yacine414
2011-02-11, 19:07
المقدمة
أولا: تمهيد:
إن الحق الفكري أو الذهني حق يتربع بدون منازع على عرش كل الحقوق، ويحتل مركزا بارزا ضمن حقوق الملكية وذلك لاتصاله بأسمى ما يملكه الإنسان وهو العقل في إبداعاته وتجلياته الفكرية، و لهذا قد امتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى بالخلق والإبداع فهو سيد هذه المخلوقات بذكائه وعقله وتفكيره فاستطاع بهذه الملكات أن يسخر عناصر الكون لفائدته
و مصطلح الملكية الفكرية إذا ما أطلق فيراد به الحق المعنوي ، وهو حق غير مادي
كحق المخترع على اختراعه والصانع على منتجه والمؤلف على مصنفه.
والملكية الفكرية في حد ذاتها تتقسم إلى قسمين:
- ملكية صناعية
- ملكية أدبية وفنية
ومن بين حقوق الملكية الصناعية نجد براءة الاختراع والتي تعتبر من أهم هذه الحقوق، ذلك أن الاختراع قديم قدم الإنسان على عكس المفاهيم الأخرى للملكية الصناعية (علامات تجارية – تسمية المنشأ – رسوم ونماذج صناعية ) والتي تعتبر حديثة النشأة فهي مرتبطة بالتطور الصناعي الذي عرفه القرنين السالفين.
ولقد اهتم التشريع الجزائري كغيره من التشريعات المقارنة موضوع البراءة وأفرد لها قوانين خاصة وكذا حماية خاصة ا فقد نظمها بقانون شهادة المخترعين وبراءة الاختراع رقم 66-54 المؤرخ في 11 ذي القعدة عام 1385 والموافق لـ 1966/03-08 والملغي بالمرسوم التشريعي رقم 17 – 93 المؤرخ في 23 جمادى الثانية عام 1414 الموافق لـ 7 ديسمبر سنة 1993 والمتعلق بحماية الاختراعات.
والملغى هو الآخر بمقتضى الأمر07-03 و الذي سيكون محل دراستنا .
ثانيا: أهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذه الدراسة لكونها محاولة جديدة نسبيا ( مقارنة مع البحوث الوطنية ) لتسليط الضوء على عدة مجالات مترابطة فيما بينها، تبدأ بدراسة أهمية نظم الحماية التي كفلتها قوانين براءة الاختراع الوطنية والعالمية ثم دراسة موضوع الحماية والذي يتمثل في براءة الاختراع لذلك نتعرض لها بالتعريف وذكر شروط الحصول عليها ( الموضوعية والشكلية ) وفي الأخير نتعرض إلى الحماية القانونية لبراءة الاختراع سواء الحماية الداخلية أو الحماية الدولية ونختم دراستنا بالتعرض إلى دور القضاء في حماية براءة الاختراع ، إذ لا يكفي أن تحمل هذه التشريعات نصوصا تؤكد أصل الحق ( النصوص الموضوعية ) أو وسيلة بلوغه (النصوص الإجرائية ) بل يتعين أن يكون بلوغ هذا الحق عبر الوسائل المختلفة كفيلا من خلال قنوات فعالة تسهر على ضمان انسياب مياه العدالة في جوانبها سلطة قوية قادرة على أن تحمي الحق من أي إنتهاك والنصوص من أي عبث.
ثالثا: الإشكالية :
• ما هي أهمية نظم الحماية المقررة للبراءة في التشريعات الوطنية والمقارنة ؟
• ما هو موضوع هذه الحماية ؟
• فيما تتجسد هذه الحماية – الوطنية والدولية – وماهي أهميتها ؟
• ما هي ضمانات هذه الحماية ؟
رابعا : فرضيات الدراسة :
قمنا بصياغة عدة فرضيات لهذه الدراسة – فرضيات نفي وفرضيات إثبات- و سنحاول الإجابة عنها و التأكد من صحتها ضمن هذه الدراسة :
• تعتبر البراءة أداة فعالة لحماية الإختراع و المخترع على حد السواء .
• نجح المشرع الوطني من خلال التشريعات المتتالية في وضع مفهوم البراءة و شروطها الموضوعية والشكلية .
• واكب المشرع الوطني التطورات القانونية التي حصلت في التشريعات المقارنة .
• تعتبر الحماية القانونية التي وضعها المشرع الوطني كفيلة للحماية الفعلية للإختراع والمخترع .
• تعتبر الإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الإختراع كفيلة للحماية الفعلية للإختراع والمخترع .
• يعتبر القضاء الوطني بصفة خاصة والدولي بصفة عامة ضمان جيد لتكريس الحماية القانونية .
خامسا : أسباب اختيار الموضوع :
وقع اختيارنا على هذا الموضوع لعدة أسباب نستطيع إيجازها فيما يلي:
حداثة الموضوع باعتباره يخضع إلى تعديل جديد ولتصدره في الكتابات القانونية والملتقيات الدولية وكدا الندوات.
توفر الوثائق اللازمة لإنجازه.
الرغبة في إلقاء الضوء على ما توصلت إليه المجتمعات والحماية التي أقرتها عن طريق الاتفاقيات الدولية.
تطبيق الجزائر لسياسة اقتصاد السوق مع بداية التسعينات وارتقاب انضمامها لاتفاقية منظمة التجارة العالمية (OMC)، بالإضافة لتوقيعها اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أحداث اقتصادية مهمة و كل هذه الأحداث قد مست بالملكية الصناعية بصفة عامة .
سادسا : المنهج وأدوات التحليل المستعملين في الدراسة :
قصد الإجابة عن الإشكالية المطروحة في هذه الدراسة، وكذا اختبار فرضياتها المتبناة تم اختيار المنهج التحليلي تارة والمنهج المقارن ثارة أخرى .
سابعا : صعوبات البحث
تتمثل أهم الصعوبات التي واجهتنا أثناء إعداد هذا البحث في تشعب الموضوع وحداثته، لأن براءة الإختراع مفهوم متشعب يشمل العديد من المجالات المختلفة، إضافة إلى صعوبة الحصول على معطيات دقيقة مثل تعداد الأعمال العلمية، نظرا للانعدام الجزئي أو الكلي للإحصائيات الرسمية وكذا انعدام المراجع الوطنية التي عالجت موضوع الحماية على ضوء القانون الجديد.
فصل تمهيدي
أهمية نظم الحماية
عرف الإنسان مند القدم ضرورة حماية المبدعين و تشجيعهم، بأن ضمن لهم المجتمع حماية حقوقهم المادية و المعنوية المترتبة عن اختراعهم ، و قد أنشئت براءة الاختراع كأداة لهذا الغرض و أصبحت وسيلة لحماية الملكية الصناعية .
وبإجراء نظرة سريعة لتاريخ الحماية الفكرية، يتضح لنا الحاجة التي أدركها البشر لمثل هذا الإجراء من خلال معاناة المخترعين من عدم تقدير أعمالهم و أفكارهم، بل قد يصل الأمر إلى محاربتهم.... و لعل قصة" سنمار" وجزائه من الأمثلة المناسبة للدلالة على عكسية التفكير، حيث كان جزاء هذا المهندس أن يلقى من أعلى البناء الذي شيده . أما الرومان فكان جزاء أحد المخترعين القتل لأنه إخترع زجاجا لا ينكسر،و ظن الإمبراطور أن هذا الإختراع سيجعل الذهب عملة وضيعة فتنهار الدولة ، و كذلك المهندسون الذين شيدوا تاج محل قطعت أيديهم ......والتاريخ ملئ بمثل هذه الأخبار .
فما هي إذن فوائد نظم الحماية ؟ ....
يعزو الكثير من المفكرين التقدم الهائل في الصناعة إلى نظم الحماية الفكرية التي بدأت في أوائل القرن 18 حيث أصبحت المحك الأول الذي أوجد نوعا من التنافس الشريف بين المبتكرين لما حصلوا عليه من مردود مادي لاخترعا تهم و للصناع الذين ساعدوا على تطوير سلع جديدة وتسويقها لحسابهم لفترة معينة، مما زاد أرباحهم لتستثمر في تطوير سلع جديدة و هكذا .
هذا و يعتبر من البديهي أن الفكرة التي يأتي بها المخترع المبدع، تعطيه إذا نتج عنها ثمار وأتت بأكلها في صورة اختراع ، حقا مزدوجا ، فهي من جهة تعطيه حقا معنويا يتمثل في الاعتراف له بالأبوة على تلك الفكرة ، لذلك ما زال اسم "بل" مخترع الهاتف و "ناكمات" الياباني مخترع محرك الأقراص المرنة ...منقوش بأحرف من ذهب في ذاكرة التاريخ .
كما تعطي الفكرة صاحبها من جهة أخري حقا ماليا، يتمثل في الإعتراف له بهذا الإختراع وإعطائه الحق في استثماره استثمارا مشروعا و حمايته ، و المراد بالحماية بموجب البراءة، أن الإختراع لا يمكن صنعه أو الانتفاع به أو توزيعه أو بيعه لأغراض تجارية دون موافقة مالك البراءة .
ولمالك البراءة الحق في تقرير من الذي يجوز له أو لا يجوز له الإنتفاع بالإختراع المشمول بالبراءة خلال مدة الحماية، و يجوز لمالك البراءة التصريح لأطراف أخرى و الترخيص لها بالإنتفاع بالإختراع وفقا لشروط متفق عليها .
و من الناحية العلمية ، فقد ساهم نظام الحماية في إثراء البحوث النظرية ، وجعلها تنتقل من عالم الخيال إلى عالم الواقع ، حيث زاد الإهتمام بالنواحي الأكاديمية و التجريبية من منطلق تنافسي يرقى إلى المستوى الدولي و أنشأت المكتبات الكبيرة و المعامل و مراكز البحث و التطوير، و لعل السباق المحموم بين الو. الم. الأ و الإ.السوفيتي في الستينات على غزو الفضاء و الوصول إلى القمر هو قمة هذه المنافسة و التي و بطريق غير مباشر ساعدت على تطوير كثير من العلوم لتخدم الحضارة و المدنية الإنسانية فرب ضارة نافعة.
بعض الكتاب يشير إلى أن أول من أشار إلى ضرورة إيجاد شكل من أشكال الحماية للاختراعات كان الأمير James ملك بريطانيا لما له من فعالية سواء من الناحية الإقتصادية أو حتى السياسية والثقافية.
فالبراءة تعتبر وسيلة للنهضة التكنولوجية "le brevet est un instrument de veille technologique" ذلك أن المعلومات التي توفرها البراءة تعتبر منبع المعلومات التكنولوجية العالمية الكاملة و الأكثر نظامية la plus systématique ذلك أن 80% من المعلومات العلمية و التقنية موجودة في البراءة .
كذلك يمكن إعتبار البراءة كمؤشر على التطور التكنولوجي والتنافسية les brevets comme indicateurs de la technologie et de concurrence . و للتدليل على هذا، نأخذ هذا المثال التوضيحي لمؤسسة تعمل في مجال LE GENIE GENETIQUE تريد أن تعرف التوجيهات الإستراتيجية لواحد من منافسيها عن طريق ملاحظة حجم الإخترعات و المؤهلات التكنولوجية لهذه المؤسسة معتمدة في ذلك على عدد البراءات الحاصلة عليها المبينة في هذين الجدولين التكرارين :
مقدار الإخترعات:الخطوة الأولي تتطلب جمع المعلومات من البراءة لهذا المنافس ثم مقدار أو حجم إختراءاته لمؤسسة المنافسة يمكن أن تتقلص بمساعدة الجدول التكراري الذي يبين البراءت الموزعة سنويا المبينة في الجدول رقم 1
ملا حظ أن عدد البراءات الممنوحة لهم قد ارتفعت بين1999, ،2003 تؤكد أن مجهوداتR D لهذا المنافس قد ارتفعت في هذه الفترة.
Fig.1 Taux d'innovation d'une entreprise
المؤهلات التكنولوجية:المؤشر الثاني يدور حول التنوع الوظيفي R D المؤسسة(profil technologique)
هذا الأخير (المؤهلات التكنولوجية)حصلنا عليه بمساعدة مدرج التكراري الذي يبين عدد البراءات الموزعة في مجال من المجلات الكثيرة في الفترة الممتدة بين 2001و2002 (أنظر المدرج التكراري رقم 2) هذا الجدول بين من خلال ملاحظة عدد البراءات الموزعة في كل مجال على حدى بان مجهودات المؤسسة المنافسة قد كتفت في مجال ; Génie génétique médical ومن جهة أخرى توسعت في مجال la reproduction animale et de peptides
Fig.2 Orientation de la R&D d'une entreprise
كما نتج عن نظم الحماية، أن تحولت البحوث المهملة التي كانت تنشأ في المعاهد و الجامعات إلى دراسات واقعية و ترجمت إلى ابتكارات ، و ثم حمايتها ، مما أدى إلى وجود جو تنافسي شريف بين الباحثين ,و بدأ الجميع في النظر إلى البحوث التي تهتم بالابتكار، و تبتعد عن التقليد والإفراط في البحوث النظرية و تحولت المشاريع الخاصة بالتخرج و الدراسات العلمية إلى مبتكرات يعنى أصحابها التميز المعنوي و الربح المادي كما سبق الإشارة إليه .
هذا و يعتبر بعض الفقه أن البراءة وسيلة لتقييم الاختراعات الابتكارية le brevet: un moyen de valoriser l'innovation كما يمكن اعتبار نظم الحماية الإختراع و المتجلات أساسا في البراءة بالنسبة للمؤسسات كمؤشر للطاقة بالنسبة لهذه المؤسساتle brevet:un indicateur du dynamisme
هذا و يمكن الإشارة إلى أنه تستعمل أغلب مؤشرات التنافسية الاقتصادية للدول أو المؤسسات ، و التي تعهدها هيئات دولية مختلفة براءة الاختراع للدلالة على إمكانية دولة ما أو مؤسسة في الجانب التكنولوجي و كذا لقياس نتائج البحث والتطوير في الميدان العلمي و التقني .
إن نظام الحماية الذي توفره براءة الإختراع ، نظام جد فعال ذلك أنه يساعد على تنمية المعارف التقنية و ذلك بفضل وظائفها الثلاث الأساسية :
تطوير الإختراعات
التزويد بالمعلومات التقنية .
تسهيل الدخول إلى التكنولوجيا وتحويل التكنولوجيا.
و للتدليل على أهمية نظم الحماية و مدى التقدم الهائل التي حققته الدول المتقدمة، و الفرق الشاسع بيننا و بينهم، نستدل على هذه الحقائق بالأرقام:
• عدد براءات إديسون 1050براءة.
• عدد براءات السيد ناكاماتي الياباني2400براءة و هو مخترع محرك الأقراص المرنة .
• يتجاوز عدد موظفي مكتب البراءات الأمريكي 9000فرد منهم أكثر من 3000فاحص
• تصدر مكاتب البراءات في الدول الصناعية أكثر من 300000براءة سنويا مجتمعة
• حول مكتب البراءات الأمريكي ما قيمته 200مليون دولارا لميزانية الحكومة المقدر إليه في العام 2001وذلك كإيرادات
وقد أصبح الآن من البديهي أن حماية الاختراع، عن طريق منح البراءة إلى صاحبه كجزاء لإبداعه و مكافأته ماليا لاختراعه القابل للتسويق و تشجيع هذه الحوافز على الابتكار الذي يضمن استمرارية تحسن نوعية الحياة البشرية .
و في الواقع تسربت الاختراعات المشمولة بالبراءات (أي المشمولة بالحماية) إلى كل نواحي الحياة البشرية و امتدت من الإضاءة الكهربائية (مالك البراءة شركة ايديسون وسوان) و البلاستيك (مالك البراءة بيكلاند) إلى أقلام الحبر الجاف (مالك البراءة بيرو ) و أجهزة الحاسوب (مالك شركة أنتال مثلا)
و في المقابل هذه البراءات التي تؤمن الحماية، يلتزم جميع مالكي البراءات بالكشف عن المعلومات المتعلقة باختراعاتهم للجمهور، من أجل إثراء مجموعة المعارف التقنية في العالم مقابل الحماية الممنوحة بموجب البراءة وتؤدي ذلك المجموعة من المعارف العامة المتزايدة بدون انقطاع إلى تشجيع مزيد من الإبداع و الابتكار في مجالات أخرى ، و على هذا المنوال لا تكفي البراءات بتوفير الحماية لمالك البراءة فحسب بل تتيح معلومات قيمة و تلهم الأجيال القادمة من الباحثين والمخترعين
كما تعتبر البراءة (نذكر أننا عندما تكلمنا عن البراءة فنقصد بها نظم الحماية) سلاح اقتصادي une arme économique لهذا السلاح وظائف متعددة:
1. فهو من جهة عبارة عن سلاح دفاعيarme défensive لأنه يحمي حقوق المخترعين وحقوق المؤسسات المخترعة.
2. و من جهة ثانية يعتبر سلاح هجومي arme offensive : ذلك لأن البراءة تمنح للاقتصاديين les opérateurs économiques الوسائل لربح الأسواق
3. و من جهة ثالثة يعتبر سلا ح موقف للأخطارarme de dissuasion و التهديدات التي يواجهها المخترع أو المؤسسة المخترعة من قبل باقي المخترعين والمؤسسات المخترعة
ونظرا لهذه الأهمية العظمى التي توفرها نظم الحماية في القرن الحالي في عصر التطور و التكنولوجيا ،حيث أصبح كل يوم يصدر اختراع ينسينا قي الاختراع الذي جاء قبله أخذ جميع المخترعين و المؤسسات المخترعة تعتني و تحرص على الحصول على البراءة لضمان الحماية ,فقد تطور المستوى الفكري العالمي حيث أصبحت البراءة عندهم جزءا لا يتجزأ من الاختراع ،و آخر الإحصائيات (2005) تقول أنه توجد 25000براءة اختراع موزعة في كل أسبوع في العالم بأسره، و لا شك أن هذا الرقم هائل غير أنه فعلا يعطينا فكرة دقيقة على مستوى التطور الدولي في المجال الصناعي
كما أصدر مكتب براءات الاختراع و العلامات التجارية في الو.م .أUPTSO قائمته السنوية الخاصة بأفضل المخترعين، فمن بين 2941براءة اختراع ثم منحها في المجمل كانت حصةIBM أكثر من أي شركة أخرى وذلك للسنة13 على التوالي ."في عام 2005، تسلمت آي بي إم 1,100 براءة إختراع زيادة عن أي شركة أخرى. و هذه هي السنة الثامنة على التوالي التي تقوم فيها آي بي إم بتسلم أكثر من 2,000 براءة إختراع أمريكية. لقد تم إصدار نتائج براءات الإختراع الخاصة بعام 2005 اليوم من قبل مكتب براءات الإختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة.
وهذا ما يؤكد أن أي بي أم هي الشركة الأكثر إبداعا التي تقدم والحلول المتطورة التي تلي الاحتياجات المتطورة و المستمرة في السوق العالمية هدا ما يؤكد أيضا أن البراءة أصبحت مؤشرا للإبداع ".
وقد بدأ المخترعون يهتمون بهذه الوسيلة للحماية ( البراءة ) و أصبحوا يتسابقون للحصول على هذه البراءة، كضمان أو وسيلة لحماية اختراعاتهم.
غير انه بالرغم من جميع الأطر الايجابية التي وفرتها نظم الحماية في العصر الحالي ، فإنه يبقي لتقوية الملكية الصناعية ببراءة الاختراع أثرين متعارضين على الرفاه الاقتصادي، فهي تضفي على المدى القصير قوة احتكارية على أصحاب براءات الاختراع و تقلل المنافسة وتزيد الأسعار في السوق التي يباع فيها المنتج الصادر له براءة الاختراع، أما على المدى البعيد فإنها بتوفير الريوع الاحتكارية و تزيد من الحافز على إجراء البحوث والتطوير من خلال السماح بتعويض التكاليف الثابتة للبحث والتطوير وتحقق الحوافز الأفضل بدورها مكاسب ديناميكية طويلة الأجل في صورة تكنولوجيا محسنة ومنتجات أفضل.
و قد رأت المجتمعات التي أخدت بحماية براءات الإختراع، أنها إجمالا سوف ترجح كفة المكاسب الديناميكية على تكاليف تحقيق الحماية قصيرة الأجل .
أما بالنسبة للدول النامية فتختلف لسببين:
الأول:أن هذه البلدان باعتبارها مستخدما صرفا و ليست مصدرا صرفا للمنتجات التي تتسم بكثافة عمليات البحوث و التطوير، لا تستفيد من الأرباح الإحتكارية التي تولدها حماية براءة الإختراع ، بل إن المستهلكين في هذه البلدان على النقيض من ذلك يعانون مما يسفر عنه ذلك من زيادة في الأسعار .
الثاني:أثبتت عدد من الدراسات أن صافي خسائر الرفاه الذي تتكبده البلدان النامية من جراء ارتفاع مستويات حماية براءات الاختراع للأدوية قد تكون كبيرة وان أسعار الأدوية سترتفع بين 50% - 25% إذا طبقت حماية براءات الاختراع .
وهذا فعلا ما صرحت به ايلين هوين مديرة برنامج منظمة أطباء بلا حدود الذي يهدف الحصول على الأدوية الضرورية في ريو دي جانيرو:<< بدأنا نشاهد الآن بعد رحلة الكفاح الشاقة الموجة الثانية من أزمة أسعار أدوية مقاومة فيروس الايدز لان إمكانية المنافسة في إنتاج الأدوية قد قلت بسبب تطبيق قوانين حماية براءة الاختراع>>
إذا فالحماية عن طريق براءة الاختراع , يجب أن تكون فعالة EFFICASSE لكن يجب أن تكون لها حدود واضحة هذه الحواجز تهدف لاجتناب عوائق البحث و تطوير الاختراعات إلى جانب وضع أو خلق نوع من التوازن بين المصالح المتنوعة للمجتمع و المبادئ الاجتماعية و البحث و الاقتصاد.
إن الاختراعات و إبداع الفكر يعتبر محرك للنمو الاقتصادي في مجتمع المعرفة توفر الحماية للاختراعات عن طريق البراءة الشروط الأساسية لترقية الطاقة الاختراعية
و في الأخير يمكن القول أن الاختراع هو انعكاس للشخصية المعنوية للمبتكر، فان معيار التفاضل بين الفرد و الآخر أو بين الأمم أصبح يعتمد على مستوى الإبداع الفكري و نخص بالذكر الإبداع الصناعي الذي يتجسد خاصة في صورة اختراع.إن الحماية التي تكرسها الدولة في قوانينها ليست حماية للمخترع و إنزاله منزلته المرموقة التي يستحقها فحسب ،و إنما هي حماية لشخصيتها و مكانتها بين الدول و الأمم ، و فعلا فقد عنت أغلب دول العالم إلى تطوير نظمها القانونية الخاصة بالحماية معتبرة إياها الصرح الذي يحافظ على هذا الاختراع و هذا المخترع بصفة خاصة
الفصل الأول
موضوع الحماية
تعتبر البراءة الوسيلة القانونية لإضفاء الحماية القانونية على الاختراع ، الذي هو موضوع البراءة، هذه الأخيرة تعتبر سند الملكية لصاحبها،و ما يترتب على ذلك من قصر الاستئثار بالاختراع و الاستفادة منه بالطرق القانونية لصاحبه أو لمن يريده هذا الأخير.
غير أن هذه الحماية (المتجسدة في البراءة) يجب أن تنصب على الاختراع ، على هذا الأساس نقوم بالتعرض إلى موضوع الحماية الذي تمنحه هذه البراءة عن طريق تعريف هذه البراءة و المقصود منها (المبحث الأول) ثم الشروط اللازمة توفرها في الاختراع - الشروط الموضوعية- و الإجراءات التي يجب على المخترع القيام بها للحصول على البراءة- الشروط الشكلية- (البحث الثاني) .
المبحث الأول: تعريف براءة الاختراع.
نتعرض في هذا المبحث إلى التعريف الفقهي لبراءة الاختراع ثم التعريف التشريعي.
المطلب الأول: التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قبل التطرق إلى التعريف الفقهي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف الفقهي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف الفقهي للبراءة (فرع ثاني).
الفرع الأول : التعريف الفقهي للاختراع.
الأصل في كل اختراع INVENTION حتى تضفي عليه هذه الصفة،أن يكون فيه تحقيق شيء جديد لم يسبق بمثله كما أنه يقدم خدمة للإنسان .
وفيما يأتي بعض التعريفات الفقهية المنتقاة لبراءة الاختراع:
عرفها الدكتور محمد حسني عباس على أنها: "كل اكتشاف أو ابتكار جديد و قابل للاستغلال الصناعي، سواء تعلق ذلك الاكتشاف أو الابتكار بالمنتج النهائي أو وسائل الإنتاج و طرقه"
و عرفها جانب من الفقه الفرنسي بالتركيز على مفهوم "النشاط الإختراعي " L'activité Inventive بقوله : <<الاختراع ما هو إلا تحقيق الإبداع الناجم عن عمل اختراعي للإنسان >> و لا ريب أنه لا يوجد نشاط اختراعي إلا إذا كان تحقيق الإبداع أمر غير بديهي عند رجل المهنة أي رجل الحرفة .
نلاحظ أن معظم المؤلفات قد أهملت تعريف الاختراع على الرغم من أهميته القصوى في نظري ،على العكس من التعريف التشريعي للاختراع و مع ذلك يبقى أنه يمكن تعريف الاختراع من خلال شروطه الموضوعية مجتمعة و هذا ما سوف نتعرض له لاحقا.
الفرع الثاني :التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قدم الفقه تعريفات عديدة و متنوعة لبراءة الاختراع ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. فقد عرفها الدكتور عبد اللطيف هداية الله بأنها: << الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار، لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم، و نتيجة صناعية موجودة أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي >>
2. و عرفها الدكتور عز الدين بنسني بأنها : << الشهادة التي تمنحها الدولة مجسدة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو لاكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم >>
3. و عرفها A. Chavanne et J J Burst بأنها :<< وثيقة تسلم من طرف الدولة ، تخول صاحبها حق استغلال اختراعه الذي هو موضوع البراءة >>.
4. و عرفت على أنها وثيقة يعترف بمقتضاها بالإختراع من طرف الحكومة مع الحق في احتكار الإنتاج ، الإستعمال ، البيع ، أو اقتناء الربح لعدد معين من السنوات
5. و عرفت أيضا بأنها :" البراءة تعطي حقا مانعا على الإختراع ، الذي هو منتوج أو يعطي طريقة جديدة لفعل شيء معين أو يأتي بحل تقني لفعل شيء أو يأتي بحل تقني جديد لمشكل ما"
6. وعرفها البعض بأنها " :وثيقة تنشئها السلطة الحكومية ، تحمل أوصافا لإختراع، وترتب له وصفا قانونيا تجعله في حمى عن كل تجاوز خارجي" .
المطلب الثاني: التعريف التشريعي لبراءة الإختراع
قبل التطرق إلى التعريف الشريعي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف التشريعي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف التشريعي للبراءة (فرع ثاني)
الفرع الأول: التعريف التشريعي للاختراع
عرفت بعض القوانين الاختراع نذكر من بين هذه التعريفات على سبيل المثال:
• عرفه قانون براءات الاختراع الأردني رقم 32 لسنة1999 في المادة الثانية بأنه:<<أي فكرة إبداعية يتوصل إليها المخترع عن أي مجال من مجالات التقنية و تتعلق بمنتج أو بطريقة أو بكليهما تؤدي عمليا إلى حل مشكلة معينة في أي من هذه المجالات >> غير أن قانون براءات الاختراع الأردني الجديد استغني عن هدا التعريف و لم يعطي تعريفا بديلا ، وهذا مأخذ يؤخذ على هذا القانون الجديد .
• كما عرف قانون الملكية الصناعية السوري الاختراع في المادة الأولي منه على أنه :<< يعتبر اختراعا صناعيا ابتكار أي إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي قائم ، نتيجة صناعية موجودة أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة >>
• وعرفه قانون براءات الاختراع والنماذج الصناعية العراقي على أنه:<<كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي ، سواء كان متعلقا بمنتجات جديدة أم بطرق ووسائل مستحدثه أو بهما معا >>
• أما قانون دولة الإمارات العربية المتحدة فقد عرفه في المادة الأولى على أنه :<<الفكرة التي يتوصل إليها أي مخترع وتتيح عمليا حلا فنيا جديدا لمشكلة معينة في مجال التكنولوجيا >>
• المشرع الجزائري فقد عرف هو الآخر الاختراع في المادة2ف من الأمر 07- 03 على النحو الآتي :<<الاختراع هو فكرة المخترع، تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في مجال التقنية >> .
وبعد انتقائنا لبعض التعريفات التشريعية من القوانين العربية نلاحظ أن أقرب التعريفات للدقة هو تعريف المشرع العراقي ، و كذلك المشرع السوري ، حيث أنهم ركزوا على قوائم و أركان أي إختراع بصفة عامة ، و حصروها في : الجدة ، القابلية للإستغلال الصناعي ، أن يكون متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق و وسائل مستحدثة (القانون العراقي ) أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على أنتاج صناعي قائم ، أو نتيجة صناعية موجودة ، أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة .
أما المشرع الجزائري ، فكان تعريفه غير دقيق و يحتمل العديد من التأويلات، لذلك و من وجهة نظري اقترح أن يعدل هذا التعريف و يجعله أكثر دقة و ذلك للتطبيق الأمثل و الأيسر للقانون على أرض الواقع ، وحتى تصبح لدينا مرجعية قانونية سليمة من الناحيتين النظرية و العلمية.
على الرغم من ذلك ، يبقى وضع تعريف دقيق للإختراع أمر صعب نظرا لتطور مفهوم الإختراع، لذلك فضلت الكثير من التشريعات العالمية عدم تعريفه واقتصرت على ذكر شروطه الموضوعية و من التشريعات من استغنى عن تعريفه كالمشرع الأردني.
أما بالنسبة للجانب القضائي، فقد حاول القضاء العربي الإجتهاد على ضوء النصوص التشريعية و التطبيق الواقعي للمفهوم ، فنجد القضاء الأردني قد فسر الاختراع بأنه" فكرة ابتكاريه تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما تتوصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية" .
الفرع الثاني: التعريف التشريعي لبراءة للاختراع
نذكر بعض التعريفات التشريعية لبراءة الاختراع على سبيل المثال :
تعريف القانون الجزائري:
لم يعرف المشرع الجزائري في المرسوم التشريعي رقم 93-17 و المتعلق بحماية الاختراع البراءة غير أنه استدرك الوضع في الأمر 07 - 03و عرفها في المادة 2ف 2:<<البراءة أو براءاة الاختراع :وثيقة تسلم لحماية الاختراع >>.
تعريف القانون الفرنسي:
ينص القانون الفرنسي على أن كل اختراع يمكن أن يكون موضوع لسند ملكية صناعية تمنح من طرف الهيئة الرسمية، والتي تمنح لصاحبه حق الاستغلال الاستثنائي، ففي المادة L611-1 من قانون الملكية الفكرية سنة 1999 حددت الاختراعات الجديدة المستحقة للبراءة بتلك التي تتضمن نشاط اختراعي وقابل للتطبيق الصناعي، أما المادة L611-10 من نفس القانون فتعرف "براءة الاختراع سند لملكية صناعية ممنوحة من طرف مصلحة عمومية تسمح لمالكها احتكار الاستغلال المؤقت، وهي سلاح هجومي ودفاعي تحت تصرف المبدعين والمؤسسات، يمكن بيعها أو تمنح كترخيص استثنائي أو لا و تعطى كرهن حيازة، التنازل عنها بدون مقابل، تنقل إلى الورثة" .
تعريف المشرع العراقي:
<<البراءة – الشهادة الدالة على تسجيل الاختراع.>> هذا التعريف اعتبر البراءة كدليل أي قرينة قاطعة على تسجيل الإختراع دون الإشارة إلى دورها في الحماية .
أما المشرع الأردني:
عرفها بقوله:<<الشهادة الممنوحة لحماية الاختراع>>
تعريف المنظمة العالمية للملكية الفكرية :
تعرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية OMPI أو WIPO البراءة على أنها "حق استئثاري" يمنح نظير اختراع يكون منتج أو عملية تتيح طريقة جديدة لإنجاز عمل ما، أو تقدم حلاً جديدا لمشكلة ما، وهي تكفل بذلك لمالكها حماية اختراعه وتمنح لفترة محدودة (20 سنة على العموم)، وتتمثل هذه الحماية بموجب البراءة في أنه لا يمكن صنع أو الانتفاع من الاختراع، أو توزيعه، أو بيعه لأغراض تجارية دون موافقة مالك البراءة.
المبحث الثاني:الشروط اللازمة لبراءة الاختراع للاستفادة من نظم الحماية.
نص المشرع الجزائري على جملة من الشروط لحصول المخترع على براءة الاختراع منها ما يتعلق بالاختراع في حد ذاته وهي ما اصطلح عليها بالشروط الموضوعية وهي شروط متفق عليها في معظم التشريعات العالمية ومنها يتعلق بما يقوم به المخترع من إجراءات طلب الحصول على براءة الاختراع.
المطلب الأول:الشروط الموضوعية.
نصت المادة:03 من الأمر 07- 03 على هذه الشروط بقولها:<<ويمكن أن تحمى بواسطة براءة الاختراع الاختراعات الجديدة والناتجة عن نشاط اختراعي و القابلة للتطبيق الصناعي> >
وهي نفسها المادة 3من المرسوم التشريعي رقم 93- 17الملغى
و في المادة السابعة من نفس المرسوم ذكر المواضيع التي لا تعتبر اختراعات و هي:
• المبادئ و النظريات و الاكتشافات ذات الطابع العلمي و كذلك المناهج الرياضية.
• الخطط و المبادئ و المناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو ترفيهي محض .
• المناهج ومنظومات التعليم والتنظيم والإدارة أو التسيير.
• طرق علاج جسم الإنسان أو الحيوان بالجراحة أو المداواة وكذلك مناهج التشخيص .
• مجرد تقديم المعلومات.
• برامج الحاسوب .
• الابتكارات ذات الطابع التزيني المحض.
نستنتج من المادتين سالفتي الذكر وجوب توفر شروط 3 لمنح براءة الاختراع ألا وهي:
• أن يكون ثمة اختراع أو ابتكار.
• أن يكون الاختراع جديدا.
• أن يكون هذا الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي.
إضافة إلى هذه الشروط الثلاثة يجب أن لا تتوفر قي الاختراع حالة من الحالات المنصوص عليها بالمادة8 حيث أن المشرع الجزائري قد استثنى 3حالات لا يمكن منح براءات الاختراع مراعاة لعدة ظروف( أمنية ,اجتماعية ,أخلاقية) و حماية للمصلحة العامة و هذه الحالات هي:
• الأنواع النباتية أو الأجناس الحيوانية و كذلك الطرق البيولوجية المحضة للحصول على نباتات أو حيوانات .
• الاختراعات التي يكون تطبيقها على الإقليم الجزائري مخلا بالنظام العام أو الآداب العامة.
• الاختراعات التي يكون استغلالها على الإقليم الجزائري مضرا بصحة و حياة الأشخاص و الحيوانات أو مضرا بحفظ النباتات أو يشكل خطرا على حماية البيئة.
و بمقارنة المادة 8 من الأمر 07-03 مع المادة11 من المرسوم التشريعي رقم 17-93 نجد أن حالة من الحالات و هي :"المواد الغذائية و الصيدلانية و التزينية و الكيميائية ,غير أن هذا الإجراء لا ينطبق على طرق الحصول على هذه المواد"وبما أن الأمر07 -03 قد الغي المرسوم سالف الذكر، فبمفهوم المخالفة أن هذه المواد الغذائية والصيدلانية تمنح بشأنها براءة الاختراع ، و هذا في نظري إضرار كبير بالمواطن حيث أن هذه الأشياء معدة للاستهلاك اليومي، وهذا سيؤثر سلبيا لو طبق القانون تطبيقا فعليا على الموطنين وأعني بهم خاصة الشعوب النامية.
الفرع الأول : وجود الإختراع.
سبق لنا في الفقرات السابقة تعريف الاختراع،سواء من الناحية الفقهية أو التشريعية وحتى القضائية ، لذالك نكتفي في مجال التعريف بالإحالة إلى ما سبق.
فيجب أن ينطوي الاختراع على خطوة إبداعية تتجاوز المستوي المألوف في التطور الصناعي بمعني أنه يشترط لمنح البراءة ألا يكون الاختراع بديهيا لرجل الصناعة المختص في المجال التكنولوجي للاختراع.
والمقصود بالخطوة الإبداعية، أن تمثل الفكرة التي يقوم عليها الاختراع تقدما ملموسا في الفن الصناعي لا يتوقع أن يصل إليه الخبير المعتاد في مجال التخصص الذي ينتمي إليه الاختراع، وهذا يعني أن الفكرة الابتكارية يجب أن تمثل درجة من التقدم في تطوير الفن الصناعي تجاوز ما يصل إليه التطور العادي المألوف في الصناعة ونوضح فكرة وجود الاختراع أي احتواء على خطوة إبداعية بالاستشهاد بالقضاء العربي ونقصر الذكر هنا على قضيتين فقط.
قرار صادر عن محكمة العدل العليا الأردنية حيث جاء في حيثيات القرار: ((.... عرفت المادة الثانية من قانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لسنة 1953 على إن الاختراع هو إنتاج جديد أو سلعة تجارية جديدة أو استعمال أية وسيلة اكتشفت أو عرفت أو استعملت بطريقة جديدة لأية غاية صناعية.
لا تتوافر في المغلف متعدد الاستعمال الذي طلب المستأنف تسجيله كاختراع مزايا وصفات الاختراع كما لا يعد استعمالا جديدا لوسيلة مكتشفة أو معروفة لغايات صناعية إذ أن تعدد استعمال المغلفات طريقة معروفة قديما وحاليا تؤدي إلى التوفير في استهلاك المغلفات نتيجة إلصاق قطعة بيضاء على فتحة المغلف كلما استعمل يحرر فيها اسم المرسل إليه بينما الاختراع فكرة ابتكارية تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما توصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية. ))
و قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 3 إبريل 1965 في قضية تتعلق ببراءة اختراع محلها استعمال الزيت المعدني المجدد ، بدلا من الزيت المعدني الجديد، في تركيبة حبر الطباعة. وقالت المحكمة بحق أن صاحب البراءة لا يكون قد ابتدع أو ابتكر ما يضيف جديدا إلى الفن الصناعي القائم، وما يعد اختراعا بالمعنى الذي تقررت حماية القانون له، إذ هو لم يدخل تغييرا على التركيب الكيميائي لحبر الطباعة، الذي أساس صناعته فعلا هو الزيت المعدني ، وقد بقيت هذه المادة الأساسية على حالها. وهدا هو موقف معظم التشريعات العالمية حيث قررت على سبيل المثال المحكمة العليا الأمريكية أنه كل ما هو مصنوع من يد الإنسان ابتداء من التدخل البشري في هذا الشيء جعله اختراعا يكون قابلا للحصول على البراءة
نلاحظ أن القضاء الأمريكي قد وسع من مفهوم الإختراع .
الفرع الثاني : أن يكون الإختراع جديدا .
لا يكفي لكي يحصل المخترع على براءة الاختراع أن تكون الفكرة التي بنى عليها الاختراع أصلية , بل يجب فوق ذلك أن يكون الاختراع جديدا لم يسبق لأحد استعماله أو تقديم طلب للحصول على براءة بشأنه , أو الحصول فعلا على براءة الاختراع أو سبق النشر عنه و إلا فقد الاختراع شرط الجدة فلا تمنح عنه براءة الاختراع
و يحق حينئذ لأي شخص استغلال الإختراع دون أن يعتبر ذلك اعتداء على حق صاحبه الأصلي لأن هذا الأخير لم يحرص على كتمان سر اختراعه حتى يكافأ بإعطائه حق الاستئثار بهذا الاختراع
فالجدة هي إذن عدم علم الغير بسر الاختراع قبل إيداع طلب التسجيل، فإذا شاع سره بعد وضعه أصبح حقا للجميع و يسمح لهم استغلاله في التجارة أو يستعمله في المختبرات و غيرها دون موافقة المخترع
هذا و قد حددت المادة 4من الأمر 03-07 متى يكون الاختراع جديدا بقولها :"يعتبر الاختراع جديدا إذا لم يكن مدرجا في حالة التقنية و تتضمن هذه الحالة كل ما وضع في متناول الجمهور عن طريق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أو أي وسيلة أخرى عبر العالم و ذلك قبل يوم إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة الأولوية بها". و بالتالي نجد أن هذه المادة قد اعتبرت أن يوم إيداع طلب الحماية ،أو يوم مطالبة الأولوية بها هو الذي يحدد فيما إذا كان الاختراع جديدا أم لا.
فإذا وقع الاختراع في متناول الجمهور قبل هذين التاريخين لم يعتبر الاختراع جديدا غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة أضافت :"لا يعتبر الاختراع في متناول الجمهور بمجرد ما تعرف عليه الجمهور خلال 12 شهرا التي تسبق تاريخ إيداع البراءة أو تاريخ الأولوية أثر الفعل طبقا للمادة 14 أدناه أو إجراء تعسف من الغير إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق"
فهذه الفقرة وضعت حالات لا يعتبر فيها الاختراع في متناول الجمهور، أي جاءت باستثناء عن الفقرة الأولى و هذه الحالات هي:
• على اثر الفعل الذي قام به المودع (أي ليس صاحب الاختراع ).
• على اثر الفعل الذي قام به من سابقه لاختراع و لكن عن حسن نية
• على اثر تعسف من الغير سواء إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق.
و ذهبت بعض التشريعات العربية أن الاختراع لا يعتبر كله أو جزء منه جديدا في حالتين هما:
• سبق طلب البراءة عن ذات الاختراع أو سبق صدورها:هذا يعني أنه إذا قدم من قبل طلب للبراءة عن اختراع فلا يمكن إعادة نفس طلب على نفس الاختراع.
• سبق استعمال أو استقلال الاختراع أو الإفصاح عنه .
والقضايا التي مرت على القضاء العربي كثيرة جدا أوضعت أساسا ومرجعية سليمة في هذا المجال
هذا و يجب الإشارة إلى إن هناك دول تأخذ بنظام الجدة المطلقة(absulte novelty) ، و هناك من الدول من تأخذ الجدة النسبية بحيث تعطي للمخترع مريد البراءة مهلة قد تصل إلى سنة في بعض الأنظمة (grace period) مثال نظــــــــام الو.الم . الأ.
الفرع الثالث: قابلية الاختراع للتطبيق الصناعي.
يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون قابلا للتطبيق الصناعي، وهذا يعني أن البراءة لا تمنح إلا للاختراعات القابلة للاستغلال في مجال الصناعة. مثل: اختراع سلعة أو آلة أو مادة كيميائية معينة.
ويعتبر الاختراع قابلا للتطبيق الصناعي، إذا كان موضوعه قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة
أما الأفكار المجردة والنظريات العلمية البحثة فهي لا تحمي في ذاتها عن طريق البراءة وكذالك الاكتشافات المتعلقة بالطبيعة وقوانينها والمعادلات الحسابية أو الرياضية مهما كانت القيمة العلمية لهذه الأفكار والنظريات العلمية الجديدة ومهما بدل في سبيل التوصل إليها من مجهودات وأبحاث إذ يلزم لكي يكون الاختراع مؤهلا للحماية أن يتضمن تطبيقا لهذه الأفكار أو النظريات العلمية عن طريق تصنيع منتح جديد أو طريقة صناعية جديدة . .
ولتوضيح ذلك نذكر على سبيل المثال واقعة اكتشاف اينشتين لقانون الطاقــــــــة E = MC2
هذا الاكتشاف لا يحمى عن طريق براءة الاختراع لأنه مجرد اكتشاف لقانون من قوانين الطبيعة. أما من يبتكر طريقة صناعية جديدة لتوليد الطاقة الذرية أو لقياسها لتطبيق قانون اينشتين فإن اختراعه يكون قابلا للحماية عن طريق البراءة.
وهذا يعنى أن البراءة تمنح للمنتج الصناعي ذاته أو طريقة تصنيعه ولا تمنح عن الفكرة النظرية أو المبدأ العلمي .
وهذا فعلا ما أكدته المادة 7من الأمر 07-03حيث أحرجت مجموعة من فئة الاختراع :ذلك أننا لو تأملناها جيدا لوجدناها غير قابلة للتطبيق الصناعي.
وما نلاحظه أن المشرع الجزائري وضح فكرة التطبيق الصناعي في أنها: إذا كان موضوع الاختراع قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة كما سبق ذكر ذلك أي انه أخرج من فكرة التطبيق الصناعي قابلية الاختراع للتطبيق على مجالات الفلاحة وهذا ما ذكره في المادة 4من المرسوم التشريعي 17-93 وبما إن الأمر 03-07 يعد لاغيا المرسوم السابق الذكر، نستنتج بمفهوم المخالفة ضرورة إخراج فكرة التطبيق الصناعي على الفلاحة.
تعتبر هذه الشروط الموضوعية سالفة الذكر شروط يكاد يكون متفقا عليها عالميا.
المطلب الثاني :الشروط الشكلية(إجراءات طلب الحصول على البراءة)
يتوجب على كل مخترع اجرءات دقيقة للحصول على البراءة، يتقدم دوما طالب الحصول على براءة الاختراع لدي الهيئة المكلفة بحماية الملكية الصناعية وهيئة برءات الاختراع في كل دولة ،وهدا طبقا للمادة 12ف 1من اتفاقية باريس أين التزمت كل الدول الموقعة على إنشاء مصلحة أو هيئة خاصة بالملكية الصناعية ومكتب يسمح للجمهور بالاطلاع على براءات الاختراع والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والصناعية ، ويقوم بهده المهام في الجزائر المعهد الوطني للملكية الصناعية INAPI
وتشمل الجهة التي تقوم بإيداع الطلب المخترع نفسه وهذا ما تنص عليه المادة 20من الأمر 07-03حيت أوجبت على كل من يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يقوم بتقديم طلب كتابي صريح إلى المصلحة المختصة.
ويتوجب على المخترع( شخص طبيعي، تنظيم، مؤسسة) الذي يريد حماية اختراعه في الجزائر إيداع طلبه لدى الهيئة المختصة INAPI وهو يأخذ شكل مطبوعة مكتوبة حسب المقاييس تفرضها هذه الهيئة و يتضمن طلب البراءة ما يلي:
1. استمارة طلب ووصف للاختراع أو عدد من المطالب ورسم أو عدد من الرسومات عند اللزوم ووصف مختصر .
2. وثائق إثبات تسديد الرسوم المحددة.
ويحدد كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عن طريق التنظيم الذي صدر في شكل مرسوم تنفيذي رقم 275-05 ، حيث جاء في المادة 3: <<يتضمن طلب البراءة الوثائق التالية:
1. طلب التسليم يحرر على استمارة توفرها مصلحة المختصة .
2. وصف الاختراع ،المطلب أو المطالب رسوما ت إذا كانت ضرورية لفهم الوضع ومختصر وصفي لا يتجاوز محتواه 250 كلمة يجب أن تقدم هذه الوثائق في نسختين وتحرر باللغة الوطنية ، و يمكن المصلحة المختصة أن تطلب ترجمة لهذه الوثائق في أي لغة أخرى .
3. وصل دفع أو سند دفع رسوم الإيداع و النشر .
4. وكالة الوكيل ، في حالة ما إذا كان المودع ممثلا من طرف الوكيل تحرر وفقا للمادة 8أدناه .
5. وثيقة الأولوية ووثيقة التنازل عن الأولوية في حالة ما إذا كان المودع شخصا آخر غير صاحب المطلب السابق الطالب به.
6. تصريح بثبت حق المودع أو المودعين في براءة الإختراع يحرر وفقا للمادة 9 أدناه. >>
واشترطت المادة 4 من نفس المرسوم أن يتضمن طلب التسليم المعلومات الآتية:
1. اسم المودع ولقبه وجنسيته وعنوانه وإذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي اسم الشركة وعنوان مقرها على أن لا يكون عنوانا عسكريا أو عنوان البريد الماكث و إذا شمل إيداع عدد من الأشخاص مشتركين يطلب من كل و احد منهم تقديم البيانات المنصوص أعلاه .
2. اسم وعنوان الوكيل للقيام إن وجد المخول له بالإيداع وكذا تاريخ الوكالة المذكورة في المادة أدناه.
3. عنوان الإختراع ،أي تسميته المدققة و الموجزة على أن لا تكون تسمية مستعارة أو اسم شخص ، أو أي تسمية قد تشكل علامة صنع أو علامة تجارية أو تحدث لبسا مع أي علامة .
4. و عند الاقتضاء تسمية المخترع أو المخترعين.
5. و عند الضرورة، البيانات المتعلقة بمطلب الأولوية لإيداع أو مجموعة إيداعات سابقة.
6. البيانات المذكورة في المادة 28 ( الفقرة الثانية ) أدناه في حالة وجود عدة طلبات ناتجة عن انقسام طلب أولي.
7. قائمة المستندات المودعة، تبين عدد صفحات الوصف و عدد لوحات الرسوم، و كذا الوثائق الملحقة بها و المتعلقة بالأولوية.
و في حالة ما إذا تم الإيداع باسم عدة أشخاص ينبغي أن يتضمن الطلب على الأقل إمضاء أحدهم.
و في حالة ما إذا أراد مالك البراءة أو ذوي الحقوق إدخال تغيرات أو تحسينات أو إضافات على إختراعه (وهذا حسب المادة 15من الأمر 07-03) فيجب عليه حسب المادة 6 من المرسوم التنفيذي 275-05أن يقدم رقم تاريخ الإيداع وعند الإقتضاء رقم البراءة الأصلية.
و في حالة ما إذا غير رأيه صاحب طلب الإضافة و أراد تحويل طلبه إلى طلب براءة و هذا قبل أن يسلم للمصلحة المختصة تصريحا وهو محرر لهذه الغاية مصحوب ببيان إثبات تسديد الرسم ويبين في هذا التصريح تاريخ ورقم الإيداع وعنوان الاختراع
وفي حالة ما إذا كان الأمر متعلق بشخص معنوي يبين اسم الشركة (المادة 8 ( ويجب أن تكون الوكالة مؤرخة وممضاة من طرف صاحب الطلب ، إذا كان الأمر المتعلق بشخص معنوي يبينإسم شركته وعنوان مقرهاتكون هذه الوكالة مؤرخة و ممضاة من طرف صاحب الطلب و إذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي تبين صفة صاحب الإمضاء.
و في حالة إيداع طلب يتضمن المطالبة بالأولوية لإيداع سابق أو عدة إيداعات سابقة يجب أن يتضمن الوكالة التصريح المنصوص عليه في الماذة 5اعلاه.
هذا و أضافت المادة 9من نفس المرسوم انه في حالة ما إذا تم الإيداع بشخص آخر غير مخترع يجب إن يتضمن التصريح المذكور في المادة 10من الامر03-07 إسم و عنوان 'المخترع و الشخص أو الأشخاص المرخص لهم بالاستفادة من الحق في براءة الاختراع.
إضافة إلى هذه الشروط المحددة سواء في الأمر 07-03 أو المرسوم التنفيذي رقم 275-05 فقد حدد المعهد الوطني الجزائري الملكية الصناعية الفكرية إن يتضمن طلب براءة اختراع الوثائق التالية :(وهي الوثائق نفسها المذكورة في المادة 03 سالفة الذكر ولكن بمزيد من التفصيل ) :
1. طلب الحماية في 5نظائر في المطبوعات الموزعة من قبل (INAPI) أو المتوفرة على مصلحة المعلومات
2. وصف واضح للاختراع باللغة الوطنية مترجمة بلغة الفرنسية (في نظيرين) ويجب أن توصف المميزات الأساسية للاختراع موضوع طالب الحماية
3. وصف مختصر للاختراع في نص لا يتجاوز 15سطرا
4. وصل تسديد أو الشيك المسطر باسم INAPI بمبلغ 7400.00للإيداع الأول بقيم 5000د.ج ورسم للنشر بقيمة 2400 د.ج.
تفصل عملية ايداع طلب البراءة ومنحها فترة (عادة 18شهرا ) يتم خلالها دراسة الطالب على الممتحن او عدة ممتحنين لابداء آراءهم فيه ، هؤلاء الممتحنين هم مختصون في مجالات التكنولوجيا التي يتبعها الاختراع وخضعوا لتكوين في مجال براءة الاختراع ، ودور الممتحن يقتصر في الحكم على جدة الاختراع .على توفر ميزة الاختراعية في الاختراع وبمقارنة موضوع ادعاءات صاحب الطلب مع الحالة التقنية للمنشور إلى انه يوم الإيداع يتم بعد ذالك منح رموز للاختراع كما في المقدمة.
و يجب إن نشير إلى أن هناك بلدان لا تقوم بإجراء فحص دقيق للبراءة ، و دول أخرى تقبل قرار سلطات ممتحنة أو فاحصة أخرى ، مثل بلجيكا التي تمنح البراءة تلقائيا أو مع الفحص البسيط ( أي في أدنى المستويات ) إذا منحت براءة على نفس الإختراع في الو. الم. الأ ، الاتحاد الأوربي أو اليابان .
إن عملية ايداع طلب البراءة شرط ضروري وجوهري للحصول على البراءة ، هذا ما دفع معظم الدول المتقدمة إلى إحداث طريقة جديدة لهذا الإيداع ألى وهي : الإيداع الإلكتروني و التي أصبحت تمثل 26.5من أجمال طلبات الإيداع العالمية في الدول المتقدمة ولكن هذه الطريقة لم نجدها في الجزائر
Electronic filing accounts for more than 26.5% of applications filed in 2006.
مما سبق نستنتج أن الشروط الشكلية(اجرءات طلب الحصول على البراءة) معقدة للغاية لذلك ينصح باللجوء إلى محامي مختص في مجال حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة ، و في مجال براءة الإختراع بصفة خاصة ، لذلك عمدت مختلف التشريعات الدولية( ومنها المشرع الوطني) إلى إنشاء معاهد خاصة بهذا المجال ، وإلى إنشاء مواقع تعطي إستشارة في هذا المجال مثل INAPI- INPI-USPTO
الفصل الثاني
الحماية القانونية لبراءة الإختراع .
يترتب على منح براءة الإختراع لشخص معين بالذات أو عدة أشخاص ، تملك هذه البراءة و التمتع بجميع الحقوق المترتبة على ملكيتها من حق احتكار استغلالها
و التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات القانونية .
و في المقابل تضع التزاما على الكافة بعدم الإعتداء على حق صاحب البراءة، و قد درج الفقه على تقسيم الحماية القانونية المخصصة لبراءة الإختراع إلى حماية داخلية ( وطنية ) تتمثل في الدعاوى المدنية و الجنائية ( المبحث الأول ) ، و إلى حماية خارجية ( دولية ) تكفلها الاتفاقات الدولية ( المبحث الثاني )، إضافة إلى هذا لا ننسى دور القضاء في تكريس هذه الحماية القانونية ( المبحث الثالث ).
المبحث الأول: الحماية الداخلية ( الوطنية).
أقر المشرع الجزائري صراحة بحق مالك البراءة في احتكار استغلالها لمدة محدودة ، ولحماية صاحب البراءة نص المشرع الجزائري على عقوبات مدنية، وأخرى جزائية في حالة الإعتداء : دعوى جزائية ترفع أمام المحاكم الجزائية، وأخرى مدنية ترفع أمام المحاكم المختصة.
على هذا الأساس نتناول موضوع الحماية في مطلبين :
المطلب الأول: الحماية المدنية.
المطلب الثاني: الحماية الجزائية.
المطلب الأول :الحماية المدنية لبراءة الاختراع
إذا سلك صاحب البراءة الطريق المدني فانه يستفيد من دعويين مدنيتين:
• دعوى الاعتداء على البراءة
• دعوى المنافسة غير المشروعة
ونتناول كل من هاتين الدعويين على التفصيل الآتي :
الفرع الأول: دعوى الاعتداء على البراءة (دعوى التقليد المدنية).
يعطي القانون لصاحب البراءة حقا قبل الكافة إن ورد على حقه المانع (droit privatif) اعتداء ولو كان غير مصحوب بسوء نية وهي وسيلة حماية هذا الحق. والشرط الجوهري لقيام دعوى الاعتداء على الحق هو وجود هذا الحق وتكامل عناصره فيجب أن يقوم المخترع بتسجيل طلب براءة الاختراع للاستفادة من الحق في هذه الدعوى ، فتسجيل الطلب كاف للجوء للقضاء واستعمال هذه الدعوى ولو لم تصدر البراءة وهذا ما تنص عليه المادة 57من الامر 07-03 " استثنى من ذلك الوقائع السابقة لتسجيل طلب براءة الاختراع والتي تحدث بعد تبليغ المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع " ففي هذه الحالة لو قام شخص بتقليد الاختراع بالرغم من أن المخترع لم يقم بتسجيل طلب براءة اختراع وقام المخترع بعد علمه بهذا الاعتداء المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع فيستفيد المخترع (صاحب البراءة ) من الحق في اللجوء إلى هذه الدعوى بالرغم من أن الإعتداء كان سابقا لطلب التسجيل وقد حدد المشرع أفعالا على سبيل الحصر لا يجوز للغير القيام بها ذلك لأنها تعد مساسا بالحقوق الاستئثارية لمالك البراءة و هذا ما نصت عليه المادة 58 بقولها " يمكن لصاحب الاختراع رفع دعوة قضائية على كل شخص قام أو يقوم بإحدى الأعمال حسب مفهوم المادة 56 أعلاه"بالرجوع إلى المادة 56نجدها بدورها قد أحالت على المادة11 لمعرفة الأعمال التي تشكل اعتداءا على حقوق مالك البراءة ، إذا نصت:<< مع مراعاة المادة 14 أدناه تخول براءة الاختراع لمالكها الحقوق الاستئثارية الآتية :
1. في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتوجا يمنع الغير من القيام بصناعة المنتوج أو استعماله أو بيعه أو استيراده لهذه الأغراض دون رضاه .
2. اذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع يمنع استعمال نفس طريقة صناعة المنتوج أو عرضه للبيع أو استيراده دون رضاه .>>
فمتى ارتكب أي احد الأفعال التي نص عليها المشرع على سبيل الحصر في المادة سالفة الذكر يستفيد صاحب البراءة من حق متابعته مدنيا على أساس دعوة التقليد المدينة هذه الدعوى على غرار دعوى المنافسة غير المشروعة لا يشترط تحقيق الضرر والعلاقة السببية ، فبمجرد ارتكاب احد الأفعال المنصوص عليها في المادة 11 يحق لمالك البراءة المطالبة بالتعويض و/ أو وقف الأعمال.
وقد بدأت هذه الدعوى جنائية في أصلها التاريخي ، و هي دعوى التقليد الجنائية . و إذا كان لكل من تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية أو أمام القضاء المدني بدعوى أصلية فقد ظهرت دعوى التقليد المدنية واستقر القضاء على وحدة التقليد في الدعويين الجنائية والمدنية مع هذا الفارق وهو أنه لما كان التقليد الجنائي جريمة عمدية قد تحكم المحكمة بالبراءة لعدم توفر القصد الجنائي و مع ذلك لا تنقضي دعوى التعويض إذ يمكن تأسيسها على المنافسة غير المشروعة كما سيأتي لاحقا .
وترفع دعوى التقليد من صاحب الحق المتعدي عليه ضّّّّّّذ من يتعدى على هذا الحق بإحدى الصور التي ورد النص عليها في القانون واعتبرها المشرع من قبل التقليد أو الإعتداء المعاقب عليه جنائيا.
وإذا رفعت دعوى التقليد أمام المحكمة الجنائية ثم تبين أن الأفعال موضوع الدعوى لا تكون جريمة جنائية ولا تدخل تحت معنى التقليد الجنائي وأنها مجرد منافسة غير مشروعة أي خطأ مدني فلا يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي في موضوع الدعوى لتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي وإنما تقضي بعدم قبولها ،والحكم الصادر بعدم توفر أركان الجريمة التقليد من المحكمة الجنائية ،و عدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع من رفع دعوى أخرى مدنية على أساس المنافسة غير المشروعة ولا محل هناك للإحتجاج بحجية الأمر المقضي لأن الدعويين وإن إتحدتا في الموضوع فقد إختلفتا في السبب .
ولو أننا نجد بعض الشراح لا يفرقون بين دعوى الإعتداء على براءة الإختراع و دعوى المنافسة غير المشروعة لذلك يصفون دعوى المنافسة غير المشروعة بأنها أقرب إلى دعاوى الملكية منها إلى دعوى المسؤولية المدنية وفى ذلك يقول ريبار(Ripert) عن دعوى المنافسة غير المشروعة أنها ليست مجرد دعوى مسؤولية تقصيرية ولكنها دعوى عينية حقيقية تهدف إلى الدفاع عن ملكية المال
( Il ne faut pas considérer seulement cette action comme une forme de l'action en responsabilité délictuelle c'est une véritable action réelle destinée à la défense de la propriété du fonds.)
وبعد استقرائنا لنصوص المواد من56-60 نستنتج أن المشرع الجزائري تبنـــى –و لو لم يقل ذلك بصراحة– دعوى التقليد المدنية، ذلك أنه لم يشترط توفر ركنا الضرر والرابطة السببية (والتي يجب توفرهما في المنافسة غير المشروعة )،وإنما إقتصر على توفر ركن الخطأ الذي يتمثل في عمل من الأعمال المنصوص عليها في المادة 11.
نتيجة رفع دعوى التقليد المدنية :
تنص المادة 58 /2 : << إذا أثبث المدعي ارتكاب إحدى الأعمال المذكورة في الفقرة أعلاه فإن الجهة القضائية المختصة تقضي بمنح التعويضات المدنية و يمكنها الأمر بمنع مواصلة هذه الأعمال و اتخاذ أي إجراء آخر منصوص عليه في التشريع الساري المفعول .>>
و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما :
• التعويض .
• إيقاف الاستمرار في التقليد .
وتتناول كل منهما على التفصيل الآتي:
أولا: التعويض
نصت المادة 58/2 على التعويض ولكنها لم تحدده بل جاء بصفة عامة أي انه تترك السلطة التقديرية للقاضي في تحديده وبالرجوع إلى المرسوم التشريعي 93-17 نجده لم ينص على كيفية تحديد التعويض ومقداره؛غير أنه بالجوع إلى الأمر 66-54 المتعلق بشهادة المخترعين وبراءات الاختراع نجده نص في المادة 66 على:<< يجوز الحكم ولو في حالة التبرئة على المقلد أو المخفي والمدخل أو البائع بحجز الأشياء المحقق من تقليدها وعند الاقتضاء وبحجز الأدوات والأواني المعدة خصيصا لصانعها.
و يجوز تسليم الأشياء المحجوزة إلى صاحب الإجازة و ذلك مع عدم الإخلال بما قد يستحق من تعويض أكثر من نشر الحكم عند الاقتضاء."
و من هذا النص يتبين بأن المشرع قد أقر صراحة تعويض الضرر المادي الذي يصيب صاحب براءة الاختراع. غير أنه في النص الحالي لم ينص المشرع على مثل هذه المادة التي كانت صريحة و مباشرة و عليه نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزء الطبيعي لدعوى التقليد هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل تقليدا و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل غير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني.
و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجده لم ينص على أي إجراء لمنع مواصلة الأعمال المحددة في المادة 11. غير أنه بالرجوع إلى الأمر 66-54 السالف الذكر يبدوا لنا من المادة 66 السابقة أنه للمحكمة أن تحجز الأشياء المحقق من تقليدها و الأدوات و الأواني المعدة خصيصا لصناعتها ، وهذا ما يدل على أن المشرع قد انتبه إلى حالة الاستمرار فأراد إيقافها عن طريق حجز هذه الأدوات والقوالب الخاصة بالتقليد .
و لا ندري ما الحكمة من إلغاء هذه المادة في القوانين الجديدة الخاصة ببراءة الإختراع ، و عدم استبدالها على الرغم من صراحتها و فائدتها الجمة .
الفرع الثاني: دعوى المنافسة غير المشروعة
إذا كان المبدأ العام يعطي لمن تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية , و أمام القضاء المدني بدعوى أصلية , و في كلتا الحالتين يجب توفر شرط الأدانة
و المسؤولية وفقا للقواعد العامة تقوم على أساس القاعدة القانونية القائلة "كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"
وهذا ما يسمى بالمسؤولية التقصيرية التي توجب على من أحدث ضررا بسبب خطأه أن يصلح ما أخطاه عن طريق التعويض
غير أن هذه المسؤولية اصطلح عليها في قوانين التجارة بما يسمى بالمنافسة غير المشروعة , إذا ارتكب الشخص خطأ أدى إلى الإضرار بنظيره التاجر . و عليه نتعرض فيما يأتي إلى مفهوم المنافسة غير المشروعة ثم إلى الأساس القانوني لها,ثم إلى أركانها وأخيرا للنتيجة المترتبة على هذه المنافسة غير المشروعة .
أولا : تعريف المنافسة غير المشروعة
المنافسة غير المشروعة لا تكون إلا بين شخصين يمارسان نشاطا مماثلا أو على الأقل متشابها , و تقدير ذلك متروك للقضاء , على أن وجود المنافسة في حد ذاتها لا يكفي أي تترتب المسؤولية ,بل يجب أن يتحدد الخطأ مع المنافسة بمعنى أن تكون هناك منافسة غير مشروعة وأن تتركز هذه المنافسة على خطأ من قام بها
و قد قدم الفقه تعريفات عديدة للمنافسة غير المشروعة ,نذكر منها على سبيل المثال:- فيعرفها الأستاذ شكري أحمد السباعي بقوله" التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الإستقامة التجارية أو الشرف المهني "
-و عرفها محمد المسلومي : " هي التي تتحقق باستخدام التاجر وسائل منافية للعادات و الأعراف و القوانين التجارية و المضرة بمصالح المنافسين و التي من شأنها التشويش على السمعة التجارية و إثارة الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل الجمهور "
و قد عرفها محمد محبوبي بأنها :"كل عمل مناف للقانون و العادات والأعراف والاستقامة التجارية و ذلك عن طريق بث الشائعات والإدعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية و ذلك بهدف اجتذاب زبناء أو صناع منافس"
و يجب الإشارة إلى أن المنافسة تعتبر عملا ضروريا و مطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها المشروعة , أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بأن تحولت إلى صراع بين التجار يحاول كل منهم جلب عملاء غيره من التجار و إلحاق الضرر بهم بوسائل غير مشروعة ,فانه تصبح واجبا للمحاربة و يكون ضررها أكبر من نفعها .
مع الإشارة إلى أن هناك اختلاف بين المنافسة غير المشروعة و المنافسة الممنوعة هذه الأخيرة هي تلك التي يحرمها القانون بنص خاص أو عن طريق اتفاق الأطراف.
ولا يشترط لإعتبار الفعل المكون للمنافسة غير المشروعة أن يكون مرتكبه متعمدا أو سيئ النية بل يكفي أن يكون منحرفا عن السلوك المألوف للشخص العادي حتى يعتبر خطأ موجبا للمسؤولية أساسا لدعوى المنافسة غير المشروعة وهذا ما سنتعرض له فيما بعد(شروط المنافسة غير المشروعة ) .
ثانيا: الأساس القانوني للمنافسة غير المشروعة.
لقد ثار جدل فقهي حول الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة فهناك من يعتبر العمل غير المشروع خطأ يلزم مرتكبه بتعويض الضرر الحاصل للغير شريطة أن يثبت هذا الأخير شروط هذه الدعوى من خطأ أو ضرر و علاقة بسبيبة , بينما ارتكز منتقدوا هذه النظرية على كون دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي إلى أبعد مما ترمي اليه دعوى المسؤولية التقصيرية اذ أنه إذا كانت هذه الأخيرة تهدف إلى تعويض الضرر فان دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي بالإضافة إلى ذلك اتخاذ تدابير وقائية مستقبلا.
بينما يرى البعض الآخر أن أساس هذه الدعوى ليس عملا تقصيريا بل أساسها مستمد من الحق المانع الإستئثاري الذي يتمتع به صاحب الحق بحيث أن هذه الدعوى تقترب من دعاوى الحيازة.
و يمكن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري والتي تعتبر الأصل العام :"كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض "وإذا كان الاختراع معدا للتسويق التجاري أو يستعمله التاجر في نشاطه التجاري فيمكن أن نجد أساسا آخر لدعوى المنافسة غير المشروعة على أساسها التجاري فنصت المادة 6 من الأمر 95-06المؤرخ في 23شعبان1415الموافق ل 25يناير1995و المتعلق بالمنافسة .حيث نصت "تمنع الممارسات و الأفعال المدبرة و الاتفاقيات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف إلى عرقلة أو الحد والإخلال بحرية المنافسة في سوق ما..."
ثالثا : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة .
يشترط لقبول دعوى المنافسة غير المشروعة أن تكون منافسة أولا ، ثم أن تكون هذه المنافسة غير مشروعة و أن يكون ثمة ضرر بحق المعتدي المدعي ، و يفترض القضاء وقوع الضرر مادامت المنافسة غير مشروعة من غير حاجة إلى إثباته و إجمالا لا يؤسس القضاء دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصيرية ، فقد ذهب العميد (Ripert )إلى أن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصرية أمرا أصبح لا يستقيم مع الإعتراف للتاجر بحقوق الملكية التجارية و الصناعية لأن هذه الملكية تتطلب حماية هذه الحقوق بدعوى خاصة تحمي الملكية المادية بدعوى الاستحقاق . ولقيام المنافسة غير المشروعة يشترط توفر أركان ثلاثة مثلها مثل المسؤولية التقصيرية:
1. الخطأ:
يجب أن يتوفر الخطأ في المنافسة غير المشروعة , و بعكسه لا يمكن إقامة هذه الدعوى على شخص لم تكن له يد في الضرر الذي أحدثه لصاحب البراءة فلا يمكن مساءلة شخص لم يرتكب خطأ .
و الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه و ذلك من غير قصد ولا إحداث ضرر .
يتبين أن شرط الخطأ من أهم شروط المنافسة غير المشروعة و ذلك أنه حسب الأستاذ "عبد الله درميش" إذا كان الأصل في المنافسة في ميدان التجارة و الصناعة حق مشروع فإنه يتعين معرفة متى يعتبر الخطأ مستوجبا للمسؤولية , مما يجعل معه صعوبة في تحديد معنى الخطأ في مجال التجارة و الصناعة ,حيث يصعب وضع حد فاصل بين ما يعتبر مشروعا وما لا يعتبر مشروعا . و يمكن اعتبار العادات التجارية و المهنية لنوع التجارة و مبادئ الأمانة و الشرف والاستقامة المتعارف عليها معايير لتحديد مشروعية المنافسة من عدمها.
و يفترض في من يرتكب خطأ أنه قام بتقليد اختراع لا لأجل القضايا العلمية أو للاستغلال الشخصي في المختبرات ,و إنما قيامه بالبيع و كسب عملاء صاحب براءة الإختراع , بحيث يترتب على هذه الأعمال جذب الجمهور و منافسة صاحب حقوق البراءة بطرق غير قانونية.
هذا ويمكن الإشارة أن القواعد العامة في الخطأ تقتضي توفر ركنين في الخطأ:
• ركن مادي:و هو التعدي و مقياسه موضوعي لا ذاتي.
• ركن معنوي: و هو الإدراك ذلك أن هذا الأخير هو مناط المسؤولية .
ومن الجدير بالذكر في هدا المقام أن المشرع في الأمر رقم 03-07 لم يحدد ما يعتبر خطأ على عكس دعوى التقليد المدنية والتي حددها على سبيل الحصر في المادة 11من نفس الأمر (كما سبق الإشارة إلى ذلك) وبالتالي نري أن المشروع قد أخضع هذه الدعوى إلى القواعد العامة.
2. الضرر :
ذهب معظم الفقه إلى أنه لا يكفي لدعوى المنافسة غير المشروعة توفر ركن الخطأ وحده،وإنما يجب أن يترتب على الخطأ ضرر يصيب المدعي ،ولذلك يجب عليه إثبات الضرر وبدون ركن الضرر لا يمكن أن توجد دعوى المنافسة غير المشروعة، ولا يشترط في الضرر حسب الفقه أن يكون جسيما أو طفيفا وإنما يعتبر هذا الركن متوفرا حتى لو كان الضرر طفيفا .
ويتمثل الضرر في مجال المنافسة غير المشروعة في فقد التاجر لزبائنه ضحية لأعمال غير مشروعة ،وإذا كان إثبات الضرر في إطار القواعد العامة يكون بكافة وسائل الإثبات فإنه في ميدان حقوق الملكية الصناعية يتم إثبات الضرر الناتج عن الاعتداء على الحق المالي طبقا للقواعد العامة .
وأخيرا فإن تقدير الضرر بكل دقة في دعوى المنافسة غير المشروعة يكون جد صعب نتيجة وجود عناصر مساعدة على ذلك ،لهذا كثيرا ما تقدر المحاكم النصوص تقديرا جزافيا مما يخرجنا من دائرة المسؤولية المدنية إلى نطاق العقوبة المدنية التي لا يرتبط فيها الجزء بقيام الضرر ولا بمقداره.
رابعا :أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة .
إن أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة هما: المدعي و المدعى عليه.
الطرف الأول:المدعي:هو كل شخص لحقه ضرر من عمل المنافسة غير الشرعية , و في حالة تعدد المتضررين أمكن رفع هذه الدعوى من طرف كل متضرر على حدا أو من طرف مجموع المتضررين إذا كانت تجمع بينهم مصلحة مشتركة.
و يحق أيضا للشخص الطبيعي و المعنوي رفع دعوى المنافسة غير المشروعة
الطرف الثاني : المدعى عليه : هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو مسؤول عنه ، و قد يكون شخصا ذاتيا أو شخصا معنويا ، و في حالة التعدد يمكن توجيه دعوى المنافسة غير المشروعة ضدهم جميعا بصفة تضامنية .
و إذا رفعت الدعوى على الشخص المعنوي ، فانه يتحمل المسؤولية المدنية التي تقع و يؤديها من ماله و مساءلة الشخص المعنوي تكون بطريق غير مباشر ، وذلك عن الأعمال التي يرتكبها ممثله على أساس مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه ، كما إذا قوضيت شركة لمنافسة غير شرعية أو لتقليد الاختراع بناء على قرار صادر من إحدى هيئات كمجلس إدارة الشركة أو جمعيتها العامة.
و ترفع الدعوى على كل من اشترك في تنفيذ هذه الأعمال إذا كان سيئ النية و لا يمكن أن ترفع هذه الدعوى من غير صاحب البراءة أو خلفه .
خامسا : نتيجة دعولى المنافسة غير المشروعة.
كما سبق القول فإنه يجب إخضاع هذه الدعوى إلى القواعد العامة و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما:
• التعويض
• إيقاف الاستمرار في المنافسة غير المشروعة ونتناول كل منهما على التفصيل الأتي
أولا: التعويض:
نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزاء الطبيعي للمنافسة غير المشروعة هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل منافسة غير مشروعة و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل الغير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني .
المطلب الثاني : الحماية الجزائية لبراءة الإختراع.
نصت المادتين 61 ،62 من الأمر 03-07 على حماية جزائية لبراءة الإختراع ، بأن جعلت التعدي عليها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون .
ويمكن رد صور الأفعال التي تشكل تعديا على الحق في براءة الإختراع إلى ما يلي: - جنحة تقليد اختراع موضوع براءة .
• جريمة بيع أشياء مقلدة.
• جريمة بيع أشياء مقلدة أو عرضها للبيع.
• جريمة إخفاء شيء مقلد .
و نلاحظ بأن المشرع الجزائري من خلال الأمر 03-07 تبنى جرائم جديدة لم يتبناها سواء في المرسوم التشريعي 93-17 أو الأمر 66-54 أين كان ينص فيهما على جنحة التقليد فقط.
و سأتناول بيان كل جريمة من هذه الجرائم على التوالي:
الفرع الأول: جريمة تقليد الاختراع
التقليد بوجه عام هو عكس الابتكار. إذ هو محاكاة لشيء ما, و المقلد ناقل عن المبتكر و التقليد في الأصل لا يشكل جريمة و لكنه يصبح كذلك إذا كان فيه تعد على حقوق تتمتع بحماية القانون, كما هو الحال في حقوق صاحب براءة الاختراع.
و يتم التقليد عن طريق قيام الفاعل عمدا بارتكاب أحد الأفعال المحددة في مفهوم المادة56.
و قبل التعرض إلى جنحة التقليد عن طريق بيان أركانها و نظامها القانوني نتعرض أولا إلى تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة.
أولا: تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة
• وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع
جريمة تقليد براءة الاختراع و جريمة تقليد نموذج صناعي: ليس فقط الأفراد يخلطون أحياناً بين الأنواع المختلفة للملكية الصناعية, فحتى بعض المحاكم تفعل ذلك أحياناً, وهذا ما اضطر محكمة النقض المصرية في قرار صادر عام 1965 إلى توجيه المحاكم الدنيا إلى وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع, ومما جاء في القرار المذكور المتعلق بنموذج صناعي لصناعة الطرابيش:
"إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم وآخر بأنهم في يوم 9 أغسطس سنة 1958 دائرة قسم الموسكى: أولا – قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الاتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع العلم بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة. وقد إدعى........مدنياً قبل المتهمين متضامنين طالباً القضاء قبلهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح الموسكى تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 18 مايو سنة 1961 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم ورفض الدعوى الدنية قبل المطعون ضدهم الثلاثة الأول وإثبات تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع مع إلزامه بمصروفاتها ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المطعون ضدهم الثلاثة الأول فإستئناف المدعى بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة إستئنافية – قضت بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1961 – حضورياً للثلاثة الأول وغيابياً للأخير بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه.وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي المدني المصاريف المدنية الإستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ........ وقد توفى المطعون ضده الأول أثناء نظر الطعن وحل محله ورثته..... الخ.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من جريمة تقليد نموذج صناعي مسجل قانوناً ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن القانون لا يحمي إلا الإبتكار الذي تمنح عنه براءة الإختراع – قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ليست تقليداً لإختراع حتى يصح في شأنها ما ذهب إليه الحكم بل تقليد نموذج صناعي لها حكمها الخاص في القانون رقم 132 لسنة 1949.وحيث أن الدعوى الجنائية رفعت على كل من ......... – الذي توفى بعد صدور الحكم المطعون فيه وحل محله ورثته – و . . . . و . . . . و . . . . بوصف أنهم: أولاً- قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الإتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع علمهم بذلك,وطلبت النيابة عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون رقم 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة به. وقد إدعى الطاعن مدنياً قبل المطعون ضدهم بتعويض مقداره 51 ج ثم تنازل عن مخاصمة المطعون ضده الرابع . . . . ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية. وإثبات تنازل الطاعن عن دعواه قبل المطعون ضده الرابع وإلزام الطاعن المصاريف المدنية. وإذ استأنفت النيابة والطاعن فقد قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن المصاريف المدنية الإستئنافية.وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن استصدر تسجيل لرسومات ونماذج صناعية لقبعات تصنع من الخوص المصري ثم تبين أن المطعون ضدهم يقومون بتقليدها ويعرضونها للبيع, عرض لدفاع المطعون ضدهم وإلى تقرير إدارة الرسوم والنماذج وخلص إلى قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بقوله: "ومن حيث إن المشرع نظم الأحكام الخاصة ببراءات الاختراع من حيث الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإختراع وما يترتب على منح البراءة من حقوق.
ومن حيث إن المشرع عرف الإبتكار الذي يمنح عنه البراءة بأنه كل إبتكار قابل للإستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطريق أو وسائل ناعية مستخدمة أو بتطبيق جديد بطريق أو وسائل صناعية معروفة "المادة الأولى" فالشرط الواجب توافره في الاختراع الذي تمنح عنه البراءة هو شرط الجدة – ويعتبر عنصر الجدة متوافراً إذا لم يكن قد نشر عن الإختراع في مصر. ومن حيث إنه هدياً بهذه المبادئ يبين أن صناعة البرانيط التي تصنع من الخوص هذه الصناعة معروفة في مصر وفي الخارج من مئات السنين متداولة بين الكافة, منتف عنها عنصر الإبتكار. وحيث إنه متى تبين ذلك فإن الصناعة التي يقرر المدعي المدني – الطاعن – أنه حصل على براءة إختراعها لم يكن له فضل إبتكارها بل هي من الصناعات القديمة المنتشرة في مصر وفي الخارج من مئات السنين وأن صناعة الخوص بألوانه من الصناعات المنتشرة برشيد وتتناولها أيدي الصناع في هذه البلدة بالتهذيب والتطوير حتى بلغت صورتها الحالية التي جعلت منها صناعة صالحة لعمل القبعات . . . . وأن مجرد تسجيل براءة الاختراع لا يضفي على هذه الصناعة أي حماية نظراً لأنها من الصناعات التي ليس بها أي فكرة مبتكرة جديدة وإلا كان هذا مدعاة لنشر الاحتكار بأوسع معانيه فضلاً عن أن المحكمة لاحظت أن القبعات المقلدة ليس بها أي طابع مميز خاص, فإذا كانت لهذه القبعات طابع مميز لها لما سجل النموذج الذي يقول المدعي المدني وجرت وراءه النيابة على ذلك أنها قلدت – إذ أن المتهمين قدموا ما يدل على تسجيل القبعات التي قلدت". لما كان ذلك, وكان القانون رقم 136 لسنة 1949 قد عالج أحكام نوعين من التقليد, هما تقليد براءة الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية وبينت نصوصه ماهية كل منهما, وكانت واقعة الدعوى هي تقليد نموذج صناعي مسجل وليست تقليد براءة الاختراع, فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما تحدث به فيما سلف إيراده عن تقليد براءة الاختراع – يكون قد خلط بين نوعي التقليد رغم اختلاف الأحكام الخاصة لكل منهما ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقا صحيحاً على الواقعة مما يعيبه ويستوجب نقضه, وذلك بالنسبة إلى الدعوى المدنية محل الطعن. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. مع إلزام ورثة المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الثاني والثالث المصاريف"
دعوى التقليد و المنافسة غير المشروعة:
تختلف دعوى المنافسة غير المشروعة من دعوى التقليد من عدة أوجه :
1. دعوى التقليد : تفترض أساسا بأن هناك حقا قد تم الاعتداء عليه أي الاعتداء مس بحق المدعي ، بينما في دعوى المنافسة غير المشروعة فإن المدعى ينتقد أمام القضاء موقف أو تصرف المدعي عليه غير اللائق أي أن الدعوى تنصب على التصرف المنتقد للمدعي عليه (17).
2. دعوى التقليد تحمي الحق المعتدى عليه بجزاءات متعددة تصل إلى عقوبة الحبس فهي دعوى زجرية في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تصل إلى نفس صرامة الدعوى الأولى فهي دعوى خاصة ترمي إلى ردع التصرفات غير المشروعة في إطار مدني صرف (18).
3. دعوى التقليد هي جزاء للاعتداء على الحق بينما المنافسة المشروعة هي جزاء لعدم احترام الواجب .
4. لا يمكن إقامة دعوى التقليد إلا إذا توفرت شروطها الخاصة في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تتطلب نفس الشروط ، فشروطها هي شروط كل دعوى وبذلك تكون دعوى التقليد أضيق نطاقا من دعوى المنافسة غير المشروعة (19).
ثانيا: أركان جنحة التقليد
إن الاعتداء على حق صاحب البراءة في احتكار استغلال اختراعه يكون جنحة التقليد، و كأي جريمة من الجرائم يجب أن تقوم جنحة التقليد على أركان ثلاثة أساسية هي:
1. الركن المادي:
و هو الفعل الذي بواسطته يكتمل جسم الجريمة , إذ لا توجد جريمة بدون ركن مادي. تنص المادة 61 من الأمر 03-07 تحت عنوان الدعاوى الجزائية "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم م 6 أعلاه جنحة تقليد"
و بالرجوع إلى المادة 56 من نفس الأمر نجدها قد أحانشا بدورها إلى م 11 لتحديد الأعمال التي إذا ارتكبت بصفة عمدية شكلت جنحة التقليد, و هذه الأعمال تتلخص في:
في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتجا، فإن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد في هذا الصدد هي:
• القيام بصناعة المنتج
• استعمال المنتج
• بيع المنتج
• عرض المنتج للبيع
• استيراد هذا المنتج لهذه الأغراض
أما إذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع, فمن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد هي:
• استعمال طريقة الصنع.
• استغلال المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة .
• بيع أو عرض المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة.
• استيراد المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة لهذه الأغراض.
نلاحظ أن المشرع عند تكلمه في جنحة التقليد في م 61 قام بتحديد طبيعة الأفعال التي تشكل هذه الجريمة, و ذلك بإحالتنا بطريقة غير مباشرة على المادة 11 السالفة الذكر, و بالرجوع إلى هذه المادة نجد أن هناك أفعال تعتبر تقليدا كبيع الأشياء المقلدة أو عرضها للبيع أو استيرادها هذا الغرض أو استغلال المنتوج الناتج مباشرة عن هذه الطريقة.
إذا قمنا بتحليل هذه الأفعال نجدها لا تشكل تقليدا بطبيعتها, و لذلك نرى بأن المشرع الجزائري قد أخطأ بعد هذه الجرائم جرائم تقليد(م 61).
و في نفس الوقت نجده تناقض مع نفسه عندما عدها جرائم مستقلة و ذلك وفقا لمفهوم المادة 62 , و عليه سنقتصر بذكر تقليد المنتج موضوع البراءة و استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة.
أ- تقليد المنتوج موضوع البراءة:
المشرع يعاقب على عملية الصنع بغض النظر عن عملية الاستعمال, فالنقل المادي للمنتج المحمي بالبراءة يكون العنصر الجوهري لجنحة التقليد المرتكبة عن طريق الصنع, و زيادة على ذلك يمكن متابعة كل استعمال للمنتج المحمي بالبراءة أو تسويقه أو حيازته لهذا الغرض.
ب- استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة:
يمكن أن يكون الاعتداء بواسطة استعمال الطريقة أو الوسائل التي هي موضوع البراءة, فيعاقب جزائيا كل من اعتدى على حقوق صاحب البراءة باستعمال طريقة الصنع أو الوسائل التي تكون موضوع البراءة.
2. الركن الشرعي:
لا يمكن معاقبة الشخص إلا بوجود نص قانوني يقرر تلك العقوبة و يجرم الفعل المركب و هذا ما يسمى "بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات", و بما أن قانون براءة الاختراع قد وضع جريمة التقليد و بين عناصرها المادية و المعنوية و العقوبات المقررة لها لذلك تعتبر الجريمة التي يقترفها مرتكبها معاقبا عليها حسب نص المادة 61 فالركن الشرعي يوضح الأفعال المادية غير المشروعة التي تتكون منها هذه الجريمة و هي جوهر الركن المادي .
و الاعتداء على الحق في البراءة يجب أن تتوفر فيه شروط منها:
أنه يجب أن يتعلق ببراءة موجودة و صحيحة, و ألا يستطيع القائم بالعملية التمسك بأفعال مبررة و أن يتمسك باستنزاف حق صاحب البراءة.
أ. ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة:
لتجريم أفعال التقليد يلزم أن تنص على الموضوع الذي تغطيه شهادة البراءة وما يدخل في الحماية أي أن تكون هناك براءة اختراع قانونية، فلا تقوم جريمة التقليد متى وقع التقليد على اختراع ليس محلا لبراءة اختراع صحيحة قائمة بالفعل أو تم سقوطها أو بطلانها لأي سبب من الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك .
ذهب فريق من الفقه إلى أنه لا يعد تقليدا للاختراع باستعمال الطريقة الصناعية متى كان استعمالها سابقا لتاريخ صدور البراءة، ثم امتد الاستعمال بعد ذلك، كما لا يقوم التقليد لاختراع سقط في الملك العام بسبب انتهاء مدة حمايته أو تركه أو التنازل عنه. فمتى صدرت البراءة صحيحة لا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوى لأن الاختراع لا تتوفر فيه عناصر الجدة، ففي قرار محكمة النقض المصرية بينت المحكمة بأنه متى صدرت البراءة فإنها تضمن لصاحبها حق احتكاري ، ولا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوة بأن الاختراع موضوع البراءة لا تتوفر فيه عناصر الاختراع كعدم الجدة مثلا ، لأن هكذا دفوع يجب أن، تثار أمام محكمة القضاء الإداري بطلب خاص لإبطال البراءة ضمن الشروط التي يحددها القانون لذالك وليس أمام المحكمة التي تنظر في دعوى ا لتقليد ، فمتى صدرت البراءة من الجهات المتخصصة أصبحت ضامنة للحقوق التي فيها حتى يتم إلغاؤها بالطرق القانونية (أنظر الطعن 708 لسنة 1954 ق تجاري جلسة 21/02/1983 س 34 ص 503. منشور في معوض عبد التواب. الموسوعة النموذجية لشرح جرائم الغش و التدليس و تقليد العلامات التجارية من الناحيتين المدنية و الجنائية. الجزء 3. الطبعة الأولى سنة 2003. ص 548) .
ب. عدم وجود أفعال مبررة:
تستبعد جنحة التقليد في حالة وجود أفعال مبررة, و بالتالي فالأعمال التي ينجزها شخص شريك في براءة الاختراع لا تعتبر جنحة تقليد إذ أمكن أن يشترك شخصان أو أكثر في الاختراع , و لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يقوم عن حسن نية بصناعة المنتج المحمي بالبراءة أو استعمال الطريقة المغطاة بالبراءة وقت تقديم طلب البراءة, أو عند تاريخ المطالبة بأولية اختراع مقدمة بصورة شرعية حيث يسمح له بمواصلة نشاطه رغم وجود البراءة , كما لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يستفيد من رخصة –اتفاقية أو جبرية- شريطة ألا يتجاوز حدود العقد
ج- عدم استنزاف حق صاحب العلامة:
أنشئت نظرية استنزاف حقوق صاحب البراءة في ألمانيا, و مفادها أن صلاحيات مالك البراءة تصبح محدودة بعد أن تحققت بعض العمليات من قبله شخصيا أو من قبل الغير برضاه.
إن المشرع الجزائري و على غرار نظيره الفرنسي قد تبنى هذه النظرية, إذ يقضي بأن الحقوق الناجمة عن براءة الاختراع لا تمتد إلى الأعمال المتعلقة بالمنتج موضوع البراءة بعد أن وضع في التداول التجاري على الوجه الشرعي.
3. الركن المعنوي:
إن دراسة الركن المعنوي لجنحة التقليد تطرح إشكالا حول نسبة القائم بالعمل,هل يفترض في هذا الركن سوء نية الشخص المعتبر مقلدا؟
بالرجوع إلى القواعد القانونية الجزائرية تبين أن المشرع ميز بين حالتين:
حالة ما إذا كان الشخص يمس بطريقة مباشرة حق صاحب البراءة و الشخص الذي يمس بطريقة غير مباشرة هذا الحق.
أ- المقلد المباشر: (عدم اشتراط سوء النية)
قد يكون تقليد الإختراع محل البراءة متقنا بصورة يصعب معها على المرء القدرة على تلمس الفرق بين الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل, أي يصعب تقدير قيام التقليد من عدمه, و المعايير التي يجب إتباعها حسب الدكتورة سميحة القليوبي هي:
الاعتداد بأوجه الشبه لا بأوج الاختلاف, إذ يأخذ عند مقارنة الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل بالأمور المتشابهة بينهما و ليس بالأمور المختلفة بينهما,أي يأخذ بنقاط التقارب بين الاختراعين لا بنقاط الاختلاف.
الاعتداد بالجوهر لا بالمظهر, إذ أن إجراء بعض التعديلات على الاختراع الأصيل بالحذف منه أو الإضافة إليه لا ينفي جريمة التقليد ما دامت تلك التعديلات قد اقتصرت على مظهر الاختراع و لم تمس جوهره.
لا أثر لإتقان المقلد للتقليد من عدمه, إذ تقوم جريمة التقليد بصرف النظر عن نجاح المقلد في تقليد الاختراع أو فشله في ذلك.
و أيا كان الأمر فإن تقليد الاختراع موضوع البراءة يعد من مسائل الواقع التي تدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
و القصد الجرمي لدى مرتكب فعل التقليد أمر مفترض لسببين:
الأول: لأن أفعال التقليد بطبيعتها تنطوي على علم الفاعل بحقيقة ما يفعل.
الثاني: لأن إشهار -إعلان- البراءة له حجة في مواجهة الكافة, و بالتالي يشكل قرينة قانونية قاطعة على علم مرتكب التقليد.
و بما أن هذا التصرف يمس مباشرة بحقوق مالك البراءة و حسب المرسوم التشريعي 93-17 فلا يمكن للمقلد التمسك بحسن نيته للتهرب من مسؤوليته, و لا يشترط في تطبيق العقوبة وجود عنصر القصد إذ يعاقب المقلد قانونا مهما كانت نيته حسنة أو سيئة .
غير أن المشرع في الأمر رقم 03-07 عدل عن موقفه القديم, وأصبح يشترط سوء النية كركن أساسي لارتكاب جنحة التقليد.
فيجب أن يكون المقلد المرتكب لأحد الأفعال المنصوص عليها في م 11 من الأمر 03-07 على علم بأنه يقلد منتوجا أو طريقة صنع محميين ببراءة اختراع فإذا سقط العلم سقطت الجريمة, وهذا لا يمنع صاحب البراءة من متابعته مدنيا و ليس جنائيا, و هذا ما نصت عليه المادة 61 التي اشترطت سوء النية بصريح العبارة حيث جاء فيها: "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم المادة 56 أعلاه جنحة تقليد".
و نرى أن المشرع قد أصاب مبدئيا باشتراط سوء النية (كل عمل متعمد) لقيام جنحة التقليد ذلك أنه في القانون الجنائي يجب توفر ثلاثة أركان لقيام الجريمة, و متى سقط ركن منها سقطت الجريمة.
غير أنه من الناحية العملية يصعب إثبات حسن النية إن لم نقل يستحيل خاصة في المقلد المباشر, و نرى بأن ما فعله المشرع هو ضرورة قانونية لاكتمال بناء الجريمة من الناحية القانونية لا من الناحية الواقعية.
ب- المقلد غير المباشر:( ضرورة وجود سوء النية)
و يتعلق الأمر بالأشخاص الذين قاموا عمدا بإخفاء شيء مقلد أو إخفاء عدة أشياء مقلدة أو بيعها أو عرضها للبيع أو إدخالها إلى التراب الوطني, وهذا ما نصت عليه المادة 62. و هؤلاء الأشخاص لا يعتبرون الفاعلين الأصليين لواقعة التقليد و لهم الحق في دفع المسؤولية عن أنفسهم بأنهم قد كانوا على غير علم بحقيقة الأمر.
و نرى بأن سوء النية (كل من يتعمد...) يجب توافرها لقيام جريمة المقلد غيرالمباشر. إذا سوء النية في جريمة التقليد متطلب, سواء كان التقليد مباشرا أو غير مباشر غير أنه من الناحية العملية فحسن النية يمكن إثباته في المقلد غير المباشر أين تسهل طرق الإثبات على عكس المقلد المباشر كما سبقت الإشارة فإنه يصعب إن لم نقل يستحيل إثبات حسن النية.
4. ركن الضرر:
هناك اختلاف كبير بين فقهاء القانون الجنائي حول اعتبار الضرر في ركن الجريمة, فقد ذهب فريق من الفقه إلى أن ركن الضرر توفره في جميع الجرائم, لأنه في حالة عدم وجود الضرر ينعدم أثر الجريمة, و تبعا لانعدام الأثر تنعدم الجريمة, لذلك فإن مجرد تقليد الاختراع (عن طريق صنعه) دون استعماله أو استغلاله أو التصرف به فتحقق الجريمة بشكلها الكامل عند استغلال أو استعمال أو التصرف في الاختراع موضوع التقليد.
و يحدث التقليد في هذه الحالة سواء أدى هذا الأخير إلى المنافسة أم لا, لأن المنافسة غير المشروعة هو فعل آخر يمكن إقامة دعوى خاصة به, و لو لم يوجد تقليد لموضوع البراءة. و لم تنص القوانين على شرط الضرر لأن ركن الضرر مفترض .
غير أنه و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجد أن المشرع لم يشترط هذا الركن لإثبات وقوع جريمة التقليد, ولو كان ركن الضرر ركنا كما ذهب إلى ذلك بعض الفقه لكان من الأحرى على المشرع أن ينص عليه تطبيقا لمبدأ "شرعية الجرائم و العقوبات" .
غير أنه لا ننكر دور الضرر في الجريمة لأنه على هداه يستطيع المشرع تحديد التعويض المناسب في حالة ما إذا طالب صاحب البراءة به, لذلك نقول أن ركن الضرر هو ركن واقعي أكثر منه قانوني.
ثالثا: النظام القانوني لدعوى التقليد
تتحقق حماية صاحب البراءة ضد الاعتداء على حقه في احتكار استغلال اختراعه عن طريق دعوى التقليد مما يستوجب بيان القواعد الأساسية التي تشكل نظامها القانوني و هذا بتحديد كيفية ممارسة هذه الدعوى في جهة و توضيح آثارها من جهة أخرى.
4. ممارسة دعوى التقليد:
باعتبار أن صاحب البراءة هو المدعي في دعوى التقليد, و القاعدة في قانون الإجراءات الجزائية أن "البينة على من ادعى" فتجب على صاحب البراءة بصفته مدعي في دعوى التقليد إثبات عملية التقليد التي ارتكبها الشخص المدعى عليه.
و لقد نص المشرع في القانون 66-54 (الملغى بموجب المرسوم التشريعي 93-17 بموجب الأمر 03-07 ) في هذا الشأن على إجراء خاص يتمكن صاحب البراءة بواسطته بإثبات العمل المعاقب عليه قانونا و بالتالي سنتكلم عن هذه الإجراءات المنصوص عليها في الأمر 66-54 على سبيل الإستئناس ذلك أن المشرع لم ينص على أي إجراء من هذه الإجراءات في الأمر 03-07.
أ- أطراف الدعوى:
لا يجوز رفع دعوى التقليد حسب مفهوم م 58 من الأمر 03-07 إلا من قبل صاحب براءة الاختراع أو خلفه ( و لقد بينا فيما سبق حسب رئينا الخاص المقصود بالخلف).
أما المادة 33 الفقرة الأولى من المرسوم 93-17 فقد جعلت الحق في رفع دعوى التقليد لمالك البراءة أو من له الحق في امتلاكها. و نحن نرى بأن لفظ "الخلف" (الأمر 03-07 ) و لفظ "من له الحق في امتلاكها" (الأمر93-17) لهما نفس المعنى ذلك أن من يخلف صاحب البراءة الأصلي يصبح مالكا لها.
و إذا اشترك شخصان أو عدة أشخاص في إنجاز اختراع ,فيؤول هذا الحق إلى كل واحد منهم .
و فيما يتعلق بعقد الترخيص, فالمنطق يقضي بضرورة تمييز الترخيص البسيط عن الترخيص المطلق, و من ثم يتسحيل على المرخص له المستفيد من رخصة بسيطة رفع دعوى التقليد, بينما إذا كانت الرخصة مطلقة يسوغ للمرخص له رفعها في حالة عدم وجود بند مخالف في العقد أو شريطة أن يكون قد قام بإنذار مالك البراءة و بقي هذا الإنذار دون جدوى, و أعني بالذكر أن الأمر يتعلق بعملية التقليد التابعة لعقد الترخيص المسجل و المنشور بصورة منتظمة.
و أخيرا ينبغي الإشارة إلى أنه يجوز رفع دعوى التقليد ضد مرتكبي الجنحة إما جماعيا و إما انفراديا, و يجوز للمدعي رفع الدعوى ضد البعض منهم فقط, كما يلاحظ أن دعوى التقليد في المرسوم التشريعي 93-17 تتقادم بمرور خمس سنوات اعتبارا من تاريخ ارتكاب الجنحة. أما الأمر 03-07 فلم ينص على مدة تقادم جنحة التقليد .
ب- طريقة إثبات التقليد: عملية حجز التقليد:
يتوجب على المدعي في الدعوى إثبات عملية التقليد أي يجب أن يتحمل عبئ الإثبات و يتمكن صاحب البراءة من جمع كافة الدلائل.
كان التشريع السابق (66-45)ينص على إجراء خاص و هو حجز التقليد ( la saisie-contrefaçon) و على ذلك يجوز لصاحب البراءة على غرار صاحب الرسم أو النموذج الصناعي , أو صاحب العلامة التجارية أو صاحب التأليف , القيام بإجراءات تحفظية قبل قيام دعوى التقليد, الغرض منها حفظ حقوقه و الحصول على الأدلة اللازمة لإثبات الاعتداء على حقه في احتكار استغلال الاختراع غير أن حجز التقليد ليس إجراءا إجباريا و تمهيديا لدعوى التقليد لكن فعاليته جعلته كثير الاستعمال, و هكذا يجوز لصاحب البراءة أن يطلب بموجب أمر من رئيس المحكمة المختصة إجراء التعيين و الوصف المفصلين الأشياء المعتبرة مقلدة مع حجزها أو بدونه .
و يباشر هذا الإجراء عون مكلف بمساعدة خبير عند الاقتضاء.
و يتضح من هذه الأحكام أنه لا يمكن القيام بحجز التقليد إلا بتشخيص قضائي, و ينبغي أن يبقى الوصف محصورا على الأشياء المذكورة في الترخيص, و إذا خرج عن مضمونه يصبح الحجز باطلا.
و فيما يتعلق بالوثائق فلا يمكن حجزها إلا إذا كانت ضرورية لإثبات عملية التقليد, ويلاحظ أنه يجوز لرئيس المحكمة إلزام الطالب بدفع كفالة قبل مباشرة إجراءات الحجز.
و تجدر الإشارة إلى أن صاحب البراءة ملزم –بعد استيفاء الإجراءات التحفظية- برفع القضية أمام قاضي الموضوع حيث يجب الالتجاء إلى السلطة المختصة في أجل شهر تحت طائلة ببطلان مفعول الوصف و الحجز, مع عدم الإخلال بما قد يطلب من تعويضات .
و إذا حسمت الدعوى لصالح صاحب البراءة فإن المحكمة ستقرر مصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحجز و استنزال ثمنها من الغرامات أو التعويضات أو أن تتصرف فيها بأي طريقة تراها مناسبة أو حتى إتلافها عندما لا ترى ضرورة لبقائها أو أن أضرارها يسبب أضرارا كبيرة.
و يجب أن نشير إلى أن بطلان حجز المقلد لا يؤثر على صحة دعوى التقليد فالغاية التي يسعى إليها صاحب البراءة من وراء الحجز هي الحصول على الأدلة الكافية و القاطعة لإثبات جنحة التقليد, و على ذلك يبقى الحجز وسيلة من وسائل الإثبات.
و يلاحظ أنه بالرغم من فعالية عملية الحجز كوسيلة من وسائل إثبات التقليد فإنها لا تعتبر الوسيلة الوحيدة, فإذا كان الإثبات في القضايا المدنية يستند أساسا على أدلة تكون معدة مسبقا تقدم للقاضي المدني, فإن الإثبات في القضايا الجزائية يستند أساسا على قناعة القاضي الجزائي فيما يقدم إليه من أدلة. في حين أن الإثبات في القضايا الإدارية يستند على الأمرين معا ، أي على أدلة تكون معدة للإثبات مسبقا و على قناعة القاضي الإداري .
و يلاحظ أن الامر 03-07 لم يحدد طرق معينة لللإثبات ، و خاصة عملية الحجز ، على عكس الأمر 66-54 الذي تعرض و بالتفصيل إلى هذه الطريقة ( الحجز ) ، ونظن أن المشرع لو وضع مرسوما تنظيميا يحدد طرق الإتباث و عملية الحجز بصفة خاصة وحدا حذو الأمر 66-54 الذي حددها بنوع من التفصيل، يؤدي إلى التطبيق السليم .
ج- آثار دعوى التقليد :
إن فاعلية الحماية القانونية لبراءة الإختراع ، موقوفة على نوعية العقوبة المطبقة على الشخص المقلد ، ولا شك أنه يجب أن تكون العقوبة صارمة و ذات طابع ردعي ، حتى يحترم الغير حقوق صاحب البراءة فمتى تبث أن دعوى التقليد كانت مؤسسة قانونا ( بتوفر جميع الأركان سالفة الذكر ) وجب في هذه الحالة حماية صاحب البراءة ، و تتمثل هذه الحماية في عقوبات أصلية توقع على مرتكب جنحة التقليد ،و أخرى تبعية ، وفي نفس الوقت يجب تعويض صاحب البراءة عما أصابه من ضرر ، و اتخاذ تدابير لمنع المقلد من مواصلة تقليد الإختراع موضوع النزاع،وعلى هذا سوف نتعرض إلى كل هذه الآثار على التفصيل الآتي:
ج1- العقوبات الأصلية : كل من وقع منه تعد على الحق في براءة إختراع بصفة عمدية ، وكان ذلك بتقليد الإختراع موضوع البرءة أي ارتكاب أفعال حسب مفهوم المادة 11 يصبح عرضة لإحدى العقوبات التالية :
• الحبس من 6أشهر إلى سنتين .
• غرامة من 2500000 دج إلى 10.000.000دج.
• أو بالعقوبتين مجتمعتان معا.
ويجب الإشارة إلى أن المحكمة الجزائية المختصة هي صاحبة الصلاحية في توقيع العقوبات المذكورة على المعتدي على البراءة .
كذلك تعد العقوبات أصلية بما فيها الغرامة كون هذه الأخيرة إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر من قبل المحكمة .
ويجب عدم الخلط بين الغرامة و التي هي حق الدولة ، و التعويض الذي هو حق مالك البراءة إذ كل منهما مستقل عن الآخر .
كما يلاحظ ارتفاع قيمة الغرامة المالية ارتفاعا واضحا ، مما جعل القوة الرادعة للغرامة المالية ذات أثر في الوقت الحالي إذا ما طبق القانون تطبيقا فعليا ، ولقد واكب المشرع فيما يخص تحديد الغرامة التطورات الاقتصادية نظرا لانخفاض قيمة الدينار الجزائري ، إذ لا شك أن مبلغ 40000دج و 400000 دج سنة 1993 و ما قبلها ليست هي نفسها سنة 2006
ج2- العقوبات التبعية :لأي شخص ألحق به حيف أوضرر من جراء تعد في براءة الإختراع و كان ذلك التعدي في صورة تقليد الإختراع موضوع البراءة ، الحق في اتخاذ إجراءات قانونية لتأمين حقوقه عن طريق استصدار أمر تحفظي أو الحصول على عطل أو ضرر أو اتخاذ أي تدابير أخرى قد تؤدي إلى محاكمة مرتكب الجرم . ومن قبيل ذلك ، نذكر مايلي :
• المصادرة : سبق لنا التكلم عن عملية الحجز كطريقة من طرق الإثبات التي يلجأ إليها صاحب البراءة لإثبات الاعتداء على حقه ، فمتى تثبت الإدانة جاز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ، وذلك يؤدي إما إلى الحيلولة بين حائز تلك الأشياء و إمكانية استعمالها مستقبليا في ارتكاب الجريمة من جديد ، و إما بيعها و دفع الغرامات والتعويضات من ثمنها كما قد تقوم بالتصرف فيها بأي طريقة أخرى تراها مناسبة ، ويجوز الحكم بالمصادرة حتى في حالة الحكم بالبراءة لعدم توفر العقد ، كما يجوز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ولو لم يحدث ضرر من واقعة التقليد ، و الحكمة من جوازة المصادرة ، هي وزن الأضرار التي ستلحق من وراء هذه المصادرة
• الإتلاف :فللمحكمة أن تأمر بإتلاف المنتجات المقلدة و إتلاف الأدوات و الآلات التي استعملت في تقليدها ، وذلك أمر جوازي يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة .
و يكون الإتلاف مقبولا متى كانت المنتجات متعلقة بالدواء و الغداء و لم تتوفر فيها المواصفات المطلوبة و الصحيحة ، و لا يكون مقبولا في غير هذه الأحوال ، إذ لا ينبغي اللجوء إلى الإتلاف إلا في حالة الضرورة القصوى ، أي يجب الربط بين المنتجات المقلدة من جهة ، وعدم صلاحية تلك المنتجات للاستفادة منها بصورة مناسبة تراها المحكمة ، كتسليم تلك المنتجات إلى الجمعيات الخيرية للاستفادة منها و توزيعها على الفقراء و المساكين .
و في الأخير يجب الإشارة إلى أن وزن التقليد حاليا يمثل 10 % من التجارة العالمية و هذا في جميع المجالات : المنتجات الرقمية ،أدوية ، ...الخ مابين 200 و300 مليار أورو ضائعة من الإقتصاد العالمي منها 6 مليار يورو في فرنسا وحدها و تدمر كل سنة ما بين 30000 و 200000 منصب عمل في فرنسا وحدها .
ويترتب على هذا نتائج إقتصادية وخيمة :
1. نقص في الربح بالنسبة للمؤسسات .
2. تاثير سلبي على البحث العلمي .
3. كما أن التقليد يضع مصحة المستهلك على حافة الخطر ، و ذلك يرجع إلى نقص في جودة المنتجات المقلدة .
و يجب الإشارة إلى أن جريمة التقليد لا تهم قطاع الملكية الفكرية فحسب و إنما جل القطاعات الإقتصادية فعلى سبيل المثال نجد فرنسا قد خلقت شبكة un reseau بين كل من المديرية العامة للمالية والسياسة الإقتصادية ( DGTPI ) و الجمارك والمعهد الوطني للملكية الفكرية INPI تتكون من 35 خبير في مجال التقليد .
هذه الشبكة تغطي 75 ولاية .
هذا وانطلاقا من 30 أفريل 2006 تقوم وزارة الإقتصاد و المالية بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمحاربة التقليد (Cnac) و المعهد الوطني للملكية الصناعية (INPI) للقيام بالتوعية عن طريق وسائل الاتصال كالتلفاز و الإنترنيت .
هذا وقد وضعت السلطات المختصة الفرنسية موقع خاص بالتوعية .
و للأسف كل هذه الإجراءات المتخذة من قبل الدول المتقدمة وغيرها لا نجدها في الجزائر ، وهذا ما يدل بشكل واضح على تخلفنا .
الفرع الثاني: جريمة بيع المنتجات المقلدة
تعتبر هذه جريمة و ذلك بمقتدى المادة 62 من الأمر 03-07 حيث نصت (يعاقب بنفس العقوبة... أو بيعها).
تمثل هذه المادة الركن الشرعي للجريمة و يجب لتمام الركن الشرعي من ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة و لا يستطيع القائم بهذه العملية التمسك بأفعال مبررة أو أن يتمسك باستنزاف حق صاحب مالك البراءة.
نلاحظ أن هذه الشروط تتمثل نفسها في شروط الاعتداء على الحق في البراءة لذلك نحيل إلى ما تم مناقشته في السابق مع التذكير فقط بطبيعة هذه الجريمة و التي تتمثل في البيع و ليس فعل التقليد الذي بيناه في السابق.
و تفرض هذه الجريمة بأن تقليد الاختراع تم بالفعل, و بالتالي فإن موضوعها ليس تقليد موضوع البراءة و إنما هو بيع المنتجات المقلدة و هذا يعني أن جريمة بيع المنتجات المقلدة لابد أن يكون قد سبقها ارتكاب جريمة تقليد الاختراع و ترتبط عادة جريمة تقليد الاختراع بجريمة بيع المنتجات المقلدة.
الأصل في الشخص المرتكب في جريمة التقليد إنما يرتكب هذه الجريمة خاصة لبيعة الإختراع و الاستفادة ماديا مما يجنيه من وراء ذلك غير أنه لا تلازم بين الجريمتين بالضرورة.
أولا: تمهيد:
إن الحق الفكري أو الذهني حق يتربع بدون منازع على عرش كل الحقوق، ويحتل مركزا بارزا ضمن حقوق الملكية وذلك لاتصاله بأسمى ما يملكه الإنسان وهو العقل في إبداعاته وتجلياته الفكرية، و لهذا قد امتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى بالخلق والإبداع فهو سيد هذه المخلوقات بذكائه وعقله وتفكيره فاستطاع بهذه الملكات أن يسخر عناصر الكون لفائدته
و مصطلح الملكية الفكرية إذا ما أطلق فيراد به الحق المعنوي ، وهو حق غير مادي
كحق المخترع على اختراعه والصانع على منتجه والمؤلف على مصنفه.
والملكية الفكرية في حد ذاتها تتقسم إلى قسمين:
- ملكية صناعية
- ملكية أدبية وفنية
ومن بين حقوق الملكية الصناعية نجد براءة الاختراع والتي تعتبر من أهم هذه الحقوق، ذلك أن الاختراع قديم قدم الإنسان على عكس المفاهيم الأخرى للملكية الصناعية (علامات تجارية – تسمية المنشأ – رسوم ونماذج صناعية ) والتي تعتبر حديثة النشأة فهي مرتبطة بالتطور الصناعي الذي عرفه القرنين السالفين.
