تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو المذهب التجاري


asil333
2010-12-10, 17:40
ارجو ان تجيبوني في اسرع وقت
و شكرااااا

hamidmel
2010-12-10, 18:22
التجارية (الماركنتلية ـ)



التجارية Mercantilisme تسمية تعود إلى القرن الثامن عشر، أطلقها الاقتصاديون الليبراليون «أنصار الحرية الاقتصادية»، وعلى رأسهم الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث[ر] Adam Smith، مؤسس النظرية الاقتصادية التقليدية (الكلاسيكية)، على مجموعة الآراء والإجراءات الاقتصادية التي طبقها أنصار الدولة القومية Etat national في معظم البلدان الأوربية، في المدة بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، بهدف توفير فائض في الميزان التجاري للدولة، وهذا الفائض هو الوسيلة الوحيدة في نظرهم لجذب المعادن الثمينة اللازمة لتقدم الأمة وتقوية الدولة ولا سيما الدولة المحرومة من مناجم الذهب والفضة.

ولم تكن هذه التسمية التي أطلقها مؤسسو المدرسة التقليدية وعلماء الاجتماع المعاصرون لهم بعيدة عن محاولة تشويه الأفكار التي جاء بها أنصار المذهب التجاري الذين تُطلق عليهم أيضاً تسمية «التجاريين» لأن أنصار هذا المذهب «التجاري» كانوا يرون ضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وفرض الحماية الجمركية من أجل تشجيع الصادرات وتخفيض الواردات، ذلك أنّ مجمل أفكارهم والإجراءات التي اتخذوها كانت تتعارض مع نظرة الاقتصاديين أنصار الحرية الاقتصادية، ومن ثمَّ كان هجوم هؤلاء عنيفاً على أنصار المذهب التجاري، فجرَّحوه وأطلقوا عليه تسمية توحي بأن اهتماماته مقصورة على الجانب التجاري وانه يعبر عن مصالح التجار فقط. في حين أن المذهب التجاري يمثِّل، في الحقيقة، تنظيماً شاملاً للصناعة والزراعة والتجارة يهدف إلى تنشيط الاقتصاد الوطني وضمان قوة الدولة اقتصادياً وعسكرياً، وهذا ما تسعى إليه الدول في الوقت الحاضر. ويمكن تعريف التجارية أو المذهب التجاري بأنه مجموعة السياسات والتدابير الاقتصادية التي كان يدعو إليها بعض الاقتصاديين، وطبّقها رجالات الدولة والمسؤولون في معظم البلدان الأوربية في مختلف مجالات الاقتصاد الوطني:الصناعة والزراعة ولاسيما في مجال تنظيم التجارة الخارجية والنقل البحري بهدف تحقيق ميزان تجاري رابح ومنع خروج المعادن الثمينة من البلاد، ومحاولة تجميع أكبر كمية ممكنة من الذهب والفضة داخل حدود الدولة، بوصفهما يمثلان الثروة التي يجب أن يكون الحصول عليها هدفاً أعلى للدولة.

المنظور التاريخي

اتصفت أواخر القرون الوسطى وبداية العصر الحديث بنظرة جديدة نحو الإنسان والمجتمع، هذه النظرة تُعطي للدولة القومية قيمة شبه مقدسة من جهة، وتطري الغنى والثروة، خلافاً لمذهب الكنيسة، من جهة ثانية. وقد عرفت هذه المرحلة زوال سلطة الأمراء الإقطاعيين وهيمنة الكنيسة على الحياة الاجتماعية لتحل محلهما سلطة الملك المركزية وبروز كيان الدولة القومية، وبسبب اكتشاف العالم الجديد وتطور وسائط النقل البحري من جهة، وانهيار السلطة الإقطاعية وعدم ظهور الرأسمالية الصناعية بعد، من جهة ثانية، تمكّن التجار من توسيع نشاطهم باستيراد المواد الأولية من الأمريكيتين وتصدير السلع المصنعة إليهما وإلى بقية أنحاء العالم. وقد استطاع التجار، بدعم من الملوك الذين كانوا يطمحون إلى تقوية سلطتهم المركزية إزاء بقايا الإقطاع، التغلب على صعوبات التصنيع التي كان يفرضها عليهم نظام الطوائف Castes الإقطاعي الذي يقيد الصناعة. فتمكن التجار من إخراج الصناع الصبيان Apprentis خارج نطاق الأقاليم الخاضعة لتنظيم الطوائف وتزويدهم بما يحتاجون إليه من مواد لصناعة السلع المطلوبة في السوق ومن ثم أقيمت المصانع اليدوية (المانيفاكتورة) Manifactures الخاضعة لإشراف التجار أنفسهم والتي كانت الأساس الاقتصادي لظهور الرأسمالية الصناعية فيما بعد. في هذه الظروف برز مفكرون ورجال أعمال وكذلك رجال دولة رسميون يهدفون إلى دعم سلطة الملك إزاء الإقطاع وإنشاء الدولة المركزية على حساب الإقطاعيات المشتتة، فسنوا القوانين واللوائح ووضعوا التنظيمات لإقامة المصانع وفرض الحماية الجمركية وإفساح المجال أمام منع تصدير المنتجات الزراعية بهدف توفير غذاء رخيص وأيد عاملة رخيصة. كل هذه الإجراءات والتدابير استندت إلى مذهب اقتصادي سُمي فيما بعد بالتجارية، أو المذهب التجاري، ولقد كان لهذه السياسات والإجراءات والتدابير أهميتها في إقامة الاقتصادات القومية التي قامت بدور مهم في تحقيق النمو الاقتصادي وقيام المجتمعات القومية المتماسكة.

منطلقات التجارية

خلافاً لرأي مكيافلّيMachiavel الذي كان يقول بوجوب اغتناء الدولة وبقاء المواطنين فقراء فإن التجاريين طوروا مقولة جديدة مؤداها أن الدولة تزداد قوة بقدر ما تساعد مواطنيها على الاغتناء ولاسيما فئة التجار. كما بدل التجاريون الموقف الذي يرى في قوة الدولة الغاية الأسمى للحياة الإنسانية، وعدّوا الثروة القيمة العليا. وبذلك يمكن أن تعد التجارية نظرية عن المجتمع تنطلق، لأول مرة، من أساس اقتصادي، لأن هدف الحياة الاجتماعية في نظر التجارية، هو هدف اقتصادي. على اختلاف مؤرخي الفكر الاقتصادي حول تحديد إطار المذهب التجاري، فإن المنطلقات العامة للتجارية تتضمن الجوانب الآتية:

آ ـ مفهوم الثروة: من المتفق عليه أن التجاريين كانوا يعلقون أهمية كبرى على الثروة، ويعدون وفرتها أساس قوة الدولة ومحرك نشاط الفرد. كما كانوا يؤكدون أن سعي الفرد وراء الثروة من شأنه أن يحقق له السعادة من جهة أولى، كما يساعد في اغتناء الآخرين وضمان قوة الدولة من جهة ثانية. ويقصد التجاريون بالثروة المعادن الثمينة من الذهب والفضة.

ب ـ إرادة القوة وخدمة الأمير والدولة: كانت التجارية في كل دول أوربة تعبر عن إرادة مزدوجة في القوة؛ البحث عن التوسع من جهة والثروة من جهة ثانية، لأن ظهور التجارية ترافق مع نشوء الفكر القومي وبروز فكرة تحقيق الاكتفاء الذاتي القومي Autarcie، ولم تكن هناك أيّ إمكانية لتحقيق ذلك من دون توافر جيش وأسطول قويين. ولتحقيق ذلك يجب زيادة حصيلة الدولة من الضرائب التي يمكن توفيرها عن طريق التقدم التجاري وتشجيع دخول الثروة إلى داخل البلاد .

ج ـ تنمية الثروة: أجمع أنصار التجارية على أنّ الثروة هي القيمة العليا في المجتمع كما أجمعوا على أنها تكمن في توافر المعادن الثمينة كالذهب والفضة، ولهذا ركزوا اهتمامهم على ضرورة تنمية الثروة التي يرون إمكانية تحقيقها على أساس حسن سير العمل في المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية. أما المؤسسات التجارية فتزيد الثروة عن طريق زيادة التصدير على الاستيراد مما يقود إلى دخول الثروة إلى البلاد. أما المؤسسات الصناعية والزراعية فتسهم في زيادة الثروة بقدر ما تستطيع زيادة إنتاجها لتقليص الواردات من جهة وزيادة الصادرات من جهة أخرى، أي لتحقيق ميزان تجاري رابح.

د ـ الحماية الجمركية وتحقيق ميزان تجاري رابح: يمكن، حسب مذهب التجارية، زيادة الثروة بأحد طريقين: استثمار مناجم الذهب والفضة إذا كانت متوافرة في الدولة ومنع خروج هذين المعدنين من البلاد أو تنشيط التجارة الخارجية والتصدير من السلع والخدمات بقيمة تزيد على القيم التي يشتريها البلد من الخارج، أي تحقيق ميزان تجاري رابح يحقق فائضاً يتم تسديده بالمعادن الثمينة، واقترح أنصار التجارية اتخاذ تدابير متعددة لتحقيق هذا الهدف منها: تشجيع الصادرات من المواد المصنعة ومنع استيراد السلع المنافسة للسلع الوطنية، وبناء شركات الملاحة وامتلاك أساطيل بحرية ضخمة للنقل، وتوفير مواد أولية بأسعار منافسة عن طريق إقامة مستعمرات أو مستوطنات خارج البلاد Colonies وهكذا ترى التجارية ضرورة اتباع سياسة الحماية الجمركية ولاسيما تطبيق سياسة منع الاستيراد لتوفير ميزان تجاري رابح يشكل فائضه مصدراً للثروة.

هـ ـ زيادة السكان: يرى أنصار التجارية ضرورة زيادة السكان في البلد، لأن هذه الزيادة تسهل الحصول على يد عاملة رخيصة، وتشجع تنمية الصناعة وتجارة التصدير، من ثمّ زيادة الأرباح والثروة. وفي الوقت نفسه فإنهم يرون أن نمو التجارة والصناعة يسمح بتشغيل عدد أكبر من الناس، مما يؤدي إلى تشجيع زيادة السكان ويقود إلى تقوية الدولة. وهكذا فزيادة السكان وتنمية الثروة عاملان يرتبط أحدهما بالآخر وهما مرتبطان ببناء قوة الدولة.

السياسات الاقتصادية للتجارية

على الرغم من وجود منطلقات عامة للتجارية في كل بلدان أوربة فإن السياسات التي نادى أنصار التجارية بتطبيقها كانت تختلف من بلد لآخر تبعاً للأوضاع الاقتصادية لكل من هذه البلدان. من هنا يتأكد القول بأن التجارية لم تكن مجرد نظرية أو مذهب اقتصادي بل كانت مجموعة سياسات وإجراءات اقتصادية اعتمدت لبلوغ هدف التجارية الرئيس المزدوج زيادة الثروة وبناء قوة الدولة. ويمكن التمييز بوضوح بين أربعة تيارات في الفكر التجاري يتمثل كل منها في سياسة اقتصادية محددة تتلاءم مع الظروف التي كانت غالبة آنذاك، وهذه التيارات أو المذاهب هي الآتية:

آ ـ المذهب التجاري المعدني في إسبانية: Bullionisme يقوم هذا المذهب على أن ثروة الدولة تتمثل في مقدار النقود المسكوكة من الذهب أو الفضة التي تمتلكها. لما كانت إسبانية تمتلك مناجم الذهب في العالم الجديد (البيرو والمكسيك) تركز اهتمام التجارية على جلب أكبر كمية ممكنة من الذهب والفضة من ممتلكات إسبانية فيما وراء البحار والعمل للمحافظة عليها ومنع تسربها خارج البلاد. ولمنع تسرب المعادن طالب أنصار التجارية في إسبانية بمنع خروج النقود المسكوكة والسبائك، كما دعوا إلى الحد من الاستيراد عن طريق فرض الحماية الجمركية. وسنّت السلطات الإسبانية القوانين التي ألزمت البواخر التي تحمل البضائع المصدرة تسليم الدولة قيمتها بالذهب والفضة، كما منعت التجار الأجانب الذين يبيعون سلعهم داخل إسبانية من إخراج الذهب والفضة وألزمتهم شراء سلع إسبانية مقابلها.

ب ـ المذهب التجاري الصناعي في فرنسة: Industrialisme لم يكن لفرنسة مناجم للذهب والفضة كما كان لإسبانية، ولذلك كانت مسألة الحصول على المعادن الثمينة أي الثروة بمفهوم التجاريين الشغل الشاغل للاقتصاديين ورجال الدولة. غير أن التجاريين في فرنسة نظروا إلى المعادن الثمينة بوصفها ثروة كفيلة بتوفير السلع والحاجات اللازمة للمعيشة، ولذلك تركز الاهتمام على التدابير اللازمة لتوفير أكبر قدر ممكن من الثروة.

اقترن المذهب التجاري في فرنسة باسم كولبير Colbert وزير المالية، الذي كان يعتقد بأن وفرة المعادن الثمينة في الدولة دليل على قدرتها وقوتها وبأن زيادة كمية المعادن الثمينة في دولة معينة غير ممكنة إلا على حساب الدول الأخرى. إذ إنّ كمية المعادن الثمينة محدودة تدور في أوربة، ولذا لا يمكن زيادة النقود في فرنسة إلا بأخذ الكمية نفسها من دول مجاورة. ولذلك تركزت جهود التجارية بزعامة كولبير على مجموعتين من التدابير:

1ـ وضع قواعد لتنظيم الإنتاج تضمن تحسينه وتزيد قدرته على المنافسة.

2ـ وضع قواعد الحماية الجمركية إزاء السلع الأجنبية.

وعلى الرغم من تأكيد الاقتصاديين الفرنسيين من أنصار التجارية: جان بودان Jean Bodin وأنطوان دي مونكرتيان A.De Monchretien، على أهمية الزراعة في الاقتصاد الفرنسي أثرها في زيادة الثروة القومية فقد كان كولبير يركز كل الاهتمام على دعم الصناعة وتحسين جودة الإنتاج الصناعي وتوفير كل الشروط المواتية لتقوية الصناعة الفرنسية. ومن أجل ذلك اتخذت الإجراءات والتدابير التالية:

1ـ إقامة مصانع ملكية لضمان زيادة الإنتاج وتحسينه.

2ـ منح المساعدات والإعفاءات الضريبية للمصانع القائمة.

3ـ فرض أسعار متدنية على المواد الغذائية للإبقاء على الأجور منخفضة، وتوفير يد عاملة رخيصة وفرض أسعار متدنية على المواد الأولية ومنع تصديرها لتوفيرها للصناعة بتكلفة متدنية.

4ـ فرض الحماية الجمركية لمصلحة الإنتاج الوطني وإعفاء المواد الأولية اللازمة للصناعة الوطنية.

5ـ إقامة المنشآت البحرية وتوسيع الأسطول وفرض رسوم إضافية على السفن الأجنبية بنسبة حمولتها عند رسوها في الموانئ الفرنسية .

6ـ تأسيس شركات تجارية كبيرة لتصريف المنتجات الصناعية في الخارج.

كان كولبير، وهو الممثل الرسمي للتجارية الصناعية في فرنسة، يهدف من كل هذه الإجراءات والتدابير إلى ضمان ورود الذهب والفضة عن طريق زيادة الصادرات وتقليص الواردات، ولكن الصادرات من المواد المصنوعة وليس من المحاصيل الزراعية. فالصناعة في رأيه هي المرتكز الأساسي لزيادة الصادرات، أما دور الزراعة فيقتصر على إنتاج المواد الغذائية للسكان وتوفير المواد الأولية لتوسيع الصناعة. وبكلام آخر فإن الهدف هو تنشيط التجارة الخارجية وتشجيع الصادرات من أجل ذلك يجب تنشيط الإنتاج الصناعي الذي يقتضي تسخير الزراعة لهذا الغرض (تخفيض أسعار المواد الغذائية، ومنع تصدير المواد الأولية، وإعفاء المستورد منها من الرسوم لضمان بيعها بأسعار رخيصة).

ج ـ مذهب التجارية التجاري في بريطانية: Commercialisme تأخّر الازدهار الاقتصادي في إنكلترة قياساً بالأقطار الأوربية الأخرى حتى بداية القرن السابع عشر، ولكن ما إن بدأ حتى أخذ يتسارع بمعدلات عالية وعلى الأخص بدءاً من النصف الثاني للقرن السابع عشر. ويرجع ذلك، بصورة أساسية، إلى التجارة الخارجية. تركز اهتمام أنصار المذهب التجاري في إنكلترة على التجارة الخارجية وتنشيطها واتخذ المذهب ثلاثة اتجاهات: حماية النقد ومخزون المعادن الثمينة، وحماية الإنتاج، وتشجيع البحرية الإنكليزية والتجارة. ولكن كان التركيز شديداً على الاتجاه الأخير منها.

ومع أن تصدير المعادن الثمينة من إنكلترة كان ممنوعاً في أكثر الأحيان فإن الاقتصاديين الإنكليز تنبهوا إلى الطابع السلبي لهذه التدابير وبينوا أن خروج المعادن الثمينة مرتبط في النهاية بتقدم النشاط الاقتصادي للمملكة مع العالم الخارجي ورصد معاملاتها مع هذا العالم، ولذا نادوا بحرية إخراج المعادن الثمينة لشراء سلع يُعاد بيعها إلى الدول الأخرى (تجارة الترانزيت) بغية الحصول على كمية أكبر من المعدن المدفوع لشرائها فيكون الرصيد موجباً لصالح إدخال المعادن الثمينة إلى المملكة. فقد كان توماس مون Thomas Mun صاحب أول محاولة لصوغ نظرية الميزان التجاري، يقول: «إنّ الطريقة العادية لزيادة ثروتنا تتمثل في التجارة الخارجية. إذ يجب أن نراعي دائماً القاعدة التالية: وهي أن نبيع للأجانب سنوياً أكثر مما نشتريه منهم في القيمة»، وكان يأخذ بالحسبان التجارة غير المنظورة أيضاً.

عملت بريطانية على تشجيع التجارة الخارجية فسنّت القوانين لحمايتها وتشجيعها ولاسيما قوانين الملاحة الإنكليزية التي أوجبت نقل السلع المستوردة حصراً على السفن الإنكليزية وكذلك السلع المصدرة أو المستوردة بين إنكلترة ومستعمراتها. كما صدرت قوانين الحماية الجمركية التي فرضت رسوماً جمركية عالية على السلع الاستهلاكية المستوردة وخفضتها على السلع المخصصة لإعادة التصدير (تجارة الترانزيت).

د ـ المذهب التجاري المالي أو مذهب الخزانة: Cameralisme اتخذ المذهب التجاري في كل من ألمانية والنمسة صيغة خاصة وهي صيغة مالية الدولة أو الإدارة العامة. وقد أُطلقت على هذه الصيغة اسم علم الخزانة أو مذهب الخزانة. ويتمثل هذا المذهب في أفكار فون يوستي Von Justi التي أوردها في كتابه «اقتصاد الدولة». وينطلق هذا المذهب من مبدأ أساسي وهو ضرورة قيام الدولة بكل الأعمال الاقتصادية التي تكفل نمو الثروة.

كان أنصار التجارية في ألمانية والنمسة يقولون بناء إدارات الدولة انطلاقاً من المذاهب التجارية التي كانت غالبة آنذاك في باقي أقطار أوربة (السعي للحصول على المعادن الثمينة، ودعم الصناعة الوطنية وتقييد التجارة الخارجية وفرض الحماية الجمركية... إلخ) بقصد تحقيق اغتناء الدولة ودعم خزانتها وزيادة قوتها.

الأهمية التاريخية للتجارية

ترافق ظهور التجارية مع بداية نشوء الدول القومية في أوربة. فقد كانت نشأة الدولة القومية في حاجة كبرى إلى ظهور علم عن المجتمع يركز على أهمية السلطة المركزية بمواجهة التيارات الإقطاعية الانفصالية من جهة، ولتحقيق الذات القومية بمواجهة الأمم الأخرى من جهة ثانية. ولا تستطيع السلطة المركزية تحقيق هذه المهمة إذا لم تتوافر لها القوة العسكرية التي يحتاج بناؤها إلى تعبئة موارد مالية كبيرة. من هنا كان اهتمام التجاريين بإقامة اقتصاد وطني قومي يغني عن الاستيراد ويزيد من التصدير بما يضمن دخول مزيد من النقود (المعادن الثمينة) إلى البلاد ومنع خروجها منها لتوفير تمويل بناء قوة الدولة. قام المذهب التجاري، بمختلف الصيغ التي اتخذها، بدور إيجابي في وضع قواعد حكيمة لإدارة الشؤون الاقتصادية للدولة القومية الناشئة. وكانت التجارية بداية وضع علم عن المجتمع أسهم في نشأة التفكير العلمي في العلاقة السببية بين الظواهر الاجتماعية. وكان لهذا المذهب تأثيره الكبير في الفكر الاقتصادي من جهة وعلى التطور الاقتصادي من جهة ثانية:

آ ـ التأثير في الفكر الاقتصادي: نبّه التجاريون سواء عن طريق كتاباتهم النظرية، أم عن طريق التدابير الاقتصادية العلمية التي اتخذوها، على عدد من المنطلقات الاقتصادية التي شكلت مبادئ النظرية الاقتصادية فيما بعد. فقد كان لدعوتهم إلى تحقيق ميزان تجاري رابح أثر كبير في تعميق الدراسات حول التجارة الخارجية وقيام نظرية تكاليف الإنتاج المقارنة، ونظرية التخصص حسب عوامل الإنتاج، ونظرية التوازن الآلي في الموازين التجارية وموازين المدفوعات. كما كان لاهتمامهم الشديد بدخول النقود المسكوكة من المعادن الثمينة وما قاد إليه ذلك من تقلبات كبيرة في الأسعار، الدور الأول في وضع نظريات النقود (النظرية المعدنية والنظرية الكمية في النقد)[ر: النقود]، بالإضافة إلى دراسة آلية تشكُّل الأسعار. أضف إلى ذلك أن اهتمام التجاريين بتحقيق فائض في الميزان التجاري قادهم، ومن بعدهم، إلى الاهتمام بوضع استراتيجية لتنمية القطاعات الرائدة في الاقتصاد لتحقيق فائض اقتصادي يضمن قوة الدولة (استخراج المعادن الثمينة في إسبانية، ودعم الصناعة الوطنية في فرنسة، وتنشيط النقل البحري وتجارة إعادة التصدير في بريطانية وغير ذلك) وكذلك تسخير باقي القطاعات في الاقتصاد الوطني للقطاعات الرائدة لتتمكن من تحقيق أهدافها (بداية وضع نظريات استراتيجية التنمية). وحثَّ التجاريون على السعي لتخفيض أسعار الفائدة من أجل تشجيع الاستثمارات بالإضافة إلى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية فكانوا وراء ظهور مذهب التدخلية[ر].

ب ـ التأثير في التطور الاقتصادي: كان للسياسات الاقتصادية التي اتبعها التجاريون في مختلف الأقطار الأوربية أثرها الواضح في تسريع عملية النمو الاقتصادي في تلك الأقطار، وليس من قبيل المصادفة أن تتزامن بداية النهضة الاقتصادية مع تولي رجالات الدولة من التجاريين المهام الحكومية وذلك في القرنين السابع عشر والثامن عشر، فقد تحقّق في ظلّ التجاريين الازدهار الاقتصادي لمعظم أقطار أوربة حتى تلك البلدان التي عُدّت فيها السياسة التجارية فاشلة. فقد كانت إجراءات التجاريين، على وجه الخصوص، مصدر التراكم الرأسمالي الأولي في إنكلترة ونقطة الانطلاق إلى الثورة الصناعية. كما كان سعيهم لتنمية الصادرات سبباً رئيسياً في تطوير الصناعة فأقروا إلزامية العمل من أجل توفير يد عاملة رخيصة للصناعة كما منحوا الصناعات امتيازات الانحصار والمساعدات المالية مما شجع على ظهور فئة المنظمين Entrepreneurs الذين كان لهم أثرهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى أن دعمهم لسلطة الملك المركزية وإقامة الدولة القومية دفع إلى اندحار النظام الإقطاعي الذي كان عامل عرقلة للنمو الاقتصادي ومهّد لظهور طبقة اجتماعية جديدة (البورجوازية ورجال الأعمال) تتفق مصلحتها الطبقية مع التقدم الاقتصادي والاجتماعي بمواجهة الإقطاعيين الذين كانت مصلحتهم الطبقية في الإبقاء على التنظيم المجتمعي المعرقل للنمو.

انبعاث التجارية

ركَّز أنصار المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية (نظرية الحرية الاقتصادية) هجومهم الشديد على التجارية، وكانوا منذ القرن الثامن عشر يهاجمون تقييد التجارة الخارجية ونظام الحماية الذي كان متبعاً في كل الأقطار الأوربية بتأثير التجارية. وقد حمّل الليبراليون التجارية مسؤولية الوقوف حجر عثرة في طريق توسع التجارة الدولية وكذلك عرقلة تحقيق التوازن الاقتصادي. وشهد القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انتصار نظرية الحرية الاقتصادية وتراجع التجارية. غير أن هذا الانتصار لم يستمر لأن الحرية الاقتصادية التي نادى بها اقتصاديو المدرسة التقليدية كانت ضرورية لخدمة الاقتصادات المتقدمة على حساب الاقتصادات الأقل تطوراً، ولذلك ليس مصادفة أن تنطلق هذه النظرية من بريطانية التي شهدت بدايات الثورة الصناعية والتوسع الاقتصادي، إذ صار الاقتصاد الإنكليزي في حاجة إلى توسيع مجاله الحيوي سواء عن طريق غزو المستعمرات أم فتح الأسواق الأوربية في وجه الصناعة الإنكليزية المتفوقة. غير أنّ الحرية الاقتصادية لم تستطع تحقيق الآمال التي بنيت عليها في أوربة إذ سرعان ما انتشر التقدم الاقتصادي في باقي الأقطار الأوربية وبدأ الصراع على الأسواق بين هذه الدول، ولمّا اكتمل استعمار الكرة الأرضية بدأ الصِّراع بين الدول الأوربية على إعادة اقتسام المستعمرات وقامت الحروب لتحقيق ذلك، ومع هذا شهدت أوربة والعالم المتقدم أزمات اقتصادية عاصفة أدت إلى إلحاق الكوارث بالمنتجين والمستهلكين على السواء، مما قاد إلى إعادة النظر في مبدأ الحرية الاقتصادية. فتم التراجع عن النظريات الليبرالية في التجارة الدولية وتأكد للاقتصاديين عجز الحرية الاقتصادية عن تحقيق التوازن الآلي في موازين المدفوعات كما أثبت جون ماينرد كينز عجز آلية السوق عن تحقيق التوازن الاقتصادي الأمثل أي تحقيق التوازن بشروط الاستفادة المثلى من كل عوامل الإنتاج المتاحة. وأثبت التاريخ الاقتصادي المعاصر عدم صلاحية مبدأ الحرية الاقتصادية في العلاقات الدولية لخدمة النمو الاقتصادي ولاسيما في الدول الأقل تطوراً. لهذا عادت معظم الدول الصناعية المتقدمة إلى التدخل في الحياة الاقتصادية عن طريق الحماية الجمركية أو تقليص كمية المستوردات بتطبيق نظام الحصص أو حتى منع الاستيراد من اجل معالجة العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات. كما أن منظرّي التنمية الاقتصادية في بلدان العالم الثالث يؤكدون ضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات الحماية الجمركية لحماية الصناعات الناشئة في هذه الدول. وفي الوقت الراهن يلاحظ نزوع الدول الرأسمالية المتقدمة إلى فرض قيود كبيرة على الاستيراد بالإضافة إلى دعم الصادرات والتدخل في أسواق أسعار الصرف. فالولايات المتحدة الأمريكية تفرض قيوداً كبيرة على الاستيراد من اليابان ومن أوربة، في حين تطالب دول أخرى بحرية التبادل التجاري مما يؤكد أن مواقف الدول تنبع من مصالحها الوطنية وليس من مواقف مبدئية نظرية. منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى (1929-1933) استعاد المذهب التجاري أهميته على أيدي المدرسة الكينزية إذ قوَّم كينز عالياً موقف التجاريين في إطاره التاريخي ولاسيما فيما يتعلق بتراكم النقود الذي يؤدي إلى تخفيض معدلات الفائدة والتالي تشجيع الاستثمار.

منقول http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=931

hamidmel
2010-12-10, 19:10
خطة البحث
المقدمة
المبحــث الأول :نشأة الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول : تعريف الفكر المركانتيلية.
• المطلب الثاني: ظروف ما قبل المركانتيلية.
• المطلب الثالث:نشأة الفكر المركانتيلي.
المبحـث الثانــي:مبادئ الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول:علاقة ثروة الأمة بالمعدن النفيس.
• المطلب الثاني:تحقيق ميزان تجاري موافق.
• المطلب الثالث:تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية.
• المطلب الرابع:ترتيب اوجه النشاط الإقتصادي.
• المطلب الخامس:زيادة حجم السكان.
المبحـث الثــالث:السياسات المتبعة في الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول:إحتكار الدولة للتجارة الخارجية.
• المطلب الثاني:سياسة الإستيراد.
• المطلب الثالث:سياسة التصدير.
• المطلب الرابع:سياسةالأجور المنخفضة.
المبحـث الرابــع:سلبيات الفكر المركانتيلي.
المبحث الخامس:النقد الموجه للمركانتيلية وبداية زوالها
الخاتمة

















مقدمـــــــــــة


تعتبر التجارة الخارجية أو الدولية من أقدم إهتمامات الفلسفة الإقتصادية ورجال الإقتصاد و اليوم إزدادت أهمية هذه التجارة حتى أصبحت عاملا رئيسيا في الإستراتيجية الغقتصادية و السياسية للدول و تتسم العلاقات الإقتصادية الدولية بطابع يجعلها تغاير العلاقات الإقتصادية الداخلية حيث يعترضها عدة قيود وعوائق تفرضها الدول للمحافظة على سياستها أو أقتصادياتها ومن هنا نستشف أن التجارة الدولية أو الخارجية تستجيب للظروف والعوامل الخارجية من ناحية وتؤدي دورا هاما في الإقتصاد الوطني من ناحية أخرى ، ولكن كيف تمكنت هذه التجارة من التطور والإزدهار إلة الشكل الذي أصبحت عليه الآن وما هي الأفكار التي ساهمت في بلورت طرق المعاملات التجارية الدولية
لعل من أهم الأفكار أو المذاهب التي أدت بالتجارة الدولية إلى ما آلت إليه هو المذهب المركانتيلي أو التجاري الذي يعد أولى خطوات التفكير الإقتصادي الدولي ونقطة إطلاق السياسات والإستراتيجيات في المعاملات التجارية الدولية ترى ما هي المركانتيلية ، ما هي ظروف نشأة هذا المذهب وكيف تم هل كان فعلا مذهبا فعالا ومحققا لرفاهية الشعوب والأمم وما هو النقد الموجه له
هذا ما حاولت إستبيانه في هذا العرض لفهم أكبر لأفكار الإقتصاديين ولتعميم الفائدة إن شاء الله




المبحث الأول : التعريف بالمذهب المركانتيلي أو التجاري
المطلب الأول : تعريف المركانتيلية
المركانتيلية هي مذهب إقتصادي ظهرت بوادره أبتداء من أواخر القرن الرابع عشر وساد إلى غاية القرن النصف الثاني من القرن الثامن عشر والمركانتيلية لغة جائت من Merchant بالأنجليزية التي تعني " التاجر" أما إصطلاحا فهي المذهب الذي أولى إهتماما كبيرا بالمعادن النفيسة "ذهب وفضة" باعتبارهما أساس ثروة الأمة ومنبع قوتها
المطلب الثاني : الظروف التي مهدت للفكر الإقتصادي المركانتيلي
شهد القرن الخامس عشر والسادس عشر تحرر العبيد من سطوة النظام الإقطاعي في أوروبا و أتجه معظم المتحررين للعمل في التجارة إلى أن نشاط التجارة الداخلي لم يكن من الإتساع و الأهمية بحيث يوفر لهم مكانة إقتصادية كبرى وسطوة سياسية في بلادهم . لقد جاء التغيير الأساسي في الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية عن طريق التجارة الخارجية التي كانت تنمو بصورة متسارعة بحيث أدت تدريجيا إلى ثراء التجار و أدت إلى رفع أهميتهم في النشاط الإقتصادي و ظهورهم كطبقة إجتماعية قوية في بلدانهم ومن أهم الأسباب التي أدت إلى تطور التجارة الدولية ىنذاك :
أ‌- إتصال أوروبا بالمشرق الإسلامي المتقدم حينها
ب‌- إكتشاف طرق مواصلات بحرية جديدة كطريق رأس الرجاء الصالح
ت‌- إكتشاف القارة الأمريكية الغنية بالذهب و كانت النتيجة الحتمية لغكتشاف المناجم الغنية بالذهب في القارة الأمريكية وزيادة التجارة الخارجية ونموها مع الشرق الأوسطج والأقصى أن زاد ثراء طبقة التجار وزادت قوتهم داخل بلدانهم وبدأو يسعون تدريجيا إلى تحرير المدن من سيطرة الإقطاعيين فتكونت في كل مدينة عيئة لإدارتها مكونة من طبقة التجار ذوي النفوذ وصاحب هذه التطورات إتخاذهم مع الملك لمحاربة الإقطاعيين و تقويض نفوذ النبلاء و الأمراء ولقد كان لإكتشاف الموارد الجديدة للثروة أيضا أثر إقتصادي له أهمية كبرى فلقد تدفقت المعادن النفيسة على أوروبا وخاصة الدول الإستعمارية الكبرى مثل : إسبانيا ، البرتغال ، انجلترا ، هولندا ، فرنسا واستخدمت هذه المعادن في شراء النتجات من البلدان الأوربية المتقدمة
ث‌- ومن جهة أخرى ونتيجة لتحالف الملك والتجار فقد تم القضاء على سلطة الإقطاعيين والنبلاء و الأمراء وتمكن الملك من فرض سلطة مركزية على سلطات الأمراء التي كانت تقوم في مراكز متعددة داخل الدولة و كانت هذه الخطوة الأولى التي أدت إلى ظهور الدولة الأوروبية الحديثة التي تقوم على أساس قومي و تخضع لسلطة مركزية واحدة وكانت القوة الثانية التي أدت إلى ظهور الدولة الأوروبية الحديثة بروز القوميات العرقية و تفكك الإمبراطوريات الكبرى و انهيارها و يعد ظهور الدولة الأوروبية بهذا الشكل الحديث ذا أثر بالغ في سياسة التجاريين إذ قام هؤلاء برسم سياسة التجارة الخارجية على مستوى الإقتصاد القومي بما يخدم مصلحتهم و يحقق لهم أكبر ربح و أكثر ثراء .
ولقد كانت حركة النهضة الفكرية في أوروبا من أهم الأحداث التي ساهمت في تطور الفكر السياسي و الإقتصادي الأوروبي والتي صاحبت عصر الرأسمالية التجارية المتحررة من الدين ومن فلسفات وقيود الكنيسة وأدى ذلك إلى زعزعة مركز الكنيسة ومن ثم إلى إنهيار بقية أعمدة النضام الإقتصادي وتقوية السلطة المدنية للملك أو الحكومة
من جهة أخرى لا تؤمن إلا بمصلحتها القومية وتعمل جاهدة على مد سلطانها و توسيع رقعتها إلى احتدام الصراع بين هذه الدول لصون مستعمراتها وعدم السماح لأي دولة باستغلال مواردها
المطلب الثالث : نشأة المركانتيلية
في مثل هذهة الظروف كان لابد لهذه التطورات أن تجد تعبيرا عنها في مجال الفكر الإقتصادي فإنهيار النظام الإقتصادي وقيام الدول الوطنية ذات السلطة المركزية ووقوع كل منها في سباق مع الآخرين من أجل بسط سلطانها و الأهمية المتزايدة للتجارة الدولية كل هذه التطورات اقتضت فلسفة جديدة تختلف عن تراث العصور الوسطى ومن هنا نشأت مجموعة الأفكار التي أطلق عليها فيما بعد الميركانتيلية أو التجارية ويربطها جميعا خيط واحد وهو محاولة الكشف عن السياسة الإقتصادية الملائمة لحاجات الدول الصاعدة











المبحث الثاني : مبادئ الفكر الماركانتيلي :
يقدر علماء الفكر الإقتصادي على أن أفكار التجاريين كانت تدور حول عدد من المبادئ الأساسية ألا وهي :
المطلب الأول : العلاقة بين ثروة الأمة وما لديها من معدن نفيس
إن التجاريين كانو يعلقون أهمية كبرى على الذهب والفضة باعتبارهما عماد ثروة الأمة ونقطة قوتها و يصدق ذلك بصفة خاصة على كتابات التجاريين قبل بداية القرن السابع عشر ومن ثم يميل بعض الشراح إلى إطلاق إسم المعدنيين "Bulliomists " على رجال الرعيل الاول من الفكر التجاري إشارة إلبى الأهمية الخاصة للمعدن النفيس في نظرتهم إلى الثروة
وبالنظر إلى الظروف التي أتت بالمذهب التجاري والتي كان ضمنها ظهور الدولة الإقليمية نجد أن دوافع التجاريين لإعطاء المعادن النفيسة كل هذه الأهمية كانت منطقية فقد أستنفذت الحرب المتواصلة خزائن الملوك ولم توفر الضرائب الإيراد اللازم لقيام الدولة بأعباء الدفاع والحروب والإدارة العامة وأصبح الملوك في ضائقة مستمرة ، والملك ليس في حاجة إلى قمح أو قطن لمتابعة حروبه والقيام بسائر نفقات الدولة وإنما هو بحاجة مستمرة إلى ذهب وفضة ليؤكد سلطانه ويحقق أطماعه ويدرأ عن نفسه أطماع غيره إذن فالمعدن النفيس وقوة الدولة توأمان لا ينفصلان.
غير أن المسألة لا تقف عند حد ملائمة المعدن النفيس للقيام بحاجات الدولة الناشئة فالواقع أن وجهة نظر التجاريين تستند إلى أكثر من ذلك فإننا نجد في كتابات بعضهم قياس ثروة الأمة على ثروة الأفراد ، فكما أن الفرد يقاس غناه بما لديه من ذهب وفضة كذلك شأن الأمم وفي ذلك يقول توماس مان 1664 ويصدق ثروة المملكة ما يصدق على ثروة الفرد الذي يكسب دخلا سنويا مقداره 1000 جنيه ولديه رأس مال نقدي يبلغ ألفا من الجنيهات .
إذا أنفق هذا الفرد 1500 جنيه في السنة فإنه سيفقد كل أمواله بعد أربع سنوات في حين سيضاعفها خلال نفس المدة إذا أنفق 500 جنيه سنويا فقط وهذه القاعدة لا تغيب أبدا في حق المملكة
كذلك يمكننا أن نركز على عنصرين هامين أديا بالتجاريين إلى إتخاذ هذا الموقف من المعادن النفيسة
أولا – الإرتفاع الشديد للأسعار في أوروبا خلال القرن السادس عشر الذي صاحبته زيادة ضخمة في كمية المعادن النفيسة المتدفقة إلى أوروبا وبزيادة غير معهودة في نواحي النشاط التجار ي والصناعي والحرفي وقد دفع هذا المركانتيليين إلى الربط بين هذه الظواهر المختلفة وكان التفسير الذي خلصوا إليه هو أن الزيادة في النشاط الإقتصادي قد تترتب على الإرتفاع في الأسعار وزيادة الموجود في الدولة من المعادن النفيسة ( النقود الذهبية والفضية ) لكن هذا التحليل لم يكن مبينا على أي أساس علمي بل هو عبارة عن استنتاج جاء من حدوث ظاهرتين معا في آن واحد .
ثانيا – إعتقاد العديد من التجاريين أن مستوى سعر الفائدة يحدد كميات القروض التي تستخدم في القيام بالنشاط الإنتاجي والتجاري وأن مستوى الفائدة يتوقف على كمية المعادن النفيسة الموجودة في الدولة فإذا زادت كمية النقود وأنخفض سعر الفائدة فهذا سيؤدي حتما إلى زيادة النشاط الإقتصادي .
المطلب الثاني : تحقيق ميزان تجاري موافق
من أهم المبادئ التي أعطاها التجاريون أهمية كبرى هو مبدأ الإهتمام بالتجارة الخارجية أو الدولية فمن وجهة نظرهم إلى العلاقة بين ثروة الأمة وما لديها من معدن نفيس فإن الزيادة من هذا المعدن يعني زيادة ثروة الأمة ومن ثم فإذا كان للبلد مناجم لهذه الثروة وجب عليهم استغلالها بشتى الوسائل وإذا إفتقر البلد لمناجم ومعادن نفيسة فالطريق إلى زيادة رصيده منها يمر عبر التجارة الدولية وهذا لا يتحقق إلا إذا باع البلد سلعا للعالم الخارجي بقيمة تزيد عن كمية ما يشتريه منه وهذا ما يسمى تحقيق الفائض في الميزان التجاري وهذا الفائض المتحقق يزيد من ثروة الدولة من المعدن النفيس وبالتالي وكنتيجة لذلك ستنتعش الأسعار والإنتاج أما في حالة وقوع العكس وهو أن قيمة الواردات تكون أكبر من قيمة الصادرات فإن الدولة ستحقق عجزا في ميزانها التجاري وستضطر إلى إخراج معادنها النفيسة بمقدار ذلك العجز وفي ذلك نقصان شرائه ويلزم عن هذا التحليل وجوب العمل على تحقيق فائض في الميزان التجاري لزيادة الثروة ويقول ميسلند 1623 "إذا زادت قيمة السلع الوطنية والمصدر ة عن قيمة السلع الأجنبية المستوردة فإن القاعدة التي تصدق دائما هي أن المملكة تصبح أكثر غنى وأنتعاشا حيث أن الفائض لابد أن يأتي لها بالمعدن النفيس"
كما أن توماس مان 1664 يقول" إن الطريقة العادية لزيادة ثروتنا تتمثل في التجارة الخارجية حيث يتعين علينا أن نراعي دائما القاعدة وهي أن نبيع للأجانب سنويا أكثر مما نشتر ي منهم في القيمة "
لقد أستطاعت المركانتيلية أن توجه النظرة للتجارة الخارجية بعين الحارس لكل تحرك أو تدفق للسلع والمعادن النفيسة وقد مرت هذه السياسة بعدة مراحل وهي :
المرحلة الأولى : وهي التي تعرف بمرحلة السياسة المعدنية " Bullionison " وفيها أعتبر التجاريون أن الطريقة الوحيدة للإحتفاظ برصيد الدولة من المعدن النفيس وزيادته هي فرض رقابة تامة على كل خروج أو تحرك للمعدن النفيس وتركيز كل المعاملات في الصرف الأجنبي في يد موظف عمومي وهو صراف الملك حيث يشرف على تصدير أو أستيراد أو التصرف في المعدن النفيس مع العالم الخارجي .
المرحلة الثانية : في هذه الفترة وجدت الدولة أنه يكفي أن تكون معاملات الدولة مع كل دولة على أنفراد ذات فائض في الميزان التجاري ومنه لم يعد هناك داع إلى مراقبة للصادرات من الذهب والفضة وإنما يكفي أن تكون مجموع المعاملات لصالح الدولة.
المرحلة الثالثة : هخنا في هذه المرحلة اتضحت فكرة الميزان التجاري الحديثة حيث أن البلد يجب عليه تحقيق فائض في الميزان التجاري السنوي بغض النظر عن المعاملات الثنائية الأداء حيث يمكن أن يحقق خسارة بوحدة مع البلد الأول لكنه يعوضها بربح عدة وحدات مع بلدان أخرى بحيث تكون النتيجة النهائية فائضا موافقا على التجارة الخارجية في مجملها كما تجدر الإشارة إلى أن التجاريين تطرقوا حتى لما يسمى بالصادرات والواردات غير المنضورة وعلى ذلك فإننا نجد أن توماس مان يشير إلى نفقات النقل البحري ونفقات الجيوش خارج البلاد وما يدفع الكاثوليك للكنيسة بروما وهو يذكر أثر هذه المدفوعات على دخول وخروج الذهب شأنها شأن السلع التي تستوردها وتصدرها الدولة .






المطلب الثالث :تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية:
واضح أن منطق التجاريين يقتضي تدخل الدولة في التجارة الخارجية .فإن الميزان التجاري الموافق لا ينشأ من تلقاء نفسه.ولابد ان يكون محلا لسياسة هادفة من الدولة و منثم فقد نادى التجاريون بوجوب إخضاع التجارة الدولية لقيود بقصد تحقيق فائض دائم في الميزان التجاري.وتتمثل هذه القيود في فرض ضرائب جمركية على الواردات وحضر بعضها كما تتمثل في إعانة بعض الصادرات.
لم يقف تدخل الدولة عند حدود التجارة الخارجية بل تعداه إلى إشرافها على عملية إنتاج السلع المعدة للتصدير و توفير ظروف أخرى لزيلدة الصادرات .وكان أكثرها شيوعامنح إنتاج سلعة أى معينة أو تصديرها لشركة معينة ومثل ذلك شركة الهند الشرقية و شركة الشرق الأوسط في إنجلترا.كذلك إمتد تدخل الدولة إلى أسعار السلع و مستوى الأجور وإستيراد العمال المهرة من الخارج و إنشاء صناعات وطنية و إستغلال المزارع و المناجم في المستعمرات للحصول على المواد الأولية.
وفي شئون النقل البحري و صناعة السفن كانت قوانين الملاحة في إنجلترا نموذجا لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وهي تستوجب نقل السلع المستوردة إلى إنجلترا على سفن مملوكة لرعايا انجليز يقودها قبطان أنجليزي و ملاحوها انجليز
المطلب الرابع :ترتيب أوجه النشاط الا قتصادي:
كانت المفاضلة بين اوجه النشاط الإقتصادي من المسائل التي شغلت رجال الفكرالتجاري منذ زمن قديم فقد تولد شعور بأن الحرف لا يمكنها ان تكون بنفس الإهمية و يجب ترتيبها حسب مردودها من المعادن النفيسة ومن هنا جائت المفاضلة بين الزراعة و التجارة و الصناعة .
فمن البديهي أن تأتي التجارة الدولية في قمة النشاطات التي تسهم في ثروة البلد فهي الطريق الوحيد لزيادة رصيد الدولة من المعدن النفيس و قد اشار التجاريين إلى أن التجارة الداخلية لا تزيد شيئا إلى الثروة ذلك أن ربح أحد الطرفين يشكل خسارة بالنسبة للطرف الآخر ومن ثم فلا جديد يضاف مهما كان حجم الصفقة . اما في التجارة الدولية فما يكسبه البلد يمثل إضافة صافية لثروته حيث أن الطرف الخاسر هو بلد أجنبي. و بالمثل فإن ما يخسره البلد في التجارة الخارجية يمثل إقتطاعا من الثروة القومية.
كما اعطى التجاريون الصناعة المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد التجارة الدولية فالصناعة هي أساس الصادرات التي يأتي للبلد بالمعدن النفيس.و ترتب على ذلك أنهم كانو ينادون بإتباع السيلسات التي من شأنها دعم الصناعة الوطنية كإعفاء المواد الأولية من الضرائب الجمركية أو إخضاعها لضرائب مخففة.
أما الزراعة فلم تحظى من التجاريين بتقدير يذكرلأن و حسب منظورهن للأمر فإن الزراعة لا تستطيع زيادة رصيد البلد من المعادن النفيسة كما أنها عاجزة عن تصدير كمية كبيرة من العمل الوطني إلى الخارج لذلك فقد جائت التجارة في ذيل أوجه النشاط الإقتصادي التي تضيف إلى الثروة.
المطلب الخامس :زيادة حجم السكان:
الغاية النهائية من السياسة الاقتصادية في نظر التجاريين تنحصر في قوة الدولة اما الرفاهية الفردية فقد كانت غير ذات معنى بالنسبة لهم فلم يكن هدف السياسة الاقتصادية إشباع رغبات الفـرد و تحقيق رفاهيته و من هنا كانت نظرتـهم للسكان . فكلما زاد حجم السكان كانت الدولة أقوى و كان بإمكانها إنشاء الجيوش القوية و تحمل ما يصيبها من خسائر ضد الدول الأخرى.
من ناحية أخرى فإن ازديـاد حجم السكان يؤدي إلى ازدياد اليد العاملة و رخصها وكلاهما يساعد على نمو الصناعة

















المبحـث الثــالث :السياسات المتبعة في الفكر المركانتيلي.

إن الغاية وراء سياسة التقييد الشديد للتجارة الخارجية كانت تتمثل أساسا في تحقيق المصلحة الاقتصادية القومية,وهو تكوين الفائض من المعادن النفيسة.و لذلك أصبح تدخل الدولة امرا حتميا حتى يتم محاربة الواردات وتقييدها من جهة والعمل على إنعاش الصادرات و تحقيق اكبر مكسب ممكن منها من جهة اخرى . هذه السياسة كانت ترتكز أساسا على عدة سياسات إنتهجها المركانتيليون لتحقيق اهدافهم ومن اهم هذه السياسات :
المطلب الأول: سياسة إحتكار الدولة للتجارة الخارجية.
من اهم الأساليب الرئيسية التي إبتدعها المركانتيليون للتحكم في التجارة الخارجيةتنظيم إحتكار الدولة لها(state monopoly of trade) فقد قامت الدولة بمنع الأجانب من التجارة في سلع معينة او في مناطق معينة كما قامت بتنظيم و إدارة الصادرات الوطنية بطرق مباشرة . فلقد حرمت البرتغال مثلا على أي دولة أجنبية أن تتاجر مع مستعمراتها في الشرق و استخدمت في ذلك أسطولها البحري .كما قامت الدولة الأسبانية بحراسة تجارتها الخارجية دائما بقوة بحرية و حددت ميناء إشبيلية و عدد محدود من موانئ مستعمراتها الأمريكية للشحن البحري كل ذلك لتتاكد من وقوع التجارة الدولية بيدها.واحتكرت الدولة الهولندية تجارة مستعمراتها في الهند الشرقية بالكامل و ابتدعت وسائل عدة لتنفيذ هذه السياسة من اهمها الرقابة المباشرة و تحديد الكميات المنتجة من السلع الهامة داخل مستعمراتها . وسنت بريطانيا قانون القمح لتحرم به إستيراد اية انواع من الغلال إلا في حالات الشح الشديد في المحاصيل الوطنية كما سنت أيضا قوانين الملاحة البحرية لتمنع بها أية سفن أجنبية من المتاجرة في الموانئ البريطانية او فيم بينها وبين موانئ مستعمرات التاج كما ربطت فيما بينها و بين مستعمراتها بروابط جمركيةبشكل يجعل من المستحيل أن تذهب تجارة المستعمرات الهامة إلى الدول المنافسة .وبالإضافة إلى هدا أصدرت بريطانيا قوائم ببعض السلع الهامة التي يحرم تصديرها من مستعمراتها و هنا نلاحظ مدى أهمية الدور الذي لعبته الملاحة في تمكين الدولة من إحتكار التجارة الخارجية و تنظيمها ولقد كان هذا من أحد الأسباب المباشرة وراء صدور قوانين الملاحة في بريطانيا وغيرها من الدول المركانتيلية.
المطلب الثاني: سياسة الاستيراد
من الممكن تلخيص سياسة الاستيراد المركانتيلية في مبدا هام ألا وهومحاربة السلع والخدمات الاجنبيةلأنها تتسبب في تسرب المعدن النفيس خارج الدولة اما الأسلوب الذي إتبع لتنفيذ هذه السياسة فقد تمثل في الضرائب الجمركية المرتفعة و المنع المباشر لبعض السلع من الدخول ااما تجارة الواردات من المستعمرات فقد كان لها وضع خاص حيث كانت البلدان الاوروبية المركانتيلية تحصل عليها بأثمان بخسة ثم تعيد تصدير جزء كبير منها في السوق الاوروبي و من ثم يتحقق لها منها فائض صافي من الذهب .
إلا أن قوانين الاستيراد كانت مرنة و لينة إذا ما تعلق الامر بالمواد الخام التي لا تتوافر عليها الدولة و الضرورية للصناعات التصديرية المهمة كونها ترفع من قيمة الصادرات و منه فهي تدخل المعادن النفيس و تزيد في ثرؤة البلد.
المطلب الثالث: سياسة التصدير
اما بالنسبة لسياسة التصدير فقد شجعت الصادرات من السلع المصنوعة بكافة الوسائل الممكنة والعمل دائما على إكتساب أسواقخارجية جديدة خاصة البلدان المكتشفة حديثا و الغنية بالمعادن النفيسة.
وحينما كانت بعض صناعات الصادرات تعجز عن مواجهة المنافسة الاجنبية في بعض الاسواق فإن الدولة لا تتوانى عن مساعدتها مباشرة بمعونة مالية.
كما أن الدول المركانتيلية قد قامت بفرض ضرائب جمركية مرتفعة جدا على بعض صادرات المواد الخام و السلع نصف المصنعة و التي تلزم للصناعات القومية الهامة التي يدر تصدير منتجاتها مكاسب كبيرة من المعدن النفيس.و هكذا تمكنت الدول من حماية صناعاتها القومية الهامة من مواجهة أية مشاكل قد تنشأ في سبيل الحصول على مستلزمات إنتاجها. وهكذا ساهمت الدول المركانتيلية في تقوية المركز التنافسي لصناعاتها القومية في الايواق الخارجية ومن ثم ازدادت قدرتها على اكتساب المعدن النفيس و استطاعت ان توجه كل طاقاتها الاقتصادية نحو تصدير المنتجات و تحقيق الفائض المنشود في الميزان التجاري و تعزيز ثروتها من المعادن النفيسة
المطلب الرابع: سياسة الأجور المنخفضة
لقد تنبه المركانتيليون إلى أهمية تخفيض نفقة الإنتاج للصادرات من السلع المصنوعة لهذا دعو إلى سياسة اللأجور المنخفضة لأنها تساهم في بقاء نفقات الإنتاج منخفضة.ولكن بالإضافة إلى ذلك اعتقدو ان الاجور المنخفضة منشأنها ان تشجع العمال على بذل جهد اكبر لمضاعفة اجرهم ومن ثم يزداد الإنتاج المخصص للتصدير.كما انهم إعتقدو أن الاجور المرتفعةتذهب بأكملها لاشباع الحاجات الإستهلاكية للطبقة العاملة و من ثم فإن إرتفاع الاجور يعني زيادة الإستهلاك .



المبحث الرابع : سلبيات المذهب المركانتيلي
سيطر المذهب التجاري على الممارسات الإقتصادية الأوروبية خلال القرن 16 وكانت مظاهره تتجلى في كل أوجه الحياة و إنعكساته على الشعوب كانت واضحة حيث أن مبدأ تحصيل المعادن النفيسة وزيادتها قد أدى إلى أرتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة ولم يتوافق ذلك مع مصالح الأفراد الذين أهملهم المذهب وخص عنايته الكاملة للدولة أو المملكة كما أن مبدأ تخفيض الأجور يعد مبدأ ضالما حيث يستعبد العمال ولا يأبه لوضعهم الإجتماعي ومن جهة أخرى فإن السياسات المنتهجة للتجاريين كانت تؤدي إلى عكس النتائج الإقتصادية المنطقية بقولهم أن زيادة المعدن تزيد الثروة وتزيد الإنتاج ومن ثم فهناك زيادة أكبر في معدلات التصدير وتحقيق ميزان تجاري موافق إلا أن هذه الزيادة في المعادن في الحقيقة قد أتت بزيادة في الأسعار وهذا ما يقوض من عملية التصنيع والتصدير ، أما ما يترتب على زيادة عدد السكان من إحتمال الضغط على المواد الغذائية و إنخفاض مستوى معيشة الفرد فقد كانت بعيدة كل البعد عن أدهان التجاريين ويمكن تلخيص عيوب المذهب المركانتيلي في ...نقاط:
أ‌- إهمال الفرد و إهمال رفاهيته
ب‌- تعطيل سير التجارة الدولية بالتخلات الدائمة للدولة
ت‌- عدم الإمكان المحافظة على ميزان تجاري موافق دائم
ث‌- إستعمال بشع لموارد الشعوب المستعمرة وتقوية النزعة الإستعمارية
ج‌- إرتفاع في الأسعار
ح‌- إهمال الزراعة والتجارة الداخلية
خ‌- التشجيع على زيادة السكان دون مراعاة ما يترتب عن ذلك .









المبحث الخامس : النقد الموجه للمركانتيلية وبداية زوالها
هاجم دفيد هيوم السياسة التجارية المركانتيلية على أساس التناقض المنطقي في أركانها وخلاصة مناقشته هي أن تكوين الفائض في الميزان التجاري والمحافظة عليه بصفة مستمرة لا يمكن أن يؤدي إلى زيادة القدرة على تنميته بل على العكس . لابد أن يؤدي إلى تدهوره ، فزيادة كمية المعادن النفيسة داخل الإقتصاد زيادة كبيرة نتيجة الإصرار على تكوين فائض مستمر في الميزان التجاري يعمل على رفع مستويات الأسعار في النهاية وفي رأي هيوم . أن هذا في حد ذاته يضعف من القدرة على التصدير ومن ثم يؤدي إلى تدهور الفائض بدلا من زيادته
كما إعتبر آدم سميث أن السياسة التجارية المركانتيلية سياسة ساذجة لا تقوم بتحليل الأوضاع الإقتصادية تحليلا عميقا وتكتفي بإعطاء القواعد التي كان بعضها مناف للمنطق ويمكن تصوره كتحليل فلسفي نظري أكثر منه تحليل إقتصادي مبني على حقائق ومشاهدات واقعية . وقد بين المذهب ذلك في كتابه ثروة الأمم " .
ومن هنا بدأ المركانتيلي في التراجع والإضمحلال فكريا من جهة أخرى أدت التطورات التكنولوجية كاكتشاف المحرك البخاري إلى تحول كبار التجار إلى مستثمرين صناعيين ينبذون تدخل الدولة في شؤون الإقتصاد والتقييد الصارم للصادرات و الواردات وتحولوا شيئا فشيئا إلى سلطة تضاهي سلطة الملك ومن ثم فقد أخذ الفكر التجاري في الغضمحلال وكانت أنجليترا بالذات التي تعتبر مهده هي أيضا لحده ، ذلك أن ظهور فلسفات جديدة على يد هيوم- وجون جاك روسو و مونتسكيو تنظر نظرة إرتياب إلى تدخل الدولة وترفض فكرة الحق الإلهي للملوك وتكافح من أجل الحرية الفردية والمساواة قد دق آخر مسمار في نعش المركانتيلية و بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد بينما أخذ منها بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد سماه أصحابه الطبيعية أو الفيزيوقراطية .










خــــاتمـة

النظام المركانتيلي التجاري " Marcuntilism " هو نظام اقتصادي نشأ في أوروبا لتعزيز ثروة الدولة وزيادة ملكيتها من المعدنين النفيسين عن طريق التنظيم الحكومي الصارم لكامل الإقتصاد والتوجه التام للتجارة الخارجية والدولية .
لقد ساهمت المركانتيلية في تطور الفكر الإقتصادي في العالم وقدمت مبادئ طورت فيما بعد وقامت عليها قواعد ونظريات اقتصادية بل أن المركانتيلية هي اللبنة الأولى في بناء التفكير الإقتصادي الرأسمالي الحديث .
لكن هذا المذهب كان مذهبا استغلاليا وأعطى للحكومة الصلاحيات لأن تفرض قيودا على الشعب وأن تستغله شر إستغلال لتحقيق منفعتها ومنفعة كبار التجار وأدت السياسات التي أتبعتها إلى إستعمار بلدان كاملة وتجريدها من مواردها بالقوة وإستعباد شعوبها .
إن المذهب التجاري تولد نتيجة ظروف معينة وتطور بحسبها ولكنه لم يستطع مواكبة تطور الشعوب ووعيها بمدى أهمية رفاهية الفرد ومدى أهمية حرية التجارة فتلاشى ليترك مكانا لتصورات إقتصادية جائت لتوافق تطور الشعوب .














قـــــائمة المراجـع

1- تاريخ الأفكار الإقتصادية عبر العصور
تأليف : الأستاذ خالد أبو القمصان
2- تطور الفكـر الإقتصادي
تأليف : د. عبد الرحمن يسري أحمد
3- تاريخ الأفكار الإقتصادية من المركانتيلية إلى الرأسمالية الحديثة
تأليف : د .سعيد النجــار



منقول http://etudiantdz.net/vb/t10741.html

asil333
2010-12-10, 22:39
اششششششششششششششششششششكرك جززيللل الشكر و العرفان


بارك الله فيك و عفاااااااك