yacine414
2011-02-11, 20:05
الحبس المؤقت في التشريع الجزائري
المقدمة:
نتناول بالبحث والدراسة بعض الجوانب من مواد الإجراءات الجزائية وذلك بهدف التعرف على اتجاه المشرع من حماية الحقوق والضمانات القانونية واقتصرت معالجتها على نظام الحبس المؤقت والذي كان يعرف بالحبس الاحتياطي فالمشرع الجزائري أتى بالجديد لتدعيم الحقوق والضمانات وذلك بربط الحبس المؤقت بإصدار أمر وتنفيذ هذا الأمر عن طريق مذكرة إيداع المتهم بالحبس بالمؤسسة العقابية لإعادة التربية يصدرها قاضي التحقيق وهو الأمر الذي تضمنته التعديلات الجديدة والأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية بمقتضى القانون رقم 01-08 المؤرخ في 26-06-2001 وذلك باستبدال مصطلح الحبس الاحتياطي بالحبس المؤقت وكذلك بإعادة ترتيب شروط الحبس المؤقت بإضافة شرط جديد وأخيرا باتخاذ أمر بالحبس المؤقت حيث أن هذا الإجراء لا يمكن أن يتخذه القاضي إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية كما يشترط المشرع أن هذا الأمر يجب أن يكون مؤسسا وقابلا للاستئناف.
ووردت هذه التعديلات نظرا لأهمية وخطورة هذا الإجراء وكثرة اللجوء إليه فيبقى الحبس المؤقت –في الواقع- من الموضوعات الشائكة في فقه التشريع الإجرائي وفي مجال التطبيق العلمي ويوصف الحبس المؤقت بأنه إجراء ذو طبيعة استثنائية فقد تمخض عن القاعدة التي تقضي بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي ونشر الأمن في ربوع المجتمع مما يقضي تقرير حرية الفرد حتى ولو قبل تقرير إدانته فيمثل في الواقع العملي والفعلي تضحية في مثل تلك الحالات .
وفي المقابل فالقاعدة هي أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته بحكم قاطع وبات واجب التنفيذ حيث يصدر ضده وأيضا باعتبار أن الحرية هي روح الوجود وهو المبدأ الذي تضافرت الدول نحو تسجيله في كافة إعلانات الحقوق و الدساتير وفي غالبية التشريعات الإجرائية والقوانين فقد أضحى هذا المبدأ أصلا من الأصول الأساسية فيها لتأكيد الحرية.
فردد هذا المبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 كذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة عام 1961 وهذا وقد سارعت أيضا معظم الدساتير إلى النص صراحة على مبدأ أن الأصل في المتهم البراءة وهو ما تضمنه مختلف الدساتير الجزائرية من بينها دستور 1996 في المادة 47 منه.
ومن تلك الزاوية أضحى الحبس المؤقت يمثل نقطة نزاع جدلي بين سلطة التحقيق من جهة والدفاع من جهة أخرى لا سيما إذا انتفت مبرراته ووظائفه على اعتبار أن الأمر تنازعه –دائما- مصلحتين جوهريتين:
فمن ناحية الفرد يجب التسليم بأن كل إنسان بريء ومن ثم لا يجوز الجور على حريته أو الانتقاص من شأنها فالحرية هي عين الحياة وعدم الذود عنها يعد انتهاكا لمضمونها ومضامينها.
ومن ناحية الدولة حيث يجب إعمال مبدأ الحرص على الصالح العام والحيلولة دون تهديد أمن وسلامة المجتمع.
فقد تبين أن الحبس المؤقت يعد سياج لازم من أجل الحفاظ على أمن المجتمع فقد أجازه المشرع في الحالات استثنائية محددة قانونا حتى لا يكون لعبة بين يدي القضاة يستعملونها متى شاءوا وكأنه ورقة رابحة وحتى لا يكون هذا الإجراء روتينيا قاتلا للحريات الفردية.
وعليه فالإشكال الذي يطرح نفسه هنا هو مدى موازنة الحبس المؤقت بين مصلحة المجتمع في الوصول إلى الحقيقة وتوقيع العقاب والحريات الفردية التي أساسها البراءة وإن تعارضت هته المصالح فما هي البدائل الجديرة لهذا الإجراء لكي تكون الحل الأمثل له؟
نظرا لما تقدم سنتناول موضوع الحبس المؤقت ضمن أربع فصول كالآتي :
الفصل الأول:الحبس المؤقت والجهات المختصة بإصداره
الفصل الثاني:شروط الحبس المؤقت ومدته في التشريع الجزائري
الفصل الثالث: انتهاء الحبس المؤقت وكيفية التعويض عنه
الفصل الرابع:الإجراءات البديلة للحبس المؤقت.
المبحث الأول: تعريف الحبس المؤقت ومبرراته
المطلب الأول: تعريفه:
هناك عدة تعريفات للحبس المؤقت سنتطرق لكل تعريف على حدى
1-التعريف اللغوي: يعرف الحبس لغة:حبسّ حبسه حبسا-منعه وأمسكه وسجنه.
بمعنى احتجاز شخص في مكان محدد أو مغلق ولوجود رقابة عليه لمنعه من مغادرته( )
2-التعريف الاصطلاحي:من الملاحظ أن غالبية نصوص مواد التشريعات للإجراءات الجنائية في مختلف الدول لم تتناول تبيان ماهية الحبس المؤقت ولا حتى مجرد وضع تعريف محدد له بل اقتصرت على مجرد وضعه بأنه مجرد إجراء استثنائي من بين تلك الدول التي تناولت وصف الحبس المؤقت بأنه مجرد إجراء استثنائي المشرع الجزائري فتنص المادة 123 ق إ ج << الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير الكافية.....>>( )
أيضا المشرع السويسري عرف الحبس المؤقت في قانون العقوبات الفيدرالي السويسري بأنه:<<يعد حبسا احتياطيا كل حبس يؤمر به من خلال الدعوى الجزائية بسبب احتياجات التحقيق أو دواعي الأمن>>( )
كما عرفه الدستور اليوغسلافي الصادر سنة 1974 في المادة 178 على أنه <<لا يجوز القبض على أي إنسان يشتبه في ارتكابه جريمة أو حبسه احتياطيا إلا إذا كان هذا الإجراء ضروريا لسير إجراءات التحقيق الجنائي أو المحافظة على الأمن وتأمر به المحكمة بوصفه استثناء ووفقا للشروط التي يحددها القانون>>
كما نصت على الصفة الاستثنائية للحبس المؤقت كل من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي( ) والتونسي ( ) والمغربي( )
3-التعريف الفقهي: يختلف الفقه الجنائي في تعريفه للحبس المؤقت خاصة من حيث مداه ونطاقه وذلك انطلاقا من السلطة التي يخولها القانون للقاضي المحقق في الأمر به من حيث المدة التي يستغرقها أثناء التحقيق بعضه أو كله لحين صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى العمومية فيعرف إذن الحبس المؤقت بأنه: <<إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته>>( )
هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط يقررها القانون( )
حبس المتهم خلال فترة التحقيق الابتدائي أو إلى أن تنتهي بصدور حكم نهائي في الموضوع( )
إن هذه التعريفات تتفق جميعها مع الفكرة الأساسية التي يقوم عليها الحبس المؤقت وهو إيداع المتهم في الحبس لمدة محددة قانون وهو أيضا ما يتفق ومضمونه في القانون الجزائري باعتباره إجراء استثنائيا ولمدة محددة .
المطلب الثاني: مبرراته
إن الحبس المؤقت هو إجراء لمصلحة التحقيق وليس إجراء من إجراءات التحقيق مثل التفتيش أو القبض أو المعاينة إذن فمبررات الحبس المؤقت يجب ألا ينظر إليها إلا في حدود ما تحققه للكشف عن الحقيقة لأن التوسع في هذه المبررات قد يؤدي إلى المبالغة في الحبس المؤقت وقد نص المشرع الجزائري في المادة 123 فقرة 01 من ق إ ج على أنه إجراء استثنائي مما يؤكد أنه إجراء لمصلحة التحقيق كما نص على مبرراته في الفقرة الثانية من المادة 123( )والتي تتلخص فيما يلي:
1- إذا لم تكن التزامات الرقابة القضائية كافية.
2- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة.
3- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو الوسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة
4- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو للوقاية من حدوثها من جديد وحمايته من غضب الرأي العام والضحية.
5- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها.
6- يسهل ويمكن الحبس المؤقت في إطار سياسة الدفاع الاجتماعي من إجراء فحص طبي أو نفسي لعلاج المتهم وتشخيص حالته.( )
وعلى هذا فإن هذه المبررات وضعها المشرع للاسترشاد بها والاعتماد عليها في أضيق نطاق فتوسيعه يؤدي إلى حبس كل المتهمين فمن لا يتوفر فيه المبرر يتوفر لديه المبرر الآخر وان الإصلاح التشريعي في الجزائر لا يراعي كل الاعتبارات العلمية ولا يقوم على التشاور المسبق والتنسيق الوثيق بين الجهة المعلنة والجهات المساعدة لها وبالتالي لن يؤدي إلى نتائج عكسية ولم يحقق الإصلاح المبتغى .
المبحث الثاني: الجهات المتخصصة بإصدار الأمر بالحبس المؤقت
المطلب الأول: جهة التحقيق –قاضي التحقيق
يقرر القانون الجزائري التحقيق على درجتين فجعل الأولى بواسطة قاض التحقيق في المواد 66/175 من ق إ ج والثانية بواسطة فرقة الاتهام كدرجة عليا في المواد 176-211إ ج وللحديث عن اختصاصات قاضي التحقيق التي تتنوع وتتعدد بحسب طبيعة الإجراء والغرض من مباشرته ومدى تعلقه بالمتهمين وفترة اتخاذه فهناك إجراءات يباشرها الغرض منها الحصول على الدليل وتمحيصه تسمى أعمال التحقيق وهناك إجراءات أخرى يباشرها المحقق الغرض منها الحصول على الدليل وتمحيصه تسمى أعمال التحقيق وهناك إجراءات أخرى يباشرها المحقق ولها طبيعة خاصة تسمى الأوامر وهي على نوعين أوامر يتخذها في مواجهة متهم معين كأمر بالقبض والأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية الغرض منها التمهيد للحصول على دليل الجريمة أو تأمينه وأوامر يتخذها عقب الانتهاء من التحقيق كالأمر بألا وجه للمتابعة والذي يهمنا هو النوع الأول من هذه الأوامر والمتمثل في أمر الوضع بالحبس المؤقت حيث كان قاضي التحقيق قبل التعديل يتمتع بسلطة واسعة لاتخاذ مذكرة إيداع المتهم بالحبس المؤقت ودون رقابة من أي جهة على هذا القرار الخطير الذي يمس بحرية الأفراد مما أدى إلى نوع من الإفراط في استعمال هذه الوسيلة القانونية.بما لا يتماشى ومبدأ الحبس المؤقت الذي يعتبر إجراء استثنائي يتخذ إلا في حالة توافر أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية فجاء التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بمقتضى المادة 123 منه التي أعادت صياغة المادة 123 من القانون القديم وذلك باستبدال مصطلح الحبس الاحتياطي بالحبس المؤقت وكذلك بإعادة ترتيب شروطه بإضافة شرط جديد وأخيرا باتخاذ أمر بالحبس المؤقت.
ففيما يتعلق بإعادة ترتيب شروط الحبس المؤقت فقد نصت المادة 123 من التعديل الجديد على أن الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي من جهة ومن جهة أخرى هو إجراء لا يمكن أن يتخذه القاضي حسب صياغة التعديل الجديد إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية وبتوافر إحدى الحالات التالية.
1-حالة ما إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر
ولم يبين المشرع في هذه الحالة المقصود من الموطن المستقر فهل يقصد به على مستوى الإقليم الجزائري أو يقصد به موطن بدائرة المحكمة المختصة وتحديد المشرع الجزائري للموطن بهذا المعنى قد يثير اشكالات من شأنها أن تؤدي إلى توسيع سلطات قاضي التحقيق في تفسير للموطن المستقر والموطن غير المستقر وبهذا المفهوم كلما تبين لقاضي التحقيق أن المتهم ليس له موطنا مستقرا فقد يصدر ضده أمرا بالحبس المؤقت.
فكان على المشرع أن يتبع ما سار عليه في مواطن أخرى في قانون الإجراءات الجزائية كالموطن أو الموطن المختار أو محل الإقامة وذلك حسب الأشكال والإجراءات المتبعة في التصريح باختيار موطن في دائرة اختصاص المحكمة.
2-حالة ما إذا لم يقدم المتهم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة
وهنا يثور التساؤل حول محتوى الضمانات التي يتطلبها المشرع والتي تؤدي باقتناع قاضي التحقيق في اتخاذ أو عدم اتخاذ إجراء الحبس المؤقت.
فهل هي تعني توافر موطن المتهم بدائرة اختصاص المحكمة أم بسوابقه القضائية أو بالنظر إلى مدى خطورة أو عدم خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم وهي جميعا تمثل إذا كانت إيجابية ضمانات مثول الشخص أمام العدالة باعتبار أن الضمانات المالية مستبعدة في التشريع الجزائري الحالي بالنسبة للمواطن الجزائري( )
3-حالة خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم:
لم يوضح المشرع في الحالة الأخيرة ما يعتبر من الأفعال الجد خطيرة ومالا يعتبر كذلك فهل يعتمد هنا على أساس التصنيف القانوني بالنظر إلى وصف الجرم مثلا من جناية إلى جنحة أو على أساس موضوعي من أفعال تمس بالأموال إلى أفعال تمس بالأشخاص أو على أساس المساس بالأمن العام من جرائم ضد أمن الدولة إلى أفعال موصوفة بالأعمال التخريبية والإرهابية وفي كل الحالات نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد بصورة دقيقة الحالات التي يمكن لقاضي التحقيق اتخاذ أمر الوضع بالحبس المؤقت مما يجعل هذا الأخير يتمتع بسلطة تقديرية واسعة الحدود لاتخاذ مثل هذا الأمر وبذلك انقلبت هذه الشروط التي في أصلها إيجابية إلى وجه سلبي من شأنها أن تقلل من قيمة الضمانات التي يمنحها القانون للمتهم.
أما فيما يتعلق بأمر الوضع بالحبس المؤقت فقد أتى المشرع بالجديد لتدعيم الحقوق والضمانات وذلك بربط الحبس المؤقت بإصدار أمر تنفيذا لهذا الأمر يتخذ قاضي التحقيق من جهة أخرى مذكرة ايداع المتهم بالحبس في مؤسسة إعادة التربية وعليه فإن الحبس المؤقت أصبح بمقتضى هذا التعديل يتم وفق إجراءين متميزين يكمن الأول في إصدار الأمر بالوضع بالحبس المؤقت أما الثاني فيتمثل في إصدار قاضي التحقيق المذكرة الإيداع المتهم بمؤسسة عقابية تنفيذا للأمر الأول بمعنى آخر أن مذكرة الإيداع لا يمكن إصدارها إلا بعد إصدار أمر الحبس ( ).
إلا أنه يمكن أن نخلص في هذا المجال على أن هذا الأمر هو عمل قضائي عكس المذكرة التي تكتسب طابعا إداريا غايتها الوحيدة هو تنفيذ الشق المادي للأمر وذلك باقتياد ووضع المتهم بالمؤسسة العقابية.
وبما أن الوضع بالحبس المؤقت هو عمل قضائي فقد اشترط المشرع أن يكون مؤسسا وقابلا للاستئناف وفي هذا السياق نصته المادة 123 مكرر بأنه << يجب أن يؤسس الأمر بالوضع بالحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123>> ويتبين من خلال المادة 123 من القانون الجديد أن المشرع قد ألزم قاضي التحقيق أن يؤسس الأمر على أحد الحالات التي سبق الإشارة إليها ويلاحظ في هذا الشأن أن المشرع قد وقع في نوع من الخلط بين التأسيس والتسبيب ( ).
فالتأسيس في نظر الفقه :هو بناء الحكم أو القرار أو الأمر على نص قانوني أما التسبيب :فهو تحليل القاضي للوقائع وظروفها للتوصل إلى تكييفها مع النص القانوني الذي يحكم الواقعة أو الفعل فحسب رأينا فكان عليه أن يأخذ بالتسبيب نظرا لشموليته حتى تتكون الجهة المختصة من ممارسة رقابتها على مضمون الأمر من حيث الوقائع ومن حيث القانون
وتتمثل هذه الرقابة في استئناف هذا الأمر من المتهم أو محاميه أمام غرفة الاتهام وذلك خلال مهلة ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه شفويا إلى المتهم وما يلاحظ أن هذا الاستئناف ليس له أثر موقف فيبقى المتهم في الحبس ينتظر قرار غرفة الاتهام بالسلب أو الإيجاب.
كما أن الأمر بالوضع بالحبس مؤقتا يتوقف على نوع الجريمة وجسامتها والعقوبة المقررة لها فقد تكون مدة الحبس المؤقت لا تتجاوز أربعة أشهر كأصل عام وبصفه استثنائية قد تكون أكثر أو أقل من ذلك( ).
ويمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بتمديد مدة الحبس المؤقت بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية ويشترط في هذا الأمر أن يكون مسببا.
المطلب الثاني:جهة التحقيق –غرفة الاتهام-
نظم المشرع الجزائري غرفة الاتهام في المواد من 176-211 فحدد لها مجال عملها باعتبارها من الجهاز القضائي الجنائي فتنص المادة 176 من ق إ ج <<تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل>>.
وعليه فغرفة الاتهام جهة في هرم القضاء الجنائي توجد على مستوى كل مجلس غرفة أو أكثر بحسب الأحوال إذ يمكن أن يوجد على مستوى المجلس الواحد أكثر من غرفة اتهام واحدة وذلك بحسب ما تقتضيه ظروف الحال وتختص غرفة الاتهام بمجموعة من الاختصاصات باعتبارها جهة تحقيق عليا
وتتشكل غرفة الاتهام من رئيس ومستشارين يعينون بقرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات (المادة 176ق إ ج) وتمثل النيابة العامة لدى غرفة الاتهام النائب العام أو أحد مساعديه –النائب العام المساعد الأول أو أحد النواب العامون المساعدين-ويقوم بكتابة الضبط فيها أحد كتبة ضبط المجلس القضائي المادة 177إ ج ( ).
تعقد غرفة الاتهام جلساتها باستدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النيابة العامة كلما رأت ضرورة لذلك وهذا يعني أن انعقاد غرفة الاتهام يتحدد بمدى وجود ضرورة لذلك حسب المادة 178 من ق إ ج ( ) وتتولى النيابة العامة ممثلة في النائب العام أو مساعده باحترام-باحترام التدرج الهرمي لجهاز النيابة العامة في كل هيئة جنائية تهيئة القضية خلال مهلة خمسة أيام على الأكثر ويقدمها لها لتصدر حكمها في أقرب الآجال فمثلا يحدد القانون وبالنسبة للحبس المؤقت لغرفة الاتهام مهلة (30)ثلاثين يوما تحسب من تاريخ الاستئناف المرفوع إليها للبت في الطلب حسب المادة 127إج "فإذا لم يبت قاضي التحقيق في الطلب –طلب الإفراج من المتهم أو محاميه-في المهلة المحددة في الفقرة الثالثة فالمتهم أن يرفع طلبه مباشرة غرفة الاتهام لكي تصدر قرارها فيه بعد الاطلاع على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام وذلك في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ الطلب وإلا تعين الإفراج المؤقت عن المتهم...>>.
*خصائص الإجراءات أمام الغرفة:يتميز عمل غرفة الاتهام بمجموعة خصائص يمكن إجمالها في
ما يلي:
1-السرعة في اتخاذ الإجراءات:
وتتجلى مظاهر السرعة في الإجراءات أمام غرفة الاتهام في تحديد قانون الإجراءات الجزائية لمواعيد قصيرة تعرض عليها القضايا خلالها من جهة ومن جهة أخرى مواعيد يقرر القانون وجوب البت فيما يعرض عليها خلالها وإلا ترتب عنها أثر قانوني يقرره حسب نص المادة 179إج ( ).
2-التدوين أو الكتابة:
تتضح هذه الخاصية من خلال التزام الخصوم بتقديم طلباتهم في مذكرات مكتوبة يطلعون عليها النيابة العامة والخصوم آخرين وتودع هذه المذكرات لدى قلم كتاب الغرفة فيؤشر عليها الكاتب مع ذكر يوم وساعة الإيداع وهذا ما يبرر منع القانون الخصوم متى حضروا من إبداء ملاحظاتهم الشفوية تدعيما لطلباتهم الكتابية وأنه يجوز للغرفة استحضار الخصوم شخصيا وتقديم أدلة الاتهام بحضور محاميهم تطبيقا لأحكام المادتين 183-184إج .
3-الحضورية:
تتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بجوار حضور الأطراف في جلساتها وهو ما تقرره المادة 184إج ويقرر القانون أن النائب العام يقوم بتبليغ الخصوم ومحاميهم بتاريخ الجلسة لنظر القضية بكتاب موصى عليه ويوضع الملف مشتملا على طلبات النيابة العامة لدى قلم كتاب الغرفة لتمكين الخصوم ومحاميهم من الإطلاع عليه المادة 182إج.
وتفصل غرفة الاتهام القضية المعروضة عليها مجتمعة في غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار المنتدب والنظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام والمذكرات من الخصوم وهذا يعني أن الفصل فيما يعرض على غرفة الاتهام يتم في سرية بالنسبة للجمهور وتجري غرفة الاتهام مداولاتها بغير حضور ممثل النيابة والخصوم والكاتب والمترجم إن وجد لأن حضور المداولة يقتصر على قضاة الغرفة وحدهم فتنص المادة 185إج :"تجرى مداولات غرفة الاتهام بغير حضور النائب العام والخصوم ومحاميهم والكاتب والمترجم".
*سلطات غرفة الاتهام:تعد غرفة الاتهام في حد ذاتها من الضمانات الأساسية التي شرعها القانون لمصلحة المتهم بحيث لا يصح حرمانه من عرض قضيته عليها نظرا لأنها تتوافر على أهم ضمانات التقاضي( ) والملاحظ هو اتساع سلطات غرفة الاتهام وتعددها لكن موضوع دراستنا هو الحبس المؤقت ولذلك سنتطرق لصلاحيات غرفة الاتهام فيما يتعلق بالحبس المؤقت والتي تتجلى من خلال الحالات الآتية:
الحالة الأولى:ظهور أدلة جديدة
طبقا لنص المادة 175ق إ ج"المتهم الذي صدر بالنسبة إليه أمر من قاضي التحقيق بألا وجه للمتابعة لا يجوز متابعته من أجل الواقعة نفسها ما لم تطرأ أدلة جديدة.وتعد أدلة جديدة أقوال الشهود والأوراق والمحاضر التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شأنها تعزيز الأدلة التي سبق أن وجدها ضعيفة أو أن من شأنها أن تعطى الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة.
وللنيابة العامة وحدها تقرير ما إذا كان ثمة محل لطلب إعادة التحقيق بناء على الأدلة الجديدة "من خلال النص السالف الذكر نستشف أن المتهم الذي صدر في حقه أمر بألا وجه للمتابعة لا يمكن متابعته مرة أخرى من أجل نفس الواقعة ويجوز في هذه الحالة لرئيس غرفة الاتهام أن يصدر بناء على طلب النائب العام أمرا بالقبض على المتهم أو حبسه حبسا مؤقتا بتوافر الشروط التالية:
1-صدور قرار مسبق من غرفة الاتهام في نفس الموضوع وبسبب نفس الوقائع يقضي بألا وجه لمتابعة المتهم وظهور أدلة جديدة ضدّ نفس المتهم المستفيد من هذا القرار المادة 175إ ج( ).
2- تقديم طلب إصدار الأمر بالقبض أو الإيداع من نائب العام شخصيا أو من ممثله لدى المجلس القضائي إلى رئيس غرفة الاتهام شخصيا وفي نفس إطار القضية ونفس المتهم.
3-استناد النائب العام في طلبه على وثائق تشتمل على أدلة هامة جديدة وبتوافر الشروط السابقة مجتمعة فإنه يجوز لرئيس غرفة الاتهام أن يصدر أمرا بالقبض على المتهم وإيداعه الحبس بطلب من النائب العام وريثما تنعقد غرفة الاتهام وهذا طبقا لنص المادة 181من ق إ ج.
الحالة الثانية: نظر الطعون المقدمة ضدّ أوامر قاضي التحقيق
حسب المواد 170-171-172-173من ق إ ج أعطت الحق لأطراف الخصومة باستئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام ويتعين على هذه الأخيرة أن تفصل في هذا الاستئناف من خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاستئناف والإفراج عن المتهم تلقائيا طبقا للمادة 127فقرة 2من ق إ ج.
وفي حالة الطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام وذلك فيما يخص الحبس المؤقت فيجب على النائب العام إجبار الأطراف ومحاميهم بتاريخ الجلسة المقررة للنظر في الطعن الصادر من المتهم أو النيابة أو الطرف المدني بموجب كتاب مضمون الوصول ثم إيداع الملف لدى كاتب الضبط بغرفة الاتهام مصحوبا بطلباته الكتابية ويجب تبليغ محامي المتهم والمدعي المدني بقرار غرفة الاتهام.
كما تتمتع غرفة الاتهام بسلطة الرقابة والإشراف على إجراءات التحقيق الابتدائي وهذا وفقا لما نصت عليه المادة 191من ق إ ج( ) وبمقتضاها فإنه يناط بغرفة الاتهام مهمة مراجعة الإجراءات التحقيق ومراقبة صحة وسلامة كل إجراء .
كما تقرر غرفة الاتهام البطلان كجزاء موضوعي نتيجة تخلف شروط صحة الإجراء كلها أو بعضها من شأنه أن يرتب عدم إنتاجه لآثاره القانونية ذلك أن القواعد الإجرائية وضعت بغرض الكشف عن حقيقة الجريمة والمساهمين في ارتكابها بما يضمن للمتهم حقوقه وحرياته الأساسية مما يتطلب عند عدم احترام الأشكال القانونية أو مخالفتها توقيع الجزاء الموضوعي (البطلان)وقد نظم القانون البطلان بأسلوبين مرة يرتبه صراحة في حالة توافر أسبابه المحددة في القانون تحديدا دقيقا وهو ما يطلق عليه البطلان المطلق ويكون في حالات معينة منها:
بطلان التفتيش خرقا لحكم المادتين 45-47ق إ ج حسب المادة 48إج.
بطلان الاستجواب الذي يتم خرقا لحكمي المادتين100-105ق إ ج حسب المادة 157إج.
ومرة أخرى يرتبه عند مخالفة الأحكام الجوهرية وهي حالات غير محددة وورد ذلك في نص المادة 159فقرة (01)ق إ ج( ).
والملاحظ أن المشرع الجزائري يعتنق مذهب البطلان النسبي لأنه سمح للمعني بالأمر أن يتنازل صراحة عن حقه في التمسك بالبطلان فلا يكفي سكوت المتهم مثلا عن تمسكه بالبطلان فتنص الفقرة (02) من المادة 157إ ج:"ويجوز للخصم الذي لم تراعي في حقه أحكام هذه المواد أن يتنازل عن التمسك بالبطلان ويصحح بذلك الإجراء ويتعين أن يكون التنازل صريحا ولا يجوز أن يبدي إلا حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونا".
الحالة الثالثة: إجراء تحقيق تكميلي
تنص المادة 187ق إ ج على:"يجوز لغرفة الاتهام أن تأمر من تلقاء نفسها أو بناء على طلبات النائب العام بإجراء التحقيقات بالنسبة للمتهمين المحالين إليها بشأن جميع الاتهامات في الجنايات والجنح والمخالفات أصلية كانت أو مرتبطة بغيرها الناتجة من ملف الدعوى والتي لا يكون قد تناول الإشارة إليها أمر الإحالة الصادر من قاضي التحقيق أو التي تكون قد استبعدت بأمر يتضمن القضاء بصفة جزئية بألا وجه للمتابعة أو بفصل جرائم بعضها عن البعض أو إحالتها إلى الجهة القضائية المختصة.
ويسوغ لها إصدار حكمها دون أن تأمر بإجراء تحقيق جديد إذا كانت أوجه المتابعة المنوه عنها في الفقرة السابقة قد تناولتها أوصاف الاتهام التي أقرها قاضي التحقيق ".
حيث من خلالها حول القانون لغرفة الاتهام سلطة إجراء تحقيق تكميلي سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من النائب العام بشأن المتهمين المحالين إليها وبشأن جميع التهم والوقائع المطروحة عليها.
كما تقوم غرفة الاتهام بفحص أوراق ومستندات القضية للتأكد مما إذا كانت التحقيقات التي قام بها قاضي التحقيق ناقصة أو غامضة وهو ما يستدعي لجوء غرفة الاتهام إلى إجراء تحقيق تكميلي كسماع الشهود –وإجراء الخبرة-استجواب المتهم.........وغيرها من الإجراءات القانونية التي تساعد على كشف الحقيقة.
يمكن لغرفة الاتهام أن تكلف أحد أعضائها أو تندب قاضي التحقيق لكي يقوم بمهمة إجراء تحقيق تكميلي ( ) كما لا يمكن أن تفوض لهما سلطة الأمر بالحبس المؤقت وطبقا لنص المادة 189:"يجوز لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة190( )إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق شأنهم صدور أمر نهائي بالأوجه للمتابعة ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض".
الحالة الرابعة:الحكم بعدم الاختصاص بعد الإفراج المؤقت
يجوز لغرفة الاتهام أن تصدر أمرا بإيداع المتهم في الحبس المؤقت في حالة عدم الاختصاص الصادر عن جهة الحكم.
1-إذا استدعى المتهم للحضور بعد الإفراج عنه بموجب قرار قضائي ولكنه لم يحضر أمام القاضي التحقيق ولا أمام قاضي الحكم.
2- إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه مؤقتا وذلك إلى حين رفع الدعوى إلى الجهات القضائية المختصة.
الحالة الخامسة:حالة الأمر بالتحفظ على المتهم في السجن
الأمر بالتحفظ هو أمر له صلاحية ضبط المتهم المحال على المحكمة الجنايات واقتياده إلى المؤسسة العقابية حيث سيحبس هناك حبسا مؤقتا إلى غاية مثوله أمام قاضي هذه المحكمة وإصدار حكم نهائي بشأن موضوع الدعوى المتابع من أجلها فإذا أدانته المحكمة وقضت بعقوبته فإنه سيبقى محبوسا إلى غاية انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه أما إذا حكمت ببراءته أو بعقوبة بدنية موقوفة التنفيذ فإنه سيطلق سراحه ويفرج عنه في الحال وهذا حسب المادة 198ق إ ج التي تنص على :" يتضمن قرار الإحالة بيان الواقع موضوع الاتهام ووصفها القانوني وإلا كان باطلا وفضلا على ذلك فإن غرفة الاتهام تصدر أمرا بالقبض الجسدي على المتهم المتابع بجناية مع بيان هويته بدقة ينفذ هذا الأمر في الحال مع مراعاة أحكام المادة 137( ) من هذا القانون ويحتفظ بقوته التنفيذية ضدّ المحبوس لحين صدور حكم محكمة الجنايات"( ).
المبحث الأول: شروطه
المطلب الأول:الشروط الموضوعية
تتمثل الشروط الموضوعية لإصدار الأمر بالحبس المؤقت في:
أولا-الجرائم التي يجوز فيها الحبس المؤقت:
نظرا لخطورة الحبس المؤقت على الحقوق والحريات ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب أن تكون الجريمة على درجة معينة من الخطورة وبالتالي تتوقف سلطة قاضي التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت على نوع الجريمة وجسامتها وبما يقرره القانون لها من عقوبة( ) فلا يجوز الحبس أصلا إلا في الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين فتنص المادة 118 في فقرتها الأولى من ق إ ج :"لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة بإيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم وإذا كانت الجريمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو أية عقوبة أخرى أشد جسامة"
وعليه تستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والمخالفات عموما فلا يجوز فيها الحبس المؤقت (المادتين124،125ق إ ج وكذلك المادتين 5-27ق ع ).
ثانيا- توافر الدلائل القوية والمتماسكة:
وهي دلائل تعرف أيضا بالدلائل الكافية وهي أمور يدل وجودها على توافر عناصر تكفي سندا الاتهام الفرد أو هي شبهات تحيط بالواقعة والمجرم فتؤدي إلى الاعتقاد بنسبة تلك الواقعة للمتهم والمتفق عليه أن الدلائل القوية والمتماسكة يجب أن تتوافر في حق الشخص المراد حبسه مؤقتا المتهم بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وهي دلائل تبنى على أنه ساهم في ارتكاب الجريمة فاعلا أو شريكا طبقا للأحكام العامة للمساهمة الجنائية الواردة في المادة 41 وما يليها من قانون العقوبات والدلائل القوية والمتماسكة شرط أساسي لم ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية صراحة عند تنظيمه للحبس المؤقت إلا أنه شرط يستخلص من نص المادتين 51 فقرة 4-3 والمادة 89ق إ ج فالمادة الأولى تقرر في فقرتها الثالثة بأنه لا يجوز التوقيف إلا للمدة اللازمة لسماع الأشخاص الذين لم تتوافر في حقهم دلائل من شأنها ترجيح ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها أما فقرتها الرابعة فتقرر أن القبض بواسطة ضباط الشرطة القضائية مشروط بتوافر الدلائل القوية والمتماسكة والمادة 89ربطت قيام الاتهام بوجوب توافر الدلائل القوية والمتماسكة كما تنص المادتين 163( )-195( ) التي تقرر كل منهما أنه في حالة عدم توافر الدلائل الكافية ضدّ المتهم وجب على جهة التحقيق أن تصدر أمرا بألا وجه للمتابعة.
وبالتالي فمن المنطقي أن تكون الدلائل القوية والمتماسكة شرطا في كل أمر بالحبس المؤقت يأمر به قاضي التحقيق سواء ورد في القانون صراحة أم لم يرد باعتبارها الدلائل الكافية قيد على السلطة التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت لأنه إذا كان لا يجوز التوقيف للنظر ولا القبض على المشتبه فيه إلا إذا توافرت في حقه الدلائل الكافية و إن عدم توافر هذه الأخيرة تجعل سلطة التحقيق تصدر أمرا بألا وجه للمتابعة فمن باب أولى يجب اعتبارها شرطا في الأمر بالحبس المؤقت وعليه فالقاعدة أنه لا حبس بدون اتهام ولا اتهام بدون توافر الدلائل القوية والمتماسكة.
ثالثا-لا يكون الوضع رهن الحبس المؤقت إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية وهو ما ورد ذكره في المادة 123 ق إ ج التي حددت الأسباب التي يبنى عليها الأمر بالإيداع بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية.
رابعا-لا يجوز الحبس المؤقت في الجرائم التي تقع بشأن جنح الصحافة أو الجنح وذات الصبغة السياسية أو الجرائم التي تخضع المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاصة وإذا كان الأشخاص المشتبه فيهم قاصرين لم يكملوا الثامنة عشرة أو بشأن أشخاص معرضين لحكم بعقوبة الاعتقال طبقا للفقرة الثالثة من المادة 59ق إ ج
خامسا-استجواب المتهم:
لا يجوز الأمر بحبس المتهم مؤقتا إلا بعد استجوابه ولو لمرة واحدة لأن الاستجواب إجراء جوهري يسمح فيه للمتهم بالإطلاع على الوقائع المسندة إليه طبقا لما هو مقرر في المادة 100ق إ ج وإبداء أوجه دفاعه أمام قاضي التحقيق من خلال مناقشته في التهمة الموجهة ومواجهته بالأدلة القائمة ضده ومطالبته بإبداء رأيه فيها( ).
والذي قد يسمح للقاضي بتقدير مدى الحاجة للأمر بالحبس المؤقت ويستخلص هذا القيد من الأحكام التي تضمنتها المواد المنظمة للأمر بإحضار المتهم والقبض عليه وإيداعه في مؤسسة عقابية فتقرر المادة 118ق إ ج :"لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم".
ولطالما أن الحبس المؤقت لا يكون إلا بناء على أمر إيداع صادر عن قاضي التحقيق طبقا للفقرة الرابعة من نفس المادة التي تنص على أنه:"لا يمكن إصدار مذكرة الإيداع إلا تنفيذا للأمر المنصوص عليه في المادة 123 مكرر من هذا القانون" فإنه يسبق أي حبس مؤقت استجواب المتهم أولا" .
المطلب الثاني:الشروط الشكلية لأمر الإيداع
تنص المادة 109فقرة 02 من ق إ ج :"ويتعين أن يذكر في كل أمر نوع التهمة وموارد القانون المطبقة مع إيضاح هوية المتهم ويؤرخ الأمر ويوقع عليه من القاضي الذي أصدره ويمهر بختمه"
من خلال المادة السالفة الذكر وحتى أوامر سلطات التحقيق قانونية وصحيحة منة حيث شكلها وموضوعها ولإضفاء الصبغة الرسمية والقوة التنفيذية على هذه الأوامر ينبغي أن يتوفر الأمر بالحبس على عدة شروط شكلية تتمثل في اشتمالة على جميع البيانات التي أوجبها القانون والتي تتلخص
فيما يلي:
أولا: أن تتضمن أمر الحبس المؤقت تحديد هوية المتهم تحديدا دقيقا بحيث يذكر اسمه ولقبه وتاريخ ومكان ولادته واسم ولقب والديه وعنوان مسكنه أو محل إقامته العائلية إن أمكن.
ثانيا:تحديد نوع الجريمة المنسوبة إلى المتهم وتعيين طبيعتها ووصفها القانوني وقت المتابعة والإشارة إلى التأسيس القانوني لهذه الجريمة.
ثالثا:ذكر تاريخ صدور الأمر بالحبس المؤقت بالأرقام والحروف حتى نتمكن من احتساب مدة الحبس المؤقت وكذلك معرفة الجهة المختصة وقت إصداره.
رابعا:إمهاره بتوقيع وختم قاضي التحقيق الذي أصدره.
خامسا:التأشير عليه من وكيل الجمهورية الذي سيعمل على تنفيذه وهذا الأمر الصادر عن قاضي التحقيق يكون ساري المفعول ونافذا في جميع أنحاء التراب الجزائري وهو ما نصت عليه المادة 109فقرة 03 ق إ ج .
فما حكم الأمر بالحبس المؤقت في حالة تخلف بيان أو أكثر من البيانات السابقة؟وهل يكون أثر هذا التخلف للبيان بطلانا مطلقا أم نسبيا(الأمر بالحبس المؤقت)؟
لم يتطرق المشرع الجزائري في المادة 109 عند ذكره للبيانات أو الشروط الشكلية الأمر بالحبس المؤقت إلى حالة تخلفها وإلى أن إغفالها وعدم احترامها يكون سببا للبطلان فلم يذكر بأنها بيانات تجب مراعاتها تحت طائلة البطلان وهو الأمر الذي أدى بالأستاذ عبد العزيز سعد إلى الاعتقاد بأن إغفال أو نسيان أحد هذه البيانات المذكورة لا يستلزم بالضرورة بطلان أمر الإيداع بالحبس المؤقت بطلانا مطلقا وإنما يستلزم فقط توقيف تنفيذه إلى غاية تدارك البيان أو الشرط المنسي وتكميله قبل الشروع في التنفيذ قبل تعديل جوان 2001 طرحت إشكالية عدم تسبيب أمر الحبس المؤقت وهو ما برر سهولة إصدار دون إلزام بالتسبيب وهو ما يتعارض مع مبدأ أن الحبس المؤقت إجراء استثنائي مما أدى إلى تيسيره وكثرة اللجوء إليه( ) .
وبصدور التعديل بالتاريخ 26جوان-2001 الق رقم 01-08 أصبح تسبيب أمر الحبس المؤقت واجبا إذ تنص المادة 123 مكرر :"يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون" وكذلك في حالة تمديد مدة الحبس المؤقت يجب أن يسبب ذلك التمديد وبالتالي فتعديل جوان 2001 أقر بتسبيب أمر الوضع في الحبس المؤقت مما يؤدي إلى تحقيق أكبر الضمانات للمتهم والحد من اللجوء لهذا الإجراء الاستثنائي.
المبحث الثاني: احتساب المدة وتمديدها
يتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة والعقوبة المقررة لها وعملا بحكم المادتين 124-125 ق إ ج فإن حبس المتهم مؤقتا على ذمة التحقيق يجب أن يكون لفترة محددة سلفا وهي سلطة لقاضي التحقيق كما له سلطة تمديد الحبس المؤقت بحسب الأحوال.
المطلب الأول:مدة الحبس المؤقت في الجنح وتمديدها
ونفرق بين الحالتين فقد تدوم مدة الحبس المؤقت مبدئيا أثناء سير التحقيق كما أنه يمكن أن يستمر الحبس المؤقت إلى ما بعد غلق ملف التحقيق
أولا-دوام مدة الحبس المؤقت مدة سير التحقيق في الجنح:
فالأصل أن مدة الحبس في مواد الجنح هي أربعة أشهر غير أنه واستثناء يمكن أن تكون أقل أو أكثر بحسب جسامة الجريمة بحيث تكون عشرين يوما في بعض الجرائم وتبلغ ثمانية أشهر في الجرائم الأخرى( ).
1-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت عشرين يوما: تنص المادة 124إ ج:"لا يجوز في مواد الجنح إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون هو الحبس أقل من سنتين أو يساويهما أن يحبس المتهم المستوطن بالجزائر حبسا مؤقتا أكثر من عشرين يوما منذ مثوله أول مرة أمام القاضي التحقيق إذا لم يكن قد حكم عليه من أجل جناية أو بعقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام".
وعليه وعملا بالمادة 124 إ ج يجوز حبس المتهم حبسا مؤقتا لمدة عشرين يوما غير قابلة للتجديد يخلي سبيله بعد انقضائها تلقائيا وهو الحبس لا يجوز إلا في الجنح المعاقب عليها بعقوبة الحبس لمدة أقصاها سنتين بشروط:
أ-أن يكون المتهم المراد حبسه متوطنا بالجزائر لأنه إن كان من غير المقيمين في الجزائر جاز حبسه أربعة أشهر
ب-ألا يكون المتهم قد حكم عليه سابقا من أجل جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس تزيد على ثلاثة أشهر نافذة أي بغير إيقاف التنفيذ لأن من شأن الحكم عليه سابقا بعقوبة حبس أكثر من ثلاثة أشهر نافذة جاز لقاضي التحقيق الأمر بحبسه مؤقتا مدة أربعة أشهر.
وفي حال اجتماع وتوافر هذه الشروط لا يجوز حبس المتهم مؤقتا أكثر من 20يوما( )
2- الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر: تنص المادة 125ق إ ج :"في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 124لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر في المواد الجنح" وعليه تكون مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر غير قابلة للتمديد في الحالات التالية :
*إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هي الحبس لمدة تفوق سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات كما هو الحال بالنسبة لجنح القتل الخطأ وخيانة الأمانة والتزوير في الوثائق الإدارية( ).
*إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس أكثر من عامين وكان قد سبق الحكم على المتهم بالحبس لمدة ثلاثة أشهر ولم يتوافر شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 124من ق إ ج( ).
3-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت ثمانية أشهر
وضع القانون حدا فاصلا بين نوعين من الجنح يجوز فيها تمديد الحبس وأخرى لا يجوز فيها وذلك بوضع حد أدنى للعقوبة لا يجوز تمديد الحبس بشأنها فينص على جواز تمديد الحبس المؤقت في الجنح المعاقب عليها بعقوبة تزيد على ثلاث سنوات مرة واحدة بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب حسب المادة 125إ ج وعليه فإن الحبس المؤقت في الجنح المعاقب عليها بثلاث سنوات أو أقل من ذلك لا يجوز فيها تمديد الحبس أصلا فيخلى سبيل المتهم المحبوس تلقائيا بمجرد انقضاء مدة حبسه الأصلية التي أمر بها القاضي التحقيق وبالتالي ينحصر تمديد الحبس المؤقت في الجنح التي يعاقب عليها القانون بأكثر من ثلاثة سنوات حبسا.
ثانيا:استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنح تنص المادة 164إج :"إذا رأى القاضي أن الوقائع تكون مخالفة أو جنحة أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة وإذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بقي محبوسا إذا كانت العقوبة هي الحبس ومع مراعاة أحكام المادة124".
وكذلك تنص المادة 165:"إذا أحيلت الدعوى إلى المحكمة يرسل قاضي التحقيق الملف مع أمر الإحالة الصادر عنه إلى وكيل الجمهورية ويتعين على الأخير ان يرسله بغير تمهل إلى قلم كتاب الجهة القضائية ويقوم وكيل الجمهورية بتكليف المتهم الحضور في أقرب جلسة قادمة أمام الجهة القضائية المختصة مع مراعاة مواعيد الحضور، وإذا كان المتهم في حبس مؤقت يجب أن تنعقد الجلسة في أجل لا يتجاوز شهرا".
ونستخلص من الأحكام المادتين164-165إ ج أن المتهم المحبوس مؤقتا يبقى في الحبس مع مراعاة أحكام المادة 124من ق إ ج إلى غاية مثوله أمام المحكمة بالنسبة للمتهم بجنحة على أن لا تتجاوز هذه المدة شهرا من تاريخ صدور الأمر بإحالة المتهم أمام المحكمة.
وإذا كان المشرع قد حدد أقصى أجل لاستمرار سريان الحبس المؤقت وهو شهر من تاريخ صدور الإحالة إلى محكمة الجنح فإنه يترتب على عدم احترام هذا الأجل أية نتيجة مما يفقد حكم المشرع فاعليته ولضمان فاعلية أكبر للحكم كان على المشرع أن ينص صراحة في فقرة إضافية على انتهاء مفعول الحبس المؤقت بانقضاء شهر من تاريخ صدور أمر الإحالة على المحكمة.
المطلب الثاني: مدة الحبس المؤقت في الجنايات
لقد لاحظنا أن المشرع الجزائري قد اعتمد التقسيم القديم في التمييز بين الجنح والجنايات مع إدراج مفاهيم جديدة لتصنيف الجنايات تارة على أساس الحد الأقصى للعقوبة وتارة أخرى على أساس طبيعة الجرم وتارة ثالثة على أساس الامتداد الإقليمي للجريمة
أولا-دوام مدة الحبس المؤقت طوال فترة التحقيق في الجنايات:
لقد أدخل القانون الجديد رقم 08-01 المؤرخ في 26 جوان 2001 تعديلات جديدة على مدة الحبس المؤقت بحيث تكون مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة (4) أشهر غير أنه يجوز لقاضي التحقيق تمديده وكذا لغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق وذلك ضمن شروط معينة وحسب طبيعة الجريمة والعقوبة المقررة لها .
1-جرائم القانون العام:
الأصل: أن مدة الحبس في الجنايات أربعة أشهر طبقا للمادة 125/01 ق إ ج والتي تنص على:"مدة الحبس المؤقت في المادة الجنايات أربعة أشهر غير أنه إذا اقتضت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب أن يصدر أمرا مسببا بتمديد الحبس المؤقت للمتهم مرتين لمدة أربعة أشهر في كل مرة".
الاستثناء:
إذا اقتصرت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق ولغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت ( ) وفقا للشروط التالية:
قاضي التحقيق:
لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بموجب أمر مسبب وذلك على المسار التالي:
• الجنايات المعاقب عليها بالحبس المؤقت من 05إلى 10سنوات يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت مرتين أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت 12 شهرا.
• الجنايات المعاقب عليها بعقوبة السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت ثلاث مرات أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت 16 شهرا( )
غرفة الاتهام:
يمكن لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لمدة أربعة أشهر أخرى غير قابلة للتجديد وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 125 فقرة 04 من ق إ ج والتي تنص على:"كما يجوز لقاضي التحقيق وفق نفس الأشكال المبينة في المادة 125-01 أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس كما يمكن تجديد هذا الطلب مرتين"
من خلال النص السابق نستخلص الشروط التالية:
• أن يكون التمديد بطلب مسبب من قاضي التحقيق.
• أن يرسل الطلب مرفوقا بأوراق الملف إلى غرفة الاتهام عن طريق النيابة العامة وذلك في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس المؤقت.
• أن تبت غرفة الاتهام في الطلب قبل انتهاء مدة الحبس الجاري.
• فإذا ما استجابت غرفة الاتهام إلى طلب قاضي التحقيق وقررت تمديد الحبس المؤقت فقد تصل
مدته القصوى إلى 16 شهرا في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 05إى 10 سنوات وإلى 20شهرا في الجنايات المعاقب عليها بعقوبة أشد.
2- في بعض الجرائم الخاصة
الأصل: تكون مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة أشهر.
الاستثناء: عند الضرورة يمكن لقاضي التحقيق وكذا الغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق تمديد مدة الحبس المؤقت وفقا للشروط التالية:
1- قاضي التحقيق:
ويمكن له استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بأمر مسبب على النحو التالي:
• الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وهي الجنايات المنصوص عليها في المواد 87 مكرر و 87 مكرر 7من قانون العقوبات إذا تعلق الأمر بالحبس المؤقت بجنايات موصوفة بالأفعال الإرهابية
أو التخريبية يجوز لقاضي التحقيق تمديده خمس مرات في كل مرة أربعة أشهر فتنص المادة 125مكرر:"عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية
يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-01 أعلاه أن يمدد الحبس المؤقت خمس مرات " بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت كحد أقصى 24 شهرا .
ويلاحظ أن المشرع الجزائري لم يأخذ بمعيار العقوبة المقررة قانونا للجريمة لتحديد نسبة التمديد وإنما أخذ بطبيعة الجريمة.
فعقوبة السجن المؤقت من 05إلى 10 سنوات وعقوبة الإعدام هي العقوبة المقررة قانونا للجنايات الموصوفة بالأفعال الإرهابية مثل: بيع الأسلحة البيضاء أو شراءها وتوزيعها واستعمالها لأغراض غير قانونية طبقا لنص المادة 87 مكرر 5 من ق إ ج التي تنص على:"يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة مالية 100.000دج إلى 500.000دج كل من يعيد عمدا طبع أو نشر الوثائق أو المطبوعات أو التسجيلات التي تشيد بالأفعال المذكورة في هذا القسم".
أما المادة 87 مكرر 7 ق ع فتنص على:" يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة مالية من 500000.دج إلى 1000.000 دج كل من يحوز أسلحة ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها أو يحملها أو يتاجر فيها أو يستوردها أو يصدرها أو يصنعها أو يصلحها أو يستعملها دون رخصة من السلطة المختصة.
يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة عندما تتعلق هذه الأخيرة بمواد متفجرة أو أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها".
*الجنايات العابرة للحدود:
بالنسبة للجنايات العابرة للحدود الجزائرية يمكن تمديد الحبس المؤقت إحدى عشرة مرة في كل مرة أربعة أشهر فتنص المادة 125 مكررق إ ج في فقرتها الثانية والثالثة:" عندما يتعلق الأمر بجناية عابرة للحدود الوطنية يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-01 أعلاه أن يمدد الحبس المؤقت بإحدى عشرة مرة " " كل تمديد للحبس المؤقت لا يمكن أن يتجاوز أربعة أشهر في كل مرة " من خلال النص يتضح أنه لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت 11 مرة أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت كحد أقصى ثمانية وأربعين شهرا أي أربع سنوات".
وقد عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/11/2001 التي صادقت عليها الجزائر بتحفظ في مجلس الوزراء المنعقد في 23/11/2001 ،والجنايات العابرة للحدود تتمثل خاصة في:جنايات الاتجار وتهريب المخدرات تهريب الأسلحة الحربية والمواد النووية والمتفجرات والسيارات والاتجار بها بصفة غير قانونية الأعمال الإرهابية إرساء الموظفين تنظيم الهجرة السرية ( ) .
2- غرفة الاتهام:
لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مدة أربعة أشهر أخرى قابلة للتمديد مرتين ليصل التمديد إلى 12 شهرا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادتين125-02الفقرة 04 والمادة125 مكرر الفقرة04.
فإذا استجابت غرفة الاتهام لطلب قاضي التحقيق وقررت تمديد الحبس المؤقت فقد يصل مدته القصوى 36شهرا (3سنوات)في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية والى 60 شهرا(5سنوات)في الجنايات العابرة الحدود، وسواء تعلق الأمر بجنايات القانون العام أو الجنايات أمام غرفة الاتهام طبقا للمواد من 183إلى 185ق إ ج التي تحكم الإجراءات أمام غرفة الاتهام ويجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن التمديد يجب أن يتم قبل اجل أربعة اشهر وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون.
*استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنايات كما يستمر الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنح قد يستمر كذلك في الجنايات بحيث يظل المتهم محبوسا مؤقتا طبقا للمواد 165-166إ ج مع مراعاة أحكام المادة124من ق إ ج وذلك إلى غاية صدور قرار غرفة الاتهام بالنسبة للمتهم بجناية إذ تنص المادة 166/02من ق إ ج على أن يحتفظ أمر الإيداع الصادر ضد المتهم بقوته التنفيذية لحين صدور قرار غرفة الاتهام.
رغم ما تم التطرق إليه بالشرح حول مدة الحبس المؤقت وتمديدها فإن الإشكال الذي يطرح نفسه في هذا الموضوع هو:هل سيتم الإفراج عن المتهم عند انتهاء المدة المقررة كحد أقصى للحبس المؤقت أم أنه سيظل محبوسا حتى تقرر غرفة الاتهام إحالة الدعوى على محكمة الجنايات وإما القيام بتحقيق تكميلي؟
والإجابة على هذا الإشكال تضمنته المادة 197 مكرر من التعديل 08/01 المؤرخ في 26 جوان 2001 حيث نصت على:" عندما تخطر غرفة الاتهام وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 166 ويكون المتهم محبوسا تصدر غرفة الاتهام قرارها في الموضوع في أجل شهرين كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة عشرين سنة أو بالسجن المؤبد أو الإعدام ثمانية أشهر كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية أو بجناية عابرة للحدود الوطنية، وإذا لم يتم الفصل في الآجال المحددة أعلاه وجب الإفراج عن المتهم تلقائيا"
من نص المادة لا يجوز بأي حال من الأحوال ومهما كان السبب أن يبقى المتهم في الحبس المؤقت أكثر من:
* 24 شهرا(16+02)في الجنايات القانون العام المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5إلى 10 سنة.
* 24 شهرا(20+04)في جنايات القانون العام المعاقب عليها بعقوبة لمدة 20سنة أو بالسجن المؤبد أو الإعدام.
* 44شهرا(36+08)في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية.
* 68شهرا(60+08)في الجنايات العابرة للحدود.
وكان للدكتور أحمد بوسقيعة رأي في هذا الشأن( )
ملاحظة:
حسب ما قضت به المحكمة العليا فإن مواعيد الحبس المؤقت هي مواعيد كاملة شأنها شأن كافة مواعيد الإجراءات الجزائية فقد أشارت بوجه عام "جميع الآجال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية هي مواعيد كاملة لا يحسب فيها يوم بدايتها ولا يوم نهايتها...."
كما أضافت بأن القواعد المتعلقة بالإجراءات للآجال تعتبر من النظام العام ويترتب على مخالفتها البطلان"( )
*سريان مدة الحبس المؤقت
هل تحسب مدة الحبس المؤقت من يوم القبض على المتهم أو من يوم إيداعه السجن أو من يوم مثوله أمام قاضي التحقيق؟
وللإجابة على هذا السؤال نجدها تختلف باختلاف طريقة القبض على المتهم .
الطريقة الأولى:
إذا ضبط بأمر قبض يبدأ حساب من تاريخ تنفيذ الحكم أو من تاريخ حبسه في مؤسسة عقابية.
الطريقة الثانية:
إذا ضبط تنفيذ الأمر إحضار فلا يبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ تنفيذ هذا الأمر وإنما من تاريخ مثول المتهم أمام قاضي التحقيق وإصدار أمرا بإيداعه بالمؤسسة العقابية.
وبطبيعة الحال فإن أصدر قاضي التحقيق أمرا بالإيداع فيبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ أمر الإيداع بالحبس( )
المبحث الأول:انتهاء الحبس المؤقت
المطلب الأول:انتهاءه بالإفراج المؤقت
إذا كان من سلطات قاضي التحقيق أثناء التحقيق مع المتهم حبسه مؤقتا أو وضعه تحت الرقابة القضائية فإنه يجوز له تركه طليقا بالتحقيق معه وهو خارج المؤسسة العقابية وذلك عملا بنص المادة 123إ ج ( ) ويمكن أن يكون الإفراج لاحقا بعد الأمر بحبس المتهم بإخلاء سبيل المتهم المحبوس على ذمة التحقيق معه( ).
ويتبين من خلال نص المادة 126/1 إجراءات جزائية أن الإفراج على نوعين إفراج إلزامي بقوة القانون أي وجوب إخلاء سبيل المتهم المحبوس بمجرد توافر حالة من حالاته( ) المقررة قانونا أي بقوة القانون فلا تملك جهة التحقيق بشأنه سلطة تقديرية وإفراج جوازي أو اختياري تعود سلطة تقديره والأمر به لجهة التحقيق متى قدرت ذلك أي كل من قاضي التحقيق وغرفة الاتهام في مرحلة التحقيق حسب كل حالة( ).
1-الإفراج الجوازي:
وهو رخصة يقررها القانون لجهة التحقيق للأمر بالإفراج بحسب ما يراه قاضي التحقيق فهو سلطة مقررة له سواء يبادر به من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المتهم أو محاميه أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية حسب ما نصت عليه المادة 126إ ج فقرة أولى المذكورة سالفا أيضا في حالة يكون المفرج عنه أجنبيا –سواء كان الإفراج عنه بأمر من قاضي التحقيق أو أي جهة قضائية أخرى- نلاحظ أنه هناك إجراءات خاصة بهذا الأجنبي عند الإفراج عنه( )
وتنص المادة 127إ ج على أنه:" يجوز للمتهم أو محاميه طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الالتزامات المنصوص عليها في المادة 126...." وعليه فالإفراج في صورته الأولى كسلطة تقديرية للقاضي يأمر به كلما رأى أن الإفراج لا يؤثر ولا يخل بالسير العادي للتحقيق.
وتحكم الإفراج القواعد التالية وهي تستخلص من أحكام المادة 126وما يليها من ق إ ج.
*-الإفراج على المتهم من قاضي التحقيق تلقائيا دون حاجة لتقديم طلب من جهة ما أو من المتهم إعمالا لحكم الفقرة الأولى من المادة 126إ ج وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية وتعهد المتهم بالحضور أثناء جميع الإجراءات التحقيق بمجرد استدعائه وإحضار المحقق بجميع تنقلاته.
*-الإفراج بناء على طلب النيابة العامة فيجوز لوكيل الجمهورية ممثلا عنها يطلب من قاضي التحقيق الإفراج عن المتهم هذا الأخير –قاضي التحقيق- يجب عليه البت في طلب وكيل الجمهورية خلال 48ساعة من تقديمه إليه بالاستجابة للطلب بالإفراج عن المتهم أو برفضه( ).
وفي حالة الرفض يحق لوكيل الجمهورية الطعن بالاستئناف في قرار قاضي التحقيق برفض طلبه لدى غرفة الاتهام.
*-الإفراج بناء على طلب المتهم أو محاميه إذ يجوز المتهم طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق كما يجوز ذلك لمحاميه فيقدم الطلب في كل وقت يراه مناسبا ليرسل قاضي التحقيق الملف لوكيل الجمهورية لإبداع طلباته في مهلة خمسة أيام تالية لتلقيه الملف ويبلغ المدعي المدني بكتاب موصى عليه ليتاح له إبداء ملاحظاته ثم يبت القاضي في الطلب في مهلة ثمانية أيام من يوم إرساله الملف لوكيل الجمهورية (المادة 127إ ج) فقد يجيب المتهم لطلبه وفي هذه الحالة عليه التعهد بالالتزام بحضور جميع إجراءات التحقيق لمجرد استدعائه وأن يحضر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته وفي حالة رفض القاضي طلب المتهم فلا يجوز لهذا الأخير تجديد طلبه إلا بمضي ثلاثين يوما من تاريخ رفض الطلب السابق.
وإذا لم يبت القاضي التحقيق في الطلب فللمتهم حق رفع الأمر لغرفة الاتهام التي يجب عليها إصدار قرارها في الطلب في ظرف ثلاثين يوما من اتصالها بطلب المتهم على أن تطلع قبل ذلك على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام( )
2-الإفراج بكفالة:
لقد ميز المشرع الجزائري في الإفراج المؤقت بين الوطني والأجنبي فيما يخص تقديم الكفالة فيكون الإفراج المؤقت على الأجنبي مشروطا بتقديم كفالة في جميع الحالات وعلى جميع المستويات يتم تحديد قيمتها بمقتضى قرار الإفراج المؤقت ونظم قانون الإجراءات الجزائية الكفالة في المادة 132-136من ق إ ج وهي مسألة جوازية متروكة للسلطة التقديرية لجهة التحقيق وذلك لضمان مصاريف العدالة والغرامات المتوقع الحكم بها والتعويضات المستحقة إن وجدت وحضور المتهم الأجنبي في جميع إجراءات الدعوى وتنفيذ الأحكام ويصبح الجزاء المخصص لمثول المتهم ملك للدولة منذ اللحظة التي يتخلف فيها بغير عذر مشروع عن إجراءات الدعوى أو عن تنفيذ الحكم ويرد هذا الجزاء للمتهم في الحالات التي تتوصل فيها الجهات القضائية إلى إصدار أمر بألا وجه للمتابعة أو الحكم بالبراءة المادة 232إ ج تنص على أنه " يجوز أن يكون الإفراج المؤقت لأجنبي مشروطا بتقديم كفالة وذلك في جميع الحالات التي لا يكون فيها الإفراج بقوة القانون وهذه الكفالة تتضمن.
*مثول المتهم في جميع إجراءات الدعوى لتنفيذ الحكم.
*أداء ما يلزم حسب الترتيب الآتي:
أ -المصاريف التي سبق أن قام بدفعها المدعي المدني.
ب-المصاريف التي أنفقتها القائم بالدعوى العمومية.
ج-الغرامات.
د- المبالغ المحكوم بردها.
ه –التعويضات المدنية.
وتحدد قرار الإفراج المؤقت المبلغ المخصص لكل جزء من جزئي الكفالة "، وتدفع الكفالة نقدا أو أوراقا مصرفية أو شيكات مقبولة الصرف أو سندات صادرة أو مضمونة من الدولة تسلم ليد كاتب الضبط بالمحكمة أو المجلس القضائي أو محصل التسجيل ويكون هذا الأخير هو وحده المختص بتسلمها إذا كانت سندات وبمجرد الإطلاع على الإيصال المثبت لدفع الكفالة تقوم النيابة العامة في الحال بتنفيذ قرار الإفراج المؤقت.
3-الإفراج بقوة القانون:
ويعرف أيضا بالإفراج الوجوبي أو الإلزامي وهو يختلف عن الإفراج الجوازي في أنه ليس سلطة تقديرية لقاضي التحقيق وإنما هو إفراج بقوة القانون يلتزم فيه المحقق بإخلاء سبيل المحبوس مؤقتا في كل حالة من الحالات المحددة قانونا بحيث يعتبر هذا الإفراج كحق للمتهم فيخلي سبيله كلما توافرت حالة من الحالات الوارد ذكرها والتي يقرر فيها القانون الإفراج الوجوبي دون حاجة إلى استصدار أمر القاضي المحقق هذه الحالات هي:
*أن تكون الجريمة مما لا يجوز الحبس فيها:
يفرج عن المتهم وجوبا إذا ثبت أن الواقعة المحبوس بشأنها المتهم جنحة معاقب عليها بالغرامة فقط أو أنها مخالفة تطبيقا لحكمي المادتين 124-125 إ ج
*انتهاء مدة الحبس المؤقت:
يجب الإفراج على المتهم المحبوس كلما انقضت مدة حبسه احتياطا المأمورية التي لا يجوز فيها التمديد أصلا أو تلك التي يجوز فيها دون أن يقوم قاضي للتحقيق بتجديده في الآجال المحددة قانونا على النحو التالي:
1- انتهاء مدة الحبس لعشرين يوما في الحالات التي يقرر فيها القانون الحبس الاحتياطي مدة عشرين يوما حيث لا يجوز تمديده أصلا.
2- انتهاء مدة حبس المتهم مؤقتا لأربعة أشهر المقررة في الجنح المعاقب عليها بسنتين أو أقل التي لا يجوز فيها التمديد.
3- انتهاء مدة الحبس المؤقت القصوى في الجنح-وهي ثمانية أشهر- التي يجوز فيها التمديد مرة واحدة المعاقب عليها بأكثر من ثلاثة سنوات حبسا
4- انتهاء مدة الحبس المؤقت المدد مرتين في الجنايات الذي أمر به قاضي التحقيق دون أن يطلب –قاضي التحقيق- من غرفة الاتهام لمرة ثالثة وأخيرة أو طلب منها التمديد في الآجال القانونية فلم تمدد الغرفة حبس المتهم.
5- انقضاء مدة الحبس المؤقت القصوى ستة عشرة شهرا بعد تمديده من طرف غرفة الاتهام للمرة الثالثة والأخيرة –الأولى والثانية بواسطة قاضي التحقيق –بناء على طلب قاضي التحقيق.
*إصدار أمر بألا وجه للمتابعة:
إذا أصدر القاضي أمرا بألا وجه للمتابعة أفرج عن المتهم كأصل غير أن القانون ينص على وجوب بقائه محبوسا إذا طعنت النيابة العامة بالاستئناف في الأمر بل إن المتهم يظل محبوسا طول المدة المقررة لها للطعن وهي ثلاثة أيام( ) المادتين 163/3-170/3إ ج بالإضافة لذلك أنه لا يفرج عن المتهم حتى بعد صدور أمر بألا وجه للمتابعة متى كان المتهم محبوسا لسبب آخر.
*القضاء ببراءة المتهم:
يفرج عن المتهم بقوة القانون إذا حكم ببراءته (المادتين311-365إ ج)وبغض النظر عما إذا كان هذا القضاء قد طعن فيه بالاستئناف أم لا خلافا للقاعدة العامة التي تقرر بأن الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم( )
*عدم بت قاضي التحقيق في طلب وكيل الجمهورية:
إذا أغفل قاضي التحقيق البت في طلب المقدم من وكيل الجمهورية بالإفراج عن المتهم في الآجال القانونية المحددة وهي 48 ساعة (المادة 126/2إ ج)
*عدم بت غرفة الاتهام في طعن المتهم:
إذا لم تبت غرفة الاتهام في مهلة ثلاثين يوما في الطعن المرفوع من المتهم إليها بسبب عدم بت قاضي التحقيق في طلب المتهم الإفراج عنه مؤقتا( )
*عدم بت المحكمة العليا في طلب الإفراج:
إذا طعن المتهم بالنقض في حكم محكمة الجنايات فإن الغرفة الجنائية لدى المحكمة العليا تختص بالنظر في طلب الإفراج المقدم إليها في مهلة 45 يوما وفي حالة عدم البت فيه في المهلة السابقة يفرج عن المتهم ما لم تقرر إجراء تحقيقات بشأنه(المادة 128إ ج).
*جهات أخرى لها سلطة الأمر بالإفراج
القاعدة العامة أن جهة التحقيق الآمرة بالحبس هي الجهة المخولة سلطة الأمر بالإفراج إلا أن سلطة الإفراج المؤقت تصبح من اختصاص جهات أخرى غير قاضي التحقيق بحسب الوضع الذي تكون عليه الدعوى العمومية فتنص المادة 128إ ج :" إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية للفصل فيها أصبح لهذه الجهة حق الفصل في الإفراج" وإذا فصلت المحكمة في طلب الإفراج فإن الاستئناف يتعين رفعه في ظرف أربع وعشرين ساعة من النطق بالحكم" " ويظل المتهم محبوسا حتى يقضي في الاستئناف النيابة العامة وفي جميع الحالات ريثما يستنفذ ميعاد الاستئناف ما لم يقرر النائب العام إخلاء سبيل المتهم في الحال" " وتكون سلطة الإفراج هذه لغرفة الاتهام قبل إحالة الدعوى على محكمة الجنايات وفي الفقرة الواقعة بين دورات انعقاد المحكمة " .
و" في حالة الطعن بالنقض وإلى أن يصدر حكم المحكمة العليا تفصل في طلب الإفراج آخر سلطة قضائية نظرت في موضوع القضية وإذا كان الطعن بالنقض مرفوعا ضد حكم محكمة الجنايات فإن الفصل في شأن الحبس المؤقت يكون لغرفة المحكمة العليا المدعوة للنظر في هذا الطعن خلال خمسة وأربعين يوما وإن لم يكن ذلك وجب الإفراج عن المتهم إفراجا مؤقتا ما لم يؤمر بتحقيقات تتعلق بطلبه ونستخلص من نص المادة 128إ ج أن الجهة القضائية المختصة بالإفراج المؤقت على المتهم- عدا قاضي التحقيق – تتحدد وفق الحالة التي تكون عليها القضية حسب الأحوال التالية:
1)في التحقيق:
تختص غرفة الاتهام بالفصل في طلب الإفراج من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم فتنص المادة 186إ ج :" يجوز لغرفة الاتهام بناء على طلب النائب العام أو أحد الخصوم أو حتى من تلقاء نفسها أن تأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق كما يجوز لها بعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج عن المتهم" وهي تختص –غرفة الاتهام-بالإفراج في الحالات التالية:
في حالة الطعن لدى غرفة الاتهام في قرار قاضي التحقيق برفض الطلب المقدم من المتهم أو النيابة العامة للإفراج عن المتهم أو لعدم بته أصلا في الطلب خلال الأجل الذي يحدده له القانون (المواد 126-127-170-171-172إ ج) ( ).
في حالة تصرف قاضي التحقيق في القضية ولم تحل إلى جهة أخرى للحكم(المادة 128إ ج).
في حالة التحقيق في مواد الجنايات حيث تحال لها باعتبارها جهة تحقيق من الدرجة الثانية.
فيما بين دورات انعقاد محكمة الجنايات (128/3إ ج)
2)عند الإحالة للمحكمة:
عند انتهاء التحقيق القضائي واحالة القضية لجهات الحكم، فان هذه الجهات تكون مخولة قانونا سلطة البت في طلب الافراج ، فاذا قررت الافراج فان المتهم يبقى محبوسا المدة المقررة لطعن وكيل الجمهورية وهي أربع وعشرون ساعة، ويظل محبوسا اذا طعنت لحين البت في طلب النيابة العامة ما لم يقرر النائب العام اخلاء سبيله (المادتان 128، 426 إ ، ج).
3)في حالة الطعن بالنقض في حكم صادر عن محكمة الجنايات:
تختص الغرفة الجنائية لدى المحكمة العليا بالبت في طلب الافراج اذا كان الحكم المطعون فيه بالنقض صادرا عن محكمة الجنايات.
4)في حالة الطعن بالنقض:
تختص كل جهة جنائية عدا محكمة الجنايات- لأن الاختصاص في هذه الحالة يعود للغرفة الجنائية بالمحكمة العليا المطعون لديها في قرار محكمة الجنايات- بالفصل في موضوع طلب الإفراج إذا كانت قد أصدرت حكما جنائيا طعن فيه بالنقض لدى المحكمة العليا التي لم تفصل بعد في هذا الطعن.
شروط منح الإفراج:
يشترط لمنح قرار الإفراج شروط معينة تتمثل فيما يلي :
1/-أن يكون قد أجري عليه اختيار ناجح في ورشة خارجية أو في بيئة مفتوحة لمدة محددة بالقرار المذكور.
2/-أن يكون ملزما بالتوقيع على سجل خاص موضوع بمحافظة الشرطة أو بفرق الدرك .
3/-أن يكون منفيا من التراب الوطني بالنسبة للأجنبي.
4/-أن يكون مودعا بمركز الإيواء بمأوى الاستقبال أو في مؤسسة مؤهلة لقبول المفرج عنه.
5/-أن يخضع لتدابير المراقبة والعلاج بهدف إزالة التسمم على الأخص.
6/-أن يدفع المبالغ المستحقة للخزينة العمومية اثر المحاكمة ( ).
7/-أن تؤدى المبالغ المستحقة للضحية أو لممثليها الشرعيين ويضاف إلى هذه الشروط التزامات محددة على المحكوم عليه أن يراعيها عند استفادته بهذا النظام وتتمثل هذه الالتزامات فيما يلي:
الإقامة في المكان المحدد بقرار الإفراج.
الامتثال لاستدعاءات قاضي تطبيق الأحكام الجزائية والمساعدة الاجتماعية التي عينت له عند الاقتضاء.
قبول زيادات المساعدة الاجتماعية واعطاءها كل المعلومات أو المستندات التي تسمح بمراقبة وسائل معاش المفرج عنه، وهناك شروط أخرى نصت عليها المادة 187 من قانون السجون يلتزم بها المفرج عنه وتتمثل فيما يلي:
ألا يقود بعض العربات المحددة بأصناف الرخص المنصوص عليها في قانون المرور .
ألا يتردد على بعض الأماكن مثل : الملاهي، ومحلات بيع المشروبات( ).
أن لا يختلط بعض المحكوم عليهم ولاسيما القائمين بالجرم معه أو شركاءه في الجريمة.
أن لا يستقبل في منزله بعض الأشخاص ولا سيما المتضرر من الجريمة اذا كانت متعلقة بهتك العرض.
ونلاحظ أن كل هذه الالتزامات والشروط لا تزيد عن كونها أمورا يراد منها مراقبة المفرج وابعاده من خطر الوقوع في شباك الاجرام مرة ثانية.
وهذه الالتزامات لا تفرض عن المفرج عنه، اذ يجوز له أن يرفضها أو لا يقبلها وعندئذ لا يمكن أن يستفيد من قرار الإفراج.
إلغاء أمر الإفراج والآثار المترتبة عنه:
اذا خالف المفرج عنه الشروط التي وضعت للافراج عنه ولم يقم بالواجبات المفروضة عليه الغي الافراج أعيد الى السجن ليستوفي المدة الباقية من العقوبة المحكوم بها عليه فبإمكان وزير العدل أن يرجع في مقرره ويلغي القرار القاضي بالإفراج إما من تلقاء نفسه ، واما باقتراح من قاضي تطبيق الأحكام الجزائية بصفته مكلفا بتتبع الإجراءات المفروضة في المقرر المانح للإفراج، وأمر الإلغاء يوحي بأن المفرج عنه قد فشل في فترة التجربة وهذا الفشل يمكن استخلاصه من الحالات الآتية:
صدور حكم جديد ضده لارتكابه جريمة جديدة.
العودة إلى الجريمة نظرا لسوء سيرته.
مخالفته للالتزامات المتعلقة بقرار الإفراج.
فاذا ما تم إلغاء قرار الإفراج دون هذا الالغاء في ثلاثة (03)نسخ ترسل من وزير العدل الى قاضي تطبيق الأحكام الجزائية الذي صدر منه اقتراح الإلغاء لاعادة المحكوم للسجن والى النيابة العامة –الجهة القضائية – التي صدر منها اقتراح الإلغاء لعادة الحكم بالعقوبة لقيد المقر في سجل تنفيذ العقوبات والى مصلحة السوابق العدلية( ).
فقاضي تطبيق الأحكام الجزائية يضع هذا القرار قيد التنفيذ بارسال نسخة منه الى النيابة العامة لمكان إقامة المحكوم عليه ليعاد زجه في السجن الأقرب لمكان التوقيف وبامكان النيابة العامة في حالة تهرب المحكوم عليه من الاستجابة والعودة الى المؤسسة العقابية، وأن تستعين بالقوة العمومية عند الضرورة للتنفيذ . أما في حالة ما اذا كان المحكوم عليه مسجونا بسبب ارتكابه جريمة جديدة فان نسخة من قرار الالغاء ترسل من وزارة العدل الى مؤسسة السجن للتنفيذ حيث يسجل قرار الالغاء ومراجعته في سجل السجن ، ويطلب الملف الشخصي للمحكوم عليه من المؤسة التي أفرجت عنه لضمه لقرار الالغاء . ويترتب على ابطال الافراج بالنسبة للمحكوم عليه التزامه تنفيذ العقوبة كاملة بعد تنقيص ما قضاه في مؤسسة السجن فقط أو في البيئة المفتوحة قبل صدور القرار المتعلق بالإفراج( ).
المطلب الثاني: انتهاءه بالحكم بالبراءة أو بالإدانة والتقادم
أولا-انتهاء الحبس المؤقت بالحكم بالبراءة وعدم المسؤولية :
ماهية الحكم بالبراءة : وهي عدم الحكم على المدعي عليه بأية عقوبة سواء سالبة للحياة أو الحرية أو مادية، ففي حالة الحكم بالبراءة تكون فيها الأدلة غير قائمة أو غير كافية للادانة فاذا تبين للمحكمة أن الأدلة غير كافية بحق المدعى عليه أو منعدمة اطلاقا تحكم حينئذ بالبراءة.
ماهية عدم المسؤولية: يتقرر الحكم بعدم المسؤولية اذا ثبت أن الفعل الذي قام به المدعى عليه لا يؤلف جرما أو لا يستوجب عقابا أي أن الفعل المرتكب مباحا ، ولا يتحقق عليه عقابا ، فتحكم المحكمة بعدم المسؤولية وهذا المبدأ أخذت به جميع التشريعات الجزائية( ).
نتيجة الحكم بالبراءة أو بعدم المسؤولية:
تأمر المحكمة بإطلاق سراح المدعى عليه فورا عند إعلان براءته أو عدم مسؤوليته في حال لم يكن موقوفا لسبب آخر ولو تبين خلال المحاكمة أنه متهم بتهمة أخرى، وهذا المبدأ أخذت به جميع التشريعات ونصت على ذلك صراحة في قانون أصول المحاكمات الجزائية (الإجراءات الجزائية)، ويفهم ذلك من خلال النص على الحكم بالبراءة اذ لا يجوز للمحكمة بعد أن يصدر قرار بالبراءة أن تبقي المحبوس مؤقتا موقوفا لديها اذ لابد من اطلاق سراحه( ).
فيجب على القاضي اطلاق سراح الموقوف في حال الحكم بالبراءة أو الحكم بعدم المسؤولية ( إبطال التعقبات) و اطلاق سراح الموقوف لا يتوقف على أي شرط لتنفيذ قرار إطلاق سراحه.
لهذا نرى إذا قضت المحكمة ببراءة المتهم أو بكف التعقبات في حقه بإطلاق سراحه فورا إذا لم يكن موقوفا لداع آخر، فلا يجوز بعدها ملاحقته بالفعل ذاته وإن أعطي وصفا آخر، فيطلق سراح الموقوف فورا ولو أن القرار بالبراءة لم يكتسب الدرجة القطعية أي كان قابلا للاستئناف ويكفي لصحة الحكم بالبراءة أن يتشكك القاضي من صحة إسناد التهمة لكي يقضي بالبراءة لأن الأصل في المتهم البراءة مما لا حاجة معه للجزم واليقين بهذه البراءة، هذا بخلاف حكم الادانة فإنه يأتي خلافا لفرضية البراءة مما يتعين معه أن يبنى على الجزم واليقين لهذا فإن المحكمة تحكم ببراءة المتهم إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها ويجب أن يفرج عن المتهم إذا كان محبوسا مؤقتا من أجل هذه الواقعة وحدها.
ثانيا-انتهاء الحبس المؤقت وخصم مدته من العقوبة المقضي بها:
من البديهي أن ينتهي الحبس المؤقت عن طريق إدانة المتهم بواسطة حكم قضائي يتضمن عقوبة سالبة للحرية، فالعقوبات التي تمس الحرية الشخصية يجمعها عنصر واحد وهو عنصر قيد على الحرية والحرية هي روح الوجود، وهذا العنصر يتوافر في الحبس المؤقت شأنه شأن العقوبات المحكوم بها، مهما اختلفت درجتها عن العقوبة المقيدة للحرية أو الحرمان منه فرض قبل الفصل في الدعوى او على سبيل تنفيذ العقوبة، فالعقوبات المحكوم بها جزاءات ردع قصد المشرع إنزالها بمرتكبي الجرائم إزاء ثبوت التردي فيها – ويتميز بعنصر هام هو الإيلام الذي يحقق لها صفة الردع والتأديب والتهذيب، وهو ما يفتقده الحبس الاحتياطي تبعا للنظام المخفف الذي يتم اعماله بالنسبة للمحبوسين مؤقتا خاصة وأنهم لا يجبرون فيه على القيام بأي عمل.
فالأخذ بنظام خصم مدة الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها إنما سيؤدي إلى أن يضحي المتهمون الذين يحبسون مؤقتا ويصدر الحكم بإدانتهم أحسن حالا من أولئك الذين تبرأ ساحتهم أو تحفظ الدعوى بالنسبة لهم على اعتبار أن هذا الجانب الأخير يحق له المطالبة بالتعويض عن مدة الحبس المؤقت( ).
كما أن حسم مدة الحبس المؤقت ليس رخصة لجهات التنفيذ وإنما هو إلزام مفروض من المشرع فلا تملك أي جهة حرمان المحكوم عليه منها باعتباره أنه نوع من التنفيذ المؤقت.
*حالات خصم مدة الحبس المؤقت:
يتم خصم مدة الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها على النحو التالي:
الحالة الأولى: إذا أدين المتهم بالجريمة التي أوقف مؤقتا من أجلها.
الحالة الثانية: إذا بريء المتهم من الجريمة التي تم توقيفه مؤقتا من أجلها وحكم عليه بعقوبة من أجل جريمة أخرى، ويشترط لتطبيق قاعدة الحسم في هذه الحالة توافر شرطين.
1/ ان تكون هناك علاقة بين الجريمة التي أوقف المتهم من أجلها مؤقتا والجريمة التي حكم بالعقاب فيها.
2/أن تكون الجريمة التي حكم بالعقاب من أجلها قد ارتكبت أثناء التوقيف المؤقت أو أن يكون قد حقق معه فيها أثناء الحبس المؤقت.
الحالة الثالثة: اذا أدين المتهم بالجريمة التي أوقف مؤقتا من أجلها وقضى عليه بعقوبة تقل مدتها عن مدة الحبس المؤقت وحكم عليه الى جانب ذلك بعقوبة من أجل جريمة اخرى ارتكبها أو حقق معه فيها أثناء التوقف المؤقت.
يتم خصم مدة الحبس المؤقت عن جميع العقوبات السالبة للحرية سواء كانت هي الأشغال الشاقة بنوعيها أو السجن أو الحبس أو الوضع تحت مراقبة الشرطة وإذا تعددت هذه العقوبات وكانت من نوع واحد يحسم التوقيف المؤقت من مجموعها فإذا لم تستفد حسمت من العقوبة الأشد مباشرة ثم التي تليها في الشدة وهكذا حتى تستنفذ( ).
وليس من الضروري لحسم مدة التوقيف الاحتياطي من العقوبة المحكوم بها أن تكون التوقيف المذكور قد استمر لغاية دور الحكم فإذا تم توقيف المتهم مؤقتا ثم أفرج عنه وصدر الحكم وهو مفرج عنه فإن التوقيف السابق يخصم من العقوبة وكذلك إذا أوقف المتهم في التحقيق ثم حفظت الدعوى وأفرج عنه ثم ظهرت أدلة جديدة أدت إلى توقيفه ثانيا ورفعت الدعوى ثم حكم عليه فمجموع مدتي التوقيف المؤقت يخصم من العقوبة المحكوم بها.
لم يرد قيد خصم مدة الحبس من العقوبة المقضي بها في الأحكام المنظمة للحبس المؤقت إلا أن المادة 365 من قانون الإجراءات الجزائية تنص :<<يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة ......وكذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس مؤقتا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه المؤقت مدة العقوبة المقضي بها عليه وتقرر المادة 12/2 من قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين صراحة وجوب خصم المدة التي قضاها المتهم في الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها عليه أي حساب مدة الحبس المؤقت ضمن العقوبة المحكوم بها فتنص في حالة وجود حبس مؤقت فيخفض بتمامه من مدة العقوبة وتحسب هذه المدة من يوم حبس المتهم المحكوم عليه.
والملاحظ من النصين أنهما يتعلقان بخصم مدة الحبس المؤقت من مدة العقوبة المقضي بها ولكن ما حكم المدة التي يقضيها المتهم في المؤسسة العقابية بناء على أمر قاضي التحقيق بإحضاره أو القبض عليه أو الأمر بإيداعه في مؤسسة عقابية.
هل تخصم من المدة المحكوم بها أم لا؟ نلاحظ في هذه الحالة وجوب خصم المدة التي يقضيها المتهم في أي مؤسسة عقابية بناء على أمر قضائي كالأمر بالحبس المؤقت من مدة العقوبة المحكوم عليه.
ثالثا-انتهاء الحبس المؤقت بالتقادم:
إذا انقضت مدة معينة من الزمن حددها القانون على وقوع الجريمة دون اتخاذ أي إجراء قانوني لتحريك الدعوى الجزائية أو مباشرتها فإن هذه الأخيرة تسقط بمرور الزمن ولا يمكن بعثها أو تحريكها لنفس الفعل الجرمي ويتركز مبدأ مرور الزمن على عدة اعتبارات.
أ-نسيان الجريمة:
إذا مضت فترة طويلة من الزمن على ارتكاب الجريمة زالت آثارها من أذهان الناس وتصبح مصلحة المجتمع في توقيع العقوبة غير مجدية لأن الهدف منها كان تهدئة السخط العام وارضاء شعور العدالة وهذا الأمر لم يعد قائما لأنه تلاشى بمرور الزمن والجريمة تصبح في عالم النسيان.
ب-الإهمال:
إذا أهملت النيابة العامة أو المدعي بالحق الشخصي أو المشتكي (إذا كانت الدعوى الجزائية تتوقف في تحريكها على الشكوى من المشتكي)في تحريك الدعوى الجزائية مدة طويلة فلا يحق لهم ممارسة هذا الحق فيما بعد لأن من أهمل في ممارسة حقه لا يحق له المطالبة بحماية هذا الحق بواسطة القضاء.
ج-الاستقرار القانوني:
إن مرور الزمن مهم للاستقرار القانوني في المجتمع إذ من الخطر أن يبقى المجتمع مضطربا مدة طويلة بالجريمة التي وقعت ويبقى المشتكي عليه مهددا بالجريمة فترة طويلة ويبقى تحت تأثيرها في جو من الخوف والاضطراب ولهذا فان ضرورات الاستقرار القانوني في المجتمع تقضي بإسقاط الدعوى الجزائية، ومن الأفضل عند مضي المدة عدم إثارة الماضي وأحقاده حيث أن الهدف من العقاب يصبح ليس ذا قيمة.
وأنتقد بكاريا وبنتام وبعض الفقهاء مبدأ مرور الزمن لأنه يسمح لبعض المجرمين الخطرين التنصل من توقيع العقوبة عليهم بسبب خبرتهم في التمرس على وسائل الإفلات من الملاحقة والتواري عن الأنظار ومرور الزمن في الدعوى الجزائية في النظام العام وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يثره المدعي عليه إذ لا يجوز التنازل عنه كما يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى( ).
بما أن الدعوى الجزائية تسقط بمرور الزمن اذا لم تحرك خلال مدة معينة، كذلك العقوبة المحكوم بها نهائيا تسقط بمرور الزمن اذا لم تنفذ خلال مدة معينة ، والمشرع جعل مدة سقوط العقوبة بمرور الزمن أطول من مدة سقوط وتقادم الدعوى الجزائية ، لأن الحكم في الدعوى يسجل نهائيا الجريمة ويحدد بصفة قطعية العقوبة وجعل مدة سقوط العقوبة متناسبة مع جسامتها ، ويسقط الحبس المؤقت بمرور الزمن أيضا بسقوط الدعوى الجزائية واذا اوقف المدعى عليه مؤقتا بسبب هذه الدعوى فيجب أن يطلق سراحه فورا، وفي حالة أن الجرم سقط بالتقادم فان الدعوى العامة تسقط وبالتالي يجب أن يطلق سراح المدعى عليه اذا كان موقوفا.
المبحث الثاني: التعويض عن الحبس المؤقت الغير مبرر ومسؤولية الدولة عنه
لقد عنت التشريعات الدولية منذ القديم بحماية الحرية الشخصية للأفراد من خلال النصوص الواضحة التي وضعتها إيمانا بكرامة وآدمية المواطن التي تعتبر حقا من حقوقه وجزءا من حريته التي كافح من أجلها عصورا طوالا الى أن أصبحت قيمة مقدسة تصونها الدساتير وتضع الضمانات لمنع الاعتداء عليها أو الانتقاص منها.
لكن هته الصلاحيات كثيرا ما يساء استعمالها، وذلك بالقبض على الأشخاص وتوقيفهم مؤقتا، هذا الاجراء الذي غالبا ما يكون في غير الحالات التي ينص عليها القانون، أو كأن يصدره غير الأشخاص الذين يملكون صلاحية ذلك، وقد أطلق على هذا الاجراء اسم ، الحبس المؤقت التعسفي. « Abusive » وعدة مصطلحات أخرى مثل ، الحبس اللا مبرر « Infustifier » والحبس اللاقانوني « Illegal » أو الحبس التحكمي « Arbitraire ». ويقصد بمصطلحي : " اللاقانوني " و" اللامبرر" التوقيف الذي يقع اخلالا بالضمانات الشكلية أو الإجرائية، كأن يؤمر به في جريمة غير التي يجيز فيها القانون هذا الإجراء، أو يؤمر به دون استجواب الموقوف.
أما المصطلحات "التعسفي" و " التحكمي" فقد نصت المادة التاسعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه :" لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه أو نفيه تعسفا" ( ).
المطلب الأول : نظام التعويض عن الحبس المؤقت الغير مبرر
يلخص الحبس المؤقت بالمدعى عليه ضررا بليغا سواء ماديا أو معنويا، ويتمثل ذلك في توقيفه لفترة من الزمن نتيجة اتهامه بارتكابه فعلا جزائيا ثم يصدر قرار بألا وجه للمتابعة لعدم كفاية الأدلة أو لاكتشاف الفاعل الحقيقي أو نتيجة الحكم ببراءة المدعى عليه ، واكتساب هذا الحكم الدرجة القطعية في هذه الحالة يكون الشخص قد خضع لقسوة التوقيف وسلب الحرية وحرم من القيام بعمله والعيش في المجتمع بصورة طبيعية . هذا بالإضافة إلى ما قد يصيبه في شرفه وسمعته وأسرته من جراء هذا التوقيف وتقتضي مبادئ العدالة بأن يكون من حق الفرد الحصول على تعويض مقابل أضرار هنا التوقيف، الذي يعد عدوان على الحريات الفردية، ومساس بحقوق الانسان، لذلك فالتشريعات في كثير من البلدان أقرت مسألة التعويض عن الحبس التعسفي والغير مبرر منذ زمن بعيد، ومن بين هذه التشريعات نذكر، التشريع البرتغالي بموجب قانون 14/07/1884.والسويسري بموجب قانون : 12/03/1984 .والدانمركي بموجب قانون :05/04/1889، والنرويجي بموجب قانون : 1/07/1887. و الألماني بموجب قانون الأشخاص المحكوم عليهم بأحكام أو قرارات حازت قوة الشيء المقضي فيه.
و الذي صرحت به المحكمة العليا ببراءتهم في إطار طلبات المراجعة المنصوص عليها في المادة: 531 من ق.إ.ج( )
أما في الجزائر فقد كرس الدستور الصادر في 28 نوفمبر 1996 في الفقرة 01 من المادة 49 مبدأ التعويض عن القضاء و جعله على عاتق الدولة، التي تنص:" يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة"، و أحالت الفقرة الثانية من نفس المادة إلى تحديد التعويض و كيفياته، كذلك قانون الإجراءات الجزائية الجزائري و في المادة المذكورة سابقا531 –مكرر- لا تشمل الفئة الكبرى من ضحايا الخطأ القضائي و هي فئة المحبوسين حبسا مؤقتا غير مبرر الذين استفادوا بحكم قضائي بأن لا وجه لمتابعتهم أو براءتهم( ).
ومن الناحية القانونية نجد أيضا ما يبرر تقرير مبدأ التعويض باعتبار أن طبيعة الحبس المؤقت طبيعة استثنائية، و هو ما جاء في الفقرة الأولى من المادة 123 من ق.إ.ج.
وكمبرر أخير لفرض و تقرير مبدأ التعويض من الجانب العملي باعتبار أن نسبته المتهمين المحبوسين مؤقتا الذين انتهت قضيتهم بحكم قضائي يقضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة جد مرتفعة في الجزائر، و هي في تزايد مستمر خاصة في ظل اتشريع الحالي، و من ثمة فإن الإقرار بحق المضرور في الحبس المؤقت الغير مبرر في التعويض يعد أنجع وسيلة لتفادي اللجوء المفرط للحبس المؤقت.
أولا- شروط منح التعويض:
تتفق التشريعات التي قررت مبدأ التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر على طابعه الاستثنائي، و على تكفل الدولة بدفع مبلغ التعويض، و قد حذت حذوها بلدان أخرى مثل فرنسا بموجب قانون: 17/07/1970.حيث يشترط هذا الأخير لقبول طلب التعويض أن يتسبب الحبس في إصابة طالب التعويض بضرر يظهر جليا أنه غير عادي، و ذو خطورة خاصة( ).
و نص المشرع الفرنسي على ذلك في المادة 149من ق.إ.ج الفرنسي( ).
أما المشرع الجزائري فقد كرس هذه الشروط من خلال المادة 49 فقرة 02 من الدستور 1996 التي أحالت على القانون لتحديد شروط التعويض و كيفياته، و نتناولها في ما يلي:
1- أن يكون المتهم قد تم توقيفه مؤقتا.
2- أن يصدر قرارا بألا وجه للمتابعة أو حكم نهائي بالبراءة.
3- ضرورة توافر ضرر غير عادي و ذي جسامة معينة فتستبعد الأخطار و الأضرار الجسيمة.
ثانيا-المعايير التي وضعتها اللجنة لتقدير التعويض:
لا شك أن عدم إلزام قضاة التحقيق بإصدار أمر مسبب بالوضع في الحبس المؤقت في مواد الجنح و الجنايات و كذلك السهولة التي كانت تحاط بتبرير الحبس المؤقت و بساطة هذا الإجراء في بعض التشريعات من الأسباب التي شجعت اللجوء إليه مما أدى بقانون الإجراءات الجزائية الجزائري إلى إقرار التعويض عن الحبس المؤقت المفرط فيه و غير المبرر و ذلك بالقانون رقم: 01/08 المؤرخ في:26 يوليو 2001 ومن الأحكام التي جاء بها هذا القانون المواد من137 مكرر إلى 137 مكرر 14.
وقد خص بذلك المتابعات الجزائية التي تنتهي بصدور قرار نهائي في حق الشخص الذي كان محل حبس مؤقت بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة إذا ألحق به هذا الحبس جزءا ثابتا و متميزا فيمنح له تعويض على عاتق خزينة الدولة، و قد أنشأ هذا النص هيئة على مستوى المحكمة العليا تدعى "لجنة التعويض" تختص بمنح التعويض المنصوص عليه في المادة 137 مكرر، و تكتسي اللجنة طابع جهة قضائية مدنية تجتمع في غرفة المشورة و تصدر قراراتها في جلسة علنية، و تكون هذه القرارات غير قابلة للطعن و لها القوة التنفيذية، كما حددت لهذه اللجنة إجراءات و شروط للمرافعة أمامها( ).
فقد استندت هذه اللجنة إلى عدة معايير في تقدير التعويض منها معايير لاستبعاد صفة الضرر غير العادي. لكن قبل ذلك نتطرق إلى تحديد مفهوم الضرر غير العادي.
1-تحديد مفهوم الضرر غير العادي:
إن الضرر غير العادي هو ذلك الضرر الذي تتطلب قواعد العدالة التعويض عنه، و يترتب حسب رأي بعض الفقهاء عن توافر خطأ مرفقي أو ينتج عن براءة المتهم، و اعتبر القاضي TOUFFAIT أن المعيار الوحيد الذي أخذت به اللجنة هو معيار قواعد العدالة، و هذا الضرر له صور متعددة كأن ينتج عن شروط الأمر بالحبس المقت او مدته، أو صدى و وقع القضية في الرأي العام و شهرة المدعى عليه و سمعته، أو تعنت قاضي التحقيق.
2-معايير استبعاد صفة الضرر غير العادي:
كما سبق القول فإن اللجنة قد تبنت ثلاثة معايير لاعتبار الضرر غير عادي و استبعاد هذه الصفة تمثلت في ما يلي:
*المعيار الأول: و يتعلق بالبراءة التي تعزى إلى وجود شك في الأدلة رغم أن المشرع لم يقم بأي تفرقة بين قضاء البراءة و قضاء عدم الإذناب، و يستخلص من قضاء اللجنة أن البراءة البسيطة بمعنى البراءة المحكوم فيها نتيجة توافر الشك تؤلف حائلا جديا للحكم بالتعويض.
*المعيار الثاني: خطأ المضرور إذ قد يحدث بأن يساهم المدعى عليه في أثناء فترة التحقيق بموقفه أو بتصريحاته المزورة أو الكاذبة إلى تحقيق الخطر الذي يطالب بالتعويض عنه. فلا يعوض الشخص في هذه الحالة تطبيقا للقاعدة الرومانية التي تقضي بـ:" ليس لأحد أن يستفيد بسبب فعل غير مشروع صدر عنه".
*المعيار الثالث: ويتعلق بالحكم على المدعى عليه بعقوبة الغرامة أو بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ وفي هذه الحالة فإن ارتكابه للجريمة ثابت ولا يقبل المناقشة.
3-تحديد مبلغ التعويض:
يخول القانون للجنة التعويض تحديد مقدار ومبلغ التعويض الذي يدفع للموقوف البريء بحيث أن للجنة مطلق الحرية إذا قبلت طلب المحبوس في تحديد مبلغ التعويض أو حتى منحه دفعة واحدة أو على شكل أقساط أو مرتب، ويجوز لها أن تنشر قرار التعويض في الصحف، ويجب أن يعيد مبلغ التعويض التوازن المالي الذي أخلت به مخالفة لقاعدة " مساواة المواطنين أمام أعباء العامة"، ولا تتقيد اللجنة في هذا الموضوع بأي جدول حسابي، ولا بحدود معينة، ومما هو جدير بالذكر أن المبالغ الممنوحة من اللجنة ليست متساوية وإنما حسب كل طلب يرفع إليها وبحسب كل حالة على حدى.
4- تحمل عبء التعويض:
تتحمل الدولة دفع مبلغ التعويض المحكوم به للمحبوس البريء ولكنها تملك دعوى الرجوع بحيث نص قانون الإجراءات الفرنسي على أنه: يتم دفع التعويض على شكل مصروفات قضائية جنائية أي أنها لا تدرج في ميزانية وزارة العدل مثل إعانات الأفراد المحكوم ببر ائتهم بموجب قانون 1910 وانما اعتماد تقديري له طابع بيان يبلغ 250000فرنك في سنة 1971.
كما خول ق إ ج الفرنسي للدولة حق الرجوع بقيمة التعويض الذي منع من الحبس المؤقت على المبلغ سيء النية أو شاهد الزور الذي يتسبب في خضوع المتهم للحبس المؤقت أو اطالة مدته ( ) لكن فعالية هذا الحكم تظل نظرية أكثر منها عملية.
ثالثا –إجراءات التعويض:
ان الإجراءات المتبعة أمام اللجنة مستوحاة من اجراءات الدعوى المدنية والادارية في ذات الوقت وتختص اللجنة بالفصل في طلبات التعويض المرفوعة اليها من المضرورين من الحبس المؤقت عن طريق خزينة الدولة وفقا للمادة 137 مكرر، والتعويض الممنوح له يكون باتباع اجراءات محددة كالآتي، تضمنتها المواد من 137 مكرر الى المادة 137مكرر 14، ونلخصها فيما يلي:
1/يمنح التعويض المنصوص عليه في المادة 137 مكرر بقرار من لجنة تنشأ على مستوى المحكمة العليا تدعى : " لجنة التعويض وتتشكل هذه الأخيرة - لجنة التعويض- من :
*الرئيس الأول للمحكمة العليا أو ممثله.
*قاضي (02) حكم لدى نفس المحكمة بدرجة رئيس غرفة أو رئيس قسم أو مستشار ، أعضاء ، ويعين أعضاء اللجنة سنويا من طرف مكتب المحكمة العليا كما يعين هذا الأخير ثلاثة أعضاء احتياطيين لاستخلاف الأعضاء الأصليين عند حدوث مانع ، كما يمكن أن يقرر المكتب حسب نفس الشروط أن تضم اللجنة عدة تشكيلات وذلك بنص المادتين :137مكرر1، 137 مكرر2 من ق.إ.ج.
2/تكتسي اللجنة طابع جهة قضائية مدنية وتجتمع اللجنة في غرفة المشورة وتقوم باصدار قراراتها في جلسة علنية، تكون غير قابلة للطعن ولها القوة التنفيذية (المادة 137 مكرر 3) .
3/يتم إخطار اللجنة بعريضة في أجل لا يتعدى ستة (06)أشهر ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة نهائيا، وتودع العريضة الموقعة من طرف المدعي أو محامي معتمد لدى المحكمة العليا لدى أمين اللجنة الذي يسلم ايصالا بذلك ، وتتضمن العريضة وقائع القضية ، وجميع البيانات الضرورية لا سيما:
*تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس المؤقت وكذا المؤسسة العقابية التي نفذ فيها.
*الجهة القضائية المصدرة للقرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وكذا تاريخ هذا القرار .
*طبيعة وقيمة الأضرار المطالب بها.
*عنوان المدعي الذي يتلقى فيه التبليغات.(المادة 137 مكرر 4).
4/يقوم أمين اللجنة بإرسال نسخة من العريضة الى العون القضائي للخزينة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام في أجل لا يتعدى عشرين (20) يوما ابتداءا من تاريخ استلام العريضة ، كما يطلب أمين اللجنة الملف الجزائي من أمانة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرارا بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة (المادة 137مكرر5).
5/بامكان المدعي أو العون القضائي للخزينة أو محاميهما الاطلاع على ملف القضية بأمانة اللجنة، يودع العون القضائي مذكراته لدى أمانة اللجنة في أجل لا يتعدى شهرين (2) ابتداءا من تاريخ استلام الرسالة الموصي عليها المنصوص عليها في المادة 137 مكرر5 من هذا القانون (المادة 137مكرر6).
6/يتم اخطار أمين اللجنة المدعي بمذكرات العون القضائي للخزينة بموجب رسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام في أجل اقصاه عشرون يوما ابتداءا من تاريخ ايداعها ، ويقوم المدعى بتوجيه ردوده لأمانة اللجنة في أجل لا يتعدى ثلاثون يوما ابتداء من تاريخ التبليغ المذكور في الفقرة الأولى أعلاه.
وعند انقضاء الأجل المنصوص عليه في الفقرة الثانية أعلاه يقوم أمين اللجنة بارسال الملف الى النائب العام بالمحكمة العليا الذي يودع مذكراته في الشهر الموالي (المادة 137 مكرر 7).
7/ بعد إيداع مذكرات النائب العام يعين رئيس اللجنة من بين أعضائها مقررا (المادة 137 مكرر8).
8/ تقوم اللجنة أو تأمر بجميع اجراءات التحقيق اللازمة وخاصة سماع المدعي اذا اقتضى الأمر ذلك (المادة 137 مكرر 9).
9/ يحدد رئيس اللجنة تاريخ الجلسة بعد استشارة النائب العام ، ويبلغ هذا التاريخ من طرف أمين اللجنة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام للمدعي وللعون القضائي للخزينة في ظرف شهر على الأقل قبل تاريخ الجلسة (المادة 137 مكرر 10).
10/ تستمع اللجنة للمدعي والعون القضائي للخزينة ومحاميهما بعد تلاوة التقرير وتقديم النائب العام ملاحظاته( المادة 137 مكرر 11).
11/ اذا منحت اللجنة تعويضا يتم دفعه وفقا للتشريع المعمول به من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر، وفي حالة رفض الدعوى يتحمل المدعي المصاريف الا اذا قررت اللجنة اعفاءه جزئيا أو كليا منها (المادة 137 مكرر12)
12/ يوقع كل من الرئيس العضو المقرر، وأمين اللجنة على أصل القرار( المادة 137 مكرر 13)
13/ يبلغ قرار اللجنة في أقرب الآجال الى المدعي والعون القضائي للخزينة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام ، ويعاد الملف الجزائي مرفقا بنسخة من قرار اللجنة الى الجهة القضائية المعنية ( المادة 137 مكرر14).
رابعا – آثار وتطبيق مبدأ التعويض:
يترتب عن تطبيق مبدأ التعويض عن الخطأ القضائي الذي يتسبب فيه القضاة أثناء آدائهم لمهامه عدة آثار لا يمكن حصرها ، لكن نستطيع القول بأن بعض آثار تطبيق هذا المبدأ يمكن أن تنعكس على نشاط قضاة النيابة العامة والتحقيق في مجال ممارسة حق النيابة في المتابعة الجزائية، وممارسة حق قضاة التحقيق في التحفظ على المتهم وعزله عن المجتمع في المتابعة الجزائية ، وممارسة حق قضاة التحقيق ومن أجل ضمان عدم تأثير المتهم على دلائل الجريمة وعدم افلاته من بين يدي القضاة ، اذا لم يقدم ضمانات كافية أو فكر في الافلات ، ولا سيما ضبط المتهم متلبسا بالجريمة أو توفرت دلائل قوية ومتماسكة تثبت قيام وقائع جريمة خطيرة وتأكد اسنادها اليه.
وأخيرا فان التعويض عن الحبس المؤقت ليس شرطا لازما في الشرعية الاجرائية ولكنه ضمان يكشف عن قوة احترام القانون للحرية الشخصية ويكفل التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع( ).
المطلب الثاني : الحبس المؤقت الغير مبرر ومسؤولية الدولة عنه:
مما سبق التطرق اليه نستخلص أن الحبس المؤقت الغير مبرر أو التعسفي هو الحبس الذي يؤمر به دون أباب قانونية أو بمخالفة القانون، أو بالتطبيق الغير عادل في حد ذاته أو، لا يتوافق مع الكرامة الإنسانية، أولا يتوافق مع احترام الحق في الحرية وأمن الشخص وهو ما يستلزم التعويض عنه من طرف خزينة الدولة ، وباعتبار أن الحبس المؤقت من أعمال السلطة القضائية فانه من الضروري تقرير المسؤولية المدنية للدولة عن مثل هذه الأعمال فبموجب الدستور الجزائري الصادر في 28 نوفمبر 1996 حيث تنص المادة 49 منه على :" يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته"
أولا- مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية:
يأخذ المشرع الجزائري بوحدة الجهاز القضائي اذ نصت المادة الأولى من قانون الاجراءات المدنية على أن المحاكم هي جهات قضائية ذات الولاية العامة لهذا فان النزاع المتعلق بسؤولية الدولة عن المرفق القضائي هو جزء لا يتجزأ من النزاع الاداري.
وفي الواقع أن القرارات المتعلقة بالحبس المؤقت في قانون العقوبات الجزائري لا تلحق بالأعمال القضائية، ويؤمر بالحبس المؤقت لتفادي هرب المتهم أو مواصلة سير التحقيق أو الحفاظ على الأمن العام ،وتشكل القرارات المتعلقة بالحبس المؤقت ، أعمالا تحضيرية للعمل القضائي( ) .
وبهذا تكون هذه القرارات منفصلة عن العمل القضائي ، لهذا فان مساءلة الدولة عن تعويض المضرور من الحبس المؤقت لا يعتبر استثناءا من مبدأ مساءلة الدولة عن أعمال السلطة القضائية ، ولكن امتدادا للمسؤولية في القانون المدني.
بالاضافة للمادة 49 من دستور 1996 التي قررت مبدأ التعويض عن الأعمال القضائية فقد أصدر التشريع الجزائري مؤخرا نصوص قانونية تحدد مسؤولية الدولة في تعويض المتهم المحبوس حبسا مؤقتا ثم ظهرت براءته وهذا وفقا للمادة 137 مكرر من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري.
ثانيا-شروط تطبيق المسؤولية:
يجوز تطبيق مبدأ مسؤولية الدولة و تقريره عن تعويض المضرور من الحبس المؤقت حتى لو لم يوجد خطأ من جانب مرفق القضاء و ذلك لسببين.
الأول:تفادي البحث عن أخطاء القضائي و لمصلحة هذا الأخير، وتجنب كل مساس بحرمته، و سلطته.
الثاني: يتمثل في أن مسؤولية الدولة على أساس المخاطر مأخوذ بها في القانون الإداري الذي ينطبق على موضوع الحبس المؤقت.
و تجدر الإشارة إلى أنه بتوافر شروط أخرى، معينة تثبت مسؤولية الدولة في تعويض المضرور، و هذه الشروط تتمثل في ما يلي:
* أن يكون المتهم قد حبس مؤقتا.
* أن يصدر قرارا بألا وجه للمتابعة أو حكم نهائي بالبراءة.
* ضرورة توافر ضرر غير عادي و ذو جسامة معينة( ).
1-- أ: علي بولحية بن بوخميس, المرجع السابق, ص 28.
المبحث الأول: شروط الرقابة القضائية و التزامات الخاضع لها
المطلب الأول: شروط الرقابة القضائية
جاءت الرقابة القضائية كبديل للحبس المؤقت، و هي إجراء للإكراه و الإجبار و ليس للإعفاء و المساعدة. و لا يعتبر نوع من الوضع تحت الاختبار خرقا للقانون العام و منه فإن الجهات المختصة بالإجراء الأصلي، أي –بالحبس المؤقت- هي نفسها المختصة بالوضع تحت الرقابة القضائية فالاختصاص مرتب حسب إجراءات سير الدعوى الجنائية في مرحلة التحقيق من قاضي التحقيق إلى غرفة الاتهام إلى قضاء الحكم، و للوضع تحت الرقابة القضائية شروط موضوعية و أخرى شكلية نتعرض لها فيمايلي:
أولا- الشروط الموضوعية للرقابة القضائية:
تخضع الرقابة القضائية بمعرفة قاضي التحقيق للأحكام المقررة في المادتين: 123 و 125 مكرر1 من ق.إ.ج الجزائري، و يستفاد من نص المادتين شرطين هما:
1- كفاية التزامات الرقابة القضائية كبديل للحبس المؤقت: إن الحبس المؤقت إجراء استثنائي و إن اللجوء إليه يكون بهدف تحقيق مصلحة غالبا ما تكن مصلحة التحقيق، ومصلحة المتهم احيانا، وإذا كان نظام الرقابة القضائية يكفي لتحقيق هاتين المصلحتين فهو جدير بأن يحل محل الحبس المؤقت كبديل له. والحبس المؤقت توسع فيه القضاء إلى أن أنقلب أصله الاستثنائي على قاعدة عامة لعدد من المبررات منها مثلا: مصلحة التحقيق، و عدم هروب المتهم من العقوبة و التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة، و هي مبررات مرنة، و لكن القضاء توسع في استعمال هذه المبررات، الأمر الذي أدى بالمشرع إلى إيجاد نظام الرقابة القضائية كوسيلة للحد من اللجوء إلى الحبس المؤقت و المبالغة فيه، ذلك أن في كثير من الأحيان يمكن لنظام الرقابة القضائية أن يحقق هذه المبررات بفرض التزامات تحقق لقاضي التحقيق نفس الأهداف التي سيحققها له حبس المتهم مؤقتا تماشيا مع قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم قبل الحكم النهائي ضده فيكون إجراء الرقابة القضائية أفضل من الحبس، و لذا فاستبدالها و اللجوء إليها يوفر لقاضي التحقيق ضمانات مناسبة اتجاه المتهم كيفما شاء لإظهار الحقيقة و الكشف عنها.
2- إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد: يستفاد من هذا الشرط أنه إذا تبين أن الواقعة المتابع بها المتهم تشكل جنحة أو مخالفة معاقب عليها بغرامة لا يكون المتهم خاضعا لنظام الرقابة القضائية، و من ثمة فإن المشرع لم يضع قيودا خاصة على تطبيق إجراء الرقابة القضائية حيث لم ينص على أي شرط آخر سوى ما تعلق بوصف الجريمة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس (المادة 125 مكرر1 الفقرة الأولى)( ).
ثانيا-الشروط الشكلية للرقابة القضائية:
لم يحدد المشرع الجزائري ضمن أحكام المواد 125 مكرر1 و 125 مكرر3 شكلا معينا لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية ثلاثة شروط شكلية و هي كالاتي:
1- أن يصدر أمر الوضع تحت الرقابة القضائية من قاضي التحقيق: يأمر قاضي التحقيق تلقائيا بالوضع تحت الرقابة القضائية مع إبلاغ وكيل الجمهورية دون تسبيب ذلك، و أن لا يخضع هذا الأمر للاستئناف من طرف المتهم أو وكيل الجمهورية و الطرف المدني على الرغم من أن القاعدة العامة تقضي بأن كل الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق ضد المتهم قابلة للاستئناف باستثناء أمر الإيداع في الحبس المؤقت و هو أخطر الأوامر على حرية المتهم، و يستشف من نص المادة 125 مكرر2 من قانون .إ.ج المعدلة لقانون: 18/08/1990 أن الحالة الوحيدة التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمرا قضائيا مسببا بخصوص الرقابة القضائية هي عندما يفصل في طلب المتهم برفع الرقابة القضائية و ذلك في أجل 15 يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب و تضيف الفقرة الأخيرة من نفس المادة:" إذا لم يفصل قاضي التحقيق في هذا الأجل لكل من المتهم أو وكيل الجمهورية أن يلجأ مباشرة إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في أجل 20 يوما من تاريخ رفع القضية إليها". و قد تدارك المشرع الجزائري ذلك بالتعديل الجديد بقانون: 01-08 المؤرخ في: 26 يونيو 2001 الذي أقر بالاستئناف للمتهم ضد الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية.
2- أن يصدر أمر رفع الرقابة القضائية بناء على طلب وكيل الجمهورية أو بعد إبلاغ او استشارة وكيل الجمهورية: نصت المادة 125 مكرر2 على:" يأمر قاضي التحقيق برفع الرقابة القضائية سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية". فشرط استشارة وكيل الجمهورية كي يبدي رأيه في طلب المتهم برفع الرقابة القضائية شرط شكلي الهدف منه إطلاع وكيل الجمهورية طبقا للقواعد العامة على كل التصرفات التي لها أثر على سير التحقيق فيتقدم وكيل الجمهورية بطلب يرمي إلى رفع الرقابة القضائية أو إلغائها عن المتهم و إن لم يفصل القاضي في أجل خمسة عشرة(15) يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب يمكن لوكيل الجمهورية أن يلجأ مباشرة إلى غرفة الاتهام، و يعتبر سكوت قاضي التحقيق و امتناعه عن الفصل خلال المدة المحددة قانونا رفض ضمني يجوز لوكيل الجمهورية أو للمتهم خلال المدة المحددة بالمادة 125 مكرر أن يعرض الأمر على غرفة الاتهام للفصل فيه.
3- تسبيب الأمر الفاصل في طلب المتهم في مدة 15 يوما: يتضح من نص المادة 125 مكرر فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري أنها اشترطت التسبيب في أمر رفض الاستجابة لطلب المتهم برفع الرقابة القضائية عليه، و حددت أجل 15 يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب، و هي الحالة الوحيدة التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمرا قضائيا بخصوص الرقابة القضائية، كما أجازت للمتهم اللجوء إلى غرفة الاتهام للفصل في طلبه، و لكن المشرع الجزائري كان من قبل لم يشر أو يذكر في المادة 172 فقرة1 الأمر المنصوص عليه في المادة 125 مكرر 2 من ضمن الأوامر التي يجوز للمتهم استئنافها أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي لا بعد التعديل الجديد بالقانون : 01-08 المؤرخ في: 26 يونيو 2001( ) الذي أقر حق الاستئناف للمتهم ضد الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية.
المطلب الثاني: التزامات الخاضع للرقابة القضائية
تكمن الرقابة القضائية في الخضوع إلى أحد الالتزامات المنصوص عليها في المادة 125 مكرر1 و تتمثل هذه الالتزامات أحيانا في فرض أعمال معينة على المتهم، و في غالب الأحيان في منعه من القيام بعمل محدد، و من ثمة يمكن تقسيم هذه الالتزامات إلى: التزامات إيجابية و أخرى سلبية.
أولا-الالتزامات الإيجابية
وردت هذه الالتزامات في البنود:3-4-7 من المادة 125 مكرر1 و تتمثل فيما يلي:
1- مثول المتهم دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق: (البند3) و هو الالتزام الأكثر شيوعا، و إذا كان المشرع الجزائري لم يحدد على غرار المشرع الفرنسي السلطات التي يلزم المتهم بالحضور أمامها فغالبا ما تكون مصالح الشرطة القضائية.
2- تسليم وثائق السفر: (البند4)، و يقصد بهذا الإجراء سحب جواز السفر من المتهم لمنع هروبه خارج الوطن و هو من أخطر الالتزامات التي يخضع لها المتهم لما يشكله من قيد على حرية التنقل، و على خلاف الالتزام سالف الذكر، حدد المشرع هذه المرة الجهة التي تسلم إليها وثائق السفر و هي: كتابة الضبط أو مصالح الأمن التي يعينها قاضي التحقيق.
3- تسليم البطاقات و الرخص المهنية: (البند4) و يقصد بهذا الإجراء سحب البطاقة المهنية من المتهم و الرخص التي تسمح له بممارسة نشاط مهني.
إن الغرض من هذا الالتزام غامض، و يحتمل قراءتين: فإما ان يكون هدف هذا الإجراء وقائيا هو منع المتهم من استعمال البطاقات لمذكورة ليس إلا، و إما أن يكون الهدف منه منع ممارسة مهنة و في هذه الحالة يكون هذا الالتزام متداخلا مع الالتزام الذي ورد في البند (5) بعنوان: الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية.
4- الخضوع إلى بعض الفحوص العلاجية: (البند7) يجوز لقاضي التحقيق أمر المتهم بالخضوع إلى فحص طبي أو إلى علاج معين أو أي إجراء طبي آخر و لو اقتضى ذلك دخوله إلى المستشفى لا سيما من أجل إزالة التسمم.
ثانيا-الالتزامات السلبية:
وردت هذه الالتزامات في البنود: 1-2-5-6-8 من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري و تتمثل فيمايلي:
1-عدم مغادرة حدود إقليمية معينة:(البند1) و يهدف هذا الالتزام إلى ضمان بقاء المتهم تحت تصرف قاضي التحقيق حيث لا يجوز له مغادرة الحدود الإقليمية التي يحددها له قاضي التحقيق إلا بإذن منه.
2- عدم الذهاب إلى أماكن محددة:(البند2) يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من الذهاب إلى أماكن محددة، و يهدف هذا الإجراء أساسا إلى منع تردد المتهم على بعض الأماكن كالحانات، و محلات لعب القمار، و مكان ارتكاب الجريمة...الخ.
3- الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية:(البند5) لقاضي التحقيق أمر المتهم بعدم القيام ببعض النشاطات المهنية إذا كانت الجريمة قد ارتكبت أثناء أو بمناسبة ممارسة هذه النشاطات و كذا عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة.
4- عدم الاتصال بالغير:(البند6) يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من رؤية أشخاص يعينهم أو الاجتماع ببعضهم و يهدف هذا الإجراء أساسا إلى منع المتهم من الاتصال بشركائه في الجريمة و كذا بالشهود.
5- الامتناع عن إصدار الشيكات:(البند8) و هو التزام إضافي للامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية و يهدف هذا الالتزام المرفق بإيداع نماذج الصكوك لدى كتابة الضبط إلى الحظر على المتهم إصدار شيكات إلا بإذن من قاضي التحقيق، و هذا إما لمنعه من تنظيم إعساره و إما لتفادي تكرار فعل إصدار شيكات بدون رصيد.
و يجوز لقاضي التحقيق إعادة النظر في هذه الالتزامات بالإضافة أو الحذف أو التعديل، و يكون ذلك بموجب قرار مسبب غير قابل للاستئناف كما قضي في فرنسا، ويلاحظ على الالتزامات المذكورة هو أنها لم تتضمن مجموعة من الالتزامات الأخرى التي وردت في التشريعات المقارنة لسيما منها الفرنسي نذكر منها على وجه الخصوص:
حظر مغادرة مكان الإقامة أو المسكن، الامتناع عن حمل السلاح أو حيازته، الامتناع عن السياقة ، رغم ما لهذه الالتزامات من أهمية عملية وما تحققه من أغراض وقائية.
المبحث الثاني: مدة الرقابة القضائية وانتهاءها
المطلب الأول: مدة الرقابة القضائية
إن تنفيذ الرقابة القضائية يستوجب التطرق إلى بداية سريان الرقابة القضائية والاختصاص الإقليمي بشأنها حيث تنص المادة 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أنه: " تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق، وفي حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية".
يتبين من هذا النص أن الرقابة القضائية تسري ابتداء من التاريخ المحدد في قرار قاضي التحقيق الذي أمر بها ويبلغ هذا الأمر شفاهتا للمتهم الخاضع للرقابة القضائية من طرف قاضي التحقيق الذي يفترض أن يكون المتهم ماثلا أمامه سواء كان بواسطة استدعاء أو بموجب أمر ضبط واحضار وتدوم الرقابة القضائية مبدئيا مدة سير التحقيق وللمتهم أن يطلب رفع الرقابة القضائية ولابد لقاضي التحقيق أن يفصل في طلب المتهم بأمر مسبب في أجل 15 يوم ابتداء من يوم تقديم الطلب( )، واذا لم يفصل قاضي التحقيق في الأمر خلال هذه المهلة جاز للمتهم أو وكيل الجمهورية اللجوء الى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في أجل عشرين (20) يوما من تاريخ رفع القضية إليها.
أما في الاحالة أمام جهة الحكم فلا تنتهي الرقابة القضائية بل النص يقضي باستمرارها وبقائها الى أن ترفعها الجهة المحال عليها الملف، بعد ارسال مستندات القضية الى النائب العام، الى غاية مثول المتهم أمام الجهة القضائية المعنية (محكمة الجنح أو محكمة الجنايات).
وقد أجاز القانون لجهة الحكم أن تأمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية في حالة تأجيل الحكم في القضية من جلسة الى أخرى أو لأمر باجراء تحقيق تكميلي وفقا للمادة 125 مكرر 3 الفقرة الثانية.
المقدمة:
نتناول بالبحث والدراسة بعض الجوانب من مواد الإجراءات الجزائية وذلك بهدف التعرف على اتجاه المشرع من حماية الحقوق والضمانات القانونية واقتصرت معالجتها على نظام الحبس المؤقت والذي كان يعرف بالحبس الاحتياطي فالمشرع الجزائري أتى بالجديد لتدعيم الحقوق والضمانات وذلك بربط الحبس المؤقت بإصدار أمر وتنفيذ هذا الأمر عن طريق مذكرة إيداع المتهم بالحبس بالمؤسسة العقابية لإعادة التربية يصدرها قاضي التحقيق وهو الأمر الذي تضمنته التعديلات الجديدة والأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية بمقتضى القانون رقم 01-08 المؤرخ في 26-06-2001 وذلك باستبدال مصطلح الحبس الاحتياطي بالحبس المؤقت وكذلك بإعادة ترتيب شروط الحبس المؤقت بإضافة شرط جديد وأخيرا باتخاذ أمر بالحبس المؤقت حيث أن هذا الإجراء لا يمكن أن يتخذه القاضي إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية كما يشترط المشرع أن هذا الأمر يجب أن يكون مؤسسا وقابلا للاستئناف.
ووردت هذه التعديلات نظرا لأهمية وخطورة هذا الإجراء وكثرة اللجوء إليه فيبقى الحبس المؤقت –في الواقع- من الموضوعات الشائكة في فقه التشريع الإجرائي وفي مجال التطبيق العلمي ويوصف الحبس المؤقت بأنه إجراء ذو طبيعة استثنائية فقد تمخض عن القاعدة التي تقضي بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي ونشر الأمن في ربوع المجتمع مما يقضي تقرير حرية الفرد حتى ولو قبل تقرير إدانته فيمثل في الواقع العملي والفعلي تضحية في مثل تلك الحالات .
وفي المقابل فالقاعدة هي أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته بحكم قاطع وبات واجب التنفيذ حيث يصدر ضده وأيضا باعتبار أن الحرية هي روح الوجود وهو المبدأ الذي تضافرت الدول نحو تسجيله في كافة إعلانات الحقوق و الدساتير وفي غالبية التشريعات الإجرائية والقوانين فقد أضحى هذا المبدأ أصلا من الأصول الأساسية فيها لتأكيد الحرية.
فردد هذا المبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 كذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة عام 1961 وهذا وقد سارعت أيضا معظم الدساتير إلى النص صراحة على مبدأ أن الأصل في المتهم البراءة وهو ما تضمنه مختلف الدساتير الجزائرية من بينها دستور 1996 في المادة 47 منه.
ومن تلك الزاوية أضحى الحبس المؤقت يمثل نقطة نزاع جدلي بين سلطة التحقيق من جهة والدفاع من جهة أخرى لا سيما إذا انتفت مبرراته ووظائفه على اعتبار أن الأمر تنازعه –دائما- مصلحتين جوهريتين:
فمن ناحية الفرد يجب التسليم بأن كل إنسان بريء ومن ثم لا يجوز الجور على حريته أو الانتقاص من شأنها فالحرية هي عين الحياة وعدم الذود عنها يعد انتهاكا لمضمونها ومضامينها.
ومن ناحية الدولة حيث يجب إعمال مبدأ الحرص على الصالح العام والحيلولة دون تهديد أمن وسلامة المجتمع.
فقد تبين أن الحبس المؤقت يعد سياج لازم من أجل الحفاظ على أمن المجتمع فقد أجازه المشرع في الحالات استثنائية محددة قانونا حتى لا يكون لعبة بين يدي القضاة يستعملونها متى شاءوا وكأنه ورقة رابحة وحتى لا يكون هذا الإجراء روتينيا قاتلا للحريات الفردية.
وعليه فالإشكال الذي يطرح نفسه هنا هو مدى موازنة الحبس المؤقت بين مصلحة المجتمع في الوصول إلى الحقيقة وتوقيع العقاب والحريات الفردية التي أساسها البراءة وإن تعارضت هته المصالح فما هي البدائل الجديرة لهذا الإجراء لكي تكون الحل الأمثل له؟
نظرا لما تقدم سنتناول موضوع الحبس المؤقت ضمن أربع فصول كالآتي :
الفصل الأول:الحبس المؤقت والجهات المختصة بإصداره
الفصل الثاني:شروط الحبس المؤقت ومدته في التشريع الجزائري
الفصل الثالث: انتهاء الحبس المؤقت وكيفية التعويض عنه
الفصل الرابع:الإجراءات البديلة للحبس المؤقت.
المبحث الأول: تعريف الحبس المؤقت ومبرراته
المطلب الأول: تعريفه:
هناك عدة تعريفات للحبس المؤقت سنتطرق لكل تعريف على حدى
1-التعريف اللغوي: يعرف الحبس لغة:حبسّ حبسه حبسا-منعه وأمسكه وسجنه.
بمعنى احتجاز شخص في مكان محدد أو مغلق ولوجود رقابة عليه لمنعه من مغادرته( )
2-التعريف الاصطلاحي:من الملاحظ أن غالبية نصوص مواد التشريعات للإجراءات الجنائية في مختلف الدول لم تتناول تبيان ماهية الحبس المؤقت ولا حتى مجرد وضع تعريف محدد له بل اقتصرت على مجرد وضعه بأنه مجرد إجراء استثنائي من بين تلك الدول التي تناولت وصف الحبس المؤقت بأنه مجرد إجراء استثنائي المشرع الجزائري فتنص المادة 123 ق إ ج << الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير الكافية.....>>( )
أيضا المشرع السويسري عرف الحبس المؤقت في قانون العقوبات الفيدرالي السويسري بأنه:<<يعد حبسا احتياطيا كل حبس يؤمر به من خلال الدعوى الجزائية بسبب احتياجات التحقيق أو دواعي الأمن>>( )
كما عرفه الدستور اليوغسلافي الصادر سنة 1974 في المادة 178 على أنه <<لا يجوز القبض على أي إنسان يشتبه في ارتكابه جريمة أو حبسه احتياطيا إلا إذا كان هذا الإجراء ضروريا لسير إجراءات التحقيق الجنائي أو المحافظة على الأمن وتأمر به المحكمة بوصفه استثناء ووفقا للشروط التي يحددها القانون>>
كما نصت على الصفة الاستثنائية للحبس المؤقت كل من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي( ) والتونسي ( ) والمغربي( )
3-التعريف الفقهي: يختلف الفقه الجنائي في تعريفه للحبس المؤقت خاصة من حيث مداه ونطاقه وذلك انطلاقا من السلطة التي يخولها القانون للقاضي المحقق في الأمر به من حيث المدة التي يستغرقها أثناء التحقيق بعضه أو كله لحين صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى العمومية فيعرف إذن الحبس المؤقت بأنه: <<إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته>>( )
هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط يقررها القانون( )
حبس المتهم خلال فترة التحقيق الابتدائي أو إلى أن تنتهي بصدور حكم نهائي في الموضوع( )
إن هذه التعريفات تتفق جميعها مع الفكرة الأساسية التي يقوم عليها الحبس المؤقت وهو إيداع المتهم في الحبس لمدة محددة قانون وهو أيضا ما يتفق ومضمونه في القانون الجزائري باعتباره إجراء استثنائيا ولمدة محددة .
المطلب الثاني: مبرراته
إن الحبس المؤقت هو إجراء لمصلحة التحقيق وليس إجراء من إجراءات التحقيق مثل التفتيش أو القبض أو المعاينة إذن فمبررات الحبس المؤقت يجب ألا ينظر إليها إلا في حدود ما تحققه للكشف عن الحقيقة لأن التوسع في هذه المبررات قد يؤدي إلى المبالغة في الحبس المؤقت وقد نص المشرع الجزائري في المادة 123 فقرة 01 من ق إ ج على أنه إجراء استثنائي مما يؤكد أنه إجراء لمصلحة التحقيق كما نص على مبرراته في الفقرة الثانية من المادة 123( )والتي تتلخص فيما يلي:
1- إذا لم تكن التزامات الرقابة القضائية كافية.
2- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة.
3- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو الوسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة
4- عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو للوقاية من حدوثها من جديد وحمايته من غضب الرأي العام والضحية.
5- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها.
6- يسهل ويمكن الحبس المؤقت في إطار سياسة الدفاع الاجتماعي من إجراء فحص طبي أو نفسي لعلاج المتهم وتشخيص حالته.( )
وعلى هذا فإن هذه المبررات وضعها المشرع للاسترشاد بها والاعتماد عليها في أضيق نطاق فتوسيعه يؤدي إلى حبس كل المتهمين فمن لا يتوفر فيه المبرر يتوفر لديه المبرر الآخر وان الإصلاح التشريعي في الجزائر لا يراعي كل الاعتبارات العلمية ولا يقوم على التشاور المسبق والتنسيق الوثيق بين الجهة المعلنة والجهات المساعدة لها وبالتالي لن يؤدي إلى نتائج عكسية ولم يحقق الإصلاح المبتغى .
المبحث الثاني: الجهات المتخصصة بإصدار الأمر بالحبس المؤقت
المطلب الأول: جهة التحقيق –قاضي التحقيق
يقرر القانون الجزائري التحقيق على درجتين فجعل الأولى بواسطة قاض التحقيق في المواد 66/175 من ق إ ج والثانية بواسطة فرقة الاتهام كدرجة عليا في المواد 176-211إ ج وللحديث عن اختصاصات قاضي التحقيق التي تتنوع وتتعدد بحسب طبيعة الإجراء والغرض من مباشرته ومدى تعلقه بالمتهمين وفترة اتخاذه فهناك إجراءات يباشرها الغرض منها الحصول على الدليل وتمحيصه تسمى أعمال التحقيق وهناك إجراءات أخرى يباشرها المحقق الغرض منها الحصول على الدليل وتمحيصه تسمى أعمال التحقيق وهناك إجراءات أخرى يباشرها المحقق ولها طبيعة خاصة تسمى الأوامر وهي على نوعين أوامر يتخذها في مواجهة متهم معين كأمر بالقبض والأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية الغرض منها التمهيد للحصول على دليل الجريمة أو تأمينه وأوامر يتخذها عقب الانتهاء من التحقيق كالأمر بألا وجه للمتابعة والذي يهمنا هو النوع الأول من هذه الأوامر والمتمثل في أمر الوضع بالحبس المؤقت حيث كان قاضي التحقيق قبل التعديل يتمتع بسلطة واسعة لاتخاذ مذكرة إيداع المتهم بالحبس المؤقت ودون رقابة من أي جهة على هذا القرار الخطير الذي يمس بحرية الأفراد مما أدى إلى نوع من الإفراط في استعمال هذه الوسيلة القانونية.بما لا يتماشى ومبدأ الحبس المؤقت الذي يعتبر إجراء استثنائي يتخذ إلا في حالة توافر أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية فجاء التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بمقتضى المادة 123 منه التي أعادت صياغة المادة 123 من القانون القديم وذلك باستبدال مصطلح الحبس الاحتياطي بالحبس المؤقت وكذلك بإعادة ترتيب شروطه بإضافة شرط جديد وأخيرا باتخاذ أمر بالحبس المؤقت.
ففيما يتعلق بإعادة ترتيب شروط الحبس المؤقت فقد نصت المادة 123 من التعديل الجديد على أن الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي من جهة ومن جهة أخرى هو إجراء لا يمكن أن يتخذه القاضي حسب صياغة التعديل الجديد إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية وبتوافر إحدى الحالات التالية.
1-حالة ما إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر
ولم يبين المشرع في هذه الحالة المقصود من الموطن المستقر فهل يقصد به على مستوى الإقليم الجزائري أو يقصد به موطن بدائرة المحكمة المختصة وتحديد المشرع الجزائري للموطن بهذا المعنى قد يثير اشكالات من شأنها أن تؤدي إلى توسيع سلطات قاضي التحقيق في تفسير للموطن المستقر والموطن غير المستقر وبهذا المفهوم كلما تبين لقاضي التحقيق أن المتهم ليس له موطنا مستقرا فقد يصدر ضده أمرا بالحبس المؤقت.
فكان على المشرع أن يتبع ما سار عليه في مواطن أخرى في قانون الإجراءات الجزائية كالموطن أو الموطن المختار أو محل الإقامة وذلك حسب الأشكال والإجراءات المتبعة في التصريح باختيار موطن في دائرة اختصاص المحكمة.
2-حالة ما إذا لم يقدم المتهم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة
وهنا يثور التساؤل حول محتوى الضمانات التي يتطلبها المشرع والتي تؤدي باقتناع قاضي التحقيق في اتخاذ أو عدم اتخاذ إجراء الحبس المؤقت.
فهل هي تعني توافر موطن المتهم بدائرة اختصاص المحكمة أم بسوابقه القضائية أو بالنظر إلى مدى خطورة أو عدم خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم وهي جميعا تمثل إذا كانت إيجابية ضمانات مثول الشخص أمام العدالة باعتبار أن الضمانات المالية مستبعدة في التشريع الجزائري الحالي بالنسبة للمواطن الجزائري( )
3-حالة خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم:
لم يوضح المشرع في الحالة الأخيرة ما يعتبر من الأفعال الجد خطيرة ومالا يعتبر كذلك فهل يعتمد هنا على أساس التصنيف القانوني بالنظر إلى وصف الجرم مثلا من جناية إلى جنحة أو على أساس موضوعي من أفعال تمس بالأموال إلى أفعال تمس بالأشخاص أو على أساس المساس بالأمن العام من جرائم ضد أمن الدولة إلى أفعال موصوفة بالأعمال التخريبية والإرهابية وفي كل الحالات نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد بصورة دقيقة الحالات التي يمكن لقاضي التحقيق اتخاذ أمر الوضع بالحبس المؤقت مما يجعل هذا الأخير يتمتع بسلطة تقديرية واسعة الحدود لاتخاذ مثل هذا الأمر وبذلك انقلبت هذه الشروط التي في أصلها إيجابية إلى وجه سلبي من شأنها أن تقلل من قيمة الضمانات التي يمنحها القانون للمتهم.
أما فيما يتعلق بأمر الوضع بالحبس المؤقت فقد أتى المشرع بالجديد لتدعيم الحقوق والضمانات وذلك بربط الحبس المؤقت بإصدار أمر تنفيذا لهذا الأمر يتخذ قاضي التحقيق من جهة أخرى مذكرة ايداع المتهم بالحبس في مؤسسة إعادة التربية وعليه فإن الحبس المؤقت أصبح بمقتضى هذا التعديل يتم وفق إجراءين متميزين يكمن الأول في إصدار الأمر بالوضع بالحبس المؤقت أما الثاني فيتمثل في إصدار قاضي التحقيق المذكرة الإيداع المتهم بمؤسسة عقابية تنفيذا للأمر الأول بمعنى آخر أن مذكرة الإيداع لا يمكن إصدارها إلا بعد إصدار أمر الحبس ( ).
إلا أنه يمكن أن نخلص في هذا المجال على أن هذا الأمر هو عمل قضائي عكس المذكرة التي تكتسب طابعا إداريا غايتها الوحيدة هو تنفيذ الشق المادي للأمر وذلك باقتياد ووضع المتهم بالمؤسسة العقابية.
وبما أن الوضع بالحبس المؤقت هو عمل قضائي فقد اشترط المشرع أن يكون مؤسسا وقابلا للاستئناف وفي هذا السياق نصته المادة 123 مكرر بأنه << يجب أن يؤسس الأمر بالوضع بالحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123>> ويتبين من خلال المادة 123 من القانون الجديد أن المشرع قد ألزم قاضي التحقيق أن يؤسس الأمر على أحد الحالات التي سبق الإشارة إليها ويلاحظ في هذا الشأن أن المشرع قد وقع في نوع من الخلط بين التأسيس والتسبيب ( ).
فالتأسيس في نظر الفقه :هو بناء الحكم أو القرار أو الأمر على نص قانوني أما التسبيب :فهو تحليل القاضي للوقائع وظروفها للتوصل إلى تكييفها مع النص القانوني الذي يحكم الواقعة أو الفعل فحسب رأينا فكان عليه أن يأخذ بالتسبيب نظرا لشموليته حتى تتكون الجهة المختصة من ممارسة رقابتها على مضمون الأمر من حيث الوقائع ومن حيث القانون
وتتمثل هذه الرقابة في استئناف هذا الأمر من المتهم أو محاميه أمام غرفة الاتهام وذلك خلال مهلة ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه شفويا إلى المتهم وما يلاحظ أن هذا الاستئناف ليس له أثر موقف فيبقى المتهم في الحبس ينتظر قرار غرفة الاتهام بالسلب أو الإيجاب.
كما أن الأمر بالوضع بالحبس مؤقتا يتوقف على نوع الجريمة وجسامتها والعقوبة المقررة لها فقد تكون مدة الحبس المؤقت لا تتجاوز أربعة أشهر كأصل عام وبصفه استثنائية قد تكون أكثر أو أقل من ذلك( ).
ويمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بتمديد مدة الحبس المؤقت بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية ويشترط في هذا الأمر أن يكون مسببا.
المطلب الثاني:جهة التحقيق –غرفة الاتهام-
نظم المشرع الجزائري غرفة الاتهام في المواد من 176-211 فحدد لها مجال عملها باعتبارها من الجهاز القضائي الجنائي فتنص المادة 176 من ق إ ج <<تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل>>.
وعليه فغرفة الاتهام جهة في هرم القضاء الجنائي توجد على مستوى كل مجلس غرفة أو أكثر بحسب الأحوال إذ يمكن أن يوجد على مستوى المجلس الواحد أكثر من غرفة اتهام واحدة وذلك بحسب ما تقتضيه ظروف الحال وتختص غرفة الاتهام بمجموعة من الاختصاصات باعتبارها جهة تحقيق عليا
وتتشكل غرفة الاتهام من رئيس ومستشارين يعينون بقرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات (المادة 176ق إ ج) وتمثل النيابة العامة لدى غرفة الاتهام النائب العام أو أحد مساعديه –النائب العام المساعد الأول أو أحد النواب العامون المساعدين-ويقوم بكتابة الضبط فيها أحد كتبة ضبط المجلس القضائي المادة 177إ ج ( ).
تعقد غرفة الاتهام جلساتها باستدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النيابة العامة كلما رأت ضرورة لذلك وهذا يعني أن انعقاد غرفة الاتهام يتحدد بمدى وجود ضرورة لذلك حسب المادة 178 من ق إ ج ( ) وتتولى النيابة العامة ممثلة في النائب العام أو مساعده باحترام-باحترام التدرج الهرمي لجهاز النيابة العامة في كل هيئة جنائية تهيئة القضية خلال مهلة خمسة أيام على الأكثر ويقدمها لها لتصدر حكمها في أقرب الآجال فمثلا يحدد القانون وبالنسبة للحبس المؤقت لغرفة الاتهام مهلة (30)ثلاثين يوما تحسب من تاريخ الاستئناف المرفوع إليها للبت في الطلب حسب المادة 127إج "فإذا لم يبت قاضي التحقيق في الطلب –طلب الإفراج من المتهم أو محاميه-في المهلة المحددة في الفقرة الثالثة فالمتهم أن يرفع طلبه مباشرة غرفة الاتهام لكي تصدر قرارها فيه بعد الاطلاع على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام وذلك في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ الطلب وإلا تعين الإفراج المؤقت عن المتهم...>>.
*خصائص الإجراءات أمام الغرفة:يتميز عمل غرفة الاتهام بمجموعة خصائص يمكن إجمالها في
ما يلي:
1-السرعة في اتخاذ الإجراءات:
وتتجلى مظاهر السرعة في الإجراءات أمام غرفة الاتهام في تحديد قانون الإجراءات الجزائية لمواعيد قصيرة تعرض عليها القضايا خلالها من جهة ومن جهة أخرى مواعيد يقرر القانون وجوب البت فيما يعرض عليها خلالها وإلا ترتب عنها أثر قانوني يقرره حسب نص المادة 179إج ( ).
2-التدوين أو الكتابة:
تتضح هذه الخاصية من خلال التزام الخصوم بتقديم طلباتهم في مذكرات مكتوبة يطلعون عليها النيابة العامة والخصوم آخرين وتودع هذه المذكرات لدى قلم كتاب الغرفة فيؤشر عليها الكاتب مع ذكر يوم وساعة الإيداع وهذا ما يبرر منع القانون الخصوم متى حضروا من إبداء ملاحظاتهم الشفوية تدعيما لطلباتهم الكتابية وأنه يجوز للغرفة استحضار الخصوم شخصيا وتقديم أدلة الاتهام بحضور محاميهم تطبيقا لأحكام المادتين 183-184إج .
3-الحضورية:
تتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بجوار حضور الأطراف في جلساتها وهو ما تقرره المادة 184إج ويقرر القانون أن النائب العام يقوم بتبليغ الخصوم ومحاميهم بتاريخ الجلسة لنظر القضية بكتاب موصى عليه ويوضع الملف مشتملا على طلبات النيابة العامة لدى قلم كتاب الغرفة لتمكين الخصوم ومحاميهم من الإطلاع عليه المادة 182إج.
وتفصل غرفة الاتهام القضية المعروضة عليها مجتمعة في غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار المنتدب والنظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام والمذكرات من الخصوم وهذا يعني أن الفصل فيما يعرض على غرفة الاتهام يتم في سرية بالنسبة للجمهور وتجري غرفة الاتهام مداولاتها بغير حضور ممثل النيابة والخصوم والكاتب والمترجم إن وجد لأن حضور المداولة يقتصر على قضاة الغرفة وحدهم فتنص المادة 185إج :"تجرى مداولات غرفة الاتهام بغير حضور النائب العام والخصوم ومحاميهم والكاتب والمترجم".
*سلطات غرفة الاتهام:تعد غرفة الاتهام في حد ذاتها من الضمانات الأساسية التي شرعها القانون لمصلحة المتهم بحيث لا يصح حرمانه من عرض قضيته عليها نظرا لأنها تتوافر على أهم ضمانات التقاضي( ) والملاحظ هو اتساع سلطات غرفة الاتهام وتعددها لكن موضوع دراستنا هو الحبس المؤقت ولذلك سنتطرق لصلاحيات غرفة الاتهام فيما يتعلق بالحبس المؤقت والتي تتجلى من خلال الحالات الآتية:
الحالة الأولى:ظهور أدلة جديدة
طبقا لنص المادة 175ق إ ج"المتهم الذي صدر بالنسبة إليه أمر من قاضي التحقيق بألا وجه للمتابعة لا يجوز متابعته من أجل الواقعة نفسها ما لم تطرأ أدلة جديدة.وتعد أدلة جديدة أقوال الشهود والأوراق والمحاضر التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شأنها تعزيز الأدلة التي سبق أن وجدها ضعيفة أو أن من شأنها أن تعطى الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة.
وللنيابة العامة وحدها تقرير ما إذا كان ثمة محل لطلب إعادة التحقيق بناء على الأدلة الجديدة "من خلال النص السالف الذكر نستشف أن المتهم الذي صدر في حقه أمر بألا وجه للمتابعة لا يمكن متابعته مرة أخرى من أجل نفس الواقعة ويجوز في هذه الحالة لرئيس غرفة الاتهام أن يصدر بناء على طلب النائب العام أمرا بالقبض على المتهم أو حبسه حبسا مؤقتا بتوافر الشروط التالية:
1-صدور قرار مسبق من غرفة الاتهام في نفس الموضوع وبسبب نفس الوقائع يقضي بألا وجه لمتابعة المتهم وظهور أدلة جديدة ضدّ نفس المتهم المستفيد من هذا القرار المادة 175إ ج( ).
2- تقديم طلب إصدار الأمر بالقبض أو الإيداع من نائب العام شخصيا أو من ممثله لدى المجلس القضائي إلى رئيس غرفة الاتهام شخصيا وفي نفس إطار القضية ونفس المتهم.
3-استناد النائب العام في طلبه على وثائق تشتمل على أدلة هامة جديدة وبتوافر الشروط السابقة مجتمعة فإنه يجوز لرئيس غرفة الاتهام أن يصدر أمرا بالقبض على المتهم وإيداعه الحبس بطلب من النائب العام وريثما تنعقد غرفة الاتهام وهذا طبقا لنص المادة 181من ق إ ج.
الحالة الثانية: نظر الطعون المقدمة ضدّ أوامر قاضي التحقيق
حسب المواد 170-171-172-173من ق إ ج أعطت الحق لأطراف الخصومة باستئناف أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام ويتعين على هذه الأخيرة أن تفصل في هذا الاستئناف من خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاستئناف والإفراج عن المتهم تلقائيا طبقا للمادة 127فقرة 2من ق إ ج.
وفي حالة الطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام وذلك فيما يخص الحبس المؤقت فيجب على النائب العام إجبار الأطراف ومحاميهم بتاريخ الجلسة المقررة للنظر في الطعن الصادر من المتهم أو النيابة أو الطرف المدني بموجب كتاب مضمون الوصول ثم إيداع الملف لدى كاتب الضبط بغرفة الاتهام مصحوبا بطلباته الكتابية ويجب تبليغ محامي المتهم والمدعي المدني بقرار غرفة الاتهام.
كما تتمتع غرفة الاتهام بسلطة الرقابة والإشراف على إجراءات التحقيق الابتدائي وهذا وفقا لما نصت عليه المادة 191من ق إ ج( ) وبمقتضاها فإنه يناط بغرفة الاتهام مهمة مراجعة الإجراءات التحقيق ومراقبة صحة وسلامة كل إجراء .
كما تقرر غرفة الاتهام البطلان كجزاء موضوعي نتيجة تخلف شروط صحة الإجراء كلها أو بعضها من شأنه أن يرتب عدم إنتاجه لآثاره القانونية ذلك أن القواعد الإجرائية وضعت بغرض الكشف عن حقيقة الجريمة والمساهمين في ارتكابها بما يضمن للمتهم حقوقه وحرياته الأساسية مما يتطلب عند عدم احترام الأشكال القانونية أو مخالفتها توقيع الجزاء الموضوعي (البطلان)وقد نظم القانون البطلان بأسلوبين مرة يرتبه صراحة في حالة توافر أسبابه المحددة في القانون تحديدا دقيقا وهو ما يطلق عليه البطلان المطلق ويكون في حالات معينة منها:
بطلان التفتيش خرقا لحكم المادتين 45-47ق إ ج حسب المادة 48إج.
بطلان الاستجواب الذي يتم خرقا لحكمي المادتين100-105ق إ ج حسب المادة 157إج.
ومرة أخرى يرتبه عند مخالفة الأحكام الجوهرية وهي حالات غير محددة وورد ذلك في نص المادة 159فقرة (01)ق إ ج( ).
والملاحظ أن المشرع الجزائري يعتنق مذهب البطلان النسبي لأنه سمح للمعني بالأمر أن يتنازل صراحة عن حقه في التمسك بالبطلان فلا يكفي سكوت المتهم مثلا عن تمسكه بالبطلان فتنص الفقرة (02) من المادة 157إ ج:"ويجوز للخصم الذي لم تراعي في حقه أحكام هذه المواد أن يتنازل عن التمسك بالبطلان ويصحح بذلك الإجراء ويتعين أن يكون التنازل صريحا ولا يجوز أن يبدي إلا حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونا".
الحالة الثالثة: إجراء تحقيق تكميلي
تنص المادة 187ق إ ج على:"يجوز لغرفة الاتهام أن تأمر من تلقاء نفسها أو بناء على طلبات النائب العام بإجراء التحقيقات بالنسبة للمتهمين المحالين إليها بشأن جميع الاتهامات في الجنايات والجنح والمخالفات أصلية كانت أو مرتبطة بغيرها الناتجة من ملف الدعوى والتي لا يكون قد تناول الإشارة إليها أمر الإحالة الصادر من قاضي التحقيق أو التي تكون قد استبعدت بأمر يتضمن القضاء بصفة جزئية بألا وجه للمتابعة أو بفصل جرائم بعضها عن البعض أو إحالتها إلى الجهة القضائية المختصة.
ويسوغ لها إصدار حكمها دون أن تأمر بإجراء تحقيق جديد إذا كانت أوجه المتابعة المنوه عنها في الفقرة السابقة قد تناولتها أوصاف الاتهام التي أقرها قاضي التحقيق ".
حيث من خلالها حول القانون لغرفة الاتهام سلطة إجراء تحقيق تكميلي سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من النائب العام بشأن المتهمين المحالين إليها وبشأن جميع التهم والوقائع المطروحة عليها.
كما تقوم غرفة الاتهام بفحص أوراق ومستندات القضية للتأكد مما إذا كانت التحقيقات التي قام بها قاضي التحقيق ناقصة أو غامضة وهو ما يستدعي لجوء غرفة الاتهام إلى إجراء تحقيق تكميلي كسماع الشهود –وإجراء الخبرة-استجواب المتهم.........وغيرها من الإجراءات القانونية التي تساعد على كشف الحقيقة.
يمكن لغرفة الاتهام أن تكلف أحد أعضائها أو تندب قاضي التحقيق لكي يقوم بمهمة إجراء تحقيق تكميلي ( ) كما لا يمكن أن تفوض لهما سلطة الأمر بالحبس المؤقت وطبقا لنص المادة 189:"يجوز لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة190( )إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق شأنهم صدور أمر نهائي بالأوجه للمتابعة ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض".
الحالة الرابعة:الحكم بعدم الاختصاص بعد الإفراج المؤقت
يجوز لغرفة الاتهام أن تصدر أمرا بإيداع المتهم في الحبس المؤقت في حالة عدم الاختصاص الصادر عن جهة الحكم.
1-إذا استدعى المتهم للحضور بعد الإفراج عنه بموجب قرار قضائي ولكنه لم يحضر أمام القاضي التحقيق ولا أمام قاضي الحكم.
2- إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه مؤقتا وذلك إلى حين رفع الدعوى إلى الجهات القضائية المختصة.
الحالة الخامسة:حالة الأمر بالتحفظ على المتهم في السجن
الأمر بالتحفظ هو أمر له صلاحية ضبط المتهم المحال على المحكمة الجنايات واقتياده إلى المؤسسة العقابية حيث سيحبس هناك حبسا مؤقتا إلى غاية مثوله أمام قاضي هذه المحكمة وإصدار حكم نهائي بشأن موضوع الدعوى المتابع من أجلها فإذا أدانته المحكمة وقضت بعقوبته فإنه سيبقى محبوسا إلى غاية انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه أما إذا حكمت ببراءته أو بعقوبة بدنية موقوفة التنفيذ فإنه سيطلق سراحه ويفرج عنه في الحال وهذا حسب المادة 198ق إ ج التي تنص على :" يتضمن قرار الإحالة بيان الواقع موضوع الاتهام ووصفها القانوني وإلا كان باطلا وفضلا على ذلك فإن غرفة الاتهام تصدر أمرا بالقبض الجسدي على المتهم المتابع بجناية مع بيان هويته بدقة ينفذ هذا الأمر في الحال مع مراعاة أحكام المادة 137( ) من هذا القانون ويحتفظ بقوته التنفيذية ضدّ المحبوس لحين صدور حكم محكمة الجنايات"( ).
المبحث الأول: شروطه
المطلب الأول:الشروط الموضوعية
تتمثل الشروط الموضوعية لإصدار الأمر بالحبس المؤقت في:
أولا-الجرائم التي يجوز فيها الحبس المؤقت:
نظرا لخطورة الحبس المؤقت على الحقوق والحريات ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب أن تكون الجريمة على درجة معينة من الخطورة وبالتالي تتوقف سلطة قاضي التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت على نوع الجريمة وجسامتها وبما يقرره القانون لها من عقوبة( ) فلا يجوز الحبس أصلا إلا في الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين فتنص المادة 118 في فقرتها الأولى من ق إ ج :"لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة بإيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم وإذا كانت الجريمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو أية عقوبة أخرى أشد جسامة"
وعليه تستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والمخالفات عموما فلا يجوز فيها الحبس المؤقت (المادتين124،125ق إ ج وكذلك المادتين 5-27ق ع ).
ثانيا- توافر الدلائل القوية والمتماسكة:
وهي دلائل تعرف أيضا بالدلائل الكافية وهي أمور يدل وجودها على توافر عناصر تكفي سندا الاتهام الفرد أو هي شبهات تحيط بالواقعة والمجرم فتؤدي إلى الاعتقاد بنسبة تلك الواقعة للمتهم والمتفق عليه أن الدلائل القوية والمتماسكة يجب أن تتوافر في حق الشخص المراد حبسه مؤقتا المتهم بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وهي دلائل تبنى على أنه ساهم في ارتكاب الجريمة فاعلا أو شريكا طبقا للأحكام العامة للمساهمة الجنائية الواردة في المادة 41 وما يليها من قانون العقوبات والدلائل القوية والمتماسكة شرط أساسي لم ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية صراحة عند تنظيمه للحبس المؤقت إلا أنه شرط يستخلص من نص المادتين 51 فقرة 4-3 والمادة 89ق إ ج فالمادة الأولى تقرر في فقرتها الثالثة بأنه لا يجوز التوقيف إلا للمدة اللازمة لسماع الأشخاص الذين لم تتوافر في حقهم دلائل من شأنها ترجيح ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها أما فقرتها الرابعة فتقرر أن القبض بواسطة ضباط الشرطة القضائية مشروط بتوافر الدلائل القوية والمتماسكة والمادة 89ربطت قيام الاتهام بوجوب توافر الدلائل القوية والمتماسكة كما تنص المادتين 163( )-195( ) التي تقرر كل منهما أنه في حالة عدم توافر الدلائل الكافية ضدّ المتهم وجب على جهة التحقيق أن تصدر أمرا بألا وجه للمتابعة.
وبالتالي فمن المنطقي أن تكون الدلائل القوية والمتماسكة شرطا في كل أمر بالحبس المؤقت يأمر به قاضي التحقيق سواء ورد في القانون صراحة أم لم يرد باعتبارها الدلائل الكافية قيد على السلطة التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت لأنه إذا كان لا يجوز التوقيف للنظر ولا القبض على المشتبه فيه إلا إذا توافرت في حقه الدلائل الكافية و إن عدم توافر هذه الأخيرة تجعل سلطة التحقيق تصدر أمرا بألا وجه للمتابعة فمن باب أولى يجب اعتبارها شرطا في الأمر بالحبس المؤقت وعليه فالقاعدة أنه لا حبس بدون اتهام ولا اتهام بدون توافر الدلائل القوية والمتماسكة.
ثالثا-لا يكون الوضع رهن الحبس المؤقت إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية وهو ما ورد ذكره في المادة 123 ق إ ج التي حددت الأسباب التي يبنى عليها الأمر بالإيداع بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية.
رابعا-لا يجوز الحبس المؤقت في الجرائم التي تقع بشأن جنح الصحافة أو الجنح وذات الصبغة السياسية أو الجرائم التي تخضع المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاصة وإذا كان الأشخاص المشتبه فيهم قاصرين لم يكملوا الثامنة عشرة أو بشأن أشخاص معرضين لحكم بعقوبة الاعتقال طبقا للفقرة الثالثة من المادة 59ق إ ج
خامسا-استجواب المتهم:
لا يجوز الأمر بحبس المتهم مؤقتا إلا بعد استجوابه ولو لمرة واحدة لأن الاستجواب إجراء جوهري يسمح فيه للمتهم بالإطلاع على الوقائع المسندة إليه طبقا لما هو مقرر في المادة 100ق إ ج وإبداء أوجه دفاعه أمام قاضي التحقيق من خلال مناقشته في التهمة الموجهة ومواجهته بالأدلة القائمة ضده ومطالبته بإبداء رأيه فيها( ).
والذي قد يسمح للقاضي بتقدير مدى الحاجة للأمر بالحبس المؤقت ويستخلص هذا القيد من الأحكام التي تضمنتها المواد المنظمة للأمر بإحضار المتهم والقبض عليه وإيداعه في مؤسسة عقابية فتقرر المادة 118ق إ ج :"لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم".
ولطالما أن الحبس المؤقت لا يكون إلا بناء على أمر إيداع صادر عن قاضي التحقيق طبقا للفقرة الرابعة من نفس المادة التي تنص على أنه:"لا يمكن إصدار مذكرة الإيداع إلا تنفيذا للأمر المنصوص عليه في المادة 123 مكرر من هذا القانون" فإنه يسبق أي حبس مؤقت استجواب المتهم أولا" .
المطلب الثاني:الشروط الشكلية لأمر الإيداع
تنص المادة 109فقرة 02 من ق إ ج :"ويتعين أن يذكر في كل أمر نوع التهمة وموارد القانون المطبقة مع إيضاح هوية المتهم ويؤرخ الأمر ويوقع عليه من القاضي الذي أصدره ويمهر بختمه"
من خلال المادة السالفة الذكر وحتى أوامر سلطات التحقيق قانونية وصحيحة منة حيث شكلها وموضوعها ولإضفاء الصبغة الرسمية والقوة التنفيذية على هذه الأوامر ينبغي أن يتوفر الأمر بالحبس على عدة شروط شكلية تتمثل في اشتمالة على جميع البيانات التي أوجبها القانون والتي تتلخص
فيما يلي:
أولا: أن تتضمن أمر الحبس المؤقت تحديد هوية المتهم تحديدا دقيقا بحيث يذكر اسمه ولقبه وتاريخ ومكان ولادته واسم ولقب والديه وعنوان مسكنه أو محل إقامته العائلية إن أمكن.
ثانيا:تحديد نوع الجريمة المنسوبة إلى المتهم وتعيين طبيعتها ووصفها القانوني وقت المتابعة والإشارة إلى التأسيس القانوني لهذه الجريمة.
ثالثا:ذكر تاريخ صدور الأمر بالحبس المؤقت بالأرقام والحروف حتى نتمكن من احتساب مدة الحبس المؤقت وكذلك معرفة الجهة المختصة وقت إصداره.
رابعا:إمهاره بتوقيع وختم قاضي التحقيق الذي أصدره.
خامسا:التأشير عليه من وكيل الجمهورية الذي سيعمل على تنفيذه وهذا الأمر الصادر عن قاضي التحقيق يكون ساري المفعول ونافذا في جميع أنحاء التراب الجزائري وهو ما نصت عليه المادة 109فقرة 03 ق إ ج .
فما حكم الأمر بالحبس المؤقت في حالة تخلف بيان أو أكثر من البيانات السابقة؟وهل يكون أثر هذا التخلف للبيان بطلانا مطلقا أم نسبيا(الأمر بالحبس المؤقت)؟
لم يتطرق المشرع الجزائري في المادة 109 عند ذكره للبيانات أو الشروط الشكلية الأمر بالحبس المؤقت إلى حالة تخلفها وإلى أن إغفالها وعدم احترامها يكون سببا للبطلان فلم يذكر بأنها بيانات تجب مراعاتها تحت طائلة البطلان وهو الأمر الذي أدى بالأستاذ عبد العزيز سعد إلى الاعتقاد بأن إغفال أو نسيان أحد هذه البيانات المذكورة لا يستلزم بالضرورة بطلان أمر الإيداع بالحبس المؤقت بطلانا مطلقا وإنما يستلزم فقط توقيف تنفيذه إلى غاية تدارك البيان أو الشرط المنسي وتكميله قبل الشروع في التنفيذ قبل تعديل جوان 2001 طرحت إشكالية عدم تسبيب أمر الحبس المؤقت وهو ما برر سهولة إصدار دون إلزام بالتسبيب وهو ما يتعارض مع مبدأ أن الحبس المؤقت إجراء استثنائي مما أدى إلى تيسيره وكثرة اللجوء إليه( ) .
وبصدور التعديل بالتاريخ 26جوان-2001 الق رقم 01-08 أصبح تسبيب أمر الحبس المؤقت واجبا إذ تنص المادة 123 مكرر :"يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون" وكذلك في حالة تمديد مدة الحبس المؤقت يجب أن يسبب ذلك التمديد وبالتالي فتعديل جوان 2001 أقر بتسبيب أمر الوضع في الحبس المؤقت مما يؤدي إلى تحقيق أكبر الضمانات للمتهم والحد من اللجوء لهذا الإجراء الاستثنائي.
المبحث الثاني: احتساب المدة وتمديدها
يتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة والعقوبة المقررة لها وعملا بحكم المادتين 124-125 ق إ ج فإن حبس المتهم مؤقتا على ذمة التحقيق يجب أن يكون لفترة محددة سلفا وهي سلطة لقاضي التحقيق كما له سلطة تمديد الحبس المؤقت بحسب الأحوال.
المطلب الأول:مدة الحبس المؤقت في الجنح وتمديدها
ونفرق بين الحالتين فقد تدوم مدة الحبس المؤقت مبدئيا أثناء سير التحقيق كما أنه يمكن أن يستمر الحبس المؤقت إلى ما بعد غلق ملف التحقيق
أولا-دوام مدة الحبس المؤقت مدة سير التحقيق في الجنح:
فالأصل أن مدة الحبس في مواد الجنح هي أربعة أشهر غير أنه واستثناء يمكن أن تكون أقل أو أكثر بحسب جسامة الجريمة بحيث تكون عشرين يوما في بعض الجرائم وتبلغ ثمانية أشهر في الجرائم الأخرى( ).
1-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت عشرين يوما: تنص المادة 124إ ج:"لا يجوز في مواد الجنح إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون هو الحبس أقل من سنتين أو يساويهما أن يحبس المتهم المستوطن بالجزائر حبسا مؤقتا أكثر من عشرين يوما منذ مثوله أول مرة أمام القاضي التحقيق إذا لم يكن قد حكم عليه من أجل جناية أو بعقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام".
وعليه وعملا بالمادة 124 إ ج يجوز حبس المتهم حبسا مؤقتا لمدة عشرين يوما غير قابلة للتجديد يخلي سبيله بعد انقضائها تلقائيا وهو الحبس لا يجوز إلا في الجنح المعاقب عليها بعقوبة الحبس لمدة أقصاها سنتين بشروط:
أ-أن يكون المتهم المراد حبسه متوطنا بالجزائر لأنه إن كان من غير المقيمين في الجزائر جاز حبسه أربعة أشهر
ب-ألا يكون المتهم قد حكم عليه سابقا من أجل جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس تزيد على ثلاثة أشهر نافذة أي بغير إيقاف التنفيذ لأن من شأن الحكم عليه سابقا بعقوبة حبس أكثر من ثلاثة أشهر نافذة جاز لقاضي التحقيق الأمر بحبسه مؤقتا مدة أربعة أشهر.
وفي حال اجتماع وتوافر هذه الشروط لا يجوز حبس المتهم مؤقتا أكثر من 20يوما( )
2- الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر: تنص المادة 125ق إ ج :"في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 124لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر في المواد الجنح" وعليه تكون مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر غير قابلة للتمديد في الحالات التالية :
*إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هي الحبس لمدة تفوق سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات كما هو الحال بالنسبة لجنح القتل الخطأ وخيانة الأمانة والتزوير في الوثائق الإدارية( ).
*إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس أكثر من عامين وكان قد سبق الحكم على المتهم بالحبس لمدة ثلاثة أشهر ولم يتوافر شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 124من ق إ ج( ).
3-الجنح التي تكون فيها مدة الحبس المؤقت ثمانية أشهر
وضع القانون حدا فاصلا بين نوعين من الجنح يجوز فيها تمديد الحبس وأخرى لا يجوز فيها وذلك بوضع حد أدنى للعقوبة لا يجوز تمديد الحبس بشأنها فينص على جواز تمديد الحبس المؤقت في الجنح المعاقب عليها بعقوبة تزيد على ثلاث سنوات مرة واحدة بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب حسب المادة 125إ ج وعليه فإن الحبس المؤقت في الجنح المعاقب عليها بثلاث سنوات أو أقل من ذلك لا يجوز فيها تمديد الحبس أصلا فيخلى سبيل المتهم المحبوس تلقائيا بمجرد انقضاء مدة حبسه الأصلية التي أمر بها القاضي التحقيق وبالتالي ينحصر تمديد الحبس المؤقت في الجنح التي يعاقب عليها القانون بأكثر من ثلاثة سنوات حبسا.
ثانيا:استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنح تنص المادة 164إج :"إذا رأى القاضي أن الوقائع تكون مخالفة أو جنحة أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة وإذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بقي محبوسا إذا كانت العقوبة هي الحبس ومع مراعاة أحكام المادة124".
وكذلك تنص المادة 165:"إذا أحيلت الدعوى إلى المحكمة يرسل قاضي التحقيق الملف مع أمر الإحالة الصادر عنه إلى وكيل الجمهورية ويتعين على الأخير ان يرسله بغير تمهل إلى قلم كتاب الجهة القضائية ويقوم وكيل الجمهورية بتكليف المتهم الحضور في أقرب جلسة قادمة أمام الجهة القضائية المختصة مع مراعاة مواعيد الحضور، وإذا كان المتهم في حبس مؤقت يجب أن تنعقد الجلسة في أجل لا يتجاوز شهرا".
ونستخلص من الأحكام المادتين164-165إ ج أن المتهم المحبوس مؤقتا يبقى في الحبس مع مراعاة أحكام المادة 124من ق إ ج إلى غاية مثوله أمام المحكمة بالنسبة للمتهم بجنحة على أن لا تتجاوز هذه المدة شهرا من تاريخ صدور الأمر بإحالة المتهم أمام المحكمة.
وإذا كان المشرع قد حدد أقصى أجل لاستمرار سريان الحبس المؤقت وهو شهر من تاريخ صدور الإحالة إلى محكمة الجنح فإنه يترتب على عدم احترام هذا الأجل أية نتيجة مما يفقد حكم المشرع فاعليته ولضمان فاعلية أكبر للحكم كان على المشرع أن ينص صراحة في فقرة إضافية على انتهاء مفعول الحبس المؤقت بانقضاء شهر من تاريخ صدور أمر الإحالة على المحكمة.
المطلب الثاني: مدة الحبس المؤقت في الجنايات
لقد لاحظنا أن المشرع الجزائري قد اعتمد التقسيم القديم في التمييز بين الجنح والجنايات مع إدراج مفاهيم جديدة لتصنيف الجنايات تارة على أساس الحد الأقصى للعقوبة وتارة أخرى على أساس طبيعة الجرم وتارة ثالثة على أساس الامتداد الإقليمي للجريمة
أولا-دوام مدة الحبس المؤقت طوال فترة التحقيق في الجنايات:
لقد أدخل القانون الجديد رقم 08-01 المؤرخ في 26 جوان 2001 تعديلات جديدة على مدة الحبس المؤقت بحيث تكون مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة (4) أشهر غير أنه يجوز لقاضي التحقيق تمديده وكذا لغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق وذلك ضمن شروط معينة وحسب طبيعة الجريمة والعقوبة المقررة لها .
1-جرائم القانون العام:
الأصل: أن مدة الحبس في الجنايات أربعة أشهر طبقا للمادة 125/01 ق إ ج والتي تنص على:"مدة الحبس المؤقت في المادة الجنايات أربعة أشهر غير أنه إذا اقتضت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب أن يصدر أمرا مسببا بتمديد الحبس المؤقت للمتهم مرتين لمدة أربعة أشهر في كل مرة".
الاستثناء:
إذا اقتصرت الضرورة يجوز لقاضي التحقيق ولغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت ( ) وفقا للشروط التالية:
قاضي التحقيق:
لقاضي التحقيق استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بموجب أمر مسبب وذلك على المسار التالي:
• الجنايات المعاقب عليها بالحبس المؤقت من 05إلى 10سنوات يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت مرتين أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت 12 شهرا.
• الجنايات المعاقب عليها بعقوبة السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام يجوز لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت ثلاث مرات أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت 16 شهرا( )
غرفة الاتهام:
يمكن لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لمدة أربعة أشهر أخرى غير قابلة للتجديد وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 125 فقرة 04 من ق إ ج والتي تنص على:"كما يجوز لقاضي التحقيق وفق نفس الأشكال المبينة في المادة 125-01 أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس كما يمكن تجديد هذا الطلب مرتين"
من خلال النص السابق نستخلص الشروط التالية:
• أن يكون التمديد بطلب مسبب من قاضي التحقيق.
• أن يرسل الطلب مرفوقا بأوراق الملف إلى غرفة الاتهام عن طريق النيابة العامة وذلك في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس المؤقت.
• أن تبت غرفة الاتهام في الطلب قبل انتهاء مدة الحبس الجاري.
• فإذا ما استجابت غرفة الاتهام إلى طلب قاضي التحقيق وقررت تمديد الحبس المؤقت فقد تصل
مدته القصوى إلى 16 شهرا في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 05إى 10 سنوات وإلى 20شهرا في الجنايات المعاقب عليها بعقوبة أشد.
2- في بعض الجرائم الخاصة
الأصل: تكون مدة الحبس المؤقت في الجنايات أربعة أشهر.
الاستثناء: عند الضرورة يمكن لقاضي التحقيق وكذا الغرفة الاتهام بطلب من قاضي التحقيق تمديد مدة الحبس المؤقت وفقا للشروط التالية:
1- قاضي التحقيق:
ويمكن له استنادا لعناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب تمديد الحبس المؤقت بأمر مسبب على النحو التالي:
• الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وهي الجنايات المنصوص عليها في المواد 87 مكرر و 87 مكرر 7من قانون العقوبات إذا تعلق الأمر بالحبس المؤقت بجنايات موصوفة بالأفعال الإرهابية
أو التخريبية يجوز لقاضي التحقيق تمديده خمس مرات في كل مرة أربعة أشهر فتنص المادة 125مكرر:"عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية
يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-01 أعلاه أن يمدد الحبس المؤقت خمس مرات " بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت كحد أقصى 24 شهرا .
ويلاحظ أن المشرع الجزائري لم يأخذ بمعيار العقوبة المقررة قانونا للجريمة لتحديد نسبة التمديد وإنما أخذ بطبيعة الجريمة.
فعقوبة السجن المؤقت من 05إلى 10 سنوات وعقوبة الإعدام هي العقوبة المقررة قانونا للجنايات الموصوفة بالأفعال الإرهابية مثل: بيع الأسلحة البيضاء أو شراءها وتوزيعها واستعمالها لأغراض غير قانونية طبقا لنص المادة 87 مكرر 5 من ق إ ج التي تنص على:"يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة مالية 100.000دج إلى 500.000دج كل من يعيد عمدا طبع أو نشر الوثائق أو المطبوعات أو التسجيلات التي تشيد بالأفعال المذكورة في هذا القسم".
أما المادة 87 مكرر 7 ق ع فتنص على:" يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة مالية من 500000.دج إلى 1000.000 دج كل من يحوز أسلحة ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها أو يحملها أو يتاجر فيها أو يستوردها أو يصدرها أو يصنعها أو يصلحها أو يستعملها دون رخصة من السلطة المختصة.
يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة عندما تتعلق هذه الأخيرة بمواد متفجرة أو أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها".
*الجنايات العابرة للحدود:
بالنسبة للجنايات العابرة للحدود الجزائرية يمكن تمديد الحبس المؤقت إحدى عشرة مرة في كل مرة أربعة أشهر فتنص المادة 125 مكررق إ ج في فقرتها الثانية والثالثة:" عندما يتعلق الأمر بجناية عابرة للحدود الوطنية يجوز لقاضي التحقيق وفق الأشكال المبينة في المادة 125-01 أعلاه أن يمدد الحبس المؤقت بإحدى عشرة مرة " " كل تمديد للحبس المؤقت لا يمكن أن يتجاوز أربعة أشهر في كل مرة " من خلال النص يتضح أنه لقاضي التحقيق تمديد الحبس المؤقت 11 مرة أربعة أشهر في كل مرة بحيث تبلغ مدة الحبس المؤقت كحد أقصى ثمانية وأربعين شهرا أي أربع سنوات".
وقد عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15/11/2001 التي صادقت عليها الجزائر بتحفظ في مجلس الوزراء المنعقد في 23/11/2001 ،والجنايات العابرة للحدود تتمثل خاصة في:جنايات الاتجار وتهريب المخدرات تهريب الأسلحة الحربية والمواد النووية والمتفجرات والسيارات والاتجار بها بصفة غير قانونية الأعمال الإرهابية إرساء الموظفين تنظيم الهجرة السرية ( ) .
2- غرفة الاتهام:
لغرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مدة أربعة أشهر أخرى قابلة للتمديد مرتين ليصل التمديد إلى 12 شهرا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادتين125-02الفقرة 04 والمادة125 مكرر الفقرة04.
فإذا استجابت غرفة الاتهام لطلب قاضي التحقيق وقررت تمديد الحبس المؤقت فقد يصل مدته القصوى 36شهرا (3سنوات)في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية والى 60 شهرا(5سنوات)في الجنايات العابرة الحدود، وسواء تعلق الأمر بجنايات القانون العام أو الجنايات أمام غرفة الاتهام طبقا للمواد من 183إلى 185ق إ ج التي تحكم الإجراءات أمام غرفة الاتهام ويجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن التمديد يجب أن يتم قبل اجل أربعة اشهر وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون.
*استمرار الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنايات كما يستمر الحبس المؤقت إلى ما بعد الانتهاء من التحقيق في الجنح قد يستمر كذلك في الجنايات بحيث يظل المتهم محبوسا مؤقتا طبقا للمواد 165-166إ ج مع مراعاة أحكام المادة124من ق إ ج وذلك إلى غاية صدور قرار غرفة الاتهام بالنسبة للمتهم بجناية إذ تنص المادة 166/02من ق إ ج على أن يحتفظ أمر الإيداع الصادر ضد المتهم بقوته التنفيذية لحين صدور قرار غرفة الاتهام.
رغم ما تم التطرق إليه بالشرح حول مدة الحبس المؤقت وتمديدها فإن الإشكال الذي يطرح نفسه في هذا الموضوع هو:هل سيتم الإفراج عن المتهم عند انتهاء المدة المقررة كحد أقصى للحبس المؤقت أم أنه سيظل محبوسا حتى تقرر غرفة الاتهام إحالة الدعوى على محكمة الجنايات وإما القيام بتحقيق تكميلي؟
والإجابة على هذا الإشكال تضمنته المادة 197 مكرر من التعديل 08/01 المؤرخ في 26 جوان 2001 حيث نصت على:" عندما تخطر غرفة الاتهام وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 166 ويكون المتهم محبوسا تصدر غرفة الاتهام قرارها في الموضوع في أجل شهرين كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة عشرين سنة أو بالسجن المؤبد أو الإعدام ثمانية أشهر كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنايات موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية أو بجناية عابرة للحدود الوطنية، وإذا لم يتم الفصل في الآجال المحددة أعلاه وجب الإفراج عن المتهم تلقائيا"
من نص المادة لا يجوز بأي حال من الأحوال ومهما كان السبب أن يبقى المتهم في الحبس المؤقت أكثر من:
* 24 شهرا(16+02)في الجنايات القانون العام المعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5إلى 10 سنة.
* 24 شهرا(20+04)في جنايات القانون العام المعاقب عليها بعقوبة لمدة 20سنة أو بالسجن المؤبد أو الإعدام.
* 44شهرا(36+08)في الجنايات الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية.
* 68شهرا(60+08)في الجنايات العابرة للحدود.
وكان للدكتور أحمد بوسقيعة رأي في هذا الشأن( )
ملاحظة:
حسب ما قضت به المحكمة العليا فإن مواعيد الحبس المؤقت هي مواعيد كاملة شأنها شأن كافة مواعيد الإجراءات الجزائية فقد أشارت بوجه عام "جميع الآجال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية هي مواعيد كاملة لا يحسب فيها يوم بدايتها ولا يوم نهايتها...."
كما أضافت بأن القواعد المتعلقة بالإجراءات للآجال تعتبر من النظام العام ويترتب على مخالفتها البطلان"( )
*سريان مدة الحبس المؤقت
هل تحسب مدة الحبس المؤقت من يوم القبض على المتهم أو من يوم إيداعه السجن أو من يوم مثوله أمام قاضي التحقيق؟
وللإجابة على هذا السؤال نجدها تختلف باختلاف طريقة القبض على المتهم .
الطريقة الأولى:
إذا ضبط بأمر قبض يبدأ حساب من تاريخ تنفيذ الحكم أو من تاريخ حبسه في مؤسسة عقابية.
الطريقة الثانية:
إذا ضبط تنفيذ الأمر إحضار فلا يبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ تنفيذ هذا الأمر وإنما من تاريخ مثول المتهم أمام قاضي التحقيق وإصدار أمرا بإيداعه بالمؤسسة العقابية.
وبطبيعة الحال فإن أصدر قاضي التحقيق أمرا بالإيداع فيبدأ حساب مدة الحبس المؤقت من تاريخ أمر الإيداع بالحبس( )
المبحث الأول:انتهاء الحبس المؤقت
المطلب الأول:انتهاءه بالإفراج المؤقت
إذا كان من سلطات قاضي التحقيق أثناء التحقيق مع المتهم حبسه مؤقتا أو وضعه تحت الرقابة القضائية فإنه يجوز له تركه طليقا بالتحقيق معه وهو خارج المؤسسة العقابية وذلك عملا بنص المادة 123إ ج ( ) ويمكن أن يكون الإفراج لاحقا بعد الأمر بحبس المتهم بإخلاء سبيل المتهم المحبوس على ذمة التحقيق معه( ).
ويتبين من خلال نص المادة 126/1 إجراءات جزائية أن الإفراج على نوعين إفراج إلزامي بقوة القانون أي وجوب إخلاء سبيل المتهم المحبوس بمجرد توافر حالة من حالاته( ) المقررة قانونا أي بقوة القانون فلا تملك جهة التحقيق بشأنه سلطة تقديرية وإفراج جوازي أو اختياري تعود سلطة تقديره والأمر به لجهة التحقيق متى قدرت ذلك أي كل من قاضي التحقيق وغرفة الاتهام في مرحلة التحقيق حسب كل حالة( ).
1-الإفراج الجوازي:
وهو رخصة يقررها القانون لجهة التحقيق للأمر بالإفراج بحسب ما يراه قاضي التحقيق فهو سلطة مقررة له سواء يبادر به من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المتهم أو محاميه أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية حسب ما نصت عليه المادة 126إ ج فقرة أولى المذكورة سالفا أيضا في حالة يكون المفرج عنه أجنبيا –سواء كان الإفراج عنه بأمر من قاضي التحقيق أو أي جهة قضائية أخرى- نلاحظ أنه هناك إجراءات خاصة بهذا الأجنبي عند الإفراج عنه( )
وتنص المادة 127إ ج على أنه:" يجوز للمتهم أو محاميه طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الالتزامات المنصوص عليها في المادة 126...." وعليه فالإفراج في صورته الأولى كسلطة تقديرية للقاضي يأمر به كلما رأى أن الإفراج لا يؤثر ولا يخل بالسير العادي للتحقيق.
وتحكم الإفراج القواعد التالية وهي تستخلص من أحكام المادة 126وما يليها من ق إ ج.
*-الإفراج على المتهم من قاضي التحقيق تلقائيا دون حاجة لتقديم طلب من جهة ما أو من المتهم إعمالا لحكم الفقرة الأولى من المادة 126إ ج وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية وتعهد المتهم بالحضور أثناء جميع الإجراءات التحقيق بمجرد استدعائه وإحضار المحقق بجميع تنقلاته.
*-الإفراج بناء على طلب النيابة العامة فيجوز لوكيل الجمهورية ممثلا عنها يطلب من قاضي التحقيق الإفراج عن المتهم هذا الأخير –قاضي التحقيق- يجب عليه البت في طلب وكيل الجمهورية خلال 48ساعة من تقديمه إليه بالاستجابة للطلب بالإفراج عن المتهم أو برفضه( ).
وفي حالة الرفض يحق لوكيل الجمهورية الطعن بالاستئناف في قرار قاضي التحقيق برفض طلبه لدى غرفة الاتهام.
*-الإفراج بناء على طلب المتهم أو محاميه إذ يجوز المتهم طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق كما يجوز ذلك لمحاميه فيقدم الطلب في كل وقت يراه مناسبا ليرسل قاضي التحقيق الملف لوكيل الجمهورية لإبداع طلباته في مهلة خمسة أيام تالية لتلقيه الملف ويبلغ المدعي المدني بكتاب موصى عليه ليتاح له إبداء ملاحظاته ثم يبت القاضي في الطلب في مهلة ثمانية أيام من يوم إرساله الملف لوكيل الجمهورية (المادة 127إ ج) فقد يجيب المتهم لطلبه وفي هذه الحالة عليه التعهد بالالتزام بحضور جميع إجراءات التحقيق لمجرد استدعائه وأن يحضر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته وفي حالة رفض القاضي طلب المتهم فلا يجوز لهذا الأخير تجديد طلبه إلا بمضي ثلاثين يوما من تاريخ رفض الطلب السابق.
وإذا لم يبت القاضي التحقيق في الطلب فللمتهم حق رفع الأمر لغرفة الاتهام التي يجب عليها إصدار قرارها في الطلب في ظرف ثلاثين يوما من اتصالها بطلب المتهم على أن تطلع قبل ذلك على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام( )
2-الإفراج بكفالة:
لقد ميز المشرع الجزائري في الإفراج المؤقت بين الوطني والأجنبي فيما يخص تقديم الكفالة فيكون الإفراج المؤقت على الأجنبي مشروطا بتقديم كفالة في جميع الحالات وعلى جميع المستويات يتم تحديد قيمتها بمقتضى قرار الإفراج المؤقت ونظم قانون الإجراءات الجزائية الكفالة في المادة 132-136من ق إ ج وهي مسألة جوازية متروكة للسلطة التقديرية لجهة التحقيق وذلك لضمان مصاريف العدالة والغرامات المتوقع الحكم بها والتعويضات المستحقة إن وجدت وحضور المتهم الأجنبي في جميع إجراءات الدعوى وتنفيذ الأحكام ويصبح الجزاء المخصص لمثول المتهم ملك للدولة منذ اللحظة التي يتخلف فيها بغير عذر مشروع عن إجراءات الدعوى أو عن تنفيذ الحكم ويرد هذا الجزاء للمتهم في الحالات التي تتوصل فيها الجهات القضائية إلى إصدار أمر بألا وجه للمتابعة أو الحكم بالبراءة المادة 232إ ج تنص على أنه " يجوز أن يكون الإفراج المؤقت لأجنبي مشروطا بتقديم كفالة وذلك في جميع الحالات التي لا يكون فيها الإفراج بقوة القانون وهذه الكفالة تتضمن.
*مثول المتهم في جميع إجراءات الدعوى لتنفيذ الحكم.
*أداء ما يلزم حسب الترتيب الآتي:
أ -المصاريف التي سبق أن قام بدفعها المدعي المدني.
ب-المصاريف التي أنفقتها القائم بالدعوى العمومية.
ج-الغرامات.
د- المبالغ المحكوم بردها.
ه –التعويضات المدنية.
وتحدد قرار الإفراج المؤقت المبلغ المخصص لكل جزء من جزئي الكفالة "، وتدفع الكفالة نقدا أو أوراقا مصرفية أو شيكات مقبولة الصرف أو سندات صادرة أو مضمونة من الدولة تسلم ليد كاتب الضبط بالمحكمة أو المجلس القضائي أو محصل التسجيل ويكون هذا الأخير هو وحده المختص بتسلمها إذا كانت سندات وبمجرد الإطلاع على الإيصال المثبت لدفع الكفالة تقوم النيابة العامة في الحال بتنفيذ قرار الإفراج المؤقت.
3-الإفراج بقوة القانون:
ويعرف أيضا بالإفراج الوجوبي أو الإلزامي وهو يختلف عن الإفراج الجوازي في أنه ليس سلطة تقديرية لقاضي التحقيق وإنما هو إفراج بقوة القانون يلتزم فيه المحقق بإخلاء سبيل المحبوس مؤقتا في كل حالة من الحالات المحددة قانونا بحيث يعتبر هذا الإفراج كحق للمتهم فيخلي سبيله كلما توافرت حالة من الحالات الوارد ذكرها والتي يقرر فيها القانون الإفراج الوجوبي دون حاجة إلى استصدار أمر القاضي المحقق هذه الحالات هي:
*أن تكون الجريمة مما لا يجوز الحبس فيها:
يفرج عن المتهم وجوبا إذا ثبت أن الواقعة المحبوس بشأنها المتهم جنحة معاقب عليها بالغرامة فقط أو أنها مخالفة تطبيقا لحكمي المادتين 124-125 إ ج
*انتهاء مدة الحبس المؤقت:
يجب الإفراج على المتهم المحبوس كلما انقضت مدة حبسه احتياطا المأمورية التي لا يجوز فيها التمديد أصلا أو تلك التي يجوز فيها دون أن يقوم قاضي للتحقيق بتجديده في الآجال المحددة قانونا على النحو التالي:
1- انتهاء مدة الحبس لعشرين يوما في الحالات التي يقرر فيها القانون الحبس الاحتياطي مدة عشرين يوما حيث لا يجوز تمديده أصلا.
2- انتهاء مدة حبس المتهم مؤقتا لأربعة أشهر المقررة في الجنح المعاقب عليها بسنتين أو أقل التي لا يجوز فيها التمديد.
3- انتهاء مدة الحبس المؤقت القصوى في الجنح-وهي ثمانية أشهر- التي يجوز فيها التمديد مرة واحدة المعاقب عليها بأكثر من ثلاثة سنوات حبسا
4- انتهاء مدة الحبس المؤقت المدد مرتين في الجنايات الذي أمر به قاضي التحقيق دون أن يطلب –قاضي التحقيق- من غرفة الاتهام لمرة ثالثة وأخيرة أو طلب منها التمديد في الآجال القانونية فلم تمدد الغرفة حبس المتهم.
5- انقضاء مدة الحبس المؤقت القصوى ستة عشرة شهرا بعد تمديده من طرف غرفة الاتهام للمرة الثالثة والأخيرة –الأولى والثانية بواسطة قاضي التحقيق –بناء على طلب قاضي التحقيق.
*إصدار أمر بألا وجه للمتابعة:
إذا أصدر القاضي أمرا بألا وجه للمتابعة أفرج عن المتهم كأصل غير أن القانون ينص على وجوب بقائه محبوسا إذا طعنت النيابة العامة بالاستئناف في الأمر بل إن المتهم يظل محبوسا طول المدة المقررة لها للطعن وهي ثلاثة أيام( ) المادتين 163/3-170/3إ ج بالإضافة لذلك أنه لا يفرج عن المتهم حتى بعد صدور أمر بألا وجه للمتابعة متى كان المتهم محبوسا لسبب آخر.
*القضاء ببراءة المتهم:
يفرج عن المتهم بقوة القانون إذا حكم ببراءته (المادتين311-365إ ج)وبغض النظر عما إذا كان هذا القضاء قد طعن فيه بالاستئناف أم لا خلافا للقاعدة العامة التي تقرر بأن الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم( )
*عدم بت قاضي التحقيق في طلب وكيل الجمهورية:
إذا أغفل قاضي التحقيق البت في طلب المقدم من وكيل الجمهورية بالإفراج عن المتهم في الآجال القانونية المحددة وهي 48 ساعة (المادة 126/2إ ج)
*عدم بت غرفة الاتهام في طعن المتهم:
إذا لم تبت غرفة الاتهام في مهلة ثلاثين يوما في الطعن المرفوع من المتهم إليها بسبب عدم بت قاضي التحقيق في طلب المتهم الإفراج عنه مؤقتا( )
*عدم بت المحكمة العليا في طلب الإفراج:
إذا طعن المتهم بالنقض في حكم محكمة الجنايات فإن الغرفة الجنائية لدى المحكمة العليا تختص بالنظر في طلب الإفراج المقدم إليها في مهلة 45 يوما وفي حالة عدم البت فيه في المهلة السابقة يفرج عن المتهم ما لم تقرر إجراء تحقيقات بشأنه(المادة 128إ ج).
*جهات أخرى لها سلطة الأمر بالإفراج
القاعدة العامة أن جهة التحقيق الآمرة بالحبس هي الجهة المخولة سلطة الأمر بالإفراج إلا أن سلطة الإفراج المؤقت تصبح من اختصاص جهات أخرى غير قاضي التحقيق بحسب الوضع الذي تكون عليه الدعوى العمومية فتنص المادة 128إ ج :" إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية للفصل فيها أصبح لهذه الجهة حق الفصل في الإفراج" وإذا فصلت المحكمة في طلب الإفراج فإن الاستئناف يتعين رفعه في ظرف أربع وعشرين ساعة من النطق بالحكم" " ويظل المتهم محبوسا حتى يقضي في الاستئناف النيابة العامة وفي جميع الحالات ريثما يستنفذ ميعاد الاستئناف ما لم يقرر النائب العام إخلاء سبيل المتهم في الحال" " وتكون سلطة الإفراج هذه لغرفة الاتهام قبل إحالة الدعوى على محكمة الجنايات وفي الفقرة الواقعة بين دورات انعقاد المحكمة " .
و" في حالة الطعن بالنقض وإلى أن يصدر حكم المحكمة العليا تفصل في طلب الإفراج آخر سلطة قضائية نظرت في موضوع القضية وإذا كان الطعن بالنقض مرفوعا ضد حكم محكمة الجنايات فإن الفصل في شأن الحبس المؤقت يكون لغرفة المحكمة العليا المدعوة للنظر في هذا الطعن خلال خمسة وأربعين يوما وإن لم يكن ذلك وجب الإفراج عن المتهم إفراجا مؤقتا ما لم يؤمر بتحقيقات تتعلق بطلبه ونستخلص من نص المادة 128إ ج أن الجهة القضائية المختصة بالإفراج المؤقت على المتهم- عدا قاضي التحقيق – تتحدد وفق الحالة التي تكون عليها القضية حسب الأحوال التالية:
1)في التحقيق:
تختص غرفة الاتهام بالفصل في طلب الإفراج من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم فتنص المادة 186إ ج :" يجوز لغرفة الاتهام بناء على طلب النائب العام أو أحد الخصوم أو حتى من تلقاء نفسها أن تأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق كما يجوز لها بعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج عن المتهم" وهي تختص –غرفة الاتهام-بالإفراج في الحالات التالية:
في حالة الطعن لدى غرفة الاتهام في قرار قاضي التحقيق برفض الطلب المقدم من المتهم أو النيابة العامة للإفراج عن المتهم أو لعدم بته أصلا في الطلب خلال الأجل الذي يحدده له القانون (المواد 126-127-170-171-172إ ج) ( ).
في حالة تصرف قاضي التحقيق في القضية ولم تحل إلى جهة أخرى للحكم(المادة 128إ ج).
في حالة التحقيق في مواد الجنايات حيث تحال لها باعتبارها جهة تحقيق من الدرجة الثانية.
فيما بين دورات انعقاد محكمة الجنايات (128/3إ ج)
2)عند الإحالة للمحكمة:
عند انتهاء التحقيق القضائي واحالة القضية لجهات الحكم، فان هذه الجهات تكون مخولة قانونا سلطة البت في طلب الافراج ، فاذا قررت الافراج فان المتهم يبقى محبوسا المدة المقررة لطعن وكيل الجمهورية وهي أربع وعشرون ساعة، ويظل محبوسا اذا طعنت لحين البت في طلب النيابة العامة ما لم يقرر النائب العام اخلاء سبيله (المادتان 128، 426 إ ، ج).
3)في حالة الطعن بالنقض في حكم صادر عن محكمة الجنايات:
تختص الغرفة الجنائية لدى المحكمة العليا بالبت في طلب الافراج اذا كان الحكم المطعون فيه بالنقض صادرا عن محكمة الجنايات.
4)في حالة الطعن بالنقض:
تختص كل جهة جنائية عدا محكمة الجنايات- لأن الاختصاص في هذه الحالة يعود للغرفة الجنائية بالمحكمة العليا المطعون لديها في قرار محكمة الجنايات- بالفصل في موضوع طلب الإفراج إذا كانت قد أصدرت حكما جنائيا طعن فيه بالنقض لدى المحكمة العليا التي لم تفصل بعد في هذا الطعن.
شروط منح الإفراج:
يشترط لمنح قرار الإفراج شروط معينة تتمثل فيما يلي :
1/-أن يكون قد أجري عليه اختيار ناجح في ورشة خارجية أو في بيئة مفتوحة لمدة محددة بالقرار المذكور.
2/-أن يكون ملزما بالتوقيع على سجل خاص موضوع بمحافظة الشرطة أو بفرق الدرك .
3/-أن يكون منفيا من التراب الوطني بالنسبة للأجنبي.
4/-أن يكون مودعا بمركز الإيواء بمأوى الاستقبال أو في مؤسسة مؤهلة لقبول المفرج عنه.
5/-أن يخضع لتدابير المراقبة والعلاج بهدف إزالة التسمم على الأخص.
6/-أن يدفع المبالغ المستحقة للخزينة العمومية اثر المحاكمة ( ).
7/-أن تؤدى المبالغ المستحقة للضحية أو لممثليها الشرعيين ويضاف إلى هذه الشروط التزامات محددة على المحكوم عليه أن يراعيها عند استفادته بهذا النظام وتتمثل هذه الالتزامات فيما يلي:
الإقامة في المكان المحدد بقرار الإفراج.
الامتثال لاستدعاءات قاضي تطبيق الأحكام الجزائية والمساعدة الاجتماعية التي عينت له عند الاقتضاء.
قبول زيادات المساعدة الاجتماعية واعطاءها كل المعلومات أو المستندات التي تسمح بمراقبة وسائل معاش المفرج عنه، وهناك شروط أخرى نصت عليها المادة 187 من قانون السجون يلتزم بها المفرج عنه وتتمثل فيما يلي:
ألا يقود بعض العربات المحددة بأصناف الرخص المنصوص عليها في قانون المرور .
ألا يتردد على بعض الأماكن مثل : الملاهي، ومحلات بيع المشروبات( ).
أن لا يختلط بعض المحكوم عليهم ولاسيما القائمين بالجرم معه أو شركاءه في الجريمة.
أن لا يستقبل في منزله بعض الأشخاص ولا سيما المتضرر من الجريمة اذا كانت متعلقة بهتك العرض.
ونلاحظ أن كل هذه الالتزامات والشروط لا تزيد عن كونها أمورا يراد منها مراقبة المفرج وابعاده من خطر الوقوع في شباك الاجرام مرة ثانية.
وهذه الالتزامات لا تفرض عن المفرج عنه، اذ يجوز له أن يرفضها أو لا يقبلها وعندئذ لا يمكن أن يستفيد من قرار الإفراج.
إلغاء أمر الإفراج والآثار المترتبة عنه:
اذا خالف المفرج عنه الشروط التي وضعت للافراج عنه ولم يقم بالواجبات المفروضة عليه الغي الافراج أعيد الى السجن ليستوفي المدة الباقية من العقوبة المحكوم بها عليه فبإمكان وزير العدل أن يرجع في مقرره ويلغي القرار القاضي بالإفراج إما من تلقاء نفسه ، واما باقتراح من قاضي تطبيق الأحكام الجزائية بصفته مكلفا بتتبع الإجراءات المفروضة في المقرر المانح للإفراج، وأمر الإلغاء يوحي بأن المفرج عنه قد فشل في فترة التجربة وهذا الفشل يمكن استخلاصه من الحالات الآتية:
صدور حكم جديد ضده لارتكابه جريمة جديدة.
العودة إلى الجريمة نظرا لسوء سيرته.
مخالفته للالتزامات المتعلقة بقرار الإفراج.
فاذا ما تم إلغاء قرار الإفراج دون هذا الالغاء في ثلاثة (03)نسخ ترسل من وزير العدل الى قاضي تطبيق الأحكام الجزائية الذي صدر منه اقتراح الإلغاء لاعادة المحكوم للسجن والى النيابة العامة –الجهة القضائية – التي صدر منها اقتراح الإلغاء لعادة الحكم بالعقوبة لقيد المقر في سجل تنفيذ العقوبات والى مصلحة السوابق العدلية( ).
فقاضي تطبيق الأحكام الجزائية يضع هذا القرار قيد التنفيذ بارسال نسخة منه الى النيابة العامة لمكان إقامة المحكوم عليه ليعاد زجه في السجن الأقرب لمكان التوقيف وبامكان النيابة العامة في حالة تهرب المحكوم عليه من الاستجابة والعودة الى المؤسسة العقابية، وأن تستعين بالقوة العمومية عند الضرورة للتنفيذ . أما في حالة ما اذا كان المحكوم عليه مسجونا بسبب ارتكابه جريمة جديدة فان نسخة من قرار الالغاء ترسل من وزارة العدل الى مؤسسة السجن للتنفيذ حيث يسجل قرار الالغاء ومراجعته في سجل السجن ، ويطلب الملف الشخصي للمحكوم عليه من المؤسة التي أفرجت عنه لضمه لقرار الالغاء . ويترتب على ابطال الافراج بالنسبة للمحكوم عليه التزامه تنفيذ العقوبة كاملة بعد تنقيص ما قضاه في مؤسسة السجن فقط أو في البيئة المفتوحة قبل صدور القرار المتعلق بالإفراج( ).
المطلب الثاني: انتهاءه بالحكم بالبراءة أو بالإدانة والتقادم
أولا-انتهاء الحبس المؤقت بالحكم بالبراءة وعدم المسؤولية :
ماهية الحكم بالبراءة : وهي عدم الحكم على المدعي عليه بأية عقوبة سواء سالبة للحياة أو الحرية أو مادية، ففي حالة الحكم بالبراءة تكون فيها الأدلة غير قائمة أو غير كافية للادانة فاذا تبين للمحكمة أن الأدلة غير كافية بحق المدعى عليه أو منعدمة اطلاقا تحكم حينئذ بالبراءة.
ماهية عدم المسؤولية: يتقرر الحكم بعدم المسؤولية اذا ثبت أن الفعل الذي قام به المدعى عليه لا يؤلف جرما أو لا يستوجب عقابا أي أن الفعل المرتكب مباحا ، ولا يتحقق عليه عقابا ، فتحكم المحكمة بعدم المسؤولية وهذا المبدأ أخذت به جميع التشريعات الجزائية( ).
نتيجة الحكم بالبراءة أو بعدم المسؤولية:
تأمر المحكمة بإطلاق سراح المدعى عليه فورا عند إعلان براءته أو عدم مسؤوليته في حال لم يكن موقوفا لسبب آخر ولو تبين خلال المحاكمة أنه متهم بتهمة أخرى، وهذا المبدأ أخذت به جميع التشريعات ونصت على ذلك صراحة في قانون أصول المحاكمات الجزائية (الإجراءات الجزائية)، ويفهم ذلك من خلال النص على الحكم بالبراءة اذ لا يجوز للمحكمة بعد أن يصدر قرار بالبراءة أن تبقي المحبوس مؤقتا موقوفا لديها اذ لابد من اطلاق سراحه( ).
فيجب على القاضي اطلاق سراح الموقوف في حال الحكم بالبراءة أو الحكم بعدم المسؤولية ( إبطال التعقبات) و اطلاق سراح الموقوف لا يتوقف على أي شرط لتنفيذ قرار إطلاق سراحه.
لهذا نرى إذا قضت المحكمة ببراءة المتهم أو بكف التعقبات في حقه بإطلاق سراحه فورا إذا لم يكن موقوفا لداع آخر، فلا يجوز بعدها ملاحقته بالفعل ذاته وإن أعطي وصفا آخر، فيطلق سراح الموقوف فورا ولو أن القرار بالبراءة لم يكتسب الدرجة القطعية أي كان قابلا للاستئناف ويكفي لصحة الحكم بالبراءة أن يتشكك القاضي من صحة إسناد التهمة لكي يقضي بالبراءة لأن الأصل في المتهم البراءة مما لا حاجة معه للجزم واليقين بهذه البراءة، هذا بخلاف حكم الادانة فإنه يأتي خلافا لفرضية البراءة مما يتعين معه أن يبنى على الجزم واليقين لهذا فإن المحكمة تحكم ببراءة المتهم إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها ويجب أن يفرج عن المتهم إذا كان محبوسا مؤقتا من أجل هذه الواقعة وحدها.
ثانيا-انتهاء الحبس المؤقت وخصم مدته من العقوبة المقضي بها:
من البديهي أن ينتهي الحبس المؤقت عن طريق إدانة المتهم بواسطة حكم قضائي يتضمن عقوبة سالبة للحرية، فالعقوبات التي تمس الحرية الشخصية يجمعها عنصر واحد وهو عنصر قيد على الحرية والحرية هي روح الوجود، وهذا العنصر يتوافر في الحبس المؤقت شأنه شأن العقوبات المحكوم بها، مهما اختلفت درجتها عن العقوبة المقيدة للحرية أو الحرمان منه فرض قبل الفصل في الدعوى او على سبيل تنفيذ العقوبة، فالعقوبات المحكوم بها جزاءات ردع قصد المشرع إنزالها بمرتكبي الجرائم إزاء ثبوت التردي فيها – ويتميز بعنصر هام هو الإيلام الذي يحقق لها صفة الردع والتأديب والتهذيب، وهو ما يفتقده الحبس الاحتياطي تبعا للنظام المخفف الذي يتم اعماله بالنسبة للمحبوسين مؤقتا خاصة وأنهم لا يجبرون فيه على القيام بأي عمل.
فالأخذ بنظام خصم مدة الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها إنما سيؤدي إلى أن يضحي المتهمون الذين يحبسون مؤقتا ويصدر الحكم بإدانتهم أحسن حالا من أولئك الذين تبرأ ساحتهم أو تحفظ الدعوى بالنسبة لهم على اعتبار أن هذا الجانب الأخير يحق له المطالبة بالتعويض عن مدة الحبس المؤقت( ).
كما أن حسم مدة الحبس المؤقت ليس رخصة لجهات التنفيذ وإنما هو إلزام مفروض من المشرع فلا تملك أي جهة حرمان المحكوم عليه منها باعتباره أنه نوع من التنفيذ المؤقت.
*حالات خصم مدة الحبس المؤقت:
يتم خصم مدة الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها على النحو التالي:
الحالة الأولى: إذا أدين المتهم بالجريمة التي أوقف مؤقتا من أجلها.
الحالة الثانية: إذا بريء المتهم من الجريمة التي تم توقيفه مؤقتا من أجلها وحكم عليه بعقوبة من أجل جريمة أخرى، ويشترط لتطبيق قاعدة الحسم في هذه الحالة توافر شرطين.
1/ ان تكون هناك علاقة بين الجريمة التي أوقف المتهم من أجلها مؤقتا والجريمة التي حكم بالعقاب فيها.
2/أن تكون الجريمة التي حكم بالعقاب من أجلها قد ارتكبت أثناء التوقيف المؤقت أو أن يكون قد حقق معه فيها أثناء الحبس المؤقت.
الحالة الثالثة: اذا أدين المتهم بالجريمة التي أوقف مؤقتا من أجلها وقضى عليه بعقوبة تقل مدتها عن مدة الحبس المؤقت وحكم عليه الى جانب ذلك بعقوبة من أجل جريمة اخرى ارتكبها أو حقق معه فيها أثناء التوقف المؤقت.
يتم خصم مدة الحبس المؤقت عن جميع العقوبات السالبة للحرية سواء كانت هي الأشغال الشاقة بنوعيها أو السجن أو الحبس أو الوضع تحت مراقبة الشرطة وإذا تعددت هذه العقوبات وكانت من نوع واحد يحسم التوقيف المؤقت من مجموعها فإذا لم تستفد حسمت من العقوبة الأشد مباشرة ثم التي تليها في الشدة وهكذا حتى تستنفذ( ).
وليس من الضروري لحسم مدة التوقيف الاحتياطي من العقوبة المحكوم بها أن تكون التوقيف المذكور قد استمر لغاية دور الحكم فإذا تم توقيف المتهم مؤقتا ثم أفرج عنه وصدر الحكم وهو مفرج عنه فإن التوقيف السابق يخصم من العقوبة وكذلك إذا أوقف المتهم في التحقيق ثم حفظت الدعوى وأفرج عنه ثم ظهرت أدلة جديدة أدت إلى توقيفه ثانيا ورفعت الدعوى ثم حكم عليه فمجموع مدتي التوقيف المؤقت يخصم من العقوبة المحكوم بها.
لم يرد قيد خصم مدة الحبس من العقوبة المقضي بها في الأحكام المنظمة للحبس المؤقت إلا أن المادة 365 من قانون الإجراءات الجزائية تنص :<<يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة ......وكذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس مؤقتا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه المؤقت مدة العقوبة المقضي بها عليه وتقرر المادة 12/2 من قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين صراحة وجوب خصم المدة التي قضاها المتهم في الحبس المؤقت من العقوبة المحكوم بها عليه أي حساب مدة الحبس المؤقت ضمن العقوبة المحكوم بها فتنص في حالة وجود حبس مؤقت فيخفض بتمامه من مدة العقوبة وتحسب هذه المدة من يوم حبس المتهم المحكوم عليه.
والملاحظ من النصين أنهما يتعلقان بخصم مدة الحبس المؤقت من مدة العقوبة المقضي بها ولكن ما حكم المدة التي يقضيها المتهم في المؤسسة العقابية بناء على أمر قاضي التحقيق بإحضاره أو القبض عليه أو الأمر بإيداعه في مؤسسة عقابية.
هل تخصم من المدة المحكوم بها أم لا؟ نلاحظ في هذه الحالة وجوب خصم المدة التي يقضيها المتهم في أي مؤسسة عقابية بناء على أمر قضائي كالأمر بالحبس المؤقت من مدة العقوبة المحكوم عليه.
ثالثا-انتهاء الحبس المؤقت بالتقادم:
إذا انقضت مدة معينة من الزمن حددها القانون على وقوع الجريمة دون اتخاذ أي إجراء قانوني لتحريك الدعوى الجزائية أو مباشرتها فإن هذه الأخيرة تسقط بمرور الزمن ولا يمكن بعثها أو تحريكها لنفس الفعل الجرمي ويتركز مبدأ مرور الزمن على عدة اعتبارات.
أ-نسيان الجريمة:
إذا مضت فترة طويلة من الزمن على ارتكاب الجريمة زالت آثارها من أذهان الناس وتصبح مصلحة المجتمع في توقيع العقوبة غير مجدية لأن الهدف منها كان تهدئة السخط العام وارضاء شعور العدالة وهذا الأمر لم يعد قائما لأنه تلاشى بمرور الزمن والجريمة تصبح في عالم النسيان.
ب-الإهمال:
إذا أهملت النيابة العامة أو المدعي بالحق الشخصي أو المشتكي (إذا كانت الدعوى الجزائية تتوقف في تحريكها على الشكوى من المشتكي)في تحريك الدعوى الجزائية مدة طويلة فلا يحق لهم ممارسة هذا الحق فيما بعد لأن من أهمل في ممارسة حقه لا يحق له المطالبة بحماية هذا الحق بواسطة القضاء.
ج-الاستقرار القانوني:
إن مرور الزمن مهم للاستقرار القانوني في المجتمع إذ من الخطر أن يبقى المجتمع مضطربا مدة طويلة بالجريمة التي وقعت ويبقى المشتكي عليه مهددا بالجريمة فترة طويلة ويبقى تحت تأثيرها في جو من الخوف والاضطراب ولهذا فان ضرورات الاستقرار القانوني في المجتمع تقضي بإسقاط الدعوى الجزائية، ومن الأفضل عند مضي المدة عدم إثارة الماضي وأحقاده حيث أن الهدف من العقاب يصبح ليس ذا قيمة.
وأنتقد بكاريا وبنتام وبعض الفقهاء مبدأ مرور الزمن لأنه يسمح لبعض المجرمين الخطرين التنصل من توقيع العقوبة عليهم بسبب خبرتهم في التمرس على وسائل الإفلات من الملاحقة والتواري عن الأنظار ومرور الزمن في الدعوى الجزائية في النظام العام وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يثره المدعي عليه إذ لا يجوز التنازل عنه كما يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى( ).
بما أن الدعوى الجزائية تسقط بمرور الزمن اذا لم تحرك خلال مدة معينة، كذلك العقوبة المحكوم بها نهائيا تسقط بمرور الزمن اذا لم تنفذ خلال مدة معينة ، والمشرع جعل مدة سقوط العقوبة بمرور الزمن أطول من مدة سقوط وتقادم الدعوى الجزائية ، لأن الحكم في الدعوى يسجل نهائيا الجريمة ويحدد بصفة قطعية العقوبة وجعل مدة سقوط العقوبة متناسبة مع جسامتها ، ويسقط الحبس المؤقت بمرور الزمن أيضا بسقوط الدعوى الجزائية واذا اوقف المدعى عليه مؤقتا بسبب هذه الدعوى فيجب أن يطلق سراحه فورا، وفي حالة أن الجرم سقط بالتقادم فان الدعوى العامة تسقط وبالتالي يجب أن يطلق سراح المدعى عليه اذا كان موقوفا.
المبحث الثاني: التعويض عن الحبس المؤقت الغير مبرر ومسؤولية الدولة عنه
لقد عنت التشريعات الدولية منذ القديم بحماية الحرية الشخصية للأفراد من خلال النصوص الواضحة التي وضعتها إيمانا بكرامة وآدمية المواطن التي تعتبر حقا من حقوقه وجزءا من حريته التي كافح من أجلها عصورا طوالا الى أن أصبحت قيمة مقدسة تصونها الدساتير وتضع الضمانات لمنع الاعتداء عليها أو الانتقاص منها.
لكن هته الصلاحيات كثيرا ما يساء استعمالها، وذلك بالقبض على الأشخاص وتوقيفهم مؤقتا، هذا الاجراء الذي غالبا ما يكون في غير الحالات التي ينص عليها القانون، أو كأن يصدره غير الأشخاص الذين يملكون صلاحية ذلك، وقد أطلق على هذا الاجراء اسم ، الحبس المؤقت التعسفي. « Abusive » وعدة مصطلحات أخرى مثل ، الحبس اللا مبرر « Infustifier » والحبس اللاقانوني « Illegal » أو الحبس التحكمي « Arbitraire ». ويقصد بمصطلحي : " اللاقانوني " و" اللامبرر" التوقيف الذي يقع اخلالا بالضمانات الشكلية أو الإجرائية، كأن يؤمر به في جريمة غير التي يجيز فيها القانون هذا الإجراء، أو يؤمر به دون استجواب الموقوف.
أما المصطلحات "التعسفي" و " التحكمي" فقد نصت المادة التاسعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه :" لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه أو نفيه تعسفا" ( ).
المطلب الأول : نظام التعويض عن الحبس المؤقت الغير مبرر
يلخص الحبس المؤقت بالمدعى عليه ضررا بليغا سواء ماديا أو معنويا، ويتمثل ذلك في توقيفه لفترة من الزمن نتيجة اتهامه بارتكابه فعلا جزائيا ثم يصدر قرار بألا وجه للمتابعة لعدم كفاية الأدلة أو لاكتشاف الفاعل الحقيقي أو نتيجة الحكم ببراءة المدعى عليه ، واكتساب هذا الحكم الدرجة القطعية في هذه الحالة يكون الشخص قد خضع لقسوة التوقيف وسلب الحرية وحرم من القيام بعمله والعيش في المجتمع بصورة طبيعية . هذا بالإضافة إلى ما قد يصيبه في شرفه وسمعته وأسرته من جراء هذا التوقيف وتقتضي مبادئ العدالة بأن يكون من حق الفرد الحصول على تعويض مقابل أضرار هنا التوقيف، الذي يعد عدوان على الحريات الفردية، ومساس بحقوق الانسان، لذلك فالتشريعات في كثير من البلدان أقرت مسألة التعويض عن الحبس التعسفي والغير مبرر منذ زمن بعيد، ومن بين هذه التشريعات نذكر، التشريع البرتغالي بموجب قانون 14/07/1884.والسويسري بموجب قانون : 12/03/1984 .والدانمركي بموجب قانون :05/04/1889، والنرويجي بموجب قانون : 1/07/1887. و الألماني بموجب قانون الأشخاص المحكوم عليهم بأحكام أو قرارات حازت قوة الشيء المقضي فيه.
و الذي صرحت به المحكمة العليا ببراءتهم في إطار طلبات المراجعة المنصوص عليها في المادة: 531 من ق.إ.ج( )
أما في الجزائر فقد كرس الدستور الصادر في 28 نوفمبر 1996 في الفقرة 01 من المادة 49 مبدأ التعويض عن القضاء و جعله على عاتق الدولة، التي تنص:" يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة"، و أحالت الفقرة الثانية من نفس المادة إلى تحديد التعويض و كيفياته، كذلك قانون الإجراءات الجزائية الجزائري و في المادة المذكورة سابقا531 –مكرر- لا تشمل الفئة الكبرى من ضحايا الخطأ القضائي و هي فئة المحبوسين حبسا مؤقتا غير مبرر الذين استفادوا بحكم قضائي بأن لا وجه لمتابعتهم أو براءتهم( ).
ومن الناحية القانونية نجد أيضا ما يبرر تقرير مبدأ التعويض باعتبار أن طبيعة الحبس المؤقت طبيعة استثنائية، و هو ما جاء في الفقرة الأولى من المادة 123 من ق.إ.ج.
وكمبرر أخير لفرض و تقرير مبدأ التعويض من الجانب العملي باعتبار أن نسبته المتهمين المحبوسين مؤقتا الذين انتهت قضيتهم بحكم قضائي يقضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة جد مرتفعة في الجزائر، و هي في تزايد مستمر خاصة في ظل اتشريع الحالي، و من ثمة فإن الإقرار بحق المضرور في الحبس المؤقت الغير مبرر في التعويض يعد أنجع وسيلة لتفادي اللجوء المفرط للحبس المؤقت.
أولا- شروط منح التعويض:
تتفق التشريعات التي قررت مبدأ التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر على طابعه الاستثنائي، و على تكفل الدولة بدفع مبلغ التعويض، و قد حذت حذوها بلدان أخرى مثل فرنسا بموجب قانون: 17/07/1970.حيث يشترط هذا الأخير لقبول طلب التعويض أن يتسبب الحبس في إصابة طالب التعويض بضرر يظهر جليا أنه غير عادي، و ذو خطورة خاصة( ).
و نص المشرع الفرنسي على ذلك في المادة 149من ق.إ.ج الفرنسي( ).
أما المشرع الجزائري فقد كرس هذه الشروط من خلال المادة 49 فقرة 02 من الدستور 1996 التي أحالت على القانون لتحديد شروط التعويض و كيفياته، و نتناولها في ما يلي:
1- أن يكون المتهم قد تم توقيفه مؤقتا.
2- أن يصدر قرارا بألا وجه للمتابعة أو حكم نهائي بالبراءة.
3- ضرورة توافر ضرر غير عادي و ذي جسامة معينة فتستبعد الأخطار و الأضرار الجسيمة.
ثانيا-المعايير التي وضعتها اللجنة لتقدير التعويض:
لا شك أن عدم إلزام قضاة التحقيق بإصدار أمر مسبب بالوضع في الحبس المؤقت في مواد الجنح و الجنايات و كذلك السهولة التي كانت تحاط بتبرير الحبس المؤقت و بساطة هذا الإجراء في بعض التشريعات من الأسباب التي شجعت اللجوء إليه مما أدى بقانون الإجراءات الجزائية الجزائري إلى إقرار التعويض عن الحبس المؤقت المفرط فيه و غير المبرر و ذلك بالقانون رقم: 01/08 المؤرخ في:26 يوليو 2001 ومن الأحكام التي جاء بها هذا القانون المواد من137 مكرر إلى 137 مكرر 14.
وقد خص بذلك المتابعات الجزائية التي تنتهي بصدور قرار نهائي في حق الشخص الذي كان محل حبس مؤقت بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة إذا ألحق به هذا الحبس جزءا ثابتا و متميزا فيمنح له تعويض على عاتق خزينة الدولة، و قد أنشأ هذا النص هيئة على مستوى المحكمة العليا تدعى "لجنة التعويض" تختص بمنح التعويض المنصوص عليه في المادة 137 مكرر، و تكتسي اللجنة طابع جهة قضائية مدنية تجتمع في غرفة المشورة و تصدر قراراتها في جلسة علنية، و تكون هذه القرارات غير قابلة للطعن و لها القوة التنفيذية، كما حددت لهذه اللجنة إجراءات و شروط للمرافعة أمامها( ).
فقد استندت هذه اللجنة إلى عدة معايير في تقدير التعويض منها معايير لاستبعاد صفة الضرر غير العادي. لكن قبل ذلك نتطرق إلى تحديد مفهوم الضرر غير العادي.
1-تحديد مفهوم الضرر غير العادي:
إن الضرر غير العادي هو ذلك الضرر الذي تتطلب قواعد العدالة التعويض عنه، و يترتب حسب رأي بعض الفقهاء عن توافر خطأ مرفقي أو ينتج عن براءة المتهم، و اعتبر القاضي TOUFFAIT أن المعيار الوحيد الذي أخذت به اللجنة هو معيار قواعد العدالة، و هذا الضرر له صور متعددة كأن ينتج عن شروط الأمر بالحبس المقت او مدته، أو صدى و وقع القضية في الرأي العام و شهرة المدعى عليه و سمعته، أو تعنت قاضي التحقيق.
2-معايير استبعاد صفة الضرر غير العادي:
كما سبق القول فإن اللجنة قد تبنت ثلاثة معايير لاعتبار الضرر غير عادي و استبعاد هذه الصفة تمثلت في ما يلي:
*المعيار الأول: و يتعلق بالبراءة التي تعزى إلى وجود شك في الأدلة رغم أن المشرع لم يقم بأي تفرقة بين قضاء البراءة و قضاء عدم الإذناب، و يستخلص من قضاء اللجنة أن البراءة البسيطة بمعنى البراءة المحكوم فيها نتيجة توافر الشك تؤلف حائلا جديا للحكم بالتعويض.
*المعيار الثاني: خطأ المضرور إذ قد يحدث بأن يساهم المدعى عليه في أثناء فترة التحقيق بموقفه أو بتصريحاته المزورة أو الكاذبة إلى تحقيق الخطر الذي يطالب بالتعويض عنه. فلا يعوض الشخص في هذه الحالة تطبيقا للقاعدة الرومانية التي تقضي بـ:" ليس لأحد أن يستفيد بسبب فعل غير مشروع صدر عنه".
*المعيار الثالث: ويتعلق بالحكم على المدعى عليه بعقوبة الغرامة أو بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ وفي هذه الحالة فإن ارتكابه للجريمة ثابت ولا يقبل المناقشة.
3-تحديد مبلغ التعويض:
يخول القانون للجنة التعويض تحديد مقدار ومبلغ التعويض الذي يدفع للموقوف البريء بحيث أن للجنة مطلق الحرية إذا قبلت طلب المحبوس في تحديد مبلغ التعويض أو حتى منحه دفعة واحدة أو على شكل أقساط أو مرتب، ويجوز لها أن تنشر قرار التعويض في الصحف، ويجب أن يعيد مبلغ التعويض التوازن المالي الذي أخلت به مخالفة لقاعدة " مساواة المواطنين أمام أعباء العامة"، ولا تتقيد اللجنة في هذا الموضوع بأي جدول حسابي، ولا بحدود معينة، ومما هو جدير بالذكر أن المبالغ الممنوحة من اللجنة ليست متساوية وإنما حسب كل طلب يرفع إليها وبحسب كل حالة على حدى.
4- تحمل عبء التعويض:
تتحمل الدولة دفع مبلغ التعويض المحكوم به للمحبوس البريء ولكنها تملك دعوى الرجوع بحيث نص قانون الإجراءات الفرنسي على أنه: يتم دفع التعويض على شكل مصروفات قضائية جنائية أي أنها لا تدرج في ميزانية وزارة العدل مثل إعانات الأفراد المحكوم ببر ائتهم بموجب قانون 1910 وانما اعتماد تقديري له طابع بيان يبلغ 250000فرنك في سنة 1971.
كما خول ق إ ج الفرنسي للدولة حق الرجوع بقيمة التعويض الذي منع من الحبس المؤقت على المبلغ سيء النية أو شاهد الزور الذي يتسبب في خضوع المتهم للحبس المؤقت أو اطالة مدته ( ) لكن فعالية هذا الحكم تظل نظرية أكثر منها عملية.
ثالثا –إجراءات التعويض:
ان الإجراءات المتبعة أمام اللجنة مستوحاة من اجراءات الدعوى المدنية والادارية في ذات الوقت وتختص اللجنة بالفصل في طلبات التعويض المرفوعة اليها من المضرورين من الحبس المؤقت عن طريق خزينة الدولة وفقا للمادة 137 مكرر، والتعويض الممنوح له يكون باتباع اجراءات محددة كالآتي، تضمنتها المواد من 137 مكرر الى المادة 137مكرر 14، ونلخصها فيما يلي:
1/يمنح التعويض المنصوص عليه في المادة 137 مكرر بقرار من لجنة تنشأ على مستوى المحكمة العليا تدعى : " لجنة التعويض وتتشكل هذه الأخيرة - لجنة التعويض- من :
*الرئيس الأول للمحكمة العليا أو ممثله.
*قاضي (02) حكم لدى نفس المحكمة بدرجة رئيس غرفة أو رئيس قسم أو مستشار ، أعضاء ، ويعين أعضاء اللجنة سنويا من طرف مكتب المحكمة العليا كما يعين هذا الأخير ثلاثة أعضاء احتياطيين لاستخلاف الأعضاء الأصليين عند حدوث مانع ، كما يمكن أن يقرر المكتب حسب نفس الشروط أن تضم اللجنة عدة تشكيلات وذلك بنص المادتين :137مكرر1، 137 مكرر2 من ق.إ.ج.
2/تكتسي اللجنة طابع جهة قضائية مدنية وتجتمع اللجنة في غرفة المشورة وتقوم باصدار قراراتها في جلسة علنية، تكون غير قابلة للطعن ولها القوة التنفيذية (المادة 137 مكرر 3) .
3/يتم إخطار اللجنة بعريضة في أجل لا يتعدى ستة (06)أشهر ابتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة نهائيا، وتودع العريضة الموقعة من طرف المدعي أو محامي معتمد لدى المحكمة العليا لدى أمين اللجنة الذي يسلم ايصالا بذلك ، وتتضمن العريضة وقائع القضية ، وجميع البيانات الضرورية لا سيما:
*تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس المؤقت وكذا المؤسسة العقابية التي نفذ فيها.
*الجهة القضائية المصدرة للقرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وكذا تاريخ هذا القرار .
*طبيعة وقيمة الأضرار المطالب بها.
*عنوان المدعي الذي يتلقى فيه التبليغات.(المادة 137 مكرر 4).
4/يقوم أمين اللجنة بإرسال نسخة من العريضة الى العون القضائي للخزينة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام في أجل لا يتعدى عشرين (20) يوما ابتداءا من تاريخ استلام العريضة ، كما يطلب أمين اللجنة الملف الجزائي من أمانة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرارا بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة (المادة 137مكرر5).
5/بامكان المدعي أو العون القضائي للخزينة أو محاميهما الاطلاع على ملف القضية بأمانة اللجنة، يودع العون القضائي مذكراته لدى أمانة اللجنة في أجل لا يتعدى شهرين (2) ابتداءا من تاريخ استلام الرسالة الموصي عليها المنصوص عليها في المادة 137 مكرر5 من هذا القانون (المادة 137مكرر6).
6/يتم اخطار أمين اللجنة المدعي بمذكرات العون القضائي للخزينة بموجب رسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام في أجل اقصاه عشرون يوما ابتداءا من تاريخ ايداعها ، ويقوم المدعى بتوجيه ردوده لأمانة اللجنة في أجل لا يتعدى ثلاثون يوما ابتداء من تاريخ التبليغ المذكور في الفقرة الأولى أعلاه.
وعند انقضاء الأجل المنصوص عليه في الفقرة الثانية أعلاه يقوم أمين اللجنة بارسال الملف الى النائب العام بالمحكمة العليا الذي يودع مذكراته في الشهر الموالي (المادة 137 مكرر 7).
7/ بعد إيداع مذكرات النائب العام يعين رئيس اللجنة من بين أعضائها مقررا (المادة 137 مكرر8).
8/ تقوم اللجنة أو تأمر بجميع اجراءات التحقيق اللازمة وخاصة سماع المدعي اذا اقتضى الأمر ذلك (المادة 137 مكرر 9).
9/ يحدد رئيس اللجنة تاريخ الجلسة بعد استشارة النائب العام ، ويبلغ هذا التاريخ من طرف أمين اللجنة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام للمدعي وللعون القضائي للخزينة في ظرف شهر على الأقل قبل تاريخ الجلسة (المادة 137 مكرر 10).
10/ تستمع اللجنة للمدعي والعون القضائي للخزينة ومحاميهما بعد تلاوة التقرير وتقديم النائب العام ملاحظاته( المادة 137 مكرر 11).
11/ اذا منحت اللجنة تعويضا يتم دفعه وفقا للتشريع المعمول به من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر، وفي حالة رفض الدعوى يتحمل المدعي المصاريف الا اذا قررت اللجنة اعفاءه جزئيا أو كليا منها (المادة 137 مكرر12)
12/ يوقع كل من الرئيس العضو المقرر، وأمين اللجنة على أصل القرار( المادة 137 مكرر 13)
13/ يبلغ قرار اللجنة في أقرب الآجال الى المدعي والعون القضائي للخزينة برسالة موصي عليها مع اشعار بالاستلام ، ويعاد الملف الجزائي مرفقا بنسخة من قرار اللجنة الى الجهة القضائية المعنية ( المادة 137 مكرر14).
رابعا – آثار وتطبيق مبدأ التعويض:
يترتب عن تطبيق مبدأ التعويض عن الخطأ القضائي الذي يتسبب فيه القضاة أثناء آدائهم لمهامه عدة آثار لا يمكن حصرها ، لكن نستطيع القول بأن بعض آثار تطبيق هذا المبدأ يمكن أن تنعكس على نشاط قضاة النيابة العامة والتحقيق في مجال ممارسة حق النيابة في المتابعة الجزائية، وممارسة حق قضاة التحقيق في التحفظ على المتهم وعزله عن المجتمع في المتابعة الجزائية ، وممارسة حق قضاة التحقيق ومن أجل ضمان عدم تأثير المتهم على دلائل الجريمة وعدم افلاته من بين يدي القضاة ، اذا لم يقدم ضمانات كافية أو فكر في الافلات ، ولا سيما ضبط المتهم متلبسا بالجريمة أو توفرت دلائل قوية ومتماسكة تثبت قيام وقائع جريمة خطيرة وتأكد اسنادها اليه.
وأخيرا فان التعويض عن الحبس المؤقت ليس شرطا لازما في الشرعية الاجرائية ولكنه ضمان يكشف عن قوة احترام القانون للحرية الشخصية ويكفل التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع( ).
المطلب الثاني : الحبس المؤقت الغير مبرر ومسؤولية الدولة عنه:
مما سبق التطرق اليه نستخلص أن الحبس المؤقت الغير مبرر أو التعسفي هو الحبس الذي يؤمر به دون أباب قانونية أو بمخالفة القانون، أو بالتطبيق الغير عادل في حد ذاته أو، لا يتوافق مع الكرامة الإنسانية، أولا يتوافق مع احترام الحق في الحرية وأمن الشخص وهو ما يستلزم التعويض عنه من طرف خزينة الدولة ، وباعتبار أن الحبس المؤقت من أعمال السلطة القضائية فانه من الضروري تقرير المسؤولية المدنية للدولة عن مثل هذه الأعمال فبموجب الدستور الجزائري الصادر في 28 نوفمبر 1996 حيث تنص المادة 49 منه على :" يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته"
أولا- مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية:
يأخذ المشرع الجزائري بوحدة الجهاز القضائي اذ نصت المادة الأولى من قانون الاجراءات المدنية على أن المحاكم هي جهات قضائية ذات الولاية العامة لهذا فان النزاع المتعلق بسؤولية الدولة عن المرفق القضائي هو جزء لا يتجزأ من النزاع الاداري.
وفي الواقع أن القرارات المتعلقة بالحبس المؤقت في قانون العقوبات الجزائري لا تلحق بالأعمال القضائية، ويؤمر بالحبس المؤقت لتفادي هرب المتهم أو مواصلة سير التحقيق أو الحفاظ على الأمن العام ،وتشكل القرارات المتعلقة بالحبس المؤقت ، أعمالا تحضيرية للعمل القضائي( ) .
وبهذا تكون هذه القرارات منفصلة عن العمل القضائي ، لهذا فان مساءلة الدولة عن تعويض المضرور من الحبس المؤقت لا يعتبر استثناءا من مبدأ مساءلة الدولة عن أعمال السلطة القضائية ، ولكن امتدادا للمسؤولية في القانون المدني.
بالاضافة للمادة 49 من دستور 1996 التي قررت مبدأ التعويض عن الأعمال القضائية فقد أصدر التشريع الجزائري مؤخرا نصوص قانونية تحدد مسؤولية الدولة في تعويض المتهم المحبوس حبسا مؤقتا ثم ظهرت براءته وهذا وفقا للمادة 137 مكرر من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري.
ثانيا-شروط تطبيق المسؤولية:
يجوز تطبيق مبدأ مسؤولية الدولة و تقريره عن تعويض المضرور من الحبس المؤقت حتى لو لم يوجد خطأ من جانب مرفق القضاء و ذلك لسببين.
الأول:تفادي البحث عن أخطاء القضائي و لمصلحة هذا الأخير، وتجنب كل مساس بحرمته، و سلطته.
الثاني: يتمثل في أن مسؤولية الدولة على أساس المخاطر مأخوذ بها في القانون الإداري الذي ينطبق على موضوع الحبس المؤقت.
و تجدر الإشارة إلى أنه بتوافر شروط أخرى، معينة تثبت مسؤولية الدولة في تعويض المضرور، و هذه الشروط تتمثل في ما يلي:
* أن يكون المتهم قد حبس مؤقتا.
* أن يصدر قرارا بألا وجه للمتابعة أو حكم نهائي بالبراءة.
* ضرورة توافر ضرر غير عادي و ذو جسامة معينة( ).
1-- أ: علي بولحية بن بوخميس, المرجع السابق, ص 28.
المبحث الأول: شروط الرقابة القضائية و التزامات الخاضع لها
المطلب الأول: شروط الرقابة القضائية
جاءت الرقابة القضائية كبديل للحبس المؤقت، و هي إجراء للإكراه و الإجبار و ليس للإعفاء و المساعدة. و لا يعتبر نوع من الوضع تحت الاختبار خرقا للقانون العام و منه فإن الجهات المختصة بالإجراء الأصلي، أي –بالحبس المؤقت- هي نفسها المختصة بالوضع تحت الرقابة القضائية فالاختصاص مرتب حسب إجراءات سير الدعوى الجنائية في مرحلة التحقيق من قاضي التحقيق إلى غرفة الاتهام إلى قضاء الحكم، و للوضع تحت الرقابة القضائية شروط موضوعية و أخرى شكلية نتعرض لها فيمايلي:
أولا- الشروط الموضوعية للرقابة القضائية:
تخضع الرقابة القضائية بمعرفة قاضي التحقيق للأحكام المقررة في المادتين: 123 و 125 مكرر1 من ق.إ.ج الجزائري، و يستفاد من نص المادتين شرطين هما:
1- كفاية التزامات الرقابة القضائية كبديل للحبس المؤقت: إن الحبس المؤقت إجراء استثنائي و إن اللجوء إليه يكون بهدف تحقيق مصلحة غالبا ما تكن مصلحة التحقيق، ومصلحة المتهم احيانا، وإذا كان نظام الرقابة القضائية يكفي لتحقيق هاتين المصلحتين فهو جدير بأن يحل محل الحبس المؤقت كبديل له. والحبس المؤقت توسع فيه القضاء إلى أن أنقلب أصله الاستثنائي على قاعدة عامة لعدد من المبررات منها مثلا: مصلحة التحقيق، و عدم هروب المتهم من العقوبة و التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة، و هي مبررات مرنة، و لكن القضاء توسع في استعمال هذه المبررات، الأمر الذي أدى بالمشرع إلى إيجاد نظام الرقابة القضائية كوسيلة للحد من اللجوء إلى الحبس المؤقت و المبالغة فيه، ذلك أن في كثير من الأحيان يمكن لنظام الرقابة القضائية أن يحقق هذه المبررات بفرض التزامات تحقق لقاضي التحقيق نفس الأهداف التي سيحققها له حبس المتهم مؤقتا تماشيا مع قرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم قبل الحكم النهائي ضده فيكون إجراء الرقابة القضائية أفضل من الحبس، و لذا فاستبدالها و اللجوء إليها يوفر لقاضي التحقيق ضمانات مناسبة اتجاه المتهم كيفما شاء لإظهار الحقيقة و الكشف عنها.
2- إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضت لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد: يستفاد من هذا الشرط أنه إذا تبين أن الواقعة المتابع بها المتهم تشكل جنحة أو مخالفة معاقب عليها بغرامة لا يكون المتهم خاضعا لنظام الرقابة القضائية، و من ثمة فإن المشرع لم يضع قيودا خاصة على تطبيق إجراء الرقابة القضائية حيث لم ينص على أي شرط آخر سوى ما تعلق بوصف الجريمة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس (المادة 125 مكرر1 الفقرة الأولى)( ).
ثانيا-الشروط الشكلية للرقابة القضائية:
لم يحدد المشرع الجزائري ضمن أحكام المواد 125 مكرر1 و 125 مكرر3 شكلا معينا لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية ثلاثة شروط شكلية و هي كالاتي:
1- أن يصدر أمر الوضع تحت الرقابة القضائية من قاضي التحقيق: يأمر قاضي التحقيق تلقائيا بالوضع تحت الرقابة القضائية مع إبلاغ وكيل الجمهورية دون تسبيب ذلك، و أن لا يخضع هذا الأمر للاستئناف من طرف المتهم أو وكيل الجمهورية و الطرف المدني على الرغم من أن القاعدة العامة تقضي بأن كل الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق ضد المتهم قابلة للاستئناف باستثناء أمر الإيداع في الحبس المؤقت و هو أخطر الأوامر على حرية المتهم، و يستشف من نص المادة 125 مكرر2 من قانون .إ.ج المعدلة لقانون: 18/08/1990 أن الحالة الوحيدة التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمرا قضائيا مسببا بخصوص الرقابة القضائية هي عندما يفصل في طلب المتهم برفع الرقابة القضائية و ذلك في أجل 15 يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب و تضيف الفقرة الأخيرة من نفس المادة:" إذا لم يفصل قاضي التحقيق في هذا الأجل لكل من المتهم أو وكيل الجمهورية أن يلجأ مباشرة إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في أجل 20 يوما من تاريخ رفع القضية إليها". و قد تدارك المشرع الجزائري ذلك بالتعديل الجديد بقانون: 01-08 المؤرخ في: 26 يونيو 2001 الذي أقر بالاستئناف للمتهم ضد الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية.
2- أن يصدر أمر رفع الرقابة القضائية بناء على طلب وكيل الجمهورية أو بعد إبلاغ او استشارة وكيل الجمهورية: نصت المادة 125 مكرر2 على:" يأمر قاضي التحقيق برفع الرقابة القضائية سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية". فشرط استشارة وكيل الجمهورية كي يبدي رأيه في طلب المتهم برفع الرقابة القضائية شرط شكلي الهدف منه إطلاع وكيل الجمهورية طبقا للقواعد العامة على كل التصرفات التي لها أثر على سير التحقيق فيتقدم وكيل الجمهورية بطلب يرمي إلى رفع الرقابة القضائية أو إلغائها عن المتهم و إن لم يفصل القاضي في أجل خمسة عشرة(15) يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب يمكن لوكيل الجمهورية أن يلجأ مباشرة إلى غرفة الاتهام، و يعتبر سكوت قاضي التحقيق و امتناعه عن الفصل خلال المدة المحددة قانونا رفض ضمني يجوز لوكيل الجمهورية أو للمتهم خلال المدة المحددة بالمادة 125 مكرر أن يعرض الأمر على غرفة الاتهام للفصل فيه.
3- تسبيب الأمر الفاصل في طلب المتهم في مدة 15 يوما: يتضح من نص المادة 125 مكرر فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري أنها اشترطت التسبيب في أمر رفض الاستجابة لطلب المتهم برفع الرقابة القضائية عليه، و حددت أجل 15 يوما ابتداء من يوم تقديم الطلب، و هي الحالة الوحيدة التي يصدر فيها قاضي التحقيق أمرا قضائيا بخصوص الرقابة القضائية، كما أجازت للمتهم اللجوء إلى غرفة الاتهام للفصل في طلبه، و لكن المشرع الجزائري كان من قبل لم يشر أو يذكر في المادة 172 فقرة1 الأمر المنصوص عليه في المادة 125 مكرر 2 من ضمن الأوامر التي يجوز للمتهم استئنافها أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي لا بعد التعديل الجديد بالقانون : 01-08 المؤرخ في: 26 يونيو 2001( ) الذي أقر حق الاستئناف للمتهم ضد الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية.
المطلب الثاني: التزامات الخاضع للرقابة القضائية
تكمن الرقابة القضائية في الخضوع إلى أحد الالتزامات المنصوص عليها في المادة 125 مكرر1 و تتمثل هذه الالتزامات أحيانا في فرض أعمال معينة على المتهم، و في غالب الأحيان في منعه من القيام بعمل محدد، و من ثمة يمكن تقسيم هذه الالتزامات إلى: التزامات إيجابية و أخرى سلبية.
أولا-الالتزامات الإيجابية
وردت هذه الالتزامات في البنود:3-4-7 من المادة 125 مكرر1 و تتمثل فيما يلي:
1- مثول المتهم دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق: (البند3) و هو الالتزام الأكثر شيوعا، و إذا كان المشرع الجزائري لم يحدد على غرار المشرع الفرنسي السلطات التي يلزم المتهم بالحضور أمامها فغالبا ما تكون مصالح الشرطة القضائية.
2- تسليم وثائق السفر: (البند4)، و يقصد بهذا الإجراء سحب جواز السفر من المتهم لمنع هروبه خارج الوطن و هو من أخطر الالتزامات التي يخضع لها المتهم لما يشكله من قيد على حرية التنقل، و على خلاف الالتزام سالف الذكر، حدد المشرع هذه المرة الجهة التي تسلم إليها وثائق السفر و هي: كتابة الضبط أو مصالح الأمن التي يعينها قاضي التحقيق.
3- تسليم البطاقات و الرخص المهنية: (البند4) و يقصد بهذا الإجراء سحب البطاقة المهنية من المتهم و الرخص التي تسمح له بممارسة نشاط مهني.
إن الغرض من هذا الالتزام غامض، و يحتمل قراءتين: فإما ان يكون هدف هذا الإجراء وقائيا هو منع المتهم من استعمال البطاقات لمذكورة ليس إلا، و إما أن يكون الهدف منه منع ممارسة مهنة و في هذه الحالة يكون هذا الالتزام متداخلا مع الالتزام الذي ورد في البند (5) بعنوان: الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية.
4- الخضوع إلى بعض الفحوص العلاجية: (البند7) يجوز لقاضي التحقيق أمر المتهم بالخضوع إلى فحص طبي أو إلى علاج معين أو أي إجراء طبي آخر و لو اقتضى ذلك دخوله إلى المستشفى لا سيما من أجل إزالة التسمم.
ثانيا-الالتزامات السلبية:
وردت هذه الالتزامات في البنود: 1-2-5-6-8 من المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري و تتمثل فيمايلي:
1-عدم مغادرة حدود إقليمية معينة:(البند1) و يهدف هذا الالتزام إلى ضمان بقاء المتهم تحت تصرف قاضي التحقيق حيث لا يجوز له مغادرة الحدود الإقليمية التي يحددها له قاضي التحقيق إلا بإذن منه.
2- عدم الذهاب إلى أماكن محددة:(البند2) يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من الذهاب إلى أماكن محددة، و يهدف هذا الإجراء أساسا إلى منع تردد المتهم على بعض الأماكن كالحانات، و محلات لعب القمار، و مكان ارتكاب الجريمة...الخ.
3- الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية:(البند5) لقاضي التحقيق أمر المتهم بعدم القيام ببعض النشاطات المهنية إذا كانت الجريمة قد ارتكبت أثناء أو بمناسبة ممارسة هذه النشاطات و كذا عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة.
4- عدم الاتصال بالغير:(البند6) يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من رؤية أشخاص يعينهم أو الاجتماع ببعضهم و يهدف هذا الإجراء أساسا إلى منع المتهم من الاتصال بشركائه في الجريمة و كذا بالشهود.
5- الامتناع عن إصدار الشيكات:(البند8) و هو التزام إضافي للامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية و يهدف هذا الالتزام المرفق بإيداع نماذج الصكوك لدى كتابة الضبط إلى الحظر على المتهم إصدار شيكات إلا بإذن من قاضي التحقيق، و هذا إما لمنعه من تنظيم إعساره و إما لتفادي تكرار فعل إصدار شيكات بدون رصيد.
و يجوز لقاضي التحقيق إعادة النظر في هذه الالتزامات بالإضافة أو الحذف أو التعديل، و يكون ذلك بموجب قرار مسبب غير قابل للاستئناف كما قضي في فرنسا، ويلاحظ على الالتزامات المذكورة هو أنها لم تتضمن مجموعة من الالتزامات الأخرى التي وردت في التشريعات المقارنة لسيما منها الفرنسي نذكر منها على وجه الخصوص:
حظر مغادرة مكان الإقامة أو المسكن، الامتناع عن حمل السلاح أو حيازته، الامتناع عن السياقة ، رغم ما لهذه الالتزامات من أهمية عملية وما تحققه من أغراض وقائية.
المبحث الثاني: مدة الرقابة القضائية وانتهاءها
المطلب الأول: مدة الرقابة القضائية
إن تنفيذ الرقابة القضائية يستوجب التطرق إلى بداية سريان الرقابة القضائية والاختصاص الإقليمي بشأنها حيث تنص المادة 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أنه: " تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق، وفي حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية".
يتبين من هذا النص أن الرقابة القضائية تسري ابتداء من التاريخ المحدد في قرار قاضي التحقيق الذي أمر بها ويبلغ هذا الأمر شفاهتا للمتهم الخاضع للرقابة القضائية من طرف قاضي التحقيق الذي يفترض أن يكون المتهم ماثلا أمامه سواء كان بواسطة استدعاء أو بموجب أمر ضبط واحضار وتدوم الرقابة القضائية مبدئيا مدة سير التحقيق وللمتهم أن يطلب رفع الرقابة القضائية ولابد لقاضي التحقيق أن يفصل في طلب المتهم بأمر مسبب في أجل 15 يوم ابتداء من يوم تقديم الطلب( )، واذا لم يفصل قاضي التحقيق في الأمر خلال هذه المهلة جاز للمتهم أو وكيل الجمهورية اللجوء الى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في أجل عشرين (20) يوما من تاريخ رفع القضية إليها.
أما في الاحالة أمام جهة الحكم فلا تنتهي الرقابة القضائية بل النص يقضي باستمرارها وبقائها الى أن ترفعها الجهة المحال عليها الملف، بعد ارسال مستندات القضية الى النائب العام، الى غاية مثول المتهم أمام الجهة القضائية المعنية (محكمة الجنح أو محكمة الجنايات).
وقد أجاز القانون لجهة الحكم أن تأمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية في حالة تأجيل الحكم في القضية من جلسة الى أخرى أو لأمر باجراء تحقيق تكميلي وفقا للمادة 125 مكرر 3 الفقرة الثانية.