المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصداقــة والأصدقــاء


s-houda
2008-08-06, 23:56
الصداقة والأصدقاء


د. إبراهيم العسعس

منـذ أنْ كان على الأرض اثـنان، والبحث عن الصديق مشكلة الـبشرية! ولا تُصدقوا أبداً أنَّ استحالة وجود الخلِّ الوفيِّ، والصدوق الصدوق من أمراض عصرنا، فلا زلتُ كلما أوغلتُ في قـراءة التاريخ، أجدُ في كلِّ قرنٍ من يشكو من غياب الصديق الصدوق، والخـلِّ المُـشفق!

وكنتُ أسـألُ نفسي بعد كلِّ جولةٍ متى كان هذا المخلوق الخيالي موجوداً؟! يبدو أنَّه كان على الدوام بضاعةً مُزجـاةً، حتى قَرنوه بالغول والعنقاء!

وإنْ تعجبْ فعجَبٌ، قتلُ أحدِ ابْنيْ آدمَ أخاه وليس له على وجه الأرض عندئذ صديقٌ وأخٌ غيرُه!! هل الأنا في الإنسان أقوى من وُدِّ الصداقةِ والأخوة إلى الدرجة التي يَقبلُ فيها أن يجلس وحيداً في الأرض؟! بلا أنيس ولا أليف! وهَبْهُ غنياً عن الأخوة والصداقة! ألا صبر عليه ليؤنس وحشته وهو يعرف أنْ لا بديل له؟!

وهل انتهى العجب؟ كلا ... لقد ضحى بأنس الأخ، وإلف الصديق، فجوزي بأن أصبح غرابُ البَيْن له قـدوةً ومُعَلِّماً! لقد سَنَّها لنا سُنَّةً سيئةً، لا القتل فحسب، ولكنَّها سنةُ غَلبةِ الحسد على قوة الصداقة والأنس بها! ويضبطني الإنصاف فأقول: في كثيرٍ من الأحيان! واستمعْ لأبي حيان التوحيدي يشتكي قبل ألف عام:
وقبلَ كلِّ شيءٍّ ينبغي أنْ نثق بأنَّه لا صديق، ولا من يتَـشبَّهُ بالصديق، ولذلك قال جميلُ بنُ مُرَّة في الزمان الأول، حين كان الدينُ يُعانَق بالإخلاص، والمروءةُ تتهادى بين الناس، وقد لَزِم قَعرَ البيت، ورفض المجالس، واعتزل الخاصةَ والعامة، وعُوتِب في ذلك، فقال: لقد صحِبتُ الناسَ أربعين سنةً فما رأيتهم غفروا لي ذنباً، ولا ستروا لي عيباً، ولا حفظوا لي غيباً، ولا أقالوا لي عثرةً، ولا رحموا لي عَبْرةً، ولا قبلوا مني عذرة، ولا فَكُّوني من أسرة، ولا جبروا مني كسرة، ولا بذلوا لي نُصرة، ورأيتُ الشغلَ بهم تضييعاً للحياة، وتباعُداً من الله تعالى، وتجرُّعاً للغيظ مع الساعات، وتسليطاً للهوى في الهنات بعد الهنات، ولذلك قال الثوريُّ لرجلٍ قال له أوصني قال: أنكِـر من تعرفه، قال: زِدْني، قال: لا مزيـد. (الصداقة والصديق 1 / 3). أرأيتم.. حتى سفيان الثوري رحمه الله في القرن الثاني كان يشكو؟!!

قالوا: إنَّما سُـمِّيَ الصديقُ صديقاً لصدقه. يفهمُ الناس أنَّ الصدق المقصود هو صدقُ اللسان! وهو ـ على نُدْرته ـ لا يكفي في حدِّ الصداقـة.

