المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منهج العلامة ابن باز رحمه الله في بيان الحق والصواب للمخطئين


أبو صهيب الجزائري
2010-12-24, 10:08
السلام عليكم
منهج العلامة الشيخ بن باز رحمه الله في تصويب المخطا والرد عليه ، هدية مني الى كل الاخوة والأخوات في هذا المنتدى وخاصة قسم العقيدة التي تكثر فيه النقاشات والردود ، فنرجوا أن نستفيد منها ، من أجل رد أحسن ومفيد .
بقلم الدكتور محمد بن إبراهيم أباالخيل
أستاذ مساعد في كلية العلوم العربية والاجتماعية/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم

ليس بغريب أن يبكي المسلمون في الداخل والخارج – بحرقة – شيخنا العلامة أبا عبدالله عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - ، وأن يأسفوا كثيراً لفقده بمظاهر متنوعة ، وأساليب رأيناها وعايشناها منذ أن صك أسماعنا خبر وفاته ، فمحبته قد ضربت بأطنابها في أعماق قلوب الناس لما لمسوه من علمه وإخلاصه وتواضعه وزهده وأعماله الجليلة في أكثر من حقل ومجال ، وقد صدق الشيخ يوسف القرضاوي في قوله :"لا أعرف أحداً يكره الشيح ابن باز من أبناء الإسلام ، إلا أن يكون مدخولاً في دينه ، أو مطعوناً في عقيدته ، أو ملبوساً عليه . فقد كان الرجل من الصادقين الذين يعلمون فيعملون ، ويعملون فيخلصون ، ويخلصون فيصدقون ، أحسبه كذلك والله حسيبه ،ولا أزكيه على الله تعالى ".
قد خلّف ابن باز – رحمه الله – تراثاً علمياً وفكرياً ضخماً ، توزع بين الأسفار المكتوبة والأشرطة المسموعة ، وتركز في العقيدة والفقه والحديث ، وفي أبواب هذه العلوم وجوانبها وزواياها كانت له نظراته المتميزة ، ومناهجه الخاصة ، وخواطره الفياضة ، وتعليقاته القيمة ، وكل هذه يمكن لطلبة العلم إبرازها والاستفادة منها ، وتخصيص دراسات حولها .
إن من الجوانب المهمة التي كانت منذ سنوات تشد انتباهي في محاضرات الشيخ – رحمه الله – وكتاباته أسلوبه المتميز في مناقشة الآخرين وبيان الحق لهم والرد على أخطائهم ، ذلك الأسلوب الذي يفتقده – يا للأسف – العديد من العلماء وطلبة العلم والدعاة في الزمن الغابر والحاضر الذين إذا طالعت كتاباتهم في هذا المضمار ألفيتها تفتقد إلى كثير من أخلاق الإسلام في معاملة الآخرين والحكم عليهم ، وتفتقر إلى أدنى قواعد المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله تعالى والمجادلة بالتي هي أحسن بينما يطمئن القلب ، وتنقاد النفس إلى كتابات هذا الشيخ الجليل (ابن باز ) الذي تمثل آداب الإسلام وهديه فيما يصدر عنه من أقوال ، دع عنك بقية أحواله .
ومن باب النصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولخاصة المسلمين وعامتهم ، وبما أوجبه الله على أهل العلم من قول الحق وعدم كتمانه ، والقيام بالدعوة إلى الله والإرشاد إلى سبيله ، والدفاع عن دينه ، والذب عن حياضه ، قام ابن باز بواجبه المنوط به على مدى عقود من الزمن ، فجاهد بلسانه وقلمه ، فوقف في وجه الدعوات الهدامة والاتجاهات المنحرفة ، وشارك في معالجة كثير من القضايا المستجدة ، وتكلم وكتب موجهاً للجاهلين ، ومصححاً للمخطئين ، ومناقشاً للمجتهدين ، ورداً على المعاندين ، سواء ما كان في الوسائل المسموعة أو المقروءة .
وقد وصل عدد ما طالعته من رسائله ومقالاته التي حررها للتنبيه عن الأخطاء وبيان الحق (الردود) ما يقرب من ثلاثين ، كان معظمها حول ما ورد في صحف ومجلات ، وباقيها القليل حول ما جاء عبر التليفزيون والإذاعة ، وقد كانت نسبة ضئيلة منها رداً على أحد تعرض له ، أما القسم الأكبر فقد أنشأه الشيخ لما يراه واجباً عليه من كشف الباطل وإيضاح الحق ، وتعليم الجاهل ، وتوجيه الغافل ، ورد الشارد إلى الطريق المستقيم .
ومن خلال ما اطلعت عليه من آثار الشيخ في نقد أقوال الآخرين وكتاباتهم رصدت مجموعة من الضوابط والآداب التي كان يلتزم بها ويستند إليها عند عرضه للآراء والأقوال ، ومن ثم مناقشتها والحكم على أصحابها ، وأستطيع أن أجملها في النقاط التالية :

أولاً :
ذكره لصاحب المقال أو البحث أو الكتاب المراد مناقشته باسمه الذي وقع به مقاله أو بحثه أو كتابه ، وذلك من حين أن يبدأ بيان الحق له وحتى النهاية ، كما أنه لا يُغفل لقبه العلمي كالشيخ أو الدكتور ونحوهما ، ثم إنه لا يأخذه الحماس في الرد – كما يفعل بعضهم – إلى تحريف الاسم أو الاكتفاء بجزء منه ازدراءً واحتقاراً ، كما لا تجره حدة المناقشة إلى السخرية من عنوان المقالة أو البحث أو الكتاب ، أو التندر ببعض ألفاظ الكتاب كما يفعل بعض المولعين بالردود على الآخرين وانتقاد كتاباتهم .

ثانياً :
نقله لأقوال المتحدث أو الكاتب بنصوصها الكاملة غير مبتسرة من وسطها أو أطرافها ، ثم مناقشتها مناقشة علمية ، عبارة بعد أخرى ، أو مقطعاً بعد آخر .
ثالثاً:

استخدام الألفاظ الدارجة ، والعبارات السهلة في حواره مع الكاتب أو المتحدث ، بحيث يفهم المقصود من أول وهلة ، فهو يهتم بالمعنى قبل المبنى ، فلا يرص كلمات وعبارات من حوشى الكلام ، فتضيع الفائدة في ركام من الكلمات والعبارات ، وقد يفهم منها خلاف المقصود
رابعاً :

اعتماده في تنبيهاته للمخطئين في كتاباتهم على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقوال السلف والأئمة الأعلام من المتقدمين والمتأخرين ، ويكون نقله نقلاً موثقاً .
خامساً :

الصدع بكلمة الحق وما يراه صواباً دون مماراة أو مداهنة ، ولكن ذلك يكون بأدب جم ، وأسلوب هادي ، وتوجيه حكيم ، وكلمات مهذبة ، وكل كتاباته في هذا الميدان تشهد بما نقول ، ولنأخذ مثلاً واحداً ، فلقد دعا أحد المشايخ – في مقالٍ له – إلى جمع الكلمة بين الفئات الإسلامية ، وتضافر الجهود ضد أعداء الإسلام ، وأن الوقت ليس وقت مهاجمة أتباع المذاهب . فرد الشيخ رحمه الله بقوله :" ولا ريب أنه يجب على المسلمين توحيد صفوفهم ، وجمع كلمتهم على الحق ، وتعاونهم على البر والتقوى ضد أعداء الإسلام كما أمرهم الله سبحانه بذلك عز وجل { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } وحذرهم من التفرق بقوله سبحانه { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } الآية . ولكن لا يلزم من وجوب اتحاد المسلمين وجمع كلمتهم على الحق واعتصامهم بحبل الله ألا ينكروا المنكر على من فعله أو اعتقده من الصوفية وغيرهم ، بل مقتضى الأمر الاعتصام بحبل الله أن يتآمروا بالمعروف ، ويتناهو عن المنكر ، ويبينوا الحق لمن ظنه ، أو ظن ضده صواباً بالأدلة الشرعية حتى يجتمعوا على الحق وينبذوا ما خالفه ، وهذا مقتضى قوله سبحانه { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ، وقوله سبحانه :{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } ، ومتى سكت أهل الحق عن بيان أخطاء المخطئين ، وأغلاط الغالطين لم يحصل منهم ما أمرهم الله به من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومعلوم ما يترتب على ذلك من إثم الساكت عن إنكار المنكر وبقاء الغالط على غلطه ، والمخالف للحق على خطئه ، وذلك خلاف ما شرعه الله سبحانه من النصيحة والتعاون على الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله ولي التوفيق ".

سادساً :
توقيره للعلماء داخل البلاد وخارجها على حد سواء ، واحترامه لآرائهم وفتاويهم ، وإن خالفهم في شيء منها بيِّن رأيه المدعم بالأدلة متجنباً تجهيل الآخر ، أو تسفيه قوله ، بل تراه يدعو لنفسه أولاً وللقائل ثانياً بالتوفيق لإصابة الحق ، فمثلاً أفتى أحد العلماء المعاصرين بأن اللحوم المستوردة من أهل الكتاب مما يذكر بالصعق الكهربائي ونحوه حلال لنا ما داموا يعتبرونها حلالاً . فرد عليه – رحمه الله – بقوله:" أقول هذه الفتوى فيها تفصيل " ثم راح يفصل ما يحل منها للمسلمين وما يحرم ، ثم قال :" وبما ذكر يتضح ما في جواب الشيخ ...(1). وفقه الله من الإجمال " ثم أكمل بقية بيانه ، ثم قال :" ولواجب النصح والبيان والتعاون على البر والتقوى جرى تحريره ". وبعدها ختم كلمته بالدعاء بقوله : " وأسأل الله أن يوفقنا وفضيلة الشيخ ... وسائر المسلمين لإصابة الحق في القول والعمل إنه خير مسئول ...".
سابعاً :

إنصاف الشيح – رحمه الله – للمخالف ، فلا يُغفل ما احتواه مقاله من حق وصواب ، وإن كان الغرض الأساس من تناول ذلك المقال استدراك ما فيه من أخطاء ، فعلى سبيل المثال اطلع على بحث يحلل فيه صاحبه المعاملات الربوية المصرفية ، ويقول في مطلعه :" يمكن القول إنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية ، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ، ولن تكون هناك بنوك بدون فوائد ". فرد سماحته :" يمكن تسليم المقدمة الأولى ، لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم ، وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم ، وأخذ الحذر من مكائده " ثم أخذ يشرح الوسائل الكفيلة بتكوين قوة اقتصادية للمسلمين ، ثم قال :" وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ، ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد ، فهما مقدمتان باطلتان " ثم شرع بشرح بطلانهما ، فبين أن الأدلة الشرعية ، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين ، حيث استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية بدون بنوك وبدون فوائد ربوية .
ثامناً :

كان رحمه الله تعالى يناقش النص الذي أمامه ، ويتجنب الحكم على النيات وما يدور في القلوب مما لا يعلمه إلا علام الغيوب ، ويعرض عن حشد الأخطاء الموجودة في ذلك المقال أو البحث لتكون مقدمات ومعطيات لإصدار حكم معين على القائل ناهيك عن عودته إلى كتابات سالفة للمخالف بغرض تصديق حكمه عليه كما يفعل بعض الناس ، فمنهجه أخذ كلام القائل على الظاهر ، وحمله على أجمل المحامل ، والتماس العذر للبعض أحياناً ، فمن الأمثلة على ذلك أنه عندما أعلن أحد المشايخ إنكاره لتلبس الجني بالإنسي ، واستحالة مخاطبة الجن للإنس ، وأبدى استعداده للتراجع عن قوله هذا إن أُثبت له خلافه . رد عليه سماحة الشيخ ، وأثبت له بالأدلة النقلية والعقلية تلبس الجن بالإنس وجواز مخاطبة الجني للإنسي ، ثم عقب بقوله :" وقد وعد في كلمته أن يرجع إلى الحق متى أرشد إليه ، فلعله يرجع إلى الصواب بعد قراءته ما ذكرنا ، نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق ". ولما نشرت بعض الصحف مقالات حول إحياء الآثار والاهتمام بها ، وتصدى لها سماحة الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله وكتب أحدهم بعده مقالاً في الموضوع نفسه أنشأ ابن باز جواباً رد فيه على صاحب المقال الأخير ، وحمله على الظاهر وظن به الظن الحسن ، فكان من كلامه بعد ذكره رد ابن حميد على المقالات قوله :" ولكن الأستاذ ... هداه الله وألهمه رشده لم يقتنع بهذا الرد ، أو لم يطلع عليه فكتب مقالاً في الموضوع ". وحين كتب أحد الصحفيين العرب مقالاً يدعو فيه إلى الاهتمام بما في المدينة المنورة من آثار وقبور ، لا سيما قبور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وعماته ، ثم اقتراحه على إدارة الأوقاف وضع لوحات يكتب فيه أسم صاحب القبر ، ويحاط بشبك من حديد . رد عليه سماحته وحمله على الخير ، وعذره بعدم علمه ، فكان مما قاله بعد أن وضح له الحق :" قد يكون هذا الاقتراح من الكاتب عن حسن نية ومقصد صالح ، ولكن الآراء والاستحسانات لا ينبغي للمؤمن الاعتماد عليها حتى يعرضها على الميزان العادل الذي يميز طيبها من خبثها ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولعل الكاتب حين كتب هذه الكلمة من أولها إلى آخرها لم يكن عنده علم بما جاءت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول القبور ، فلذلك وقعت منه الأخطاء السالفة ، ووقع منه هذا الخطأ الأخير وهو اقتراحه على إدارة الأوقاف ما تقدم ذكره ....".
تاسعاً :

حسب ما اطلعنا عليه من كتابات وأقوال في ردوده على المخطئين ومخاطبته للمخالفين لا نرمق فيها كلمة تحامل أو تجريح ، أو لمز بعيب ، أو زن بريبة ، أو رمي ببدعة ، أو عبارات تهجم أو تشفٍ حتى من الذين أخطاءوا في حقه أو سخروا منه أو كذبوا عليه ، فحينما سخر منه أحدهم لكون سماحته استمع إلى جني متلبس بامرأة ، وأن هذا الجني أسلم في مجلسه ، ذكر هذا الساخر باسمه ولقبه العلمي المعروف فقال :" فقد بلغني عن فضيلة الشيخ ... أنه أنكر مثل حدوث هذا الأمر " وكلما أورد اسمه قدم له بـ( فضيلة الشيخ ) ، وفي أثناء الرد عليه كان لا يكف عن الدعاء له بالهداية والتوفيق . ومثال آخر كان أحد الكتاب خارج المملكة تكلم على لسانه بأن أي فتوى تصدر منه يجب أن تكون ممهورة بخاتمة ومصدقة من وزارة الأوقاف الإسلامية ، ثم نسب إليه كلاماً عن حلق اللحية . فرد عليه سماحته ، فكان من رده بعد الحمدلة والتصلية قوله : " فقد اطلعت على ما نشر في جريدة .... لكاتبه .... وقد نسب إلي هداه الله كلاماً " – لاحظ الدعاء له بالهداية –ثم ذكر ذلك الكلام ، وبعد عقب بقوله : " وهذا الكلام ظاهر البطلان " ثم أخذ يبين له الحق ثم نصحه بالتقوى والحذر من سوء الظن بالمسلمين . ومثال ثالث افترت عليه إذاعة لندن – ذات مرة – الفتوى بأن الاحتفال بالموالد كفر ، فوضح كذبها وتحريفها للفتوى التي قال فيها بأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ، ونشرت في الصحف والإذاعة ، ثم لم يزد رحمه الله عن قوله بأن ما ذكرته إذاعة لندن " كذب لا أساس له من الصحة ، وكل من يطلع على مقالي يعرف ذلك ،وإني لآسف كثيراً لإذاعة عالمية يحترمها الكثير من الناس ، ثم تقدم هي أو مراسلوها على الكذب الصريح ".

عاشراً :

يلاحظ أثناء توضيحه الحق لأحد من العلماء أو من دونهم دعاءه له بين آونة وأخرى بالهداية والتوفيق والرشاد والمغفرة ونحو ذلك ، وتشعر من كلمات الدعاء وصيغته والمواضع التي يدعو بها للمخالف أو المخطئ بأنه دعاء مخلص صادق ، يخرج من سويداء القلب ، وليس دعاءً عابراً ، أو دعاء له في موضع ودعاء عليه في موضع آخر كما تراه عند البعض ، فكان من الصيغ التي يستخدمها في الدعاء لمن يكتب له ، أو يرد عليه قوله "هداه الله"،"هداه الله وألهمه التوفيق"،"هداه الله وألهمه رشده"،"سامحه الله". وأحياناً يشرك نفسه في الدعاء ، فيقول :"عفا الله عنا وعنه"،"نسأل الله لنا وله التوفيق". وإذا كان القائل أو الكاتب قد نادى في مقاله بأمر خطير يُحلل حراماً ، أو يصادم حكماً من أحكام الإسلام فإنه ينصحه بالإنابة إلى الله تعالى والرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل . فمثلاً – ختم رده الطويل على من أباح الغناء بالنصيحة ، فقال :" ونصيحتي لـ ... وغيره من المشغوفين بالغناء والمعازف أن يراقبوا الله ويتوبوا إليه ، وأن ينيبوا إلى الحق ، لأن الرجوع إلى الحق فضيلة ،والتمادي في الباطل رذيلة ...". أما الكاتب الذي زعم حل المعاملات الربوية المصرفية فسأل الله له أن يوفقه " للرجوع إلى الحق ، والتوبة مما صدر منه ، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله أن يتوب عليه كما قال عز وجل :{ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }". وحين نادى مدير إحدى الجامعات العربية بالتعليم المختلط بين الجنسين ، وزعم أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة . رد عليه الشيخ رحمه الله ، وكان يدعو له خلال مناقشته لأقواله بمثل "هداه الله ، وأصلح قلبه ، وفقهه في دينه"، ثم ختم الرد بالنصيحة له فقال :" ونصيحتي لمدير جامعة ... أن يتقي الله عز وجل ، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل إلى تحري طالب العلم للحق والإنصاف ...".

حادي عشر :

رغم ما بلغه من مقام علمي ومنزلة اجتماعية فإنك لا تخال في كتاباته في هذا الميدان أي كلمة أو عبارة يفهم منها تعالمه عن من هم دونه ، أو تعاليه على غيره ، والناظر في ردوده على الآخرين يدرك ذلك تماماً ، ولعل أصدق الأدلة على ما نحن بصدده كونه يخاطب بعض الصحفيين أو الكتاب المغمورين بـ"الأستاذ" أو "الأخ" أو "أخانا" ونحو ذلك .

ثاني عشر :

مع أن كل رسالة أو مقالة كتبها في هذا الفن كانت في الأصل لبيان الحق لقائل أو كاتب بعينه ، فتراه يناقش عباراته مناقشة وافية إلا أن هدفه – رحمه الله – كان أسمى من الرد على فلان أو علان ، إذ تلاحظ حرصه أثناء ذلك على توجيه الناس للعلم الشرعي والتمسك بالعقيدة الصحيحة ، ودعوتهم إلى الخير وطرقه ، وتحذيرهم من الشر وأساليبه ، وتذكريهم بمكر الأعداء وحيلهم ، وتقديم النصح للإعلاميين ومن على شاكلتهم ، ودعوة الحاكم والرؤساء لتحكيم الإسلام في بلدانهم ، وسنكتفي هنا بذكر بعض نصائحه للإعلاميين التي ضمنها في ردوده على بعض الكتاب ، فمنها قوله – بعد أن نبه على مزالق وقعت بها إحدى الكاتبات :" فيجب أن ننزه أقلامنا من الوقوع في مثل هذه المزالق امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم كمالاً للتوحيد وابتعاداً عما ينافيه أو ينافي كماله ، ووسائل الإعلام – كما هو معروف – واسعة الانتشار ، وعظيمة التأثير على الناس ، وكثرة ترديدها لمثل هذه الكلمات ينشرها بين الناس ، ويجعلهم يتساهلون في استعمالها ، وخاصة النشء مع ما في استعمالها من المحذور "وقال عقب تعليقه على قصيدة نشرتها إحدى الصحف وتضمنت مخالفات عقدية ، قال :" والواجب على جميع القائمين على الصحف من أهل الإسلام ألا ينشروا ما يخالف شرع الله عز وجل ، وأن يتحروا فيما ينشرونه ما ينفع الأمة ولا يضرهم في دينهم ودنياهم ، وأعظم ذلك خطراً ما يوقع في الشرك وأنواع الكفر والضلال ..." . وحينما كتب أحدهم مقالاًُ ينتقد فيه تصرفات بعض أهل الحسبة وجهه بقوله :" وكان الواجب على الكاتب حين بلغه عنهم ما يعتقده خلاف الشرع أن يتصل بأعيانهم مشافهة أو كتابة ، ويناصحهم فيما أخذ عليهم أو يتصل بسماحة المفتي أو رئيس الهيئات ، ويبدي ما لديه حول الإخوان من النقد حتى يوجههم المشايخ إلى الطريق السوي . أما أن يكتب في صحيفة سيارة ما يتضمن التشنيع عليهم ، والحط من شأنهم ، ووصفهم بما هم براء منه فهذا لا يجوز من مؤمن يخاف الله ويتقيه ، لما في ذلك من كسر شوكة الحق والتثبيط عن الدعوة إليه ، والتلبيس على القراء ، ومساعدة السفهاء والفساق على باطلهم ، وعلى النيل من دعاة الحق ...".
وهكذا من خلال النقاط السابقة تبين لنا الأصول والضوابط التي كان يسير عليها الشيخ في تعامله مع المخطئين ، ومناقشته للمخالفين وحواره مع المجتهدين . وقد توصلنا إليها بعد استقراء وتأمل لما وقع تحت اليد من آثار له في هذا المجال ، واللافت للنظر أن هذا المنهج بأصوله وضوابطه يكاد يكون ثابتاً عنده سواء ما أملاه قديماً ، أو ما صدر عنه في السنوات الأخيرة ، فلم يزحزحه عنه تشنج كاتب أو تحامله ، ولا عناد مخالف أو تعصبه . كما لم يؤثر عليه فيه تقلب الأحوال ، ولا تبدل الوجوه ، فيا ترى ما الذي أكسب الشيخ – رحمه الله – ذلك المنهج ؟ إن الإجابة على مثل هذا السؤال تفيدنا في اقتفاء أثره ، وترسم خطاه لا نتهاج منهجه ، فهي تتعلق بعلم من الأعلام الذي عاش بيننا عمراً مديداً يُعلم ويُناصح ويدعو ويُدافع ، فكان له حضوره المؤثر سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ، وليس فقط في الداخل وإنما تعدى أثره إلى الخارج .
على ضوء ما قرأته وعرفته من حياة الشيخ – رحمه الله – ومآثره وآثاره ، أستطيع أن أرد تملكه ذلك المنهج إلى عدة أمور توفرت له ، وتميزت بها شخصيته ، منها تعمقه بالعقيدة السلفية الصحيحة ، فالعقيدة المستمدة من الكتاب وصحيح السنة كانت أحب العلوم إليه – كما نقل على لسانه - ، فصار مرجع الجميع في الدقيق منها والجليل ، ولا ريب أن التعمق بالعقيدة السلفية زوده بمنهج أصيل في التعليم والكتابة والتعامل وغيرها ، وعصمه – بعد الله تعالى- من التقلب حسب ما يطرأ من ظروف . ومن الأمور التي توفرت له –أيضاً- علمه الواسع بالسنة المطهرة من حيث المتون وما يرتبط بها من علوم حتى أصبح حكمه على الحديث بالصحة والضعف محل اعتبار واحترام ، فاستفاد من هذا العلم فكرياً وكذلك علمياً إذ طبقه على نفسه ، والذين جالسوه وعاشروه يدركون ذلك . وقد سئل مرة ما الشخص الذي تأثرت به فأصبحت بهذه الرحابة من سعة الصدر والصبر في حل مشاكل الناس والتعامل معهم؟ . فأجاب": الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، فهو قدوتنا ، وهو الأساس في هذا ، فكان تحمله كبيراً ، فربما جره الأعرابي من ردائه حتى يؤثر في رقبته ، فيحنو عليه النبي عليه الصلاة والسلام ويضحك ويجيب له طلبه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحمل أهل البادية والحاضرة فهو أسوة لجميع أهل العلم والمسلمين ثم أصحابه كان لديهم من الحلم والصبر الكثير أيضاً ، كالصديق وعلي وطلحة وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمر لديه بعض الحدة لكنه كان أَخْيَر الناس وأصدقهم وأكملهم إيماناً ". وكل مطلع على أقوال ابن باز وكتاباته في تبيين الحق للمخطئين لن يجد شيئاً أسهل من الوقوف في ثناياها على تطبيقه – رحمه الله – للهدي النبوي ، كحسن الظن بالمخطئ وأخذه على ظاهره ، واحترام شخصه ، وعدم الهزء به ، وحب الخير له ، ونحوه مما عرضنا له إجمالاً في معالم منهجه .
ومن الأشياء التي أراها أكسبته ذلك المنهج المتميز هو اختلاطه بالناس على مختلف طبقاتهم ، كبيرهم وصغيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، حاكمهم ومحكومهم ، فصارت لديه معرفة في نفسيات الناس ، وكيفية مخاطبتهم والتأثير فيهم ، والأساليب المثلى في توجيههم إلى الخير ، وهدايتهم للطريق القويم .
ولا شك أن معايشته للعديد من التقلبات السياسية والفكرية والاجتماعية التي مرت على العالمين العربي والإسلامي إبان القرن الرابع عشر الهجري وشطر من الخامس عشر – ذات أثر في تشكيل فكره ومن ثم منهجه في الحوار من الآخرين ومناقشته لإطروحاتهم وأفكارهم ، فلقد شهد أحداثاً جساماً كنشوء بعض الدول وسقوط أخرى ، والجهاد العسكري ضد الاستعمار في أكثر من قطر ، واجتياح الدعوات القومية والشيوعية لكثير من البلاد العربية والإسلامية ، وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، وهزائم العرب أمام ذلك الكيان لا سيما في سنة 1967م ، ثم خفوت الأصوات القومية وتنامى الأصوات الإسلامية ، وتصدي بعض الأنظمة للمد الإسلامي ، والحروب التي قامت بين الدول العربية والإسلامية . وكل ذلك صاحبه –بطبيعة الحال – حوارات ومواجهات ومعارك فكرية واجتماعية بين العلماء وغيرهم في شتى أقطار العرب والمسلمين .
والملاحظ أن ابن باز رحمه الله – حسب علمي – لم تظهر تنبيهاته وكتاباته على الساحة في المجال الذي نتحدث عنه إلا بعد أن جاوز الخمسين من عمره بمعنى أنه حين نضج علمياً وعقلياً ، فصار منهجه في نصح الآخرين والتنبيه على تجاوزاتهم منهج العالم المدقق ، والعاقل الواعي المدرك لخلفيات وأثر ما يقول ويكتب.
وأعتقد جازماً أن من أهم الأمور التي جعلت لابن باز منهجاً متميزاً في الردود على الخاطئين ، ومناقشته المخالفين الإخلاص الذي تحسه في كلماته ، وتلمسه في كتاباته ، فهو لم يرد على أحد ليقضي عليه ويحطمه ويقفز للشهرة على أكتافه ، ولم يجادل أحداً ليسفه رأيه ويكشف ضآلة علمه ، ولم يكتب ضد فلان لكسب مال أو جاه ، وإنما كان – رحمه الله – يبتغي الحق فيما يقول . وبالرجوع إلى مفردات منهجه التي سبقت تعرف – حتى دون أن تتمعن فيها – صدق إخلاصه . ونضيف هنا أنه يحرص – رحمه الله – على عنونة ردوده على المخالفين بتنبيهات وهذا يوحي بالمقصد الحقيقي من كتاباته في هذا الميدان . وإخلاص الشيخ ونزاهته ، وصدق لهجته ، وسعيه بتجرد وموضوعية لبلوغ الحق إذا حاور غيره أو ناقشه استيقن به العلماء والمنكرون وطلبة العلم ، يقول الدكتور محمد منير الغضبان :" قد يختلف الكثيرون من أهل العلم معه في الرأي ، وقد يختلفون معه حتى في المنهج الذي يمثله في مدرسته ، ولكن لا يختلفون أبداً على الإشادة باستقامته ونزاهته وزهده وتواضعه " ، ويقول الشيخ محمد الغزالي قبل وفاته – رحمه الله – عن ابن باز :" لقد كنت أقول دائماً في عالم سلفي نقي مخلص مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز إنه من طلاب الآخرة ، وممن يؤثرون ربهم على دنياهم ، وقد تكون بيننا خلافات فقهية فما قيمة هذا الخلاف وما أثره ؟ إن الأئمة الكبار اختلفوا ، بل إن داود وسلميان قد اختلفا في الحكم ، وهما من هما في النبوة والعلم والحكمة ". ولقد أخبر الشيخ يوسف القرضاوي عما شهده عياناً من طبيعة ابن باز في تلقي وجهات نظر غيره وآرائهم ، فقال :" ولقد رأيته في المجمع الفقهي يستمع وينصت إلى الآراء كلها ، ما يوافقه منها وما يخالفه ، ويتلقاها جميعاً باهتمام ، ويعلق بأدب جم ، ويعارض ما يعارض منها برفق وسماحة دون استعلاء ولا تطاول على أحد ، شادياً بالعلم أو متناهياً ، متأدباً بأدب النبوة ، ومتخلقاً بأخلاق القرآن ".
ولقد ظل العلماء والمفكرون وغيرهم الذين اختلفوا معه في بعض القضايا يحملون له منتهى الاحترام ، وغاية التقدير . يقول القرضاوي – أيضاً - :" ولقد اختلفت مع الشيخ العلامة في بعض المسائل نتيجة لاختلاف الزوايا التي ينظر فيها كل منا ، ومدى تأثر كل منا بزمانه ومكانه إيجاباً وسلباً ، ولم أر أن هذا الاختلاف غيّر نظرتي إليه أو نظرته إلي ، وظللت – والله – أكن له المحبة والتقدير ، وأدعو له بطول العمر في خدمة العلم والإسلام ، وظل كذلك يعاملني بود وحب كلما التقينا ، وكلما لقيه أحد من أبناء قطر حمله السلام إلي – رحمه الله – وأكرم مثواه ". وإذا كانت هذه حال الشيخ ابن باز مع مخالفيه فإننا لا نعجب أن تتأسف بعض الجماعات الإسلامية الغالية في أفكارها على وفاته رحمه الله كما ذكرت ذلك إحدى الصحف ، حيث نقل عن تلك الجماعة قولها : " إن الأمة الإسلامية فقدت واحداً من أبرز علمائها العاملين الزاهدين الذين تشهد فتاواه ومؤلفاته بغزارة العلم ودقة البحث والحرص على الوصول إلى الحق ومعرفة الصواب " ومع أن هذه الجماعة اعترفت بوجود خلافات بينها وبين الشيخ في بعض آرائه :" إلا أنها شهدت بأنه كان يقصد وجه الحق فيما يأتي ، وأنه حريصاً كل الحرص على إصابة الحق في أقواله وأفعاله ..." .
هذا هو منهج الشيخ رحمه الله الذي سلكه في محاورة من اجتهد فأخطأ ، أو حاد عن الصواب ، أو ند عن الطريق ، أو زاغ عن الحق ، ولا شك أنه استمده من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم صاغه بأسلوبه المميز ، وطابعه الخاص ، وبلوره بلورة مناسبة العصر ، فصار مثالاً حياً رائعاً لآداب الإسلام وهديه في معاملة المخالفين بالتي هي أحسن ، وإيصال الحق إليهم بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة ، والاستفادة من ذلك في تعميم الخير ونشره بين المسلمين ، فجزاه الله أحسن الجزاء ، وحشرنا وإياه في زمرة الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء . إنه سميع الدعاء .

----------------

(1) آثرنا عدم ذكر الأسماء لأن المقصود بيان منهج الشيخ رحمه الله لا الأشخاص الذين يناقشهم .

انتهى


ان أريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب

وصل اللهم وسلم على المصطفى وسلم تسليما كثيرا

ولا تنسوني من صالح دعائكم

السلام عليكم

العبد بن العبد
2010-12-24, 10:32
هذا اعتقـادُ الشافِعيِّ ومالكٍ "=" وأبي حنيفـةَ ثم أحـمدَ يَنْقِـلُ
فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّـدٌ "=" وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَـوَّلًًًً

بارك الله فيكم
على الموضوع القيم

fatimazahra2011
2010-12-24, 10:32
http://www.samysoft.net/forumim/slambasmla/123g.gif

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayatc67888cab2.gif





http://www.samysoft.net/forumim/shokr/4/fgsgsdg.gif

http://dc06.arabsh.com/i/00838/kvvw3txepjzm.gif

ناشر الخير
2010-12-24, 21:02
جزاك الله خيرا يا أخي الحبيب.
موضوع قيم ورائع
ورحم الله العلاّمة ابن باز .

أبو صهيب الجزائري
2010-12-27, 09:56
هذا اعتقـادُ الشافِعيِّ ومالكٍ "=" وأبي حنيفـةَ ثم أحـمدَ يَنْقِـلُ
فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّـدٌ "=" وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَـوَّلًًًً

بارك الله فيكم
على الموضوع القيم

السلام عليكم
وفيك بارك الله وربنا يجازيك خيرا عل المرور
اللهم آمين
السلام عليكم

الماسة الزرقاء
2010-12-27, 11:30
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك

أبو صهيب الجزائري
2010-12-28, 08:43
http://www.samysoft.net/forumim/slambasmla/123g.gif

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayatc67888cab2.gif





http://www.samysoft.net/forumim/shokr/4/fgsgsdg.gif

http://dc06.arabsh.com/i/00838/kvvw3txepjzm.gif

السلام عليكم
بارك الله فيك على المرور
السلام عليكم

أبو صهيب الجزائري
2010-12-29, 14:53
جزاك الله خيرا يا أخي الحبيب.
موضوع قيم ورائع
ورحم الله العلاّمة ابن باز .

السلام عليكم
بارك الله في أخي وربنا يجازيك خيرا على هذا المرور
اللهم آمين
السلام عليكم

_أمل جديد_
2010-12-30, 00:19
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat632b27691f.gif
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم

_أمل جديد_
2010-12-30, 00:23
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat632b27691f.gif
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم

أبو صهيب الجزائري
2011-01-13, 15:27
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله وربنا يجازيك خيرا على هذا المرور
اللهم آمين
السلام عليكم

علي عيش
2011-01-13, 21:21
رحم الله شيخنا، و جزاك الله خير الجزاء على تذكيرنا بمنهجه الفذ، فقد غفلنا قليلا

أبو صهيب الجزائري
2011-01-17, 15:48
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat632b27691f.gif
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم

السلام عليكم
بارك الله فيك على المرور
السلام عليكم

جواهر الجزائرية
2011-01-17, 17:32
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . (آل عمران: 102).
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (النساء : 1).
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) . (الأحزاب : 70، 71).

وبعد :
فقد أخرج أبو داود ( 3641) , والترمذي ( 2682) وابن ماجه ( 223) من حديث كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ :
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) واللفظ لأبي داود .
في هذا الحديث العظيم يبين النبي صلى الله عليه وسلم فضل العلم وفضل طلبه وفضل أهله ألا وهم العلماء والأمور الثلاثة متلازمة , فالعلم هو النور الذي أنزله الله على رسله عليهم الصلاة والسلام ,قال تعالى : )أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام (122) .
والعلماء هم الذين ورثوا النور عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , فمن تدبر الحديث عرف قدر العلماء وعظم منزلتهم عند الله تعالى , فهم خلفاء أنبياء الله في تبليغ دين الله للناس , وهم الأمناء الذين حفظ الله بهم دينه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (( وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) .
فالحديث يدل على أن الدين إنما يتلقى عن أنبياء الله ورسله في حياتهم ,وبعد موتهم يتلقى عن ورثة الأنبياء في العلم وهم العلماء , فهم الذين ورثوا الأنبياء , فدل الحديث على فضل العلماء وعظم مناقبهم وحاجة الناس إليهم .
وما أجمل ما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ( مفتاح دار السعادة ) في بيانه لفضل العلم وأهله فقال :
وقوله ان العلماء ورثة الانبياء هذا من اعظم المناقب لاهل العلم فإن الانبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه الى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء كانوا احق الناس بميراثهم وفي هذا تنبيه على أنهم اقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث وهذا كما انه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء وفيه أيضا إرشاد وأمر للأمة بطاعتهم واحترامهم وتعزيزهم وتوقيرهم وإجلالهم فإنهم ورثة من هذه بعض حقوقهم على الأمة وخلفاؤهم فيهم وفيه تنبيه على أن محبتهم من الدين وبغضهم مناف للدين كما هو ثابت لموروثهم وكذلك معاداتهم ومحاربتهم معاداة ومحاربة لله كما هو في موروثهم قال على كرم الله وجهه ورضي عنه محبة العلماء دين يدان به وقال صلى الله عليه و سلم فيما يروى عن ربه عز و جل من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وورثة الأنبياء سادات أولياء الله عز و جل .
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) )) النحل . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق (( وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) , وأهل السنة يحبون العلماء ويجلونهم ويوقرونهم ويدافعوا عنهم ويدعوا الله لهم .
وما أحسن ما قاله الإمام النووي مبوبا به بابا من كتابه رياض الصالحين فقال :
باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم .
واستدل الإمام النووي على هذه الترجمة بقوله تعالى :
{ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب }.
وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث :
أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم .
وبقول أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري حيث قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم رواه مسلم .

قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه على رياض الصالحين :
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب توقير العلماء وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم يعني وما يتعلق بهذا من المعاني الجليلة المؤلف رحمه الله يريد بالعلماء علماء الشريعة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم فإن العلماء ورثة الأنبياء لأن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي عن بنته فاطمة وعمه العباس ولم يرثوا شيئا لأن الأنبياء لا يورثون إنما ورثوا العلم فالعلم شريعة الله فمن أخذ العلم أخذ بحظ وافر من ميراث العلماء وإذا كان الأنبياء لهم حق التبجيل والتعظيم والتكريم فلمن ورثهم نصيب من ذلك أن يبجل ويعظم ويكرم فلهذا عقد المؤلف رحمه الله لهذه المسألة العظيمة بابا لأنها مسألة عظيمة ومهمة وبتوقير العلماء توقر الشريعة لأنهم حاملوها وبإهانة العلماء تهان الشريعة لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ذلت الشريعة التي يحملونها ولم يبق لها قيمة عند الناس وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم وتعظيمهم وطاعتهم حسب ما جاءت به الشريعة لأنهم إذا احتقروا أمام الناس وأذلوا وهون أمرهم ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ فهذان الصنفان من الناس العلماء والأمراء إذا احتقروا أمام الناس فسدت الشريعة وفسد الأمن وضاعت الأمور وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم وكل إنسان يرى أنه الأمير فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .


وبوب قبل النووي كذلك كل من الإمام الدارمي والنسائي في سننيهما فقال الدارمي
باب في توقير العلماء .
وقال النسائي: توقير العلماء.
فيتلخص من ذلك أن للعلماء حق على الأمة يجب تأديته لهم وهذا من باب أداء الحقوق الواجبة وأهم هذه الحقوق هي :
أولا : محبتهم وتوقيرهم وهذا من أهم الواجبات للعلماء على الأمة وأقل شيء تقدمه الأمة للعلماء وخاصة طلاب العلم لما ينتفعوا منهم من العلم , ولما بذله العلماء للأمة وللطلاب العلم من الخير والهدى والعلم , كما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال : محبة العلماء دين يدان . ذكره السيوطي في الجامع الكبير .
قال الشيخ الفوزان ( الأجوبة المفيدة ) :
يجب احترام علماء المسلمين، لأنهم ورثة الأنبياء , والاستخفاف بهم يُعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه ,
ومن استخفّ بالعلماء استخفّ بغيرهم من المسلمين من باب أولى .
فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة، ولمسئوليّتهم التي يتولونها لصالح الإسلام والمسلمين، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟، وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم، ولبيان الأحكام الشرعية ؟. وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى .
والعالِم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور .
وما من أحد استخفّ بالعلماء إلاّ وقد عرّض نفسه للعقوبة , والتاريخ خير شاهد على ذلك قديمًا وحديثًا، ولاسيّما إذا كان هؤلاء العلماء ممن وُكِلَ إليهم النظر في قضايا المسلمين، كالقُضاة، وهيئة كبار العلماء .
ثانيا : التواضع لهم وبيان فضلهم وعلمهم وهذا من الشكر لهم , فلا يجوز التكبر عليهم وإنكار فضلهم .
ثالثا : الدعاء والإستغفار لهم , فإذا كانت الملائكة تستغفر للعالم فمن باب أولى أن يستغفر لهم المنتفعون منهم .
رابعا : تلقي العلم عنهم والرجوع لهم والإهتمام بكلامهم خاصة فيما يتعلق بالنوازل التي تنزل بالمسلميين من أنواع الفتن والمصائب , فلا يسلم العبد فيها الا بالرجوع للعلماء الربانيين فإنهم والله أعلم وأفقه بالنوازل ممن نزلت عليهم كيف لا وهم ورثة الإنبياء , وهم أنصح الناس للأمة يخافون عليهم وعلى دينهم ومنهجهم .
وما أصاب الأمة من أنواع الفتن والبلايا الا بالخروج على كلام العلماء والرجوع لكلام غيرهم من الجهال الذين لا ينتسبون للعلم لا من قريب ولا بعيد قد ملكتهم عواطفهم وأغوتهم شهواتهم وأعماهم جهلهم وأضلهم دعاة الضلالة والبدعة .
الإعتذار لهم فيما أخطأؤوا فيه لأنهم مجتهدون دائرون بين الأجر والأجرين , وخطئهم لا يخرج عن دائرة الخلاف السائغ إجتهادا منهم وحرصا على إصابة الحق , لكن هذه سنة الله تبارك وتعالى أن مما من عالم الا ويخطىء وتبقى العصمة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله علبيه وسلم , وما أجمل كلام ابن ابي العز في شرحه للطحاوية في باب الإعتذار للعلماء فقال : وكلهم ( أي العلماء) متفقون اتفاقا يقينا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه و سلم ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه - : فلا بد له في تركه من عذر وجماع الأعذار ثلاثة أصناف :
أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه و سلم قاله
والثاني : عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول
والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ فلهم الفضل علينا والمنة بالسبق وتبليغ ما أرسل به الرسول صلى الله عليه و سلم إلينا وإيضاح ما كان منه يخفى علينا فرضي الله عنهم وأرضاهم { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } .

فصار حب العلماء وتوقيرهم وتلقي الدين عنهم من أعظم سمات منهج أهل السنة والجماعة, وبه تميزوا عن أهل البدع والضلالات , فأهل البدع وقفوا موقفا سيئا من العلماء سواء بنبذ أقوالهم وتركها وتقديم أقوال الجهال وزبالة الأفكار على كلامهم , أو سواء بالطعن فيهم بشتى أنواع الطعن مما يدل على حقد قلوبهم وضغائن نفوسهم للعلماء مع أنهم يعظمون ويقدسون مفكريهم ورؤساء أحزابهم ويدافعون عنهم , فأهل البدع في كل زمان ومكان يحاربون العلماء ويطعنون بهم , فلقد طعنوا في الصحابة رضي الله عنهم وطعنوا في كبار العلماء من التابعين وتابعيهم , ولا زالوا يطعنون في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من العلماء .
ولا بد أن نعلم أن كل من تكلم في العلماء ابتلاه الله بأنواع الفتن والمصائب , لأن الله يدافع عنهم وعن دينه وانظر ما قاله الإمام ابن عساكر رحمه الله تعالى في هذا المعنى فقال في مقدمة كتابه ( تبيين كذب المفتري ) : وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم خُلق ذميم، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين إلى الاستغفار بمن سبقهم وصف كريم، إذ قال مثنياً عليهم في كتابه - العزيز - وهو بمكارم الأخلاق وضدها عليم : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (الحشر: 10) . والارتكاب لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاغتياب وسب الأموات جسيم، { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (النور:وقال الإمام الطحاوي في عقيدته التي بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة :
((وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين، أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يُذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)) .
قال ابن ابي العز الحنفي في شرحه لكلام الطحاوي :
قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } . جزاك الله كل الخير يا أخي

أبو صهيب الجزائري
2011-01-19, 15:08
رحم الله شيخنا، و جزاك الله خير الجزاء على تذكيرنا بمنهجه الفذ، فقد غفلنا قليلا

السلام عليكم
بارك الله فيك أخي وربنا يجازيك خيا على المرور
اللهم آمين
السلام عليبكم

أبو صهيب الجزائري
2011-01-24, 11:05
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . (آل عمران: 102).
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (النساء : 1).
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) . (الأحزاب : 70، 71).

وبعد :
فقد أخرج أبو داود ( 3641) , والترمذي ( 2682) وابن ماجه ( 223) من حديث كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ :
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) واللفظ لأبي داود .
في هذا الحديث العظيم يبين النبي صلى الله عليه وسلم فضل العلم وفضل طلبه وفضل أهله ألا وهم العلماء والأمور الثلاثة متلازمة , فالعلم هو النور الذي أنزله الله على رسله عليهم الصلاة والسلام ,قال تعالى : )أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام (122) .
والعلماء هم الذين ورثوا النور عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , فمن تدبر الحديث عرف قدر العلماء وعظم منزلتهم عند الله تعالى , فهم خلفاء أنبياء الله في تبليغ دين الله للناس , وهم الأمناء الذين حفظ الله بهم دينه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (( وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) .
فالحديث يدل على أن الدين إنما يتلقى عن أنبياء الله ورسله في حياتهم ,وبعد موتهم يتلقى عن ورثة الأنبياء في العلم وهم العلماء , فهم الذين ورثوا الأنبياء , فدل الحديث على فضل العلماء وعظم مناقبهم وحاجة الناس إليهم .
وما أجمل ما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ( مفتاح دار السعادة ) في بيانه لفضل العلم وأهله فقال :
وقوله ان العلماء ورثة الانبياء هذا من اعظم المناقب لاهل العلم فإن الانبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه الى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء كانوا احق الناس بميراثهم وفي هذا تنبيه على أنهم اقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث وهذا كما انه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء وفيه أيضا إرشاد وأمر للأمة بطاعتهم واحترامهم وتعزيزهم وتوقيرهم وإجلالهم فإنهم ورثة من هذه بعض حقوقهم على الأمة وخلفاؤهم فيهم وفيه تنبيه على أن محبتهم من الدين وبغضهم مناف للدين كما هو ثابت لموروثهم وكذلك معاداتهم ومحاربتهم معاداة ومحاربة لله كما هو في موروثهم قال على كرم الله وجهه ورضي عنه محبة العلماء دين يدان به وقال صلى الله عليه و سلم فيما يروى عن ربه عز و جل من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وورثة الأنبياء سادات أولياء الله عز و جل .
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) )) النحل . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق (( وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) , وأهل السنة يحبون العلماء ويجلونهم ويوقرونهم ويدافعوا عنهم ويدعوا الله لهم .
وما أحسن ما قاله الإمام النووي مبوبا به بابا من كتابه رياض الصالحين فقال :
باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم .
واستدل الإمام النووي على هذه الترجمة بقوله تعالى :
{ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب }.
وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث :
أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم .
وبقول أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري حيث قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم رواه مسلم .

قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه على رياض الصالحين :
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب توقير العلماء وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم يعني وما يتعلق بهذا من المعاني الجليلة المؤلف رحمه الله يريد بالعلماء علماء الشريعة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم فإن العلماء ورثة الأنبياء لأن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي عن بنته فاطمة وعمه العباس ولم يرثوا شيئا لأن الأنبياء لا يورثون إنما ورثوا العلم فالعلم شريعة الله فمن أخذ العلم أخذ بحظ وافر من ميراث العلماء وإذا كان الأنبياء لهم حق التبجيل والتعظيم والتكريم فلمن ورثهم نصيب من ذلك أن يبجل ويعظم ويكرم فلهذا عقد المؤلف رحمه الله لهذه المسألة العظيمة بابا لأنها مسألة عظيمة ومهمة وبتوقير العلماء توقر الشريعة لأنهم حاملوها وبإهانة العلماء تهان الشريعة لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ذلت الشريعة التي يحملونها ولم يبق لها قيمة عند الناس وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم وتعظيمهم وطاعتهم حسب ما جاءت به الشريعة لأنهم إذا احتقروا أمام الناس وأذلوا وهون أمرهم ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ فهذان الصنفان من الناس العلماء والأمراء إذا احتقروا أمام الناس فسدت الشريعة وفسد الأمن وضاعت الأمور وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم وكل إنسان يرى أنه الأمير فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .


وبوب قبل النووي كذلك كل من الإمام الدارمي والنسائي في سننيهما فقال الدارمي
باب في توقير العلماء .
وقال النسائي: توقير العلماء.
فيتلخص من ذلك أن للعلماء حق على الأمة يجب تأديته لهم وهذا من باب أداء الحقوق الواجبة وأهم هذه الحقوق هي :
أولا : محبتهم وتوقيرهم وهذا من أهم الواجبات للعلماء على الأمة وأقل شيء تقدمه الأمة للعلماء وخاصة طلاب العلم لما ينتفعوا منهم من العلم , ولما بذله العلماء للأمة وللطلاب العلم من الخير والهدى والعلم , كما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال : محبة العلماء دين يدان . ذكره السيوطي في الجامع الكبير .
قال الشيخ الفوزان ( الأجوبة المفيدة ) :
يجب احترام علماء المسلمين، لأنهم ورثة الأنبياء , والاستخفاف بهم يُعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه ,
ومن استخفّ بالعلماء استخفّ بغيرهم من المسلمين من باب أولى .
فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة، ولمسئوليّتهم التي يتولونها لصالح الإسلام والمسلمين، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟، وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم، ولبيان الأحكام الشرعية ؟. وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى .
والعالِم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور .
وما من أحد استخفّ بالعلماء إلاّ وقد عرّض نفسه للعقوبة , والتاريخ خير شاهد على ذلك قديمًا وحديثًا، ولاسيّما إذا كان هؤلاء العلماء ممن وُكِلَ إليهم النظر في قضايا المسلمين، كالقُضاة، وهيئة كبار العلماء .
ثانيا : التواضع لهم وبيان فضلهم وعلمهم وهذا من الشكر لهم , فلا يجوز التكبر عليهم وإنكار فضلهم .
ثالثا : الدعاء والإستغفار لهم , فإذا كانت الملائكة تستغفر للعالم فمن باب أولى أن يستغفر لهم المنتفعون منهم .
رابعا : تلقي العلم عنهم والرجوع لهم والإهتمام بكلامهم خاصة فيما يتعلق بالنوازل التي تنزل بالمسلميين من أنواع الفتن والمصائب , فلا يسلم العبد فيها الا بالرجوع للعلماء الربانيين فإنهم والله أعلم وأفقه بالنوازل ممن نزلت عليهم كيف لا وهم ورثة الإنبياء , وهم أنصح الناس للأمة يخافون عليهم وعلى دينهم ومنهجهم .
وما أصاب الأمة من أنواع الفتن والبلايا الا بالخروج على كلام العلماء والرجوع لكلام غيرهم من الجهال الذين لا ينتسبون للعلم لا من قريب ولا بعيد قد ملكتهم عواطفهم وأغوتهم شهواتهم وأعماهم جهلهم وأضلهم دعاة الضلالة والبدعة .
الإعتذار لهم فيما أخطأؤوا فيه لأنهم مجتهدون دائرون بين الأجر والأجرين , وخطئهم لا يخرج عن دائرة الخلاف السائغ إجتهادا منهم وحرصا على إصابة الحق , لكن هذه سنة الله تبارك وتعالى أن مما من عالم الا ويخطىء وتبقى العصمة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله علبيه وسلم , وما أجمل كلام ابن ابي العز في شرحه للطحاوية في باب الإعتذار للعلماء فقال : وكلهم ( أي العلماء) متفقون اتفاقا يقينا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه و سلم ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه - : فلا بد له في تركه من عذر وجماع الأعذار ثلاثة أصناف :
أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه و سلم قاله
والثاني : عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول
والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ فلهم الفضل علينا والمنة بالسبق وتبليغ ما أرسل به الرسول صلى الله عليه و سلم إلينا وإيضاح ما كان منه يخفى علينا فرضي الله عنهم وأرضاهم { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } .

فصار حب العلماء وتوقيرهم وتلقي الدين عنهم من أعظم سمات منهج أهل السنة والجماعة, وبه تميزوا عن أهل البدع والضلالات , فأهل البدع وقفوا موقفا سيئا من العلماء سواء بنبذ أقوالهم وتركها وتقديم أقوال الجهال وزبالة الأفكار على كلامهم , أو سواء بالطعن فيهم بشتى أنواع الطعن مما يدل على حقد قلوبهم وضغائن نفوسهم للعلماء مع أنهم يعظمون ويقدسون مفكريهم ورؤساء أحزابهم ويدافعون عنهم , فأهل البدع في كل زمان ومكان يحاربون العلماء ويطعنون بهم , فلقد طعنوا في الصحابة رضي الله عنهم وطعنوا في كبار العلماء من التابعين وتابعيهم , ولا زالوا يطعنون في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من العلماء .
ولا بد أن نعلم أن كل من تكلم في العلماء ابتلاه الله بأنواع الفتن والمصائب , لأن الله يدافع عنهم وعن دينه وانظر ما قاله الإمام ابن عساكر رحمه الله تعالى في هذا المعنى فقال في مقدمة كتابه ( تبيين كذب المفتري ) : وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم خُلق ذميم، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين إلى الاستغفار بمن سبقهم وصف كريم، إذ قال مثنياً عليهم في كتابه - العزيز - وهو بمكارم الأخلاق وضدها عليم : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (الحشر: 10) . والارتكاب لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاغتياب وسب الأموات جسيم، { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (النور:وقال الإمام الطحاوي في عقيدته التي بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة :
((وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين، أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يُذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)) .
قال ابن ابي العز الحنفي في شرحه لكلام الطحاوي :
قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } . جزاك الله كل الخير يا أخي


السلام عليكم
بارك الله فيك وربنا يجازيك خيرا على هذه الاضافة
اللهم آمين
السلام عليكم

الله غالب
2011-06-21, 13:00
رحم الله الشيخ ابن باز رحمة واسعة له ولجميع علماء المسلمين.قولوا امين.

ISMAIL12
2011-08-27, 11:40
رحمه الله وقدس روحه في الجنة

النيلية
2011-11-09, 16:09
بارك الله فيك اخي وجزاك خيرا

كنت قد كتبت نفس الموضوع ونبهتني احدي الاخوات ان موضوعي مكرر
بارك الله وسأقتبس بعض الفقرات تباعا للتأكيد علي ما ورد فيه من كلام يجب ان يدرس لطلبة العلم

النيلية
2011-11-09, 16:13
توقيره للعلماء داخل البلاد وخارجها على حد سواء ، واحترامه لآرائهم وفتاويهم ، وإن خالفهم في شيء منها بيِّن رأيه المدعم بالأدلة متجنباً تجهيل الآخر ، أو تسفيه قوله ، بل تراه يدعو لنفسه أولاً وللقائل ثانياً بالتوفيق لإصابة الحق


بارك الله في الشيخ وجزاه عنا خير الجزاء

عُبيد الله
2011-11-11, 14:58
بارك الله فيك أخي على مانقلت

وبارك الله في المشرفين على تثبيت الموضوع القيم

طوبى لمن تأسى بهؤلاء العلماء الأفذاذ في سمتهم وأخلاقهم

جمال البليدي
2011-11-11, 15:08
جزاك الله خيراً
وبارك الله فيك
وهذا كتاب :
صور مضيئة من جهود الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله- في الرد على المخالف ..
فيه ردود الشيخ رحمه الله تعالى
على كثير من المخالفين ...
حمل من هنا (http://www.islamup.com/download.php?id=90270)

وحمل أيضا :
مطوية إعلام العام والخاص بمن تكلم فيهم العلامة ابن باز من الأشخاص
من هنا (http://www.islamup.com/download.php?id=90271)

taleblalmi
2011-11-16, 23:16
بارك الله فيك .هذه آداب الردود التي تجعل المخطئ يعود إلى الصواب لا ما نراه من تنفير باسم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم