مشاهدة النسخة كاملة : «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَانْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسمعْ وَأَطِعْ»
أبو عمار
2011-01-07, 11:01
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَانْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسمعْ وَأَطِعْ» رواه مسلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فانَّ الله تعالى أوجب على عباده المؤمنين ان يقدموا أمر الله ورسوله على كل اعتبار، فلا يحق لأحدٍ ان يعقب على حكم الله ورسوله، وﻻ يستدرك أي استدراكٍ قلَّ أو كَثُر.
قال تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ اذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ان يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب]، وقال تعالى: {انَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ اذَا دُعُوا الَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ان يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات].
أخي المسلم، يا من رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، اذا تقرر في قلبك واعتقادك هذه العقيدة فما أنت بفاعل اذا سمعت الله تعالى يناديك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَانْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ الَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ان كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء]؟
اخواني الكرام، يا أهل اﻻسلام والسنة تدبروا هذه الأحاديث النبوية الصحيحة فقد أخرج الامام مسلم في صحيحه حديث (1847) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع واطع».
أقول: فهل بعد هذا البيان بيان؟! فالسمع والطاعة للأمير واجب أوجبه الله ورسوله وليس هذا اﻻمر الواجب في الرخاء دون الشدة وﻻ عند العطاء دون المنع، بل هي طاعة مطلقة ما لم يأمر بمعصية الله، فحينئذ ﻻ طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وهذا النص صحيح وصريح في وجوب السمع والطاعة للأمير وولي اﻻمر، ومثل هذا الحديث حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره اﻻ ان يؤمر بمعصية فلا سمع وﻻ طاعة» [رواه البخاري (13/ 121) ومسلم (3/ 1469).
والمعنى ﻻ يسمع له في تلك المعصية التي أمر بها لكن يسمع له ويطاع فيما سوى ذلك.
وأيضا روى اﻻمام مسلم (3/ 1467) عن أبي هريرة رضي الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك»
ففي هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة في حالة النشاط وحالة الكراهية فيما يشق على النفوس أي في حالتي الرضا والسخط والخير والشر، بل وحتى في حالة اﻻستئثار بأمور الدنيا فتجب لهم الطاعة وان اختص اﻻمراء بالدنيا دون وصول حقوق الرعية لهم.
ﻻ يجوز عصيان الأمير حتى لو كان الدستور يسمح بالعصيان
أخي المسلم السني اعلم- أرشدك الله لهداه- أنه ﻻ يجوز لك عصيان الأمير أو نائبه بحجة ان الدستور يسمح لك بذلك، أو يكفل لك حرية النقد والمحاسبة واﻻستجواب ونحوه، وذلك لأن هذه اﻻفعال وتلك الطريقة مخالفة للنصوص من الكتاب والسنة، اذ كيف تفعل ذلك والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات]، أي تقولوا وتأمروا وﻻ تنهوا وﻻ تحكموا حتى يقول ويأمر وينهى ويحكم الله ورسوله.
فاياك اياك يا عبدالله يا مسلم ان تحادَّ الله ورسوله بحجة ان الدستور كفل لك الحق الفلاني.
يا أهل السُّنَّة خذوا حذركم
سبق ان كتبت مقالاً بعنوان «رويداً رويداً يا أهل السنة» في صفحة «الابانة» بجريدة «الوطن» بتاريخ 2008/11/24، وهو مازال محفوظاً في موقعي على الانترنت، وحذرت فيه أهل السُّنَّة من منابذة ولاة الأمر.لكن للأسف لم يلتفت كثير من أهل السنة الى ما حذرتُ منه حتى اصبحت اليوم الصورة الواقعية أكثر وضوحاً.
لكن ﻻ يعني ذلك أننا نستسلم لهذا الواقع الأليم فلنرجع الى رشدنا ونعتصم بحبل الله جميعا ونقف بجانب ولاة أمورنا ناصحين بالتي هي أحسن والتي هي أقوم، ونجتنب لغة التهديد والوعيد والتشهير ولا نعطي الفرصة لأهل الأهواء والتيارات الفاسدة ليتمكنوا من العباد والبلاد فتحصل الفتن الكبرى التي تشهد بعضها دول مجاورة في المنطقة.
فقه دقيق لشيخنا ابن عثيمين- رحمه الله تعالى
سألت شيخنا محمد بن صالح العثيمين بنفسي السؤال التالي:
ما حكم المظاهرات السلمية التي يسمح بها ولي اﻻمر؟
فأجاب رحمه الله بقوله:
(المظاهرات ﻻ تجوز ولو سمح بها ولي اﻻمر لأنه لا يوجد ولي أمر يسمح ان يعارضه الناس لكن قد يتظاهر أمام الدول المتقدمة أو المتحضرة أنه يسمح بالمعارضة).انتهى.
أقول: فهل يُعقل ان الناس كلهم فهموا ان الأمير ﻻ يرغب باﻻستجواب اﻻ بعض الأعضاء هداهم الله تعالى لرشدهم؟!
أخي القارئ كم يحزنني بل ويؤلمني ان هناك من أهل السنة من يناحرون ولاة الأمر ويشهرون بهم ويتوعدونهم باﻻستجوابات وغيرها!!
أخي القارئ الكريم لم انته بعد ولعلي أتمم بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع المهم.
والله اسأل ان يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخر وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جريدة الوطن (الكويت)
ديسمبر - 2010
منقول
أبو ابتهال
2011-01-07, 12:25
لا اله الا الله محمد رسول الله
*(بحر ثاااائر)*
2011-01-07, 21:30
السلام عليكم،
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا...
شايب الدور بلقاسم
2011-01-07, 21:48
شكرا لك على هذا التنويه
كريم الناس
2011-01-08, 18:20
مصيبة هده الأمةهي افتقادها لعلماء مجددين.فأصابنا ما أصابنا جراء التكلس و الجمود الفكري.أيعقل أ ن نعيش في القرن 15ه بفقه القرن3 أو4 ه؟؟؟؟؟للأسف علماء زماننا علماء اجترار وليسوا علماء اجتهاد.
أبو عمار
2011-01-08, 19:33
مصيبة هده الأمةهي افتقادها لعلماء مجددين.فأصابنا ما أصابنا جراء التكلس و الجمود الفكري.أيعقل أ ن نعيش في القرن 15ه بفقه القرن3 أو4 ه؟؟؟؟؟للأسف علماء زماننا علماء اجترار وليسوا علماء اجتهاد.
غفر الله لك يا أخي .
أذكرك يا أخي بقول الإمام مالك رحمه الله :
" لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها "
من هو صاحب المقال ،فاسمه غير مذكور،يبدو ان صاحب هذا المقال يقصد امير الكويت
لاشك ان حال الامة الاسلامية اليوم بعيد كل البعد عن حالها في العقود الاولى من فجر الاسلام ،فتعدد الاقطار الاسلامية (الدول) اليوم ،وتعدد اولي الامر واختلافهم من قطر لاخر ،وغياب خليفة او امير عام للمسلمين و ظهور الدساتير الوضعية التي اغلبها مستمد من التشريعات الغربية
كلها عوامل تجعل شروط الطاعة لولي الامر في كل شيء منقوصة.
كريم الناس
2011-01-08, 21:27
الأمة الاسلامية لم تعرف مند ميلادها سوى ست ولاة تمت لهم البيعة وحكموا بالعدل وجعلوا الدنيا في أيديهم ولم يجعلوها في قلوبهم :1-سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه2-أبو بكر رضي الله عنه3-عمر بن الخطاب رضي الله عنه4-عثمان بن عفان رضي الله عنه 5-علي رضي الله عنه 6- عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. ولا ولي لأمة الاسلام غيرهم الى اليوم..اما ما عداهم فهم سوى عباد الكرسي و العرش وظفوا الدين لأغراض سياسية . فدع عنك ما يروجون له والا حشرت معهم أخي أبا عمار
أبو عمار
2011-01-08, 22:21
السلام عليكم و رحمة الله
يا أمة محمد .
أنا أقول لكم قال رسول الله ، و أنتم تقولون قال فلان و قال علان
تعلمون قصة ابن عباس رضي الله عنهما مع الرجلين بعد أن حدثهما ابن عباس بحديث لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
فقال أحد الرجلين : و لكن قال أبوبكر كذا ، و قال الآخر قال عمر كذا ....
أتدرون ماذا قال لهم ابن عباس
قال لهم : " توشك أن تقع عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله ، و تقولون قال أبو بكر و قال عمر "
يا أمة محمد
النبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول
«تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَانْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسمعْ وَأَطِعْ» رواه مسلم
ولم يحدد النبي الكريم الزمان و المكان الخاص بالحديث
و بالتالي فهو عام و صالح لكل زمان و مكان
فلما حصر العمل بالحديث بعهد الخلفاء الراشدين ؟؟؟
او بمكان يقام به شرع الله .
و الذي يضرب ظهرك و يأخذ مالك هل هو بر أم فاجر ؟؟؟
و لاتنسوا قول الله تعالى : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " الآية
و الله الهادي إلى سواء السبيل .
nouredinfx
2011-01-08, 23:45
ما جأت به ليس في محله هذي ليست دولة قائمة على الاسلام كل قونينها فرنسية وغربية
وتوجد بها وزارة اسمها وزارة الشؤون الدينية وليس وزارة الشؤون الأسلامية
أبو عمار
2011-01-09, 12:40
ما جأت به ليس في محله هذي ليست دولة قائمة على الاسلام كل قونينها فرنسية وغربية
وتوجد بها وزارة اسمها وزارة الشؤون الدينية وليس وزارة الشؤون الأسلامية
لم أفهم مقصودك !
و لكن أسألك سؤالا و أرجوا منك الإجابة الصريحة بدون لف و لا دوران بارك الله فيك
ماذا تعتقد في حكام هذه الدولة التي تعيش فيها ؟
هل هم مسلمون أم كفار ؟؟
أرجوا أن تكون الإجابة واحدة و مباشرة ، حتى يتضح لي مقصودك .
حسام الدين محمد
2011-01-13, 20:21
كلام سليم وصائب ولا مجال للشك فيه .
ولكن أين كانت هذه الافكار عندما أقيل ولي الأمر - الشاذلي - ومن بعد ه -زروال-؟
أين كانت عند انتفاضة 1988
لماذا لم يوجه الناس حينذاك ؟
ثم هل غابت هذه الأحاديث عن الصحابة رضي الله عنهم ؟
هل نلوم عائشة أم المؤمنين زوجة رسول الله ،و راوية أكثر من ألف حديث شريف،وهل نلوم الزبير وطلحة المبشرين بالجنة ، وقد
ثاروا ضد الخليفة علي رضي الله عنه في موقعة الجمل ؟
هل نلوم معاوية وهو من كتاب الوحي ،وعمرو بن العاص عندما ثاروا ضد الخليفة علي رضي الله عنه؟
هل نلوم الحسين رضي الله عنه سيد أهل الجنة و بن الزهراء عند ما ثار ضد معاوية ؟ وكان معاوية أميرا للمؤمنين أو قل رئيسا أو ... حينذاك
ارجو منك أولا أن لا تغضب ، وثانيا ومن باب النصيحة أن تترك هذا الأمر للعلماء ، فهم أحق الناس بالفتوى .
أبو عمار
2011-04-16, 12:15
ارجو منك أولا أن لا تغضب ، وثانيا ومن باب النصيحة أن تترك هذا الأمر للعلماء ، فهم أحق الناس بالفتوى .
جزاك الله خيرا
و الحمد لله العلماء قد ردوا على كل الشبه التي أدرجتها .
السلام عليكم، سؤالي هذا ليس من باب الجدال العقيم. و انما هو من باب معرفة الحق.
من هم ولاة الأمور الذين تقصد فأنا لم أبايعهم أصلا.
وولي الأمر هو الذي يحكم بما أنزل الله. و هؤلاء يحكمون بالقانون الوضعي.
فأي ولي أمر تقصد؟ و السلام عليكم
التوحيد يا اخون التوحيد وما ملكت ايمانكم
جزاك الله خير الجزاء
أذكرك أخي بارك الله فيك أن الطرقييين أو أهل الزوايا كانوا يستغلون الدين لأجل التدليس على الجزائريين المقهورين المضطهدين وقد نجح العلامة إبن باديس في محاربة أفكارهم
ثم إن المقصود بالحاكم الذي لا يجوز الخروج عليه هو حاكم بأمر الله وإن أخطأ فهذا شأن العباد كلهم
فماذا لو كان الحاكم يحارب الإسلام بتشجيع الدعارة والخمر والرقص والغناء الفاحش
ألسنا مسؤولين أمام الله عن المحافظة على دينه ؟؟؟
أسأل الله أن يثبتنا على دينه
أبو معاذ محمد رضا
2011-04-22, 10:53
الذي أعلمه أن زيادة "وإن أخذ مالك وجلد ظهرك" ضعفها الدارقطني في كتاب التتبع والإلزامات الذي تتبع فيه أحاديث صحيح مسلم.
وقد ضعفها مقبل بن هادي الوادعي
وانظر هذه المادة:
http://www.islamway.com/?article_id=7008&iw_a=view&iw_s=Article
العيشي محمد
2011-04-28, 17:31
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَانْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسمعْ وَأَطِعْ» رواه مسلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فانَّ الله تعالى أوجب على عباده المؤمنين ان يقدموا أمر الله ورسوله على كل اعتبار، فلا يحق لأحدٍ ان يعقب على حكم الله ورسوله، وﻻ يستدرك أي استدراكٍ قلَّ أو كَثُر.
قال تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ اذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ان يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب]، وقال تعالى: {انَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ اذَا دُعُوا الَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ان يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات].
أخي المسلم، يا من رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، اذا تقرر في قلبك واعتقادك هذه العقيدة فما أنت بفاعل اذا سمعت الله تعالى يناديك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَانْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ الَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ان كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء]؟
اخواني الكرام، يا أهل اﻻسلام والسنة تدبروا هذه الأحاديث النبوية الصحيحة فقد أخرج الامام مسلم في صحيحه حديث (1847) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع واطع».
أقول: فهل بعد هذا البيان بيان؟! فالسمع والطاعة للأمير واجب أوجبه الله ورسوله وليس هذا اﻻمر الواجب في الرخاء دون الشدة وﻻ عند العطاء دون المنع، بل هي طاعة مطلقة ما لم يأمر بمعصية الله، فحينئذ ﻻ طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وهذا النص صحيح وصريح في وجوب السمع والطاعة للأمير وولي اﻻمر، ومثل هذا الحديث حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره اﻻ ان يؤمر بمعصية فلا سمع وﻻ طاعة» [رواه البخاري (13/ 121) ومسلم (3/ 1469).
والمعنى ﻻ يسمع له في تلك المعصية التي أمر بها لكن يسمع له ويطاع فيما سوى ذلك.
وأيضا روى اﻻمام مسلم (3/ 1467) عن أبي هريرة رضي الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك»
ففي هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة في حالة النشاط وحالة الكراهية فيما يشق على النفوس أي في حالتي الرضا والسخط والخير والشر، بل وحتى في حالة اﻻستئثار بأمور الدنيا فتجب لهم الطاعة وان اختص اﻻمراء بالدنيا دون وصول حقوق الرعية لهم.
ﻻ يجوز عصيان الأمير حتى لو كان الدستور يسمح بالعصيان
أخي المسلم السني اعلم- أرشدك الله لهداه- أنه ﻻ يجوز لك عصيان الأمير أو نائبه بحجة ان الدستور يسمح لك بذلك، أو يكفل لك حرية النقد والمحاسبة واﻻستجواب ونحوه، وذلك لأن هذه اﻻفعال وتلك الطريقة مخالفة للنصوص من الكتاب والسنة، اذ كيف تفعل ذلك والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات]، أي تقولوا وتأمروا وﻻ تنهوا وﻻ تحكموا حتى يقول ويأمر وينهى ويحكم الله ورسوله.
فاياك اياك يا عبدالله يا مسلم ان تحادَّ الله ورسوله بحجة ان الدستور كفل لك الحق الفلاني.
يا أهل السُّنَّة خذوا حذركم
سبق ان كتبت مقالاً بعنوان «رويداً رويداً يا أهل السنة» في صفحة «الابانة» بجريدة «الوطن» بتاريخ 2008/11/24، وهو مازال محفوظاً في موقعي على الانترنت، وحذرت فيه أهل السُّنَّة من منابذة ولاة الأمر.لكن للأسف لم يلتفت كثير من أهل السنة الى ما حذرتُ منه حتى اصبحت اليوم الصورة الواقعية أكثر وضوحاً.
لكن ﻻ يعني ذلك أننا نستسلم لهذا الواقع الأليم فلنرجع الى رشدنا ونعتصم بحبل الله جميعا ونقف بجانب ولاة أمورنا ناصحين بالتي هي أحسن والتي هي أقوم، ونجتنب لغة التهديد والوعيد والتشهير ولا نعطي الفرصة لأهل الأهواء والتيارات الفاسدة ليتمكنوا من العباد والبلاد فتحصل الفتن الكبرى التي تشهد بعضها دول مجاورة في المنطقة.
فقه دقيق لشيخنا ابن عثيمين- رحمه الله تعالى
سألت شيخنا محمد بن صالح العثيمين بنفسي السؤال التالي:
ما حكم المظاهرات السلمية التي يسمح بها ولي اﻻمر؟
فأجاب رحمه الله بقوله:
(المظاهرات ﻻ تجوز ولو سمح بها ولي اﻻمر لأنه لا يوجد ولي أمر يسمح ان يعارضه الناس لكن قد يتظاهر أمام الدول المتقدمة أو المتحضرة أنه يسمح بالمعارضة).انتهى.
أقول: فهل يُعقل ان الناس كلهم فهموا ان الأمير ﻻ يرغب باﻻستجواب اﻻ بعض الأعضاء هداهم الله تعالى لرشدهم؟!
أخي القارئ كم يحزنني بل ويؤلمني ان هناك من أهل السنة من يناحرون ولاة الأمر ويشهرون بهم ويتوعدونهم باﻻستجوابات وغيرها!!
أخي القارئ الكريم لم انته بعد ولعلي أتمم بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع المهم.
والله اسأل ان يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخر وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جريدة الوطن (الكويت)
ديسمبر - 2010
منقول
للأمير وليس للمير؟؟السراق؟؟
العيشي محمد
2011-04-28, 17:34
ماذا لو كان الامير هو زنقا زنقا؟؟
العيشي محمد
2011-04-28, 17:35
ماذا لو كان الامير هو الوليد بن طلال روتانا روتانا ؟؟؟؟
benzarour
2011-04-28, 19:15
اين تضع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ام انت من الحتمية؟
karim 2020
2011-04-29, 00:00
بسم الله ، والحمد لله و، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}
أما بعد :
" تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ "
لن يكون بياني في رد هذه الشبهة متعلق بالحديث من حيث الحكم عليه صحة وضعفا فقد كفانا أهل الشأن والاختصاص بيان ذلك فمن أراد المزيد عليه أن يبحث عن ذلك
سيقتصر على فقهه باعتبار من ذهب إلى صحته وحقيقة إنزاله على الواقع .
فأقول وبالله التوفيق :
قد أخرج مسلم في صحيحه عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ».
استدل بهذا الحديث على وجوب السمع والطاعة للأمير وعدم الخروج عليه
إن كان ظالما سواءا كان هذا الظلم بالضرب أو بالنهب
ونحن نتوجه بهذه الأسئلة :
1 ــ هل الأمر للصبر ووجوب السمع والطاعة يلزم منه السكوت عن الظلم وعدم إنكار المنكر
أم أن الأمر فيه لمجرد النهي عن الخروج
فإن قالوا إن هذا يلزم منه السكوت عن ظلمه وعدم الإنكار عليه مع الدعوة إلى عدم الخروج عليه
نقول لهم قد خالفتم الآيات الشريفة والأحاديث الصحيحة على وجوب قول الحق
وإنكار المنكر فعن حذيفة (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=21) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"
وعن أبي بكر الصديق (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=1) قال: يا أيها الناس تقرءون هذه الآية"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=72&idto=72&bk_no=43&ID=48#docu#docu) ." وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله تعالى بعذاب منه"
وعن أبي سعيد (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44)" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"
فإن قالوا ينكر عليه ولا يسكت على ظلمه فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من دون الخروج عليه
قلنا لهم إن كان كذلك هل عدم الخروج عليه مطلق أم مقيد ؟؟!!!
فإن قالوا مطلق قلنا لهم دلت النصوص الشرعية على وجوب الخروج على الحاكم إن تبين كفره
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " إلا أن تروا كفرا بواحا فيه عندكم من الله برهان "
فدل هذا على جواز الخروج على الحاكم الكافر، وأن وجوب السمع والطاعة له وعدم الخروج عليه مقيدة بكونه مسلما ومنه يعلم خطأ الاستدلال بهذا الحديث على كل خروج .
ثانيا : قلنا لهم إن لم يتبين لنا كفره واعتقدنا إسلامه هل يجوز الخروج عليه ؟؟!!!
فإن قالوا لا يجوز الخروج عليه " وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ " قلنا لهم
هل منع الخروج عليه والصبر على ظلمه مطلق أم مقيد
فإن قالوا مطلق قلنا لهم إن تعدى الظلم لضرب المسلمين وأخذ أموالهم
والاعتداء على حرماتهم وسفك دمائهم ونهب ثرواتهم وموالاة أعدائهم
ومحاربة أولياء الله ونشر الفساد والرذيلة والترخيص بشرب الخمور
وعدم معاقبة الزناة ولهم الحرية في المعاشرة الجنسية إن كان عن رضا وقبول من الطرفين
وتجويز التعامل ومعاقبة الممتنع عن دفع المال الربوي إن تاب إلى الله وأناب
وإن أصبح الغناء مباح والحجاب ممنوع والصلاة ببطاقة واللحية مهانة ويحرم حتى إنباتها
في بعض الأماكن والمجالات . والزواج من ثانية محرم معاقب عليه من القانون
والزواج المدني مباح في بعض البلدان ، وزواج للشواذ في غيرها من البلاد العربية والإسلامية
والقائمة تطول وفي كل يوم يمر يزداد الظلم وتزداد محاربة الإسلام الخ .
هل تقولون بعدم الخروج عليه ووجوب الصبر على ظلمه من كان هذا حاله ؟؟!!!
فإن قالوا نعم قلنا لهم فأنتم بذلك قد خالفتم أصول وقواعد الإسلام التي جاءت
لحفظ الدين والمال والعرض والعقل والنسب
وخالفتم العقل الذي جاء الإسلام لاحترامه وأنتم تجعلونه يحكم لمصلحة شخص
على حساب دين الأمة وكرامتها وعزتها وسفك دمائها وضياع حقوقها لمصلحة بقائه الظنية
وخالفتم الفطرة السليمة التي ترفض الخنوع والذل والخضوع
ولا نعلم موافق لكم من ديانتكم أو من غير دينكم ولا نعلم دينا على وجه الأرض أو حتى من لا دين لهم يقولون بقولكم
فإن قالوا نخشى من الخروج عليه سفك الدماء وهلاك الناس فزوال الأرض أهون عند الله من سفك دم أمريء مسلم
أولا : قلنا لهم إن المحرم في الشريعة سفك الدماء بغير حق فكان من قتل مسلما فكأنما قتل الناس جميعا ، أما سفك الدم بما يستحق القتل في الشرع جائز لذلك حكم الشرع على الزاني المحصن وقاتل النفس والمرتد بالقتل
ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزانى ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " فليس كل دم يحرم سفكه .
ثانيا :من سفك دم من ؟؟!!! الخطاب هنا لا بد أن يوجه إلى الذي يسفك الدماء ويعتدي عليه
ثالثا : عندما يقتل المسلم دون دينه أو عرضه أو ماله لا يقال له قد سفك دما وإنما يقال نحسبه شهيد لأنه مات دون ذلك وليس هذا من سفك الدم لأنه جهاد في سبيل أمر مشروع وإن قتل هذا المسلم من اعتدى عليه .
فإن قالوا كيف تفهمون قوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قوله : دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ: "فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْبَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَ أَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"." رواه البخاري
قلنا لهم : أن هذا منوط بانقياد الحاكم لكتاب الله كما في حديث يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَدَّتِي تُحَدِّثُ: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَقُولُ: "وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا".
" وأن لا ننازع الأمر أهله " فهذا محمول في أئمة العدل وإن حصل منهم ظلم فيجب السمع والطاعة لهم وعدم الخروج عليهم
فالشرع راع في عدم الخروج على الحاكم وهو يأمرهم بالصبر على ظلمه مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد فلما كان الخروج على الحاكم المسلم من باب المفسدة المحضة للمجتمع من قبل الأفراد أو الجماعات بسبب تعديه على أموال البعض أو ظلمهم أمرهم بالصبر على هذا الظلم
لكن لما يتعدى الظلم للمجتمع بسرقة أموالهم ونهب ثرواتهم وظلمهم بالسجن والقهر والاعتداء على الحرمات والدماء وضياع أحكام الدين وتعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى اعتاد الناس المنكر وسهل أمره عليهم
أصبح جهادهم هو المقدم على الصبر عليهم طالما أن لهم القدرة على الخروج ولأن ببقائهم ضياع الدين والدنيا حفظا لما بقي لهم من دين ودماء وأموال وأعراض .
والخطاب هنا من قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليس موجها لكل الأمة فلم يقل وإن سرق أموالكم ونهب بلادكم وجلد ظهوركم ونشر بيوت الدعارة أو المراقص ورخص في شرب الخمور وعطل الشرع ووالى الكفار واتخذهم أصدقاء .
فمن يقول ذلك فقد كذب على الله ورسوله وتعدى شرع الله وحدوده
ففرق بين الدعوة إلى الصبر على هذا الظلم من أجل حفظ دين الناس ودنياهم وبين الخروج عليه من أجل حفظهما فالأموال لها حرمة والأبدان كذلك ناهيك عن حرمة الدين
فلا يجوز الاعتداء على أي منها سواء كان حاكما أو محكوما
الاستدلال بقوله تعالى : " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
فهم هؤلاء أن تغيير النفس وإصلاحها مقتصر على ذات المرء ولا يلزمه مستوجبات ذلك التغيير إن كان تاركا لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأن تغيير ما بالنفس لا يلزم منه النهوض للوقوف بوجه الظالم، ونصرة المظلوم وترك خذلانه.
فإن ترك المرء للمعاصي والذنوب واستقامته على العبادة من غير تغيير ما بالنفس من تقاعس وخذلان عن نصرة الحق وردع الباطل ، وترك القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كفيل بتغيير المنكر من غير العمل على مباشرة التغيير وإنكاره والأخذ على يد من ارتكبه لتغيير حال الأمة إلى أحسن حال .
لذلك تجدهم يستدلون بهذه الآية على أن زوال الظالم مرهون بتغيير أحوال الناس أنفسهم من غير ذكر واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم ، بل وينكرون على من فعل ذلك
فمنهجهم بالتغيير السكوت عن الظلم ويكفيهم تغيير ما بأنفسهم وإصلاحها وبذلك سيتخلصون من الظلم وأهله ، وسيرزقهم الله الحاكم الصالح ، من غير اعتبار لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم وقول كلمة الحق ، في أهمية التخلص من الظلم ، هكذا يعتقدون !!! .
وبذلك يكون واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقتصر عندهم على التنظير في تدريس
كتب الفقه ، أو تطبيقه على الضعفاء والمساكين من أهل الفسق والمجون إن قام هؤلاء المنظرون بهذا الواجب أصلا . وأما الظلمه فلم يكتفوا بالسكوت عنهم ودعوة الناس على ترك الإنكار لظلمهم بل حابوهم وتزلفوا لهم لذلك كان هؤلاء الدعاة من أسباب هلاك الأمة كما قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد "
ولعمري كيف فهموا واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم الأخذ على يد الظالم
وقد قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده " .
ولعمري كيف لهؤلاء أن يرزقهم الله الحاكم الصالح وهم يدعون الناس للسكوت عن ظلمه، والله يأمرهم بإصلاح أنفسهم حتى يغير حالهم قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"
أوليس الرضا به وعدم الإنكار عليه وعدم الدعوة لنصرته وترك الأخذ على يديه وبيان منكره وعدم التحذير من ضلاله ، من فساد النفوس التي يجب أن تتغير حتى يغير الله حالنا إلى الأفضل.
