sollo44
2011-01-08, 14:15
- قد تشعر أحيان ا بمرارة و كآبة لا تعلم سببها . تفتش في مرفأ الذاكرة عن لحظات جميلة تطفو فوق السطح . قصاصة ورق تكتب عليها رقم هاتف صديق عزيز، زهرة ربيع جميلة مجففة بإحكام و مخبأة في طيات كتاب لم تطالع فيه منذ شبابك الأول . صورة من صور الصف الابتدائي ، يقف فيها مدرس اللغة العربية على اليمين و في الشمال يقف المدير ببدلته البنية القديمة . و بين المدرس و المدير حفنة من التلاميذ الفقراء مجعدي الشعر ، ملابس رثة و خرق بالية و في وجوههم عيون داهشة جميلة . وجوه ريفية كالحة تخبئ في استدارتها عزم المستقبل و تحدياته . هذه الفتاة الباسمة ،إنها نجية الجميلة و رغم شعرها المنفوش إلا أنها جميلة بحق ، لم يكن أحد ليعلم أنك ستكبرين بسرعة يا نجية ، و لم أكن لأصدق أن أهلك سيرحلون بك بعيدا عني ، صحيح أني لم أبح لك يوما بحبي و لكنه سر دفين آلمني كتمانه ، و في ذلك اليوم تطايرت أسئلة حائرة وسط ساحة المدرسة :
- يا إلاهي إنه شجار !! من الذي يتصارع فوق التراب .
و صاح أحد التلاميذ :
- إنهما مراد و جمال
- يتشاجران من أجل شيء لا نعلمه .
تدخل المدير و ضرب مراد و جمال و قال لمدرس العربية مزهوا و مهدئا :
- شجار أطفال لا غير .
نظرت إليه بعين تود لو تذبحه و قلت في نفسي :
- بل هو غليان الحب يا جاهل !
لا تكوني مثلهم حمقاء يا نجية ، لا تكوني بلا مشاعر فأنا تشاجرت لأجلك و أنا مستعد للموت من أجلك .
كبرت نجية بسرعة و سافر بها أهلها بعيدا حيث لا أعلم .
أما هذا الشاب البسيط ذو السروال الأزرق و النعل البني ذي القاعدة المطاطية فهو أبو العيون الكبيرة و القلب الكبير أيضا ، في الصف الثالث كان يدرس لنا العربية معلم مصري و كان يقول له ممازحا :
- عيونك تفلق الحجر !!
و لكن مراد لم يبد يوما علامة من علامات الانزعاج ، و رغم شجاري معه منذ عام إلا أنني أحبه فهو من كان يساعدني في عمليات الحساب و معه حفظت جدول الضرب باتقان و نكاية فيه أحببت نجية في سر و بإخلاص .
كان مقارنة بي هزيلا ضعيف الجثة . لكنه بسرعة ازداد طولا و مع الامتلاء صار عملاقا . و كان كثير الشجار . يثور لأتفه الأسباب ، صحيح أنه لا يسب و لا يشتم و لكنه يعتمد في إنهاء الشجار على قبضته الحديدية . ذات مرة قتل حمارا بلكمة ،و كاد أن يقتل سفيان عندما وجده يغازل أخته ، لم يتحدث سفيان لخمسة أيام كاملة ، كان فاقدا للوعي و حتى الطبيب نفسه ظن أنه سيموت في غرفة الانعاش و لكن الفتى بأعجوبة نجى ، و قال عندما تكلم :
- أشعر أن قطارا صدمني !!
على ذكر القطار ، تذكرت قطتي المحبوبة ذهبية اللون ، كانت جميلة جذابة ، و كانت تنام متكورة في فراشي ، و رغم شخيرها المزعج إلا أنني كنت أحبها فهي دافئة و حنونة و معتنية بنظافتها لغاية .
و ذات مرة و أنا ألعب الكرة ، مر القطار بسرعة عجيبة ، كنت أستمتع بعد عرباته الواحدة تلوى الاخرى،
تناثرت إثر مروره كتل صغيرة من اللحم و الفراء و عندما تأملتها جيدة كانت الكتل بقايا من جسم قطتي المسكينة !! ....... لا أرغب في التذكر الآن حتى لا أخبركم بأن مراد تزوج من نجية ، فلأعد الصورة لمكانها ، و لأعد الوردة المجففة بين طيات الكتاب كما كانت منذ أربع و عشرين سنة . و لأبحث عن شيء مفيد عدى التذكر ....... لا أدري ، فربما يفيدني النسيان في هذه اللحظة .
- يا إلاهي إنه شجار !! من الذي يتصارع فوق التراب .
و صاح أحد التلاميذ :
- إنهما مراد و جمال
- يتشاجران من أجل شيء لا نعلمه .
تدخل المدير و ضرب مراد و جمال و قال لمدرس العربية مزهوا و مهدئا :
- شجار أطفال لا غير .
نظرت إليه بعين تود لو تذبحه و قلت في نفسي :
- بل هو غليان الحب يا جاهل !
لا تكوني مثلهم حمقاء يا نجية ، لا تكوني بلا مشاعر فأنا تشاجرت لأجلك و أنا مستعد للموت من أجلك .
كبرت نجية بسرعة و سافر بها أهلها بعيدا حيث لا أعلم .
أما هذا الشاب البسيط ذو السروال الأزرق و النعل البني ذي القاعدة المطاطية فهو أبو العيون الكبيرة و القلب الكبير أيضا ، في الصف الثالث كان يدرس لنا العربية معلم مصري و كان يقول له ممازحا :
- عيونك تفلق الحجر !!
و لكن مراد لم يبد يوما علامة من علامات الانزعاج ، و رغم شجاري معه منذ عام إلا أنني أحبه فهو من كان يساعدني في عمليات الحساب و معه حفظت جدول الضرب باتقان و نكاية فيه أحببت نجية في سر و بإخلاص .
كان مقارنة بي هزيلا ضعيف الجثة . لكنه بسرعة ازداد طولا و مع الامتلاء صار عملاقا . و كان كثير الشجار . يثور لأتفه الأسباب ، صحيح أنه لا يسب و لا يشتم و لكنه يعتمد في إنهاء الشجار على قبضته الحديدية . ذات مرة قتل حمارا بلكمة ،و كاد أن يقتل سفيان عندما وجده يغازل أخته ، لم يتحدث سفيان لخمسة أيام كاملة ، كان فاقدا للوعي و حتى الطبيب نفسه ظن أنه سيموت في غرفة الانعاش و لكن الفتى بأعجوبة نجى ، و قال عندما تكلم :
- أشعر أن قطارا صدمني !!
على ذكر القطار ، تذكرت قطتي المحبوبة ذهبية اللون ، كانت جميلة جذابة ، و كانت تنام متكورة في فراشي ، و رغم شخيرها المزعج إلا أنني كنت أحبها فهي دافئة و حنونة و معتنية بنظافتها لغاية .
و ذات مرة و أنا ألعب الكرة ، مر القطار بسرعة عجيبة ، كنت أستمتع بعد عرباته الواحدة تلوى الاخرى،
تناثرت إثر مروره كتل صغيرة من اللحم و الفراء و عندما تأملتها جيدة كانت الكتل بقايا من جسم قطتي المسكينة !! ....... لا أرغب في التذكر الآن حتى لا أخبركم بأن مراد تزوج من نجية ، فلأعد الصورة لمكانها ، و لأعد الوردة المجففة بين طيات الكتاب كما كانت منذ أربع و عشرين سنة . و لأبحث عن شيء مفيد عدى التذكر ....... لا أدري ، فربما يفيدني النسيان في هذه اللحظة .