المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل صفات الله تعالى معلومة المعنى ؟


الماسة الزرقاء
2011-01-29, 19:11
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما رأيكم بالرأي القائل بالتفويض أي تفويض هذه النصوص إلى الله تعالى وعدم الخوض فيها والإيمان بها على سبيل الإجمال، أي الإيمان بما علم الله أنه الحق، وإمرارها كما جاءت بلا كيف ولا معنى، مع تنـزيه الله تعالى عن الاتِّصاف بشيء من سمات نقص

وهذا هو الذي كان عليه جمهور السلف ، كانوا لا يخوضون في هذه الأمور ولا يتكلمون فيها، بل ينهون عامة الناس عن الكلام فيها، ويأمرونهم بتنـزيه الله تعالى عن سمات النقص.

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif (http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif)

الجواب : التفويض ليس هو مذهب السلف ، بل هو مذهب الخلف الذين فـرُّوا من إثبات الصفات فقالوا بالتفويض ، فوقَعُوا في التأويل المذموم .

ومذهب السلف إثبات الصفات كما أثبتها الله تبارك وتعالى لنفسه من غير تمثيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ، ويُثبتون ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك .

إلاّ أن سلف هذه الأمة لا يتكلّفون الكلام في كيفية الصفات ، إذ لا يجوز السؤال عن كيفية الصفة ، لقصور العقول عن إدراك بعض المحسوسات فكيف تُدرِك من لا تُدرِكه الأبصار ؟وقد اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله أن رجلاً سأله فقال : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) كيف استوى ؟

فأطرق مالكٌ وأخذته الرحضاء – يعني العَرَق - ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يُقال : كيف ، وكيف عنه مرفوع ، وأنت صاحب بدعة . أخْرِجُوه .وفي رواية قال : الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإني أخاف أن تكون ضالاً ، وأمَرَ به فأُخْرِج .

وهذا معنى قولهم : أمرُّوها كما جاءت .

فالمقصود بها عند السلف عدم السؤال عن الكيفية ، أن لا يُسأل عن الكيفية بل تُمـرّ كما جاءت . روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سُئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .

وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي .

فهذا معنى قول السلف : أمرِّوها كما جاءت . أي بلا كيف ، لا أنه لا يُعرف معنى الاستواء - مثلا – ولذا لا يُسأل عن كيفية الاستواء لعدم العلم بها ، وهكذا القول في بقية الصِّفات . والله تبارك وتعالى أخبر عن نفسه أنه استوى على عرشه .

فإما أن يُثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، وإما أن ينُكر ويُنفى ما أثبت الله لنفسه . وقد يقع إنكار ما أثبته الله لنفسه تحت اسم التأويل ، فـيُحرّف المعنى ويُصرف عن ظاهره . وهذا خلاف ما عليه سلف هذه الأمة ، فإن السلف يُثبتون لله ما أثبته لنفسه ، من غير تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف .
أي لا يسألون عن كيفية الصفة .

وهذا ما يدلّ عليه قوله عليه الصلاة والسلام : تفكّروا في آلاء الله ، ولا تفكّروا في الله . رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان ، وحسنه الألباني .

ومن حَـاد عن هذه الجادة فَقَدَ الصواب !

قال الإمام الرازي – وهو من المتكلّمين – بعد أن جرّب الطرق الكلامية ، والمذاهب الفلسفية قال :
لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا .

وقال أيضا :
واعلم أن بعد التوغل في هذه المضائق والتعمق في الاستكشاف عن أسرار هذه الحقائق رأيت الأصوب الأصلح في هذا الباب طريقة القرآن العظيم والفرقان الكريم وهو ترك التعمق والاستدلال بأقسام أجسام السموات والأرضين على وجود رب العالمين ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل ،

فاقرأ في التنـزيه قوله تعالى : ( والله الغني وأنتم الفقراء ) وقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) وقوله تعالى : ( قل هو الله أحد ) واقرأ في الإثبات قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) وقوله تعالى : ( يخافون ربهم من فوقهم ) وقوله تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وقوله تعالى : ( قل كلٌّ من عند الله ) وفي تنـزيهه عما لا ينبغي قوله : ( ما أصابك من حسنة فمن الله ) الآية ، وعلى هذا القانون فَقِس . اهـ .

والخلاصة – حفظك الله – أن السلف يُثبتون المعنى دون الكيف ، فالمعنى معلوم والكيف مجهول .

فَـرَدّ الأخ الفاضل :

الأخ الشيخ المحترم
أرجو أن تتحمل مناقشتي لك.
أنت قلت : ( فهذا معنى قول السلف : أمرِّوها كما جاءت . أي بلا كيف ، لا أنه لا يُعرف معنى الاستواء مثلا ، وإنما لا يُسأل عن كيفية الاستواء لعدم العلم بها) وهذا لم أفهمه من قول السلف.
ما فهمته هو أن المعنى غير معروف لهم لذلك نهوا عن الخوض فيها وكان تفسيرها هو إعادة قراءتها وكذلك الكلام في الكيفيات - فالكيفيات من خواص المخلوقات.
أما إذا كان المعنى معروفا فقل لي لو سمحت ما المعنى الذي قالوه للاستواء واليد والساق والعلو- الخ
أرجو أن تكون صبورا معي

فأجبته :فيما نقلته أعلاه :
روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .

وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي .

وأنت قلت - حفظك الله - :
وهذا لم أفهمه من قول السلف.
هذا هو قول السلف صراحة وفقك الله .
أمروها كما جاءت بلا كيف .
وقولك – وفقك الله - : فالكيفيات من خواص المخلوقات .

هذا ليس مُمتنِعاً في حق الله إلا لجهلنا بكيفية الغيبيّات عموما ، حتى ما يتعلّق بالحياة البرزخية – مثلا – لا يُسأل عنه بـ ( كيف ) مع تعلّقه بالمخلوق .أما معنى الاستواء فقد أطال ابن جرير الطبري في تفسيره في ذِكر معنى الاستواء

وقد أطال في تقرير مسألة الاستواء في أوائل سورة البقرة عند تفسيره لقوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) وقد استغرق تحقيق هذه المسألة عشر صفحات وقرر المسألة وناقش المخالِف .
ورجّح ما رآه في الآية فقال : وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) علا عليهن وارتفع ، فدبّـرهن بقدرته ، وخلقهن سبع سماوات .

فائدة :
العلماء يُفرِّقون بين ( استوى إلى ) وبين ( استوى على ) وبين ( استوى ) مُجرّدة ، فالاستواء في اللغة يُطلق على معان تدور على الكمال والانتهاء ، وقد ورد في القرآن على ثلاثة وجوه :

1 - مُطلق ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) أي كَمُل .

2 - مُقيّد بـ " إلى " ، كقوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) أي قَصَد بإرادة تامة .

3 - ومُقيّد بـ " على " ، كقوله تعالى ( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ) ومعناه حينئذ : العلو والاستقرار . فاستواء الله على عرشه معناه : علوه واستقراره عليه علوا واستقراراً يليق بجلاله وعظمته . انتهى من فتح رب البرية بتلخيص الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، والتلخيص للشيخ ابن عثيمين .

أما ( واليد والساق والعلو ) فإن السلف يُثبتونها لله كما أثبتها لنفسه من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف ، بل يُثبتون لله يـداً تليق بجلاله سبحانه ، ويُثبتون لله الساق ، لمجيء ذكره في الكتاب والسنة .
أما في الكتاب ففي قوله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ )
وجاء تفسيره في صحيح وصريح السنة .
روى البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يكشف ربنا عن ساقِـه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا .
هذا لفظ البخاري .
وهو مُخرّج في الصحيحين بأطول من هذه الرواية
فقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال : قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
قال : هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صَحْواً ؟
قلنا : لا .
قال : فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما .
ثم قال : يُنادي منادٍ ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله من بَـرٍّ أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تُعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟
قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله .
فيُقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟
قالوا : نريد أن تسقينا .
فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم .
ثم يُقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟
فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله .
فيقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟
فيقولون : نريد أن تسقينا .
فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم .
حتى يبقى من كان يعبد الله من بَـرٍّ أو فاجر ، فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟
فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليهم اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنما ننتظر ربنا .
قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ؟
فيقولون : الساق ، فيكشف عن ساقِـه فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يُؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم .
قال أبو سعيد : قلنا : يا رسول الله وما الجسر ؟
قال مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شكوة عقيفة تكون بنجد ، يُقال لها : السعدان ؛ المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب ، فَنَاجٍ مسلّم ، وناجٍ مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون : ربنا إخواننا كانوا يُصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا .
فيقول الله تعالى : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ، ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيُخرِجون من عرفوا ، ثم يعودون فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه ، فيُخرِجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ... الحديث .
ولا يُتصوّر أن النبي العربي صلى الله عليه وسلم يُخاطِب أصحابه بما لا يفهمونه !
وإنما يُخاطبهم بلسان عربي مُبين .
فمذهب سلف هذه الأمة وعقيدة أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل .

الماسة الزرقاء
2011-01-29, 19:12
ثم عقّب الأخ بقوله :

لدي نقول عن السلف الصالح تؤيد ما أرمي إليه وهي واضحة بأنهم كانوا لا يفسرون.
(أمروها كما جاءت بلا كيف) أي لا تضعوا لها معنى ولا كيف.
انظر إلى قول الإمام أحمد (الثابت عن أئمة السلف مثل الإمام أحمد رحمه الله تعالى، قال عندما سئل عن أحاديث الصفات: ( نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ) .
هذا هو مذهب السلف رحمهم الله تعالى، فهم يفوضون في المعنى ولا يفسرون ، فأين هذا المذهب من قول من يفسر وينسب لله تعالى اليد والجارحة، والاستواء الذي هو جلوس واستقرار ومماسة ، ونزول هو حركة وانتقال
قال الإمام الأكبر أبو حنيفة في كتابه الوصية : ونُقِرُّ بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة واستقرار عليه وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج



فأجبته أيضا :

قولك - وفقك الله للصواب - :
هذا هو مذهب السلف رحمهم الله تعالى ، فهم يفوضون في المعنى ولا يفسِّرون ، فأين هذا المذهب من قول من يفسر وينسب لله تعالى اليد والجارحة، والاستواء الذي هو جلوس واستقرار وماسة، ونزول هو حركة وانتقال .
أولاً : أرجو أن يكون النقاش نقاشا علميا بالحجة والبرهان .
وأن يكون بالنقل الثابت عن سلف هذه الأمة من الصحابة فمن بعدهم .
ثانياً : من الذي أثبت لله جارحة ؟
نحن أثبتنا لله يــداً تليق به سبحانه وتعالى ونُنزِّهه عن الجوارح
ومن الذي قال إن الاستواء جلوس ؟
وأما المعاني فهذا كلام أئمة السلف أنهم يُثبتون المعنى
وهذه الأحاديث التي سُقتها لك ما الذي قاله فيها النبي صلى الله عليه وسلم ؟
هل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم السابقة ليس لها معنى ؟
إما أن يكون لها معنى ، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطَبَ أصحابه بما يفهمون
وإما أن لا يكون لها معنى ويُنزّه كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون خِلواً من المعاني .
إذ الكلام إما يُفيد معنى وإما لا يُفيد
فالأول هو الكلام المفيد
والثاني غير مفيد
فأيهما قلتَ به لزِمك لازمـه .
هل النبي صلى الله عليه وسلم خاطَب أصحابه في مثل هذه الأحاديث التي ورد فيها إثبات بعض الصفات لله عز وجل - بما يفهمون ؟
هل خاطبهم بما يفهمون معناه أوْ لا ؟

فالجواب : نعم

خاطبهم بما يفهمون معناه

ولا يَسعنا أن نقول : خاطَبهم بما يجهلون معناه .

إذاً .. المعنى مفهوم .

وفرق بين فهم المعنى بما تقتضيه اللغة ، وبين تصوّر المعنى .

فالأول جائز ، والثاني ممنوع لأنه يقتضي التكييف ، أي السؤال بـ ( كيف ) .



ثم ساق الأخ ما جاء في :

لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ( إن الله ينزل الى سماء الدنيا ) ) ( 3 ) و ( ( إن الله يرى في القيامة ) ) ( 4 ) وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } الشورى 11 ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن
كتاب الاعتقاد، الجزء 1، صفحة 9.

فأجبته :

ما نقلته - حفظك الله - عن لمعة الاعتقاد انظر الجواب عنه في شرح اللمعة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قال شيخنا العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح لمعة الاعتقاد :
ما تضمنه كلام الإمام أحمد في أحاديث النُّـزول وشبهها
تضمن كلام الإمام أحمد رحمه الله الذي نقله عن المؤلف ما يأتي:
1 - وجوب الإيمان والتصديق بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحاديث الصفات من غير زيادة ولا نقص ولا حد ولا غاية.
2 - أنه لا كيف ولا معنى أي لا نكيف هذه الصفات؛ لأن تكييفها ممتنع لما سبق، وليس مراده أنه لا كيفية لصفاته ؛ لأن صفاته ثابتة حقاً ، وكل شيء ثابت فلابد له من كيفية ، لكن كيفية صفات الله غير معلومة لنا.
وقوله: ولا معنى
أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف ، فإن هذا ثابت ، ويدل على هذا قوله: "ولا نرد شيئاً منها، ونصفه بما وصف به نفسه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنعت ، ولا نعلم كيفية كنه ذلك". فإن نفيه لرد شيء منها، ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.
3 - وجوب الإيمان بالقرآن كله محكمه ، وهو ما اتضح معناه ، ومتشابه وهو ما أشكل معناه ، فنرد المتشابه إلى المحكم ليتضح معناه ، فإن لم يتضح وجب الإيمان به لفظاً ، وتفويض معناه إلى الله تعالى.
انتهى كلامه رحمه الله .
وقد سئل شيخنا رحمه الله :
هل آيات الصفات من الـمُحكَم أو من المتشابه ؟
فقال رحمه الله : هي من الـمُحكَم ؛ لأنها معلومة المعنى .اهـ .

وعامة النصوص المنقولة عن السلف فيها إثبات المعاني
وقد نقلت لك طرفا منها سابقا
أعيده هنا :
روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال : سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث ، فقال : أمرُّوها كما جاءت .
وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات ، فقالوا : أمروها كما جاءت ، وفي رواية ، فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف . وكذاك قال الشافعي حكاه عنه البيهقي .
وقال ابن جرير الطبري (1/192) وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) علا عليهن وارتفع ، فدبّـرهن بقدرته ، وخلقهن سبع سماوات .
وأزيد عليه هنا :
سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : الاستواء معقول ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للإمام اللالكائي ( 3/527 )
وربيعة هذا هو شيخ الإمام مالك ، وهذه الكلمة اشترت عن الإمام مالك رحمه الله .
حيث سُئل رحمه الله : ( الرحمن على العرش استوى )

قال ابن عبد البر المالكي ( الاستذكار ( 2/529 ) :
وقد روي عن عبد الله بن نافع عن مالك نحو ذلك . قال سُئل مالك عن قول الله عز وجل : ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟
فقال استواؤه معلوم وكيفيته مجهولة ، وسؤالك عن هذا بدعة ، وأراك رجل سوء .
فما هو المعقول والمعلوم من الاستواء ؟
قال ابن القيم ( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 2/426) :
وكذلك قولنا في وجْهِه تبارك وتعالى ويديه وسمعه وبصره وكلامه واستوائه ولا يمنعنا ذلك أن نفهم المراد من تلك الصفات وحقائقها كما لم يمنع ذلك من أثبت لله شيئا من صفات الكمال من فهم معنى الصفة وتحقيقها فإن من أثبت له سبحانه السمع والبصر أثبتهما حقيقة وفهم معناهما فهكذا سائر صفاته المقدسة يجب أن تجري هذا الْمَجْرَى ، وإن كان لا سبيل لنا إلى معرفة كنهها وكيفيتها فإن الله سبحانه لم يكلف عباده بذلك ، ولا أراده منهم ، ولم يجعل لهم إليه سبيلا ، بل كثير من مخلوقاته أو أكثرها لم يجعل لهم سبيلا إلى معرفة كنهه وكيفيته ، وهذه أرواحهم التي هي أدنى إليهم من كل دانٍ قد حُجِب عنهم معرفة كنهها وكيفيتها ، وجعل لهم السبيل إلى معرفتها والتمييز بينها وبين أرواح البهائم . وقد أخبرنا سبحانه عن تفاصيل يوم القيامة وما في الجنة والنار فقَامَتْ حقائق ذلك في قلوب أهل الإيمان وشاهدته عقولهم ولم يعرِفُوا كيفيته وكنهه ، فلا يشك المسلمون أن في الجنة أنهارا من خمر وأنهارا من عسل وأنهارا من لبن ، ولكن لا يعرفون كُنه ذلك ومادته وكيفيته ، إذ كانوا لا يعرفون في الدنيا الخمر إلا ما اعتصر من الأعناب ، والعسل إلا ما قَذَفَتْ به النحل في بيوتها ، واللبن إلا ما خرج من الضروع ، والحرير إلا ما خرج من فَمِ دُود القـزّ ، وقد فهموا معاني ذلك في الجنة من غير أن يكون مماثلا لما في الدنيا ، كما قال ابن عباس : ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء . ولم يمنعهم عدم النظير في الدنيا من فَهْمِ ما أُخبِروا به من ذلك ، فهكذا الأسماء والصفات لم يمنعهم انتفاء نظيرها في الدنيا ومثالها من فهم حقائقها ومعانيها ، بل قام بِقُلوبهم معرفة حقائقها وانتفاء التمثيل والتشبيه عنها ، وهذا هو المثل الأعلى الذي أثبته سبحانه لنفسه في ثلاثة مواضع من القرآن . انتهى .

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية ( 129) :
وكذلك مسالة الصفة هل هي زائدة على الذات أم لا ؟ لفظها مجمل وكذلك لفظ الغير فيه إجمال ، فقد يُراد به ما ليس هو إياه ، وقد يراد به ما جاز مفارقته له .
ولهذا كان أئمة السنة رحمهم الله تعالى لا يطلقون على صفات الله وكلامه أنه غيره ، ولا أنه ليس غيره ؛ لأن اطلاق الإثبات قد يشعر أن ذلك مُباين له ، وإطلاق النفي قد يشعر بأنه هُو هُو إذا كان لفظ الغير فيه إجمال ، فلا يُطلق إلا مع البيان والتفصيل ، فإن أريد به أن هناك ذاتاً مجرَّدة قائمة بنفسها منفصلة عن الصفات الزائدة عليها فهذا غير صحيح ، وإن أريد به أن الصفات زائدة على الذات التي يفهم من معناها غير ما يفهم من معنى الصفة فهذا حق ، ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن الصفات ، بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها لا تنفصل عنها . اهـ .

تنبيه :
الإمام أبو عبد الله القرطبي ( صاحب التفسير الكبير المسمى " الجامع لأحكام القرآن " ) أشعري المعتقد
فإذا نقلت منه مسائل الاعتقاد فكن على ذِكر من ذلك .

والسؤال المهم :

هل خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما يفهمون معناه أوْ بما لا يفهمون معناه ؟
فإن قيل : نعم ، وهو الصحيح فهو خاطبهم بـ ( اليد والساق والأصبع والوجه ) وغيرها من صفات الله .
وهم عرب أقحاح
يفهمون من هذه الكلمات ما تدلّ عليه .
وإن قال : لا ، لم يُخاطِبهم بما يفهمون .
قيل له : لا يُمكن تصوّر هذا من أفصح العرب
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلّم بكلام غير مفيد ، بل أُوتي جوامع الكلِم عليه الصلاة والسلام .
ومعلوم أن المشركين كانوا يستمعون إلى كلامه عليه الصلاة والسلام ، ويتربّصون به ، ومع ذلك يقفون أمام كلامه موقف المتحيّر من جماله وبيانه ، ولم يقُل أحد منهم إنك تكلّمت بما لا يُفهم معناه !
وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالصفات ، وهي مما يُعلم معناه قطعـاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر قول ربيعة بن عبد الرحمن وتلميذه الإمام مالك :
فقول ربيعة ومالك الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب - موافق لقول الباقين أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف ، فإنما نَـفَـوا علم الكيفية ولم يَنفُوا حقيقة الصِّـفة ، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرَّد من غير فهم لِمَعناه على ما يليق بالله لما قالوا الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ، ولما قالوا أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف ، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنـزلة حروف المعجم ، وأيضا فانه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى ، وإنما يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا أُثبتت الصفات ، وأيضا فان من يَنفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقا لا يحتاج إلى أن يقول بلا كيف ، فمن قال : إن الله ليس على العرش ، لا يحتاج أن يقول بلا كيف ، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف ، وأيضا فقولهم : أمِرُّوها كما جاءت يقتضى إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معاني ، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يُقال أمِرُّوا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد ، أو أمِرُّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلّت عليه حقيقة ، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرّت كما جاءت ، ولا يقال حينئذ بلا كيف ، إذ نفي الكيف عمّـا ليس بثابت لغو من القول . اهـ .

وقال أيضا :
قال أبو عمر بن عبد البر : أهل السنة مُجمِعُون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يُكيِّفون شيئا من ذلك ولا يَحدّون فيه صفة محصورة ، وأما أهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم يُنكرونها ولا يحملون شيئا منها على الحقيقة . اهـ .

وقال ابن القيم رحمه الله :
فإن قيل وكيف خوطبوا بما لا يفهمون ولا يستعملون ؟
قلنا : ليس الأمر كذلك بل كان معناها مفهوما عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم ، ولذلك لم يَستفتِ واحد من المؤمنين عن معناها ، ولا خافَ على نفسه توهِّم التشبيه ، ولا احتاج إلى شرح وتنبيه ، وكذلك الكفار لو كان عندهم لا تعقل إلا في الجارحة لتعلقوا بها في دعوى التناقض ، واحتجوا بها على الرسول ، ولقالوا له : زعمت أن الله تعالى ليس كمثله شيء ، ثم تُخبِر أن له يداً كأيدينا ، وعَينا كأعينا ؟ ولما لم ينقل ذلك عن مؤمن ولا كافر عُلم أن الأمر كان فيها عندهم جليا لا خفيا . اهـ .

وقال الإمام الذهبي أن ذكر قول ربيعة بن عبد الرحمن وتلميذه الإمام مالك :
وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها ، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه ، وأنه كما يليق به لا نتعمق ولا نتحذلق ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا ولا إثباتا ، بل نسكت ونقف كما وقف السلف ، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون ، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه ، ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته ولا في استوائه ولا في نزوله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا . اهـ .



ثم رد الأخ :

تأويل الإمام العثيمين لقول الإمام أحمد ( وقوله: ولا معنى
أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف ، فإن هذا ثابت ، ويدل على هذا قوله: "ولا نرد شيئاً منها، ونصفه بما وصف به نفسه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنعت ، ولا نعلم كيفية كنه ذلك". فإن نفيه لرد شيء منها، ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.) أراه بعيدا ، فقول الإمام أحمد صريح بنفي معرفة المعنى التفصيلي - أي القول بالتفويض


فأجبته :



أقول :
ليس بعيدا
فنصوص الإمام أحمد كلها تدلّ على أنه يقول بالمعنى ولا يُفوِّضه
ويجب حمل نصوص الإمام المجملة على المفصَّلة
قال الإمام أحمد :
إنما التشبيه أن يقول : ( يَـدٌ كَيَـد ) أو ( وجـه كَوَجْه ) فأما إثبات ( يـد ) ليست كالأيادي ، ووجه ليس كالوجوه فهو كإثبات ذات ليست كالذّوات ، وحياة ليست كغيرها من الحياة ، وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار ، وهو سبحانه موصوف بصفات الكمال ، مُنـزّه عن كل عيب ونقص.
وقال الإمام أحمد أيضا في الرد على الزنادقة والجهمية :
قوله : ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) ومن الاعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صافٍ وفيه شراب صافٍ كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم القدح ، فالله - وله المثل الأعلى - قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه .
ولكلامه بقية وزيادة تُنظر في كتاب السُّـنة لعبد الله بن الإمام أحمد .



فرَدّ الأخ :

أما إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد خاطبنا بما نفهم فهو كلام حق وفيه تفصيل لكل آية أو حديث آحاد
لا يحق لأحد أن يأخذ لفظة وردت في آية أو حديث ويحدد لها معنى من بين المعاني التي وضعت لها في اللغة ويقول هذا هو المعنى فقط وما سواه تأويل



فأجبته أيضا :

قد نقلت لك الإجماع عن أكثر من إمام على أن أهل السنة يثبتون لله

الصفات مع إثبات المعاني
قال أبو عمر بن عبد البر : أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز .
وقال الإمام الذهبي في كتاب " العلوّ " :
وهو قول أهل السنة قاطبة أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها ، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه .
وقال أيضا : قال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثني أحمد بن نصر قال : سألت سفيان بن عيينة وأنا في منـزله بعد العتمة ، فجعلت أُلِحّ عليه في المسألة ، فقال : دعني أتنفس ! فقلت : كيف حديث عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يحمل السموات على إصبع والأرضين على إصبع ، وحديث : إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، وحديث : إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق ، فقال سفيان : هي كما جاءت نُقِـرّ بها ونُحدِّث بها بلا كيف .
وقول شيخ الإسلام ابن تيمية في المعاني وتليذه ابن القيم
وأزيد هنا :
قال عبد الله بن أحمد في كتاب السنة : حدثني أحمد بن إبراهيم سمعت وكيعا يقول : نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول : كيف كذا ؟ ولا : لِمَ كذا ، يعني مثل حديث ابن مسعود : " إن الله عز وجل يحمل السموات على أصبع والجبال على أصبع .. " وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن " ونحوها من الأحاديث .
وروى عبد الله بن أحمد بإسناده عن عباد بن العوام قال : قدم علينا شَريك ، فسألناه عن الحديث " إن الله ينـزل ليلة النصف من شعبان " قلنا : إن قوما يُنكرون هذه الأحاديث . قال : فما يقولون ؟ قلنا : يَطعنون فيها ، فقال : إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن ، وبأن الصلوات خمس ، وبحج البيت ، وبصوم رمضان ، فما نَعرِف الله إلا بهذه الأحاديث .

وروى عبد الله بن أحمد أيضا عن أبيه فقال : وقال أبي رحمه الله : حديث ابن مسعود رضي الله عنه " إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كَجَرّ السلسلة على الصفوان " قال أبي : وهذا الجهمية تنكره .
وقال أيضا :
وقال أبي : هؤلاء كفار يريدون أن يُمَوِّهُوا على الناس ، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر ، ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت .
وإن كنت تريد الحق في هذه المسألة فهذه كُتب أئمة السنة

كتاب شرح أصول أهل السنة للإمام اللالكائي
كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ففيه مزيد تفصيل وبيان شافٍ كافٍ
وكتاب السنة للخلال
وكتاب العلو للذهبي

وسائر كُتب اعتقاد السلف لا يُوجَد فيها نص واحد فيه إن معنى الساق أو اليد أو الوجـه أو الاستواء أو غيرها من الصفات هي مُجرّد كلمات لا تُـفهم معانيها أو هي كالرموز !
وأما حمل الكلام على معنى له في اللغة ، فإذا كان هو المعنى المتبادِر ولم يسأل عنه السامع وفهمه كما هو فهذا ما يقتضيه البلاغ المبين
فإما أن يكون الرسول خاطبهم بما يفهمون وفهموا وسكتوا ولم يَستفصِلوا ، فيكون قد بلّغ البلاغ المبين
وإما أنه خاطبهم بما لا يفهمون ، وهذا لا يقول به عاقل فضلا عن مسلم .
وإما أن يكون خاطبهم بكلام محتمل لأوجه متعددة ، ولم يُبيّن لهم أي الوجوه أراد فهذا يقتضي التقصير في البلاغ .
وهذا لا يقول به مسلم أيضا .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد

أم سلمة.
2011-01-29, 20:19
سئل الإمام مالك بن أنس:

ما معنى : الرحمن على العرش إستوى؟

فقال: الإستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة

و هذه قاعدة عظيمة في الأسماء و الصفات التي وردت في القرآن و صحيح السنة النبوية

أما التفويظ أو التعطيل الذي ينتهجه الجهمية و أتباعهم أو التأويل الذي ينتهجه الأشاعرة و الماتريدية و أتباعهم من أهل البدع فليس بعقيدة السلف رضي الله عنهم لا الصحابة و لا التابعين و لا أتباع التابعين لم ينقل على أي من أئمة اهل السنة، بل المنقول عليهم هو التشنيع على من إبتدع فأول الصفات و تكفير من شبهها بصفات المخلوقين أو عطلها كما هو فعل الجعمية و غيرهم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (المشبه يعبد صنما و المعطل يعبد عدما)

أما الأشاعرة فأرادوا التوسط بين أهل السنة و الجهمية فأحدثوا تأويلات باطلة أذهبت نور القرآن و السنة و كانت من أشنع الابدع العقيدية التافهة التي لا يؤمن بها إلآ مقلد جاهل بعقيدة السلف أو عدو للدين متفلسف

جرح أليم
2011-01-31, 14:26
بسم الله الرحمن الرحيم


السائل: من مذهب السلف في باب الصفات، فهم المعنى وتفويض الكيف،
والسؤال هنا: كيف يُفهم المعنى؟ هل يُفهم بلازم الصفة؟
فمثلا صفة اليد يُفهم معناها من خلال اللازم من كونها يدا وهو أنها تقبض وتبسط وتطوي، ومن صفة القدم أنها يوطأ بها، أم أنه لا يفهم ذلك باللازم؟
فإن لم يُفهم المعنى باللازم فيكف يفهم؟ أبلغة العرب التي قد لا نجد معنىً واضحا في قواميسها، كأن يُقال مثلا في معنى اليد: اليد معروفة، أو تُفسر بما لا يمكن أن يكون معنىً لصفة من صفات الله تبارك وتعالى، كأن يُقال في اليد: هي الجارحة المعروفة.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:
فأرحب بالإخوة من أحبابنا من الإمارات، ولاشك أن التواصل العلمي والدعوي بين المهتمين بالمنهج السلفي أصل من الأصول؛ لأنه يحصل بهذا التواصل من الخيرات الدينية والعلمية ما لا يدخل تحت حصر.

وطالب العلم عموما يحصل له في مسيره العلمي كثير من المشكلات، وفهم المشكل علم كما نص عليه القرافي في الفروق في أحد المسائل التي عرض لها قال فيها: (وحظي منها معرفة الإشكال؛ إذ معرفة الإشكال نوع من العلم). وهذا صحيح لأنهم الذي علم هو الذي يستشكل.
والمقصود به الاستشكالات المهمة، أما استشكالات الطلبة والدارسين، الاستشكالات المعروفة المدرسية، فهذه ليست هي المقصودة، ولكن استشكالات التحرير تحرير المسائل، استشكالات وزن الأقوال، هذا لاشك أنه من العلم.

فهذه المسالة التي ذكرتها هي من هذا القبيل، فإنها مما يُشكل ويستشكله كثير على مذهب السلف، ما المقصود بإثبات الصفة وتفويض الكيفية، والسلف لم يعبروا بإثبات المعنى كما عبّرت في السؤال، وإنما كان مذهبهم الإيمان بظاهر النصوص وأن لا يتجاوزوا القرآن والحديث فيها، وأن يكون هذا الإيمان إيمان في الصفات، إيمان بإثبات الصفة إثباتا مع قطع الطمع في إدراك الكيفية.

فيكون معنى ذلك أن السلف يثبتون الصفات وهذا الإثبات هو إثبات معنى لا إثبات كيفية للصفة.

وإثبات المعنى معناه أن الصفات الذاتية أو الصفات الفعلية للرب جل جلاله وتقدست أسماؤه، هذه الصفات لها معاني مختلفة، فليس معنى صفة الوجه هو معنى صفة اليد أو اليدين لله جل وعلا، وليس معنى صفة النزول هو معنى صفة الاستواء، وليس معنى صفة الاستواء هو معنى صفة الرحمة، وليس معنى صفة الرحمة هو معنى صفة الإرادة، وليس معنى صفة الغضب هو معنى صفةالانتقام، وهكذا... فهذه الصفات التي وصف الله جل وعلا بها نفسه أو وصفه بها رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تختلف، لـمَّا اختلفت ألفاظها اختلف صفات الله جل وعلا بها، بمعنى أنَّ كلَّ صفة تُثبَت كما وردت.

فمن ذلك صفة الوجه لله جل جلاله كما في قوله: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾[الرحمن:27]، وكما في قوله جل وعلا: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ﴾[البقرة:115]، عند من قال إنها من آيات الصفات، ونحو ذلك مما فيه إثبات هذه الصفة الجليلة. ويدل عليه من السنة قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سَبُحَات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» والأدلة في إثبات هذه الصفات كثيرة معروفة.

فالوجه نقول فيه: إن الوجه معروف في اللغة، أو معروف عند الناس، والمعروف هو المعنى الكلي لا المعنى الإضافي؛ لأن الصفات بعامة -ليس المقصود صفات الله جل وعلا- ما يحصل في الناس أو في الخليقة في اللغات كها ثَم معاني كلية وثَم معاني إضافية، المعاني الكلية هذه ليست موجودة في الواقع؛ لكنها موجودة في اللغة موجودة في الإدراك؛ لكن المعاني الإضافية هذه هي التي تُدرك لأنّها رُئيت أو عُرفت إلى آخره، إذا نظرت مثلا لصفة الوجه بعامة، فإن كل أحد يسمع كلمة وجه، يُدرك المعنى الكلي له أنه صفة شريفة تحصل بها المواجهة، وأنها أشرف ما في الموجود ونحو ذلك، مما يكون بعامة يعني يحصل له معرفة للوجه يتصور الوجه هو شيء معين؛ يعني من حيث المعنى الكلي، إذا جاء غلى المعنى الإضافي، فإنه إذا قيل له وجه لا بد يُحدَّد هل هو وجه إنسان يتصور وجه الإنسان على نحو ما رأى، وجه حمار على وجه ما رأى، وجه عصفور فيتصوره على نحو ما رأى، ووجه كذا وكذا فيتصوره على نحو ما رأى.

لهذا، المعنى الكلي هو الذي يثبت في الصفات؛ لأن المعنى الإضافي لا ندركه، المعنى الإضافي لا يدرك، وهذا المعنى الكلي ليس شرطا أن يكون موجدا في اللغة، لماذا؟ لأن كتب اللغة معنية ببيان الاضافيات لا ببيان الكليات، وقليل منها من يذكر أحيانا المعنى الكلي.
ممن يذكر المعاني الكلي ابن فارس في مقاييس اللغة، ويذكرها وتارة يغلب عليه النظر في الإضافي؛ ولكن كثير يذكر المعنى الكلي.

إذا تقرر هذا، فإذن لا نقول إن هذه الصفات إثبات المعنى فيها هو إثبات هو إثبات للازمها، وإنما نقول إثبات الصفة هو إمرارها كما جاءت على ظاهرها ولا نقول إن الوجه معناه كذا أو ينطبع في ذهني أن الوجه معناه كذا، إنما نقول الوجه لله جل وعلا صفة وهو غير صفة اليدين، إذا جاء في النصوص تفسير لآثار الوجه أو لعمل اليدين، مثل ما قلت في اليدين يقبض يبسط، يخفض ويرفع، بيده اليمنى القسط وبيده الأخرى كذا، مثل ما جاء في النصوص نمرها كما جاءت؛ ولكن لا تفسر بلازمها.

وعدم التفسير باللازم لأجل أن لا يفضي إلى محظورين:
المحظور الأول: أن تفسيرها باللازم يُذهب الكلية اللغوية، والكلية اللغوية هي الإمرار كما جاءت، والتفسير باللازم لاشك أنه سيفضي أنك تفسرها باللازم عند البشر، مثل ما قلت في القدم في السؤال هي التي يوطأ بها، القدم سميت بذلك لأنها هي التي تتقدم ما عند الانتقال هي التي تتقدم؛ ولكن هذا أيضا يدخل فيه الحس الإضافي.

ولذلك نقول إن إثبات الصفات إثبات كما جاءت، والمهم فيها كوننا ما نقول أننا نفوض المعنى، إثبات المعنى معناه الإيقان بأن الوجه غير اليدين، واليدين غير القدم، والقدم غير الساق، والعينان غير السمع، والبصر غير السمع وغير الكلام، الرحمة غير الإرادة، الغضب غير الرضا، الغضب غير إرادة الانتقام، وهكذا... كل صفة مستقلة بمعنى من المعاني لا يُفسَّر، الغضب غير الرضا معروف يعني تدركه أنت أنه غضب؛ لكن قد يكون إدراك الإنسان له إدراك بآثاره؛ لكن هو يتصور أن الغضب غير الرضا، لكن هو الغضب على حقيقته في الله جلَّ وعلا لا يتصوره، لكنه يتصور الأثر فيما يعرف، فينطبع في ذهنه شيئان: الأمر الأول أن الغضب صفة غير الرضا لاشك بالمقابل لها تماما. الثاني أن آثار الغضب يحذرها ويخافه.

فإذن إثبات الصفة هنا إثبات وجود وإثبات تمايز وتغاير بينها وبين الصفات الأخرى دون إثبات للوازم إلا إذا وردت النصوص.


السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ، الذي منعنا من مسألة الاضافة، الاضافة المعينة، أنها جزء من الحقيقة...
الشيخ: المعنى الاضافي
السائل: المعنى الاضافي، نعلم أنه جزء من الحقيقة
الشيخ: إيش معناه أنه جزء من الحقيقة؟
السائل: أنه يعني نفوض الحقيقة أو الكيف
الشيخ: ما نفوض المعنى؛ لكن نفوض حقيقة الكيفية أما حقيقة اللفظ أو المعنى ما نفوضها.



المصدر: شريط بعنوان: "جلسة في بيت الشيخ"، "سؤالات العبدان" لفضيلة الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى

ابوزيدالجزائري
2011-01-31, 15:56
بارك الله فيكم على هذه التقريرات الطيبة .
ان مذهب السلف كما حكى ذلك المحققون من علماء الأمة كالصابوني أبوعثمان في(عقيدة السلف)و المقريزي و الشوكاني و ابن تيمية وابن القيم و غيرهم هو اثبات المعنى و تفويض الكيفية.
و أما تفويض المعنى والكيفية الذي يقول به بعض الأشاعرة فهو مذهب الخلف ،وهو مذهب فاسد يلزم منه أن الله سبحانه خاطبنا بكلام غير مفهوم -سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم-كيف و قد أنزل الكتاب بلسان عربي مبين،و أن النبي قصر في أداء الأمانة فلم يبين لنا أن ظواهر النصوص غير مرادة -أللهم غفرا-كيف و هو الذي بين لأمته حتى أداب قضاء الحاجة ،ويلزم عن هذا المذهب تجهيل السلف الطيب الذين هم خير القرون و ذلك أن الخلف أدركوا معاني النصوص فأولوها و أما السلف فلم يفهموا هذه النصوص -نعوذ بالله من الخذلان-وقد صرح بعض كبرائهم بهذا فقال (مذهب السلف أسلم و مذهب الخلف أعلم و أحكم)وكيف لا يكون الأسلم أعلم و أحكم ...لا أدري هذه هي السفسطة باليونانية و الهذيان بالعربية.
و يلزم أيضا على هذا المذهب أن ظواهر الكتاب و السنة من ظواهر الكفر كما صرح بذلك الصاوي من علمائهم.
....وعلى كل فمذهب التفويض مذهب باطل عاطل يؤدي الى لوازم فاسدة ،واعذروني على عدم استطاعتي مواصلة التعليق فقد أدركني وقت صلاة العصر ولعل لي عودة ،وداعا و السلام.