مشاهدة النسخة كاملة : المجلة القانونية
السلام عليكم
اما بعد..
بما ان منتدى الجامعة والبحث العلمي هو القسم الاهم وبدون منازع في منتدياتنا منتديات الجلفة ارتأيت ان اضيف افتراح بسيط انوه فيه الى ان قسم الحقوق بصفة خاصة يحتاج الى مجلة قانونيةشاملة لكل الاخبار والاحداث القانونية الجارية في الساحة الوطنية والعالمية
كما انها مجال يخط فيه القانونيون كل اقتراحاتهم ورؤياهم في هذا المجال والى الطلبة ايضا ليكون فضاءا لتجديد معارفهم والاستفادة منها
ارجو ان لا يعتبر الاخوةالمشرفون الموضوع تدخل في اختصاصاتهم ولتكن اقتراح بسيط او تجربة للقسم فقط من اجل اختبار مدى نجاح الفكرة ومساهمتها في الابداع في هذا المنتدى ولكسر روتين تبادل البحوث والقضايا فقط
اتمنى ان تلاقي الفكرة اعجاب مرتادي منتديات الجلفة ويتلقى الموضوع حقه من المساهمات
تحياتي للجميع
والله هي فكرة ممتازة وجديرة بالعمل بها ولكنها تحتاج إلأى أعضاء مثابرين ومداومين عليها حتى تكون في المستوى فشكرا لكي مرة أخرى على هذا الاقتراح
والله هي فكرة ممتازة وجديرة بالعمل بها ولكنها تحتاج إلأى أعضاء مثابرين ومداومين عليها حتى تكون في المستوى فشكرا لكي مرة أخرى على هذا الاقتراح
شكرا ليك اخي هي مجرد محاولة بسيطة والباقي طبعا يكون على الاعضاء المثابرين ...او هي مساحة فقط اوفرها لكل من يحب التوسع في هذا المجال يفيد ويستفيد
شكرا على المرور
فكرة تستحق التقدير وصاحبها يستحق كل الشكر و الإحترام
مع كل إحتراماتي جوداء
محبة الحبيب
2011-01-25, 00:07
نتثمن هذا الجهد و المجهود و نسأل الله لكم التوفيق و لا يكون ذلك إلا بمساهمة الجميع
قتراح جيد كنت قد طرحته في قسم الاقتراحات بإنشاء قسم لمناقشة المواد القانونية ومختلف المستجدات
وهو يحتاج فعل الى المداومة والبحث
الفارس الجدَّاوي
2011-01-25, 08:29
السلام عليكم:
لكن لا بد و أن تكون لها نسخة ورقية محكَّمة، حتى يتسنى لها الانتشار.
بما انه اول عدد للمجلة وهو تجريبي ارى انه سيحمل كل اقتراحات الاعضاء الذين هم اصحاب المجلة طبعا وسيكونون القائمين عليها باضافاتهم وانارتها بمشاركاتهم ...واقترح حتى اختيار الاعضاء المميزين في كل عدد وتكريمهم عن طريق اوسمة رمزية شكرا على مجهوداتهم ولما لا...مشكورين
hamito29
2011-01-26, 15:09
بسم الله نحن مستعدون باذن الله فرحلة 1000 ميل تبدأ بأول خطوة وبارك الله فيك على هذه المبادرة أختي الكريمة.
بسم الله نحن مستعدون باذن الله فرحلة 1000 ميل تبدأ بأول خطوة وبارك الله فيك على هذه المبادرة أختي الكريمة.
شكرا ليك وان شاء الله تنجح بوجودكم ومشاركاتكم
بن عومر محمد الصالح
2011-01-27, 20:11
هي فكرة جد ممتازة نرجو من الإخوة تجسيدها على هذا الموقع المبارك
وهذا ليس بغريب على ابناء الامير عبد القادر والشيخ المقراني والمفكر مالك بن نبي والدكتور مولود بلقاسم
هي فكرة جد ممتازة نرجو من الإخوة تجسيدها على هذا الموقع المبارك
وهذا ليس بغريب على ابناء الامير عبد القادر والشيخ المقراني والمفكر مالك بن نبي والدكتور مولود بلقاسم
شكرا لك
المنتدى هو منكم واليكم
نرجو الافادة والاستفادة
لسبط رابح
2011-02-07, 19:56
سؤالي هو اتكون المجلة الكترونية ام ماذا ؟
و ما هو تصورك للمجلة ؟
هي فكرة تستحق التقدير وارجو التفاعل مع هذه الفكرة و شكرا على الاقتراح
عطر الملكة
2011-02-07, 20:32
و الله الفكرة جيدة و انا من المؤيدين لكن تتطلب مجهود و تفاعل من طرف الاعضاء المختصين في مجال القانون طبعا لكن ملاحظاتي على القسم انه لم يعد كما عرفناه طوال الوقت شبه مهجور و لا يوجد تفاعل كبير
مشكوررررررررررررررين
سؤالي هو اتكون المجلة الكترونية ام ماذا ؟
و ما هو تصورك للمجلة ؟
هي فكرة تستحق التقدير وارجو التفاعل مع هذه الفكرة و شكرا على الاقتراح
المجلة هي خاصة بمنتديات الجلفة وبمشاركة الاعضاء
وهي مساحة لنشر كل ما يدور في الساحة القانونية من اخبار واحداث وتغيرات هي متجددة في حال ما اذا كانت المشاركات فيها بالمستوى المطلوب ...
المجلة هي من صنع الاعضاء ولهم لانها في فائدتهم
هذا الموضوع هو تجريبي فقط لرؤية مدى تجاوب الاعضاء مع الفكرة ومدى استعدادهم للمساهمة ومن ثم لكل حادث حديث ...
شكرا لمرورك وتجاوبك مع الموضوع
سلام
و الله الفكرة جيدة و انا من المؤيدين لكن تتطلب مجهود و تفاعل من طرف الاعضاء المختصين في مجال القانون طبعا لكن ملاحظاتي على القسم انه لم يعد كما عرفناه طوال الوقت شبه مهجور و لا يوجد تفاعل كبير
مشكوررررررررررررررين
طبعا كل ما هو مفيد يتطلب جهد واستمرار ومتابعة دائمة وقد وضعت المجلة في القسم القانوني ليتطلع اليها المختصون لانه للاسف ليس من اختصاصي :rolleyes:لكن يبقى فكرة تجريبية في فائدة الطلبة والمهنيين على حد سواء تستحق ان ترى النور في منتدانا
مشكورة لتأييدك للفكرة
و الله الفكرة جيدة و انا من المؤيدين لكن تتطلب مجهود و تفاعل من طرف الاعضاء المختصين في مجال القانون طبعا لكن ملاحظاتي على القسم انه لم يعد كما عرفناه طوال الوقت شبه مهجور و لا يوجد تفاعل كبير
مشكوررررررررررررررين
انا كذلك اشعر بهذا
ربما لكثرة الارتباطات او ......
انا شخصيا قلت مشاراكاتي لكني دائم الوجود واطلع على كل المواضيع
بالتوفيق للجميع
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أقدم لكم اليوم هذا العمل المتواضع و هو عبارة موسوعة قانونية قضائية ضخمة بمعنى الكلمة ولا للإحتكار والمضاربة و اترككم مع المحتويات
01-كل القوانين الجزائرية
02- مبادئ الشريعة
03- الإجتهاد القضائي -النقض- في جميع الميادين أكثر من 3000 إجتهاد قضائي.
04- التنظيم القضائي الجزائري
05- جميع المراسيم الجزائرية.
06- دليل جميع المحامين و المحضرين و الموثقين......
07- البحث السهل.
08- الطباعة السهلة
على كل عليك بتحميل جميع الإجزاء ثم فك الضغط وبعدها نسخها على CD .
ثم قم بالتثبيت ونسخ الكراك في مجلد التثبيت و سبطلب منك الإستبدال فوافق على ذلك
ثم قم بإرسال الكراك لسطح المكتب و تمتع و إستفد.
ملاحظة : الموسوعة لا تعمل إلا بإستخدام CD و التي نسخنا عليها الملفات و لا غنى عنها.
و الأن أترككم مع روابط التحميل
http://www.mediafire.com/?n908erc4vywgb9c
http://www.mediafire.com/?mnoloeldf0svnu5
http://www.mediafire.com/?c2ybv4yynleipug
http://www.mediafire.com/?ken6ej8499hp7hh
http://www.mediafire.com/?tl3e920m6l80dl4
منقول
http://img607.imageshack.us/img607/1487/74408559.gif
القانون التجاري الجزائري
مقدمـة
I ـ تعريف القانون التجاري
1ـ القانون التجاري هو مجموعة القواعد القانونية التي تطبق على الأعمال التجارية وتنظم حرفة التجارة. ومعنى ذلك أن القانون التجاري ينظم علاقات معينة فقط تنشأ نتيجة القيام بأعمال معينة هي الأعمال التجارية كما ينظم نشاط طائفة معينة هي طائفة التجار. وتشمل كلمة تجارة من الناحية القانونية معنى أوسع منه من الناحية الاقتصادية إذ يقصد من هذه الناحية الأخيرة كل ما يتعلق بتداول وتوزيع الثروات. أما من الناحية القانونية : تشمل التجارة علاوة على ذلك العمليات الإنتاجية فالصانع في المعنى القانوني الذي سنتناوله في هذا الخصوص ليس إلا تاجرا.
علاقة القانون التجاري بالقانون المدني وفروع القانون الأخرى : (*1)
2 ـ القانون التجاري وفقا للتعريف السابق ليس إلا فرعا من فروع القانون الخاص شأنه في ذلك شأن القانون المدني إلى جوار الفروع الأخرى كقانون العمل وقانون الأسرة وإذا كان القانون المدني ينظم أساسا كافة العلاقات بين مختلف الأفراد دون تميز بين نوع التصرف أو صفة القائم به أي قانونا عاما فإن القانون التجاري ينظم فقط علاقات معينة هي العلاقات التجارية وقد أدى إلى ظهور هذا النوع من القواعد القانونية الظروف الاقتصادية والضرورات العملية التي استلزمت خضوع طائفة معينة من الأشخاص هم التجار ونوع معين من المعاملات هي الأعمال التجارية لتنظيم قانوني يتميز عن ذلك الذي يطبق على المعاملات المدنية حيث عجزت القواعد المدنية عن تنظيم المعاملات التجارية التي قوامها السرعة من جهة والثقة والائتمان من جهة أخرى.
فالملاحظة أن المعاملات المدنية تتسم دائما بالثبات والتروي.
3 ـ وعلى عكس ذلك البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في وقت واحد فطبيعة العقود التي تجرى في مجال التجارة تختلف كل الاختلاف عن تلك التي تجرى في البيئة المدنية ذلك أن الصفقات التي يبرمها التاجر لا تكون بقصد الاستعمال الشخصي أو بقصد الاحتفاظ بها وإنما لإعادة بيعها لتحقيق ربح من فروق الأسعار كما وأن مثل هذه الصفقات تعقد كل يوم مرات ومرات بالنسبة لكل تاجر وهو يبرمها بأسلوب سريع.
وقد ظهرت فعلا عادات وتقاليد معينة التزمت بها طائفة من التجار في معاملاتهم التجارية تختلف عن تلك القواعد التي تنظم المعاملات المدنية واضطر المشرع إلى تقنين هذه العادات التجارية في مجموعات خاصة بالتجارة والتجار وظلت هذه القواعد الجديدة تزداد شيئا فشيئا حتى اصبح لها كيان مستقل.
4 ـ على أنه لما كان القانون المدني هو الشريعة العامة لجميع الأفراد وجميع التصرفات فإن أحكام وقواعد القانون التجاري ليست إلا استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة لا يحكمها نص خاص. تظهر هذه الصلة الوثيقة بين القانون المدني والتجاري بوضوح في معظم التشريعات ففي القانون الفرنسي وكذلك الجزائري نجد المجموعة التجارية لا تتكلم عن البيع إلا في مادة واحدة وتلجأ بالنسبة لباقي الأحكام إلى القواعد العامة بالقانون المدني.
5 ـ على أننا نجد من جانب آخر أن القانون التجاري أثره في القانون المدني ويتمثل في عدة حالات منها اعتبار الشركات التي تأخذ الشكل التجاري شركات تجارية تخضع للقانون التجاري أيا كان موضوع نشاطها كما قد يقرر المشرع اكتساب الشركة لصفة التاجر بصرف النظر عن طبيعة نشاطها سواء كان موضوع نشاطها تجاريا أو مدنيا ومن الأمثلة شركات الأسهم تجارية دائما وذلك بحسب الشكل سواء كان موضوع نشاطها تجاريا أو مدنيا والتشريع التجاري الجزائري الصادر سنة 1975 والذي نصت المادة 544 منه على أن تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن.
6 ـ المناداة بوحدة القانون الخاص :
نظرا للصلة الوثيقة بين أحكام القانونين التجاري والمدني ظهر اتجاه في الفقه القانوني ينادي بإدماجهما معا في قانون واحد يطبق على جميع الأفراد وفي جميع المعاملات دون تفرقة بين عمل مدني أو تجاري أو بين تاجر وغير تاجر وذلك بفرض الوصول إلى ما يسمى بوحدة القانون الخاص.
7 ـ ويطالب أنصار هذا الرأي بسريان قواعد القانون التجاري من سرعة وبساطة، في الإجراءات على قواعد القانون المدني كلما اقتضى الأمر ذلك حتى يفيد من ذلك التاجر وغير التاجر كما أنه إذا كانت إجراءات القانون المدني بها بعض القيود والشكليات في تصرفات معينة أو عقود خاصة نظرا لأهميتها فإنه يمكن فرض هذه القيود والشكليات في تصرفات التجارية الهامة حتى تستقر بشأنها المنازعات.
ويرى أنصار هذا الرأي أن القانون التجاري بإعتباره قانون الأعمال في عصرنا هذا إنما يتضمن في الواقع النظرية العامة في الأموال والالتزامات التي تطبق على جميع التصرفات التي تجرى بين الأفراد العاديين وبين من يساهمون في الحياة الاقتصادية بصفة عامة.
8 ـ قد أخذت فعلا بعض البلاد بهذا الاتجاه كما هو الحال في الولايات المتحدة وإنجلترا وسويسرا وإيطاليا حيث استطاعت معظم هذه البلاد إدخال العناصر والصفات التجارية للقانون المدني ومثال ذلك القانون المدني الإيطالي الصادر عام 1942 الذي رد القانون التجاري إلى حظيرة القانون المدني فألغى مجموعة القانون التجاري وأدمج موضوعاتها في مجموعة القانون المدني.
9 ـ ضرورة استقلال القانون التجاري :
إن فكرة المناداة بتوحيد أحكام القانون التجاري مع القانون المدني وإن كانت تعد منطقية في ظاهرها إلا أنها تخالف في جوهرها حقيقة الأوضاع والضرورات العملية فما من شك أن المعاملات التجارية لها لما يميزها عن المعاملات المدنية مما يستتبع وضع نظام خاص بها فطبيعة المعاملات التجارية تقتضي السرعة وسهولة الإجراءات.
وليس من المفيد أن تنتقل هذه التسهيلات إلى الحياة المدنية التي تتسم بطابع الاستقرار والتروي وذلك أن من شأن تعميم هذه السرعة في الإجراءات زيادة المنازعات وعدم استقرار التعامل بين المدنيين وصعوبة الإثبات أمام القضاء وخاصة أن مسك الدفاتر أمر لا يلتزم به سوى التجار كما وأن المناداة بنقل بعض الإجراءات الرسمية والشكلية المدنية إلى العقود التجارية أمر يؤدي في الواقع إلى عرقلة التجارة مهما بلغت أهمية عقودها أو ضخامتها. كما أن تشجيع المدنيون على التعامل بالأوراق التجارية خاصة الكمبيالات منها من شأنه أن يدفع بهذه الطائفة من الأفراد في مجالات لا شأن لها بها.
10 ـ ويلاحظ أن البلاد التي أخذت بتوحيد كلا القانونين لم تستطع إدماجها إدماجا كليا حيث ظلت فيها بعض الأحكام والقواعد المستقلة التي تنفرد بها المعاملات التجارية وطائفة التجار كما هو الحال في بلاد الأنجلوسكونية ومن الأمثلة على ذلك إنجلترا حيث أصبحت النظم التجارية منفصلة عن مجموع القانون العام مثل قانون بيع البضائع وقانون الإفلاس والشركات وكذلك الحال في كل من القانون السويسري والإيطالي الذي وضع كل منها بعض النظم الخاصة بالتجارة والتجار مثل مسك الدفاتر التجارية والإفلاس.
إن للقانون التجاري أصالته في عدة موضوعات لا نجد لها سندا إلا بالمجموعة التجارية مثل الإفلاس وتصفية الأموال وعمليات البنوك خاصة ما يتعلق منها بالحساب الجاري وخطابات الضمان والتحويل المصرفي التي نشأت نتيجة المقتضيات العملية واقرها القضاء التجاري.
11 ـ والواقع أنه ما من شك في أن لكل من القانون المدني والتجاري مجاله وأن في إدماجهما في قانون واحد لا يتناسب مع طبيعة معاملات كل منهما بل أن فيه إنكار للواقع على أن استقلال القانون التجاري لا يعني إنكار الصلة الوثيقة بينه وبين القانون المدني إذ قد يعتمد القانون التجاري على بعض أحكام القانون المدني اعتمادا كليا ويكتفي بالإحالة عليها ويؤدي هذا إلى اعتبار القانون المدني الأصل العام الذي يرجع إليه كمصدر من مصادر القانون التجاري.
12 ـ علاقة القانون التجاري بعلم الاقتصاد :
يتصل القانون التجاري اتصالا وثيقا بعلم الاقتصاد فهذا الأخير يبحث إشباع الحاجات الإنسانية عن طريق موارد الثروة وعلم القانون ينظم وسائل الحصول على هذه الحاجات وتحقيقها فالأشياء أو الأموال التي يهتم رجل الاقتصاد بعوامل إنتاجها وتداولها وتوزيعها واستهلاكها هي ذاتها التي يهتم رجل القانون ببيان نظامها من الناحية القانونية والقضائية والاتفاقية وهذه الأشياء التي يتناولها رجل القانون ورجل الاقتصاد كل من ناحيته هي تلك التي يراد استخدامها وتسخيرها لخدمة الإنسان في أجسادهم وأرواحهم.
والواقع أن هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري وعلم الاقتصاد أساسها ما يتركه كل منهما من أثر على الآخر فالنشاط الاقتصادي واتساعه أدى إلى خلق قواعد قانونية جديدة في المجال التجاري والجوي والصناعي والمالي مثل عقود النقل والتأمين والتشريعات الصناعية وعمليات البنوك كما وأن هذه الصلة الوثيقة بينهما جعلت البعض يرى في القانون التجاري النشاط الاقتصادي.
13 ـ علاقة القانون التجاري بالقانون الدولي :
للقانون التجاري صلات وثيقة بالقانون الدولي الخاص فهو يقوم بتنظيم العلاقات التجارية الخارجية إذ يحكم المعاملات التي تنشأ بين أفراد الدولة مع رعايا الدول الأخرى في المعاملات الناشئة عن التصدير والاستيراد والتبادل التجاري بين رعايا الدول المختلفة وللقانون التجاري أيضا صلة بالقانون الدولي تظهر في حالة إبرام اتفاقيات تجارية دولية وتعتبر هذه الصلة بين القانون التجاري وكل من القانون الدولي الخاص والعام سببا في اعتبار الحاجة ماسة إلى توحيد حكم هذا الفرع من القانون،فنظرا لازدياد العلاقات التجارية الدولية نتيجة سهولة وسائل النقل وانشارها نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد القانون التجاري نظرا لاختلاف القواعد الداخلية لكل دولة وذلك للقضاء على مشكلة تنازع القوانين وقد لجأت الدول والتجار إلى عدة وسائل لتوحيد أحكام القانون التجاري ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي :
أ/ ـ في مجال التوحيد الإتفاقي لا التشريعي لجأ التجار أنفسهم إلى وضع قواعد اتفاقية موحدة للعلاقات الدولية يؤخذ بها إذا رغب أطراف التعاقد بمعنى أن توحيد الأحكام يتم بطريق إصدار نماذج عقود دولية يلتزم المتعاقدين بها في عقودهم الدولية ومن ذلك عقود البيع الدولية النماذج المعدة لعقد التصدير والإستراد أو العقود التي تجريها الهيئات المهنية كالنقابات والغرف التجارية.
ب/ ـ في مجال المعاهدات لجأت الدول إلى توحيد بعض أحكام القانون التجاري عن طريق المعاهدات الدولية التي تضع أحكام قانونية موحدة تقبلها الدول الموقعة عليها وتلتزم بها في العلاقات الدولية فقط بمعنى أن العلاقات الداخلية لهذه الدول الموقعة على الاتفاقيات لا تخضع لأحكام هذه الأخيرة وإنما تخضع لأحكام القانون الداخلي ومن الأمثلة على ذلك اتفاقية بون 1953 في حالات النقل بالسكك الحديدية إذ حددت هذه الاتفاقية شروط وآثار عقد النقل في حالة ما إذا كان النقل يتعدى الحدود السياسية للبلاد المتعاقدة.
ج/ ـ كما لجأت الدول إلى عقد اتفاقيات دولية تؤدي إلى إنشاء قانون موحد لجميع الدول المتعاقدة على أن تتعهد هذه الدول بتعديل قانونها الداخلي بما يطابق أحكام هذه الاتفاقيات بحيث تصبح هذه الأخيرة بمثابة قانون داخلي ومن الأمثلة على هذه الاتفاقيات اتفاقية جنيف بخصوص توحيد أحكام الكمبيالة والسند الإذني سنة 1930 وأحكام الشيك 1931.
II ـ علاقة القانون التجاري بفروع القانون الأخرى :
هذا وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن للقانون التجاري علاقة بفروع القانون الأخرى التي سوف لم نتطرق لهما هذا بسبب عدم أهميتها القصوى.
III ـ تطور القانون التجاري :
عرفت التجارة قواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور الأولى وكان القائمون بالتجارة يمثلون طائفة خاصة في المجتمع لها عاداتها وتقاليدها. وما من شك في أن التجارة كانت معروفة عند الكثير من الشعوب القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر الأبيض المتوسط حيث مكنها موقعها الجغرافي من ممارسة التجارة ولن نتعرض في هذا المقام إلى دراسة تفصيلية لنشأت القانون التجاري في مختلف العصور والأزمان لذلك سوف نقترح على إيضاح تطور نشأت القوانين والأحكام التجارية بصفة عامة.
ـ في العصور القديمة :
تمتد نشأت القانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت الأعراف التجارية عند شعوب البحر الأبيض المتوسط وقدماء المصريين والآشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقد والاقتراض والفائدة واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما البوليصة والسند للأمر ولعل أهم الدلائل على ذلك ظهور عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حامورابي في عهد البابليين 1000 سنة قبل الميلاد منها ما يتعلق بعقد الشركة وعقد القرض فلم تكن هذه القواعد سوى تقنين للأعراف التي كانت سائدة آنذاك.
وعرف الفينيقيون والإغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصة بالتجارة البحرية وتركوا تراثا هاما في ذلك الفرع من القانون مثل الأحكام الخاصة بمبدأ الخسارة المشتركة أو العوار المشترك.
ولا يفوتنا التنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع الميلادي إذ ظهرت أنظمة جديدة في مجال التجارة كشركات الأشخاص ونظام الإفلاس والكمبيالة ( السفتجة ) في عهد الرومان.
لما اتسعت رقعة الإمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا وبعض أجزاء آسيا ظهرت فيها حركة تقنينية واسعة لتنظيم المعاملات بين الأفراد وتحديد الحقوق والواجبات غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغم ظهور كثير من المعاملات التجارية مثل الشركات، كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرى كالمصارف بسبب استخدام النقود المعدنية وإمساك الدفاتر التجارية.
ولعل السبب في عدم إشمال المجموعات المدنية الرومانية لمثل هذه القواعد التي تنظم التجارة هو أن الرومان كانوا يتركون القيام بهذه الأعمال للرقيق والأغراب اعتقادا منهم أنها أعمال دنيا.
على أنه لما اندمج القانون المدني وأصبح هذا الأخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميع التصرفات القانونية وعلى جميع الأفراد أصبح القانون المدني الروماني يحتوي على جميع الأحكام والقواعد الخاصة بالتجارة سواء البحرية أو البرية إلى جوار الأحكام المدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع الرومان دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر ذلك أن الرومان كانوا يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع التصرفات.
غير أنه وفي الفترة ما بين القرن 11 وحتى القرن 16 جاء القانون التجاري أكثر وضوحا واستقلالا عن القانون المدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر ويمكن القول أن قواعد القانون التجاري والبحري قد وصلت في تطورها في هذا العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففي إيطاليا وجدت أسواق عالمية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من الأشخاص في ممارسة هذا النوع من النشاط وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرت بينهم وقامت هذه الطائفة بانتخاب قناصل من كبار التجار يختصون في الفصل في المنازعات التي تنشأ بين التجار وذلك وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرت بينهم. (*1)
ـ في الفترة ما بين القرن 17 حتى نهاية القرن 18:
أصبح القانون التجاري خلال هذه الفترة قانونا مهنيا خلق بواسطة التجارة وليطبق على التجار كما تميز القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا قانونا دوليا يطبق خلال هذه الفترة على دول أوروبا الغربية .
أما في العصر الحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بلاد أوروبا وخاصة المدن الفرنسية كان وباريس ومرسيليا ولما ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعات قانونية لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر الملك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنين العادات والتقاليد الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس 1673ـ 1681 وهي خاصة بالشركات والأوراق التجارية والإفلاس ويطلق عليها مجموعة سافاري وتبعتها مجموعة خاصة بالتجارة البحرية وتعتبر هذه الأوامر الملكية مرجعا وافيا للقانون التجاري والبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات وكان القانون التجاري في أول أمره قانونا شخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري وبعد إلغاء نظام الطوائف عقب الثورة الفرنسية 1789 وإعلان مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام 1801 لوضع مشروع القانون التجاري على أساس هذه المبادىء الجديدة فأخد القانون التجاري طابعا موضوعيا حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبح التاجر هو من يتخذ الأعمال التجارية حرفة معتادة له ولم يعد التاجر من هو مقيد بالسجل التجاري.
ـ نطاق ومجال القانون التجاري :
اختلف كثير من الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري وكان هذا الاختلاف عن عمد وذلك لانتماء كل فريق منهم إلى نظرية معينة دون غيرها وكان نتيجة هذا الاختلاف أن ثار التساؤل، هل القانون التجاري هو قانون التجار ؟ أم هو القانون الذي يحكم الأعمال التجارية ؟ ويمكن رد الآراء التي قال بها الفقهاء إلى نظريتين، الأولى وهي النظرية الموضوعية Théorie Objective والثانية هي النظرية الشخصية Théorie Subjective وسنتناولهما فيما يلي :
ـ أولا ـ النظرية الموضوعية : (*1)
وفحوى هذه النظرية عند القائلين بها، أن القانون التجاري تحدد دائرته بالأعمال التجارية
Actes de Commerce وتطبق أحكامه على هذه الأعمال دون ارتباط بشخص القائم بها سواء كان يحترف التجارة أو لا يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذي يمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة، أما إذا استمر الشخص في مزاولة النشاط على سبيل الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، وهي صفة لا يعترف بها القانون طبقا لمفهوم هذه النظرية، إلا لإخضاع التاجر لالتزامات معينة كالقيد في السجل التجاري والخضوع للضرائب التجارية وإمساك الدفاتر التجارية وشهر الإفلاس. (*2
وكانت الدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها، الأول جانب فني يستند إلى نص المادتين 637 - 631 من القانون التجاري الفرنسي، وتقضي المادة 631 من القانون المذكور على عقد الاختصاص بالمحاكم التجارية بالنظر في المنازعات الخاصة بالمعاملات التجارية.
دون أن تحدد هذه المعاملات وأنواعها على سبيل الحصر وكذلك ما قضت به المادة 638 من ذات القانون على أن المحاكم التجارية لا تختص بنظر المنازعات المرفوعة على التجار بسبب تعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء لاستعمالهم الخاص بعيدا عن نشاطهم التجاري.
ـ وكان تفسير هذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية الموضوعية يوحي بأن العمل التجاري، دون سواه، هو معيار تحديد نطاق القانون التجاري.
ـ أما عن الجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية، لما تؤدي إليه النظرية الموضوعية من تدعيم لمبدأ الحرية الاقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا في العصور السابقة، وطالما كان حائلا يعوق ازدهار التجارة وتقدمها، بسبب منع هذا النظام لغير طائفة التجار مباشرة الأعمال التجارية. (*1)
ـ ثانيا ـ النظرية الشخصية : (*2)
ويرى القائلون بهذه النظرية، أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا، حيث أن أصله قانون مهني، ينظم نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم، ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد المهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية يعتبر تاجرا، يخضع في نشاطه للقانون التجاري، وعلى ذلك فإن عنصر الاحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر المعيار الذي يحدد نطاق القانون التجاري.
وقد يكون عنصر الاحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده، لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون الألماني باشتراط القيد في السجل التجاري كشرط لازم ولاكتساب صفة التاجر أنظر أكثم أمين الخولي المرجع السابق صفحة 7 حيث يقول " ويظهر طابع الشخص للقانون الألماني هنا في أن أعمال هذا الفريق من التجار، ويسمون التجار بالقيد في السجل التجاري في مباشرة حرفتهم لا تعتبر تجارية ولا تخضع للقانون التجاري إلا لصدورها ممن قيد في سجل بحيث تكون مدينة لو صدرت من شخص غير مقيد.
ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية الأمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا وأنه على الرغم من إلغاء نظام الطوائف، وانتشار مبدأ الحرية الاقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة ما يشاء من النشاط إلا أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي وكذلك أبقت التشريعات الحديثة على المحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في المنازعات التجارية دون سواها.
* موقف القانون الجزائري :
إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر بالأمر رقم 59 لسنة 1975 نجد أن المادة الأولى منه تنص على أن " يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقضى في المادة الرابعة بأن " يعد عملا تجاريا بالتبعية، تلك الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة والالتزامات بين التجار ".
وعلى الرغم من أن المشرع الجزائري أخذ هذين النصين بالنظرية الشخصية إلا أنه لم يلبث أن أخذ بالنظرية الموضوعية حين عدد الأعمال التجارية بحسب موضوعها في المادة الثانية، والأعمال التجارية بحسب الشكل في المادة الثالثة.
وفضلا عن أن المشروع الجزائري حدد في هذه المواد الأربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري، فإنه نظم بنصوص واضحة الأحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل التجاري وملاكا ذلك.
ولهذا فإننا نرى أن المشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج، حيث لا نجد قواعده جميعا من طبيعة واحدة، وإنما استلهمت بعض أحكامه النظرية الشخصية، والبعض الآخر اعتنقت النظرية الموضوعية.
ـ ثالثا ـ مصادر القانون التجاري :
كلمة مصدر تعني المنبع بصفة عامة وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها أساسه هو المصدر الموضوعي أو المادي والمصدر التاريخي والمصدر الرسمي والمصدر التفسيري ويقصد بالمصدر المادي أو الموضوعي للقانون الظروف الاجتماعية التي استمد منها نشأته على خلاف المصدر التاريخي الذي يمثل الظروف التاريخية التي تكون عبرها القانون ويقصد بالمصدر الرسمي للقانون المصدر الذي تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة على خلاف المصدر التفسيري الذي لا يلزم القاضي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من قبيل الاستئناس وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون عدة مصادر نقتصر منها على المصادر الرسمية والمصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين تفسيريين يلجأ إليها القاضي إذا أعوزه التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف.
ـ أولا ـ التشريع :
التشريع يجيء في المرتبة الأولى بين مختلف المصادر وعلى القاضي أن يرجع إليه أولا ولا يرجع إلى غيره من المصادر إلا إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة المعروضة.
ويمثل التشريع كمصدر من مصادر القانون التجاري فيما يلي :
أ) ـ المجموعة التجارية :
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون التجاري الصادر عام 1975. (*1)
ب) ـ المجموعة المدنية :
ويقصد بها قواعد وأحكام القانون المدني الصادر عام 1975.
فالقاعدة الأساسية أن نصوص المجموعة التجارية هي التي تحكم أصلا المواد التجارية على أنه إذا لم يرد في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعلاقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني بإعتباره الشريعة العامة التي تنظم جميع العلاقات سواء كانت تجارية أو مدنية فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة لا يحكمها نص خاص وإذا فرض ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا للقاعدة التفسيرية التي تقضي بأن النص الخاص يغلب على النص العام بشرط أن يكون كلا النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا والآخر مفسرا وجب الأخذ بالنص الآمر لأنه نص لا يجوز الاتفاق على مخالفته.
ـ ثانيا ـ الشريعة الإسلامية :
اعتبر القانون المدني الجزائري في مادته الأولى مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع وقبل العرف ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والمقصود بهذه المبادىء القواعد المستقاة من القرآن الكريم والسنة والإجماع والاجتهاد.
ـ ثالثا ـ العرف :
العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية بحيث تصبح لهذه القواعد قوة ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف غير مدون كما أن هذا الأخير هو قانون تلقائي لا إرادي على عكس التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا ومقصودا ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي الأشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح ملزما لهم دون النص عليه. فهو في الواقع نوع من الاتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد معينة في حالات معينة على أن ذلك لا يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة الأفراد إليه فقط بل إنه واجب التطبيق طالما لم تتجه إرادة المتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم الأطراف به.
ذلك لأن العرف يستمد قوته الملزمة من إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما.
ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون الآخر وذلك رغم ازدياد النشاط التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصلا نشأة عرفية ولم يدون إلا في فترة متأخرة عن بقية فروع القانون .
والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم عبء إثبات العرف وقد جرى العمل على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن الأمثلة على العرف التجاري قاعدة افتراض التضامن بين المدينين بديون تجارية إذا تعددوا خلافا للقاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني (2/7 مدني جزائري) والتي تقضي بأن التضامن لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون .
يعتبر العرف التجاري تاليا في المرتبة والشريعة الإسلامية بمعنى أنه للقاضي الأخذ به في حالة عدم وجود نص تشريعي أو حكم من الشريعة الإسلامية يحكم العلاقة المعروضة.
وبناءا على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري، على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه لقواعد القانون.
1) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالمجموعة التجارية.
2) ـ النصوص الآمرة الموجودة بالقانون المدني.
3) ـ مبادئ الشريعة الإسلامية.
4) ـ قواعد العرف التجاري.
5) ـ العادات التجارية.
6) ـ النصوص التجارية المفسرة.
7) ـ النصوص المدنية المفسرة.
أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا.
* المصادر التفسيرية :
يقصد بمصادر القانون التفسيرية المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها فالمصادر التفسيرية على خلاف المصادر الرسمية مصادر اختيارية.
إن شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع أمامه دون إلزام عليه بإتباعها ويعتبر القضاء والفقه من المصادر التفسيرية.
1 ـ القضاء :
يقصد بالقضاء مجموعة الأحكام الصادرة من مختلف المحاكم في المنازعات التي عرضت عليها كما يقصد بها مدة الحجية التي تتمتع بها هذه الأحكام وهو ما يطلق عليه السابقة القضائية وهذه الأخيرة تمثل الأحكام التي تصدر في المسائل القانونية الجديدة ذات الأهمية الخاصة والتي لم يرد حلها في القانون ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خلاق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي إلى حلول لموضوعات مماثلة لما صدرت بشأنها في المستقبل ويلاحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات الأوربية حيث يسود فيها التشريع يقتصر على تفسير القاعدة القانونية دون خلقها ذلك أن القضاء لا يعتبر مصدرا للقانون بالمقارنة إلى مصدر التشريع.
فاختصاص القاضي الجزائري هو تطبيق للقانون في الحالات المعروضة عليه دون أن تكون لأحكامه قيمة القاعدة الملزمة.
ويختلف موقف القضاء في القانون الإنجليزي والبلاد الأنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة السابقة القضائية والتي بمقتضاها تلزم المحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية لها ويترتب على ذلك اعتبار القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما للقانون.
2 ـ الفقه :
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده فالفقهاء يقومون باستنباط الأحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من فروع القانون والرأي السائد أن الفقه لا يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر وظيفته على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صلات ثم استنتاج مبادئ عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصدرا ملزما للقاضي.
وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في المواد القانونية.
http://img808.imageshack.us/img808/2741/54668877.png
http://img607.imageshack.us/img607/1487/74408559.gif
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جريمة النصب والتجارة الإلكترونية
يحمي القانون الجنائي حق الملكية سواء كان محله عقارا أو منقولا، وان كانت ملكية المنقولات تخطى بالنصيب الأوفر من رعاية التشريع الجنائي. والجرائم التي تقع اعتداء على ملكية المنقول تنقسم إلى طائفتين رئيسيتن أحدهما تضم جرائم تكون الغاية منها الاستيلاء على مال الغير والأخرى تشمل جرائم تكون غايتها إتلاف مال الغير، ويدخل ضمن الطائفة الأولى جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة([1])،
. وسوف يقتصر البحث على طبيعة هذا المال وصلاحيته لأن يكون محل لجريمة النصب (الإحتيال) دون غيرها من الجرائم التي تقع على المال المتداول في التجارة الإلكترونية.
