محــــــ النقاب بــــة
2011-01-25, 12:20
بسم الله الرحمن الرحيم
إن أدب وفقه الاختلاف المقرر والمعتمد عند العلماء يقضي بعدم الإنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد، وأصل هذا في القرآن الكريم قوله تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين. ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حُكماً وعلماً) (الأنبياء 87).
فتأمل هذا الأدب القرآني الرفيع وتأمل هذا التوجيه الإلهي البليغ نحو التزام هذا الأدب مع من خالف في اجتهادٍ ما ولو تبين خطأ اجتهاده أو تفويته للأكمل.
فالآية صوبت حكم سليمان عليه السلام ثم أثنت على داود وسليمان عليهما السلام بوصف الحكم والعلم، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (لا يُصليَّن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم) (صحيح البخاري).
وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يَعِب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) (صحيح البخاري).
هذا هو أدب القرآن والسنة ومنهج الصحابة المأمور بالتأسي والاقتداء بهم.
ولكن من منسوبي العلم اليوم من يأبى إلا أن يشن الغارة على إخوانه المسلمين ليسفه من عقولهم ويضع من قيمة اجتهادهم ويأنف من التزام أدب القرآن والسنة في التعامل مع الاجتهاد المخالف.
بل وإن من هؤلاء من يبالغ في الإنكار بصيغٍ لا يستعملها مع أهل الكبائر والفسق مع إخوانهم.
وها قد طلع علينا نفر من هؤلاء يشنون الغارة على خمار المرأة المسلمة ونقابها ويشنعون على من تغطي وجهها ويعلقون كل تراكمات جهل وتخلف الأمة على ذلك.
بل وينسبون إلى بعض المسلمات التذرع بالنقاب إلى فعل الفاحشة، فقد وجدنا أن الأمر قد انفلت عند هؤلاء إلى الحد الذي لا بد فيه من الإنكار، وخلافاً لمنسوبي العلم هؤلاء فإن هذا الإنكار لن يكون على شاكلتهم، فهم ينكرون علينا أمراً سائغاً ليس بمحل إنكار وهو القول بوجوب تغطية وجه المرأة عن الأجانب.
وأما نحن فننكر عليهم هاهنا مخالفتهم أدب القرآن والسنة ونهج الصحابة الذين هم قدوة الأمة، وصدق القائل: "ما عاملت من عصى الله فيك بأشد من أن تطيع الله فيه".
بادئ ذي بدء أقول إن أمنا أم المؤمنين الطاهرة العفيفة الشريفة المبرأة من فوق سبع سماوات عائشة رضي الله عنها قد ذكرت: (أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجعن متلفعاتٍ بمروطهن لا يعرفهن أحد) وفي رواية: (مِن الغَلَس) (صحيح البخاري ومسلم واللفظ له)..
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (قال الأصمعي: التلفُّع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، وفي شرح الموطأ لابن حبيب: التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه) (فتح الباري).
وعن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: (لما نزلت {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (النور 31) أخذن أُزرهن فشققنهن من قِبل الحواشي فاختمرن بها) (صحيح البخاري).
وإذا أردت أيها المسلم أن تعلم مقصود أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالاختمار فتأمل حديثها في حادثة الإفك، وفيه عنها رضي الله عنها: (... فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني مِن وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسانٍ نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه) (صحيح البخاري).
قال الحافظ ابن حجر: (قوله - أي الراوي- "فعرفني حين رآني" هذا يُشعر بأن وجهها انكشف لما نامت، لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها. قوله: "وكان يراني قبل الحجاب"؛ أي قبل نزول آية الحجاب).
وقال ابن حجر: ("فخمَّرت"؛ أي غطيت "وجهي بجلبابي"؛ أي الثوب الذي كان عليها) (فتح الباري شرح صحيح البخاري).
قلت: فهذا صريح واضح في تفسير المقصود بالحجاب والخمار وأنه يعني تغطية الوجه عن الأجنبي، وعائشة رضي الله عنها علقت الفعل بنزول آية الحجاب فدل على أن فعلها امتثال لأمر الشرع وليس من قبيل العادة والعرف كما يدعي بعض القوم كذباً وزوراً وبهتاناً، بل إن الحديث صريح في أن النساء كن يُعرَفن قبل الحجاب كما هو واضح.
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: (واعلم أن في حديث الإفك فوائد كثيرة)... ثم ذكر منها: (التاسعة عشرة: تغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي، سواء كان صالحا أو غيره) (صحيح مسلم بشرح النووي).
منقول /يتبع ان شاء الله /
إن أدب وفقه الاختلاف المقرر والمعتمد عند العلماء يقضي بعدم الإنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد، وأصل هذا في القرآن الكريم قوله تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين. ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حُكماً وعلماً) (الأنبياء 87).
فتأمل هذا الأدب القرآني الرفيع وتأمل هذا التوجيه الإلهي البليغ نحو التزام هذا الأدب مع من خالف في اجتهادٍ ما ولو تبين خطأ اجتهاده أو تفويته للأكمل.
فالآية صوبت حكم سليمان عليه السلام ثم أثنت على داود وسليمان عليهما السلام بوصف الحكم والعلم، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (لا يُصليَّن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم) (صحيح البخاري).
وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يَعِب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) (صحيح البخاري).
هذا هو أدب القرآن والسنة ومنهج الصحابة المأمور بالتأسي والاقتداء بهم.
ولكن من منسوبي العلم اليوم من يأبى إلا أن يشن الغارة على إخوانه المسلمين ليسفه من عقولهم ويضع من قيمة اجتهادهم ويأنف من التزام أدب القرآن والسنة في التعامل مع الاجتهاد المخالف.
بل وإن من هؤلاء من يبالغ في الإنكار بصيغٍ لا يستعملها مع أهل الكبائر والفسق مع إخوانهم.
وها قد طلع علينا نفر من هؤلاء يشنون الغارة على خمار المرأة المسلمة ونقابها ويشنعون على من تغطي وجهها ويعلقون كل تراكمات جهل وتخلف الأمة على ذلك.
بل وينسبون إلى بعض المسلمات التذرع بالنقاب إلى فعل الفاحشة، فقد وجدنا أن الأمر قد انفلت عند هؤلاء إلى الحد الذي لا بد فيه من الإنكار، وخلافاً لمنسوبي العلم هؤلاء فإن هذا الإنكار لن يكون على شاكلتهم، فهم ينكرون علينا أمراً سائغاً ليس بمحل إنكار وهو القول بوجوب تغطية وجه المرأة عن الأجانب.
وأما نحن فننكر عليهم هاهنا مخالفتهم أدب القرآن والسنة ونهج الصحابة الذين هم قدوة الأمة، وصدق القائل: "ما عاملت من عصى الله فيك بأشد من أن تطيع الله فيه".
بادئ ذي بدء أقول إن أمنا أم المؤمنين الطاهرة العفيفة الشريفة المبرأة من فوق سبع سماوات عائشة رضي الله عنها قد ذكرت: (أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجعن متلفعاتٍ بمروطهن لا يعرفهن أحد) وفي رواية: (مِن الغَلَس) (صحيح البخاري ومسلم واللفظ له)..
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (قال الأصمعي: التلفُّع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، وفي شرح الموطأ لابن حبيب: التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه) (فتح الباري).
وعن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: (لما نزلت {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (النور 31) أخذن أُزرهن فشققنهن من قِبل الحواشي فاختمرن بها) (صحيح البخاري).
وإذا أردت أيها المسلم أن تعلم مقصود أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالاختمار فتأمل حديثها في حادثة الإفك، وفيه عنها رضي الله عنها: (... فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني مِن وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسانٍ نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه) (صحيح البخاري).
قال الحافظ ابن حجر: (قوله - أي الراوي- "فعرفني حين رآني" هذا يُشعر بأن وجهها انكشف لما نامت، لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها. قوله: "وكان يراني قبل الحجاب"؛ أي قبل نزول آية الحجاب).
وقال ابن حجر: ("فخمَّرت"؛ أي غطيت "وجهي بجلبابي"؛ أي الثوب الذي كان عليها) (فتح الباري شرح صحيح البخاري).
قلت: فهذا صريح واضح في تفسير المقصود بالحجاب والخمار وأنه يعني تغطية الوجه عن الأجنبي، وعائشة رضي الله عنها علقت الفعل بنزول آية الحجاب فدل على أن فعلها امتثال لأمر الشرع وليس من قبيل العادة والعرف كما يدعي بعض القوم كذباً وزوراً وبهتاناً، بل إن الحديث صريح في أن النساء كن يُعرَفن قبل الحجاب كما هو واضح.
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: (واعلم أن في حديث الإفك فوائد كثيرة)... ثم ذكر منها: (التاسعة عشرة: تغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي، سواء كان صالحا أو غيره) (صحيح مسلم بشرح النووي).
منقول /يتبع ان شاء الله /