عبد الغني البلي
2010-12-12, 14:41
جزائري في سجون الصهاينة
بقلم: عبد الغني بلقيروس
يعرف الكثير من الجزائريين الأستاذ الدكتور عبد الحميد خزار بدراساته الأكاديمية الرصينة في العلوم الاقتصادية وفي الفكر الإسلامي، وبإدارته العالية المستوى لمعهد العلوم الاقتصادية بجامعة قسنطينة ، حيث أشرف على أول دفعة معربة للدراسات العليا بالمعهد في الموسم الجامعي 1980/1981 ، ليتولى بعدها إدارة المعهد الوطني للتعليم العالي في العلوم الإسلامية في 1994، بعد استشهاد الدكتور الطاهر حليس على يد خوارج العصر، كما رافق المجاهد العقيد الحاج الأخضر في مسيرة تشيد الصرح العظيم المتمثل في المركز الثقافي الإسلامي أول نوفمبر، الذي أصبح شعلة للفكر الإسلامي تضيء سماء الأوراس وتعالي جبالها الشماء، لكن أكثر ما عرف به الدكتور خزار هو إدارته البارعة لجامعة الحاج لخضر بباتنة ابتداء من عام 2000م، حيث عرفت الجامعة في عهده قفزة نوعية رائدة سواء التأطير العلمي والبداغوجي أو في تضاعف عدد الكليات والمعاهد حيث أصبح للجامعة صيتا تعدى حدود البلاد، وبقى المرحوم في جهاده العلمي حتى توفاه الله بعد مرض ألم به يوم الجمعة 16 مارس 2007 عن عمر يناهز الثالثة الستين من العمر، تاركا ورائه صفحات ناصعة من الجد والعطاء.
هذا بعض ما عرف عن المرحوم عبد الحميد خزار وهو يكفي لأن يبوأ صاحبه مكانة عالية تنحني لها الهمم والهامات، على أنّ جوانب أخرى بقيت مجهولة من سيرته تنتظر أنّ يماط عنها اللثام ، وتنشر صفاتها المطوية، حتى نعرف ما خفي من تاريخنا وسيرة أفذاذنا لأنها المنارة التي تقتدي بها الأجيال ـ أو هكذا يجب أن تكون ـ ومن هذه الصفحات المطوية حادثة اعتقال وسجن الدكتور عبد الحميد خزار في السجون الصهيونية بالقدس عام 1967، حيث كان المرحوم طالبا بإحدى ثانويات مدينة نابلس في الضفة الغربية التي كانت وقت ذاك تحت الإدارة الأردنية، قبل سقوطها في يد الاحتلال الصهيوني بعد حرب السادس من حزيرا ن 1967، وكان المرحوم قد وفد إلى نابلس ضمن البعثات التعليمية التي منحتها المملكة الأردنية الهاشمية للطلبة الجزائريين بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية في الجزائر بعد الاستقلال. واعتقل المرحوم رفقة جميع الطلبة الجزائريين في نابلس، وتعرض للتحقيق المتكرر المصحوب بالإكراه البدني والنفسي المعروف عن الصهاينة اقتيد وزملائه بعدها إلى القدس حيث أدخلوا السجن بدون محاكمة، ولم تغير الظروف المأساوية للسجن من طبيعة الشاب عبد الحميد خزار ومن إيمانه بالله وبفرجه وهو الخريج مدارس جمعية العلماء المسلمين الابتدائية بباتنة وقسنطينة، فتقدم رفاقه في السجن إماما في الصلاة ، وشرع في تقديم دروس ومواعظ يحثهم فيها على الصبر والاستمساك بحبل الله المتين، وعدم إظهار الضعف والاستكانة للصهاينة حتى لا يشمتوا أكثر من ما هم شامتين الآن جراء انتصارهم في حزيران، كما أقام المرحوم علاقات طيّبة مع المناضلين الفلسطينيين في السجن الإسرائيلي وكان يرفع من معنوياتهم ويحثهم على التمسك بأرضهم وحقهم في النضال والمقاومة وكثيرا ما حدثهم عن الثورة الجزائرية وما مرت به من محن قبل أن يأتي نصر الله، فكان كلامه ينزل عليهم بردا وسلاما. وبعد شهور من الاعتقال أفرجت السلطات الصهيونية عن المعتقلين الجزائريين ورحلتهم إلى الأردن، وبقيت أيام السجن منقوشة في ذاكرة المرحوم، كما بقي حب فلسطين وأهلها ينبض في أحشائه حتى أخر يوم في حياته. [/size]
بقلم: عبد الغني بلقيروس
يعرف الكثير من الجزائريين الأستاذ الدكتور عبد الحميد خزار بدراساته الأكاديمية الرصينة في العلوم الاقتصادية وفي الفكر الإسلامي، وبإدارته العالية المستوى لمعهد العلوم الاقتصادية بجامعة قسنطينة ، حيث أشرف على أول دفعة معربة للدراسات العليا بالمعهد في الموسم الجامعي 1980/1981 ، ليتولى بعدها إدارة المعهد الوطني للتعليم العالي في العلوم الإسلامية في 1994، بعد استشهاد الدكتور الطاهر حليس على يد خوارج العصر، كما رافق المجاهد العقيد الحاج الأخضر في مسيرة تشيد الصرح العظيم المتمثل في المركز الثقافي الإسلامي أول نوفمبر، الذي أصبح شعلة للفكر الإسلامي تضيء سماء الأوراس وتعالي جبالها الشماء، لكن أكثر ما عرف به الدكتور خزار هو إدارته البارعة لجامعة الحاج لخضر بباتنة ابتداء من عام 2000م، حيث عرفت الجامعة في عهده قفزة نوعية رائدة سواء التأطير العلمي والبداغوجي أو في تضاعف عدد الكليات والمعاهد حيث أصبح للجامعة صيتا تعدى حدود البلاد، وبقى المرحوم في جهاده العلمي حتى توفاه الله بعد مرض ألم به يوم الجمعة 16 مارس 2007 عن عمر يناهز الثالثة الستين من العمر، تاركا ورائه صفحات ناصعة من الجد والعطاء.
هذا بعض ما عرف عن المرحوم عبد الحميد خزار وهو يكفي لأن يبوأ صاحبه مكانة عالية تنحني لها الهمم والهامات، على أنّ جوانب أخرى بقيت مجهولة من سيرته تنتظر أنّ يماط عنها اللثام ، وتنشر صفاتها المطوية، حتى نعرف ما خفي من تاريخنا وسيرة أفذاذنا لأنها المنارة التي تقتدي بها الأجيال ـ أو هكذا يجب أن تكون ـ ومن هذه الصفحات المطوية حادثة اعتقال وسجن الدكتور عبد الحميد خزار في السجون الصهيونية بالقدس عام 1967، حيث كان المرحوم طالبا بإحدى ثانويات مدينة نابلس في الضفة الغربية التي كانت وقت ذاك تحت الإدارة الأردنية، قبل سقوطها في يد الاحتلال الصهيوني بعد حرب السادس من حزيرا ن 1967، وكان المرحوم قد وفد إلى نابلس ضمن البعثات التعليمية التي منحتها المملكة الأردنية الهاشمية للطلبة الجزائريين بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية في الجزائر بعد الاستقلال. واعتقل المرحوم رفقة جميع الطلبة الجزائريين في نابلس، وتعرض للتحقيق المتكرر المصحوب بالإكراه البدني والنفسي المعروف عن الصهاينة اقتيد وزملائه بعدها إلى القدس حيث أدخلوا السجن بدون محاكمة، ولم تغير الظروف المأساوية للسجن من طبيعة الشاب عبد الحميد خزار ومن إيمانه بالله وبفرجه وهو الخريج مدارس جمعية العلماء المسلمين الابتدائية بباتنة وقسنطينة، فتقدم رفاقه في السجن إماما في الصلاة ، وشرع في تقديم دروس ومواعظ يحثهم فيها على الصبر والاستمساك بحبل الله المتين، وعدم إظهار الضعف والاستكانة للصهاينة حتى لا يشمتوا أكثر من ما هم شامتين الآن جراء انتصارهم في حزيران، كما أقام المرحوم علاقات طيّبة مع المناضلين الفلسطينيين في السجن الإسرائيلي وكان يرفع من معنوياتهم ويحثهم على التمسك بأرضهم وحقهم في النضال والمقاومة وكثيرا ما حدثهم عن الثورة الجزائرية وما مرت به من محن قبل أن يأتي نصر الله، فكان كلامه ينزل عليهم بردا وسلاما. وبعد شهور من الاعتقال أفرجت السلطات الصهيونية عن المعتقلين الجزائريين ورحلتهم إلى الأردن، وبقيت أيام السجن منقوشة في ذاكرة المرحوم، كما بقي حب فلسطين وأهلها ينبض في أحشائه حتى أخر يوم في حياته. [/size]