حنين موحد
2010-12-12, 15:06
حِفظُ الله للقرآن
بقلم عبد المالك رمضاني
ممّا يدلُّ على صدقِ نُبوّة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حفظ الكتاب الذي أُرسل به إلى النّاس ، ألا و هو القرآن الكريم ، فقد حُفظ هذا الكتاب حفظًا لم يُعرف له نظير من قبلُ في الكتب السّماويّة الأخرى ؛ لأنّ الله هو الذي تولّى حفظه ، وسخّر لذلك ما شاء من الأسباب ، فحفظه الأئمّة في المحاريب ، و الصّبيان في الكتاتيب ، لا تسأل عن نقطه و شكله ، و لا عن نسخه و رسمه ، فقد تفنّن المسلمون في ذلك أيّما تفنّن ، فجلس القرّاء يقرئونه في المساجد ، والعلماء يفسّرونه في المعاهدِ ، و يجيزون طلّابهم فيه بأنقى الإجازات ذات السّلاسل المتّصلة ، لا يحاول أحدٌ تحريف حرفِ منه إلا افتضح من توِّهِ ، قال الباجي رحمه الله : " كتابنا المحفوظ يحفظه الصّغير و الكبير ، لا يمكن لأحد الزّيادة فيه و لا النّقصان ، و الذي يقرأ به مَن في أبعد المشرق هو الذي يقرأ به مَن في أبعد المغرب ، دون زيادة حرفٍ و لا لفظةٍ و لا اختلاف في حركةٍ و لا نقطةٍ " من مقدّمة محقّق كتاب الباجي " فصول الأحكام " (ص62) ، و في " تفسير القرطبيّ " (10/5-6) عن يحي بن أكثمَ قال : " كان للمأمون - و هو أميرٌ إذّاك - مجلس نظر ، فدخل في جملة النّاس رجل يهوديٌّ حسنُ الثّوب حسنُ الوجه طيّب الرّائحة ، قال فتكلّم فأحسن الكلام و العبارة ، قال : فلمّا تقوَّضَ المجلس دعاه المأمونُ ، فقال له : إسرائيليٌّ ؟ قال : نعم ! قال له : أسلم حتى أفعل بك و أصنع ، و وعده ، فقال : ديني و دين آبائي ! ! و انصرف ، قال : فلمّا كان بعد سنة جاءنا مسلمًا ، قال : فتكلّم على الفقه ، فأحسن الكلام ، فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون ، و قال : ألستَ صاحبَنا بالأمس ؟ قال له : بلى ! قال : فما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك ، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان و أنت تراني حسن الخطّ ، فعمَدتُ إلى التّوراة فكتبت ثلاث نسخ ، فزِدت فيها و نقَصتُ ، و أدخلتها الكنيسة فاشتُريت منّي ، و عمدت إلى الإنجيل فكتبتُ ثلاث نسخ ، فزدت فيها و نقصت ، وأدخلتها البِيعة فاشتُريت منّي ، و عمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ و زدت فيها و نقصت ، وأدخلتها الورّاقين فتصفّحوها ، فلمّا أن وجدوا فيها الزّيادة والنّقصان رموا بها فلم يشتروها ، فعلمت أنّ هذا كتابٌ محفوظٌ ، فكان هذا سبب إسلامي ، قال يحيـى بن أكثم : فحججتُ تلك السّنة فلقِيتُ سفيانَ بنِ عُيينة فذكرت له الخبر فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله عز وجل ، قال قلت : في أيّ موضعٍ ؟ قال : في قول الله تبارك و تعالى في التوراة و الإنجيل: ﴿ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ ﴾ ( المائدة : 44 ) ، فجعل حفظه إليهم فضاع ، وقال عزّ و جلّ : ﴿إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لحَافِظُونَ﴾ ( الحجر : 9 ) ، فحفظه الله عزّ وجلّ علينا فلم يضِع "
بقلم عبد المالك رمضاني
ممّا يدلُّ على صدقِ نُبوّة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حفظ الكتاب الذي أُرسل به إلى النّاس ، ألا و هو القرآن الكريم ، فقد حُفظ هذا الكتاب حفظًا لم يُعرف له نظير من قبلُ في الكتب السّماويّة الأخرى ؛ لأنّ الله هو الذي تولّى حفظه ، وسخّر لذلك ما شاء من الأسباب ، فحفظه الأئمّة في المحاريب ، و الصّبيان في الكتاتيب ، لا تسأل عن نقطه و شكله ، و لا عن نسخه و رسمه ، فقد تفنّن المسلمون في ذلك أيّما تفنّن ، فجلس القرّاء يقرئونه في المساجد ، والعلماء يفسّرونه في المعاهدِ ، و يجيزون طلّابهم فيه بأنقى الإجازات ذات السّلاسل المتّصلة ، لا يحاول أحدٌ تحريف حرفِ منه إلا افتضح من توِّهِ ، قال الباجي رحمه الله : " كتابنا المحفوظ يحفظه الصّغير و الكبير ، لا يمكن لأحد الزّيادة فيه و لا النّقصان ، و الذي يقرأ به مَن في أبعد المشرق هو الذي يقرأ به مَن في أبعد المغرب ، دون زيادة حرفٍ و لا لفظةٍ و لا اختلاف في حركةٍ و لا نقطةٍ " من مقدّمة محقّق كتاب الباجي " فصول الأحكام " (ص62) ، و في " تفسير القرطبيّ " (10/5-6) عن يحي بن أكثمَ قال : " كان للمأمون - و هو أميرٌ إذّاك - مجلس نظر ، فدخل في جملة النّاس رجل يهوديٌّ حسنُ الثّوب حسنُ الوجه طيّب الرّائحة ، قال فتكلّم فأحسن الكلام و العبارة ، قال : فلمّا تقوَّضَ المجلس دعاه المأمونُ ، فقال له : إسرائيليٌّ ؟ قال : نعم ! قال له : أسلم حتى أفعل بك و أصنع ، و وعده ، فقال : ديني و دين آبائي ! ! و انصرف ، قال : فلمّا كان بعد سنة جاءنا مسلمًا ، قال : فتكلّم على الفقه ، فأحسن الكلام ، فلما تقوّض المجلس دعاه المأمون ، و قال : ألستَ صاحبَنا بالأمس ؟ قال له : بلى ! قال : فما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك ، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان و أنت تراني حسن الخطّ ، فعمَدتُ إلى التّوراة فكتبت ثلاث نسخ ، فزِدت فيها و نقَصتُ ، و أدخلتها الكنيسة فاشتُريت منّي ، و عمدت إلى الإنجيل فكتبتُ ثلاث نسخ ، فزدت فيها و نقصت ، وأدخلتها البِيعة فاشتُريت منّي ، و عمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ و زدت فيها و نقصت ، وأدخلتها الورّاقين فتصفّحوها ، فلمّا أن وجدوا فيها الزّيادة والنّقصان رموا بها فلم يشتروها ، فعلمت أنّ هذا كتابٌ محفوظٌ ، فكان هذا سبب إسلامي ، قال يحيـى بن أكثم : فحججتُ تلك السّنة فلقِيتُ سفيانَ بنِ عُيينة فذكرت له الخبر فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله عز وجل ، قال قلت : في أيّ موضعٍ ؟ قال : في قول الله تبارك و تعالى في التوراة و الإنجيل: ﴿ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ ﴾ ( المائدة : 44 ) ، فجعل حفظه إليهم فضاع ، وقال عزّ و جلّ : ﴿إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لحَافِظُونَ﴾ ( الحجر : 9 ) ، فحفظه الله عزّ وجلّ علينا فلم يضِع "