مشاهدة النسخة كاملة : خطوة بخطوة نتعرف على التاريخ من بداية التتار إلى عين جالوت بقلم د.راغب السرجاني
nassima 14
2011-01-09, 19:26
قصة التتار من البداية ......إلى عين جالوت
مقدمة الكتاب
إن الحمد لله نحمده و نستعين به و نستهديه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له و من يضلل الله فلا هادي له ....
أما بعد ...
فإن الله عز وجل من رحمته بخلقه أنه ثبت لهم في الأرض سننا لا تتغير ولا تتبدل .. بهذه السنن تستقيم حياة الناس.. وعليه يعتمد الخلق في حركاتهم و سكناتهم.. ولو كان لكل زمان سنّة أو لكل مكان سنّة تختلف عن غيرها لاضطربت حياة الناس و لضاعت كل الخبرات السابقة..
لكن بفضل الله الخبرات السابقة لا تضيع.. و ما حدث معك بالأمس يتكرر اليوم.. و ما يحدث معك اليوم سيتكرر غدا.. و هكذا إلى يوم القيامة .
ومن هنا جاءت أهمية دراسة التاريخ..
فالأحداث السابقة تتكرر دائما و بصورة تكاد تكون متطابقة فليس هناك جديد على الأرض.. فإذا درسنا التاريخ و عرفنا أن حدثا ما قد مر قبل ذلك و كانت فيه نفس الظروف و الملابسات التي تواكب حدثا نعيشه الآن فإننا نستطيع أن نستنتج النتائج فإن كان الحدث هزيمة مخزية تجنبنا أخطاء السابقين فلا نصل إلى هزيمة كهزيمتهم...
دراسة التاريخ بهذه الطريقة تجعل التاريخ حيا ينبض.. أنت تقرأ لتتفاعل لا لمجرد التسلية أو دراسة الأكاديمية البحتة.. دراسة التاريخ بهذه الصورة لها هدفها الواضح و هو البحث عن العبرة.. وهو ما ذكره الله عز وجل في كتابه عندما قال:" لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب.."
ولهذا السبب جعل الله عز وجل ثلث القرآن قصصا, حتى يستقرئ المسلمون سنن الله عز وجل في الأقوام السابقين.. وليعلموا حتما أن هذه السنن ثابتة.. فيستطيعوا توقع الشيء قبل حدوثه ومن ثم الاستفادة منه ولا يأتي هذا إلا بالتفكير العميق في كل قصة و دراستها من كل زاوية و لهذا يقول الله عز وجل:" فاقصص القصص لعلهم يتفكرون.."
و بين أيدينا الآن حدث من الأحداث الهامة في تاريخ المسلمين بل وفي تاريخ الأرض بصفة عامة..
وهو حدث ظهور قوة جديدة رهيبة على سطح الأرض في القرن السابع الهجري..وقد أدى ظهور هذه القوة إلى تغييرات هائلة في الدنيا بصفة عامة و في الأرض بصفة خاصة.
تلك القوة هي "دولة التتار !"
و قصة التتار عجيبة حقا.. عجيبة بكل المقاييس.. ولولا أنها موثقة في كل المصادر و بصورة تكاد تكون متطابقة في كثير من الأحيان لقلنا انها خيال أو أغرب من الخيال..
القصة عجيبة لأن التغيير فيها من ضعف إلى قوة أو من قوة إلى ضعف لم يأخذ إلا وقتا يسيرا جدا.. فما هي إلا أعوام قليلة جدا حتى يعز الله دولة و يذل أخرى !!
" قل اللهم مالك الملك.. تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير"..
و القصة عجيبة أيضا للمبالغة الشديدة في الأحداث: المبالغة في الأرقام في كل حدث.. المبالغة في أعداد القتلى و في أعداد الجيوش و في أعداد المدن المنهارة و في مساحات البلاد المحتلة و في أعداد الخيانات و أسلوبها.....
كما أن القصة عجيبة لشدة التطابق بينها و بين واقعنا الآن..
و سبحان الله!!!
وقد أراد الله عز وجل أم يوضح لنا حقيقة ثبات السنن و تكرار التاريخ .. فجعل الأحداث التي تمر بها أمتنا في وقتنا هذا تكاد تكون مطابقة مع الأحداث التي جرت على سطح الأرض في القرن السابع الهجري... ولو بحثنا في التاريخ فسنجد تطابقا مع أحداث أخرى كثيرة.. و لكن وقع اختياري على هذا الحدث بالذات لأنه يدور في نفس المنطقة التي تدور فيها الآن أحداث هامة جدا بالنسبة للعالم الإسلامي...و من ثم يستطيع القارئ بسهولة أن يربط بين التاريخ و الواقع و يستطيع بسهولة أيضا أن يستقرئ سنن الله عز وجل في أرضه و في خلقه...
و ليس الغرض من هذه الصفحات هو الدخول في كل التفاصيل و البحث عن كل موقف. فهذا يطول شرحه ولكن فقط سنمر على الأحداث في عجالة نبحث فيها عن مواطن العبرة... وعن أوجه الشبه بينها وبين زماننا المعاصر..ونحلل بسرعة الأسباب الهزيمة و أسباب النصر.. ومن أراد أن يستزيد فليعد إلى المراجع الكثيرة العظيمة التي تزخر بها المكتبة الإسلامية..
و الله أسأل أن ينفعنا بكل صفحة و كل كلمة بل بكل حرف في هذه القصة العجيبة....
ظهور التتار
ظهرت قوة التتار في أوائل القرن السابع الهجري..و حتى نفهم الظروف التي نشأت فيها هذه القوة لابد من إلقاء نظرة على الأرض في ذلك الزمان...
الناظر إلى الأرض في ذلك الوقت يجد أن القوى الموجودة كانت متمثلة في فئتين رئيسيتين:
أما الفئة الأولى فهي أمة الإسلام...
المساحات الإسلامية في هذا الوقت كانت تقترب من نصف مساحات الأراضي المعمورة في الدنيا..
كانت حدود البلاد الإسلامية تبدأ من غرب الصين و تمتد عبر آسيا و أفريقيا لتصل إلى غروب أوروبا حيث بلاد الأندلس..
وهي مساحة شاسعة للغاية لكن وضع العالم الإسلامي كان مؤلما جدا.. فمع المساحات الواسعة من الأرض ومع الأعداد الهائلة من البشر و مع الإمكانيات العظيمة من المال و المواد و السلاح و العلوم.. و مع كل هذا إلى أنه كانت هناك فرقة شديدة في العالم الإسلامي و تدهور كبير في الحالة السياسية لمعظم الأقطار الإسلامية.. و الغريب أن هذا الوضع المؤسف كان بعد سنوات قليلة من أواخر القرن السادس الهجري حيث كانت أمة الإسلام قوية منتصرة متحدة رائدة.. و لكن هذه سنة ماضية:"وتلك أيام نداولها بين الناس.."
و لنطلق نظرة على العالم الإسلامي في أوائل القرن السابع الهجري:
1_ الخلافة العباسية: وهي خلافة قديما جدا فقد بعد سقوط الدولة الأموية العظيمة سنة 132 هــــ.. وكانت في مطلع القرن السابع الهجري قد ضعفت جدا حتى أصبحت لا تسيطر حقيقة إلا على العراق و تتخذ من بغداد عاصمة لها منذ سنة 132 هجرية....و حول العراق عشرات من الإمارات المستقلة استقلالا حقيقيا عن الخلافة و إن كانت لا تعلن نفسها كخلافة منافسة للخلافة العباسية. فتستطيع القول إن الخلافة العباسية كانت "صورة للخلافة" وليست خلافة حقيقية..
و كانت كالرمز الذي كان يحب المسلمون أن يظل موجودا حتى و إن لم يكن له دور يذكر.. تماما كما يبقي الانجليز الآن على ملكة انجلترا كرمز تاريخي فقط دون دور يذكر لها في الحكم بخلاف الخليفة العباسي الذي كان يحكم فعليا منطقة العراق باستثناء الأجزاء الشمالية منها.
و كان يتعاقب على حكم المسلمين في العراق خلفاء من بني عباس حملوا الاسم العظيم الجليل:" الخليفة" (في هذه الفترة من القرن السابع الهجري) ما اتصفوا بهذا الاسم أبدا ولا رغبوا أصلا في الاتصاف به فلم يكن لهم من هم إلا جمع المال و توطيد أركان السلطان في هذه الرقعة المحدودة من الأرض.. ولم ينظروا نظرة صحيحة أبدا إلى وظيفتهم كحكام.. لم يدركوا أن من مسؤولية الحاكم أن يوفر الأمان لدولته ويقوي من جيشها ويرفع مستوى المعيشة لأفراد شعبه و يحكم في المظالم ويرد الحقوق لأهلها و يجير المظلومين و يعاقب الظالمين و يقيم حق الله عز وجل على العباد و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يدافع عن كل ما يتعلق بالإسلام و يوحد الصفوف و القلوب.
لم يدركوا هذه المهام الجليلة للحاكم المسلم, كل ما كانوا يريدونه فقط البقاء أطول فترة ممكنة في كرسي الحكم, وتوريث الحكم لأبنائهم و تمكين أفراد عائلتهم من رقاب الناس, و كذلك كانوا يحرصون على جمع الأموال الكثيرة و التحف النادرة و يحرصون على إقامة الحفلات و الساهرة و سماع الأغاني و الموسيقى و الإسراف في اللهو و الطرب.
حياة الحكام كانت حياة لا تصلح أن تكون لفرد من عوام الأمة الإسلامية فضلا عن أن تكون لحاكم أمة الإسلام...
لقد ضاعت هيبة الخلافة و تضاءلت طموحات الخليفة...
كانت هذه هي "الخلافة" العباسية في أوائل القرن السابع الهجري..
2_ مصر و الشام و الحجاز و اليمن: كانت هذه الأقاليم في أوائل القرن السابع الهجري في أيدي الأيوبيين أحفاد صلاح الدين الأيوبي و لكنهم للأسف لم يكونوا على شاكلة ذلك الرجل العظيم..
بل تنزعوا الحكم فيما بينهم و قسموا الدولة الأيوبية الموحدة (التي هزمت الصليبيين في حطين هزيمة منكرة) إلى ممالك صغيرة متناحرة !!!
فاستقلت الشام عن مصر, واستقلت كذلك كل من الحجاز و اليمن عن الشام ومصر بل وقسمت الشام إلى إمارات متعددة متحاربة! فانفصلت حمص عن حلب و دمشق..وكذلك فلسطين و الأردن و ما لبثت الأراضي التي كان حررها صلاح الدين من أيدي الصليبيين أن تقع من جديد في أيديهم بعد هذه الفرقة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!
3_بلاد المغرب العربي و الأندلس: كانت تحت إمرة "دولة الموحدين" وقد كانت في ما سبق دولة قوية مترامية الأطراف تحكم مساحة تمتد من ليبيا شرقا إلى المغرب غربا, و من الأندلس شمالا إلى وسط أفريقيا جنوبا.. ومع ذلك ففي أوائل القرن السابع الهجري كانت الدولة قد بدأت في الاحتضار.. و خاصة بعد موقعة "العقاب"
الشهيرة سنة 609 هجرية و التي كانت بمثابة القاضية على هذه الدولة الضخمة دولة الموحدين.
amine155
2011-01-09, 20:01
بارك الله فيك
من هم التتر؟
التتار شعب بدوي يعيش على أطراف صحراء غوبي بأطراف بلاد الصين وهم سكان براري، ومشهورون بالشر والغدر، حياتهم رعوية، ونظامهم قبلي، يطيعون رؤساءهم طاعة كبيرة، ويحبون الحرب والسلب ويعبدون الكواكب، ويسجدون للشمس أثناء شروقها، ويأكلون لحوم جميع الحيوانات حتى الكلاب، وتنتشر عندهم الإباحية، وتعرف ديانتهم القديمة بالشامانية، يقدمون الأضاحي لبعض الحيوانات الشريرة ويقدسون أرواح الأجداد.
والتتار هم أصل القبائل المتفرعة عنهم جميعًا من مغول وترك وسلاجقة وغيرهم ، وقد يكون سيطرة قبيلة المغول على التتار في مرحلة من مراحل تاريخها هو الذي جعل اسم المغول يطلق على الجميع. وهناك من يقول: إن التتار والمغول أخوان، وقد سيطر المغول مع الفرعين عندما قام جنكيز خان يدك الدول. وعلى كلٍّ، فإن كلمة تتار اليوم تطلق على القبائل الموجودة في روسيا وسيبريا وشبه جزيرة القرم. على حين تطلق كلمة المغول على القبائل الموجودة في الصين وأفغانستان. وكان المغول هم المسيطرون أيام جنكيز خان واسمهم يعم القبائل جميعها، والتتار هم الذين سيطروا أيام تيمورلنك وشمل أسمهم القبائل كلها.
جنكيز خان
كان جنكيز خان ذا همة عالية وكان قومه متفرقين مغلوبين من منافسيهم من التتر، فعمل على لم شعثهم فنجح في ذلك فحارب جميع القبائل التركية وانتصر عليهم جميعًا، بعد حروب شديدة، وكون مملكة واسعة مسكونة بتلك الأمم التي لا يعلم عددها إلا الله، وعاصمة ملكه مدينة قراقروم.
ثم فكر في وضع قانون لهذه الأمة العظيمة، يكون لهم دينًا يسيرون على مقتضاه، فوضع لهم (اليساق) أو (إلياسة)، وهي كتابهم الذي يرجعون إليه في معاملاتهم وأحكامهم، وكانت عندهم كالقرآن عند المسلمين.
أسباب اتجاه التتار إلى البلاد الإسلامية
يقول المؤرخون: إن الخلاف الذي قام بين الخليفة الناصر وخوارزمشاه علاء الدين تكش، جعل الخليفة يستدعي التتر للخروج إلى مملكة خوارزمشاه كي ينشغل بهم عن مراده أن تكون السلطنة له.
لم يكن الخليفة يقصد ما تبع فعلته من أحداث، كان كل ما يريد هو ألا يعود من جديد نفوذ لغير دولة الخلافة، ولم يكن الخليفة كذلك يظن أن التتار بهذه القوة، وأن خوارزمشاه بهذا الضعف.
والحقيقة أن جنكيز خان لم يكن يرى أن ذلك سبب كاف للهجوم على دولة خوارزمشاه، وكان هناك وفاق بينه وبين خوارزمشاه، حتى كانت سنة 615هـ لما سافر تجار من بلاد جنكيز خان حتى وصلوا إلى بلدة بثغر خوارزمشاه بساحل سيمون، وبها والٍ من قبل خوارزمشاه، فلما ورد عليه هؤلاء التجار وكانوا زهاء 400 نفس ومعهم أموال جسيمة، طمع ذلك الوالي في أخذ أموالهم، فأرسل قاصدًا إلى خوارزمشاه يخبره أن جواسيس جنكيز خان قد قاموا في زي تجار، فأمره بقتلهم وأخذ أموالهم، ففعل.
فلما بلغ ذلك جنكيز خان أرسل إلى خوارزمشاه أن يبعث إليه الوالي الذي فعل هذه الفعلة ليقتص منه، ولكن خوارزمشاه قتل الرسول مما دعا جنكيز خان للخروج لمحاربته.
وبدأ خوارزمشاه بالعدوان وهجم على بلاد عدوه فلقي هناك جموعًا قليلة، إذ كانوا يحاربون أحد الأمراء، فقتل من وجد من الأطفال وسبي النساء، وعاد التتار وعلموا وهم في الطريق بالخبر فجد والسير فأدركوا خوارزمشاه ولم يغادر ديارهم بعد، فوقعت بينهما معركة رهيبة، كادت تفنيهما لما صبروا، وغادر كل صاحبه يائسًا من الحرب لما ناله، ورجع خوارزمشاه إلى بخارى وبدأ يستعد للقتال، فحصن بخارى وسمرقند، وسار يجمع الجند من خوارزم وخراسان.
زحفت جيوش جنكيز خان الجرارة وعبر نهر سيحون وسار حتى أتى بخارى، وكان بها عشرون ألفًا من الجنود الخوارزمية، وخوارزمشاه غائب للاستعداد، فهربوا وتركوا المدينة بلا حامية.
وفي 4 من ذي الحجة سنة 616هـ دخل التتار بخارى وأمر جنكيزخان التجار أن يأتوا بما استلبوه من تجارة، وأخرج رؤساء البلد منها وانتهبت الأموال وتقاسم الجند من بقي من الناس، وأصبحت بخارى تلك المدينة العظيمة خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس، وكذلك فعلوا بسمرقند في محرم سنة 620هـ.
في طلب خوارزمشاه
ثم اختار جنكيز خان عشرين ألفًا من أشداء جنوده، وأمرهم أن يطلبوا خوارزمشاه أين كان، ولو تعلق بالسماء ففعلوا وكلما هموا أن يوقعوا به هرب منهم، وقد أصابه الهلع والرعب، حتى وصل إلى قلعة له في البحر، فلما نزل هو وأصحابه في السفن يئس التتر من اللحاق به فعادوا عنه، وكان ذلك آخر العهد به حيث توفي في جزيرة ببحر الخزر سنة 62هـ.
فلما عادوا استولوا على كل قرية يمرون بها (مازندران، الري، همذان، قزوين) حتى وصلوا إلى البلاد الشمالية وهي دشت القفجاق وفيها أمم تركية كثيرة فأمعنوا فيهم قتلاً وسبيًا فتفرقوا في جميع الأقطار وكان هذا أول ورود المماليك القفجاقية على البلاد المصرية فاشترى منهم الصالح نجم الدين أيوب مماليكه البحرية ملوك مصر بعد الدولة الأيوبية، ومنهم المعز أيبك والمظفر قطز والمنصور قلاوون وغيرهم.
ثم دخل التتر بلاد الروس ثم بلغار لكن البلغار انتصروا عليهم، وقتلوا كثيرًا من التتر أواخر سنة 620هـ.
استطاعت هذه الفئة القليلة التي خرجت تطلب خوارزمشاه أن تثير الرعب والنهب والخراب، ثم أرسل جنكيز جيوشه تستولي على البلدان الواحدة تلو الأخرى فتم له مملكة عظيمة واسعة مترامية الأطراف تبتدئ شرقًا من بلاد الصين وتنتهي غربًا إلى بلاد العراق وبحر الخزر وبلاد الروس وجنوبًا ببلاد الهند وشمالاً بالبحر الشمالي، كل ذلك تم له في مدة قصيرة.
ولما أحس بقرب منيته قسَّم الممالك الجنكيزية إلى أربعة أقسام بين أبنائه الأربعة كما سيأتي بيانه.
وفاة جنكيز خان
كان التتار يفسدون في الأرض والخليفة الناصر مشغول عن ذلك بلهوه وعبثه، ظالمًا للناس وسلب الأموال، وتوفي جنكيز خان سنة 624هـ، فكان قبيح السيرة، وبقي في أواخر أيامه ثلاث سنين معطلاً عن الحركة، وقد ذهبت إحدى عينيه، والأخرى يبصر بها إبصارًا ضعيفًا حتى وافته المنية.
http://img407.imageshack.us/img407/3171/87991799.jpg (http://img407.imageshack.us/i/87991799.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img691.imageshack.us/img691/593/64380141.jpg (http://img691.imageshack.us/i/64380141.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img641.imageshack.us/img641/5073/61922496.jpg (http://img641.imageshack.us/i/61922496.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img600.imageshack.us/img600/7439/38803662.jpg (http://img600.imageshack.us/i/38803662.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img816.imageshack.us/img816/1377/56887344.jpg (http://img816.imageshack.us/i/56887344.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img834.imageshack.us/img834/2616/24065283.jpg (http://img834.imageshack.us/i/24065283.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img641.imageshack.us/img641/8151/48418181.jpg (http://img641.imageshack.us/i/48418181.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img87.imageshack.us/img87/522/76141959.jpg (http://img87.imageshack.us/i/76141959.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img524.imageshack.us/img524/9018/74308857.jpg (http://img524.imageshack.us/i/74308857.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img585.imageshack.us/img585/1222/82792400.jpg (http://img585.imageshack.us/i/82792400.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img830.imageshack.us/img830/9706/27773772.jpg (http://img830.imageshack.us/i/27773772.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img155.imageshack.us/img155/810/33554369.jpg (http://img155.imageshack.us/i/33554369.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img412.imageshack.us/img412/3295/18285668.jpg (http://img412.imageshack.us/i/18285668.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img262.imageshack.us/img262/8846/67184201.jpg (http://img262.imageshack.us/i/67184201.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img258.imageshack.us/img258/4986/62277949.jpg (http://img258.imageshack.us/i/62277949.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img828.imageshack.us/img828/1623/43797266.jpg (http://img828.imageshack.us/i/43797266.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img227.imageshack.us/img227/8135/72462481.jpg (http://img227.imageshack.us/i/72462481.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img718.imageshack.us/img718/1120/57737815.jpg (http://img718.imageshack.us/i/57737815.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
http://img33.imageshack.us/img33/589/50698229.jpg (http://img33.imageshack.us/i/50698229.jpg/)
Uploaded with ImageShack.us (http://imageshack.us)
فارس المسيلي
2011-01-10, 16:21
http://www.arabsys.net/pic/thanx/4.gif
nassima 14
2011-01-10, 17:50
شكرا للأخ dmd39 لأثراء موضوعي باضافته المتميزة
nassima 14
2011-01-10, 17:51
http://www.arabsys.net/pic/thanx/4.gif
:dj_17:نورت الموضوع
nassima 14
2011-01-10, 18:02
4_ خوارزم: كانت الدولة الخوارزمية دولة مترامية الأطراف و كانت تضم معظم البلاد الإسلامية في قارة آسيا تمتد حدودها من غرب الصين شرقا إلى أجزاء كبيرة من إيران غربا و كانت هذه الدولة
على خلاف كبير مع الخلافة العباسية و كانت بينهما مكائد و مؤامرات متعددة و مالت الدولة الخوارزمية في بعض فترات من زمانها إلى التشييع و كثرت فيها الفتن و الانقلابات وقامت في عصرها حروب كثيرة مع السلاجقة و الغرويين و العباسيين و غيرهم من المسلمين.....
5_ الهند: كانت تحت سلطان الغرويين في ذلك الوقت وكانت الحروب بينهم و بين دولة الخوارزم كثيرة و متكررة...
6_ فارس: وهي إيران الحالية وكانت أجزاء منها تحت سلطان الخوارزميين وكانت الأجزاء الغربية منها و الملاصقة للخلافة العباسية تحت سيطرة طائفة الإسماعيلية وهي طائفة من طوائف الشيعة كانت شديدة الخطر ولها مخالفات كثيرة في العقيدة جعلت كثيرا من العلماء يخرجونهم من الإسلام تماما..خلطت طائفة إسماعيلية الدين بالفلسفة وكانوا أصلا من أبناء المجوس فأظهروا الإسلام و أبطنوا المجوسية و تأولوا آيات القرآن على هواهم وهم إحدى فرق الباطنية الذين يؤمنون بأن لكل أمر ظاهر في الدين أمرا آخر باطنا خفيا لا يعلمه إلا بعض الناس(وهم من أولئك الناس) ولا يطلعون أحدا على تأويلاتهم إلا الذين يدخلون معهم في ملتهم وهم ينكرون الرسل و الشرائع و من أهم مطالبهم الملك و السلطان ولذلك فهم مهتمون جدا بالسلاح والقتال..وعلى العموم فإن الإسماعيلية من أخطر طوائف الباطنية وقد سببا دائما لتحريف العقيدة و الدين و لقلب أنظمة الحكم الإسلامية ولاختيال الشخصيات الإسلامية البارزة سواء كانوا خلفاء أو أمراء أو علماء أو قوادا.
7_ الأناضول (تركيا):وهذه المنطقة كانت تحكم بسلاجقة الروم و أصول السلاجقة ترجع إلى الأتراك وكانت لهم في السابق تاريخ عظيم وجهاد كبير وذلك أيام القائد السلجوقي المسلم الفذ "ألب أرسلان" رحمه الله ولكن للأسف فإن الأحفاد الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة الحساسة و الخطيرة و الملاصقة للإمبراطورية البيزنطية كانوا على درجة شنيعة من الضعف أدت إلى مواقف مؤسفة من الذل و الهوان..
وبعد....
فهذه نظرة على الأمة الإسلامية في ذلك الوقت
ونلاحظ أنه قد انتشرت فيها الفتن و المؤامرات وتعددت فيها الحروب بين المسلمين وإخوانهم في الدين و كثرت فيها المعاصي والذنوب وعم الترف و الركون إلى الدنيا...وهانت الكبائر على قلوب الناس..حتى كثر سماع أن هذا ظلم هذا و أن هذا قتل هذا و أن هذا سفك دم هذا يقال هذا الكلام بدم بارد و كأن الأرواح التي تزهق ليست بأرواح بشر...!
وقد علم على وجه اليقين أن من كان هذا حاله فلا بد من استبداله..!!
و أصبح العالم الإسلامي ينتظر كارثة تقضي على كل الضعفاء في كل هذه الأقطار ليأتي بعد ذلك من المسلمين يغير الوضع ويعيد للإسلام هبته و للخلافة قوتها و مجدها...
القوى الثانية في الأرض في أوائل القرن السابع الهجري كانت قوة الصلبيين...
وكان المركز الرئيسي لهم في غرب أوروبا حيث لهم هناك أكثر من معقل..و قد انشغلوا بحروب مستمرة مع المسلمين.. فكان نصارى انجلترا و فرنسا و ألمانيا وايطاليا يقومون بالحملات الصليبية المتتالية على بلاد الشام ومصر و كان نصارى اسبانيا و البرتغال و أيضا فرنسا في حروب مستمرة مع المسلمين الأندلس.. و بالإضافة إلى هذا التجمع الصليبي الضخم في غرب أوروبا كانت هناك تجمعات صليبية أخرى في العالم و كانت هذه التجمعات أيضا على درجة عالية من الحقد على الأمة الإسلامية و كانت الحروب بينها و بين العالم الإسلامي على أشدها و كانت أشهر هذه التجمعات كما يلي:
1_ الإمبراطورية البيزنطية: و حروبها مع الأمة الإسلامية شرسة وتاريخية ولكنها كانت في ذلك الوقت في حالة من الضعف النسبي والتقلص في القوة و الحجم فلم يكن يأتي من جانبها خطر كبير و إن كان الجميع يعلم قدر الإمبراطورية البيزنطية.
2_ مملكة أرمينيا: وكانت تقع في شمال فارس وغرب الأناضول وكانت أيضا في حروب مستمرة مع المسلمين وخاصة السلاجقة.
3_ مملكة الكُرج:وهي دولة جورجيا حاليا ولم تتوقف الحروب كذلك بينها وبين الأمة الإسلامية وتحديدا مع الدولة الخوارزمية.
4_ الإمارات الصليبية في الشام وفلسطين و تركيا: وهذه الإمارات كانت تحتل هذه المناطق الإسلامية منذ أواخر القرن الخامس الهجري(بدأ من سنة 491 هـــ).
وعلى الرغم من انتصارات صلاح الدين الأيوبي رحمه الله على القوات الصليبية في حطين وبيت المقدس وغيرها إلا أن هذه الإمارات لازالت باقية بل ولازالت من آن إلى آخر تعتدي على الأراضي الإسلامية المجاورة غير المحتلة و كانت أشهر هذه الإمارات: أنطاكيا و عكا و طرابلس وصيدا وبيروت.
و هكذا استمرت الحروب في كل بقاع العالم الإسلامي تقريبا وزادة جدا ضغائن الصليبين على أمة الإسلام...
و شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون نهاية القرن السادس الهجري سعيدة جدا على المسلمين وتعيسة جدا على الصليبيين فقد أذن الله عز وجل في نهاية القرن السادس الهجري بانتصارين جليلين لأمة الإسلام على الصليبيين.. فقد انتصر البطل العظيم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله على الصليبيين في موقعة حطين في الشام وذلك في عام 583هـــ و بعدها بثماني سنوات فقط انتصر البطل الإسلامي الجليل المنصور الموحدي رحمه الله زعيم دولة الموحدين على نصارى الأندلس في موقعة أرك الخالدة سنة 591هــ...
و بالرغم من هذين الانتصارين العظيمين إلا أن المسلمين في أوائل القرن السابع الهجري كانوا في ضعف شديد و ذلك بعد أن تفكك شمل الأيوبيين بوفاة صلاح الدين الأيوبي وكذلك انفرط عقد الموحدين بعد وفاة المنصور الموحدي غير أن الصليبيين كانوا كذلك في ضعف شديد لم يمكنهم من السيطرة على البلاد المسلمة وإن كانت رغبتهم في القضاء عليها قد زادت...
كان هو وضع العلم في أوائل القرن السابع الهجري...
وبينما كان هو حال الأرض في ذلك الوقت ظهرت قوة جديدة ناشئة قلبت الموازين وغيرت من خريطة العالم وفرضت نفسها كقوة ثالثة في الأرض...أو تستطيع أن تقول: إنها كانت القوة الأولى في
الأرض في النصف الأول من القرن السابع الهجري...
هذه القوة هي قوة دولة التتار أو الماغول...!!
من هم التتار؟؟؟؟
ظهرت دولة التتار في سنة 603هــ تقريبا وكان ظهورها الأول في منغوليا في شمال الصين وكان أول زعمائها هو "جنكيز خان.."
و "جنكيز خان" كلمة تعني: قاهر العالم أو ملك ملوك العالم أو القوي حسب الترجمات المختلفة للغة المنغولية:
و اسمه الأصلي" تيموجين"... وكان رجلا سفكا للدماء.. وكان كذلك قائدا عسكريا شديد البأس.. وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله... وبدأ في التوسع تدريجيا في المناطق المحيطة به و سرعان ما اتسعت مملكته حتى بلغت حدودها من كوريا شرقا إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية غربا ومن سهول سيبيريا شمالا إلى بحر الصين جنوبا أي أنها كانت تضم من دول العالم حاليا (الصين ومنغوليا وفيتنام وكوريا وتيلاندا وأجزاء من سيبيريا..إلى جانب مملكة لاوس وميانمار و بوتان!!)
و يطلق اسم التتار- وكذلك المغول- على الأقوام الذين نشؤا في شمال الصين في صحراء "جوبي" و غن كان التتار هم أصل قبائل بهذه المنطقة.... ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة "المغول" و قبائل "الترك" و"السلاجقة" وغيرهم وعندما سيطرة "المغول" الذين منهم جنكيز خان على هذه المنطقة أطلق اسم "المغول" على هذه القبائل كلها.
وكان للتتار ديانة عجيبة هي خليط من أديان مختلفة... فقط جمع جنكيز خان بعض الشرائع من الإسلام و البعض من المسيحية و البعض من البوذية و أضاف من عنده شرائع أخرى و أخرج لهم
في النهاية كتابا جعله كدستور للتتار وسمى هذا الكتاب بـ"الياسك" أو "الياسة" أو "الياسق"...
و كان حروب التتار تتميز بأشياء خاصة جدا مثل:
1_ سرعة انتشار رهيبة..
2_ نظام محكم و ترتيب عظيم...
3_ أعداد هائلة من البشر...
4_تحمل ظروف قاسية ..
5_قيادة عسكرية بارعة..
6_ أنهم بلا قلب!...فكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية.. فكان من السهل جدا أن ترى في تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا فدمروا كل المدينة وقتلوا سكانها جميعا..لا يفرقون في ذلك بين رجل وامرأة ولا بين رضيع و شاب ولا بين صغير و شيخ ولا بين ظالم أو مظلوم ولا بين مدني ومحارب..! إبادة جماعية رهيبة وطبائع دموية لا تصل إليها أشد الحيوانات الشرسة..
