رضا الجزائري.
2010-12-20, 12:31
انتشرت في الأوساط الرياضية ما يسمى بتوقعات الأخطبوط الألماني بول ، وأصبحت هذه التوقعات لدى الكثير من المجتمعات الأجنبية من المسلمات ، وهذا لا غرابة فيه من أمة لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر حقيقة ، وإن كانت هناك غرابة فهي الغرابة من أمة وصلت في التقدم والمدنية والأمور المادية ما وصلت إليه وهي مع ذلك تخضع تحت ظلال هذا الخرافات والخزعبات !! ، ومع ذلك أقول : لا غرابة .
وإنما الغرابة والمأخذ على أقوام يعتقدون أو كادوا يعتقدوا بهذه الخرافات من أمة تؤمن بالله ورسوله ، من أمة لها كتاب ودستور لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم .
ونصحاً لله ولهؤلاء وللأمة أقول : كذب الأخطبوط بول ولو صدق :
قال تعالى : ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )[الأنعام59]
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [المجادلة7], سبحانه لا تخفى عليه خافية , يعلمُ ما كان وما لم يكن , ولو كان كيف يكون , ويعلم ما هو كائن .
فَإِنَّهُ الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ ***وَهْوَ الْقَرِيبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلَا يَنَامُ *** وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهَهُ الْأَنَامُ
لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ *** وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
بَاقٍ فَلَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ ***وَلَا يَكُونُ غَيْرُ مَا يُرِيدُ
مُنْفَرِدٌ بِالْخَلْقِ وَالْإِرَادَهْ *** وَحَاكِمٌ -جَلَّ- بِمَا أَرَادَهْ
وَهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرِّ *** فِي الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ *** بِسَمْعِهِ الواسع للأصوات
وعمله بِمَا بَدَا وَمَا خَفِيْ *** أَحَاطَ عِلْمًا بِالْجَلِيِّ وَالْخَفِيْ
وَهْوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ *** جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالَى شَانُهُ
وَكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَلَيْهِ *** وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
عقيدةُ المسلمِ في ربه أن يعلمَ علمَ اليقين أن علمَ الغيبِ له سبحانه وتعالى لا يعلم الغيب إلا الله , ولا يعلمُ الأحداثَ والأخطارَ والأخبارَ وما سيكون في ظلماتِ الليل وضياءِ النهار غيرُ الواحدِ القهار , ( إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلاْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ )[لقمان:34]. ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [آل عمران 179] .
لذلك لا يجوز للمسلم أن ينسب هذا العلمَ لغير الله , أو يعتقدَهُ في أي شيء سواه , لا يعلمُ الغيبَ إلا الله , فلا يعلمه السحرة , ولا المشعوذون , ولا الكهنة , ولا العرافون , ولا الإنس ، ولا الجنُّ ، ولا الحيوانات ، ولا الطيور ، ولا اختبوطٌ ، ولا ضرب الحظوظ ، هذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أشرف خلق الله عند الله يقول كما حكاه عنه ربه – سبحانه وتعالى - ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) [الأنعام50] ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [الأعراف188] (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) [هود31] لو قال ذلك الرسول أو ادعاه لكان من الظالمين ، حاشاه – صلى الله عليه وسلم _ حاشاه .
وهؤلاء الجن يعترفون بعجزهم وعدم علمهم للغيب (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) [سبأ14]
من ادعى علم الغيب كان من الكافرين . قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) (الجن 26 ، 27).
عِلْمُ الْغَيْبِ مِنْ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُ , فَلَا سَمِيَّ له ولا مُضَاهِيَ وَلَا مُشَارِكَ : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) ، ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) ، ( أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) ، ( أَعْنَدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) .
الغيب لا يعلمه إلا الله ، هو وحده المطلع على الأمور , الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فإذا علم المؤمن هذا كله اطمأن قلبه بالله , وقويت عقيدته في الله , وفر من الله إلى الله , لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه . (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ) [الرعد9] .(عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )[المؤمنون92] . (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) [الحشر22]
إذا علمنا هذا فينبغي أن يكون لهذا العلم أثر في سلوكنا وأعمالنا , فلا يجوز للمسلم أن يقف على باب أحدٍ سواه , لماذا نقف على أبواب السحرة والمشعوذين ؟ لماذا نقف على أبواب الكهنة والعرافين ؟ لماذا نقف أمام التخريفات والدجل والخزعبلات التي تتلاعب بعقيدتنا وعقولنا وإيماننا بربنا ؟ ، أطردنا عن باب الله ؟! أطردنا من رحمة الله ؟! , حتى نقف بباب من سواه ؟ هل بيننا وبين الله حجاب ؟ هل بيننا وبين الله واسطة تحول بيننا وبين إجابة الدعاء وكشف البلاء وإزالة العناء؟ وهل وصل بنا الحال أن نبيع عقائدنَا وإيماننَا بربنا من أجل لهو باطل ، وتنبؤات هي ضَربٌ من الحظ من حيوانات أو غيرها هي فتنة للذين كفروا ؟.
روى مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلّم - أناسٌ عن الكُهّان ، فقال: « إنهم ليسوا بشيء » فقالوا: يا رسول الله ، إنهم يحدّثونا أحيانا بشيء فيكون حقّاً ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - : «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجِنيّ فيُقرّها في أذن ولِيّه (قَرّ الدجاجة) فيخلطون معها مائة كذبة».
وأخرجه البخاريّ – أيضاً - من حديث عائشة ـ رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ، يقول: «إن الملائكة تنزل في العَنَان وهو السحاب فتذكر الأمر قُضِي في السماء فتَسْتَرِق الشياطينُ السمع فتسمعه فتوحِيه إلى الكُهّان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم
وما أروع قول أبي تمام الطائي في رده على المنجمين في قصيدته التي قالها للمعتصم ، عندما خوفه المنجمون من فتح عمورية وغزوها ، وهي نحو من سبعين بيتاً أجيز على كل بيت منها بألف درهم ، قام منشداً له على رؤس الأشهاد :
السيف أصدق أنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب
إلى أن قال :
والعِلْمُ في شُهبِ الأرماح لامعة *** بين الخميسين لا في السبعة الشهبِ
أين الروايةُ بل أين النجومُ وما *** صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذب
تخرصاً وأحاديثاً ملفقةً *** لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ وَلا غَرَبِ
عجائباً زعموا الأيام مجفلةً *** عنهن في صفر الأصفار أو رجبِ
وخوّفوا الناس من دهياءَ مظلمةٍ *** إذا بدا الكوكبُ الغربي ذو الذنبِ
وصيّروا الأبرُجَ العليا مُرَتَّبةً *** ما كان منقلباً أو غير منقلبِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ *** ما دار في فلكٍ منها وفي قطبِ
لو بينت قط أمراً قبل موقعهِ *** لم تُخْفِ ماحل بالأوثان والصلبِ
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : « ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - » .
قال المنذري في الترغيب : «رواه البزار بإسناد جيد » ، وقال الشيخ الألباني في تعليقه على الترغيب : « صحيح لغيره »
والحديث له طرق وشواهد كثيرة .
وعن صفية بنت أبي عبيد ، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : « من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً » رواه مسلم .
فهذه هي العاقبةِ الوخيمة لمن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول .
لقد اعتبر العلماء إتيانَ الكهان, والسحرة, والمشعوذين, ومن يدعي علم الغيب, وتصديقَهم في جميع ذلك , كفرًا بالله ورسوله – صلى الله عليه وسلم -: , لا يشترط أن تقف على باب الساحر أو المشعوذ , بل إن الإنسان ربما يقف هذا الموقف الوخيم بعقيدته , حينما يفتح صفحة من المجلة ؛ وينظر في هذه الاعتقادات الباطلة وما يكتب فيها من تحريف وخلل في العقيدة من تصديق حيوان يعلم ويتنبأ بشئ ما ، هو أقرب ما يكون إلى الحظ ، أو ينظر في صحيفة لكي ينظر إلى برجه وطالعه , فإذا نظرت إلى الطوالع , والبروج , وما يذكرون فيها من الأمور, يقولون إذا كنت من مواليد برج كذا وكذا, فسيكون من أمرك كذا وكذا, فإن صدقت كلمة واحدة فقد كفرت بما أنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم - , وللأسف لا تزال آثار هذه الخصلة الجاهلية في عصرنا الحاضر فيما يظفر عند المنجِّمين والذين يذهبون إليهم، وبما يُكتب في بعض الصُّحف والمجلاّت من أحوال البُرُوج ، لأن نسبة هذه الأمور إليها في طلوعها أو غروبها، أو إلى الأفلاك في تحرُّكها ؛ شرك بالله عزّ وجلّ، لأن الذي يدبِّر النجوم ، ويدبِّر الأفلاك ، ويدبِّر الكون كله هو الله سبحانه وتعالى ، فيجب أن نؤمن بذلك .
أما النجوم ، وأما الأفلاك ، وأما جميع المخلوقات فليس لها تدبير، وليس لها إحداث شيء ، أو جَلْبُ نفع ، أو دفع ضر إلاَّ بإذن الله - سبحانه وتعالى -، فالأمر يرجع كلّه إلى الله.
ولهذا نهى العلماء عن الأمور التي يفعلها المنجمون على الطرقات من السهام التي معهم ، ورقاع الفأل في أشباه ذلك .
فيجب على المسلم أن يعتمد على الله ، وأن يتوكّل على الله ، ولا يتأثّر بما يقوله المنجِّمون والفلكيُّون في أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله .
وإن وقفت أمام إنسان لكي يقرأ الكف أو الفنجان , فاعلم أنها الخسارة العظيمة في الدنيا والآخرة , إذ كيف تلجأ إلى إنسان مثلك لا يعلم هو من أمره شيئاً ، أنت تقف أمام عدو لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فماذا ترجو بعد ذلك ؟ و إن وقع في قلبك شيء مما يقول فإنها الخسارة , والعاقبة الوخيمة في الدنيا والآخرة إن لم تدرك نفسك بالتوبة العاجلة النصوح إلى الله من ذلك .
ليس عند أحد غيرُ الله نفعٌ ولا ضر, النفع من الله , والضر من الله, من توكل على الله فهو حسبه , ومن عاذ بالله أعاذه , ومن لاذ بالله كان الله له سبحانه وتعالى , ولو كادته له السموات والأرض ومن فيهن , لجعل الله له من بين أطباقها فرجًا ومخرجًا, فطوبى للعبد المسلم الذي إذا أصابته الضراء أناب إلى الله, وتضرع لله, واستغفر الله, وتاب إلى الله, حتى يفرج الله كربه, ويزالَ همه وغمه.( أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأرْضِ أَءلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) [النمل:62].
فيجب على الجميع المحافظة على هذه العقيدة من الفساد أكثر من المحافظة على الصحة في الأبدان من الأمراض . فماذا يستفيد الإنسان إذا عاش سليم الجسم مريض العقيدة . فإن صحة البدن مع فساد العقيدة خسارة في الدنيا والآخرة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
وإنما الغرابة والمأخذ على أقوام يعتقدون أو كادوا يعتقدوا بهذه الخرافات من أمة تؤمن بالله ورسوله ، من أمة لها كتاب ودستور لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم .
ونصحاً لله ولهؤلاء وللأمة أقول : كذب الأخطبوط بول ولو صدق :
قال تعالى : ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )[الأنعام59]
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [المجادلة7], سبحانه لا تخفى عليه خافية , يعلمُ ما كان وما لم يكن , ولو كان كيف يكون , ويعلم ما هو كائن .
فَإِنَّهُ الْعَلِيُّ فِي دُنُوِّهِ ***وَهْوَ الْقَرِيبُ جَلَّ فِي عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلَا يَنَامُ *** وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهَهُ الْأَنَامُ
لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ *** وَلَا يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
بَاقٍ فَلَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ ***وَلَا يَكُونُ غَيْرُ مَا يُرِيدُ
مُنْفَرِدٌ بِالْخَلْقِ وَالْإِرَادَهْ *** وَحَاكِمٌ -جَلَّ- بِمَا أَرَادَهْ
وَهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرِّ *** فِي الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالْإِخْفَاتِ *** بِسَمْعِهِ الواسع للأصوات
وعمله بِمَا بَدَا وَمَا خَفِيْ *** أَحَاطَ عِلْمًا بِالْجَلِيِّ وَالْخَفِيْ
وَهْوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ *** جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالَى شَانُهُ
وَكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَلَيْهِ *** وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
عقيدةُ المسلمِ في ربه أن يعلمَ علمَ اليقين أن علمَ الغيبِ له سبحانه وتعالى لا يعلم الغيب إلا الله , ولا يعلمُ الأحداثَ والأخطارَ والأخبارَ وما سيكون في ظلماتِ الليل وضياءِ النهار غيرُ الواحدِ القهار , ( إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلاْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ )[لقمان:34]. ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [آل عمران 179] .
لذلك لا يجوز للمسلم أن ينسب هذا العلمَ لغير الله , أو يعتقدَهُ في أي شيء سواه , لا يعلمُ الغيبَ إلا الله , فلا يعلمه السحرة , ولا المشعوذون , ولا الكهنة , ولا العرافون , ولا الإنس ، ولا الجنُّ ، ولا الحيوانات ، ولا الطيور ، ولا اختبوطٌ ، ولا ضرب الحظوظ ، هذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أشرف خلق الله عند الله يقول كما حكاه عنه ربه – سبحانه وتعالى - ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) [الأنعام50] ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [الأعراف188] (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) [هود31] لو قال ذلك الرسول أو ادعاه لكان من الظالمين ، حاشاه – صلى الله عليه وسلم _ حاشاه .
وهؤلاء الجن يعترفون بعجزهم وعدم علمهم للغيب (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) [سبأ14]
من ادعى علم الغيب كان من الكافرين . قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) (الجن 26 ، 27).
عِلْمُ الْغَيْبِ مِنْ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُ , فَلَا سَمِيَّ له ولا مُضَاهِيَ وَلَا مُشَارِكَ : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) ، ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) ، ( أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) ، ( أَعْنَدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) .
الغيب لا يعلمه إلا الله ، هو وحده المطلع على الأمور , الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فإذا علم المؤمن هذا كله اطمأن قلبه بالله , وقويت عقيدته في الله , وفر من الله إلى الله , لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه . (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ) [الرعد9] .(عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )[المؤمنون92] . (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) [الحشر22]
إذا علمنا هذا فينبغي أن يكون لهذا العلم أثر في سلوكنا وأعمالنا , فلا يجوز للمسلم أن يقف على باب أحدٍ سواه , لماذا نقف على أبواب السحرة والمشعوذين ؟ لماذا نقف على أبواب الكهنة والعرافين ؟ لماذا نقف أمام التخريفات والدجل والخزعبلات التي تتلاعب بعقيدتنا وعقولنا وإيماننا بربنا ؟ ، أطردنا عن باب الله ؟! أطردنا من رحمة الله ؟! , حتى نقف بباب من سواه ؟ هل بيننا وبين الله حجاب ؟ هل بيننا وبين الله واسطة تحول بيننا وبين إجابة الدعاء وكشف البلاء وإزالة العناء؟ وهل وصل بنا الحال أن نبيع عقائدنَا وإيماننَا بربنا من أجل لهو باطل ، وتنبؤات هي ضَربٌ من الحظ من حيوانات أو غيرها هي فتنة للذين كفروا ؟.
روى مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلّم - أناسٌ عن الكُهّان ، فقال: « إنهم ليسوا بشيء » فقالوا: يا رسول الله ، إنهم يحدّثونا أحيانا بشيء فيكون حقّاً ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - : «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجِنيّ فيُقرّها في أذن ولِيّه (قَرّ الدجاجة) فيخلطون معها مائة كذبة».
وأخرجه البخاريّ – أيضاً - من حديث عائشة ـ رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ، يقول: «إن الملائكة تنزل في العَنَان وهو السحاب فتذكر الأمر قُضِي في السماء فتَسْتَرِق الشياطينُ السمع فتسمعه فتوحِيه إلى الكُهّان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم
وما أروع قول أبي تمام الطائي في رده على المنجمين في قصيدته التي قالها للمعتصم ، عندما خوفه المنجمون من فتح عمورية وغزوها ، وهي نحو من سبعين بيتاً أجيز على كل بيت منها بألف درهم ، قام منشداً له على رؤس الأشهاد :
السيف أصدق أنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب
إلى أن قال :
والعِلْمُ في شُهبِ الأرماح لامعة *** بين الخميسين لا في السبعة الشهبِ
أين الروايةُ بل أين النجومُ وما *** صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذب
تخرصاً وأحاديثاً ملفقةً *** لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ وَلا غَرَبِ
عجائباً زعموا الأيام مجفلةً *** عنهن في صفر الأصفار أو رجبِ
وخوّفوا الناس من دهياءَ مظلمةٍ *** إذا بدا الكوكبُ الغربي ذو الذنبِ
وصيّروا الأبرُجَ العليا مُرَتَّبةً *** ما كان منقلباً أو غير منقلبِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ *** ما دار في فلكٍ منها وفي قطبِ
لو بينت قط أمراً قبل موقعهِ *** لم تُخْفِ ماحل بالأوثان والصلبِ
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : « ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - » .
قال المنذري في الترغيب : «رواه البزار بإسناد جيد » ، وقال الشيخ الألباني في تعليقه على الترغيب : « صحيح لغيره »
والحديث له طرق وشواهد كثيرة .
وعن صفية بنت أبي عبيد ، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : « من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً » رواه مسلم .
فهذه هي العاقبةِ الوخيمة لمن أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول .
لقد اعتبر العلماء إتيانَ الكهان, والسحرة, والمشعوذين, ومن يدعي علم الغيب, وتصديقَهم في جميع ذلك , كفرًا بالله ورسوله – صلى الله عليه وسلم -: , لا يشترط أن تقف على باب الساحر أو المشعوذ , بل إن الإنسان ربما يقف هذا الموقف الوخيم بعقيدته , حينما يفتح صفحة من المجلة ؛ وينظر في هذه الاعتقادات الباطلة وما يكتب فيها من تحريف وخلل في العقيدة من تصديق حيوان يعلم ويتنبأ بشئ ما ، هو أقرب ما يكون إلى الحظ ، أو ينظر في صحيفة لكي ينظر إلى برجه وطالعه , فإذا نظرت إلى الطوالع , والبروج , وما يذكرون فيها من الأمور, يقولون إذا كنت من مواليد برج كذا وكذا, فسيكون من أمرك كذا وكذا, فإن صدقت كلمة واحدة فقد كفرت بما أنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم - , وللأسف لا تزال آثار هذه الخصلة الجاهلية في عصرنا الحاضر فيما يظفر عند المنجِّمين والذين يذهبون إليهم، وبما يُكتب في بعض الصُّحف والمجلاّت من أحوال البُرُوج ، لأن نسبة هذه الأمور إليها في طلوعها أو غروبها، أو إلى الأفلاك في تحرُّكها ؛ شرك بالله عزّ وجلّ، لأن الذي يدبِّر النجوم ، ويدبِّر الأفلاك ، ويدبِّر الكون كله هو الله سبحانه وتعالى ، فيجب أن نؤمن بذلك .
أما النجوم ، وأما الأفلاك ، وأما جميع المخلوقات فليس لها تدبير، وليس لها إحداث شيء ، أو جَلْبُ نفع ، أو دفع ضر إلاَّ بإذن الله - سبحانه وتعالى -، فالأمر يرجع كلّه إلى الله.
ولهذا نهى العلماء عن الأمور التي يفعلها المنجمون على الطرقات من السهام التي معهم ، ورقاع الفأل في أشباه ذلك .
فيجب على المسلم أن يعتمد على الله ، وأن يتوكّل على الله ، ولا يتأثّر بما يقوله المنجِّمون والفلكيُّون في أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله .
وإن وقفت أمام إنسان لكي يقرأ الكف أو الفنجان , فاعلم أنها الخسارة العظيمة في الدنيا والآخرة , إذ كيف تلجأ إلى إنسان مثلك لا يعلم هو من أمره شيئاً ، أنت تقف أمام عدو لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فماذا ترجو بعد ذلك ؟ و إن وقع في قلبك شيء مما يقول فإنها الخسارة , والعاقبة الوخيمة في الدنيا والآخرة إن لم تدرك نفسك بالتوبة العاجلة النصوح إلى الله من ذلك .
ليس عند أحد غيرُ الله نفعٌ ولا ضر, النفع من الله , والضر من الله, من توكل على الله فهو حسبه , ومن عاذ بالله أعاذه , ومن لاذ بالله كان الله له سبحانه وتعالى , ولو كادته له السموات والأرض ومن فيهن , لجعل الله له من بين أطباقها فرجًا ومخرجًا, فطوبى للعبد المسلم الذي إذا أصابته الضراء أناب إلى الله, وتضرع لله, واستغفر الله, وتاب إلى الله, حتى يفرج الله كربه, ويزالَ همه وغمه.( أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأرْضِ أَءلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) [النمل:62].
فيجب على الجميع المحافظة على هذه العقيدة من الفساد أكثر من المحافظة على الصحة في الأبدان من الأمراض . فماذا يستفيد الإنسان إذا عاش سليم الجسم مريض العقيدة . فإن صحة البدن مع فساد العقيدة خسارة في الدنيا والآخرة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .