تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ألغاز عُبيـد بـن الأبرص لامـرئ القيـس


طاهر القلب
2011-01-13, 22:35
بسم الله الرحمان الرحيم


السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

ألغاز عُبيـد بـن الأبرص لامـرئ القيـس


قـال ابن الأثيـر الجزري في كتابه المعروف بـ "المثـل السائر" في النوع الحادي و
العشرون في تعريف الأحاجي - أي الألغاز - : "و هي الأغاليط من الكلام و تسمى
الألغاز جمع لغز و هو الطريق الذي يلتوي و يُشكل على سالكه و قيل جمع لَغز بفتح
اللام و هو ميلك بالشيء عن وجهه و قد يسمى هذا النوع أيضاً المُعَمَّى و هو يشتبه
بالكناية تارة و بالتعريض أخرى و يشتبه أيضاً بالمغالطـات المعنوية .. ".
و قال الدكتور طبانه أيضاً في كتـابه "معجم البلاغة" عـن الألغاز : "اللغز من أللغز
اليربوع و لغز إذا حفر لنفسه مستقيماً ثم أخذ يمنة ويسـرة ليعمي بذلك على طالبه و
الفائدة من ذلك في العلوم الدنيوية ريـاضة الفكر في تصحيح المعاني وإخـراجها من
المناقضة و الفساد إلى معـنى الصواب و الحق و قدح الفطنة في ذلك و استنجاد الرأي
في استخراجه و ذلك في قول الشـاعر :
رُب ثـورٍ رأيـت في جُحر نمـلٍ *** و نهــار في ليـلـة ظــلماءُ
فالثور هاهنا القطعة من الأقط و النهار فرخ الحُبارى فإذا اسُتخرج هذا صح المعنى " .
و من أجمل الألغاز التي تُروى [1] عـن العرب في الجـاهلية قبل الإسلام ما جاء في
"ديوان امرؤ القيس بن حُجر الكِنديّ" - صاحب المعلقة - أن عبيد بن الأبرص لقي
امرؤ القيس فقال له : "كيف معرفتك بالأوابد؟[2]" فقـال امـرؤ القيس : "قل ما
شئت تجدني كمـا أحببت"
________________________________________
فقال عبيد بن الأبرص مُلغزاً :
مـا حيّـةٌ ميتـةٌ قـامت بميِتتِها *** درداءُ مـا أنبتـتْ سـناً وأضراسا ؟[3]
فقال امرؤ القيس :
تلك الشعيـرةُ تُسقـى في سنابلها *** فأخرجتْ بعد طول المُكث أكداسا
________________________________________
فقال عبيد :
ما السُّودُ والبيضُ والأسماءُ واحدةٌ *** لا يستطيـعُ لهُـنّ النّـاسُ تَمسَاسَا ؟[4]
فقال امرؤ القيس :
تلك السحابُ إذا الرّحمانُ أرسلها *** روّى بهـا من مُحـول الأرضِ أيْبَاسَا
________________________________________
فقال عبيد :
ما مُرتجـاتٌ على هَولٍ مـراكِبُها *** يقطعـنَ طولَ المـدى سَيراً وَإمرَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ النّجُـومُ إذا حانَتْ مَطـالِعُهَا *** شَبّهتُـهَا في سَـوَادِ اللّيـلِ أقبَاسَا[5]
________________________________________
قال عبيد بن الأبرص :
مـا القَاطِعاتُ لأرضٍ لا أنيـس بها *** تـأتي سِـراعاً و ما تَرجِعنَ أنْكاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تلك الـرّياحُ إذا هَبّتْ عَـوَاصِفُها *** كفـى بـأذيالهَا للتُّـربِ كنّـاسَا
________________________________________
فقال عبيد :
ما الفَـاجِعاتُ جَهَـاراً في عَـلانِيَةٍ *** أشـدُّ مـن فَيْـلَقٍ مَملُـوءةٍ بَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِـلكَ المَنايَا فَمَـا يُبقِينَ مِنْ أحـدٍ *** يَكفِـتنَ حمـقَى ومـا يُبقينَ أكيَاسَا
________________________________________
فقال عبيد :
مَـا السّابِقَاتُ سِرَاعَ الطَّيرِ في مَهَلٍ *** لا يَشتَكـينَ وَلَـو ألجَـمتَها فَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الجِيادُ عليَها القَومُ قد سبحـوا *** كـانوا لهُنّ غَـدَاةَ الرَّوْعِ أحلاسَا[6]
________________________________________
فقال عبيد :
مَا القَاطِعَاتُ لأرْضِ الجَـوّ في طَلَقٍ *** قبـل الصّبـاحِ وَما يَسرِينَ قِرْطَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الأمَانيُّ يَترُكـنَ الفَـتى مَلِكاً *** دُونَ السّـمَاءِ وَلم تَـرْفَعْ لَـه رَاسَا
________________________________________
فقال عبيد :
مَا الحاكمُونَ بلا سَمْـعٍ وَلا بَصَرٍ *** ولا لِسَـانٍ فَصِيـحٍ يُعْـجِبُ النّاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الموَازِينُ وَالرّحْمَـانُ أنْـزَلهَا *** رَبُّ البَـرِيّةِ بَيـنَ النّـاسِ مِـقيَاسَا

-----------------------------------
1/ شكك بعضهم في صحة هذه المساجلة الشعرية على حسـب ما جاء في حاشية الديوان ولذا قلت "
يُروى " بصيغة التمريض وعـلى أي حال فهي جديرة بالقـراءة والاستمتاع بما فيها من ألغاز تعجيزية
ومُفيدة ومُسلّية .
2/ الأوابد : الشوارد من القـوافي والآبدة : الكلمة أو الفعلة الغريبة . لسان العرب .
3/ الدرداء : أي الذاهبة أسنـانها . لسان العرب .
4/ أي : أنها تكون تارةً سـوداء وتارةً بيضاء وتشترك في نفس الاسم .
5/ كان من شرك العرب في الجـاهلية أنهم يرجون النجوم وينسبون لها أشياء منها المطر حتى أن رسول
الله صلى - بعد أن صلى صلاة الصبــح بالحديبية على أثر مطر كان من الليل – قال : ( هل تدرون
ماذا قال ربكم ؟ ) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( قـال : أصبح من عِبادي مؤمنٌ بي وكافر ، فأما
من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكـوكب وأما من قال مُطرنا بنوء كذا وكذا
فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب ) رواه البخاري ومسلم – والنـوء : النجم - .
وحول هذا المعنى يقول الأديب منصور بن إسماعيل التميمي المتـوفى سنة (306 هـ) :
إذا كُنـت تزعمُ أنَّ النُجوم *** تضـرُّ وتنفـعُ مـن تحتها
فلا تنكر عـلى من يقـول *** بــأنَّك بـالله أشـركتها
6/ يُشبه القوم في حالت الخوف فوق ظهور الخيل بـ " الحِلس " و هو الكساء الذي يكون فوق ظهور
الخيل والإبل الملازم لها وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام احمد وأبو دود في تجنب الفتن : ( إن بين
أيديكم فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجـل فيها مؤمناً ويمـسي كافراً و يمسي مؤمناً ويصبح كافراً
القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ) قالوا فما تأمرنا ؟
قال : ( كونوا أحلاس بيوتكم ) - أي ملازمين لها - .



الموضــوع منقول مع إضافة التنسيق
و الكاتب / موسى بن سليمان السويداء

doom45
2011-01-14, 00:45
بارك الله فيك اخي على هذه الدرة الادبية لعمالقة الشعر العربي

..عبد الاله..
2011-01-14, 17:25
http://up.fr7.com/uploads/images/fr7-9534e5ac14.gif

طاهر القلب
2011-01-15, 17:41
بارك الله فيك اخي على هذه الدرة الادبية لعمالقة الشعر العربي

السلام عليكم
و فيكم يبارك الله ...
شكرا جزيلا على المرور الطيب