صدق الصداقة يعني: صدقَ المشاعر، صدقَ المواقف، مطابقـةَ الظاهر للباطن، صراحةَ القول، فتغييبُ الحقيقةِ عن الصديق مخالفةٌ لحدِّ الصداقة، وخيانةٌ لحقِّ الإخاء.
ومن أكبر الخيانة أن تُسجِّل لصديقك موقفاً أو حالة، أو تعرف عنه خُلُقاً، وتسكت عن كلِّ ذلك، فإذا بك عند أقلِّ خلاف، أو بداية جدال واجهتَه بما تعرف، وعيَّرته به!
قال المتنبي: ... وما وُدٌّ بلا سبب. كلُّ صداقةٍ ولها دافع، وكلُّ مودةٍ ولها أسباب. ولا يعني هذا أبداً أن الصداقة مبنيةً على المصلحة المذمومة، فتلك حالةٌ أخرى، تُذمُّ بها العلاقةُ التي تُشبه ظِلَّ الشمس يُوشك أنْ يتحرك، أو كسحابة الصيف لا تلبثُ أن تَقشَّعا.

العلاقة المذمومة هي التي سببها مصلحةٌ ذاتيةٌ زائلةٌ. في واقع الأمر لا تنشأ علاقة بلا سبب، وأول هذه الأسباب التجانس، وقد علمتني الحياة أنَّ كلَّ علاقة لا تجانُس فيها فأمرُها إلى زوال حتى لو كانت علاقة دم.
فقلتُ أخي، قالوا أخٌ مِن قرابةٍ؟ فقلتُ لهم: إنَّ الشُّكول أقارب
وقال أحد الحكماء: بِحُسْن تَشاكُل الإخوان يَلْبَثُ التواصل.
قال له: أتُـراك قطعتـني؟!
فردَّ عليه: أبداً إنَّ هذا لم يحدث!
فقال: فما سِرُّ هذه الجفوة إذن ؟!
قال: لا جفوة، ولا قطيعة، فكلُّ هذا لم يكن. كلُّ ما في الأمر أنَّني باعدتُ المسافة.
قال: لكن لماذا؟! لقد كنَّا أحباء، وأصدقاء؟
قال: ولا زلنا كذلك، لكنـك لم تَحْتَمِل ذلك القُرب، فحرصت عليك وعلى صداقتك، فخرجتُ من حالة الاندماج، إلى حالة أبعد قليلاً.

وهكذا، الصداقةُ هي فنُّ إدارةِ المسافةِ بين اثنين.

le fugitif
2008-08-07, 00:22
قالوا: إنَّما سُـمِّيَ الصديقُ صديقاً لصدقه. يفهمُ الناس أنَّ الصدق المقصود هو صدقُ اللسان! وهو ـ على نُدْرته ـ لا يكفي في حدِّ الصداقـة.
صدق الصداقة يعني: صدقَ المشاعر، صدقَ المواقف، مطابقـةَ الظاهر للباطن، صراحةَ القول، فتغييبُ الحقيقةِ عن الصديق مخالفةٌ لحدِّ الصداقة، وخيانةٌ لحقِّ الإخاء.

شكرا يا هدى موضوع متميز وجميل وذو فائدة بوركت


http://www.moveed.com/data/thumbnails/88/__3.gif

ابومحمد
2008-08-07, 04:14
شكرا على الموضوع .

a-yacine
2008-08-09, 02:41
كثيرا ما نخطيء في فهم الآخر وتفسير مواقفه...

إننا نحتاج أولا: حتى نفهم فهما صحيحاً أن نفكر بعقله هو لا بعقولنا نحن...

وأن نقيس الأمور من خلال منطلقاته هو لامنطلقاتنا نحن...

كما نحتاج ثانيا: إلى أن نفرق بين موقفنا من رأيه وطريقة تفكيره- التي حتما نختلف فيها معه- وبين تفسيرنا لمواقفه.

ونحتاج ثالثا: أن تتسع صدرونا لمن يخالفنا الرأي وإلا فلن نرى غير أنفسنا

wafaa_alg
2008-08-09, 08:50
احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة فإن انقلب الصديق فهو أعلم بالمضرة



اللهم قني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم

انور 06
2008-08-09, 10:53
كل لحظة تجمعنا اليوم قد لا تتكرر غدا
فلنبقي الصداقة الحب والأخوة ... رباط ود
لا يقطعه قولٌ قاسٍ أو ظن سيء أو استهتار جارح
شكرا هذا الموضوع القيم

*جوداء*
2008-08-09, 12:24
:mh31:
الصداقة كنز لا يفنى.......تحياتي

KHAOULA SEBTI
2008-08-09, 12:55
السلام عليكم.ارجو ان تفيل مرورى.ان الصداقة..فى نظرى مقدسة ...فالاخوة ...والشراكة الزوجية تختلف عن الصداقة...ان تختار صديق يختلف ان تجد لديك اخ منذ الصغر ..ان تجد صديق يحبك دون مقابل تختلف عن زوج يغضب..ان لم تطبخ المرأة له او تتزين اى ان كل العلاقات مشروطة اا الصداقة...ان تعلم ان لك صديق ...هة احساس رائع.....واستثنائى........ربى يدوم الصداقات الموجودة بيننا نحن عضاء احلى منتدى.....

b-mohamed
2008-08-10, 02:50
الصداقةُ هي فنُّ إدارةِ المسافةِ بين اثنين، هي الفنُّ الذي يحدد العلاقة بين الأصدقاء؛ فيبين الحقوق والواجبات.. وأصول المحبة.. وحدود الصلة.. وأدب اللقاء والفراق.. وأصول الرضا والغضب.. وحدودهما.. ومتى يُقبل الصديق على صديقه ومتى يُحجم.. وكيف يَعرفُ ويكشف إشارات الإنذار المبكر التي تكشف صدقه دون داعٍ لطول الصحبة، فإنَّ حقيقة الإنسان مخبوءة وراء أقوال وتصرفات بسيطة، ومن لم ينفعه ظنُّه، لم ينفعه يقينه.

وهي مبنيّة على ثلاثة فروع:
أولها: فن اكتسـاب الأصدقاء.
ثانيها: هي فنُّ المحافظة عليهم.
ثالثها: هي فنُّ تـركـهم!

مشكلتنا العامة هي أننا نعيش حياتنا بلا مـقاصد، وبلا دوافـع واضحة، إنَّما هي ـ بالنسبة لنا ـ أرحامٌ تـدفع، وأرضٌ تبلع، ونحن نعـدُّ الأيام، وغالباً لا نعد، (نأكل القـوت وننـتـظر الموت).

إنها الغرائز التي توجهنا. وهكذا فنحن نصادق لا عن وعي بمعرفة حـدِّ الصداقة، وبلا معرفة بكيفية إدارتها، وفي كل علاقاتنا تقودنا ردة الفعل الانطباعية، فعقلنا عقل إنطباعي، وعليه، فالناس عندنا مُحسن أو مُسئ، جميل أو قبيح! علاقـاتٌ لا يقودها العقلُ، بل دوافعُ أخرى،

يُحبُّ العاقلونَ على التصـافي*** وحُبُّ الجاهلينَ على الوَسَـامِ

a-yacine
2008-08-11, 06:24
ما كنتُ مذ كنتُ إلا طوع خلانـي ***** ليست مؤاخذةُ الإخوان من شاني

يجني الخليل فأستحلي جنايته ***** حتى أدل على عفوي وإحساني

إذا خليلي لم تكــثر إســاءتـــه ***** فأين موضع إحساني وغفراني

يجني عليَّ وأحنو صافحاً أبداً ***** لا شيء أحسن من حان على جانِ

a-yacine
2008-08-12, 21:32
أُصَـادِقُ نَفْـسَ المَـرْءِ قَبْلَ جِسْمِـهِ*****وأَعْرِفُـهَا فِـي فِعْلِـهِ وَالتَّكَلُّــمِ

وأَحْلُـمُ عَـنْ خِلِّـي وأَعْلَـمُ أَنَّـهُ*****مَتَى أَجْزِهِ حِلْمـاً عَلى الجَهْلِ يَنْـدَمِ

( الـمتنبـي )