ولقد اهتم التشريع الجزائري كغيره من التشريعات المقارنة موضوع البراءة وأفرد لها قوانين خاصة وكذا حماية خاصة ا فقد نظمها بقانون شهادة المخترعين وبراءة الاختراع رقم 66-54 المؤرخ في 11 ذي القعدة عام 1385 والموافق لـ 1966/03-08 والملغي بالمرسوم التشريعي رقم 17 – 93 المؤرخ في 23 جمادى الثانية عام 1414 الموافق لـ 7 ديسمبر سنة 1993 والمتعلق بحماية الاختراعات.
والملغى هو الآخر بمقتضى الأمر07-03 و الذي سيكون محل دراستنا .
ثانيا: أهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذه الدراسة لكونها محاولة جديدة نسبيا ( مقارنة مع البحوث الوطنية ) لتسليط الضوء على عدة مجالات مترابطة فيما بينها، تبدأ بدراسة أهمية نظم الحماية التي كفلتها قوانين براءة الاختراع الوطنية والعالمية ثم دراسة موضوع الحماية والذي يتمثل في براءة الاختراع لذلك نتعرض لها بالتعريف وذكر شروط الحصول عليها ( الموضوعية والشكلية ) وفي الأخير نتعرض إلى الحماية القانونية لبراءة الاختراع سواء الحماية الداخلية أو الحماية الدولية ونختم دراستنا بالتعرض إلى دور القضاء في حماية براءة الاختراع ، إذ لا يكفي أن تحمل هذه التشريعات نصوصا تؤكد أصل الحق ( النصوص الموضوعية ) أو وسيلة بلوغه (النصوص الإجرائية ) بل يتعين أن يكون بلوغ هذا الحق عبر الوسائل المختلفة كفيلا من خلال قنوات فعالة تسهر على ضمان انسياب مياه العدالة في جوانبها سلطة قوية قادرة على أن تحمي الحق من أي إنتهاك والنصوص من أي عبث.
ثالثا: الإشكالية :
• ما هي أهمية نظم الحماية المقررة للبراءة في التشريعات الوطنية والمقارنة ؟
• ما هو موضوع هذه الحماية ؟
• فيما تتجسد هذه الحماية – الوطنية والدولية – وماهي أهميتها ؟
• ما هي ضمانات هذه الحماية ؟
رابعا : فرضيات الدراسة :
قمنا بصياغة عدة فرضيات لهذه الدراسة – فرضيات نفي وفرضيات إثبات- و سنحاول الإجابة عنها و التأكد من صحتها ضمن هذه الدراسة :
• تعتبر البراءة أداة فعالة لحماية الإختراع و المخترع على حد السواء .
• نجح المشرع الوطني من خلال التشريعات المتتالية في وضع مفهوم البراءة و شروطها الموضوعية والشكلية .
• واكب المشرع الوطني التطورات القانونية التي حصلت في التشريعات المقارنة .
• تعتبر الحماية القانونية التي وضعها المشرع الوطني كفيلة للحماية الفعلية للإختراع والمخترع .
• تعتبر الإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الإختراع كفيلة للحماية الفعلية للإختراع والمخترع .
• يعتبر القضاء الوطني بصفة خاصة والدولي بصفة عامة ضمان جيد لتكريس الحماية القانونية .
خامسا : أسباب اختيار الموضوع :
وقع اختيارنا على هذا الموضوع لعدة أسباب نستطيع إيجازها فيما يلي:
حداثة الموضوع باعتباره يخضع إلى تعديل جديد ولتصدره في الكتابات القانونية والملتقيات الدولية وكدا الندوات.
توفر الوثائق اللازمة لإنجازه.
الرغبة في إلقاء الضوء على ما توصلت إليه المجتمعات والحماية التي أقرتها عن طريق الاتفاقيات الدولية.
تطبيق الجزائر لسياسة اقتصاد السوق مع بداية التسعينات وارتقاب انضمامها لاتفاقية منظمة التجارة العالمية (OMC)، بالإضافة لتوقيعها اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أحداث اقتصادية مهمة و كل هذه الأحداث قد مست بالملكية الصناعية بصفة عامة .
سادسا : المنهج وأدوات التحليل المستعملين في الدراسة :
قصد الإجابة عن الإشكالية المطروحة في هذه الدراسة، وكذا اختبار فرضياتها المتبناة تم اختيار المنهج التحليلي تارة والمنهج المقارن ثارة أخرى .
سابعا : صعوبات البحث
تتمثل أهم الصعوبات التي واجهتنا أثناء إعداد هذا البحث في تشعب الموضوع وحداثته، لأن براءة الإختراع مفهوم متشعب يشمل العديد من المجالات المختلفة، إضافة إلى صعوبة الحصول على معطيات دقيقة مثل تعداد الأعمال العلمية، نظرا للانعدام الجزئي أو الكلي للإحصائيات الرسمية وكذا انعدام المراجع الوطنية التي عالجت موضوع الحماية على ضوء القانون الجديد.
فصل تمهيدي
أهمية نظم الحماية
عرف الإنسان مند القدم ضرورة حماية المبدعين و تشجيعهم، بأن ضمن لهم المجتمع حماية حقوقهم المادية و المعنوية المترتبة عن اختراعهم ، و قد أنشئت براءة الاختراع كأداة لهذا الغرض و أصبحت وسيلة لحماية الملكية الصناعية .
وبإجراء نظرة سريعة لتاريخ الحماية الفكرية، يتضح لنا الحاجة التي أدركها البشر لمثل هذا الإجراء من خلال معاناة المخترعين من عدم تقدير أعمالهم و أفكارهم، بل قد يصل الأمر إلى محاربتهم.... و لعل قصة" سنمار" وجزائه من الأمثلة المناسبة للدلالة على عكسية التفكير، حيث كان جزاء هذا المهندس أن يلقى من أعلى البناء الذي شيده . أما الرومان فكان جزاء أحد المخترعين القتل لأنه إخترع زجاجا لا ينكسر،و ظن الإمبراطور أن هذا الإختراع سيجعل الذهب عملة وضيعة فتنهار الدولة ، و كذلك المهندسون الذين شيدوا تاج محل قطعت أيديهم ......والتاريخ ملئ بمثل هذه الأخبار .
فما هي إذن فوائد نظم الحماية ؟ ....
يعزو الكثير من المفكرين التقدم الهائل في الصناعة إلى نظم الحماية الفكرية التي بدأت في أوائل القرن 18 حيث أصبحت المحك الأول الذي أوجد نوعا من التنافس الشريف بين المبتكرين لما حصلوا عليه من مردود مادي لاخترعا تهم و للصناع الذين ساعدوا على تطوير سلع جديدة وتسويقها لحسابهم لفترة معينة، مما زاد أرباحهم لتستثمر في تطوير سلع جديدة و هكذا .
هذا و يعتبر من البديهي أن الفكرة التي يأتي بها المخترع المبدع، تعطيه إذا نتج عنها ثمار وأتت بأكلها في صورة اختراع ، حقا مزدوجا ، فهي من جهة تعطيه حقا معنويا يتمثل في الاعتراف له بالأبوة على تلك الفكرة ، لذلك ما زال اسم "بل" مخترع الهاتف و "ناكمات" الياباني مخترع محرك الأقراص المرنة ...منقوش بأحرف من ذهب في ذاكرة التاريخ .
كما تعطي الفكرة صاحبها من جهة أخري حقا ماليا، يتمثل في الإعتراف له بهذا الإختراع وإعطائه الحق في استثماره استثمارا مشروعا و حمايته ، و المراد بالحماية بموجب البراءة، أن الإختراع لا يمكن صنعه أو الانتفاع به أو توزيعه أو بيعه لأغراض تجارية دون موافقة مالك البراءة .
ولمالك البراءة الحق في تقرير من الذي يجوز له أو لا يجوز له الإنتفاع بالإختراع المشمول بالبراءة خلال مدة الحماية، و يجوز لمالك البراءة التصريح لأطراف أخرى و الترخيص لها بالإنتفاع بالإختراع وفقا لشروط متفق عليها .
و من الناحية العلمية ، فقد ساهم نظام الحماية في إثراء البحوث النظرية ، وجعلها تنتقل من عالم الخيال إلى عالم الواقع ، حيث زاد الإهتمام بالنواحي الأكاديمية و التجريبية من منطلق تنافسي يرقى إلى المستوى الدولي و أنشأت المكتبات الكبيرة و المعامل و مراكز البحث و التطوير، و لعل السباق المحموم بين الو. الم. الأ و الإ.السوفيتي في الستينات على غزو الفضاء و الوصول إلى القمر هو قمة هذه المنافسة و التي و بطريق غير مباشر ساعدت على تطوير كثير من العلوم لتخدم الحضارة و المدنية الإنسانية فرب ضارة نافعة.
بعض الكتاب يشير إلى أن أول من أشار إلى ضرورة إيجاد شكل من أشكال الحماية للاختراعات كان الأمير James ملك بريطانيا لما له من فعالية سواء من الناحية الإقتصادية أو حتى السياسية والثقافية.
فالبراءة تعتبر وسيلة للنهضة التكنولوجية "le brevet est un instrument de veille technologique" ذلك أن المعلومات التي توفرها البراءة تعتبر منبع المعلومات التكنولوجية العالمية الكاملة و الأكثر نظامية la plus systématique ذلك أن 80% من المعلومات العلمية و التقنية موجودة في البراءة .
كذلك يمكن إعتبار البراءة كمؤشر على التطور التكنولوجي والتنافسية les brevets comme indicateurs de la technologie et de concurrence . و للتدليل على هذا، نأخذ هذا المثال التوضيحي لمؤسسة تعمل في مجال LE GENIE GENETIQUE تريد أن تعرف التوجيهات الإستراتيجية لواحد من منافسيها عن طريق ملاحظة حجم الإخترعات و المؤهلات التكنولوجية لهذه المؤسسة معتمدة في ذلك على عدد البراءات الحاصلة عليها المبينة في هذين الجدولين التكرارين :
مقدار الإخترعات:الخطوة الأولي تتطلب جمع المعلومات من البراءة لهذا المنافس ثم مقدار أو حجم إختراءاته لمؤسسة المنافسة يمكن أن تتقلص بمساعدة الجدول التكراري الذي يبين البراءت الموزعة سنويا المبينة في الجدول رقم 1
ملا حظ أن عدد البراءات الممنوحة لهم قد ارتفعت بين1999, ،2003 تؤكد أن مجهوداتR D لهذا المنافس قد ارتفعت في هذه الفترة.
Fig.1 Taux d'innovation d'une entreprise
المؤهلات التكنولوجية:المؤشر الثاني يدور حول التنوع الوظيفي R D المؤسسة(profil technologique)
هذا الأخير (المؤهلات التكنولوجية)حصلنا عليه بمساعدة مدرج التكراري الذي يبين عدد البراءات الموزعة في مجال من المجلات الكثيرة في الفترة الممتدة بين 2001و2002 (أنظر المدرج التكراري رقم 2) هذا الجدول بين من خلال ملاحظة عدد البراءات الموزعة في كل مجال على حدى بان مجهودات المؤسسة المنافسة قد كتفت في مجال ; Génie génétique médical ومن جهة أخرى توسعت في مجال la reproduction animale et de peptides
Fig.2 Orientation de la R&D d'une entreprise
كما نتج عن نظم الحماية، أن تحولت البحوث المهملة التي كانت تنشأ في المعاهد و الجامعات إلى دراسات واقعية و ترجمت إلى ابتكارات ، و ثم حمايتها ، مما أدى إلى وجود جو تنافسي شريف بين الباحثين ,و بدأ الجميع في النظر إلى البحوث التي تهتم بالابتكار، و تبتعد عن التقليد والإفراط في البحوث النظرية و تحولت المشاريع الخاصة بالتخرج و الدراسات العلمية إلى مبتكرات يعنى أصحابها التميز المعنوي و الربح المادي كما سبق الإشارة إليه .
هذا و يعتبر بعض الفقه أن البراءة وسيلة لتقييم الاختراعات الابتكارية le brevet: un moyen de valoriser l'innovation كما يمكن اعتبار نظم الحماية الإختراع و المتجلات أساسا في البراءة بالنسبة للمؤسسات كمؤشر للطاقة بالنسبة لهذه المؤسساتle brevet:un indicateur du dynamisme
هذا و يمكن الإشارة إلى أنه تستعمل أغلب مؤشرات التنافسية الاقتصادية للدول أو المؤسسات ، و التي تعهدها هيئات دولية مختلفة براءة الاختراع للدلالة على إمكانية دولة ما أو مؤسسة في الجانب التكنولوجي و كذا لقياس نتائج البحث والتطوير في الميدان العلمي و التقني .
إن نظام الحماية الذي توفره براءة الإختراع ، نظام جد فعال ذلك أنه يساعد على تنمية المعارف التقنية و ذلك بفضل وظائفها الثلاث الأساسية :
تطوير الإختراعات
التزويد بالمعلومات التقنية .
تسهيل الدخول إلى التكنولوجيا وتحويل التكنولوجيا.
و للتدليل على أهمية نظم الحماية و مدى التقدم الهائل التي حققته الدول المتقدمة، و الفرق الشاسع بيننا و بينهم، نستدل على هذه الحقائق بالأرقام:
• عدد براءات إديسون 1050براءة.
• عدد براءات السيد ناكاماتي الياباني2400براءة و هو مخترع محرك الأقراص المرنة .
• يتجاوز عدد موظفي مكتب البراءات الأمريكي 9000فرد منهم أكثر من 3000فاحص
• تصدر مكاتب البراءات في الدول الصناعية أكثر من 300000براءة سنويا مجتمعة
• حول مكتب البراءات الأمريكي ما قيمته 200مليون دولارا لميزانية الحكومة المقدر إليه في العام 2001وذلك كإيرادات
وقد أصبح الآن من البديهي أن حماية الاختراع، عن طريق منح البراءة إلى صاحبه كجزاء لإبداعه و مكافأته ماليا لاختراعه القابل للتسويق و تشجيع هذه الحوافز على الابتكار الذي يضمن استمرارية تحسن نوعية الحياة البشرية .
و في الواقع تسربت الاختراعات المشمولة بالبراءات (أي المشمولة بالحماية) إلى كل نواحي الحياة البشرية و امتدت من الإضاءة الكهربائية (مالك البراءة شركة ايديسون وسوان) و البلاستيك (مالك البراءة بيكلاند) إلى أقلام الحبر الجاف (مالك البراءة بيرو ) و أجهزة الحاسوب (مالك شركة أنتال مثلا)
و في المقابل هذه البراءات التي تؤمن الحماية، يلتزم جميع مالكي البراءات بالكشف عن المعلومات المتعلقة باختراعاتهم للجمهور، من أجل إثراء مجموعة المعارف التقنية في العالم مقابل الحماية الممنوحة بموجب البراءة وتؤدي ذلك المجموعة من المعارف العامة المتزايدة بدون انقطاع إلى تشجيع مزيد من الإبداع و الابتكار في مجالات أخرى ، و على هذا المنوال لا تكفي البراءات بتوفير الحماية لمالك البراءة فحسب بل تتيح معلومات قيمة و تلهم الأجيال القادمة من الباحثين والمخترعين
كما تعتبر البراءة (نذكر أننا عندما تكلمنا عن البراءة فنقصد بها نظم الحماية) سلاح اقتصادي une arme économique لهذا السلاح وظائف متعددة:
1. فهو من جهة عبارة عن سلاح دفاعيarme défensive لأنه يحمي حقوق المخترعين وحقوق المؤسسات المخترعة.
2. و من جهة ثانية يعتبر سلاح هجومي arme offensive : ذلك لأن البراءة تمنح للاقتصاديين les opérateurs économiques الوسائل لربح الأسواق
3. و من جهة ثالثة يعتبر سلا ح موقف للأخطارarme de dissuasion و التهديدات التي يواجهها المخترع أو المؤسسة المخترعة من قبل باقي المخترعين والمؤسسات المخترعة
ونظرا لهذه الأهمية العظمى التي توفرها نظم الحماية في القرن الحالي في عصر التطور و التكنولوجيا ،حيث أصبح كل يوم يصدر اختراع ينسينا قي الاختراع الذي جاء قبله أخذ جميع المخترعين و المؤسسات المخترعة تعتني و تحرص على الحصول على البراءة لضمان الحماية ,فقد تطور المستوى الفكري العالمي حيث أصبحت البراءة عندهم جزءا لا يتجزأ من الاختراع ،و آخر الإحصائيات (2005) تقول أنه توجد 25000براءة اختراع موزعة في كل أسبوع في العالم بأسره، و لا شك أن هذا الرقم هائل غير أنه فعلا يعطينا فكرة دقيقة على مستوى التطور الدولي في المجال الصناعي
كما أصدر مكتب براءات الاختراع و العلامات التجارية في الو.م .أUPTSO قائمته السنوية الخاصة بأفضل المخترعين، فمن بين 2941براءة اختراع ثم منحها في المجمل كانت حصةIBM أكثر من أي شركة أخرى وذلك للسنة13 على التوالي ."في عام 2005، تسلمت آي بي إم 1,100 براءة إختراع زيادة عن أي شركة أخرى. و هذه هي السنة الثامنة على التوالي التي تقوم فيها آي بي إم بتسلم أكثر من 2,000 براءة إختراع أمريكية. لقد تم إصدار نتائج براءات الإختراع الخاصة بعام 2005 اليوم من قبل مكتب براءات الإختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة.
وهذا ما يؤكد أن أي بي أم هي الشركة الأكثر إبداعا التي تقدم والحلول المتطورة التي تلي الاحتياجات المتطورة و المستمرة في السوق العالمية هدا ما يؤكد أيضا أن البراءة أصبحت مؤشرا للإبداع ".
وقد بدأ المخترعون يهتمون بهذه الوسيلة للحماية ( البراءة ) و أصبحوا يتسابقون للحصول على هذه البراءة، كضمان أو وسيلة لحماية اختراعاتهم.
غير انه بالرغم من جميع الأطر الايجابية التي وفرتها نظم الحماية في العصر الحالي ، فإنه يبقي لتقوية الملكية الصناعية ببراءة الاختراع أثرين متعارضين على الرفاه الاقتصادي، فهي تضفي على المدى القصير قوة احتكارية على أصحاب براءات الاختراع و تقلل المنافسة وتزيد الأسعار في السوق التي يباع فيها المنتج الصادر له براءة الاختراع، أما على المدى البعيد فإنها بتوفير الريوع الاحتكارية و تزيد من الحافز على إجراء البحوث والتطوير من خلال السماح بتعويض التكاليف الثابتة للبحث والتطوير وتحقق الحوافز الأفضل بدورها مكاسب ديناميكية طويلة الأجل في صورة تكنولوجيا محسنة ومنتجات أفضل.
و قد رأت المجتمعات التي أخدت بحماية براءات الإختراع، أنها إجمالا سوف ترجح كفة المكاسب الديناميكية على تكاليف تحقيق الحماية قصيرة الأجل .
أما بالنسبة للدول النامية فتختلف لسببين:
الأول:أن هذه البلدان باعتبارها مستخدما صرفا و ليست مصدرا صرفا للمنتجات التي تتسم بكثافة عمليات البحوث و التطوير، لا تستفيد من الأرباح الإحتكارية التي تولدها حماية براءة الإختراع ، بل إن المستهلكين في هذه البلدان على النقيض من ذلك يعانون مما يسفر عنه ذلك من زيادة في الأسعار .
الثاني:أثبتت عدد من الدراسات أن صافي خسائر الرفاه الذي تتكبده البلدان النامية من جراء ارتفاع مستويات حماية براءات الاختراع للأدوية قد تكون كبيرة وان أسعار الأدوية سترتفع بين 50% - 25% إذا طبقت حماية براءات الاختراع .
وهذا فعلا ما صرحت به ايلين هوين مديرة برنامج منظمة أطباء بلا حدود الذي يهدف الحصول على الأدوية الضرورية في ريو دي جانيرو:<< بدأنا نشاهد الآن بعد رحلة الكفاح الشاقة الموجة الثانية من أزمة أسعار أدوية مقاومة فيروس الايدز لان إمكانية المنافسة في إنتاج الأدوية قد قلت بسبب تطبيق قوانين حماية براءة الاختراع>>
إذا فالحماية عن طريق براءة الاختراع , يجب أن تكون فعالة EFFICASSE لكن يجب أن تكون لها حدود واضحة هذه الحواجز تهدف لاجتناب عوائق البحث و تطوير الاختراعات إلى جانب وضع أو خلق نوع من التوازن بين المصالح المتنوعة للمجتمع و المبادئ الاجتماعية و البحث و الاقتصاد.
إن الاختراعات و إبداع الفكر يعتبر محرك للنمو الاقتصادي في مجتمع المعرفة توفر الحماية للاختراعات عن طريق البراءة الشروط الأساسية لترقية الطاقة الاختراعية
و في الأخير يمكن القول أن الاختراع هو انعكاس للشخصية المعنوية للمبتكر، فان معيار التفاضل بين الفرد و الآخر أو بين الأمم أصبح يعتمد على مستوى الإبداع الفكري و نخص بالذكر الإبداع الصناعي الذي يتجسد خاصة في صورة اختراع.إن الحماية التي تكرسها الدولة في قوانينها ليست حماية للمخترع و إنزاله منزلته المرموقة التي يستحقها فحسب ،و إنما هي حماية لشخصيتها و مكانتها بين الدول و الأمم ، و فعلا فقد عنت أغلب دول العالم إلى تطوير نظمها القانونية الخاصة بالحماية معتبرة إياها الصرح الذي يحافظ على هذا الاختراع و هذا المخترع بصفة خاصة
الفصل الأول
موضوع الحماية
تعتبر البراءة الوسيلة القانونية لإضفاء الحماية القانونية على الاختراع ، الذي هو موضوع البراءة، هذه الأخيرة تعتبر سند الملكية لصاحبها،و ما يترتب على ذلك من قصر الاستئثار بالاختراع و الاستفادة منه بالطرق القانونية لصاحبه أو لمن يريده هذا الأخير.
غير أن هذه الحماية (المتجسدة في البراءة) يجب أن تنصب على الاختراع ، على هذا الأساس نقوم بالتعرض إلى موضوع الحماية الذي تمنحه هذه البراءة عن طريق تعريف هذه البراءة و المقصود منها (المبحث الأول) ثم الشروط اللازمة توفرها في الاختراع - الشروط الموضوعية- و الإجراءات التي يجب على المخترع القيام بها للحصول على البراءة- الشروط الشكلية- (البحث الثاني) .
المبحث الأول: تعريف براءة الاختراع.
نتعرض في هذا المبحث إلى التعريف الفقهي لبراءة الاختراع ثم التعريف التشريعي.
المطلب الأول: التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قبل التطرق إلى التعريف الفقهي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف الفقهي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف الفقهي للبراءة (فرع ثاني).
الفرع الأول : التعريف الفقهي للاختراع.
الأصل في كل اختراع INVENTION حتى تضفي عليه هذه الصفة،أن يكون فيه تحقيق شيء جديد لم يسبق بمثله كما أنه يقدم خدمة للإنسان .
وفيما يأتي بعض التعريفات الفقهية المنتقاة لبراءة الاختراع:
عرفها الدكتور محمد حسني عباس على أنها: "كل اكتشاف أو ابتكار جديد و قابل للاستغلال الصناعي، سواء تعلق ذلك الاكتشاف أو الابتكار بالمنتج النهائي أو وسائل الإنتاج و طرقه"
و عرفها جانب من الفقه الفرنسي بالتركيز على مفهوم "النشاط الإختراعي " L'activité Inventive بقوله : <<الاختراع ما هو إلا تحقيق الإبداع الناجم عن عمل اختراعي للإنسان >> و لا ريب أنه لا يوجد نشاط اختراعي إلا إذا كان تحقيق الإبداع أمر غير بديهي عند رجل المهنة أي رجل الحرفة .
نلاحظ أن معظم المؤلفات قد أهملت تعريف الاختراع على الرغم من أهميته القصوى في نظري ،على العكس من التعريف التشريعي للاختراع و مع ذلك يبقى أنه يمكن تعريف الاختراع من خلال شروطه الموضوعية مجتمعة و هذا ما سوف نتعرض له لاحقا.
الفرع الثاني :التعريف الفقهي لبراءة الاختراع.
قدم الفقه تعريفات عديدة و متنوعة لبراءة الاختراع ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1. فقد عرفها الدكتور عبد اللطيف هداية الله بأنها: << الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار، لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم، و نتيجة صناعية موجودة أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي >>
2. و عرفها الدكتور عز الدين بنسني بأنها : << الشهادة التي تمنحها الدولة مجسدة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو لاكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم >>
3. و عرفها A. Chavanne et J J Burst بأنها :<< وثيقة تسلم من طرف الدولة ، تخول صاحبها حق استغلال اختراعه الذي هو موضوع البراءة >>.
4. و عرفت على أنها وثيقة يعترف بمقتضاها بالإختراع من طرف الحكومة مع الحق في احتكار الإنتاج ، الإستعمال ، البيع ، أو اقتناء الربح لعدد معين من السنوات
5. و عرفت أيضا بأنها :" البراءة تعطي حقا مانعا على الإختراع ، الذي هو منتوج أو يعطي طريقة جديدة لفعل شيء معين أو يأتي بحل تقني لفعل شيء أو يأتي بحل تقني جديد لمشكل ما"
6. وعرفها البعض بأنها " :وثيقة تنشئها السلطة الحكومية ، تحمل أوصافا لإختراع، وترتب له وصفا قانونيا تجعله في حمى عن كل تجاوز خارجي" .
المطلب الثاني: التعريف التشريعي لبراءة الإختراع
قبل التطرق إلى التعريف الشريعي لبراءة الإختراع يجب التعرض للتعريف التشريعي للاختراع (فرع أول) ثم التعريف التشريعي للبراءة (فرع ثاني)
الفرع الأول: التعريف التشريعي للاختراع
عرفت بعض القوانين الاختراع نذكر من بين هذه التعريفات على سبيل المثال:
• عرفه قانون براءات الاختراع الأردني رقم 32 لسنة1999 في المادة الثانية بأنه:<<أي فكرة إبداعية يتوصل إليها المخترع عن أي مجال من مجالات التقنية و تتعلق بمنتج أو بطريقة أو بكليهما تؤدي عمليا إلى حل مشكلة معينة في أي من هذه المجالات >> غير أن قانون براءات الاختراع الأردني الجديد استغني عن هدا التعريف و لم يعطي تعريفا بديلا ، وهذا مأخذ يؤخذ على هذا القانون الجديد .
• كما عرف قانون الملكية الصناعية السوري الاختراع في المادة الأولي منه على أنه :<< يعتبر اختراعا صناعيا ابتكار أي إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي جديد أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على إنتاج صناعي قائم ، نتيجة صناعية موجودة أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة >>
• وعرفه قانون براءات الاختراع والنماذج الصناعية العراقي على أنه:<<كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي ، سواء كان متعلقا بمنتجات جديدة أم بطرق ووسائل مستحدثه أو بهما معا >>
• أما قانون دولة الإمارات العربية المتحدة فقد عرفه في المادة الأولى على أنه :<<الفكرة التي يتوصل إليها أي مخترع وتتيح عمليا حلا فنيا جديدا لمشكلة معينة في مجال التكنولوجيا >>
• المشرع الجزائري فقد عرف هو الآخر الاختراع في المادة2ف من الأمر 07- 03 على النحو الآتي :<<الاختراع هو فكرة المخترع، تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في مجال التقنية >> .
وبعد انتقائنا لبعض التعريفات التشريعية من القوانين العربية نلاحظ أن أقرب التعريفات للدقة هو تعريف المشرع العراقي ، و كذلك المشرع السوري ، حيث أنهم ركزوا على قوائم و أركان أي إختراع بصفة عامة ، و حصروها في : الجدة ، القابلية للإستغلال الصناعي ، أن يكون متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق و وسائل مستحدثة (القانون العراقي ) أو اكتشاف طريقة جديدة للحصول على أنتاج صناعي قائم ، أو نتيجة صناعية موجودة ، أو الوصول إلى تطبيق جديد لطريقة صناعية معروفة .
أما المشرع الجزائري ، فكان تعريفه غير دقيق و يحتمل العديد من التأويلات، لذلك و من وجهة نظري اقترح أن يعدل هذا التعريف و يجعله أكثر دقة و ذلك للتطبيق الأمثل و الأيسر للقانون على أرض الواقع ، وحتى تصبح لدينا مرجعية قانونية سليمة من الناحيتين النظرية و العلمية.
على الرغم من ذلك ، يبقى وضع تعريف دقيق للإختراع أمر صعب نظرا لتطور مفهوم الإختراع، لذلك فضلت الكثير من التشريعات العالمية عدم تعريفه واقتصرت على ذكر شروطه الموضوعية و من التشريعات من استغنى عن تعريفه كالمشرع الأردني.
أما بالنسبة للجانب القضائي، فقد حاول القضاء العربي الإجتهاد على ضوء النصوص التشريعية و التطبيق الواقعي للمفهوم ، فنجد القضاء الأردني قد فسر الاختراع بأنه" فكرة ابتكاريه تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما تتوصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية" .
الفرع الثاني: التعريف التشريعي لبراءة للاختراع
نذكر بعض التعريفات التشريعية لبراءة الاختراع على سبيل المثال :
تعريف القانون الجزائري:
لم يعرف المشرع الجزائري في المرسوم التشريعي رقم 93-17 و المتعلق بحماية الاختراع البراءة غير أنه استدرك الوضع في الأمر 07 - 03و عرفها في المادة 2ف 2:<<البراءة أو براءاة الاختراع :وثيقة تسلم لحماية الاختراع >>.
تعريف القانون الفرنسي:
ينص القانون الفرنسي على أن كل اختراع يمكن أن يكون موضوع لسند ملكية صناعية تمنح من طرف الهيئة الرسمية، والتي تمنح لصاحبه حق الاستغلال الاستثنائي، ففي المادة L611-1 من قانون الملكية الفكرية سنة 1999 حددت الاختراعات الجديدة المستحقة للبراءة بتلك التي تتضمن نشاط اختراعي وقابل للتطبيق الصناعي، أما المادة L611-10 من نفس القانون فتعرف "براءة الاختراع سند لملكية صناعية ممنوحة من طرف مصلحة عمومية تسمح لمالكها احتكار الاستغلال المؤقت، وهي سلاح هجومي ودفاعي تحت تصرف المبدعين والمؤسسات، يمكن بيعها أو تمنح كترخيص استثنائي أو لا و تعطى كرهن حيازة، التنازل عنها بدون مقابل، تنقل إلى الورثة" .
تعريف المشرع العراقي:
<<البراءة – الشهادة الدالة على تسجيل الاختراع.>> هذا التعريف اعتبر البراءة كدليل أي قرينة قاطعة على تسجيل الإختراع دون الإشارة إلى دورها في الحماية .
أما المشرع الأردني:
عرفها بقوله:<<الشهادة الممنوحة لحماية الاختراع>>
تعريف المنظمة العالمية للملكية الفكرية :
تعرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية OMPI أو WIPO البراءة على أنها "حق استئثاري" يمنح نظير اختراع يكون منتج أو عملية تتيح طريقة جديدة لإنجاز عمل ما، أو تقدم حلاً جديدا لمشكلة ما، وهي تكفل بذلك لمالكها حماية اختراعه وتمنح لفترة محدودة (20 سنة على العموم)، وتتمثل هذه الحماية بموجب البراءة في أنه لا يمكن صنع أو الانتفاع من الاختراع، أو توزيعه، أو بيعه لأغراض تجارية دون موافقة مالك البراءة.
المبحث الثاني:الشروط اللازمة لبراءة الاختراع للاستفادة من نظم الحماية.
نص المشرع الجزائري على جملة من الشروط لحصول المخترع على براءة الاختراع منها ما يتعلق بالاختراع في حد ذاته وهي ما اصطلح عليها بالشروط الموضوعية وهي شروط متفق عليها في معظم التشريعات العالمية ومنها يتعلق بما يقوم به المخترع من إجراءات طلب الحصول على براءة الاختراع.
المطلب الأول:الشروط الموضوعية.
نصت المادة:03 من الأمر 07- 03 على هذه الشروط بقولها:<<ويمكن أن تحمى بواسطة براءة الاختراع الاختراعات الجديدة والناتجة عن نشاط اختراعي و القابلة للتطبيق الصناعي> >
وهي نفسها المادة 3من المرسوم التشريعي رقم 93- 17الملغى
و في المادة السابعة من نفس المرسوم ذكر المواضيع التي لا تعتبر اختراعات و هي:
• المبادئ و النظريات و الاكتشافات ذات الطابع العلمي و كذلك المناهج الرياضية.
• الخطط و المبادئ و المناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو ترفيهي محض .
• المناهج ومنظومات التعليم والتنظيم والإدارة أو التسيير.
• طرق علاج جسم الإنسان أو الحيوان بالجراحة أو المداواة وكذلك مناهج التشخيص .
• مجرد تقديم المعلومات.
• برامج الحاسوب .
• الابتكارات ذات الطابع التزيني المحض.
نستنتج من المادتين سالفتي الذكر وجوب توفر شروط 3 لمنح براءة الاختراع ألا وهي:
• أن يكون ثمة اختراع أو ابتكار.
• أن يكون الاختراع جديدا.
• أن يكون هذا الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي.
إضافة إلى هذه الشروط الثلاثة يجب أن لا تتوفر قي الاختراع حالة من الحالات المنصوص عليها بالمادة8 حيث أن المشرع الجزائري قد استثنى 3حالات لا يمكن منح براءات الاختراع مراعاة لعدة ظروف( أمنية ,اجتماعية ,أخلاقية) و حماية للمصلحة العامة و هذه الحالات هي:
• الأنواع النباتية أو الأجناس الحيوانية و كذلك الطرق البيولوجية المحضة للحصول على نباتات أو حيوانات .
• الاختراعات التي يكون تطبيقها على الإقليم الجزائري مخلا بالنظام العام أو الآداب العامة.
• الاختراعات التي يكون استغلالها على الإقليم الجزائري مضرا بصحة و حياة الأشخاص و الحيوانات أو مضرا بحفظ النباتات أو يشكل خطرا على حماية البيئة.
و بمقارنة المادة 8 من الأمر 07-03 مع المادة11 من المرسوم التشريعي رقم 17-93 نجد أن حالة من الحالات و هي :"المواد الغذائية و الصيدلانية و التزينية و الكيميائية ,غير أن هذا الإجراء لا ينطبق على طرق الحصول على هذه المواد"وبما أن الأمر07 -03 قد الغي المرسوم سالف الذكر، فبمفهوم المخالفة أن هذه المواد الغذائية والصيدلانية تمنح بشأنها براءة الاختراع ، و هذا في نظري إضرار كبير بالمواطن حيث أن هذه الأشياء معدة للاستهلاك اليومي، وهذا سيؤثر سلبيا لو طبق القانون تطبيقا فعليا على الموطنين وأعني بهم خاصة الشعوب النامية.
الفرع الأول : وجود الإختراع.
سبق لنا في الفقرات السابقة تعريف الاختراع،سواء من الناحية الفقهية أو التشريعية وحتى القضائية ، لذالك نكتفي في مجال التعريف بالإحالة إلى ما سبق.
فيجب أن ينطوي الاختراع على خطوة إبداعية تتجاوز المستوي المألوف في التطور الصناعي بمعني أنه يشترط لمنح البراءة ألا يكون الاختراع بديهيا لرجل الصناعة المختص في المجال التكنولوجي للاختراع.
والمقصود بالخطوة الإبداعية، أن تمثل الفكرة التي يقوم عليها الاختراع تقدما ملموسا في الفن الصناعي لا يتوقع أن يصل إليه الخبير المعتاد في مجال التخصص الذي ينتمي إليه الاختراع، وهذا يعني أن الفكرة الابتكارية يجب أن تمثل درجة من التقدم في تطوير الفن الصناعي تجاوز ما يصل إليه التطور العادي المألوف في الصناعة ونوضح فكرة وجود الاختراع أي احتواء على خطوة إبداعية بالاستشهاد بالقضاء العربي ونقصر الذكر هنا على قضيتين فقط.
قرار صادر عن محكمة العدل العليا الأردنية حيث جاء في حيثيات القرار: ((.... عرفت المادة الثانية من قانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لسنة 1953 على إن الاختراع هو إنتاج جديد أو سلعة تجارية جديدة أو استعمال أية وسيلة اكتشفت أو عرفت أو استعملت بطريقة جديدة لأية غاية صناعية.
لا تتوافر في المغلف متعدد الاستعمال الذي طلب المستأنف تسجيله كاختراع مزايا وصفات الاختراع كما لا يعد استعمالا جديدا لوسيلة مكتشفة أو معروفة لغايات صناعية إذ أن تعدد استعمال المغلفات طريقة معروفة قديما وحاليا تؤدي إلى التوفير في استهلاك المغلفات نتيجة إلصاق قطعة بيضاء على فتحة المغلف كلما استعمل يحرر فيها اسم المرسل إليه بينما الاختراع فكرة ابتكارية تجاوز تطور الفن الصناعي القائم والتحسينات التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج أو تحقيق مزايا فنية أو اقتصادية في الصناعة مما توصل إليه عادة الخبرة العادية أو المهارة الفنية. ))
و قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 3 إبريل 1965 في قضية تتعلق ببراءة اختراع محلها استعمال الزيت المعدني المجدد ، بدلا من الزيت المعدني الجديد، في تركيبة حبر الطباعة. وقالت المحكمة بحق أن صاحب البراءة لا يكون قد ابتدع أو ابتكر ما يضيف جديدا إلى الفن الصناعي القائم، وما يعد اختراعا بالمعنى الذي تقررت حماية القانون له، إذ هو لم يدخل تغييرا على التركيب الكيميائي لحبر الطباعة، الذي أساس صناعته فعلا هو الزيت المعدني ، وقد بقيت هذه المادة الأساسية على حالها. وهدا هو موقف معظم التشريعات العالمية حيث قررت على سبيل المثال المحكمة العليا الأمريكية أنه كل ما هو مصنوع من يد الإنسان ابتداء من التدخل البشري في هذا الشيء جعله اختراعا يكون قابلا للحصول على البراءة
نلاحظ أن القضاء الأمريكي قد وسع من مفهوم الإختراع .
الفرع الثاني : أن يكون الإختراع جديدا .
لا يكفي لكي يحصل المخترع على براءة الاختراع أن تكون الفكرة التي بنى عليها الاختراع أصلية , بل يجب فوق ذلك أن يكون الاختراع جديدا لم يسبق لأحد استعماله أو تقديم طلب للحصول على براءة بشأنه , أو الحصول فعلا على براءة الاختراع أو سبق النشر عنه و إلا فقد الاختراع شرط الجدة فلا تمنح عنه براءة الاختراع
و يحق حينئذ لأي شخص استغلال الإختراع دون أن يعتبر ذلك اعتداء على حق صاحبه الأصلي لأن هذا الأخير لم يحرص على كتمان سر اختراعه حتى يكافأ بإعطائه حق الاستئثار بهذا الاختراع
فالجدة هي إذن عدم علم الغير بسر الاختراع قبل إيداع طلب التسجيل، فإذا شاع سره بعد وضعه أصبح حقا للجميع و يسمح لهم استغلاله في التجارة أو يستعمله في المختبرات و غيرها دون موافقة المخترع
هذا و قد حددت المادة 4من الأمر 03-07 متى يكون الاختراع جديدا بقولها :"يعتبر الاختراع جديدا إذا لم يكن مدرجا في حالة التقنية و تتضمن هذه الحالة كل ما وضع في متناول الجمهور عن طريق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أو أي وسيلة أخرى عبر العالم و ذلك قبل يوم إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة الأولوية بها". و بالتالي نجد أن هذه المادة قد اعتبرت أن يوم إيداع طلب الحماية ،أو يوم مطالبة الأولوية بها هو الذي يحدد فيما إذا كان الاختراع جديدا أم لا.
فإذا وقع الاختراع في متناول الجمهور قبل هذين التاريخين لم يعتبر الاختراع جديدا غير أن الفقرة الثانية من نفس المادة أضافت :"لا يعتبر الاختراع في متناول الجمهور بمجرد ما تعرف عليه الجمهور خلال 12 شهرا التي تسبق تاريخ إيداع البراءة أو تاريخ الأولوية أثر الفعل طبقا للمادة 14 أدناه أو إجراء تعسف من الغير إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق"
فهذه الفقرة وضعت حالات لا يعتبر فيها الاختراع في متناول الجمهور، أي جاءت باستثناء عن الفقرة الأولى و هذه الحالات هي:
• على اثر الفعل الذي قام به المودع (أي ليس صاحب الاختراع ).
• على اثر الفعل الذي قام به من سابقه لاختراع و لكن عن حسن نية
• على اثر تعسف من الغير سواء إزاء المودع أو إزاء سابقه في الحق.
و ذهبت بعض التشريعات العربية أن الاختراع لا يعتبر كله أو جزء منه جديدا في حالتين هما:
• سبق طلب البراءة عن ذات الاختراع أو سبق صدورها:هذا يعني أنه إذا قدم من قبل طلب للبراءة عن اختراع فلا يمكن إعادة نفس طلب على نفس الاختراع.
• سبق استعمال أو استقلال الاختراع أو الإفصاح عنه .
والقضايا التي مرت على القضاء العربي كثيرة جدا أوضعت أساسا ومرجعية سليمة في هذا المجال
هذا و يجب الإشارة إلى إن هناك دول تأخذ بنظام الجدة المطلقة(absulte novelty) ، و هناك من الدول من تأخذ الجدة النسبية بحيث تعطي للمخترع مريد البراءة مهلة قد تصل إلى سنة في بعض الأنظمة (grace period) مثال نظــــــــام الو.الم . الأ.
الفرع الثالث: قابلية الاختراع للتطبيق الصناعي.
يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون قابلا للتطبيق الصناعي، وهذا يعني أن البراءة لا تمنح إلا للاختراعات القابلة للاستغلال في مجال الصناعة. مثل: اختراع سلعة أو آلة أو مادة كيميائية معينة.
ويعتبر الاختراع قابلا للتطبيق الصناعي، إذا كان موضوعه قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة
أما الأفكار المجردة والنظريات العلمية البحثة فهي لا تحمي في ذاتها عن طريق البراءة وكذالك الاكتشافات المتعلقة بالطبيعة وقوانينها والمعادلات الحسابية أو الرياضية مهما كانت القيمة العلمية لهذه الأفكار والنظريات العلمية الجديدة ومهما بدل في سبيل التوصل إليها من مجهودات وأبحاث إذ يلزم لكي يكون الاختراع مؤهلا للحماية أن يتضمن تطبيقا لهذه الأفكار أو النظريات العلمية عن طريق تصنيع منتح جديد أو طريقة صناعية جديدة . .
ولتوضيح ذلك نذكر على سبيل المثال واقعة اكتشاف اينشتين لقانون الطاقــــــــة E = MC2
هذا الاكتشاف لا يحمى عن طريق براءة الاختراع لأنه مجرد اكتشاف لقانون من قوانين الطبيعة. أما من يبتكر طريقة صناعية جديدة لتوليد الطاقة الذرية أو لقياسها لتطبيق قانون اينشتين فإن اختراعه يكون قابلا للحماية عن طريق البراءة.
وهذا يعنى أن البراءة تمنح للمنتج الصناعي ذاته أو طريقة تصنيعه ولا تمنح عن الفكرة النظرية أو المبدأ العلمي .
وهذا فعلا ما أكدته المادة 7من الأمر 07-03حيث أحرجت مجموعة من فئة الاختراع :ذلك أننا لو تأملناها جيدا لوجدناها غير قابلة للتطبيق الصناعي.
وما نلاحظه أن المشرع الجزائري وضح فكرة التطبيق الصناعي في أنها: إذا كان موضوع الاختراع قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من الصناعة كما سبق ذكر ذلك أي انه أخرج من فكرة التطبيق الصناعي قابلية الاختراع للتطبيق على مجالات الفلاحة وهذا ما ذكره في المادة 4من المرسوم التشريعي 17-93 وبما إن الأمر 03-07 يعد لاغيا المرسوم السابق الذكر، نستنتج بمفهوم المخالفة ضرورة إخراج فكرة التطبيق الصناعي على الفلاحة.
تعتبر هذه الشروط الموضوعية سالفة الذكر شروط يكاد يكون متفقا عليها عالميا.
المطلب الثاني :الشروط الشكلية(إجراءات طلب الحصول على البراءة)
يتوجب على كل مخترع اجرءات دقيقة للحصول على البراءة، يتقدم دوما طالب الحصول على براءة الاختراع لدي الهيئة المكلفة بحماية الملكية الصناعية وهيئة برءات الاختراع في كل دولة ،وهدا طبقا للمادة 12ف 1من اتفاقية باريس أين التزمت كل الدول الموقعة على إنشاء مصلحة أو هيئة خاصة بالملكية الصناعية ومكتب يسمح للجمهور بالاطلاع على براءات الاختراع والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والصناعية ، ويقوم بهده المهام في الجزائر المعهد الوطني للملكية الصناعية INAPI
وتشمل الجهة التي تقوم بإيداع الطلب المخترع نفسه وهذا ما تنص عليه المادة 20من الأمر 07-03حيت أوجبت على كل من يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يقوم بتقديم طلب كتابي صريح إلى المصلحة المختصة.
ويتوجب على المخترع( شخص طبيعي، تنظيم، مؤسسة) الذي يريد حماية اختراعه في الجزائر إيداع طلبه لدى الهيئة المختصة INAPI وهو يأخذ شكل مطبوعة مكتوبة حسب المقاييس تفرضها هذه الهيئة و يتضمن طلب البراءة ما يلي:
1. استمارة طلب ووصف للاختراع أو عدد من المطالب ورسم أو عدد من الرسومات عند اللزوم ووصف مختصر .
2. وثائق إثبات تسديد الرسوم المحددة.
ويحدد كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة عن طريق التنظيم الذي صدر في شكل مرسوم تنفيذي رقم 275-05 ، حيث جاء في المادة 3: <<يتضمن طلب البراءة الوثائق التالية:
1. طلب التسليم يحرر على استمارة توفرها مصلحة المختصة .
2. وصف الاختراع ،المطلب أو المطالب رسوما ت إذا كانت ضرورية لفهم الوضع ومختصر وصفي لا يتجاوز محتواه 250 كلمة يجب أن تقدم هذه الوثائق في نسختين وتحرر باللغة الوطنية ، و يمكن المصلحة المختصة أن تطلب ترجمة لهذه الوثائق في أي لغة أخرى .
3. وصل دفع أو سند دفع رسوم الإيداع و النشر .
4. وكالة الوكيل ، في حالة ما إذا كان المودع ممثلا من طرف الوكيل تحرر وفقا للمادة 8أدناه .
5. وثيقة الأولوية ووثيقة التنازل عن الأولوية في حالة ما إذا كان المودع شخصا آخر غير صاحب المطلب السابق الطالب به.
6. تصريح بثبت حق المودع أو المودعين في براءة الإختراع يحرر وفقا للمادة 9 أدناه. >>
واشترطت المادة 4 من نفس المرسوم أن يتضمن طلب التسليم المعلومات الآتية:
1. اسم المودع ولقبه وجنسيته وعنوانه وإذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي اسم الشركة وعنوان مقرها على أن لا يكون عنوانا عسكريا أو عنوان البريد الماكث و إذا شمل إيداع عدد من الأشخاص مشتركين يطلب من كل و احد منهم تقديم البيانات المنصوص أعلاه .
2. اسم وعنوان الوكيل للقيام إن وجد المخول له بالإيداع وكذا تاريخ الوكالة المذكورة في المادة أدناه.
3. عنوان الإختراع ،أي تسميته المدققة و الموجزة على أن لا تكون تسمية مستعارة أو اسم شخص ، أو أي تسمية قد تشكل علامة صنع أو علامة تجارية أو تحدث لبسا مع أي علامة .
4. و عند الاقتضاء تسمية المخترع أو المخترعين.
5. و عند الضرورة، البيانات المتعلقة بمطلب الأولوية لإيداع أو مجموعة إيداعات سابقة.
6. البيانات المذكورة في المادة 28 ( الفقرة الثانية ) أدناه في حالة وجود عدة طلبات ناتجة عن انقسام طلب أولي.
7. قائمة المستندات المودعة، تبين عدد صفحات الوصف و عدد لوحات الرسوم، و كذا الوثائق الملحقة بها و المتعلقة بالأولوية.
و في حالة ما إذا تم الإيداع باسم عدة أشخاص ينبغي أن يتضمن الطلب على الأقل إمضاء أحدهم.
و في حالة ما إذا أراد مالك البراءة أو ذوي الحقوق إدخال تغيرات أو تحسينات أو إضافات على إختراعه (وهذا حسب المادة 15من الأمر 07-03) فيجب عليه حسب المادة 6 من المرسوم التنفيذي 275-05أن يقدم رقم تاريخ الإيداع وعند الإقتضاء رقم البراءة الأصلية.
و في حالة ما إذا غير رأيه صاحب طلب الإضافة و أراد تحويل طلبه إلى طلب براءة و هذا قبل أن يسلم للمصلحة المختصة تصريحا وهو محرر لهذه الغاية مصحوب ببيان إثبات تسديد الرسم ويبين في هذا التصريح تاريخ ورقم الإيداع وعنوان الاختراع
وفي حالة ما إذا كان الأمر متعلق بشخص معنوي يبين اسم الشركة (المادة 8 ( ويجب أن تكون الوكالة مؤرخة وممضاة من طرف صاحب الطلب ، إذا كان الأمر المتعلق بشخص معنوي يبينإسم شركته وعنوان مقرهاتكون هذه الوكالة مؤرخة و ممضاة من طرف صاحب الطلب و إذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي تبين صفة صاحب الإمضاء.
و في حالة إيداع طلب يتضمن المطالبة بالأولوية لإيداع سابق أو عدة إيداعات سابقة يجب أن يتضمن الوكالة التصريح المنصوص عليه في الماذة 5اعلاه.
هذا و أضافت المادة 9من نفس المرسوم انه في حالة ما إذا تم الإيداع بشخص آخر غير مخترع يجب إن يتضمن التصريح المذكور في المادة 10من الامر03-07 إسم و عنوان 'المخترع و الشخص أو الأشخاص المرخص لهم بالاستفادة من الحق في براءة الاختراع.
إضافة إلى هذه الشروط المحددة سواء في الأمر 07-03 أو المرسوم التنفيذي رقم 275-05 فقد حدد المعهد الوطني الجزائري الملكية الصناعية الفكرية إن يتضمن طلب براءة اختراع الوثائق التالية :(وهي الوثائق نفسها المذكورة في المادة 03 سالفة الذكر ولكن بمزيد من التفصيل ) :
1. طلب الحماية في 5نظائر في المطبوعات الموزعة من قبل (INAPI) أو المتوفرة على مصلحة المعلومات
2. وصف واضح للاختراع باللغة الوطنية مترجمة بلغة الفرنسية (في نظيرين) ويجب أن توصف المميزات الأساسية للاختراع موضوع طالب الحماية
3. وصف مختصر للاختراع في نص لا يتجاوز 15سطرا
4. وصل تسديد أو الشيك المسطر باسم INAPI بمبلغ 7400.00للإيداع الأول بقيم 5000د.ج ورسم للنشر بقيمة 2400 د.ج.
تفصل عملية ايداع طلب البراءة ومنحها فترة (عادة 18شهرا ) يتم خلالها دراسة الطالب على الممتحن او عدة ممتحنين لابداء آراءهم فيه ، هؤلاء الممتحنين هم مختصون في مجالات التكنولوجيا التي يتبعها الاختراع وخضعوا لتكوين في مجال براءة الاختراع ، ودور الممتحن يقتصر في الحكم على جدة الاختراع .على توفر ميزة الاختراعية في الاختراع وبمقارنة موضوع ادعاءات صاحب الطلب مع الحالة التقنية للمنشور إلى انه يوم الإيداع يتم بعد ذالك منح رموز للاختراع كما في المقدمة.
و يجب إن نشير إلى أن هناك بلدان لا تقوم بإجراء فحص دقيق للبراءة ، و دول أخرى تقبل قرار سلطات ممتحنة أو فاحصة أخرى ، مثل بلجيكا التي تمنح البراءة تلقائيا أو مع الفحص البسيط ( أي في أدنى المستويات ) إذا منحت براءة على نفس الإختراع في الو. الم. الأ ، الاتحاد الأوربي أو اليابان .
إن عملية ايداع طلب البراءة شرط ضروري وجوهري للحصول على البراءة ، هذا ما دفع معظم الدول المتقدمة إلى إحداث طريقة جديدة لهذا الإيداع ألى وهي : الإيداع الإلكتروني و التي أصبحت تمثل 26.5من أجمال طلبات الإيداع العالمية في الدول المتقدمة ولكن هذه الطريقة لم نجدها في الجزائر
Electronic filing accounts for more than 26.5% of applications filed in 2006.
مما سبق نستنتج أن الشروط الشكلية(اجرءات طلب الحصول على البراءة) معقدة للغاية لذلك ينصح باللجوء إلى محامي مختص في مجال حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة ، و في مجال براءة الإختراع بصفة خاصة ، لذلك عمدت مختلف التشريعات الدولية( ومنها المشرع الوطني) إلى إنشاء معاهد خاصة بهذا المجال ، وإلى إنشاء مواقع تعطي إستشارة في هذا المجال مثل INAPI- INPI-USPTO
الفصل الثاني
الحماية القانونية لبراءة الإختراع .
يترتب على منح براءة الإختراع لشخص معين بالذات أو عدة أشخاص ، تملك هذه البراءة و التمتع بجميع الحقوق المترتبة على ملكيتها من حق احتكار استغلالها
و التصرف فيها بكافة أنواع التصرفات القانونية .
و في المقابل تضع التزاما على الكافة بعدم الإعتداء على حق صاحب البراءة، و قد درج الفقه على تقسيم الحماية القانونية المخصصة لبراءة الإختراع إلى حماية داخلية ( وطنية ) تتمثل في الدعاوى المدنية و الجنائية ( المبحث الأول ) ، و إلى حماية خارجية ( دولية ) تكفلها الاتفاقات الدولية ( المبحث الثاني )، إضافة إلى هذا لا ننسى دور القضاء في تكريس هذه الحماية القانونية ( المبحث الثالث ).
المبحث الأول: الحماية الداخلية ( الوطنية).
أقر المشرع الجزائري صراحة بحق مالك البراءة في احتكار استغلالها لمدة محدودة ، ولحماية صاحب البراءة نص المشرع الجزائري على عقوبات مدنية، وأخرى جزائية في حالة الإعتداء : دعوى جزائية ترفع أمام المحاكم الجزائية، وأخرى مدنية ترفع أمام المحاكم المختصة.
على هذا الأساس نتناول موضوع الحماية في مطلبين :
المطلب الأول: الحماية المدنية.
المطلب الثاني: الحماية الجزائية.
المطلب الأول :الحماية المدنية لبراءة الاختراع
إذا سلك صاحب البراءة الطريق المدني فانه يستفيد من دعويين مدنيتين:
• دعوى الاعتداء على البراءة
• دعوى المنافسة غير المشروعة
ونتناول كل من هاتين الدعويين على التفصيل الآتي :
الفرع الأول: دعوى الاعتداء على البراءة (دعوى التقليد المدنية).
يعطي القانون لصاحب البراءة حقا قبل الكافة إن ورد على حقه المانع (droit privatif) اعتداء ولو كان غير مصحوب بسوء نية وهي وسيلة حماية هذا الحق. والشرط الجوهري لقيام دعوى الاعتداء على الحق هو وجود هذا الحق وتكامل عناصره فيجب أن يقوم المخترع بتسجيل طلب براءة الاختراع للاستفادة من الحق في هذه الدعوى ، فتسجيل الطلب كاف للجوء للقضاء واستعمال هذه الدعوى ولو لم تصدر البراءة وهذا ما تنص عليه المادة 57من الامر 07-03 " استثنى من ذلك الوقائع السابقة لتسجيل طلب براءة الاختراع والتي تحدث بعد تبليغ المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع " ففي هذه الحالة لو قام شخص بتقليد الاختراع بالرغم من أن المخترع لم يقم بتسجيل طلب براءة اختراع وقام المخترع بعد علمه بهذا الاعتداء المقلد المشتبه به بواسطة نسخة رسمية لوصف البراءة تلحق بطلب براءة الاختراع فيستفيد المخترع (صاحب البراءة ) من الحق في اللجوء إلى هذه الدعوى بالرغم من أن الإعتداء كان سابقا لطلب التسجيل وقد حدد المشرع أفعالا على سبيل الحصر لا يجوز للغير القيام بها ذلك لأنها تعد مساسا بالحقوق الاستئثارية لمالك البراءة و هذا ما نصت عليه المادة 58 بقولها " يمكن لصاحب الاختراع رفع دعوة قضائية على كل شخص قام أو يقوم بإحدى الأعمال حسب مفهوم المادة 56 أعلاه"بالرجوع إلى المادة 56نجدها بدورها قد أحالت على المادة11 لمعرفة الأعمال التي تشكل اعتداءا على حقوق مالك البراءة ، إذا نصت:<< مع مراعاة المادة 14 أدناه تخول براءة الاختراع لمالكها الحقوق الاستئثارية الآتية :
1. في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتوجا يمنع الغير من القيام بصناعة المنتوج أو استعماله أو بيعه أو استيراده لهذه الأغراض دون رضاه .
2. اذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع يمنع استعمال نفس طريقة صناعة المنتوج أو عرضه للبيع أو استيراده دون رضاه .>>
فمتى ارتكب أي احد الأفعال التي نص عليها المشرع على سبيل الحصر في المادة سالفة الذكر يستفيد صاحب البراءة من حق متابعته مدنيا على أساس دعوة التقليد المدينة هذه الدعوى على غرار دعوى المنافسة غير المشروعة لا يشترط تحقيق الضرر والعلاقة السببية ، فبمجرد ارتكاب احد الأفعال المنصوص عليها في المادة 11 يحق لمالك البراءة المطالبة بالتعويض و/ أو وقف الأعمال.
وقد بدأت هذه الدعوى جنائية في أصلها التاريخي ، و هي دعوى التقليد الجنائية . و إذا كان لكل من تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية أو أمام القضاء المدني بدعوى أصلية فقد ظهرت دعوى التقليد المدنية واستقر القضاء على وحدة التقليد في الدعويين الجنائية والمدنية مع هذا الفارق وهو أنه لما كان التقليد الجنائي جريمة عمدية قد تحكم المحكمة بالبراءة لعدم توفر القصد الجنائي و مع ذلك لا تنقضي دعوى التعويض إذ يمكن تأسيسها على المنافسة غير المشروعة كما سيأتي لاحقا .
وترفع دعوى التقليد من صاحب الحق المتعدي عليه ضّّّّّّذ من يتعدى على هذا الحق بإحدى الصور التي ورد النص عليها في القانون واعتبرها المشرع من قبل التقليد أو الإعتداء المعاقب عليه جنائيا.
وإذا رفعت دعوى التقليد أمام المحكمة الجنائية ثم تبين أن الأفعال موضوع الدعوى لا تكون جريمة جنائية ولا تدخل تحت معنى التقليد الجنائي وأنها مجرد منافسة غير مشروعة أي خطأ مدني فلا يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي في موضوع الدعوى لتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي وإنما تقضي بعدم قبولها ،والحكم الصادر بعدم توفر أركان الجريمة التقليد من المحكمة الجنائية ،و عدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع من رفع دعوى أخرى مدنية على أساس المنافسة غير المشروعة ولا محل هناك للإحتجاج بحجية الأمر المقضي لأن الدعويين وإن إتحدتا في الموضوع فقد إختلفتا في السبب .
ولو أننا نجد بعض الشراح لا يفرقون بين دعوى الإعتداء على براءة الإختراع و دعوى المنافسة غير المشروعة لذلك يصفون دعوى المنافسة غير المشروعة بأنها أقرب إلى دعاوى الملكية منها إلى دعوى المسؤولية المدنية وفى ذلك يقول ريبار(Ripert) عن دعوى المنافسة غير المشروعة أنها ليست مجرد دعوى مسؤولية تقصيرية ولكنها دعوى عينية حقيقية تهدف إلى الدفاع عن ملكية المال
( Il ne faut pas considérer seulement cette action comme une forme de l'action en responsabilité délictuelle c'est une véritable action réelle destinée à la défense de la propriété du fonds.)
وبعد استقرائنا لنصوص المواد من56-60 نستنتج أن المشرع الجزائري تبنـــى –و لو لم يقل ذلك بصراحة– دعوى التقليد المدنية، ذلك أنه لم يشترط توفر ركنا الضرر والرابطة السببية (والتي يجب توفرهما في المنافسة غير المشروعة )،وإنما إقتصر على توفر ركن الخطأ الذي يتمثل في عمل من الأعمال المنصوص عليها في المادة 11.
نتيجة رفع دعوى التقليد المدنية :
تنص المادة 58 /2 : << إذا أثبث المدعي ارتكاب إحدى الأعمال المذكورة في الفقرة أعلاه فإن الجهة القضائية المختصة تقضي بمنح التعويضات المدنية و يمكنها الأمر بمنع مواصلة هذه الأعمال و اتخاذ أي إجراء آخر منصوص عليه في التشريع الساري المفعول .>>
و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما :
• التعويض .
• إيقاف الاستمرار في التقليد .
وتتناول كل منهما على التفصيل الآتي:
أولا: التعويض
نصت المادة 58/2 على التعويض ولكنها لم تحدده بل جاء بصفة عامة أي انه تترك السلطة التقديرية للقاضي في تحديده وبالرجوع إلى المرسوم التشريعي 93-17 نجده لم ينص على كيفية تحديد التعويض ومقداره؛غير أنه بالجوع إلى الأمر 66-54 المتعلق بشهادة المخترعين وبراءات الاختراع نجده نص في المادة 66 على:<< يجوز الحكم ولو في حالة التبرئة على المقلد أو المخفي والمدخل أو البائع بحجز الأشياء المحقق من تقليدها وعند الاقتضاء وبحجز الأدوات والأواني المعدة خصيصا لصانعها.
و يجوز تسليم الأشياء المحجوزة إلى صاحب الإجازة و ذلك مع عدم الإخلال بما قد يستحق من تعويض أكثر من نشر الحكم عند الاقتضاء."
و من هذا النص يتبين بأن المشرع قد أقر صراحة تعويض الضرر المادي الذي يصيب صاحب براءة الاختراع. غير أنه في النص الحالي لم ينص المشرع على مثل هذه المادة التي كانت صريحة و مباشرة و عليه نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزء الطبيعي لدعوى التقليد هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل تقليدا و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل غير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني.
و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجده لم ينص على أي إجراء لمنع مواصلة الأعمال المحددة في المادة 11. غير أنه بالرجوع إلى الأمر 66-54 السالف الذكر يبدوا لنا من المادة 66 السابقة أنه للمحكمة أن تحجز الأشياء المحقق من تقليدها و الأدوات و الأواني المعدة خصيصا لصناعتها ، وهذا ما يدل على أن المشرع قد انتبه إلى حالة الاستمرار فأراد إيقافها عن طريق حجز هذه الأدوات والقوالب الخاصة بالتقليد .
و لا ندري ما الحكمة من إلغاء هذه المادة في القوانين الجديدة الخاصة ببراءة الإختراع ، و عدم استبدالها على الرغم من صراحتها و فائدتها الجمة .
الفرع الثاني: دعوى المنافسة غير المشروعة
إذا كان المبدأ العام يعطي لمن تقع عليه جريمة جنائية الحق في أن يطالب فاعلها بالتعويض أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية , و أمام القضاء المدني بدعوى أصلية , و في كلتا الحالتين يجب توفر شرط الأدانة
و المسؤولية وفقا للقواعد العامة تقوم على أساس القاعدة القانونية القائلة "كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"
وهذا ما يسمى بالمسؤولية التقصيرية التي توجب على من أحدث ضررا بسبب خطأه أن يصلح ما أخطاه عن طريق التعويض
غير أن هذه المسؤولية اصطلح عليها في قوانين التجارة بما يسمى بالمنافسة غير المشروعة , إذا ارتكب الشخص خطأ أدى إلى الإضرار بنظيره التاجر . و عليه نتعرض فيما يأتي إلى مفهوم المنافسة غير المشروعة ثم إلى الأساس القانوني لها,ثم إلى أركانها وأخيرا للنتيجة المترتبة على هذه المنافسة غير المشروعة .
أولا : تعريف المنافسة غير المشروعة
المنافسة غير المشروعة لا تكون إلا بين شخصين يمارسان نشاطا مماثلا أو على الأقل متشابها , و تقدير ذلك متروك للقضاء , على أن وجود المنافسة في حد ذاتها لا يكفي أي تترتب المسؤولية ,بل يجب أن يتحدد الخطأ مع المنافسة بمعنى أن تكون هناك منافسة غير مشروعة وأن تتركز هذه المنافسة على خطأ من قام بها
و قد قدم الفقه تعريفات عديدة للمنافسة غير المشروعة ,نذكر منها على سبيل المثال:- فيعرفها الأستاذ شكري أحمد السباعي بقوله" التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الإستقامة التجارية أو الشرف المهني "
-و عرفها محمد المسلومي : " هي التي تتحقق باستخدام التاجر وسائل منافية للعادات و الأعراف و القوانين التجارية و المضرة بمصالح المنافسين و التي من شأنها التشويش على السمعة التجارية و إثارة الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل الجمهور "
و قد عرفها محمد محبوبي بأنها :"كل عمل مناف للقانون و العادات والأعراف والاستقامة التجارية و ذلك عن طريق بث الشائعات والإدعاءات الكاذبة التي من شأنها تشويه السمعة التجارية لمنافس أو استخدام وسائل تؤدي إلى اللبس أو الخلط بين الأنشطة التجارية و ذلك بهدف اجتذاب زبناء أو صناع منافس"
و يجب الإشارة إلى أن المنافسة تعتبر عملا ضروريا و مطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها المشروعة , أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بأن تحولت إلى صراع بين التجار يحاول كل منهم جلب عملاء غيره من التجار و إلحاق الضرر بهم بوسائل غير مشروعة ,فانه تصبح واجبا للمحاربة و يكون ضررها أكبر من نفعها .
مع الإشارة إلى أن هناك اختلاف بين المنافسة غير المشروعة و المنافسة الممنوعة هذه الأخيرة هي تلك التي يحرمها القانون بنص خاص أو عن طريق اتفاق الأطراف.
ولا يشترط لإعتبار الفعل المكون للمنافسة غير المشروعة أن يكون مرتكبه متعمدا أو سيئ النية بل يكفي أن يكون منحرفا عن السلوك المألوف للشخص العادي حتى يعتبر خطأ موجبا للمسؤولية أساسا لدعوى المنافسة غير المشروعة وهذا ما سنتعرض له فيما بعد(شروط المنافسة غير المشروعة ) .
ثانيا: الأساس القانوني للمنافسة غير المشروعة.
لقد ثار جدل فقهي حول الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة فهناك من يعتبر العمل غير المشروع خطأ يلزم مرتكبه بتعويض الضرر الحاصل للغير شريطة أن يثبت هذا الأخير شروط هذه الدعوى من خطأ أو ضرر و علاقة بسبيبة , بينما ارتكز منتقدوا هذه النظرية على كون دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي إلى أبعد مما ترمي اليه دعوى المسؤولية التقصيرية اذ أنه إذا كانت هذه الأخيرة تهدف إلى تعويض الضرر فان دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي بالإضافة إلى ذلك اتخاذ تدابير وقائية مستقبلا.
بينما يرى البعض الآخر أن أساس هذه الدعوى ليس عملا تقصيريا بل أساسها مستمد من الحق المانع الإستئثاري الذي يتمتع به صاحب الحق بحيث أن هذه الدعوى تقترب من دعاوى الحيازة.
و يمكن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري والتي تعتبر الأصل العام :"كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض "وإذا كان الاختراع معدا للتسويق التجاري أو يستعمله التاجر في نشاطه التجاري فيمكن أن نجد أساسا آخر لدعوى المنافسة غير المشروعة على أساسها التجاري فنصت المادة 6 من الأمر 95-06المؤرخ في 23شعبان1415الموافق ل 25يناير1995و المتعلق بالمنافسة .حيث نصت "تمنع الممارسات و الأفعال المدبرة و الاتفاقيات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف إلى عرقلة أو الحد والإخلال بحرية المنافسة في سوق ما..."
ثالثا : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة .
يشترط لقبول دعوى المنافسة غير المشروعة أن تكون منافسة أولا ، ثم أن تكون هذه المنافسة غير مشروعة و أن يكون ثمة ضرر بحق المعتدي المدعي ، و يفترض القضاء وقوع الضرر مادامت المنافسة غير مشروعة من غير حاجة إلى إثباته و إجمالا لا يؤسس القضاء دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصيرية ، فقد ذهب العميد (Ripert )إلى أن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة على قواعد المسؤولية التقصرية أمرا أصبح لا يستقيم مع الإعتراف للتاجر بحقوق الملكية التجارية و الصناعية لأن هذه الملكية تتطلب حماية هذه الحقوق بدعوى خاصة تحمي الملكية المادية بدعوى الاستحقاق . ولقيام المنافسة غير المشروعة يشترط توفر أركان ثلاثة مثلها مثل المسؤولية التقصيرية:
1. الخطأ:
يجب أن يتوفر الخطأ في المنافسة غير المشروعة , و بعكسه لا يمكن إقامة هذه الدعوى على شخص لم تكن له يد في الضرر الذي أحدثه لصاحب البراءة فلا يمكن مساءلة شخص لم يرتكب خطأ .
و الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه و ذلك من غير قصد ولا إحداث ضرر .
يتبين أن شرط الخطأ من أهم شروط المنافسة غير المشروعة و ذلك أنه حسب الأستاذ "عبد الله درميش" إذا كان الأصل في المنافسة في ميدان التجارة و الصناعة حق مشروع فإنه يتعين معرفة متى يعتبر الخطأ مستوجبا للمسؤولية , مما يجعل معه صعوبة في تحديد معنى الخطأ في مجال التجارة و الصناعة ,حيث يصعب وضع حد فاصل بين ما يعتبر مشروعا وما لا يعتبر مشروعا . و يمكن اعتبار العادات التجارية و المهنية لنوع التجارة و مبادئ الأمانة و الشرف والاستقامة المتعارف عليها معايير لتحديد مشروعية المنافسة من عدمها.
و يفترض في من يرتكب خطأ أنه قام بتقليد اختراع لا لأجل القضايا العلمية أو للاستغلال الشخصي في المختبرات ,و إنما قيامه بالبيع و كسب عملاء صاحب براءة الإختراع , بحيث يترتب على هذه الأعمال جذب الجمهور و منافسة صاحب حقوق البراءة بطرق غير قانونية.
هذا ويمكن الإشارة أن القواعد العامة في الخطأ تقتضي توفر ركنين في الخطأ:
• ركن مادي:و هو التعدي و مقياسه موضوعي لا ذاتي.
• ركن معنوي: و هو الإدراك ذلك أن هذا الأخير هو مناط المسؤولية .
ومن الجدير بالذكر في هدا المقام أن المشرع في الأمر رقم 03-07 لم يحدد ما يعتبر خطأ على عكس دعوى التقليد المدنية والتي حددها على سبيل الحصر في المادة 11من نفس الأمر (كما سبق الإشارة إلى ذلك) وبالتالي نري أن المشروع قد أخضع هذه الدعوى إلى القواعد العامة.
2. الضرر :
ذهب معظم الفقه إلى أنه لا يكفي لدعوى المنافسة غير المشروعة توفر ركن الخطأ وحده،وإنما يجب أن يترتب على الخطأ ضرر يصيب المدعي ،ولذلك يجب عليه إثبات الضرر وبدون ركن الضرر لا يمكن أن توجد دعوى المنافسة غير المشروعة، ولا يشترط في الضرر حسب الفقه أن يكون جسيما أو طفيفا وإنما يعتبر هذا الركن متوفرا حتى لو كان الضرر طفيفا .
ويتمثل الضرر في مجال المنافسة غير المشروعة في فقد التاجر لزبائنه ضحية لأعمال غير مشروعة ،وإذا كان إثبات الضرر في إطار القواعد العامة يكون بكافة وسائل الإثبات فإنه في ميدان حقوق الملكية الصناعية يتم إثبات الضرر الناتج عن الاعتداء على الحق المالي طبقا للقواعد العامة .
وأخيرا فإن تقدير الضرر بكل دقة في دعوى المنافسة غير المشروعة يكون جد صعب نتيجة وجود عناصر مساعدة على ذلك ،لهذا كثيرا ما تقدر المحاكم النصوص تقديرا جزافيا مما يخرجنا من دائرة المسؤولية المدنية إلى نطاق العقوبة المدنية التي لا يرتبط فيها الجزء بقيام الضرر ولا بمقداره.
رابعا :أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة .
إن أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة هما: المدعي و المدعى عليه.
الطرف الأول:المدعي:هو كل شخص لحقه ضرر من عمل المنافسة غير الشرعية , و في حالة تعدد المتضررين أمكن رفع هذه الدعوى من طرف كل متضرر على حدا أو من طرف مجموع المتضررين إذا كانت تجمع بينهم مصلحة مشتركة.
و يحق أيضا للشخص الطبيعي و المعنوي رفع دعوى المنافسة غير المشروعة
الطرف الثاني : المدعى عليه : هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو مسؤول عنه ، و قد يكون شخصا ذاتيا أو شخصا معنويا ، و في حالة التعدد يمكن توجيه دعوى المنافسة غير المشروعة ضدهم جميعا بصفة تضامنية .
و إذا رفعت الدعوى على الشخص المعنوي ، فانه يتحمل المسؤولية المدنية التي تقع و يؤديها من ماله و مساءلة الشخص المعنوي تكون بطريق غير مباشر ، وذلك عن الأعمال التي يرتكبها ممثله على أساس مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه ، كما إذا قوضيت شركة لمنافسة غير شرعية أو لتقليد الاختراع بناء على قرار صادر من إحدى هيئات كمجلس إدارة الشركة أو جمعيتها العامة.
و ترفع الدعوى على كل من اشترك في تنفيذ هذه الأعمال إذا كان سيئ النية و لا يمكن أن ترفع هذه الدعوى من غير صاحب البراءة أو خلفه .
خامسا : نتيجة دعولى المنافسة غير المشروعة.
كما سبق القول فإنه يجب إخضاع هذه الدعوى إلى القواعد العامة و عليه تتمثل نتيجة هذه الدعوى في إما:
• التعويض
• إيقاف الاستمرار في المنافسة غير المشروعة ونتناول كل منهما على التفصيل الأتي
أولا: التعويض:
نرى بأن صاحب براءة للاختراع يمنح التعويض وفقا للقواعد العامة.
ثانيا: وقف الأعمال.
الجزاء الطبيعي للمنافسة غير المشروعة هو عادة وضع حد للأعمال التي تشكل منافسة غير مشروعة و أن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية (الضرر يزال ) و وقف العمل الغير مشروع لا يعني إزالة الحرفة بصفة نهائية لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة ، و إنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير القانوني .
المطلب الثاني : الحماية الجزائية لبراءة الإختراع.
نصت المادتين 61 ،62 من الأمر 03-07 على حماية جزائية لبراءة الإختراع ، بأن جعلت التعدي عليها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون .
ويمكن رد صور الأفعال التي تشكل تعديا على الحق في براءة الإختراع إلى ما يلي: - جنحة تقليد اختراع موضوع براءة .
• جريمة بيع أشياء مقلدة.
• جريمة بيع أشياء مقلدة أو عرضها للبيع.
• جريمة إخفاء شيء مقلد .
و نلاحظ بأن المشرع الجزائري من خلال الأمر 03-07 تبنى جرائم جديدة لم يتبناها سواء في المرسوم التشريعي 93-17 أو الأمر 66-54 أين كان ينص فيهما على جنحة التقليد فقط.
و سأتناول بيان كل جريمة من هذه الجرائم على التوالي:
الفرع الأول: جريمة تقليد الاختراع
التقليد بوجه عام هو عكس الابتكار. إذ هو محاكاة لشيء ما, و المقلد ناقل عن المبتكر و التقليد في الأصل لا يشكل جريمة و لكنه يصبح كذلك إذا كان فيه تعد على حقوق تتمتع بحماية القانون, كما هو الحال في حقوق صاحب براءة الاختراع.
و يتم التقليد عن طريق قيام الفاعل عمدا بارتكاب أحد الأفعال المحددة في مفهوم المادة56.
و قبل التعرض إلى جنحة التقليد عن طريق بيان أركانها و نظامها القانوني نتعرض أولا إلى تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة.
أولا: تمييز جنحة التقليد عن بعض المفاهيم القريبة
• وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع
جريمة تقليد براءة الاختراع و جريمة تقليد نموذج صناعي: ليس فقط الأفراد يخلطون أحياناً بين الأنواع المختلفة للملكية الصناعية, فحتى بعض المحاكم تفعل ذلك أحياناً, وهذا ما اضطر محكمة النقض المصرية في قرار صادر عام 1965 إلى توجيه المحاكم الدنيا إلى وجوب عدم الخلط بين جريمة تقليد نموذج صناعي مع جريمة تقليد براءة اختراع, ومما جاء في القرار المذكور المتعلق بنموذج صناعي لصناعة الطرابيش:
"إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم وآخر بأنهم في يوم 9 أغسطس سنة 1958 دائرة قسم الموسكى: أولا – قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الاتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع العلم بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة. وقد إدعى........مدنياً قبل المتهمين متضامنين طالباً القضاء قبلهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح الموسكى تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 18 مايو سنة 1961 عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم ورفض الدعوى الدنية قبل المطعون ضدهم الثلاثة الأول وإثبات تنازل المدعى المدني عن دعواه المدنية قبل المطعون ضده الرابع مع إلزامه بمصروفاتها ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المطعون ضدهم الثلاثة الأول فإستئناف المدعى بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة إستئنافية – قضت بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1961 – حضورياً للثلاثة الأول وغيابياً للأخير بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه.وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي المدني المصاريف المدنية الإستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ........ وقد توفى المطعون ضده الأول أثناء نظر الطعن وحل محله ورثته..... الخ.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من جريمة تقليد نموذج صناعي مسجل قانوناً ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن القانون لا يحمي إلا الإبتكار الذي تمنح عنه براءة الإختراع – قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن التهمة المسندة إلى المطعون ضدهم ليست تقليداً لإختراع حتى يصح في شأنها ما ذهب إليه الحكم بل تقليد نموذج صناعي لها حكمها الخاص في القانون رقم 132 لسنة 1949.وحيث أن الدعوى الجنائية رفعت على كل من ......... – الذي توفى بعد صدور الحكم المطعون فيه وحل محله ورثته – و . . . . و . . . . و . . . . بوصف أنهم: أولاً- قلدوا موضوع نموذج صناعي مسجل قانوناً. ثانياً: حازوا بقصد الإتجار منتجات القبعات المبينة بالمحضر عليها نموذج صناعي مقلد مع علمهم بذلك,وطلبت النيابة عقابهم بالمواد 1 و4 و37 و38 و39 و48/2-3 و57 و60 من القانون رقم 132 لسنة 1949 واللائحة المرفقة به. وقد إدعى الطاعن مدنياً قبل المطعون ضدهم بتعويض مقداره 51 ج ثم تنازل عن مخاصمة المطعون ضده الرابع . . . . ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية. وإثبات تنازل الطاعن عن دعواه قبل المطعون ضده الرابع وإلزام الطاعن المصاريف المدنية. وإذ استأنفت النيابة والطاعن فقد قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن المصاريف المدنية الإستئنافية.وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن استصدر تسجيل لرسومات ونماذج صناعية لقبعات تصنع من الخوص المصري ثم تبين أن المطعون ضدهم يقومون بتقليدها ويعرضونها للبيع, عرض لدفاع المطعون ضدهم وإلى تقرير إدارة الرسوم والنماذج وخلص إلى قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بقوله: "ومن حيث إن المشرع نظم الأحكام الخاصة ببراءات الاختراع من حيث الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإختراع وما يترتب على منح البراءة من حقوق.
ومن حيث إن المشرع عرف الإبتكار الذي يمنح عنه البراءة بأنه كل إبتكار قابل للإستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطريق أو وسائل ناعية مستخدمة أو بتطبيق جديد بطريق أو وسائل صناعية معروفة "المادة الأولى" فالشرط الواجب توافره في الاختراع الذي تمنح عنه البراءة هو شرط الجدة – ويعتبر عنصر الجدة متوافراً إذا لم يكن قد نشر عن الإختراع في مصر. ومن حيث إنه هدياً بهذه المبادئ يبين أن صناعة البرانيط التي تصنع من الخوص هذه الصناعة معروفة في مصر وفي الخارج من مئات السنين متداولة بين الكافة, منتف عنها عنصر الإبتكار. وحيث إنه متى تبين ذلك فإن الصناعة التي يقرر المدعي المدني – الطاعن – أنه حصل على براءة إختراعها لم يكن له فضل إبتكارها بل هي من الصناعات القديمة المنتشرة في مصر وفي الخارج من مئات السنين وأن صناعة الخوص بألوانه من الصناعات المنتشرة برشيد وتتناولها أيدي الصناع في هذه البلدة بالتهذيب والتطوير حتى بلغت صورتها الحالية التي جعلت منها صناعة صالحة لعمل القبعات . . . . وأن مجرد تسجيل براءة الاختراع لا يضفي على هذه الصناعة أي حماية نظراً لأنها من الصناعات التي ليس بها أي فكرة مبتكرة جديدة وإلا كان هذا مدعاة لنشر الاحتكار بأوسع معانيه فضلاً عن أن المحكمة لاحظت أن القبعات المقلدة ليس بها أي طابع مميز خاص, فإذا كانت لهذه القبعات طابع مميز لها لما سجل النموذج الذي يقول المدعي المدني وجرت وراءه النيابة على ذلك أنها قلدت – إذ أن المتهمين قدموا ما يدل على تسجيل القبعات التي قلدت". لما كان ذلك, وكان القانون رقم 136 لسنة 1949 قد عالج أحكام نوعين من التقليد, هما تقليد براءة الاختراع وتقليد الرسوم والنماذج الصناعية وبينت نصوصه ماهية كل منهما, وكانت واقعة الدعوى هي تقليد نموذج صناعي مسجل وليست تقليد براءة الاختراع, فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما تحدث به فيما سلف إيراده عن تقليد براءة الاختراع – يكون قد خلط بين نوعي التقليد رغم اختلاف الأحكام الخاصة لكل منهما ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون تطبيقا صحيحاً على الواقعة مما يعيبه ويستوجب نقضه, وذلك بالنسبة إلى الدعوى المدنية محل الطعن. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. مع إلزام ورثة المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الثاني والثالث المصاريف"
دعوى التقليد و المنافسة غير المشروعة:
تختلف دعوى المنافسة غير المشروعة من دعوى التقليد من عدة أوجه :
1. دعوى التقليد : تفترض أساسا بأن هناك حقا قد تم الاعتداء عليه أي الاعتداء مس بحق المدعي ، بينما في دعوى المنافسة غير المشروعة فإن المدعى ينتقد أمام القضاء موقف أو تصرف المدعي عليه غير اللائق أي أن الدعوى تنصب على التصرف المنتقد للمدعي عليه (17).
2. دعوى التقليد تحمي الحق المعتدى عليه بجزاءات متعددة تصل إلى عقوبة الحبس فهي دعوى زجرية في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تصل إلى نفس صرامة الدعوى الأولى فهي دعوى خاصة ترمي إلى ردع التصرفات غير المشروعة في إطار مدني صرف (18).
3. دعوى التقليد هي جزاء للاعتداء على الحق بينما المنافسة المشروعة هي جزاء لعدم احترام الواجب .
4. لا يمكن إقامة دعوى التقليد إلا إذا توفرت شروطها الخاصة في حين أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تتطلب نفس الشروط ، فشروطها هي شروط كل دعوى وبذلك تكون دعوى التقليد أضيق نطاقا من دعوى المنافسة غير المشروعة (19).
ثانيا: أركان جنحة التقليد
إن الاعتداء على حق صاحب البراءة في احتكار استغلال اختراعه يكون جنحة التقليد، و كأي جريمة من الجرائم يجب أن تقوم جنحة التقليد على أركان ثلاثة أساسية هي:
1. الركن المادي:
و هو الفعل الذي بواسطته يكتمل جسم الجريمة , إذ لا توجد جريمة بدون ركن مادي. تنص المادة 61 من الأمر 03-07 تحت عنوان الدعاوى الجزائية "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم م 6 أعلاه جنحة تقليد"
و بالرجوع إلى المادة 56 من نفس الأمر نجدها قد أحانشا بدورها إلى م 11 لتحديد الأعمال التي إذا ارتكبت بصفة عمدية شكلت جنحة التقليد, و هذه الأعمال تتلخص في:
في حالة ما إذا كان موضوع الاختراع منتجا، فإن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد في هذا الصدد هي:
• القيام بصناعة المنتج
• استعمال المنتج
• بيع المنتج
• عرض المنتج للبيع
• استيراد هذا المنتج لهذه الأغراض
أما إذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع, فمن الأعمال التي تشكل عند ارتكابها جنحة التقليد هي:
• استعمال طريقة الصنع.
• استغلال المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة .
• بيع أو عرض المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة.
• استيراد المنتج الناتج مباشرة في هذه الطريقة لهذه الأغراض.
نلاحظ أن المشرع عند تكلمه في جنحة التقليد في م 61 قام بتحديد طبيعة الأفعال التي تشكل هذه الجريمة, و ذلك بإحالتنا بطريقة غير مباشرة على المادة 11 السالفة الذكر, و بالرجوع إلى هذه المادة نجد أن هناك أفعال تعتبر تقليدا كبيع الأشياء المقلدة أو عرضها للبيع أو استيرادها هذا الغرض أو استغلال المنتوج الناتج مباشرة عن هذه الطريقة.
إذا قمنا بتحليل هذه الأفعال نجدها لا تشكل تقليدا بطبيعتها, و لذلك نرى بأن المشرع الجزائري قد أخطأ بعد هذه الجرائم جرائم تقليد(م 61).
و في نفس الوقت نجده تناقض مع نفسه عندما عدها جرائم مستقلة و ذلك وفقا لمفهوم المادة 62 , و عليه سنقتصر بذكر تقليد المنتج موضوع البراءة و استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة.
أ- تقليد المنتوج موضوع البراءة:
المشرع يعاقب على عملية الصنع بغض النظر عن عملية الاستعمال, فالنقل المادي للمنتج المحمي بالبراءة يكون العنصر الجوهري لجنحة التقليد المرتكبة عن طريق الصنع, و زيادة على ذلك يمكن متابعة كل استعمال للمنتج المحمي بالبراءة أو تسويقه أو حيازته لهذا الغرض.
ب- استعمال الطرق أو الوسائل التي هي موضوع البراءة:
يمكن أن يكون الاعتداء بواسطة استعمال الطريقة أو الوسائل التي هي موضوع البراءة, فيعاقب جزائيا كل من اعتدى على حقوق صاحب البراءة باستعمال طريقة الصنع أو الوسائل التي تكون موضوع البراءة.
2. الركن الشرعي:
لا يمكن معاقبة الشخص إلا بوجود نص قانوني يقرر تلك العقوبة و يجرم الفعل المركب و هذا ما يسمى "بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات", و بما أن قانون براءة الاختراع قد وضع جريمة التقليد و بين عناصرها المادية و المعنوية و العقوبات المقررة لها لذلك تعتبر الجريمة التي يقترفها مرتكبها معاقبا عليها حسب نص المادة 61 فالركن الشرعي يوضح الأفعال المادية غير المشروعة التي تتكون منها هذه الجريمة و هي جوهر الركن المادي .
و الاعتداء على الحق في البراءة يجب أن تتوفر فيه شروط منها:
أنه يجب أن يتعلق ببراءة موجودة و صحيحة, و ألا يستطيع القائم بالعملية التمسك بأفعال مبررة و أن يتمسك باستنزاف حق صاحب البراءة.
أ. ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة:
لتجريم أفعال التقليد يلزم أن تنص على الموضوع الذي تغطيه شهادة البراءة وما يدخل في الحماية أي أن تكون هناك براءة اختراع قانونية، فلا تقوم جريمة التقليد متى وقع التقليد على اختراع ليس محلا لبراءة اختراع صحيحة قائمة بالفعل أو تم سقوطها أو بطلانها لأي سبب من الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك .
ذهب فريق من الفقه إلى أنه لا يعد تقليدا للاختراع باستعمال الطريقة الصناعية متى كان استعمالها سابقا لتاريخ صدور البراءة، ثم امتد الاستعمال بعد ذلك، كما لا يقوم التقليد لاختراع سقط في الملك العام بسبب انتهاء مدة حمايته أو تركه أو التنازل عنه. فمتى صدرت البراءة صحيحة لا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوى لأن الاختراع لا تتوفر فيه عناصر الجدة، ففي قرار محكمة النقض المصرية بينت المحكمة بأنه متى صدرت البراءة فإنها تضمن لصاحبها حق احتكاري ، ولا يستطيع المقلد بأن يرفع الدعوة بأن الاختراع موضوع البراءة لا تتوفر فيه عناصر الاختراع كعدم الجدة مثلا ، لأن هكذا دفوع يجب أن، تثار أمام محكمة القضاء الإداري بطلب خاص لإبطال البراءة ضمن الشروط التي يحددها القانون لذالك وليس أمام المحكمة التي تنظر في دعوى ا لتقليد ، فمتى صدرت البراءة من الجهات المتخصصة أصبحت ضامنة للحقوق التي فيها حتى يتم إلغاؤها بالطرق القانونية (أنظر الطعن 708 لسنة 1954 ق تجاري جلسة 21/02/1983 س 34 ص 503. منشور في معوض عبد التواب. الموسوعة النموذجية لشرح جرائم الغش و التدليس و تقليد العلامات التجارية من الناحيتين المدنية و الجنائية. الجزء 3. الطبعة الأولى سنة 2003. ص 548) .
ب. عدم وجود أفعال مبررة:
تستبعد جنحة التقليد في حالة وجود أفعال مبررة, و بالتالي فالأعمال التي ينجزها شخص شريك في براءة الاختراع لا تعتبر جنحة تقليد إذ أمكن أن يشترك شخصان أو أكثر في الاختراع , و لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يقوم عن حسن نية بصناعة المنتج المحمي بالبراءة أو استعمال الطريقة المغطاة بالبراءة وقت تقديم طلب البراءة, أو عند تاريخ المطالبة بأولية اختراع مقدمة بصورة شرعية حيث يسمح له بمواصلة نشاطه رغم وجود البراءة , كما لا يعتبر مقلدا الشخص الذي يستفيد من رخصة –اتفاقية أو جبرية- شريطة ألا يتجاوز حدود العقد
ج- عدم استنزاف حق صاحب العلامة:
أنشئت نظرية استنزاف حقوق صاحب البراءة في ألمانيا, و مفادها أن صلاحيات مالك البراءة تصبح محدودة بعد أن تحققت بعض العمليات من قبله شخصيا أو من قبل الغير برضاه.
إن المشرع الجزائري و على غرار نظيره الفرنسي قد تبنى هذه النظرية, إذ يقضي بأن الحقوق الناجمة عن براءة الاختراع لا تمتد إلى الأعمال المتعلقة بالمنتج موضوع البراءة بعد أن وضع في التداول التجاري على الوجه الشرعي.
3. الركن المعنوي:
إن دراسة الركن المعنوي لجنحة التقليد تطرح إشكالا حول نسبة القائم بالعمل,هل يفترض في هذا الركن سوء نية الشخص المعتبر مقلدا؟
بالرجوع إلى القواعد القانونية الجزائرية تبين أن المشرع ميز بين حالتين:
حالة ما إذا كان الشخص يمس بطريقة مباشرة حق صاحب البراءة و الشخص الذي يمس بطريقة غير مباشرة هذا الحق.
أ- المقلد المباشر: (عدم اشتراط سوء النية)
قد يكون تقليد الإختراع محل البراءة متقنا بصورة يصعب معها على المرء القدرة على تلمس الفرق بين الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل, أي يصعب تقدير قيام التقليد من عدمه, و المعايير التي يجب إتباعها حسب الدكتورة سميحة القليوبي هي:
الاعتداد بأوجه الشبه لا بأوج الاختلاف, إذ يأخذ عند مقارنة الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل بالأمور المتشابهة بينهما و ليس بالأمور المختلفة بينهما,أي يأخذ بنقاط التقارب بين الاختراعين لا بنقاط الاختلاف.
الاعتداد بالجوهر لا بالمظهر, إذ أن إجراء بعض التعديلات على الاختراع الأصيل بالحذف منه أو الإضافة إليه لا ينفي جريمة التقليد ما دامت تلك التعديلات قد اقتصرت على مظهر الاختراع و لم تمس جوهره.
لا أثر لإتقان المقلد للتقليد من عدمه, إذ تقوم جريمة التقليد بصرف النظر عن نجاح المقلد في تقليد الاختراع أو فشله في ذلك.
و أيا كان الأمر فإن تقليد الاختراع موضوع البراءة يعد من مسائل الواقع التي تدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
و القصد الجرمي لدى مرتكب فعل التقليد أمر مفترض لسببين:
الأول: لأن أفعال التقليد بطبيعتها تنطوي على علم الفاعل بحقيقة ما يفعل.
الثاني: لأن إشهار -إعلان- البراءة له حجة في مواجهة الكافة, و بالتالي يشكل قرينة قانونية قاطعة على علم مرتكب التقليد.
و بما أن هذا التصرف يمس مباشرة بحقوق مالك البراءة و حسب المرسوم التشريعي 93-17 فلا يمكن للمقلد التمسك بحسن نيته للتهرب من مسؤوليته, و لا يشترط في تطبيق العقوبة وجود عنصر القصد إذ يعاقب المقلد قانونا مهما كانت نيته حسنة أو سيئة .
غير أن المشرع في الأمر رقم 03-07 عدل عن موقفه القديم, وأصبح يشترط سوء النية كركن أساسي لارتكاب جنحة التقليد.
فيجب أن يكون المقلد المرتكب لأحد الأفعال المنصوص عليها في م 11 من الأمر 03-07 على علم بأنه يقلد منتوجا أو طريقة صنع محميين ببراءة اختراع فإذا سقط العلم سقطت الجريمة, وهذا لا يمنع صاحب البراءة من متابعته مدنيا و ليس جنائيا, و هذا ما نصت عليه المادة 61 التي اشترطت سوء النية بصريح العبارة حيث جاء فيها: "يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم المادة 56 أعلاه جنحة تقليد".
و نرى أن المشرع قد أصاب مبدئيا باشتراط سوء النية (كل عمل متعمد) لقيام جنحة التقليد ذلك أنه في القانون الجنائي يجب توفر ثلاثة أركان لقيام الجريمة, و متى سقط ركن منها سقطت الجريمة.
غير أنه من الناحية العملية يصعب إثبات حسن النية إن لم نقل يستحيل خاصة في المقلد المباشر, و نرى بأن ما فعله المشرع هو ضرورة قانونية لاكتمال بناء الجريمة من الناحية القانونية لا من الناحية الواقعية.
ب- المقلد غير المباشر:( ضرورة وجود سوء النية)
و يتعلق الأمر بالأشخاص الذين قاموا عمدا بإخفاء شيء مقلد أو إخفاء عدة أشياء مقلدة أو بيعها أو عرضها للبيع أو إدخالها إلى التراب الوطني, وهذا ما نصت عليه المادة 62. و هؤلاء الأشخاص لا يعتبرون الفاعلين الأصليين لواقعة التقليد و لهم الحق في دفع المسؤولية عن أنفسهم بأنهم قد كانوا على غير علم بحقيقة الأمر.
و نرى بأن سوء النية (كل من يتعمد...) يجب توافرها لقيام جريمة المقلد غيرالمباشر. إذا سوء النية في جريمة التقليد متطلب, سواء كان التقليد مباشرا أو غير مباشر غير أنه من الناحية العملية فحسن النية يمكن إثباته في المقلد غير المباشر أين تسهل طرق الإثبات على عكس المقلد المباشر كما سبقت الإشارة فإنه يصعب إن لم نقل يستحيل إثبات حسن النية.
4. ركن الضرر:
هناك اختلاف كبير بين فقهاء القانون الجنائي حول اعتبار الضرر في ركن الجريمة, فقد ذهب فريق من الفقه إلى أن ركن الضرر توفره في جميع الجرائم, لأنه في حالة عدم وجود الضرر ينعدم أثر الجريمة, و تبعا لانعدام الأثر تنعدم الجريمة, لذلك فإن مجرد تقليد الاختراع (عن طريق صنعه) دون استعماله أو استغلاله أو التصرف به فتحقق الجريمة بشكلها الكامل عند استغلال أو استعمال أو التصرف في الاختراع موضوع التقليد.
و يحدث التقليد في هذه الحالة سواء أدى هذا الأخير إلى المنافسة أم لا, لأن المنافسة غير المشروعة هو فعل آخر يمكن إقامة دعوى خاصة به, و لو لم يوجد تقليد لموضوع البراءة. و لم تنص القوانين على شرط الضرر لأن ركن الضرر مفترض .
غير أنه و بالرجوع إلى الأمر 03-07 نجد أن المشرع لم يشترط هذا الركن لإثبات وقوع جريمة التقليد, ولو كان ركن الضرر ركنا كما ذهب إلى ذلك بعض الفقه لكان من الأحرى على المشرع أن ينص عليه تطبيقا لمبدأ "شرعية الجرائم و العقوبات" .
غير أنه لا ننكر دور الضرر في الجريمة لأنه على هداه يستطيع المشرع تحديد التعويض المناسب في حالة ما إذا طالب صاحب البراءة به, لذلك نقول أن ركن الضرر هو ركن واقعي أكثر منه قانوني.
ثالثا: النظام القانوني لدعوى التقليد
تتحقق حماية صاحب البراءة ضد الاعتداء على حقه في احتكار استغلال اختراعه عن طريق دعوى التقليد مما يستوجب بيان القواعد الأساسية التي تشكل نظامها القانوني و هذا بتحديد كيفية ممارسة هذه الدعوى في جهة و توضيح آثارها من جهة أخرى.
4. ممارسة دعوى التقليد:
باعتبار أن صاحب البراءة هو المدعي في دعوى التقليد, و القاعدة في قانون الإجراءات الجزائية أن "البينة على من ادعى" فتجب على صاحب البراءة بصفته مدعي في دعوى التقليد إثبات عملية التقليد التي ارتكبها الشخص المدعى عليه.
و لقد نص المشرع في القانون 66-54 (الملغى بموجب المرسوم التشريعي 93-17 بموجب الأمر 03-07 ) في هذا الشأن على إجراء خاص يتمكن صاحب البراءة بواسطته بإثبات العمل المعاقب عليه قانونا و بالتالي سنتكلم عن هذه الإجراءات المنصوص عليها في الأمر 66-54 على سبيل الإستئناس ذلك أن المشرع لم ينص على أي إجراء من هذه الإجراءات في الأمر 03-07.
أ- أطراف الدعوى:
لا يجوز رفع دعوى التقليد حسب مفهوم م 58 من الأمر 03-07 إلا من قبل صاحب براءة الاختراع أو خلفه ( و لقد بينا فيما سبق حسب رئينا الخاص المقصود بالخلف).
أما المادة 33 الفقرة الأولى من المرسوم 93-17 فقد جعلت الحق في رفع دعوى التقليد لمالك البراءة أو من له الحق في امتلاكها. و نحن نرى بأن لفظ "الخلف" (الأمر 03-07 ) و لفظ "من له الحق في امتلاكها" (الأمر93-17) لهما نفس المعنى ذلك أن من يخلف صاحب البراءة الأصلي يصبح مالكا لها.
و إذا اشترك شخصان أو عدة أشخاص في إنجاز اختراع ,فيؤول هذا الحق إلى كل واحد منهم .
و فيما يتعلق بعقد الترخيص, فالمنطق يقضي بضرورة تمييز الترخيص البسيط عن الترخيص المطلق, و من ثم يتسحيل على المرخص له المستفيد من رخصة بسيطة رفع دعوى التقليد, بينما إذا كانت الرخصة مطلقة يسوغ للمرخص له رفعها في حالة عدم وجود بند مخالف في العقد أو شريطة أن يكون قد قام بإنذار مالك البراءة و بقي هذا الإنذار دون جدوى, و أعني بالذكر أن الأمر يتعلق بعملية التقليد التابعة لعقد الترخيص المسجل و المنشور بصورة منتظمة.
و أخيرا ينبغي الإشارة إلى أنه يجوز رفع دعوى التقليد ضد مرتكبي الجنحة إما جماعيا و إما انفراديا, و يجوز للمدعي رفع الدعوى ضد البعض منهم فقط, كما يلاحظ أن دعوى التقليد في المرسوم التشريعي 93-17 تتقادم بمرور خمس سنوات اعتبارا من تاريخ ارتكاب الجنحة. أما الأمر 03-07 فلم ينص على مدة تقادم جنحة التقليد .
ب- طريقة إثبات التقليد: عملية حجز التقليد:
يتوجب على المدعي في الدعوى إثبات عملية التقليد أي يجب أن يتحمل عبئ الإثبات و يتمكن صاحب البراءة من جمع كافة الدلائل.
كان التشريع السابق (66-45)ينص على إجراء خاص و هو حجز التقليد ( la saisie-contrefaçon) و على ذلك يجوز لصاحب البراءة على غرار صاحب الرسم أو النموذج الصناعي , أو صاحب العلامة التجارية أو صاحب التأليف , القيام بإجراءات تحفظية قبل قيام دعوى التقليد, الغرض منها حفظ حقوقه و الحصول على الأدلة اللازمة لإثبات الاعتداء على حقه في احتكار استغلال الاختراع غير أن حجز التقليد ليس إجراءا إجباريا و تمهيديا لدعوى التقليد لكن فعاليته جعلته كثير الاستعمال, و هكذا يجوز لصاحب البراءة أن يطلب بموجب أمر من رئيس المحكمة المختصة إجراء التعيين و الوصف المفصلين الأشياء المعتبرة مقلدة مع حجزها أو بدونه .
و يباشر هذا الإجراء عون مكلف بمساعدة خبير عند الاقتضاء.
و يتضح من هذه الأحكام أنه لا يمكن القيام بحجز التقليد إلا بتشخيص قضائي, و ينبغي أن يبقى الوصف محصورا على الأشياء المذكورة في الترخيص, و إذا خرج عن مضمونه يصبح الحجز باطلا.
و فيما يتعلق بالوثائق فلا يمكن حجزها إلا إذا كانت ضرورية لإثبات عملية التقليد, ويلاحظ أنه يجوز لرئيس المحكمة إلزام الطالب بدفع كفالة قبل مباشرة إجراءات الحجز.
و تجدر الإشارة إلى أن صاحب البراءة ملزم –بعد استيفاء الإجراءات التحفظية- برفع القضية أمام قاضي الموضوع حيث يجب الالتجاء إلى السلطة المختصة في أجل شهر تحت طائلة ببطلان مفعول الوصف و الحجز, مع عدم الإخلال بما قد يطلب من تعويضات .
و إذا حسمت الدعوى لصالح صاحب البراءة فإن المحكمة ستقرر مصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحجز و استنزال ثمنها من الغرامات أو التعويضات أو أن تتصرف فيها بأي طريقة تراها مناسبة أو حتى إتلافها عندما لا ترى ضرورة لبقائها أو أن أضرارها يسبب أضرارا كبيرة.
و يجب أن نشير إلى أن بطلان حجز المقلد لا يؤثر على صحة دعوى التقليد فالغاية التي يسعى إليها صاحب البراءة من وراء الحجز هي الحصول على الأدلة الكافية و القاطعة لإثبات جنحة التقليد, و على ذلك يبقى الحجز وسيلة من وسائل الإثبات.
و يلاحظ أنه بالرغم من فعالية عملية الحجز كوسيلة من وسائل إثبات التقليد فإنها لا تعتبر الوسيلة الوحيدة, فإذا كان الإثبات في القضايا المدنية يستند أساسا على أدلة تكون معدة مسبقا تقدم للقاضي المدني, فإن الإثبات في القضايا الجزائية يستند أساسا على قناعة القاضي الجزائي فيما يقدم إليه من أدلة. في حين أن الإثبات في القضايا الإدارية يستند على الأمرين معا ، أي على أدلة تكون معدة للإثبات مسبقا و على قناعة القاضي الإداري .
و يلاحظ أن الامر 03-07 لم يحدد طرق معينة لللإثبات ، و خاصة عملية الحجز ، على عكس الأمر 66-54 الذي تعرض و بالتفصيل إلى هذه الطريقة ( الحجز ) ، ونظن أن المشرع لو وضع مرسوما تنظيميا يحدد طرق الإتباث و عملية الحجز بصفة خاصة وحدا حذو الأمر 66-54 الذي حددها بنوع من التفصيل، يؤدي إلى التطبيق السليم .
ج- آثار دعوى التقليد :
إن فاعلية الحماية القانونية لبراءة الإختراع ، موقوفة على نوعية العقوبة المطبقة على الشخص المقلد ، ولا شك أنه يجب أن تكون العقوبة صارمة و ذات طابع ردعي ، حتى يحترم الغير حقوق صاحب البراءة فمتى تبث أن دعوى التقليد كانت مؤسسة قانونا ( بتوفر جميع الأركان سالفة الذكر ) وجب في هذه الحالة حماية صاحب البراءة ، و تتمثل هذه الحماية في عقوبات أصلية توقع على مرتكب جنحة التقليد ،و أخرى تبعية ، وفي نفس الوقت يجب تعويض صاحب البراءة عما أصابه من ضرر ، و اتخاذ تدابير لمنع المقلد من مواصلة تقليد الإختراع موضوع النزاع،وعلى هذا سوف نتعرض إلى كل هذه الآثار على التفصيل الآتي:
ج1- العقوبات الأصلية : كل من وقع منه تعد على الحق في براءة إختراع بصفة عمدية ، وكان ذلك بتقليد الإختراع موضوع البرءة أي ارتكاب أفعال حسب مفهوم المادة 11 يصبح عرضة لإحدى العقوبات التالية :
• الحبس من 6أشهر إلى سنتين .
• غرامة من 2500000 دج إلى 10.000.000دج.
• أو بالعقوبتين مجتمعتان معا.
ويجب الإشارة إلى أن المحكمة الجزائية المختصة هي صاحبة الصلاحية في توقيع العقوبات المذكورة على المعتدي على البراءة .
كذلك تعد العقوبات أصلية بما فيها الغرامة كون هذه الأخيرة إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر من قبل المحكمة .
ويجب عدم الخلط بين الغرامة و التي هي حق الدولة ، و التعويض الذي هو حق مالك البراءة إذ كل منهما مستقل عن الآخر .
كما يلاحظ ارتفاع قيمة الغرامة المالية ارتفاعا واضحا ، مما جعل القوة الرادعة للغرامة المالية ذات أثر في الوقت الحالي إذا ما طبق القانون تطبيقا فعليا ، ولقد واكب المشرع فيما يخص تحديد الغرامة التطورات الاقتصادية نظرا لانخفاض قيمة الدينار الجزائري ، إذ لا شك أن مبلغ 40000دج و 400000 دج سنة 1993 و ما قبلها ليست هي نفسها سنة 2006
ج2- العقوبات التبعية :لأي شخص ألحق به حيف أوضرر من جراء تعد في براءة الإختراع و كان ذلك التعدي في صورة تقليد الإختراع موضوع البراءة ، الحق في اتخاذ إجراءات قانونية لتأمين حقوقه عن طريق استصدار أمر تحفظي أو الحصول على عطل أو ضرر أو اتخاذ أي تدابير أخرى قد تؤدي إلى محاكمة مرتكب الجرم . ومن قبيل ذلك ، نذكر مايلي :
• المصادرة : سبق لنا التكلم عن عملية الحجز كطريقة من طرق الإثبات التي يلجأ إليها صاحب البراءة لإثبات الاعتداء على حقه ، فمتى تثبت الإدانة جاز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ، وذلك يؤدي إما إلى الحيلولة بين حائز تلك الأشياء و إمكانية استعمالها مستقبليا في ارتكاب الجريمة من جديد ، و إما بيعها و دفع الغرامات والتعويضات من ثمنها كما قد تقوم بالتصرف فيها بأي طريقة أخرى تراها مناسبة ، ويجوز الحكم بالمصادرة حتى في حالة الحكم بالبراءة لعدم توفر العقد ، كما يجوز للمحكمة أن تأمر بالمصادرة ولو لم يحدث ضرر من واقعة التقليد ، و الحكمة من جوازة المصادرة ، هي وزن الأضرار التي ستلحق من وراء هذه المصادرة
• الإتلاف :فللمحكمة أن تأمر بإتلاف المنتجات المقلدة و إتلاف الأدوات و الآلات التي استعملت في تقليدها ، وذلك أمر جوازي يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة .
و يكون الإتلاف مقبولا متى كانت المنتجات متعلقة بالدواء و الغداء و لم تتوفر فيها المواصفات المطلوبة و الصحيحة ، و لا يكون مقبولا في غير هذه الأحوال ، إذ لا ينبغي اللجوء إلى الإتلاف إلا في حالة الضرورة القصوى ، أي يجب الربط بين المنتجات المقلدة من جهة ، وعدم صلاحية تلك المنتجات للاستفادة منها بصورة مناسبة تراها المحكمة ، كتسليم تلك المنتجات إلى الجمعيات الخيرية للاستفادة منها و توزيعها على الفقراء و المساكين .
و في الأخير يجب الإشارة إلى أن وزن التقليد حاليا يمثل 10 % من التجارة العالمية و هذا في جميع المجالات : المنتجات الرقمية ،أدوية ، ...الخ مابين 200 و300 مليار أورو ضائعة من الإقتصاد العالمي منها 6 مليار يورو في فرنسا وحدها و تدمر كل سنة ما بين 30000 و 200000 منصب عمل في فرنسا وحدها .
ويترتب على هذا نتائج إقتصادية وخيمة :
1. نقص في الربح بالنسبة للمؤسسات .
2. تاثير سلبي على البحث العلمي .
3. كما أن التقليد يضع مصحة المستهلك على حافة الخطر ، و ذلك يرجع إلى نقص في جودة المنتجات المقلدة .
و يجب الإشارة إلى أن جريمة التقليد لا تهم قطاع الملكية الفكرية فحسب و إنما جل القطاعات الإقتصادية فعلى سبيل المثال نجد فرنسا قد خلقت شبكة un reseau بين كل من المديرية العامة للمالية والسياسة الإقتصادية ( DGTPI ) و الجمارك والمعهد الوطني للملكية الفكرية INPI تتكون من 35 خبير في مجال التقليد .
هذه الشبكة تغطي 75 ولاية .
هذا وانطلاقا من 30 أفريل 2006 تقوم وزارة الإقتصاد و المالية بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمحاربة التقليد (Cnac) و المعهد الوطني للملكية الصناعية (INPI) للقيام بالتوعية عن طريق وسائل الاتصال كالتلفاز و الإنترنيت .
هذا وقد وضعت السلطات المختصة الفرنسية موقع خاص بالتوعية .
و للأسف كل هذه الإجراءات المتخذة من قبل الدول المتقدمة وغيرها لا نجدها في الجزائر ، وهذا ما يدل بشكل واضح على تخلفنا .
الفرع الثاني: جريمة بيع المنتجات المقلدة
تعتبر هذه جريمة و ذلك بمقتدى المادة 62 من الأمر 03-07 حيث نصت (يعاقب بنفس العقوبة... أو بيعها).
تمثل هذه المادة الركن الشرعي للجريمة و يجب لتمام الركن الشرعي من ضرورة وجود براءة اختراع صحيحة و لا يستطيع القائم بهذه العملية التمسك بأفعال مبررة أو أن يتمسك باستنزاف حق صاحب مالك البراءة.
نلاحظ أن هذه الشروط تتمثل نفسها في شروط الاعتداء على الحق في البراءة لذلك نحيل إلى ما تم مناقشته في السابق مع التذكير فقط بطبيعة هذه الجريمة و التي تتمثل في البيع و ليس فعل التقليد الذي بيناه في السابق.
و تفرض هذه الجريمة بأن تقليد الاختراع تم بالفعل, و بالتالي فإن موضوعها ليس تقليد موضوع البراءة و إنما هو بيع المنتجات المقلدة و هذا يعني أن جريمة بيع المنتجات المقلدة لابد أن يكون قد سبقها ارتكاب جريمة تقليد الاختراع و ترتبط عادة جريمة تقليد الاختراع بجريمة بيع المنتجات المقلدة.
الأصل في الشخص المرتكب في جريمة التقليد إنما يرتكب هذه الجريمة خاصة لبيعة الإختراع و الاستفادة ماديا مما يجنيه من وراء ذلك غير أنه لا تلازم بين الجريمتين بالضرورة.