المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلاموفوبيا‏...‏ ظاهرة تحرق أصابع الجميع


oued smar
2010-12-30, 19:44
مما لا شك فيه أن هذه القضية أصبحت هاجسا يشغل بال الكثيرين بعد ان اتخذت أشكالا وتطورات عديدة أخيرا‏.‏ وفي الحقيقة فهي ليست قضية جديدة‏,‏ لكنها بالتأكيد قد طرحت نفسها وبحدة خاصة بعد هجمات‏11‏ سبتمبر‏2001،‏ وهي قضية علاقة الغرب بالعالم الإسلامي.
التعصب والتشدد مفاهيم تحرق الجميع

التعصب والتشدد مفاهيم تحرق الجميع

وما تمخض عنها من مصطلح إسلاموفوبيا أو الخوف المرضي من الإسلام في الغرب‏.‏

ففي الغرب يسألون لماذا يكرهنا المسلمون؟ وفي محاولة الإجابة عن هذا السؤال يقولون إن المسلمين يحقدون علي الغرب بسبب الاستقرار السياسي والتقدم التكنولوجي والاقتصادي اللذين يتمتع بهما‏,‏ وإنهم وقعوا أسري الماضي‏,‏ لذا أخفقوا في تحديث مجتمعاتهم‏,‏ الأمر الذي يزيد من عدائهم للغرب‏.‏
وفي المقابل يحاول بعض المسلمين تفسير العداء الغربي بالقول إن اليهودية العالمية هي التي تحرض الغرب ضدنا‏.‏ وهناك من يري أن الغرب لا يزال صليبيا يحاول تحطيم الإسلام وإذلال المسلمين وربما تنصيرهم‏.‏ وقد يكون هناك شيء من الصحة في كل هذه العناصر‏,‏ ولكنها قاصرة عن تفسير ظاهرة التوتر المتصاعد في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي‏.‏شيوع مصطلح الإسلاموفوبيا هو نتيجة ظاهرة يبحث لها الغرب عن تسمية‏.‏ وترتبط الظاهرة بتزايد وتطور المشاعر السلبية تجاه الإسلام في المجتمعات الغربية مما شكل أسسا لانطلاق بعض السلوكيات الغربية الظالمة ضد المسلمين‏.‏ وظاهرة الإسلاموفوبيا علي المستوي الفكري ترتبط بتصور الإسلام كمجموعة محدودة وجامدة من العقائد التي تحض علي العنف والرجعية والنظرة السلبية للآخر وترفض العقلانية والمنطق وحقوق الإنسان‏,‏ وانطلاقا من الرؤي السابقة يري المصابون بالإسلاموفوبيا أن العداء للإسلام والمسلمين والتحيز ضدهم أمر طبيعي ورد فعل تلقائي علي طبيعة المسلمين الشريرة‏.‏وبالطبع تمثل المعتقدات السابقة أساسا لتصرفات تمييزية ضد المسلمين‏,‏ وقد تأخذ هذه التصرفات صورة المطالبة بخضوع المسلمين لمراقبة متزايدة من قبل السلطات الأمنية‏,‏ وقد تأخذ صورة انتشار لمشاعر سلبية تجاه المسلمين داخل المجتمعات الغربية كرفض العيش بجوار جيران مسلمين ورفض بناء المساجد والمؤسسات المسلمة‏.‏

تحليلات مختلفة
وهناك تحليلات مختلفة لأسباب تزايد هذه الظاهرة الإسلاموفوبيا أخيرا‏,‏ فمنها ما يري أنها انعكاس لمشاعر سلبية عميقة مدفونة في وعي المواطن الغربي ضد الإسلام‏,‏ واخري تري أنها نتاج لبعض الأحداث الدولية التي أثرت بقوة علي العلاقات بين العالم الإسلامي والمجتمعات الغربية خلال السنوات الأخيرة‏,‏ وعلي رأسها هجمات‏11‏ سبتمبر وما تبعها من أحداث عاصفة‏.‏ واظهرت استطلاعات الرأي علي مدي السنوات الأخيرة حجم اتساع الهوة بين الغرب والإسلام‏,‏ فقد كشف تقرير أعده مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية أن حالات التمييز والمضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الولايات المتحدة تزايدت بنسبة‏ %25 في عام‏2006 مقارنة بالعام 2005.‏

وفي التقرير الذي أصدره المركز الأوروبي لمراقبة العنصرية وكراهية الأجانب في ديسمبر‏2006‏ بعنوان التمييز العنصري والتخوف من الإسلام‏,‏ يظهر بوضوح أن هناك تمييزا واضطهادا تجاه المسلمين في أوروبا في مجالات العمل والتعليم والسكن والمعاملة في القضاء العام‏.‏ واتخذ الصدام أشكالا ثقافية أخري أبقت النيران مشتعلة مثل أزمة الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول‏(‏صلي الله عليه وسلم‏),‏ وأزمة تصريحات البابا بنديكت السادس عشر التي وصم فيها الإسلام بالتحريض علي العنف‏,‏ وأزمة منع ارتداء الحجاب في المدارس العامة في فرنسا‏,‏ وتصريحات بعض القيادات الغربية المسيئة إلي المسلمين مثل النائب البرلماني الهولندي جيرت فيلدرز بعد وصفه الإسلام بأنه دين فاشي‏.‏ وكان آخر هذه الصدامات هي المظاهرات التي جرت في نوفمبر الماضي والمطالبة بمنع بناء مسجد في نيويورك في موقع أحداث سبتمبر ثم قصة القس تيري جونز صاحب فكرة حرق نسخ من القرآن الكريم والتي حولته من قس باحث عن الشهرة في كنيسة منعزلة صغيرة لا يتجاوز أتباعها الخمسين فردا إلي بطل إشعال مشاعر العداء والكراهية‏.‏
وعلي جانب المسلمين فإن مشاعر العداء للغرب متنامية أيضا‏,‏ حيث كشف استطلاع مؤسسة بيو جين عام‏2007 عن أكثر الصفات السلبية التي يراها المسلمون في الغربيين كانت أكثر هذه الصفات بالنسبة للأرقام هي العنف‏,‏ و الأنانية‏,‏ و التطرف‏,‏ ففي الأردن رأوا بأن الغرب عنيف‏%18,‏ الغرب أناني‏ %73,‏ متطرف‏%68 ‏ في مصر %75، %36، %61,‏ في نيجيريا‏%64، %56، %49,‏ في تركيا‏ %70، %69، %67, ‏في إندونيسيا‏ %64، %81، %41,‏ في باكستان %49، %54، %24.‏

محاولات غربية
هذا يعني أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تطورت خلال السنوات التسع الأخيرة بسرعة كبيرة‏,‏ حيث تحولت من كتابات وتصريحات إعلامية يطلقها بعض خبراء الإرهاب المتشددين قبل هجمات سبتمبر‏,‏ إلي بعض المصطلحات في خطاب الإدارة الأمريكية وكتابات الأكاديميين بعد هذه الهجمات‏,‏ ثم إلي قضية سياسية في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة‏.‏ والحق يقال أنه وبعد أن أصبحت هذه الأحداث هاجسا يقلق ساسة أوروبا أشد القلق ويدفعهم إلي عقد الاجتماعات حتي علي مستوي القمة من اجل مناقشته والبحث عن أساليب لعلاجه‏,‏ حرصت دول الاتحاد الأوروبي حتي الآن علي البحث عن حلول للمشكلة قائمة علي احترام تعدد الثقافات داخلها وحماية الحقوق الديمقراطية لأبناء المجتمع كلهم والاجتهاد من اجل حماية روح الحضارة الأوروبية من النزعات العنصرية والفاشية التي تغذيها جماعات الكراهية ضد الاجانب والمسلمين‏.‏

واتخذت هذه المحاولات أشكالا متعددة بدءا من الاستنكار ثم اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة للرد علي المتشددين الغربيين وكذلك تنظيم مجموعات حوارية في دول العالم الإسلامي‏.‏

تحمل المسئولية
ولكن يبقي السؤال قائما‏:‏ من يسعي لنشر أبشع الصور عن الإسلام والمسلمين؟ كيف تستطيع الجماعات المتطرفة‏-‏ سواء اليمينة الغربية المتشددة أو الأصولية الإسلامية خاصة المسلحة‏-‏ في توسيع نفوذها؟ طبعا باستغلال الأحداث الدامية التي شهدتها نيويورك ولندن ومدريد‏.‏ فهناك عوامل أخري عديدة تسهم في ذلك من بينها التصرفات المشينة التي تقوم بها بعض الأطراف المسلمة أو الغربية ضد الطرف الآخر‏,‏ وتراث الأفكار النمطية السلبية التي يمتلكها كل طرف عن الآخر‏.‏ ولكن ماذا لو حاسبنا أنفسنا علي هذا الخوف الناتج عن الجهل وعدم بذل المجتمع العربي والإسلامي الجهد الكافي لتوعية المجتمعات الغربية بصورة الإسلام الصحيحة خاصة في ظل تزايد أعداد المسلمين في الدول الغربية‏,‏ ومساعي أبناء المجتمعات الغربية لفهم الإسلام والمسلمين‏,‏ وتنامي قوي العولمة والاتصالات بما يسهل عملية التواصل مع الآخر‏.‏ فمن الخطأ تحميل دول الغرب وحدها مسئولية تزايد حالة الكره قبل أن نسعي فيما بيننا لمعالجة هذه المشاعر والتوصل لأسبابها‏.‏ ومن هنا تظل سبل الحوار الصحيح قائمة كخطوة رئيسية لفتح باب الإفصاح عن المخاوف وتعقبها والقضاء عليها‏.‏ وإذا بادر الغرب في أي وقت من الأوقات بمد يد العون تحت مسمي حرية التعبير أو سماحة الغرب في تقبل مختلف الآراء فإن أهم رسالة يجب ان تصل لهم أن الإسلام هو بالفعل دين السماحة‏.‏
ولذلك فمن من الخطأ التصور أن المسلمين معارضون لحرية الرأي بشكل جوهري‏,‏ فقد أظهرت نتائج استطلاع أعده معهد جالوب‏,‏ أن الغالبية من الذين شاركوا فيه معجبون بما في الغرب من حرية وانفتاح علي الآخر‏.‏لذا فإن عجز الغرب عن التسامح مع الإسلام يتنافي مع المثل الغربية‏,‏ كما أنه قد يصبح خطرا أمنيا بالغا‏,‏ خاصة أن الذين استطلعت آراؤهم أكدوا أن تعزيز العلاقات الإسلامية الغربية يبدأ أولا بإظهار الغرب احتراما أكثر للإسلام‏,‏ ويلي ذلك عدم التدخل في الشئون المحلية للدول الإسلامية ثم تقديم المساعدات له‏.‏