .
المبحث الثالث: تكيف الخلع وتحديد طبيعته القانونية .
المطلب الأول : تكييف الخلع.
المطلب الثاني : طبيعة الخلع القانونية .
المبحث الرابع :مقابل الخلع وتحديد مقداره .
المطلب الأول : مقابل الخلع.
المطلب الثاني :تحديد مقدار مقابل الخلع .
المبحث الخامس:خلع الصغيرة المميزة وخلع المحجور عليها .
المطلب الأول :خلع الصغيرة .
المطلب الثاني: خلع المحجور عليها .
المبحث السادس :الخلع بين الطلاق والفسخ.
المطلب الأول :الخلع طلاق.
المطلب الثاني: الخلع فسخ.
المبحث الساابع : آثار الخلع .
الخاتمة.
مقدمة:
إضافة إلى طرق انحلال الزواج الوارد ذكرها في المادة 47 من قانون الآسرة الجزائري نجد المادة 48 من نفس القانون تنص بأن حل عقد الزواج يتم أيضا بإرادة الزوج آو بتراضي الزوجين آو بطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين 53 و54 من هذا القانون وبذلك فقد يكون سبب انحلال الرابطة الزوجية بإرادة الزوجة عن طريق طلب التطليق لسبب من الأسباب المنصوص عليه في المادة53 من قانون الآسرة وحل عقد الزواج بطريقة طلب الزوجة للتطليق يعتبر سببا من صنع الزوجة وتنفيذا لرغبتها.
حيث منح المشرع الجزائري للزوجة في نص المادة 53 من قانون الآسرة حق طلب التطليق من زوجها وإنهاء الرابطة الزوجية القائمة بينهما وهذا بناءا على إرادتها المنفردة واستنادا إلى القانون.غير أن الملاحظ أن المشرع إذا كان قد منح للزوج حق طلب الحكم له بحل الرابطة الزوجية القائمة بينه وبين زوجته دون آن يقيد طلبه بقيد معين ومن غير أن يشترط عليه أي شرط خاص، فإن حق المرآة في طلب حل الرابطة الزوجية بمقتضى إرادتها المنفردة قد قيده بحالات معينة ورد النص عليها على سبيل الحصر في المادة53 من قانون الآسرة وسوف ندرج هذه الحالات على شكل مباحث لدراستها دراسة معمقة.
يذكر عبد العزيز سعد بأنه عندما يكون انحلال عقد الزواج سيقع بناءا على رغبة الزوجة وردت عبارة " التطليق "أو " التفريق'' في مختلف البلدان العربية فيقول :" آما نحن فإننا نعتقد آن كلا من عبارة التطليق وعبارة التفريق ليس لأي منهما سوى مدلول اصطلاحي محلي ضيق لا يخدم قضية توحيد التشريعات العربية ،ويمكن أن نقول إضافة إلى ذلك آن جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن انحلال عقد الزواج لم تكن تستعمل سوى عبارة " الطلاق'' سواء كان طلب انحلال عقد الزواج صادر عن رغبة الزوج أو صادر عن رغبة الزوجة أو عن رغبتهما معا .
وحبذا لوان المشرع الجزائري قد اكتفى باستعمال عبارة '' الطلاق'' في جميع الحالات دون تفريق بين أن يكون انحلال العقد بناء على إرادة الزوج المنفردة أو بناءا على إرادة الزوجة استنادا إلى أحد الأسباب الوارد ذكرها في المادة53 من قانون الآسرة.أما ما يمكن أن نأسف له فهو أن يشتمل القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية على ثلاثة عبارات اصطلاحية مختلفة حيث عبر عن انحلال عقد الزواج بالفرقة وقال في المادة 83 : '' تقع الفرقة بين الزوجين بإرادة الزوج وتسمى طلاقا وبإرادة الزوجين وتسمى خلعا وبحكم من القاضي تسمى تطليقا أو فسخا * .وهكذا بدل أن يوحد هذا القانون شتات المصطلحات تشتت هو مع هذه العبارات والمصطلحات وبدل أن يختصر ويوحد مصطلحات المختلفين جمع اختلافاتهم وتبناها'' ( )
المبحث الأول : التطليق لعدم الإنفاق:
المطلب الأول :مفهوم الإنفاق :
لقد نصت المادة 53 في فقرتها الأولى بأنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لعدم الإنفاق وإنهاء الرابطة الزوجية استنادا إلى إرادتها المنفردة في حالة:'' عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه مالم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع مراعاة المواد 78 ،79، 80 من هذا القانون ''.
والإنفاق ينحصر في انه على الزوج تجاه زوجته جميع حاجتها من مأكل وكسوة ومسكن سواء أكان زوجها غنيا أم فقيرا لأنها إنما استحقتها في مقابل حق زوجها في احتباسها لمصلحته.
وقد أشار عبد العزيز سعد:'' أن قانون الأسرة الجزائري قد جارى معظم قوانين البلاد العربية الإسلامية وأخذ بما ذهب إليه الأئمة الثلاثة الإمام مالك والشافعي واحمد بن حنبل من جواز التطليق أو التفريق لعدم الإنفاق استنادا إلى الآية 231 من سورة البقرة:'' ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا''، وذلك خلافا لما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة من عدم جواز التطليق لعدم الإنفاق لأن الزوج في رأيه أو في نظره لا يخلوا من أن يكون معسرا أو موسرا ويقول انه إذا كان معسرا فلا ظلم لها ولا اعتداء منه وإن كان موسرا وامتنع عن الإنفاق وظلم زوجته فإن ظلمه لا يعاقب عليه بالتطليق أو التفريق بينه وبين أم بنيه بل يمكن معاقبته ببيع ماله ودفعه إلى الزوجة للانفاق منه على نفسها(1).
يضيف عبد العزيز سعد مشيرا:"إلى أن قانون الأسرة وإن نص على عدم الإنفاق كسبب من الأسباب التي تمنح الزوجة حق طلب الحكم لها بالتطليق من زوجها فإنه لم يفرق بين حالتين هما حالة عدم الإنفاق مع قدرة الزوج على ذلك وهو ما نسميه بالامتناع عمدا عن الإنفاق المقرر قانونا وشرعا.
وحالة عدم الإنفاق مع عجز الزوج عن ذلك وهو ما نسميه عدم القدرة المالية على الإنفاق بسبب البطالة .أو بسبب عجز الزوج عجزا جسديا يقعده عن العمل من اجل كسب رزقه ورزق زوجته وأولاده وهما حالتان نعتقد انه يجب التفريق أو التمييز بينهما، ويجب أن لا يكون حكمهم في القانون حكما واحدا .
1 * عبد العزيز سعد :الزواج والطلاق في قانون الآسرة الجزائري ص 257
ونشير أخيرا إلى أن قانون الأسرة وان نص على أن علم الزوجة بإعسار الزوج قبل أو وقت الزواج يسقط حقها في طلب التطليق بعد الزواج فإنه لم ينص على الحالة التي يكون فيها الزوج موسرا أو موسر جدا قبل وقت الزواج ثم تتغير الأمور بسبب الحروب أو الكوارث أو كساد سوق العمل أو غيرها ،ويصبح الزوج بعدها معسرا لا يجد ما ينفقه على نفسه ولا على زوجته ولا على أطفاله.
كما لم ينص على الحالة التي يكون فيها الزوج قد أعسر وعجز عن الإنفاق بعد الزواج وان الزوجة غنية ولها مال يكفيها للإنفاق على نفسها وعلى أطفالها، وأيضا على زوجها مما يحملنا على الاعتقاد بأنه ليس منطقيا ولا معقولا أن يمنح القانون للمرأة الغنية الموسرة حق طلب التطليق من زوجها المعسر إذا كان عسره عن الإنفاق ناتجا عن أسباب لا دخل له فيها أو أسباب لا طاقة له بها ولا قدرة له على تحاشيها آو ردها. وكانت الزوجة غنية وثرية أو لها دخل مالي معتبر ''(1).
وقد ذكر بلحاج العربي :'' نلاحظ حول المادة53 فقرة01 بأن المشرع الجزائري لم يفرق بين حالة امتناع الزوج عن الإنفاق مع قدرته على ذلك وحالة امتناعه عن الإنفاق مع عدم قدرته أو إعساره . وانه لم يحدد مقدار لنفقة التي أن أعسر الزوج بها أو امتنع عنها فرق القاضي بينهما. كما انه لم ينص على أي اجل يتعين مروره بين تاريخ الحكم بوجوب النفقة وتاريخ إقامة الدعوى أو طلب التطليق مما يستوجب الرجوع إلى أحكام الفقه المالكي لتكملة النص باعتبار المالكية هي مصدر التشريع في هذه المسألة، وليس كما ذهب بعض الشراح استنادا إلى المادة 222 قانون الأسرة، باعتبار أن بعض المذاهب لا تعترف أصلا بالتطليق لعدم الإنفاق او التفريق للإعسار كالمذهب الحنفي مثلا ''.(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/عبد العزيز سعد :الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ص 257 .258.
2 بلحاج العربي :أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي الجزء الأول ص236
المطلب الثاني : التطليق و الإنفاق:
لقد اشترط المشرع الجزائري شروطا لابد من توافرها حتى يمكن للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها لعدم الإنفاق.
الشرط الأول: عدم إنفاق الزوج على زوجته بالرغم من استحقاقها للنفقة طبقا لنص المادة 74 من هذا القانون والتي تقضي:'' تجب نفقة الزوجة على زوجها بالدخول أو دعوتها إليه....''
وامتناعه قصدا وعمدا عن تقديم ما تحتاجه من غذاء ولباس وعلاج ومسكن إلى غير ذلك من الأشياء التي تعتبر من الضروريات في العرف والعادة وذلك طبقا لنص المادة 78 من هذا القانون التي تقضي بان النفقة تشتمل على الغذاء والكسوة والعلاج والسكن أو أجرته(1) وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة.
الشرط الثاني: أن يكون قد صدر حكم من المحكمة بوجوب نفقة الزوجة على زوجها وهذا يعني أن الزوج قد يمتنع عن الإنفاق على زوجته امتناعا حقيقيا لمدة من الزمن وان الزوجة قد أقامت دعوة أمام المحكمة ضد زوجها وأثبتت امتناعه من الأنفاق واستصدرت حكما على الزوج بأنه يجب أن ينفق عليها ويدفع لها مبلغا معينا يقدره القاضي ويذكره في حكمه مراعيا في تقديره حالة الطرفين وظروف المعاش.
الشرط الثالث :يجب أن لا تكون الزوجة عالمة بحالة بإعسار الزوج وقت إبرام العقد بحيث إذا استطاع الزوج أن يثبت بأنها كانت عالمة بإعساره وفقره المادي وقت إبرام العقد ورضيت بحاله
الذي هو عليه إلى أن دخل بها، فإن حقها في طلب التطليق يكون قد سقط برضاها بحاله ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بتطليقها من زوجها بسبب إعسار كانت تعلمه وقت إبرام العقد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قانون الأسرة الجزائري ص91
ملف رقم 197739 قرار بتاريخ 21 /07/1998
قضية ق ا ضد ب ن
سكن لممارسة الحضانة
أحوال شخصية:
إلغاء الحكم المستأنف في شقه المتعلق برفض تخصيص مسكن الحضانة والحكم من جديد بإلزام الأب بدفعه للحاضنة مبلغ 4000 دج بدل لأجرة السكن -طعن بالنقض - لان للحاضنة ولي يقبل إيواءها-رفض الطعن -
آن أجرة مسكن الحضانة تعتبر عنصرا من عناصر النفقة ومنها فإنها من التزامات الأب تجاه أولاده المحضونين إلا أن تقديرها يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع.
نشرة القضاء العدد 56/99 ص37
الشرط الرابع: يجب أن يكون الإنفاق الممتنع عن تقديمه هو إنفاق مثل زوجها على مثلها بمعنى أن يكون الإنفاق الممتنع عنه الزوج حسب مداخيله وموارد رزقه المالية لأنه لا يجوز للزوجة أن تزعم عدم الإنفاق عليها إذا طلبت طلبات تفوق دخل زوجها وتعجزه عنها، لذلك فإذا ما توافرت هذه الشروط مجتمعة فإن من حق الزوجة أن تلجي إلى القضاء وتطلب التطليق من زوجها حالا بعد أن تكون قد تضررت من عدم الإنفاق عليها.
وقد استند الأحناف في رأيهم المذكور سابقا إلى قوله تعالى : ''لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها.''
وأيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل لزوجة آبي سفيان حق طلب التطليق حين شكت إليه شح زوجها وإنما أمرها أن تأخذ من مال آبي سفيان ما يكفيها وولدها ولولم يأذن لها زوجها في الأخذ.
والصحابة كان فيهم الموسر والمعسر وكان المعسرون أضعاف الموسرين ولم يرد ما دل على التفريق بين المعسر وزوجه.
وعدم إنفاق الزوج على زوجته ان كان لفقره وعجزه فهو معذور فلا ظلم منه ويجب انتظار ميسرته لقوله تعالى :'' وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة'' وذلك خلافا لما ذهب إليه المالكية من جواز التفريق لعدم الإنفاق إلا إذا كانت الزوجة عالمة بإعساره.
ويرى الحنابلة (1) أن الزوج إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرآة مخيرة بين الصبر عليه وفراقه وحجتهم في ذلك قوله تعالى:'' فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ''.
وعند الشافعي واحمد لا يسقط حقها في طلب الطلاق إذا رضيت بإعسار زوجها لان رضاها بالإعسار في الماضي تنازل عن حق واجب (2)ولعله كان رجاء ميسرة ولا يصح أعماله في النفقة المستقبلة التي لم تجب وقد واجه بعض الفقهاء الإمام مالك بأنه لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى بالتفريق لعدم النفاق أو للإعسار فقال:"ليس الناس اليوم كذلك إنما تزوجته رجاء، فقد تغيرت أخلاقهم وتركوا أمور دينهم فما ذنب الزوجة إذا سلك زوجها طريق الفساد حتى بدد ماله ولم يترك لها ما يستر عورتها أو ما تسد به حاجتها" فرأي الإمام مالك يتميز بالوجاهة والواقعية.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 احمد الغندور،الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص157
2-علي حسب الله :عيون المسائل الشرعية ص207
المبحث الثاني: التطليق للعيوب:
المطلب الأول: مفهوم العيوب :
جاء في نص المادة 53 الفقرة الثانية قانون الأسرة الجزائري انه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها بسبب وجود عيب به فيمكنها إنشاء الرابطة الزوجية في حالة:'' العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج ''، والعيوب كما حصرها الكثير من الفقهاء هي مثل الجب والعنة والخصاء بالنسبة للرجل والرتق والقرن بالنسبة للمرأة والجنون والجذام والبرص بالنسبة لكل منهما لأنها هي التي تعوق عما يقصد بالزواج من التمتع والتناسل وقد قال ابن القيم على أن الاقتصار على عيبين أو ستة أو أكثر لا وجه له. فالعمى والخرس والطرش أو كون الزوجة أو الزوجة مقطوع اليدين من أعظم المنفرات والقياس على أن كل عيب ينفر الزوج الأخر منه ولا يحصل به مقصود الزواج من المودة والرحمة يوجب الخيار. كما قال أبن القيم كذلك:: كيف يمكن أحد الزوجين من الفسخ بقدر العدسة من البرص ولا يمكن منه بالجرب المستحكم وهو اشد من البرص اليسير وكذلك غيره من أنواع الداء العضال "(1).
كما ذكر بلحاج العربي انه يجب أن يكون العيب المتصل بالزواج من العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج، أي تمنع من الدخول أو الاستمتاع الجنسي وكذا الأمراض الضارة أو المنفرة التي تعكر صفو الحياة الزوجية القائمة على الآلفة والمودة ولقد أحسن المشرع الجزائري صنعا عند ما لم يحدد العيب ولم يذكر الأمثلة وترك الأمر للسلطة التقديرية للقاضي على أساس معيار موضوعي، وهو هل العيب يحول أم لا دون تحقيق الهدف من الزواج ؟(2)
ــــــــــــــــــــــ
1-احمد الغندور: الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص127
2بالحاج العربي: أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي الجزء الأول ص237
المطلب الثاني : التطليق والعيوب :
القانون الجزائري في الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون الأسرة لهذا العيب الذي منحت الزوجة بموجبه حق طلب التطليق من زوجها إذا وجدته به " العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج " غير أن الملاحظ هنا أن المشرع لم يبين نوع هذا العيب الذي يحول دون تحقيق هدف الزوج والذي يمكن الزوجة حق طلب التطليق.
ها هو العيب الجنسي أم العيب غير الجنسي بل اعتمد عبارة عامة ومطلقة قد تشملها معا وعلى رأي بعض رجال القانون فان المشرع الجزائري حسنا فعل كما سبق وأن أشرنا بالمطلب السابق و ذلك لأن العيوب أو العلل أو الأمراض أو الأمراض التي تحول دون تحقيق أهداف الزواج كثيرة و متنوعة ومن الصعب جدا حصرها أو تحديدها فيبقى من حق الزوجة أن تطلب من القضاء أن يحكم بالتطليق بينها و بين زوجها لأي عيب من العيوب التي تحول دون تحقيقي الأهداف الشرعية التي من أجلها شرع الزواج مثل الاستمتاع الجنسي , إنجاب الأولاد , المحافظة على الأنساب ...
وعليه فإذا اكتشفت الزوجة عيبا بالزوج لم يكن معلوما قبل الزواج (1) أو اطلعت على مرض حدث له قبل الزواج أو بعده و من شأنه الحيلولة دون ممارسة العلاقات الجنسية مثل الخصاء أو أن يكون المرض كمن شأنه الحيلولة دون التناسل و إنجاب الولد مثل العقم أو أن يكون لمرض من شأنه دفع الزوجة إلى النفور من زوجها و الاشمئزاز من مرضه أو الخوف من اذائه و حضر تصرفاته مثل مرض السيدا و غيرها من الأمراض الخطيرة و المعدية مثل الجنون و المرض المتكرر المستمر فإن من حقها أن تدفع الضرر عن نفسها بتوجهات إلى القضاء لوضع حد لحياتها الزوجية بطلب الحكم لها بالتطليق من زوجها المعيب أو المريض أو العليل وللمحكمة أن تدرس هذه.
(1): قرار المحكمة العليا1966 في قضية أخفى الزوج فيها عجزه الجنسي حين العقد
م ج 1968 , عدد 4 ص 1220
الحالات بالاستناد إلى كل الأدلة الممكنة مثل شهادات الشهود و الشهادات الطبية و التقارير المعتمدة من طرف ذوي الخبرة أو بأية وسيلة أخرى.(1)
تنص المادة 54/04 من القانون المغربي بأنه يستعان بأهل الخبرة من الأطباء في معرفة العيب و لقد قررت المحكمة العليا في حكمها الصادر في 8 فبراير 1982 بأن عيوب الفرج ليست كلها موجبة للطلاق بمجرد الادعاء بها بل لابد من معرفة مصيرها ومدى قابلية العيب للعلاج ،وفي هذه الحالة لابد من ضرب اجل للمصاب بها لمعالجتها فإن وقع الحكم عليه قبل معرفة ذلك وضرب أجل له للعلاج ففي ذلك مخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية (2).
و في قرار لمحكمة النقض السورية جاء ما يلي: ''إن تقاضي الزوجة النفقة لا يعتبر رضاء منها بعلة الزوج وإن انتظار الزوجة مدة طويلة غير كافية في الدلالة على رضاها بعلة الزوج.''(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مجلس تلمسان 28/ديسمبر 1967، م.ج 1968 عدد4، ص1213 وفي القضية طلب المجلس القضائي الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء.
2 المحكمة العليا 8 فبراير 1982 غ.ا.ش ، نشرة القضاء 1982 ، ص254 .
3محكمة النقض السورية . حكم رقم 49 . بتاريخ 29 افريل 1967
المبحث الثالث: التطليق للهجر في المضجع:
المطلب الأول : مفهوم الهجر :
الهجر أن يدير الزوج ظهره لزوجته في الفراش فلا يهتم بها الاهتمام المنوط بالزوج ولا يعاشرها جنسيا، حتى انه يعتبرها غير موجودة بجانبه مثل أن يترك فراش الزوجية أو غرفة نوم الزوجية لينام في فراش آخر أو في غرفة أخرى وهذا بدون سبب شرعي ولمدة تزيد عن أربعة اشهر كاملة ومتتالية قصد الإضرار بها.
ويرى بعض المفكرين أن هجر الزوج للزوجته من اشد ضروب الضرر.
المطب الثاني : التطليق والهجر:
جاء في قانون الآسرة الجزائري المادة 53 الفقرة الثالثة: ''الهجر في المضجع فوق أربعة اشهر ''، فعد بذلك المشرع الجزائري الهجر من الأسباب التي تجيز للزوجة أن تطلب التطليق وإنهاء الرابطة الزوجية إلا نه اشترط شروطا أساسية لتمكينها من ذلك.
الشرط الأول: أن يهجرها زوجها ويترك فراش الزوجية مديرا لها ظهره ولا يعاملها في الفراش معاملة الأزواج.
الشرط الثاني : أن يدوم هذا الهجر لمدة زمنية تفوق الأربعة اشهر متتالية دون انقطاع بحيث لا يقع بين الشهر والآخر أي اتصال جنسي بينهما .
الشرط الثالث: آن يكون الهجر عمديا وبقصد الإضرار بها وليس له ما يبرره شرع ولاقانونا، أما إذا كان الهجر قد وقع وكان له ما يبرره قانونا مثل:وجود الزوج في المستشفى للعلاج او وجوده بمكان آخر للقيام بعمل لكسب الرزق أو أثناء أداه لواجب الخدمة الوطنية. في مثل هذه الحالات وغيرها لا يقبل أن يمنحها القانون حق طلب التطليق من زوجها بسبب الهجر في المضجع.
والملاحظ أن قانون الآسرة الجزائري أهمل الايلاء لأنه حسب رأي بعض الشراح يمينا معلق على شرط فأبعده ليضيق من نسبة الطلاق في المجتمع (1)وهذا رأي صائب باعتبار أن الإيلاء من الطلاق المعلق على شرط أو المضاف إلى الزمن المستقبل وقد اعتبره بعض الفقهاء بأنه بدعة كالحلف بطلاق وطلاق الثلاث بلفظ واحد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1:الأستاذ فضيل سعد: شرح قانون الأسرة الجزائري الجزء 1 ص 279-280
ومن هنا حاول القانون الجزائري أن يبعد الايلاء من نصوص القانون تضيقا لدائرة الطلاق. وتخفيضا لنسبة تطوره عن طريق التقليل من أسبابه.
والمالكية يجعلون من الهجر أن يمتنع عن الكلام مع زوجته.أو يؤثر عليها غيرها في الكلام، أو يعرض عنها بوجهه ولذلك يكون من الضرر الذي يجوز التفريق بينهما إذا طال لمدة لا تحتملها ما لم يكن لسبب مشروع وقد لاحظ القضاء المصري هذه الناحية في بعض أحكامه.
فقد صدر حكم بتطليق في مثل هذه الحالة من محكمة شبين القناطر الشرعية في 8 أكتوبر 1932 ثم تأيد من محكمة الاستئناف في 11 ديسمبر 1932 وقد قرر الحكم الذي تأيد هذه القاعدة:
'' الهجر في المضجع مدة لا تحتملها الزوجة يبيح التطليق للضرر''.(1)
بذلك اتفق الفقهاء على عدم شرعية الهجر عن قصد وبدون سبب شرعي وكذا الهجر لمدة تزيد عن أربعة شهور كاملة فإذا أساء الزوج استعماله حق التأديب عن طريق الهجر في المضجع فلزوجته أن ترفع أمرها إلى القاضي، وطلب التطليق للضرر الذي يلحقها من الزوج من جراء هجره إياها.(2)
وعلى القاضي أن يتأكد من وجود واقعة الهجر الحقيقي بدون سبب شرعي مقبول، وان يتجاوز هذا الهجر أربعة اشهر متتالية وبدون انقطاع وبعد مراعاة العنصر المعنوي المتمثل في نية الإضرار بالزوجة مما يستوجب عليه البحث عن سبب الهجر ونية الزوج الحقيقية، وبذلك دون العنصر المادي اللاشرعي والعنصر المعنوي فإنه لا يجوز للقاضي أن يحكم للزوجة بالتطليق.(3)
و قد اشترطت المحكمة العليا في حكمها الصادر في 27 مارس 1968 بأنه يجب أن يكون الطلاق منجزا. غير معلق على شرط و لا مضافا إلى المستقبل و يكون ذلك باللفظ الصريح الذي يفهم منه أن الزوج طلق زوجته. (4)
كذلك لم يذكر المشرع الجزائري الظهار لندرة استعماله في الحياة الواقعية، و الظهار هو أن يقول الزوج لزوجته أنت علي كظهر أمي، أو هو تشبيه الزوج زوجته بامرأة محرمة عليه تحريما أبديا. و قد حرم الإسلام ذلك لما فيه من إضرار بالزوجة.
1- احمد الغندور:الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون ص141
2-محكمة تلمسان 18 ديسمبر 1970 .رقم 172 .و12 ماي 1972 رقم 53 .المحكمة العليا ،6 نوفمبر 1968 ،ن. ق.1968 .ص 128،127
3- الأستاذ عبد العزيز سعد : الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري ص233،232
4-. المحكمة العليا. غ.م.27 مارس 1968، م.أ.س وزارة العدل ، ج1 ، ص 24 مكرر.
و أما اللعان فهو شهادات أربع مؤكدات بحلف اليمين يؤديها الزوجان أمام القضاء اذا ما قذف الزوج زوجته بالزنى أو نفى نسب ولدها مقرونة من جانب الزوج باللعنة و من جانب الزوجة بالغضب. (1)
و تتم التفرقة بين الزوجين بمجرد تمام اللعان أمام القاضي و هي فرقة مؤكدة عند جمهور الفقهاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المحكمة العليا الجزائرية 12 ديسمبر 1973، المحاماة ، عدد 3.1975، ص 48.
المبحث الرابع : التطليق للحكم بعقوبة:
المطلب الأول : مفهوم العقوبة المسببة للتطليق:
نصت الفقرة الرابعة من المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة:" الحكم بعقوبة شائنة مقيدة لحرية الزوج لمدة أكثر من سنة فيها مساس بشرف الأسرة.و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية".
و العقوبة هي جزاء جنائي يتضمن إيلاما مقصودا يقرره القانون و يوقعه القاضي على من تثبت مسئوليته عن جريمة.(1)
وعن مفهوم العقوبة المسببة للتطليق ذكر الأستاذ المحاضر الشيخ دلول بالمركز الجامعي-سوق أهراس- متسائلا عن كيفية تقدير العقوبة الشائنة و هل العبرة بالفعل أم بالعقوبة. فقد يكون الفعل شائن و العقوبة أقل من سنة، أو تكون العقوبة أكثر من سنة و الفعل غير شائن.
كذلك لابد أن ترقى العقوبة إلى حد بحيث تصبح فيه قرينة على استحالة الحياة الزوجية و تعذر الاستمرار في الرابطة الزوجية بما وصلت إليه من البغض و الكراهية و الحقد بسبب ما ينشأ بين الزوجين من خلافات و خصومات و تباين وجهات النظر مما يسمح للزوجة أن ترفع دعوى أمام المحكمة لطلب التطليق بعد مضي سنة من الحبس أو السجن. و التطليق مأخوذ من المذهبين المالكي و الحنبلي خلافا للشافعية و الحنفية و قد نص ابن تيمية على أن الأسير و المحبوس كحكم الغائب.(2)
و لقد جاءت صياغة الفقرة 4 من المادة 53 رديئة جعلت وصف " شائنة" غامضا منصرفا إلى العقوبة و ليس إلى الفعل المعاقب عليه، و بذلك فالمشرع كما يرى الأستاذ فضيل سعد يكون قد وصف القاضي بالشينة و القبح و ترك العمل الشائن الذي ارتكبه المجرم. (3)
وهو ما جاء في التقرير التكميلي لمشروع قانون الأسرة الذي قدم للنواب من أن المشرع كان يقصد الأفعال التي تنعكس أثارها على الثقة الزوجية. (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الدكتور علي عبد القادر القهوجي: علم الإجرام و علم العقاب ص 228.
2- الإمام محمد أبو زهرة: الأحوال الشخصية.ص 430
3- الأستاذ فضيل سعد شرح قانون الأسرة الجزائري ج 1 ص 289، 290 واقترح الأستاذ الفاضل أن يكون الصواب في التعبير أن يقول المشرع:"الحكم بعقوبة لمدة أكثر من سنة عن أفعال شائنة.....
4- راجع التقرير التكميلي لمشروع قانون الأسرة، المجلس الشعبي الوطني.ص65
المطلب الثاني: التطليق للعقوبة:
أجاز قانون الأسرة الجزائري للزوجة حق طلب التطليق من زوجها في حالة تعرضه إلى الحكم بعقوبة شائنة، و قد اشترط في التطليق للحكم بعقوبة شائنة توافر الشروط التالية:
الشرط الأول: صدور حكم قضائي ضد الزوج حائز لقوة الشيء المقضي به ولم يعد قابلا للطعن فيه بالطرق القانونية للطعن العادية منها وغير العادية بجريمة أو أفعال شائنة ارتكبها.
الشرط الثاني:أن تكون العقوبة مقيدة للحرية، أي تتضمن عقوبة بدنية بالسجن والحبس فإن كانت بالحبس مع وقف التنفيذ أو الوضع تحت المراقبة أو الحكم بالغرامة فقط أو الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية أو كانت العقوبة متصلة بالحياة التجارية كعقوبة الإفلاس، فإنه لا يجوز للزوجة في مثل هذه الحالات أن تطلب التطليق.
الشرط الثالث: أن تكون هذه العقوبة المقيدة للحرية أكثر من سنة كما نصت الفقرة الرابعة من المادة 53 من قانون الأسرة مما يفيد انه لا يجوز للزوجة أن تطلب التطليق إلا إذا كان الحكم الذي صدر ضد زوجها يتضمن عقوبة بالسجن لمدة سنة فما فوق.
الشرط الرابع: أن تكون العقوبة على أفعال شائنة أي تعلق الفعل بأعمال شائنة منافية للأخلاق وان تكون متصلة بشرف الأسرة مثل جريمة الاعتداء على العرض والاغتصاب...
الشرط الخامس: أن تكون هذه الأفعال المعاقبة عليها بعقوبة تستحيل معها مواصلة العشرة والحياة الزوجية، أي تتوتر العلاقات بين الزوجين بسبب هذا الحكم وأثاره فتنتج عنه خلافات حادة و خصومات مستحكمة فتصبح الحياة الزوجية جحيم.
فإذا توفرت هذه الشروط مجتمعة فإنه يجوز للزوجة أن ترفع دعوى قضائية لتطلب الحكم لها بالتطليق من زوجها وفقا لأحكام الفقرة الرابعة ويكون من الجائز للمحكمة أن تقضي بتطليقها.
قد جاء عن عبد العزيز سعد: '' وبعبارة أكثر وضوحا يمكن أن نقول أن طلب التطليق إستنادا إلى حكم بعقوبة تستلزم توفر كل هذه الأوصاف مجتمعة هو تطليق يضع القاضي في دوامة لا حدود لها ويجعل من الصعب على الزوجة الحصول على حكم به.
أما ما نعيبه على البند 4 من المادة 53 فهو انه قد منح الزوجة حق طلب التطليق من الزوج المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة أكثر من سنة.
ولكن دون أن يفرق بين أن تكون هذه العقوبة منفذة حالا. وبين أن تكون موقوفة التنفيذ، ودون أن يشترط بوضوح تعليق ممارسة هذا الحق على مضي أكثر من سنة على إقامة الزوج محبوسا في المؤسسة العقابية. لان من الممكن أن يحكم عليه بالحبس لمدة أكثر من سنة مع وقف التنفيذ ،ومن الممكن أن يحكم عليه بأكثر من سنة ثم يصدر عليه عفو عام أو خاص بعد مضي عدة أيام أو عدة شهور قليلة فقط وهو مالا يتوفر معه الغرض الشرعي والقانوني لمنح الزوجة حق طلب التطليق بسبب الحكم على زوجها بعقوبة مقيدة لحريته تفوق سنة (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1-د/عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ص268
المبحث الخامس: التطليق للغياب:
المطلب الأول : مفهوم الغياب الموجب للتطليق:
من الحالات التي أجاز فيها القانون صراحة للزوجة أن تطلب الحكم بتطليقها من زوجها ما تضمنته المادة 53 من قانون الأسرة في فقرتها الخامسة والتي تنص: " الغيبة بعد مضي سنة بدون عذر ولا نفقة ''.
وتجدر الإشارة إلى أن التطليق للغياب لا يقوم على أساس الضرر المتوقع فقط، ومن هنا يشترط قصد الزوج الإضرار بزوجته أو الإيذاء بتعنت، لأنه غاب ولم يعلمها فيجب معاقبته بإيقاع الطلاق عليه، فإن لم يقم به قام القاضي مقامه فيه.(1)
وعن الغياب الموجب للتطليق نذكر انه إذا تضررت الزوجة لغياب زوجها وطلبت التفريق بينها وبينه فقد اختلف الفقهاء في ذلك فمثلا لم يشترط المالكية أن يكون الغياب بغير عذر مقبول أما الحنابلة فقد اشترطوا ذلك.(2)
ويرى الحنفية والشافعية عدم التفريق لغيبة الزوج.لانعدام ما يصح أن يبنى على التفريق، لأنهم يرون انه لا فسخ بغيبة،وانه لا فسخ مادام الزوج موسرا وإن انقطع خبره.
وقد كان العمل في مصر والسودان ''يجري على هذا الرأي.حتى صدر القانون رقم 25سنة1929.والمنشور الشرعي السوداني رقم 17 سنة 1915فقد جرى العمل في هذا الموضوع على مذهب المالكية.
ويرى المالكية جواز التفريق لغيبة الزوج. فقد جاء في شرح الحطاب:''واعلم أن الغائبين عن أزواجهم خمسة. وذكر القسم الرابع. وهو غائب خلف نفقة، ولا شرط لإمرأته عليه.وهو مع ذلك معلوم المكان فهذا يكتب له السلطان، أما أن يقدم أو ترحل إليه امرأته أو يفارقها و إلا طلق عليه، والتفريق لغيبة الزوج جائز عند المالكية، سواء أكانت الغيبة بعذر أم بدون عذر(3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-بلحاج العربي: أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي . الجزء الأول .ص253
2– بلحاج العربي : الرجع السابق ص253 عن الدكتور عبد الرحمان الصابوني شرح القانون السوري ج2 ص 79.
3- محكمة تلمسان 18 ديسمبر 1970 رقم 172. حيث ضرب القاضي للزوج الهارب عن بيت الزوجية le mari deserteur بأربعة اشهر للعودة إلى مسكنه .
والغائب الذي يقصده المشرع الجزائري هنا هو الذي نص عليه في المادة 110 من قانون الأسرة بقوله:''الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة، وتسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود ''.
فبعد أن حددت المادة 110 مفهوم الغائب، فإن المادة 112 والمادة 53 من قانون الأسرة قد خولتا الحق للزجة في طلب التطليق للغياب من جراء الضرر الذي لحقها أما إذا كان الزوج الغائب يتواجد بمكان معلوم، بحيث يمكن الاتصال به فإن القاضي يضرب له آجلا ويعذر إليه بأن يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها.
فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولم يبد عذرا مقبولا تأكد القاضي من استمرارها على طلب الفراق.ثم يحكم بينهما بتطليقه بائنة(1)
المطلب الثاني: التطليق بسبب الغياب:
حتى تتمكن الزوجة من ممارسة حقها في التطليق بسبب الغياب وهذا ما جاء بنص المادة 53 الفقرة الخامسة، أوجب لها المشرع شروطا لابد من توافرها هي كالتالي:
الشرط الأول: آن يتغيب عنها زوجها غيبة طويلة تفوق مدة سنة من يوم غيابه، إلى يوم رفع الدعوى، لأنه لا يجوز لها رفع دعوى ضد زوجها مطالبة بتطليقها منه بسبب غيابه الذي لم يمض عليه سنة من الزمن.
الشرط الثاني: أن يكون غيابه بغير عذر مقبول ودون سبب شرعي.
فيكون بذلك متعمدا أضرارها وإيذاءها، بحيث لو غاب الزوج عن زوجته لمدة سنة أو أكثر وكان غيابه في إطار خدمة عامة، أو أداء واجب الخدمة الوطنية في مكان بعيد أو ما شابه ذلك فإنه لا يقبل من الزوجة في مثل هذه الحالات أن ترفع دعوى أمام القضاء وتطلب الحكم لها بالتطليق.
الشرط الثالث: يجب أن يكون هذا الزوج الغائب لمدة سنة كاملة، وبدون عذر شرعي أو قانوني،لم يترك لها مالا تستطيع الإنفاق منه على نفسها وعلى الأولاد،لأنه لو ترك لها ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بلحاج العربي : أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي ص254 .عن مدونة القانون المغربي للمادة 57
المال، فلا يجوز لها طلب التطليق، لان طلب التطليق للغياب يقوم على أساس الضرر الواقع بها، وليس الضرر المتوقع فقط.
ويمكن آن نضيف إلى آن المقصود بالغيبة الواردة في المادة 53 /5 قانون آسرة هي غيبة الزوج عن زوجته بإقامته في بلد آخر غير الذي تعيش فيه، وأما الغيبة عن بيت الزوجية وعيشه في بيت آخر في نفس البلد، فهو من الأمور التي تدخل في الضرر الذي نص عليه المشرع في الفقرة السادسة من نفس المادة (1) .
وعن مركز الأخبار آمان بأيلول 2002.23 البحرين: تفاصيل مشروع قانون الأحوال الشخصية كتبت هناء المحروس:"...أما التطليق للغياب والفقدان فللزوجة طلب التطليق بسبب غياب زوجها المعروف موطنه أو محل إقامته بلا عذر مدة سنة ولو كان له مال لاستيفاء النفقة منه ''.(2)
وبذلك فقد اتفق المشرع الجزائري والمشرع البحريني في اعتبار غياب الزوج سببا 'يجيز للزوجة طلب التطليق وفك الرابطة الزوجية بحكم من القاضي، وهذا الاتفاق لانجده إلا في الغياب فحسب بل في مواطن متعددة منها حق طلب الزوجة التطليق من زوجها لضررعدم الإنفاق، وكذلك في حالة هجر الزوج لزوجته في المضجع، أيضا إذا ما تعرض الزوج للحكم بعقوبة شائنة، وقد زاد المشرع الجزائري على المشرع البحريني اعتبار انه إذا ارتكب الزوج فاحشة مبينة، فإن للزوجة حق طلب التطليق لذلك. وما يلاحظ أن اغلب التشريعات تصب اجتهاداتها في وحدة قانونية تعدد الحالات التي يجوز فيها للزوجة أن تطلب فك الرابطة الزوجية على أساسها.
ـــــــــــــــــــــــــ
1-الأستاذ: فضيل سعد: شرح قانون الآسرة الجزائري الجزء 1ص295
2- www. Amanjordan.org/arabic-news/wmview.phppART/D=3151
المبحث السادس: التطليق للضرر:
المطلب الأول: مفهوم الضرر الموجب للتطليق:
تعتبر حسن المعاشرة بين الزوجين من الحقوق المشتركة بينهما، وعلى كل منهما أن يحاول دفع الضرر عن الأخر، لتحقيق الهناء في الحياة الزوجية، وذلك لقوله تعالى: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ''.
وقد روي عن النبي صلى الله عيه وسلم انه قال في حجة الوداع:''إن لكم من نسائكم حقا، وان لنسائكم عليكم حقا ''.
وبالتالي لا يجوز للزوج أن يلحق الضرر بزوجته سواء بضربها ضربا مبرحا أو ظلمها أو الإساءة إليها.
قد ورد قي الفقرة السادسة من المادة 53 من قانون الأسرة مبدأ يمنح من خلاله للزوجة حق التطليق من زوجها وتنص الفقرة على:"كل ضرر معتبر شرعا، ولاسيما إذا نجم عن مخالفة الأحكام الواردة في المادتين 8.و37 أعلاه.
إذن فللزوج حق تأديب زوجته بمقتضى ولايته ورئاسته في الآسرة (م39 /1 قانون الآسرة) مثلما وجبت عليه النفقة الشرعية حسب وسعه والعدل في حالة تعدد الزوجات. لكن قد يحدث وان يسئ الزوج استعمال حقه، وهنا يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة الضرر préjudice المعتبر شرعا.
إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي لايستطاع معه دوام العشرة بينهما وثبت الضرر وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه(1) ويكون الضرر معتبر شرعا إذا لم يوفر الزوج السكن اللائق الشرعي (2) أو أهمل النفقة الشرعية(3)
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ بلحاج العربي : أبحاث ومذكرات في القانون والفقه الإسلامي:الجزء الأول ص 255
2ـالمحكمة العليا :11 ديسمبر 1968 مجلس الأعلى للقضاء. وزارة العدل . ج1 ص 79 مكرر مجلس تلمسان 16 مارس 1967، م ج 1968 ، عدد 4 ، 1221
3المحكمة العليا 15 ديسمبر 1980 ،رقم 21823 ن ق 1981 2 مجلس تلمسان 18 جانفي 1967
م.ج 1968. عدد4 ص 217
أو أساء معاشرة الزوجة (1) عن طريق إهانات خطيرة أو جسيمة (2)injures graves أو قساوة المعاملة sévices (3) ،أو انه ترك البيت الزوجي (4) ،أو تهرب من الواجبات الزوجية بدون سبب شرعي (5).
وفي مثل هذه القضايا لم يقيد المشرع الجزائري سلطة القاضي التقديرية فيما يتعلق بالضرر، والقاضي في هذا التقدير الموضوعي لايكون بدوره خاضعا لرقابة المجلس والمحكمة العليا.
فإذا قامت الزوجة بادعاء الضرر وأثبتته، يقوم القاضي بتطليقها إذا عجز عن الإصلاح ويكون ذلك بطلقة بائنة.
أم إذا رفض طلب التطليق، وتكررت الشكوى، وعجزت الزوجة عن إثبات الضرر، اختارت المحكمة حكمين للتوفيق والإصلاح بينهما، ويشترط في الحكمين أن يكونا رجلين عدلين من آهل الزوجين إن أمكن، وعليهما التعرف على أسباب الشقاق وبذل الجهد في الإصلاح ثم تقديم تقرير للقاضي خلال شهرين وعلى القاضي أن ينظر في القضية على ضوء هذا التقرير (6).
وإنه في حالة عجز الحكمان، وثبوت الضرر حكم القاضي بتطليقها منه وألزمه بالتعويض عن الضرر سواء أكان ماديا أو معنويا إذا طلبت الزوجة ذلك(7).
وتستند هذه الأحكام المستمدة من الفقه الى قوله تعالى :" وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ، ان الله كان عليا خبيرا " سورة النساء الآية 35.
ـــــــــــــــــــــ
1محكمة إستاف تونس .14 جويلية 1966.م ت ق 1968 ،قضاء ص99
2- المحكمة العليا .11 ديسمبر 1968.ن.ش 1968، ص134 –137
3-المحكمة العليا .غ.ج 24 مارس 1970.م.ج 1971،جوان ،ص 555
4-محكمة تلمسان 12 ماي 1972
5 –C h.Rev.Mars 8Novembre 1952 N°7 8Avril 1931.RA1933.2.18
6-راجع المادة 56 ق مغربي، المواد 112 – 115 ق سوري، المواد 6 –11 –ق مصري لسنة 1929 المواد 127 –135 –ق كويتي
7- يحكم القاضي طبقا لسلطته التقديرية، المجلس الأعلى، 11 ديسمبر 1968
ومهمة الحكمين في رأي المالكية لا تقف عند الإصلاح بين الزوجين، بل تتجاوزها إلى طلب التفريق بينهما إذا لم يجدا سبيلا لهذا الإصلاح ( )، وأن التطبيق بسبب الشقاق والضرر يعتبر طلاقا بائنا ، لا يجوز للزوج أن يراجع زوجته مادامت في العدة ( ).
المطلب الثاني: التطليق للضرر:
المشرع الجزائري عالج مسألة حق الزوجة في طلب التطليق للضرر، وأورد عبارة عامة جدا وشاملة وهي عبارة " كل ضرر معتبر شرعا " فلم يتقيد بضرر معين مما يجعل سلطة القاضي، التقديرية للضرر في هذا المجال ستكون موضوعية ومطلقة ولا يقيدها أي قيد.
وبهذا الخصوص يرى بعض رجال القانون أن المشرع الجزائري أحسن صنعا عندما لم يحدد أنواعا معينة من الضرر، لأن ما يعتبر فيه ضررا للزوجة، قد لا يكون كذلك بالنسبة لأخرى كما أن الضرر المعتبر شرعا في زمن ولدى جماعة معينة ، قد لا يكون كذلك بالنسبة لزمن آخرأو جماعة أخرى .
وعموما يجوز للزوجة التي تزعم أن زوجها قد قام بعمل تجاهها نتج عنه ضرر لها سواء في معاملته لها، أو في إهانتها أو في عدم القيام بواجباته نحوها، أن تقوم برفع دعوى أمام المحكمة لتطلب التطليق دفعا للضرر الذي يقع عليها عبئ إثباته بكل الطرق القانونية.
وعن مركز الأخبار أمان بأيلول 23. 2003 البحرين ، تفاصيل مشروع الأحوال الشخصية عن هناء المحروس :" أما التطليق للضرر والشقاق فلكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي منع دوام العشرة بينهما ، كما على القاضي بذل الجهد لإصلاح ذات البين، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح وأثبت الضرر حكم بالتطليق " (3).
جاء عن عبد العزيز سعد:" أما ما هو جدير بالذكر في هذا المقام، فهو أن القانون لم يذكر في نصوصه أي معيار أو ميزان للتمييز بين كون هذا الفعل صادر عن الزوج تجاه زوجته يشكل ضررا للزوجة أم لا. وهذا يعني تقييم الفعل الصادر ومعرفة كونه ضارا أو غير ضار ينبغي أن يقيم من وجهة نظر اجتماعية وثقافية محضة، لأن ما يعتبر ضار وجارح بالنسبة لزوجة ما قد لا يكون جارح وضار لزوجة غيرها. لهذا فان معيار الضرر هو معيار شخصي، وان مهمة القاضي في التفريق بين الفعل الضار وغير الضار مهمة شاقة وصعبة. خاصة ونحن في زمن قلت فيه الأمانة، وضعفت فيه النفوس، وسيطرت على الناس المنفعة والأنانية، وطغى عليهم الجحود والفجور(1).
جاء عن أحمد الغندور أن القضاء المصري الشرعي قد أقر هذه النظرة الطبيعية العادلة، وقد قرر هذه القاعدة: " تطلق الزوجة إذا أضر بها أو طعنها في عقلها، وأهليتها، أو جرح عواطفها، أو خدش بالقول كرامتها، وكرامة أسرتها مع وجود أجنبية في منزله، وزوجته بعيدة عنه، وتعريضه بتربيتها تربية غير طبية وتقديمه رسائل كتبتها إليه كان يجب أن تظل مكتومة بينهما ، وقد تأيد هذا الحكم استأنا فيا وجاء فيه :" أن ضرر الزوج بزوجته أمر تقديري يصوره القاضي بحسب مايرى من منزلة الزوجين . وما يكون بين أمثالهما، تطبيقا للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929. وأن الضرب وان كان خفيفا يعتبر ضررا من الزوج لزوجته متى كانا من طبقة محترمة لم يتعود أفرادها هذا النوع من التأديب..." (2).
1- الأستاذ عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري : ص 271
2- أحمد الغندور : الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون :ص 140
المبحث السابع: التطبيق للفاحشة:
المطلب الأول: مفهوم الفاحشة الموجبة للتطليق:
آخر فقرة من نص المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري، أجازت للزوجة أن تطلب التطليق في حالة ارتكاب الزوج فاحشة مبينة UNE FAUTE IMMORALE GROSSE والمقصود بالفاحشة هنا. هو الخطأ المخل بالآداب والأخلاق بصفة خطيرة وجسيمة في ضوء الشريعة الإسلامية السمحاء، وهي حالة. أو سبب من أسباب التطليق يكاد ينفرد بالنص عليها قانون الأسرة الجزائري دون سواه من قوانين البلاد العربية الإسلامية الأخرى. وقد وردت في القرآن الكريم آيات عديدة تصور الفاحشة في المسائل التي تخل بالسلوك وبالأنظمة إخلالا كبيرا، كقوله تعالى:" ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " وقوله عز وجل:" ولا تخرجوهن من بيوتهن. ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. وتلك حدود الله. ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " وقوله أيضا:" قل إنما حرم ربا الفواحش ما ظهر منها وما بطن..."
المطلب الثاني " الفاحشة الموجبة للتطليق بين القانون والشرع:
يعتقد بعض القانونيين، منهم عبد العزيز سعد أن حالة الطلاق للفاحشة المبينة يمكن أن يشملها البند 4 أو 6، وبذلك يكون المشرع قد نص عليها بطريقة ضمنية غير مباشرة ومع ذلك يمكن أن نقول استنادا إلى الآيات الشرعية رقم 14، 15، 18، 21، 24. من سورة النساء أن المقصود بالفاحشة في هذا البند هو فعل الزنا مما يمس بالأمانة الزوجية وبكرامة الزوجة (1)كما أوضحه عبد العزيز سعد.وعليه فانه في حالة ارتكاب الزوج فاحشة مبينة كالشرك بالله، أو الاعتداء على قاصرة والانحراف عن السلوك السليم والقيام بالسلوك الإجرامي الذي يتنافى مع المنطق العقلي السليم وإرادة المجتمع (2)الإيجابية النفعية. فانه في كل هذه الفرضيات أن ترفع الزوجة أمرها للقضاء طالبة التطليق.
وحينئذ يحكم لها القاضي بذلك متى ثبت ارتكاب الزوج للفاحشة، وللقاضي سلطة تقديرية وموضوعية مطلقة في هذا الشأن(3).
1 الأستاذ عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري : ص 275 .
2 الأستاذ فضيل سعد : شرح قانون الأسرة الجزائري الجزء 1 ص 298-299
3 المحكمة العليا . 10أكتوبر 1968 . ن.س . 1968 ، ص 121- 124 .
بهذا نكون قد تعرضنا لكل الحالات التي يجيز فيها المشرع الجزائري للزوجة حق طلب التطليق من زوجها. والتباين بين مختلف الدول العربية ليس كبيرا فعن المركز المصري لحقوق المرأة تحت عنوان قوانين المرأة بين الشريعة وقوانين الأحوال الشخصية:" يذكر بأن المجتمع المصري شهد في الآونة الأخيرة جدالا كبيرا حول مسائل الأحوال الشخصية وذلك أثناء مناقشة قانون ضنه البعض تعديل لقانون الأحوال الشخصية إلا أنه تعديل إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وقد ناقشت القوانين سالفة الذكر مسائل النفقة والطلاق والغياب والفقد والنسب وغيرها وذلك في المسائل التي تتعلق بالعلاقات الأسرية ..."
ففي حالة تأثر العلاقة الزوجية فقد شرع الطلاق للرجل والخلع للمرأة ، أما قوانين الأحوال الشخصية منذ 1925 فقد جعلت الطلاق حق للرجل دون شرط أو قيد ، وفيما يتعلق بالمرأة ذكر الطلاق على مال والمراد به الخلع ، دون ذكر أي إجراءات تتعلق به مما جعله غامضا وغير مفهوم لذا لم بلفت أنظار إلا القلة ، ولم يعط للقضاء فرصة لتطبيقه، وقد أورد ذلك القانون الحق للمرأة في طلب التطليق عن طريق القاضي . ولكنه حصره في خمس شروط بدل سبعة شروط في قانون الأسرة الجزائري بالمادة 53 منه والشروط التي ذكرها المشرع المصري هي:
1- التطليق لعدم الإنفاق.
2- التطليق للضرر.
3- التطليق لغيبة الزوج.
4- التطليق لحبس الزوج.
5- التطليق للعجز والمرض ( ).
وبالرجوع إلى المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري نلاحظ أن المشرع لم يهمل حق المرأة في فك الرابطة الزوجية بالطلاق، فان وجدت الزوجة نفسها ضمن الحالات المنصوص عليها قانونا ولم تجد السعادة في الحياة الزوجية واستحال دوام العشرة ، ترجع سلطة التفريق بينها وبين زوجها للقاضي ، بما له من ولاية رفع الظلم (2)
وقد توسع المشرع الجزائري في حالات التطليق. وهذا تبعا لسياسته التشريعية، في حماية حقوق المرأة ، وإعطائها الوسائل القانونية التي يمكنها بواسطتها دفع الضرر عن نفسها ، خاصة وقد كثرت الشكوى من بقاء الطلاق بيد الرجال . يتلاعب به شرارهم، ويستعملونه سلاحا للانتقام من المرأة بشتى الوسائل ( ).
مقدمة:
الخلع يجيء عل ألسنة فقهاء الشريعة الإسلامية، فيراد به أحيانا معنى عام وهو الطلاق على مال تفتدي به الزوجة نفسها وتقدمه لزوجها سواء أكان بلفظ الخلع أو المبارأة أو كان بلفظ الطلاق، وهذا هو الشائع عند الكثيرين الآن. وأحيانا يطلق ويراد به معنى خاص، وهو الطلاق على مال بلفظ الخلع، أو ما في معناه كالمبارأة، وهذا كان شائعا على ألسنة المتقدمين من الفقهاء، فكان الطلاق على مال بلفظ الطلاق قسيم الخلع، ولم يكن هذا شاملا له داخلا في عمومه. والأحكام المنصوص عليها بعضها يعم والآخر يخص الطلاق على مال بلفظ الخلع أو المباراة والإمام محمد أبو زهرة يختار إرادة المعنى العام.
وهذا النوع من الطلاق شرطه هو شرط الطلاق عامة، وإنما ميزه عن غيره أنه طلاق في نظير مال تقدمه الزوجة لزوجها.
يقول تعالى:" ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " .هذه الآية الكريمة أباحت للمرأة أن تقدم مالا تفتدي به نفسها وأباحت للرجل قبوله في نظير الطلاق عندما يخافان ألا يقوما بحق الزوجية (1)
أثناء تعرضنا إلى موضوع التطليق الذي ذكره المشرع الجزائري في نص المادة 53 من قانون الأسرة، ارتأينا أن نخوض في موضوع الخلع الذي يدرج ضمن فك الرابطة الزوجية بالإرادة المشتركة للزوج والزوجة معا.
والذي لفت انتباهنا ودفعنا إلى ذلك هو نقطة الانطلاقة في التطليق والخلع إذا كان من جانب الزوجة، حيث وجدنا أنه في كلتا الحالتين نقطة البدء هي إرادة المرأة، ومثلما نص المشرع الجزائري على إجازة طلب التطليق من الزوجة في نص المادة 53 من قانون الأسرة، فقد أجاز لهذه المرأة أيضا في نص المادة 54 من قانون الأسرة حقها في أن تخالع نفسها من زوجها ، وهذا ما جاء بنص المادة :" يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الإنفاق عليه ، فان لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم .
من ذلك يتضح أن الاشتراك ليس في قرار المخالفة، وإنما هو يتمثل في الاتفاق على المال الذي تقدمه الزوجة لزوجها ، وعند عدم الاتفاق فالكلمة للقاضي وفق الإجراءات التي نصت عليها المادة 54من قانون الأسرة .
فوجدنا أن التطليق والخلع اذا كانا من جانب الزوجة، هما دفع من الزوجة لفك الرابطة الزوجية ، لذلك أردنا التعريج على موضوع الخلع ، لاعتقادنا أنه في جانب منه يصب في محور موضوعنا ويخدمه.
كما أننا وجدنا أن المادة 53 قانون الأسرة الجزائري ، ذكرت في فقرتها السادسة كل ضرر معتبر شرعا ولا سيما اذا نجم عن مخالفة الأحكام الواردة في المادتين 8و 37 أعلاه ، دون تحديد مقاييس الضرر المعتبر شرعا .
وعن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلع، من سنن النسائي عن الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي . فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم – فأرسل إليه، فقال:" خذ الذي لها عليك وخل سبيلها " قال : نعم . فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه تتربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها ." ( )
وتساءلنا عما إذا كان الضرب الذي وقع عنه الخلع إذا ما كان يمكن نسبه إلى الضرر المعتبر شرعا في نص المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري .
من هنا كان بين التطليق والخلع باب مفتوح يسمح بالتسلل من التطليق الى الخلع والتسلل من الخلع إلى التطليق .
فكان هذا حافزنا لإدراج موضوع الخلع ونحن بصدد موضوع التطليق.
المبحث الأول : الطلاق بالتراضي : Le Divorce Par Consentement Mutuel
المطلب الأول: مفهوم التراضي المجبر للطلاق:
لقد خول قانون الأسرة أن يتفقا على إنهاء الرابطة الزوجية، بإرادتيهما المشتركة وهو ما ورد النص عليه في المادة 48:" الطلاق حل عقد الزواج ويتم بإرادة الزوج أو تراضي الزوجين..."
وهذا يعني أنه يمكن بناءا على رغبتيهما المشتركة ( )، أو بناءا على طلب أحدهما وقبول الآخر ( )، أن يتراضيهما بالإحسان ودون خصام أو نزاع والفقه الفرنسي يعبر عنه بالطلاق اللطيف أو الظريف. Le Divorce Gracieux مقابل الطلاق بالمنازعة أو النزاعDivorce *******ieux عند عدم التراضي بين الزوجين ( ).
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد توسط طريقة فك الرابطة من قبل الزوج وفكها بطلب من الزوجة سواء عن طريق التطليق أو الخلع بطريقة ثالثة، فأباح الاتفاق على الطلاق مثلما تم الإتفاق على الزواج.فينهيان العقد الأول بعقد ثان لا ظلم فيه لأحد بالمعروف والإحسان ( ).
وبهذا المفهوم فالطلاق بالتراضي يسمح للزوجين. في مصلحة الأسرة والأولاد، بالوصول إلى إيقاع الطلاق في مدة معقولة وبدون مفاخرة ولا فضائح.
المطلب الثاني : رضا الزوجين في الطلاق :
يحكم بالطلاق بالتراضي بناء على عريضة تتقدم بها الزوجة ، أو حتى الزوج إلى كتابة الضبط بالمحكمة تشمل الهوية الكاملة ، والعنوان الكامل لكل منهما ، وتحتوي على عبارات صريحة تفيد اتفاقهما على حل عقد الزواج بتراضي منهما دون إكراه من طرف أو ضغط من الآخر ، ويطلبان من المحكمة أن تقضي بينهما بالطلاق الرضائي .
واذا كانت هناك شروط تتعلق بالطلاق، يستحسن ذكرها في العريضة ذاتها، كما يستحسن أن تكون العريضة موقعة من الزوجين معا، وبذلك لايبقى للمحكمة سوى الحكم بالطلاق وفقا لما اتفق عليه الزوجان ، بعد أن تكون قد قامت بمحاولة الصلح المنصوص عليها قانونا وفشلت ،أو بعد أن تكون قد نجحت في الوصول بالزوجين الى الطلاق الرضائي بناء على الإرادة المشتركة لهما ما لم يخالف اتفاق الزوجان على الطلاق النظام العام أو يمس بحقوق الآخرين ( ).
ونشير إلى أن الطلاق بالتراضي غير محرم شرعا، بل يجد جوهره وأصله في الآيات 127و129 من سورة النساء ( ).
ويكون السبب القانوني للطلاق الرضائي ، هو الإرادة المشتركة للزوجين ، ولايجوز للقاضي مراقبة سبب طلاقهما الحقيقي ، فهما يستطيعان الحفاظ عليه سريا ، وهذا لا يتنافى مع المبادىء التي تنظم حقوق وحريات الحياة الخاصة بالأفراد ، وبالرغم من هذا فان اتفاقهما يجب أن يعلن عنه بالمحكمة لأن الطلاق في الجزائر لايقع إلا لدى المحكمة ، وتحت إشراف القضاء ، وهذا ما نصت عليه المادة 49 من قانون الأسرة .
يعتبر هذا النوع من الطلاق أكثر انتشارا في المجتمعات القديمة والمعاصرة الغربية منها والعربية وذلك لأنه النوع الوحيد الذي يتم بدون مخاصمة ولا نزاع ولا يعرض الحياة الخاصة وأسرارها للتفشي ولأنه أكثر احتراما للحياة الفردية والاجتماعية.( ).
لقد دلت الإحصائيات الرسمية في الجزائر أهن نسبة عدد الطلاق المصرح به بتراضي الطرفين أعلى من نسبة عدد الطلاق المصرح به إثر المنازعات ( )
وهو ما أشارت إليه كذلك الدراسات الميدانية التي أجريت على المطلقين في الوسط الحضري الجزائري ( )كما أنه في تونس أشارت الإحصائيات لمعدلات الطلاق أنه في السنوات المتراوحة بين 1957-1966 تم إحصاء 4493 طلاقا بالتراضي في مقابل 1633 طلاقا بالإرادة المنفردة للزوج ( ).
المبحث الثاني: الطلاق بواسطة الخلع: Divorce Par Compensqtion " El Khoulou "
المطلب الأول: مفهوم الخلع:
الخلع: بفتح الخاء يفيد النزع والإزالة، وبضم الخاء يفيد طلاق المرأة مقابل عوض تلتزم به.
الخلع اصطلاحا: يراد به في الفقه الإسلامي أن يتفق الرجل والمرأة على الطلاق مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها. كأن تقول الزوجة لزوجها: خالعني على صداقي أو عشرة ألاف دينار جزائري فيقول قبلت. ويتحقق الخلع.
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 54 من قانون الأسرة على أنه:" يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الاتفاق عليه، فان لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم ".
والخلع في الفقه له تعار يف في اصطلاح كل مذهب، فعند الحنفية ( ): هو إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه فخرج بكلمة ملك النكاح: الخلع في النكاح الفاسد وبعد البينونة والردة فانه لغو وخرج بكلمة المتوقفة على قبولها – أي المرأة: ما إذا قال خلعتك ولم يذكر المال، ناويا به الطلاق، فإنه يقع بائنا غير مسقط للحق لعدم توقفه على قبول المرأة. فدل القبول على أن الخلع يكون ببدل، ومتى كان على بدل مالي لزم قبولها وخرج بلفظ – الخلع – الطلاق على مال فإنه غير مسقط للحقوق، وأما قوله – أوما في معناه – فيدخل فيه لفظ المباراة ولفظ البيع والشراء فانه مسقط للحقوق ومنها المهر، والخلاصة أن التعريف خاص بالخلع المسقط للحقوق.
ذكر بلحاج العربي:"... وقد شرع الخلع إذا تخاصم الزوجان بسبب ما ينشأ بينهما من خلافات وخصومات، ولم يتمكنا من إقامة حدود الله، وقد دل على شرعيته قوله تعالى:" فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ".
وروى المحدثون أن جميلة بنت سهل امرأة ثابت بن قيس، جاءت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم –فقالت: يا رسول الله، لا أنا ولا ثابت ولا ما أعطاني، وسألت أن يطلقها على حديقتها التي أصدقتها إياها، فقال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة.( )
وعن مشروعية الخلع، هو جائز لا بأس به عند أكثر العلماء، لحاجة الناس إليه بوقوع الشقاق والنزاع وعدم الوفاق بين الزوجين، فقد تبغض المرأة زوجها وتكره العيش معه لأسباب جسدية خلقية أو خلقية أو دينية أو صحية لكبر أو ضعف أو نحو ذلك، وتخشى ألا تؤدي حق الله في طاعته، فشرع لها الإسلام في موازاة الطلاق الخاص بالرجل طرقا للخلاص من الزوجية لدفع الحرج عنها، ودفع الضرر عنها ببذل شيء من المال تفتدي به نفسها وتتخلص من الزواج، ويتعرض الزوج ما أنفقه في سبيل الزواج بها.
المطلب الثاني: شروط الخلع:
لا يتطلب هذا النوع من الطلاق شكلا خاص ، ولا شكيلة معينة ، وإنما يشترط لصحة المخالعة أن يكون الزوج أهلا لإيقاع الطلاق والمرأة محلا له ، واتفاقهما على الطلاق الرضائي مقابل مال تقدمه الزوجة من أجل أن يطلقها دون نزاع ولا مخاصمة ( ).
لكن المشرع الجزائري قد أغفل النص على شروط الخلع، واكتفى فقط بالإشارة في المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري إلى جواز الطلاق بالخلع، مقابل مال يتفق عليه الزوجان ، أو يحدده القاضي عند خلافهما على مقدار بحيث لا يتجاوز مهر المثل وقت الحكم .
وعليه فانه وفقا للقواعد العامة، وبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي، فانه يشترط لصحة الخلع أن يكون من الزوج والزوجة راشدا وأهلا للتصرف في ماله، وأن يكون اتفاقهما على الخلع قد وقع بعد زواج شرعي وقانوني صحيح، سواء كان قد سجل في سجلات الحالة المدنية أم لم يسجل.
وان كان فان الخلع لا يمكن أن يكون قانونيا وقضائيا بل يقبل الحكم به من المحكمة إلا بعد تسجيل عقد الزواج.
بما أن الخلع طلاق على مال، وهو عقد معاوضة مثله مثل باقي العقود المالية المدنية الأخرى من حيث شروط المتعاقدين. فانه يشترط في إنشاء الطلاق بالنسبة للزوج، وما يشترط في عقود المعاوضة بالنسبة لكليهما ( ).
فلا يصح للزوج من الناحية المالية أن يصدر منه وهو لم يبلغ سن أهلية الزواج المنصوص عليه في المادة 7 من قانون الأسرة، حتى وان كان بالغا لسن الرشد المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني.
ويجب أن يكون متمتعا بقواه العقلية وغير محجور عليه لسفه أو غيره ( م 85 ق. أ ) غير أنه إذا غابت أهلية الزوج في التصرف في ماله ينوب عنه وليس (م 210/2 ق. أ) أما بالنسبة للزوجة، فان الفقه الإسلامي يشترط أن تكون في حالة الخلع متمتعة بأهلية التبرع.(م 203.ق.أ).
أوضحت المحكمة العليا، في حكمها المشهور الصادر بتاريخ 12 مارس 1969 أن الخلع لا يتم إلا بالإيجاب والقبول بين الزوجين. وأنه يشترط اتفاقهما على المبلغ المالي الذي تقدمه لزوجها لقاء طلاقها، وان عدم موافقة الزوج على المخالعة لا يؤثر على بقاء العلاقة الزوجية.
كما أنه في حكمه الصادر في 22 مارس 1968.قرر بأنه عندما يتفق الزوجان على مبدأ الطلاق بالمخالعة ويختلفان في بدل الخلع، فإنه يمكن للقاضي وبصفة مطلقة القيام بمهمة التحكيم ، وتحديد مقابل الخلع انطلاقا من مقدار الصداق المقدر للزوجة والأضرار الواقعة ( ).
وتجدر الإشارة إلى أن الخلع لا يتم دون إرادة الزوج ، فهو ليس حقا للزوجة تطلبه متى شاءت وتطلق به متى شاءت بإرادتها المنفردة(2).
المبحث الثالث : تكييف الخلع وتحديد طبيعته القانونية :
المطلب الأول : تكييف الخلع :
الخلع عبارة عن عقد اتفاقي رضائي، وثنائي الأطراف ينعقد عادة بعرض من الزوجة بمبلغ مالي أو مما هو مقوم شرعا، مقابل طلاقها وبقبول صريح من الزوج لهذا العرض وللطلاق.
كما يمكن أن يكون بعرض من الزوج وبقبول من الزوجة، وهو كما سلف الذكر عقد معاوضة شرع لمصلحة الزوجة غايته إنهاء الحياة الزوجية بحكم قضائي بناءا على عرض أحد الزوجين وقبول الآخر تلبيه لرغبة الزوجة. مقابل مال يتفقان على نوعه ومقداره في جلسة الحكم. أو يحدده القاضي بما لا يتجاوز مقدار صداق المثل وقت الحكم. ولا يجوز الرجوع عنه بعد الحكم به.
ذكر السيد سابق تحت عنوان " الخلع بين الزوج وأجنبي " يقول:"يجوز أن يتفقا أحد الأشخاص مع الزوج، على أن يخلع الزوج زوجته ويتعاهد هذا الشخص الأجنبي بدفع بدل الخلع للزوج، وتقع الفرقة، ويلتزم الأجنبي بدفع البدل للزوج ولا يتوقف الخلع في هذه الصورة على رضا الزوجة.لأن الزوج يملك إيقاع الطلاق من نفسه من غير رضا زوجته، والبدل يجب على من التزم به"( )
المطلب الثاني: طبيعة الخلع القانونية:
الخلع ليس إلا طلاقا رضائيا، مقابل مال تدفعه الزوجة إلى زوجها لقاء طلاقها أي أنه Divorce Par Compensation financière ، وهو طلاق بدون نزاع ولا فضاضة وعليه فانه من الخطأ الاعتقاد بأنه كالطلاق بالتراضي المنصوص عليه في المادة 48 من قانون الأسرة.
لأن الطلاق بالتراضي كما سبقت الإشارة إليه يتم بموافقة الزوجين كذلك على إنهاء الرابطة الزوجية، ولكن بدون مقابل، بعيد عن المشاكل القانونية.
أما الخلع فهو طلاق بمقابل وبعوض، أو هو طلاق كما يعبر عنه في الفقه الإسلامي على مال.
المبحث الرابع : مقابل الخلع وتحديد مقداره :
المطلب الأول : مقابل الخلع :
إن مقابل الخلع الذي تقدمه الزوجة لزوجها ليطلقها، لا يمكن أن يكونه إلا مبلغا من المال، والمال يمكن أن يكون حسب القوانين الجزائرية من النقود والأوراق المالية، أو الأشياء التي يمكن تقويمها بالمال.
أو كما يعبر عنه في الفقه الإسلامي، كل ما يصلح أن يكون صداقا شرعيا، يصح أن يكون مقابل الخلع، وذكر المشرع الجزائري أن الصداق يجوز بكل ما يصح التزامه شرعا " المادة 14 قانون الأسرة ".
وعليه فان ما يمكن أن تدفعه الزوجة لزوجها مقابل طلاقها طلاقا رضائيا يمكن أن يكون مبلغا من الدينارات، أو مبلغا من العملة الأجنبية أو وسيلة نقل أو غيرها من الأشياء التي تقوم بالمال.
فيمكن أن يكون ثمن الخلع الذي تدفعه الزوجة، هو مؤجل صداقها، أو نفقة المحضون لعدد من السنيين أو نفقة العدة.
إلا أنه لا يجوز أن تتنازل عن حضانة أولادها، مقابل الخلع لزوجها لأن الحضانة فيها حق للمحضون وليس من حق الزوجة أن تجعله ثمنا للخلع.
ومقابل الخلع إما أن يكون صريحا في المخالعة أو مسكوتا عنه، أو ينفي الزوجان أي مقابل في المخالعة، فالحالات إذا فيما يتعلق بالخلع ثلاث( ).
1- إذا سمى الزوجان بدلا للخلع بدل الصداق واتفقا عليه. كما لو قال لها " خالعتك على عشرة ألاف دينار فقبلت الزوجة "، حصلت الفرقة، ولزم المبلغ على الزوجة وتطالبه ببقية الحقوق كالصداق والنفقة الزوجية.
2- إذا لم يسم الزوجان بدلا للخلع، بأن قال لها: " خالعتك، فقالت قبلت "، برئ كل منهما من حقوق الآخر بصداق والنفقة الزوجية.
3- أما إذا كان مقابل الخلع منفيا صراحة، كما لو قال لها:" خالعتك دون عوض، فقالت قبلت "، كانت المخالعة في حكم الطلاق المحض، ووقع بها طلقة رجعية ولا يطالب الزوج زوجته بشيء ولا يسقط شيء من حقوق الزوجية التي في ذمة أحدهما للأخر.
أما في حالة عدم الاتفاق على قيمة بدل الخلع نصت المادة 54 بأن يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة مهر المثل وقت الحكم ( ).ولا يجوز الرجوع عنه ( ).
وذكر الإمام أبو زهرة بأنه لا يصح بدل الخلع في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان المسمى مالا غير متقوم، كأن تسمى النصرانية لزوجها المسلم خمرا أو خنزيرا فان البدل لا يصح إن خالعها على ذلك، وقع الطلاق ولم يثبت البدل، إذ ليس للمسلم أن يطالب بتسليم الخمر والخنزير.
الحالة الثانية: إذا كان بدل الخلع يشمل اعتداء على الطفل، ولذلك قال أنه إذا كان بدل الخلع أن يبقى الطفل، ولو تجاوز سن الحضانة، لا يثبت إذا كان الطفل ذكرا لأن الذكر بعد بلوغ سن الحضانة يحتاج من يعوده عادات الرجال، فيكون من حقه أن نزع من أيدي النساء ،فاشترط بقائه تحت يدها يخل بمصلحته ، أما الفتاة فمثل هذا الشرط لا يضرها ، لأنها تحتاج مع صيانتها إلى من يعلمها ما يختص بالنساء ، وأمها قادرة على ذلك في الغالب ( ).
ذكر السرخسي في المبسوط أنه لا يجوز الخلع على أن تتنازل الزوجة عن حضانة ولدها لأبيه، لأن هذا الحق للولد. وبقاؤه عند أمه أنفع له ( ).
وفي حكم لمحكمة القاهرة الابتدائية جاء فيه ما يلي:
إذا اختلعت المرأة عن زوجها على أن تنزل ولدها عند الزوج فالخلع جائز، والشرط باطل، إذ أن الأم تكون أحق بالولد لحق الولد، فان كون الولد عندها أنفع له ( )
المطلب الثاني: تحديد مقدار مقابل الخلع:
لقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية حول مقدار مقابل الخلع، من حيث أن هناك من قال بأنه لا يجوز للزوج أن يأخذ من الزوجة كمقابل للخلع أكثر مما أصدقها، وقت إبرام عقد الزواج، أو أكثر مما أعطاها، باعتبار أن الخلع هو الحالة الوحيدة التي يجوز فيها للزوج أن يأخذ مما أعطى كصداق لزوجته، ومنهم من قال انه يجوز له أن يأخذ أكثر مما أعطاها وقت إبرام العقد لان
الخلع عقد رضائي بين الزوجين إلا أن قانون الأسرة الجزائري قد نص في آخر المادة 54 منه على أنه عند اتفاق الزوجين على الخلع واختلافهما على مقداره يحكم القاضي للزوج بمقدار لا يجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم بالخلع والتفريق بين الزوجين، وهذا خلافا للبعض التشريعات العربية، التي أجازت أن يخالع الزوج لزوجته على عوض أقل أو أكثر من مهرها، وهذا ما يوافق ما ذهب إليه المالكية، من جواز أن يأخذ الزوج أكثر مما أعطى.
جاء بكتاب عبد العزيز سعد:" أقر المجلس القضائي الأعلى مبدأ تضمنه قرار صادر بتاريخ 23/02/1976 في القضية رقم 1267 أشار فيه إلى أنه.
ليس للقاضي أن يصرح بالخلع من تلقاء نفسه بل لا بد فيه من وجود التراضي بين الزوجين.وقرر مبدأ آخر تضمنه قرار صادر بتاريخ 1968.03.13 جاء فيه:"أن عدم قبول الزوج للعوض الذي تقدمت به الزوجة، يجعل الخلع غير صحيح.( )
المبحث الخامس:خلع الصغيرة المميزة وخلع المحجور عليها:
المطلب الأول :خلع الصغيرة:
الفرع الأول:خلع الصغيرة المميزة:
ذهب الأحناف أنه في الحالة التي تكون فيها الزوجة صغيرة ومميزة، فإذا خالعت زوجها يقع عليها ولا يتم إلزامها بمال.
أما وقوع الطلاق، فلأن عبارة الزوج معناها تعليق الطلاق على قبولها، وقد صح التعليق لصدوره من أهله، ووجد المعلق عليه، وهو القبول ممن هي أهل له لأن الأهلية للقول تكون بالتمييز، وهي هنا صغيرة مميزة، ومتى وجد المعلق عليه وقع الطلاق المعلق.
أما عدم لزوم المال فلأنها صغيرة، ليست أهلا للتبرع، إذ يشترط في الأهلية للتبرع العقل والبلوغ، وعدم الحجر لسفه أو مرض.
أما كون الطلاق رجعيا، فلأنه لما يصح التزام المال، كان طلاقا مجردا لا يقابله شيئا من المال فيقع رجعيا( ).
ويقول ابن رشد في كتابه. بداية المجتهد، أن الزوجة التي لا تملك حق التصرف في أموالها كما لو كانت صغيرة، لا تملك حق المخالعة شرعا ( ).
من الناحية القانونية، لا تملك حق المخالفة قبل سن الرشد المدني الوارد في المادة 40 من القانون المدني، إلا بموافقة ولي المال، طبقا لأحكام المادة 83 قانون أسرة جزائري.
وقد قررت محكمة النقض السورية، بأنه إذا طلق الزوج زوجته الصغيرة المميزة على مهرها وقبلت، تطلق ولا يسقط المهر ( ).
الفرع الثاني: خلع الصغيرة غير المميزة:
لايقع خلع الصغيرة غير المميزة طلاقا في الأصل، وذلك بعدم وجود المعلق عليه ، وهو القبول ممن هو أهل له .
المطلب الثاني: خلع المحجور عليها ( ):
قالوا: وإذا كانت الزوجة محجور عليها لسفه، وخالعها زوجها على مال وقبلت، لا يلزمها دفع المال، ويقع عليها طلاقا رجعيا مثلها مثل الصغيرة المميزة، لأنها ليست أهلا للتبرع ولكنها أهلا للقبول.
المبحث السادس:الخلع بين الطلاق والفسخ:
المطلب الأول: الخلع طلاق:
اعتبر جمهور العلماء الخلع طلاقا بائنا، وذلك لما ورد في الحديث الصحيح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خذ الحديقة، وطلقها تطليقة." البخاري 5273 والنسائي 6/169.