سوف نتناول جريمة النصب على الأموال المتداولة في التجارة في نقطتين :
1. تناول المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة جريمة النصب والإحتيال في المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي([1])، التي نصت على أنه:يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الإستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند أو إلى الغائه او اتلافه او تعديله وذلك بالاستعانة بطريقة إحتياليه او باتخاذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من قام بالتصرف في عقار أو منقول يعلم انه غير مملوك له او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف في شيء من ذلك مع علمه بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه وكان من شأنه الإضرار بغيره.
وإذا كان محل الجريمة مالا أو سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة (5) عدا ذلك ظرفا مشددا.
ويعاقب على الشروع بالحبس مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم ويجوز عند الحكم على العائد بالحبس مدة سنة فأكثر أن يحكم بالمراقبة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها.
· والإحتيال أو النصب هو الاستيلاء على الحيازة الكاملة لمال الغير بوسيلة يشوبها الخداع تسفر عن تسلم ذلك المال.
· الأرول الركن المادي : وهو وسيلة الإحتيال.
· والثاني : محل الجريمة أو موضوعها.
· والثالث : القصد الجنائي.
وفيما يلي نتحدث عن كل ركن من هذه الأركان الثلاثة بشيء قليل من التفصيل:
الركن المادي في جريمة الإحتيال أو النصب هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل تحقيق الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع على هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل الإحتيال التصرف في عقار أو منقول غير مملوك للجاني، فوسيلة الإحتيال إذن إما أن تكون بالاستعانة بطريقة إحتيالية أو بإتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وإما أن تكون بالتصرف في عقار أو منقول.
1. الطريقة الإحتيالية أو اتخاذ إسم كاذب أو صفة غير صحيحة:
يشترط في الإستعانة بأي من هذه الوسائل أنه يكون من ششأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال المنقول أو السند أو التوقيع عليه أو الغائه أو إتلافه أو تعديله.
أ الطريقة الإحتيالية:
من المسلم به فقهاً وقضاء أن الكذب المجرد لا يكفي لتوفر الطريقة الإحتيالية مهما كان منمقا مرتبا يوحى بتصديقه ومهما تكررت وتنوعت صيغتة، وقد قضت محكمة النقض بأن جريمة النصب لا تتحقق بمجرد الأقوال والإدعاءات الكاذية ولو كان قائلها قد بالغ في توكيد صحتها حتى تأثر بها المجني عليه، بل يجب ان يكون قد اصطحب بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته([2]).
ويتعين إذن حتى تتوفر الطريقة الإحتيالية أن يوجد إلى جوار الكذب ما يؤيده ويوحي بصدقه فتعمل الأكاذيب أثرها في استسلام المجني عليه وتحمله على التسليم والتخلي عن حيازة المال موضوع الجريمة([3]).
ويلاحظ أن المشرع لم يحدد في النص ما هية الطريقة الإحتيالية أو نوعها أو اسلوبها حتى تعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال وهو في ذلك يتوسع في الأفعال التي تعتبر طرقا احتياليه بغرض الإستيلاء على مال الغير، شأنه في ذلك شأن القانون الايطالي (المادة 640 منه) والقانون السويسري (المادة 148) والقانون البولوني (المادة 264).
ومهما يكن من أمر الطريقة الإحتيالية ونوعها وأسلوبها، فإنه يجب ان يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم. على أنه يجب أن تكون الطريقة الإحتيالية على درجة من الحبك الذي يسمح بخداع الشخص متوسط الذكاء، ومع ذلك فإنه من يتوسم فيه الجاني الطيبة والسذاجة يكون محلاً للحماية القانونية، غير انه يجب أن لا يكون المجني عليه من السذاجة والغفلة لدرجة أن يصدق كل ما يقال له أوي لقي إليه من أكاذيب مهما كانت فاضحة أو مكشوفة في كذبها.
ويجب أن توجه الطريقة الإحتيالية إلى المجني عليه ذاته لخداعه وغشه إبتغاء اغتيال ماله، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الطرق الإحتيالية التي بينها القانون يجب توجيهها إلى خداع المجني عليه وغشه([4]).
والطرق الإحتيالية تكاد لا تدخل تحت حصر ولكن المهم فيها أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، فمن يزغم بقدرته على شفاء الأمراض أو يوهم الناس بقدرته على الإتصال بالجن وإمكان شفائهم أو الإرشاد عن مكان شيء مفقود أو استخراج كنز مدفون في باطن أرض منزل المجني عليه، فإن هذه الوقائع وامثالثها تعد نصبا واحتيالا.
ب. إتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة:
كذلك من وسائل الإحتيال اتخاذ الجاني اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة وهذه وسيلة مستقلة بذاتها من وسائل النصب والإحتيال وتكفي وحدها في تكوين الركن المادي في الجريمة دون حاجة لاستعمال طرق احتيالية، فيكفي لتكوين جريمة المصب أن يتسمى الجاني بإسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق غرضه دون حاجة إلى الاستعانة على إتمام جريمته بأساليب احتالية اخرى([5])، كذلك الحكم النسبة لانتحال صفة غير صحيحة، فمن يدعي كذبا بأنه وكيل عن شخص اخر ويتمكن باتخاذ هذه الصفة يغر الصحيحة من الاستيلاء على مال المجني عليه لتوصيله إلى موكله المزعوم يعد مرتكبا لجريمة الإحتيال بإتخاذ صفة كاذبة ولو لم يكن هذا الإدعاء مقرونا بطرق إحتيالية([6]).
إلا أنه يشترط في الإلتجاء إلى هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم، فمتى كانت الواقعة هي أن المتهم لم يتجاوز في فعلته اتخاذ اسم كاذب دون أن يعمل على تثبيت اعتقاد المجني عليه بصحة ما زعمه وأن المجني عليه اقتنع به لأول وهلة، فإن ذلك لا يكون من المتهم إلا مجرد كذب لا يتوافر معه المعنى المقصود قانونا من اتخاذ الاسم الكاذب في النصب، ذلك أن القانون وإن كان لا يقتضي أن يصحب اتخاذ الأسم الكاذب طرق احتيالية، إلا أنه يستلزم أن يحف به ظروف واعتبارات أخرى يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تصديق المتهم. وتقدير هذه الظروف والاعتبارات من شأن قاضي الموضوع([7])، كذلك إذا ادعى شخص بأنه مخبر من الشرطة واستولى بهذا الإدعاء على مبلغ من شخص آخر بدون أن يقترن إدعاءه بأفعال مادية اخرى من شأنها التأثير في المجني عليه، فإن مجرد هذا الإدعاء الكاذب لا يكفي لتكوين جريمة النصب، إذ ليس في مجرد اتخاذ ذلك الشخص لصفة المخبر في الشرطة ما يحمل المجني عليه على التسليم وإعطائه مالا([8]). وهذا يتفق مع ما نصت عليه المادة 399 عقوبات من أنه يجب أن يكون من شأن اتخاذ الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، أي يجب أن يكون اتخاذ ذلك الإسم او تلك الصفة هو السبب الذي حمل المجني عليه على تسليم المال تحت إبهامه، فإذا كان الإسم الذي تسمى به الجاني أو الصفة التي ادعاها غير ذات اثر على المجني عليه ومع ذلك قام بتسليم المال إلى الجاني فلا تتوافر في هذه الحالة جريمة الإحتيال([9]).
ويستوي في الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة كوسيلة للاحتيال أن يكون شفاهة او يتخذه الجاني محررا، ويستوي ان يكون الإسم المنتحل خياليا أصلا او حقيقيا لشخص اخر غير الجاني غير ان التسمي بإسم الشهرة لا يعد إسما كاذبا.
أما الصفة غير الصحيحة فتكاد لا تقع تحت حصر، فقد تكون هذه الصفة درجة علمية وقد تكون مهنة أو عملا يزعم الجاني الاشتغال به كاتخاذ المتهم صفة تاجر وحصوله بناء على ذلك على بضاعة.
2. التصرف في مال ثابت او منقول:
أما الوسيلة الثانية من وسائل الإحتيال فهي التصرف في عقار او منقول غير مملوك للجاني وليس له حق التصرف فيه أو التصرف في شيء من ذلك مع علم الجاني بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه. وهذه الوسيلة تقوم مستقلة بذاتها ويكفي مجرد توفرها لقيام الركن المادي في جريمة الإحتيال دون اشتراط تأييدها بأشياء اخرى خارجية([10])، فزعم الجاني بملكية المال أو أن له حق التصرف فيه أو التصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه، هو في ذاته كاف لتحقيق الركن المادي في جريمة النصب، ويشترط لتوفر هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أمران:
· الأول : التصرف في عقار أو منقول.
· والثاني: أن يكون هذا المال غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه أو سبق أن تصرف فيه.
أ. التصرف في عقار أو منقول:
يقصد بالتصرف هنا كل تصرف ناقل للملكية كالبيع والمقايضة والهبة أو كل تصرف يقرر على العقار حقا عينيا كحق الإرتقاق او الرهن([11])، أما التأجير فلا يعد تصرفا في جريمة النصب، ويستوي أن يكون محل التصرف عقارا أو منقولا، فإذا كان التصرف بالبيع مثلا واردا على عقار فإن المجني عليه هو المتصرف إليه الذي يسلم المال للجاني وتقوم وسلية الإحتيال في هذه الحالة دون أي شبهة.
أما إذا كان محل التصرف منقولا، فإن كان المنقول معينا بالنوع كصنف معين من الحبوب أو الثمار، فإن العقد يتم بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول بغير توقف على تسليم المبيع، فإن كانت نية الجاني هي الإستيلاء على المال ولم ينصرف قصده إلى تسليم المنقول المعين بالنوع كان فعله هذا مكونا للركن المادي في جريمة الإحتيال، أما إذا كان نية الجاني هي تسليم المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه الركن المادي في جريمة النصب حتى ولو عجز بعد هذا عن تسليم المبيع.
أما إذا كان محل التصرف معينا بالذات كسيارة أو دابة محددة بأوصافها، فإن جريمة الإحتيال تقوم بتمكين الجاني من الإستيلاء على مال المجني عليه، فمن يشاهد سيارة ويتوجه إلى الجاني معتقدا أنه مالكها يبغى شراءها منه، فيبدي هذا الأخير إستعداده لبيعها له مؤكدا أنها ملكة ويتفق معه على تسليمها إليه بعد تحرير عقد البيع وقبض الثمن، فإذا تم هذا واختفى الجاني قبل التسليم، عد مرتكبا لجريمة النصب.
ب. كون المال غير مملوك للجاني او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه:
يشترط في المال محل التصرف أن يكون غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه فإن كان مملوكا له أو له حق التصرف فيه فلا جريمة، فالوكيل الذي يقوم بالتصرف في مال مملوك لموكله بناء على عقد وكالة يفوضه فيه بالبيع، لا يرتكب جريمة نصب حتى ولو ظهر بعد ذلك ان الوكالة كانت قد انتهت او انقضت ولم يكن الوكيل قد علم بذلك.
وكذلك يتوفر الركن المادي لجريمة النصب أو الإحتيال في حالة تصرف الجاني في المال مرتين، ويكون المجني عليه في هذه الحالة هو المشتري الثاني، أما المتصرف إليه الأول فليس هناك جريمة نصب وقعت في حقه.
على انه يشترط بداهة أن يجهل المجني عليه أن المال ليس في ملكية الجاني أو أنه ليس له حق التصرف فيه أو أنه قد سبق التصرف فيه وإلا فلا جريمة، وقد قضى بإنه إذا كا ن دفاع المتهم قوامه عدم توافر عنصر الإحتيال في الدعوى لان المجنى عليه حين تعاقد معه كان يعلم أنه غير مالك لما تعاقد معه عليه فإن الحكم إذ دانه في جريمة النصب على أساس أن التصرف في مال لا يملك المتهم فيه هو طريقة من طرق النصب قائم بذاته لا يشترط فيه وجود طرق احتيالية يكونه قاصر البيان في الاسباب التي بني عليها([12]).
يشترط أن يكون موضوع جريمة الإحتيال أو النصب مالا منقولا او عقارا مملوكا لغير الجاني أو ليس له حق في التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه.
ولا أهمية بقيمة المال – عقارا كان أو منقولا – في قيام جريمة الإحتيال، كذلك لا عبرة بكون المال له قيمة مادية أو مجرد قيمة أدبية كالخطابات والمذاكرات الخاصة([13]). ويستوي في المال موضوع الجريمة أن تكون حيازة المجني عليه له مشروعية أو غير مشروعة، فمن يتوصل بالإحتيال إلى الاستيلاء على مواد مخدرة من آخر يعد مرتكبا لجريمة النصب، إذا توافرت أركانها، وكذلك الحال فيمن يستولى على سلاح غير مرخص بحيازته(3).
ونشير هنا إلى أن الإستيلاء على المنفعة فقط بإحدى وسائل الإحتيال لا يكفي لقيام محل جريمة النصب، كمن يتوصل بطريق الحيلة إلى الركوب في وسائل المواصلات العامة بغير أجر تحت الزعم بأنه من رجال الشرطة مثلا.
والعبرة في ملكية المال المنقول أو العقار للجاني أو عدم ملكيته إياه هي بالحقيقة والواقع، فإذا كان المال مملوكا لمن استولى عليه فلا جريمة في الأمر حتى ولو كان يعتقد وقت استيلائه
على المال أنه مملوك لغيره، فإذا كان المال في ملك من يحتال لأخذه وهو يعلم بملكيته له وقد التجأ إلى هذه الوسيلة في سبيل الحصول عليه فلا جريمة يمكن اسنادها إليه([14]).
إلا إنه يشترط في الإستيلاء على المال بأي وسيلة من وسائل الإحتيال المشار اليها آنفا أن يكون من شأن ذلك الإضرار بالغير، أي أن يلحق بالمجنى عليه ضرر من استيلاء الجاني على ماله، لأنه ما لم يحصل أي ضرر فلا يكون هناك سلب لمال الغير. ويؤخذ من احكام محكمة النقض المصرية انها تشترط الضرر ولو كان محتملا، فقد قضت بأن مجرد الاستيلاء على نقود عن طريق التصرف في مال ثابت او منقول ليس ملكا للمتصرف ولا له حق التصرف فيه يعتبر نصبا معاقبا عليه، بغض النظر عما إذا كان الضرر الحاصل من هذا التصرف قد وقع فعلا على الطرف الاخر في العقد أو على صاحب الشيء الواقع فيه التصرف([15]).
كما قضت أيضا بأنه يكفي لتحقيق جريمة النصب أن يكون الضرر محتمل الوقوع([16]).
جريمة الإحتيال أو النصب جريمة عمدية تتطلب توفر القصد الجنائي العام والقصد الخاص. ويتوفر القصد الجنائي العام فيها بعلم الجاني بأن الأفعال التي يأتيها يعدها القانون وسائل احتيال ومن شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسلم المال، أما القصد الخاص فيتمثل في انصراف نية الجاني إلى الإستيلاء على الحيازة الكاملة لمال المجني عليه.
فمن يتصرف في منقول أو عقار معتقدا أنه اصبح مملوكا له بطريق الميراث وهو لم يرثه بعد، لا تتوافر في حقه جريمة الإحتيال لتخلف القصد الجنائي العام. كذلك إذا لم يكن قصد الجاني منصرفا إلى تملك المال الذي تحصل عليه من حائزة بطريقة الحيلة انتفى قيام القصد الجنائي الخاص وانتفت بالتالي جريمة النصب، فمن يتوصل بوسائل الإحتيال إلى الحصول على منفعة مال من اخر لا يعد مرتكبا لجريمة النصب لأن العبرة هي نية الجاني في الاستيلاء على مال المجني عليه لا مجرد الحصول على منفعة هذا المال. ولا يمنع أن يكون الاستيلاء على المنفعة في هذه الحالة مكونا للجريمة المنصوص عليها في المادة 394 عقوبات إذا توافرت أركانها، إلا انه يشترط أن يتعاصر القصد الجنائي العام والخاص في جريمة الإحتيال مع وقت الاستيلاء على المنقول أو العقار. وقيام القصد الجنائي بشقيه عند الجاني مرده إلى وقائع الدعوى وما تستخلصه منها محكمة الموضوع، ولا عبرة في توفره بالباعث الذي دفع الجاني إلى ارتكاب الجريمة.
نصت الفقرة الثانية من المادة 299 عقوبات على ظرف مشدد في جريمة النصب وهو إذا ما كان محل الجريمة مالا او سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة الخامسة عقوبات ومنها الوزارات والدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، والحكمة من تشديد العقوبة في مثل هذه الأحوال هي الحفاظ على أموال تلك الجهات فضلا عما يتسم به عمل الجاني من جرأة وجسارة تتمثل في الاسيلاء لنفسه أو لغيره على مال للدولة بأحدى وسائل النصب والإحتيال.
جريمة النصب أو الإحتيال من الجنح التي يعاقب القانون على الشروع فيها، ويتوافر الشروع في هذه الجريمة إذا كا القى الجاني بوسيلة من وسائل الإحتيال للاستيلاء على مال المجني عليه فاكتشف هذا الأخير تلك الوسيلة ولم ينخدع ويسلمه المال أو لم يكتشف المجني عليه هذه الوسيلة ولكن الجريمة ضبطت وقت تسليم المال.
وغنى عن البيان أن الطريقة الإحتيالية هي من العناصر الأساسية الداخلة في تكوين الركن المادي لجريمة النصب، وبالتالي فإن استعمال الجاني اياها يعد شروعا في الجريمة اعتبارا بأنها من الأعمال التنفيذية([17])، أما الدجال الذي يؤثث مكانا على شكل عيادة طبية ويعين فيها ممرضا فإن اعماله هذه تعد أعمالا تحضيرية لجريمة النصب لا عقاب عليها([18]).
وقد قرر المشرع على الشروع في جريمة النصب عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو الغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم.
وفضلا عن حق القاضي في تشديد عقوبة النصب في حالة المتهم العائد والحكم عليه بالحبس مدة سنة فأكثر، فقد أجاز له المشرع أن يحكم بوضع الجاني تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها، ويجب أن يبين في الحكم يوم بدء المراقبة.
ويصح الحكم بالمراقبة سواء أكانت الجريمة تامة أو مجرد شروع فيها لاطلاق النص([19])،
1. الرأي في وقوع جريمة النصب المعلوماتي :
أ. الأول : يرى أن جريمة النصب لا تقوم إلا إذا خدع شخصا مثله وأن يكون الشخص المخدوع مكلفا بمراقبة البيانات وغلى ذلك لا يتصور خداع الحاسب الآلي بوصفه آلة ومن ثم لا يطبق النص الجنائي الخاص بالنصب والإحتيال لافتقاده أحد العناصر اللازمة لتطبيقه([20]).
وهذا الإتجاه تتبناه تشريعات مصر والمانيا والدنمارك وفنلدا واليابان والنرويج والسويد ولكسمبرج وايطاليا([21]).
وهناك في الفقه المصري من يرى أن غش العدادات (كعد المياه والكهرباء) والأجهزة الحاسبة هو نوع من تجسيد الكذب الذي تتحقق به الطرق الإحتيالية ضمن السلوك الإجرامي في جريمة النصب([22])، ويتفق هذا الرأي مع رأي الفقه الفرنسي والفقه البلجيكي.
ب. الثاني: وتتبناه دول الانجلوساكسون ومنها بريطانيا واستراليا وكندا وهو اتجاه يوسع من النصوص المتعلقة بالعقاب على جريمة النصب([23]) ويمكن تطبيق هذه النصوص على النصب المعلوماتي. ولقد تدخل المشرع الإنجليزي عام 1983، واعتبر خداع الآلة بنية ارتكاب غش مالي هو من قبيل الإحتيال الذي يجب العقاب عليه جنائيا وبذلك تطبق نصوص تجريم النصب على ذلك الغش أو الإحتيال بطرق معلوماتية. ولقد سار على ذلك النهج القضاء الكندي والأسترالي.
ج. ثالثا: وتمثله الولايات المتحدة الأمريكية حيث تطبق النصوص المتعلقة بالغش في مجال البنوك والبريد والتلغراف والاتفاق الاجرامي لغرض الغش على حالات النصب المعلوماتي([24]).
بل أن بعض القوانين المحلي في بعض الولايات الأمريكية([25])، أصدرت قوانين في هذا الخصوص وأضفت تعريفا موسعا للأموال بأنه (كل شيء ينطوي على قيمة) ومن ثم يندرج تحت تعريف هذه الأموال المعنوية والبيانات المعالجة حيث تعاقب هذه القوانين على الإستخدام غير المسموح به للحاسب الآلي بغرض اقتراف افعال الغش أو الاستيلاء على أموال.
وعلى المستوى الفيدرالي فقد صدر قانون سنة 1984 يعاقب على "الولوج غير المشروع او المصطنع في الحاسب الآلي" ونص فيه على عقاب كل من ولج عمداً في حاسب آلي بدون أذن أو كان مسموحا بالولوج منه واستغل الفرصة التي سنحت له عن طريق هذه الولوج لاغراض لم يشملها الإذن وقام عمدا عن طريق هذه الوسيلة بإستعمال أو تعديل او اتلاف او افشاء معلومات مختزنة في الحاسب متى كان هذا الأخير يعمل باسم ولصالح الحكومة الأمريكية، وطالما أثرت هذه الأفعال على أداء وظيفته ولهذا يرى الفقه امكانية تطبيق هذا النص وبشروط محددة على النصب المعلوماتي.
2. الإستيلاء على مال الغير:
ووفقا لقضاء محكمة النقض الفرنيسة فإن التسليم في جريمة النصب المعلوماتي يستوي أن يكون ماديا أو ما يعادلة.
ومن ناحية أخرى يلزم ان تتوافر علاقة السببية في جريمة النصب بما فيها النصب المعلوماتي ما بين فعل التدليس وبين النتيجة المتمثلة في تسليم المال.
· وخلاصة القول:
أن النصب المعلوماتي إن كان محله الإستيلاء على النقود أو اي منقول مادي آخر له قيمة مادية فليس هناك مشكلة كان يتم التلاعب في البيانات الداخل أو المختزنة بالحاسب أو برامجه بواسطة شخص ماكر يستخرج الحاسب بإسمه أو باسم شركائه شيكات أو فواتير مبالغ غير مستحقة يستولي عليها الجاني أو يتقاسمها مع شركائه.
وإذا كان محل التسليم غير مادي وتحديدا في حالة النصب المعلوماتي فإن جانبا من الفقه الفرنسي يرى قيام الجريمة في حالة التدخل من البرمجة أو المعطيات المقدمة لجهاز الحاسب الآلي والتي تؤدي إلى الغاء رصيد مدين أو بالأحرى جعل الحساب دائنا بمبالغ غير مستحقة لأنه سواء قام الحاسب الالي بإحتجاز امر التحويل الخاص بشخص ما ثم زوره باسمه حتى يدفع قيمته في حسابه وسواء تم التلاعب في البرنامج بهدف دفع الفوائد في حسابه فإن تحويل الأموال من حساب لآخر يتم بالقيد كتابة بدون تسليم الأموال للجاني وفي كل هذه الفروض ورغم الطبيعة غير المادية للنقود الكتابية فإن الدفع يتم بواسطة القيد كتابة وهو ما يعادل التسليم المادي للأموال.
وجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي قد نص في المادة (313/1) من قانون العقوبات الجديد على إستخدام لفظ "النقود والأموال" كحمل لجريمة النصب بعد أن تخلى عن لفظ "الأشياء" الوارد في المادة (405) من القانون القديم أي لا يشترط في المال بالضرورة أن يكون من الأموال المادية، كذلك تقوم جريمة النصب المعلوماتي وفقا للنص الفرنيس سالف الذكر متى كان محلها تقديم خدمة بناء على النشاط الإجرامي الصادر من الجاني. ولذلك فإن اختلاس الخدمات ليس سرقة حسب القانون الفرنسي انما هو استعمال طرق احتيالية للحصول على هذه الخدمة أي يعد نصيبا.
وإذا ما كانت جريمة النصب أو الإحتيال جريمة عمدية كما سبق البيان فإن صورة الركن المعنوي فيها هو القصد الجنائي العام ثم قصدا خاصا هو نية التملك. وفي جريمة النصب المعلوماتي يتحقق القصد العام إذا علم المتهم أنه يترتكب فعل تدليس من شأنه ايقاع المجني عليه في الغلط الذي يحمله على تسليم ماله فالجاني يستخدم اسلوبا للايهام بوجود إئتمان كاذب أو مشروع كاذب ويتوصل إلى الإستيلاء على مال الغير كله او بعضه متى وقع على فواتير الشراء باسم كاذب او استغل صفة كاذبة لتحويل اموال الغير من حساب إلى آخر عن طريق التلاعب في المعطيات أو البيانات المدخلة ويجب توافر علمه بهذه الوقائع ومع ذلك تتصرف إرادته اليها رغم علمه بأن فعله من الأمثال التدليسية.
أما عن القصد الجنائي الخاص وهو نية التملك فيقدم متى كان هدف الجاني من هذا الإحتيال هو الإستيلاء على مال مملوك لغيره علما بانه لا عبرة بالبواعث في ارتكاب جريمة النصب سواء كان الباعث نبيلا أم غير ذلك
ويتوافر القصد الخاص في جريمة النصب المعلوماتي متى قام الجاني باستخدام البطاقة – مثلا – وهو عالم أن رصيده ليس به ما يكفي أو أن بطاقته منتهية أو موقوفة ويستخدمها رغم ذلك في الحصول على سلع وخدمات وكذلك قيام سارق البطاقة أو تزويرها بإستعمالها في الحصول على سلع او خدمات مع علمه بأنه لا حق له في ذلك
3. حماية أموال التجارة الإلكترونية من خلال نصوص جريمة النصب:
بمطالعة النصوص التي تجرم النصب في القانون المصري (المادة 236) والتي تجرم الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة (المادة 399) وكذلك قانون العقوبات الفرنسي الجديد (المادة 133 – 1) نجد أنه لا فارق فيما بينها فيما يتعلق بالأموال العامة ولكن نص القانون الأخير (الفرنسي) أكثر قدرة على حماية الأموال في نطاق التجارة الإلكترونية من نص قانون العقوبات المصري والإماراتي.
ولذلك لو قام احد المحامين بطلب استشارة من طبيب أو محامي عبر الإنترنت وأوهمه بسداد أتعابه من خلال بطاقة الإئتمان ولم يسددها فإنه يرتكب جريمة نصب حسب القانون الفرنيس دون القانون المصري او الإماراتي وذلك لأن قانون العقوبات الفرنسي يجعل الخدمات مساوية للمال الذي يمكن تسليمه في جريمة النصب بمعنى أن الخدمات قد تكون موضوعا للتسليم في جريمة النصب مثلها مثل المال تماما ولذلك فإن المشرع الفرنيس في النص الجديد الذي يعاقب على جريمة النصب تحدث عن تسليم المال والخدمات وليس الإشياء ولذلك فإن الفقه الفرنسي رأى في تخلي المشرع عن لفظ الأشياء أن التسليم قد يكون محله مالا معنويا إلى جانب المال المادي وكذلك تقوم جريمة النصب – بحسب القانون الفرنيس – وعلى خلاف القانونين المصري والإماراتي إن تمكن الجاني من الحصول على برنامج للكمبيوتر من شبكة الإنترنت أو سمع قطعة موسيقية أو اشترك في صحيفة عبر الشبكة وذلك عن طريق وسائل احتيالية ويعد المقابل في كل هذه الفروض عبارة عن المنفعة التي عادت عليه من الإستحواذ مع البرنامج المعلوماتي أو سماع القطعة الموسيقية أو الإشتراك في الجريدة عبر الإنترنت ولأن الإنتفاع بالخدمة وتسليمها بناء على طرق احتيالية في جريمة النصب يعادل سرقة المنافع – كما سبق البيان – في السرقة المعلوماتية ذلك أن الأموال المعنوية أو الخدمات او سرقة المنافة أو النقود الكتابية كلها نماذج لتطور المعلوماتية والهدف منها حماية قيم او كيانات ذات قيمة مالية لكنها ليست نقودا مادية يمكن قبضها باليد غير انها لها ذات القيمة ويمكن تحويلها إلى نقود مادية فيما بعد.
وقضى القضاء الفرنسي – بدوره – بأنه من الجائز استخدام نظم المعلومات في تحقيق جريمة النصب ولذلك فقد قضى بأن "استخدام الكمبيوتر في اصطناع ايصالات وطبعها نطرا لما له من إمكانيات في إجراء لحسابات يمثل الإيهام بوجود دين غير حقيقي تقع به جريمة النصب"
ويعقب الفقه الفرنسي على ذلك الحكم قائلا أن الجاني لا ينصب على الآله ولكن ينصب على الإنسان الذي يجلس خلف هذه الآله.
ومن ناحية أخرى تطبق أحكام جريمة النصب في القانون المصري وجريمة الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة لو تمكن أحد من الحصول على مقابل مالي من المجني عليه والذي أوهمه – عن طريق شبكة الإنترنت – أنه طبيب معالج ودعم ذلك من إستخدام طرق احتيالية لتدعيم كذبه – ففي هذه الحالة يعاقب بجريمة النصب.
وخلاصة القول : أن الأموال المتداولة في نطاق التجارة الإلكترونية يمكن حمايتها بنصوص النصب أو الإحتيال إلا أن الحماية في القانون الفرنيس ذات فاعلية عن القانونين المصري والإماراتي لأن القانون الفرنسي يراعى طبيعة المال المعلوماتي.
http://img607.imageshack.us/img607/1487/74408559.gif
إلغاء قوانين الطوارئ في الدول العربية
ركيزة أساسية للإصلاح ونشر الديمقراطية
تقـديــم:
حينما تلجأ الدول إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية فإنها تعرف جيداً أنها تخاطر بالحريات العامة وحقوق الإنسان في بلدها إلا أنها تبرر لجوئها إلى هذا الخيار بحجج كثيرة على رأسها المصلحة الوطنية العليا وسلامة واستقرار البلد إلا أننا لو تفحصنا الأمر جيداً لوجدنا أن هذه الحجج لا تعدو في كونها تختزل في مصلحة النظام الحاكم وبالأخص مصلحة الرئيس أو الملك فلا فرق في الدول الدكتاتورية وعلى رأسها الدول العربية بين المصلحة الوطنية العليا ومصلحة بقاء الرئيس أطول فترة حتى لو كان ذلك بفرض قانون الطوارئ طيلة فترة بقاء ذلك الرئيس في السلطة والتي كما نعرف من بعض الأمثلة ربما تزيد عن نصف قرن وفي دول أخرى يعيش الشعب فيها حالة طوارئ مضاعفة بدون حاجة لإصدار قانون للطوارئ وهنا المشكلة أكبر ففي أدبيات ذلك النظام أنه على رأس قائمة الدول الديمقراطية، عموماً فإن حقوق الإنسان هي دائماً الضحية الأولى والأخيرة لمثل هذه الأنظمة، فالعبرة في انتصار الحريات والحقوق ليس بما يعلن أو يقرر في الدستور بل بما ينفذ ويطبق بالفعل تجنباً في اضطرار الإنسان إلى التمرد على الظلم والاستبداد واندفاعه في أعمال انتقامية تؤذي الضمير الإنساني وتعرقل مسيرة البشر.
الباب الأول
1- مفهوم حالة الطوارئ :
حالة الطوارئ أو ما يسمى بالأحكام العرفية أو الظروف الاستثنائية تتحقق إذا ما نشأت في تلك الدولة ظروف وعوامل تجعل السلطة التنفيذية فيها عاجزة وغير قادرة على أعادة فرض الأمن والاستقرار وبالتالي فأنها أي (السلطة التنفيذية) وتبعاً لذلك تخرج عن حكم القانون الأساسي والقوانين العادية الأخرى وتلجأ إلى فرض إجراءات وأوامر وقرارات خطرة تكون في الغالب ماسة بحقوق الإنسان الأساسية للفرد، والغاية من لجوء السلطة أو الحكومة إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية يتمثل في أن القوانين المعمول بها في ظل الظروف الطبيعية أصبحت عاجزة عن جعل السلطة والحكومة قادرة على مواجهة ما أستجد من ظروف استثنائية في ظل تلك القوانين ومن بين هذه الظروف الاستثنائية المستجدة نشوب حالة حرب مع دولة أخرى أو حالة حرب أهلية في داخل الدولة نفسها لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية أو من أجل الانفصال أو اضطراب الأمن والاستقرار أو حصول حالة فتنة أو انتشار كارثة بيئية أو مرضية وغيرها من الظروف، وفي كل الأحوال إعلان قانون الطوارئ يصدر من قبل الدولة بتشريع أو مرسوم جمهوري أو ملكي وليس بالضرورة أن يأخذ هذا المرسوم التشريعي في إصدار نفس آلية صدور التشريعات العادية ومراحل إصدارها المتمثلة في عرضها على البرلمان أو مجلس الوزراء أو عرضها في أستفاء شعبي وبالتالي نرى أن إعلان حالة الطوارئ أو إعلان الحرب تكون بمثابة قرار حصري بيد رئيس الدولة وهذا شأن أغلبية الدول العربية ودول العالم النامي وفي كثير من الحالات يكون إعلان حالة الطوارئ يقتصر على المنطقة التي تقع فيها الكارثة أو الفتنة فمثلاً تعلن حالة الطوارئ في الإقليم الذي حصل فيه زلزال مدمر أو فيضان أو حرب أهلية دون غيره من الأقاليم الأخرى، في نفس الدولة باستثناء حالة الحرب فإننا نجد أن حالة الطوارئ تعلن في كافة أرجاء البلد.
2-مفهوم حالة الطوارئ في المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان :
تناولت بالبحث أغلب المعاهدات والصكوك الدولية حالة الطوارئ ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي نصت المادة الرابعة منه على (( في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة والمعلن عن قيامها رسمياً يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العراق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي )).
ونصت الفقرة (1) من المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما يلي: (( في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي.
أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969فقد أكدت المادة(27/1) منها على أنه لا يمكن للدولة الطرف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو سواهما في الحالات الطارئة التي تهدد استقلال الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات تحد من التزامها بموجب الاتفاقية الحالية ولكن فقط بالقدر وخلال المدة التي تقتضيها ضرورات الوضع الطارئ شريطة أن تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولي ولا تنطوي على تميز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
3-المفهوم السليم لقانون الطوارئ ((هل هو قانون عادي أم استثنائي)):
لا يمكن اعتبار قانون الطوارئ والأحكام العرفية قانون عادي بل هو قانون استثنائي وهذا هو وصفه السليم رغم الأصوات التي تنادي باعتباره قانون عادي فهي مخطئة في هذا الوصف الذي تنقصه الدقة فالقوانين العادية ومنها قانون أصول المحاكمات الجزائية يحتوي على العديد من الضمانات والحقوق التي يمنحها للأشخاص كالمهتمين، ومنها قاعدة (توجيه التهمة) للمتهم مباشرة عند اعتقاله وإلقاء القبض عليه في حين نرى أن هذه الضمانات في ظل قانون الطوارئ قد تهدر وتكون عرضة للضياع فنجد الكثير من الأفراد يلقى القبض عليهم ويتم إيقافهم دون أن توجه لهم أي تهمة ولمدة طويلة في بعض الأحيان وبالتالي فأن قانون الطوارئ قد عمل على أضعاف وأنقاض حقوق مضمونة في ظل القوانين العادية عليه فأي قانون ينقص من هذه الضمانات للأفراد هو
(قانون استثنائي).
الباب الثاني
أثر قانون الطوارئ على حقوق الأفراد والحريات العامة
لقانون الطوارئ أثر كبير على مدى احترام حقوق الأفراد التي كانت مصونة شيء ما في ظل الظروف الاعتيادية حيث كانت القوانين تحميها ويتجلى هذا الأثر لما ينقص من ضمانات الأفراد في تشريعات الطوارئ والأحكام العرفية فعلى صعيد الحريات الفكرية والأدبية والصحفية فأنها تتأثر كثيراً فليس من الغريب أن نجد السلطة تبدأ بمراقبة الصحف والمجلات ودور النشر والصحافة وتمارس عليها رقابة شديدة تصل إلى درجة إغلاق أماكن طبعها ومصادرة المطبوع منها ومنع بعضها من الصدور بحجج أنها تثير الإشاعات وتحرص على أعمال العنف أو تحرض ضد السلطة وأما ما يخص أثر قوانين الطوارئ على حرية انتقال الأفراد فهذا أثره واضح فيما إذا قامت السلطة بغلق بعض المناطق من البلاد ومحاصرتها وعزلها عن غيرها كذلك تقوم بأخلاء بعض المناطق وتعيق المواصلات وتضع قيود صارمة على حرية انتقال الأفراد وتحديد أوقات معينة لفتح وإغلاق المحال العامة وتحديد أوقات لحظر التجوال في الأماكن العامة وفي الشوارع والمدن وفيما يخص القضاء فيكون لإعلان قانون الطوارئ أثر كبير على مبدأ استقلالية القضاء والفصل بين السلطات ففي ظل قانون الطوارئ تعطي بعض صلاحيات القضاء في الاعتقال والحجز إلى أفراد السلطة الإدارية فنرى مثلاً قائد الشرطة في ظل قانون الطوارئ يملك صلاحيات قاض التحقيق من توقيف للمشتبه بهم وأحالتهم على المحاكم الاستثنائية والعسكرية التي تشكل في هذه المرحلة وهذا ما يدعو إلى القول بأن الضمانة الوحيدة ([1] (http://www.achr.nu/new890.htm#_ftn1)). لاحترام الحريات والحقوق العامة تكمن في تشبث الشعب بهذه الحريات وتلك الحقوق وتمسكه بها كما يدعونا في نفس الوقت إلى القول بأن العبرة في انتصار الحريات والحقوق العامة ليست بما يقنن أو يعلن أو يقرر في الدستور أو في القانون بل بما يتم وينفذ ويطبق بالفعل وذلك لتجنب اضطرار الإنسان إلى التمرد على النظام واندفاعه إلى أعمال انتقامية تؤذي الضمير الإنساني وتعرقل مسيرة البشر للتمتع بما يلزمه من حريات وحقوق عامة ارتفاعا بمستوى هذه الحريات والحقوق.
الباب الثالث
أثر قانون الطوارئ على سير عمل القضاء
يتأثر عمل القضاء بشكل كبير في ظل حالة الطوارئ وذلك للخل الذي يصيب قاعدة استقلالية القضاء ومبدأ بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حيث تجعل الأوامر والقرارات التي تصدرها الدول في ظل قانون الطوارئ (السلطة القضائية) عرضه للتدخل من قبل السلطات الأخرى ويظهر بشكل واضح استحواذ السلطة التنفيذية على بعض مهام السلطة القضائية ويكون الأمر على الشكل التالي:
أ-في مجال التحقيق الابتدائي والاستجواب :
في ظل الظروف الاعتيادية تقوم بواجبات التحقيق والاستجواب محاكم التحقيق والنيابة العامة والادعاء العام وبمعاونة أجهزة الشرطة حيث يتمتع المتهمين بكافة الضمانات الأساسية حيث لا يجوز اعتقال شخص إلا بعد توفر أدلة وقرائن لاعتقاله في حين توجه التهمة للمتهم بعد اعتقاله مباشرة حيث لا يجوز أن يبقى أي شخص معتقل دون أن توجه له تهمة، هذا في ظل القوانين الاعتيادية أما في ظل حالة الطوارئ فالأمر مختلف حيث تعطي بعض صلاحيات القضاء للحاكم العسكري (العرفي) ومنها إصدار أمر القبض على المشتبه بهم الخطرين على الأمن والنظام واعتقالهم وتفتيشهم والأماكن التي يرتادونها ومن الممكن جداً أن يبقى الشخص معتقلاً دون أن توجه له تهمة لفترة طويلة، وتهمل ضمانات أخرى أثناء التحقيق الابتدائي والاستجواب في ظل حالة الطوارئ لأسباب منها
(سرية التحقيق) وعدم علانيته وكذلك عدم حصول المتهم على المساعدة القانونية التي يحصل عليها في القوانين الاعتيادية كحصوله على محامي دفاع يدافع عنه أمام السلطات المعتقلة له وغيرها من الضمانات الأساسية التي تهدر في ظل حالة الطوارئ بدافع الضرورات الأمنية والمصلحة العليا ...؟.
ب- في مجال المحاكمة والحكم :
في ظل حالة الطوارئ وإعلان الأحكام العرفية تشكل محاكم استثنائية وخاصة ومنها المحاكم العسكرية حيث تصدر قرارات من السلطة التنفيذية بإحالة المتهمين إلى هذه المحاكم والتي تسمى في بعض الدول بمحاكم أمن الدولة وتكون عادة تشكيلة هذه المحاكم من أحد القضاة وعضوية ضابط أمن وضابط عسكريين من الجيش أو الحرس الوطني أو حتى ضباط مخابرات ومما لا شك فيه أن أعضاء هذه المحاكم لا يتوفر فيهم المؤهل القانوني اللازم لتولي منصب القاضي حيث لا يشترط في عضوية هذه المحاكم غير شرط الولاء السياسي للنظام الحاكم وهذا شأن أغلب الدول العربية التي تعمل بقوانين طوارئ ومنها جمهورية مصر حيث أجازت المادة (7) من قانون الطوارئ المصري لرئيس الجمهورية تشكيل محاكم أمن الدولة من عنصر قضائي وعنصر عسكري وفي ظل الأحكام العرفية تكون الأحكام عادة قطعية وغير خاضعة إلى رقابة المحاكم العليا كمحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز إلا إذا وجد نص يخالف ذلك. وفي بعض الدول يتولى وزير الدفاع أو الداخلية أو حتى رئيس الدولة صلاحية الأمر بالقبض على المتهمين أو أطلاق سراحهم قبل أو بعد المحاكمة كإصدار قرار بالعفو.
الباب الرابع
الضمانات والحقوق التي لا يجوز تعطيلها في المواثيق الدولية
والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ .
من بين هذه الحقوق حق الإنسان في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية أو المشينة والعقوبة القاسية وهذه من الحقوق والالتزامات المتأصلة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية([2] (http://www.achr.nu/new890.htm#_ftn2)). إضافة إلى حقه بعدم التعرض للاسترقاق والرق وعدم التعرض للسجن لمجرد العجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي بعدم التعرض لحرية الفكر والدين وغيرها من الحقوق التي لا يمكن تعطيلها في حالة الطوارئ وقد عالج العهد الدولي في المادة (4/2) والمادة (27) من الاتفاقية الأمريكية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة (15/2) وهذه الحقوق تكون أكثر عرضة للانتهاك من غيرها فحق الإنسان في الحياة يتجلى في عدم تورط السلطة في إعدام الأشخاص تعسفاً أو خارج نطاق القانون وتبرز هنا أهمية رجال القضاة من قضاة ومدعين عامين ومحامين في رصد وإيقاف هذه الانتهاكات ومراقبة مدى تناسب استعمال القوة مع الضمانات الواجب عدم تجاوزها.
الفصل الثاني
الباب الأول
صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق
وإعلان حالة الطوارئ
نظراً للظروف الأمنية والتداعيات العصبية التي ما برحت تعصف بالعراق في هذه المرحلة وضرورة التصدي الحازم للعابثين بالقانون وانطلاقا من التزام الحكومة المؤقتة بحماية حق المواطن في الحياة الحرة الكريمة وضمان حقوقه السياسية والمدنية والالتزام بتهيئة الأجواء الأمنية المناسبة لأجراء انتخابات حرة ديمقراطية كما يمليه قانون أدارة الدولة للفترة الانتقالية وتدعيماً لسيادة دولة القانون ولاستقلالية القضاء وفاعليته ومنعاً للتعسف في استخدام القوة في الظروف الاستثنائية ولغير ذلك من الأسباب المعروفة أصدرنا هذا الأمر.. هكذا جاءت الأسباب الموجبة لصدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية في 6/7/2004.
نظراً لكون هذا القانون يعتبر إعلان لحالة الطوارئ في العراق في الفترة الحالية التي يعيشها القطر حيث جاء في المادة الأولى منه: لرئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر جسيم يهدد الأفراد في حياتهم وناشئ من حملة مستمرة للعنف من أي عدد من ألأشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق أو تعطيل المشاركة السياسية السليمة لكل العراقيين أو أي غرض آخر.
عليه فأنه من المناسب هنا أن نتناول هذا القانون كونه ملائم لموضوع البحث ويمثل نموذج خاص لحالة من حالات الطوارئ المعروفة في بعض البلدان
العربية لما يشكله من تقييد لحقوق والحريات التي تتمتع بها الأفراد والمكفولة بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية وبالتالي يعتبر عائقاً في طريق إشاعة مظاهر الديمقراطية.
الباب الثاني
السند القانوني لصدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية
جاء في مقدمة القانون ما يلي: استنادا لأحكام القسم الثاني من ملحق قانون الدولة العراقية للفترة الانتقالية وأحكام المادة (25) من القانون أعلاه وبالتوافق مع أحكام الباب الثاني من هذا القانون أصدرنا هذا الأمر.
من هنا نلاحظ أن السند القانوني لصدور هذا القانون كماء جاء سلفاً هو قانون أدارة الدولة العراقية / القسم الثاني من الملحق والمادة (25) من أصل القانون . عليه فلو رجعنا إلى نص المادة (25) لوجدناها تتعلق باختصاصات الحكومة الانتقالية وجاء في الفقرة (ب) من هذه المادة: ((وضع وتنفيذ سياسة الأمن الوطني بما في ذلك أنشاء قوات مسلحة وأدامتها لتأمين وحماية وضمان أمن الحدود والدفاع عن العراق)).
أن لجوء الحكومة الانتقالية إلى هذا النص لتبرير صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية أمر خاضع للنقاش وينطلق ذلك النقاش من سؤال يطرح نفسه وهو
((هل أن الحكومة الانتقالية لها الصلاحية والمشروعية في إصدار قانون السلامة الوطنية)...؟
أن المادة (25) هذه لا تعطي الحكومة المؤقتة سلطة وصلاحية إصدار قانون الدفاع عن السلامة الوطنية باعتبارها أن الفقرة (ب) من المادة(25) لم تتطرق صراحة إلى منح الحكومة العراقية حق إعلان حالة الطوارئ بل العكس، أكدت هذه الفقرة على أنشاء قوات مسلحة وقوات حدود للدفاع عن أمن البلاد ومن هذه العبارات نلاحظ أن الحكومة ملزمة بالبناء الأمني للسيطرة على الوضع الصعب الذي تمر به البلاد وبالتالي فأن لا أجد أن نص المادة (25) يعطي للحكومة المؤقتة حق إعلان الأحكام العرفية والطوارئ .
ومن نفس القانون وبالتحديد في المادة (15) نجد أن الفقرة (ط) تنص
على: ((لا يجوز محاكمة المدني أمام محكمة عسكرية ولا يجوز أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية)) من خلال هذا النص نرى أن قانون أدارة الدولة العراقية يمنع أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية والتي تعتبر صورة من صور حالات الطوارئ وبالتالي نجد دليلاً أخر على عدم صلاحية الحكومة العراقية في إعلان حالة الطوارئ وأعتقد أن إعلان حالة الطوارئ مستقبلياً في العراق بالاستناد إلى قانون السلامة الوطنية وقانون أدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية أجراء غير صائب وغير مبرر وفيه خرق لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الباب الثالث
قانون السلامة الوطنية في ميزان حقوق الإنسان
بالتأكيد أن قانون الدفاع عن السلامة الوطنية هو قانون استثنائي ومن هنا فأنه ينقص من ضمانات وحقوق الأفراد في القوانين الاعتيادية وبالتالي يعارض حقوق الإنسان وخصوصاً من جهة أنه يمهد لإعلان حالة الطوارئ هذا كقاعدة عامة إلا أننا لو قرأنا هذا القانون لوجدنا أن هذا القانون فيه من الضمانات التي لا توجد في غيره من قوانين الطوارئ لدول أخرى ، وسوف أفصل هذه الضمانات وكما يلي:
1- خضوع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة تمييز العراق ومحكمة التمييز في إقليم كردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم وانتهاء بالمحكمة الاتحادية العليا وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو أقرارها، المادة (9) ثانياً من القانون.
2- أن قرارات إعلان حالة الطوارئ محصورة بمدة محددة أمدها (60) يوماً أو تنتهي بزوال الخطر ويجوز تمديد هذه المدة (30) يوماً بصورة دورية المادة (2) من القانون.
3- فيما يخص توقيف الأشخاص واحتجازهم أو وضع قيود أخرى، فرض القانون عرض المتهم أمام قاضي التحقيق خلال (24) ساعة من الاعتقال المادة (4) من القانون.
4- لا ينفرد رئيس الوزراء باتخاذ القرار بإعلان حالة الطوارئ وإنما ألزمه القانون موافقة هيئة الرئاسة وبالإجماع، المادة(1) من القانون.
أن هذه الضمانات تجعل قانون الدفاع عن السلامة الوطنية يعطي ضمانات للأشخاص والأفراد فيما يخص احترام حقوق الإنسان، وعدم انتهاكها وبالتالي يجعل القانون مختلف عن غيره من قوانين الطوارئ في بعض البلدان العربية.
الباب الرابع
رؤية في إيجاد حل للوضع الأمني في العراق
بعيداً من إعلان حالة الطوارئ
تردت في الآونة الأخيرة أصوات عديدة من بعض مسئولي الحكومة المؤقتة الجديدة تدعو إلى إعلان حالة الطوارئ في بعض مناطق العراق بدعوى أنها الحل الأمثل لضبط حالة الانفلات والسيطرة على الوضع المأساوي الذي يمر به البلد في ظل حالة العنف المتنامي وقد بررت هذه الأصوات باعتبار أن هذا الخيار هو الذي سوف يعيد ترتيب الأوراق في البيت العراقي ويحقق له الهدوء والسكينة والغريب في الأمر أننا نسمع مثل هذه الأطروحات من قبل مسئولي البنية القانونية والإنسانية في البلد كوزير حقوق الإنسان ووزير العدل الذي ينبغي أن يكونا هما أكثر الناس دفاعاً عن حقوق الإنسان وبالتالي ينبغي أن يكونا من أكثر الوزراء رفضاً لفرض حالة الطوارئ ومن أجل أغناء الموضوع نرى أن حالة الطوارئ أو ما يسمى بالأحكام العرفية تتحقق إذا ما قامت ظروف تحتم قيام السلطة التنفيذية الإدارية بالخروج على حكم القانون الأساسي (الدستور) للدولة والقوانين الأخرى وذلك بفرض إجراءات وأوامر خطيرة تكون عادة ماسة بحقوق الإنسان والحريات العامة للفرد وبمعنى أخر أن حالة الطوارئ تفرض أذا ما أصبحت القوانين والقواعد القانونية العادية عاجزة عن جعل السلطة الإدارية قادرة على مواجهة الظروف الاستثنائية والتي منها الحروب والفتن واضطراب وانتشار الأوبئة وفي ظل حالة الطوارئ تنزل كفة الأوامر والقرارات والأعمال الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية وما يترتب عليها من إضعاف صفة المشروعية على هذه القرارات رغم انتفاءها عنها في ظل الظروف العادية ولكي لا نبعد كثيراً عن الموضوع نوضع أنه كيف التعارض بين فرض حالة الطوارئ وتقييد الحريات وحقوق الإنسان ...؟ ، فأين حقوق الإنسان أذا ما أمرت السلطة بأخلاء بعض المناطق وعزلها وتقييد المواصلات ووضع القيود على حرية الانتقال والمرور في أماكن ومناطق معينة وأوقات معينة والقبض على المشتبه به لمجرد الشبهة وأين حقوق الإنسان إذا ما تحول مدير الشرطة إلى قاض يصدر الأحكام وأين حقوق الإنسان أذا قررت السلطة منع الصحف والمنشورات والمطبوعات وإغلاق أماكن طبعها وتحديد مواعيد فتح المحلات العامة وإغلاقها وتحديد أوقات لحضر التجوال في الشوارع والمدن وغيرها من القيود وبالنتيجة فأني لا أرى سوى عودة إلى الوراء، إلى زمن القمع والتقييد، وإساءة بالغة لمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في الوقت الذي يصبو فيه العراق نحو ناحية الحرية والديمقراطية التي تدفع الشعب العراقي ثمنها غالياً ولتلافي حالة الانفلات الأمني وتحقيق الاستقرار الجزئي ربما كمرحلة أولى نلجأ إلى بعض الحلول ومنها:
تفعيل حالة استلام الملف الأمني من قبل الأجهزة الأمنية العراقية وإعطاء بعض الوقت الكافي لهذه الأجهزة لإثبات جدارتها بعد زوال الحاجز المعنوي لدى أفراد الأجهزة الأمنية من شرطة ودفاع مدني وجيش وغيرها والمتمثل بتحررها من أوامر سلطات الاحتلال وتمتعها باستقلالية اتخاذ القرار وكذلك دعم أنشاء القوات المسلحة الوطنية وإعادة بعض أفواج الجيش العراقي السابق والقوى الأمنية الشريفة وحضر انتشار المليشيات العسكرية وشبه العسكرية داخل وخارج أطار القوات المسلحة ، وكذلك من المعالجات الحية أطلاق عنان المصالحة الوطنية بين كافة المكونات السياسية في المجتمع العراقي بكافة أطيافه وإشعار الجميع بأنهم شركاء رئيسيون في العملية السياسية وعدم تجاهل أي شريحة أو فئة أو تيار وإنهاء حالة ألإقصاء والعمل مع الجميع وفقاً لمعيار (المواطنة) والعمل على جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق وعقد اتفاقيات مع دول الجوار لضبط الحدود ومنع التسلل من والى العراق والى أخره من المعالجات الوافية والكافية عن فرض حالة الطوارئ وبالتالي فأننا ضمنا الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وعدم انتهاكها وفي نفس الوقت حققنا ولو جزئياً كمرحلة أولى حالة من الاستقرار وأستناب الأمن وضمان مبدأ سيادة القانون.
الخاتمة
نستنتج مما سبق أن قانون الطوارئ هو قانون استثنائي تصدره حكومات بعض الدول عندما تتعرض لظروف تعتبر غير اعتيادية من حيث تعرضها لحرب أو كارثة أو فتنة... وأن تقيم هذه الظروف من كونها خطرة وغير اعتيادية مسألة تكون إلى درجة كبيرة سياسية أكثر من أي شيء أخر فأغلب الدول التي تذهب إلى إصدار قوانين للطوارئ يكون قصدها الأساسي هو من أجل الحفاظ على مصلحة أخرى لم يعلن عنها وفي ظل قانون الطوارئ تتعطل العيد من القوانين الاعتيادية مما يؤثر على حقوق الأفراد الأساسية التي تكفلها تلك القوانين ويظهر تدخل السلطة التنفيذية في مهام السلطات الأخرى بشكل واضح وخصوصاً عمل السلطة القضائية حيث تظهر حالات الاعتقال الكيفي لمجرد الاشتباه وبدواعي أن هذا الشخص يمثل خطر على المصلحة العامة وتنتقل صلاحيات رجال القضاء إلى الحاكم العرفي ومعاونوه إلا أنه وتبعاً للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والأعراف الدولية هناك حقوق لا يمكن تعطيلها أثناء سريان قانون الطوارئ وعلى رأس هذه الحقوق الحق في الحياة وهنا تظهر معادلة التوازن بين ضرورة تطبيق قرارات وأوامر الحاكم العرفي وبين حق الأفراد في أن يكون هذا التطبيق مناسباً من حيث القوة والصرامة مع خطورة الظروف وتأثيره بحيث لا يمكن أن تكون إجراءات الطوارئ أكثر صرامة من خطورة الكارثة بحيث تهدد حياة الأفراد بسبب ذلك، أما فيما يخص قانون الدفاع عن السلامة الوطنية العراقي فأني أستنتج من احتواءه على العديد من الضمانات والتي تجعله يتميز عن غيره من القوانين وعلى رأسها حق مراقبة المحاكم العليا على القرارات التي تصدر من رئيس الوزراء وغيره من المسئولين وإمكانية إلغائها أو تعديلها إلا أنه من وجهة نظر أخرى أرى أنه يمكن الاستعانة ببدائل أخرى عوضاً عن إعلان حالة الطوارئ ومنها تفعيل دور القوات المسلحة وقوى الأمن والشرطة وإعادة أفراد الجيش العراقي السابق وتفعيل المصالحة الوطنية بين كافة الفصائل والفئات ودعم الجهاز القضائي في تحقيق الأمن والاستقرار.
الباحث القانوني
المحامي جبار جمعة اللامي
شكرا لكِ جوداء على هذه المعلومات المهمة و المواضيع القيمة
بارك الله فيكِ
الفارس الجدَّاوي
2011-02-21, 15:49
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أقدم لكم اليوم هذا العمل المتواضع و هو عبارة موسوعة قانونية قضائية ضخمة بمعنى الكلمة ولا للإحتكار والمضاربة و اترككم مع المحتويات
01-كل القوانين الجزائرية
02- مبادئ الشريعة
03- الإجتهاد القضائي -النقض- في جميع الميادين أكثر من 3000 إجتهاد قضائي.
04- التنظيم القضائي الجزائري
05- جميع المراسيم الجزائرية.
06- دليل جميع المحامين و المحضرين و الموثقين......
07- البحث السهل.
08- الطباعة السهلة
على كل عليك بتحميل جميع الإجزاء ثم فك الضغط وبعدها نسخها على cd .
ثم قم بالتثبيت ونسخ الكراك في مجلد التثبيت و سبطلب منك الإستبدال فوافق على ذلك
ثم قم بإرسال الكراك لسطح المكتب و تمتع و إستفد.
ملاحظة : الموسوعة لا تعمل إلا بإستخدام cd و التي نسخنا عليها الملفات و لا غنى عنها.
و الأن أترككم مع روابط التحميل
http://www.mediafire.com/?n908erc4vywgb9c
http://www.mediafire.com/?mnoloeldf0svnu5
http://www.mediafire.com/?c2ybv4yynleipug
http://www.mediafire.com/?ken6ej8499hp7hh
http://www.mediafire.com/?tl3e920m6l80dl4
منقول
السلام عليكم:
شكرا جزيلا.
_القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم__________________________
____
°°°
كانت سلطة القضاء وتطبيق نصوص التشريع الإسلامي على الوقائع لرسول الله صلى الله عليه وسلم , استمدها من الله سبحانه بقوله تعالى ( فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق)( المائدة -48) وكان منصب القضاء يتولاه النبي صلى الله عليه وسلم في بادىء الأمر بنفسه , لأنه المرجع الوحيد لتلقي الأحكام الشرعية فيما يحدث من المسائل والأقضية , فإذا شجر بين الناس نزاع أو عرض لهم حادث , وأرادوا معرفة حكم الإسلام فيه لينفذوه ذهبوا من تلقاء أنفسهم ليحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحكم بينهم بما ينزل الله عليه من الوحي تارة , وبأقواله وأفعاله التي تصدر عن اجتهاده تارة أخرى
روى الإمام احمد في مسنده عن أم سلمه هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : ( جاء رجلان يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلى رسول الله وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن (أي أفطن وأقدر على البيان) بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع , فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه , فإنما أقطع له قطعة من النار , فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إذاً فقوما فأذهبا , فلتقتسما ثم توخيا الحق ثم أستهما (أي اقترعا) ثم ليحل كل واحد منكما صاحبه )
فكان عليه الصلاة والسلام يحكم في جميع المسائل التي تلقى إليه وفق الدليل الذي يثبت الدعوى ولو ظاهراً على خلاف الواقع , فكان يقول : ( أمرت أن أحكم بالظاهر . والله يتولى السرائر )
ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له صفتان في أحكامه , الصفة الأولى بوصفه مشرعاً والصفة الثانية بوصفه قاضياً فهو في الأولى لايخطىء وإن أخطأ رده الله إلى الصواب في حين أنه في الثانية معرض للخطأ , فقد جاء في كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق أراد أن يعطي نصف أثمار نخيل المدينة لغطفان على أن لا يحاربوه مع قريش لكي يكسر شوكة الأحزاب فلما سمع السعدان سعد بن عبادة رئيس الخزرج وسعد بن معاذ رئيس الأوس قالا : يا رسول الله هل ذلك بوحي من الله , أم رأي رأيته ؟ قال : بل رأي رأيته , فقالا لا وحقك لا نعطيهم نصف ثمرة , فأجابهما الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما رأيا .
وكان إذا قضى صلى الله عليه وسلم في مسألة , تقدم إليه المحكوم عليه , بمقتضى الوازع الديني الذي هذب أخلاقه , لكي ينفذ الحكم عليه , عقب النطق بالحكم إذ قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) (النساء -65)
اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال أحدهما أن ابني كان عسيفاً ( أي أجيراً) على هذا , فزنى بامرأته , وأني أخبرت أن على ابني جلد مائه , فافتديت منه بمائة شاة , وجارية لي , ثم إني سألت اهل العلم فأخبروني إنما على ابني مائة جلده وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته (لأنها محصنة) , فحكم النبي بقوله : ( أما غنمك وجاريتك فرد عليك ( أي مردودة عليك لا تنوب عن الحد ) وجلد ابنه مائه وغربه عاماً , وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر , فإن اعترفت رجمها , فاعترفت فرجمها)
ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع في يده السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية , إذ كان يقضي وينفذ ما يقضي به إما بنفسه أو بمن ينتدبهم للتنفيذ كما إنتدب أنيساً لتنفيذ الرجم على الزانية
أما طرق الإثبات عنده عليه الصلاة والسلام فمنها البينة , والبينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره , فكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه)
وروى مسلم في صحيحه عن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى الناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه)
ومن طرق الإثبات شهادة الشهود وكان عليه الصلاة والسلام يقول ( أكرموا الشهود فإن الله تعالى يحي بهم الحقوق , وقد بين صلى الله عليه وسلم من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجوز شهادة خائن (في الدين أو المال أو الأمانة) ولا خائنه ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر (حقد) على أخيه ) وقد اخرج هذا الحديث أبي داود والترمذي
ومن طرق الإثبات عنده الكتابة , كما حكم بالقافة , وبذلك أقرت الشريعة الإسلامية هذا النوع من الإثبات , فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقافة , وجعلها دليلاً من أدلة النسب وعمل خلفاؤه الراشدون والصحابة بها ولو أن الحكم بالقافة في اعتقاده إنما هو حكم بالشبه
قالت عائشة رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور تبرق أسارير وجهه فقال : أي عائشة ! الم تري أن مجززاً المدلجي (وهو قائف) دخل ورأى أسامة (أي اسامة بن زيد) وكان اسود وزيداً ( أي زيد بن حارثة) وكان أبيض وعليهما قطيفة قد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما , فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ) وذلك يدل على أن إلحاق القافة يفيد النسب , وكان النسب ثابتاً بالفراش ولكن الناس كانوا يقدحون في نسبه لكونه أسود وأبوه أبيض , فلما شهد القائف بأن تلك الأقدام بعضها من بعض سر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الشهادة التي أزالت التهمة , والحقت الفرع بأصله غير ناظر إلى سواد الإبن الذي منشأه سواد أسامه من أمه أم أيمن الحبشية
وكذلك حكم عليه الصلاة والسلام أحكاماً كان رائده فيها الفراسة , ولا عجب في ذلك فقد مدح الله سبحانه وتعالى الفراسة وأهلها في كتابه فقال تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )(الحجر-75) وقال تعالى ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم )(البقرة-272) وبذلك أقر الإسلام الفراسة ونصح بالحكم بها مستعيناً بالإمارات والعلامات والقرائن التي تظهر الحق من الباطل
لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم وابتدأ عهد الصحابة بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت سلطة القضاء يتولاها الخليفة , فلم يتخذ قاضياً يخصه بالقضاء كما فعل الخليفة عمر رضي الله عنه من بعد , بل كان القضاء يتولاه الخليفة بنفسه , وتارة يعهد به إلى غيره , واستمر العمل بهذا حتى أول خلافة عمر , وقد قيل في خلافة أبي بكر تولى عمر بن الخطاب منصب القضاء وكان أول قاضي للخليفة , ولكن الراجح أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من عين قضاة مختصين بالقضاة في الخصومات بين الناس , وإنما كان أبي بكر رضي الله عنه يفوض إلى عمر رضي الله عنه أحياناً النظر في الوقائع التي كان يدلي الخصوم بها إليه غير إنه لم يختصه بالقضاء ولم يكن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اسم قاض في زمن الخليفة أبي بكر رضي الله عنه ولم يحمل ذلك اللقب , ولم يكن عمله مقصوراً على القضاء بل تناول الإمامة وغيرها .
قسم أبو بكر جزيرة العرب إلى ولايات , وأقام على كل منها أميراً من قبله , وكان هذا الأمير يقيم الصلاة بين الناس , ويقضي في القضايا التي ترفع إليه , كما كان يقيم الحدود , وبذلك أعطى أبو بكر لكل أمير في ولايته جميع السلطات الثلاث , غير أنه لم يول قضاة يباشرون القضاء دون الأمراء , بل كان أمراء الجند هم ولاة الأمر في العراق والشام , وكان كل واحد منهم يولي بنفسه واحداً من قبله على الناحية التي فتحها , والتي لم يستقر للدولة الإسلامية الأمر فيها نهائياً فكان بذلك نائباً عنه في تلك الناحية
قضى أبو بكر رضي الله عنه كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم , وولى ولاته على الأمصار , ليقضوا بينهم فيها , لان القضاء كان معتبراً كما تقدم من أعمال الخليفة كإمامة الصلاة وغيرها , ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الاجتهاد بالرأي والقياس في أيامه , فإن أبا بكر ومن جاء بعده من الخلفاء الراشدين لم يعتمدوا عليه إلا قليلاً , خشية ما قد يقعون فيه من خطاء في الأحكام , حتى لا يجرأ أحد على الإفتاء بين الناس عن جهل , وكان أبو بكر يقول إذا أفتى بالرأي والقياس : ( هذا رأي فإن يكن صواباً فمن الله , وإن يكن خطاً فمني , وأستغفر الله )
توفي أبو بكر الصديق وولي الخلافة بعده عمر في اليوم الذي توفى فيه أبو بكر بوصية منه , وهو بتفرغه للسياسة العامة , وللحروب التي قامت بين الدولة الإسلامية والدولتين الفارسية والرومانية , والتي أنتجت اتساع نطاق الإسلام , وشغلت الخليفة عن التفرغ للقضاء فعمد إلى تعيين قضاة مختصين بالفصل في الخصومات وفض المنازعات , وبعد أن كان القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه , جزءاً من الولاية أصبح في عهد عمر منفصلاً عنها ويعهد يه إلى شخص آخر غير الوالي , سمي لأول مره بالقاضي ,فعين أبا الدرداء ثم يزيد بالمدينة وولى شريحاً قضاء الكوفة ( روي أن عمر رضي الله عنه أخذ فرساً من رجل على سوم , فحمل عليه فعطب , فخاصمه الرحل فقال عمر : أجعل بيني وبينك رجلاً فقال الرجل : إني أرضى بشريحا العراقي , فقال شريح : أخذته سليماً صحيحاً فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سليماً , قال فكأنه أعجبه فبعثه قاضياً , وقال ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه , فإن لم يستبن في كتاب الله فمن السنة , فإن لم تجده في السنة فأجتهد رأيك ) وولى أبو موسى الأشعري بالبصرة وولى قيس بن أبي العاص قضاء مصر فكانوا بذلك من أول القضاة في الإسلام , أما بقية الأمصار والولايات فقد عهد بالقضاء فيها إلى الأمراء , ولا يغرب عن الذهن , إن القضاء في عهد عمر كان سهلاً بسيطاً مجرداً من النظم الوضعية الكثيرة التي تشاهد الآن ولم يكن للقاضي كاتب ولا سجل فلم تدون الأحكام القضائية لأنها كانت تنفذ عقب صدورها وكان القاضي هو المنفذ لها , وكثيراً ما كان يتقدم المحكوم عليه بنفسه لتنفيذ الحكم عليه , ولم يكن هنالك من داع لوضع قانون للمرافعات , تنظم به الإجراءات أما المحكمة إذ كان القضاء في عهده الأول , فلم يتناول النظر في المصالح العامة , كالوقف وشئون الأيتام , وإنما تناولها فيما بعد
سار عمر سير أبي بكر فقد كان حريصاً على إتباع القرآن والسنة فيما جاء به وكان كباقي الصحابة لا ينسب القول بالرأي إلى الشريعة الإسلامية بل إلى نفسه , فقد قال عمر لما قال : ( هذا ما رأى الله ورأى عمر ! بئسما قلت هذا ما رأى عمر , فإن يكن صواباً فمن الله وإن يك خطاً فمن عمر ) وكان عمر يرجع إلى القرآن والسنة فإن لم يجد فيهما جواب للمسألة , نظر فإن كان لأبي بكر قضاء فيها قضى به وإلا دعا رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به
كان عمر من أظهر الصحابة استعمالاً للرأي وقد ضرب فيه بسهم وافر وساعده على ذلك اتساع رقعة الدولة الإسلامية في زمنه اتساعاً عظيماً وسريعاً وما صادفه من الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي نتجت عن هذه الفتوحات والتي كانت تتطلب تشريعاً يطبق عليها وعلى أمثالها فقد روى عنه الشيء الكثير من الأحكام المستنبطة من استعمال الرأي والتي كانت هدى ونور اً لمن أتى بعده من الفقهاء , فكان عمر يجتهد في تعرف الحكمة التي نزلت فيها الآية ويحاول معرفة المصلحة التي جاء من أجلها الحديث ويأخذ بالروح لا بالحرف وعلى ضوء هذه وتلك يسترشد عند ما يفصل في المسألة المعروضة عليه , وكان عمر جريئاً في العمل بالرأي ولو خالف ذلك بعض النصوص والقواعد التي كانت معروفة ومعمولاً بها من قبل ومثال على ذلك
- قال تعالى في كتابه العزيز ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) وتطبيقاً لما جاء بهذه الآية الكريمة , كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم الزكاة ومنهم أبو سفيان والأقرع بن حابس وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن , وكان يعطي الواحد منهم مائة من الإبل , ولما ولي أبو لكر الخلافة سار على ما كان يتبعه الرسول وجاءه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس يطلبان أرضاً فكتب لهما بهما , ولما ولي عمر مزق الكتاب وقال : (( إن الله أعز الإسلام وأغنى عنكم , فإن ثبتم عليه , وإلا فبيننا وبينكم السيف )) وبذلك منعهم نصيبهم من الزكاة
اهتدى عمر من الآية الشريفة السابقة إلى الحكمة في إعطاء الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم , فلما وجد أن الإسلام أعزه الله , وأصبح في غير حاجة لمعونتهم , منع إعطاء الزكاة لهم .
كذلك نجد عمر يعفي السارق من قطع اليد , إذا ما انتشرت المجاعة في البلاد فقد روي أن غلماناً لحاطب بن أبي بلتعه سرقوا ناقة لرجل من مزينة , فأتى بهم عمر فأقروا , فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال له : إن غلمان حاطب سرقوا رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم , فقال عمر : يا كثير بن الصلت اذهب فأقطع أيديهم , فلما ولى بهم رده عمر ثم قال : أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم , حتى أن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه , حل له , لقطعت أيديهم , وأيمن الله إذ لم أفعل ذلك , لأغرمنك غرامة توجعك , ثم قال : يا مزني بكم أريدت منك ناقتك ؟ قال : بأربعمائة , قال عمر : أذهب فأعطه ثمانمائة .
نلاحظ هنا أن عمر حكم على حاطب بن أبي بلتعه بدفع الثمانمائة , ولم يحكم على غلمانه السارقين ,لانه كان السبب المباشر لتحريضهم على السرقة , أما هم فكانوا في حالة اضطرار للسرقة ليسدوا بها رمقهم , وهذا العذر هو الذي جعل عمر يتسامح في عدم قطع أيديهم .
وكان عمر أكثر الخلفاء الراشدين محبة للشورى مع فقهه , فقلما أقدم على أمر إلا بعد استشارة أعلام الصحابة وفقهائهم من المهاجرين والأنصار , وتمحيص آرائهم كل تمحيص , فكانت له شورى خاصة يلتمسها في مثل عثمان بن عفان والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وغيرهم , وشورى عامة صورتها أن يتقدم له كل من له رأي من المسلمين , عندما يعرض الأمر عليهم في المسجد , وربما استشار بعد ذلك خاصته زيادة في التحفظ , وكثيراً ما كان يرجع عن رأيه إذا ما ثبت له خطأه
ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى بامرأة زنت فأقرت , فأمر برجمها , فقال علي رضي الله عنه : لعل بها عذراً ثم قال لها : ما حملك على الزنا , قالت : كان لي خليط وفي إبله ماء ولبن , ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن , فظمئت فاستقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي , فأبيت عليه ثلاثاً فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أراد , فسقاني , فقال علي : الله أكبر فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم , وفي السنن للبيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي : ( أتى عمر بامرأة جهدها العطش , فمرت على راع فاستقت , فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه نفسها ,ففعلت , فشاور الناس في رجمها , فقال علي : هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ففعل ) وهذه هي نظرية الضرورة في القانون الجنائي الحديث .
أما سيرة عمر مع عماله , فلم يكن الوالي في نظره إلا فرداً كغيره من الأفراد يجري عليه حكم العدل كما يجري على جميع الأفراد الآخرين فكان إذا شكا من العامل أحقر الرعية جره إلى المحاكمة وهنا يقف الاثنان موقف المساواة حتى يتبين الحق في جانب أحدهما مراعياً في ذلك قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )وقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) , فإذا ثبت لعمر إدانة عامله اقتص منه , وأختط عمر طريقة حسنه تكفل للرعية ألا يظلمها الولاة والعمال إذ أمرهم بأن يأتوا إليه كل سنة في موسم الحج , وسمح لكل من أصابه مكروه أو أوقع العمال عليه ظلماً أن يدعي بذلك على العامل في حضرته ليرد إلى المظلوم حقه وينصفه من خصمه وفق قوله عليه الصلاة والسلام ( إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم مني مجلساً , إمام عادل وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم مجلساً إمام جائر ) , فكان العمال يخافون الافتضاح على رؤوس الأشهاد في موسم الحج فيتجنبون ظلم الرعية ويسيرون بين الناس بالعدل والإنصاف , وقد خطب عمر رضي الله عنه في الناس كثيراً لبث هذه الروح في الرعية , ومن خطبه قوله : ( يا أبها الناس إني والله لا أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ( جلودكم) ولا ليأخذوا أموالكم , ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم ويقضوا بينكم بالعدل , فمن يفعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي , فو الذي نفس عمر بيده لاقصنه منه) .
وكان عمر شديد التدقيق في انتخاب القضاة فقد روي عنه قوله ( من استعمل رجلاً لمودة أو لقرابة , لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله و رسوله والمؤمنين ) وكان أخص ما يتحراه في القضاة والعمال التقوى والعدالة والعلم والمعرفة والذكاء وكان لا يحب العجلة في الفصل في الخصومات ويقول : ( ردوا الخصوم حتى يصطلحوا , فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن )
ولم تؤثر في تصرفاته عواطفه الخاصة ونزعات قلبه ومحبته لاخوانه , بل كان ديدنه في جميع أعماله الصراحة والعدل , فقد خاصم يهودي الإمام علي بن أبي طالب أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب , وعلي – كما لا يخفى – ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته , وأحد المرشحين للخلافة , فقال له عمر قم يا أبا الحسن , وأجلس أمام خصمك , ففعل , ولكن مع تأثر لاح على وجهه , فلما انتهت الخصومة قال له عمر : أكرهت يا علي أن تجلس أمام خصمك ؟ فقال : كلا ولكني كرهت أنك لم تلاحظ المساواة بيننا بقولك يا أبا الحسن ( إذ الكنية تشير إلى التعظيم )
قتل رضي الله عنه غدراً وهو قائم يصلي بالناس بخنجر طعنه به أبو لؤلؤة فيروز المجوسي سنة 23هجرية .
بعد وفاة عمر رضي الله عنه انتخب الناس عثمان بن عفان رضي الله عنه , كان عثمان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان أبو بكر وعمر يستشيرانه , ويعملان برأيه , في جلائل الأعمال ومهام الأمور , ولما بويع بالخلافة حذا حذو عمر بن الخطاب ومن سبقه في حسن اختيار القضاة وتذويدهم بالنصائح , وكان يعتمد في قضائه على الكتاب والسنة ثم على قضاء من سبقه من الخلفاء الراشدين فكان إذا لم يجد فيها جواب مسألته رجع إلى استشارة الصحابة في الأمر عملاً بقوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) وقد اشتهر عثمان بالفقه , وكان من رواة الحديث , يقول بن حجر : ( إنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر , كما روى عنه أولاد عمر ومن الصحابة بن مسعود , وعبد الله بن عمر . وعبد الله بن العباس , وعبد الله بن الزبير , وزيد بن ثابت , وأبو هريرة وغيرهم , ومن التابعين الأحنف بن قيس , وسعيد بن المسيب
كان عثمان يعتقد كباقي الخلفاء الراشدين بأن الرأي الذي يفتي به ليس بلازم للأمة أن تأخذ به , فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه
أرسل عثمان إلى العمال والقواد وعمال الخراج وعامة المسلمين بالأمصار كتباً يحثهم فيها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعطف على أهل الذمة وجباية الخراج بالعدل والإنصاف ونصح عمال الخراج فقال : ( أما بعد فأن الله خلق الخلق بالحق ولا يقبل إلا الحق , خذوا الحق وأعطوا الحق به , والأمانة الأمانة , قوموا عليها ولا تكونوا أول من يسلبها فتكونوا شركاء من بعدكم , الوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد فإن الله خصم لمن ظلمهم )
جلد عثمان معتادي السكر , وهدد بالنفي عن المدينة كل من عكف على البدع , فاستقامت أحوال الرعية
قتل عثمان وهو يتلو في مصحفه , وبعد أن منع عنه البغاة الماء , قتله الغافقي بحديدة كانت معه وجاء غيره من الثوار ليضربه بسيفه , فأكبت عليه زوجه نائلة وتلقت السيف عنه بيدها فقطع أصبعها , ثم ضربوا عنقه , وانتهبوا بيت المال وكان ذلك في 18 ذي الحجة سنة 34هجريه .
بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه تنازع الناس في من يتولى الخلافة , وفي أحوال مضطربة قلقة بويع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
كان عمر يستشير علياً عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام ( ما شقي امرؤ عن مشورة ولا سعد باستبداد رأي ) ويستفتيه في الأحكام الشرعية كما كان يستشيره باقي الخلفاء الراشدين , وكان علي يعتمد على القرآن والسنة في قضائه ثم على قضاء من سبقوه من الخلفاء الراشدين , وكان إذا لم يجد رجع إلى استشارة الصحابة في المسألة المعروضة عليه , عملاً بقوله تعالى لنبيه الكريم ( وشاورهم في الأمر ) وقد حذا حذو من سبقه من الخلفاء الراشدين في اختيار القضاة و إمدادهم بالنصائح , فكتب إلى الاشتر أحد عماله عندما ولاه مصر فقال : ( اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم . ولا يتمادى في الذلة ( الخطأ ) ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه , ولا تشرف نفسه على طمع , ولا يكتفي بأدنى فهم إلى أقصاه , أوقفهم في الشبهات , وآخذهم بالحجج و أقلهم تبرماً بمراجعة الخصم , وأصبرهم على تكشف الأمور , و أصرمهم عند اتضاح الحكم , ممن لا يزدهيه إطراء , ولا يستميله إغراء , وأفسح له في البذل بما يزيد علته وتقل معه حاجته إلى الناس , وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ) وكان يرجع للإمام علي في كثير من مسائل الدين وتفسير القرآن ورواية الحديث
وكثيراً ما استفتي في المواريث و والمشكل من القضايا , فقد قضى أن الزوجة التي توفى زوجها قبل أن يدخل بها , ودون أن يفرض لها صداقاً , لا حق لها في صداق المثل ,قياساً على المطلقة , إذ قال تعالى ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة )
وقضى في رجل فر من رجل يريد قتله , فأمسكه له آخر حتى أدركه فقتله , و بقربه رجل ينظر إليهما وهو يقدر على تخليصه , فوقف ينظر إليه حتى قتله , فقضى على أن يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت , وتفقأ عين الناظر الذي وقف ينظر ولم ينكر , ولعل علي رأى تعزيره بذلك
وروي أن ستة غلمان ذهبوا يسبحون , فغرق أحدهم , فشهد ثلاثة على اثنين أنهما أغرقاه , وشهد اثنين على ثلاثة أنهم أغرقوه , فقضى على بن أبي طالب على الثلاثة بخمس الدية وعلى الاثنين بثلاثة أخماسها
شكا إليه شاب نفراً فقال : ( إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي , فسألتهم عنه فقالوا : مات , فسألتهم عن ماله , فقالوا : ما ترك شيئاً , وكان معه مال كثير , وترافعنا إلى شريح , فأستحلفهم وخلى سبيلهم , فدعا علي بالشرط فوكل بكل رجل رجلين , وأوصاهم أن لا يمكنوا بعضهم أن يدنوا من بعض , ولا يسمحوا لأحد أن يكلمهم , ودعا كاتبه ودعا أحدهم , فقال : أخبرني عن أبي هذا الفتى , أي يوم خرج معكم ؟ وفي أي منزل نزلتم وكيف كان سيركم ؟ وبأي علة مات ؟ وكيف أصيب بماله ؟ وسأله عن من غسله ودفنه ومن تولى الصلاة عليه وأين دفن ؟ وتحو ذلك والكاتب يكتب , ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه , فسأله كما سأل صاحبه , ثم الآخر هكذا حتى عرف ما عند الجميع , فوجد كل واحد منهم يخبر بغير ما أخبر به صاحبه فضيق عليهم فأقروا بالقصة , فأغرمهم المال وأفاد منهم بالقتيل .
وكان علي رضي الله عنه لا يحبس في الدين , ويقول إنه ظلم , وقد سار الإمام على خطى أسلافه في رفع شأن القضاة , ومنحهم رواتب من النقود أو الطعام , بما يكفيهم ويكفي أولادهم من بيت المال فكان القضاء في عهده مستقلاً محترم الجانب عظيم الإجلال , وكان القاضي غزير العلم واسع المعرفة يتساوى أمامه الرفيع والوضيع والمسلم والذمي عملاً بقوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( العدل أساس الملك ) .
قتل علي غيلة بسيف مسموم ضربه به عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج وهو ينادي لصلاة الصبح بمسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40هجريه
ومع ذلك فقد جمع أبنائه وقال لهم : ( إذا أنا مت من ضربته هذه فأضربوه ضربة بضربه , ولا يمثل بالرجل , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إياكم و المثلة ولو بالكلب العقور ) )
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
عمر بن عبد العزيز رجل نشأ في بيت الإمارة، وتقلب في نعيمها، وعاش حياة البذخ والرفاهية كغيره من أبناء الخلفاء وسلالات الملوك؛ حتى اشتهر عنه أنه كان يستخشن الحرير لنعومة جلده، هذا الفتى الذي ولي إمارة المدينة النبوية المنورة وهو في السادسة والعشرين من عمره، وولي الخلافة قبيل الأربعين كان خير خلفاء بني مروان، وآخر خليفة أجمع الناس على عدله حتى من خصومه.
لم تدم خلافته أكثر من سنتين وخمسة أشهر فقط، لكنه أنجز فيها ما عجز عن تحقيقه كثير من السلاطين والأباطرة والأمراء عبر التاريخ، على الرغم من اتساع رقعة خلافته بدءاً من الصين شرقاً وحتى شمال إسبانيا غرباً، ومن صعوبة التواصل بينه وبين أمراء الأقاليم إلا بِجُهْدٍ كبيرٍ وَوَقْتٍ كثيرٍ.
هذا الرجل الذي اشتكى من عدله بنو عمه لَمَّا رَدَّ المظالم التي بأيديهم إلى أهلها، حتى فزعوا إلى عمته فاطمة بنت مروان لتكلمه، فلما رجعت إليهم قالت لهم: أنتم فعلتم هذا بأنفسكم، تزوجتم بأولاد عمر بن الخطاب فجاء يشبه جده. فأسكتتهم بذلك، نَعَمْ! لقد أدركه صلاح جَدِّهِ لأمه الفاروق عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنهُ، فَنِعمَ النَّسَبُ ذلك المَنْسَبُ وَنِعمَ الولد من ذلك الوالد، رضي الله عنهم وأرضاهم.
كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رَضِيَ اللهُ عَنهُ حافلة بالإنجازات، ولم تتجاوز السنتين إلا ببضعة أشهر، ومنها:-
= أمر زوجته فاطمة بنت عبد الملك برد الحُلِيِّ التي وهبها أبوها إلى بيت مال المسلمين، ففعلت على الفور.
= كانت حديقة فدك وقفاً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أَيِّمَهُمْ، وكذلك كانت في حياة أبي بكر وعمر، فلما كان مروان بن الحكم اقتطعها لنفسه، حتى صارت لعمر بن عبد العزيز، فأعادها إلى ولد فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام.
= منع شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنهُ من على منابر الجمعة، كما مضت به عادة بني أمية قبله.
= أسقط الزيادة في الجزية عن النصارى من أهل تبوك وعن نجرانية الكوفة، كما أسقط الجزية وكل ضريبةٍ عمن أسلم من أهل خراسان.
= أصلح الطرق، وأمر الولاة أن يجعلوا للناس خانات ( استراحات ) على الطرق العامة، وأن يُضِيْفُوا المسافرين يوماً وليلة، ويتعاهدوا فيها دوابهم، ومن كان منهم به علة فَيُضَافُ يومين وليلتين، ومن كان منهم منقطعاً فَيُبْلَغُ بِهِ بَلَدُهُ.
= منع ولاته أن يَسْتَقِلُّوا بأوامر القتل والصلب قبل مراجعته.
= أمر ولاته: أن من أراد من ذراري المسلمين أن يَحُجَّ فيعطى مائة درهم نفقةً لِيَحُجَّ بها.
= بلغ العدل من قضاته مبلغاً لم يَسبِقْ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ مِثْلُهُ، وذلك أن أهل سمرقند شكوا إليه أن قائد جيش المسلمين فتح بلادهم دون أن ينابذهم كما أمر الله في كتابه العزيز { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }، فكتب عمر إلى واليه: أن أَجْلِسْ لهم القاضي، فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فَأَخْرِجْ الجيش إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن تظهروا عليهم. فَأَجْلَسَ لهم القاضي: جميعَ بنَ حاضرٍ النَّاجِيَّ، فقضى ( أن يخرج عَرَبُ سمرقند إلى معسكرهم، وينابذوا أهل سمرقند على سواءٍ، فيكون صُلْحَاً جديداً أو ظَفَرَاً عَنْوَةً ). فلما رأوا ذلك رضوا بما كان.
= ناظر الخوارج - في آخر أيامه - ولم يعجل عليهم وهم يومذاك قليل، وكان مما قاله لزعيمهم ( بلغني: أنك خرجت غضباً لله ولنبيه، ولستَ بأولى بذلك مِنِّيْ، فَهَلُمَّ إِلَيَّ أناظرك!؛ فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك نظرنا في أمرك ). ولما ناظرهم رجع منهم كثير.
= بلغ من حكمته في سياسة الرعية يوم أن حادثه ابنه عبد الملك في أمر الإسراع في تحقيق العدل؛ وهو يقول لوالده: يا أمير المؤمنين!، ما تقول لربك إذا أتيته وقد تركت حقاً لم تُحْيِهِ وباطلاً لم تُمِتْهُ؟. يا أمير المؤمنين!، ما يمنعك أن تُنْفِذَ رأيك في هذا الأمر، فوالله ما كنت أُبَاْلِيْ أن تغلي بي وبك القدور في نفاذ هذا الأمر. فقال عمر لابنه: يَا بُنِيِّ!، إني أُرَوِّضُ الناس رياضة الصعب، فإن الله أبقاني مضيت لِنِيَّتِيْ ورأيي، وإن عَجِلَتْ عَلَيَّ مَنِيَّتِيْ لقد علم الله نيتي، وإني إِن بَادَهْتُ النَّاسِ بِمَا تَقُولُ أَحوَجُونِي إِلَى السَّيفِ، وَلاَ خَيرَ فِي خَيرٍ لاَ يَحيَا إِلاَّ بِالسَّيفِ.
= وبلغ من سياسته في ترويض الناس ما أوضحه بقوله: لو أقمت فيكم خمسين عاماَ ما استكملت فيكم العدل، إني لأُرِيْدُ أن أُخْرِجَ للمسلمين أمراً من العدل، فأخاف أن لا تَحْتَمِلَهُ قلوبهم، فَأُخْرِجُ معه طمعاً من طمع الدنيا، فَإِنْ فَرَّتْ القلوب من هذا سكنت إلى هذا.
= كان من حكمته في اختيار الأصحاب أن خطب قائلاً: أَيُّهَا النَّاس!، مَنْ صَحِبَنَا فَليَصْحَبْنَا بِخَمسٍ ، وَإِلاَّ فَلاَ يَقْرَبْنَا: يَرْفَعُ إِلَيْنَا حَاْجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيْعُ رَفْعَهَا، وَيُعِيْنُنَا عَلَى الخَيْرِ بِجَهْدِهِ، وَيَدُلُنَا مِن الخَيرِ عَلَى مَا نَهتَدِي إِلَيهِ، وَلاَ يَغتَابَنَّ أَحَدَاً، وَلاَ يَعتَرِض فِي مَا لاَ يَعْنِيْهِ.
= وكان من رحمته ورأفته وشفقته بالمسلمين أن أمر بإجلاء المسلمين من ( طرنده ) في وسط تركيا اليوم إلى ( ملطية ) قريباً من الحدود السورية؛ خوفاً عليهم من الروم، وأجرى عليهم أرزاقهم، كما أمر من عبر نهر السند من المسلمين أن يعودوا إلى حيث يستطيع المسلمون الدفاع عنهم حتى يستقر أمر تلك البلاد، وأمر واليه أن يُوْقِفَ الغزو في تلك البلاد؛ اكتفاءً بما حصل، فكان أن انتشر الإسلام فيما وراء النهر بالدعوة وحسن المعاملة
** دنيا الأمل **
2011-02-23, 21:50
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك اختي جوداء على المعلومات القيمة
جزاك الله خيرا
شكرا لكِ جوداء على هذه المعلومات المهمة و المواضيع القيمة
بارك الله فيكِ
السلام عليكم:
شكرا جزيلا.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك اختي جوداء على المعلومات القيمة
جزاك الله خيرا
لا شكر على واجب
تسعدني الاضافة والمساعدة
ربي يجازيكم
هي فكرة جيدة فلنبدا معا
وفقكم الله
اشكالية التحكيم الالكتروني من الفروض التقليدية والحديثة
وهنا نجد أن النطاق القانوني لتطبيق نظام التحكيم الإلكتروني يثير عدة مسائل: -
المسألة الأولى : وهى مسألة إشتراط الكتابة فى التحكيم
يقابلنا العديد من الصعوبات الشكلية وليست الموضوعية فى عقد إتفاق التحكيم بالطرق الإلكترونية وذلك فى كيفية إبرامه وفى إثارة مسألة الكتابة وبيان إتفاق أطرافه, ونجد أن الغالب الأعم من المشرعين تتطلب أن يكون إتفاق التحكيم مكتوبا(1).
فنجد المشرع السورى والكويتى قد تناولوا تلك المسألة بقولهم لا يثبت التحكيم إلا بالكتابة(2)
ونجد المشرع البحرينى أوجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ويعتبر الإتفاق مكتوبا إذا ورد فى وثيقة موقعة منالطرفين أو تبادل الرسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال السلكى واللاسلكي تكون بمثابة سجل للإتفاق أو فى تبادل المطالبة والدفاع الذى يدعى فيها أحد الطرفين وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر وتعتبر الإشارة فى عقد ما إلى مستند يشتمل على شرط التحكيم بمثابة إتفاق تحكيم شريطة أن يكون العقد مكتوبا وأن تكون الإشارة قد وردت بحيث تجعل ذلك الشرط جزءا من العقد(3)
والمشرع المصرى والأردنى والجزائرى أوجب أيضا أن يكون إتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلا ويكون إتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الإتصال المكتوبة(4).
والمشرع الفيدرالى الأمريكى جعل الكتابة شرط لصحة عقد
التحكيم وشرط لإعطائه القوة الملزمة(5).
واتفاقية نيويورك لسنة 1958 تطرقت لتلك الإشكالية بقولها تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم, ويقصد باتفاق مكتوب شرط التحكيم في عقد أو اتفاق تحكيم موقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات(6)
وتناول قانون الأونيسترال النموذجى بشأن التجارة الإلكترونية الكتابة حيث إعترف برسائل البيانات الإلكترونية فقرر أنه لا تفقد المعلومات مفعولها القانوني أو صحتها أو قابليتها للتنفيذ لمجرد أنها في شكل رسالة بيانات(7) وتطرق ذلك المشرع بعد ذلك لمسألة الكتابة بشكل مباشر قائلا أنه عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الإطلاع علي البيانات الواردة فيها علي نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليه لاحقا(8).
ومن جانبى أرى أن ما أثاره المشرعين وخاصة المصرى والأردنى والبحرينى فى المواد التى تناولت شرط الكتابة أجد أنه قد إتسع لكل ألوان التحكيم ومنها التحكيم الإلكترونى فمعنى الكتابة هنا لا يتطرق لنوعية التحكيم ولكن مهما كانت تلك النوعية يكون إتفاق التحكيم باطلا وهنا القاعدة آمرة لايجوز الإتفاق على ما يخالف حكمها(9) ولكن السعه هنا فى قول المشرع أوغيرها من وسائل الإتصال المكتوبة وهنا يمكن إبرام الإتفاق عبر وسائل الإتصال الإلكترونية, وذلك من خلال التواصل عبر شبكة المعلومات أو تبادل المستندات عبر الفاكسات أو التلكسات ولا فرق بين الكتابة المادية والكتابة الإلكترونية مادامت تخرج من العالم الإفتراضى إلى العالم المادى.
المسألة الثانية : مسألة الحضور الإفتراضى لأطراف النزاع .
التحكيم العادى تنعقد جلساته بحضور أطرافه بشكل مادى والتعامل مع المحكمين وتبادل المذكرات والمرافعات وسماع الشهود, والإثبات, وتحديد مكان التحكيم حيث أن المكان يثير تحديد القانون الواجب التطبيق(10).
والإتفاق على التحكيم إليكترونيا يتم بتأكيد قبول التحكيم ممن وجه إليه وهو الطرف الثانى, بالإضافة لهذا يتم قبل ذلك مراجعة طلب التحكيم للتأكد من صحة كافة البيانات, والأمم المتحدة قد أقرت في مادتها العاشرة جواز التعاقد عن طريق وسائل الإتصال الفوري المختلفة ومنها طريق الإنترنت(11) ومسألة الإثبات الإلكترونى أصبحت فى محل الحل بعد أن صدر القانون 15 لسنة 2004 المصرى والقانون 85 لسنة 2001 الأردنى, فجعلت المحرر الإلكترونى يحوز حجية المحرر الرسمى والعرفى فى المواد المدنية والتجارية متى إستوفت الشرائط التى تطلبها القانون وبالنسبة للقانون الواجب التطبيق لايمثل أى مشكلة حيث يمكنهما الإتفاق على أى قانون يحكم مسألة النزاع الواقع على عقود المصنفات الرقمية, وبالتالى تصبح مسألة الاثبات لاتمثل أى معضلة وتتم وفقا لرغبات وإختيار أطراف التحكيم الذين إمتثلوا لهذا الطريق مختارين.
ومن جانبى أرى أن مسألة الحضور الإفتراضى فى التحكيم الإلكترونى وخاصة الواردة على نزاعات التعاقدات الخاصة بالمصنفات الرقمية المختلفة وغيرها من العقود, يجب أن يكون لها حل من أرض الواقع وأقترح بأن يكون من الطبيعى أن لكل شخص بجانب شخصيتة الطبيعية, شخصية إفتراضية لها سمات وتعريفات إليكترونية, يتم تأمينها بطرق تقنية كتأمين التوقيعات الإلكترونية بمقتضى التشريعات الصادرة.
وتصبح تلك الشخصية معروفة ومؤمنة عبر الشبكات فبمجرد إظهار ذلك الملف الخاص بها, تصبح الشخصية الإفتراضية تمثل شخصية صاحبها الطبيعى عبر تلك الشبكة ويستطيع القيام بكافة المعاملات من مكتبه عبر العالم الغير محدود ويكون ذلك الملف فى العالم الإفتراضى كالبصمة الوراثية فى العالم المادى سواء بسواء, وعلى هذا يمكن إجراء التحكيم كليا بالطريق الإلكترونى دونما حاجة لجلسات مادية وذلك بالإضافة لكون المحكم أيضا إفتراضى وهنا يلزم أن يتم تغذية المحكم الإفتراضى بكافة النزاعات المفترضة والمختلقة وكيفية حلها آليا وذلك وفق إتفاق أطرافها أيضا آليا وبالكيفية الإفتراضية المعبرة عن شخصياتهم كما أسلفنا.
المسألة الثالثة : التنفيذ الوطنى لقرار التحكيم الإلكترونى
"إن أثرالعمل القانونى يتبع طبيعته وليس العكس مما يعنى أن طبيعة العمل القانونى هى أساس أثره"(12) فكان من العصى فى الأوقات السابقة تنفيذ أى قرار
تحكيمى صادر بالإسلوب الإلكترونى لأن الدول تركن إلى تنفيذ قوانينها الداخلية والمعاهدات والإتفاقات الدولية التى صدقت عليها ودخلت حيز التنفيذ بالنسبة لها وبالتالى ليس على الدولة تكليف بتنفيذ أحكام التحكيم الإلكترونى التى تمت بإتفاقات خاصة, ولكن الآن وبعد أن بدأت الدول فى الدخول فى تأسيس الإتحادات الخاصة بالتحكيم الإلكترونى كما أسلفنا فستصبح المسألة مستساغ تطبيقها.
]السلام عليكم
جزاكي الله خيراااااااااااااااااااااااااااااا
ثبوت النسب بالطرق العلمية الحديثة
لقد اتضح تأثر المشرع الجزائري إثر التعديل الذي طرأ على قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02
المؤرخ في 07/02/2005 بالثورة الهائلة التي كان سببها التطور البيولوجي مسايرا في ذلك التطور التكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في السنوات الأخيرة ،حيث فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية ،ويتعلق الأمر بالطرق العلمية لإثبات النسب التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 40 (ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب).
إلا أن ذلك لا يفهم على إطلاقه بأن النص لا يطرح أي إشكال يذكر ،لأن إطلاق العنان للقاضي في
إثبات النسب بهذه الطرق دون حصرها أو توضيح لمجال تطبيقها وحجيتها ،فتح الباب على مصراعيه لاختلاف فقهي حول هذه الطبيعة وتحديدا مسألة سلطة القاضي في تقدير هذه الطرق العلمية ،فعلى سبيل المثال استند الباحثون أنه لا مانع شرعي في اعتماد البصمة الوراثية في إثبات النسب نظرا لقيمتها القانونية الحتمية.
وهو ما جعل من الضرورة بما كان التساؤل عن هذه الإشكالية التي سيتم الإجابة عنها في مطلبين :
المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب.
المطلب الثاني :حجية الطرق العلمية وسلطة القاضي في تقديرها.
المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد كان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سباقا للاعتداد بالطرق العلمية
كوسيلة لإثبات النسب في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة (1).
إلا أن هذا الطرح لم يجد صداه لدى المشرع الجزائري في القانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة الذي لم ينص على الطرق العلمية كوسيلة من وسائل إثبات النسب مكتفيا في ذلك بالطرق المقررة شرعا والمنظمة في المادة 40 الفقرة الأولى من قانون الأسرة ، بالإضافة إلى الجدل القائم حول قيمة الأخذ بهذه الطرق وعدم حصر المشرع لها ،مع العلم بأنها تختلف بين التي يمكن نفي النسب بها فقط دون أن تكون وسيلة للإثبات وهو ما سيتم معالجته في الفروع التالية:
الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب.
الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب .
الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب.
(1) المشار إليه في "البصمة الوراثية ومدى حجيتها في الإثبات " ،مذكرة تخرج نيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة 13 لسنة 2005،ص 82
الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد كانت مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية في البداية محل جدل فقهي ،وقف فيه بعض جمهور
الفقه موقف المرتاب والرافض للطرق العلمية كوسيلة لإثبات النسب فنظروا على أن اللعان مثلا يعتبر الوسيلة الوحيدة لنفي النسب اعتمادا على قوله تعالى :"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله..."(1) ، فالآية ذكرت إذ أن الزوج لا يملك لا يملك إلا شهادة نفسه فيلجأ للعان و أي اعتماد على طرق علمية دون ذلك فهو تزيد على كتاب الله وأن الرسول (ص) قال : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ،فأهدر بذلك الشبه البين وهو الذي يعتمد على البصمات الوراثية ،كما أن الأستاذ الفقيه الجزائري محمد شريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى ،ذكر أن العلم حقيقة نسبية بينما القران الكريم كلام إلاهي لخلق الكون لأنه حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان و مكان وهو الذي فصل في مسألة إثبات أو نفي النسب معللا رأيه أن النص القراني صريح وواضح وبالتالي يقتضي العمل
بالقاعدة الفقهية "لا إجتهاد مع وجود النص"..(2) .
وإنطلاقا من كل ذلك تبنى المجلس الإسلامي الأعلى موقفا صريحا في مسألة النسب بالطرق العلمية
رغم عدم إصداره لأي فتوى توضيحية لذلك مستظهرا وضوح القواعد الفقهية التي لمة تسمح بإستعمال أي طريقة غير شرعية قد تثبت أو تنفي النسب (3).
واعتمادا على كل ذلك قرر هذا الاتجاه عدم جواز الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب لما في
ذلك من خروج عن القواعد الفقهية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية بأغراضها الأساسية في حفظ الكليات الخمس من عقل ونفس ،ونسل ودين ومال. كما أنه لا لم تسمح بإستعمال هذه الطرق حماية لحياة الإنسان وحفاظا لتعريض النسل وإنتمائه لأي خطر كان فيه قد يكثر عديمي النسب واللقطاء.
ولقد كان المشرع الجزائري متأثرا فيما سبق ذكره أثناء سنه لقانون الأسرة في 1984 ، إذ لم يعتمد سوى بالطرق الشرعية لإثبات النسب الواردة في المادة 40 فقرة 01 من نفس القانون رافضا إستعمال الطرق العلمية كوسيلة لذلك ،وهو ما كان قد كرسه القضاء الجزائري فعلا مكتفيا بجمود النص القانوني الذي لا يقبل أي تأويل أو إجتهاد.
ومن ذلك قرار المحكمة العليا الصادر في 15 جوان 1999 الذي جاء فيه " حيث أن إثبات النسب
قد حددته المادة 40 وما بعدها من قانون الأسرة الذي جعلت له قواعد إثبات مسطرة وضوابط محددة تفي بكل الحالات التي يمكن أن تحدث ولم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم كطريقة علمية التي ذهب إليها قضاة الموضوع ،مما دل ذلك على أنهم قد تجاوزوا سلطتهم الحكمية إلى التشريعية ،الأمر الذي يتعين معه نقص القرار المطعون فيه وإحالته لنفس المجلس"(1).
وقد أضاف قضاة المحكمة العليا في قرارهم الصادر في 14/02/94 : "من المقرر قانونا أيضا أنه
يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار والبينة وبنكاح الشبهة وبكا نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32-33-34 من قانون الأسرة".
يتضح من كل ما سبق أن قضاة المحكمة العليا بصفتهم قضاة قانون طبقوا النص الحرفي للمادة 40
لقانون الأسرة التي تحدد طرق إثبات النسب قبل تعديلها وكانت تعتبر لجوء القاضي لأي خبرة علمية تستهدف إثبات أو نفي النسب بأي طريقة من الطرق العلمية تجاوزا للسلطة لأنها كانت تعتبر ذلك تشريعا في حد ذاته.
لم يكن الرأي المذكور أعلاه والرافض للطرق العلمية لإثبات النسب جامعا بين فقهاء القانون ،
ذلك أن اتجاها اخرا رأى في إستعمال هذه الطرق وسيلة علمية حتمية بنتائج ملموسة .فرأو أن الاية التي استدل بها الفريق الأول، إنما تتعلق بالعذاب الذي يوقع على المرأة أو درأه عنها.(2)
و إعتبارا لكل ذلك ومحاولة من المشرع الجزائري الإستجابة للتطورات العلمية الحديثة فإنه قد أدرج الطرق العلمية ضمن وسائل إثبات النسب أثناء تعديل قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02 في الفقرة الثانية من المادة 40 السالفة الذكر.
غير أن هذه المادة إكتفت بالإشارة إلى هذه الطرق العلمية دون تحديد المقصود منها أو حصر لصورها علما ان البحوث العلمية والتوصيات المقدمة في هذا المجال أثبتت وجود نوعين من الطرق العلمية يتصف الأول منها بكونه قطعي الإثبات و الثاني لا يرقى إلى ذلك على أساس أنه ضني الثبوت يعطينا مجرد إحتمالات بل و أحيانا نتائج يتحدد مجالها في نفي النسب فقط .
(1) المحكمة العليا غ أ ش ، ملف رقم 22267 ،قرار بتاريخ 15-06-199 مجلة الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص ص 2002 ص 88.
(2) من بين هؤلاء الفقهاء المعاصرين ،الدكتور يوسف القرضاوي ومحمد المختار السلامي ،وعبد الله محمد عبد الله و إبن القيم الجوزية.
الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب :
من بين الإشكاليات التي أثارتها المادة 40 فقرة 02 من الأمر 05-02 أنها فتحت المجال للقاضي في إستنباط إستعمال الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب نتيجة عدم تحديد وحصر المشرع لهل ،لذلك تطلب الأمر الإستعانة إلى ما توصلت إليه البحوث الطبية و الدراسات العلمية من خلال التقسيم الذي تبنته هذه الأخيرة من طرق علمية قطعية الدلالة و أخرى لا ترقى بالشك إلى اليقين كونها ظنية .
لهذا ستكون دراستنا علمية بحتة .
أولا : الطرق العلمية القطعية :
والذي يتصلhla ونظام الوراثية توصل العلماء إلى إعتبار كل من البصمة
بالمناعة طرقا علمية لإثبات النسب بصفة قطعية لأن دقة ثبوتها تصل حسب الخبراء و الأطباء إلى نسبة الخطأ فيها :
01/ 2.000.000 مرة (1).
: Adn أولا- نظام البصمة الوراثية
لقد رأى العديد من العلماء و الباحثين قياس البصمة الوراثية على ما يسمى بالقيافة التي كانت تعتبر
قرينة قوية أخذ بها جمهور الفقهاء في غير قضايا الحدود ، والتي تعني في مصدرها اللغوي مصطلح قافة بمعنى تتبع أثره ليعرفه فالقائف هو الذي يتبع الاثار ويعرفها ، و يعرف شبه الرجل بأبيه و أخيه ، بمعنى الذي يعرف النسب بفراسته و نظره إلى أعضاء المولود رغما أن الحنفية ذهبوا إلى إعتبار أن القيافة لا يلحق بها النسب لأنها ضرب من الظن على عكس جمهور العلماء اللذين استدلوا بحجيتها بحديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت : " دخل علي رسول الله( ص) ذات يوم مسرورا تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززا المدلجي نظر إلى زيد بن الحارث و أسامة إبن زيد و عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما و بدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ."
فرأوا في سرور الرسول (ص) دلالة على إقراره بالقيافة .
إلا أن البعض الاخر رأوا في عدم قياسها على القيافة نظرا لإختلاف موضوعهما و الأسس التي تبنى عليها فالقيافة تعتمد على الشبه الظاهر بينما تعتمد البصمة الوراثية على بنية الخلية الجسمية أي على الحس و الواقع ، لذلك فالقيافة باب و البصمة الوراثية باب اخر (1).
و سواء كانت البصمة الوراثية أخذت مرجعيتها من القيافة أو من غير ذلك ، فإنها تعد وسيلة قاطعة لا تكاد تخطئ في التحقق من إثبات أو نفي نسب الولد لأبيه هذا لظهورها بسبب التطور البيولوجي
العنصر المكون للخصائص الوراثية للإنسان ، عندما adnالذي شهده عالمنا المعاصر و يعتبر ال
لكل من الأب و الأم بكونه متحدا و يتشكل من لفائف adn تلتقي البويضة مع الحيوان المنوي ،إذا
مزدوجة الجانب على هيئة رقائق تسمى ( رقائق الحمض النووي الحلزونية يبلغ سمك جدارها من 50 مليون ملم وقطر هذا الحلزون 1/50 مليون متر مكعب).
وتساهم البصمة الوراثية في إثبات أو نفي النسب بإعتبارها تقنية ذات قوة تدليلية قطعية في ذلك فهي موجودة على صيغة واحدة في جميع مكوناتن الجسم سواء الدم ، المني ، الشعر أو في أي عضو من أعضاء الجسم وهو عبارة عن بروتين يحمل مورثات أو جينات تحمل مواصفات تختلف من شخص لاخر ، وتبقى ثابتة مدى الحياة إلى أن تتحلل الجثة بعد الموت مما يسمح للطب الشرعي من معرفة نسب ا له ،ومكوناتadn للأب لإثبات الأبوة وadnالأم لإجراء المطابقة بين adn الطفل (2) ،بتحليل الطفل والأم و الأب إذا تمت المطابقة ثبت نسب الطفل للأب أو للأم أو كلاهما معا إذا لم تتم المطابقة فهذا يدل على نفي نسب الطفل إليهما .
و اللجوء للبصمة الوراثية يتم عن طريق الخبرة العلمية التي يتم فيها تحديد ضرورة فحص الحمض
النووي للبصمة الوراثية على أساس أن دقة ثبوت النسب أو نفيه بهاته الطريقة العلمية تصل حسب الخبراء والأطباء إلى نسبة وتقول التقارير أن تطور العلوم بشأن الحمض النووي كفيلة بالوصول به في ضرف زمن قريب إلى نسبة 100 ٪ لهذا يرى الأستاذ بن داود عبد القادر ضرورة تقنين جواز اللجوء للطرق العلمية القاطعة التي قد يقع تحديدها عن طريق التنظيم تمييزا لها عن الطرق
(1) "البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات" مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ، دفعة 13 /2002-2005 ص 83.
(2) د/ حسين علي شحزور ، كتاب " الطب الشرعي ، مبادئ و حقائق " ص 262
و الدكتور إبراهيم صادق الجندي ،تقنية البصمة الوراثية و إمكانية التحايل عليها ص 48
العلمية الظنية ما دام أنه لا مانع شرعي في ذلك .
كما أن الباحثين استندوا في إعتماد البصمة الوراثية طبقا لمل جاءت به المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الصادرة بتاريخ 21 رجب 1422 ه الموافق ل 08 أكتوبر 2001 توصل إلى أن الإسلام يقر الأخذ بالبصمة الوراثية في حال تنازع أكثر من شخص في أبوة مجهول النسب ،فقد ذكر الأمين العام للمنظمة في جريدة البيان بتاريخ 09/10/2001 الدكتور أحمد الجندي أن 26 باحثا شاركوا في إعداد بحث البصمة الوراثية و ذلك من الناحية الطبية والشرعية و توصلوا من خلاله إلى حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب ، وضرورة الإحتكام إليها في حالة تنازع إثنين في مجهول النسب أو عدول الأب عن إستلحاق مجهول النسب أو إنكار أبنائه و توريث مجهول النسب و إذا أقر بعض الإخوة بأخوته و نفاها ناخرون و في حالة إدعاء إمرأة بأمومتها بشخص ما دون دون دليل على ولادتها له ، كما أنه ذكر أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في التركيب الوراثي ضمن كل خلية من خلايا جسده ، ولا يشاركه فيها أي شخص اخر و هو ما يعرف كما سبق الذكر ب (1).
ثانيا : نظام (مرتبط بالمناعة ) :
يعتبر نظام إلى جانب البصمة الوراثية إحدى الطرق العلمية القطيعة في إثبات أو نفي النسب ، فهي من الناحية العلمية تمتاز بخصائص تجعله نظام أكثر فعالية في مجال النسب نفيا و إثباتا ، فنظام مهم جدا بإعتباره نظاما ( ) أي رغم أنه جد متغيرو متعدد المظهر البيولوجي (س شخص إلى اخر) إلا أنه جد ثابت و متوازن في انتقاله من الآباء و الأبناء( ( ) مما يعطيه خاصية ثالثة تتمثل في قدرته العليا في تصنيف و تعريف التشخيص البيولوجي للأشخاص.
فهو الأهم في أنظمة التمييز البيولوجي المعروفة حاليا.
المركب يتشكل في الحقيقة من خمس أنظمة متشابكة فيما بينها
(1) –أ- بن داود عبد القادر ،المرجع السابق ، ص 109 ،110
مما يسمح بتمييز بيولوجي جيني منفرد
يجب معرفة أن كل إنسان يحصل على مركبين مختلفين عن بعضهما واحدة من الأب و الأخرى من الأم تسمح بالتمييز بين الأفراد بصورة أكبر مما تمنحه كل الأنظمة الأخرى مجتمعة .
إن قطعية إثبات النسب بواسطة نظام قد يقف عائقا أمام حالة الزواج العائلي أو المتكرر فإن الطفل هنا يحصل من والديه على مركبين متشابهين يصعب الإستنتاجات و التحاليل المجترية ، مما يستدعي اللجوء إلى الإثبات عن طريق نظام البصمة الوراثية
ثانيا : الطرق العلمية الظنية :
تعتبر من الناحية العلمية بعض الطرق وسيلة من وسائل إثبات النسب رغم أن قيمتها العلمية تختلف عن تلك القطعية التي تم الإشارة إليها سابقا ، لذلك فإنها تعرف العديد من الأنظمة التي تتمثل في :
أولا : نظام ال / فحص الدم :
يعتبر نظام فحص الدم إحدى الطرق العلمية الشائع إستعمالها في مجال نفي النسب ، ذلك أن فصيلة دم كل من الطفل و الأم و الأب تحدد عن طريق تحاليل فحص الدم ، فكل طفل له خاصية جينية إما مع الأم و إما مع الأب ، و بما أن الأم معروفة دائما بواقعة الولادة فإذا كانت له خاصية لم تكن موجودة لدى الأم ، فهي بالضرورة موجودة عند الأب ، فإذا ثبت غياب هذه الخاصية عند الأب المفترض فإن أبوته لهذا الطفل غير ممكنة ، و يتم على أساسها نفي النسب و يتضح من الجدول التالي هذه الفصائل و ما يقابلها من مواد مولدة و أجسام مضادة و تراكيب جينية :
الفصيلة المادة المولدة الأجسام المضادة التراكيب الجينية
نقي
هجين
نقي
هجين
و لتوضيح أكثر نذكر الأمثلة الآتية :
- الأم و الابن ففي هذه الحالة إذا كان الرجل فيستحيل أن يكون هو اب الطفل ، لأنه بالضرورة قد حصل على الخاصية من أبيه الحقيقي
- الأب و الأم إذا الأب أو و الأم أو
فحتما الأطفال إما أو أو ،يستحيل أن يكون للأولاد في هذه الحالة أخا أو .
ثانيا : نظام ال :
يعتبر هذا النظام ذو خاصية تتمثل في أنه يحتوي على عدة خصائص وراثية نادرة جدا ، يستخدم بنفس الطريقة كنظام ال... ، فعلى سبيل المثال :
الأم الأب المفترض
الإبن
ففي هذه الحالة يستحيل ثبوت النسب لأن الإبن حصل على من أمه وبالتالي من أبيه لكن الأب المفترض و ليس ، إذا فالنسب منفي بطريقة علمية.
و تجدر الإشارة إلى وجود حالة خاصة تتمثل في حالة وجود( )
- الأب المفترض
- الأم
- الإبن
ففي هذه الحالة لا يمكن نفي نسب الإبن للأب المفترض لأن الإبن حصل على من أمه و قد يكون قد حصل على من الرجل ولكن نظرا لأن خاصية نظام نادرة جدا فإنه يمكن القول أن هناك إحتمال كبير أن يكون الرجل هو أب فعلي للطفل .
ثالثا : نظام مجموعة البروتينات :
هو نظام متعدد و متغيلر نظرا لتعدد و تغير هيئات مظهر البروتينات المجودة في المصل و أنزيمات الكريات الحمراء ، و هو نظام حديث جدا يمكن من إستعمال هذه العلامات و يعطي نتائج أكثر دقة من فصائل الدم العادية ، لأنه مع البروتينات لدينا قدرة عالية للتمييز البيولوجي بين الأشخاص ، ويستعمل في التحاليل و الدراسات نفس المبادئ كالأنظمة الدموية ، يبقى التمييز مقتصرا فقط على بعض الخاصيات الكيميائية و البيولوجية .
كما تجدر الإشارة إلى أن ما تم ذكره في مجال الطرق العلمية ذات الحجية الظنية كان على سبيل المثال لا الحصر و التي يقتاد إليها في مجال النفي و تعطينا مجرد إحتمالات في الإثبات حيث يوجد إلى جانبها أكثر من 30 نظام علمي يستعمل في هذا المجال نتج عن التطورات البيولوجية الحديثة منها :
- نظام المفرزات اللعابية
- نظام ...
- نظام...
نظام ...
الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب :
رغم التكريس القانوني ل‘مكانية إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة فإن إعمال القضاء لتلك الظروف لا يحول دون وجود عقبات و عوائق قد تؤدي إلى عدم تكريسها عمليا و هي إما أن تكون عوائق قانونية أو مادية .
أولا : العوائق القانونية :
فمن هذه العوائق حرمة الحياة الخاصة ، و إحترام السلامة الجسدية و عدم إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه .
1 /- حرمة الحياة الخاصة :
تنص المادة 34 من دستور 1996 على أنه" تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة الإنسان و يحظر أي عنف بدني أو مساس بالكرامة "
فهذه المادة تشكا إحدى أهم العقبات الأساسية أمام تطبيق الطرق العلمية الحديثة في النسب ، و خصوصا فحص الحمض النووي الذي يشكل تدخلا في الحياة الخاصة للفرد ، لأنها تفتح المجال للبحث عن الخصائص الوراثية من خلال الإستعداد الوراثي للشخص ، مما قد يمد الغير بمعلومات خاصة بالزوج و الزوجة و تكون ذات طابع شخصي خاص .
2 /- إنتهاك السلامة الجسدية :
تنص المادة 35 من دستور 1996 عل أنه " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الإنسان" و قد تنطوى الطرق العلمية على مساس هذه السلامة الجسدية ، ذلك أنها تعتمد على العتاد المأخود من جسم الإنسان و الذي قد يؤخذ منه بطريق الإكراه ، و هو ما يعد مساسا بسلامته الجسدية .
3 /- عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه :
لقد كرست مختلف الأنظمة الإجرائية مبدئا عاما لا يجوز بموجبه اللجوء لإجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه ، و هو ما سوف يتم إنتهاكه إذا تم الأخذ بالطرق العلمية ، إذ انها تقوم على إجبار الشخص المعني على أخذ العتاد الخلوي من أجل فحص الحمض النووي مثلا ، و هو ما يعد إجبارا للشخص على تقديم دليل ضد نفسه و هو ما قد يجعله دليلا باطلا ، طبقا لقانون الإجراءات .
ثانيا : العوائق المادية :
1/- وجود مخبر علمي واحد و وحيد :
لقد خصص قسم البيولوجيا الشرعية من خلال تدشين مخبر ال بمناسبة عيد الشرطة بتاريخ 22/07/2004 بالرغم من أنه يعد خطوة هامة في تكريس و تشجيع العمل بالبصمة الوراثية لمسايرة التطور البيولوجي في هذا المجال ، حيث يشرف عليه تقنيين و باحثين مختصين في علم البيولوجيا و الوراثة ، تتجلى أهميته في البحث عن الأدلة بواسطة التحاليل المخبرية سواء كانت في المجال الجنائي أو في إثبات و نفي النسب بإعتبار الطرق العلمية وسيلة مستحدثة في المادة 40 للفقرة الثانية من قانون الأسرة المعدل و المتمم ، إلا ان إستحداث مخبر علمي واحد على المستوى الوطني مقارنة بإستحداث الطرق العلمية من طرف المشرع وقف عائقا ماديا حال أمام صعوبة إستصاغة الأمر من خلال الأوجه التالية :
أ- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية توافر مخابر ذو جودة عالية و تقنية محظة نظرا لصعوبة إستعمال الوسائل المستخدمة في هذا المجال .
ب- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية الإلمام الشامل و المعرفة الدقيقة بعلم الجينات و كل الأنظمة المستعملة في هذا المجال ، الذي يرتكز على الفرضيات و الحالات النادرة و إستعمال بعض المفاعلات صعبة و معقدة يجب مراقبتها بصورة دقيقة فمثلا أثبت الخبراء بأنه يتطلب إستعمال على الأقل 20 نظام في هذا المجال للوصول إلى النتيجة الحتمية في الإثبات أو النفي .
ج- يتطلب إعتماد نظام ال دون سواه إمكانيات ضخمة سواء بالإعتماد على مخبر عالي الجودة و على خبراء تقنيين أخصائيين رفيعي المستوى من بينهم أخصائيين في الإحصائيات و الإحتمالات ، نظرا لأنه يشكل إحدى الأنظمة المعقدة و الشائكة.
2/- مسألة مصاريف الخبرة :
إذا كان اللجوء إلى الطرق العلمية يرتكز في أساس على ضرورة توافر البات و هياكل مادية ضخمة للوصول إلى نتائج فعالة ، فإن ذلك يتطلب بالمقابل مصاريف باهظة تفتقر لآلية قانونية يتم بموجبها تحميل الخزينة العامة أعبائها ، و بالتالي يتحملها أطراف الدعوى ، فهل يمكن تصور ذلك بالنظر إلى الأوضاع المعيشية و الإقتصادية للمواطن الجزائري ، مما يستدعي القول بأن مجال لجوء المواطن إلى هذه الخبرة يبقى ضيقا جدا .
المطلب الثاني : القيمة القانونية للطرق العلمية :
لم يشر المشرع إلى القيمة القانونية للطرق العلمية لإثبات النسب ، مما يثير التساؤل عن مدى حجيتها و سلطة القاضي المكلف بشؤون الأسرة في تقديرها ، فيما إذا كان الأمر يبقى خاضعا للقواعد المنوطة بالخبرة العلمية ، أم أن الأمر يتطلب إخضاع هذه الطرق إلى قواعد خاصة نظرا للطبيعة العلمية و الحتمية لهذه الطرق ، و هو ما سيتم الإجابة عنه فيما يلي :
الفرع الأول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الطرق العلمية
الفرع الاول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب :
نظرا لعدم تحديد المشرع الجزائري لحجية الطرق العلمية في إثبات النسب فإن التساؤل حول هذه الحجية قد يثار بالنسبة لقيمتها القانونية فيما إذا كانت قطعية الدلالة و بأنها قابلة للخطأ أي ذات حجية نسبية و من تمة يجدر بنا التساؤل عن مدى تأثير تقرير الخبرة العلمية في هذا المجال على الحكم وجودا أو عدما و هو ما سيتم مناقشته فيما يلي :
أولا : الحجية المطلقة للطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد تبنى معظم رجال القانون إنطلاقا من القيمة التي تعتري مجال الطرق العلمية فكرة أن لهذه الأخيرة حجية مطلقة ذلك أن الخبراء اللذين يقومون بإجراء هذه الخبرة مختصون في هذا المجال و بالتالي فإن لآرائهم تأثير على قرارت القضاة في تبني إتجاههم ، فعلى سبيل المثال يعتبر العلماء أن البصمة الوراثية ذات دلالة تقنية قطعية تتجلى بإنفراد كل شخص بنمط وراثي معين ،لا يوجد عند أي كائن اخر في العالم ، إذ لا يمكن أن يتشابه ال لشخصين إلا مرة واحدة كل 86 بليون حالة أي أن نسبه التشابه يتساوى من 1 إلى 86 بليون شخص فمن تمة يمكن القول أن نسبة التشابه منعدمة تماما .(1)
(1) د/ نبيل سليم ( البصمة الوراثية و تحديد الهوية ، مجلة حماية الوطن عدد256 ، 2004 ، الكويت)
لذلك كانت من الناحية العلمية وسيلة لا تكاد تخطأ في التحقيق لإلحاق أو نفي نسب الأولاد للاباء لأن الحمض النووي و أيضا ال يعد دليل إثبات و نفي قاطع بنسبة 100 بشرط أن يتم تحليله بطريقة علمية سليمة ما دام أن إحتمال التشابه بين البشر غير وارد .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن الطرق العلمية المتمثلة حسبما توصل إليه العلماء في نظامي البصمة الوراثية و نظام هي الوحيدة التي تكتسي الحجية القطعية ، و ما ياكد هذه الحجية المطلقة إمكانية أخذها منأي مخلفات ادمية سائلة( دم،مني) أو أنسجة (لحم ، عظم،جلد،شعر) كما أنها تقاوم عوامل التحلل والتعفن و العوامل المناخية المختلفة من حرارة و برودة و جفاف ، ليس ذلك فقط بل أنه يمكن الحصول عليها حتى من الاثار القديمة و الحديثة كما حصل في القضاء الفرنسي في قضية الفنان" إيف مونتان" حيث ادعت امرأة أن لها إبنة منه تدعى" أنياس " و ما أضفى على الأمرنوعا من المصداقية أن تلك السيدة كانت تشبه الفنان في ملامح وجهه و قد أمر القاضي الفاصل في هذه القضية بواسطة الخبرة بحفر قبر الفنان و أخذ عينة من جسمه فحص عينة من حمضه النووي و مقارنتها بالحمض النووي للبنت التي تدعي أنه اباها و بعد مدة سارت القضية و ظهرت النتائج و أثبتت الخبرة أنه لا يربط الفنان و السيدة أي علاقة أبوة أو بنوة ،و لعل أن أكبر مثال على فعالية فحص الحمض النووي كوسيلة من وسائل إثبات النسب ما ذكرته إحدى الصحف السعودية بخصوص إنسان (النايدات) الذي وجدت جثته محفوظة في الثلج منذ حوالي 9000 سنة و علم ذلك عن طريق تحليل البصمة الوراثية فكيف لا يكون لها بذلك حجية مطلقة في إثبات أو نفي النسب .(1)
لذلك لا يمكن في كل الاحوال الشك مطلقا في مستوى نجاعة الإعتماد على هذه الطرق العلمية سواءا القطعية منها و التي تعطينا نتائج حتمية في مجال إثبات النسب أو الظنية التي تعطينا نتائج حتمية في مجال النفي و احتمالات في مجال الإثبات و الذي يمكن القاضي دائما من الإستعانة إليها لحل الكثير من المسائل العالقة في إلحاق الأبناء بآبائهم أولا .(2)
جريدة الوطن السعودية ، السبب 01/05/2004 عدد 1380 السنة 4 . (1)
(2) البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات ، المرجع السابق ، ص 112
ثانيا :الحجية النسبية للطرق العلمية :
إذا كان معظم علماء الطب و القانون قد توصلوا إلى إعتبار بعض الطرق العلمية كالبصمة الوراثية و نظام ال ذات حجية قطعية الدلالة نظرا للخصائص التي تم التطرق إليها في هذا الباب ، فإن فري اخر تبنى فكرة الحجية النسبية لهذه الطرق العلمية إعتمادا على ما هو جار العمل به في القواعد العامة بالنسبة للخبرة القضائية و لو كانت علمية مبنية على أسس تقنية محضة .
فالطرق العلمية الظنية كنظام ال (تحليل فصائل الدم ) أو نظام المفرزات اللعابية تعتبر وسيلة إثبات نسبية لا يرقى الشك فيها إلى درجة اليقين ، كون أن النتائج التي تصل إليها تبقى محتملة الوقوع لا ترقى أن تكون دليل إثبات حتمي ما دام أن نسبة التشابه فيها بين البشر يبقى واردا بدرجة كبيرة ، و من تم فإن الخبرة العلمية التي تتضمن هاته الطرق تبقي خاضعة للقواعد العامة للخبرة القضائية العادية .
ليس ذلك فقط بل أن البعض رأى في الطرق العلمية القطعية التي تم تفصيل بيانها سابقا حجية نسبية كذلك ، فتقنية ال لا يمكنها بأي حال من الأحوال منحنا الدليل القاطع على إتهام شخص معين أو إلحاق نسب ولد ما أو نفيه ، لذلك فإن القاضي و إن إعتمد عليها عند دراسته لملف معين فهي لا ترقى لدليل قطعي غير قابل لإثبات العكس ، كما إعتبر علماء الطب أن التحاليل الجينية لا تشكل كذلك بأي حال من الأحوال سلاحا مطلقا لاول وهلة لأن هذه التقنية رغم حساسيتها تقتضي من القضاء إحاطتها بشروط صارمة للأخذ بها ، و هو ما يجرنا إلى التساؤل عن مدى تقارب المعنيان معا ، فكيف يمكن إعتبارها طرقا علمية قطعية الدلالة من جهة ، وبقاء إحتمال الشك واردا من الجهة الثانية ؟؟
وهو ما يجرنا إلى الحديث عن السلطة التقديرية للقاضي في تقدير الخبرة في مجال الطرق العلمية لإثبات أو نفي النسب.
الفرع الثاني : سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية لإثبات النسب :
تعتبر الخبرة القضائية طبقا للقواعد العامة بالنسبة للقاضي من المسائل التي تخضع لسلطته التقديرية بإعتبارها سلطة مطلقة له فيها أن يصادق على تقرير الخبراء كليا أو جزئيا ، كما له الحكم من دونها ، فهل تخضع ميألة تقدير الخبرة العلمية في مسألة النسب إثباتا و نفيا للقواعد العامة من جهة ؟
و ما مدى سلطة القاضي في تقدير قيمتها القانونية فيما يخص مسألة نفي النسب عن طريق اللعان كما هو جار العمل به .
أولا : لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية و سلطاته اتجاهها :
لا يمكن بأي حال من الأحوال لقاضي شؤون الأسرة الفصل في مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية إلا باللجوء إلى إستشارة اراء الخبراء و العلماء المتخصصين في مجال البيولوجيا للتوصل إلى نتائج علمية دقيقة بإعتبارها من المسائل التقنية التي لا يمكن للقاضي الفصل فبها إلا بالإستعانة إليهم و الإسترشاد بارائهم (1).
و من تم فإن القاضي في هذه الحالة يلجأ طبقا للقواعد العامة للفصل في مثل هذه المسائل التقنية
إلى الخبرة القضائية التي سيستصدر من خلالها حكما تحضيريا قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير مختص يوكل له مهام اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات نسب الولد لابيه أو نفيه بتحديد المهام المنوطة إليه بدقة متناهية ، والقول بان الحكم تحضيري مفاده عدم إتضاح نية القاضي في الفصل في مسالة النسب ثبوتا ام نفيا بطبيعة الحال طبقا لما يعرف في ذلك عن الأحكام التحضيرية و التمهيدية كذلك .
إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، بل تطرح مسألة تقدير القاضي لهذه الخبرة العلمية ومدى حجيتها بإعتبارها خبرة علمية اعتمدت على رأي خبراء مختصين في مجال البيولوجيا من جهة ، واستنادا إلى القيمة العلمية بالطرق الحديثة القطعية منها خاصة كالبصمة الوراثية ، و نظام ال وهو ما رأى فيه البعض خروجا عن القواعد العامة في الخبرة القضائية التي تخضع إلى سلطة القاضي التقديرية
في الإعتماد عليها رغم أن هذالا الطرح قد لا يكون بنفس هذا الوضوح في التطبيق ، ذلك أن هاته الطرق
(1) أ/ محمود توفيق إسكندر ، الخبرة القضائية ، دار هومة ، طبعة 2002 ، ص 37 و ما يليها .
قد لا يتيح للقاضي فهمها و بالتالي يمتنع حتى عن مناقشتها بإعتبارها مسألة تقنية و علمية بحثة و دقيقة ، و من تمة فإن جهل القاضي بهذه الطرق و مصطلحاتها قد يقف عائقا أمام مناقشته لها فيلجأ إلى قبولها و الإستناد عليها ثبوتا للنسب أو نفيا له .
ثانيا : تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان و الطرق العلمية :
يعتبر اللعان احدى الطرق المشروعة الذي يفيد نفي النسب به طبقا لأحكام المادة41 من قانون الأسرة ، باعتباره الوسيلة الوحيدة التي جاء بها فقهاء الشريعة الإسلامية في مسالة النسب ، لهذا طرحت هذه المسألة ، إشكالا كبيرا من حيث سلطات القاضي في تقديرها إلى جانب الطرق العلمية الواسعة في مجال نفي النسب فإذا كان اللعان الطريقة الشرعية التي جاءت بها النصوص الشرعية لنفي النسب فهل يصح نفيه بالطرق العلمية سواءا منها القطعية و الظنية التي تعد وسائل نفي ناجعة من خلال النتائج
المتوخاة منها فيكتفي بها ام لا بد من اللعان أيضا و هل يجوز تقديم الطرق العلمية كوسيلة للنفي على اللعان ؟
الحقيقة أن هذا الأمر كان محل خلاف فقهي كبير ،فذهب البعض إلى عدم جواز تقديم البصمة الوراثية مثلا على اللعان في نفي النسب ، وعلى هذا الأساس جاء قرار المجمع الإسلامي بالرابطة " لا يجوز شرعا الإعتماد على البصمة الوراثية في إثبات النسب و لا يجوز تقديمها على اللعان "
كما ذهب البعض الاخر إلى ترجيح الطرق العلمية في هذاالنفي ما دامت نتيجتها قطعية على عكس دعوى اللعان التي ترتكز على أسس و شروط تعجيزية أحيانا كالمدة التي يتطلبها اللعان (8 أيام) أو عدم حصول الزوج على شهود في ذلك .
إلا أن التساؤل الذي يبقى مطروحا في هذا المجال يتعلق بمدى تطابق الاثار المترتبة على نفي النسب عن طريق اللعان من تفريق للزوجين و غيرها على نفيه عن طريق الطرق العلمية خاصة أمام عدم تدخل المشرع الجزائري في تحديد هذه المسألة .
و تجدر في الأخير الإشارة إلى أنه وإضافة إلى القواعد الموضوعية لإثبات النسب ، توجد قواعد و أحكام إجرائية تتمثل أساسا في وسائل ممارسة دعوى الإثبات هاته التي تخضع للقواعد العامة شأنها شأن باقي الدعاوي المدنية الأخرى ، فإما أن تكون دعوى أصلية تهدف إلى إثبات النسب دون أي نزاع صريح حول موضوع محدد ، وإما دعوى تبعية تهدف لإثبات النسب كحق من الحقوق الشرية إلى جانب إثبات الزواج مثلا.
الخــــــــــاتمة
لقد حاولنا من خلال عرضنا المتواضع كشف العديد من المشاكل التي تثيرها مسألة إثبات النسب عموما ، و دور الطرق العلمية في ذلك نظرا لما يكتسي هذا المجال من أهمية بالغة فقها و تشريعا و كذلك قضاءا ، مبرزين من خلال ذلك نطاق تطبيق هاته الطرق و دورها البيولوجي و العلمي في الإثبات و النفي من خلال درجات قيمتها و حجيتها .
إلا ان ذلك لا يخلو من التعقيدات و الإشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع ، والتي تتطلب حصرها من الجانب القانوني من خلال وضع إيطار قانوني للطرق العلمية أولا سواء القطعية منها التي ترقى إلى درجة اليقين كما تم تفصيله بالنسبة إلى البصمة الوراثية أو نظام من جهة أولى أو الضنية كذلك التي لا ترقى فيها درجة الشك إلى اليقين ، و إلا فلا جدوى من وضع هذه الطرق كوسيلة لإثبات النسب بمقابل الطرق الشرعية أو لنفيه بمقابل اللعان كوسيلة شرعية كذلك .
كما أن الضرورة تستدعي تحديد قيمتها القانونية و حجيتها من خلال بسط سلطات القاضي المكلف بشؤون الأسرة في مجال تطبيق الطرق العلمية لخلق نوع من المرونة القانونية كذلك و إلا فما الجدوى من وضع المشرع لهذه الطرق دون حصر لمجالها و حجيتها بما يفيد القضاة في سهولة اللجوء إليها كلما إستعصى عليهم الإثبات بالطرق الشرعية ،كذا و في شأن مسألة التلقيح الإصطناعي التي أسالت الكثير من الحبر من خلال التساؤل عن إتبات أو نسب الولد عن طريق هذه العملية و أساسها كطريقة علمية جديدة للإنجاب وجودا و عدما تماشيا مع وجود أو غياب إحدى شروطها الواردة في المادة 45 مكرر من قانون الأسرة .
كل هذه المسائل وغيرها قد تقف عائقا أمام القاضي المكلف بشؤون الأسرة لإيجاد حل قانوني بالنسبة للطرق العلمية المضافة بموجب الأمر 05 -02 السالف الذكر ،مما يستوجب تدخل المشرع الجزائري من أجل وضع إيطار قانونيا لا يدع مجالا للتأويل و التفسير أمام موضوع كان ولا يزال يشكل إهتمام القضاة و الخبراء في نفس الوقت.
كيف تكون محاميا مقنعا
أعتبر الإقناع وعلى مر العصور نوع من أنواع السحر الذي يمارسه المقنعون الماهرون من سياسيين وإعلاميين وقانونيين خلال مسيرتهم العملية بغية الوصول إلى أهدافهم المنشودة والمرتب لها مسبقاً، حيث أن المقنعون المتميزين يستخدمون رسائل غامضة تحض الآخرين على الاعتقاد بفكرة معينة يتم إقحامها في الوسيلة المتبعة للإقناع وتعاد مرات متكررة وإن هذه الرسائل التي تخاطب العقل الباطن تؤثر على المتلقي وتشكل قوة غامضة لا تقاوم يحقق المقنع من خلالها مراده وغاياته.
في هذه المقالة سوف نوضح للسادة المحاميين والقانونيين أنه لا يوجد شيء يكتنفه الغموض في الإقناع وبأنه بمقدورنا جميعاً أن نصبح محامين مقنعين مهرة إذا كنا على قدر من الأحترافية في العمل.
تعريف الإقناع:
الإقناع هو عملية يتم وفقها تغيير وتعزيز المواقف أو المعتقدات أو السلوك للطرف المراد أقناعة.
ويتم هذا التغيير من خلال رسائل ينقلها المقنع إلى الطرق الأخر وتنقسم استجابتنا لتلك الرسائل إلى قسمين:
- استجابة بعد تفكير: عندما يكون المتلقي مفكراً ينصت بكل عناية لما يقوله المقنع ثم يقوم بقياس ميزات ومساوئ الرسالة من حيث منطقيتها وتوافقها وإذا لم يقتنع بهذه الرسالة يقوم بطرح الأسئلة و طلب مزيداً من المعلومات.
- استجابة دون تفكير: الاستجابة لرسائل دون وعي فتكون العقول مغلقة بصورة آلية ولا يكون هناك وقت أو حافز أو قدرة على الإنصات ويعتمد المتلقي على غرائزه لتمنحه مفتاح الإجابة دون الاعتماد على الحقائق والمنطق والأدلة.
خطوة المحامي الأولى للإقناع:
إن الإقناع يبدأ بالمصداقية و الصدق يتكون من عاملي الثقة و المعرفة فيمكن أن يكون المحامي أو المتحدث بارع في الخطابات ويمتلك قدرات عقلية فائقة وبراعة ذهنية عالية وضليعاً في اللغة العربية وفي كافة صور المناقشة والحوار ولكن إن لم يكن صادقاً في القول فلا يمكن أن يقنع الآخرون.
- عندما يفقد المحامي الأمانة في الحديث فإنه بذلك يخلق انطباع لدى المستمع بالشك في صدق حديثه فعندما نستمع إلى أي محامي فأننا نبدأ بسؤال أنفسنا هل نثق في هذا الشخص؟ وهل نصدق كلامه؟ وهل هو صادق في حديثه؟.
- من الوسائل التي تجعل المحامي ينال ثقة الآخرين عندما يحاول إقناعهم هو أن يكون حديثه بعيداً عن أهوائه الشخصية فعندما ندرك أن المحامي لا يرغب في أن يحقق أهداف شخصية بحته من خلال إقناع الآخرين بما يريده فسينال بذلك ثقتهم ويكون صادقاً في حديثه.
وأنه من أكثر الطرق تأثيرا على ذهن المستمع أن يعبر المحامي في حديثة عن الصورة السلبية أولاً ثم الصورة الإيجابية للواقعة المراد إقناع الأخر بها ويجب أن يطبق قانون الصدق بمهارة كبيرة فينبغي أن يعلن المحامي عن الجوانب السلبية في شخصيته وهذا من شأنه أن يؤثر على ذهن المتلقي ويجعله يقر بصدق الحديث ثم ينتقل عقب ذلك إلى الجوانب الإيجابية وهنا يحدث الإقناع - كما أن الاعتراف بالخطأ هو أكبر دليل على الصدق.
- يجب على المحامي لإظهار ثقافته ومعرفته أن يستخدم بعض الألفاظ والتعبيرات الأكثر تداولا في مجال تخصصه ليسهل بذالك الاتصال بالأخريين ومن تلك العبارات:
* العدل – الحق – اليقين – الدليل – الضمير – العرف – التشريع – القواعد الأساسية – القانون الأساسي – الفقه – النظام العام – القواعد الاجتماعية – سلطة القانون – الاختصاص ...... الخ. ومن هذه العبارات أيضاً وعلى سبيل المثال .......
* لكل حق دعوى واحدة تحميه.
* الأصل براءة الذمة.
* البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
* من يدعي خلاف الأصل فهو يستحدث جديدا لا تدعمه قرينة بقاء الأصل على أصله.
* للكتابة قوة مطلقة في الإثبات.
* لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي.
* أن الغش مبطل للمعاملات والتصرفات ولا يبنى عليه حكم.
* يجب أن تبنى الإدانة على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
* العدم لا ينشئ حقا ولا يزيل حقا.
* الدفاع حق مقدس للمتهم صانه الدستور فلا يجوز إهماله أو التفريط به.
* الزواج حق من حقوق الله سبحانه وتعالى.
يوجد ثلاث مستويات للمصداقية يجب التقييد بها للوصول إلى الإقناع يجب على المحامي أن يطبقها لكي ينجح في أقناع الآخرين بما يريد وهذه المستويات هي:
المستوى الأول: يجب أن يكون المحامي موضعا لثقة المستمع وهذا يتضمن أن يكون صادقاً في الحديث وأن يعرض قضاياه ببراعة فائقة وأن يتحدث بأسلوب متميز.
المستوى الثاني: يجب أن تكون أفكار المحامي المطروحة صادقة فإذا كانت مثيرة للجدل أو الخلاف فينبغي أن تؤيد بعرض بعض الأدلة الصحيحة التي تستند إلى كثير من القواعد القانونية والاجتهادات.
المستوى الثالث: يجب على المحامي أن يتوخى صدق الجهة التي يمثلها من خلال كون الموكل صاحب حق وأن كان محتملاً.
وسائل تدعيم الثقة للوصول إلى الإقناع
1- يجب على المحامي أن يكون جديراً بالثقة.
2- يجب على المحامي الإعلان عن إنجازاته وما ينوي تحقيقه في القضايا المتناولة بين يديه.
3- يجب على المحامي أن يكون منطقياً في طرحة لأقواله فالمتلقي دائماً يثق بالشخص الذي يتخذ قراراته استناداً إلى عقله بدلا من مشاعره وعواطفه.
4- يجب على المحامي أن لا يبالغ في القول أو يعجز في الوفاء بما وعد به.
5- يجب على المحامي أن ينجح ويسعى للوصول إلى غايته بشكل أفضل وذلك بأن يحقق للموكل مكاسب أكثر من التي سبق أن وعد بها.
6- يجب على المحامي أن يستشهد دوماً بآراء المختصين في القانون والفقهاء وأراء محكمة النقض وذلك لتأييد أقواله ولكي ينال الثقة من الأخريين.
7- يجب على المحامي أن يتوخى الصدق في القول والعمل ويجب عليه أن يبين لموكله مواطن الضعف والنقاط السلبية في قضيته وأن يقدم الاقتراحات لحل تلك المشاكل وأن يعترف بنقاط الضعف والعجز عنده.
تأثير المظهر الخارجي على مصداقية المحامي
عندما نقابل شخصا للمرة الأولى فأننا نقيم هذا الشخص وأسلوب تعاملنا معه من خلال السلوكيات التالية:
1- ننظر إلى وجه الشخص نظرة تفحص وتمعن.
2- ننظر إلى هيئة الشخص.
3- نمعن النظر في الملابس التي يرتديها.
4- نصغي إلى نبرات صوته.
5- مصافحة الأشخاص.
6- الاستماع إلى كلام الشخص.
أنه من الصعب أن تتاح للشخص فرصة الانطباع الأول مرة ثانية، فلقاء الأول والانطباع الأولى يرسخ في ذهن الأخريين ويبنى على أساسة سلوكيات وطريق التعامل التي تتفق وهذا الانطباع ومما لا شك فيه بأن الانطباعات الأولى دائماً ما تخدعنا سواء سلباً أم إيجاباً.
- إن مظهر المحامي الحسن بلباس يليق بطبيعة المهنة وكرامتها ونظراته التي تعكس شخصيته ونبرات صوته الواضحة البليغة والقوية ومصافحته دوماً للأشخاص بشكل ينم عن الود والتواضع وقوة الشخصية واستماع المحامي وإصغائه الجيد للأخريين وتفهمه لقولهم وطلباتهم هو بلا شك الوسيلة والخطوة الأولى الناجعة لكي يكون المحامي من المقنعين المميزين.
- يجب أن يظهر المحامي دوماً بمظهر صحي معافى وأن لا يتعامل مع الأخريين في الفترة التي تكون فيها حالته الصحية غير جيده لأنه وعندما يلجئ الآخرون إلى المحامي لاسترجاع حقوقهم ولكي يقوم بالدفاع عنهم فأنهم يرسمون له في أذهانهم صورة الشخص قوي البنية قوي الإرادة فصيح اللسان الذي يستطيع أن ينتزع لهم حقوقهم من غاصبيها وبالتالي لا يجوز أن تهتز هذا الصورة في أذهانهم بأن يظهر المحامي حالات ضعفه الصحية ويجب أن يتحاشى الاختلاط بالموكلين خلال تلك الفترات – أدام الله الصحة والعافية على الجميع-.
كيفية استخدام المحامي لغة الجسد للتأثير على الآخرين
- يجب على المحامي أن يواجه الآخرين بقوة وثبات مع الابتسامة في وجه الأخريين لكونها من أكثر التعبيرات تأثيراً على الطرف المقابل.
- يجب على المحامي أن يكون صريحاً في حديثة متفتحاً في سلوكه يتسم بدفء المشاعر وأن يتلقى مقترحات الآخرين بود وعطف للاستحواذ على ثقتهم وحبهم.
- يجب على المحامي أن يكون موجزاً في كلامه.
- يجب على المحامي أن ينظر إلى الأخريين بإمعان وإن يعتدل في جلسته على الكرسي وإن يضع يديه على ركبتيه فهذا السلوك يظهر اهتمامه بالطرف الأخر وعلى إنصاته له ويجب أمعان النظر بالطرف الأخر لإظهار الاهتمام والعطف ويجب على المحامي أن يمعن النظر في الهيئة القضائية وأن يمازحهم أن أمكن لان ذلك مدعاة للطمأنينة واستمالة العطف وتحقيق الإقناع.
- يجب على المحامي وفي بعض الأحيان أن يقوم بالربت على كتفي الطرف الأخر وأن يصافح الأخريين لأن المصافحة من أكثر وسال التواد بين الأشخاص ويجب أن تكون المشاعر معتدلة أثناء المصافحة وأن لا تزيد مدتها عن خمس ثواني فقط ثم تحرر اليد.
- يجب على المحامي أن يهدئ من انفعالاته وأن يعتدل في وقفته أمام الناس ولا يبدو متبرما أو قلقاً أو أن يتحرك حركات عشوائية تدل على التوتر والقلق.
دائما ما يصدر الأخريين أحكامهم على الطرف الأخر من خلال الملابس التي يرتديها فهي التي تظهر مبادئ الشخص التي يؤمن بها ومما لا شك فيه أن قدرة المحامي على إقناع الآخرين بما يريده ترجع أساساً إلى قدرته على التأثير والسيطرة على الآخر والتي تعتمد على ما يرتديه المحامي من ملابس والتي توحي بهيبته ونفوذه وجدارته وكفاءته في عمله مثل الملابس الرسمية ويجب أن تكون ذات ألون توحي بالقوة والسيطرة كالأزرق والأسود والرمادي الغامق.
قوة تأثير وسيطرة الأداء الصوتي
إن الصوت هو أداة التعبير عن الشخصية فإذا اتسم صوت المحامي بالقوة فأنه يعبر عن الثقة بالنفس.
أما إذا كان الصوت ضعيفاً فسيعده الآخرين متخاذلاً فالصوت هو الذي يعبر عن الانفعالات الشخصية ويجب على المحامي أن يتحدث بطلاقه وأن يتجنب بطئ الحديث والأداء الأمثل هو الإبطاء بالقدر الذي يمكن للآخرين متابعة الحديث ولكن بسرعة كافية تمكنهم من فهم الحديث.
- يجب على المحامي أن يخفض نبرات صوته لأن الصوت الخفيض يفرض التأثير والسيطرة على الآخرين.
- يجب على المحامي أن يغير في مستوى صوته بالارتفاع والانخفاض بطبقات الصوت أثناء الحديث فتغيير مستوى الصوت يدفع المتلقي لتأييد الكلام أو رفضه – إن انخفاض مستوى الصوت يدل على الثقة بالذات والسيطرة وصدق اليقين أما ارتفاع مستوى الصوت فيوحي بالريبة والقلق وعدم الثقة بالذات.
- يجب أن يكون صوت المحامي واضحاً ومسموعاً بدرجة كافية فالصوت الضعيف يعبر دائماً عن مشاعر الخوف ويوحي بالذل والخضوع.
- يجب على المحامي أن يلفظ الكلمات والعبارات بوضوح ودقة تامة لأن ذلك يدل على البراعة الفائقة والثقة بالذات ويدفع المتلقي لأن يتابع الحديث وأن يصغي باهتمام.
يجب على المحامي أن يتبع نظام الوقفات القصيرة بين الكلمات لجذب انتباه المستمع وإيصال فكره معينه له.
- يجب على المحامي أن يتحرى الكذب والخداع في أقوال الطرف الأخر وأن يتمتع ببراعة كشف أمثال هؤلاء الأشخاص من خلال نبرات صوتهم وفي سبيل الوصول إلى معرفة كذب الطرف المقابل يجب على المحامي أن يمعن النظر في الشخص المقابل لإدراك صدق الحديث أو أنه يحاول الخداع لأن ملامح الوجوه ونبرات الصوت والإيماءات دائماً ما تظهر خداع الطرف المقابل وفي سبيل ذلك يجب على المحامي تعلم المهارات الأساسية لتمييز كذب الحديث من صدقه وهذه المهارات:
1- تعبيرات الوجه: إن ملامح وجه الطرف المقابل تظهر مشاعره وأحاسيسه وعواطفه التي يكنها بداخله بالرغم من أن الشخص الذي لديه قدرة على الخداع يمكن أن يخفي تلك التعابير إلا أنه يمكن اكتشافها من خلال نظرات أعين الكاذبين لأن الشخص الكاذب يتفادى النظر للآخرين أثناء الحديث وغالباً ما يرفض أن يقف أو يجلس أمام الشخص الأخر وجهاً لوجه ويحاول دوماً أن يجلس وراء طاولة أو حاجز ليتجنب النظر إليه كما أن الكاذبون قليلاًُ ما يبتسمون وإذا فعلو فبتكلف.
2- الإيماءات الجسدية: يحاول الكاذبون أن يبقوا أيديهم ساكنة أو يخفوها والتقليل من حركاتهم وغالبا ما يشغلوا بلمس أنفسهم فدائما يلمسون أنفهم وذقونهم وأفواههم.
3- تعبيرات الصوت: يتسم حديث الكاذب بارتفاع نبرات صوته في نهاية عباراته بالإضافة إلى توقفه قليلاً أثناء حديثه وتلعثمه والنطق بعبارات غير مفهومة نظراً لاضطرابه وقلقه.
4- تعبيرات الكلمات: يتسم حديث الكاذبين بالعمومية والبعد عن الذاتية فهم يتجنبون استخدام الضمائر الشخصية أنا ونحن الأمر الذي يبعث الريبة والشك في مصداقية حديثهم.
عملية كشف الكذب
هناك ثلاث خطوات لكشف الكاذبين:
أولاً: البحث عن التناقضات والأخطاء التي تقع في الحديث تسبب هفوات الذاكرة وزلات اللسان يجب تدوين هذه التناقضات.
ثانياً: أجراء مقارنة بين محادثتين مختلفتين يجب فحص التناقضات في الكلام التي يقوله الشخص وخلال لقاءين منفصلين.
ثالثاً: البحث عن التناقضات في الرسائل الكلامية وغير الكلامية من خلال ملاحظة الصوت أثناء الكلام وعيني الشخص ويديه والإنصات لارتفاع نبرات الصوت وحركات اليدين والايمياءات مثل لمس الأنف فإذا كان هناك فجوة بين ما يتلفظ به الشخص وبين تلك التعبيرات الحركية فيكون الشخص كاذباً.
أهمية الكلمة في الإقناع
- يجب على المحامي أن يتحدث بطريقة الإثبات في اللغة وأن يستخدم كلمات تتصل بما يتوقع حدوثه ويجب التحدث بطريقة التأكيد من خلال وصف الذات والمعتقدات والإنجازات الشخصية على نحو إيجابي صادق.
- يجب على المحامي تحمل المسؤولية فبدلاً من إلقاء اللائمة على الآخرين يجب أن يمسك زمام الأمور ويتحمل المسؤولية باستخدام كلامات تدل على ذلك.
- يجب على المحامي أن يبتغي المكسب المشترك من خلال استخدام عبارات التعاون وتكاتف الجهود واستخدام قاعدة المكسب للجميع.
- يجب على المحامي أن يتحدث على نحو قاطع من خلال التمتع بالصراحة والوضوح بالقول وعدم الإسراف في استخدام الكلمات والتحدث بلغة متكاملة وتجنب العبارات التي تدخل في النفوس الريبة في مدى الإخلاص والأمانة وعدم اللجوء إلى استخدام العبارات القوية مثل (نهائياً مؤكدا وجداً) ثم التصرف على عكس ما قيل وعدم استخدام عبارات التردد واللعثمة مثل (آه و إه و ها و حسناً) والتي توحي بعدم التأكد وفقدان الثقة بالذات.
- يجب على المحامي أن لا يلجئ إلى الأسئلة المبتذلة التي تأتي في نهاية الجمل وعدم اللجوء إلى الكلمات المطاطة غير اللازمة عندما يكون غير واثق من أمر أو يخشى التورط فيه.
- يجب على المحامي أخيراً تجنب فرط التأدب وهو أحد سمات المتحدث غير الكفء الذي يستخدم عبارات مثل (من فضلك و أشكرك) بصورة متكررة جداً لأن فرط التأدب ينطوي على الجبن وعدم الثقة.
- على المحامي القيام بتفخيم الكلمات الإيجابية والبعد عن الكلمات السلبية والتمسك بالثوابت وعدم خلط الأمور ببعضها.
- على المحامي استخدام التضاد في عباراته مثال ذلك:
(علينا أن لا نحترم القانون من منطلق الخوف بل علينا أن لا نخاف احترام القانون)
وعند استخدام عبارات التضاد يجب الحفاظ على اتزان العبارات من خلال اختيار كلمات قصيرة وسهلة قدر الإمكان وجعل خاتمة العبارتين ايجابية.
- على المحامي الناجح اختيار عبارات مكررة في مواقف معينة على أن لا تزيد الكلمة المكررة عن ثلاث مرات ومثال ذلك:
(أن حق الموكل ثابت بحكم القانون وأن القانون هو القاعدة الفاصلة بين الموكل والخصم والقانون في النهاية سيد الجميع).
ومن المتفق عليه أن التكرار يزيد الإقناع ولكي يكون التكرار ذو فاعليه ينبغي أن يقتصر على الكلمات والعبارات الهامة.
- على المحامي الناجح استخدام الاستعارة في أسلوب كلامه المجازي لأنها توجز الوصف وتوصل الفكرة بشكل سلس ومحبب.
- على المحامي استخدام الدعابة في الإقناع حيث أن الدعابة يمكن أن تكون وسيله فعالة في الإقناع لكونها تجذب الانتباه وتوجد علاقة حميمة بين الطرفين وتجعل الرسالة المراد إيصالها من الكلام قابلة للتذكر وتخفف التوتر وتعزز العلاقة مع الأفراد وتعمل على تحفيزهم.
إن نجاح أي قضية للمحامي يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة المحامي على اختلاق موضوع قوي للقضية واستخدام حقائق محددة واستخدام أدلة جديدة إن أمكن.
الأسئلة المتكررة ودورها في الإقناع
- على المحامي أن يتبع أسلوب الأسئلة المتكررة لأن الأسئلة تدفع كل أنواع المعاملات ومنها المرافعات إلى الأمام على عكس الجمل الخبرية التي تضع في طرق النقاش عقبات تتطلب التخلص منها كما يمكن من خلالها التحكم بموضوع النقاش فزمام المبادرة يكون دوماً في يد السائل نتيجة لشعور الطرف الأخر بأنه يتحتم عليه الإجابة.
- على المحامي أن يكثر من استخدام الأسئلة التوجيهية وخاصة عند استجواب الشهود للتأثير عليهم ودفعهم للشهادة وفق توجهات المحامي في القضية.
- يجب على المحامي اعتماد استراتيجية التركيز والتي تنطوي على قيامه بالتركيز على النقاط القوية لديه في الدعوى والتركيز على نقاط الضعف لدى خصمه والتقليل من نقاط الضعف في الدعوى وأن يضعف نقاط قوة خصمه بهذا الأسلوب يحقق الإقناع الفاعل والمجدي.
وفق هذا المعيار يجب استخدام التكرار للتركيز على النقاط الإيجابية أو السيئة لدى الخصم كما أنه على المحامي أن يعمد إلى إرباك الخصم للتضييق من حدوده والتقليل من قوته ويتم إرباك الطرف الأخر عن طريق تعقيد قضية بسيطة باستخدام المصطلحات بدلاً من اللغة العادية.
يجب استخدام المديح في مواقف معينة لأن الإطراء يضعف الطرف الأخر والمجاملات تزيد الألفة والمحبة.
الخاتمة:
إن الله عز وجل حبا الإنسان بمجموعة من النعم الجسدية من السمع والحركة والكلام وخلق فينا مجموعة من العواطف والأحاسيس والطباع وجعل بينهما ترابط عجيب من خلاله تعكس حركاتنا وتصرفاتنا ونظراتنا طبيعتنا الداخلية وميولنا وعواطفنا ورغباتنا، وعلى المحامي المقنع أن يستفيد من تلك النعم وأن يحاول المقارنة بين الكلمات التي يتفوه بها الشخص وتصرفاته الحركية ونظراته لسبر أغوار الطرف الأخر وفهم مقاصده بهدف تكييف تلك المقاصد بالشكل الذي يوصل إلى إقناع هذا الشخص بالطريقة التي تتفق مع رغباته وميوله كما أنه على المحامي المقنع أن يترجم وبخفة كافة الظواهر المحيطة بالشخص وخاصة مظهره الخارجي بالشكل الذي يمكنه من معرفة الشخصية المقابلة والتحكم في سلوكها وإيصالها إلى الهدف الذي يسعى إليه
لسبط رابح
2011-04-12, 18:44
ما هي خطة العمل ؟
أهمية الثقافة القانونية
أهمية الأشياء تنبع من الحاجة إليها أولاً، ومن الدور الذي تؤديه في حياة الناس. وصدور دورية رصينة تهتم بنشر الثقافة القانونية والحقوقية، هو شيء من هذا القبيل، إذ تفتقد إليها حياتنا الثقافية، وإذا كان هناك دوريات تهتم بهذا الجانب وتكون محصورة بذوي الاختصاص، أي العاملين في الشأن القانوني، فإن ذلك لا يقدم ما تقدمه مجلة يغلب عليها الاهتمام بالجوانب القانونية، وتكتب بلغة تذلل التعابير والمصطلحات التي تسود في عالم القانون والقانونيين، وتتوجه بخطابها إلى عامة الناس.
في كل المجالات نجد دوريات تهتم بنشر المعرفة للعامة أو المتخصصين، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الأدب أو الفنون أو الحياة الاجتماعية... الخ. وبسبب من تداخل الموضوعات في عصرنا فإنه من المستحسن أن يلم الناس بالجوانب التي تجعلهم يحسنون فهم ما يتداخل مع اختصاصاتهم وتوجهاتهم من مفردات ومفاهيم قانونية.
لقد تعمق التخصص في جوانب الحياة عامة، وازداد الاهتمام بأن يكون العاملون في قطاع ما، على علم ودراية بكل ما يتطلبه هذا الاختصاص، وبما يتداخل معه من قضايا أخرى، أي هناك حاجة لوجود المثقف الشامل والذي كان يعرّف بأنه من يلم من كل علم بطرف، أياً يكن مجال التخصص.
ومجال القانون، لا يصح أن يخلو منه تخصص ما، ولا عمل ما، ولا اتجاه حياتي ما، وذلك لأهمية هذا الجانب للناس ولحياتهم، ولأعمالهم التي تنظمها قوانين محلية ودولية، لا يصح أن يبقى جمهور الناس غائبين عنها، مع أن القيام بالمهمات القانونية في الأعمال العامة تكون موكولة إلى مختصين.
كل جوانب الحياة لها قوانينها الناظمة، وعلاقة الناس بهذه القوانين والنظم، علاقة سلبية تتمثل بالرضوخ والتسليم لتنفيذها دون دراية بجوانبها وأهميتها وتداخلاتها، أو الخروج عليها دون دراية بالأضرار المحتملة، ما يفقد المواطن المنفذ للقوانين أو الخارج عليها وعيه بها، وبالتالي يتكون لديه شعور بأنها أعباء ثقيلة عليه وذلك لعدم قدرته على ربطها بجوانب حياته الأخرى، ولا بالأسس التي بنيت عليها أو استوجبت وضعها، ما يفسر عداء العامة للقوانين بدرجة ما، فالإنسان عدو ما جهل.
ومع أنني لست متخصصاً بالقانون، أشعر بالحاجة إلى تكوين الثقافة القانونية عند الجميع، كما أرى ضرورة تكوين رأي عام حول الاهتمام بالقوانين وضرورة الالتزام بها في مواجهة انتهاكها والخروج عليها، انطلاقاً مما يسود واقعنا من الاستهتار بالقانون والنظام، ابتداء بنظام عبور الشارع، وقانون النظافة، وصولاً إلى أعقد القوانين.
لقد بقيت الأعراف والتقاليد ذات سطوة على الناس مع وجود قوانين ناظمة بديلة ولاغية لها، ولدى التدقيق في الأسباب التي تجعل الناس يقبلون على التمسك بالتقاليد والعادات، وينبذون القوانين ويحاولون التفلت منها، مع أن الأعراف هي الشكل الأقدم للقوانين التي تواضع عليها الناس، نجد أن الموضوع على علاقة بالصلات التي تنعقد بين الأعراف والعادات وبين الناس الذين يرون فيها مخارج لمآزقهم، فهي منهم وإليهم، لقد تآلفوا معها وقد نشأت في كنفهم، وهم الذين أوجدوها ورعوها واحترموها وعملوا بها، ولذلك يجدون الصلة بها معقودة بشكل متين، دون أن تلجأ إلى كسر المتوارث، بل إن الكثير من هذه الأعراف والتقاليد من المتوارث الذي يعيد تأكيد حضوره.
أما العلاقة بالقوانين فهي ليست على هذه الشاكلة، والصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية، بعيدة عن عالم الناس البسطاء الذين يفرون من القهر الذي لم يعرفوا غيره، بل لا يزالون يرون في القوانين ذلك العدو الذي يتربص بهم ويقهر إرادتهم ويجبرهم على ما أحبوه وما لم يحبوه، والجهة الساعية لتطبيقه ليست الجيران والأقارب كما في العادات والأعراف.
لقد أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً. السبب هو ما ذكرنا من أن الناس هم من أوجد العادات وأنتجها في خضم حياتهم الاجتماعية اليومية، فبقي تأثيرها كبيراً، في حين أن القوانين فرضتها السلطات المتناسلة ذات الاختصاص.
حتى في حياتنا العامة، خاصة في التجمعات الأقل وعياً، أو التي تمتد فيها علاقات القربى بشكل فاعل، وحتى وقت قصير – ربما إلى الآن – كان الناس ينظرون إلى المتنفذين من أقاربهم أو معارفهم بكثير من البطولية، لأن هؤلاء يخرجون عن القوانين بجرأة، بل بوقاحة، ولا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، أو فلان ينجي من حبل المشنقة، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه... الخ. بالتالي فإن استحسان السلوك غير المنضبط على إيقاع القانون، وغير الدال على مسؤولية حقيقية متحضرة، من قبل مسؤول أو موظف، هو نتاج ضعف الثقافة القانونية، التي توضح للناس أسباب وضع القانون وأهمية الالتزام به، وأن البطولة الحقيقية تكون بتطبيقه لا بالخروج عنه، وإن الساعي لتجاوزه هو المجرم.. الخ. وإن فعله يتضمن تبخيساً وتجاوزاً لدور المؤسسات، مما يعني أننا لم نسع إلى تكوين توجهات يمكن استثمارها في التنمية الإنسانية التي لا وجود لها خارج الديمقراطية التي تؤكد أهمية العمل المؤسسي الذي ترعاه القوانين، ليس في مواجهة الأفراد ونشاطاتهم وإبداعاتهم، بل تنظيماً لها، ومنعاً من استغلال الموقع وثغرات القانون أو المناخ السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، ودون استثناءات.
لقد ذكر المفكر"ذكي نجيب محمود" أسباباً عدة لتخلف المجتمع العربي، وكان أحد أهم هذه الأسباب هو بطلان نفاذ القوانين بالكرامات الشخصية. إذ كثيراً ما يبطل أحد المتنفذين عمل القانون، أو ينجو بفعلة خارجة على القانون تعد جريمة، أو يعمل على عدم تطبيق القانون على بعض من يهتم بهم، فيصبح تطبيق القانون استنسابياً.
من هنا نذكر بأن ثقافة الناس القانونية والاهتمام بتربيتهم على مثل هذه الثقافة، قد تساعد كثيراً في ألا يفلت المجرمون أو الخارجون على القوانين من قبضة العدالة، ويصبح ازدراؤهم لمن يتجاوز القوانين والنظم مهما علت مراتبهم الوظيفية ومسؤولياتهم، بمقدار تجاوزاتهم للقوانين، والعكس صحيح، حيث يصبح حبهم لأعمالهم ولأدوار المسؤولين والتزامهم بمقدار ما يبدو حرص هؤلاء المسؤولين على تطبيق القوانين والانصياع لها ورعايتها وعدم الانتظام في صف من ينتهكها، ويصبح هذا سياسة في إدارة المؤسسات التي يديرونها أو يكونون فيها أو مسؤولين عنها. وهذا يحقق انفراجاً اجتماعياً، ويجعل الناس يقبلون على أعمالهم بكثير من الاندفاع.
إن هذه الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها.
يجب ألا تعلو قوة على قوة القانون. بالتالي فإن تكوين المواطن الذي يجد قناعته ورضاه وغاية وجوده في أن ينظم القانون جميع مفردات الحياة العامة، هو هدف ثمين جداً. عندها سيكون هذا المواطن عوناً للجهات الراعية للقوانين، ولن يسكت على انتهاكها عندما يعلم به.
الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها
لا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه
أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً
الصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية
حسن إبراهيم أحمد
لقاء الجنة
2011-05-30, 15:10
http://www.up.qatarw.com/get-4-2010-2qj2q2of.gif
قانون دولي : البنية المتغيرة للقانون الدولي.. تحول السيادة
السيادة التقليدية:
تطور مذهب السيادة في بعدين متميزين: اهتم الأول بالمظاهر "الداخلية" للسيادة أما الثاني فبمظاهرها "الخارجية". يتضمن البعد الأول مطلب أن الشخص أو الهيئة السياسية تأسست كعاهل يمارس عن حق "ولاية عليا" على مجتمع بعينه. أما الحكومة – سواء أكانت ملكية أم ارستقراطية أم ديمقراطية – فعليها أن تنعم بـ "سلطة مطلقة ونهائية" ضمن الإقليم المفترض. أما البعد الثاني فيتضمن التأكيد على عدم وجود سلطة مطلقة ونهائية داخل وخارج الدولة ذات السيادة. يتوجب النظر إلى الدول بوصفها مستقلة في كل قضايا السياسة الداخلية ولها أن تكون من حيث المبدأ حرة في تحديد مصيرها ضمن هذا الإطار. أما السيادة الخارجية فهي ميزة تحوزها المجتمعات السياسية في علاقاتها المتبادلة، ويصاحبها طموح المشاركة بتعيين وجهتها وسياستها دون تدخل غير مشروع من القوى الأخرى.
أصبح نظام الدول ذات السيادة مطوقاً بجملة قواعد تطورت منذ القرن السابع عشر، لصيانة مفهوم نظام الدول بوصفه مجتمعاً دولياً من دول ذات سيادة. كما ترافق ظهور "مجتمع" الدول، أولاً في أوروبا ولاحقاً في عموم الكوكب، مع مفهوم جديد لقانون دولي يكون مرجعاً مثل "النظام الوستفالي" (بعد معاهدات السلام في وستفاليا العام 1648)، وهو ما يشار إليه ببساطة على أنه النظام التقليدي للسيادة.
يغطي ذلك النظام عصر القانون الدولي وتنظيمه من العام 1648 وحتى مطلع القرن العشرين (رغم أن عناصره، وهو أمر قابل للنقاش، لا تزال مطبقة حتى اليوم). لم تكن كل سماته مقترنة بتسوية وستفاليا، بل تشكلت بالأحرى خلال مسار معياري لقانون دولي لم يصل إلى منطوقة الكامل إلا في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، حين أصبحت السيادة الإقليمية والمساواة الرسمية بين الدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان الأخرى قاعدة للالتزام القانوني دولياً، وصارت تشكل المبادئ الجوهرية للمجتمع الدولي.
يلقي النظام التقليدي للسيادة الضوء على نظام عالمي تكون الدول فيه حرة ومتساوية اسمياً، وتتمتع بسلطة عليا على رعاياها ورعايا الإقليم المفترض، كما تصيغ قرارات سياسية منفصلة ومستقلة وفق مصالحها الخاصة، ولا تعلوها سلطة دنيوية أخرى، كذلك تقوم بمبادرات دبلوماسية، ضمن مقاييس تعاون محدودة، وتنظر إلى العمليات عبر الحدود كـ "شأن خاص"، وتقبل مبدأ الفعالية أي المبدأ الذي يشرعن الاستيلاء في عالم الدول.
التأكيد على تطور النظام التقليدي للسيادة، لا ينكر بطبيعة الحال أن حقيقته غالباً ما كانت مشحونة ومليئة بالفوضى والتسويات. لكن الاعتراف بتعقد الواقع التاريخي ينبغي ألا يقود إلى تجاهل التبدل المنظومي والهيكلي الذي حل منذ نهاية القرن التاسع عشر في المبادئ التي يتضمنها النظام السياسي، وحقائقها الدموية.
كافحت الدول لاحتواء السكان والأراضي والموارد، وإدارتها – يتمثل هذا المسار بتشكل دول أوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، واقتسام القوى الأوروبية للمستعمرات في القرن التاسع عشر.
يتوجب التأكيد على الدلالات الهامة لتطور النظام التقليدي للسيادة.
أولاً: منح تبلور القانون الدولي بوصفه قانوناً بين الدول، رؤساء الدول والحكومات قدرة الانضمام إلى معاهدات مع ممثلي دول أخرى بمعزل عن الوضعية الدستورية لأولئك الأشخاص، أي بمعزل عن كون رؤساء الدول مخولين وفق إجراءات قانونية محلية محددة بإلزام الدولة بحقوق وواجبات معاهدة معينة.
ثانياً: لم يكن قانون ما بين الدول معنياً بالهيئة السياسية الوطنية. لكنه قبل مقاربة واقعية للدولة والحكومة/ مقاربة تلي حقائق السلطة السياسية وتضع بضعة تساؤلات عن كيفية نشوء تلك السلطة. تم اعتبار الأنظمة المطلقة والملكيات الدستورية والدول الاستبدادية والدول الديمقراطية الحرة على قدم المساواة بوصفها أنظمة حكم شرعية.
ثالثاً: إقامة نقاط اتصال بين المبادئ المنظمة للشؤون القومية والدولية. تباعدت القواعد السياسية والأخلاقية التي تحكم هذين المجالين في المبدأ والتطبيق. ترسخت ببطء الدول /الأمم الديمقراطية في الغرب، لكن عالم السياسة الذي أجاز الديمقراطية في الدولة/ الأمة رسخ علاقات لاديمقراطية بين الدول، ومثلما رسخ شرعيةً ديمقراطيةً خاضعةً للمحاسبة داخل حدود الدولة أجاز ملاحقة متطلبات الدولة (والمصالح السياسية العليا) خارج تلك الحدود، وفي مقابل حقوق مواطنة وديمقراطية لمن هم من "الداخل"، تنكر متكرر لها حين يتعلق الأمر بمن يعيشون خارج تلك الحدود، كان الفصل بين المثالية السياسية والواقعية السياسية أمراً بدهياً.
رابعاً: تركيز القانون الدولي على الجماعات والفاعلين غير الحكوميين الساعين للتنافس على حدود إقليمية ذات عواقب متناقضة. أمام تفكك القوى الاستعمارية والمصالح المهيمنة للمواطن والأقاليم التقليدية، لم يكن أمام تلك الجماعات بدائل سوى اللجوء إلى الإكراه أو القوة المسلحة بغرض تأكيد مطالبها بتحرير أوطانها. لكن، كان عليها أيضاً تأسيس "سيطرة فعالة" على المنطقة التي تسعى لإعلانها وطناً في حال توجهها لنيل الاعتراف الدولي.
تراجع الإمبراطوريات الأوروبية وهزائمها من نهاية القرن التاسع عشر، وانتشار الأفكار الديمقراطية في كافة أنحاء العالم في القرن العشرين، وتأسيس أشكال جديدة لمنظمات وأنشطة متعددة الأطراف ومتعدية القومية خلال الأعوام المئة الأخيرة عدل المشهد السياسي والقانوني. وطرح السؤالين التاليين: هل تأسس إطار جديد للقانون الدولي؟ هل تغير التوازن بين متطلبات نظام الدول ومتطلبات الأوضاع السياسية والمعيارية البديلة؟
السيادة الدولية الليبرالية
أزاحت هيمنة النظام التقليدي للسيادة ضمن حدود الدول – الأمم موجات متعاقبة من إشاعة الديمقراطية. وفي حين سعت تلك الموجات لإعادة تشكيل الحكومة الوطنية، كان لها تأثيرات إضافية على نظام العلاقة ما بين الدول. وعلى الرغم من أن نموذجاً جديداً للتنظيم الدولي لم يتبلور بالكامل قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن تتبع آثار أصول نظام السيادة الدولية الليبرالية أمر ممكن. يمكن رصد بداياته في محاولات توسيع مسارات تعيين حدود سلطة عامة في المجال الدولي والمحاولات اللاحقة لتحويل معنى السلطة السياسية الشرعية من السيطرة الفعالة إلى صيانة المعايير الأساسية أو القيم التي لا يستطيع وفقها موظف سياسي سواء أكان ممثلاً لحكومة أو دولة القيام بإلغائها. كما واجهت السلطة الفعالة مبادئ حق تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الإنسان بوصفها قاعدة ملازمة للسيادة.
من المفيد إبراز بعض التحولات القانونية التي حدثت في ميادين الحرب، جرائم الحرب وحقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية إضافة إلى البيئة، والتي أحدثت هذا التبدل. تمت هذه التحولات أساساً بموافقة الدول، لكن التفويض وتغير السيادة اكتسب، كما بدا، وضعاً وزخماً مستقلاً.
قواعد الحرب والتسلح
استند تكوين قواعد الحرب إلى افتراضٍ مفاده أنه نظراً لعدم إلغاء حالة الحرب بالكامل، فيتوجب قنونة بعض عواقبها المروعة التي تطال العسكريين والمدنيين على حد سواء. الهدف من هذه القواعد إخضاع ممارسات الحرب للحد الأدنى من معايير التحضر التي ستلتزم بها جميع أطراف أي نزاع مسلح. وعلى الرغم من أن قواعد الحرب غالباً ما تنتهك، لكنها ساعدت في الماضي على لجم بعض أسوأ أشكال العنف العشوائي. تعود الاتفاقات الرئيسية متعددة الأطراف التي حكمت الحروب إلى إعلان باريس 1856، الذي سعى إلى الحد من حروب البحر بحظر مراكب القراصنة وتعيين الشروط التي يكون فيها الحصار فعالاً وخاضعاً لاعتبارات قانونية. تتضمن المعالم الأساسية اتفاقية جنيف 1864 (المعدلة في العام 1906)، واتفاقيتي لاهاي 1899 و1907، واتفاقيتي جنيف 1929 و1949 اللتين ساعدتا على قنونة المعاملة الإنسانية لجرحى المعركة، والممارسات المقبولة في المعارك البرية، وحقوق وواجبات أطراف النزاع والدول المحايدة، ومجموعة من القواعد تحكم معاملة الأسرى وحماية المدنيين. علاوة على تلك الاتفاقات وغيرها من المعاهدات الإقليمية. فقد حددت ممارسات المتحاربين، من حيث المبدأ، وفق عناصر القانون الدولي المتعارف عليه، والإقرار العام بقانون إنساني يحرم الوحشية غير المبررة أو الأفعال الأخرى التي تزدري المبادئ الأخلاقية.
شكلت قواعد الحرب إطاراً متطوراً من إجراءات تسعى لتقييد ممارسات أطراف النزاعات الدولية المسلحة. اعتمدت القواعد على مفهوم ثنائي، ضرورة التخفيف قدر المستطاع من التأثيرات الجانبية للحرب، وتقييد حرية اللجوء إلى وسائل الحرب وطرائقها. هذه التوجهات والاتفاقات ميزت بمرور الزمن، ومن حيث المبدأ، تغيراً هاماً في الوجهة القانونية للدولة الحديثة، لأنها تحدت مبدأ الاستقلالية العسكرية ومسألة السيادة الوطنية في واحدة من مكوناتها الأكثر حساسية - العلاقة بين الجيش والدولة وقدرة كل منهما على تحقيق أهدافها بصرف النظر عن النتائج.
أكملت الاتفاقات المتعلقة بممارسات الحرب سلسلة من المعاهدات تتصل باستخدام مختلف صنوف الأسلحة، من القواعد التي تحكم استخدام الذخائر المتشظية (لاهاي 1907) واستخدام الغواصات ضد السفن التجارية (بروتوكول باريس 1936) وصولاً إلى المعاهدات الأخيرة المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية والتقليدية – نتيجة لذلك أصبح الحد من التسلح أحد معالم السياسة الدولية. فوكالات الحد من التسلح ونزع السلاح القائمة في كل دول العالم الرئيسية، تدير في الوقت الحاضر عملية تنظيمية ودبلوماسية متواصلة. أقامت الاتفاقات الأخيرة فضلاً عن ذلك آليات للتحقق تنتهك عنوة السيادة الوطنية والاستقلالية العسكرية. فاتفاقية الأسلحة الكيميائية 1993، على سبيل المثال، تنشئ منطقة تفتيش دولية للإشراف على تطبيقها (وهو ما أقلق مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن التنازل عن السيادة). وفقاً لذلك، يبدو مفهوماً إدعاء أن القوانين الدولية حول الحرب ومراقبة التسلح تشكل وتساعد على إنشاء بنية تحتية عالمية لإدارة التسلح والنزاعات.
جرائم الحرب ودور الأفراد
يمكن توضيح مسار التقييد المتدرج لسلطة الدولة بحالة أخرى من التفكير القانوني الدولي الذي قلب أسبقية الدولة في القانون الدولي وعزز الدور الفردي فيما يتصل بالمسؤولية تجاه العنف المنظم ضد الآخر. في المقام الأول بإدراك الوضع القانوني للاعتراض الواعي، أقرت دول عديدة بوجود حالات محددة يتجاوز فيها التزام المرء الأخلاقي التزامه تجاه دولته. فرفض الخدمة العسكرية أثار مطلب محكمة أخلاقية عليا لتحديد الحقوق والواجبات.
هذه المطالب ممثلة أيضاً في الوضع القانوني المتغير لأولئك الراغبين في الالتحاق بالحرب. فاعتراف القانون الدولي بمخالفات جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية يظهر بوضوح أن الرضوخ لأوامر القادة لن يعتبر سبباً كافياً لتبرئة الفرد المشارك بتلك المخالفات.
كانت نقطة التحول في هذا الشأن، القرارات التي اتخذتها محكمة نورمبرج الدولية (ومحكمة طوكيو المشابهة). طرحت المحكمة، لأول مرة في التاريخ، أنه في حال تعارض القواعد الدولية التي تحمي القيم الإنسانية الأساسية مع قوانين الدولة، فعلى كل شخص أن يخالف قوانين الدولة (باستثناء الحالة التي يكون فيها "الخيار الأخلاقي" أمراً غير ممكن، حالة توجيه سلاح إلى رأس شخص على سبيل المثال).
صادق القانون الدولي الحديث عموماً على الموقف الذي اتخذته المحكمة وأكد على رفض الدفاع عن ذريعة إطاعة الأوامر العليا في قضايا المسؤولية عن الجرائم المرتكبة ضد السلام والإنسانية.
كان التوسيع الأبرز لتطبيق مبادئ نورمبرغ تأسيس محاكم جرائم الحرب في يوغسلافيا 1993 ورواندا 1994. وجهت المحكمة اليوغسلافية تهماً ضد أشخاص من المجموعات العرقية الثلاث في البوسنة وحققت في جرائم كوسوفو، مع أنها صادفت صعوبات جمة في اعتقال المتهم الرئيسي. وعلى الرغم من أنه لم يكن بوسع محكمة رواندا ولا محكمة يوغسلافيا احتجاز ومحاكمة إلا قسم ضئيل من المتورطين في ارتكاب جرائم وحشية، إلا أنهما سارتا خطوات ملموسة في إطار تطبيق القانون الذي يلاحق جرائم الحرب، ما يختزل المسافة بين بشائر هذا القانون وضعف تطبيقه. ستساعد المحكمة الجنائية الدولية على إلغاء هذه المسافة في المدى البعيد. لكن عوائق عديدة تواجه تحققها ونجاحها، ضمن ذلك المعارضة المستمرة للولايات المتحدة (التي تخشى أن تستهدف جنودها إجراءات قضائية ذات دوافع سياسية). مع ذلك فتشكيل المحكمة رسمياً يمثل خطوة إضافية في الابتعاد عن النظام التقليدي للسيادة والتقدم صوب ترسيخ إطار السيادة الدولية الليبرالية.
ما يتربص بالاتفاقات القانونية الدولية في الوقت الحاضر يفترض أن احتواء العدوان المسلح وإساءة استخدام القوة يمكن إحرازهما عبر السيطرة على الحروب وتحريم انتهاكات حقوق الإنسان. لأنه من الجلي أن العديد من أشكال العنف المرتكب بحق الأشخاص، وشتى أشكال إساءة استخدام القوة لا تحدث فقط خلال الأعمال الحربية المعلنة. واقع الحال، أن التمييز بين الحرب والسلام، وبين العدوان والقمع آخذٌ بالتآكل بتغير أنماط العنف. فأنواع العنف التي شهدتها البوسنة وكوسوفو تبرز دور القوات شبه العسكرية والجريمة المنظمة واستخدام وحدات من الجيش الوطني لا تعود خاضعة مباشرة لإمرة الدولة. كما يشير تعدد أشكال العنف إلى وجود مسافة ضئيلة بين الجرائم الصريحة المرتكبة خلال الأعمال الحربية والهجمات الرئيسية على رفاه وسلامة المواطنين في الحالات التي لا تعلن فيها الحرب بين الدول. وفي حين لا تنطبق قواعد الحرب مباشرة على العديد من أشكال الحرب الحديثة، لكنها تشكل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان الدولية.
وفق ذلك، يمكن النظر إلى قواعد الحرب وشرعة حقوق الإنسان بوصفهما شكلان متكاملان من القواعد الدولية التي تهدف إلى تقييد مجال وشكل استخدام القوة القسرية. ومع كل التقييدات التي تعيق تعزيز هذه التغيرات، فهي تغيرات بالغة الأهمية حين تؤخذ مجتمعة، إلى جانب رفض مذهب القوة كسيطرة فعالة، واستبداله بالقواعد الدولية التي ترسخ القيم الإنسانية الأساسية كمعايير لشرعية الحكومات.
قضايا الإدارة : المشاركة في صناعة القرار الإداري
يعدّ اتخاذ القرار من أهم أسس العمل الإداري ومبادئه، ذلك أن اتخاذ القرار هو الترجمة الفعلية للعمل الإداري. وبمعنىً آخر فإن جميع العمليات الإدارية إنما تتمخض في النهاية عن اتخاذ قرار معين، سواء تعلّق الأمر بالتخطيط، أو التنظيم، أو الاتصال، أو التنسيق، أو القيادة، أو التوجيه، أو الرقابة، أو الإشراف، أو العلاقات العامة… فسير العمل في إحداها ينتهي غالباً -إن لم يكن دائماً- باتخاذ قرار معين. وإن كل جزء من كل عملية من هذه العمليات يسفر عن اتخاذ قرار ما، حتى يمكننا أن نقرر أن كل عملية من هذه العمليات ما هي إلا سلسة متصلة الحلقات من القرارات.
وعملية صنع القرار ليست عملية سهلة أو بسيطة كما تبدو، أو كما يعتقد البعض، وإنما هي في الحقيقة عملية مركّبة ومعقدة، وتتفرع في الواقع إلى عدة عمليات جزئية، وتتحلل إلى كثير من المراحل المتتالية والمتعاقبة، لتنتهي بصدور القرار، ثم تنفيذ هذا القرار ومتابعة هذا التنفيذ. ولكي يحقق القرار الإداري الأهداف المرادة منه، فإن هناك مقوّمات لنجاحه منها وجوب مشاركة العاملين والقائمين على التنفيذ في عملية صناعة القرار.
ولهذه المشاركة فوائد كثيرة، منها تحقيق ديمقراطية صناعة القرار، ورفع إحساس العاملين بالمسؤولية، وتسهيل فهمهم للقرار الصادر من جميع جوانبه، مما يخفف العبء على صانع القرار في الشرح، والتفسير، والإشراف، والرقابة... وكذلك فإن مشاركة العاملين في هذه العملية تزيد من تحمسهم للعمل، وترفع من روحهم المعنوية، مما يزيد من دقتهم في تنفيذ القرار، لقبولهم له، ورضائهم به، دون أن يكون مفروضاً عليهم بالقسر والإلزام. كما أن المشاركة تساعد على تنمية ملكات العاملين وقدراتهم.
وبالمقابل فإن عدم المشاركة في صناعة القرار قد ترتب نتائج سلبية ليس أقلها إغفال الافتراضات الواقعية المرتبطة بظروف العمل الفعلية، مما قد ينتج عنه صدور قرارات بعيدة عن الواقع، فيصعب تنفيذها. وقد يؤدي ذلك إلى تجميد قدرات العاملين ومقاومتهم للقرار الصادر.
غير أن هذا الاشتراك يتوقف على عوامل كثيرة يتعلق بعضها بقدرات صانع القرار وأفكاره، ويتعلق بعضها الآخر بقدرات بعض العاملين أنفسهم، أو طبيعة المشكلة، أو التنظيم ذاته، وقواعده، والأسس التي يستند إليها...
ماذا نعني بالمشاركة؟ ما هي مسوّغاتها؟ وما هي الحدود التي تقف عندها؟ وكيف يمكن تحقيقها؟ سنحاول من خلال الآتي الإجابة عن هذه التساؤلات ولو بإيجاز شديد.
أولاً- مفهوم المشاركة
أدت التطورات الحديثة إلى تنوع المنظمات وتعقد أعمالها، وقد انعكس ذلك على مهمة القادة الإداريين التي أصبحت بدورها أكثر تعقيداً، لازدياد رقم الأعمال، وتوسع نطاق الإشراف، وتنوع الأعمال والتخصصات، مما أثبت عجز الرئيس الإداري عن إدارة المنظمة بمفرده دون الاستعانة بالآخرين مهما كان فذاً وماهراً، فالتنظيمات أصبحت تتضمن مهمات عديدة، وموزعة على عناصر مختلفة كالمحامين، والمهندسين، والمستشارين، والموظفين، والمهنيين، والعمال... والرئيس الإداري الناجح هو الذي يستطيع الاتصال بهؤلاء جميعاً، ويكسب ثقتهم، ويقوي العلاقات معهم. وأفضل طريقة في ذلك هي المشاركة، إذ بفضلها يحصل القائد على ثقة مرؤوسيه، ويكسب تأييدهم، ويحصل على المعلومات اللازمة لحل المشكلات من مصادرها الأصلية مباشرة. وإذا ما أدرك الرئيس الإداري ذلك فإنه يصبح من الضروري الاستعانة بالآخرين، ووضع الثقة بهم، ليس من أجل تنفيذ القرار وحسب، بل من أجل المساعدة في اتخاذ القرارات، ورسم السياسات، وتحقيق الأهداف.
ولهذا كله فإن المشاركة أصبحت ضرورة من ضرورات الإدارة الناجحة. قال تعالى: "..وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله..".
لقد انصبت الدراسات وتركزت الجهود على دراسة المشاركة في الإدارة، وعلى دراسة قرارات المجموعة، والعوامل المحددة لها. فأي قرار ما هو في حقيقته إلا الناتج النهائي لحصيلة مجهود متكامل من الآراء، والأفكار، والاتصالات، والدراسة التي تمت في مستويات مختلفة بالمنظمة الإدارية، من قبل أفراد عديدين. ومن ثم ينظر إلى القرارات على أنها ناتج عمل جماعيلا نتيجة لرأي شخصي.
تتلخص فكرة المشاركة في قيام مجموعة من الأفراد بالمنظمة بدور فعال في التأثير والمساهمة في عملية صنع القرارات. ويوضح David Emery مفهوم المشاركة بقوله: "إن المدير يمكنه خلق الجو النفسي والموقف الملائم الذي يحفز العاملين على بذل أقصى جهودهم لتحقيق أعلى مستوى في الإنتاج. كما يمكنه التوفيق بين مصالح ورغبات العاملين من جهة، ومصالح التنظيم من جهة أخرى، من خلال توسيع الدور الذي يقوم به المرؤوس. وإن إمكانية تحقيق ذلك لا تتأتى إلا عن طريق المشاركة التي تتمثل في أخذ الرئيس الإداري بالآراء، والتوصيات، والاقتراحات (الفردية والجماعية) التي يبديها المرؤوسون، والتي تيسر له اتخاذ القرارات الصائبة، وتضمن له في الوقت ذاته حسن تنفيذها".
ثانياً- مسوّغات المشاركة
الرئيس الإداري هو صاحب الحق الشرعي في صناعة القرار، إلا أن مشاركته الآخرين في ذلك تجد مبرراتها في الآتي:
1- تعدّ المشاركة الجماعية في صناعة القرارات الإدارية وسيلة ناجحة، وأسلوباً بارعاً لتقبل هذه القرارات، وزيادة فاعليتها، إذ إن الإنسان بتكوينه النفسي بحاجة إلى الأمن والمحبة، والعطف، والإحساس بالنجاح، والتقدير، والشعور بالحرية، فضلاً عن حاجته إلى الضبط والتوجيه.
2- يعنى علماء الإدارة جل العناية بالنواحي السيكولوجية في إعداد القرار، ويركزون على ضرورة المشاركة في صناعته ممن يعنيهم أمر القرار، وخاصة القائمين على تنفيذه.
3- أثبتت الدراسات والتجارب أن هناك ارتباطاً ايجابياً بين المشاركة وزيادة الإنتاجية وفعاليتها.
4- إن حل أي مشكلة من المشكلات الإدارية يحتاج إلى معلومات كافية، وهذه المعلومات لا تتوفر عادة لدى شخص واحد.
5- توجد العديد من المشكلات التي تهم جهات مختلفة، إضافة إلى أن بعض المشكلات يجب أن تدرس من عدة جهات إدارية، وسياسية، وفنية، واجتماعية، واقتصادية... وبالتالي يتطلب ذلك مشاركة الجهات التي تهمها هذه المشكلة، من أجل دراستها من كل الوجهات، حتى يأتي الحل مناسباً وفعالاً.
6- إذا كانت المشكلات ذات طبيعةٍ إستراتيجية فإن المشاركة تغدو ضرورية، لأنه قد يعجز فرد واحد عن الإحاطة بمثل هذه المشكلات، أو إيجاد الحلول لها.
7- وتجد المشاركة مبرراتها أيضاً في أنها تنمي قدرات العاملين المتعلقة بالتجديد والابتكار، وإكسابهم المهارات الإدارية الناجحة الناجمة عن ممارسة اتخاذ القرارات.
ثالثاً- حدود المشاركة ودرجاتها
أ- حدود المشاركة
في أي نوع من أنواع القرارات تجب المشاركة ؟ وعلى أي المستويات؟
للإجابة عن ذلك لا بد من استعراض الاتجاهين اللذين ظهرا بين كتاب الإدارة العامة في هذا المجال:
1ـ الاتجاه التقليدي
يقسم هذا الاتجاه القرارات إلى نوعين: استراتيجية وروتينية، ويقصر اتخاذ القرارات من النوع الأول على المستويات العليا في الإدارة، ولا يوجب مشاركة العاملين من المستويات الدنيا في مثل هذه القرارات. أما القرارات العادية أو الروتينية ـ والتي تتخذ في المستويات الإدارية الدنيا ـ فلا ضير من المشاركة فيها.
2ـ الاتجاه الحديث
يقوم هذا الاتجاه على مبدأ المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات من مختلف المستويات التنظيمية في الإدارة، وبغض النظر عن نوعية القرارات المتخذة، فلا بد من إشراك كل من يمسهم موضوع القرار، وكذلك من ينفذ عليهم. إضافة إلى أنه إذا كانت هناك أجهزة أخرى يتصل بها القرار فلا بد من مشاركتها في صناعته.
ب- درجات المشاركة
صنّف علماء الإدارة درجات ونماذج مختلفة تتدرج فيها المشاركة تبعاً للسلوك الذي يسلكه الرئيس الإداري في إطار هذا النمط. وهذه النماذج هي:
1- انفراد الرئيس الإداري بصناعة القرار: تبعاً لهذا النموذج تكون المشاركة في أدنى مستوياتها، إذ ينفرد القائد الإداري بصناعة القرار، ويتخذ كل الخطوات اللازمة لذلك، من تحديد للمشكلة، وتشخيصها، وتحديده للبدائل، واتخاذ البديل الملائم.
2- الرئيس الإداري يقدم آراءه ويدعو إلى الأسئلة: وطبقاً لهذا النموذج تكاد تكون المشاركة محصورة في طرح التساؤلات، لأن الرئيس الإداري يكون قد توصل إلى قرار، لكنه يسعى إلى أن تقبل أراؤه من جانب المرؤوسين، لذلك يشرح وجهة نظره، ويعطي نفسه فرصة كافية للاستفسار وسماع الآراء، بحيث يستطيع العمال فهم ما يريد تحقيقه بشكل أفضل.
3- الرئيس الإداري يقدم قراراً أولياً قابلاً للتعديل: هنا يقوم الرئيس الإداري بكل خطوات صناعة القرار، ومن ثم يتخذ قراراً أولياً قابلاً للتعديل، وذلك بعد سماع الآراء والمقترحات من قبل المرؤوسين في هذا الصدد.
4ـ الرئيس الإداري يعرض المشكلة، ويحصل على الاقتراحات، ثم يتخذ قراره: في هذا النموذج لا يأتي الرئيس بحل جاهز ليعرضه على مرؤوسيه، بل يطرح المشكلة القائمة على المرؤوسين لأخذ آرائهم، دون أن يجازف هو بمفرده في اتخاذ القرار.
5- الرئيس الإداري يضع الحلول ويطلب من المجموعة اتخاذ القرار: في هذا النموذج يقوم الرئيس الإداري بتحديد المشكلة، والحلول التي ينبغي أن يتخذ القرار في إطارها، ثم يوكل إلى المجموعة ـ وبوصفه عضواً فيها وضمن الحدود المرسومة ـ مهمة اتخاذ القرار.
6- الرئيس الإداري يسمح للمجموعة أو المرؤوسين باتخاذ القرار الذي يوافقون عليه: ويمثل هذا النموذج أقصى درجات المشاركة والديمقراطية في اتخاذ القرار.
رابعاً- صور المشاركة
بات معروفاً أنه ليس بمقدور شخص بمفرده تسيير وقيادة منظمة بكاملها دون الاستعانة بالآخرين، سواء كان هؤلاء مساعدين، أو مستشارين، أو خبراء، أو موظفين، أو عمال... ومن صور المشاركة نذكر:
أ- مجلس الإدارة
تلجأ كثير من الإدارات إلى هذا الأسلوب في اتخاذ بعض القرارات، وخاصة القرارات الاستراتيجية التي يصعب عادة اتخاذها بواسطة فرد واحد. ومن أمثلة هذه المجالس: مجالس الأقسام، ومجالس الكليات، ومجالس الجامعات، ومجالس إدارة شركات القطاع العام...
وضماناً لفعالية هذه المجالس ينبغي أن يحاط أعضاء المجلس جميعاً بالموضوع إحاطة كاملة قبل انعقاد الجلسات، للتعرف على جوانب المشكلة محل القرار، والمناقشة أثناء الجلسات عن طريق توجيه الأسئلة التي تتميز بالفطنة وحسن التمييز. ومما ينبغي توفره أيضاً في هذه المجالس لكي تتخذ قرارات فعالة قيادة تتسم بالديمقراطية، والمهارة القيادية في فن إدارة الجلسات.
كما يجب وضع إجراءات دقيقة لحسن سير الجلسات، وعدم إضاعة الوقت في مناقشة أمور جانبية، أو لا تتمتع بالأهمية الكبيرة.
وتختلف دورات انعقاد هذه المجالس باختلاف الإدارات التابعة لها، وغالباً ما تكون أسبوعية أو شهرية.
أما عن نظام التصويت فغالباً ما يكو ن بالأغلبية المطلقة، مع ترجيح صوت الرئيس في حال تساوى الأصوات.
ومن أهم المشكلات التي يمكن أن تعيق عمل هذه المجالس الخلافات التي يمكن أن تحصل بين الأعضاء المعينين والأعضاء المنتخبين.
ب- المؤتمرات
عادة ما يلجأ الرؤساء الإداريون إلى عقد المؤتمرات لحل مشكلة معينة، وذلك عندما يحتاج حل هذه المشكلة إلى قبول أكبر عدد من الأفراد، أو للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات والآراء، إذ إن المؤتمرات تتيح فرصة كبيرة لتبادل الآراء والمعلومات، وتكوين وجهات نظر متعددة لحل المشكلة المطروحة من خلال عقد جلسات، أو تشكيل فرق عمل يسهم كل منها في مناقشة جانب معين من المشكلة المطروحة.
ويتوقف نجاح مثل هذه المؤتمرات على مهارة القادة القائمين على عقدها، وتنظيمها، وقدرتهم العالية في فن الاتصال بالحاضرين، وكسب ثقتهم، وجعلهم يشاركون مشاركة فعّالة في حل المشكلة.
تمتاز هذه الطريقة بأنها تتيح فرصة لأكبر عدد ممكن من المرؤوسين للمشاركة في صناعة القرار، وشعورهم أن مقترحاتهم وآراءهم مهمة ولها قيمة.
وعلى الرغم من المزايا المتقدمة، إلا أن هناك بعض المآخذ على هذه الطريقة من أهمها:
• التكاليف المالية الباهظة الناجمة عن وجوب تخصيص مكان لعقد اللقاءات.
• ضرورة توفير الأجهزة والمواد اللازمة.
• أجور الاستعانة بالخبرات الأجنبية في بعض الأحيان.
ج- اللجان
وهي الصورة الأكثر شيوعاً للمشاركة بالنسبة لاتخاذ القرارات. واللجنة هي "مجموعة من الأفراد، يعينون، أو ينتخبون، لبحث ودراسة الموضوعات، أو المشكلات التي تقدم إليهم، وذلك في إطار ما يعقدونه من اجتماعات تتم بصورة منتظمة".
تنقسم اللجان عادة إلى نوعين: لجان دائمة، ولجان مؤقتة. أما اللجان الدائمة فإنها تشكل لمناقشة موضوعات دورية لدراستها، وتقديم الاقتراحات المناسبة بشأنها، أو اتخاذ القرار المناسب بالنسبة لها. بينما تشكّل اللجان المؤقتة لدراسة مشكلة أو موضوع معين، بحيث تنتهي مهمتها بانتهاء المهمة المكلفة بها. ولعلّ السبب في انتشار عمل اللجان هو كبر حجم الأعمال وتعقدها،
مما يعني تفضيل الرؤساء الإداريين تحميل اللجان مسؤولية صناعة القرارات الإدارية.
وما تجب الإشارة إليه أن هناك بعض العيوب في استخدام اللجان بحسبانها وسيلة جماعية في صناعة القرارات الإدارية منها:
• المخاطرة: فالأفراد يميلون إلى الاختيارات الخطرة نسبياً عندما يكونون أعضاء في لجان، بينما يميلون إلى الاختيارات المعقولة، والأقل خطراً، عندما يكون العمل فردياً.
• رغبة بعض أعضاء اللجان في الجدال.
• ضياع الوقت في اجتماعات متعددة وطويلة.
• كما أن اللجان وسيلة للتهرب من المسؤولية.
ومن صور المشاركة الأخرى: المقابلات الشخصية والفردية، الاقتراحات والشكاوى، الاتصالات الهاتفية، والاستفسارات الكتابية.
خامسا- مزايا المشاركة وعيوبها
بذل كتّاب الإدارة العامة جهوداً كبيرة في إبراز محاسن ومساوئ المشاركة في الإدارة بشكل عام، وفي عملية صنع القرارات الإدارية بوجه خاص، وذلك من أجل معرفة الدور الحقيقي الذي تلعبه في هذا المجال، ومن الممكن تلخيص هذه الجهود في الآتي:
أ- مزايا المشاركة
1- إن إشراك عدد من المرؤوسين أو الفنيين والمتخصصين في صناعة القرارات يمكن أن يوفر أكبر كمية من المعلومات والبيانات لم يكن في الإمكان الحصول عليها لولا إشراك هؤلاء في صناعة القرار. وإن مشاركة عدد كبير ممن يهمهم القرار في عملية صنعه يؤدي إلى التزام أكبر من قبلهم في عملية تنفيذه.
2- واتخاذ القرار بشكل جماعي عادة ما يؤدي إلى إشباع المستوى الأعلى من حاجات الأفراد. كما تساعد المشاركة على رفع الروح المعنوية للعاملين في تدعيم مفهوم العلاقات الإنسانية.
3- كما تسهم المشاركة في تنمية مهارات المرؤوسين الإدارية، وتربية كوادر قيادية جديدة من القادة الإداريين في الصفين الثاني والثالث. كما أن المشاركة في صنع القرار تساعد على تنمية ملكة القدرة على الخلق والابتكار لدى العاملين، مما يؤدي إلى تحسين جودة القرارات الصادرة.
4- هذا وتتيح المشاركة أيضا فرصة التفاهم المتبادل بين أعضاء التنظيم، وتخفيف حدة الصراع أو النـزاع والمنافسة الضارة. وتوفر المشاركة استعداداً أكبر لتقبل التغيير، فعندما يطبق التغيير بطريقة تحكمية من أعلى يجعل المرؤوسين يميلون إلى الشعور بعدم الاطمئنان، وإلى اتخاذ خطوات مضادة تستهدف تعطيل التجديدات.
5- وتعد المشاركة في صناعة القرارات الإدارية وسيلة إدارية فعّالة في توسيع مجال قبول السلطة، وتقليل مقدار المقاومة لممارسة السلطة الرسمية، وزيادة الاستجابات الإيجابية من جانب المرؤوسين للأوامر الإدارية.
ب- عيوب المشاركة
حاول البعض توجيه انتقادات إلى المشاركة في صناعة القرارات الإدارية، منها:
1. تشكل المشاركة مظهراً لتنازل الرئيس الإداري عن بعض مهامه القيادية التي يفرضها عليه منصبه.
2. عدم وجود مسؤولية محددة لكل عضو من الأعضاء المشاركين بالنسبة لنتائج القرارات التي يصنعونها، وهذا ما يؤدي إلى شيوع المسؤولية.
3. غالبا ما تتسبب المشاركة في ضياع وقت كبير في حين تتطلب بعض القرارات السرعة والعجلة.
4. يخشى من المشاركة بوساطة اللجان وجود مخاطر السيطرة من قبل فرد واحد على الجلسة ومحاولة فرض رأيه، أو شعور بعض الأعضاء المشاركين بالضغط لقبول القرار المتخذ.
يمكننا القول بناءًَ على ما تقدم أن ما سيق من انتقادات للمشاركة لا يصمد كثيراً أمام التحليل الموضوعي. فالمشاركة ليست تنازلاً من الرئيس عن اختصاصاته، فهي لا تسلب من الرئيس الإداري هذه الاختصاصات، ولا حتى جزءاً منها، بل على العكس تماماً تمكّن المشاركة متخذ القرار من ممارسة اختصاصاته بطريقة فنيّة صحيحة لا يشوبها الخطأ، بينما يؤدي انعدام المشاركة إلى اعتماد الرئيس الإداري على مقدراته الشخصية فحسب، مما يعني إمكانية الوقوع في الخطأ. كما أن المشاركة لا تكون في جميع الصلاحيات الممنوحة للرئيس الإداري، وإنما تتعلق بدرجة أساسية بالأمور الإستراتيجية والمهمة.
من جهة أخرى لا يمكن القول إن المشاركة تؤدي إلى شيوع المسؤولية، لأن الرئيس الإداري يظل صاحب الكلمة الفصل في اتخاذ القرار، وهو المسؤول عن ذلك. كما لا يمكننا التسليم بأن المشاركة تتعارض مع القرارات التي تحتاج إلى سرعة في اتخاذ القرار، فليس من الضروري أن تكون المشاركة قائمة في مثل هذه القرارات، ويمكن للرئيس الإداري التصدي لها بمفرده. وعلى أي حال فإن مثل هذه القرارات تشكل استثناءً من القاعدة التي توجب أخذ القرارات الإدارية بروية وحكمة، وبعد دراسة وتمحيص.
وإذا كان صحيحاً أن بعض اللجان قد ينتهي بها الحال إلى سيطرة رئيس اللجنة والضغط على الأعضاء لإصدار القرار بالطريقة التي يريد، فإن عمل اللجان يظل مفيداً في حالات عديدة منها ما يتعلق بالأمور التنظيمية للمنظمة الإدارية، وفي نطاق المساءلة المسلكية، وحل المشكلات التي تتعلق بالمصالح الحيوية للجمهور. ويمكن التغلب على السلبيات التي تتعلق بعمل اللجان بحسن اختيار رئيس اللجنة وأعضائها، وأن لا يكون عدد الأعضاء كبيراً، وإعادة النظر في تشكيل اللجنة من وقت لآخر. وفي جميع الأحوال فإن اللجان هي صورة من صور المشاركة، وتوجيه بعض النقد إلى عمل اللجان لا ينفي بحال من الأحوال أهمية المشاركة في صورها الأخرى، والتي تترتب عليها مزايا عديدة أهم وأكبر بكثير مما وجه إليها من انتقادات.
امين عرعار
2011-06-16, 11:33
ربمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
http://img545.imageshack.us/img545/7338/vbdelegntnet.png
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا الهادى محمد . وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وسلم ..
فإن أصدق الحــديث كــتاب الله تعالى و خير الهدي هديُ سيـدنا محمد صلى الله عليه و سلم ..
و شر الأمور محدثــاتها و كل محـدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..
فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن ..
أما بعد ..http://69.59.144.138/icon.aspx?m=blank
ظهير شريف رقم 1.96.157 الصادر في 23 من جمادى الأولى 1417
( 7 أكتوبر 1996 ) بتنفيذ نص الدستور المراجع[1]
الحمد لله وحده ؛
الطابع الشريف – بداخله :
( الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه )
يعلم من ظهيرنا الشريف هذا أسماه الله وأعز أمره أننا :
بعد الإطلاع على الدستور ولاسيما الفصلين 29 و 99 منه ؛
وعلى الظهير الشريف رقم 1.96.141 الصادر في 8 ربيع الآخر 1417 ( 24 أغسطس 1996) بإجراء استفتاء في شأن مشروع مراجعه الدستور.
وعلى القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري والصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 ( 25 فبراير 1994 ) ولاسيما المادتين 36 و 37 منه ؛
ونظرا لنتائج الاستفتاء في شأن مشروع مراجعة الدستور الذي أجري يوم الجمعة 28 من ربيع الآخر 1417 ( 13 سبتمبر 1996 ) والمعلن عنها من لدن المجلس الدستوري بالقرار رقم 96-117 بتاريخ 17 من جمادى الأولى 1417 ( فاتح أكتوبر 1996 ) .
أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي :
ينفذ وينشر بالجريدة الرسمية عقب ظهيرنا الشريف هذا نص الدستور المراجع الذي تم إقراره عن طريق الاستفتاء المجرى يوم الجمعة 28 من ربيع الآخر 1417 ( 13 سبتمبر1996 ).
وحرر بالرباط في 23 من جمادى الأولى 1417 ( 7 أكتوبر 1996 )
مراجعــــة الدستــــور
تصــــــديــــــــــر
المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، وهي جزء من المغرب العربي الكبير.
وبصفتها دولة إفريقية، فإنها تجعل من بين أهدافها تحقيق الوحدة الإفريقية.
وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.
كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم.
البــاب الأول
أحكام عامــة
المبادئ الأساسية
الفصل الأول
نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية.
الفصــل الثاني
السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية.
الفصــل الثالث
الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثليهم.
نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع.
الفصل الرابع
القانون هو أسمى تعبير عن الأداء عن إرادة الأمة، ويجب على الجميع الامتثال له، وليس للقانون أثر رجعي.
الفصــل الخامس
جميع المغاربة سواء أمام القانون.
الفصل السادس
الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.
الفصــل السابع
علم المملكة هو اللواء الأحمر الذي يتوسطه نجم أخضر خماسي الفروع.
شعار المملكة : الله ، الوطن ، الملك.
الفصــل الثامن
الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسة، لكل مواطن ذكرا كان أو أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشد ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.
الفصــل التاسع
يضمن الدستور لجميع المواطنين :
- حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة ؛
- حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع ؛
- حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم.
ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون.
الفصــل العاشر
لا يلقى القبض على أحد ولا يعتقل ولا يعاقب إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
المنزل لا تنتهك حرمته ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون.
الفصــل الحادي عشر
لا تنتهك سرية المرسلات.
الفصــل الثاني عشر
يمكن جميع الموطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها.
الفصل الثالث عشر
التربية والشغل حق للمواطنين على السواء.
الفصــل الرابع عشر
حق الإضراب مضمون.
وسيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق.
الفصل الخامس عشر
حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان.
للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
الفصــل السادس عشر
على المواطنين جميعهم أن يساهموا في الدفاع عن الوطن.
الفصــل السابع عشر
على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور.
الفصــل الثامن عشر
على الجميع أن يتحملوا متضامنين التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البلاد.
البــــاب الثــــــانـــــي
الملكيـــــــــة
الفصل التاسع عشر
الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات.
وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
الفصــل العشرون
إن عرش المغرب وحقوقه الدستورية تنتقل بالوارثة إلى الولد الذكر الأكبر سنا من ذرية جلالة الملك الحسن الثاني، ثم إلى ابنه الأكبر سنا وهكذا ما تعاقبوا، ما عدا إذا عين الملك قيد حياته خلفا له ولدا آخر من أبنائه غير الولد الأكبر سنا،
فإن لم يكن ولد ذكر من ذرية الملك فالملك ينتقل إلى أقرب أقربائه من جهة الذكور ثم إلى ابنه طبق الترتيب والشروط السابقة الذكر.
الفصــل الحادي والعشرون
يعتبر الملك غير البالغ سن الرشد قبل نهاية السنة السادسة عشر من عمره، وإلى أن يبلغ سن الرشد يمارس مجلس الوصاية اختصاصات العرش وحقوقه الدستورية باستثناء ما يتعلق منها بمراجعة الدستور، ويعمل مجلس الوصاية كهيئة استشارية بجانب الملك حتى يدرك تمام السنة العشرون من عمره.
يرأس مجلس الوصاية الرئيس الأول للمجلس الأعلى ويتركب، بالإضافة إلى رئيسه، من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس العلمي الإقليمي لمدينتي الرباط وسلا وعشر شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره.
قواعد سير مجلس الوصاية تحدد بقانون تنظيمي.
الفصــل الثاني والعشرون
للملك قائمة مدينة.
الفصل الثالث والعشرون
شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته.
الفصل الرابع والعشرون
يعين الملك الوزير الأول.
ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول.
وله أن يعفيهم من مهامهم.
ويعفى الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها.
الفصل الخامس والعشرون
يرأس الملك المجلس الوزاري.
الفصــل السادس والعشرون
يصدر الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه.
الفصــل السابع والعشرون
للملك حق حل مجلس البرلمان أو أحدهما بظهير شريف طبق الشروط المبينة في الفصلين 71 و 73 من الباب الخامس.
الفصل الثامن والعشرون
للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان ويتلي خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش.
الفصــل التاسع والعشرون
يمارس الملك بمقتضى ظهائر السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.
الظهائر الشريفة توقع بالعطف من لدن الوزير الأول ما عدا الظهائر المنصوص عليها في الفصول 21
( الفقرة الثانية) و 24 ( الفقرات الأولى والثالثة والرابعة ) و 35 و 69 و 71 و 79 و 84 و 91 و 105.
الفصــل الثلاثــون
الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية.
وله حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
الفصل الحادي والثلاثون
يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية.
يوقع الملك المعاهدات ويصادق عليها غير أنه لا يصادق على المعاهدات التي ترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولية إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
تقع المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع لتعديله.
الفصــل الثاني والثلاثون
يرأس الملك المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط.
الفصــل الثالث الثلاثون
يعين الملك القضاة طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل 84.
الفصــل الرابع و الثلاثون
يمارس الملك حق العفو.
الفصل الخامس والثلاثون
إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب إلى الأمة، ويخول بذلك، على الرغم من جميع النصوص المخالفة، صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن ويقتضيها رجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة.
لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان.
ترفع حالة الاستثناء باتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها.
البــاب الثــــالث
البـــرلمـــــــان
تنظيم البرلمان
الفصل السادس والثلاثون
يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه.
الفصـــل السابع والثلاثون
ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراح العام المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس.
ويبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم وشروط القابلية للانتخاب وأحوال التنافي ونظام المنازعات الانتخابية.
وينتخب رئيس مجلس النواب أولا في مستهل الفترة النيابية ثم في دورة أبريل للسنة الثالثة من هذه الفترة، وذلك لما تبقى منها.
وينتخب أعضاء مكتب المجلس لمدة سنة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.
الفصــل الثامن والثلاثون
يتكون ثلاثة أخماس مجلس المستشارين من أعضاء تنتخبهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية، ويتكون خمساه الباقيان من أعضاء تنتخبهم أيضا في كل جهة هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة تتألف من ممثلي المأجورين.
ينتخب أعضاء مجلس المستشارين لمدة تسع سنوات، ويتجدد ثلث المجلس كل ثلاث سنوات، وتعين بالقرعة المقاعد التي تكون محل التجديدين الأول والثاني، ويحدد بقانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس المستشارين ونظام انتخابهم وعدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختلف جهات المملكة وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وطريقة إجراء القرعة المشار إليها أعلاه وتنظيم المنازعات الانتخابية.
ينتخب رئيس مجلس المستشارين وأعضاء مكتبه في مستهل دورة أكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس، ويكون انتخاب أعضاء المكتب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.
عند تنصيب مجلس المستشارين لأول مرة أو بعد حل المجلس الذي سبقه ينتخب رئيسه وأعضاء مكتبه في أول دورة تلي انتخاب المجلس ثم يجدد انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب في مستهل دورة أكتوبر عند تجديد ثلث المجلس.
الفصـل التاسع والثلاثون
لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عند ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.
ولا يمكن في أثناء دورات البرلمان متابعة أي عضو من أعضائه ولا إلقاء القبض عليه من أجل جناية أو جنحة غير ما سبقت الإشارة إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل إلا بإذن من المجلس الذي ينتمي إليه ما لم يكن العضو في حالة تلبس بالجريمة.
ولا يمكن خارج مدة دورات البرلمان إلقاء القبض على أي عضو من أعضائه إلا بإذن من مكتب المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.
يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.
الفصــل الأربعون
يعقد البرلمان جلساته في أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.
إذا استمرت جلسات البرلمان ثلاثة أشهر على الأقل في كل دورة جاز ختم الدورة بمقتضى مرسوم.
الفصل الحادي والأربعون
يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية إما بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء أحد المجلسين وإما بمرسوم.
تعقد دورة البرلمان الاستثنائية على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في المسائل التي يتضمنها جدول الأعمال تختم الدورة بمرسوم.
الفصل الثاني و الأربعون
للوزراء أن يحضروا جلسات كلا المجلسين واجتماعات لجانهما، ويمكنهم أن يستعينوا بمندوبين يعينونهم لهذا الغرض.
علاوة على اللجان الدائمة المشار إليها في الفقرة السابقة يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معنية وإطلاع المجلس الذي شكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.
لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها.
يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق.
الفصل الثالث والأربعون
جلسات مجلسي البرلمان عمومية، وينشر محضر المناقشات برمته بالجريدة الرسمية.
ولكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية بطلب من الوزير الأول أو بطلب من ثلث أعضائه.
الفصل الرابع و الثلاثون
يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقرر بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام هذا الدستور.
سلط البرلمان
الفصل الخامس والأربعون
يصدر القانون عن البرلمان بالتصويت.
وللقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما.
الفصل السادس والأربعون
يختص القانون بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين الآتية :
- الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور ؛
- تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية وإحداث أصناف جديدة من المحاكم ؛
- النظام الأساسي للقضاة ؛
- النظام الأساسي للوظيفة العمومية ؛
- الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ؛
- النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية ؛
- نظام الالتزامات المدنية والتجارية ؛
- إحداث المؤسسات العمومية ؛
- تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
للبرلمان صلا حية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الفصــل السابع والأربعون
إن المواد الأخرى التي لا يشملها اختصاص القانون يختص بها المجال التنظيمي.
الفصــل الثامن والأربعون
النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها بمرسوم بعد موافقة المجلس الدستوري إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها.
الفصل التاسع والأربعون
يمكن الإعلان عن حالة الحصار لمدة ثلاثين يوما بمقتضى ظهير شريف، ولا يمكن تمديد أجل الثلاثين يوما إلا بالقانون.
الفصــل الخمســون
يصدر قانون المالية عن البرلمان بالتصويت طبق شروط ينص عليها قانون تنظيمي.
يصوت البرلمان مرة واحد على نفقات التجهيز التي يتطلبها إنجاز مخطط التنمية، وذلك عندما يوافق على المخطط، ويستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طوال مدة المخطط، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير البرنامج الموافق عليه كما ذكر.
إذا لم يتم نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو صدور الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المجلس الدستوري تطبيقا للفصل 81، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة بقصد الموافقة.
ويسترسل العمل في هذه الحالة باستخلاص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية عليها باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية، أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح.
الفصل الحادي والخمسون
إن المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود.
ممارسة السلطة التشريعية
الفصل الثاني والخمسون
للوزير الأول ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين.
توضع مشاريع القوانين بمكتب أحد مجلسي البرلمان.
الفصل الثالث والخمسون
للحكومة أن تدفع بعدم القبول كل اقتراح أو تعديل لا يدخل في اختصاص السلطة التشريعية.
وكل خلاف في هذا الشأن يفصل فيه المجلس الدستوري في ظرف ثمانية أيام بطلب من أحد مجلسي البرلمان أو من الحكومة.
الفصــل الرابع والخمسون
تحال المشاريع والاقتراحات لأجل النظر فيها على لجان يستمر عملها خلال الفترات الفاصلة بين الدورات.
الفصــل الخامس والخمسون
يمكن الحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة في أثناء الدورة العادية التالية للبرلمان.
يودع مشروع المرسوم بقانون بمكتب أحد المجلسين، وتناقشه اللجان المعنية في كليهما بالتتابع بغية التوصل إلى قرار مشترك في شأنه، وإذا لم يتأت الاتفاق على ذلك داخل أجل ستة أيام من إيداع المشروع يباشر بطلب من الحكومة تشكيل لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء المجلسين تتولى في ظرف ثلاثة أيام من عرض الأمر عليها اقتراح قرار مشترك على اللجان المختصة.
ويعتبر الاتفاق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل مرفوضا إذا لم تتمكن اللجنة الثنائية المختلطة من اقتراح قرار مشترك داخل الأجل المضروب لها أو إذا لم توافق اللجان البرلمانية المعنية على القرار المقترح عليها داخل أجل أربعة أيام.
الفصـل السادس والخمسون
يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله، ويتضمن هذا الجدول بالأسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة واقتراحات القوانين التي تقبلها.
تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة.
يجب أن تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما التالية لإحالة السؤال إليها.
الفصـل السابع والخمسون
لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق التعديل، وللحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر.
ويبت المجلس المعروض عليه النص بتصويت واحد في النص المتناقش فيه كله أو بعضه إذا ما طلبت الحكومة ذلك مع الاقتصار على التعديلات المقترحة أو المقبولة من طرف الحكومة.
الفصل الثامن والخمسون
يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو اقتراح قانون بغية التوصل إلى اتفاقهما على نص واحد، ويتداول المجلس المعروض عليه الأمر أولا في نص مشروع القانون المقدم من الحكومة أو نص اقتراح القانون المسجل في جدول أعماله، ويتداول المجلس المحال إليه نص سبق أن صوت عليه المجلس الآخر في النص المحال إليه.
إذا لم يتأت إقرار مشروع أو اقتراح قانون بعد مناقشته مرتين في كلا المجلسين، أو مرة واحدة في كل منهما إذا أعلنت الحكومة الاستعجال، يجوز للحكومة أن تعمل على اجتماع لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء المجلسين يناط بها اقتراح نص بشأن الأحكام التي ما زالت محل خلاف، ويمكن الحكومة أن تعرض النص الذي تقترحه اللجنة الثنائية المختلطة على المجلسين لإقراره، ولا يجوز في هذه الحالة قبول أي تعديل إلا بموافقة الحكومة.
إذا لم تتمكن اللجنة الثنائية المختلطة من اقتراح نص مشترك أو إذا لم يقر المجلسان النص الذي اقترحته يجوز للحكومة أن تعرض على مجلس النواب مشروع أو اقتراح القانون بعد أن تدخل عليهما عند الاقتضاء ما تتبناه من التعديلات المقترحة خلال المناقشة البرلمانية، وفي هذه الحالة لا يمكن مجلس النواب أن يقر نهائيا النص المعروض عليه إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم.
يعتبر أن مجلس النواب قد وافق على النص المعروض عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه في حالة إقراره عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 75.
يتم إقرار القوانين التنظيمية والتعديلات المدخلة عليها وفق الشروط المشار إليها أعلاه، بيد أن المجلس الذي يعرض عليه أولا مشروع أو اقتراح قانون تنظيمي لا يمكنه أن يتداول فيه أو يصوت عليه إلا بعد مرور عشرة أيام على تاريخ إيداعه لديه.
يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي البرلمان على نص موحد.
لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور
الباب الرابع
الحكـــومــــة
الفصل التاسع والخمسون
تتألف الحكومة من الوزير الأول والوزراء.
الفصــل الستون
الحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان.
يتقدم الوزير الأول أمام كل من مجلسي البرلمان بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية.
يكون البرنامج المشار إليه أعلاه موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين ويتلو مناقشته في مجلس النواب تصويت يجب أن يقع وفق الشروط المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 75 ويترتب عليه الأثر المشار إليه في الفقرة الأخيرة منه.
الفصل الحادي وستــــون
تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الأول، والإدارة موضوعة رهن تصرفها.
الفصل الثاني والستون
للوزير الأول حق التقدم بمشاريع القوانين ولا يمكنه أن يودع أي مشروع قانون بمكتب أي من مجلسي البرلمان قبل المداولة في شأنه بالمجلس الوزاري.
الفصل الثالث والستون
يمارس الوزير الأول السلطة التنظيمية.
تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن الوزير الأول التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها.
الفصل الرابع والستون
للوزير الأول الحق في تفويض بعض سلطه للوزراء.
الفصل الخامس والستون
يتحمل الوزير الأول مسؤولية تنسيق النشاطات الوزارية.
الفصــل السادس والستون
تحال على المجلس الوزاري المسائل الآتية قبل البت فيها :
- القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة ؛
- الإعلان عن حالة الحصار ؛
- إشهار الحرب ؛
- طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها ؛
- مشاريع القوانين قبل إيداعها بمكتب أي من مجلسي البرلمان ؛
- المراسيم التنظيمية ؛
- المراسيم المشار إليها في الفصول 40 و 41 و 45 و 55 من هذا الدستور ؛
- مشروع المخطط ؛
- مشروع مراجعة الدستور.
الباب الخامس
علاقات السلط بعضها ببعض
العلاقة بين الملك والبرلمان
الفصل السابع والستون
للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو اقتراح قانون.
الفصل الثامن والستون
تطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
الفصل التاسع والستون
للملك أن يستفتي شعبه بمقتضى ظهير شريف في شأن كل مشروع أو اقتراح قانون بعد أن يكون المشروع أو الاقتراح قد قرئ قراءة جديدة، اللهم إلا إذا كان نص المشروع أو الاقتراح قد أقر أو رفض في كل من المجلسين بعد قراءته قراءة جديدة بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم.
الفصـــل السبعـــون
نتائج الاستفتاء تلزم الجميع.
الفصــل الحادي والسبعون
للملك بعد استشارة رئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب للأمة أن يحل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير شريف.
الفصــل الثاني والسبعون
يقع انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد في ظرف ثلاثة أشهر على الأكثر بعد تاريخ الحل.
وفي أثناء ذلك يمارس الملك، بالإضافة إلى السلط المخولة له بمقتضى هذا الدستور، السلط التي يختص بها البرلمان في مجال التشريع.
الفصــل الثالث والسبعون
إذا وقع حل مجلس فلا يمكن حل المجلس الذي يليه إلا بعد مضي سنة على انتخاب المجلس الجديد.
الفصل الرابع والسبعون
يقع إشهار الحرب بعد إحاطة مجلس النواب ومجلس المستشارين علما بذلك.
علاقات البرلمان بالحكومـــة
الفصل الخامس والسبعون
بإمكان الوزير الأول أن يربط لدى مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يفضي به الوزير الأول في موضوع السياسة العامة أو بشأن نص بطلب الموافقة عليه.
ولا يمكن سحب الثقة من الحكومة أو رفض النص إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.
لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على اليوم الذي طرحت فيه مسألة الثقة.
يؤدى سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
الفصــل السادس والسبعون
يمكن مجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها وذلك بالموافقة على ملتمس الرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل ربع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من لدن مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.
تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة.
الفصل السابع والسبعون
لمجلس المستشارين أن يصوت على ملتمس توجيه تنبيه للحكومة أو على ملتمس رقابة ضدها.
لا يكون ملتمس توجيه التنبيه للحكومة مقبولا إلا إذا وقعه على الأقل ثلث أعضاء مجلس المستشارين، ولا تتم الموافقة عليه إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.
يبعث رئيس مجلس المستشارين على الفور بنص التنبيه إلى الوزير الأول، وتتاح لهذا الأخير مهلة ستة أيام ليعرض أمام مجلس المستشارين موقف الحكومة من الأسباب التي أدت إلى توجيه التنبيه إليها.
يتلو إلقاء التصريح الحكومي نقاش لا يعقبه تصويت.
لا يكون ملتمس الرقابة مقبولا أمام مجلس المستشارين إلا إذا وقعه على الأقل ثلث أعضائه، ولا تتم الموافقة عليه إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.
تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
إذا وافق مجلس المستشارين على ملتمس رقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة.
الباب السادس
المجلس الدستوري
الفصل الثامن والسبعون
يحدث مجلس دستوري.
الفصــل التاسع والسبعون
يتألف المجلس الدستوري من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات، وستة أعضاء يعين ثلاثة منهم رئيس مجلس النواب وثلاثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق، ويتم كل ثلاث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري.
يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين الأعضاء الذين يعينهم.
مهمة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلة للتجديد.
الفصل الثمانون
يحدد قانون تنظيفي قواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري والإجراءات المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالآجال المقررة لعرض مختلف النزاعات عليه.
ويحدد أيضا الوظائف التي لا يجوز الجمع بينها وبين عضوية المجلس الدستوري، وطريقة إجراء التجديدين الأولين لثلث أعضائه، وإجراءات تعيين من يحل محل أعضائه الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا أو توفوا أثناء مدة عضويتهم.
الفصــل الحادي والثمانون
يمارس المجلس الدستوري الاختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية، ويفصل - بالإضافة إلى ذلك - في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء.
تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والنظام الداخلي لكل من مجلسي البرلمان قبل الشروع في تطبيقه إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.
وللملك أو الوزير الأول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.
يبت المجلس الدستوري في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين خلال شهر، وتخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بطلب من الحكومة إذا كان الأمر يدعو إلى التعجيل.
يترتب على إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في الحالات المشار إليها أعلاه وقف سريان الأجل المحدد لإصدار الأمر بتنفيذها.
لا يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور.
لا تقبل قرارات المجلس الدستوري أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية.
الباب السابع
القضـــــــــاء
الفصل الثاني والثمانون
القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية.
الفصل الثالث والثمانون
تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك.
الفصل الرابع والثمانون
يعين الملك القضاة بظهير شريف باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء.
الفصل الخامس والثمانون
لا يعزل قضاة الأحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون.
الفصل السادس والثمانون
يرأس الملك المجلس الأعلى للقضاء ويتألف هذا المجلس بالإضافة إلى رئيسه من :
- وزير العدل نائبا للرئيس ؛
- الرئيس الأول للمجلس الأعلى ؛
- الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى ؛
- رئيس الغرفة الأولى في المجلس الأعلى ؛
- ممثلين اثنين لقضاة محاكم الاستئناف ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛
- أربعة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم.
الفصــل السابع والثمانون
يسهر المجلس الأعلى للقضاء على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم وتأديتهم.
البــاب الثامــن
المحكمة العليا
الفصــل الثامن والثمانون
أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم.
الفصل التاسع والثمانون
يمكن أن يوجه مجلسا البرلمان التهمة إليهم وأن يحالوا على المحكمة العليا.
الفصــل التسعـــــون
يجب أن يكون اقتراح توجيه الاتهام موقعا على الأقل من ربع أعضاء المجلس الذي يقدم إليه أولا، ويناقشه المجلسان بالتتابع، ولا تتم الموافقة عليه إلا بقرار يتفقان عليه عن طريق التصويت السري بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس باستثناء الأعضاء الذين يعهد إليهم بالمشاركة في المتابعة أو التحقيق أو الحكم.
الفصل الحادي والتسعون
تتألف المحكمة العليا من أعضاء ينتخب نصفهم من بين أعضاء مجلس النواب ونصفهم الآخر من بين أعضاء مجلس المستشارين ويعين رئيسها بظهير شريف.
الفصــل الثاني والتسعون
يحدد قانون تنظيمي عدد أعضاء المحكمة العليا وكيفية انتخابهم وكذا المسطرة التي يتعين إتباعها.
الباب التاســع
المجلس الاقتصادي والاجتماعي
الفصل الثالث والتسعون
يحدث مجلس اقتصادي واجتماعي.
الفصــل الرابع والتسعون
للحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي.
ويدلي المجلس برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين.
الفصــل الخامس والتسعون
يحدد قانون تنظيمي تركيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتنظيمه وصلاحياته وطريقة تسييره.
البــاب العاشر
المجلس الأعلى للحسابات
الفصل السادس والتسعون
يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية.
ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية قيامها بتدبير شؤونها، ويعاقب عند الاقتضاء على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.
الفصــل السابع والتسعون
يبذل المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان وللحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون.
ويرفع إلى الملك بيانا عن جميع الأعمال التي يقوم بها.
الفصل الثامن والتسعون
تتولى مجالس جهوية للحسابات مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.
الفصل التاسع والتسعون
اختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات وقواعد تنظيميها وطريقة سيرها وتحدد بالقانون.
الباب الحادي عشر
الجماعات المحلية
الفصــل المائـة
الجماعات المحلية بالمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، ولا يمكن إحداث أي جماعة محلية أخرى إلا بقانون.
الفصل الحادي بعد المائة
تنتخب الجماعات المحلية مجالس تتكلف بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق شروط يحددها القانون.
يتولى العمال تنفيذ قرارات مجالس العمالات والأقاليم والجهات طبق شروط يحددها القانون.
الفصل الثاني بعد المائة
يمثل العمال الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، ويسهرون على تنفيذ القوانين، وهم مسؤولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسؤولون، لهذه الغاية، عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية.
الباب الثاني عشر
مراجعه الدستور
الفصل الثالث بعد المائة
للملك ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور.
للملك أن يستفتي شعبه مباشرة في شأن المشروع الذي يستهدف به مراجعة الدستور.
الفصــل الرابع بعد المائة
إن اقتراح مراجعة الدستور الذي يتقدم به عضو أو أكثر من أعضاء مجلس النواب أو مجلس المستشارين لا تصح الموافقة عليه إلا بتصويت ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس المعروض عليه الاقتراح، ويحال الاقتراح بعد ذلك إلى المجلس الآخر ولا تصح موافقته عليه إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم.
الفصــل الخامس بعد المائة
تعرض مشاريع واقتراحات مراجعة الدستور بمقتضى ظهير على الشعب قصد الاستفتاء.
تصير المراجعة نهائية بعد إقرارها بالاستفتاء.
الفصــل السادس بعد المائة
النظام الملكي للدولة وكذلك النصوص المتعلقة بالدين الإسلامي لا يمكن أن تتناولها المراجعة.
الباب الثالث عشر
أحكــام خاصة
الفصل السابع بعد المائة
إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان المنصوص عليهما في هذا الدستور يحتفظ مجلس النواب القائم حاليا بصلاحياته ليقوم، على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 27 من هذا الدستور.
الفصل الثامن بعد المائة
إلى أن يتم تنصيب المجلس الدستوري، حسب تركيبته المنصوص عليها في هذا الدستور، يمارس المجلس الدستوري القائم حاليا الاختصاصات المسندة إليه بأحكام الدستور والقوانين التنظيمية.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - لجريدة الرسمية عدد 4420 بتاريخ 10/10/1996 الصفحة
http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif
'' كيف يحمي القانون الدولي الإنساني الصحفيين في حالات النزاع المسلح؟''
يزداد تعرض العاملين في مجال الإعلام لخطر الإصابة أو الموت أو الاحتجاز أو الاختطاف وهم ينقلون الأخبار في حالات النزاع المسلح. وفي هذا يحدثنا السيد "روبين غايس", خبير قانوني في اللجنة الدولية, عن حق الحماية الذي يخوله القانون الدولي الإنساني لتلك الفئة من الأشخاص بصفتهم مدنيين غير مشاركين في القتال.
ما هي المخاطر الرئيسية التي يواجهها الصحفيون الذين يعملون في حالات النزاع المسلح؟
بداية, دعني أذكّر أن اللجنة الدولية ما فتئت تشعر ببالغ القلق إزاء تواتر أعمال العنف ضد الصحفيين وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام. فقد اتضح أكثر فأكثر في النزاعات الأخيرة تزايد تعرض العاملين لخطر استهدافهم مباشرة مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
ويواجه الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام الذين يغطون مناطق الحرب مخاطر عدة. فبحكم طبيعة عملهم نفسها يجدون أنفسهم لا محالة عرضة للأخطار الملازمة للعمليات العسكرية. وبدلا من الهروب من المعركة يبحثون عنها. إلا أن أكبر خطر يهددهم هو العنف الذي يستهدفهم عمداً.
ويقال عادة إن الحقيقة هي أول ضحايا الحرب في الوقت الذ ي تحظى فيه التقارير الإعلامية الدقيقة وغير المتحيزة التي ترد من مناطق النزاع باهتمام كبير من جانب الجمهور. فلما كانت الصور والأخبار في عصر المعلومات تؤثر بشكل حاسم في نتاج النزاعات المسلحة, انتشرت بشكل رهيب عرقلة الصحفيين عن أداء مهامهم الإعلامية في أوقات النزاع المسلح. كما اتسع نطاق تداخل العراقيل بين رفض تنقل العاملين في مجال الإعلام وفرض الرقابة عليهم ومضايقتهم واحتجازهم تعسفياً وتوجيه الهجمات المباشرة ضدهم.
ما نوع الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للعاملين في مجال الإعلام؟
يمكن أن يتولد لدينا الانطباع منذ الوهلة الأولى بأن القانون الدولي الإنساني لا يكفل حماية كاملة للصحفيين لأن اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين لا تتضمن إلا إشارتين صريحتين بخصوص العاملين في مجال الإعلام (المادة 4(ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول). لكن عند قراءة هاتين المادتين بالموازاة مع قواعد إنسانية أخرى, يتضح أن الحماية الممنوحة بموجب القانون الساري شاملة تماماً. والأهم من ذلك أن المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي ( القاعدة 34 في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي ).
بالتالي, ومن أجل إدراك نطاق الحماية التي يخولها القانون الدولي الإنساني للصحفيين إدراكا تاماً ينبغي استبدال لفظ " صحفي " بلفظ " مدني " اعتباراً من الصيغة المستخدمة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين.
هل ترقى الهجمات الموجهة ضد الصحفيين في النزاعات المسلحة إلى جرائم حرب؟
يتمتع الصحفيون بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية. وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيرا لاتفاق يات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول. فضلاً عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني يرقى أيضا إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
هل يترتب على وضع "المراسل الحربي" أية حماية خاصة؟
يواجه الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام خطر الاحتجاز التعسفي لأسباب يُدّعى أنها أمنية. وهنا يكمن الفرق بين " المراسل الحربي " (المادة 4(ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة) و " الصحفي " (المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول). كلا الفئتين معترف بها كفئة مدنية مع فارق وحيد هو أن مراسل الحرب يحق له التمتع بوضع أسير الحرب. كما أنه يتلقى ترخيصاً رسميا بمرافقة القوات المسلحة. وبناء على هذه العلاقة الوثيقة, يحق لمراسل الحرب عند إلقاء القبض عليه التمتع بالوضع القانوني نفسه الممنوح لأفراد القوات المسلحة. وعلى ذلك الأساس يتمتع مراسلو الحرب بالحماية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الثالثة والمكمّلة في البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي العرفي.
هل يمكن أن توضح لنا الفرق بين مراسلي الحرب والصحفيين المرافقين للقوات العسكرية ؟
مصطلح " صحفي مرافق " تعبير حديث. وقد استعمل للمرة الأولى على ما يبدو خلال غزو العراق عام 2003, وأخذ استخدامه في الانتشار منذ ذلك الحين. ولا يرد ذكره في أي حكم من أحكام القانون الدولي الإنساني كما أنه لا يقوم, حسب علمي, على تعريف دقيق. لكن بالإمكان القول إن مفهوم مراسل الحرب بشكل عام مرادف لما يعرف باسم " صحفي مرافق " وإن لم ينطبق ذلك بالضرورة على جميع الحالات. ولكي يصبح الصحفي مراسل حرب بالمفهوم المحدد في القانون الدولي الإنساني, يكون شرط اعتماده لدى القوات العسكرية إلزامياً. وبالتالي يصبح " الصحفي المرافق " مراسلاً حربيا بحكم القانون عندما يكون معتمداً رسمياً لدى القوات المسلحة.
وماذا عن الصحفيين والأخصائيين في الإعلام من غير "مراسلي الحرب"؟
لا يعني ما تقدم أن باقي الإ علاميين لا يجدون حماية على الإطلاق في حال وقعوا في قبضة أحد الأطراف المتحاربة. فعلى النقيض من ذلك, الحماية القانونية التي يتمتعون بها واسعة النطاق إلى حد بعيد, وإن كان غالباً ما يغفل عن هذا الجانب. فأولا, إذا لم يكن الصحفيون من رعايا البلد الذي يقع القبض عليهم فيه, فإنهم يفيدون من جميع أشكال الحماية المناسبة الممنوحة لهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وفي كافة الأحوال يتمتع الصحفيون وغيرهم من الإعلاميين دوماً بالضمانات الأساسية التي تكلفها لهم المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول كحد أدنى والتي تحظر بشكل خاص ممارسة العنف إزاء حياة وصحة الأشخاص الذين في قبضة أحد أطراف النزاع, والتعذيب بشتى أشكاله وانتهاك الكرامة الشخصية وأخذ الرهائن. وبالإضافة إلى ذلك, تكفل المادة ضمانات لتوفير محاكمة عادلة للشخص المدان بارتكاب جريمة. ويتمتع الإعلامي المحتجز بالضمانات الأساسية نفسها سواء وقع الاحتجاز عليه لأسباب تتعلق بنزاع مسلح دولي أو غير دولي. ويكون الصحفيون, بصفتهم مدنيين, مشمولين بالحماية في أوقات النزاع المسلح غير الدولي عملاً بالمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي العرفي.
ما هي التدابير الملموسة التي تتخذها اللجنة الدولية لمساعدة الصحفيين في المهمات الصعبة؟
يساور اللجنة الدولية قلق عميق بشأن الإعلاميين الذين يتعرضون لهجمات مباشرة أو يختفون أو يلقى القبض عليهم في أوقات الحرب أو حالات العنف الأخرى. ولقد فتحنا منذ عام 1985 خطاً هاتفيا مجانيا (85 32 217 79 41+) متاحاً بصورة دائمة للصحفيين الذين يواجهون مصاعب خلال النزاعات المسلحة. وهذه خدمة إنسانية بحتة. ولا يوضع الخط المجاني تحت تصرف الصحفيين فحسب بل يمكن أيضا لأرباب العمل والموظفين لديهم وأهاليهم استخدامه (أو الاتصال بموظفي اللجنة الدولية في أحد مكاتبها عبر العالم أو مراسلتنا على العنوان التالي: press.gva -a- icrc.org للإبلاغ عن اختفاء صحفي أو إصابته أو احتجازه, والتماس المساعدة. وتتراوح الخدمات التي تتيحها اللجنة الدولية بين السعي للتأكد من صحة خبر توقيف الصحفي, والحصول على إمكانية مقابلته, وإمداد العائلات وأرباب العمل بمعلومات عن مكان وجوده, والحفاظ على الروابط العائلية والبحث الفعلي عن المفقودين من الصحفيين والاضطلاع بعمليات الإجلاء الطبي للمصابين منهم.
كما تتيح اللجنة الدولية التدريب في مجال القانون الدولي الإنساني وتدعم الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تنظم دورات لتدريب الصحفيين على الإسعافات الأولية (تدريب الصحفيين على الإسعافات الأولية في جمعية الهلال الأحمر الباكستاني).
هل توفر القوانين السارية حماية كافية للصحفيين؟ وماذا ينبغي فعله لحمايتهم بشكل أفضل؟
تخول القوانين السارية حماية كافية للصحفيين. فهي تشكل قاعدة متينة وواقعية لحماية الإعلاميين من التعرض للأذى وهم بصدد أداء مهامهم في مسرح القتال. ولا يبرز القصور الخطير الذي يشوب الحماية في نقص القواعد ذات الصلة بل في الإخفاق في تنفيذ القواعد السارية والتحقيق بصورة منتظمة في الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم.
وتسعى اللجنة الدولية إلى ضمان امتثال أوفى للقواعد السارية. ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير التدريب والتعليم المناسبين للأشخاص المعنيين بتنفيذ تلك القواعد على أرض الواقع. ويستلزم الأمر أيضا محاسبة الذين يخالفون القواعد ومعاقبتهم في حال ثبتت إدانتهم. وكل شخص يرتكب جريمة حرب يتحمل المسؤولية الجنائية على ذلك كما أن من واجب كل طرف مشارك في نزاع مسلح أن يحترم القانون الدولي الإنساني ويضمن احترامه.
ما هي الأنشطة التي تنجزها اللجنة الدولية تحقيقاً لهذا الهدف؟
نسعى دائماً إلى التعريف على نطاق واسع بالقواعد التي تكفل الحماية للصحفيين والمدنيين بصورة عامة وتعزيز احترامها. وعلاوة على الدورات التدريبية التي ننظمها في مجال القانون الدولي الإنساني, نشارك في طيف كبير من الأحداث والمشاورات بين الخبراء. فعلى سبيل المثال, شاركت اللجنة الدولية خلال الدورة المنتظمة الرابعة عشرة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في حلقة نقاش بشأن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة :.
وبطبيعة الحال, تعاونا مع المنظمات الأخرى النشطة في هذا الميدان وتبادلنا وجهات النظر. والتقينا مؤخرا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير مثلا لمناقشة مسألة حماية الإعلاميين في النزاعات المسلحة.
هل تعتقد أن الجهود المبذولة إلى حد الآن كافية لضمان حماية أخصائيي الإعلام الذين يعملون في مناطق النزاع المسلح بشكل أفضل؟
سأسوق لك مثالاً عن التدابير الملموسة التي نتخذها في هذا الصدد. في الاجتماع الأخير للمؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي عقد في جنيف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2007, دعونا المشاركين (الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر, والاتحاد الدولي, واللجنة الدولية والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف) إلى توقيع تعهدات إنسانية فردية أو مشتركة بشكل طوعي تلزمهم باتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان تخويل أخصائيي الإعلام العاملين في حالات النزاع المسلح حق الاحترام والحماية المكفول للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني, وتعزيز أحكام هذا القانون ومبادئه المنطبقة على الصحفيين.
لكن, كما هو الحال في أغلب الأحيان, يتوجب بذل المزيد من الجهود على مستوى الالتزام والتنفيذ. فإلى يومنا هذا, لم توقع تلك التعهدات إلا ست حكومات وتسع جمعيات وطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر.
* منقول للأمانة العلمية *
اقتراح ممتاز يستحق التطبيق
قاصِرَةُ الطّرْف
2011-08-08, 12:02
Je vous remercie beaucoup et je bénéficier de ce magazine
mestafa1
2011-08-11, 11:13
رضا يتمنى لكم النجاح
ناصري 12
2011-08-11, 16:19
مشكورة على المبادرة الحسنة المهم تكون الفعالية والانسجام ليس مجرد نقل المواضيع بل ان تكون مواضيع جديدة لم تنل نصيبها من البحث والكتابة
السفير72
2011-08-15, 16:32
مشكوريييييين
نحن معكم إن شاء الله كلنا نحب التعلم والتعليم
الطيب بوهلال
2012-01-13, 20:58
أريد قاون التعاونيات العقارية في الجزائر من فضلكم
اريد عقد التسيير في القانون المدني الجزائري
امين عرعار
2012-02-13, 11:19
جازاكــــــــــــــــــــــــم الله خيرا وان شاء الله يوفق الجميع باذن الله وشكــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا لكل اعضاء المنتدى
أمينة 2012
2012-02-26, 22:25
شكرا على هذه الفكرة السديدة والتي أتمنى أن تتجسد على هذا المنتدى، حيث أن كل مختص في القانون يحتاج إلى هذا النوع من الفضاء العلمي:mh92:
kahmerouan
2012-03-13, 23:29
[quote=*جوداء*;4769572]السلام عليكم
اما بعد..
بما ان منتدى الجامعة والبحث العلمي هو القسم الاهم وبدون منازع في منتدياتنا منتديات الجلفة ارتأيت ان اضيف افتراح بسيط انوه فيه الى ان قسم الحقوق بصفة خاصة يحتاج الى مجلة قانونيةشاملة لكل الاخبار والاحداث القانونية الجارية في الساحة الوطنية والعالمية
كما انها مجال يخط فيه القانونيون كل اقتراحاتهم ورؤياهم في هذا المجال والى الطلبة ايضا ليكون فضاءا لتجديد معارفهم والاستفادة منها
ارجو ان لا يعتبر الاخوةالمشرفون الموضوع تدخل في اختصاصاتهم ولتكن اقتراح بسيط او تجربة للقسم فقط من اجل اختبار مدى نجاح الفكرة ومساهمتها في الابداع في هذا المنتدى ولكسر روتين تبادل البحوث والقضايا فقط
اتمنى ان تلاقي الفكرة اعجاب مرتادي منتديات الجلفة ويتلقى الموضوع حقه من المساهمات
تحياتي للجميع [/q
هل تعلمين يا اختاه ان العالم كله يعاني من ازمة الافكار والدليل على ذلك ان الشركات الكبرى العالمية تلهث وراء اصحاب الافكار
فالازمة اليوم هي ازمة الافكار لا غير لاننا وكما نرا التطور في جميع المجالات قد واكبه تسقيف في الافكار فعلى سبيل المثال لا الحصر الولايات المتحدة الامريكية تستورد الافكار من الهند .... وانما يعود هذا لعدم امكانية الهند استغلال طاقاتها البشرية ....
لذلك في رايي انت مشكورة على هاته الفكرة النييرة وارجو ان تجد صداها لدى رواد هذه المنتديات دون اقصاء او تهميش اي راي او فكرة ....مع الاعتماد على التجديد
لذلك ولربح الوقت ارجو ان نبدا في مناقشة الشكل التي تكون فيه كخطوة اولى
خالدقمار
2012-05-18, 11:16
[c
"]بارك الله فيك[
ناشدة الفلاح
2012-06-14, 19:17
السلام عليكم و رحمة الله
علمت أنه صدر مرسوم جديد يخص تمثيل الشخص المعنوي العام.
الرجاء إفادتي برقم المرسوم أو رابط أو...
بارك الله فيكم
المثقف39
2012-08-07, 09:29
أشكرك يا *جوداء* والله أحوج ما نكون لها اليوم،واتمنى أن يقبل هذا الاقتراح في القريب العاجل.ونحن مستعدون للمساعدة.
moham630
2012-09-25, 12:32
http://im25.gulfup.com/xU4a1.bmp (http://www.gulfup.com/show/WPGTtC)
imane-droit
2012-10-23, 18:11
و الله ارى بأن الفكرة تستحق التقدير لابد لنا من قسم نلتقي فيه اطرح اشكالياتنا و معرفة ما يجري في كل المدن الجزائرة و نبقى على تواصل انشاء الله و ذلك بالاهتمام و المثابرة نرجو من الاخوان المشرفين الاخذ بالفكرة بعين الاعتبار
newcom555
2012-11-15, 00:15
قانون المرور الجزائري
موقع حول قانون المرور الجزائري، ورخصة السياقة للمعاقين حركيا
www.coderoutedz.com
الشكر الكبير لكل من يساهم في تقديم الاضافة في المنتدى الكبير حقيقة:19:
الرجاء من يمكنه المساعدة يزودني بالامر رقم 102/66 في 1966/05/06
من فظلكم
فانا بأمس الحاجة اليه
السلام عليكم
أنا أقترح تكوين هيئة علمية أولا و قبل كل شيء، و في هذا الصدد أقترح القيام بإعلان على مستوى المنتدى بخصوص طلب عضوية في هذه الهيئة العلمية التي يجب أن تتكون من 20 إلى 30 عضوا يشترط فيها من الشروط العلمية، و عدد المشاركات داخل المنتدى، و الاحترام المكتسب فيه.
أولا: الشروط العلمية: يجب أن يتوفر لدى المرشح لعضوية الهيئة العلمية للمجلة على الأقل شهادة ليسانس، أو ماستر في الحقوق، أو في غير هذه الحالات أن يكون محاميا لمدة 5 سنوات على الأقل، أو قاضيا بنفس المدة.
ثانيا: شرط المشاركات: لإثبات مثابرة المرشح و مداومته على ارتياد المنتدى يجب أن يكون قد شارك في المنتدى بمئة موضوع على الأقل بدون احتساب الردود طبعا، و إلا فإن الفوضى ستعم داخل المنتدى لو التزمنا بشرط عدد المشاركات فقط.
ثالثا: شرط اكتساب الاحترام داخل المنتدى: و هو أهم شرط بالنسبة لباقي الأعضاء الذين لم تسعفهم الشروط المذكورة سابقا في الترشح لنيل عضوية في الهيئة، و الذي يرمي إلى طرح قائمة بأسماء المرشحين لانتخاب 20 أو أكثر منها من قبل الأعضاء الكرام.
و أقترح أن تتم هذه الإجراءات عبر مراحل زمنية غير متباعدة، مثلا خلال شهر جانفي المقبل، و ذلك حتى لا تتعطل مصالح الأعضاء، و لا يستفيد من السعة الزمنية أعضاء طفيليون لتحقيق بعض هذه الشروط.
كما أقترح أن تتداول أول تشكيلة للهيئة العلمية للمجلة حول النقاط التالية:
أولا: تسمية المجلة، و تحديد مجال اختصاصها: و في هذا الشأن أقترح أن تسمى المجلة بالمجلة القانونية لمنتدى الجلفة، و نحدد اختصاصها حسب ما يلي:
1- القانون العام: القانون الإداري، القانون الجزائي، القانون الدستوري.
2- القانون الخاص: القانون المدني، القانون التجاري، قانون العمل.
إن هذه المواضيع القانونية هي كلاسيكية: نعم، و لكن أحسن البدايات هي البدايات البسيطة، أي أن هذه المواضيع يمكن لأي شخص حصل على شهادة ليسانس أو ماستر في الحقوق أن يكتب فيها دون إشكال، خاصة و أن المراجع المتعلقة بها متوفرة في المكتبات، و في الانترنت.
ثانيا: إعداد نظام داخلي لهذه المجلة، و الذي يتضمن على سبيل المثال:
1- عدد أعضاء الهيئة.
2- تحديد صلاحيات الهيئة.
3- الهيئات الأخرى التي تتكون منها المجلة، مثلا:
أ- هيئة التحرير،
ب- هيئة المراقبة و الإشراف.
4- كيفية تشكيل هذه الهيئات.
5- تحديد صلاحيات هذه الهيئات.
6- شروط المشاركة في المجلة، و كذلك كيفيات المشاركة و الكتابة.
7- طرح موضوع الحصول على ترقيم قانوني للمجلة من الديوان الوطني للملكية الفكرية الجزائري.
8- كيفية المشاركة في دفع رسوم التسجيل لدى نفس الديوان.
9- تحديد الشكل الذي ستصدر عليه المجلة: و في هذا الصدد أنا أفضل أن تصدر المجلة في شكل الكتروني لأن كلفته أقل.
10- طرح مسألة تحديد كلفة مشاهدة المجلة: و يجب أن تكون مجانية، إلى أجل غير مسمى.
أظن بأن هذه هي الخطوط العريضة التي يجب أن نسير عليها لميلاد المجلة، و أظن بأنني كفيت و وفيت يا صديقي، و سأشارككم أي معلومة جديدة في هذا الشأن.
و الله ولي التوفيق
etudiant09
2013-01-02, 20:24
oui c'est une tres bonne idée qu'il faut faire suivre par nos admins pour son elaboration et sa mise en disposition pour le collectif des jusristes que ce soit etudiant avocats ou qui que ce soit travail dans le domaine juridique
MERCI BEAUCOUPالخاتمة1
taherbahi
2013-01-20, 22:57
لكن لا بد و أن تكون لها نسخة ورقية محكَّمة، حتى يتسنى لها الانتشار.
henrie14
2013-06-25, 10:52
سلام الله عليكم اخواني
هناك قانون جديد يخص محافضة الغابات وال=ي يفيد بإمكانية إنشاء حدائق تسلية او تنزهية بشروط
أنا أبح على هاد القانون في الجريدة الرسمية أو اي وثيقة اخرى
جزيل الكشر لكم
liondz2020
2013-09-30, 22:01
...فكرة سديدة و شكرا للجميع
جالب الخيرات
2014-01-15, 19:59
ربي يوفقكم و يبارك لكم و يعينكم إلى ما تصبون إليه
فكرة جيدة ،ولكن لا بد و أن تكون لها نسخة ورقية محكَّمة، حتى يتسنى لها الانتشار،بالاضافة الى الحد من التعدي على مجهودات الاخرين ، فطالما ان ليس رقما ولا معترف بها يكون سهلا على اصحاب القلوب الضعيفة التعدي على حقوق الاخرين ،وهذا على العكس ان كان معترف بها بصفة قانونية
عيسى قيرش
2015-06-30, 11:17
فكرة جيدة والله تستاهل التدعيم والمواصلة
زهرة الروابي
2016-02-02, 12:22
فكرة عبقرية يستحق صاحبها التقدير
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir