هانــــي
2011-01-30, 08:43
هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج من طيءٍ وأمه عتبة بنت عفيفٍ من طيءٍ.
وكان جواداً شاعراً جيد الشعر، وكان حيث ما نزل عرف منزله، وكان ظفراً إذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق. وكان حاتم رجلاً طويل الصمت، وكان يقول: إذا كان الشيء يكفيكه الترك فاتركه.وقالت النوار امرأته: أصابتنا سنةٌ اقشعرت لها الأرض، واغبر أفق السماء، وراحت الإبل حدباً حدابير، وضنت المراضع عن أولادها فما تبض بقطرة، وجلفت السنة المال، وأيقنا أنه الهلاك، فوالله إني لفي ليلة صنبرٍ بعيدةٍ ما بين الطرفين، إذ تضاغى أصيبيتنا من الجوع، عبد الله وعدي وسفانة، فقام حاتم إلى الصبيين، وقمت إلى الصبية، فوالله ما سكنوا إلا بعد هدأةٍ من الليل، ثم ناموا ونمت أنا معه، وأقبل يعللني بالحديث، فعرفت ما يريد، فتناومت، فلما تهورت النجوم إذا شيء قد رفع كسر البيت، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد في آخر الليل، فقال: من هذا؟ فقالت: جارتك فلانة، أتيتك من عند أصيبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، فما وجدت معولا إلا عليك أبا عدي، فقال: والله لأشبعنهم، فقلت: من أين؟ قال: لا عليك، فقال: أعجليهم فقد أشبعك الله وإياهم، فأقبلت المرأة تحمل ابنين ويمشي جانبيها أربعةٌ، كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ لبته بمديته، فخر، ثم كشطه، ودفع المدية إلى المرأة فقال: شأنك الآن، فاجتمعنا على اللحم، فقال: سوأةً أتأكلون دون الصرم؟ ثم جعل يأتيهم بيتاً بيتاً ويقول، هبوا أيها القوم، عليكم بالنار، فاجتمعوا، والتفع بثوبه ناحيةً ينظر إلينا، لا والله ما ذاق منه مزعةً، وإنه لأحوج إليه منا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس، إلا عظمٌ أو حافر، فعذلته على ذلك، فأنشأ حاتمٌ يقول:.......
مَهْلاً نَوَارُ أَقِلِّى اللَّوْمَ والعَذَلاَ ... ولا تَقُولى لِشيءٍ فاتَ ما فَعَلاَ
ولا تَقُولِى لمالٍ كُنْتُ مُهْلِكَهُ ... مهْلا وإن كُنْتُ أُعْطِى الجِنَّ والخَبَلاَ
يَرَى البَخِيلُ سَبيلَ المالِ واحِدَةً ... إِنَّ الجَوَادَ يَرَى في ماله سُبُلاَ
لا تَعْذِلُيِنَى في مالٍ وَصَلْتُ به ... رِحْماً وخَيْرُ سَبيلِ المالِ ما وَصَلاَ
وكان جواداً شاعراً جيد الشعر، وكان حيث ما نزل عرف منزله، وكان ظفراً إذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق. وكان حاتم رجلاً طويل الصمت، وكان يقول: إذا كان الشيء يكفيكه الترك فاتركه.وقالت النوار امرأته: أصابتنا سنةٌ اقشعرت لها الأرض، واغبر أفق السماء، وراحت الإبل حدباً حدابير، وضنت المراضع عن أولادها فما تبض بقطرة، وجلفت السنة المال، وأيقنا أنه الهلاك، فوالله إني لفي ليلة صنبرٍ بعيدةٍ ما بين الطرفين، إذ تضاغى أصيبيتنا من الجوع، عبد الله وعدي وسفانة، فقام حاتم إلى الصبيين، وقمت إلى الصبية، فوالله ما سكنوا إلا بعد هدأةٍ من الليل، ثم ناموا ونمت أنا معه، وأقبل يعللني بالحديث، فعرفت ما يريد، فتناومت، فلما تهورت النجوم إذا شيء قد رفع كسر البيت، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد في آخر الليل، فقال: من هذا؟ فقالت: جارتك فلانة، أتيتك من عند أصيبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، فما وجدت معولا إلا عليك أبا عدي، فقال: والله لأشبعنهم، فقلت: من أين؟ قال: لا عليك، فقال: أعجليهم فقد أشبعك الله وإياهم، فأقبلت المرأة تحمل ابنين ويمشي جانبيها أربعةٌ، كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ لبته بمديته، فخر، ثم كشطه، ودفع المدية إلى المرأة فقال: شأنك الآن، فاجتمعنا على اللحم، فقال: سوأةً أتأكلون دون الصرم؟ ثم جعل يأتيهم بيتاً بيتاً ويقول، هبوا أيها القوم، عليكم بالنار، فاجتمعوا، والتفع بثوبه ناحيةً ينظر إلينا، لا والله ما ذاق منه مزعةً، وإنه لأحوج إليه منا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس، إلا عظمٌ أو حافر، فعذلته على ذلك، فأنشأ حاتمٌ يقول:.......
مَهْلاً نَوَارُ أَقِلِّى اللَّوْمَ والعَذَلاَ ... ولا تَقُولى لِشيءٍ فاتَ ما فَعَلاَ
ولا تَقُولِى لمالٍ كُنْتُ مُهْلِكَهُ ... مهْلا وإن كُنْتُ أُعْطِى الجِنَّ والخَبَلاَ
يَرَى البَخِيلُ سَبيلَ المالِ واحِدَةً ... إِنَّ الجَوَادَ يَرَى في ماله سُبُلاَ
لا تَعْذِلُيِنَى في مالٍ وَصَلْتُ به ... رِحْماً وخَيْرُ سَبيلِ المالِ ما وَصَلاَ