{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} .
وقد بينت آنفا أن الصبر عليهم كما جاء عن بعض السلف لا منافاة بينه وبين السكوت على باطلهم ولا يلزم منه عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ونهاية ما في الأمر إن كان الحاكم مسلما ولم يكن إماما جائرا لم يصل به الأمر إلى ضياع الإسلام وأحكامه وفساد أهله بنشر الرذيلة بالمجتمع ، والسكوت عن الزناة وشراب الخمور وإفساح المجال لهم بممارسة فواحشهم ، وتشجيع الربا بفتح أبوابه واستغلال المحتاجين ، وسرقة ثروة المسلمين وإهدارها وموالاة أعداء الله وخيانة الله ورسوله والمؤمنين
أن يصبروا على حكمه وجوره إن لم تكن تلك صفاته مع يقاء وجوب الإنكار عليه .
قال صلى الله عليه وسلم : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمنعرف فقد برئ ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا . ما صلوا" .
قال النووي بالمنهاج : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن عرف فقد برئ ) وفي الرواية التي بعدها : ( فمن كره فقد برئ ) فأما رواية من روى ( فمن كره فقد برئ ) فظاهرة ، ومعناه : من كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته ،وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه ، وليبرأ .
وأما من روى ( فمن عرف فقد برئ ) فمعناه - والله أعلم - فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه ، فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيديه أو بلسانه ، فإن عجز فليكرهه بقلبه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولكن من رضي وتابع ) معناه : ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع .وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت .بل إنما يأثم بالرضا به ، أو بألا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه
فكيف وإن كانوا هم أهل المنكر وحماته، وهم من أباحوه، ومن روجوا له ، ودافعوا عنه .
كيف يمكننا فهم هذا وقد أمرنا بنصرة الحق والوقوف بوجه الباطل وقد قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر "
وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَىإِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ ".
فكيف نسكت عن جورهم وفلاح الأمة بالإنكار عليهم وعلى وظلمهم قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ثم لتأخذن على يد الظالم ،ولتأطرنه على الحق أطرا ، ولتقصرنهعلى الحق قصرا ، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ، ثم يلعنكم كمالعنهم "
كيف يأمرننا هؤلاء بذلك وقد قال الله تعالى :
" وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَىالْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
ومما يؤسف له فإن هؤلاء قد اكتفوا بالتنظير وهم يجلسون على كراسيهم في حلق العلم يدرسون كتب الفقه وهم يشرحون وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير الدعوة إلى تطبيقه عمليا بضوابطه وأصوله ،لأن كل تغيير منكر عند هؤلاء مفاسده أعظم من مصالحه ، لذلك تجدهم يكتفون بالتنظير ويهرعون إلى ذكر المفاسد وكأنه لا يوجد من الإنكار إلى المفسدة وبذلك يكونوا قد عطلوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما عطلوا فريضة الجهاد واكتفوا بتدريسها في كتب الفقه فقط
وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما روي عن ابن مسعود قال :" كنا لا نتجاوز العشر آيات حتى نتعلمها فتعلمنا العلم والعمل معا " .
فلا من العمل لتغيير المنكر والدعوة إلى الإصلاح لتغير الحال إلى الأفضل قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للوقوف بوجه الظالم حتى ينتهي ظلمه ولا ينتشر فحشه من أعظم واجبات الشريعة وسبل الصلاح ، والله تعالى يقول : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}
أما أن نسكت عن الظلم ونقبل بالهوان والذل، ونخذل الحق وأهله، ونرضى بالباطل وننصر أهله
في وقت ضاقت حياة الناس وازداد الظلم عليهم، وكثرة أبواب المعاصي والذنوب ، وتسلط القوي على الضعيف ، وسرق الغني الفقير ورضينا بالظالم وظلمه ، وسكتنا خوفا من الإنكار عليه ومنه حتى صرنا في زمان :
...يُقادُ إلى السجنِ من سب الزعيمَ *** ومن سب الإله فإن الناسَ أحرارُ
فلن نتحرر من رق العبودية ، ولا من الظلم ، ولن يخلصنا الله مما ابتلينا به حتى ننصر الحق ونرد الباطل ونقف في وجه الظالم ، حتى يغير الله حالنا إلى أحسن حال
ويرزقنا الحاكم الصالح الذي يقودنا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
ونرفع راية الجهاد في سبيله فمتى نصرنا المظلوم ووقفنا في وجه الظالم استحق العبد نصرة الله له وإعانته
ومتى رضيت الأمة بذلك استحقت الشعوب القهر والإذلال بالحاكم الظالم
ف " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
وعلى هذا يجب أن تفهم هذه الآية ، لا على الخذلان والرضا بالهوان والخنوع ، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسكوت عن الظالم
فلطالما سكتنا عن الباطل وأهله ورقعنا للظالم واعتذرنا له
فلن يتغير حال الأمة إن بقيت على هذا الحال
أبو عمار
2011-04-29, 12:34
]الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب
هذا لا ينكره أحد
و لكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
و كلٌ منا ينهى عن المنكر و يأمر بالمعروف بحسب طاقته و قدرته
لقوله صلى الله عليه و آله و سلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان "
ومن فقه الحديث ـ كما قال أهل العلم ـ أنّ النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف مراتب :
التغيير باليد يكون لمن له القدرة و القوة مع اجتناب المفسدة في ذلك كالحاكم مثلا
التغيير باللسان يكون لمن كان له العلم و الحجة للرد على الشبهات و المنكرات كالعلماء مثلا
و التغيير بالقلب يكون لبقية الناس ، و هذا أضعف الإيمان .[/COLOR]
أما ما نقله المدعو Karim2020
ومما يؤسف له فإن هؤلاء قد اكتفوا بالتنظير وهم يجلسون على كراسيهم في حلق العلم يدرسون كتب الفقه وهم يشرحون وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير الدعوة إلى تطبيقه عمليا بضوابطه وأصوله ،لأن كل تغيير منكر عند هؤلاء مفاسده أعظم من مصالحه ، لذلك تجدهم يكتفون بالتنظير ويهرعون إلى ذكر المفاسد وكأنه لا يوجد من الإنكار إلى المفسدة وبذلك يكونوا قد عطلوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما عطلوا فريضة الجهاد واكتفوا بتدريسها في كتب الفقه فقط
" ستكتب شهادتهم و يسألون " الآية
هؤلاء الذين تقصدهم ، ما ذكرته عنهم كذب
لأنّ ولي أمرهم استجاب لنصيحتهم و أخذ بأقوالهم ، و شكّل هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي لا توجد في أيّ دولة عربية أخرى .
وماذا فعلتم أنتم في النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف ؟؟؟
ها هي المنكرات منتشرة بكثرة ، و لم نرى لكم تدخل ، و لا حتى إشارة عن إنكار ما يحصل في المجتمع
وفقنا الله جميعا للعلم النافع و العمل الصالح .
karim 2020
2011-04-29, 15:47
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
أخي أبو عمار
يحتج بعض المدافعين عن شرعية الحكام بما يصفونه بأنه أدلّة شرعية في طاعة الإمام، ولكن ليس من منهج أهل السنة بتر الأدلّة أو الاحتجاج ببعضها دون بعض بل منهجهم إعمال الأدلة جميعاً والجمع ما بين كل ما صحّ في الكتاب والسنة ثبوتاً ودلالة لدفع التعارض المُتوهّم بين الأدلة ولتجنّب إهمال أي لفظ في القرآن والسنة، فكل ما جاء في القرآن والسنة نحن ملزمون باتباعه والعمل به مع ملاحظة الاستثناءات المتفق عليها بين الأصوليين كالنسخ والتخصيص والتقييد، والذين يحتجون بنصف حديث أو بحديث مع وجود ما يخصّصه أو يقيّده، فهم من جنس الذين يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه والذين يكتمون ما أنزل الله، والذين يحرّفون الكلم عن مواضعه إذا تعمّدوا ذلك، وإذا لم يتعمّدوا فهم جهلة لا يعرفون كيف يعمل بالدليل الشرعي، ولا يجوز الأخذ بأقوالهم ولا بفتاويهم، قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (... ومدار الغلط إنما هوعلى حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت ...) وأضاف قائلا:ً (... فشأن الراسخين في العلم تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضاً كأعضاء الإنسان إذا صور صورة مثمرة ...) ثم قال: (... وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليل ما ـ أي دليل كان ـ عفواً أو أخذاً أولياً ، وإن كان ثم ما يعارضه من كلي أو جزئي، فكان العضو الواحد (أي الدليل الواحد) لا يعطي في مفهوم أحكام الشريعة حكماً حقيقياً فمتبعه متبع المتشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ...)، ثم قال: (... من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها، وبالعمومات من غير تأمل هل لها مخصصات أم لا؟ وكذلك العكس بأن يكون النص مقيداً فيطلق، أو خاصاً فيعمّ بالرأي من غير دليل سواه، فإن هذه المسالك رمي في عماية واتباع الهوى في الدليل ...)(2).
وعملاً بهذا المنهج يمكن استعراض الأدلـــــة الــــواردة في تلك المسألــة والقواعد الشرعية المرتبطة بها:
ففي القرآن يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، ثم يقول سبحانه في العبارة التي تليها "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" (النساء، 59).
وأما الأحاديث فقد جاءت في ثلاث مجموعات، الأولى يفهم من ظاهرها الطاعة المطلقة للحاكم وتحمّل ظلمه وغشمه، والثانية يفهم منها نزع طاعة الحاكم إذا عصى الله، كما يفهم منها الحث على جهاد الأمراء العصاة باليد، والمجموعة الثالثة فيها الأمر بالطاعة بشرط معيّن حدّدته تلك الأحاديث.
فمن المجموعة الأولى ما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”(3)، والحديث المروي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع”(4).
ومن المجموعة الثانية الحديث المروي عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من نبيّ بعثه الله قبلي إلا كان له من أمّته حواريون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل”(5)، قال ابن رجب الحنبلي: (... وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد)(6)، ومنها الحديث المروي عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة، ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، قلت يا رسول الله: إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل؟ لا طاعة لمن عصى الله”(7)، وثبت في الحديث أن عبدالله بن عمرو لبس سلاحه وتهيأ لقتال عامل معاوية الذي أرسله معاوية لأخذ أرضه في الطائف، واحتج عبدالله بن عمرو رضي الله عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قُتل من دون ماله مظلوماً فهو شهيد”(8)، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيكون أمراء من بعدي يأمرون بما تعرفون ويعملون ما تنكرون فليس أولئك عليكم بأئمة”(9).
المجموعة الثالثة من الأحاديث تجمع بين الأمرين فهي تحثّ على الطاعة وتستثني بحد معين، ومنها ما روي عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال: “بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان”، وفي رواية: “وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم”(10). والحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله”(11)، ومنها حديث أم الحصين الأحمسية رضي الله تعالى عنها قالت: “حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع .. إلى أن قالت: ثم سمعته يقول: إن أُمّر عليكم عبد مجدع ـ حسبتها قالت أسود ـ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا”(12)، وفي رواية الترمذي والنسائي سمعته يقول: “يا أيها الناس اتقوا الله وإن أُمّر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله”، والحديث المروي عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين يبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ... الحديث”(13).
فهذه المجموعة حثّت بشكل شديد على الطاعة، ولكن اشترطت لذلك شروطاً لابدّ من تحقيقها جميعاً حتى تكون الطاعة ديناً يُدان الله به، وإذا تأملت طريقة احتجاج المدافعين عن شرعية النظام رأيت فيها المخالفات الشرعية التالية:
أولاً: احتجاجهم بقوله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" (النساء، 59) دون ذكرللعبارة التي تليها، وهذا فيه تجاهل للأمر بالرد لله والرسول عند التنازع والاختلاف، وعن أبي حازم (من أئمة التابعين) أن سليمان بن عبدالملك قال له: ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله "وأولي الأمر منكم" قال أبو حازم: (أليس قد نزعت منكم إذ خالفتم الحق بقوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول")(14) (النساء، 59).
ثانياً: الاحتجاج بالمجموعة الأولى من الأحاديث التي تحث على الطاعة المطلقة للحاكم، ومن المعلوم بالضرورة أن طاعة الحاكم لا يمكن أن تكون مطلقة لا من جهة الأمر المطلوب تنفيذه ولا من جهة المطاع، فقد جاءت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أجمعوا على أن لا طاعة للحاكم الكافر، فلا يجوز الاحتجاج بهذه الأحاديث مع إهمال المجموعة الثانية التي تقيّدها، والتي تدعو إلى نبذ طاعة من عصى الله بل تدعو إلى جهاده باليد كما قال ابن رجب رحمه الله(15).
ثالثاً: الاحتجاج بالمجموعة الثالثة من الأحاديث بشكل مبتور فتراهم يستدلون بحديث عبادة ويتوقفون عند قوله “وألا ننازع الأمر أهله”، ويتجاهلون قوله: “إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان”، ومن المقطوع به أن تبديل الشرائع وسن القوانين المضاهية لشرع الله ومظاهرة المشركين على المسلمين واستحلال الحرام وتحريم الحلال هو من الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان، وأما حديث أنس وحديث أم الحصين فقد ورد فيه الاستثناء الصريح بقوله صلى الله عليه وسلم: “ما أقاموا فيكم كتاب الله”، وإقامة كتاب الله تعني كل ما تقدم من الحكم بما أنزل الله ورفع شعائر الإسلام والتمكين لدين الله وهذا هو شرط القبول بالإمامة، وأما حديث عوف بن مالك فقد ورد فيه الاستثناء بقوله صلى الله عليه وسلم “ما أقاموا فيكم الصلاة”، وإذا أُعملت الأدلة مع بعضها البعض يتبين أن المقصود بقوله “ما أقاموا فيكم الصلاة” يعني ما أقاموا فيكم الدين لأن الصلاة عمود الدين، ولأن الأحاديث الأخرى تفسر ذلك الحديث، وهو الأليق بكلام سيد الفصحاء صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مثل قوله: “الحج عرفة”، مع علمنا بالاضطرار من دين الإسلام ببطلان حج من حضر عرفة ثم انصرف من غير أداء بقية الأركان كطواف الإفاضة مثلاً.
بناء على ذلك تسقط شرعية النظام الذي يظهر فيه الكفر البواح، وكذلك النظام الذي لا يمكّن من إقامة الصلاة، كما تسقط شرعية الحاكم الذي لا يصلي. هذا من جهة إعمال الأدلة جميعاً، أما من جهة استحضار قواعد ومقاصد الشريعة فلا يُعقل أبداً أن يدعو الإسلام لإقامة الإمامة الشرعيــة ويجعــل الحــكم بمــا أنــزل الله ورفع شعائــــر الإســـلام وتمكيــن دين الله في الأرض من أركان الإمامة في الإسلام ثم يعتبر بعد ذلك الـــذي أخـــل بتلك الأركان من أساسها أو عطّلها إماماً شرعياً.
والذين يجادلون في شرعية النظام ويصرون على ذلك رغم كل هذه الأدلة الشرعية والواقعية، فإن كانوا يعتبرون عملهم هذا اجتهاداً شرعياً فأقل ما يطالبون به أن يعتبروا من خالفهم قد اجتهد اجتهاداً شرعياً وليسعهم ما وسع إمام أهل السنة أحمد بن حنبل حيث وقف تجاه الشيخ أحمد بن نصر الخزاعي موقف الرجال فلم ينتقده ولم يشنّع عليه، رغم اختلافه معه في الخروج على الإمام بل أثنى عليه بقوله: (رحمه الله ما أسخاه لقد جاد بنفسه)(16)، هذا مع أن أحمد بن نصر خرج خروجاً مسلحاً ولم يتوقّف فقط عند القول بعدم الشرعية، ومع أن مخالفات الحاكم في ذلك الزمان لم تبلغ عشر معشار نظام الحكم في بلاد الحرمين.
2) الشاطبي، الاعتصام، 1/244-246.
3) رواه مسلم
4) متفق عليه.
5) رواه مسلم .
6) ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، ص304.
7) رواه ابن ماجه، وأخرجه أحمد والطبراني، والبيهقي بألفاظ متقاربة وصحح الحديث كلاً من أحمد شاكر والألباني.
8) رواه مسلم .
9) أخرجه الطبراني بإسناد جيد .
10)الحديث متفق عليه .
11) رواه البخاري .
12) رواه مسلم والترمذي والنسائي.
13) رواه مسلم .
14) انظر البحر المحيط، 39/278.
15) انظر ابن رجب ، جامع العلوم والحكم ، 304.
16) ابن كثير، البداية والنهاية، 10/304.
العيشي محمد
2011-04-29, 21:22
اين تضع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ام انت من الحتمية؟
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟هاههاهاهاهاههاهاهاههاه؟؟؟؟؟لمن؟؟للأمير؟؟
راهم غير يستناوفيك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يأخي هذه الفتاوي راهم جابوها مع العطر والسيواك نتاع الصين من السعودية؟؟؟؟؟
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir