أبو إسحاق
2007-06-15, 09:07
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التقِييدُ والإيضَاح لقولهم :
(لا مُشاحّة في الاصْطِلاح )
بقلم :أبي عبد الرحمن
محمد الثاني بن عمر بن موسى
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:102).
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي يتساءلون بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ (النساء:1) .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ (الأحزاب:70-71). أما بعد:
فقد تعارف أهل العلم علي استخدام مصطلحات معينة، لأغراض مختلفة، وفي مجالات متنوعة من العلوم والمعارف، وهي علي نوعين:
النوع الأول: الألفاظ الموضوعة من قبل الشارع، كلفظ الصلاة، والزكاة والصيام والحج وغير ذلك.
وهذا حكمه بقاؤه عليم من هو عليه، ولا يجوز لمتكلم في هذه الأمور تغييرها أو تبديل أخرى بها.
النوع الثاني: مصطلحات وضعت لتقريب فن من الفنون، أو لتوضيحه وتيسير الحصول علي مطالبه، وهذا النوع علي قسمين:
القسم الأول: ما لم يقصد من وضعه إلا ما ذكر؛ من تقريب معاني العلوم وتيسيرها، كما هو الشأن في أكثر المصطلحات الموجودة في الكتب الإسلامية.
وهذا حكمه جواز استعماله فيما وضع له خاصة، ولا يتعدى ذلك إلي حمل معاني النصوص الشرعية عليه، أو تنزيل كلام الأئمة المتقدمين علي مقتضاه ما لم يكن ذلك مرادهم.
القسم الثانى: ما قصد به معني باطل؛ كصرف النصوص الشرعية عن ظواهرها، وتعطيلها من معانيها الحقيقية، أو ردها بالجملة وإبطال القول بموجبها.
وهذا القسم موفور في الكتب الكلامية الفلسفية، كما يوجد في كتب المتصوفة، وقد يوجد نوع من منه في الفقهاء والأصوليين.
وهذا القسم قد يكون مصطلحاً موضوعاً بمبناه ومعناه، وقد يكون بوضع معان معينة بإزاء ألفاظ شرعية تعرف عند علماء السلف بمعانيها الحقيقية، فيوضع لها معنى مغاير لذلك المعني الشرعي. وهذا حكمه المنع والحظر.
يقول العلامة البقاعي في كتابه (( صواب الجواب )) ( )
(( ولا يحل لأحد أن يصطلح علي كلمات الدين و الشريعة فيضعها بإزاء معاني الكفر، ولا العكس للعكس، ولا أن يقصد كلمات فيها نقص فيضعها لله سبحانه وتعالي بالإجماع ))
وقد شاع في كتب أهل العلم قاعدة: ( لا مشاحة في الاصطلاح) وهي قاعدة لابد من بيان حدودها وتخصيص عمومها ونقض اطرادها. ومعروف أنه ليس كل مصطلح مقبولاً إلا بحجة؛ كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة ( أبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي )
(ت340هـ): (( وكان بن الأعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئاً من اصطلاحاتهم إلا بحجة )) ( ) وقد وضع بعضهم هذه القاعدة فى غير موضعها، وسوغ كل ما يشار إليه بأنه اصطلاح؛ ولو كان يتضمن فساداً ظاهراً؛ إذ إن لبعض الاصطلاحات جناية على الشريعة.
كما حمل بعضهم بعض النصوص الشرعية؛ من الكتاب والسنة على مصطلحات حادثة، فوقعوا بسبب ذلك في غلط عظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: ((ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل علي اصطلاح حادث، فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها)) ( )
وقد كتب الشيخ د. بكر عبد الله أبو زيد رسالة أسماها: ( المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغة ) تحدث فيها عن ضرورة الالتزام بالمصطلحات الشرعية في جميع ما يحدث في العلوم والحياة، وتجنب كل مصطلح غريب وافد على الأمة الإسلامية، لما في ذلك التمسك به من التجني على الشرع واللغة الفصحى في كثير من الأحيان. وقد أشار ـ باقتضاب ـ إلى نقض كلية القاعدة المذكورة ( ).
كما كتب الشيخ د. محمد عمر باز مول رسالته التي بعنوان: ) الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية ) تناول فيها عدداً من الألفاظ الشرعية التي شاع استعمالها لدى المتأخرين بخلاف ما هو في الكتاب والسنة وعند سلف الأمة.
ولقد رأيت ضرورة إبراز ما يمكن أن يكون بياناً وإيضاحاً للقاعدة المذكورة، وضبطاً لمسارها الصحيح، فرقمت هذه الرسالة الصغيرة، جامعاً فيها أطراف كلام الأئمة مما له تعلق بالموضوع، ومقسماً إياها إلي عناوين توضح المراد وتقرب المطلوب، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، إنه قريب مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب :
أبو عبد الرحمن
محمد الثاني بن عمر بن موسى
29/8 / 1420هـ ، 8/ 12/ 1999م
المدينة النبوية
تكملة الملف على الرابط التالي :
http://www.geocities.com/starsat_info/djelfa/mestalah.doc
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التقِييدُ والإيضَاح لقولهم :
(لا مُشاحّة في الاصْطِلاح )
بقلم :أبي عبد الرحمن
محمد الثاني بن عمر بن موسى
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:102).
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي يتساءلون بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ (النساء:1) .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ (الأحزاب:70-71). أما بعد:
فقد تعارف أهل العلم علي استخدام مصطلحات معينة، لأغراض مختلفة، وفي مجالات متنوعة من العلوم والمعارف، وهي علي نوعين:
النوع الأول: الألفاظ الموضوعة من قبل الشارع، كلفظ الصلاة، والزكاة والصيام والحج وغير ذلك.
وهذا حكمه بقاؤه عليم من هو عليه، ولا يجوز لمتكلم في هذه الأمور تغييرها أو تبديل أخرى بها.
النوع الثاني: مصطلحات وضعت لتقريب فن من الفنون، أو لتوضيحه وتيسير الحصول علي مطالبه، وهذا النوع علي قسمين:
القسم الأول: ما لم يقصد من وضعه إلا ما ذكر؛ من تقريب معاني العلوم وتيسيرها، كما هو الشأن في أكثر المصطلحات الموجودة في الكتب الإسلامية.
وهذا حكمه جواز استعماله فيما وضع له خاصة، ولا يتعدى ذلك إلي حمل معاني النصوص الشرعية عليه، أو تنزيل كلام الأئمة المتقدمين علي مقتضاه ما لم يكن ذلك مرادهم.
القسم الثانى: ما قصد به معني باطل؛ كصرف النصوص الشرعية عن ظواهرها، وتعطيلها من معانيها الحقيقية، أو ردها بالجملة وإبطال القول بموجبها.
وهذا القسم موفور في الكتب الكلامية الفلسفية، كما يوجد في كتب المتصوفة، وقد يوجد نوع من منه في الفقهاء والأصوليين.
وهذا القسم قد يكون مصطلحاً موضوعاً بمبناه ومعناه، وقد يكون بوضع معان معينة بإزاء ألفاظ شرعية تعرف عند علماء السلف بمعانيها الحقيقية، فيوضع لها معنى مغاير لذلك المعني الشرعي. وهذا حكمه المنع والحظر.
يقول العلامة البقاعي في كتابه (( صواب الجواب )) ( )
(( ولا يحل لأحد أن يصطلح علي كلمات الدين و الشريعة فيضعها بإزاء معاني الكفر، ولا العكس للعكس، ولا أن يقصد كلمات فيها نقص فيضعها لله سبحانه وتعالي بالإجماع ))
وقد شاع في كتب أهل العلم قاعدة: ( لا مشاحة في الاصطلاح) وهي قاعدة لابد من بيان حدودها وتخصيص عمومها ونقض اطرادها. ومعروف أنه ليس كل مصطلح مقبولاً إلا بحجة؛ كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة ( أبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي )
(ت340هـ): (( وكان بن الأعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئاً من اصطلاحاتهم إلا بحجة )) ( ) وقد وضع بعضهم هذه القاعدة فى غير موضعها، وسوغ كل ما يشار إليه بأنه اصطلاح؛ ولو كان يتضمن فساداً ظاهراً؛ إذ إن لبعض الاصطلاحات جناية على الشريعة.
كما حمل بعضهم بعض النصوص الشرعية؛ من الكتاب والسنة على مصطلحات حادثة، فوقعوا بسبب ذلك في غلط عظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: ((ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل علي اصطلاح حادث، فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها)) ( )
وقد كتب الشيخ د. بكر عبد الله أبو زيد رسالة أسماها: ( المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغة ) تحدث فيها عن ضرورة الالتزام بالمصطلحات الشرعية في جميع ما يحدث في العلوم والحياة، وتجنب كل مصطلح غريب وافد على الأمة الإسلامية، لما في ذلك التمسك به من التجني على الشرع واللغة الفصحى في كثير من الأحيان. وقد أشار ـ باقتضاب ـ إلى نقض كلية القاعدة المذكورة ( ).
كما كتب الشيخ د. محمد عمر باز مول رسالته التي بعنوان: ) الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية ) تناول فيها عدداً من الألفاظ الشرعية التي شاع استعمالها لدى المتأخرين بخلاف ما هو في الكتاب والسنة وعند سلف الأمة.
ولقد رأيت ضرورة إبراز ما يمكن أن يكون بياناً وإيضاحاً للقاعدة المذكورة، وضبطاً لمسارها الصحيح، فرقمت هذه الرسالة الصغيرة، جامعاً فيها أطراف كلام الأئمة مما له تعلق بالموضوع، ومقسماً إياها إلي عناوين توضح المراد وتقرب المطلوب، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، إنه قريب مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب :
أبو عبد الرحمن
محمد الثاني بن عمر بن موسى
29/8 / 1420هـ ، 8/ 12/ 1999م
المدينة النبوية
تكملة الملف على الرابط التالي :
http://www.geocities.com/starsat_info/djelfa/mestalah.doc