محمد دغيدى
2010-12-13, 05:11
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من سيقسم بعد السودان؟ 1-2
شبكة البصرة
صلاح المختار
الضربات القوية تهشم الزجاج لكنها تصقل الحديدمثل
تتجه الاوضاع في السودان نحو الحسم بعد عقود من التطورات الخطيرة والمتتابعة، ومن بين اهم المؤشرات على ذلك الموقف الامريكي والذي عبرت عنه تصريحات رسمية ذات دلالات خطيرة وواضحة المعنى والهدف، ومن بينها تصريحات نائب الرئيس الامريكي جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، فبايدن اطلق تصريحات متعددة حول السودان وعد فيها السودان برفع العقوبات عنه وتقديم مساعدات مقابل قيام الحكومة بتسهيل اجراء الاستفتاء حول انفصال جنوب السودان وبالحاح لافت للنظر، وقبل بايدن اطلقت هيلاري كلنتون وزير ة الخارجية الامريكية تصريحا يؤكد ان الانفصال سيكون نتيجة الاستفتاء وقبل ان تعبر قيادات جنوبية عن رغبتها بالانفصال، وهذا التصريح يفسر مقترح بايدن المذكور حينما استخدمت كلنتون لغة لا صلة لها باللغة الدبلوماسية بتحذيرها حكومة السودان من عرقلة الانفصال!
وهذا التصريح الرسمي الفج والعدائي بالكامل للسودان ووحدته كان رسالة مباشرة وصريحة لقيادة جنوب السودان تقول اذا كانت لديكم اي نية لعدم الانفصال وابقاء السودان موحدا فعليكم التخلي عنها واختيار الانفصال ونحن ندعمكم في امريكا واوربا. وما زاد القلق ان تصريحات كلنتون اثنت عليها دول اوربية بقوة وحماس واضحين. وهذه خطوة خطيرة جدا تؤكد مرة اخرى وتثبت بصورة حاسمة ان امريكا تريد تنفيذ خطة انفصال الجنوب وتأسيس دولة هناك لن تكون الا معادية لعروبة ووحدة السودان وتوظف لضرب مصر ايضا واكمال خطوات عزل وتقسيم مصر التي ابتدات باتفاقيتي كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني.
وهذا التوجه الامريكي وجد صداه فورا لدى عناصر جنوب السودان فقد قامت حكومته بعد تصريحات كلنتون وقبل تحقيق الانفصال بالغاء اللغة العربية واحلال اللغة الانكليزية محلها، فاذا اقدمت الان وقبل الانفصال على الغاء اللغة العربية فماذا نتوقع منها بعد الانفصال وهي على صلات قوية ومعروفة بالكيان الصهيوني واطراف غربية معادية للعرب؟
ان هذه التطورات تفرض طرح اسئلة مهمة جدا منها : ما الذي اجبر بايدن على الذهاب الى السودان مرتين وطرح هذا المشروع المطعم باغراء مسمم؟ وما سر الكرم الامريكي هذا المتمثل بالوعد القوي برفع الحصار عن السودان؟ وهل كان الحصار وافتعال ازمات في السودان في جنوبه وشرقة وغربه وشماله مقدمة لابد منها لاعداد البيئة المناسبة لتقسيم السودان؟ وهل تقسيم السودان خطوة منفردة ام انها جزء من مخطط عام يشمل تقسيم كل الاقطار العربية على اسس طائفية او عرقية في المشرق والمغرب؟ وما هي صلة ما يجري في السودان بتنفيذ سايكس بيكو الثانية التي تقوم على تقسيم الاقطار العربية على اسس عنصرية وطائفية؟ وهل ما يحصل في لبنان والعراق واليمن وغيرها هو خطوات في هذا الاطار؟
لتقديم اجوبة دقيقة لابد من التذكير بعدة حقائق منها :
1
– ثمة تزامن لا يمكن تجاهله بين التصعيد في احداث السودان والتصعيد في العراق ولبنان ومصر ودول الخليج العربي خصوصا الكويت والبحرين، ودول المغرب العربي، حيث ان الاحداث في هذه الاقطار تتجه للمزيد من التوتر والتعقيد. وهذا التزامن يقدم دليلا قويا على ان ما يجري ليس تطورات عفوية.
2– ان الاعلان عن القرار الامريكي – الاوربي بتقسيم السودان ليس سوى تبن كامل ورسمي للخطة الصهيونية المعروفة القائمة على تقسيم الاقطار العربية كلها على اسس عرقية وطائفية، والسودان ذكر في المخطط الصهيوني صراحة ونص على انشاء دولة مستقلة في جنوب السودان. ومن يقرأ ما كتبه الصهيوني عوديد ينون في مقالته الشهيرة (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات) وغيره يدرك هذه الحقيقة بلا لبس او غموض. وكما في العراق فان امريكا تخلت عن موقفها التقليدي وهو اضعاف وتقزيم الاقطار العربية دون تقسيمها وتبنت الخطة الصهيونية القائمة على تقسيمها.
3– تأكد الان ان الاثارة المفتعلة لمشكلة درافور وتحريك النزعة الانفصالية مجددا في الجنوب وتحريض اطراف شمالية على دعم انفصال الجنوب او دارفور في الغرب وافتعال ازمة في الشرق ليس سوى خطوات امريكية وغربية مدروسة لتقسيم السودان. ومع تزايد الوجود الصيني في السودان ازدادت حمى الغرب لتقسيم السودان لان وجود نفوذ صيني في السودان سيحرم الغرب الاستعماري من امكانية استغلال ثروات السودان وهي ثروات مهمة جدا، ويمنع تقسيمه. ان الصراع في السودان لم يعد صراعا اقليميا بين حركة التحرر الوطني العربية خصوصا السودانية منها، والصهيونية وكيانها في فلسطين المدعوم من قبل الاستعمار الغربي الامريكي والاوربي، بل اصبح له بعد دولي خطير.
4– ان انفصال الجنوب ليس سوى خطوة تمهيدية تشجع وتدعم انفصال دارفور وغيرها من مناطق السودان، ولذلك فان الامن لن يسود بعد انفصال الجنوب بل ستحرك ازمات اخرى وستكون اشد واخطر من ازمة الجنوب.
5– ان تقسيم السودان ينطوي على اهداف اقليمية ستراتيجية خطيرة منها ما يلي :
أ– طرد الصين من السودان ومن افريقيا كلها استباقا لبروز الصين كقوة مقررة وحاسمة في افريقيا وفي العالم، كما اكدت دراسات امريكية عديدة بدأت تصدر منذ نهاية القرن الماضي. ان تقسيم السودان على يد الغرب وبدعم مباشر منه سيمكنه من التأثير على الدول الجديدة التي يراد لها ان تنشأ على انقاض الكيان الوطني السوداني وتقرير السياسات التي ستتبعها بما في ذلك موقفها من الصين الصاعدة.
ب– التمهيد لاقامة تحالف اقليمي افريقي – صهيوني تحت رعاية امريكا، يضم الدول الجديدة المنفصلة من السودان واثيوبيا واوغندا وغيرها واستخدامه في العملية اللاحقة وهي تقسيم مصر وابتزازها وابتزاز ماسيتبقى من السودان، وهذه الخطوة احد اهم الاهداف الصهيونية المعلنة منذ عقود والتي تتمثل فيما يسمى ب (نظرية شد الاطراف)، اي استقطاب الدول غير العربية المحيطة او المجاورة للاقطار العربية من قبل الكيان الصهيوني واقامة تعاون ستراتيجي معها من اجل تركيع العرب كليا وحسم ما تبقى من الصراع العربي – الصهيوني.
ج– تقسيم السودان يستبطن هدفا ستراتيجيا له صلة باحكام السيطرة على الوطن العربي كله، فمن المعروف ان ثمة دراسات كثيرة اكدت بان ازمة الغذاء المتنامية في الاقطار العربية والتي تهدد باوخم العواقب يمكن حلها عن طريق الاستثمار العربي في السودان في مجال الزراعة حيث ان ارض السودان ومياهه تمكنه من توفير الغذاء لكل الاقطار العربية وبذلك تحل هذه الازمة الخطيرة التي تهدد المستقبل العربي. لقد وصف السودان بانه (سلة الغذاء) للامة العربية، والان تجري عملية واضحة لمنع بل ولنسف اي امكانية لتطبيق مشروع تحويل السودان الى سلة غذاء لكل العرب، لان الانفصالات المتوقعة – وليس انفصال الجنوب فقط – سوف تجعل الاراضي الزراعية الخصبة بغالبيتها ضمن دول انفصلت ولم تعد سودانية.
وحرمان الاقطار العربية من الغذاء السوداني يحقق هدفين جوهريين الهدف الاول هو استمرار اعتماد العرب على استيراد القمح وغيره من دول غربية وبالاخص امريكا واستراليا، فتصبح التبعية الغذائية من اهم اسلحة ابتزاز العرب. والهدف الثاني هو تنشيط اقتصادات الغرب الذي يتعرض لازمات اقتصادية خطيرة بتصدير الطعام للعرب بكميات ضخمة.
6– اما مصر فسوف تشهد بروز ظاهرتين خطيريتين :
أ– ظاهرة تناقص المياه الواردة لها من النيل وهو وضع سيزيد من مشاكل الزراعة في مصر وهي كبيرة وسيدمرها في نهاية المطاف فيزيد الفقر والتخلف فيها، وبذلك تجبر اي حكومة مصرية على زيادة اعتمادها على المساعدات الخارجية خصوصا الامريكية في مجال الغذاء وعلى الكيان الصهيوني في مجال تقديم المساعدة الفنية المشروطة في المجال الزراعي، فتفقد مصر استقلالها وسيادتها وتصبح مستعمرة امريكية صهيونية رسميا وبالكامل.
ب– في ظل تخبط مصر الشديد المتوقع في ازمات خطيرة غذائية وديموغرافية ما يتفرع عنها من ازمات سياسية واقتصادية خطيرة، يصبح تقسيم مصر امرا واردا وممكنا، ومنذ الان بدأت خطوات التمهيد لانشاء دولة قبطية مدعومة من الغرب، ومواقف بعض القساوسة الاقباط المستفزة للمسلمين في مصر احد اهم مؤشرات ذلك، مثل قول احدهم (بان المسلمين في مصر ضيوف لدينا)، ووجود رد فعل اسلامي طائفي مماثل للفعل الذي تقوم به عناصر قبطية داخل وخارج مصر خصوصا في امريكا يتمثل في بروز عداء صريح للاقباط في اوساط معينة. وتقسيم مصر يشابه تقسيم العراق فالمطلوب جعل مصر اربعة دول دولة قبطية ودولة سنية ودولة شيعية – فاطمية ودولة نوبية في الجنوب.
7– ان تقسيم مصر والسودان ليس الا خطوة اخرى في مخطط تقسيم كافة الاقطار العربية والذي وضعته الصهيونية والغرب الاستعماري، فبعد غزو الاحواز وفلسطين والعراق جاء دور مصر والسودان من اجل القضاء على اهم كم سكاني عربي وهو العدد الضخم لسكان مصر والسودان وتحويله الى فسيفساء عرقية وطائفية متناحرة وبلا رابط وطني او قومي يجمعها مجددا، ومنع العرب خصوصا مصر من حل ازماتها الغذائية بتحويل السودان الى ضامن للغذاء المطلوب من الاقطار العربية. ان مصر مركز الثقل السكاني العربي ستبدو مقزمة ومقسمة وتابعة وكذلك السودان، وما جرى ويجري في العراق منذ غزوه يثبت ذلك بقوة وحسم تامين.
ان اثارة ازمة توزيع المياه التي فجرت في الشهور الماضية بين مصر والسودان من جهة ودول المنبع الافريقي لنهر النيل من جهة ثانية تقع في اطار التصعية المتعمد والتهيئة المدروسة للاحداث اللاحقة.
يتبع
12/12/2010
من سيقسم بعد السودان؟ 1-2
شبكة البصرة
صلاح المختار
الضربات القوية تهشم الزجاج لكنها تصقل الحديدمثل
تتجه الاوضاع في السودان نحو الحسم بعد عقود من التطورات الخطيرة والمتتابعة، ومن بين اهم المؤشرات على ذلك الموقف الامريكي والذي عبرت عنه تصريحات رسمية ذات دلالات خطيرة وواضحة المعنى والهدف، ومن بينها تصريحات نائب الرئيس الامريكي جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، فبايدن اطلق تصريحات متعددة حول السودان وعد فيها السودان برفع العقوبات عنه وتقديم مساعدات مقابل قيام الحكومة بتسهيل اجراء الاستفتاء حول انفصال جنوب السودان وبالحاح لافت للنظر، وقبل بايدن اطلقت هيلاري كلنتون وزير ة الخارجية الامريكية تصريحا يؤكد ان الانفصال سيكون نتيجة الاستفتاء وقبل ان تعبر قيادات جنوبية عن رغبتها بالانفصال، وهذا التصريح يفسر مقترح بايدن المذكور حينما استخدمت كلنتون لغة لا صلة لها باللغة الدبلوماسية بتحذيرها حكومة السودان من عرقلة الانفصال!
وهذا التصريح الرسمي الفج والعدائي بالكامل للسودان ووحدته كان رسالة مباشرة وصريحة لقيادة جنوب السودان تقول اذا كانت لديكم اي نية لعدم الانفصال وابقاء السودان موحدا فعليكم التخلي عنها واختيار الانفصال ونحن ندعمكم في امريكا واوربا. وما زاد القلق ان تصريحات كلنتون اثنت عليها دول اوربية بقوة وحماس واضحين. وهذه خطوة خطيرة جدا تؤكد مرة اخرى وتثبت بصورة حاسمة ان امريكا تريد تنفيذ خطة انفصال الجنوب وتأسيس دولة هناك لن تكون الا معادية لعروبة ووحدة السودان وتوظف لضرب مصر ايضا واكمال خطوات عزل وتقسيم مصر التي ابتدات باتفاقيتي كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني.
وهذا التوجه الامريكي وجد صداه فورا لدى عناصر جنوب السودان فقد قامت حكومته بعد تصريحات كلنتون وقبل تحقيق الانفصال بالغاء اللغة العربية واحلال اللغة الانكليزية محلها، فاذا اقدمت الان وقبل الانفصال على الغاء اللغة العربية فماذا نتوقع منها بعد الانفصال وهي على صلات قوية ومعروفة بالكيان الصهيوني واطراف غربية معادية للعرب؟
ان هذه التطورات تفرض طرح اسئلة مهمة جدا منها : ما الذي اجبر بايدن على الذهاب الى السودان مرتين وطرح هذا المشروع المطعم باغراء مسمم؟ وما سر الكرم الامريكي هذا المتمثل بالوعد القوي برفع الحصار عن السودان؟ وهل كان الحصار وافتعال ازمات في السودان في جنوبه وشرقة وغربه وشماله مقدمة لابد منها لاعداد البيئة المناسبة لتقسيم السودان؟ وهل تقسيم السودان خطوة منفردة ام انها جزء من مخطط عام يشمل تقسيم كل الاقطار العربية على اسس طائفية او عرقية في المشرق والمغرب؟ وما هي صلة ما يجري في السودان بتنفيذ سايكس بيكو الثانية التي تقوم على تقسيم الاقطار العربية على اسس عنصرية وطائفية؟ وهل ما يحصل في لبنان والعراق واليمن وغيرها هو خطوات في هذا الاطار؟
لتقديم اجوبة دقيقة لابد من التذكير بعدة حقائق منها :
1
– ثمة تزامن لا يمكن تجاهله بين التصعيد في احداث السودان والتصعيد في العراق ولبنان ومصر ودول الخليج العربي خصوصا الكويت والبحرين، ودول المغرب العربي، حيث ان الاحداث في هذه الاقطار تتجه للمزيد من التوتر والتعقيد. وهذا التزامن يقدم دليلا قويا على ان ما يجري ليس تطورات عفوية.
2– ان الاعلان عن القرار الامريكي – الاوربي بتقسيم السودان ليس سوى تبن كامل ورسمي للخطة الصهيونية المعروفة القائمة على تقسيم الاقطار العربية كلها على اسس عرقية وطائفية، والسودان ذكر في المخطط الصهيوني صراحة ونص على انشاء دولة مستقلة في جنوب السودان. ومن يقرأ ما كتبه الصهيوني عوديد ينون في مقالته الشهيرة (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات) وغيره يدرك هذه الحقيقة بلا لبس او غموض. وكما في العراق فان امريكا تخلت عن موقفها التقليدي وهو اضعاف وتقزيم الاقطار العربية دون تقسيمها وتبنت الخطة الصهيونية القائمة على تقسيمها.
3– تأكد الان ان الاثارة المفتعلة لمشكلة درافور وتحريك النزعة الانفصالية مجددا في الجنوب وتحريض اطراف شمالية على دعم انفصال الجنوب او دارفور في الغرب وافتعال ازمة في الشرق ليس سوى خطوات امريكية وغربية مدروسة لتقسيم السودان. ومع تزايد الوجود الصيني في السودان ازدادت حمى الغرب لتقسيم السودان لان وجود نفوذ صيني في السودان سيحرم الغرب الاستعماري من امكانية استغلال ثروات السودان وهي ثروات مهمة جدا، ويمنع تقسيمه. ان الصراع في السودان لم يعد صراعا اقليميا بين حركة التحرر الوطني العربية خصوصا السودانية منها، والصهيونية وكيانها في فلسطين المدعوم من قبل الاستعمار الغربي الامريكي والاوربي، بل اصبح له بعد دولي خطير.
4– ان انفصال الجنوب ليس سوى خطوة تمهيدية تشجع وتدعم انفصال دارفور وغيرها من مناطق السودان، ولذلك فان الامن لن يسود بعد انفصال الجنوب بل ستحرك ازمات اخرى وستكون اشد واخطر من ازمة الجنوب.
5– ان تقسيم السودان ينطوي على اهداف اقليمية ستراتيجية خطيرة منها ما يلي :
أ– طرد الصين من السودان ومن افريقيا كلها استباقا لبروز الصين كقوة مقررة وحاسمة في افريقيا وفي العالم، كما اكدت دراسات امريكية عديدة بدأت تصدر منذ نهاية القرن الماضي. ان تقسيم السودان على يد الغرب وبدعم مباشر منه سيمكنه من التأثير على الدول الجديدة التي يراد لها ان تنشأ على انقاض الكيان الوطني السوداني وتقرير السياسات التي ستتبعها بما في ذلك موقفها من الصين الصاعدة.
ب– التمهيد لاقامة تحالف اقليمي افريقي – صهيوني تحت رعاية امريكا، يضم الدول الجديدة المنفصلة من السودان واثيوبيا واوغندا وغيرها واستخدامه في العملية اللاحقة وهي تقسيم مصر وابتزازها وابتزاز ماسيتبقى من السودان، وهذه الخطوة احد اهم الاهداف الصهيونية المعلنة منذ عقود والتي تتمثل فيما يسمى ب (نظرية شد الاطراف)، اي استقطاب الدول غير العربية المحيطة او المجاورة للاقطار العربية من قبل الكيان الصهيوني واقامة تعاون ستراتيجي معها من اجل تركيع العرب كليا وحسم ما تبقى من الصراع العربي – الصهيوني.
ج– تقسيم السودان يستبطن هدفا ستراتيجيا له صلة باحكام السيطرة على الوطن العربي كله، فمن المعروف ان ثمة دراسات كثيرة اكدت بان ازمة الغذاء المتنامية في الاقطار العربية والتي تهدد باوخم العواقب يمكن حلها عن طريق الاستثمار العربي في السودان في مجال الزراعة حيث ان ارض السودان ومياهه تمكنه من توفير الغذاء لكل الاقطار العربية وبذلك تحل هذه الازمة الخطيرة التي تهدد المستقبل العربي. لقد وصف السودان بانه (سلة الغذاء) للامة العربية، والان تجري عملية واضحة لمنع بل ولنسف اي امكانية لتطبيق مشروع تحويل السودان الى سلة غذاء لكل العرب، لان الانفصالات المتوقعة – وليس انفصال الجنوب فقط – سوف تجعل الاراضي الزراعية الخصبة بغالبيتها ضمن دول انفصلت ولم تعد سودانية.
وحرمان الاقطار العربية من الغذاء السوداني يحقق هدفين جوهريين الهدف الاول هو استمرار اعتماد العرب على استيراد القمح وغيره من دول غربية وبالاخص امريكا واستراليا، فتصبح التبعية الغذائية من اهم اسلحة ابتزاز العرب. والهدف الثاني هو تنشيط اقتصادات الغرب الذي يتعرض لازمات اقتصادية خطيرة بتصدير الطعام للعرب بكميات ضخمة.
6– اما مصر فسوف تشهد بروز ظاهرتين خطيريتين :
أ– ظاهرة تناقص المياه الواردة لها من النيل وهو وضع سيزيد من مشاكل الزراعة في مصر وهي كبيرة وسيدمرها في نهاية المطاف فيزيد الفقر والتخلف فيها، وبذلك تجبر اي حكومة مصرية على زيادة اعتمادها على المساعدات الخارجية خصوصا الامريكية في مجال الغذاء وعلى الكيان الصهيوني في مجال تقديم المساعدة الفنية المشروطة في المجال الزراعي، فتفقد مصر استقلالها وسيادتها وتصبح مستعمرة امريكية صهيونية رسميا وبالكامل.
ب– في ظل تخبط مصر الشديد المتوقع في ازمات خطيرة غذائية وديموغرافية ما يتفرع عنها من ازمات سياسية واقتصادية خطيرة، يصبح تقسيم مصر امرا واردا وممكنا، ومنذ الان بدأت خطوات التمهيد لانشاء دولة قبطية مدعومة من الغرب، ومواقف بعض القساوسة الاقباط المستفزة للمسلمين في مصر احد اهم مؤشرات ذلك، مثل قول احدهم (بان المسلمين في مصر ضيوف لدينا)، ووجود رد فعل اسلامي طائفي مماثل للفعل الذي تقوم به عناصر قبطية داخل وخارج مصر خصوصا في امريكا يتمثل في بروز عداء صريح للاقباط في اوساط معينة. وتقسيم مصر يشابه تقسيم العراق فالمطلوب جعل مصر اربعة دول دولة قبطية ودولة سنية ودولة شيعية – فاطمية ودولة نوبية في الجنوب.
7– ان تقسيم مصر والسودان ليس الا خطوة اخرى في مخطط تقسيم كافة الاقطار العربية والذي وضعته الصهيونية والغرب الاستعماري، فبعد غزو الاحواز وفلسطين والعراق جاء دور مصر والسودان من اجل القضاء على اهم كم سكاني عربي وهو العدد الضخم لسكان مصر والسودان وتحويله الى فسيفساء عرقية وطائفية متناحرة وبلا رابط وطني او قومي يجمعها مجددا، ومنع العرب خصوصا مصر من حل ازماتها الغذائية بتحويل السودان الى ضامن للغذاء المطلوب من الاقطار العربية. ان مصر مركز الثقل السكاني العربي ستبدو مقزمة ومقسمة وتابعة وكذلك السودان، وما جرى ويجري في العراق منذ غزوه يثبت ذلك بقوة وحسم تامين.
ان اثارة ازمة توزيع المياه التي فجرت في الشهور الماضية بين مصر والسودان من جهة ودول المنبع الافريقي لنهر النيل من جهة ثانية تقع في اطار التصعية المتعمد والتهيئة المدروسة للاحداث اللاحقة.
يتبع
12/12/2010