رابح خفيف
2011-01-14, 21:25
بعد عودة الهدوء والاستقرار إلى الشارع عبر كل الولايات .. علينا أن نتساءل ما الداعي إلى الاحتجاجات لتتطور إلى أعمال تخريب ونهب للأملاك العامة والخاصة ؟ .
هذه الممارسات كانت فيها وجهات نظر مختلفة ، كل يفسر الظاهرة حسب رؤيته الخاصة .
1. منهم من يرى أن الأمر يعود إلى وجود سوق موازية ذات نفوذ تمارس الاحتكار ، سيدة نفسها ، تقرر الزيادة متى شاءت ، لا تخضع لقانون السوق ، كل السلع غير مفوترة ...
2. أنها نتيجة تطبيق النظام الاقتصادي الجديد في الجزائر الخاضع للسوق الحرة – بعد التخلي عن الاقتصاد الموجه أو الممركز – وهذا التململ الاجتماعي نتاج طبيعي يظهر في حركات احتجاجية وأعمال عنيفة ، يرى المختصون في الاقتصاد أنها تعبير عن نقلة اجتماعية إلى مرحلة موالية ضمن الأفق الاقتصادي الذي يسعى نحو الأفضل .
3. البعض يرجعها إلى ضعف القدرة الشرائية بسبب ضعف الأجور لأن 70% منها في حدود 20 ألف دينار ، ما يجعل المواطن عاجزا على توفير احتياجات أفراد الأسرة .
4. يراها آخرون في ارتفاع أسعار السوق العالمية تتأثر بها الأسواق الداخلية للدول .
5. يرجعها البعض إلى تفشي البطالة والحرمان من السكن لدى فئة الشباب التي أدركت صعوبة الحياة وأحست أن المستقبل يضيع منها .. متى يتحصل على شغل وسكن ؟ ومتى يبني أسرة ؟ ...
كيفما كانت وجهات النظر هذه فهي تؤدي إلى نتيجة واحدة ، وهي عجز المواطن عن تحقيق العيش الكريم .
لكن إذا كانت المرحلة وما تحمله من سلبيات وايجابيات مسؤولة على الوضع الحالي للمجتمع ، فلا بد من ذكر بعض الأسباب التي أسهمت في إشعال الفتيل نخص منها :
البطالة : على الرغم من وجود مبادرات من الدولة تحاول التقليل من هذه الظاهرة إلا أنها تظل سيدة الموقف وتشكل هاجسا كبيرا للدولة ، فقد تم مؤخرا التصريح بأن نسبة البطالة انخفضت إلى 10% بينما ترى جمعيات غير حكومية أنها تتعدى عتبة 25% من الشباب البالغين سن العمل سواء المتخرجون من الجامعات أو المراكز المهنية ..
تم استحداث هيئات تتكفل بتشغيل الشباب على غرار وكالات التشغيل التي تحوز الآلاف من الملفات لطالبي الشغل ، غير أن هذه الوكالات تفتقر إلى الاتصال والتواصل مع المؤسسات لحصر مناصب الشغل الشاغرة في مختلف القطاعات والتخصصات وتوزيعها على طالبي الشغل . وما يلاحظ أن الملف يبقى لسنوات دون استفادة صاحبه بشغل .
وما يمارس اليوم لدى الوكالات أنها تطلب من صاحب الملف الاتصال بتاجر أو حرفي أو صاحب ورشة .. إن وافق على تشغيله الاتصال بالوكالة لتقوم بالإجراءات اللازمة ، ما دفع بالشباب من الجنسين إلى التنقل عند التجار والحرفيين ... طلبا للقبول بتشغيله ولكنهم في غالب الأحيان يقابلون بالرفض خاصة فئة الذكور .
في هذا السياق نشير إلى محلات الشباب " محلات الرئيس " التي تظل مغلقة ولم توزع على الشباب على الرغم من عدم تحمس الشباب لها لوجودها في أماكن غير مؤهلة للنشاط التجاري .
السكن : التأخر الكبير في إنجاز السكن منذ أربعة عقود نتج عنه تراكمات أدت إلى اختناق الوضع وأصبح أفراد العائلة أغلبهم في حاجة إلى سكن لبلوغهم سن الزواج لم يجد كل فرد سكنا يكون فيه أسرة ، خاصة من تقدم بهم العمر وتجاوزوا الثلاثين ، خلقت لديهم مشاكل نفسية أدت إلى توترات عائلية نتيجة ضيق السكن ما يدفع بالشاب إلى إفراغ شحنة الغضب تظهر في ممارسات قد تضر بالنظام العام .
وهذا يتطلب تخصيص نسبة معتبرة من السكنات الاجتماعية للشباب الذين بلغوا سن الثلاثين فما فوق .
كما يتطلب الأمر وضع إطار زمني صارم لإنهاء أشغال البناء في السكنات التساهمية التي تظل تخضع لمماطلات المقاولين ينتج عنها التأخر في الإنجاز لسنوات .
مشكل السكن يظل قائما ما دام التخطيط له على المدى القريب والبعيد غير واضح . وعلى الرغم من سير وتيرة البناء فيما ينجز – الذي يظل غير كاف - فإن ميكانزمات التوزيع غير فعالة ، وتبقى الأخطاء قائمة وأغلب ما بني السكن من أجلهم لم يستفيدوا ، وأن الكثير من السكنات الموزعة يظل مغلقا طول السنة ولا يستغل إلا في العطل الصيفية ، وبعضها يتم كراؤه أو بيعه " تجارة العقار " .
القدرة الشرائية : تقدير أحد الخبراء الجزائريين أن 70% من العمال لا تتعدى أجورهم 20 ألف دينار تنفق في المواد الغذائية دون المتطلبات الأخرى : كهرباء ، غاز ، حاجات الأسرة .. المعروف أن العجز في تلبية طلبات أفراد الأسرة تنجر عنه مشاكل أسرية تدفع إلى توترات اجتماعية قد تكون لها آثار سلبية على البلاد .
ما هي الأولويات التي يجب أن تحظى بالتكفل كما يراها الشارع ؟
- توسيع القاعدة الاقتصادية بإنشاء مؤسسات إنتاجية لا مؤسسات توزيع .
- تطوير القطاع الخاص الذي لا يزال مقتصرا على مؤسسات صغيرة وعائلية ذات منفعة محدودة لا تسهم في التشغيل والإنتاج بالشكل المطلوب ، كون أغلبها مؤسسات توزيع لا إنتاجية .
- الحفاظ على المؤسسات المنتجة في القطاع العام بيد الدولة كمؤسسات إستراتيجية لخلق التوازن في السوق ، سواء سوق الشغل أو سوق السلع .
- وضع منهجية عمل لدى كل قطاع تنظم مراحل عمله بشكل علمي تدرجي بمرافقة الإشراف والتقييم المستمر وإبراز نتائج كل مرحلة لتجنب الوقوع في الخطأ والتسيير التلقائي والقرار الارتجالي .
- تنظيم السوق وفق منهجية عمل واضحة تضع حدا للفوضى الحالية مع الفكير في ايجاد حل للسوق الموازية بتنظيمها وجعلها تنتهج طرقا شرعية .
- قيام الإعلام بدوره في تعرية المؤسسات التي تنشط بشكل غير قانوني تعتمد المضاربة غير مراعية لأخلاقيات التجارة وقوانينها . والإعلام بإمكانه أن يضع حدا لهؤلاء إن كان في خدمة المواطن .
- إنشاء نظام رقابة شفاف يتمتع بالصلاحيات التي يخولها القانون يكون مسخرا لمصلحة الوطن والمواطن .
هذه بعض وجهات النظر كما يراها الشارع ، إلا أن الحل يظل بيد السلطة التي يفترض أن تتحلى بقوة الإرادة وحسن تدبير الأمور بمنهجية علمية ، ورقابة دائمة ، وتقييم مستمر ، والتشاور مع الأطراف المعنية خاصة الجمعيات المدنية التي يتطلب تفعيل دورها حتى لا تبقى عبارة عن ديكور في الخارطة الاجتماعية .
رابح خفيف
هذه الممارسات كانت فيها وجهات نظر مختلفة ، كل يفسر الظاهرة حسب رؤيته الخاصة .
1. منهم من يرى أن الأمر يعود إلى وجود سوق موازية ذات نفوذ تمارس الاحتكار ، سيدة نفسها ، تقرر الزيادة متى شاءت ، لا تخضع لقانون السوق ، كل السلع غير مفوترة ...
2. أنها نتيجة تطبيق النظام الاقتصادي الجديد في الجزائر الخاضع للسوق الحرة – بعد التخلي عن الاقتصاد الموجه أو الممركز – وهذا التململ الاجتماعي نتاج طبيعي يظهر في حركات احتجاجية وأعمال عنيفة ، يرى المختصون في الاقتصاد أنها تعبير عن نقلة اجتماعية إلى مرحلة موالية ضمن الأفق الاقتصادي الذي يسعى نحو الأفضل .
3. البعض يرجعها إلى ضعف القدرة الشرائية بسبب ضعف الأجور لأن 70% منها في حدود 20 ألف دينار ، ما يجعل المواطن عاجزا على توفير احتياجات أفراد الأسرة .
4. يراها آخرون في ارتفاع أسعار السوق العالمية تتأثر بها الأسواق الداخلية للدول .
5. يرجعها البعض إلى تفشي البطالة والحرمان من السكن لدى فئة الشباب التي أدركت صعوبة الحياة وأحست أن المستقبل يضيع منها .. متى يتحصل على شغل وسكن ؟ ومتى يبني أسرة ؟ ...
كيفما كانت وجهات النظر هذه فهي تؤدي إلى نتيجة واحدة ، وهي عجز المواطن عن تحقيق العيش الكريم .
لكن إذا كانت المرحلة وما تحمله من سلبيات وايجابيات مسؤولة على الوضع الحالي للمجتمع ، فلا بد من ذكر بعض الأسباب التي أسهمت في إشعال الفتيل نخص منها :
البطالة : على الرغم من وجود مبادرات من الدولة تحاول التقليل من هذه الظاهرة إلا أنها تظل سيدة الموقف وتشكل هاجسا كبيرا للدولة ، فقد تم مؤخرا التصريح بأن نسبة البطالة انخفضت إلى 10% بينما ترى جمعيات غير حكومية أنها تتعدى عتبة 25% من الشباب البالغين سن العمل سواء المتخرجون من الجامعات أو المراكز المهنية ..
تم استحداث هيئات تتكفل بتشغيل الشباب على غرار وكالات التشغيل التي تحوز الآلاف من الملفات لطالبي الشغل ، غير أن هذه الوكالات تفتقر إلى الاتصال والتواصل مع المؤسسات لحصر مناصب الشغل الشاغرة في مختلف القطاعات والتخصصات وتوزيعها على طالبي الشغل . وما يلاحظ أن الملف يبقى لسنوات دون استفادة صاحبه بشغل .
وما يمارس اليوم لدى الوكالات أنها تطلب من صاحب الملف الاتصال بتاجر أو حرفي أو صاحب ورشة .. إن وافق على تشغيله الاتصال بالوكالة لتقوم بالإجراءات اللازمة ، ما دفع بالشباب من الجنسين إلى التنقل عند التجار والحرفيين ... طلبا للقبول بتشغيله ولكنهم في غالب الأحيان يقابلون بالرفض خاصة فئة الذكور .
في هذا السياق نشير إلى محلات الشباب " محلات الرئيس " التي تظل مغلقة ولم توزع على الشباب على الرغم من عدم تحمس الشباب لها لوجودها في أماكن غير مؤهلة للنشاط التجاري .
السكن : التأخر الكبير في إنجاز السكن منذ أربعة عقود نتج عنه تراكمات أدت إلى اختناق الوضع وأصبح أفراد العائلة أغلبهم في حاجة إلى سكن لبلوغهم سن الزواج لم يجد كل فرد سكنا يكون فيه أسرة ، خاصة من تقدم بهم العمر وتجاوزوا الثلاثين ، خلقت لديهم مشاكل نفسية أدت إلى توترات عائلية نتيجة ضيق السكن ما يدفع بالشاب إلى إفراغ شحنة الغضب تظهر في ممارسات قد تضر بالنظام العام .
وهذا يتطلب تخصيص نسبة معتبرة من السكنات الاجتماعية للشباب الذين بلغوا سن الثلاثين فما فوق .
كما يتطلب الأمر وضع إطار زمني صارم لإنهاء أشغال البناء في السكنات التساهمية التي تظل تخضع لمماطلات المقاولين ينتج عنها التأخر في الإنجاز لسنوات .
مشكل السكن يظل قائما ما دام التخطيط له على المدى القريب والبعيد غير واضح . وعلى الرغم من سير وتيرة البناء فيما ينجز – الذي يظل غير كاف - فإن ميكانزمات التوزيع غير فعالة ، وتبقى الأخطاء قائمة وأغلب ما بني السكن من أجلهم لم يستفيدوا ، وأن الكثير من السكنات الموزعة يظل مغلقا طول السنة ولا يستغل إلا في العطل الصيفية ، وبعضها يتم كراؤه أو بيعه " تجارة العقار " .
القدرة الشرائية : تقدير أحد الخبراء الجزائريين أن 70% من العمال لا تتعدى أجورهم 20 ألف دينار تنفق في المواد الغذائية دون المتطلبات الأخرى : كهرباء ، غاز ، حاجات الأسرة .. المعروف أن العجز في تلبية طلبات أفراد الأسرة تنجر عنه مشاكل أسرية تدفع إلى توترات اجتماعية قد تكون لها آثار سلبية على البلاد .
ما هي الأولويات التي يجب أن تحظى بالتكفل كما يراها الشارع ؟
- توسيع القاعدة الاقتصادية بإنشاء مؤسسات إنتاجية لا مؤسسات توزيع .
- تطوير القطاع الخاص الذي لا يزال مقتصرا على مؤسسات صغيرة وعائلية ذات منفعة محدودة لا تسهم في التشغيل والإنتاج بالشكل المطلوب ، كون أغلبها مؤسسات توزيع لا إنتاجية .
- الحفاظ على المؤسسات المنتجة في القطاع العام بيد الدولة كمؤسسات إستراتيجية لخلق التوازن في السوق ، سواء سوق الشغل أو سوق السلع .
- وضع منهجية عمل لدى كل قطاع تنظم مراحل عمله بشكل علمي تدرجي بمرافقة الإشراف والتقييم المستمر وإبراز نتائج كل مرحلة لتجنب الوقوع في الخطأ والتسيير التلقائي والقرار الارتجالي .
- تنظيم السوق وفق منهجية عمل واضحة تضع حدا للفوضى الحالية مع الفكير في ايجاد حل للسوق الموازية بتنظيمها وجعلها تنتهج طرقا شرعية .
- قيام الإعلام بدوره في تعرية المؤسسات التي تنشط بشكل غير قانوني تعتمد المضاربة غير مراعية لأخلاقيات التجارة وقوانينها . والإعلام بإمكانه أن يضع حدا لهؤلاء إن كان في خدمة المواطن .
- إنشاء نظام رقابة شفاف يتمتع بالصلاحيات التي يخولها القانون يكون مسخرا لمصلحة الوطن والمواطن .
هذه بعض وجهات النظر كما يراها الشارع ، إلا أن الحل يظل بيد السلطة التي يفترض أن تتحلى بقوة الإرادة وحسن تدبير الأمور بمنهجية علمية ، ورقابة دائمة ، وتقييم مستمر ، والتشاور مع الأطراف المعنية خاصة الجمعيات المدنية التي يتطلب تفعيل دورها حتى لا تبقى عبارة عن ديكور في الخارطة الاجتماعية .
رابح خفيف