abdelhaki
2011-02-19, 18:32
وجاء موعد عبد العظيم مع التلاميذ ، فجلس الجميع ، وبعد هدوء بدأ الرجل قصته ...
كان عمري ثمانية وعشرين عاما ، وكان والدي قد توفي وترك والدتي و ثلاثة إخوة لي ، كلهم يكبرونني سنا.
أما إخوتي فقد من الله عليهم بتجارة ، وأما أنا فكنت معتكفا على طلب العلم مع عمل بسيط استرزق منه. وقد كنت أسكن مع والدتي أرعاها، فإذا احتاجت إلى شيء وجدتني خير مطيع ، وإذا مرضت كنت خير أنيس ، وإذا اشتاقت إلى إخوتي أوصلها إلى ديارهم .. لكنهم يتثاقلونها لكبرها وعدم صواب رأيها.. فأرجعها بعدما تفتتن بثراء أبنائها.
وتبدأ محنتي يوم زوجتني من فتاة متخلقة وطيبة بل يوم رزقني الله ابنا . لقد ضاقت بي الدنيا وانقطعت سبل الاسترزاق. فالمجتمع يطاردني كلما قلت : أريد عملا أطفئ به جوع أهلي .. وصارت أمي تطاردني كلما دخلت فارغ اليدين ، خائبا في سعيي ..
وجرح قلبي الفراغ حتى توترت أعصابي ، وصرت سريع الانفعال . وكان حفظ الله يوم أسرعت لأبشر والدتي بمولود :
أماه .. لقد رزقني الله ابنا .. وقد سميته محمد الأمين ..
والتفت جل التلاميذ إلى صديقهم إشارة إلى تشابه الاسمين. لم يبال عبد العظيم لهذه الالتفاتة أما الطفل فالدهشة بائنة عليه ، كأن القصة يعرفها.
واحمر وجهي وأخذني البكاء ، وكتمت همي .. :كيف أبشرها وترميني بنظرات سامة ، أردت إبهاجها حتى أسمع حلو كلامها .. فترميني بحمى تمتماتها ..
وبقيت أخدمها .. أفعل مثل ما كنت أول الأمر .. لكنها تدعو علي بشر الدعوات ، فيحترق قلبي ويشمئز .. فيحضرني قول الله تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ، وقل لهما قولا كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } .
وتمضي خمس سنوات من ميلاد ولدي ، والصبر يمزق كبدي ، وأمر الله يمنعني من فعل ما يؤذيها.
وجاءت الصدمة أكبر وأقوى مني ، فخشيت أن أقول لها شيئا يضرها ،فهربت من الدار إلى حيث لا أدري . (يتبع)
كان عمري ثمانية وعشرين عاما ، وكان والدي قد توفي وترك والدتي و ثلاثة إخوة لي ، كلهم يكبرونني سنا.
أما إخوتي فقد من الله عليهم بتجارة ، وأما أنا فكنت معتكفا على طلب العلم مع عمل بسيط استرزق منه. وقد كنت أسكن مع والدتي أرعاها، فإذا احتاجت إلى شيء وجدتني خير مطيع ، وإذا مرضت كنت خير أنيس ، وإذا اشتاقت إلى إخوتي أوصلها إلى ديارهم .. لكنهم يتثاقلونها لكبرها وعدم صواب رأيها.. فأرجعها بعدما تفتتن بثراء أبنائها.
وتبدأ محنتي يوم زوجتني من فتاة متخلقة وطيبة بل يوم رزقني الله ابنا . لقد ضاقت بي الدنيا وانقطعت سبل الاسترزاق. فالمجتمع يطاردني كلما قلت : أريد عملا أطفئ به جوع أهلي .. وصارت أمي تطاردني كلما دخلت فارغ اليدين ، خائبا في سعيي ..
وجرح قلبي الفراغ حتى توترت أعصابي ، وصرت سريع الانفعال . وكان حفظ الله يوم أسرعت لأبشر والدتي بمولود :
أماه .. لقد رزقني الله ابنا .. وقد سميته محمد الأمين ..
والتفت جل التلاميذ إلى صديقهم إشارة إلى تشابه الاسمين. لم يبال عبد العظيم لهذه الالتفاتة أما الطفل فالدهشة بائنة عليه ، كأن القصة يعرفها.
واحمر وجهي وأخذني البكاء ، وكتمت همي .. :كيف أبشرها وترميني بنظرات سامة ، أردت إبهاجها حتى أسمع حلو كلامها .. فترميني بحمى تمتماتها ..
وبقيت أخدمها .. أفعل مثل ما كنت أول الأمر .. لكنها تدعو علي بشر الدعوات ، فيحترق قلبي ويشمئز .. فيحضرني قول الله تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ، وقل لهما قولا كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } .
وتمضي خمس سنوات من ميلاد ولدي ، والصبر يمزق كبدي ، وأمر الله يمنعني من فعل ما يؤذيها.
وجاءت الصدمة أكبر وأقوى مني ، فخشيت أن أقول لها شيئا يضرها ،فهربت من الدار إلى حيث لا أدري . (يتبع)