المطلب الثاني: الخلع فسخ:
ذهب البعض الآخر من أهل العلم مثل أحمد، ومن الفقهاء داود وابن عباس، ومن الصحابة عثمان وابن عمر إلى أنه فسخ، لأن الله تعالى ذكر الطلاق في القرآن فقال:" الطلاق مرتان ".
وذلك بعد الإقتداء ثم قال:" فان طلقها فلا تحل له منبعده حتى تنكح زوجا غيره " سورة البقرة الآية 23.
وللترجيح بينهما يقول ابن القيم:"أن الذي يدل على أنه ليس طلاق أن سبحانه وتعالى رتب الطلاق بعد الدخول الذي لا يستوفي عدة ثلاث أحكام كلها منتفية عن الخلع:
الأول: أن الزوجة أحق بالرجعة فيه.
الثاني: أنه مسحوب من الثلاث، فلا تحل بعد استفاء العدد الا بعد دخول زوج واصابته.
الثالث: أن العدة فيه ثلاثة قروء.
ومن الثابت من بالنص والإجماع أنه لا رجعة في الخلع." ومن الثابت أيضا من السنة وأقوال الصحابة أن عدة الخلع حيضة واحدة. وقد ثبت بالنص جواز الخلع بعد تطليقتين ووقوعه ثلاثا بعدها، ومن الظاهر جدا كونه ليس بطلاق ( ).
وثمرة هذا الخلاف تظهر في الاعتداد بالطلاق، فمن رأى أنه طلاق. احتسبه طلقة بائنة، ومن رأى أنه فسخ لم يحتسبه، فمن طلق امرأته تطليقتين ثم خالعها ثم أراد أن يتزوجها فله ذلك، وان لم تنكح زوجا غيره، لأن ليس له غير تطليقتين والخلع لغو.
ومن يجعل الخلع طلاقا قال: لم يجز له أن يرتجعها حتى تنكح زوجا غيره، لأنه بالخلع كملت الثلاث ( ).
المبحث السابع : آثار الخلع :
لم يتناول المشرع الجزائري آثار الخلع في نصوص قانون الأسرة، ولم يعرها الاهتمام اللازم وبالتالي يمكن استخلاصها من مضمون القواعد القانونية والفقهية العامة فيما يلي:
1- من آثار الطلاق بالخلع استنادا إلى اتفاق الزوجين بمقابل مال محدد هو أن الخلع يسقط كل ما نشأ قبله من حقوق مالية بين الزوجين مثل المهر المؤجل والنفقة الواجبة إلا حق نفقة العدة، لأنه حتى يكون قد نشأ بعده أي بعد نشوء الطلاق ما لم يرد النص عليه بعقد الخلع، وقد سبق القول أن مقابل الخلع قد يكون نفقة العدة.
2- من آثاره أيضا أنه لا يجوز |أن تكون الحضانة هي مقابل الخلع، فإذا وقع اتفاق الزوجين. على أن مخالعها مقابل أن تتنازل عن حقها في حضانة الأولاد فان الخلع يكون صحيحا وملزما، أما التنازل عن الحضانة فيكون باطلا.
3- إذا اتفق الزوجان المخالعان على أن يكون مقابل الخلع التزام الأم بنفقة الأولاد لمدة معينة وتم الطلاق ثم حصل أن وقعت الزوجة في إعسار يعجزها فإنه يجب على الزوج في هذه الحالة أن ينفق على أولاده ة، ويكون ذلك دينا في ذمة زوجته المخالعة. ومن حقه أن يعود به عليها عند اليسار، وإذا توفت الزوجة فان حقه يكون دينا تركتها. إن كانت قد تركت ما يورث.
أما في ما يخص الأحكام المترتبة على الاتفاق على الخلع فهو يقع طلاقا بائنا عند جمهور الفقهاء ( )، وما جرى عليه العمل في الغربي ( ) هو أن يكون أهلا لوقوع الطلاق.وان يكون خلع المرأة اختيار منها لفراق الزوج من غير إكراه ولا ضرر( ).
ومن أثار الخلع أيضا أنه يجب التفريق بين الزوجين المخالعين.والفرقة هنا تكون بائنة حسب المشهور من المذهب المالكي إلا أن المشرع الجزائري لم يصف الخلع. ولم ينص على أنه طلاق. كما هو الرأي لدى المالكية. ولا هو فسخ كما هو الحال بالنسبة للمذهب الحنبلي بعكس المشرع المغربي مثلا الذي نص على أنه طلاق بائن.
وعلى العموم يمكن القول بأن الخلع قد شرع أساسا لمصلحة الزوجة لتمكينها من مطلب التطبيق من زوج أصبحت غير قادرة على البقاء معه ولم تعد تركن إليه أو تحتمل عشرته، إلا انه لم يمنح في صورة حق من حقوق الزوجة مقابل حق الزوج في الطلاق، بالإرادة المنفردة للزوج.
الخاتمة:
بعد ما تعرضنا إليه من تحليل لموضوع التطليق, و ما جاء من حقوق للمرأة في قانون الأسرة الجزائري. و منها حقها في طلب التطليق من زوجها, و فكها للرابطة الزوجية, وهذا ما لاحظناه في الحالات السبع المنصوص عليها في المادة 53 من القانون سالف الذكر.
و بهذا الصدد وجدنا أن المشرع الجزائري لم يفترق في حالة التطليق لعدم الإنفاق بين الامتناع عمدا عن الإنفاق المقرر قانونا و شرعا, وعدم القدرة المالية على ذلك. و مثله مثل أغلب التشريعات العربية لم يفرق بين حالة الزوجة الغنية و الزوجة الفقيرة. و فيما يخص المهلة التي تمنح للزوج وجدنا أن المشرع الجزائري لم يعرها اهتماما خلافا لبعض القوانين الأخرى.
و كذا من خلال دراسة حق طلب التطليق للزوجة, لعيب في الزوج, وجدنا أنه كان من المستحسن أن ينص المشرع الجزائري على منح مدة للزوج الذي به عيب يرجى برؤه, مهلة لعلاج مرضه حتى, نتفادى أبغض الحلال إلى الله.
وحبذا لو فرق المشرع الجزائري بخصوص التطليق بحكم لعقوبة بين العقوبة النافذة والعقوبة الموقوفة التنفيذ وكذلك اشتراط مضي سنة على اقامة الزوج في المؤسسة العقابية .
ويجدر كذلك بالتشريع اعادة النظر في حالة التطليق للغياب وتعليقه على ضرورة مرور سنة دون عذر ولا نفقة ، وحالة توفر أحدهما دون الآخر ، مع العلم أن القانون الجزائري انفرد بوضع هذه الشروط .
ومن المسائل الحساسة التي لابد من احاطتها بدراسة جدية مسألة منح الزوجة الحق في طلب التطليق من زوجها في الحالة التي لا يخبرها فيها بعزمه على الزواج من ثانية وفي هذه الحالة يكون قانونا قد افترض حتما وجود الضرر لتعدد الزوجات في حين أنه لم يقع ونحن نعلم أن الله قد يجعل في ذلك خيرا للزوجتين .
وقد تعرضنا في بحثنا لدراسة موضوع الخلع الذي يخدم موضوع التطليق وهو حق المرأة في حل الرابطة الزوجية اتفاقا مع زوجها وبناءا على ما خوله لها قانون الأسرة الجزائري بنص المادة 54 منه والمتمثل في حق مخالعة الزوجة لزوجها على مال تهبه إياه .
غير أن كل ذلك لا يجعل المرأة تتمتع بما أراده الله لها بين امساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، فنحن لا نجد للمرأة حقا في حالة الزواج العرفي !
وبذلك فالتشريع الجزائري يسجل تأخرا عن بعض الدول العربية ،ففي مصرا مثلا ،لأول مرة في قانون الأحوال الشخصية يعترف القانون بحق المرأة المتزوجة عرفيا في اللجوء الى القضاء، ولأول مرة ينص القانون المصري على قبول دعوى الزوجة التي تزوجت زواجا لم يوثقه المأذون الشرعي في وثيقة زواج رسمية في رفع دعواها بطلب الحكم بتطليقها من زوجها وفقا للقانون رقم 01 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية حيث أجازت المادة 17 قبول دعوى الزوجة التي تزوجت زواجا عرفيا بطلب الطلاق .
فالمشرع الجزائري لم ينتبه إلى الانحلال الاجتماعي من فساد للذمم بانعدام الضمائر وخراب النفوس حيث أصبح من السهل جدا على البعض إنكار وجود العلاقة الزوجية أو الادعاء بقيامها زورا وبهتانا أو نكاية وتشهيرا أو لجني منفعة رخيصة أو عرض زائل، أولم يحن للمشرع الجزائري أن يضع تشريعا حاسما يواجه به كل هذه الألاعيب ؟
و نحن بدورنا نتساءل, أين نحن مما جاء على لسان خاتم النبيين في حجة الوداع حين قال – صلى الله عليه و سلم -: " استوصوا بالنساء خيرا ".
و أين نحن من الزواج الذي هو عقد خطير, فهل كنا سنصل إلى مثل هذه التعقيدات بين الزوج و زوجته لو أننا أخذنا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
قائمة المصادر و المراجع:
1- الإمام أبو زهرة: الأحوال الشخصية - الطبع و النشر: دار الفكر العربي.
2- الإمام أبو زهرة: من محاضرات في عقد الزواج و آثاره – الطبع و النشر: دار الفكر العربي
3- أحمد الغندور: الطلاق في الشريعة الإسلامية و القانون.
4- عبد العزيز سعد: الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري – دار البعث للطباعة و النشر – قسنطينة – الجزائر.
5- بلحاج العربي: أبحاث و مذكرات في القانون و الفقه الإسلامي: الجزء الأول – سلسلة المعرفة – ديوان المطبوعات الجامعية.
6- السيد سابق: فقه السنة: المجلد الثاني. دار الجيل بيروت
7- وهبة الزحبلي: الفقه الإسلامي و أدلته – دار الفكر –طبعة خاصة بالجزائر. 1413ه -1992م ج:7
8- السيدة مسعودة كمال: مشكلة الطلاق في المجتمع الجزائري ( دراسة ميدانية حول عينة منم المطلقات في الوسط الحضري الجزائري ) – ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر –
9- ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدى خير العباد – مؤسسة الرسالة – مكتبة الرسالة الإسلامية الجزء الخامس
10- الدكتور علي عبد القادر القهوجي: علم الإجرام وعلم العقاب: كلية الحقوق بجامعتي الإسكندرية و بيروت العربية – الدار الجامعية -1995.
11- علي حسب الله : عيون المسائل الشرعية .
12- عبد العزيز سعد : لجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري . الجزائر. 1982
13- فضيل سعد : شرح قانون الأسرة الجزائري – الجزء الأول – الجزائر .
14- Internet
النصوص الرسمية :
- قانون الأسرة الجزائري
المجموعات القضائية :
1- نشرة القضاء العدد 56/99
2- التقرير التكميلي لمشرع قانون الأسرة. المجلس الشعبي الوطني.
3- المجلة القضائية – عدد 3 سنة 1989
4- المجلة القضائية – عدد 4 سنة 1989
5- المجلة القضائية – عدد 2 سنة 1991
6- المجلة القضائية – عدد 2 سنة 1996
7- الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص – قسم الوثائق للمحكمة العليا. 2001.