وكما يقول الموقف عبد اللطيف في خبر التتار:"و كأن قصدهم إفناء النوع و إبادة العالم لا قصد الملك والمال.."
7_ رفض قبول الآخر.. و الرغبة في تطبيق مبدأ"القطب الواحد".. فليس هناك طرح للتعامل مع دول أخرى محيطة.. و الغريب أنهم كانوا يتظاهرون دائما بأنهم ما جاءوا إلا ليقيموا الدين و لينشروا العدل وليخلصوا البلاد من الظالمين...!!
8_ أنهم لا عهد لهم.. فلا أيسر عندهم من نقض العهود وإخلاف المواثيق.. لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. كانت هذه الصفة أصيلة لازمة لهم لم يبخلوا عنها في أي مرحلة من مراحل دولتهم منذ قيامها إلى أن سقطت.
واصلي و ستتواصل المواضيع و جزاك الله كل خير
nassima 14
2011-01-11, 18:34
هذه هي السمات التي اتصف بها جيش التتار وهي صفات تتكرر كثيرا في كل جيش لم يضع في حسبانه قوانين السماء وشريعة الله عز وجل.. فالذي يملك القوة ويفتقر إلى الدين لا بد أن تكون هذه صورته..قد يتفاوتون في الجرائم و الفظائع.. لكنهم في النهاية مجرمون..
كانت حروب المرتدين قريبا من هذا..كذلك حروب الفرس وكذلك كانت حروب الرومان.. وكذلك حروب الصليبيين في مصر و الشام و الأندلس ثم سار على طريقتهم بعد ذلك أتباعهم من المستعمرين الأسبان و البرتغال و الانجليز و الفرنسيين و الطليان و اليهود ثم الأمريكان!!
قد يختلف الشكل الخارجي وقد تختلف الوجوه و الأجسام ولكن القلوب واحدة.. حقد و ضغينة و شحناء و بغضاء على كل ماهو مسلم أو كل ماهو حضاري..
و سبحان الله إذ يقول في حقهم جميعا: "أَتواصوا به؟! بل قوم طاغون"
إذن كملخص للقوى الموجودة على الساحةفي أوائل القرن السابع الهجري نستطيع أن نقول: أنه كانت ثلاث قوى رئيسية:
1_ قوة الأمة المسلمة: وهي قوة ذات تاريخ عظيم و أمجاد معروفة لكنها تمر بفترة من فترات ضعفها و هذا الضعف و إن كان شديدا إلا أنه لم يسقط هيبة الأمة تماما لأن أعداءها كانوا يعلمون أن أسباب النصر و عوامل القوة المزروعة في داخل الأمة و إنما تحتاج فقط إلى من يستخرجها و ينميها...
2_ قوة الصليبيين: وهو و إن كانوا أيضا في حالة ضعف و في حالة تخلف علمي و حضاري شديد بالمقارنة مع الأمة الإسلامية.. إلا أنهم قوة لا يستهان بها لكثرة أعداءهم وشدة حقدهم وإصرارهم على استكمال المعركة مع المسلمين إلى النهاية..
وصدق الله العظيم إذ يصفهم بقوله: "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا.."
وكانت قوة الإسلام و قوة الصليبيين تمثلان سويا قوة العالم القديم في ذلك الوقت
3_ قوة التتار: وهي قوة همجية بشعة وهي قوة بلا تاريخ وبلا حضارة ظهرت فجأة وليس عندها مخزون ثقافي أو حضاري أو ديني يسمح لها بالتفوق على غيرها فكان لابد لها من الاعتماد على القوة الهمجية و الحرب البربرية لفرض سطوتها على من حولها..
وكانت قوة التتار تمثل العالم الجديد في ذلك الوقت..
و من سنة الله عز وجل أن يحدث الصراع بين القوى المختلفة و التدافع بين الفرق المتعددة و من سنة الله عز وجل كذلك أن الأقوياء المفتقرين إلى الدين لا يقبلون بوجود الضعفاء إلى جوارهم ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الباطل مهما تعددت صوره لا بد أن يجتمع لحرب الحق ومن سنة الله عز وجل كذلك أن الحرب بين الحق و الباطل لابد أن تستمر إلى يوم القيامة...
إذا وضعنا كل هذه السنن في أذهاننا فإننا يجب أن نتوقع تعاونا بين التتار و الصليبيين على اختلاف توجيهاتهم و سياستهم و نظرياتهم لحرب المسلمين...
وهذا سبحان الله ما حدث بالضبط..!
أرسل الصليبيون وفدا رفيع المستوى من أوروبا إلى منغوليا(مسافة تزيد على اثني عشر ألف كيلو متر ذهابا فقط!) يحفزونهم على غزو بلاد المسلمين و على إسقاط الخلافة العباسية وعلى اقتحام "بغداد" درة العالم الإسلامي في ذلك الوقت وعظموا لهم جدا من شأن الخلافة الإسلامية وذكروا لهم أنهم- أي الصليبين- سيكونون عونا لهم في بلاد المسلمين وعينا لهم هناك وبذلك تم إغراء التتار إغراءا كاملا..
وقد حدث ما توقعه الصليبيون سال لعاب التتار لأملاك الخلافة العباسية وقرروا فعلا غزو هذه البلاد الواسعة الغنية بثرواتها المليئة بالخيرات هذا مع عدم توافق التتار مع الصليبيين في أمور كثيرة بل ستدور بينهم بعد ذلك حروب في أماكن متفرقة من العالم و لكنهم إذا واجهوا أمة الإسلام فإنهم يوحدون صفوفهم لحرب الإسلام و المسلمين وهذا الكلام ليس غريبا بل هو من الطرق الثابتة لأهل الباطل في حربهم مع المسلمين..
تعاون قبل ذلك اليهود مع المشركين لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم مع الاختلاف الكبير في عقائد اليهود عن عقائد المشركين..
بل تعاون الفرس مع الروم في حرب المسلمين مع شدة الكراهيى بين الدولتين الكبيرتين فارس و الروم.. ومع الثارات القديمة و الخلافات المستمرة و الحروب الطويلة..
وتعاون الانجليز مع اليهود لإسقاط الخلافة العثمانية ولاحتلال فلسطين وزرع إسرائيل في داخل هذه الأرض المباركة مع شدة العداء بين اليهود و النصارى...
و يتعاون الروس مع الأمريكان الآن في لقضاء على ما يسمونه الإرهاب الإسلامي فتسهل أمريكا لروسيا حربها في الشيشان..
و الضحية في الحالتين من المسلمين..
إذن اتحاد أهل الباطل في حربهم ضد المسلمين متكرر و سنةّ ماضية ..
و لذلك لا يستقيم أن يتعامل المسلمون بالمبدأ القائل: "عدو عدوي صديقي" بل لا بد أن يعرف المسلمون أعداءهم ولا بد أن يعرفوا أيضا أن عدو عدوهم قد يكون أيضا عدوهم.. نعم قد تتم التحالفات بين المسلمين و بين بعض الأعداء لأجل معين وهدف خاص.. ولكن ذلك يكون بلا تفريط في الدين ولا تساهل في الحقوق و يكون بحذر كاف و إلى أجل معلوم.. لكن لا يصل الأمر أبدا إلى الولاء و الصداقة و نسيان الحقائق التي ذكرها الله عز وجل واضحة في كتابه الكريم حيث قال:" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارىحتى تتبع ملتهم"
و المهم في كل ذلك أن التتار بدءوا يفكرون جديا في غزو بلاد المسلمين.. وبدءوا يخططون لإسقاط الخلافة العباسية ودخول بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية..
الهجمة التترية الأولى
فكر "جنكيز خان" في أفضل طريقة لإسقاط الخلافة العباسية في العراق هي التمركز أولا في منطقة أفغانستان و أوزبكستان لأن المسافة ضخمة بين الصين و العراق ولابد من وجود قواعد إمداد ثابتة للجيوش التترية في منطقة متوسطة بين العراق و الصين..
كما أن هذه المنطقة التي تعرف بالقوقاز غنية بثرواتها الزراعية و الاقتصادية وكانت من حواضر الإسلام المشهورة وكنوزها كثيرة.. و أموالها وفيرة هذا بالإضافة إلى أنه لا يستطيع تكتيكيا أن يحارب العراق و في ظهره شعوب مسلمة قد تحاربه أو تقطع عليه خطوط الإمداد..
كل هذه العوامل جعلت "جنكيز خان" يفكر أولا في خوض حروب متتالية مع هذه المنطقة الشرقية من الدولة الإسلامية و التي تعرف في ذلك الوقت بالدولة الخوارزمية و كانت تضم بين طياتها عدة أقاليم إسلامية هامة مثل: أفغانستان و أوزباكستان و كازاخستان و باكستان و أجزاء من إيران و كانت عاصمة هذه الدولة الشاسعة هي مدينة "أورجندة" (في تركمنستان حاليا).
وكان جنكيز خان في شبه اتفاق مع الملك خوارزم (محمد بن خوارزم شاه) على حسن الجوار ومع ذلك لم يكن جنكيز خان من أولئك الذين يهتمون بعقودهم أو يحترمون اتفاقياتهم و لكنه عقد هذا الاتفاق ملك خوارزم ليؤمن ظهره إلى أن يستتب له الأمر في شرق آسيا أما وقد استقرت الأوضاع في منطقة الصين و منغوليا فقد حان وقت التوسع غربا في أملاك الدولة الإسلامية..!
ولا مانع طبعا من نقص العهد و تمزيق الاتفاقيات السابقة وهي سنة أهل الباطل:" أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم؟ بل أكثرهم لا يؤمنون.."
ولكن.. حتى تكون الحرب مقنعة لكلا الطرفين لا بد من وجود سبب يدعوا إلى الحرب و إلى الإدعاء بأن الاتفاقيات لم تعد سارية و قد بحث "جنكيز خان" عن سبب مناسب ولكنه لم يجد....
ولكن سبحان الله لقد حدث أمر مفاجئ يغير إعداد من جنكيز خان!
وهذا الأمر المفاجئ يصلح أن يكون سببا مقنعا للحرب..
نعم لقد جاء هذا السبب مبكرا بالنسبة لإعداد جنكيز خان و لرغبته ولكن لا مانع من استغلاله ولا مانع أيضا من تقديم بعض الخطوات في خطة الحرب و تأخير بعض الخطوات الأخرى...
ما هي الذريعة التي دخل بها "جنكيز خان" أرض خوارزم شاه!
nassima 14
2011-01-11, 18:37
واصلي و ستتواصل المواضيع و جزاك الله كل خير
أشكر لك اهتمامك و تشجيعك بارك الله فيك :mh92:
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
2011-01-11, 22:04
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_194647440d492744d.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_35074744131ead652.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_126484744137e74254.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_16964744133c22dff.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_16964744133c22248.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_194647440d492744d.gif
nassima 14
2011-01-12, 12:42
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_194647440d492744d.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_35074744131ead652.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_126484744137e74254.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_16964744133c22dff.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_16964744133c22248.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_194647440d492744d.gif
سررت لمرورك الطيب تحياتي
nassima 14
2011-01-13, 19:10
أشكركم على الموضوع القيم
العفو أختي تحياتي
nassima 14
2011-01-13, 19:20
لقد ذهبت مجموعة من تجار المغول إلى مدينة "أوترار" الإسلامية في مملكة خوارزم شاه.. ولما رآهم حاكم المدينة المسلم أمسك بهم و قتلهم....!
أما عن سبب قتلهم فقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه الحادثة:
فمنهم من يقول: إن هؤلاء ما كانوا إلا جواسيس أرسلهم جنكيز خان للتجسس على الدولة الإسلامية أو لاستفزازها ولذلك قتلهم حاكم مدينة أوترار...
ومنهم من يقول: إن هذا كان عمدا كنوع من الرد على عمليات للسلب و النهب قام بها التتار في بلاد ما وراء النهر و هي بلاد خوارزمية مسلمة
ومنهم من يقول: إن هذا كان فعلا متعمدا بقصد استثارة التتار للحرب ليدخل خوارزم شاه بعد ذلك لمنطقة تركمنستان و التي هي ملك التتار آنذاك و إن كان هذا الرأي مستبعدا لأن "محمد بن خوارزم شاه" لم يكن له أطماع في أرض التتار آنذاك و كل ما كان يريده هو العهد على بقاء كل فريق في مملكته دون تعد على الآخر و ليس من المعقول أن يستثير التتار وهو يعلم أعدادهم و جيوشهم وليس من المعقول أيضا أنه لم يدري عن قوتهم شيئا وهو ملاصقون له تماما وقد ذاع صيت زعيمهم "جنكيز خان" في كل مكان..
ومن المؤرخين أيضا من يقول: إنما أرسل جنكيز خان بعضا من رجاله إلى أرض المسلمين ليقتلوا تجار التتار هناك حتى يكون ذلك سببا في غزو البلاد المسلمة و إن كان هذا الرأي لا يقوم عليه دليل..
و منهم من قال: إن خوارزم شاه طمع في أموال التجار فقتلهم لأجلها..
كل هذه احتمالات واردة لكن المهم في النهاية أن التجار أو جواسيس قد قتلوا ووصل النبأ إلى جنكيز خان فأرسل رسالة إلى "محمد بن خوارزم شاه" يطلب منه تسليم القتلة إليه حتى يحاكمهم بنفسه و لكن "محمد بن خوارزم شاه" اعتبر ذلك تعديا على سيادة البلاد المسلمة فهو لا يسلم مجرما مسلما ليحاكم في بلدة أخرى بشريعة أخرى غير أنه قال: إنه سيحاكمهم في بلاده فإن ثبت بعد التحقيق أنهم مخطئون عاقبهم في بلاده بالقانون السائد فيها وهو الشريعة الإسلامية....
وهذا الكلام و إن كان منطقيا و مقبولا في كل بقاع الأرض إلا أنه بالطبع لم يكن مقنعا لجنكيز خان
أو قل: إن جنكيز خان لم يكن يرغب في الاقتناع فليس المجال مجال حجة أو برهان أو دليل... حقيقة الأمر أن جنكيز خان قد أعد لغزو بلاد المسلمين خططا مسبقة ولن يعطلها شيء و إنما كان يبحث عن علة مناسبة وقد وجد في هذا الأمر العلة التي كان يريدها..
و بدأ الإعصار التتري على بلاد المسلمين ..!
بدأت الهجمة الأولى على دولة خوارزم شاه
وجاء جنكيز خان بجيشه الكبير لغزو خوارزم شاه و خرج له "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه أيضا..
والتقى الفريقان في موقعة شنيعة استمرت أربعة أيام متصلة و ذلك شرق نهر سيحون (وهو يعرف الآن بنهر "سرداريا" ويقع في
دولة كازاخستان المسلمة) وقتل من الفريقين خلق كثير و لقد استشهد من المسلمين في هذه الموقعة عشرون ألف و مات من التتار أضعاف ذلك ثم تحاجز الفريقان و انسحب "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه لأنه وجد أن أعداد التتار هائلة وذهب ليحصن مدنه الكبرى في مملكته الواسعة (وخاصة العاصمة أوجندة) كان هذا اللقاء الدامي في عام 616 هجرية.
انشغل محمد بن خوارزم شاه في تحضير الجيوش من أطراف دولته ولكن لا ننسى أنه كان منفصلا – بل معاديا- للخلافة العباسية في العراق و لغيرها من الممالك الإسلامية فلم يكن على وفاق مع الأتراك السلاجقة ولا مع الغوريين في الهند.. وهكذا كانت مملكة خوارزم شاه منعزلة عن بقية العالم الإسلامي ووقفت وحيدة في مواجهة الغزو التتري المهول..
وهذا المملكة و إن كانت قوية و تمكنت من الثبات في أول اللقاءات فإنها ولاشك لن تصمد بمفردها أمام الضربات المتوالية..
وفي رأيي أنه مع قوة التتار و بأسهم و أعدادهم إلا أن سبب المأساة الإسلامية بعد ذلك لن يكون في الأساس بسبب هذه القوة و إنما سيكون بسبب التشتت و التشرذم بين ممالك المسلمين.. وصدق الله العظيم إذ يقول: "ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"
فجعل الله عز وجل الفشل قرينا للتنازع و المسلمون كانوا في تنازع مستمر وخلاف دائم وعندما كانت تحدث بعض فترات الهدنة في الحروب مع التتار- كما سنرى- كان المسلمون يغيرون على بعضهم و يأسرون بعضهم و يقتلون بعضهم!!! وقد عُلم يقينا أن من كانت صفتهم فلا يكتب لهم النصر أبدا..
روى الإمام مسلم رحمه الله عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
"...و إني سألت ربي أن لا يهلكها بسَنة عامة، و أن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم و إن ربي قال: يا محمد، إني قضيت قضاءً فإنه لا يرد، و إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها –أو قال من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا."
فالمسلمون كانوا في تلك الآونة يهلكون بعضهم بعضا و يسبي بعضهم بعضا فلا عجب إن غلب عليهم جيش التتار أو غير التتار..
و بالإضافة إلى داء الفرقة فإن هناك خطأ واضحا في إعداد "محمد بن خوارزم" وهو أنه مع اهتمامه بتحصين العاصمة " أورجندة" إلا أنه ترك كل المساحات الشرقية من دولته دون حماية كافية ولكن لماذا يقع قائد محنك خبير بالحروب في مثل هذا الخطأ الساذج؟؟؟؟
الواقع أن الخطأ لم يكن تكتيكيا في المقام الأول ولكنه كان خطأ قلبيا أخلاقيا في الأساس.. لقد اهتم "محمد بن خوارزم" بتأمين نفسه و أسرته و مقربيه و تهاون جدا في تأمين شعبه و حافظ جدا على كنوزه و كنوز آبائه و لكنه أهمل الحفاظ على مقدرات و أملاك شعبه .. و عادة ما تسقط أيضا الشعوب التي تقبل بهذه الأوضاع المقلوبة دون إصلاح ولننظر ماذا تحمل الأيام لمحمد بن خوارزم وشعبه...!!!
ماذا فعل جنكيز خان بعد هذه المعركة الأولى؟
تعالوا نتتبع خطواته في البلاد المسلمة!!
اجتياح بخارى
لقد جهز جنكيز خان جيشه من جديد و أسرع إلى اختراق كل إقليم كازاخستان الكبير ووصل في تقدمه إلى مدينة بخارى المسلمة( في دولة أوزبكستان الآن) وهي بلدة الإمام الجليل و المحدث العظيم " البخاري" رحمه الله وحاصر جنكيز خان البلدة المسلمة في سنة 616 هجرية ثم طلب من أهلها التسليم على التسليم على أن يعطيهم الأمان وكان " محمد بن خوارزم شاه" بعيدا عن بخارى في ذلك الوقت.. فاحتار أهل بخارى: ماذا يفعلون؟؟.. ثم ظهر رأيان:
الأول فقال أصحابه: نقاتل التتار و ندافع عن مدينتنا
و كان الرأي الثاني: نأخذ بالأمان و نفتح الأبواب للتتار لتجنب القتل و ما أدرك هؤلاء أن التتار لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة..
وهكذا انقسم أهل البلد إلى فريقين: فريق من المجاهدين قرر القتال و هؤلاء اعتصموا بالقلعة الكبيرة في المدينة و انضم إليهم فقهاء المدينة وعلماؤها و فريق آخر من المستسلمين وهو الأعظم و الأكبر وهؤلاء قرروا فتح أبواب المدينة و الاعتماد على أمان التتار..!!
و فتحت المدينة المسلمة أبوابها للتتار.. ودخل جنكيز خان إلى المدينة و أعطى أهلها الأمان فعلا.
في أول دخوله خديعة لهم ز ذلك حتى يتمكن من السيطرة على المجاهدين بالقلعة.
و فعلا بدأ جنكيز خان بحصار القلعة بل أمر أهل المدينة من المسلمين أن يساعدوه في ردم الخنادق حول القلعة ليسهل اقتحامها فأطاعوه و فعلوا ذلك!
وحاصر القلعة عشرة أيام... ثم فتح قسرا و لما دخل إليها قاتل من فيها حتى قتلهم جميعا...! ولم يبق بمدينة بخارى مجاهدون..
وهنا بدأ جنكيز خان في خيانة عهده فسأل أهل المدينة عن كنوزها و أموالها و ذهبها و فضتها ثم اصطفى كل ذلك لنفسه ثم أحل المدينة المسلمة لجنده ففعلوا بها ما لا يتخيله عقل..!! وأترك ابن كثير –رحمه الله – يصور لكم هذا الموقف كما جاء في (بداية و النهاية) فيقول:
" فقتلوا من أهلها خلقا لا يعلمهم إلا الله عز وجل و أسروا الذرية و النساء وفعلوا مع النساء الفواحش في حضرة أهلهن...! (ارتكبوا الزنا مع البنت في حضرة أبيها و مع الزوجة في حضرة زوجها) فمن المسلمين من قاتل دون حريمه حتى قتل و منهم من أسر فعذب بأنواع العذاب و كثر البكاء و الضجيج في البلد من النساء و الأطفال و الرجال ثم أشعلت التتار النار في دور بخارى و مدارسها و مساجدها فاحترقت المدينة حتى صارت خاوية على عروشها..."!
..عبد الاله..
2011-01-14, 08:56
http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:hjmciY3NLCO6XM:http://img217.imageshack.us/img217/4382/4076301.gif&t=1
nassima 14
2011-01-14, 14:43
http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:hjmciy3nlco6xm:http://img217.imageshack.us/img217/4382/4076301.gif&t=1
و فيك البركة أخي شكرا لمرورك
nassima 14
2011-01-16, 19:41
فاحترقت المدينة حتى صارت خاوية على عروشها..."!
انتهى كلام ابن كثير ولا حول ولا قوة إلا بالله
هلكت المدينة المسلمة
هلك المجاهدون الصابرون فيها وكذلك هلك المستسلمون المتخاذلون
روى البخاري و مسلم عن أم المسلمين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم: " يا رسول الله أنهلك و فينا الصالحون !" قال: " نعم إذا كثر الخبث"
و كان الخبث قد كثر في هذه البلاد و من الخبث أن لا يرفع المسلمون سيوفهم ليدافعوا عن دينهم و أرضهم و عرضهم و من الخبث أن يصدق المسلمون عهود الكافرين بهم و من الخبث أن يتفرق المسلمون و يتقاتلوا فيما بينهم ومن الخبث ألا يحتكم المسلمون إلى كتاب ربهم و إلى سنة نبيهم محمد صلى الله عليه و سلم..
هذا كله من الخبث..!!
و إذا كثر الخبث لا بد أن تحدث الهلكة..! وصدق الرسول الحكيم صلى الله عليه وسلم
و هكذا هلكت بخارى في سنة 616 هجرية...!
ولكن..هل كانت هذه آخر المآسي؟ هل كانت آخر الكوارث؟؟..لقد كانت هذه أولى صفحات القصة كانت بداية الطوفان و بداية الإعصار و ستكون صفحات القصة القادمة أشد سوادا و أكثر دماء سيدخل المسلمون في سنة 617 هــ وهي بلا شك من أبشع و أسوأ و أظلم السنوات التي مرت على المسلمين عبر تاريخهم الطويل..
ودخلت سنة 617 هجرية...
و إنا لله و إنا إليه راجعون...!
كانت هذه السنة من أبشع السنوات التي مرت على المسلمين منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم و إلى هذه اللحظة لقد علا فيها نجم التتار..و احتاجوا البلاد الإسلامية اجتياحا لم يُسبق و أحدثوا فيها من المجازر و الفظائع و المنكرات ما لم يُسمع به و مالا يُتخيل أصلا...
ورأى أنه من المناسب أن نقدم لهذه الأحداث بكلام المؤرخ الإسلامي العلامة "ابن الأثير الجزري" رحمه الله في كتابه القيم (الكامل فيلا التاريخ) و كلامه في غاية الأهمية..و يعتبر به جدا في هذا المجال أكثر من غيره لأنه كان معاصرا لكل هذه الأحداث و ليس كل من رأى كمن سمع...
اسمعوا ماذا يقول ابن الأثير رحمه الله وهو يقدم لشرحه لقصة التتار في بلاد المسلمين:
" لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظامها لها كارها لذكرها فأنا أقدم إليه رجلا و أؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام و المسلمين؟ و من الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فياليت أمي لم تلدني و ياليتني مت قبل هذا و كنت نسيا منسيا إلا أنه حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها و أنا متوقف ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا نقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى و المصيبة الكبرى التي عقمت الأيام و الليالي عن مثلها عمت الخلائق و خصّت المسلمين فلو قال قائل: إن العالم منذ خلق الله سبحانه و تعالى آدم إلى الآن لم يُبتلوا بمثلها لكان صادقا فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا يدانيها.. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله "بختنصر" ببني إسرائيل من القتل و تخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس؟! و ما بنو إسرائيل إلا من قتلوا؟! فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم و تفنى الدنيا إلا يأجوج و مأجوج، و أما الدجال فإنه يبقي على من تبعه و يهلك من خالفه و هؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء و الرجال و الأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإن لله و إن إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطال شررها، وعم ضررها وصارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح.."
كانت هذه مقدمة كتبها ابن الأثير رحمه الله لكلام طويل يفيض ألما و حزنا و هما وغما..
لقد كارثة على العالم الإسلامي.. كارثة بكل المقاييس..كارثة بمقاييس الماضي و الحاضر..وكارثة أيضا لمقاييس المستقبل..
فإن هذه المصيبة فعلا تتضاءل إلى جوارها كثير من مصائب المسلمين فيكل العصور...
ماذا حدث في سنة 617 هجرية؟
اجتياح "سمرقند.." :
فبعد أندمر التتار مدينة بخارى العظيمة، و أهلكوا أهلها و حرقوا ديارها و مساجدها و مدارسها، انتقلوا إلى المدينة المجاورة "سمرقند" (وهي أيضا في دولة أوزباكستان الحالية) و اصطحبوا في طريقهم مجموعة كبيرة من أسرى المسلمين من مدينة بخارى، وكما يقول ابن الأثير:" فصاروا بهم على أقبح صورة فكل من أعيا و عجز عن المشي قتل ..."
أما لماذا كانوا يصطحبون الأسرى معهم؟ فلأسباب كثيرة:
أولا: كانوا يعطون كل عشرة من الأسرى علما من أعلام التتار يرفعونه، فإذا رآهم أحد من بعيد ظن أنهم من التتار، وبذلك تكثر الأعداد في أعين أعدائهم بشكل رهيب ، فلا يتخيلون أنهم يحاربونهم، و تبدأ الهزيمة النفسية تدب في قلوب من يواجهونها..
ثانيا: كانوا يجبرون الأسرى على أن يقاتلوا معهم ضد أعدائهم..
ومن رفض القتال أو لم يظهر فيه قوة قتلوه...
ثالثا: كانوا يتترسون بهم عند لقاء المسلمين، فيضعونهم في أول الصفوف كالدروع لهم ، ويختبئون خلفهم و يطلقون من خلفهم السهام و الرماح،وهم يحتمون بهم..
رابعا: كانوا يقتلونهم على أبواب المدن لبث الرعب في أعدائهم، وإعلامهم أن هذا هو المصير الذي ينتظرهم إذا قاوموا التتار ...
خامسا: كانوا يبادلون بهم الأسرى في حال أسر رجال من التتار في القتال ...وهذا قليل لقلة الهزائم في جيش التتار ...
كيف كان الوضع في "سمرقند"؟
كانت "سمرقند" من حواضر الإسلام العظيمة، و من أغنى مدن المسلمين في ذلك الوقت، ولها قلاع حصينة وأسوار عالية ... ولقيمتها الإستراتيجية و الاقتصادية فقد ترك فيها "محمد بن خوارزم شاه" زعيم الدولة الخوارزمية خمسين ألف جندي خوارزمي لحمايتها...هذا فوق أهلها وكانوا أعدادا ضخمة تقدر بمئات الآلاف ..أما "محمد بن خوارزم شاه" نفسه فقد استقر في عاصمة بلاده مدينة"أورجندة"
وصل جنكيز خان إلى مدينة "سمرقند" وحاصرها من كل الاتجاهات,,, وكان من المفروض أن يخرج له الجيش الخوارزمي النظامي، ولكن لشدة الأسف ..لقد دب الرعب في قلوبهم، وتعلقوا بالحياة تعلقا مخزيا، فأبوا أن يخرجوا للدفاع عن المدينة المسلمة..!
فاجتمع أهل البلاد و تباحثوا في أمرهم بعد أن فشلوا في اقناع الجيش المتخاذل أن يخرج للدفاع عنهم..
وقرر بعض الذين في قلوبهم حمية من عامة الناس أن يخرجوا لحرب التتار.. و بالفعل خرج سبعون ألف من شجعان البلاد ، و من أهل الجلد ، ومن أهل العلم..خرجوا جميعا على أرجلهم دون خيول ولا دواب..و لهم يكن لهم من الدراية العسكرية حظا يمكنهم من القتال ولكنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعله الجيش المتهاون الذي لم تستيقظ نخوته بعد ...
و عندما رأى التتار أهل "سمرقند" يخرجون لهم قرر القيامة بخدعة خطيرة، وهي الانسحاب المتدرج من حول أساور المدينة، في محاولة لسحب المجاهدين المسلمين بعيدا عن مدينتهم..
وهكذا بدأ التتار يتراجعون عن"سمرقند" و قد نصبوا الكمائن خلفها..ونجحت خطة التتار و بدأ المسلمون المفتقدون لحكمة القتال يطمعون فيهم و يتقدمون خلفهم..
حتى إذا ابتعد الرجال المسلمين عن المدينة بصورة كبيرة أحاط جيش التتار بالمسلمين تماما.. وبدأت عملية تصفية بشعة لأفضل رجال "سمرقند"..
كم من المسلمين قتل في هذا اللقاء غير المتكافئ ؟
لقد قتلوا جميعا..!
لقد استشهدوا عن آخرهم ...!
فقد المسلمون في "سمرقند" سبعين ألف من رجالهم دفعة واحدة..(أتذكرون كيف كانت مأساة المسلمين يوم فقدوا سبعين رجلا فقط في موقعة أحد ؟!). و الحق أن هذه لم يكن مفاجأة ، بل كان أمرا متوقعا، لقد دفع المسلمون ثمن عدم استعدادهم للقتال، وعدم اهتمامهم بالتربية العسكرية لأبنائهم، وعدم الاكتراث بالقوة الهائلة التي تحيط بدولتهم...
و عاد التتار مجددا لحصار "سمرقند"..
و أخذ الجيش الخوارزمي النظامي قرارا مهينا ..!
من لقد قرروا أن يطلبوا الأمان من التتار على أن يفتحوا أبواب البلدة لهم و ذلك مع أنهم يعلمون أن التتار لا يحترمون العهود،ولا يرتبطون بالاتفاقيات، وما أحداث بخارى منهم ببعيد، ولكن تمسكهم بالحياة إلى آخر درجة جعلهم يتعلقون بأهداب أمل مستحيل.. وقال لهم عامة الناس: إن تاريخ التتار معهم واضح..
نذير1962
2011-01-18, 01:32
http://img440.imageshack.us/img440/6843/28lg1.gif
nassima 14
2011-01-18, 17:38
http://img440.imageshack.us/img440/6843/28lg1.gif
شكرا لمرورك الطيب
nassima 14
2011-01-19, 12:51
و لكنهم أصروا على التسليم فهم لا يتخيلون مواجهة معا التتار و بالطبع وافق التتار على إعطاء الأمان الوهمي للمدينة وفتح الجيش أبواب المدينة بالفعل ولو يقدر عليهم عامة الناس فقد كان الجيش الخوارزمي كالأسد على شعبه و كالنعامة أمام الجيوش الأعداء...!
و فتح الجنود الأبواب للتتار و خرجوا لهم مستسلمين فقال لهم التتار: ادفعوا إلينا سلاحكم و أموالكم و دوابكم ونحن نسيّركم إلى مأمنكم ففعلوا ذلك في خنوع و لما أخذ التتار أسلحتهم و دوابهم فعلوا ما كان متوقعا منهم لقد وضعوا السيف في الجنود الخوارزمية فقتلوهم عن آخرهم..!! ودفع الجند جزاء ذلتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله..
ثم دخل التتار مدينة "سمرقند" العريقة ففعلوا بها مثل ما فعلوا في "بخارى" فقتلوا أعدادا لا تحصى من الرجال و النساء و الأطفال و نهبوا كل ثروات البلد و انتهكوا حرمات النساء و عذبوا الناس بأنواع العذاب البشعة بحثا عن أموالهم و سبوا أعدادا هائلة من النساء و الأطفال و من يصلح للسبي لكبر سنه أو لضعف جسده قتلوه و أحرقوا الجامع الكبير و تركوا المدينة خرابا...!
كيف سمع المسلمون في أطراف الأرض آنذاك بهذه المجازر ولم يتحركوا؟؟؟؟
كيف وصل إليهم انتهاك كل حرمة للمسلمين ولم يتجمعوا لقتال التتار؟؟
كيف علموا بضياع الدين و ضياع النفس و ضياع العرض و ضياع المال ثم مازالوا متفرقين ؟!.. لقد كان كل حاكم المسلمين يحكم قطرا صغيرا و يرفع عليه علما ويعتقد أنه في أمان ما دامت الحروب لا تدور في قطره المحدود..! لقد كانوا يخدعون أنفسهم بالأمان الوهمي حتى لو كانت الحرب على بعد أميال منهم..!ولا تندهش مما تقرأ الآن.. وخبرني بالله عليك: كم جيشا مسلما تحرك لنجدة المسلمين في الفلوجة أو في فلسطين؟؟!
لم يفكر حاكم من حكام المسلمين آنذاك أن الدائرة حتما ستدور عليه.. و أن ما الحدث في بخارى و سمرقند ما هو إلا مقدمة لأحداث دامية أليمة سيعاني منها كل المسلمين ولن ينجو منها قريب ولا بعيد.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
نهاية ذليلة!!
و استقر جنكيز خان –لعنة الله- بسمرقند فقد أعجبته المدينة العملاقة التي لم ير مثلها قبل ذلك و أول ما فكر فيه هو قتل رأس هذه الدولة ليسهل عليه بعد ذلك احتلالها دون خوف من تجميع الجيوش ضده فأرسل عشرين ألفا من فرسانه يطلبون "محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد...وإرسال عشرين ألف جندي فقط فيه إشارة كبيرة إلى استهزاء جنكيز خان بمحمد بن خوارزم و بأمته فهذا الرقم الهزيل لا يقارن بالملايين المسلمة التي سيتحرك هذا الجيش التتري في أعماقها.. ولنشاهد ماذا فعلت هذه الكتيبة التترية الصغيرة قال لهم جنكيز خان: "اطلبوا خوارزم شاه أين كان ولو تعلق بالسماء.."
فانطلق الفرسان التتار إلى مدينة " أورجندة" حيث يستقر "محمد بن خوارزم شاه" وهي مدينة تقع على الشاطئ الغربي من نهر جيحون (نهر أموداريا) وجاء الجنود التتار من الجانب الشرقي للنهر و هكذا فصل النهر بين الفريقين و تماسك المسلمون ولكن هذا التماسك لم يكن إلا لعلمهم أن النهر يفصل بينهم و بين التتار وليس مع التتار سفن...!!
ماذا فعل التتار؟!
لقد أخذوا في إعداد أحواض خشبية كبيرة ألبسوها جلود البقر حتى لا يدخل فيها الماء ثم وضعوا في هذه الأحواض سلاحهم و عتادهم و متعلقاتهم ثم أنزلوا الخيول في الماء و الخيول تجيد السباحة ثم أمسكوا بأذناب الخيول و أخذت الخيول تسبح و الجنود خلفها.. ويسحبون خلفهم الأحواض الخشبية بما فيها سلاح و غيره..
وبهذه الطريقة عبر جيش التتار نهر جيحون ولا أدري أين كانت عيون الجيش الخوارزمي المصاحب لمحمد بن خوارزم شاه وفوجئ المسلمون بجيش التتار إلى جوارهم ومع أن أعداد المسلمين كانت كبيرة إلا أنهم كانوا قد ملئوا من التتار رعبا و خوفا و ما كانوا يتماسكون إلا لاعتقادهم أن النهر الكبير يفصل بينهم و بين وحوش التتار.. أما الآن وقد أصبح التتار على مقربة منهم فلم يصبح أمامهم إلا طريق واحد.. أتراه طريق القتال؟؟
لا ...بل طريق الفرار..!!
و كما يقول ابن الأثير رحمه الله: "ورحل خوارزم شاه لا يلوي على شيء في نفر من خاصته" و اتجه إلى نيسابور ( في إيران حاليا) أما الجند فقد تفرق كل منهم في جهة... ولا حول ولا قوة إلا بالله.. أما التتار فكانت لهم مهمة محددة و هي البحث عن محمد بن خوارزم شاه و لذلك فقد تركوا أورجندة و انطلقوا في اتجاه نيسابور مخترقين الأراضي الإسلامية في عمقها .. وهم لا يزيدون عن عشرين ألفا ! و جنكيز خان مازال مستقرا في سمرقند وكان من الممكن أن تحاصر هذه المقدمة التترية في أي بقعة من بقاع البلاد الإسلامية التي يتجولون فيها.. ولكن الرعب كان قد استولى على قلوب المسلمين فكانوا يفرون منهم في كل مكان وقد أخذوا طريق الفرار اقتداء بزعيمهم الذي ظل يفر من بلد إلى آخر كما نرى...
ولم يكن التتار في هذه المطاردة الشرسة يتعرضون لسكان البلاد بالسلب أو النهب أو القتل لأن لهم هدفا واضحا فهم لا يريدون أن يضيعوا وقتا في القتل و جمع الغنائم و إنما يريدون فقط اللحاق بالزعيم المسلم ومن جانب آخر فإن الناس لم يتعرضوا لهم لئلا يثيروا حفيظتهم فيصيبهم من أذاهم...!
و هكذا وصل التتار إلى مسافة قريبة من مدينة نيسابور العظيمة في فترة وجيزة و لم يتمكن " محمد بن خوارزم شاه " من جمع الأنصار و الجنود فالوقت ضيق و التتار في أثره فلما علم بقربهم من نيسابور ترك المدينة و اتجه إلى مدينة "مازندران" ( من مدن إيران) فلما علم التتار ذلك لم يدخلوا نيسابور بل اتجهوا خلفه مباشرة فترك مازندران إلى مدينة " الري" ثم إلى مدينة " همذان" و التتار في أثره ثم عاد إلى مدينة " مازندران" في فرار مخز وفاضح ثم اتجه إلى إقليم " طبرستان" ( الإيراني) على ساحل بحر الخزر ( بحر قزوين) حيث وجد سفينة فركبها وسارت به إلى عمق البحر و جاء التتار ووقفوا على الساحل ولم يجدوا ما يركبونه خلفه..
لقد نجحت خطة الزعيم الخوارزمي المسلم...! نجحت خطة الفرار!
و صل الزعيم محمد بن خوارزم في فراره إلى جزيرة في وسط بحر قزوين و هناك رضي بالبقاء فيها في قلعة كانت هناك في فقر شديد و حياة صعبة وهو الملك الذي ملك بلادا شاسعة و موالا لا تعد و لكن رضي بذلك لكي يفر من الموت..!
و سبحان الله فإن الموت لا يفر منه أحد فما هي إلا أيام حتى مات "محمد بن خوارزم شاه" في هذه الجزيرة في داخل القلعة وحيدا طريدا شريدا فقيرا حتى إنهم لم يجدوا ما يكفنوه به فكفنوه في فراش كان ينام عليه...!
" أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة.."
أيهما أشرف يا إخواني؟؟..أن يموت الزعيم المسلم ذليلا في هذه الجزيرة في عمق البحر أم يموت رافع الرأس ثابت الجأش مطمئن القلب في ميدان الجهاد؟؟!
أيهما أشرف.. أن يموت مقبلا أم يموت مدبرا؟؟!
أيهما أشرف.. أن يموت هاربا أم أن يموت شهيدا؟؟!
إن الإنسان لا يختار ميعاد موته، و لكنه يستطيع أن يختار طريقة موته الشجاعة لا تقتصر الأعمار كما أن الفرار و الهرب و الجبن لا تطيلها أبدا..و الذي يعيش مجاهدا في سبيل الله يموت مجاهدا في سبيل الله و إن مات على فراشه..
روى الأمام مسلم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله عليه و سلم و قال:
" من سأل الله الشهادة بصدق بلغة الله منازل الشهداء و إن مات على فراشه"
ونعود إلى ابن الأثير رحمه الله وهو يحكي لنا عن سيرة "محمد بن خوارزم شاه" الذاتية لنجد فيها أمورا عجيبة فعندما تقرأ صفته تجد أنك أمام عظيم من عظماء المسلمين فإذا راجعت حياة الرجل الأخيرة و خاتمته و فراره و هزيمته تبدى غير ذلك..فما السر في حياة هذا الرجل؟!
يقول أبن الأثير وحمه الله في ذكر سيرته:
" وكانت مدة ملكه إحدى و عشرين سنة و شهورا تقريبا و اتسع ملكه و عظم محله و أطاعه العالم بأسره و ملك من حد العراق إلى تركستان و ملك بلاد غزنة (في أفغانستان) و بعض الهند و ملك سجستان و كرمان ( باكستان) و طبرستان و جرجان و بلاد الجبال و خراسان و بعض فارس (و كلها مناطق في إيران..).."
إذن من هذه الفقرة يتضح أنه كان عظيما في ملكه..استقر له الوضع في بلاد واسعة لفترة طويلة.. ومن هنا يظهر حسن إرادته لبلاده حتى إن ابن الأثير يقول في فقرة أخرى:
"و كان صبورا على التعب و إدمان السير غير متنعم ولا مقبل على اللذات إنما همه في الملك و تدبيره و حفظه و حفظ رعاياه.."
و عندما تحدث عن حياته الشخصية العلمية قال:
" وكان فاضلا عالما و كان مكرما للعلماء محبا محسنا إليهم يكثر مجالستهم و مناظرتهم بين يديه و كان معظما لأهل الدين مقبلا متبركا بهم.."
هذا الوصف لمحمد بن خوارزم شاه يمثل لغزا كبيرا للقارئ.. فكيف يكون على هذه الصفة النبيلة ثم تحدث له هذه الهزائم المنكرة؟ و كيف لا يجد جيشا من كل أطراف مملكته الواسعة يصبر على حرب التتار..حتى ينتهي هذه النهاية المؤسفة؟!
و كنت في حيرة من أمري و أنا أحلل موقفه الأثير.. لولا أني وجدت نصا في مكان آخر في ابن الأثير أيضا يفسر كثيرا من الألغاز في حياة هذا الرجل.. وفي تفسير هذه الحقبة من حياة الأمة الإسلامية..
يقول ابن الأثير رحمه الله:
"وكان "محمد بن خوارزم شاه" قد استولى على البلاد و قتل ملوكها و أفناهم و بقي هو وحده سلطان البلاد جميعا فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من يمنعهم ولا من يحميها.."
وفي هذا النص تفسير واضح جلي لمدى المأساة التي كان يعيشها في ذلك الوقت.. لقد كان "محمد بن خوارزم شاه" جيدا في ذاته وفي إدارته لكنه قطع كل العلاقات بينه و بين من حوله من الأقطار الإسلامية.. لم يتعاون معها أبدا بل على العكس قاتلها الواحدة تلو الأخرى.. وكان يقتل ملوك هذه الأقطار و يضمها إلى مملكته ولا شك أن هذا خلف أحقادا كبيرة في قلوب سكان هذه البلاد و هذا ليس من الحكمة في شيء.. انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما كان يفتح البلاد كان يولي زعماء هذه البلاد عليها و يحفظ لهم مكانتهم و يبقي لهم ملكهم فيضمن بذلك ولاءهم و حب الناس له.. فأبقى على حكم البحرين ملكها المندر بن ساوى، و أبقى على حكم عمان ملَكيها: جيفر و عباد..بل و أبقى على اليمن باذان بن سامان الفارسي عندما أسلم و هكذا..
"إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص"
كان هذا هو سر اللغز في حياة قائد عالم فقيه اتسع ملكه و كثرت جيوشه.. ثم مات طريدا شريدا وحيدا في جزيرة نائية في عمق البحر...
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ يقول فيما رواه النسائي و أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه:
"عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية" أي يأكل الغنم القاصية..
ماذا فعل التتار بعد أن هرب منهم "محمد بن خوارزم شاه"؟
ماذا فعلت الفرقة التي تبلغ عشرين ألف فارس فقط.. وقد توغلت في أعماق الدولة الإسلامية؟؟
اجتياح فارس:
كانت المسافة بين الفرقة التترية الصغيرة و بين القوة الرئيسية لجنكيز خان في "سمرقند" تزيد على ستمائة و خمسين كيلومترا.. هذا في الطرق السوية و المستقيمة فإذا أخذت في الاعتبار الطبيعة الجبلية لهذه المنطقة و إذا أخذت في الاعتبار أيضا الأنهار التي تفصل بين "سمرقند" و منطقة بحر قزوين و التي كانت تعتبر من العوائق الطبيعية الصعبة بالإضافة إلى أن التتار ليسوا من سكان هذه المناطق و لا يعرفون مسالكها و دروبها و طرقها الفرعية كل ذلك إلى جانب العداء الشديد الذي يكنه أهل هذه المناطق المنكوبة للتتار..
إذا أخذت كل ما سبق في الاعتبار فإنك تعلم أن جيش التتار أصبح مقطوعا عن مدده في "سمرقند" بصورة كبيرة..و أصبح في موقف حرج لا يحسد عليه بالمرة.. وهو ليس بكبير العدد .. إنما هو عشرون ألفا فقط فإذا أضفت إلى كل الاعتبارات السابقة الكثافة السكانية الإسلامية الهائلة في تلك المناطق أدركت أن فرقى التتار ستهلك لا محالة فلو خرج عليها أهل البلاد – وقد تجاوزوا الملايين بلا مبالغة – فإن التتار لا يقدرون عليهم بأي حال من الأحوال....
كان هذا تحليل الورقة و القلم
فما ذا حدث على أرض الواقع؟؟
لقد شاهدنا أمرا عجيبا مخزيا مشينا....!!
nassima 14
2011-01-26, 01:42
لقد دبت الهزيمة النفسية في قلوب المسلمين و تعلقوا بدنياهم الذليلة تعلقا لا يفهم.. ورضوا أن يبقوا قراهم و مدنهم ينتظرون الموت على أيدي الفرقة التترية الصغيرة....
روى أبو داود عن ثوبان قال: قال رسول الله عليه و سلم: " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال :" بل أنتم يومئذ كثير و لكنكم غثاء كغثاء السيل..ولينزعن الله من صدوركم المهابة منكم و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل يا رسول الله و ما الوهن؟ قال : " حب الدنيا و كراهية الموت" .
لقد سيطر حب الدنيا على القلوب و كره المسلمون الموت في سبيل الله فأصبحوا كالغثاء الذي يحمله السيل..إذا توجه السيل شرقا شرقوا معه و إذا توجه غربا عرّبوا معه لا رأي ولا هدف و لا طموح ، و نزع الله عز وجل مهابة المسلمين من قلوب التتار فما عادوا يكترثون بالأعداد الغفيرة و ألقى في قلوب المسلمين الوهن و الضعف و الخور حتى كانت أقدم المائة من المسلمين لا تقوى على حملهم إذا واجهوا تتريًا واحدا !! ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
ماذا فعلت الفرقة التترية الخاصة؟
لقد عادوا من شاطئ بحر(قزوين) إلى بلاد "مازندران" (في إيران) فملكوها في أسرع وقت مع حصانتها و صعوبة الدخول إليها و امتناع قلاعها و كانت من أشد بلاد المسلمين قوة... حتى إن المسلمين لما ملكوا بلاد الأكاسرة جميعها من العراق إلى أقاصي خراسان أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يستطيعوا أن يدخلوا مازندران ولم تدخل إلا في زمان سليمان بن عبد الملك –رحمه الله- الخليفة الأموي المعروف..ولكن التتار دخلوها بسرعة عجيبة لا لقوتهم ولكن لضعف نفسيات أهلها في ذلك الوقت ولما دخلوها فعلوا ما فعلوه في غيرها، فقتلوا و عذبوا وسبوا و نهبوا و أحرقوا البلاد..
ثم اتجهوا من مازندران إلى الري (مدينة إيرانية كبيرة) و سبحان الله!!
و كأن الله عز وجل قد أراد أن يتم الذلة لمحمد بن خوارزم شاه حتى بعد وفاته فإن التتار وهم في طريقهم من مازندران إلى الري وجدوا في طريقهم والدته و معهم الأموال الغزيرة و الذخائر النفيسة التي لم يسمع بمثلها فأخذوا كل ذلك سبيا و غنيمة و أرسلوه من فورهم إلى جنكيز خان المتركز في "سمرقند" آنذاك...
ثم وصل التتار إلى الري فملكوها و نهبوا و سبوا الحريم و استرقوا الأطفال و فعلوا الأفعال التي لم يسمع بمثلها ثم فعلوا مثل ذلك في المدن و القرى المحيطة حتى دخلوا مدينة قزوين (من المدن الإيرانية أيضا) و اقتتلوا مع أهلها في داخل البلد و قتلوا من هل قزوين المسلمين ما يزيد عن أربعين ألفا..!
ولا حول ولا قوة إلا بالله...!!
اجتياح أذربيجان..
اتجه التتار إلى غرب بحر قزوين حيث إقليم أذربيجان المسلم...
مر التتار في طريقهم على مدينة تبريز (هي كانت مدينة أذربيجان في ذلك الوقت بينما هي الآن من المدن شمال إيران)فقرر زعيم أذربيجان "أوزبك بن البهلوان" –وكان يستقر في مدينة تبريز- أن يصالح التتار على الأموال و الثياب و الدواب ولم يفكر مطلقا في حربهم لأنه كان لا يفيق من شرب الخمر ليلا أو نهارا !! ورضي التتار منه بذلك ولم يدخلوا تبريز لأن الشتاء القارس كان قد حل و تبريز في منطقة باردة جدا فاتجه التتار إلى الساحل الغربي لبحر قزوين و بدءوا في اجتياح الناحية الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال...
اجتياح أرمينيا وجورجيا..
هذان الإقليمان يقعان في غرب و شمال أذربيجان وقد اتجهوا إليهما قبل الانتهاء من مدن أذربيجان لأنهم سمعوا بتجمع قبائل "الكرج" لهم وقبائل وثنية ونصرانية تقطن في منطقة جورجيا الروسية وكان بينهم وبين المسلمين قتال دائم وقد علموا أن الخطر يقترب منهم فتجمعوا في مدينة تفليس (في جورجيا الآن) وحدث هناك قتال طويل بينهم وبين التتار انتهى بانتصار التتار وامتلاك أرمينيا وجورجيا وقتل من الكرج مالا يحصى في هذه الواقعة..
ماذا فعل جنكيز خان في سنة 617 هجرية بعد مطاردة "محمد بن خوارزم شاه؟؟؟
بعد أن اطمأن جنكيز خان إلى هروب "محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد في اتجاه الغرب و انتقاله من مدينة إلى أخرى هربا من الفرقة التترية المطاردة له بدأ جنكيز خان يبسط سيطرته على المناطق المحيطة بسمرقند وعلى الأقاليم الإسلامية الضخمة الواقعة في جنوب "سمرقند" و شمالها...
وجد جنكيز ختن أن أعظم الأقاليم و أقواها في هذه المناطق: إقليم خوارزم و إقليم خراسان...
أما إقليم خوارزم فهو الإقليم الذي كان نواة للدولة الخوارزمية واشتهر بالقلاع الحصينة و الثروة العددية و المهارة القتالية وهو يقع إلى الشمال الغربي من "سمرقند" ويمر به نهر جيحون (وهو الآن في دولتي أوزبكستان و تركمنستان) ولكن جنكيز خان أراد القيام بحرب معنوية تؤثر في نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة فقرر البدء بعمليات إبادة و تدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في الإقليمين الكبيرين خوارزم وخراسان فأخرج جنكيز خان من جيشه ثلاث فرق:
فرقة لتدمير مدينة "ترمذ" (في تركمنستان الآن) وهي مدينة الإمام "الترميذي" صاحب السنن رحمه الله على بعد حوالي مائة كيلومتر جنوب "سمرقند"..
فرقة لتدمير قلعة "كلابة" وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر جيحون..
وقد قامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيز خان فاستولت على كل هذه المناطق و أعلمت فيها القتل و الأسر و السبي و النهب و التخريب و الحرق مثلما اعتاد التتار أن يفعلوا في الأماكن الأخرى ووصلت الرسالة التترية إلى الشعوب المحيطة: إن التتار لا يرتوون إلا بالدماء ولا يسعدون إلا بالخراب و التدمير و أنهم لا يهزمون فعمت الرهبة منهم أرجاء المعمورة ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ولما عادت هذه الجيوش من مهمتها القبيحة بدأ جنكيز خان يعد للمهمة الأقبح بدأ لاجتياح إقليمي خراسان و خوارزم...
اجتياح خراسان:
1-مدينة بلخ وما حولها (شمال أفغانستان الآن):
هذه المدينة تقع جنوب مدينة ترمذ التي دمرها التتار منذ أيام قلائل ولا شك أن أخبار مدينة ترمذ قد وصلت إليهم وكان في قلوب أهل هذه البلدة رعب شديد من التتار فلما وصلت جيوش التتار إليهم طلبوا منهم الأمان وعلى غير عادة التتار فقد قبلوا أن يعطوهم الأمان ولم يتعرضوا لهم بالسلب أو النهب وقد تعجبت من فعل التتار مع أهل بلخ! وتعجبت لماذا لم يقتلوهم الأمان كما هي عادتهم؟! ولكن زال العجب عندما مرت الأيام ووجدت أن جنكيز خان قد عاد إلى بلخ و أمر أهلها أن يأتوا معه ليعاونوه في فتح مدينة مسلمة أخرى هي "مرو" كما سيأتي و الغريب أن أهلها جاءوا معه بالفعل لمحاربة أهل مرو..! و الجميع من المسلمين.. ولكن الهزيمة النفسية الرهيبة التي كان يعاني منها أهل بلخ نتيجة الأعمال البشعة التي تمت في مدينة ترمذ المجاورة لهم جعلتهم ينصاعون لأوامر جنكيز خان حتى وإن كانوا سيقتلون إخوانهم..!! وبذلك يكون جنكيز خان قد وفر قواته لمعارك أخرى وضرب المسلمين بعضهم ببعض..
وإن كنا نذكر ذلك سبيل العجب الآن فقد رأيناه في بقاع كثيرة في العالم الإسلامي وما زلنا نراه فقد استخدم الأمريكان أهل الشمال في أفغانستان (نفس منطقة بلخ) لحرب المسلمين في كابل سنة 2002 ميلادية واستخدم الأمريكان أيضا أكراد الشمال العراقي في حرب بقية العراق ولا حول ولا قوة إلا بالله..
2-اجتياح الطالقان:
اتجهت فرقة من التتار من "سمرقند" إلى منطقة الطالقان (شمال شرق أفغانستان بالقرب من طاجكستان) وقد صعب عليهم فتحها لمناعة حصونها فأرسلوا إلى جنكيز خان فجاء إليها و حاصرها شهورا حتى تم قتحها و قتلوا رجالها وسبوا نساءها و أطفالها و نهبوا أموالها و متاعها كما كانت عادهم...
3-مأساة مرو:
و مرو مدينة كبيرة جدا في ذلك الوقت وتقع الآن في دولة تركمنستان المسلمة على بعد أربعمائة و خمسين كيلومترا تقريبا غرب مدينة بلخ الأفغانية وقد ذهب إليها جيش كبير من التتار على رأسه بعض أولاد جنكيز خان و استعانوا في هذه الموقعة بأهل بلخ المسلمين كما ذكرنا من قليل.. وتحرك الجيش التتري الرهيب الذي لم تذكر الروايات عدده ولكنه كان جيشا هائلا يقدر بمئات الألوف.. هذا غير المسلمين من شمال أفغانستان وعلى أبواب مرو وجد التتار أن المسلمين في مرو قد جمعوا لهم خارج المدينة جيشا يزيد على مائتي ألف رجل وهو جيش كبير جدا بقياسات ذلك الزمان وكانت موقعة رهيبة بين الطرفين على أبواب مرو.. وحدث المأساة العظيمة ودارت الدائرة على المسلمين .
sihem imen
2011-01-26, 11:33
السلام عليكم بارك الله فيكم بحث رائع خاصة عندما أرفقتموه و أثريتموه بالصور جزاكم الله خيرا
أين شمال إفريقيا كل هذا ....
لماذا لا نشيد ببطولات أجدادنا و كفاحهم عبر التاريخ ...
http://img519.imageshack.us/img519/838/df960bc9d81wm2.gif
nassima 14
2011-01-28, 17:44
السلام عليكم بارك الله فيكم بحث رائع خاصة عندما أرفقتموه و أثريتموه بالصور جزاكم الله خيرا
نورتي الموضوع
nassima 14
2011-01-28, 17:48
أين شمال إفريقيا كل هذا ....
لماذا لا نشيد ببطولات أجدادنا و كفاحهم عبر التاريخ ...
السلام عليكم أخي الكريم
و لما لا ربما إذا شاء الرحمن بعد انتهائي من هذا القصة نتعاون أنا و أنت على جمع معلومات حول شمال افريقيا و سرد بطولات أجدادنا
ما رأيك؟
nassima 14
2011-01-28, 17:52
http://img519.imageshack.us/img519/838/df960bc9d81wm2.gif
http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcT6GhoTHDJjyPddDyZLRA3hYgVMvhHBt 3KKqogReljFPovEzQQKXQ
nassima 14
2011-01-28, 18:06
وانطلق التتار يذبحون في الجيش المسلم حتى قتلوا معظمهم و اسروا الباقي ولم يسلم إلا القليل و نهبت الأموال و الأسلحة و الدواب من الجيش.. و يعلق ابن الأثير في أسى و إحباط على هذه الموقعة فيقول: "فلما وصل التتر إليهم التقوا واقتتلوا فصبر المسلمون و أما التتر فلا يعرفون الهزيمة" .
و تخيل جندا يقاتلون عدوهم وهم يعتقدون أن هذا العدو لا يهزم كيف تكون نفسيتهم؟ وكيف تكون معنوياتهم؟
وقعت الهزيمة المرة بالجيش المسلم و فتح الطريق لمدينة مرو ذات الأسوار العظيمة وكان بها من السكان ما يزيد عن سبعمائة ألف مسلم من الرجال و النساء و الأطفال..
وحاصر التتار المدينة الكبيرة وقد دب الرعب في قلوب أهلها بعد أن فني جيشهم أمام عيونهم ولم يفتحوا الأبواب للتتار مدة أربعة أيام وفي اليوم الخامس أرسل قائد جيش التتار (ابن جنكيز خان) رسالة إلى قائد مدينة مرو يقول فيها: "لا تهلك نفسك و أهل البلد و اخرج إلينا نجعلك أمير هذه البلدة و نرحل عنك.."
فصدق أمير البلاد ما قاله زعيم التتر و أوهم نفسه بالتصديق و خرج إلى قائد التتار فاستقبله قائد التتار استقبالا حافلا و احترمه و قربه ثم قال له في خبث: " أخرج لي أصحابك و مقربيك ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا فنعطيه العطايا و نقطع له الإقطاعات و يكون معنا " فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه و كبار وزرائه و جنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيزخان شخصيا .. وخرج الوفد الكبير إلى التتار ولما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم جميعا وقيدوهم بالحبال.."
ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين:
-أما القائمة الأولى: فتضم أسماء كبار التجار و أصحاب الأموال في مدينة مرو..
-و أما القائمة الثانية: فتضم أسماء أصحاب الحرف و الصناع المهرة..ثم أمر ابن جنكيز خان أن يأتي التتار بأهل البلد أجمعين فخرجوا جميعا من البلد حتى لم يبق فيها واحد ثم جاءوا بكرسي من ذهب قعد عليه ابن جنكيز خان ثم أصدر الأوامر الآتية:
الأمر الأول: أن يأتوا بأمير البلاد و بكبار القادة و الرؤساء فيقتلوا جميعا أمام عامة أهل البلد !! وبالفعل جاءوا بالوفد الكبير و بدءوا في قتله واحدا واحدا بالسيف و الناس ينظرون و يبكون..
الأمر الثاني: إخراج أصحاب الحرف و الصناع المهرة و إرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم الصناعية هناك..
الأمر الثاني: إخراج أصحاب الأموال و تعذيبهم حتى يخبروا عن كل أموالهم ففعلوا ذلك ومنهم من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لافتداء نفسه...
الأمر الرابع: دخول المدينة و تفتيش البيوت بحثا عن المال و المتاع النفيس حتى إنهم نبشوا قبر السلطان "سنجر" أملا في وجود أموال أو ذهب معه في قبره..
و استمر هذا البحث ثلاثة أيام..
ثم الأمر الخامس الرهيب: أمر ابن جنكيز خان –لعنه الله ولعن أباه- أن يقتل أهل البلاد أجمعون..!!
وبدأ التتار يقتلون كل سكان مرو .. يقتلون الرجال..والنساء.. و الأطفال..!!
قالوا: إن المدينة عصت علينا وقاومت ومن قاوم فهذا مصيره..
يقول ابن الأثير رحمه الله:" و أمر ابن جنكيزخان بعد أن قتلوا جميعا أن يقوم التتار بإحصاء القتلى فكانوا نحو سبعمائة ألف قتيل فإنا لله و إنا إليه راجعون..!!
قتل من مدينة مرو سبعمائة ألف مسلم و مسلمة وهذا ما لا يتخيل و حقا فإنه لم تمر على البشرية منذ خلق آدم ما يشبه هذه الأفعال من قريب ولا بعيد ولا حول ولا قوة إلا بالله..
وفنيت مدينة مرو واختفى ذكرها من التاريخ..!!
4-اجتياح نيسابور:
و هي مدينة كبيرة أخرى من مدن إقليم خراسان (وهي تقع الآن في الشمال الشرقي لدولة إيران..) واتجه إليها التتار بعد أن تركوا خلفهم مدينة مرو وقد خربت تماما وهناك حاصروا مدينة نيسابور لمدة خمسة أيام ومع أنه كان بالمدينة جمع لا بأس به من الجنود المسلمين إلا أن أخبار مرو كانت قد وصلت إلى نيسابور فدب الرعب و الهلع في أوصال المسلمين و ما استطاعوا أن يقاوموا التتار ودخل التتار المدينة و خرجوا كل أهلها إلى الصحراء وجاء من أخبر ابن جنكيز خان أن بعضا من سكان مدينة مرو قد سلم من القتل و ذلك أنهم ضربوا بالسيف ضربات غير قاتلة و ظنهم التتار قد ماتوا فتركوهم و لذا فقد أمر ابن جنكيز خان في مدينة نيسابور أن يقتل كل رجال البلدة بلا استثناء و أن تقطع رؤوسهم لكي يتأكدوا من قتلهم ثم قام اللعين بسبي كل نساء المسلمين في مدينة نيسابور و أقاموا في المدينة خمسة عشر يوما يفتشون الديار عن الأموال و النفائس ..ثم تركوا نيسابور بعد ذلك أثرا بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
5-اجتياح هراة:
وهي من أحصن البلاد الإسلامية وكانت مدينة كبيرة جدا كذلك و تقع في الشمال الغربي لأفغانستان وتوجه إليها ابن جنكيز خان بقواته البشعة ولم تسلم المدينة من المصير الذي قابلته مدينتا مرو و نيسابور فقتل فيها كل الرجال و سبى كل النساء و خربت المدينة كلها و أحرقت..و إن كان أميرها – وكان يدعى "ملك خان" – قد استطاع الهروب بفرقة من جيشه في اتجاه غزنة في جنوب أفغانستان !!! وهكذا كان الملوك و الرؤساء في ذلك الزمن يوفقون إلى الهروب بينما تسقط شعوبهم في براثن التتار !!
وبسقوط هراة يكون إقليم خراسان قد سقط بكامله في أيدي التتار ولم يبقوا فيه على مدينة واحدة وتمت كل هذه الأحداث في عام واحد وهو العام السابع عشر بعد ستمائة من الهجرة ... وهذا من أعجب الأمور التي مرت بالأرض على الإطلاق..!
اجتياح خوارزم :
و خوارزم هي مركز عائلة خوارزم شاه و بها تجمع ضخم جدا من المسلمين بأسا و قوة وهي تقع الآن على حدود بين أوزبكستان و تركمنستان و تقع مباشرة على نهر جيحون و كانت تمثل للمسلمين قيمة اقتصادية و إستراتيجية و سياسية كبيرة...
و لأهمية هذه البلدة فقد وجه إليها جنكيزخان أعظم جيوشه و أكبرها و قد قام هذا الجيش بحصار المدينة لمدة خمسة أشهر كاملة دون أن يستطيع فتحها فطلبوا المدد من جنكيز خان فأمدهم بخلق كثير وزحفوا على البلد زحفا متتابعا وضغطوا عليه من أكثر من موضع حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار ثم دخلوا إلى المدينة ودار قتال رهيب بين التتار و المسلمين وفني من الفريقين عدد كبير جدا إلا السيطرة الميدانية كانت للتتار ثم تدفقت جموع جديدة من التتار على المدينة و حلت الهزيمة الساحقة بالمسلمين و دار القتل على أشده فيهم وبدأ المسلمون في الهروب و الاختفاء في السراديب و الخنادق و الديار فقام التتار بعمل بشع إذ قاموا بهدم سد ضخم كان مبنيا على نهر جيحون و كان يمنع الماء عن المدينة و بذلك أطلقوا الماء الغزير على خوارزم فأغرق المدينة بكاملها.. ودخل الماء في كل السراديب و الخنادق و الديار و تهدمت ديار المدينة بفعل الطوفان الهائل ولم يسلم من المدينة أحد البتة !!
فمن نجت من القتل قتل تحت الهدم أو أغرق بالماء و أصبحت المدينة العظيمة خرابا و تركها التتار وقد اختفت من على وجه الأرض و أصبح مكانها ماء نهر جيحون ومن مر على المدينة الضخمة بعد ذلك لا يستطيع أن يرى أثرا لحياة سابقة وهذا لم يسمع بمثله في قديم الزمان و حديثه ، اللهم مع حدث مع قوم نوح و نعوذ بالله من الخذلان بعد النصر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
وكانت هذه الأحداث الدامية أيضا في عام 617 من الهجرة...!!
السلام عليكم أخي الكريم
و لما لا ربما إذا شاء الرحمن بعد انتهائي من هذا القصة نتعاون أنا و أنت على جمع معلومات حول شمال افريقيا و سرد بطولات أجدادنا
ما رأيك؟
إن شاء الله ... هاذا مايهما كجزائريين وهذا مايعتبر جزءا من هويتنا ...
كيتكملي إتصلي بي ..
nassima 14
2011-02-01, 23:02
إن شاء الله ... هاذا مايهما كجزائريين وهذا مايعتبر جزءا من هويتنا ...
كيتكملي إتصلي بي ..
شعب الجزائر مسلم و إلى العروبة ينتسب ... وهذه القصة فيها من الأحداث و العبر ما يهمنا.
إن شاء الله
nassima 14
2011-02-01, 23:08
التتار يتوجهون إلى وسط و جنوب أفغانستان:
بتدمير إقليمي خراسان و خوارزم يكون التتار قد سيطروا على الناطق الشمالية و مناطق الوسط من دولة خوارزم الكبرى ووصلوا في تقدمهم إلى الغرب إلى قريب من نهاية هذه الدولة (على حدود العراق) ولكنهم لم يقتربوا بعد من جنوب دولة خوارزم .. و جنوب دولة خوارزم كانت تحت سيطرة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه" وهو ابن الزعيم الخوارزمي الكبير محمد بن خوارزم و الذي فر منذ شهور قليلة أمام التتار .. وهرب إلى جزيرة ببحر قزوين حيث مات هناك...
وجنوب دولة خوارزم كان يشمل وسط وجنوب أفغانستان و باكستان وكان يفصل بينه وبين الهند نهر السند وكان جلال الدين –زعيم الجنوب – يتخذ من مدينة "غزنة" مقرا له (مدينة غزنة في أفغانستان الآن وتقع على بعد حوالي مائة وخمسين كم جنوب مدينة كابول وهي حصينة تقع في وسط جبال باروبا ميزوس الأفغانية)..
ولما انتهى جنكيز خان من أمر الزعيم الرئيسي للبلاد "محمد بن خوارزم شاه" و أسقط دولته بدأ يفكر في غزو وسط أفغانستان و جنوبها لقتال الابن "جلال الدين" فوجه إلى "غزنة" جيشا كثيفا من التتار....
وبالطبع كان جلال الدين قد جاءته أخبار الاجتياح التتري الرهيب لمناطق الشمال و الوسط من الدولة الخوارزمية و بلغه ما حدث لأبيه وكيف مات في جزيرة ببحر قزوين و أصبح هو الآن الزعيم الشرعي للبلاد ومن ثم عظمت مسؤوليته جدا فبدأ يعد العدة لقتال التتار وجمع جيشا كبيرا من بلاده و انضم إليه أحد ملوك الأتراك المسلمين اسمه "سيف الدين بغراق" وكان شجاعا مقداما صاحب رأي ومكيدة في الحروب وكان معه ثلاثون ألف مقاتل ثم انضم إليه أيضا ستون ألفا من الجنود الخوارزمية الذين فروا من المدن المختلفة في وسط و شمال دولة خوارزم بعد سقوطها كما انضم إليه أيضا "ملك خان" أمير مدينة هراة بفرقة من جيشه وذلك بعد أن أسقط جنكيز خان مدينته وبذلك بلغ جيش جلال الدين عددا كبيرا ثم خرج جلال الدين بجيشه إلى منطقة بجوار مدينة غزنة تدعى "بلق" وهي منطقة وعرة وسط الجبال العظيمة و انتظر جيش التتار في هذا المكان الحصين ثم جاء جيش التتار..! دارت بين قوات جلال الدين المتحدة وقوات التتار معركة من أشرس المواقع في هذه المنطقة ... وقاتل المسلمون قتال المستميت.. فهذه أطراف المملكة الخوارزمية ولو حدثت هزيمة فليس بعدها أملاك لها وكان لحمية المسلمين و صعوبة الطبيعة الصخرية و الجبلية للمنطقة و كثرة أعداد المسلمين و شجاعة الفرقة التركية بقيادة سيف الدين بغراق و القيادة الميدانية لجلال الدين.. كان لكل ذلك أثر واضح في ثبات المسلمين أمام جحافل التتار...
و استمرت الموقعة الرهيبة ثلاثة أيام...
ثم أنزل الله عز وجل نصره على المسلمين و انهزم التتار للمرة الأولى في بلاد المسلمين ! وكثر فيهم القتل وفر الباقون منهم إلى ملكهم جنكيز خان و الذي كان في "الطالقان" في شمال شرق أفغانستان...
و ارتفعت معنويات المسلمين جدا فقد وقر في قلوب الكثيرين قبل هذه الموقعة أن التتار لا يهزمون ولكن هاهو اتحاد الجيوش جلال الدين مع بقايا جيوش أبيه محمد بن خوارزم شاه مع الفرقة التركية بقيادة "سيف الدين بغراق" مع "ملك خان" أمير هراة.. و اختار المسلمون مكانا مناسبا و أخذوا بالأسباب المتاحة.. فكان النصر..
و اطمأن جلال الدين إلى جيشه فأرسل إلى جنكيز خان في الطالقان يدعوه إلى قتال جديد و شعر جنكيز خان بالقلق لأول مرة فجهز جيشا أكبر و أرسله مع أحد أبنائه لقتال المسلمين و تجهيز الجيش المسلم و التقى الجيشان في مدينة "كابول" الأفغانية
ومدينة كابول مدينة إسلامية حصينة تحاط من كل جهاتها تقريبا بالجبال فشمالها جبال هندوكوش الشاهقة و غربها جبال باروبا ميزوس و جنوبها و شرقها جبال سليمان ...
ودارت موقعة كابول الكبيرة.. وكان القتال عنيفا جدا أشد ضراوة من موقعة غزنة.. وثبت المسلمون و حققوا نصرا غاليا على التتار بل و أنقذوا عشرات الآلاف من الأسرى المسلمين من يد التتار.
و فوق ارتفاع المعنويات وقتل عدد كبير من جنود التتار و إنقاذ الأسرى المسلمين فقد أخذ المسلمون غنائم كثيرة نفسية من جيش التتار ولكن سبحان الله بدلا من تكون هذه نعمة على جيش المسلمين أصبحت هذه الغنائم نقمة شديدة و هلكة محققة ...!
روى البخاري و مسلم عن عمرو بن رضي الله قال: قال رسول الله عليه و سلم: "..فوالله ما الفقر أخشى عليكم و لكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها و تهلككم كما أهلكتهم.."
لقد كانت قلوب المسلمين في هذه الحقبة من الزمان مريضة بمرض الدنيا العضال إلا ما رحم الله عز وجل لقد كانت حروبهم حروبا مادية قومية.. حروب مصالح و أهواء ولم تكن في سبيل الله... لقد كان انتصارهم مرة و ثانية لحب البقاء و الرغبة في الملك و الخوف من الأسر أو القتل.. فكانت لهم جولة أو جولتان لكن ظهرت خبايا النفوس عند كثرة الأموال و الغنائم...
لقد وقع المسلمون في الفتنة..!!
قام "سيف الدين بغراق" أمير الترك وقام آخر هو "ملك خان" أمير مدينة هراة... قام كل منهما يطلب نصيبه في الغنائم فحدث الاختلاف و ارتفعت الأصوات ثم بعد ذلك ارتفعت السيوف...!
نعم ارتفعت السيوف ليقاتل المسلمون على تقسيم الغنيمة و جيوش التتار مازالت تملأ معظم مدن المسلمين ...!
و سقط من المسلمين قتلى على أيدي المسلمين و كان ممن سقط أخ لسيف الدين بغراق فغضب سيف الدين بغراق و قرر الانسحاب من جيش جلال الدين و معه الثلاثون ألف مقاتل الذين كانوا تحت قيادته ! و حدث ارتباك كبير في جيش المسلمين و حاول جلال الدين أن يحل المشكلة و أسرع إلى سيف الدين بغراق يرجوه أن يعود إلى صف المسلمين فالمسلمون في حاجة إلى كل جندي و إلى كل طاقة و إلى كل رأي فوق أن هذا الانسحاب سيؤثر على معنويات المجموعة الباقية لأن الفرقة التركية كانت من أمهر فرق المسلمين و لكن سيف الدين بغراق أصر على الانسحاب فاستعطفه جلال الدين بكل طريق وسار إليه بنفسه و ذكره بالجهاد و خوفه من الله تعالى ..لكن سيف الدين بغراق لم يتذكر و انسحب فعلا بجيشه!!
و انكسر جيش المسلمين انكسارا هائلا..لقد انكسر ماديا و كذلك معنويا...!
ولم يفلح المسلمون في استثمار النصر الغالي الذي حققوه في غزنة و كابول..!
روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
"إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستحلفكم فيها فينظر كيف تعلمون فاتقوا الدنيا و اتقوا النساء.."
لم يدرك المسلمون في هذه الآونة حقيقة الدنيا و أنها دار استحلاف و اختبار و امتحان و ليست دار قرار و بقاء و خلود نسي المسلمون امتحان ربهم و لم يستعدوا له...
نسي المسلمون التحذير النبوي الخطير "فاتقوا الدنيا.." فسقط المسلمون سقطة هائلة..
و بينما هم كذلك إذ جاء جنكيز خان بنفسه على رأس جيوشه ليرى هذا المسلم الذي انتصر عليه مرتين ودب الرعب و الهلع في جيش المسلمين فقد قلت أعدادهم و تحطمت معنوياتهم ورأى جلال الدين أن جيشه قد ضعف جدا... فماذا فعل؟؟
لقد أخذ جيشه و بدأ يتجه جنوبا للهروب من جيش جنكيز خان أو على الأقل لتجنب الحرب في هذه الظروف..
ولكن جنكيز خان كان مصرا على اللقاء فأسرع خلف جلال الدين...!!
و بدأ جلال الدين يفعل مثل ما فعل أبوه من قبل..! لقد بدأ ينتقل من مدينة إلى مدينة متوجها إلى الجنوب حتى وصل إلى حدود باكستان الآن فاخترقها ثم تعمق أكثر حتى اخترق كل باكستان ووصل إلى نهر السند الذي يفصل في ذلك الوقت بين باكستان و بين الهند فأراد جلال الدين أن يعبر بجيشه نهر السند ليفر من الهند مع أن علاقته مع ملوك الهند المسلمين لم تكن على ما يرام.. ولكنه وجد ذلك أفضل من لقاء جنكيز خان...!
و عند نهر السند فوجئ جلال الدين و جيشه بعدم وجود السفن لنقلهم عبر النهر الواسع إلى الناحية الأخرى فطلبوا سفنا من مكان بعيد و بينما هم ينتظرون السفن إذ طلع عليهم جيش جنكيز خان....!
ولم يكن هناك بد من القتال فنهر السند من خلفهم و جنكيز خان من أمامهم و دارت موقعة رهيبة بكل معاني الكلمة حتى إن المشاهدين لها قالوا : إن كل ما مضى من الحروب كان لعبا بالنسبة إلى هذا القتال و استمر اللقاء الدامي ثلاثة أيام متصلة.. واستحر القتل في الفريقين وكان ممن قتل في صفوف المسلمين الأمير ملك خان و الذي كان قد تصارع من قبل مع سيف الدين بغراق على الغنائم .. وهو لم يظفر من الدنيا بشيء بل ها هي الدنيا قد قتلته ولم يتجاوز لحظة موته بدقيقة واحدة ولكن شتان بين من يموت وهو ناصر للمسلمين بكل طاقته و من يموت وقد تسبب بصراعه في فتنة أدت إلى هزيمة مرة...
وفي اليوم الرابع انفصلت الجيوش لكثرة القتل و بدأ كل طرف يعيد حساباته و يرتب أوراقه و يضمد جراحه و يعد عدته و بينما هم في هذه الهدنة المؤقتة جدا جاءت السفن إلى نهر السند ولم يضيع جلال الدين الوقت في تفكير طويل بل أخذ القرار السريع الحاسم وهو: " الهروب !!...." وقفز الزعيم المسلم إلى السفينة ومعه خاصته و مقربوه و عبروا نهر السند إلى بلاد الهند و تركوا التتار على الناحية الغربية من نهر السند...
ولكن.. هل ترك المسلمون التتار وحدهم في هذه الأرض؟
كلا..! إنما تركوهم مع بلاد المسلمين و مدن المسلمين و قرى المسلمين تركوهم مع المدنيين دون حماية عسكرية و جيوش التتار لا تفرق بين مدني و عسكري بالإضافة إلى الحقد الشديد في قلب جنكيز خان نتيجة كثرة القتلى في التتار في الأيام الأخيرة فانقلب جنكيز خان على بلاد المسلمين يصب عليها جام غضبه.. ويفعل بها ما اعتاد التتار أن يفعلوه و أكثر...
وكانت أشد المدن معاناة هي مدينة غزنة و التي انتصر عندها المسلمون منذ أيام و شهور عندما كانوا متحدين.. دخل جنكيز خان المدينة الكبيرة.. عاصمة جلال الدين بن خوارزم فقتل كل رجالها بلا استثناء وسبى كل الحريم بلا استثناء و أحرق كل الديار بلا استثناء..!!وتركها –كما يقول ابن الأثير- خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس..!
و يجدر بالذكر أن نشير إلى أنه في جملة الذين أمسك بهم جنكيز خان من أهل المدن كان أطفال جلال الدين ابن خوارزم.. وقد أمر جنكيز خان بذبحهم جميعا.. وهكذا ذاق جلال الدين من نفس المرارة التي ذاقها الملايين من شعبه..
روى البيهقي بسند صحيح رواته ثقات إلا أنه من مراسيل أبي قلابة – رحمه الله- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كن كما شئت كما تدين تدان.."
وبذلك حقق جنكيز خان حلما غاليا ما كان يتوقع أن يكون بهذه السهولة و هذا الحلم هو احتلال "أفغانستان...!!"
ولكن.. لماذا يكون احتلال أفغانستان بالتحديد حلما لجنكيز خان أو لغيره من الغزاة؟! لماذا يكون احتلال أفغانستان بالذات خطوة مؤثرة جدا في طريق سقوط الأمة الإسلامية ؟! و لماذا يجب أن يكون سقوط أفغانستان في يد محتل – أيا كان – نذير خطر شديد للأمة بأسرها؟!
الواقع أن سقوط أفغانستان يحمل بين طياته كوارث عدة:
أولا : الطبيعة الجبلية للدولة تجعل غزوها شبه مستحيل و بذلك فهي تمثل حاجزا طبيعيا قويا في وجه الغزاة و هذا الحاجز يخفف الوطأة على البلاد المجاورة لأفغانستان فإن سقطت أفغانستان كان سقوط هذه البلاد المجاورة محتملا جدا و سيكون غزو أو مساوية باكستان و إيران ثم العراق بعد ذلك أسهل جدا...
ثانيا : الموقع الاستراتيجي الهائل لأفغانستان يعطيها أهمية قصوى فهي في موقع متوسط تماما في آسيا و الذي يحتلها سيملك رؤية باتساع 360 درجة على المنطقة بأسرها.. فهو على بعد خطوات من دول في غاية الأهمية... إنه لا يراقب باكستان و إيران فقط و لكنه يراقب أيضا دولا خطيرة مثل روسيا و الهند و فوق ذلك فهو قريب نسبيا من الصين.. وبذلك تصبح السيطرة على كامل آسيا – بعد احتلال أفغانستان – أمرا ممكنا...
ثالثا: الطبيعة الجبلية لأفغانستان أكسبت شعبها صلابة و قوة قد لا تتوفر في غيرها من البلاد فإن سقط هؤلاء فسقوط سيكون أسهل...
رابعا:يتمتع سكان هذا البلد بنزعة إسلامية عالية جدا و بروح جهادية بارزة و ليس من السهل أن يقبلوا الاحتلال و ظهر ذلك واضحا في انتصارهم مرتين على التتار بينما فشلت كل الجيوش الإسلامية في تحقيق مثل هذا النصر ولا شك أن سقوط هؤلاء يعد نجاحا هائلا للقوى المعادية للمسلمين...
خامسا: فوق كل ما سبق فإن الأثر المعنوي السلبي على الأمة الإسلامية و الإيجابي على التتار سوف يكون عاملا شديد التأثير في الأحداث فأنى لأمة محبطة أن تفكر في القيام و أنى لأمة ذاقت طعم النصر الصعب أن تفرط في الانتصارات السهلة ...!! هذا عادة لا يكون...!
وبذلك يكون التتار قد وصلوا من الصين إلى كازاخستان ثم التركمنستان ثم إيران ثم أذربيجان ثم أرمينيا ثم جورجيا وقد اقتربوا جدا من العراق.
كل هذا في سنة واحدة..! في سنة 617 هجرية.. حتى إن ابن الأثير يعلق على هذا فيقول:
" وقد جرى لهؤلاء التتر ما لم يسمع بمثله من قديم الزمان و حديثه فهذه طائفة تخرج من حدود الصين لا تنقضي عليهم سنة حتى يصل بعضهم إلى بلاد أرمينيا و يحاربون العراق من ناحية همذان، و تالله لا أشك أن من يجيء بعدنا – إذا بعد العهد – ويرى هذه الحادثة مسطورة فإنه سينكرها و يستبعدها و الحق بيده فمتى استبعد ذلك فلينظر أنا سطرنا نحن وكل من جمع التاريخ في أزماننا هذه في وقت كل من فيه يعلم هذه الحادثة فقد استوى في معرفتها العالم و الجاهل لشهرتها.."
ثم دخلت سنة 618 هجرية ...
nassima 14
2011-02-06, 18:18
عودة التتار إلى أذربيجان:
عاد التتار إلى إقليم أذربيجان المسلم من جديد و دخلوا مدينة "مراغة" المسلمة ومن عجيب الأمور أن امرأة كانت ترأس هذه المدينة ولا أدري لماذا أعطى المسلمون زمامهم لامرأة و خاصة في هذا التوقيت الحساس ؟؟ إلا إذا كانت البلاد قد عدمت الرجال الذين يصلحون للقيادة...!!
حاصر التتار مراغة و نصبوا حولها المجانيق و أخذوا يضربون المدينة من كل مكان فخرج أهلها للقتال فإذا بالتتار يدفعون بالأسرى المسلمين الذين أتوا بهم من بلاد متعددة ليقاتلوا عنهم و التتار يحتمون بهم و من تأخر من الأسرى عن القتال قتل... فبدأ الأسرى المسلمون يقاتلون إخوانهم المسلمين في مراغة طعما في قليل من الحياة و سبحان الله..! إن كان الموت لا محالة آت فلماذا تقتل إخوانك قبل أن تقتل؟! ولو انقلب الأسرى على التتار حمية لإخوانهم في مراغة لكان في ذلك فرصة النجاة لبعض المسلمين ولكن ضاعت المفاهيم و عميت الأبصار ولا حول ولا قوة إلا بالله..
دخل التتار مدينة مراغة المسلمة في 4 صفر 618 هجرية ووضعوا السيف في أهلها فقتل منهم ما يخرج الحد و الإحصاء و نهبوا كل ما صلح لهم و كل ما استطاعوا حمله أما ما كانوا يعجزون عن حمله فكانوا يحرقونه كله ولقد كانوا يأتون بالحرير الثمين كأمثال التلال فيضرمون فيه النار..!!
و يذكر ابن الأثير –رحمه الله – أن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها ! و ذكر أيضا أنه قد سمع بنفسه من بعض أهل مراغة أن رجلا من التتر دخل دربا فيه مائة رجل مسلم فما زال يقاتلهم واحدا واحدا حتى أفناهم ولم يمد إليه بالسوء..! ضربت الذلة على الناس فلا يدفعون عن أنفسهم قليلا ولا كثيرا و نعوذ بالله من الخذلان..!
التهديد بغزو شمال العراق..
و بدأ التتار يفكرون في غزو مدينة "أربيل" في شمال العراق ودب الرعب في مدينة أربيل و كذلك في مدينة الموصل غرب أربيل و فكر بعض أهلها في الجلاء عنها للهروب من طريق التتار و خشي الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن يعدل التتار عن مدينة أربيل لطبيعتها الجبلية فيتوجهون إلى بغداد بدلا منها فبدأ يفيق من السبات العميق الذي أصابهم في السنوات السابقة و بدأ يستنفر الناس لملاقات التتار في أربيل إذا وصلوا إليها و أعلنت حالة الاستنفار العام في كل المدن العراقية وبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهز...
ترى.. كم من الرجال استطاع الخليفة أن يجمع؟
لقد جمع الخليفة العباسي "الناصر لدين الله" ثمانمائة رجل فقط ! ولا أدري كيف سينصر الخليفة دين الله – كما يوحي بذلك اسمه – بثمانمائة رجل ؟!
أين الجيش القوي ؟! وأين الحماية للخلافة !؟ و أين التربية العسكرية ؟! و أين الروح الجهادية ؟!
لم يكن الناصر لدين الله خليفة، و إنما كان " صورة " خليفة.. أو "شبح" خليفة ....
ولم يستطع قائد الجيش "مظفر الدين " طبعا أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل.. ولكن انسحب بالجيش و مع ذلك – سبحان الله- فقد شعر التتار بأن هذه خدعة و أن هذه مقدمة العسكر، فليس من المعقول أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي فقط ! ولذلك قرروا تجنب المعركة و انسحبوا بجيوشهم..
و انسحاب جيوش التتار يحتاج منا إلى وقفة و تحليل...
فقد كان الرعب يملأ التتار من إمكانيات الخلافة العباسية التي كانت ملء سمع و بصر الدنيا و كانت تزهوا على غيرها من الأمم بتاريخ طويل و أمجاد عظيمة ، ولا شك أن دولة لقيطة مثل دولة التتار ليس لها على وجه الأرض إلا بعض سنوات ستحسب ألف حساب لدولة هائلة يمتد تاريخها إلى أكثر من 500 سنة ولذا فالتتار كانوا يقدرون إمكانيات العراق بأكثر من الحقيقة بكثير ومن ثم فقد آثروا ألا يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر و استبدلوا بذلك في ما يعرف " بحرب الاستتراف" وذلك عن طريق توجيه ضربات خاطفة موجعة للعراق وعن طريق الحصار الطويل المستمر وأيضا عن طريق عقد الأحلاف و الاتفاقيات مع الدول و الإمارات المجاورة لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب...
لذلك فقد انسحب التتار بإرادتهم ليطول بذلك عمر العراق عدة سنوات أخرى...
اجتياح همذان و أردويل:
وهما من مدن ايران حاليا وقد حاصر التتار همذان ثم دار القتال مع أهلها بعد أن انقطع عنهم الطعام ، ووقعت مقتلة عظيمة في الطرفين لكن في النهاية انتصر التتار و اجتاحوا البلد و سفكوا دماء أهلها و أحرقوا ديارها ثم تجاوزوها إلى أردويل فملكوها و قتلوا من فيها و خربوا و أحرقوا...
التتار على أبواب تبريز:
و اتجه التتار إلى تبريز المدينة الإيرانية الكبيرة... وكان التتار قد رضوا سابقا بالمال و ثياب و الدواب من صاحبها الخمور" أوزبك بن البهلوان" ولم يدخلوها لأنهم جاءوا إليها في الشتاء القارس..أما الآن وقد تحسن الجو و صفت السماء فلا مانع من خيانة العهود و نقض المواثيق...
ولكنهم – في طريقهم إلى تبريز- علموا بأمر قد جد على هذه البلدة... لقد رحل عنها صاحبها المخمور أوزبك بن البهلوان و تولى قيادة البلاد رجل جديد هو " شمس الدين الطغرائي" وكان رجلا مجاهدا يفقه دينه و دنياه فقام –رحمه الله- يحمس الناس على الجهاد و إعداد القوة... وقوى قلوبهم على الامتناع و حذرهم عاقبة التخاذل والتواني.. وعلمهم ما عرفوه نظريا و لم يطبقوه عمليا في حياتهم على الإطلاق.. وعلمهم أن الإنسان لا يموت قبل ميعاده أبدا.. و أن رزقه و أجله قد كتبا له قبل أن يولد و أن المسلمين مهما تنازلوا للتتار فلن يتركوهم إلا إذا احتمى المسلمون وراء سيوفهم و دروعهم ... أما بغير قوة فلن يحمى حق على وجه الأرض...
وتحركت الحمية في قلوب أهل تبريز و قاموا قائدهم البار يحصنون بلدهم و يصلحون الأسوار و يوسعون في الخندق و يجهزون السلاح و يضعون المتاريس و يرتبون الصفوف.. لقد تجهز القوم – و للمرة الأولى منذ زمن - للجهاد !!..
و سمع التتار بأمر المدينة و بحالة العصيان المدني فيها و بحالة النفير العام... سمعوا بدعوة الجهاد و التجهز للقتال... وسمع التتار بكل ذلك فماذا فعلوا؟
قد يعتقد بعض القراء أن التتار قد غضبوا و أرعدوا و أزبدوا و غلت الدماء في عروقهم و علت أصواتهم و جمعوا جيوشهم و عزموا على استئصال المدينة المتهورة...
أبدا –اخواني في الله- إن كل ذلك لم يحدث..!
لقد أخذ التتار قرارا عجيبا...!
لقد قرروا عدم التعرض لتبريز و عدم الدخول في قتال مع قوم قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله...! لقد ألقى الله الرعب في قلوب التتار – على كثرتهم – من أهل تبريز – على قلتهم-...
لقد نصر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالرعب مسيرة شهر و كذلك ينصر بالرعب كل من سار على طريقه صلى الله عليه و سلم ...
لقد فعل الجهاد فعله المتوقع..بل إن القوم لم يجاهدوا ولكنهم فقط عقدوا النية الصادقة و أعدوا الإعداد المستطاع فتحقق الوعد الرباني -الذي لا خلاف له- وهو وقع الرهبة في قلوب أعداء الأمة.. وهذا درس لا ينسى...
"و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم و آخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم و ما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفى إليكم و أنتم لا تظلمون..."
فكانت هذه صورة مشرقة في وسط هذا الركام المظلم...
و رحم الله شمس الدين الطغرائي الذي جدد الدين في هذه المدينة المسلمة .. تبريز...
اجتياح بيلقان:
وهي من مدن إيران حاليا و للأسف فإنها لم تفعل مثل فعل تبريز و دخل التتار البلدة في رمضان 618 هجرية ووضعوا فيها السيف فلم يبقوا على صغير ولا كبير ولا امرأة حتى أنهم –كما يقول ابن الأثير- كانوا يشقون بطون الحبالى و يقتلون الأجنة و كانوا يرتكبون الفاحشة مع النساء ثم يقتلونهن ولما فرغوا من البشر في المدينة نهبوا و أحرقوا كعادتهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله...
التتار يقفون على أبواب مدينة كنجة:
وسار التتار إلى مدينة كنجة المسلمة و فعل أهلها مثلما فعل أهل تبريز وجهاد فعل التتار معهم مثل ما فعلوا مع أهل تبريز..
لقد أعلن أهل كنجة الجهاد و أعدوا العدة المستطاعة فما دخل تتري واحد مدينتهم بل تركوها إلى غيرها..
http://www.abuaseel.net/dam3at_7ozn/ekccwarat/gzak.gif
nassima 14
2011-02-07, 23:53
http://www.abuaseel.net/dam3at_7ozn/ekccwarat/gzak.gif
http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQ0dCi1nr_pShXm_IzgjBhOkQyZBljN1 LwzC87bvDg5p4qFzNC2jQ
biologisme
2011-03-30, 15:37
مشكووووووووووووووووووووور
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir