بوفاتح سبقاق
2008-06-29, 13:13
السر في قلوبنا والجهر سمعناه ، هذا ما تبادر إلى ذهنهوهو يدلف بهو قاعة الندوات ، رأى المشاركين جماعات مختلفة يجسدون ما يحدث فيالكواليس ، لم أتدخل طيلة الفترة الصباحية ولكن بعد قليل يجب أن أطرح المفاجأة التيستغير كل الموازين ، ربما سيلومونني على التأخر في طرح الموضوع المهم الذي سينقذالبلاد من هذه الأزمات ، سأكون موضوع وسائل الإعلام وستظهر صورتي في الصفحات الأولىللجرائد ، اسمي سيكتب بحروف ذهبية في قاموس الأعلام ، الرجال المهمون في هذه البلادسيجدون أنفسهم مضطرين للتعامل معي كي لا يفقدوا مناصبهم فأنا أملك الخاتم السحري ،الذي سيخرج البلاد من الأزمة الاقتصادية والإيديولوجية والاجتماعية ، سيغيب مصطلحالأزمة ويحل محله مصطلح آخر هو الرفاهية . كل هذا دار في ذهنه وهو قابع وحده في أحدأركان البهو ، يتأمل الجميع بنظرات ثاقبة ، سيكون لكم الشرف أن تسمعوا ما أريد قولهاليوم ، ستفتخرون يوما بأنكم ، كنتم أول من استمع إلى الاقتراح العجيب .
كان الجميع في شكل حلقات حديث ، ماعدا شخصين اثنين منفردين ، تسمر صاحبنافي مكانه عندما أبصر شخصا أنيقا
واقفا في الركن المقابل يتأمل ،الجميع أتراهمثلي يجمع شتات أفكاره ليبهر الحاضرين باقتراح عجيب ، إن وقوفه منزويا له دلالتهوحتى مظهره يدل على أنه مقبل على مهمة كبيرة ، لا أتوقع وجود منافس ، هل سيكوناقتراحه أفضل من اقتراحي ، إنني محتار ولا أتصور بأن هذه الفضاءات الضيقة تسمحبظهور اقتراحين في آن واحد، لابد أن يسطع نجم أحدنا ، كل ما أتمناه أن تسنح لي فرصةالحديث قبله حتى لا يجد ما يقوله بعدي ولكن ما مغزى نظراته نحوي ، فعلا فقد كانالرجل الغريب يرنو بنظرات غير عادية نحو صالح ، هذا الأخير لم يكترث لذلك وأحتضنحافظة أوراقه جيدا مستعدا للمغامرة الكبرى.
بعد قليل سيتحدد مصيري ومصير هذهالأمة، سيفتخر عمي علي بأنه أصلح دراجتي ذات يوم ، أما الحاجة بسمة فستطير من الفرحعندما تعرف بأن من يسكن عندها ذا صيت ومكانة عالية وستتنازل لي عن ديون الكراءالسابقة ، والشيء الأكثر أهمية ، المدير سيضمن لي الترقية التي طال انتظارها فيأسرع وقت ممكن ، تبا لي ما زلت أفكر في مهنتي المتواضعة ، عندما أنتهي من كشفالمفاجأة سوف لن أكون بحاجة إلى هذه الوظيفة الملعونة .
أخذت الجماعات تتضاءلشيئا فشيئا وهذا يدل على أن الأشغال المسائية ستنطلق ، بقي صالح ثابتا في مكانه لايبرحه وغريمه وما يزال في الركن المقابل يراقب ، إن أمره يحير وما سر مراقبته لي ،يبدو أنه لا يملك شيئا في جعبته وينتظر مداخلتي في القاعة ليقتبس منها ما يريد،وبعدأن تعطى له الكلمة سوف يتظاهر أمام الجميع بأنه يحمل نفس الاقتراح وهكذا تصبحالصورة في الجريدة صورتين وإذا ما استدعيت لبرنامج تليفزيوني سيكون معي ،سأكون آخرالمتحدثين حتى يكون ختامها مسك ، الدخول بعده أو قبله إلى القاعة لن يغير في الأمرشيئا، سأدخل قبله ليعرف بأنه ليس بمواجهة شخص عادي بل هو بصدد صاحب الاقتراح العجيب، حدق في الرجل الأنيق مليا ودخل القاعة مرفوع الرأس وخطواته توحي بأنه يحمل فيطيات فكره وحافظته سرا كبيرا .
القاعة مكتظة غير أنه بالإمكان العثور على مقعدهنا وهناك ، توجه صالح نحو إحداها المنظمون يغدون ويروحون بين الضيوف والابتسامة لاتفارق محياهم ، يسهرون الليالي أثناء هذه الندوة وأكيد بعدها سيسهرون ليال من نوعآخر ، ما يحيرني هو كثرة المدعوين ، لو كانت الدعوة لعمل إنتاجي لما حضر عدد بهذهالكثافة وبما أن الأمر مجرد تبادل وجهات نظر والجلوس على أرائك مريحة ، زيادة علىأن كل المصاريف تتحملها لجنة التنظيم، أغلبهم جاء بغرض السياحة وملاقاة الأحبابوالأصحاب ، فهم دوما يصرون على تغيير مكان الندوة كل سنة، بل هناك من يطالب بضرورةالحفاظ على
نفس العدد من المدعوين وجعل الندوة نصف سنوية ، وهذا كله من أجلترقية الصالح العام وضمان مستقبل الأجيال .
المنصة تبدو عادية ، المسؤولونالمهمون يترأسون الجلسات ومعظم الوقت يقضونه في تصفح الملفات الموضوعة أمامهم أوشرب المياه المعدنية كل هذا ويتظاهرون من حين لآخر بالتشاور فيما بينهم ، ربمايتناقشون حول شعار الندوة ، عبر أحد المسؤولين المهمين عن تأسفه لعدم حضور مسؤولأكثر أهمية ، في حين كان أحد المنظمين يطوف بورقته على المشاركين ، إجمع ما شئت منأسماء المتدخلين كل ما سيقولونه لن يعادل ما سأقول ، عندما أعيدت الورقة ، أسرعصالح إلى المنصة وسجل اسمه في قائمة المتدخلين ، بهذه الطريقة سوف أضمن صدىلاقتراحي العجيب ولن يستطيع أحد مخادعتي ، أثناء عودته لمقعده لاحظ الرجل الأنيقيراقب بأعين تقدح شرا ، مت بغيضك ولن تستطيع منافستي فأنا
الرجل الذي سيغيرموازين البلاد والعالم .
أعلن المسؤول المهم بأن الوقت سيكفي للاستماع لمجملالتدخلات وألح على ضرورة التركيز على متطلبات المرحلة
وهكذا بدأ المشاركونيتوافدون الواحد تلو الآخر على المنصة ، كل متدخل يتصور بأنه سيأتي بالجديد ،أماصاحبنا
فقد تعمد التظاهر بالإنصات والاستماع لكافة التدخلات ، بهذه الطريقة سوفيدرك الأخوة الحاضرون بأنني رجل ديمقراطي ، أسمع مختلف الآراء وأنصت كثيرا لأقولالقليل ، فالكلام من فضة والسكوت من ذهب ، وإذا كان الصمت متبوع بمفاجأة فإنه لايقدر بثمن .
بدا وكأن كل متدخل يخاطب المنصة ولا يتوجه للحاضرين بتاتا فيزدادحماس المتدخلين كلما ابتسم المسؤولون المهمون ، فكأنما سلوك هؤلاء يبعث فيهم الحياةكل لحظة ، تبا لهؤلاء المتدخلين إنهم يتكلمون من أجل التكلم فقط ، فهم يرددون نفسالشعارات التي قالها هذا الصباح المسؤول المهم ، بعد هذا الرجل الثرثار سيأتي دوري، هيا أسرع وكف عن التشدق بما لست مقتنعا به ، هذا الأخير تعمد إطالة تدخله فأكثرمن عبارات المدح والإطراء للمنصة ، أكيد أنه لا يملك سكنا أو يرغب في الحصول علىمنصب ، بعدك سأدخل التاريخ من بابه الواسع ، المؤسف أن هناك دائما أشخاص يقفون حجرعثرة في طريق العظماء .
توجه أحد المنظمين إلى المنصة وتكلم مع أحد أعضائهاالمهمين خلسة ، في هذه الأثناء كان صاحبنا نصف جالس بينه
وبين التاريخ خطواتوثوان ، وما أن انتهى المتدخل العقبة من خطابه المستهلك حتى تناول المسؤول المهمالكلمة ، مبديا ارتياحه لجميع التدخلات التي تصب في نفس الإطار الذي دعا إليه فيكلمته التوجيهية ثم أعلن عن أسفه لعدم مواصلة المشاركات ، أسرع صالح إلى المنصةولكن أوقفه حاجز من المنظمين ، وقف المسؤول المهم وبطريقة استعراضية أعلن عن وصولمسؤول أكثر أهمية للقاعة ، وما أن دخل هذا الأخير رفقة حاشيته حتى اهتزت القاعةبالهتاف والتصفيق ، أحس صالح بإحباط كبير وعاد إلى مقعده يجر أذيال الخيبة ، لايصدق النهاية المأساوية لحلمه الكبير .
كان الجميع في شكل حلقات حديث ، ماعدا شخصين اثنين منفردين ، تسمر صاحبنافي مكانه عندما أبصر شخصا أنيقا
واقفا في الركن المقابل يتأمل ،الجميع أتراهمثلي يجمع شتات أفكاره ليبهر الحاضرين باقتراح عجيب ، إن وقوفه منزويا له دلالتهوحتى مظهره يدل على أنه مقبل على مهمة كبيرة ، لا أتوقع وجود منافس ، هل سيكوناقتراحه أفضل من اقتراحي ، إنني محتار ولا أتصور بأن هذه الفضاءات الضيقة تسمحبظهور اقتراحين في آن واحد، لابد أن يسطع نجم أحدنا ، كل ما أتمناه أن تسنح لي فرصةالحديث قبله حتى لا يجد ما يقوله بعدي ولكن ما مغزى نظراته نحوي ، فعلا فقد كانالرجل الغريب يرنو بنظرات غير عادية نحو صالح ، هذا الأخير لم يكترث لذلك وأحتضنحافظة أوراقه جيدا مستعدا للمغامرة الكبرى.
بعد قليل سيتحدد مصيري ومصير هذهالأمة، سيفتخر عمي علي بأنه أصلح دراجتي ذات يوم ، أما الحاجة بسمة فستطير من الفرحعندما تعرف بأن من يسكن عندها ذا صيت ومكانة عالية وستتنازل لي عن ديون الكراءالسابقة ، والشيء الأكثر أهمية ، المدير سيضمن لي الترقية التي طال انتظارها فيأسرع وقت ممكن ، تبا لي ما زلت أفكر في مهنتي المتواضعة ، عندما أنتهي من كشفالمفاجأة سوف لن أكون بحاجة إلى هذه الوظيفة الملعونة .
أخذت الجماعات تتضاءلشيئا فشيئا وهذا يدل على أن الأشغال المسائية ستنطلق ، بقي صالح ثابتا في مكانه لايبرحه وغريمه وما يزال في الركن المقابل يراقب ، إن أمره يحير وما سر مراقبته لي ،يبدو أنه لا يملك شيئا في جعبته وينتظر مداخلتي في القاعة ليقتبس منها ما يريد،وبعدأن تعطى له الكلمة سوف يتظاهر أمام الجميع بأنه يحمل نفس الاقتراح وهكذا تصبحالصورة في الجريدة صورتين وإذا ما استدعيت لبرنامج تليفزيوني سيكون معي ،سأكون آخرالمتحدثين حتى يكون ختامها مسك ، الدخول بعده أو قبله إلى القاعة لن يغير في الأمرشيئا، سأدخل قبله ليعرف بأنه ليس بمواجهة شخص عادي بل هو بصدد صاحب الاقتراح العجيب، حدق في الرجل الأنيق مليا ودخل القاعة مرفوع الرأس وخطواته توحي بأنه يحمل فيطيات فكره وحافظته سرا كبيرا .
القاعة مكتظة غير أنه بالإمكان العثور على مقعدهنا وهناك ، توجه صالح نحو إحداها المنظمون يغدون ويروحون بين الضيوف والابتسامة لاتفارق محياهم ، يسهرون الليالي أثناء هذه الندوة وأكيد بعدها سيسهرون ليال من نوعآخر ، ما يحيرني هو كثرة المدعوين ، لو كانت الدعوة لعمل إنتاجي لما حضر عدد بهذهالكثافة وبما أن الأمر مجرد تبادل وجهات نظر والجلوس على أرائك مريحة ، زيادة علىأن كل المصاريف تتحملها لجنة التنظيم، أغلبهم جاء بغرض السياحة وملاقاة الأحبابوالأصحاب ، فهم دوما يصرون على تغيير مكان الندوة كل سنة، بل هناك من يطالب بضرورةالحفاظ على
نفس العدد من المدعوين وجعل الندوة نصف سنوية ، وهذا كله من أجلترقية الصالح العام وضمان مستقبل الأجيال .
المنصة تبدو عادية ، المسؤولونالمهمون يترأسون الجلسات ومعظم الوقت يقضونه في تصفح الملفات الموضوعة أمامهم أوشرب المياه المعدنية كل هذا ويتظاهرون من حين لآخر بالتشاور فيما بينهم ، ربمايتناقشون حول شعار الندوة ، عبر أحد المسؤولين المهمين عن تأسفه لعدم حضور مسؤولأكثر أهمية ، في حين كان أحد المنظمين يطوف بورقته على المشاركين ، إجمع ما شئت منأسماء المتدخلين كل ما سيقولونه لن يعادل ما سأقول ، عندما أعيدت الورقة ، أسرعصالح إلى المنصة وسجل اسمه في قائمة المتدخلين ، بهذه الطريقة سوف أضمن صدىلاقتراحي العجيب ولن يستطيع أحد مخادعتي ، أثناء عودته لمقعده لاحظ الرجل الأنيقيراقب بأعين تقدح شرا ، مت بغيضك ولن تستطيع منافستي فأنا
الرجل الذي سيغيرموازين البلاد والعالم .
أعلن المسؤول المهم بأن الوقت سيكفي للاستماع لمجملالتدخلات وألح على ضرورة التركيز على متطلبات المرحلة
وهكذا بدأ المشاركونيتوافدون الواحد تلو الآخر على المنصة ، كل متدخل يتصور بأنه سيأتي بالجديد ،أماصاحبنا
فقد تعمد التظاهر بالإنصات والاستماع لكافة التدخلات ، بهذه الطريقة سوفيدرك الأخوة الحاضرون بأنني رجل ديمقراطي ، أسمع مختلف الآراء وأنصت كثيرا لأقولالقليل ، فالكلام من فضة والسكوت من ذهب ، وإذا كان الصمت متبوع بمفاجأة فإنه لايقدر بثمن .
بدا وكأن كل متدخل يخاطب المنصة ولا يتوجه للحاضرين بتاتا فيزدادحماس المتدخلين كلما ابتسم المسؤولون المهمون ، فكأنما سلوك هؤلاء يبعث فيهم الحياةكل لحظة ، تبا لهؤلاء المتدخلين إنهم يتكلمون من أجل التكلم فقط ، فهم يرددون نفسالشعارات التي قالها هذا الصباح المسؤول المهم ، بعد هذا الرجل الثرثار سيأتي دوري، هيا أسرع وكف عن التشدق بما لست مقتنعا به ، هذا الأخير تعمد إطالة تدخله فأكثرمن عبارات المدح والإطراء للمنصة ، أكيد أنه لا يملك سكنا أو يرغب في الحصول علىمنصب ، بعدك سأدخل التاريخ من بابه الواسع ، المؤسف أن هناك دائما أشخاص يقفون حجرعثرة في طريق العظماء .
توجه أحد المنظمين إلى المنصة وتكلم مع أحد أعضائهاالمهمين خلسة ، في هذه الأثناء كان صاحبنا نصف جالس بينه
وبين التاريخ خطواتوثوان ، وما أن انتهى المتدخل العقبة من خطابه المستهلك حتى تناول المسؤول المهمالكلمة ، مبديا ارتياحه لجميع التدخلات التي تصب في نفس الإطار الذي دعا إليه فيكلمته التوجيهية ثم أعلن عن أسفه لعدم مواصلة المشاركات ، أسرع صالح إلى المنصةولكن أوقفه حاجز من المنظمين ، وقف المسؤول المهم وبطريقة استعراضية أعلن عن وصولمسؤول أكثر أهمية للقاعة ، وما أن دخل هذا الأخير رفقة حاشيته حتى اهتزت القاعةبالهتاف والتصفيق ، أحس صالح بإحباط كبير وعاد إلى مقعده يجر أذيال الخيبة ، لايصدق النهاية المأساوية لحلمه الكبير .